بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   علوم القرآن الكريم (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=39)
-   -   تفسير ميسر لسور القرآن الكريم (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=210656)

عاشقة الموج 13-08-2010 01:36 PM

{ 49 }

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا }

يخبر تعالى المؤمنين، أنهم إذا نكحوا المؤمنات، ثم طلقوهن من قبل أن يمسوهن، فليس عليهن في ذلك، عدة يعتدها أزواجهن عليهن، وأمرهم بتمتيعهن بهذه الحالة، بشيء من متاع الدنيا، الذي يكون فيه جبر لخواطرهن، لأجل فراقهن، وأن يفارقوهن فراقًا جميلاً، من غير مخاصمة، ولا مشاتمة، ولا مطالبة، ولا غير ذلك.

ويستدل بهذه الآية، على أن الطلاق، لا يكون إلا بعد النكاح. فلو طلقها قبل أن ينكحها، أو علق طلاقها على نكاحها، لم يقع، لقوله: { إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ } فجعل الطلاق بعد النكاح، فدل على أنه قبل ذلك، لا محل له.

وإذا كان الطلاق الذي هو فرقة تامة، وتحريم تام، لا يقع قبل النكاح، فالتحريم الناقص، لظهار، أو إيلاء ونحوه، من باب أولى وأحرى، أن لا يقع قبل النكاح، كما هو أصح قَوْلي العلماء.
ويدل على جواز الطلاق، لأن اللّه أخبر به عن المؤمنين، على وجه لم يلمهم عليه، ولم يؤنبهم، مع تصدير الآية بخطاب المؤمنين.
وعلى جوازه قبل المسيس، كما قال في الآية الأخرى
{ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ }

وعلى أن المطلقة قبل الدخول، لا عدة عليها، بل بمجرد طلاقها، يجوز لها التزوج، حيث لا مانع، وعلى أن عليها العدة، بعد الدخول.
وهل المراد بالدخول والمسيس، الوطء كما هو مجمع عليه؟ أو وكذلك الخلوة، ولو لم يحصل معها وطء، كما أفتى بذلك الخلفاء الراشدون، وهو الصحيح. فمن دخل عليها، وطئها، أم لا، إذا خلا بها، وجب عليها العدة.

وعلى أن المطلقة قبل المسيس، تمتع على الموسع قدره، وعلى المقتر قدره، ولكن هذا، إذا لم يفرض لها مهر، فإن كان لها مهر مفروض، فإنه إذا طلق قبل الدخول، تَنَصَّف المهر، وكفى عن المتعة، وعلى أنه ينبغي لمن فارق زوجته قبل الدخول أو بعده، أن يكون الفراق جميلاً، يحمد فيه كل منهما الآخر.

ولا يكون غير جميل، فإن في ذلك، من الشر المرتب عليه، من قدح كل منهما بالآخر، شيء كثير.

وعلى أن العدة حق للزوج، لقوله: { فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ } دل مفهومه، أنه لو طلقها بعد المسيس، كان له عليها عدة [ وعلى أن المفارقة بالوفاة، تعتد مطلقًا، لقوله: { ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ } الآية ]
وعلى أن من عدا غير المدخول بها، من المفارقات من الزوجات، بموت أو حياة، عليهن العدة.


{ 50 }

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }

يقول تعالى، ممتنًا على رسوله بإحلاله له ما أحل مما يشترك فيه، هو والمؤمنون، وما ينفرد به، ويختص: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ } أي: أعطيتهن مهورهن، من الزوجات، وهذا من الأمور المشتركة بينه وبين المؤمنين، [فإن المؤمنين] كذلك يباح لهم ما آتوهن أجورهن، من الأزواج.

{ و } كذلك أحللنا لك { مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ } أي: الإماء التي ملكت { مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ } من غنيمة الكفار من عبيدهم، والأحرار من لهن زوج منهم، ومن لا زوج لهن، وهذا أيضا مشترك.
وكذلك من المشترك، قوله
{ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ }

شمل العم والعمة، والخال والخالة، القريبين والبعيدين، وهذا حصر المحللات.
يؤخذ من مفهومه، أن ما عداهن من الأقارب، غير محلل، كما تقدم في سورة النساء، فإنه لا يباح من الأقارب من النساء، غير هؤلاء الأربع، وما عداهن من الفروع مطلقًا، والأصول مطلقًا، وفروع الأب والأم، وإن نزلوا، وفروع من فوقهم لصلبه، فإنه لا يباح.
وقوله { اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ } قيد لحل هؤلاء للرسول، كما هو الصواب من القولين، في تفسير هذه الآية، وأما غيره عليه الصلاة والسلام، فقد علم أن هذا قيد لغير الصحة.

{ و } أحللنا لك { وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } بمجرد هبتها نفسها.
{ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا } أي: هذا تحت الإرادة والرغبة، { خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } يعني: إباحة الموهبة وأما المؤمنون، فلا يحل لهم أن يتزوجوا امرأة، بمجرد هبتها نفسها لهم.

{ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } أي: قد علمنا ما على المؤمنين، وما يحل لهم، وما لا يحل، من الزوجات وملك اليمين. وقد علمناهم بذلك، وبينا فرائضه.

فما في هذه الآية، مما يخالف ذلك، فإنه خاص لك، لكون اللّه جعله خطابًا للرسول وحده بقوله: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ } إلى آخر الآية.

وقوله: { خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } وأبحنا لك يا أيها النبي ما لم نبح لهم، ووسعنا لك ما لم نوسع على غيرك، { لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ } وهذا من زيادة اعتناء اللّه تعالى برسوله صلى اللّه عليه وسلم.

{ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } أي: لم يزل متصفًا بالمغفرة والرحمة، وينزل على عباده من مغفرته ورحمته، وجوده وإحسانه، ما اقتضته حكمته، ووجدت منهم أسبابه.


{ 51 }

{ تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا }

وهذا أيضًا من توسعة اللّه على رسوله ورحمته به، أن أباح له ترك القسم بين زوجاته، على وجه الوجوب، وأنه إن فعل ذلك، فهو تبرع منه، ومع ذلك، فقد كان صلى اللّه عليه وسلم يجتهد في القسم بينهن في كل شيء، ويقول "اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما لا أملك" .
فقال هنا: { تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ } [أي: تؤخر من أردت من زوجاتك فلا تؤويها إليك، ولا تبيت عندها] { وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ } أي: تضمها وتبيت عندها.

{ و } مع ذلك لا يتعين هذا الأمر { مَنِ ابْتَغَيْتَ } أي: أن تؤويها { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ } والمعنى أن الخيرة بيدك في ذلك كله [وقال كثير من المفسرين: إن هذا خاص بالواهبات، له أن يرجي من يشاء، ويؤوي من يشاء، أي: إن شاء قبل من وهبت نفسها له، وإن شاء لم يقبلها، واللّه أعلم]
ثم بين الحكمة في ذلك فقال: { ذَلِكَ } أي: التوسعة عليك، وكون الأمر راجعًا إليك وبيدك، وكون ما جاء منك إليهن تبرعًا منك
{ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ } لعلمهن أنك لم تترك واجبًا، ولم تفرط في حق لازم.
{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ } أي: ما يعرض لها عند أداء الحقوق الواجبة والمستحبة، وعند المزاحمة في الحقوق، فلذلك شرع لك التوسعة يا رسول اللّه، لتطمئن قلوب زوجاتك.
{ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا } أي: واسع العلم، كثير الحلم. ومن علمه، أن شرع لكم ما هو أصلح لأموركم، وأكثر لأجوركم. ومن حلمه، أن لم يعاقبكم بما صدر منكم، وما أصرت عليه قلوبكم من الشر.


{ 52 }

{ لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا }

وهذا شكر من اللّه، الذي لم يزل شكورًا، لزوجات رسوله، رضي اللّه عنهن، حيث اخترن اللّه ورسوله، والدار الآخرة، أن رحمهن، وقصر رسوله عليهن فقال:
{ لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ } زوجاتك الموجودات { وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ } أي: ولا تطلق بعضهن، فتأخذ بدلها.
فحصل بهذا، أمنهن من الضرائر، ومن الطلاق، لأن اللّه قضى أنهن زوجاته في الدنيا والآخرة، لا يكون بينه وبينهن فرقة.
{ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ } أي: حسن غيرهن، فلا يحللن لك { إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ } أي: السراري، فذلك جائز لك، لأن المملوكات، في كراهة الزوجات، لسن بمنزلة الزوجات، في الإضرار للزوجات. { وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا } أي: مراقبًا للأمور، وعالمًا بما إليه تؤول، وقائمًا بتدبيرها على أكمل نظام، وأحسن إحكام.


عاشقة الموج 13-08-2010 01:39 PM

{ 53 - 54 }

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا * إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا }

يأمر تعالى عباده المؤمنين، بالتأدب مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، في دخول بيوته فقال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ } أي: لا تدخلوها بغير إذن للدخول فيها، لأجل الطعام. وأيضًا لا تكونوا { نَاظِرِينَ إِنَاهُ } أي: منتظرين ومتأنين لانتظار نضجه، أو سعة صدر بعد الفراغ منه. والمعنى: أنكم لا تدخلوا بيوت النبي إلا بشرطين:

الإذن لكم بالدخول، وأن يكون جلوسكم بمقدار الحاجة، ولهذا قال:
{ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ } أي: قبل الطعام وبعده.
ثم بين حكمة النهي وفائدته فقال: { إِنَّ ذَلِكُمْ } أي: انتظاركم الزائد على الحاجة،
{ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ } أي: يتكلف منه ويشق عليه حبسكم إياه عن شئون بيته، واشتغاله فيه { فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ } أن يقول لكم: { اخرجوا } كما هو جاري العادة، أن الناس -وخصوصًا أهل الكرم منهم- يستحيون أن يخرجوا الناس من مساكنهم، { و } لكن { اللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ }

فالأمر الشرعي، ولو كان يتوهم أن في تركه أدبا وحياء، فإن الحزم كل الحزم، اتباع الأمر الشرعي، وأن يجزم أن ما خالفه، ليس من الأدب في شيء. واللّه تعالى لا يستحي أن يأمركم، بما فيه الخير لكم، والرفق لرسوله كائنًا ما كان.
فهذا أدبهم في الدخول في بيوته، وأما أدبهم معه في خطاب زوجاته، فإنه، إما أن يحتاج إلى ذلك، أو لا يحتاج إليه، فإن لم يحتج إليه، فلا حاجة إليه، والأدب تركه، وإن احتيج إليه، كأن يسألن متاعًا، أو غيره من أواني البيت أو نحوها، فإنهن يسألن
{ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } أي: يكون بينكم وبينهن ستر، يستر عن النظر، لعدم الحاجة إليه.
فصار النظر إليهن ممنوعًا بكل حال، وكلامهن فيه التفصيل، الذي ذكره اللّه، ثم ذكر حكمة ذلك بقوله: { ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } لأنه أبعد عن الريبة،

وكلما بعد الإنسان عن الأسباب الداعية إلى الشر، فإنه أسلم له، وأطهر لقلبه.
فلهذا، من الأمور الشرعية التي بين اللّه كثيرًا من تفاصيلها، أن جميع وسائل الشر وأسبابه ومقدماته، ممنوعة، وأنه مشروع، البعد عنها، بكل طريق.

ثم قال كلمة جامعة وقاعدة عامة: { وَمَا كَانَ لَكُمْ } يا معشر المؤمنين، أي: غير لائق ولا مستحسن منكم، بل هو أقبح شيء { أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ } أي: أذية قولية أو فعلية، بجميع ما يتعلق به، { وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا } هذا من جملة ما يؤذيه، فإنه صلى اللّه عليه وسلم، له مقام التعظيم، والرفعة والإكرام، وتزوج زوجاته [بعده] مخل بهذا المقام.

وأيضا، فإنهن زوجاته في الدنيا والآخرة، والزوجية باقية بعد موته، فلذلك لا يحل نكاح زوجاته بعده، لأحد من أمته. { إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا } وقد امتثلت هذه الأمة، هذا الأمر، واجتنبت ما نهى اللّه عنه منه، وللّه الحمد والشكر.
ثم قال تعالى: { إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا } أي تظهروه

{ أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } يعلم ما في قلوبكم، وما أظهرتموه، فيجازيكم عليه.

{ 55 }

{ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا }

لما ذكر أنهن لا يسألن متاعًا إلا من وراء حجاب، وكان اللفظ عامًا [لكل أحد] احتيج أن يستثنى منه هؤلاء المذكورون، من المحارم، وأنه { لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ } في عدم الاحتجاب عنهم.
ولم يذكر فيها الأعمام، والأخوال، لأنهن إذا لم يحتجبن عمن هن عماته ولا خالاته، من أبناء الإخوة والأخوات، مع رفعتهن عليهم، فعدم احتجابهن عن عمهن وخالهن، من باب أولى، ولأن منطوق الآية الأخرى، المصرحة بذكر العم والخال، مقدمة، على ما يفهم من هذه الآية.
وقوله { وَلَا نِسَائِهِنَّ } أي: لا جناح عليهن ألا يحتجبن عن نسائهن، أي: اللاتي من جنسهن في الدين، فيكون ذلك مخرجًا لنساء الكفار، ويحتمل أن المراد جنس النساء، فإن المرأة لا تحتجب عن المرأة.

{ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } ما دام العبد في ملكها جميعه.
ولما رفع الجناح عن هؤلاء، شرط فيه وفي غيره، لزوم تقوى اللّه، وأن لا يكون في محذور شرعي فقال: { وَاتَّقِينَ اللَّهَ } أي: استعملن تقواه في جميع الأحوال { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا } يشهد أعمال العباد، ظاهرها وباطنها، ويسمع أقوالهم، ويرى حركاتهم، ثم يجازيهم على ذلك، أتم الجزاء وأوفاه.

{ 56 }

{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }
وهذا فيه تنبيه على كمال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ورفعة درجته، وعلو منزلته عند اللّه وعند خلقه، ورفع ذكره. و { إِنَّ اللَّهَ } تعالى { وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ } عليه، أي: يثني اللّه عليه بين الملائكة، وفي الملأ الأعلى، لمحبته تعالى له، وتثني عليه الملائكة المقربون، ويدعون له ويتضرعون.

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } اقتداء باللّه وملائكته، وجزاء له على بعض حقوقه عليكم، وتكميلاً لإيمانكم، وتعظيمًا له صلى اللّه عليه وسلم، ومحبة وإكرامًا، وزيادة في حسناتكم، وتكفيرًا من سيئاتكم وأفضل هيئات الصلاة عليه عليه الصلاة والسلام، ما علم به أصحابه: "اللّهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد" وهذا الأمر بالصلاة والسلام عليه مشروع في جميع الأوقات، وأوجبه كثير من العلماء في الصلاة

عاشقة الموج 13-08-2010 01:43 PM

{ 57 - 58 }

{ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ
عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا
فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا }

لما أمر تعالى بتعظيم رسوله صلى اللّه عليه وسلم، والصلاة والسلام عليه،
نهى عن أذيته، وتوعد عليها فقال: { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } وهذا
يشمل كل أذية، قولية أو فعلية، من سب وشتم، أو تنقص له، أو لدينه، أو ما
يعود إليه بالأذى. { لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا } أي: أبعدهم وطردهم، ومن لعنه
م [في الدنيا] أنه يحتم *** من شتم الرسول، وآذاه.

{ وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } جزاء له على أذاه، أن يؤذى بالعذاب الأليم،
فأذية الرسول، ليست كأذية غيره، لأنه -صلى الله عليه وسلم- لا يؤمن العبد باللّه، حتى يؤمن برسوله صلى اللّه عليه وسلم. وله من التعظيم، الذي هو من لوازم
الإيمان، ما يقتضي ذلك، أن لا يكون مثل غيره.

وإن كانت أذية المؤمنين عظيمة، وإثمها عظيمًا، ولهذا قال فيها:
{ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا } أي: بغير جناية منهم
موجبة للأذى { فَقَدِ احْتَمَلُوا } على ظهورهم { بُهْتَانًا } حيث آذوهم بغير سبب
{ وَإِثْمًا مُبِينًا } حيث تعدوا عليهم، وانتهكوا حرمة أمر اللّه باحترامها.
ولهذا كان سب آحاد المؤمنين، موجبًا للتعزير، بحسب حالته وعلو مرتبته، فتعزير
من سب الصحابة أبلغ، وتعزير من سب العلماء، وأهل الدين، أعظم من غيرهم.

