أحمد بلما
17-09-2008, 10:18 PM
أرغمتنا الأحداث الكارثية المتوالية علي العودة إلي هموم الوطن وقطع سلسلة أحاديث رمضان.
ولقد جاءت كارثة الانهيار الصخري علي رؤوس سكان «الدويقة» وطريقة تعامل النظام معها باستهانة وتعتيم ولا مبالاة لتضيف إلي الكارثة الأصلية كارثة أخطر شأنا وأكثر إيلاماً وهي كارثة الوطن الذي نعيش فيه، ماذا يتبقي منه إذا تبدد انتماء المصري؟
وكيف نقنع الشعب بأهمية الإصلاح إذا كان مصير كل مواطن يتلخص في الغرق في عبارة أو الموت حرقاً في مسرح أو قطار أو الموت تحت ركام الصخور المنهارة وهو نائم؟!
لقد نجح النظام الحاكم في سد أبواب الإصلاح والتغيير بحيث بات المصريون اليوم جميعاً في انتظار المجهول الذي قد يكون انفجاراً لا يبقي ولا يذر أو معجزة تنقذ الجميع من هذا الوضع المأساوي.
حالة من الإحباط واليأس وعدم اليقين تسيطر علي الجميع، حتي النخبة المثقفة والمفكرين والسياسيين أصابهم ما أصاب الناس وفقدوا القدرة علي التفكير الهادئ والعمل المنظم أو قيادة الجماهير.
حتي الأصوات العالية المنذرة التي تخطت الحدود والسدود فقدت قدرتها علي التنبيه ولم تعد تحذيراتها أو حتي لسعاتها تؤثر في أحد.
أصبحنا جميعاً أشبه بركاب قطار يسير دون قيادة وعلي غير قضبان يسير بلا بوصلة وبدون عنوان.. خلال السنوات الأخيرة توالت الكوارث بمختلف أشكالها علي رؤوس المصريين فهناك حريق القطار الشهير الذي انتهي دون مساءلة أو محاسبة حقيقية وتبعه حريق مسرح بني سويف الذي حصد كسابقه عشرات الأرواح وبعد محاكمة جنائية كانت النتيجة هي انتظار الحريق القادم لأن الساسة والوزراء لا يشعرون بأي مسئولية عن هذا الشعب الذي لم يشارك في اختيارهم ولم ينتخب من يستطيع محاسبتهم ومساءلتهم ولا يقدر علي الخروج في منظمات مدنية وأهلية ليحتج علي بقائهم في مناصبهم رغم فشلهم وإهمالهم وكسلهم، فالمهم هو الرضا السامي للسيد الرئيس الذي لم يعد صوت الشعب يصل إليه وإذا وصلت أنات المساكين فلا تؤثر عنده بشيء لأنهم لا وزن لهم عنده في موازين القوي.
وعندما كان المصريون ينتظرون الحريق التالي كان عذابهم بالماء الذي غرقت فيه عبارة السلام وراح ضحيتها أكثر من ألف غريق، أصبح قاع البحر أو بطون الحيتان هي مقابرهم فبخل عليهم الوطن بالكفن وضنت أرضه بأن تكون لهم مدفناً، وكأن الوطن يعاقبنا علي تفريطنا في حق الأجيال القادمة بسكوتنا عن الظلم وانسحاقنا أمام الباطل وانجرافنا في تيارات الضياع وتفرقنا أمام الاستبداد.
ومع توالي الكوارث جاء حريق مجلسي الشعب والشوري ليظهر حجم كارثة الانصراف عن الوطن والشعور بالاغتراب، ومع ضخامة المعني الذي يدل عليه الحريق والمكان الذي احترق والوثائق التي ضاعت والنخبة التي كان يمكن أن تصاب بالألم جاءت ردود فعل النظام بليدة وسخيفة وعقيمة، وصموا آذانهم عن سماع تعليقات المواطنين وزينوا لأنفسهم ما تعودوا عليه من نفاق وكذبوا أعينهم وآذانهم وصدق عليهم قول الحق تعالي: «نسوا الله فأنساهم أنفسهم» صدق الله العظيم.
