مسيو منعم
16-08-2015, 01:55 PM
بحث مقدم في مادة البحث الأدبي
أول شخصية عربية حاصلة على
جائزة نوبل في الأدب
تحت إشراف
إعداد
الفرقة
العام الجامعي 2015م
شكر وتقدير
في البداية ؛ أحب أن أشكر الله عز وجل الذي وفقني في كتابة هذا البحث، وأعانني في اختيار الموضوع، وساعدني في اختيار موضوعي بطريقة جيدة، وأحب أن أشكر الأستاذ الدكتور / إسماعيل العبد المنشاوي الذي قام بواجبه نحونا وأشار إلي المواضيع التي نحتاجها والمعلومات المهمة من أجل بحثنا لكي لا نصعب علينا أمراً.
وأحب أيضاً أن أشكر أبي وأمي اللذان هيأ لي الجو والوقت لكي أكتب موضوعي بطريقة جيدة وفي راحة نفسية لي.
وأيضاً أشكر أمين المكتبة الذي ساعدني في اقتناء الكتب، كي لا أضيع مني وقتي والكتابة في هدوء.
الحمد لله الذي لولاه ما جري قلم ولا تكلم لسان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد كان أفصح الناس لساناً وأوضحهم بياناً، ثم أما بعد فإنه من دواعي سروري أن أتيحت لي الفرصة للكتابة عن هذا الكاتب العظيم الذي يتمني الكل معرفته، وهذا الكاتب من العصر الحديث.
وقبل أن أتحدث عنه أود أن أخبركم أهمية هذا الموضوع، والدوافع التي جعلتني أكتب في هذا الموضوع، والصعوبات التي واجهتني، والمصادر التي رجعت إليها عند كتابة موضوعي.
أولاً : أهمية الموضوع :
1- إثراء الحياة الأدبية والتعرف عليها.
2- معرفة من هو الكاتب الذي حصل على جائزة نوبل.
3- التعرف على كُتَاب العصر الحديث.
4- القدرة على تعليم الصغار على الكاتب.
5- معرفة قصصه التي أثارت الجميع.
ثانياً : الدوافع التي جعلتني أكتب في هذا الموضوع :
1- أن هذا الكاتب شخصية مرموقة ومشهورة.
2- تزويد معلوماتي عن هذا الكاتب.
3- لم يستطيع أحد أن يعطيه حقه كفاية في البحث عنه.
4- لقد هزتني أعماله، فله أعمال كثيرة وجيدة.
5- أعجبتني مقولته : " العقل الواعي هو القادر على احترام الفكرة حتى لو لم يؤمن بها ".
ثالثاً : الصعوبات التي واجهتني :
1- قلة المصادر التي أريدها عن هذا الكاتب.
2- له أعمال كثيرة وخفت ألا أوفيه حقه فيها.
3- لم يوجد لدي وقت كافي في يومي للبحث عنه.
رابعاً : المصادر التي رجعت إليها في كتابة موضوعي :
1- في حب نجيب محفوظ (رجاء النقاش).
2- الأعمال الكاملة نجيب محفوظ (الجزء الأول والثاني).
3- ليالي ألف ليلة.
4- بداية ونهاية.
5- أدب نجيب محفوظ وإشكالية الصراع بين الإسلام والتغريب.
6- أحاديث في الأدب (سيد الزواوي).
7- بانوراما النقدية في الأدب والفن والسياسة.
8- نجيب محفوظ في ضوء نزاعاته الأدبية.
9- نجيب محفوظ سيرة أدبية وذاتية.
10- كتب نجيب محفوظ من الجمالية إلي نوبل.
11- حالة ولادة متعسرة للدكتور نجيب محفوظ.
عناصر البحث :
الباب الأول : سيرته الأدبية والذاتية :
الفصل الأول : حياته ونشأته.
الفصل الثاني : مسيرته الأدبية.
الفصل الثالث : محاولة اغتياله.
الفصل الرابع : أقواله.
الفصل الخامس : وفاته.
الباب الثاني : أعماله وكتبه ورواياته :
الفصل السادس : رواياته.
الفصل السابع : جوائزه.
الفصل الثامن : قصصه القصيرة.
الفصل التاسع : الأشياء التي يدافع عنها نجيب في رواياته.
الفصل العاشر : معلومات عن العصر الحديث.
الفصل الحادي عشر : الخاتمة.
الباب الأول
الفصل الأول
حياته ونشأته
سيرته :
هو نجيب محفوظ، ولد في 11 ديسمبر عام 1911م، وحصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة عام 1934م، أمضي طفولته في حي الجمالية، ثم انتقل إلي العباسية والحسين والغورية، وهي أحد أحياء القاهرة القديمة التي أثارت اهتمامه في أعماله الأدبية وفي حياته الخاصة.
حصل على اجازة في الفلسفة عام 1934م، وأثناء إعداده لرسالة الماجستير وقع فريسة لصراع حاد بين متابعة دراسة الفلسفة وميله إلي الأدب الذي نمي في السنوات الأخيرة لتخصصه بعد قراءة العقاد وطه حسين.
اسمه الكامل (نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم احمد الباشا) وأصل أسرته من مدينة رشيد على شاطئ البحر المتوسط، وفي بعض الصحف القديمة قرأ أن اسمه الكامل (نجيب محفوظ بن عبد العزيز السبيلجي) ( ).
ولم يكن يعرف معني كلمة السبيلجي، وقد خطر للكاتب أنها اسم ينحدر إلي الأسرة من أيام المماليك أو ما يشبه ذلك، حتي شرح نجيب هذه الكلمة في أحد أحاديثه الصحفية، وتبين أن الأمر كله لا يعدو أن يكون نكتة أو فكاهة.
ويقول نجيب أن كلمة السبيلجي لا علاقة لها باسم أسرتي، فهي كلمة أطلقها الدكتور / أدهم رجب، فقد كان لي جد يعمل ناظر لكتاب من الكتاتيب القديمة، وكان لهذا الكتاب سبيل وكنت أحكي لأصدقائي هذه الحكاية، فقال لي أدهم : أطلع يا ابن السبيلجي، والسبيل كما هو معروف في مصر بالمكان الذي يشرب منه العابرون، وقد كانت الأسبلة من أعمال الخير المشهورة ( ).
كان نجيب محفوظ في الثامنة من عمره عندما انتفض الشعب المصري أول انتفاضة شعبية حقيقية شاملة في تاريخه الحديث سنة 1919م، ورأي الطفل الصغير المظاهرات والمصادمات الدموية بين المصريين والانجليز، من سرقة منزله في ميدان بيت القاضي بحي الجمالية الذي بناه بدر الجمالي أحد القواد الفاطمية، وشاهد مظاهرات النساء الشعبيات بالملاءات اللف.
وقبل ثماني سنوات من هذه الثورة التي أثرت بعمق في شخصية نجيب وأدب نجيب ( ) ، وتحديداً في مساء 11 ديسمبر 1911م كانت زوجة عبد العزيز إبراهيم احمد الباشا تعاني حالة ولادة متعسرة، ولم تستطع الداية فعل شيء إلا الاستنجاد بالزوج الذي أسرع أحد أصدقائه احضار الدكتور " نجيب محفوظ " ( ) الذي أصبح من أشهر أطباء النساء والتوليد في العالم. وأصر الأب على أن يسمي وليده باسم الدكتور القبطي الشهير ( ).
كان نجيب محفوظ أصغر الأبناء، لكنه عاش مع أبيه وأمه كأنه طفل وحيد؛ لأن الفارق الزمني بينه وبين أصغر إخوته كان لا يقل عن عشر سنوات، وكانوا كلهم رجالاً ونساء قد تزوجوا وغادروا بيت العائلة، إلا أصغرهم الذي التحق بالكلية الحربية، ثم عمل بالسودان بعد تخرجه مباشرة، لذلك كانت علاقته بأمه علاقة وطيدة داخل البيت، ويصف نجيب والدته بأنها: "سيدة أمية لا تقرأ ولا تكتب، ومع ذلك كانت مخزناً للثقافة الشعبية. والغريب أن والدته كانت دائمة التردد على المتحف المصري، وتزوره باستمرار وتذهب لزيارة الآثار القبطية خاصة دير "مار جرجس" ( ).
أما والده فكان موظفا "ولم يكن من هواة القراءة، والكتاب الوحيد الذي قرأه بعد القرآن الكريم هو "حديث عيسى بن هشام"؛ لأن مؤلفه المويلحي كان صديقاً له، وعندما أحيل إلى المعاش عمل في مصنع للنحاس يملكه أحد أصدقائه.
التحق نجيب محفوظ بالكتاب وهو صغير جداً ليتخلص أهل البيت من شقاوته، لكنه عندما أصبح تلميذاً بالابتدائية لم يكن والده بحاجة إلى حثه على المذاكرة؛ لأنه كان مجتهداً بالفعل ومن الأوائل دائماً، أما أولى المحطات الفاصلة في حياته فكانت حصوله على شهادة "البكالوريا" التي تؤهله لدخول الجامعة، كان والده يرى أن أهم وظيفتين في مصر هما وكيل النيابة والطبيب، لذلك أصر على التحاق ابنه بكلية الطب أو كلية الحقوق، وكان أصدقاؤه مع هذا الرأي من حيث إن نجيب محفوظ كان متفوقاً في المواد العلمية، وكان ينجح بصعوبة في المواد الأدبية كالجغرافيا والتاريخ واللغتين الإنجليزية والفرنسية، والمادة الأدبية الوحيدة التي تفوق فيها كانت هي اللغة العربية، وكان نجاحه في البكالوريا عام 1930 بمجموع 60% وترتيبه العشرين على المدرسة، وكان هذا المجموع يلحقه بكلية الحقوق مجاناً، لكنه اختار لنفسه كلية الآداب قسم الفلسفة.
وبعد تخرجه سنة (1934م) التحق نجيب محفوظ بالسلك الحكومي، وعمل سكرتيراً برلمانياً بوزارة الأوقاف من 1938 إلى 1945، ثم عمل بمكتبة "الغوري" بالأزهر، ثم مديراً لمؤسسة القرض الحسن بوزارة الأوقاف حتى عام 1954، فمديراً لمكتب وزير الإرشاد، ثم مديرا للرقابة على المصنفات الفنية، وفي عام 1960 عمل مديرًا عامًّا لمؤسسة دعم السينما، فمستشاراً للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتليفزيون.