{ 59 - 62 }

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ
جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ
الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا
يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا * سُنَّةَ اللَّهِ
فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا }


هذه الآية، التي تسمى آية الحجاب، فأمر اللّه نبيه، أن يأمر النساء عمومًا، ويبدأ بزوجاته وبناته، لأنهن آكد من غيرهن، ولأن الآمر [لغيره] ينبغي أن يبدأ بأهله،
قبل غيرهم كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا }
أن { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ } وهن اللاتي يكن فوق الثياب من ملحفة وخمار
ورداء ونحوه، أي: يغطين بها، وجوههن وصدورهن.

ثم ذكر حكمة ذلك، فقال: { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ } دل على وجود أذية،
إن لم يحتجبن، وذلك، لأنهن إذا لم يحتجبن، ربما ظن أنهن غير عفيفات، فيتعرض لهن من في قلبه مرض، فيؤذيهن، وربما استهين بهن، وظن أنهن إماء، فتهاون
بهن من يريد الشر. فالاحتجاب حاسم لمطامع الطامعين فيهن.

{ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } حيث غفر لكم ما سلف، ورحمكم، بأن بين لكم
الأحكام، وأوضح الحلال والحرام، فهذا سد للباب من جهتهن.
وأما من جهة أهل الشر فقد توعدهم بقوله:
{ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } أي: مرض شك أو شهوة { وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ } أي: المخوفون المرهبون الأعداء، المحدثون بكثرتهم وقوتهم، وضعف المسلمين.
ولم يذكر المعمول الذي ينتهون عنه، ليعم ذلك، كل ما توحي به أنفسهم إليهم،
وتوسوس به، وتدعو إليه من الشر، من التعريض بسب الإسلام وأهله، والإرجاف بالمسلمين، وتوهين قواهم، والتعرض للمؤمنات بالسوء والفاحشة، وغير ذلك من المعاصي الصادرة، من أمثال هؤلاء.

{ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ } أي: نأمرك بعقوبتهم وقتالهم، ونسلطك عليهم، ثم إذا فعلنا ذلك،
لا طاقة لهم بك، وليس لهم قوة ولا امتناع، ولهذا قال:
{ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا } أي: لا يجاورونك في المدينة إلا قليلاً، بأن ت***هم
أو تنفيهم.
وهذا فيه دليل، لنفي أهل الشر، الذين يتضرر بإقامتهم بين أظهر المسلمين، فإن
ذلك أحسم للشر، وأبعد منه، ويكونون { مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا }
أي: مبعدين، أين وجدوا، لا يحصل لهم أمن، ولا يقر لهم قرار، يخشون أن ي***وا،
أو يحبسوا، أو يعاقبوا.

{ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ } أن من تمادى في العصيان، وتجرأ على ال
أذى، ولم ينته منه، فإنه يعاقب عقوبة بليغة. { وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا } أي
تغييرًا، بل سنته تعالى وعادته، جارية مع الأسباب المقتضية لأسبابها


{ 63 - 68 }

{ يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ
تَكُونُ قَرِيبًا * إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ
وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا
الرَّسُولَ * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ * رَبَّنَا آتِهِمْ
ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا }

أي: يستخبرك الناس عن الساعة، استعجالاً لها، وبعضهم، تكذيبًا لوقوعها،
وتعجيزًا للذي أخبر بها. { قُلْ } لهم: { إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ } أي: لا يعلمها
إلا اللّه، فليس لي، ولا لغيرى بها علم، ومع هذا، فلا تستبطؤوها.

{ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا } ومجرد مجيء الساعة، قرباً وبعدًا، ليس
تحته نتيجة ولا فائدة، وإنما النتيجة والخسار، والربح، والشقا والسعادة، هل
يستحق العبد العذاب، أو يستحق الثواب؟ فهذه سأخبركم بها، وأصف لكم مستحقها.

فوصف مستحق العذاب، ووصف العذاب، لأن الوصف المذكور، منطبق على
هؤلاء المكذبين بالساعة فقال: { إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ } [أي:] الذين صار الكف
ر دأبهم وطريقتهم الكفر باللّه وبرسله، وبما جاءوا به من عند اللّه، فأبعدهم في
الدنيا والآخرة من رحمته، وكفى بذلك عقابًا، { وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا } أي: نارًا
موقدة، تسعر في أجسامهم، ويبلغ العذاب إلى أفئدتهم، ويخلدون في ذلك العذاب
الشديد، فلا يخرجون منه، ولا يُفَتَّر عنهم ساعة.

ولَا يَجِدُونَ وَلِيًّا فيعطيهم ما طلبوه { وَلَا نَصِيرًا } يدفع عنهم العذاب، بل قد تخلى
عنهم الولي النصير، وأحاط بهم عذاب السعير، وبلغ منهم مبلغًا عظيمًا،
ولهذا قال: { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ } فيذوقون حرها، ويشتد عليهم أمرها، ويتحسرون على ما أسلفوا.

{ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ } فسلمنا من هذا العذاب، واستحققنا، كالمطيعين، جزيل الثواب. ولكن أمنية فات وقتها، فلم تفدهم إلا حسرة وندمًا، وهمًا، وغمًا، وألمًا.
{ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا } وقلدناهم على ضلالهم، { فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ }
كقوله تعالى


{ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَى
لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بعد إذ جاءني } الآية.

ولما علموا أنهم هم وكبراءهم مستحقون للعقاب، أرادوا أن يشتفوا ممن أضلوهم، فقالوا: { رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا } فيقول اللّه لكل ضعف
، فكلكم اشتركتم في الكفر والمعاصي، فتشتركون في العقاب، وإن تفاوت عذاب
بعضكم على بعض بحسب تفاوت الجرم.

{ 69 }

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ
عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا }

يحذر تعالى عباده المؤمنين عن أذية رسولهم، محمد صلى اللّه عليه وسلم،
النبي الكريم، الرءوف الرحيم، فيقابلوه بضد ما يجب له من الإكرام والاحترام،
وأن لا يتشبهوا بحال الذين آذوا موسى بن عمران، كليم الرحمن، فبرأه اللّه مما
قالوا من الأذية، أي: أظهر اللّه لهم براءته. والحال أنه عليه الصلاة والسلام،
ليس محل التهمة والأذية، فإنه كان وجيها عند اللّه، مقربًا لديه، من خواص
المرسلين، ومن عباده المخلصين، فلم يزجرهم ما له، من الفضائل عن أذيته
والتعرض له بما يكره، فاحذروا أيها المؤمنون، أن تتشبهوا بهم في ذلك، والأذية
المشار إليها هي قول بني إسرائيل لموسى لما رأوا شدة حيائه وتستره عنهم:
"إنه ما يمنعه من ذلك إلا أنه آدر" أي: كبير الخصيتين، واشتهر ذلك عندهم، فأراد
الله أن يبرئه منهم، فاغتسل يومًا، ووضع ثوبه على حجر، ففر الحجر بثوبه،
فأهوى موسى عليه السلام في طلبه، فمر به على مجالس بني إسرائيل، فرأوه
أحسن خلق اللّه، فزال عنه ما رموه به.

{ 70 - 71 }

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }

يأمر تعالى المؤمنين بتقواه، في جميع أحوالهم، في السر والعلانية، ويخص منها، ويندب للقول السديد، وهو القول الموافق للصواب، أو المقارب له، عند تعذر اليقين، من قراءة، وذكر، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، وتعلم علم وتعليمه، والحرص
على إصابة الصواب، في المسائل العلمية، وسلوك كل طريق يوصل لذلك، وكل
وسيلة تعين عليه.
ومن القول السديد، لين الكلام ولطفه، في مخاطبة الأنام، والقول المتضمن للنصح والإشارة، بما هو الأصلح.

ثم ذكر ما يترتب على تقواه، وقول القول السديد فقال: { يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ }
أي: يكون ذلك سببًا لصلاحها، وطريقًا لقبولها، لأن استعمال التقوى، تتقبل به
الأعمال كما قال تعالى: { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }

ويوفق فيه الإنسان للعمل الصالح، ويصلح اللّه الأعمال [أيضًا] بحفظها عما
يفسدها، وحفظ ثوابها ومضاعفته، كما أن الإخلال بالتقوى، والقول السديد سبب
لفساد الأعمال، وعدم قبولها، وعدم تَرَتُّبِ آثارها عليها.
{ وَيَغْفِرْ لَكُمْ } أيضًا { ذُنُوبَكُمْ } التي هي السبب في هلاككم، فالتقوى تستقيم
بها الأمور، ويندفع بها كل محذور ولهذا قال:
{ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }

{ 72 - 73 }

{ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا
وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا * لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ
وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }


يعظم تعالى شأن الأمانة، التي ائتمن اللّه عليها المكلفين، التي هي امتثال الأوامر، واجتناب المحارم، في حال السر والخفية، كحال العلانية، وأنه تعالى عرضها على المخلوقات العظيمة، السماوات والأرض والجبال، عرض تخيير لا تحتيم،
وأنك إن قمت بها وأدَّيتِهَا على وجهها، فلك الثواب، وإن لم تقومي بها،
[ولم تؤديها] فعليك العقاب.
{ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا } أي: خوفًا أن لا يقمن بما حُمِّلْنَ، لا عصيانًا
لربهن، ولا زهدًا في ثوابه، وعرضها اللّه على الإنسان، على ذلك الشرط المذكور، فقبلها، وحملها مع ظلمه وجهله، وحمل هذا الحمل الثقيل. فانقسم الناس - بحسب
قيامهم بها وعدم ه- إلى ثلاثة أقسام :

منافقون، أظهروا أنهم قاموا بها ظاهرًا لا باطنًا،

ومشركون، تركوها ظاهرًا وباطنًا،

ومؤمنون، قائمون بها ظاهرًا وباطنًا.

فذكر اللّه تعالى أعمال هؤلاء الأقسام الثلاثة، وما لهم من الثواب والعقاب فقال:

{ لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } .

فله الحمد تعالى، حيث ختم هذه الآية بهذين الاسمين الكريمين، الدالين على
تمام مغفرة اللّه، وسعة رحمته، وعموم جوده، مع أن المحكوم عليهم، كثير منهم،
لم يستحق المغفرة والرحمة، لنفاقه وشركه.
تم تفسير سورة الأحزاب.
بحمد اللّه وعونه.

عاشقة الموج 13-08-2010 02:02 PM

لله الحمد والمنة والثناء الحسن
تم


الانتهاء من تفسير سورة الأحزاب
و نتابع بإذن المولى أسباب


نزول سورةسبأ
فما كان من التوفيق فمن الله و رسوله



و إن كان خطأ فمن النفس و الشيطان
هذا رابط للاستماع لمختلف القراءات لمختلف مشايخ المسلمين

ايه كمال 13-08-2010 11:12 PM


محمد رافع 52 20-08-2010 02:19 PM


{1} إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
سُورَة نُوح [ مَكِّيَّة وَآيَاتهَا 28 أَوْ 29 آيَة ]
"أَنْ أَنْذِرْ" أَيْ بِإِنْذَارِ "قَوْمك مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِيهِمْ" إنْ لَمْ يُؤْمِنُوا "عَذَاب أَلِيم" مُؤْلِم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
{2} قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ
"قَالَ يَا قَوْم إنِّي لَكُمْ نَذِير مُبِين" بَيِّن الْإِنْذَار
{3} أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ
"أَنْ" أَيْ بِأَنْ أَقُول لَكُمْ
{4} يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
"يَغْفِر لَكُمْ مِنْ ذُنُوبكُمْ" مِنْ زَائِدَة فَإِنَّ الْإِسْلَام يُغْفَر بِهِ مَا قَبْله أَوْ تَبْعِيضِيَّة لِإِخْرَاجِ حُقُوق الْعِبَاد "وَيُؤَخِّركُمْ" بِلَا عَذَاب "إلَى أَجَل مُسَمَّى" أَجَل الْمَوْت "إنَّ أَجَل اللَّه" بِعَذَابِكُمْ إنْ لَمْ تُؤْمِنُوا "إذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّر لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" ذَلِكَ لَآمَنْتُمْ
{5} قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا
"قَالَ رَبّ إنِّي دَعَوْت قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا" أَيْ دَائِمًا مُتَّصِلًا
{6} فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا
"فَلَمْ يَزِدْهُمْ إلَّا فِرَارًا" عَنْ الْإِيمَان
{7} وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا
"وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتهمْ لِتَغْفِر لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعهمْ فِي آذَانهمْ" لِئَلَّا يَسْمَعُوا كَلَامِي "وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابهمْ" غَطَّوْا رُءُوسهمْ بِهَا لِئَلَّا يُنْظِرُونِي "وَأَصَرُّوا" عَلَى كُفْرهمْ "وَاسْتَكْبَرُوا" تَكَبَّرُوا عَنْ الْإِيمَان
{8} ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا
"ثُمَّ إنِّي دَعَوْتهمْ جِهَارًا" أَيْ بِأَعْلَى صَوْتِي
{9} ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا
"ثُمَّ إنِّي أَعْلَنْت لَهُمْ" صَوْتِي "وَأَسْرَرْت" الْكَلَام
{10} فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا
"فَقُلْت اسْتَغْفِرُوا رَبّكُمْ" مِنْ الشِّرْك


محمد رافع 52 20-08-2010 02:25 PM


{11} يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا
"يُرْسِل السَّمَاء" الْمَطَر وَكَانُوا قَدْ مَنَعُوهُ "عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا" كَثِير الدُّرُور
{12} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا "وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَكُمْ جَنَّات" بَسَاتِين "وَيَجْعَل لَكُمْ أَنْهَارًا" جَارِيَة
{13} مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا
"مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا" أَيْ تَأْمُلُونَ وَقَار اللَّه إيَّاكُمْ بِأَنْ تُؤْمِنُوا
{14} وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا
"وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا" جَمْع طَوْر وَهُوَ الْحَال فَطَوْرًا نُطْفَة وَطَوْرًا عَلَقَة إلَى تَمَام خَلْق الْإِنْسَان وَالنَّظَر فِي خَلْقه يُوجِب الْإِيمَان بِخَالِقِهِ
{15} أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا
"أَلَمْ تَرَوْا" تَنْظُرُوا "كَيْفَ خَلَقَ اللَّه سَبْع سَمَوَات طِبَاقًا" بَعْضهَا فَوْق بَعْض
{16} وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا
"وَجَعَلَ الْقَمَر فِيهِنَّ" أَيْ فِي مَجْمُوعهنَّ الصَّادِق بِالسَّمَاءِ الدُّنْيَا "نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْس سِرَاجًا" مِصْبَاحًا مُضِيئًا وَهُوَ أَقْوَى مِنْ نُور الْقَمَر
{17} وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا
"وَاَللَّه أَنْبَتَكُمْ" خَلَقَكُمْ "مِنْ الْأَرْض" إذْ خَلَقَ أَبَاكُمْ آدَم مِنْهَا
{18} ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا
"ثُمَّ يُعِيدكُمْ فِيهَا" مَقْبُورِينَ "وَيُخْرِجكُمْ" لِلْبَعْثِ
{19} وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا
"وَاَللَّه جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْض بِسَاطًا" مَبْسُوطَة
{20} لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا
"لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا" طُرُقًا "فِجَاجًا" وَاسِعَة
{21} قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا
"قَالَ نُوح رَبّ إنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا" أَيْ السَّفَلَة وَالْفُقَرَاء "مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَاله وَوُلْده" وَهُمْ الرُّؤَسَاء الْمُنَعَّم عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ وَوُلْد بِضَمِّ الْوَاو وَسُكُون اللَّام وَبِفَتْحِهِمَا وَالْأَوَّل قِيلَ جَمْع وَلَد بِفَتْحِهِمَا كَخُشْبِ وَخَشَب وَقِيلَ بِمَعْنَاهُ كَبُخْلِ وَبَخَل "إلَّا خَسَارًا" طُغْيَانًا وَكُفْرًا
{22} وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا
"وَمَكَرُوا" أَيْ الرُّؤَسَاء "مَكْرًا كُبَّارًا" عَظِيمًا جِدًّا بِأَنْ كَذَّبُوا نُوحًا وَآذَوْهُ وَمَنْ اتَّبَعَهُ
{23} وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا
"وَقَالُوا" لِلسَّفَلَةِ "لَا تَذَرُونَّ آلِهَتكُمْ وَلَا تَذَرُونَّ وَدًّا" بِفَتْحِ الْوَاو وَضَمّهَا "وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوث وَيَعُوق وَنَسْرًا" هِيَ أَسْمَاء أَصْنَامهمْ
{24} وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا
"وَقَدْ أَضَلُّوا" بِهَا "كَثِيرًا" مِنْ النَّاس بِأَنْ أَمَرُوهُمْ بِعِبَادَتِهِمْ "وَلَا تَزِدْ الظَّالِمِينَ إلَّا ضَلَالًا" عَطْفًا عَلَى قَدْ أَضَلُّوا دَعَا عَلَيْهِمْ لَمَّا أُوحِيَ إلَيْهِ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِن مِنْ قَوْمك إلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ
{25} مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا
"مِمَّا" مَا صِلَة " خَطَيَاهُمْ" وَفِي قِرَاءَة خَطِيئَآتِهِمْ بِالْهَمْزِ "أُغْرِقُوا" بِالطُّوفَانِ "فَأُدْخِلُوا نَارًا" عُوقِبُوا بِهَا عَقِب الْإِغْرَاق تَحْت الْمَاء "فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُون" أَيْ غَيْر "اللَّه أَنْصَارًا" يَمْنَعُونَ عَنْهُمْ الْعَذَاب
{26} وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا
"وَقَالَ نُوح رَبّ لَا تَذَر عَلَى الْأَرْض مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا" أَيْ نَازِل دَار وَالْمَعْنَى أَحَدًا
{27} إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا
"إنَّك إنْ تَذَرهُمْ يُضِلُّوا عِبَادك وَلَا يَلِدُوا إلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا" مَنْ يَفْجُر وَيَكْفُر قَالَ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْإِيحَاء إلَيْهِ
{28} رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا
"رَبّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ" وَكَانَا مُؤْمِنَيْنِ "وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي" مَنْزِلِي أَوْ مَسْجِدِي "مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات" إلَى يَوْم الْقِيَامَة "وَلَا تَزِدْ الظَّالِمِينَ إلَّا تَبَارًا" هَلَاكًا فَأُهْلِكُوا