وعندما حلت بنا وبالبسطاء كارثة انهيار صخور المقطم علي رؤوس النائمين بسبب الإهمال والتسيب واللا مبالاة وعدم احترام سنن الله في الأرض وضياع القانون واختفاء النظام فإننا سرعان ما تذكرنا أنه ليس الانهيار الأول ولن يكون الأخير وبتنا في انتظار بقية الكوارث بتبلد عجيب، وكان هم النظام الأول أن يمنع وسائل الإعلام عن نقل تفاصيل الفشل الذريع في إنقاذ الأحياء من تحت الأنقاض أو أنات وصرخات المصابين الذين يقضون نحبهم أمام أعيننا دون أن نتأثر وأيضاً كان هم الأمن أن يمنع قوافل النجدة والإغاثة الإنسانية الأهلية من الوصول إلي أهالي الدويقة في انتظار وصول إغاثات رجال النظام ومؤسساته البطيئة التي لم تتحرك إلا متأخرة جداً أو لم تتحرك أصلاً ثم كان همه دفن الجميع تحت الأنقاض ليتخلص من أزمة ومشكلة لا يستطيع أن يتعامل معها كعادته دائماً في دفن المشاكل والهروب إلي الأمام.
ويتساءل البعض ما خطط المعارضة لمستقبل هذا الوطن بعيداً عن التحليلات والشكوي والصرخات؟
والأجدر بالتساؤل هو: أين المعارضة؟
المعارضة الجادة والحقيقية إما في زنازين السجون أو أمام نيابة أمن الدولة أو في انتظار مداهمات المباحث.
والمعارضة الرسمية رضيت بدور الكومبارس ولا أمل لها إلا في استمرار الرخصة القانونية وبقاء الحزب علي قيد الحياة ولو منقسماً.
والمعارضة المشاكسة تم تجميد أحزابها أو الاستيلاء عليها أو عدم السماح لها برخصة قانونية.
والشعب المصري مسكين وصبور ويقف موقف المتفرج علي معارك المماليك الجدد ومغامرات رجال الأعمال كما يتفرج علي مسلسلات رمضان.
ماذا يتبقي من الوطن؟
وإذا كانت طرق السياسة مسدودة؟
وإذا كان انتظار المجهول قد يطول؟
فما هو العمل؟
هذا هو سؤال اللحظة التاريخية التي نعيشها الآن؟
لا شك إن إعادة توحيد المعارضة يسهم في بعث الأمل في نفوس الشعب.
إلا أن الانتقال إلي العمل وسط الناس لإنقاذهم من موجة اليأس والإحباط وزرع الأمل في نفوسهم وتغيير النفوس وفق القانون الإلهي: «إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم»، هو الطريق الصحيح ولو كان طويلاً العمل وسط الجماهير في المساجد والكنائس والمدارس والجامعات والمصانع والمزارع والمقاهي والشوارع هو طريق التغيير.
الخروج من الحجرات المغلقة والبيوت المقفلة إلي الفضاء الشعبي الواسع هو الأمل في إنقاذ الوطن.
إحياء قيم العمل والإخلاص والانتماء والوقوف ضد الظلم والشجاعة والنجدة والمروءة والكرم والتعاون علي البر والتقوي، وربط كل تلك القيم الإيجابية بالإسلام والدين هو المخرج من حالة السلبية واللا انتماء واللا حب ومحاربة التسيب والفساد والاستبداد والإهمال والأنانية والبخل والجبن من أولويات المرحلة الحالية.
إحياء قيم الدين الصحيحة والانتقال من التدين الشكلي الظاهري إلي الالتزام الحق بالدين هو طريقنا إلي التغيير والإصلاح.
«والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون» صدق الله العظيم
مقال للدكتور عصام العريان بجريدة الدستور
ولقد جاءت كارثة الانهيار الصخري علي رؤوس سكان «الدويقة» وطريقة تعامل النظام معها باستهانة وتعتيم ولا مبالاة لتضيف إلي الكارثة الأصلية كارثة أخطر شأنا وأكثر إيلاماً وهي كارثة الوطن الذي نعيش فيه، ماذا يتبقي منه إذا تبدد انتماء المصري؟
وكيف نقنع الشعب بأهمية الإصلاح إذا كان مصير كل مواطن يتلخص في الغرق في عبارة أو الموت حرقاً في مسرح أو قطار أو الموت تحت ركام الصخور المنهارة وهو نائم؟!
لقد نجح النظام الحاكم في سد أبواب الإصلاح والتغيير بحيث بات المصريون اليوم جميعاً في انتظار المجهول الذي قد يكون انفجاراً لا يبقي ولا يذر أو معجزة تنقذ الجميع من هذا الوضع المأساوي.
حالة من الإحباط واليأس وعدم اليقين تسيطر علي الجميع، حتي النخبة المثقفة والمفكرين والسياسيين أصابهم ما أصاب الناس وفقدوا القدرة علي التفكير الهادئ والعمل المنظم أو قيادة الجماهير.
حتي الأصوات العالية المنذرة التي تخطت الحدود والسدود فقدت قدرتها علي التنبيه ولم تعد تحذيراتها أو حتي لسعاتها تؤثر في أحد.
أصبحنا جميعاً أشبه بركاب قطار يسير دون قيادة وعلي غير قضبان يسير بلا بوصلة وبدون عنوان.. خلال السنوات الأخيرة توالت الكوارث بمختلف أشكالها علي رؤوس المصريين فهناك حريق القطار الشهير الذي انتهي دون مساءلة أو محاسبة حقيقية وتبعه حريق مسرح بني سويف الذي حصد كسابقه عشرات الأرواح وبعد محاكمة جنائية كانت النتيجة هي انتظار الحريق القادم لأن الساسة والوزراء لا يشعرون بأي مسئولية عن هذا الشعب الذي لم يشارك في اختيارهم ولم ينتخب من يستطيع محاسبتهم ومساءلتهم ولا يقدر علي الخروج في منظمات مدنية وأهلية ليحتج علي بقائهم في مناصبهم رغم فشلهم وإهمالهم وكسلهم، فالمهم هو الرضا السامي للسيد الرئيس الذي لم يعد صوت الشعب يصل إليه وإذا وصلت أنات المساكين فلا تؤثر عنده بشيء لأنهم لا وزن لهم عنده في موازين القوي.
وعندما كان المصريون ينتظرون الحريق التالي كان عذابهم بالماء الذي غرقت فيه عبارة السلام وراح ضحيتها أكثر من ألف غريق، أصبح قاع البحر أو بطون الحيتان هي مقابرهم فبخل عليهم الوطن بالكفن وضنت أرضه بأن تكون لهم مدفناً، وكأن الوطن يعاقبنا علي تفريطنا في حق الأجيال القادمة بسكوتنا عن الظلم وانسحاقنا أمام الباطل وانجرافنا في تيارات الضياع وتفرقنا أمام الاستبداد.
ومع توالي الكوارث جاء حريق مجلسي الشعب والشوري ليظهر حجم كارثة الانصراف عن الوطن والشعور بالاغتراب، ومع ضخامة المعني الذي يدل عليه الحريق والمكان الذي احترق والوثائق التي ضاعت والنخبة التي كان يمكن أن تصاب بالألم جاءت ردود فعل النظام بليدة وسخيفة وعقيمة، وصموا آذانهم عن سماع تعليقات المواطنين وزينوا لأنفسهم ما تعودوا عليه من نفاق وكذبوا أعينهم وآذانهم وصدق عليهم قول الحق تعالي: «نسوا الله فأنساهم أنفسهم» صدق الله العظيم.