بدأ كتابة القصة القصيرة عام 1936 . وانصرف إلى العمل الأدبي بصورة شبه دائمة بعد التحاقه في الوظيفة العامة.
وعمل في عدد من الوظائف الرسمية، ونشر رواياته الأولى عن التاريخ الفرعوني. ولكن موهبته ستتجلى في ثلاثيته الشهيرة ( بين القصرين، وقصر الشوق، والسكرية) التي انتهى من كتابتها عام 1952 ولم يتسن له نشرها قبل العام 1956 نظراً لضخامة حجمها.
نقل نجيب محفوظ في أعماله حياة الطبقة المتوسطة في أحياء القاهرة، فعبر عن همومها وأحلامها، وعكس قلقها. كما صور حياة الأسرة المصرية في علاقاتها الداخلية وامتداد هذه العلاقات في المجتمع.
ولكن هذه الأعمال التي اتسمت بالواقعية الحية لم تلبث أن اتخذت طابعاً رمزياً كما في رواياته " أولاد حارتنا" و "الحرافيش" و "رحلة ابن فطومة".
بين عامي 1952 و 1959 كتب عددا من السيناريوهات للسينما. ولم تكن هذه السيناريوهات تتصل بأعماله الروائية التي سيتحول عدد منها إلى الشاشة في فترة متأخرة، ومن هذه الأعمال " بداية ونهاية" و " الثلاثية" و "ثرثرة فوق النيل" و" اللص والكلاب".
صدر له ما يقارب الخمسين مؤلفا من الروايات والمجموعات القصصية، وترجمت معظم أعماله الي 33 لغة في العالم ( ).
وهو روائي مصري، هو أول عربي حائز على جائزة نوبل في الأدب كتب نجيب محفوظ منذ بداية الأربعينيات واستمر حتى 2004. تدور أحداث جميع رواياته في مصر، وتظهر فيها تيمة متكررة هي الحارة التي تعادل العالم. من أشهر أعماله الثلاثية وأولاد حارتنا التي مُنعت من النشر في مصر منذ صدورها وحتى وقتٍ قريب. بينما يُصنف أديب محفوظ باعتباره أدباً واقعياً، فإن مواضيع وجودية تظهر فيه.
وهو أكثر أديب عربي حولت أعماله إلى السينما والتلفزيون. سُمي نجيب محفوظ باسمٍ مركب تقديراً من والده عبد العزيز إبراهيم للطبيب أبو عوف نجيب باشا محفوظ الذي أشرف على ولادته التي كانت متعسرة.
لغاية (1988) نشر (33) رواية، (13) مجموعة قصص قصيرة، حوالي (50) قصة، انتشرت في المجلات والجرائد أكثر من (300) مقال وحوالي (400) حوار صحفي، وانتشر عن فكره ومؤلفاته (400) كتاب، وكتب عنه حوالي (2000) مقال، وعن حياته أكثر من (20) رسالة جامعية.
الباب الأول
الفصل الثاني
مسيرته الأدبية
مسيرته الأدبية :
بدأ نجيب محفوظ الكتابة في منتصف الثلاثينيات، وكان ينشر قصصه القصيرة في مجلة الرسالة. في 1939، نشر روايته الأولى عبث الأقدار التي تقدم مفهومه عن الواقعية التاريخية. ثم نشر كفاح طيبة ورادوبيس منهياً ثلاثية تاريخية في زمن الفراعنة.
بدءاً من 1945 بدأ نجيب محفوظ خطه الروائي الواقعي الذي حافظ عليه في معظم مسيرته الأدبية برواية القاهرة الجديدة، ثم خان الخليلي وزقاق المدق.
جرب نجيب محفوظ الواقعية النفسية في رواية السراب، ثم عاد إلى الواقعية الاجتماعية مع بداية ونهاية وثلاثية القاهرة. فيما بعد اتجه محفوظ إلى الرمزية في رواياته الشحاذ، وأولاد حارتنا التي سببت ردود فعلٍ قوية وكانت سبباً في التحريض على محاولة اغتياله ( ).
كما اتجه في مرحلة متقدمة من مشواره الأدبي إلى مفاهيم جديدة كالكتابة على حدود الفنتازيا كما في روايته (الحرافيش، ليالي ألف ليلة) وكتابة البوح الصوفي والأحلام كما في عمليه (أصداء السيرة الذاتية، أحلام فترة النقاهة) واللذان اتسما بالتكثيف الشعري ( ).
الباب الأول
الفصل الثالث
محاولة اغتياله
محاولة اغتياله :
في 21 سبتمبر 1950 بدأ نشر رواية أولاد حارتنا مسلسلةً في جريدة الأهرام، ثم توقف النشر في 25 ديسمبر من العام نفسه بسبب اعتراضات هيئات دينية على "تطاوله على الذات الإلهية". لم تُنشر الرواية كاملة في مصر في تلك الفترة، واقتضى الأمر ثمان سنين أخرى حتى تظهر كاملة في طبعة دار الآداب اللبنانية التي طبعتها في بيروت عام 1967. واعيد نشر أولاد حارتنا في مصر في عام 2006 عن طريق دار الشروق.
في أكتوبر 1995 طُعن نجيب محفوظ في عنقه على يد شابين قد قررا اغتياله لاتهامه بالكفر والخروج عن الملة بسبب روايته المثيرة للجدل.
الجدير بالذكر هنا أن طبيعة نجيب محفوظ الهادئة كان لها أثر كبير في عدم نشر الرواية في طبعة مصرية لسنوات عديدة، حيث كان قد ارتبط بوعد مع حسن صبري الخولي "الممثل الشخصي للرئيس الراحل جمال عبد الناصر" بعدم نشر الرواية في مصر إلا بعد أخذ موافقة الأزهر. فطُبعت الرواية في لبنان من اصدار دار الآداب عام 1962 ومنع دخولها إلى مصر رغم أن نسخا مهربة منها وجدت طريقها إلى الأسواق المصرية. لم يمت نجيب محفوظ كنتيجة للمحاولة، وفيما بعد أُعدم الشابان المشتركان في محاولة الاغتيال رغم تعليقه بأنه غير حاقدٍ على من حاول ***ه، وأنه يتمنى لو أنه لم يُعدما.. وخلال إقامته الطويلة في المستشفى زاره محمد الغزالي الذي كان ممن طالبوا بمنع نشر أولاد حارتنا وعبد المنعم أبو الفتوح القيادي السابق في حركة الإخوان المسلمين وهي زيارة تسببت في هجوم شديد من جانب بعض المتشددين على أبو الفتوح ( ).
الباب الأول
الفصل الرابع
أقواله
أقواله :
1) مصر هي المولد والمنشأ والمعاش، وهي ليست مجرد وطن محدود بحدود، ولكن هي تاريخ الإنسانية كله، وإني نصب الإقامة فيها وأرجو ألا أتركها إلا مطروداً أو منفياً.
2) إن مشكلة البشرية كلها الظلم، الظلم يؤدي لل***، وأناشد العالم كله أن يعمل على إحقاق العدل ونشر السلام، ليعيش العالم بمختلف ألوانه وأجناسه في سلام.
3) الإيمان الوحيد الحاضر في قلبي هو إيماني بالعلم والمنهج العلمي.
4) الحرية هي ذلك التاج الذي يصنعه الإنسان على رأسه ليصبح جديراً بإنسانيته.
5) العقل الواعي هو القادر على احترام الفكرة حتى لو لم يؤمن بها.
حكمه :
6) الحياة فيض من الذكريات تصب في النسيان، أما الموت فهو الحقيقة الراسخة.
7) إن الديمقراطية هي الحريصة على التكلم، اما الحكم الاستبدادي فليس من مصلحته نشر العلم والتنوير.
8) ويل للناس من حاكم لا عين له.
9) الحكيم لا ينبغي أن يعاند إذا عبس في وجهه الحظ.
10) سبيل الله واضح لا يجوز أن يخالطه غصب أو كبرياء.
11) المعاناة لديها جانبها من الفرح، واليأس له نعومته، والموت له معني.
12) الثقافة أن تعرف نفسك، تعرف الناس، تعرف الأشياء والعلاقات ونتيجة لذلك ستحسن التصرف فيم يلم بك من أطوار الحياة.
13) عجبت لرجال وطن رغم انحرافه يتضخم ويتعظم ويتعملق، ويملك القوة والنقود يصنع الأشياء من الأبره حتى الصاروخ يبشر باتجاه إنساني عظيم، ولكن ما بال الإنسان فيه قد تضأل وتهافت حتى صار في تفاهة بعوضه، ما باله يمضي بلا حقوق ولا كرامة ولا حماية، ما باله ينهكه الجبن والنفاق والخواء الكرنك ( ).
الباب الأول
الفصل الخامس
وفاته
وفاته :
تُوفي نجيب محفوظ في بداية 30 أغسطس 2006 إثر قرحة نازفة بعد عشرين يوماً من دخوله مستشفى الشرطة في حي العجوزة في محافظة الجيزة لإصابته بمشكلات صحية في الرئة والكليتين. وكان قبلها قد دخل المستشفى في يوليو من العام ذاته لإصابته بجرح غائر في الرأس إثر سقوطه في الشارع ( ).