محمد رافع 52 23-08-2010 09:03 PM

تفسير سورة المعارج

{1} سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ
سُورَة الْمَعَارِج [ مَكِّيَّة وَآيَاتهَا أَرْبَع وَأَرْبَعُونَ آيَة ]
"سَأَلَ سَائِل" دَعَا دَاعٍ
{2} لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ
"لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِع" هُوَ النَّضْر بْن الْحَارِث قَالَ "اللَّهُمَّ إنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقّ" الْآيَة
{3} مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ
"مِنْ اللَّه" مُتَّصِل بِوَاقِعِ "ذِي الْمَعَارِج" مَصَاعِد الْمَلَائِكَة وَهِيَ السَّمَاوَات
{4} تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ
"تَعْرُج" بِالتَّاءِ وَالْيَاء "الْمَلَائِكَة وَالرُّوح" جِبْرِيل "إلَيْهِ" إلَى مَهْبِط أَمْره مِنْ السَّمَاء "فِي يَوْم" مُتَعَلِّق بِمَحْذُوفٍ أَيْ يَقَع الْعَذَاب بِهِمْ فِي يَوْم الْقِيَامَة "كَانَ مِقْدَاره خَمْسِينَ أَلْف سَنَة" بِالنِّسْبَةِ إلَى الْكَافِر لِمَا يَلْقَى فِيهِ مِنْ الشَّدَائِد وَأَمَّا الْمُؤْمِن فَيَكُون أَخَفّ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاة مَكْتُوبَة يُصَلِّيهَا فِي الدُّنْيَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث
{5} فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا
"فَاصْبِرْ" وَهَذَا قَبْل أَنْ يُؤْمَر بِالْقِتَالِ "صَبْرًا جَمِيلًا" أَيْ لَا جَزَع فِيهِ
{6} إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا
"إنَّهُمْ يَرَوْنَهُ" أَيْ الْعَذَاب "بَعِيدًا" غَيْر وَاقِع
{7} وَنَرَاهُ قَرِيبًا
"وَنَرَاهُ قَرِيبًا" وَاقِعًا لَا مَحَالَة
{8} يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ
"يَوْم تَكُون السَّمَاء" مُتَعَلِّق بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيره يَقَع "كَالْمُهْلِ" كَذَائِبِ الْفِضَّة
{9} وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ
"وَتَكُون الْجِبَال كَالْعِهْنِ" كَالصُّوفِ فِي الْخِفَّة وَالطَّيَرَان بِالرِّيحِ
{10} وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا
"وَلَا يَسْأَل حَمِيم حَمِيمًا" قَرِيب قَرِيبه لِاشْتِغَالِ كُلّ بِحَالِهِ

محمد رافع 52 23-08-2010 09:08 PM

المعارج

{11} يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ
"يُبَصَّرُونَهُمْ" أَيْ يُبْصِر الْأَحْمَاء بَعْضهمْ بَعْضًا وَيَتَعَارَفُونَ وَلَا يَتَكَلَّمُونَ وَالْجُمْلَة مُسْتَأْنَفَة "يَوَدّ الْمُجْرِم" يَتَمَنَّى الْكَافِر "لَوْ" بِمَعْنَى أَنْ "يَفْتَدِي مِنْ عَذَاب يَوْمئِذٍ" بِكَسْرِ الْمِيم وَفَتْحهَا
{12} وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ "وَصَاحِبَته" زَوْجَته
{13} وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ "وَفَصِيلَته" عَشِيرَته لِفَصْلِهِ مِنْهَا "الَّتِي تُئْوِيهِ" تَضُمّهُ
{14} وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ
"وَمَنْ فِي الْأَرْض جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيه" ذَلِكَ الِافْتِدَاء وَالْجُمْلَة عَطْف عَلَى يَفْتَدِي
{15} كَلَّا إِنَّهَا لَظَى
"كَلَّا" رَدّ لِمَا يَوَدّهُ "إنَّهَا" أَيْ النَّار "لَظَى" اسْم لِجَهَنَّم لِأَنَّهَا تَتَلَظَّى أَيْ تَتَلَهَّب عَلَى الْكُفَّار
{16} نَزَّاعَةً لِلشَّوَى
"نَزَّاعَة لِلشَّوَى" جَمْع شَوَاة وَهِيَ جِلْدَة الرَّأْس
{17} تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى
"تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى" عَنْ الْإِيمَان بِأَنْ تَقُول : إلَيَّ إلَيَّ
{18} وَجَمَعَ فَأَوْعَى
"وَجَمَعَ" الْمَال "فَأَوْعَى" أَمْسَكَهُ فِي وِعَائِهِ وَلَمْ يُؤَدِّ حَقَّ اللَّه مِنْهُ
{19} إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا
"إنَّ الْإِنْسَان خُلِقَ هَلُوعًا" حَال مُقَدَّره وَتَفْسِيره
{20} إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا
"إذَا مَسَّهُ الشَّرّ جَزُوعًا" وَقْت مَسّ الشَّرّ
{21} وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا
"وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْر مَنُوعًا" وَقْت مَسّه الْخَيْر أَيْ الْمَال لِحَقِّ اللَّه مِنْهُ
{22} إِلَّا الْمُصَلِّينَ
"إلَّا الْمُصَلِّينَ" أَيْ الْمُؤْمِنِينَ
{23} الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ
"الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتهمْ دَائِمُونَ" مُوَاظِبُونَ
{24} وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ
"وَاَلَّذِينَ فِي أَمْوَالهمْ حَقّ مَعْلُوم" هُوَ الزَّكَاة
{25} لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ
"لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم" الْمُتَعَفِّف عَنْ السُّؤَال فَيُحْرَم
{26} وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ
"وَاَلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّين" الْجَزَاء
{27} وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ
"وَاَلَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَاب رَبّهمْ مُشْفِقُونَ" خَائِفُونَ
{28} إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ
"إنَّ عَذَاب رَبّهمْ غَيْر مَأْمُون" نُزُوله غَيْر مَأْمُون
{30} إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ
"إلَّا عَلَى أَزْوَاجهمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ" مِنْ الْإِمَاء
{31} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ
"فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ" الْمُتَجَاوِزُونَ الْحَلَال إلَى الْحَرَام
{32} وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ
"وَاَلَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ" وَفِي قِرَاءَة بِالْإِفْرَادِ : مَا ائْتَمَنُوا عَلَيْهِ مِنْ أَمْر الدِّين وَالدُّنْيَا "وَعَهْدهمْ" الْمَأْخُوذ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ "رَاعُونَ" حَافِظُونَ
{33} وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ
"وَاَلَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ" وَفِي قِرَاءَة بِالْجَمْعِ "قَائِمُونَ" يُقِيمُونَهَا وَلَا يَكْتُمُونَهَا
{34} وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ
"وَاَلَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتهمْ يُحَافِظُونَ" بِأَدَائِهَا فِي أَوْقَاتهَا
{36} فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ
"فَمَال الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلك" نَحْوك "مُهْطِعِينَ" حَال أَيْ مُدِيمِي النَّظَر
{37} عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ
"عَنْ الْيَمِين وَعَنْ الشِّمَال" مِنْك " عِزِينَ" حَال أَيْضًا أَيْ جَمَاعَات حِلَقًا حِلَقًا يَقُولُونَ اسْتِهْزَاء بِالْمُؤْمِنِينَ : لَئِنْ دَخَلَ هَؤُلَاءِ الْجَنَّة لَنَدْخُلَنَّهَا قَبْلهمْ
{39} كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ
"كَلَّا" رَدْع لَهُمْ عَنْ طَمَعهمْ فِي الْجَنَّة "إنَّا خَلَقْنَاهُمْ" كَغَيْرِهِمْ "مِمَّا يَعْلَمُونَ" مِنْ نُطَف فَلَا يُطْمَع بِذَلِكَ فِي الْجَنَّة وَإِنَّمَا يُطْمَع فِيهَا بِالتَّقْوَى

محمد رافع 52 23-08-2010 09:11 PM

المعارج

{40} فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ
"فَلَا" لَا زَائِدَة "أُقْسِم بِرَبِّ الْمَشَارِق وَالْمَغَارِب" لِلشَّمْسِ وَالْقَمَر وَسَائِر الْكَوَاكِب
{41} عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ
"عَلَى أَنْ نُبَدَّل" نَأْتِي بَدَلهمْ "خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ" بِعَاجِزِينَ عَنْ ذَلِكَ
{42} فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ
"فَذَرْهُمْ" اُتْرُكْهُمْ "يَخُوضُوا" فِي بَاطِلهمْ "وَيَلْعَبُوا" فِي دُنْيَاهُمْ "حَتَّى يُلَاقُوا" يَلْقَوْا "يَوْمهمْ الَّذِي يُوعَدُونَ" فِيهِ الْعَذَاب
{43} يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ
"يَوْم يَخْرُجُونَ مِنْ الْأَجْدَاث" الْقُبُور "سِرَاعًا" إلَى الْمَحْشَر "كَأَنَّهُمْ إلَى نُصُب" وَفِي قِرَاءَة بِضَمِّ الْحَرْفَيْنِ شَيْء مَنْصُوب كَعَلَمٍ أَوْ رَايَة " يُوفِضُونَ" يُسْرِعُونَ
{44} خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ
"خَاشِعَة" ذَلِيلَة "أَبْصَارهمْ تَرْهَقهُمْ" تَغْشَاهُمْ "ذِلَّة ذَلِكَ الْيَوْم الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ" ذَلِكَ مُبْتَدَأ وَمَا بَعْده خَبَر وَمَعْنَاهُ يَوْم الْقِيَامَة

محمد رافع 52 26-08-2010 02:19 PM

تفسير سورة الحاقة

{1} الْحَاقَّةُ
سُورَة الْحَاقَّة [ مَكِّيَّة وَآيَاتهَا اثْنَتَانِ وَخَمْسُونَ آيَة ]
"الْحَاقَّة" الْقِيَامَة الَّتِي يَحِقّ فِيهَا مَا أُنْكِرَ مِنْ الْبَعْث وَالْحِسَاب وَالْجَزَاء أَوْ الْمُظْهِرَة لِذَلِكَ
{2} مَا الْحَاقَّةُ
"مَا الْحَاقَّة" تَعْظِيم لِشَأْنِهَا وَهُوَ مُبْتَدَأ وَخَبَر الْحَاقَّة
{3} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ
"وَمَا أَدْرَاك" أَعْلَمَك "مَا الْحَاقَّة" زِيَادَة تَعْظِيم لِشَأْنِهَا فَمَا الْأُولَى مُبْتَدَأ وَمَا بَعْدهَا خَبَره وَمَا الثَّانِيَة وَخَبَرهَا فِي مَحَلّ الْمَفْعُول الثَّانِي لِأَدْرَى
{4} كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ
"كَذَّبَتْ ثَمُود وَعَاد بِالْقَارِعَةِ" الْقِيَامَة لِأَنَّهَا تَقْرَع الْقُلُوب بِأَهْوَالِهَا
{5} فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ
"فَأَمَّا ثَمُود فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ" بِالصَّيْحَةِ الْمُجَاوِزَة لِلْحَدِّ فِي الشِّدَّة
{6} وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ
"وَأَمَّا عَاد فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَر عَاتِيَة" قَوِيَّة شَدِيدَة عَلَى عَادٍ مَعَ قُوَّتهمْ وَشِدَّتهمْ
{7} سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ
"سَخَّرَهَا" أَرْسَلَهَا بِالْقَهْرِ "عَلَيْهِمْ سَبْع لَيَالٍ وَثَمَانِيَة أَيَّام" أَوَّلهَا مِنْ صُبْح يَوْم الْأَرْبِعَاء لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّال وَكَانَتْ فِي عَجُز الشِّتَاء "حُسُومًا" مُتَتَابِعَات شُبِّهَتْ بِتَتَابُعِ فِعْل الْحَاسِم فِي إعَادَة الْكَيّ عَلَى الدَّاء كَرَّة بَعْد أُخْرَى حَتَّى يَنْحَسِم "فَتَرَى الْقَوْم فِيهَا صَرْعَى" مَطْرُوحِينَ هَالِكِينَ "كَأَنَّهُمْ أَعْجَاز" أُصُول "نَخْل خَاوِيَة" سَاقِطَة فَارِغَة
{8} فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ
"فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَة" لَا تَرَى لَهُمْ بَاقِيَة

