مشاهدة النسخة كاملة : سورة الكوثر


abomokhtar
31-01-2017, 07:05 AM
*
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وبعد:
سورة الكوثر، وتسمى سورة النحر[1].

أين نزلت؟
مكية: في قول ابن عباس، والكلبي، ومقاتل.
ومدنية: في قول الحسن، وعكرمة، ومجاهد، وقتادة[2].

عدد آياتها: وهي ثلاث آيات، وعشر كلمات، واثنان وأربعون حرفًا.
سبب نزولها: عن ابن عباس: العربُ تُسمِّي مَن كان له بنون وبنات، فمات البنون وبقي البنات: أَبْتَر، وكان العاص بن وائل السهمي يمر بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، فيقول له: إني لأشنؤك، وإنك لأَبْتَر من الرجال، فأنزل الله تعالى: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ ﴾ [الكوثر: 3]؛ يعني: العاص، ﴿ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 3]؛ من خير الدنيا والآخرة[3].

معاني الكلمات:
﴿ أَعْطَيْنَاكَ ﴾: خوَّلناك، مع التمكين العظيم يا أشرف الخلق[4].
﴿ الْكَوْثَرَ ﴾: نهر في الجنة.
﴿ فَصَلِّ ﴾: فيها أقوال:
أحدها: الصلاة المكتوبة، وهي صلاة الصبح بمزدلفة؛ قاله مجاهد.
الثاني: صلاة العيد؛ قاله عطاء.
الثالث: معناه اشكر ربك؛ قاله عكرمة[5].
الرابع: وانحر هديك أو أضحيتك؛ قاله ابن جبير، وعكرمة، ومجاهد، وقتادة[6].
﴿ شَانِئَكَ ﴾: مُبغِضك، وهذا هو العاص بن وائل.
﴿ الْأَبْتَرُ ﴾: فيها أقوال:
أحدها: أنه الحقير الذليل؛ قاله قتادة.
الثاني:معناه الفرد الوحيد؛ قاله عكرمة.
الثالث: أنه الذي لا خير فيه حتى صار مثل الأبتر[7].

فجائز أن يكون هو المنقطع العقب، وجائز أن يكون هو المنقطع عنه كل خير، والبتر استئصال القطع[8].
بسم الله الرحمن الرحيم، ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾ [الكوثر: 1]،قرأ الحسن، وابن محيصن، وطلحة، والزعفراني: (أنْطَيْنَاكَ) بالنون؛ قال الرازي والتبريزي: أبدل من العين نونًا[9].

المعنى الإجمالي:
الخطابُ للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، جاءَ تسليةً عمَّا يُلاقيه من أذى، وأن العاقبة له؛ لقد أعطيناك يا محمدُ الخيرَ الكثيرَ؛ من النبوة، والدينِ، والحق، والعدل، وكل ما فيه سعادة الدنيا والآخرة[10].
الكوثر عند أهل اللغة: فَوْعَل من الكَثْرة، ومعناه: العدد الكثير، والخير الكثير، ويقال للرجل الكثير العطاء: كوثر.

• اختلفوا في الكوثر الذي أُعطيه النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقيل: نهر في الجنة؛ رواه البخاري وغيره.
عن أنس قال: بَيْنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ بين أظهرنا إذا أغفى إغفاءةً، ثم رفع رأسه مبتسمًا، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: ((أُنزِلتْ عليَّ آنفًا سورة - فقرأ -: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 1 - 3]))، ثم قال: ((أتدرون ما الكوثر؟))، فقلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإنه نهرٌ وعدنيه ربي عز وجل، عليه خير كثير، هو حوضٌ تَرِدُ عليه أمتي يوم القيامة، آنيتُه عددُ النجوم، فيُختلج العبد منهم، فأقول: ربِّ إنه من أمتي؟ فيقول: ما تدري ما أحدث بعدك))[11].