الباب الثاني
الفصل السادس
رواياته
رواياته :
1) عبث الأقدار : (حولت إلى مسلسل بعنوان الأقدار بطولة عزت العلايلي)
2) رادوبيس (1943)
3) كفاح طيبة (1944)
4) القاهرة الجديدة (1945) : (حولت إلى فيلم بعنوان القاهرة 30 من بطولة حمدي أحمد وسعاد حسني)
5) خان الخليلي (1946) : حولت إلى فيلم من بطولة عماد حمدي وسميرة أحمد وحسن يوسف
6) زقاق المدق (1947) : (حولت إلى فيلم من بطولة شادية وصلاح قابيل وحسن يوسف ويوسف شعبان)
7) السراب (1948) : (حولت إلى فيلم بطولة ماجدة ونور الشريف)
8) بداية ونهاية (1949) : (حولت إلى فيلم بطولة عمر الشريف)
9) ثلاثية القاهرة:
أ) بين القصرين (1956) : (حولت إلى فيلم من إخراج حسن الامام وبطولة يحي شاهين وصلاح قابيل)
ب) قصر الشوق (1957) : (حولت إلى فيلم من إخراج حسن الامام وبطولة يحي شاهين)
ج) السكرية (1957) : (حولت إلى فيلم من إخراج حسن الامام وبطولة يحي شاهين)
10) اللص والكلاب (1961) : (حولت إلى فيلم من بطولة شكري سرحان وشادية): والتي تحولت إلى مسلسل تليفزيونى بطولة (عبلة كامل)
11) السمان والخريف (1962) : (حولت إلى فيلم من بطولة محمود مرسي)
12) الطريق (1964) : (حولت إلى فيلم من بطولة شادية)
13) الشحاذ (1965) : (حولت إلى فيلم من بطولة محمود مرسي)
14) ثرثرة فوق النيل (1966) : (حولت إلى فيلم من بطولة عماد حمدي وعادل أدهم)
15) أولاد حارتنا (1968) : (نشرت مسلسلة في جريدة الأهرام عام 1959 ولم يكتمل نشر حلقاتها، ولأول مرة نشرت في لبنان عام 1967)
16) المرايا (1972) : (حولت إلى فيلم بطولة نور الشريف ونجلاء فتحي)
17) الحب تحت المطر (1973) : (حولت إلى فيلم بطولة نور الشريف)
18) الكرنك (1974) : (حولت إلى فيلم من بطولة سعاد حسني ونور الشريف وكمال الشناوي)
19) حكايات حارتنا (1975)
20) قلب الليل (1975) : (حولت إلى فيلم بطولة فريد شوقي)
21) حضرة المحترم (1975) : (حولت إلى مسلسل بطولة وسوسن بدر)
22) ملحمة الحرافيش (1977) : (حولت إلى فيلم بعنوان التوت والنبوت من إخراج نيازي مصطفى وبطولة عزت العلايلي)
23) عصر الحب (1980) : (حولت إلى فيلم من بطولة محمود يس)
24) أفراح القبة (1981)
25) وكالة البلح عام (1982) : (حولت إلى فيلم من بطولة نادية الجندي).
26) ليالي ألف ليلة (1982)
27) الباقي من الزمن ساعة (1982) : (حولت إلى مسلسل تلفزيوني من إخراج هاني لاشين)
28) أمام العرش (1983)
29) رحلة ابن فطومة (1983)
30) العائش في الحقيقة (1985)
31) يوم م*** الزعيم (1985)
32) حديث الصباح والمساء (1987) : (حولت إلى مسلسل تلفزيوني من بطولة ليلى علوي وأحمد ماهر)
33) قشتمر (1988).
34) الشريدة : (وحولت فيلم لنجلاء فتحي ومحمود يس ونبيلة عبيد).
35) ذات الوجهين : (حولت فيلم لشادية وعماد حمدي) ( ).
الباب الثاني
الفصل السابع
جوائزه
جوائزه :
1) جائزة قوت القلوب الدمرداشية - رادوبيس - 1943
2) جائزة وزارة المعارف - كفاح طيبة - 1944
3) جائزة مجمع اللغة العربية - خان الخليلي - 1946
4) جائزة الدولة في الأدب - بين القصرين - 1957
5) وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى - 1962
6) جائزة الدولة التقديرية في الآداب - 1968
7) وسام الجمهورية من الطبقة الأولى - 1972
8) جائزة نوبل للآداب - 1988
9) قلادة النيل العظمى - 1988
10) جائزه كفافيش ـ 2004 ( ).
رواية
بداية ونهاية
مقتطفات
شهريار
عقب صلاة الفجر، وسحب الظلام صامدة أمام دفقة الضياء المتوثبة، دعي الوزير دندان إلى مقابلة السلطان شهريار.. تلاشت رزانة دندان، خفق قلب الأبوة بين جوانحه، غمغم وهو يرتدى ملابسه: "الآن تقرر المصير.. مصيرك يا شهرزاد!"..
مضى في الطريق الصاعد إلى الجبل على برذون يتبعه نفر من الحراس ويتقدمه حامل مشعل، في جو مشعشع بالندى وبرودة مستأنسة.. ثلاثة أعوام مضت بين الخوف والرجاء، بين الموت والأمل.. مضت في رواية الحكايات، وبفضل الحكايات امتد الأجل بشهرزاد ثلاثة أعوام.. غير أن للحكايات نهاية ككل شيء ، وقد انتهت أمس، فأي قدر يرصدك يا ابنتي الحبيبة؟!..
دخل القصر الرابض فوق الجبل.. اقتاده الحاجب إلى شرفة خلفية تطل على الحديقة المترامية.. بدأ شهريار في مجلسه على ضوء قنديل واحد، سافر الرأس، غزير الشعر أسوده، تلتمع عيناه في وجهه الطويل، وتفترش أعلى صدره لحية عريضة.. قبل دندان الأرض بين يديه.. داخلته رهبة -رغم طول المعاشرة- لرجل حفل تاريخه بالصرامة والقسوة ودماء الأبرياء.. وأشار السلطان بإطفاء القنديل الوحيد فساد الظلام، ولاحت بوضوح نسبى أشباح الأشجار الفواحة.. تمتم شهريار:
ليكن الظلام كي أرصد انبثاق الضياء..
تفاءل دندان شيئا ما وقال:
متعك الله يا مولاي بأطيب ما في الليل والنهار..
صمت.. لم يستطع دندان أن يستشف ما وراء وجهه من رضا أو سخط حتى قال بهدوء:
- اقتضت مشيئتنا أن تبقى شهرزاد زوجة لنا..
وثب دندان واقفاً ثم انحنى على يد السلطان فلثمها بامتنان ودمع الشكر يتحرك فى أعماقه.
فليؤيد الله سلطانك إلى أبد الآبدين..
قال السلطان وكأنما تذكر ضحاياه:
العدل له وسائل متباينة، منها السيف ومنها العفو، ولله حكمته..
سدد الله خطاك إلى حكمته يا مولاي ..
فقال بارتياح:
حكاياتها السحر الحلال، تفتحت منها عوالم تدعو للتأمل..
ثمل الوزير بفرحته صامتاً فقال السلطان:
وأنجبت لي وليداً فسكنت عواصف النفس الهائجة..
لتهنأ يا مولاي بالسعادة في الدارين..
تمتم السلطان باقتضاب:
السعادة!..
قلق دندان لسبب غامض.. ارتفع صياح الديكة.. قال السلطان وكأنما يخاطب نفسه:
الوجود أغمض ما في الوجود!
غير أن نبرته تخففت من الحيرة وهو يقول:
انظر!..
نظر دندان نحو الأفق فرآه يتورد بالسرور المقدس..
شهرزاد
استأذن دندان في مقابلة ابنته شهرزاد ..... قادته قهرمانة إلي حجرة الورد ذات السجادة والستائر الموردة ... ذات الدواوين والوسائد المشربة بالحمرة ... هناك استقبلته شهرزاد واختها دنيا زاد ... قال الرجل :
- ينوء ظهري بالسعادة، فالحمد لله رب العالمين.
أجلسته شهرزاد إلي جانبها، على حين انسحبت دنيا زاد إلي مقصورتها ... قالت شهرزاد :
- نجوت من المصير الدامي برحمة من ربنا.
فغمغم الرجل شاكراً، فقالت بمرارة :
- ليرحم الله العذارى البريئات ...
- ما أحكمك وما أشجعك !
فقالت هامسة :
- ولكنك تعلم يا أبي أني تعيسة !
- حذار يا ابنتي فإن الخواطر تتجسد في القصور وتنطق !
فقالت :
- يا أبي، ضحيت بنفسي لأوقف شلال الدم ...
فتمتم :
- لله حكمته.
قالت بخنق :
- وللشيطان أولياؤه ...
قال يتوسل :
- إنه يحبك يا شهرزاد.
- الكبر والحب لا يجتمعان في قلب، إنه يحب ذاته أولاً وأخيراً ...
- للحب معجزاته أيضاً.
- كلما اقترب مني تنشقت رائحة الدم.
- السلطان ليس كبقية البشر ....
- لكن الجريمة هي الجريمة ... كم من عذراء ***، كم من تقي ورع أهلك، لم يبق في المملكة إلا المنافقون ....
فقال بحزن :
- ثقتي بالله لم تتزعزع قط ...
- أما أنا فأعرف أن مقامي في الصبر كما علمني الشيخ الأكبر.
فقال دندان باسماً :
- نعم الاستاذ، ونعمت التلميذة ... ( ).
الشيخ
يقيم الشيخ عبد الله البلتحي في دار بسيطة بالحي القديم ... تتطلع نظرته الحالمة في قلوب الكثيرين من تلاميذه القدامى والمحدثين، وتنطبع بعمق أبدي في قلوب المريدين ... العباءة الكاملة عنده مقدمة ليس إلا، فهو شيخ الطريق وقد بلغ من مقام الحب والرضي ... وعندما غادر خلوته إلي حجرة الاستقبال أقبلت عليه زبيدة ابنته المراهقة والوحيدة وقالت بسرور :
- المدينة فرحان يا أبي.
فتسأل دون مبالاة :
- ألم يصل بعد الطبيب عبد القادر المهيني ؟
- لعله في الطريق يا أبي، لكن المدينة فرحانة لأن السلطان رضي بشهرزاد زوجة له وعدل عن سفك الدماء ...
- لا شيء يخرجه من هدوئه ... الرضي في قلبه لا ينقص ولا يزيد ... وزبيدة ابنه وتلميذه ولكنها ما زالت في أول الطريق ... وسمعت على الباب طرقاً فمضت قائلة :
- جاء صديقك لزيارته المعتادة ...
دخل الطبيب عبد القادر المهيني فتعانقا ثم اقتعد شلته إلي جانب صديقه ... ودارت المناجاة كالمعتاد على ضوء مصباح في كوة ... قال عبد القادر :
- عرفت لا شك الخبر السعيد ...
فقال باسماً :
- عرفت ما يهمني معرفته.
فقال الطبيب :
- الحناجر تدعو لشهرزاد بينا أنك أنت صاحب الفضل الأول ...