محمد رافع 52 26-08-2010 02:22 PM

الحاقة
{9} وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ
"وَجَاءَ فِرْعَوْن وَمَنْ قَبَله" أَتْبَاعه وَفِي قِرَاءَة بِفَتْحِ الْقَاف وَسُكُون الْبَاء أَيْ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ الْأُمَم الْكَافِرَة "وَالْمُؤْتَفِكَات" أَيْ أَهْلهَا وَهِيَ قُرَى قَوْم لُوط "بِالْخَاطِئَةِ" بِالْفِعْلَاتِ ذَات الْخَطَأ
{10} فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً
"فَعَصَوْا رَسُول رَبّهمْ" أَيْ لُوطًا وَغَيْره "فَأَخَذَهُمْ أَخْذَة رَابِيَة" زَائِدَة فِي الشِّدَّة عَلَى غَيْرهَا
{11} إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ
"إنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء" عَلَا فَوْق كُلّ شَيْء مِنْ الْجِبَال وَغَيْرهَا زَمَن الطُّوفَان "حَمَلْنَاكُمْ" يَعْنِي آبَاءَكُمْ إذْ أَنْتُمْ فِي أَصْلَابهمْ "فِي الْجَارِيَة" السَّفِينَة الَّتِي عَمِلَهَا نُوح وَنَجَا هُوَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فِيهَا وَغَرِقَ الْآخَرُونَ
{12} لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ
"لِنَجْعَلهَا" أَيْ هَذِهِ الْفَعْلَة وَهِيَ إنْجَاء الْمُؤْمِنِينَ وَإِهْلَاك الْكَافِرِينَ "لَكُمْ تَذْكِرَة" عِظَة "وَتَعِيهَا" وَلِتَحْفَظهَا "أُذُن وَاعِيَة" حَافِظَة لِمَا تَسْمَع
{13} فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ
"فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّور نَفْخَة وَاحِدَة" لِلْفَصْلِ بَيْن الْخَلَائِق وَهِيَ الثَّانِيَة
{14} وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً
"وَحُمِلَتْ" رُفِعَتْ "الْأَرْض وَالْجِبَال فَدُكَّتَا" دُقَّتَا
{15} فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ
"فَيَوْمئِذٍ وَقَعَتْ الْوَاقِعَة" قَامَتْ الْقِيَامَة
{16} وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ
"وَانْشَقَّتْ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمئِذٍ وَاهِيَة" ضَعِيفَة
{17} وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ
"وَالْمَلَك" يَعْنِي : الْمَلَائِكَة "عَلَى أَرْجَائِهَا" جَوَانِب السَّمَاء "وَيَحْمِل عَرْش رَبّك فَوْقهمْ" أَيْ الْمَلَائِكَة الْمَذْكُورِينَ "يَوْمئِذٍ ثَمَانِيَة" مِنْ الْمَلَائِكَة أَوْ مِنْ صُفُوفهمْ
{18} يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ
"يَوْمئِذٍ تُعْرَضُونَ" لِلْحِسَابِ "لَا تَخْفَى" بِالتَّاءِ وَالْيَاء "مِنْكُمْ خَافِيَة" مِنْ السَّرَائِر
{19} فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ
"فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابه بِيَمِينِهِ فَيَقُول" خِطَابًا لِجَمَاعَتِهِ لِمَا سُرَّ بِهِ "هَاؤُمُ" خُذُوا "اقْرَءُوا كِتَابِي" تَنَازَعَ فِيهِ هَاؤُمُ وَاقْرَءُوا
{20} إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ
"إنِّي ظَنَنْت" تَيَقَّنْت
{21} فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ
"فَهُوَ فِي عِيشَة رَاضِيَة" مَرْضِيَّة
{23} قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ
"قُطُوفهَا" ثِمَارهَا "دَانِيَة" قَرِيبَة يَتَنَاوَلهَا الْقَائِم وَالْقَاعِد وَالْمُضْطَجِع
{24} كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ
فَيُقَال لَهُمْ "كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا" حَال أَيْ مُتَهَنِّئِينَ "بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّام الْخَالِيَة" الْمَاضِيَة فِي الدُّنْيَا
{25} وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ
"وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابه بِشِمَالِهِ فَيَقُول يَا" لِلتَّنْبِيهِ
{27} يَا ‎لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ
"يَا لَيْتَهَا" أَيْ الْمَوْتَة فِي الدُّنْيَا "كَانَتْ الْقَاضِيَهْ" الْقَاطِعَة لِحَيَاتِي بِأَنْ لَا أُبْعَث
{29} هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ
"هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ" قُوَّتِي وَحُجَّتِي وَهَاء كِتَابِيَهْ وَحِسَابِيَهْ وَمَالِيَهْ وَسُلْطَانِيَهْ لِلسَّكْتِ تَثْبُت وَقْفًا وَوَصْلًا اتِّبَاعًا لِلْمُصْحَفِ الْإِمَام وَالنَّقْل وَمِنْهُمْ مَنْ حَذَفَهَا وَصْلًا
{30} خُذُوهُ فَغُلُّوهُ
"خُذُوهُ" خِطَاب لِخَزَنَةِ جَهَنَّم "فَغُلُّوهُ" اجْمَعُوا يَدَيْهِ إلَى عُنُقه فِي الْغُلّ
{31} ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ
"ثُمَّ الْجَحِيم" النَّار الْمُحْرِقَة "صَلُّوهُ" أَدْخِلُوهُ
{32} ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ
"ثُمَّ فِي سَلْسَلَة ذَرْعهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا" بِذِرَاعِ الْمَلَك "فَاسْلُكُوهُ" أَدْخِلُوهُ فِيهَا بَعْد إدْخَاله النَّار وَلَمْ تَمْنَع الْفَاء مِنْ تَعَلُّق الْفِعْل بِالظَّرْفِ الْمُتَقَدِّم

محمد رافع 52 26-08-2010 02:25 PM

الحاقة
{35} فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ
"فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْم هَاهُنَا حَمِيم" قَرِيب يَنْتَفِع بِهِ
{36} وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ
"وَلَا طَعَام إلَّا مِنْ غِسْلِين" صَدِيد أَهْل النَّار أَوْ شَجَر فِيهَا
{37} لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ
"لَا يَأْكُلهُ إلَّا الْخَاطِئُونَ" الْكَافِرُونَ
{38} فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ
"فَلَا" زَائِدَة "أُقْسِم بِمَا تُبْصِرُونَ" مِنْ الْمَخْلُوقَات
{39} وَمَا لَا تُبْصِرُونَ
"وَمَا لَا تُبْصِرُونَ" مِنْهَا أَيْ بِكُلِّ مَخْلُوق
{40} إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ
"إنَّهُ" أَيْ الْقُرْآن "لَقَوْل رَسُول كَرِيم" أَيْ قَالَهُ رِسَالَة عَنْ اللَّه تَعَالَى
{42} وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ
"وَلَا بِقَوْلِ كَاهِن قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ" بِالتَّاءِ وَالْيَاء فِي الْفِعْلَيْنِ وَمَا مَزِيدَة مُؤَكَّدَة وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ آمَنُوا بِأَشْيَاء يَسِيرَة وَتَذْكُرُوهَا مِمَّا أَتَى بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْخَيْر وَالصِّلَة وَالْعَفَاف فَلَمْ تُغْنِ عَنْهُمْ شَيْئًا
{43} تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ
بَلْ هُوَ "تَنْزِيل مِنْ رَبّ الْعَالَمِينَ"
{44} وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ
"وَلَوْ تَقَوَّلَ" أَيْ النَّبِيّ "عَلَيْنَا بَعْض الْأَقَاوِيل" بِأَنْ قَالَ عَنَّا مَا لَمْ نَقُلْهُ
{45} لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ
"لَأَخَذْنَا" لِنَلِنَا "مِنْهُ" عِقَابًا "بِالْيَمِينِ" بِالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَة
{46} ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ
"ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِين" نِيَاط الْقَلْب وَهُوَ عِرْق مُتَّصِل بِهِ إذَا انْقَطَعَ مَاتَ صَاحِبه
{47} فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ
"فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد" هُوَ اسْم مَا ومِنْ زَائِدَة لِتَأْكِيدِ النَّفْي ومِنْكُمْ حَال مِنْ أَحَد "عَنْهُ حَاجِزِينَ" مَانِعِينَ خَبَر مَا وَجُمِعَ لِأَنَّ أَحَدًا فِي سِيَاق النَّفْي بِمَعْنَى الْجَمْع وَضَمِير عَنْهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ لَا مَانِع لَنَا عَنْهُ مِنْ حَيْثُ الْعِقَاب
{48} وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ
"وَإِنَّهُ" أَيْ الْقُرْآن
{49} وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ
"وَإِنَّا لَنَعْلَم أَنَّ مِنْكُمْ" أَيّهَا النَّاس "مُكَذِّبِينَ" بِالْقُرْآنِ وَمُصَدِّقِينَ
{50} وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ
"وَإِنَّهُ" أَيْ الْقُرْآن "لَحَسْرَة عَلَى الْكَافِرِينَ" إذَا رَأَوْا ثَوَاب الْمُصَدِّقِينَ وَعِقَاب الْمُكَذِّبِينَ بِهِ
{51} وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ
"وَإِنَّهُ" أَيْ الْقُرْآن "لَحَقّ الْيَقِين" أَيْ الْيَقِين الْحَقّ
{52} فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ
"فَسَبِّحْ" نَزِّهْ "بِاسْمِ" الْبَاء زَائِدَة "رَبّك الْعَظِيم" سُبْحَانه

عاشقة الموج 28-08-2010 08:11 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايه كمال (المشاركة 2533500)



مشكور مرورك الكريم مس أية
و بارك الله فيك

عاشقة الموج 28-08-2010 08:15 AM

34- تفسيرسورة سبأ عدد آياتها 54


وهي مكية


{ 1 - 2 }

{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ * يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ }

الحمد: الثناء بالصفات الحميدة, والأفعال الحسنة, فللّه تعالى الحمد, لأن جميع صفاته, يحمد عليها, لكونها صفات كمال, وأفعاله, يحمد عليها, لأنها دائرة بين الفضل الذي يحمد عليه ويشكر, والعدل الذي يحمد عليه ويعترف بحكمته فيه.
وحمد نفسه هنا, على أن { لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ } ملكا وعبيدا, يتصرف فيهم بحمده. { وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ } لأن في الآخرة, يظهر من حمده, والثناء عليه, ما لا يكون في الدنيا، فإذا قضى اللّه تعالى بين الخلائق كلهم, ورأى الناس والخلق كلهم, ما حكم به, وكمال عدله وقسطه, وحكمته فيه, حمدوه كلهم على ذلك، حتى أهل العقاب ما دخلوا النار, إلا وقلوبهم ممتلئة من حمده, وأن هذا من جراء أعمالهم, وأنه عادل في حكمه بعقابهم.
وأما ظهور حمده في دار النعيم والثواب, فذلك شيء قد تواردت به الأخبار, وتوافق عليه الدليل السمعي والعقلي، فإنهم في الجنة, يرون من توالي نعم اللّه, وإدرار خيره, وكثرة بركاته, وسعة عطاياه, التي لم يبق في قلوب أهل الجنة أمنية, ولا إرادة, إلا وقد أعطي فوق ما تمنى وأراد، بل يعطون من الخير ما لم تتعلق به أمانيهم, ولم يخطر بقلوبهم.
فما ظنك بحمدهم لربهم في هذه الحال, مع أن في الجنة تضمحل العوارض والقواطع, التي تقطع عن معرفة اللّه ومحبته والثناء عليه, ويكون ذلك أحب إلى أهلها من كل نعيم, وألذ عليهم من كل لذة، ولهذا إذا رأوا اللّه تعالى, وسمعوا كلامه عند خطابه لهم, أذهلهم ذلك عن كل نعيم, ويكون الذكر لهم في الجنة, كالنَّفس, متواصلا في جميع الأوقات، هذا إذا أضفت ذلك إلى أنه يظهر لأهل الجنة في الجنة كل وقت من عظمة ربهم, وجلاله, وجماله, وسعة كماله, ما يوجب لهم كمال الحمد, والثناء عليه.
{ وَهُوَ الْحَكِيمُ } في ملكه وتدبيره, الحكيم في أمره ونهيه. { الْخَبِيرُ } المطلع على سرائر الأمور وخفاياها ولهذا فصل علمه بقوله: { يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ } أي: من مطر, وبذر, وحيوان { وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا } من أنواع النباتات, وأصناف الحيوانات { وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ } من الأملاك والأرزاق والأقدار { وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا } من الملائكة والأرواح وغير ذلك.
ولما ذكر مخلوقاته وحكمته فيها, وعلمه بأحوالها, ذكر مغفرته ورحمته لها, فقال:
{ وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ } أي: الذي الرحمة والمغفرة وصفه, ولم تزل آثارهما تنزل على عباده كل وقت بحسب ما قاموا به من مقتضياتهما.

{ 3 - 5 }

{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ * لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ }

لما بين تعالى, عظمته, بما وصف به نفسه, وكان هذا موجبا لتعظيمه وتقديسه, والإيمان به, ذكر أن من أصناف الناس, طائفة لم تقدر ربها حق قدره, ولم تعظمه حق عظمته, بل كفروا به, وأنكروا قدرته على إعادة الأموات, وقيام الساعة, وعارضوا بذلك رسله فقال: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا } أي باللّه وبرسله, وبما جاءوا به، فقالوا بسبب كفرهم: { لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ } أي: ما هي, إلا هذه الحياة الدنيا, نموت ونحيا. فأمر اللّه رسوله أن يرد قولهم ويبطله, ويقسم على البعث, وأنه سيأتيهم، واستدل على ذلك بدليل من أقرَّ به, لزمه أن يصدق بالبعث ضرورة, وهو علمه تعالى الواسع العام فقال: { عَالِمِ الْغَيْبِ } أي: الأمور الغائبة عن أبصارنا, وعن علمنا, فكيف بالشهادة؟".
ثم أكد علمه فقال: { لَا يَعْزُبُ } أي: لا يغيب عن علمه

{ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ } أي: جميع الأشياء بذواتها وأجزائها, حتى أصغر ما يكون من الأجزاء, وهو المثاقيل منها.
{ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } أي: قد أحاط به علمه, وجرى به قلمه, وتضمنه الكتاب المبين, الذي هو اللوح المحفوظ، فالذي لا يخفى عن علمه مثقال الذرة فما دونه, في جميع الأوقات, ويعلم ما تنقص الأرض من الأموات, وما يبقى من أجسادهم, قادر على بعثهم من باب أولى, وليس بعثهم بأعجب من هذا العلم المحيط.
ثم ذكر المقصود من البعث فقال: { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا } بقلوبهم, صدقوا اللّه, وصدقوا رسله تصديقا جازما، { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } تصديقا لإيمانهم.

{ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ } لذنوبهم, بسبب إيمانهم وعملهم, يندفع بها كل شر وعقاب. { وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } بإحسانهم, يحصل لهم به كل مطلوب ومرغوب, وأمنية.
{ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ } أي: سعوا فيها كفرا بها, وتعجيزا لمن جاء بها, وتعجيزا لمن أنزلها, كما عجزوه في الإعادة بعد الموت.

{ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ } أي: مؤلم لأبدانهم وقلوبهم.


{ 6 }

{ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ }


لما ذكر تعالى إنكار من أنكر البعث, وأنهم يرون ما أنزل على رسوله ليس بحق، ذكر حالة الموفقين من العباد, وهم أهل العلم, وأنهم يرون ما أنزل اللّه على رسوله من الكتاب, وما اشتمل عليه من الأخبار, هو الحق, أي: الحق منحصر فيه, وما خالفه وناقضه, فإنه باطل, لأنهم وصلوا من العلم إلى درجة اليقين.
ويرون أيضا أنه في أوامره ونواهيه { يَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } وذلك أنهم جزموا بصدق ما أخبر به من وجوه كثيرة: من جهة علمهم بصدق من أخبر به، ومن جهة موافقته للأمور الواقعة, والكتب السابقة، ومن جهة ما يشاهدون من أخبارها, التي تقع عيانا، ومن جهة ما يشاهدون من الآيات العظيمة الدالة عليها في الآفاق وفي أنفسهم ومن جهة موافقتها, لما دلت عليه أسماؤه تعالى وأوصافه.
ويرون في الأوامر والنواهي, أنها تهدي إلى الصراط المستقيم, المتضمن للأمر بكل صفة تزكي النفس، وتنمي الأجر، وتفيد العامل وغيره، كالصدق والإخلاص وبر الوالدين, وصلة الأرحام, والإحسان إلى عموم الخلق, ونحو ذلك. وتنهى عن كل صفة قبيحة, تدنس النفس, وتحبط الأجر, وتوجب الإثم والوزر, من الشرك, والزنا, والربا, والظلم في الدماء والأموال, والأعراض.
وهذه منقبة لأهل العلم وفضيلة, وعلامة لهم, وأنه كلما كان العبد أعظم علما وتصديقا بأخبار ما جاء به الرسول, وأعظم معرفة بحكم أوامره ونواهيه, كان من أهل العلم الذين جعلهم اللّه حجة على ما جاء به الرسول, احتج اللّه بهم على المكذبين المعاندين, كما في هذه الآية وغيرها.