وروى الترمذي عن ابن عمران قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الكَوْثَرُ نهرٌ فِي الجنَّةِ، حَافَتَاهُ مِن ذهَبٍ، ومَجْراهُ عَلى الدُّرِّ والياقوت، تُربتُهُ أطْيَبُ مِنَ المِسْكِ، وماؤه أحْلَى مِنَ العَسلِ، وأبْيَضُ مِنَ الثَّلجِ))[12].
وقال عطاء: هو حوض النبي صلى الله عليه وسلم في الموقف.
وقال عكرمة: الكوثر: النبوة، والكتاب[13].
وقال ابن المغيرة: الإسلام.
وقال الحسن: هو القرآن[14].

قال أبو إسحاق: وجميع ما جاء في تفسير الكوثر قد أُعطيه النبي صلى الله عليه وسلم؛ أُعطي النبوة والإسلام، وإظهار الدين على كل الأديان، والنصر على عدوه، والشفاعة، وما لا يحصى، وقد أُعطي من الجنة على قدر فضله على أهل الجنة[15].

الحوض عند أهل السُّنة:
يؤمن أهل السُّنة بالحوض المورود الذي أعده الله تعالى لنبيِّه صلى الله عليه وسلم:
وهذا ما قرَّره الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في اعتقاد أئمة أهل الحديث ص(68)، فقد قال: "والحوض حق".
وكذا شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل الصابوني في كتابه عقيدة السلف أصحاب الحديث ص(65)، فقد قال: "ويؤمنون بالحوض والكوثر...".

وقد قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾ [الكوثر: 1]، وقد تضافرت الأدلة من السُّنة على إثبات الحوض، فقد بوَّب البخاري في صحيحه بابًا (في الحوض)، وكذا مسلم عقد بابًا (في إثبات حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم)، ومن جملة تلك الأحاديث حديثُ أنس بن مالك مرفوعًا: ((إن قَدْر حوضي كما بين أَيْلَة وصَنْعَاء اليمن، وإن فيه من الأباريق كعَدَد نجوم السماء))[16]، وحديث جُنْدُب مرفوعًا: ((أنا فَرَطُكم على الحوض))[17].

فأهل السُّنة اتفقت كلمتُهم قاطبةً على إثبات حوضِ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو حوض عظيم، ومَوْرد كريم، طوله مسيرة شهر كعَرضِه، ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب ريحًا من المسك، وآنيته عدد نجوم السماء، على ما صحَّت به الأخبار عن النبي المختار، وأنكرته طائفة من المبتدعة[18].

قال الشيخ محيي الدين النووي: "قال القاضي عياض: أحاديث الحوض صحيحة، والإيمان به فرض، والتصديق به من الإيمان، وهو على ظاهره عند أهل السنة والجماعة؛ لا يتأول، ولا يختلف فيه، وحديثه متواتر النقل، رواه الخلائق من الصحابة"[19].

﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]:
يعني الصلوات الخمس في قول مقاتل[20]، وابن عباس[21].
وقال مجاهد[22]، وسعيد بن جبير[23]، وعطاء[24]: صلِّ الصبح، ﴿ وَانْحَرْ ﴾ البُدْن بِمِنى.
قال عكرمة وقتادة: يعني صلاة العيد يوم النحر، ثم النسك بعده، وهو نحر البُدن، وأكثر المفسرين على أن هذا أمر من الله لنبيِّه صلى الله عليه وسلم أن تكون صلاته ونحره له[25].

قال ابن كثير رحمه الله: فاجعَلْ صلاتك كلها لله دون ما سواه من الأنداد، وكذلك النحر اجعَلْه له دون الأوثان؛ شكرًا له على ما أعطاك من الكرامة[26].

أقدِم على الصَّلاةِ لربك شُكرًا له على ما أعطاك، وانحَر الإبلَ ليأكلَ منها الفقيرُ والمسكين، ثم بعد أن بشَّره بهذا الخير الكثير، وطالَبَه بالشُّكر عليه، زاد في البُشْرى بأنَّ كل مَن يُبغِضُه ويَكيدُ له مُنْقَطِعون مَبْتُورون، وقد كانَ ذلك[27].

﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 3]:
قال قتادة: الأبتر الحقير الذليل[28].
وقال الفراء: يقول الله تعالى: إن مُبغِضَك وعدوَّك الذي لا ذكر الله بعمل خير له، وأما أنت، فقد جعلتُ ذكرَك مع ذكري[29].

إن مُبْغِضَك يا محمدُ هو المنقطعُ عن كل خير، وقد حقق اللهُ له ذلكَ، فانقطعَ ذِكر كلِّ المشرِكين من العَرب وغيرِهم، فيما بقي ذِكره خالدًا في العالمين[30]، وأما محمد صلى الله عليه وسلم، فهو الكامل حقًّا، الذي له الكمال الممكن في حق المخلوق؛ مِن رفع الذكر، وكثرة الأنصار والأتباع، صلى الله عليه وسلم[31].

بلاغيات ودلالات:
هذه السورة التي عدد كلماتها العشر، فيها من البلاغة والإعجاز الكثير:
منها: إسناد الفعل للمتكلم المعظِّم نفسه.
ومنها: إيراده بصيغة الماضي تحقيقًا لوقوعه؛ كـ﴿ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ ﴾ [النحل: 1].
ومنها: تأكيد الجملة ب ﴿ إنَّ ﴾.
ومنها: الإتيان بصيغة تدل على مبالغة الكثرةِ.
ومنها: حذف الموصوف بالكوثر؛ لأن في حذفه مِن فرط الإبهام ما ليس في إثباته.
ومنها: تعريفه بـ"أل" الجنسية، الدالة على الاستغراق.
ومنها: فاء التعقيب الدالة على التَّسْبيب؛ فإنَّ الإِنعامَ سببٌ للشُّكر والعبادةِ.
ومنها: التعريض بمَن كانت صلاته ونحره لغير الله تعالى.

ومنها: أن الأمر بالصلاة إشارةٌ إلى الأعمال الدينية التي الصلاةُ قِوامها وأفضلُها، والأمر بالنحر إشارة إلى الأعمال البدنية التي النحرُ أسناها.

ومنها: حذف متعلق (انْحَرْ)؛ إذ التقدير: فصلِّ لربِّك وانحر له.
ومنها: مراعاة السجع؛ فإنه مِن صناعة البديع العاري عن التكلُّف.

ومنها: قوله تعالى: ﴿ لِرَبِّكَ ﴾ في الإتيان بهذه الصفة دون سائر صفاته الحسنى، دلالة على أنه المربِّي، والمصلح بنعمه، فلا يلتمس كل خير إلا منه.
ومنها: الالتفات من ضمير المتكلم إلى الغائب في قوله تعالى: ﴿ لِرَبِّكَ ﴾.

ومنها: جعلُ الأمر بترك الاهتبال بشانئيه للاستئناف، وجعله خاتمة للإعراض عن الشانئ، ولم يسمِّه ليشمل كلَّ من اتصف - والعياذ بالله - بهذه الصفة القبيحة، وإن كان المراد به شخصًا معينًا.
ومنها: التنبيه بذكر هذه الصفة القبيحة، على أنه لم يتَّصف إلا بمجرد قيام الصفةِ به، من غير أن يؤثِّر فيمَن شنأه شيئًا ألبتة؛ لأن من شنأ شخصًا، قد يؤثر فيه شنؤه.

ومنها: تأكيد الجملة ب ﴿ إنَّ ﴾ المؤذنة بتأكيد الخبر؛ ولذلك يتلقى بها القسم، وتقدير القسم يصلح ها هنا.
ومنها: الإتيان بضمير الفصل المؤذِن بالاختصاص والتأكيد، إن جعلنا ﴿ هُوَ ﴾ فصلًا، وإن جعلناه مبتدأً، فكذلك يفيد التأكيد؛ إذ يصير الإسناد مرتين.
ومنها: تعريف الأبتر بـ(أل)، المؤذنة بالخصوصية بهذه الصفة، كأنه قيل: الكامل في هذه الصفة.
ومنها: إقباله تعالى على رسوله بالخطاب، من أول السورة إلى آخرها[32].