فقال بعتاب :
- الفضل للمحبوب وحده ...
- إني مؤمن أيضاً ولكنى أتابع المقدمات والنتائج، لولا أنها تتلمذت على يديك صبية ما كانت شهرزاد ... لولا كلماتك ما وجدت من الحكايات ما تصرف به السلطان عن سفك الدماء ...
قال الشيخ :
- يا صديقي؛ لا عيب فيك إلا أنك تغالي في تسليمك للعقل ...
- إنه زينة الإنسان ...
- من العقل أن نعرف حدود العقل ...
فقال عبد القادر :
- من المؤمنين من يرون أنه بلا جدوي.
- لقد فشلت في جذب الكثيرين إلي الطريق، أنت على رأسهم ...
- الناس مساكين يا مولاي، في حاجة إلي من يتعامل معهم ويبصرهم بحياتهم
فقال الشيخ بثقة :
- رب روح طاهرة تنقذ أمة عاملة ...
فتسأل الطبيب بامتعاض :
- على السلولي حاكم حينا، كيف تنقذ الحي من فساده ؟!
فقال بأي :
- لكن المجتهدين مراتب ...
فقال بإصرار :
- إني طبيب، وما يصلح الدنيا هو ما يهمني ...
فربت على يده برقة فابتسم الطبيب وقال :
- ولكنك الخبر والبركة ...
- احمد الله، فلا السرور يستخفني ولا الحزن يلمسني ...
- أما أنا فحزين يا صديقي العزيز ... كلما تذكرت الأتقياء الذين استشهدوا لقول الحق، واحتجاجاً على سفك الدماء ونهب الأموال ازددت حزناً !
قال الشيخ :
- شد ما تأسرنا الأشياء ...
فقال عبد القادر في رثاء :
- استشهد الشرفاء الأتقياء، أسفي عليك يا مدينتي التي لا يتسلط عليك اليوم إلا المنافقون، لم يا مولاي لا يبقي في المزاوي إلا شر البقر ؟!
- ما أكثر عشاق الأشياء الخسيسة ...
وترامت إليهما من أطراف الحي أصوات وطبل فأدركا أن الأهالي يحتفلون بالخبر السعيد ... عن ذاك قرر الطبيب أن يذهب إلي مقهي الأمراء ( ).
رواية
مقتطفات من
ألف ليلة وليلة
مقهي الأمراء
يتوسط المقهى الجانب الأيمن من الشارع التجاري الكبير ... وهو مربع الأركان واسع المساحة، يفتح مدخله على الطريق العام وتطل نوافذه على حوار جانبية ... تقوم في جوانبه الأرائك للسادة، وتستقر في دائرة من وسطه الثلث للعامة ... يقدم مشروبات شتي؛ ساخنة وباردة تبعاً للفصول، وبه أيضاً أجود صنوف المنزول والحشيش ... تشهد لياليه كثيرين من السادة أمثال صنعان الجمالي وابنه فاضل، وحمدان طنيشه وكرم الأصيل وإبراهيم العطار وابن حسن، كما تشهد كثيرين من العامة أمثال رجب الجمال وزميله السندباد.
غلب المرح على الجميع في تلك الليلة السعيدة، وسرعان ما انضم الطبيب عبد القادر المهيني إلي مجلس يضم إبراهيم العطار وكرم الأصيل صاحب الملايين، أفاقوا ليلتهم من خوف متسلط، واطمأن كل أب لعذراء جميلة، فوعده النوم بأحلام تخلو من الأشباح المخيفة...
وترددت أصوات :
- الفاتحة على أرواح الضحايا...
- من العذارى والرجال الأتقياء ...
- وداعاً للدموع ...
- الحمد والشكر لله رب العالمين ...
- وطول العمر لدرة النساء شهرزاد ...
- شكراً للحكايات الجميلة ...
- ما هي إلا رحمة الله حلت ...
تواصل المرح والحديث حتى علا صوت رجب الجمال متسائلاً :
- أمجنون أنت يا سندباد ؟
فسأل عجر الشغوف بدس أنفه في كل شيء :
- ماذا جنن في هذه الليلة السعيدة ؟
- يبدو أنه كره عمله وضاق بالمدينة، لا يريد أن يكون حمالاً بعد اليوم ...
- أيطمع في أن يتولى إمارة الحي ؟
- ذهب إلي إبان سفينة وما زال به حتى قبله خادماً بها ...
فقال إبراهيم السقاء :
- مجنون من يعرض عن رزق مضمون على البر ليجري وراء رزق مجهول فوق الماء...
فقال معروف الإسكافي :
- الماء الذي يستمد غذائه من الجثث منذ قديم الزمان ...
فقال السندباد بتحد :
- ضجرت من الأزقة والحواري، ضجرت من حمل الأثاث والنقل، لا أمل في مشهد جديد، هناك حياة آخري، يتصل النهر بالبحر، يتوغل البحر في المجهول، يتمخض المجهول عن جزر وجبال وأحياء وملائكة وشياطين، ثمة نداء عجيب لا يقاوم، قلت لنفسي جرب حظك يا سندباد وألق بذاتك في أحضان الغيب ...
فقال نور الدين بياع العطور :
- الحركة بركة ...
فقال السندباد :
- تحية جميلة من زميل الصبا ...
فقال عجر الحلاق ساخراً :
- هل تتمسح في السادة يا حمال ؟
فقال نور الدين :
- جلسنا جنباً إلي جنب في الزاوية نتلقى الدرس على يد مولانا عبد الله البلتحي ...
فقال السندباد :
- وقنعت بمبادئ القراءة والدين شأن الكثيرين ...
فقال عجر مواصلاً سخريته :
- لن ينقص بذهابك البر ولن يزيد البحر ...
عند ذلك قال له الطبيب عبد القادر المهيني :
- اذهب مصحوباً برعاية الله، ولكن اشحذ حواسك، ليتك تسجل ما يصادفك من بديع المشاهدات، فقد أمرنا الله بذلك. متي تسافر ؟
فقال متمتماً :
صباح الغد، استودعكم الله الحي الباقي ...
فقال رجب الحمال صديقه :
- ما أحزنني لفراقك يا سندباد ! ... ( ).
الباب الثاني
الفصل الثامن
قصصه القصيرة
قصصه القصيرة :
1) همس الجنون (1938).
2) دنيا الله (1962).
3) بيت سيء السمعة (1965).
4) خمارة القط الأسود (1969).
5) تحت المظلة (1969).
6) حكاية بلا بداية وبلا نهاية (1971).
7) شهر العسل (1971).
8) الجريمة (1973).
9) الحب فوق هضبة الهرم (1979) : (حُولت إلى فيلم من بطولة أحمد زكي وآثار الحكيم)
قصة قصيرة
همس الجنون
مقتطف منها
ما الجنون ؟!!!
إنه فيما يبدو حالة غامضة كالحياة والموت، تستطيع أن تعرف الشيء الكثير عنها إذا نظرت إليها من الخارج، أما الباطن أو الجوهر فسر مغلق، وصاحبنا يعرف الآن أنه نزل بعض الوقت ضيفاً بالخانكة، ويذكر الآن ـ أيضاً ـ ما في حياته كما يذكره العقلاء جميعاً، وكما يعرف حاضره. أم تلك الفترة القصيرة ـ قصيرة وكانت الحمد لله ـ فيقف وعيه حيال ذكرياتها ذاهلاً حائراً لا يدري من أمرها شيئاً تطمئن إليه النفس، كانت رحلة إلي عالم بشري عجيب، ملء بالضباب تتحايل لعينة منه ( ).
وجوه لا تتضح ملامحها، كلما حاول أن يسلط عليها بصيصاً من نور الذاكرة ولت هاربة فابتلعتها الظلمة، ويجر أذنيه منه أحياناً ما يشبه المهمة، وما إن يرهف السمع ليميز مواقعها حتى تفر متراجعة تاركة صمتاً وحيرة، ضاعت تلك الفترة السحرية بما خلفت من لذة وألم ( ).
حتى الذين عاصروا عهدها العجيب قد أسدلوا عليها ستاراً كثيفاً من الصمت والتجاهل لحكمة لا تخفي، فاندثرت دون أن يتاح لها مؤرخ امين يحدث بأعاجيبها. تري كيف حدثت ؟ متى وقعت ؟ كيف أدرك الناس أن هذا العقل غدا شيئاً غير العقل؟ وأن صاحبه غدا فرداً شاذاً يجب عزله بعيد عن الناس كأنه الحيوان المفترس ؟!!!
كان إنساناً هادئاً أخص ما يوصف به الهدوء المطلق، ولعل ذلك ما حبب إليه الجمود والكسل، وزهده مع الناس والنشاط، ولذلك عدل عن مرحلة التعليم في وقت باكر، وأبي أن يعمل مكتفياً بدخل لا بأس به.
وكانت لذته الكبرى أن يطمئن إلي مجلس منعزلاً على طوار القهوة فيشبك راحتيه على ركبته، ويلبث ساعات متتابعاً جامداً صامتاً، يشاهد الرائحين والغادين بطرف ناعس وجفنين ثقيلين، لا يمل ولا يتعب ولا يجزع، فعلى كرسيه من الطوار كانت حياته ولذته، ولكن وراء ذلك المظهر البليد الساكن حياة أو حركة في قرارة النفس أو الخيال، كان هدوئه شامل الظاهر والباطن الجسم والعقل والحواس والخيال، كان تمثالاً من لحم ودم يلوح كاتماً يشاهد الناس وهم بمعزل عن الحياة جميعاً، ثم ماذا؟!!!
حدث في الماء الآسن حركة غريبة فجائية كأنما أُلقي فيه بحجر.
كيف ؟!!!