نور الندى 28-08-2010 03:44 PM

جهد واضح أختى الفاضلةجعله الله فى ميزان حسناتك
هل هذا التفسير من موقع الملك فهد أم اسباب النزول فقط؟
دمت بخير

assemgamal 28-08-2010 04:30 PM

تفسير القران الكريم بالمواس

http://quran.muslim-web.com/sura.htm?aya=002&


لاتبخلوا في نشره

نور الندى 28-08-2010 11:20 PM

رابط رائع شكرا لك

ديناعبدالله 31-08-2010 05:12 PM

جزاكى الله كل خير

shawky gafar 31-08-2010 06:13 PM

جزاكم الله خيراً
 
جزاكم الله خيراً

محمدمحمد7 02-09-2010 04:12 PM

جزاكم الله خيرا

محمد رافع 52 03-09-2010 03:14 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدمحمد7 (المشاركة 2612270)
جزاكم الله خيرا

واياكم اخى الكريم بارك الله فيك

محمد رافع 52 03-09-2010 03:18 PM

تفسير سورة القلم
{1} ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ
سُورَة الْقَلَم [ مَكِّيَّة وَآيَاتهَا اثْنَتَانِ وَخَمْسُونَ آيَة ]
"ن" أَحَد حُرُوف الْهِجَاء اللَّه أَعْلَم بِمُرَادِهِ بِهِ "وَالْقَلَم" الَّذِي كَتَبَ بِهِ الْكَائِنَات فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ "وَمَا يَسْطُرُونَ" أَيْ الْمَلَائِكَة مِنْ الْخَيْر وَالصَّلَاح
{2} مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ
"مَا أَنْتَ" يَا مُحَمَّد "بِنِعْمَةِ رَبّك بِمَجْنُونٍ" أَيْ انْتَفَى الْجُنُون عَنْك بِسَبَبِ إنْعَام رَبّك عَلَيْك بِالنُّبُوَّةِ وَغَيْرهَا وَهَذَا رَدّ لِقَوْلِهِمْ إنَّهُ مَجْنُون
{3} وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ
"وَإِنَّ لَك لَأَجْرًا غَيْر مَمْنُون" أَيْ أَجْرًا غَيْر مَقْطُوع
{4} وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ
"خُلُق" دِين
{6} بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ
"بِأَيِيِّكُمْ الْمَفْتُون" مَصْدَر كَالْمَعْقُولِ أَيْ الْفُتُون بِمَعْنَى الْجُنُون أَيْ أَبِك أَمْ بِهِمْ
{7} إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
"إنَّ رَبّك أَعْلَم بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيله وَهُوَ أَعْلَم بِالْمُهْتَدِينَ" لَهُ وَأَعْلَم بِمَعْنَى عَالِم
{9} وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ
"وَدُّوا" تَمَنَّوْا "لَوْ" مَصْدَرِيَّة "تُدْهِن" تَلِينَ لَهُمْ "فَيُدْهِنُونَ" يَلِينُونَ لَك وَهُوَ مَعْطُوف عَلَى تُدْهِن وَإِنْ جَعَلَ جَوَاب التَّمَنِّي الْمَفْهُوم مِنْ وَدُّوا قَدْر قَبْله بَعْد الْفَاء هُمْ
{10} وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ
"وَلَا تُطِعْ كُلّ حَلَّاف" كَثِير الْحَلِف بِالْبَاطِلِ "مَهِين" حَقِير
{11} هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ
"هَمَّاز" عَيَّاب أَيْ مُغْتَاب "مَشَّاء بِنَمِيمٍ" أَيْ سَاعٍ بِالْكَلَامِ بَيْن النَّاس عَلَى وَجْه الْإِفْسَاد بَيْنهمْ
{12} مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ
"مَنَّاع لِلْخَيْرِ" بَخِيل بِالْمَالِ عَنْ الْحُقُوق "مُعْتَدٍ" ظَالِم "أَثِيم" آثِم
{13} عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ
"عُتُلّ" غَلِيظ جَافٍ "بَعْد ذَلِكَ زَنِيم" دُعِيَ فِي قُرَيْش وَهُوَ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة ادَّعَاهُ أَبُوهُ بَعْد ثَمَانِي عَشْرَة سَنَة قَالَ ابْن عَبَّاس : لَا نَعْلَم أَنَّ اللَّه وَصَفَ أَحَدًا بِمَا وَصَفَهُ بِهِ مِنْ الْعُيُوب فَأَلْحَقَ بِهِ عَارًا لَا يُفَارِقهُ أَبَدًا وَتَعَلَّقَ بِزَنِيمٍ الظَّرْف قَبْله
{14} أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ
"أَنْ كَانَ ذَا مَال وَبَنِينَ" أَيْ لِأَنَّ وَهُوَ مُتَعَلِّق بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ
{15} إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ
"إذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتنَا" الْقُرْآن "قَالَ" هِيَ "أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ" أَيْ كَذَّبَ بِهَا لِإِنْعَامِنَا عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ وَفِي قِرَاءَة أَأَنْ بِهَمْزَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ

محمد رافع 52 03-09-2010 03:23 PM


القلم

{16} سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ
"سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُوم" سَنَجْعَلُ عَلَى أَنْفه عَلَامَة يُعَيَّر بِهَا مَا عَاشَ فَخُطِمَ أَنْفه بِالسَّيْفِ يَوْم بَدْر
{17} إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ
"إنَّا بَلَوْنَاهُمْ" امْتَحَنَّا أَهْل مَكَّة بِالْقَحْطِ وَالْجُوع "كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَاب الْجَنَّة" أَيْ أَصْحَاب الْبُسْتَان "إذْ أَقَسَمُوا لِيَصْرِمُنَّهَا" يَقْطَعُونَ ثَمَرَتهَا "مُصْبِحِينَ" وَقْت الصَّبَاح كَيْ لَا يَشْعُر بِهِمْ الْمَسَاكِين فَلَا يُعْطُونَهُمْ مِنْهَا مَا كَانَ أَبُوهُمْ يَتَصَدَّق بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْهَا
{18} وَلَا يَسْتَثْنُونَ
"وَلَا يَسْتَثْنُونَ" فِي يَمِينهمْ بِمَشِيئَةِ اللَّه تَعَالَى وَالْجُمْلَة مُسْتَأْنَفَة أَيْ وَشَأْنهمْ ذَلِكَ
{19} فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ
"فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِف مِنْ رَبّك" نَار أَحْرَقَتْهَا لَيْلًا
{20} فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ
"فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ" كَاللَّيْلِ الشَّدِيد الظُّلْمَة أَيْ سَوْدَاء
{22} أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ
"أَنْ اُغْدُوَا عَلَى حَرْثكُمْ" غَلَّتْكُمْ تَفْسِير لِتَنَادَوْا أَوْ أَنْ مَصْدَرِيَّة أَيْ بِأَنْ "إنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ" مُرِيدِينَ الْقَطْع وَجَوَاب الشَّرْط دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْله
{23} فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ
"فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ" يَتَسَارُّونَ
{24} أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ
"أَنْ لَا يَدْخُلَنهَا الْيَوْم عَلَيْكُمْ مِسْكِين" تَفْسِير لِمَا قَبْله أَوْ أَنْ مَصْدَرِيَّة أَيْ بِأَنْ
{25} وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ
"وَغَدَوْا عَلَى حَرْد" مَنْع لِلْفُقَرَاءِ "قَادِرِينَ" عَلَيْهِ فِي ظَنّهمْ
{26} فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ
"فَلَمَّا رَأَوْهَا" سَوْدَاء مُحْتَرِقَة "قَالُوا إنَّا لَضَالُّونَ" عَنْهَا أَيْ لَيْسَتْ هَذِهِ ثُمَّ قَالُوا لَمَّا عَلِمُوهَا
{27} بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ
"بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ" ثَمَرَتهَا بِمَنْعِنَا الْفُقَرَاء مِنْهَا
{28} قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ
"قَالَ أَوْسَطهمْ" خَيْرهمْ "أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا" هَلَّا "تُسَبِّحُونَ" اللَّه تَائِبِينَ
{29} قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ
"قَالُوا سُبْحَان رَبّنَا إنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ" بِمَنْعِ الْفُقَرَاء حَقّهمْ
{31} قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ
"قَالُوا يَا" لِلتَّنْبِيهِ "وَيْلنَا" هَلَاكنَا
{32} عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ
"يُبْدِلنَا" بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف "خَيْرًا مِنْهَا إنَّا إلَى رَبّنَا رَاغِبُونَ" لِيَقْبَل تَوْبَتنَا وَيَرُدّ عَلَيْنَا خَيْرًا مِنْ جَنَّتنَا رُوِيَ أَنَّهُمْ أُبْدِلُوا خَيْرًا مِنْهَا
{33} كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ
"كَذَلِكَ" أَيْ مِثْل الْعَذَاب لِهَؤُلَاءِ "الْعَذَاب" لِمَنْ خَالَفَ أَمْرنَا مِنْ كُفَّار مَكَّة وَغَيْرهمْ "وَلَعَذَاب الْآخِرَة أَكْبَر لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" عَذَابهَا مَا خَالَفُوا أَمْرنَا وَنَزَلَ لَمَّا قَالُوا إنْ بَعَثَنَا نُعْطَى أَفَضْل مِنْكُمْ
{35} أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ
"أَفَنَجْعَل الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ" أَيْ تَابِعِينَ لَهُمْ فِي الْعَطَاء
{36} مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ
"مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ" هَذَا الْحُكْم الْفَاسِد
{37} أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ
"أَمْ " أَيْ بَلْ أَ "لَكُمْ كِتَاب" مُنَزَّل "فِيهِ تَدْرُسُونَ" أَيْ تَقْرَءُونَ
{38} إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ
"إنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ" تَخْتَارُونَ
{39} أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ
"أَمْ لَكُمْ أَيْمَان" عُهُود "عَلَيْنَا بَالِغَة" وَاثِقَة "إلَى يَوْم الْقِيَامَة" مُتَعَلِّق مَعْنَى بِعَلَيْنَا وَفِي هَذَا الْكَلَام مَعْنَى الْقَسَم أَيْ أَقْسَمْنَا لَكُمْ وَجَوَابه "إنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ" بِهِ لِأَنْفُسِكُمْ
{40} سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ
"سَلْهُمْ أَيّهمْ بِذَلِكَ" الْحُكْم الَّذِي يَحْكُمُونَ بِهِ لِأَنْفُسِهِمْ مِنْ أَنَّهُمْ يُعْطُونَ فِي الْآخِرَة أَفَضْل مِنْ الْمُؤْمِنِينَ "زَعِيم" كَفِيل لَهُمْ
{41} أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ
"أَمْ لَهُمْ" أَيْ عِنْدهمْ "شُرَكَاء" مُوَافِقُونَ لَهُمْ فِي هَذَا الْقَوْل يَكْفُلُونَ بِهِ لَهُمْ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ "فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ" الْكَافِلِينَ لَهُمْ بِهِ
{42} يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ
"يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق" هُوَ عِبَارَة عَنْ شِدَّة الْأَمْر يَوْم الْقِيَامَة لِلْحِسَابِ وَالْجَزَاء يُقَال : كَشَفَتْ الْحَرْب عَنْ سَاق : إذَا اشْتَدَّ الْأَمْر فِيهَا "وَيُدْعَوْنَ إلَى السُّجُود" امْتِحَانًا لِإِيمَانِهِمْ "فَلَا يَسْتَطِيعُونَ" تَصِير ظُهُورهمْ طَبَقًا وَاحِدًا


محمد رافع 52 03-09-2010 03:25 PM

القلم

{43} خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ
"خَاشِعَة" حَال مِنْ ضَمِير يَدْعُونَ أَيْ ذَلِيلَة "أَبْصَارهمْ" لَا يَرْفَعُونَهَا "تَرْهَقهُمْ" تَغْشَاهُمْ "ذِلَّة وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ" فِي الدُّنْيَا "إلَى السُّجُود وَهُمْ سَالِمُونَ" فَلَا يَأْتُونَ بِهِ بِأَنْ لَا يُصَلُّوا
{44} فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ
"فَذَرْنِي" دَعْنِي "وَمَنْ يُكَذِّب بِهَذَا الْحَدِيث" الْقُرْآن "سَنَسْتَدْرِجُهُمْ" نَأْخُذهُمْ قَلِيلًا قَلِيلًا
{45} وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ
"وَأُمْلِي لَهُمْ" أَمْهِلْهُمْ "إنَّ كَيْدِي مَتِين" شَدِيد لَا يُطَاق
{46} أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ
"أَمْ" بَلْ أَ "تَسْأَلُهُمْ" عَلَى تَبْلِيغ الرِّسَالَة "أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَم" مِمَّا يُعْطُونَكَهُ "مُثْقَلُونَ" فَلَا يُؤْمِنُونَ لِذَلِكَ
{47} أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ
"أَمْ عِنْدهمْ الْغَيْب" أَيْ اللَّوْح الْمَحْفُوظ الَّذِي فِيهِ الْغَيْب "فَهُمْ يَكْتُبُونَ" مِنْهُ مَا يَقُولُونَ
{48} فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ
"فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّك" فِيهِمْ بِمَا يَشَاء "وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوت" فِي الضَّجَر وَالْعَجَلَة وَهُوَ يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام "إذْ نَادَى" دَعَا رَبّه "وَهُوَ مَكْظُوم" مَمْلُوء غَمًّا فِي بَطْن الْحُوت
{49} لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ
"لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ" لَوْلَا أَنْ أَدْرَكَهُ "نِعْمَة" رَحْمَة "مِنْ رَبّه لَنُبِذَ" مِنْ بَطْن الْحُوت "بِالْعَرَاءِ" بِالْأَرْضِ الْفَضَاء "وَهُوَ مَذْمُوم" لَكِنَّهُ رُحِمَ فَنُبِذَ غَيْر مَذْمُوم
{50} فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ
"فَاجْتَبَاهُ رَبّه" بِالنُّبُوَّةِ "فَجَعَلَهُ مِنْ الصَّالِحِينَ" أَيْ مِنْ الْأَنْبِيَاء
{51} وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ
"وَإِنْ يَكَاد الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ" بِضَمِّ الْيَاء وَفَتْحهَا "بِأَبْصَارِهِمْ" يَنْظُرُونَ إلَيْك نَظَرًا شَدِيدًا يَكَاد أَنْ يَصْرَعك وَيُسْقِطك مِنْ مَكَانك "لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْر" الْقُرْآن "وَيَقُولُونَ" حَسَدًا "إنَّهُ لَمَجْنُون" بِسَبَبِ الْقُرْآن الَّذِي جَاءَ بِهِ
{52} وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ
"وَمَا هُوَ" أَيْ الْقُرْآن "إلَّا ذِكْر" مَوْعِظَة "لِلْعَالَمِينَ" الْجِنّ وَالْإِنْس لَا يَحْدُث بِسَبَبِ جُنُون

mahmoud khlil 05-09-2010 08:14 PM

جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

محمد رافع 52 06-09-2010 10:07 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mahmoud khlil (المشاركة 2624568)
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

اكرمك الله ورضى عنك وغفر لك

محمد رافع 52 11-09-2010 02:16 AM

تفسير سورة الملك

{1} تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
سُورَة الْمُلْك [ مَكِّيَّة وَآيَاتهَا ثَلَاثُونَ آيَة ]
"تَبَارَكَ" تَنَزَّهَ عَنْ صِفَات الْمُحَدِّثِينَ "الَّذِي بِيَدِهِ" فِي تَصَرُّفه "الْمُلْك" السُّلْطَان وَالْقُدْرَة
{2} الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ
"الَّذِي خَلَقَ الْمَوْت" فِي الدُّنْيَا "وَالْحَيَاة" فِي الْآخِرَة أَوْ هُمَا فِي الدُّنْيَا فَالنُّطْفَة تَعْرِض لَهَا الْحَيَاة وَهِيَ مَا بِهِ الْإِحْسَاس وَالْمَوْت ضِدّهَا أَوْ عَدَمهَا قَوْلَانِ وَالْخَلْق عَلَى الثَّانِي بِمَعْنَى التَّقْدِير "لِيَبْلُوكُمْ" لِيَخْتَبِركُمْ فِي الْحَيَاة "أَيّكُمْ أَحْسَن عَمَلًا" أَطْوَع لِلَّهِ "وَهُوَ الْعَزِيز" فِي انْتِقَامه مِمَّنْ عَصَاهُ "الْغَفُور" لِمَنْ تَابَ إلَيْهِ
{3} الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ
"الَّذِي خَلَقَ سَبْع سَمَاوَات طِبَاقًا" بَعْضهَا فَوْق بَعْض مِنْ غَيْر مُمَاسَّة "مَا تَرَى فِي خَلْق الرَّحْمَانِ" لَهُنَّ أَوْ لِغَيْرِهِنَّ "مِنْ تَفَاوُت" تَبَايُن وَعَدَم تَنَاسُب "فَارْجِعْ الْبَصَر" أَعِدْهُ إلَى السَّمَاء "هَلْ تَرَى" فِيهَا "مِنْ فُطُور" صُدُوع وَشُقُوق
{4} ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ
"ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَر كَرَّتَيْنِ" كَرَّة بَعْد كَرَّة "يَنْقَلِب" يَرْجِع "إلَيْك الْبَصَر خَاسِئًا" ذَلِيلًا لِعَدَمِ إدْرَاك خَلَل "وَهُوَ حَسِير" مُنْقَطِع عَنْ رُؤْيَة خَلَل
{5} وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ
"وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا" الْقُرْبَى إلَى الْأَرْض "بِمَصَابِيح" بِنُجُومٍ "وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا" مَرَاجِم "لِلشَّيَاطِينِ" إذَا اسْتَرِقُوا السَّمْع بِأَنْ يَنْفَصِل شِهَاب عَنْ الْكَوْكَب كَالْقَبَسِ يُؤْخَذ مِنْ النَّار فَيَقْتُل الْجِنِّيّ أَوْ يَخْبِلهُ لَا أَنَّ الْكَوْكَب يَزُول عَنْ مَكَانه "وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاب السَّعِير" النَّار الْمُوقِدَة
{6} وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ
"وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَاب جَهَنَّم وَبِئْسَ الْمَصِير" هِيَ
{7} إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ
"إذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا" صَوْتًا مُنْكَرًا كَصَوْتِ الْحِمَار "وَهِيَ تَفُور" تَغْلِي
{8} تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ
"تَكَاد تَمَيَّز" وَقُرِئَ تَتَمَيَّز عَلَى الْأَصْل تَتَقَطَّع "مِنْ الْغَيْظ" غَضَبًا عَلَى الْكَافِر "كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْج" جَمَاعَة مِنْهُمْ "سَأَلَهُمْ خَزَنَتهَا" سُؤَال تَوْبِيخ "أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِير" رَسُول يُنْذِركُمْ عَذَاب اللَّه تَعَالَى
{9} قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ
"قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِير فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّه مِنْ شَيْء إنْ" مَا "أَنْتُمْ إلَّا فِي ضَلَال كَبِير" يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مِنْ كَلَام الْمَلَائِكَة لِلْكُفَّارِ حِين أُخْبِرُوا بِالتَّكْذِيبِ وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مِنْ كَلَام الْكُفَّار لِلنَّذْرِ
{10} وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ
"وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَع" أَيْ سَمَاع تَفَهُّم "أَوْ نَعْقِل" أَيْ عَقْل تَفَكُّر
{11} فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ
"فَاعْتَرَفُوا" حَيْثُ لَا يَنْفَع الِاعْتِرَاف "بِذَنْبِهِمْ" وَهُوَ تَكْذِيب النَّذْر "فَسُحْقًا" بِسُكُونِ الْحَاء وَضَمّهَا "لِأَصْحَابِ السَّعِير" فَبُعْدًا لَهُمْ عَنْ رَحْمَة اللَّه
{12} إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ
"إنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبّهمْ" يَخَافُونَهُ "بِالْغَيْبِ" فِي غَيْبَتهمْ عَنْ أَعْيُن النَّاس فَيُطِيعُونَهُ سِرًّا فَيَكُون عَلَانِيَة أَوْلَى "لَهُمْ مَغْفِرَة وَأَجْر كَبِير" أَيْ الْجَنَّة