وعندما حلت بنا وبالبسطاء كارثة انهيار صخور المقطم علي رؤوس النائمين بسبب الإهمال والتسيب واللا مبالاة وعدم احترام سنن الله في الأرض وضياع القانون واختفاء النظام فإننا سرعان ما تذكرنا أنه ليس الانهيار الأول ولن يكون الأخير وبتنا في انتظار بقية الكوارث بتبلد عجيب، وكان هم النظام الأول أن يمنع وسائل الإعلام عن نقل تفاصيل الفشل الذريع في إنقاذ الأحياء من تحت الأنقاض أو أنات وصرخات المصابين الذين يقضون نحبهم أمام أعيننا دون أن نتأثر وأيضاً كان هم الأمن أن يمنع قوافل النجدة والإغاثة الإنسانية الأهلية من الوصول إلي أهالي الدويقة في انتظار وصول إغاثات رجال النظام ومؤسساته البطيئة التي لم تتحرك إلا متأخرة جداً أو لم تتحرك أصلاً ثم كان همه دفن الجميع تحت الأنقاض ليتخلص من أزمة ومشكلة لا يستطيع أن يتعامل معها كعادته دائماً في دفن المشاكل والهروب إلي الأمام.
ويتساءل البعض ما خطط المعارضة لمستقبل هذا الوطن بعيداً عن التحليلات والشكوي والصرخات؟
والأجدر بالتساؤل هو: أين المعارضة؟
المعارضة الجادة والحقيقية إما في زنازين السجون أو أمام نيابة أمن الدولة أو في انتظار مداهمات المباحث.
والمعارضة الرسمية رضيت بدور الكومبارس ولا أمل لها إلا في استمرار الرخصة القانونية وبقاء الحزب علي قيد الحياة ولو منقسماً.
والمعارضة المشاكسة تم تجميد أحزابها أو الاستيلاء عليها أو عدم السماح لها برخصة قانونية.
والشعب المصري مسكين وصبور ويقف موقف المتفرج علي معارك المماليك الجدد ومغامرات رجال الأعمال كما يتفرج علي مسلسلات رمضان.
ماذا يتبقي من الوطن؟
وإذا كانت طرق السياسة مسدودة؟
وإذا كان انتظار المجهول قد يطول؟
فما هو العمل؟
هذا هو سؤال اللحظة التاريخية التي نعيشها الآن؟
لا شك إن إعادة توحيد المعارضة يسهم في بعث الأمل في نفوس الشعب.
إلا أن الانتقال إلي العمل وسط الناس لإنقاذهم من موجة اليأس والإحباط وزرع الأمل في نفوسهم وتغيير النفوس وفق القانون الإلهي: «إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم»، هو الطريق الصحيح ولو كان طويلاً العمل وسط الجماهير في المساجد والكنائس والمدارس والجامعات والمصانع والمزارع والمقاهي والشوارع هو طريق التغيير.
الخروج من الحجرات المغلقة والبيوت المقفلة إلي الفضاء الشعبي الواسع هو الأمل في إنقاذ الوطن.
إحياء قيم العمل والإخلاص والانتماء والوقوف ضد الظلم والشجاعة والنجدة والمروءة والكرم والتعاون علي البر والتقوي، وربط كل تلك القيم الإيجابية بالإسلام والدين هو المخرج من حالة السلبية واللا انتماء واللا حب ومحاربة التسيب والفساد والاستبداد والإهمال والأنانية والبخل والجبن من أولويات المرحلة الحالية.
إحياء قيم الدين الصحيحة والانتقال من التدين الشكلي الظاهري إلي الالتزام الحق بالدين هو طريقنا إلي التغيير والإصلاح.
«والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون» صدق الله العظيم
مقال للدكتور عصام العريان بجريدة الدستور