لطائف وإشارات:
اعلم أن هذه السورة على اختصارها فيها لطائف:
إحداها: أن هذه السورة كالمقابلة للسورة المتقدمة؛ وذلك لأن في السورة المتقدمة وصف الله تعالى المنافق بأمور أربعة:
أولها: البخل، وهو المراد من قوله: ﴿ يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ [الماعون: 2، 3].
الثاني: ترك الصلاة، وهو المراد من قوله: ﴿ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 5].
والثالث: المراءَاة في الصلاة، وهو المراد من قوله: ﴿ الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ ﴾ [الماعون: 6].
والرابع: المنع من الزكاة، وهو المراد من قوله: ﴿ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ [الماعون: 7].

فذكَر في هذه السورة في مقابلة تلك الصفات الأربع صفات أربعًا:
• فذكر في مقابلة البخل قولَه: ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾ [الكوثر: 1]؛ أي: إنا أعطيناك الكثير، فأعطِ أنت الكثير ولا تبخل.
• وذكر في مقابلة: ﴿ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 5]، قولَه: ﴿ فَصَلِّ ﴾ [الكوثر: 2]؛ أي: دُمْ على الصلاة.
• وذكر في مقابلة: ﴿ الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ ﴾ [الماعون: 6] قولَه: ﴿ لِرَبِّكَ ﴾ [الكوثر: 2]؛ أي ائتِ بالصلاة لرضا ربك، لا لمراءَاةِ الناس.

• وذكر في مقابلة: ﴿ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ [الماعون: 7]، قولَه: ﴿ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، وأراد به التصدُّق بلحم الأضاحي، فاعتَبِر هذه المناسبة العجيبة.
ثم ختم السورة بقوله: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 3]؛ أي المنافق الذي يأتي بتلك الأفعال القبيحة المذكورة في تلك السورة، سيموت ولا يبقى من دنياه أثر ولا خبر، وأما أنت، فيبقى لك في الدنيا الذكر الجميل، وفي الآخرة الثواب الجزيل[33].

ثانيها: في قوله: ﴿ فَصَلِّ ﴾ [الكوثر: 2] وجوهٌ:
الأول: أن المراد هو الأمر بالصلاة، فإن قيل: اللائق عند النعمة الشكر، فلِمَ قال: ﴿ فَصَلِّ ﴾، ولم يقل: فاشكر؟
فالجواب: من وجوه:
الأول: أن الشكر عبارة عن التعظيم، وله ثلاثة أركان؛ أحدها: يتعلق بالقلب، وهو أن يعلم أن تلك النعمة منه لا من غيره، والثاني: باللسان، وهو أن يمدحه، والثالث: بالعمل، وهو أن يخدمه ويتواضع له، والصلاة مشتملة على هذه المعاني، وعلى ما هو أزيد منها، فالأمر بالصلاة أمر بالشكر وزيادة، فكان الأمر بالصلاة أحسن.

وثانيها أنه لو قال: فاشكر، لكان ذلك يوهم أنه ما كان شاكرًا، لكنه كان من أول أمره عارفًا بربه، مطيعًا له، شاكرًا لنِعَمِه[34].
قال ابن عرفة: "الفاء للسبب، ولا تكون عاطفة، المعنى ﴿ فَصَلِّ ﴾؛ لأن الله أكرمك وأعطاك خيرًا كثيرًا، وليست السببية منحصرةً في هذا، بل يعبده لهذا، ولكونه أهلًا لأن يعبد، ولا تكون الفاء عاطفة؛ لأنك إن عطفتَها على الجملة الاسمية لم يصح؛ إذ لا يصح عطف الفعلية على الاسمية؛ إذ لا يصح عطف الطلبية على الخبرية"[35].
*
• قوله تعالى: ﴿ لِرَبِّكَ ﴾ [الكوثر: 2]، التفات بالخروج عن التكلم إلى الغَيبة؛ إذ لم يقل: فَصَلِّ لنا، ويحتمل أن يريد بالصلاة المفروضة والنافلة، فيكون مِن استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه؛ لأن صيغة افْعَلْ حقيقتها للوجوب، وهي للندب مجازًا[36].
• قوله تعالى: ﴿ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، يريد الضحايا والهدايا.