رأى يوما ـ إذ هو مطمئن إلى كرسيه على الطوار ـ عمالاً يملئون الطريق ، يرشون رملاً أصفر فاقعاً يسر الناظرين ، بين يدي موكب خطير . ولأول مرة في حياته يستثير دهشته شيء فيتساءل : لماذا يرشون الرمل ؟ ثم قال لنفسه : إنه يثور فيملأ الخياشيم ويؤذي الناس ، وهم أنفسهم يرجعون سراعا فيكنسونه ويلمونه ، فلماذا يرشونه إذن ؟! وربما كان الأمر أتفه من أن يوجب التساؤل أو الحيرة ، ولكن تساؤله بدا له كأخطر حقيقة في حياته وقتذاك ، فخال أنه بصدد مسألة من مسائل الكون الكبرى ، ووجد في عملية الرش أولاً والكنس أخيراً والأذى فيما بين هذا وذاك حيرة أي حيرة ، بل أحس ميلاً إلى الضحك ، ونادراً ما كان يفعل ، فضحك ضحكاً متواصلاً حتى دمعت عيناه . ولم يكن ضحكه هذا محض انفعال طارئ ، فالواقع أنه كان نذير تغيير شامل ، خرج به من صمته الرهيب إلى حال جديدة ، ومضى يومه حائراً أو ضاحكاً ، يحدث نفسه فيقول كالذاهل : يرشون فيؤذون ثم يكنسون ... ها ها ها ! ( ).
وفي صباح اليوم الثاني لم يكن أفاق من حيرته بعد . ووقف أما المرآة يهيئ من شأنه ، فوقعت عيناه على ربطة رقبته وسرعان ما أدركته حيرة جديدة . فتساءل : لماذا يربط رقبته على هذا النحو ؟ ما فائدة هذه الربطة ؟!!! لماذا نشق على أنفسنا في اختيار لونها وانتقاء مادتها ؟ وما يدري إلا وهو يضحك كما ضحك بالأمس ، وجعل يرنو إلى ربطة الرقبة بحيرة ودهشة ، ومضى يقلب عينيه في أجزاء من ملابسه جميعاً بإنكار وغرابة . ما حكمة تكفين أنفسنا على هذا الحال المضحك ؟ لماذا لا نخلع هذه الثياب ونطرحها أرضاً ؟ لماذا لا نبدو كما سوانا الله ؟ بيد أنه لم يتوقف عن ارتداء ملابسه حتى انتهى منها ، وغادر البيت كعادته.
ولم يعد يذوق هدوءه الكثيف الذي عاش في إهابه دهراً طويلا قانعاً مطمئناً. كيف له بالهدوء وهذه الثياب الثقيلة تأخذ بخناقه على رغمه ؟! أجل على رغمه . وقد اجتاحته موجة غضب وهو يحث خطاه ، وكبر عليه أن يرضى بقيد على رغمه . أليس الإنسان حراً ؟ وتفكَّر ملياً ثم أجاب بحماس : بلى أنا حر . وملأه بغتة الشعور بالحرية ، وأضاء نور الحرية جوانب روحه حتى استخفه الطرب . أجل هو حر . نزلت عليه الحرية كالوحي فملأه يقيناً لا سبيل إلى الشك فيه ، إنه حر يفعل ما يشاء كيف شاء حين يشاء ، غير مذعن لقوة أو خاضع لعلة لسبب خارجي أو باعث باطني. حل مسألة الإرادة في ثانية واحدة، وأنقذها بحماس فائق من وطأة العلل ، وداخله شعور بالسعادة والتفوق عجيب ، فألقى نظرة ازدراءً على الخلق الذين يضربون في جوانب السبل مسيَّرين مصفدين لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ، إذا ساروا لم يملكوا أن يقفوا ، وإذا وقفوا لم يملكوا أن يسيروا ، أما هو فيسير إذا أراد ويقف حين يريد ، مزدرياً كل قوة أو قانون أو غريزة . وأهاب به شعوره الباهر أن يجرب قوته الخارقة فلم يستطع أن يعرض عن نداء الحرية . توقف عن مسيره بغتة وهو يقول لنفسه : (ها أنا ذا أقف لغير ما سبب) . ونظر فيما حوله في ثوان ثم تساءل : أيستطيع أن يرفع يديه إلى رأسه؟ أجل يستطيع ، وها هو ذا يرفع يديه غير مكترث لأحد من الناس. ثم تساءل مرة أخرى : هل تواتيه الشجاعة على أن يقف على قدم واحدة ؟ وقال لنفسه : فلم لا أستطيع وما عسى أن يعتاق حريتي ؟! وراح يرفع يسراه كأنه يقوم بحركة رياضية في أناة وعدم مبالاة كأنه وحده في الطريق بلا رقيب. وغمرت فؤاده طمأنينة سعيدة وملأته ثقة بالنفس لا حد لها ، فمضى يتأسف على ما فاته طوال عمره من فرض كانت جديرة بأن تمتعه بحريته وتسعده ، واستأنف مسيره وكأنه يستقبل الحياة من جديد .
ومر في طريقه إلى القهوة بمطعم كان يتناول فيه عشاءه في بعض الأحايين ، فرأى على طواره مائدة مليئة بما لذ وطاب . يجلس إليها ورجل وامرأة متقابلين يأكلان مريئاً ويشربان هنيئاً ، وعلى بعد يسير جلس جماعة من غلمان السبل ، عرايا إلا من أسمال بالية ، تغشى وجوههم وبشرتهم طبقة غليظة من غبار وقذارة ، فلم يرتح لما بين المنظرين من تنافر ، وشاركته حريته عدم ارتياحه فأبت عليه أن يمر بالمطعم مرور الكرام. ولكن ما عسى أن يصنع؟ قال له فؤاده بعزم ويقين: (ينبغي أن يأكل الغلمان مع الآخرين) . ولكن الآكلين لا يتنازلان عن شيء من هذه الدجاجة أمامهما بسلام، هذا حق لا ريب فيه، أما إذا رمى بها إلى الأرض فتلوثت بالتراب فما من قوة تستطيع أن تحرم الغلمان إياها، فهل ثمة مانع يمنعه من تحقيق رغبته ؟ .. هيهات ، وربما كان التردد ممكناً في زمن مضى ، أما الآن فمحال ... واقترب من المائدة بهدوء ، ومد يده إلى الطبق فتناول الدجاجة ، ثم رمى بها عند أقدام العرايا ، وتحول عن المائدة وسار إلى حال سبيله كأنما لم يأت أمراً منكراً ، غير عابئ بالزئير الذي يلاحقه مفعماً بأقذع السباب والشتائم ، بل غلبه الضحك على أمره ، فاسترسل ضاحكاً حتى دمعت عيناه . وتنهد بارتياح من الأعماق ، وعاوده شعوره العميق بالطمأنينة والثقة والسعادة.
وبلغ القهوة فمضى إلى كرسيه واطمأن إليه كعادته ، بيد أنه لم يستطع هذه المرة أن يشبك راحتيه حول ركبته ويستسلم لسكوته المعهود ، لم تطاوعه نفسه ، فقد فقدت قدرتها على الجمود ، أو برئت من عجزها عن الحركة فنبا به مجلسه ، حتى هم بالنهوض ، إلا أنه رأى ـ في تلك اللحظة - شخصاً غير غريب عن ناظريه وإن لم تصله به أسباب التعارف . كان من رواد المقهى مثله . وكان جسماً ضخماً وأوداجاً منتفخة ، يسير مرفوع الرأس في خيلاء ، ملقياً على ما حوله نظرة ترفع وازدراء ، تنطق كل حركة من حركاته وكل سكنة من سكناته بالزهو كأنما يثير الخلق في نفسه ما تثيره الديدان في نفس رقيقة مرهفة الحس ، وكأنه يراه لأول مرة . بدا له قبحه وشذوذه ، فغالبته هذه الضحكة الغريبة التي ما انفكت هذين اليومين تعابثه ، ولم تفارقه عيناه ، وثبتت خاصة على قفاه يبرز من البنيقة عريضاً ممتلئاً مغرياً . وتساءل : أيتركه يمر بسلام ؟! معاذ الله ، لقد ألف داعي الحرية ، وعاهده ألا يخالف له أمراً ، وهز منكبيه استهانة واقترب من الرجل فكاد يلاصقه ، ورفع يده ، وهوى بكفه على القفا بكل ما أوتي من قوة ، فرنت الصفعة رنيناً عالياً ، ولم يتمالك نفسه فأغرب ضاحكاً ،ولكن لم تنته هذه التجربة بسلام كأختها السابقة ، فالتفت الرجل نحوه في غضب جنوني ، وأمسك بتلابيبه وانهال عليه ضربا وركلاً حتى خلص بينهما بعض الجلوس . وفارق القهوة لاهثاً ، ومن عجب أنه لم يستشعر الغضب ولا الندم.
الباب الثاني
الفصل التاسع
الأشياء التي يدافع عنها نجيب في رواياته
الأشياء التي يدافع عنها نجيب في رواياته :
1) استقلال مصر وتحريرها من الاحتلال الأجنبي كما يتضح لنا في ثلاثيته المشهورة (بين القسرين ـ قصر الشوق ـ السكرية)، فالنغمة الأساسية في هذه الرواية الخالدة هي نغمة تحرير الوطن من الاحتلال وتخليصه من أيدي الأجنبي الذي استولي على الأرض ونهب الثورة وقهر البلاد والعباد.
2) في كثير من أعمال نجيب محفوظ دعوة قوية إلي العدل الاجتماعي الذي يؤدي إلي التراحم بين الناس، كما نجد في روايته (الحرافيش) وروايته (اللص والكلاب) وغيرهما من الروايات، فهل العدالة دعوة معادية للإسلام ومنافية لمبادئه ؟ إن من يقول بذلك هو هازل كاذب على الله والناس.
3) من المبادئ التي يعشقها نجيب محفوظ ويدافع عنها في أدب رفيع وحماسة صادقة وإمتاع جبار لا يتزعزع مبدأ الحرية، نجيب محفوظ عاشق للحرية عشقاً يذكرنا بكلام عمر بن الخطاب عندما قال : (متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ؟!!).
4) في أدب نجيب محفوظ كثيرون من المتصوفين (أحباب الله) كما نجد في روايته (اللص والكلاب) وهؤلاء المتصوفون هم نموذج السلام والصفاء وراحة الضمير.
5) في أدب نجيب محفوظ إيمان في غاية السمو بالقضاء والقدر وهو مبدأ من أهم مبادئ الإسلام الجوهرية، ويكفي أن تشير (اللص والكلاب) التي أراد بطلها (سعيد مهران) أن ينتقم من الذين خانوه ف*** أناساً أبرياء، فكأنه أراد أن يعاند القضاء والقدر فانتهي به الأمر إلي مأساة.