محمد رافع 52 11-09-2010 02:21 AM

الملك

{13} وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
"وَأَسِرُّوا" أَيّهَا النَّاس "قَوْلكُمْ أَوْ اجْهَرُوا بِهِ إنَّهُ" تَعَالَى "عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُور" بِمَا فِيهَا فَكَيْفَ بِمَا نَطَقْتُمْ بِهِ وَسَبَب نُزُول ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : أَسِرُّوا قَوْلكُمْ لَا يَسْمَعكُمْ إلَه مُحَمَّد
{14} أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ
"أَلَا يَعْلَم مَنْ خَلَقَ" مَا تُسِرُّونَ أَيْ أَيَنْتَفِي عِلْمه بِذَلِكَ "وَهُوَ اللَّطِيف" فِي عِلْمه "الْخَبِير" فِيهِ
{15} هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْض ذَلُولًا" سَهْلَة لِلْمَشْيِ فِيهَا "فَامْشُوا فِي مَنَاكِبهَا" جَوَانِبهَا "وَكُلُوا مِنْ رِزْقه" الْمَخْلُوق لِأَجَلِكُمْ "وَإِلَيْهِ النُّشُور" مِنْ الْقُبُور لِلْجَزَاءِ
{16} أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ
"أَأَمِنْتُمْ" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة وَإِدْخَال أَلِف بَيْنهمَا وَبَيْن الْأُخْرَى وَتَرْكه وَإِبْدَالهَا أَلِفًا "مِنْ فِي السَّمَاء" سُلْطَانه وَقُدْرَته "أَنْ يَخْسِف" بَدَل مِنْ مَنْ "بِكُمْ الْأَرْض فَإِذَا هِيَ تَمُور" تَتَحَرَّك بِكُمْ وَتَرْتَفِع فَوْقكُمْ
{17} أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ
"أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء أَنْ يُرْسِل" بَدَل مِنْ مَنْ "عَلَيْكُمْ حَاصِبًا" رِيحًا تَرْمِيكُمْ بِالْحَصْبَاءِ "فَسَتَعْلَمُونَ" عِنْد مُعَايَنَة الْعَذَاب "كَيْفَ نَذِير" إنْذَارِي بِالْعَذَابِ أَيْ أَنَّهُ حَقّ
{18} وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
"وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ" مِنْ الْأُمَم "فَكَيْفَ كَانَ نَكِير" فَكَيْفَ كَانَ إنْكَارِي عَلَيْهِمْ بِالتَّكْذِيبِ عِنْد إهْلَاكهمْ أَيْ أَنَّهُ حَقّ
{19} أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ
"أَوَلَمْ يَرَوْا" يَنْظُرُوا "إلَى الطَّيْر فَوْقهمْ" فِي الْهَوَاء "صَافَّات" بَاسِطَات أَجْنِحَتهنَّ "وَيَقْبِضْنَ" أَجْنِحَتهنَّ بَعْد الْبَسْط أَيْ وَقَابِضَات "مَا يُمْسِكهُنَّ" عَنْ الْوُقُوع فِي حَال الْبَسْط وَالْقَبْض "إلَّا الرَّحْمَانِ" بِقُدْرَتِهِ "إنَّهُ بِكُلِّ شَيْء بَصِير" الْمَعْنَى : أَلَمْ يَسْتَدِلُّوا بِثُبُوتِ الطَّيْر فِي الْهَوَاء عَلَى قُدْرَتنَا أَنْ نَفْعَل بِهِمْ مَا تَقَدَّمَ وَغَيْره مِنْ الْعَذَاب
{20} أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ
"أَمَّنْ" مُبْتَدَأ "هَذَا" خَبَره "الَّذِي" بَدَل مِنْ هَذَا "هُوَ جُنْد" أَعْوَان "لَكُمْ" صِلَة الَّذِي "يَنْصُركُمْ" صِفَة الْجُنْد "مِنْ دُون الرَّحْمَانِ" أَيْ غَيْره يَدْفَع عَنْكُمْ عَذَابه أَيْ لَا نَاصِر لَكُمْ "إنْ" مَا "الْكَافِرُونَ إلَّا فِي غُرُور" غَرَّهُمْ الشَّيْطَان بِأَنَّ الْعَذَاب لَا يَنْزِل بِهِمْ
{21} أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ
"أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقكُمْ إنْ أَمْسَكَ" الرَّحْمَن "رِزْقه" أَيْ الْمَطَر عَنْكُمْ وَجَوَاب الشَّرْط مَحْذُوف دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْله أَيْ فَمَنْ يَرْزُقكُمْ أَيْ لَا رَازِق لَكُمْ غَيْره "بَلْ لَجُّوا" تَمَادَوْا "فِي عُتُوّ" تَكَبُّر "وَنُفُور" تَبَاعُد فِي الْحَقّ
{22} أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
"أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا" وَاقِعًا "عَلَى وَجْهه أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا" مُعْتَدِلًا "عَلَى صِرَاط" طَرِيق "مُسْتَقِيم" وَخَبَر مِنْ الثَّانِيَة مَحْذُوف دَلَّ عَلَيْهِ خَبَر الْأُولَى أَيْ أَهْدَى وَالْمَثَل فِي الْمُؤْمِن وَالْكَافِر أَيّهمَا عَلَى هُدَى
{23} قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ
"قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ" خَلَقَكُمْ "وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْع وَالْأَبْصَار وَالْأَفْئِدَة" الْقُلُوب "قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ" مَا مَزِيدَة وَالْجُمْلَة مُسْتَأْنَفَة مُخْبِرَة بِقِلَّةِ شُكْرهمْ جِدًّا عَلَى هَذِهِ النِّعَم
{24} قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
"قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ" خَلَقَكُمْ "فِي الْأَرْض وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ" لِلْحِسَابِ
{25} وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
"وَيَقُولُونَ" لِلْمُؤْمِنِينَ "مَتَى هَذَا الْوَعْد" وَعْد الْحَشْر "إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" فِيهِ
{26} قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ
"قُلْ إنَّمَا الْعِلْم" بِمَجِيئِهِ "عِنْد اللَّه وَإِنَّمَا أَنَا نَذِير مُبِين" بَيِّن الْإِنْذَار

محمد رافع 52 11-09-2010 02:24 AM

الملك

{27} فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ
"فَلَمَّا رَأَوْهُ" أَيْ الْعَذَاب بَعْد الْحَشْر "زُلْفَة" قَرِيبًا "سِيئَتْ" اسْوَدَّتْ "وُجُوه الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ" أَيْ قَالَ الْخَزَنَة لَهُمْ "هَذَا" أَيْ الْعَذَاب "الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ" بِإِنْذَارِهِ "تَدَّعُونَ" أَنَّكُمْ لَا تُبْعَثُونَ وَهَذِهِ حِكَايَة حَال تَأْتِي عَبَّرَ عَنْهَا بِطَرِيقِ الْمُضِيّ لِتَحَقُّقِ وُقُوعهَا
{28} قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
"قُلْ أَرَأَيْتُمْ إنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّه وَمَنْ مَعِيَ" مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِعَذَابِهِ كَمَا تُقْصَدُونَ "أَوْ رَحِمَنَا" فَلَمْ يُعَذِّبنَا "فَمَنْ يُجِير الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَاب أَلِيم" أَيْ لَا مُجِير لَهُمْ مِنْهُ
{29} قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ
"قُلْ هُوَ الرَّحْمَانِ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ" بِالتَّاءِ وَالْيَاء عِنْد مُعَايَنَة الْعَذَاب "مَنْ هُوَ فِي ضَلَال مُبِين" بَيِّن أَنَحْنُ أَمْ أَنْتُمْ أَمْ هُمْ
{30} قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ
"قُلْ أَرَأَيْتُمْ إنْ أَصْبَح مَاؤُكُمْ غَوْرًا" غَائِرًا فِي الْأَرْض "فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِين" جَارٍ تَنَالهُ الْأَيْدِي وَالدِّلَاء كَمَائِكُمْ أَيْ لَا يَأْتِي بِهِ إلَّا اللَّه تَعَالَى فَكَيْفَ تُنْكِرُونَ أَنْ يَبْعَثكُمْ ؟ وَيُسْتَحَبّ أَنْ يَقُول الْقَارِئ عَقِب "مَعِين" : اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيث وَتُلِيَتْ هَذِهِ الْآيَة عِنْد بَعْض الْمُتَجَبِّرِينَ فَقَالَ : تَأْتِي بِهِ الْفُؤُوس وَالْمَعَاوِل فَذَهَبَ مَاء عَيْنه وَعَمِيَ نَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ الْجَرَاءَة عَلَى اللَّه وَعَلَى آيَاته

Observer 12-09-2010 01:27 AM

http://maystery.net/up/uploads/image...6f07493f90.gif

محمد رافع 52 12-09-2010 01:32 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohamad fawzy (المشاركة 2650964)

بارك الله فيك ورضى عنك

Observer 12-09-2010 01:33 AM


محمد رافع 52 12-09-2010 02:04 PM

تفسير سورة التحريم

{1} يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
سُورَة التَّحْرِيم [ مَدَنِيَّة وَآيَاتهَا اثْنَتَا عَشْرَة آيَة ]
"يَا أَيّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك" مِنْ أَمَتك مَارِيَة الْقِبْطِيَّة لَمَّا وَاقَعَهَا فِي بَيْت حَفْصَة وَكَانَتْ غَائِبَة فَجَاءَتْ وَشَقَّ عَلَيْهَا كَوْن ذَلِكَ فِي بَيْتهَا وَعَلَى فِرَاشهَا حَيْثُ قُلْت : هِيَ حَرَام عَلَيَّ "تَبْتَغِي" بِتَحْرِيمِهَا "مَرْضَاة أَزْوَاجك" أَيْ رِضَاهُنَّ "وَاَللَّه غَفُور رَحِيم" غَفَرَ لَك هَذَا التَّحْرِيم
{2} قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ
"قَدْ فَرَضَ اللَّه" شَرَعَ "لَكُمْ تَحِلَّة أَيْمَانكُمْ" تَحْلِيلهَا بِالْكَفَّارَةِ الْمَذْكُورَة فِي سُورَة "الْمَائِدَة" وَمِنْ الْأَيْمَان تَحْرِيم الْأَمَة وَهَلْ كَفَّرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ مُقَاتِل : أَعْتَقَ رَقَبَة فِي تَحْرِيم مَارِيَة وَقَالَ الْحَسَن : لَمْ يُكَفِّر لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَغْفُور لَهُ "وَاَللَّه مَوْلَاكُمْ" نَاصِركُمْ
{3} وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ
"وَ" اذْكُرْ "إذْ أَسَرَّ النَّبِيّ إلَى بَعْض أَزْوَاجه" هِيَ حَفْصَة "حَدِيثًا" هُوَ تَحْرِيم مَارِيَة وَقَالَ لَهَا لَا تُفْشِيه "فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ" عَائِشَة ظَنًّا مِنْهَا أَنْ لَا حَرَج فِي ذَلِكَ "وَأَظْهَرَهُ اللَّه" أَطْلَعَهُ "عَلَيْهِ" عَلَى الْمُنَبَّأ بِهِ "عَرَّفَ بَعْضه" لِحَفْصَةَ "وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْض" تَكَرُّمًا مِنْهُ "فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَك هَذَا قَالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيم الْخَبِير" أَيْ اللَّه
{4} إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ
"إنْ تَتُوبَا" أَيْ حَفْصَة وَعَائِشَة "إلَى اللَّه فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبكُمَا" مَالَتْ إلَى تَحْرِيم مَارِيَة أَيْ سَرَّكُمَا ذَلِكَ مَعَ كَرَاهَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ وَذَلِكَ ذَنْب وَجَوَاب الشَّرْط مَحْذُوف أَيْ تَقَبُّلًا وَأَطْلَقَ قُلُوب عَلَى قَلْبَيْنِ وَلَمْ يُعَبِّر بِهِ لِاسْتِثْقَالِ الْجَمْع بَيْن تَثْنِيَتَيْنِ فِيمَا هُوَ كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَة "وَإِنْ تَظَاهَرَا" بِإِدْغَامِ التَّاء الثَّانِيَة فِي الْأَصْل فِي الظَّاء وَفِي قِرَاءَة بِدُونِهَا تَتَعَاوَنَا "عَلَيْهِ" أَيْ النَّبِيّ فِيمَا يَكْرَههُ "فَإِنَّ اللَّه هُوَ" فَصْل "مَوْلَاهُ" نَاصِره "وَجِبْرِيل وَصَالِح الْمُؤْمِنِينَ" أَبُو بَكْر وَعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا مَعْطُوف عَلَى مَحَلّ اسْم إنْ فَيَكُونُونَ نَاصِرِيهِ "وَالْمَلَائِكَة بَعْد ذَلِكَ" بَعْد نَصْر اللَّه وَالْمَذْكُورِينَ "ظَهِير" ظُهَرَاء أَعْوَان لَهُ فِي نَصْره عَلَيْكُمَا
{5} عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا
"عَسَى رَبّه إنْ طَلَّقَكُنَّ" أَيْ طَلَّقَ النَّبِيّ أَزْوَاجه "أَنْ يُبَدِّلهُ" بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف "أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ" خَبَر عَسَى وَالْجُمْلَة جَوَاب الشَّرْط وَلَمْ يَقَع التَّبْدِيل لِعَدَمِ وُقُوع الشَّرْط "مُسْلِمَات" مُقِرَّات بِالْإِسْلَامِ "مُؤْمِنَات" مُخْلِصَات "قَانِتَات" مُطِيعَات "تَائِبَات عَابِدَات سَائِحَات" صَائِمَات أَوْ مُهَاجِرَات
{6} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسكُمْ وَأَهْلِيكُمْ" بِالْحَمْلِ عَلَى طَاعَة اللَّه "نَارًا وَقُودهَا النَّاس" الْكُفَّار "وَالْحِجَارَة" كَأَصْنَامِهِمْ مِنْهَا يَعْنِي أَنَّهَا مُفْرِطَة الْحَرَارَة تَتَّقِد بِمَا ذُكِرَ لَا كَنَارِ الدُّنْيَا تَتَّقِد بِالْحَطَبِ وَنَحْوه "عَلَيْهَا مَلَائِكَة" خَزَنَتهَا عُدَّتهمْ تِسْعَة عَشَر كَمَا سَيَأْتِي فِي "الْمُدَّثِّر" "غِلَاظ" مِنْ غِلَظ الْقَلْب "شِدَاد" فِي الْبَطْش "لَا يَعْصُونَ اللَّه مَا أَمَرَهُمْ" بَدَل مِنْ الْجَلَالَة أَيْ لَا يَعْصُونَ أَمْر اللَّه "وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" تَأْكِيد وَالْآيَة تَخْوِيف لِلْمُؤْمِنِينَ عَنْ الِارْتِدَاد وَلِلْمُنَافِقِينَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَلْسِنَتِهِمْ دُون قُلُوبهمْ
{7} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْم" يُقَال لَهُمْ ذَلِكَ عِنْد دُخُولهمْ النَّار أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَعكُمْ "إنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" أَيْ جَزَاءَهُ