لماذا لم يقل ثم انحر؟
فإن قلتَ: (ثم) قد جُعلت للندب؛ لأن الأضحية سُنة، فكيف يعطفها على ﴿ فَصَلِّ ﴾، وهي للوجوب عندنا، والواو تشترك في الإعراب والمعنى؟

قلتُ: اختُلف في الأضحية، قيل: إنها واجبة، سلمنا أنه مندوب إليها، لكن نقول: الواو تشترك في معنى القائل خاصة، تقول: زيد العاقل وعمرو قائمان، فلا يلزم منه أن يكون عمرو عاقلًا، وإنما شركت بينهما في القيام خاصة، وكذلك هنا شركت بينهما في مطلق الأمر بهما فقط، وبقي نظر على أن الأصوليين اختلفوا في الأمر إذا عطف على أمر[37].
*
• ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، جمع له في الأمر بين: العبادة البدنية والمالية[38].
سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

[1] السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير، 4/ 436؛ المؤلف: محمد بن أحمد الخطيب الشربيني، المتوفى: 977 هـ.
[2] "زاد المسير" 8/ 219، و"الجامع لأحكام القرآن" 20/ 216، و"فتح القدير" 5/ 502.
[3] "الدر المنثور" 8/ 652، وعزاه إلى ابن عساكر من طريق ميمون بن مهران بمعناه، وبمعناه أيضًا عن جعفر بن محمد عن أبيه: 8/ 653، وعزاه إلى الزبير بن بكار، وابن عساكر، والحديث أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 70.
[4] السراج المنير 4/ 436.
[5] تفسير الماوردي 6/ 355.
[6] تفسير الماوردي 6/ 355.
[7] تفسير الماوردي 6/ 355.
[8] معاني القرآن وإعرابه 5/ 370؛ المؤلف: إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج، المتوفى: 311 هـ.
[9] قال التبريزي: "هي لغة العربِ العاربةِ من أولى قريش"، وفي الحديث: ((اليَدُ العُلْيَا المُنطِيةُ، واليَدُ السُّفلَى المُنطَاةُ))، قال القرطبي: وروته أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قراءة، وهي لُغةٌ في العطاء؛ أَنْطيته: أعطيته.
[10] تفسير القطان.
[11] أخرجه مسلم، ح: 53 - 54، كتاب الصلاة، باب: 14.
[12] ورد موقوفًا في "الزهد والرقائق" لابن المبارك، ص 562، ح 1613، و"المحرر الوجيز" 5/ 295، و"التفسير الكبير" 32/ 124، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 597، كما ورد عنه مرفوعًا في "جامع البيان" 30/ 324، و"بحر العلوم" 3/ 519، و"معالم التنزيل" 4/ 533، كما ورد عن حذيفة بمعناه؛ قال الألباني عنه: إسناده حسن؛ انظر: "ظلال الجنة في تخريج السنة"، 2/ 336، ح 724، 725، وقال الأرنؤوط في تخريج "جامع الأصول" 2/ 439، ح 889: وإسناده صحيح.
[13] "جامع البيان"، 30/ 322 - 323، و"النكت والعيون" 6/ 354، و"الكشف والبيان" 13/ 165 ب، و"معالم التنزيل" 4/ 533، و"زاد المسير" 8/ 320، و"الجامع لأحكام القرآن" 20/ 217، و"البحر المحيط" 8/ 519، و"الدر المنثور" 8/ 650، وعزاه إلى هناد وابن أبي حاتم وابن عساكر.