6) درس نجيب في الفلسفة وتخرج في قسم الفلسفة بكلية الآداب، وكان تلميذاً مقرباً لأحد كبار علماء الدين الإسلامي المعاصرين، وهو الشيخ مصطفي عبد الرازق وكان في بداية حياته ( ).
الباب الثاني
الفصل العاشر
العصر الحديث
العصر الحديث
بدأ العصر الحديث في القرن السادس عشر، وقد تسببت العديد من الأحداث الكبرى في تغيير شكل أوروبا في الفترة من نهاية القرن الخامس عشر وحتى القرن السادس عشر بدءً من فتح القسطنطينية.
وهذا العصر قد كتب فيه كتاب كثيرون أمثال طه حسين، نجيب محفوظ.
وقد تطورت النهضة الأدبية في هذا العصر على يد الكتاب والمؤلفون، وحتي يومنا هذا ما زال العصر الحديث مستمر، ولقد بحث فيه كثير من الكتاب.
الباب الثاني
الفصل الحادي عشر
الخاتمة
الخاتمة
وفي النهاية؛ أرجو من الله تعالي أن أكون قد وفقت في كتابة موضوعي في بحثي هذا، وأن أكون قد نلت شرف إعجابكم بموضوعي، متمنية من الله عز وجل أن أحصل على أعلى الدرجات والمراتب من سيادتكم.
وفي نهاية بحثي أريد أن أحدثكم عن نتائج بحثي هذا :
النتائج :
1) لقد قمت بمعرفة الكثير والكثير عن نجيب محفوظ.
2) لقد زودت معلوماتي عن العصر الذي ينتمي إليه.
3) معرفة سبب تكفير نجيب محفوظ.
4) معرفة سبب محاولة اغتياله.
5) معرفة الأشياء التي قام بالدفاع عنها في رواياته.
الفهرس
المـبـحــــــــث المـصـــــــــــــدر رقـــــم الصفحة
الأشياء التي يدافع عنها نجيب في رواياته - نجيب محفوظ في ضوء نزاعاته الأدبية 20 ـ 21
أقواله ـ أحاديث في الأدب 25 ـ 26
جوائزه ـ كتب نجيب محفوظ من الجمالية إلي نوبل 15
حياته ونشأته ـ في حب نجيب محفوظ
ـ ولادة متعسرة للدكتور نجيب محفوظ
ـ نجيب محفوظ سيرة أدبية وذاتية 241
2
2
رواياته ـ في حب نجيب محفوظ
ـ بداية ونهاية
ـ ألف ليلة وليلة 272
7
5
قصصه القصيرة - الأعمال الكاملة لنجيب محفوظ ( الجزء الأول والثاني ) 4 ، 5
6
محاولة اغتياله - أدب نجيب محفوظ وإشكالية الصراع بين الإسلام والتغريب 60
مسيرته الأدبية ـ بانوراما النقدية في الأدب والفن والسياسة 3
وفاته ـ نجيب محفوظ سيرة أدبية وذاتية 85
أول شخصية عربية حاصلة على
جائزة نوبل في الأدب
تحت إشراف
إعداد
الفرقة
العام الجامعي 2015م
شكر وتقدير
في البداية ؛ أحب أن أشكر الله عز وجل الذي وفقني في كتابة هذا البحث، وأعانني في اختيار الموضوع، وساعدني في اختيار موضوعي بطريقة جيدة، وأحب أن أشكر الأستاذ الدكتور / إسماعيل العبد المنشاوي الذي قام بواجبه نحونا وأشار إلي المواضيع التي نحتاجها والمعلومات المهمة من أجل بحثنا لكي لا نصعب علينا أمراً.
وأحب أيضاً أن أشكر أبي وأمي اللذان هيأ لي الجو والوقت لكي أكتب موضوعي بطريقة جيدة وفي راحة نفسية لي.
وأيضاً أشكر أمين المكتبة الذي ساعدني في اقتناء الكتب، كي لا أضيع مني وقتي والكتابة في هدوء.
الحمد لله الذي لولاه ما جري قلم ولا تكلم لسان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد كان أفصح الناس لساناً وأوضحهم بياناً، ثم أما بعد فإنه من دواعي سروري أن أتيحت لي الفرصة للكتابة عن هذا الكاتب العظيم الذي يتمني الكل معرفته، وهذا الكاتب من العصر الحديث.
وقبل أن أتحدث عنه أود أن أخبركم أهمية هذا الموضوع، والدوافع التي جعلتني أكتب في هذا الموضوع، والصعوبات التي واجهتني، والمصادر التي رجعت إليها عند كتابة موضوعي.
أولاً : أهمية الموضوع :
1- إثراء الحياة الأدبية والتعرف عليها.
2- معرفة من هو الكاتب الذي حصل على جائزة نوبل.
3- التعرف على كُتَاب العصر الحديث.
4- القدرة على تعليم الصغار على الكاتب.
5- معرفة قصصه التي أثارت الجميع.
ثانياً : الدوافع التي جعلتني أكتب في هذا الموضوع :
1- أن هذا الكاتب شخصية مرموقة ومشهورة.
2- تزويد معلوماتي عن هذا الكاتب.
3- لم يستطيع أحد أن يعطيه حقه كفاية في البحث عنه.
4- لقد هزتني أعماله، فله أعمال كثيرة وجيدة.
5- أعجبتني مقولته : " العقل الواعي هو القادر على احترام الفكرة حتى لو لم يؤمن بها ".
ثالثاً : الصعوبات التي واجهتني :
1- قلة المصادر التي أريدها عن هذا الكاتب.
2- له أعمال كثيرة وخفت ألا أوفيه حقه فيها.
3- لم يوجد لدي وقت كافي في يومي للبحث عنه.
رابعاً : المصادر التي رجعت إليها في كتابة موضوعي :
1- في حب نجيب محفوظ (رجاء النقاش).
2- الأعمال الكاملة نجيب محفوظ (الجزء الأول والثاني).
3- ليالي ألف ليلة.
4- بداية ونهاية.
5- أدب نجيب محفوظ وإشكالية الصراع بين الإسلام والتغريب.
6- أحاديث في الأدب (سيد الزواوي).
7- بانوراما النقدية في الأدب والفن والسياسة.
8- نجيب محفوظ في ضوء نزاعاته الأدبية.
9- نجيب محفوظ سيرة أدبية وذاتية.
10- كتب نجيب محفوظ من الجمالية إلي نوبل.
11- حالة ولادة متعسرة للدكتور نجيب محفوظ.
عناصر البحث :
الباب الأول : سيرته الأدبية والذاتية :
الفصل الأول : حياته ونشأته.
الفصل الثاني : مسيرته الأدبية.
الفصل الثالث : محاولة اغتياله.
الفصل الرابع : أقواله.
الفصل الخامس : وفاته.
الباب الثاني : أعماله وكتبه ورواياته :
الفصل السادس : رواياته.
الفصل السابع : جوائزه.
الفصل الثامن : قصصه القصيرة.
الفصل التاسع : الأشياء التي يدافع عنها نجيب في رواياته.
الفصل العاشر : معلومات عن العصر الحديث.
الفصل الحادي عشر : الخاتمة.
الباب الأول
الفصل الأول
حياته ونشأته
سيرته :
هو نجيب محفوظ، ولد في 11 ديسمبر عام 1911م، وحصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة عام 1934م، أمضي طفولته في حي الجمالية، ثم انتقل إلي العباسية والحسين والغورية، وهي أحد أحياء القاهرة القديمة التي أثارت اهتمامه في أعماله الأدبية وفي حياته الخاصة.
حصل على اجازة في الفلسفة عام 1934م، وأثناء إعداده لرسالة الماجستير وقع فريسة لصراع حاد بين متابعة دراسة الفلسفة وميله إلي الأدب الذي نمي في السنوات الأخيرة لتخصصه بعد قراءة العقاد وطه حسين.
اسمه الكامل (نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم احمد الباشا) وأصل أسرته من مدينة رشيد على شاطئ البحر المتوسط، وفي بعض الصحف القديمة قرأ أن اسمه الكامل (نجيب محفوظ بن عبد العزيز السبيلجي) ( ).
ولم يكن يعرف معني كلمة السبيلجي، وقد خطر للكاتب أنها اسم ينحدر إلي الأسرة من أيام المماليك أو ما يشبه ذلك، حتي شرح نجيب هذه الكلمة في أحد أحاديثه الصحفية، وتبين أن الأمر كله لا يعدو أن يكون نكتة أو فكاهة.
ويقول نجيب أن كلمة السبيلجي لا علاقة لها باسم أسرتي، فهي كلمة أطلقها الدكتور / أدهم رجب، فقد كان لي جد يعمل ناظر لكتاب من الكتاتيب القديمة، وكان لهذا الكتاب سبيل وكنت أحكي لأصدقائي هذه الحكاية، فقال لي أدهم : أطلع يا ابن السبيلجي، والسبيل كما هو معروف في مصر بالمكان الذي يشرب منه العابرون، وقد كانت الأسبلة من أعمال الخير المشهورة ( ).
كان نجيب محفوظ في الثامنة من عمره عندما انتفض الشعب المصري أول انتفاضة شعبية حقيقية شاملة في تاريخه الحديث سنة 1919م، ورأي الطفل الصغير المظاهرات والمصادمات الدموية بين المصريين والانجليز، من سرقة منزله في ميدان بيت القاضي بحي الجمالية الذي بناه بدر الجمالي أحد القواد الفاطمية، وشاهد مظاهرات النساء الشعبيات بالملاءات اللف.
وقبل ثماني سنوات من هذه الثورة التي أثرت بعمق في شخصية نجيب وأدب نجيب ( ) ، وتحديداً في مساء 11 ديسمبر 1911م كانت زوجة عبد العزيز إبراهيم احمد الباشا تعاني حالة ولادة متعسرة، ولم تستطع الداية فعل شيء إلا الاستنجاد بالزوج الذي أسرع أحد أصدقائه احضار الدكتور " نجيب محفوظ " ( ) الذي أصبح من أشهر أطباء النساء والتوليد في العالم. وأصر الأب على أن يسمي وليده باسم الدكتور القبطي الشهير ( ).
