مشاهدة النسخة كاملة : ورق على ورق! (قصيدة)


abomokhtar
27-01-2018, 09:07 PM
استيقظي يا أُمةَ الإسلامِ
ماذا فعلْتِ لأجلهِ لِتَنامي؟!
استيقظي فالعلْمُ دينُكِ لم يزَلْ
يدعوكِ ناهضةً إلى الإِقدامِ
ما خلَّفَتْهُ أمةٌ من خلْفِها
إلا وكانتْ موطئَ الأَقدامِ
لم يرتفِعْ بلدٌ بغير تعلُّمٍ
لم يرتفعْ من رِفْعَةِ الأَعْلامِ!
الغَرْبُ قام ولم ينَمْ حتى سرَى
فوق السماء وأنتِ في الأحلامِ!
زرَعُوا الكواكبَ واسْتَقَوْا من مائِها
وبَقِيتِ تحت سَرادِبِ الأهرامِ!
لم تأخذي عنهُ سِوى أوراقهِ
وتركتِ عنه حكمةَ الأيامِ!
نبني المدارسَ والمعاهدَ عَلَّنا
نسْعَى بها سعْياً إلى قُدَّامِ
هي دارُ فِكْرتِنا ومهدُ عقولِنا
مُستودَعُ الألبابِ والأفهامِ
قد كنتُ أحسبُ أن تقومَ على الحِجَا
فإذا بها قامتْ على الأحجامِ!
وأظنُّها تسْعَى لِتَرْقَى أمةٌ
فإذا بها تسْعَى إلى الأرقامِ!
أَبُيوتُ علمٍ أم مكاتبُ هيئةٍ
بُنِيَتْ على التوقيعِ والأختامِ؟!
ورَقٌ على ورقٍ يرَصُّ بأَرْفُفٍ
ندعو به الدنيا إلى الإسلامِ؟!
أين المجالسُ والصَّحائفُ عندنا
مملوءةً بالحِبْرِ والأقلامِ؟!
من مجلسٍ فيه (غرائبُ شُعْبةٍ)
)وصحيفةٍ) نُسِبتْ إلى (همَّامِ)!
(وحديثِ عمروٍ عن أبيه وجدِّهِ)
(وفوائدِ الأخبارِ عن تمَّامِ)!
)ومسلسلٍ بالأولية) لم يزَلْ
يُروى ويذكر عند كلِّ مقامِ!
والهْفَ قلبي للحديث وأهْله
(لابن الزبير وعروةٍ وهشامِ)!
أين الأساتذةُ الكرامُ وقد بنَوْا
جِيلاً يَعزُّ على مدى الأعوامِ؟!
سلْ عنهم (الكُتَّابَ) كيف تخرَّجوا
فيه بغير لوائحٍ ونظامِ؟!
وسلِ الحقولَ الزُّهْرَ عن عَزَماتِهِمْ
فيها معَ الآباءِ والأرحامِ
وسلِ المساجدَ عن صلاةِ تهجُّدٍ
وتلاوةٍ من سُورةِ (الأنعامِ)
كانت معابدَهم ومأوى روحِهمْ
ومنابرَ التعليمِ والإعلامِ
عاشوا الحياةَ فقيرةً لكنهم
في كلِّ فنٍّ خِيرةُ الأعلامِ!
أقمارُ علمٍ أو شموسُ هدايةٍ
أو بحرُ جودٍ أو جنودُ سلامِ!
واليومَ (جامعةٌ) تَموجُ بأَنْعمٍ
منْ قبلُ ما خطَرتْ على الأوهامِ
تَمْشِي الهُوَيْنَى لا يُحَسُّ حَسِيسُها
وكأنها تمشي على الألغامِ!
ما بين تلميذٍ تَزهَّدَ علْمَهُ
أو شيخِ علْمٍ فارحٍ بحُطامِ!
وإذا المعلمُ كان في غِلْمانهِ
كالشمسِ أشْرَقَ عند كلِّ غلامِ
تركوا العلومَ بعزِّها ودوامِها
وسعوْا إلى عزٍّ بغير دوامِ!
يتسابقون إلى المناصبِ ويْحَهُمْ
يتسابقون بها إلى الآثامِ!
مالُوا إلى الأموال فَهْيَ نعيمُهُمْ
واستبدلوا الآمالَ بالآلامِ!
وتملَّقوا الحُكامَ بعد ترفعٍ
فتساقَطوا منْ أَعْيُنِ الحُكَّامِ!
أين الوجوهُ المُشْرقاتُ على الورَى
بالنور تمْحو حالِكَ الإظلامِ؟!
أين القلوبُ الواثقاتُ بربِّها
تهْفُو القلوبُ لها على استسلامِ؟!
أين العقولُ الناصعاتُ يُثيرُها
بَحْثُ الفقيهِ دلائلَ الأحكامِ؟!
لَهفِي على قومٍ حلاوةُ ذكْرِهم
مُسْتَجْلَبُ الرحمات والإِنعامِ!
أَترَى معاهدَنا تعودُ لعهدِها
أم أنها وُلدتْ لغير تمامِ؟!
يا كلَّ شيخٍ في الوجود وطالبٍ
أنتم شفاءُ النَّفْسِ من أسقامِ
الله شرَّفكُمْ بأكرمِ نعمةٍ
لم يُعْطِها إلا ذوي الإكرامِ
صُونوا مَقامَ العلم وارْعَوْا حقَّهُ
من مستخفٍّ بالمقام السَّامي
فالعلمُ يَحْيا إن تَصُنْهُ وإن يَهُنْ
فلقد حكَمْتَ عليه بالإعدامِ
عُودوا إلى نهجِ الرسولِ إمامِكم
خيرِ الورَى وإمامِ كلِّ إمامِ
واسْتَلْهِمُوا منه المناهجَ كلَّها
إنَّ الشريعةَ مَصْدَرُ الإلهامِ!
هل ما شَبِعْنَا من مَواردِ غيرِنا
من كلِّ فكْرٍ حاقدٍ هدَّامِ؟!
يُعطِي الدواءَ فتنتهي آثارُه
والجسمُ يشكو شدَّةَ الآلامِ!
أتكونُ بَصْمَتُنَا كبَصْمَةِ غيرِنا
واللهُ ميَّزنا على الأقوامِ؟!

د. محمد إبراهيم العشماوي