محمد رافع 52 12-09-2010 02:07 PM

التحريم

{8} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلَى اللَّه تَوْبَة نَصُوحًا" بِفَتْحِ النُّون وَضَمّهَا : صَادِقَة بِأَنْ لَا يُعَاد إلَى الذَّنْب وَلَا يُرَاد الْعَوْد إلَيْهِ "عَسَى رَبّكُمْ" تَرْجِيَة تَقَع "أَنْ يُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ وَيُدْخِلكُمْ جَنَّات" بَسَاتِين "تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار يَوْم لَا يُخْزِي اللَّه" بِإِدْخَالِ النَّار "النَّبِيّ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورهمْ يَسْعَى بَيْن أَيْدِيهمْ" أَمَامهمْ "وَ" يَكُون "بِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ" مُسْتَأْنَف "رَبّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورنَا" إلَى الْجَنَّة وَالْمُنَافِقُونَ يُطْفَأ نُورهمْ "وَاغْفِرْ لَنَا" رَبّنَا
{9} يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ
"يَا أَيّهَا النَّبِيّ جَاهِدْ الْكُفَّار" بِالسَّيْفِ "وَالْمُنَافِقِينَ" بِاللِّسَانِ وَالْحُجَّة "وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ" بِالِانْتِهَاءِ وَالْمَقْت "وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّم وَبِئْسَ الْمَصِير" هِيَ
{10} ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ
"ضَرَبَ اللَّه مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَة نُوح وَامْرَأَة لُوط كَانَتَا تَحْت عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا" أَيْ فَخَانَتَاهُمَا فِي الدِّين إذْ كَفَرَتَا وَكَانَتْ امْرَأَة نُوح وَاسْمهَا وَاهِلَة تَقُول لِقَوْمِهِ : إنَّهُ مَجْنُون وَامْرَأَة لُوط وَاسْمهَا وَاعِلَة تَدُلّ قَوْمه عَلَى أَضْيَافه إذَا نَزَلُوا بِهِ لَيْلًا بِإِيقَادِ النَّار وَنَهَارًا بِالتَّدْخِينِ "فَلَمْ يُغْنِيَا" أَيْ نُوح وَلُوط "عَنْهُمَا مِنْ اللَّه" مِنْ عَذَابه "شَيْئًا وَقِيلَ" أَيْ وَقِيلَ لَهُمَا "اُدْخُلَا النَّار مَعَ الدَّاخِلِينَ" مِنْ كُفَّار قَوْم نُوح وَقَوْم لُوط
{11} وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
"وَضَرَبَ اللَّه مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَة فِرْعَوْن" آمَنَتْ بِمُوسَى وَاسْمهَا آسِيَة فَعَذَّبَهَا فِرْعَوْن بِأَنْ أَوْتَدَ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا وَأَلْقَى عَلَى صَدْرهَا رَحًى عَظِيمَة وَاسْتَقْبَلَ بِهَا الشَّمْس فَكَانَتْ إذَا تَفَرَّقَ عَنْهَا مَنْ وُكِلَ بِهَا ظَلَّلَتْهَا الْمَلَائِكَة "إذْ قَالَتْ" فِي حَال التَّعْذِيب "رَبّ ابْن لِي عِنْدك بَيْتًا فِي الْجَنَّة" فَكُشِفَ لَهَا فَرَأَتْهُ فَسَهُلَ عَلَيْهَا التَّعْذِيب "وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْن وَعَمَله" وَتَعْذِيبه "وَنَجِّنِي مِنْ الْقَوْم الظَّالِمِينَ" أَهْل دِينه فَقَبَضَ اللَّه رُوحهَا وَقَالَ ابْن كَيْسَان : رُفِعَتْ إلَى الْجَنَّة حَيَّة فَهِيَ تَأْكُل وَتَشْرَب
{12} وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ
"وَمَرْيَم" عَطْف عَلَى امْرَأَة فِرْعَوْن "ابْنَت عِمْرَان الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجهَا" حَفِظَتْهُ "فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحنَا" أَيْ جِبْرِيل حَيْثُ نَفَخَ فِي جَيْب دِرْعهَا بِخَلْقِ اللَّه تَعَالَى فَعَلَهُ الْوَاصِل إلَى فَرْجهَا فَحَمَلَتْ بِعِيسَى "وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبّهَا" شَرَائِعه "وَكُتُبه" أَيْ وَكُتُبه الْمُنَزَّلَة "وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ" مِنْ الْقَوْم الْمُطِيعِينَ

محمد رافع 52 12-09-2010 02:14 PM

تفسير سورة الطلاق

{1} يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا
سُورَة الطَّلَاق [ مَدَنِيَّة وَآيَاتهَا اثْنَتَا عَشْرَة آيَة ]
"يَا أَيّهَا النَّبِيّ" الْمُرَاد أُمَّته بِقَرِينَةِ مَا بَعْده أَوْ قُلْ لَهُمْ "إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء" أَيْ أَرَدْتُمْ الطَّلَاق "فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ" لِأَوَّلِهَا بِأَنْ يَكُون الطَّلَاق فِي طُهْر لَمْ تُمَسَّ فِيهِ لِتَفْسِيرِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ "وَأَحْصُوا الْعِدَّة" احْفَظُوهَا لِتُرَاجِعُوا قَبْل فَرَاغهَا "وَاتَّقُوا اللَّه رَبّكُمْ" أَطِيعُوهُ فِي أَمْره وَنَهْيه "لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتهنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ" مِنْهَا حَتَّى تَنْقَضِي عِدَّتهنَّ "إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ" زِنَا "مُبَيَّنَة" بِفَتْحِ الْيَاء وَكَسْرهَا بُيِّنَتْ أَوْ بَيِّنَة فَيَخْرُجْنَ لِإِقَامَةِ الْحَدّ عَلَيْهِنَّ "وَتِلْكَ" الْمَذْكُورَات "حُدُود اللَّه وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُود اللَّه فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسه لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّه يُحْدِث بَعْد ذَلِكَ" الطَّلَاق "أَمْرًا" مُرَاجَعَة فِيمَا إذَا كَانَ وَاحِدَة أَوْ اثْنَتَيْنِ
{2} فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا
"فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلهنَّ" قَارَبْنَ انْقِضَاء عِدَّتهنَّ "فَأَمْسِكُوهُنَّ" بِأَنْ تُرَاجِعُوهُنَّ "بِمَعْرُوفٍ" مِنْ غَيْر ضِرَار "أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ" اُتْرُكُوهُنَّ حَتَّى تَنْقَضِي عِدَّتهنَّ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ بِالْمُرَاجَعَةِ "وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْل مِنْكُمْ" عَلَى الْمُرَاجَعَة أَوْ الْفِرَاق "وَأَقِيمُوا الشَّهَادَة لِلَّهِ" لَا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ "ذَلِكُمْ يُوعَظ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر وَمَنْ يَتَّقِ اللَّه يَجْعَل لَهُ مَخْرَجًا" مِنْ كَرْب الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
{3} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا
"وَيَرْزُقهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِب" يَخْطِر بِبَالِهِ "وَمَنْ يَتَوَكَّل عَلَى اللَّه" فِي أُمُوره "فَهُوَ حَسْبه" كَافِيه "إنَّ اللَّه بَالِغ أَمْره" مُرَاده "قَدْ جَعَلَ اللَّه لِكُلِّ شَيْء" كَرِخَاءٍ وَشِدَّة "قَدَرًا" مِيقَاتًا
{4} وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا
"وَاَللَّائِي" بِهَمْزَةٍ وَيَاء وَبِلَا يَاء فِي الْمَوْضِعَيْنِ "يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيض" بِمَعْنَى الْحَيْض "مِنْ نِسَائِكُمْ إنْ ارْتَبْتُمْ" شَكَكْتُمْ فِي عِدَّتهنَّ "فَعِدَّتهنَّ ثَلَاثَة أَشْهُر وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ" لِصِغَرِهِنَّ فَعِدَّتهنَّ ثَلَاثَة أَشْهُر وَالْمَسْأَلَتَانِ فِي غَيْر الْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجهنَّ أَمَّا هُنَّ فَعِدَّتهنَّ مَا فِي آيَة "يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا" "وَأُولَات الْأَحْمَال أَجَلهنَّ" انْقِضَاء عِدَّتهنَّ مُطَلَّقَات أَوْ مُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجهنَّ "أَنْ يَضَعْنَ حَمْلهنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّه يَجْعَل لَهُ مِنْ أَمْره يُسْرًا" فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
{5} ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا
"ذَلِكَ" الْمَذْكُور فِي الْعِدَّة "أَمْر اللَّه" حُكْمه

محمد رافع 52 12-09-2010 02:18 PM

الطلاق

{6} أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى
"أَسْكِنُوهُنَّ" أَيْ الْمُطَلَّقَات "مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ" أَيْ بَعْض مَسَاكِنكُمْ "مِنْ وُجْدكُمْ" أَيْ سِعَتكُمْ عَطْف بَيَان أَوْ بَدَل مِمَّا قَبْله بِإِعَادَةِ الْجَار وَتَقْدِير مُضَاف أَيْ أَمْكِنَة سَعَتكُمْ لَا مَا دُونهَا "وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ" الْمَسَاكِن فَيَحْتَجْنَ إلَى الْخُرُوج أَوْ النَّفَقَة فَيَفْتَدِينَ مِنْكُمْ "وَإِنْ كُنَّ أُولَات حَمْل فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلهنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ" أَوْلَادكُمْ مِنْهُنَّ "فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ" عَلَى الْإِرْضَاع "وَأَتْمِرُوا بَيْنكُمْ" وَبَيْنهنَّ "بِمَعْرُوفٍ" بِجَمِيلٍ فِي حَقّ الْأَوْلَاد بِالتَّوَافُقِ عَلَى أَجْر مَعْلُوم عَلَى الْإِرْضَاع "وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ" تَضَايَقْتُمْ فِي الْإِرْضَاع فَامْتَنَعَ الْأَب مِنْ الْأُجْرَة وَالْأُمّ مِنْ فِعْله "فَسَتُرْضِعُ لَهُ" لِلْأَبِ "أُخْرَى" وَلَا تُكْرَه الْأُمّ عَلَى إرْضَاعه
{7} لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا
"لِيُنْفِق" عَلَى الْمُطَلَّقَات وَالْمُرْضِعَات "ذُو سَعَة مِنْ سَعَته وَمَنْ قُدِرَ" ضُيِّقَ "عَلَيْهِ رِزْقه فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ" أَعْطَاهُ "اللَّه" عَلَى قَدْره "لَا يُكَلِّف اللَّه نَفْسًا إلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّه بَعْد عُسْر يُسْرًا" وَقَدْ جَعَلَهُ بِالْفُتُوحِ
{8} وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا
"وَكَأَيِّنْ" هِيَ كَاف الْجَرّ دَخَلَتْ عَلَى أَيْ بِمَعْنَى كَمْ "مِنْ قَرْيَة" أَيْ وَكَثِير مِنْ الْقُرَى "عَتَتْ" عَصَتْ يَعْنِي أَهْلهَا "عَنْ أَمْر رَبّهَا وَرُسُله فَحَاسَبْنَاهَا" فِي الْآخِرَة وَإِنْ لَمْ تَجِئْ لِتَحَقُّقِ وُقُوعهَا "حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا" بِسُكُونِ الْكَاف وَضَمّهَا فَظِيعًا وَهُوَ عَذَاب النَّار
{9} فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا
"فَذَاقَتْ وَبَال أَمْرهَا" عُقُوبَته "وَكَانَ عَاقِبَة أَمْرهَا خُسْرًا" خَسَارًا وَهَلَاكًا
{10} أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا
"أَعَدَّ اللَّه لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا" تَكْرِير الْوَعِيد تَوْكِيد "فَاتَّقُوا اللَّه يَا أُولِي الْأَلْبَاب" أَصْحَاب الْعُقُول "الَّذِينَ آمَنُوا" نَعْت لِلْمُنَادَى أَوْ بَيَان لَهُ "قَدْ أَنَزَلَ اللَّه إلَيْكُمْ ذِكْرًا" هُوَ الْقُرْآن
{11} رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا
"رَسُولًا" أَيْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْصُوب بِفِعْلٍ مُقَدَّر أَيْ وَأَرْسَلَ "يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَات اللَّه مُبَيَّنَات" بِفَتْحِ الْيَاء وَكَسْرهَا كَمَا تَقَدَّمَ "لِيُخْرِج الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات" بَعْد مَجِيء الذِّكْر وَالرَّسُول "مِنْ الظُّلُمَات" الْكُفْر الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ "إلَى النُّور" الْإِيمَان الَّذِي قَامَ بِهِمْ بَعْد الْكُفْر "وَمَنْ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَيَعْمَل صَالِحًا يُدْخِلهُ" وَفِي قِرَاءَة بِالنُّونِ "جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّه لَهُ رِزْقًا" هُوَ رِزْق الْجَنَّة الَّتِي لَا يَنْقَطِع نَعِيمهَا
{12} اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا
"اللَّه الَّذِي خَلَقَ سَبْع سَمَاوَات وَمِنْ الْأَرْض مِثْلهنَّ" يَعْنِي سَبْع أَرَضِينَ "يَتَنَزَّل الْأَمْر" الْوَحْي "بَيْنهنَّ" بَيْن السَّمَاوَات وَالْأَرْض يَنْزِل بِهِ جِبْرِيل مِنْ السَّمَاء السَّابِعَة إلَى الْأَرْض السَّابِعَة "لِتَعْلَمُوا" مُتَعَلِّق بِمَحْذُوفٍ أَيْ أَعْلَمَكُمْ بِذَلِكَ الْخَلْق وَالتَّنْزِيل

محمد رافع 52 13-09-2010 05:48 PM

تفسير سورة التغابن

{1} يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
سُورَة التَّغَابُن [ مَكِّيَّة أَوْ مَدَنِيَّة وَآيَاتهَا ثَمَانِي عَشْرَة آيَة ]
"يُسَبِّح لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض" يُنَزِّههُ فَاللَّام زَائِدَة وَأَتَى بِمَا دُون مِنْ تَغْلِيبًا لِلْأَكْثَرِ
{2} هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
"هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِر وَمِنْكُمْ مُؤْمِن" فِي أَصْلِ الْخِلْقَة ثُمَّ يُمِيتكُمْ وَيُعِيدكُمْ عَلَى ذَلِكَ
{3} خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ
"خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَركُمْ" إذْ جَعَلَ شَكْل الْآدَمِيّ أَحْسَن الْأَشْكَال
{4} يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
"يَعْلَم مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَيَعْلَم مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاَللَّه عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُور" بِمَا فِيهَا مِنْ الْأَسْرَار وَالْمُعْتَقَدَات
{5} أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
"أَلَمْ يَأْتِكُمْ" يَا كُفَّار مَكَّة "نَبَأ" خَبَر "الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْل فَذَاقُوا وَبَال أَمْرهمْ" عُقُوبَة الْكُفْر فِي الدُّنْيَا "وَلَهُمْ" فِي الْآخِرَة "عَذَاب أَلِيم" مُؤْلِم
{6} ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ
"ذَلِكَ" أَيْ عَذَاب الدُّنْيَا "بِأَنَّهُ" ضَمِير الشَّأْن "كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلهمْ بِالْبَيِّنَاتِ" الْحُجَج الظَّاهِرَات عَلَى الْإِيمَان "فَقَالُوا أَبَشَر" أُرِيدَ بِهِ الْجِنْس "يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا" عَنْ الْإِيمَان "وَاسْتَغْنَى اللَّه" عَنْ إيمَانهمْ "وَاَللَّه غَنِيّ" عَنْ خَلْقه "حَمِيد" مَحْمُود فِي أَفْعَاله
{7} زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ
"زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ" مُخَفَّفَة وَاسْمهَا مَحْذُوف أَيْ أَنَّهُمْ
{8} فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
"فَآمِنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَالنُّور" الْقُرْآن
{9} يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
"يَوْم يَجْمَعكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْع" يَوْم الْقِيَامَة "ذَلِكَ يَوْم التَّغَابُن" يَغْبِن الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ بِأَخْذِ مَنَازِلهمْ وَأَهْلِيهِمْ فِي الْجَنَّة لَوْ آمَنُوا "وَمَنْ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَيَعْمَل صَالِحًا يُكَفَّر عَنْهُ سَيِّئَاته وَيُدْخِلهُ" وَفِي قِرَاءَة بِالنُّونِ فِي الْفِعْلَيْنِ