كان نجيب محفوظ أصغر الأبناء، لكنه عاش مع أبيه وأمه كأنه طفل وحيد؛ لأن الفارق الزمني بينه وبين أصغر إخوته كان لا يقل عن عشر سنوات، وكانوا كلهم رجالاً ونساء قد تزوجوا وغادروا بيت العائلة، إلا أصغرهم الذي التحق بالكلية الحربية، ثم عمل بالسودان بعد تخرجه مباشرة، لذلك كانت علاقته بأمه علاقة وطيدة داخل البيت، ويصف نجيب والدته بأنها: "سيدة أمية لا تقرأ ولا تكتب، ومع ذلك كانت مخزناً للثقافة الشعبية. والغريب أن والدته كانت دائمة التردد على المتحف المصري، وتزوره باستمرار وتذهب لزيارة الآثار القبطية خاصة دير "مار جرجس" ( ).
أما والده فكان موظفا "ولم يكن من هواة القراءة، والكتاب الوحيد الذي قرأه بعد القرآن الكريم هو "حديث عيسى بن هشام"؛ لأن مؤلفه المويلحي كان صديقاً له، وعندما أحيل إلى المعاش عمل في مصنع للنحاس يملكه أحد أصدقائه.
التحق نجيب محفوظ بالكتاب وهو صغير جداً ليتخلص أهل البيت من شقاوته، لكنه عندما أصبح تلميذاً بالابتدائية لم يكن والده بحاجة إلى حثه على المذاكرة؛ لأنه كان مجتهداً بالفعل ومن الأوائل دائماً، أما أولى المحطات الفاصلة في حياته فكانت حصوله على شهادة "البكالوريا" التي تؤهله لدخول الجامعة، كان والده يرى أن أهم وظيفتين في مصر هما وكيل النيابة والطبيب، لذلك أصر على التحاق ابنه بكلية الطب أو كلية الحقوق، وكان أصدقاؤه مع هذا الرأي من حيث إن نجيب محفوظ كان متفوقاً في المواد العلمية، وكان ينجح بصعوبة في المواد الأدبية كالجغرافيا والتاريخ واللغتين الإنجليزية والفرنسية، والمادة الأدبية الوحيدة التي تفوق فيها كانت هي اللغة العربية، وكان نجاحه في البكالوريا عام 1930 بمجموع 60% وترتيبه العشرين على المدرسة، وكان هذا المجموع يلحقه بكلية الحقوق مجاناً، لكنه اختار لنفسه كلية الآداب قسم الفلسفة.
وبعد تخرجه سنة (1934م) التحق نجيب محفوظ بالسلك الحكومي، وعمل سكرتيراً برلمانياً بوزارة الأوقاف من 1938 إلى 1945، ثم عمل بمكتبة "الغوري" بالأزهر، ثم مديراً لمؤسسة القرض الحسن بوزارة الأوقاف حتى عام 1954، فمديراً لمكتب وزير الإرشاد، ثم مديرا للرقابة على المصنفات الفنية، وفي عام 1960 عمل مديرًا عامًّا لمؤسسة دعم السينما، فمستشاراً للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتليفزيون.
بدأ كتابة القصة القصيرة عام 1936 . وانصرف إلى العمل الأدبي بصورة شبه دائمة بعد التحاقه في الوظيفة العامة.
وعمل في عدد من الوظائف الرسمية، ونشر رواياته الأولى عن التاريخ الفرعوني. ولكن موهبته ستتجلى في ثلاثيته الشهيرة ( بين القصرين، وقصر الشوق، والسكرية) التي انتهى من كتابتها عام 1952 ولم يتسن له نشرها قبل العام 1956 نظراً لضخامة حجمها.
نقل نجيب محفوظ في أعماله حياة الطبقة المتوسطة في أحياء القاهرة، فعبر عن همومها وأحلامها، وعكس قلقها. كما صور حياة الأسرة المصرية في علاقاتها الداخلية وامتداد هذه العلاقات في المجتمع.
ولكن هذه الأعمال التي اتسمت بالواقعية الحية لم تلبث أن اتخذت طابعاً رمزياً كما في رواياته " أولاد حارتنا" و "الحرافيش" و "رحلة ابن فطومة".
بين عامي 1952 و 1959 كتب عددا من السيناريوهات للسينما. ولم تكن هذه السيناريوهات تتصل بأعماله الروائية التي سيتحول عدد منها إلى الشاشة في فترة متأخرة، ومن هذه الأعمال " بداية ونهاية" و " الثلاثية" و "ثرثرة فوق النيل" و" اللص والكلاب".
صدر له ما يقارب الخمسين مؤلفا من الروايات والمجموعات القصصية، وترجمت معظم أعماله الي 33 لغة في العالم ( ).
وهو روائي مصري، هو أول عربي حائز على جائزة نوبل في الأدب كتب نجيب محفوظ منذ بداية الأربعينيات واستمر حتى 2004. تدور أحداث جميع رواياته في مصر، وتظهر فيها تيمة متكررة هي الحارة التي تعادل العالم. من أشهر أعماله الثلاثية وأولاد حارتنا التي مُنعت من النشر في مصر منذ صدورها وحتى وقتٍ قريب. بينما يُصنف أديب محفوظ باعتباره أدباً واقعياً، فإن مواضيع وجودية تظهر فيه.
وهو أكثر أديب عربي حولت أعماله إلى السينما والتلفزيون. سُمي نجيب محفوظ باسمٍ مركب تقديراً من والده عبد العزيز إبراهيم للطبيب أبو عوف نجيب باشا محفوظ الذي أشرف على ولادته التي كانت متعسرة.
لغاية (1988) نشر (33) رواية، (13) مجموعة قصص قصيرة، حوالي (50) قصة، انتشرت في المجلات والجرائد أكثر من (300) مقال وحوالي (400) حوار صحفي، وانتشر عن فكره ومؤلفاته (400) كتاب، وكتب عنه حوالي (2000) مقال، وعن حياته أكثر من (20) رسالة جامعية.
الباب الأول
الفصل الثاني
مسيرته الأدبية
مسيرته الأدبية :
بدأ نجيب محفوظ الكتابة في منتصف الثلاثينيات، وكان ينشر قصصه القصيرة في مجلة الرسالة. في 1939، نشر روايته الأولى عبث الأقدار التي تقدم مفهومه عن الواقعية التاريخية. ثم نشر كفاح طيبة ورادوبيس منهياً ثلاثية تاريخية في زمن الفراعنة.
بدءاً من 1945 بدأ نجيب محفوظ خطه الروائي الواقعي الذي حافظ عليه في معظم مسيرته الأدبية برواية القاهرة الجديدة، ثم خان الخليلي وزقاق المدق.
جرب نجيب محفوظ الواقعية النفسية في رواية السراب، ثم عاد إلى الواقعية الاجتماعية مع بداية ونهاية وثلاثية القاهرة. فيما بعد اتجه محفوظ إلى الرمزية في رواياته الشحاذ، وأولاد حارتنا التي سببت ردود فعلٍ قوية وكانت سبباً في التحريض على محاولة اغتياله ( ).
كما اتجه في مرحلة متقدمة من مشواره الأدبي إلى مفاهيم جديدة كالكتابة على حدود الفنتازيا كما في روايته (الحرافيش، ليالي ألف ليلة) وكتابة البوح الصوفي والأحلام كما في عمليه (أصداء السيرة الذاتية، أحلام فترة النقاهة) واللذان اتسما بالتكثيف الشعري ( ).
الباب الأول
الفصل الثالث
محاولة اغتياله
محاولة اغتياله :
في 21 سبتمبر 1950 بدأ نشر رواية أولاد حارتنا مسلسلةً في جريدة الأهرام، ثم توقف النشر في 25 ديسمبر من العام نفسه بسبب اعتراضات هيئات دينية على "تطاوله على الذات الإلهية". لم تُنشر الرواية كاملة في مصر في تلك الفترة، واقتضى الأمر ثمان سنين أخرى حتى تظهر كاملة في طبعة دار الآداب اللبنانية التي طبعتها في بيروت عام 1967. واعيد نشر أولاد حارتنا في مصر في عام 2006 عن طريق دار الشروق.
في أكتوبر 1995 طُعن نجيب محفوظ في عنقه على يد شابين قد قررا اغتياله لاتهامه بالكفر والخروج عن الملة بسبب روايته المثيرة للجدل.
الجدير بالذكر هنا أن طبيعة نجيب محفوظ الهادئة كان لها أثر كبير في عدم نشر الرواية في طبعة مصرية لسنوات عديدة، حيث كان قد ارتبط بوعد مع حسن صبري الخولي "الممثل الشخصي للرئيس الراحل جمال عبد الناصر" بعدم نشر الرواية في مصر إلا بعد أخذ موافقة الأزهر. فطُبعت الرواية في لبنان من اصدار دار الآداب عام 1962 ومنع دخولها إلى مصر رغم أن نسخا مهربة منها وجدت طريقها إلى الأسواق المصرية. لم يمت نجيب محفوظ كنتيجة للمحاولة، وفيما بعد أُعدم الشابان المشتركان في محاولة الاغتيال رغم تعليقه بأنه غير حاقدٍ على من حاول ***ه، وأنه يتمنى لو أنه لم يُعدما.. وخلال إقامته الطويلة في المستشفى زاره محمد الغزالي الذي كان ممن طالبوا بمنع نشر أولاد حارتنا وعبد المنعم أبو الفتوح القيادي السابق في حركة الإخوان المسلمين وهي زيارة تسببت في هجوم شديد من جانب بعض المتشددين على أبو الفتوح ( ).
الباب الأول
الفصل الرابع
أقواله
أقواله :
1) مصر هي المولد والمنشأ والمعاش، وهي ليست مجرد وطن محدود بحدود، ولكن هي تاريخ الإنسانية كله، وإني نصب الإقامة فيها وأرجو ألا أتركها إلا مطروداً أو منفياً.
2) إن مشكلة البشرية كلها الظلم، الظلم يؤدي لل***، وأناشد العالم كله أن يعمل على إحقاق العدل ونشر السلام، ليعيش العالم بمختلف ألوانه وأجناسه في سلام.
3) الإيمان الوحيد الحاضر في قلبي هو إيماني بالعلم والمنهج العلمي.