[14] "النكت والعيون" 6/ 354، و"المحرر الوجيز" 5/ 529، و"زاد المسير" 8/ 320، و"الجامع لأحكام القرآن" 20/ 217، و"البحر المحيط" 8/ 519، و"الدر المنثور" 8/ 650 وعزاه إلى ابن أبي حاتم، و"تفسير الحسن البصري" 2/ 441.
[15] "معاني القرآن وإعرابه" 5/ 369.
[16] البخاري 6580 في الرقاق، باب في الحوض، ومسلم 2303، في الفضائل، باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم، من حديث ابن شهاب عن أنس مرفوعًا.
[17] البخاري 6589في الرقاق، باب في الحوض، ومسلم 2289 في الفضائل، باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم من حديث عبدالملك بن عمير عن جندب مرفوعًا، والأحاديث في ذلك كثيرة بلغت حد التواتر، صرح بذلك بعض أهل العلم؛ كالقرطبي في المفهم، كما في فتح الباري 11/ 467، وابن كثير في النهاية 2/ 3، والقاضي عياض كما في شرح مسلم 15/ 53، وابن أبي عاصم كما في السنة 2/ 360 وغيرهم؛ انظر: اعتقاد أهل السنة شرح أصحاب الحديث، ص 93 - 95؛ المؤلف: محمد بن عبدالرحمن الخميس.
[18] انظر: اعتقاد أهل السنة شرح أصحاب الحديث، ص 93 - 95؛ لمحمد بن عبدالرحمن الخميس.
[19] لباب التأويل في معاني التنزيل 4/ 480؛ علاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم بن عمر الشيحي، أبو الحسن، المعروف بالخازن، المتوفى: 741 هـ.
[20] "زاد المسير" 8/ 320.
[21] "جامع البيان" 30/ 26، من طريق العَوفي عن ابن عباس، و"الجامع لأحكام القرآن" 20/ 218، من طريق الضحاك عن ابن عباس، و"الدر المنثور" 8/ 615، وعزاه إلى ابن المنذر.
[22] "زاد المسير" 8/ 320، و"الدر المنثور" 8/ 651.
[23] "جامع البيان" 30/ 326، و"التفسير الكبير" 32/ 130، و"فتح القدير" 5/ 504.
[24] " تفسير عبدالرزاق" 2/ 401 - 402، و"جامع البيان" 30/ 326 - 327، و"النكت والعيون" 6/ 355، و"معالم التنزيل" 4/ 535، و"الدر المنثور" 8/ 651.
[25] وهذا القول رجَّحه أغلب المفسرين: "جامع البيان" 30/ 327، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 597، وهذا القول رجحه الطبري في تفسيره، أما ما روي عن علي رضي الله عنه، بأن النحر وضع اليد في النحر عند الصلاة، وحديث سؤال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عن النحيرة، فلا يصح.
[26] "تفسير القرآن العظيم" 4/ 597 - 598.
[27] تفسير القطان.
[28] "تفسير عبدالرزاق" 2/ 402، و"جامع البيان" 30/ 329، و"بحر العلوم" 3/ 519، و"النكت والعيون" 6/ 356، و"البحر المحيط" 8/ 520.
[29] "معاني القرآن" 3/ 296.
[30] تفسير القطان.
[31] تفسير السعدي.
[32] اللباب في علوم الكتاب،20/ 526.
[33] مفاتيح الغيب = التفسير الكبير، 32/ 307؛ المؤلف: أبو عبدالله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي، الملقب بفخر الدين الرازي، ابن خطيب الري، المتوفى: 606 هـ.
[34] تفسير الرازي 32/ 317.
[35] تفسير ابن عرفة 4/ 351.
[36] تفسير ابن عرفة 4/ 351.
[37] تفسير ابن عرفة 4/ 351 - 352.
[38] تفسير القشيري.

عادل الغرياني