محمد رافع 52 13-09-2010 05:51 PM

التغابن

{10} وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ
"وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا" الْقُرْآن "أُولَئِكَ أَصْحَاب النَّار خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِير" هِيَ
{11} مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
"مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَة إلَّا بِإِذْنِ اللَّه" بِقَضَائِهِ "وَمَنْ يُؤْمِن بِاَللَّهِ" فِي قَوْله إنَّ الْمُصِيبَة بِقَضَائِهِ "يَهْدِ قَلْبه" لِلصَّبْرِ عَلَيْهَا
{12} وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ
"وَأَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولنَا الْبَلَاغ الْمُبِين" الْبَيِّن
{14} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِنْ أَزْوَاجكُمْ وَأَوْلَادكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ" أَنْ تُطِيعُوهُمْ فِي التَّخَلُّف عَنْ الْخَيْر كَالْجِهَادِ وَالْهِجْرَة فَإِنَّ سَبَب نُزُول الْآيَة الْإِطَاعَة فِي ذَلِكَ "وَإِنْ تَعْفُوا" عَنْهُمْ فِي تَثْبِيطهمْ إيَّاكُمْ عَنْ ذَلِكَ الْخَيْر مُعْتَلِّينَ بِمَشَقَّةِ فِرَاقكُمْ عَلَيْهِمْ
{15} إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ
"إنَّمَا أَمْوَالكُمْ وَأَوْلَادكُمْ فِتْنَة" لَكُمْ شَاغِلَة عَنْ أُمُور الْآخِرَة "وَاَللَّه عِنْده أَجْر عَظِيم" فَلَا تَفُوتُوهُ بِاشْتِغَالِكُمْ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَاد
{16} فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
"فَاتَّقُوا اللَّه مَا اسْتَطَعْتُمْ" نَاسِخَة لِقَوْلِهِ "اتَّقُوا اللَّه حَقّ تُقَاته" "وَاسْمَعُوا" مَا أُمِرْتُمْ بِهِ سَمَاع قَبُول "وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا" فِي الطَّاعَة "خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ" خَبَر يَكُنْ مُقَدَّرَة جَوَاب الْأَمْر "وَمَنْ يُوقَ شُحّ نَفْسه فَأُولَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ" الْفَائِزُونَ
{17} إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ
"إنْ تُقْرِضُوا اللَّه قَرْضًا حَسَنًا" بِأَنْ تَتَصَدَّقُوا عَنْ طِيب قَلْب "يُضَاعِفهُ لَكُمْ" وَفِي قِرَاءَة يُضَعِّفهُ بِالتَّشْدِيدِ بِالْوَاحِدَةِ عَشْرًا إلَى سَبْعمِائَةٍ وَأَكْثَر "وَيَغْفِر لَكُمْ" مَا يَشَاء "وَاَللَّه شَكُور" مُجَازٍ عَلَى الطَّاعَة "حَلِيم" فِي الْعِقَاب عَلَى الْمَعْصِيَة
{18} عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
"عَالِم الْغَيْب" السِّرّ "وَالشَّهَادَة" الْعَلَانِيَة "الْعَزِيز" فِي مُلْكه "الْحَكِيم" فِي صُنْعه

محمد رافع 52 18-09-2010 07:52 PM

تفسيرسورة المنافقون
{1} إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ
سُورَة الْمُنَافِقُونَ [ مَكِّيَّة وَآيَاتهَا إحْدَى عَشْرَة آيَة ]
"إذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ قَالُوا" بِأَلْسِنَتِهِمْ عَلَى خِلَاف مَا فِي قُلُوبهمْ "نَشْهَد إنَّك لَرَسُول اللَّه وَاَللَّه يَعْلَم إنَّك لَرَسُوله وَاَللَّه يَشْهَد" يَعْلَم "إنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ " فِيمَا أَضْمَرُوهُ مُخَالِفًا لِمَا قَالُوهُ
{2} اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
"اتَّخَذُوا أَيْمَانهمْ جُنَّة" سُتْرَة عَلَى أَمْوَالهمْ وَدِمَائِهِمْ "فَصَدُّوا " بِهَا "عَنْ سَبِيل اللَّه " أَيْ عَنْ الْجِهَاد فِيهِمْ
{3} ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ
"ذَلِكَ " أَيْ سُوء عَمَلهمْ "بِأَنَّهُمْ آمَنُوا " بِاللِّسَانِ "ثُمَّ كَفَرُوا " بِالْقَلْبِ أَيْ اسْتَمَرُّوا عَلَى كُفْرهمْ بِهِ "فَطُبِعَ " خُتِمَ "عَلَى قُلُوبهمْ " بِالْكُفْرِ "فَهُمْ لَا يَفْقُهُونَ" الْإِيمَان
{4} وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ
"وَإِذَا رَأَيْتهمْ تُعْجِبك أَجْسَامهمْ" لِجَمَالِهَا "وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَع لِقَوْلِهِمْ" لِفَصَاحَتِهِ "كَأَنَّهُمْ " مِنْ عِظَم أَجْسَامهمْ فِي تَرْك التَّفَهُّم "خُشْب " بِسُكُونِ الشِّين وَضَمّهَا "مُسَنَّدَة " مُمَالَة إلَى الْجِدَار "يَحْسَبُونَ كُلّ صَيْحَة " تُصَاح كَنِدَاءٍ فِي الْعَسْكَر وَإِنْشَاد ضَالَّة "عَلَيْهِمْ " لِمَا فِي قُلُوبهمْ مِنْ الرُّعْب أَنْ يَنْزِل فِيهِمْ مَا يُبِيح دِمَاءَهُمْ "هُمْ الْعَدُوّ فَاحْذَرْهُمْ " فَإِنَّهُمْ يُفْشُونَ سِرّك لِلْكُفَّارِ "قَاتَلَهُمْ اللَّه " أَهْلَكَهُمْ "أَنَّى يُؤْفَكُونَ " كَيْفَ يُصْرَفُونَ عَنْ الْإِيمَان بَعْد قِيَام الْبُرْهَان

محمد رافع 52 18-09-2010 07:54 PM

المنافقون
{5} وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ
"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا " مُعْتَذِرِينَ "يَسْتَغْفِر لَكُمْ رَسُول اللَّه لَوَّوْا " بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف عَطَفُوا "رُءُوسهمْ وَرَأَيْتهمْ يَصُدُّونَ " يُعْرِضُونَ عَنْ ذَلِكَ
{6} سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ
"سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْت لَهُمْ " اُسْتُغْنِيَ بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَام عَنْ هَمْزَة الْوَصْل
{7} هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ
"هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ " لِأَصْحَابِهِمْ مِنْ الْأَنْصَار "لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه" مِنْ الْمُهَاجِرِينَ "حَتَّى يَنْفَضُّوا " يَتَفَرَّقُوا عَنْهُ "وَلِلَّهِ خَزَائِن السَّمَاوَات وَالْأَرْض " بِالرِّزْقِ فَهُوَ الرَّازِق لِلْمُهَاجِرِينَ وَغَيْرهمْ
{8} يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ
"يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا" أَيْ مِنْ غَزْوَة بَنِي الْمُصْطَلِق "إلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَن الْأَعَزّ " عَنَوْا بِهِ أَنْفُسهمْ "مِنْهَا الْأَذَلّ " عَنَوْا بِهِ الْمُؤْمِنِينَ "وَلِلَّهِ الْعِزَّة " الْغَلَبَة "وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ" ذَلِكَ
{9} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ " تَشْغَلكُمْ "أَمْوَالكُمْ وَلَا أَوْلَادكُمْ عَنْ ذِكْر اللَّه " الصَّلَوَات الْخَمْس
{10} وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ
"وَأَنْفِقُوا " فِي الزَّكَاة "مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِي أَحَدكُمْ الْمَوْت فَيَقُول رَبّ لَوْلَا" بِمَعْنَى هَلَّا أَوْ لَا زَائِدَة وَلَوْ لِلتَّمَنِّي "أَخَّرْتنِي إلَى أَجَل قَرِيب فَأَصَّدَّق " بِإِدْغَامِ التَّاء فِي الْأَصْل فِي الصَّاد أَتَصَدَّق بِالزَّكَاةِ "وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ " بِأَنْ أَحُجّ قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا : مَا قَصَّرَ أَحَد فِي الزَّكَاة وَالْحَجّ إلَّا سَأَلَ الرَّجْعَة عِنْد الْمَوْت
{11} وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
"وَلَنْ يُؤَخِّر اللَّه نَفْسًا إذَا جَاءَ أَجَلهَا وَاَللَّه خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ " بِالتَّاءِ وَالْيَاء

محمد رافع 52 18-09-2010 07:57 PM

تفسير سورة الجمعة
{1} يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ
سُورَة الْجُمُعَة [ مَدَنِيَّة وَآيَاتهَا إحْدَى عَشْرَة ]
"يُسَبِّح اللَّه" يُنَزِّههُ فَاللَّام زَائِدَة "مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض" فِي ذِكْر مَا تَغْلِيب لِلْأَكْثَرِ "الْمَلِك الْقُدُّوس" الْمُنَزَّه عَمَّا لَا يَلِيق بِهِ "الْعَزِيز الْحَكِيم" فِي مُلْكه وَصُنْعه
{2} هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ
"هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ" الْعَرَب وَالْأُمِّيّ : مَنْ لَا يَكْتُب وَلَا يَقْرَأ كِتَابًا "رَسُولًا مِنْهُمْ" هُوَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاته" الْقُرْآن "وَيُزَكِّيهِمْ" يُطَهِّرهُمْ مِنْ الشِّرْك "وَيُعَلِّمهُمْ الْكِتَاب" الْقُرْآن "وَالْحِكْمَة" مَا فِيهِ مِنْ الْأَحْكَام "وَإِنْ" مُخَفَّفَة مِنْ الثَّقِيلَة وَاسْمهَا مَحْذُوف أَيْ وَإِنَّهُمْ "كَانُوا مِنْ قَبْل" قَبْل مَجِيئِهِ "لَفِي ضَلَال مُبِين" بَيِّن
{3} وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
"وَآخَرِينَ" عَطْف عَلَى الْأُمِّيِّينَ أَيْ الْمَوْجُودِينَ "مِنْهُمْ" وَالْآتِينَ مِنْهُمْ بَعْدهمْ "لَمَّا" لَمْ "يَلْحَقُوا بِهِمْ" فِي السَّابِقَة وَالْفَضْل "وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم" فِي مُلْكه وَصُنْعه وَهُمْ التَّابِعُونَ وَالِاقْتِصَار عَلَيْهِمْ كَاف فِي بَيَان فَضْل الصَّحَابَة الْمَبْعُوث فِيهِمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ عَدَاهُمْ مِمَّنْ بَعَثَ إلَيْهِمْ وَآمَنُوا بِهِ مِنْ جَمِيع الْإِنْس وَالْجِنّ إلَى يَوْم الْقِيَامَة لِأَنَّ كُلّ قَرْن خَيْر مِمَّنْ يَلِيه
{4} ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
"ذَلِكَ فَضْل اللَّه يُؤْتِيه مَنْ يَشَاء" النَّبِيّ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ
{5} مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
"مَثَل الَّذِينَ حَمِّلُوا التَّوْرَاة" كُلِّفُوا الْعَمَل بِهَا "ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا" لَمْ يَعْمَلُوا بِمَا فِيهَا مِنْ نَعْته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ "كَمَثَلِ الْحِمَار يَحْمِل أَسْفَارًا" أَيْ كُتُبًا فِي عَدَم انْتِفَاعه بِهَا "بِئْسَ مَثَل الْقَوْم الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّه" الْمُصَدِّقَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَخْصُوص بِالذَّمِّ مَحْذُوف تَقْدِيره هَذَا الْمَثَل "وَاَللَّه لَا يَهْدِي الْقَوْم الظَّالِمِينَ" الْكَافِرِينَ
{6} قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
"قُلْ يَا أَيّهَا الَّذِينَ هَادُوا إنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِنْ دُون النَّاس فَتَمَنَّوْا الْمَوْت إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" تَعَلَّقَ بِتَمَنَّوْا الشَّرْطَانِ عَلَى أَنَّ الْأَوَّل قَيْد فِي الثَّانِي أَيْ إنْ صَدَقْتُمْ فِي زَعْمكُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء اللَّه وَالْوَلِيّ يُؤْثِر الْآخِرَة وَمَبْدَؤُهَا الْمَوْت فَتَمَنَّوْهُ
{7} وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ
"وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهمْ" مِنْ كُفْرهمْ بِالنَّبِيِّ الْمُسْتَلْزِم لِكَذِبِهِمْ "وَاَللَّه عَلِيم بِالظَّالِمِينَ" الْكَافِرِينَ
{8} قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
"قُلْ إنَّ الْمَوْت الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ" الْفَاء زَائِدَة "مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إلَى عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة" السِّرّ وَالْعَلَانِيَة "فَيُنَبِّئكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" فَيُجَازِيكُمْ بِهِ

محمد رافع 52 18-09-2010 07:59 PM

الجمعة
{9} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ" بِمَعْنَى فِي "يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا" فَامْضُوا "إلَى ذِكْر اللَّه" لِلصَّلَاةِ "وَذَرُوا الْبَيْع" اُتْرُكُوا عَقْده "ذَلِكُمْ خَيْر لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" أَنَّهُ خَيْر فَافْعَلُوا
{10} فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
"فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاة فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْض" أَمْر إبَاحَة "وَابْتَغُوا" اُطْلُبُوا الرِّزْق "مِنْ فَضْل اللَّه وَاذْكُرُوا اللَّه" ذِكْرًا "كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" تَفُوزُونَ كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُب يَوْم الْجُمُعَة فَقَدِمَتْ عِير وَضُرِبَ لِقُدُومِهَا الطَّبْل عَلَى الْعَادَة فَخَرَجَ لَهَا النَّاس مِنْ الْمَسْجِد غَيْر اثْنَيْ عَشَر رَجُلًا فَنَزَلَتْ
{11} وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
"وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَة أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إلَيْهَا" أَيْ التِّجَارَة لِأَنَّهَا مَطْلُوبهمْ دُون اللَّهْو "وَتَرَكُوك" فِي الْخُطْبَة "قَائِمًا قُلْ مَا عِنْد اللَّه" مِنْ الثَّوَاب "خَيْر" لِلَّذِينَ آمَنُوا "مِنْ اللَّهْو وَمِنْ التِّجَارَة وَاَللَّه خَيْر الرَّازِقِينَ" يُقَال : كُلّ إنْسَان يَرْزُق عَائِلَته أَيْ مِنْ رِزْق اللَّه تَعَالَى

himakillerziko 20-09-2010 02:16 AM

هذا التفسير رائع و جزاك الله كل خير عل هذا المجهود الرائع و وضعه الله في ميزان حسناتك

Abohamssa 20-09-2010 09:17 AM

thanks man .may god bless u

عمرو على نادي 20-09-2010 05:47 PM

جزاج الله خيرا

mohamed* 20-09-2010 07:02 PM

جزاك الله خيرا

محمد رافع 52 20-09-2010 07:09 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohamed* (المشاركة 2676834)
جزاك الله خيرا

بارك الله فيك اخى الكريم

الاورج 20-09-2010 07:23 PM

جزاك الله عنا كل خير
ووفقك الله الى ما يحبة ويرضاة
شكرا

الاورج 20-09-2010 07:36 PM

جزاك الله عنا كل خير
ووفقك الله الى ما يحبة ويرضاة
شكرا


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:41 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.