4) الحرية هي ذلك التاج الذي يصنعه الإنسان على رأسه ليصبح جديراً بإنسانيته.
5) العقل الواعي هو القادر على احترام الفكرة حتى لو لم يؤمن بها.
حكمه :
6) الحياة فيض من الذكريات تصب في النسيان، أما الموت فهو الحقيقة الراسخة.
7) إن الديمقراطية هي الحريصة على التكلم، اما الحكم الاستبدادي فليس من مصلحته نشر العلم والتنوير.
8) ويل للناس من حاكم لا عين له.
9) الحكيم لا ينبغي أن يعاند إذا عبس في وجهه الحظ.
10) سبيل الله واضح لا يجوز أن يخالطه غصب أو كبرياء.
11) المعاناة لديها جانبها من الفرح، واليأس له نعومته، والموت له معني.
12) الثقافة أن تعرف نفسك، تعرف الناس، تعرف الأشياء والعلاقات ونتيجة لذلك ستحسن التصرف فيم يلم بك من أطوار الحياة.
13) عجبت لرجال وطن رغم انحرافه يتضخم ويتعظم ويتعملق، ويملك القوة والنقود يصنع الأشياء من الأبره حتى الصاروخ يبشر باتجاه إنساني عظيم، ولكن ما بال الإنسان فيه قد تضأل وتهافت حتى صار في تفاهة بعوضه، ما باله يمضي بلا حقوق ولا كرامة ولا حماية، ما باله ينهكه الجبن والنفاق والخواء الكرنك ( ).
الباب الأول
الفصل الخامس
وفاته
وفاته :
تُوفي نجيب محفوظ في بداية 30 أغسطس 2006 إثر قرحة نازفة بعد عشرين يوماً من دخوله مستشفى الشرطة في حي العجوزة في محافظة الجيزة لإصابته بمشكلات صحية في الرئة والكليتين. وكان قبلها قد دخل المستشفى في يوليو من العام ذاته لإصابته بجرح غائر في الرأس إثر سقوطه في الشارع ( ).
الباب الثاني
الفصل السادس
رواياته
رواياته :
1) عبث الأقدار : (حولت إلى مسلسل بعنوان الأقدار بطولة عزت العلايلي)
2) رادوبيس (1943)
3) كفاح طيبة (1944)
4) القاهرة الجديدة (1945) : (حولت إلى فيلم بعنوان القاهرة 30 من بطولة حمدي أحمد وسعاد حسني)
5) خان الخليلي (1946) : حولت إلى فيلم من بطولة عماد حمدي وسميرة أحمد وحسن يوسف
6) زقاق المدق (1947) : (حولت إلى فيلم من بطولة شادية وصلاح قابيل وحسن يوسف ويوسف شعبان)
7) السراب (1948) : (حولت إلى فيلم بطولة ماجدة ونور الشريف)
8) بداية ونهاية (1949) : (حولت إلى فيلم بطولة عمر الشريف)
9) ثلاثية القاهرة:
أ) بين القصرين (1956) : (حولت إلى فيلم من إخراج حسن الامام وبطولة يحي شاهين وصلاح قابيل)
ب) قصر الشوق (1957) : (حولت إلى فيلم من إخراج حسن الامام وبطولة يحي شاهين)
ج) السكرية (1957) : (حولت إلى فيلم من إخراج حسن الامام وبطولة يحي شاهين)
10) اللص والكلاب (1961) : (حولت إلى فيلم من بطولة شكري سرحان وشادية): والتي تحولت إلى مسلسل تليفزيونى بطولة (عبلة كامل)
11) السمان والخريف (1962) : (حولت إلى فيلم من بطولة محمود مرسي)
12) الطريق (1964) : (حولت إلى فيلم من بطولة شادية)
13) الشحاذ (1965) : (حولت إلى فيلم من بطولة محمود مرسي)
14) ثرثرة فوق النيل (1966) : (حولت إلى فيلم من بطولة عماد حمدي وعادل أدهم)
15) أولاد حارتنا (1968) : (نشرت مسلسلة في جريدة الأهرام عام 1959 ولم يكتمل نشر حلقاتها، ولأول مرة نشرت في لبنان عام 1967)
16) المرايا (1972) : (حولت إلى فيلم بطولة نور الشريف ونجلاء فتحي)
17) الحب تحت المطر (1973) : (حولت إلى فيلم بطولة نور الشريف)
18) الكرنك (1974) : (حولت إلى فيلم من بطولة سعاد حسني ونور الشريف وكمال الشناوي)
19) حكايات حارتنا (1975)
20) قلب الليل (1975) : (حولت إلى فيلم بطولة فريد شوقي)
21) حضرة المحترم (1975) : (حولت إلى مسلسل بطولة وسوسن بدر)
22) ملحمة الحرافيش (1977) : (حولت إلى فيلم بعنوان التوت والنبوت من إخراج نيازي مصطفى وبطولة عزت العلايلي)
23) عصر الحب (1980) : (حولت إلى فيلم من بطولة محمود يس)
24) أفراح القبة (1981)
25) وكالة البلح عام (1982) : (حولت إلى فيلم من بطولة نادية الجندي).
26) ليالي ألف ليلة (1982)
27) الباقي من الزمن ساعة (1982) : (حولت إلى مسلسل تلفزيوني من إخراج هاني لاشين)
28) أمام العرش (1983)
29) رحلة ابن فطومة (1983)
30) العائش في الحقيقة (1985)
31) يوم م*** الزعيم (1985)
32) حديث الصباح والمساء (1987) : (حولت إلى مسلسل تلفزيوني من بطولة ليلى علوي وأحمد ماهر)
33) قشتمر (1988).
34) الشريدة : (وحولت فيلم لنجلاء فتحي ومحمود يس ونبيلة عبيد).
35) ذات الوجهين : (حولت فيلم لشادية وعماد حمدي) ( ).
الباب الثاني
الفصل السابع
جوائزه
جوائزه :
1) جائزة قوت القلوب الدمرداشية - رادوبيس - 1943
2) جائزة وزارة المعارف - كفاح طيبة - 1944
3) جائزة مجمع اللغة العربية - خان الخليلي - 1946
4) جائزة الدولة في الأدب - بين القصرين - 1957
5) وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى - 1962
6) جائزة الدولة التقديرية في الآداب - 1968
7) وسام الجمهورية من الطبقة الأولى - 1972
8) جائزة نوبل للآداب - 1988
9) قلادة النيل العظمى - 1988
10) جائزه كفافيش ـ 2004 ( ).
رواية
بداية ونهاية
مقتطفات
شهريار
عقب صلاة الفجر، وسحب الظلام صامدة أمام دفقة الضياء المتوثبة، دعي الوزير دندان إلى مقابلة السلطان شهريار.. تلاشت رزانة دندان، خفق قلب الأبوة بين جوانحه، غمغم وهو يرتدى ملابسه: "الآن تقرر المصير.. مصيرك يا شهرزاد!"..
مضى في الطريق الصاعد إلى الجبل على برذون يتبعه نفر من الحراس ويتقدمه حامل مشعل، في جو مشعشع بالندى وبرودة مستأنسة.. ثلاثة أعوام مضت بين الخوف والرجاء، بين الموت والأمل.. مضت في رواية الحكايات، وبفضل الحكايات امتد الأجل بشهرزاد ثلاثة أعوام.. غير أن للحكايات نهاية ككل شيء ، وقد انتهت أمس، فأي قدر يرصدك يا ابنتي الحبيبة؟!..
دخل القصر الرابض فوق الجبل.. اقتاده الحاجب إلى شرفة خلفية تطل على الحديقة المترامية.. بدأ شهريار في مجلسه على ضوء قنديل واحد، سافر الرأس، غزير الشعر أسوده، تلتمع عيناه في وجهه الطويل، وتفترش أعلى صدره لحية عريضة.. قبل دندان الأرض بين يديه.. داخلته رهبة -رغم طول المعاشرة- لرجل حفل تاريخه بالصرامة والقسوة ودماء الأبرياء.. وأشار السلطان بإطفاء القنديل الوحيد فساد الظلام، ولاحت بوضوح نسبى أشباح الأشجار الفواحة.. تمتم شهريار:
ليكن الظلام كي أرصد انبثاق الضياء..
تفاءل دندان شيئا ما وقال:
متعك الله يا مولاي بأطيب ما في الليل والنهار..
صمت.. لم يستطع دندان أن يستشف ما وراء وجهه من رضا أو سخط حتى قال بهدوء:
- اقتضت مشيئتنا أن تبقى شهرزاد زوجة لنا..
وثب دندان واقفاً ثم انحنى على يد السلطان فلثمها بامتنان ودمع الشكر يتحرك فى أعماقه.
فليؤيد الله سلطانك إلى أبد الآبدين..
قال السلطان وكأنما تذكر ضحاياه:
العدل له وسائل متباينة، منها السيف ومنها العفو، ولله حكمته..
سدد الله خطاك إلى حكمته يا مولاي ..
فقال بارتياح:
حكاياتها السحر الحلال، تفتحت منها عوالم تدعو للتأمل..
ثمل الوزير بفرحته صامتاً فقال السلطان:
وأنجبت لي وليداً فسكنت عواصف النفس الهائجة..
لتهنأ يا مولاي بالسعادة في الدارين..
تمتم السلطان باقتضاب:
السعادة!..
قلق دندان لسبب غامض.. ارتفع صياح الديكة.. قال السلطان وكأنما يخاطب نفسه:
الوجود أغمض ما في الوجود!
غير أن نبرته تخففت من الحيرة وهو يقول:
انظر!..
نظر دندان نحو الأفق فرآه يتورد بالسرور المقدس..
شهرزاد
استأذن دندان في مقابلة ابنته شهرزاد ..... قادته قهرمانة إلي حجرة الورد ذات السجادة والستائر الموردة ... ذات الدواوين والوسائد المشربة بالحمرة ... هناك استقبلته شهرزاد واختها دنيا زاد ... قال الرجل :
- ينوء ظهري بالسعادة، فالحمد لله رب العالمين.
أجلسته شهرزاد إلي جانبها، على حين انسحبت دنيا زاد إلي مقصورتها ... قالت شهرزاد :
- نجوت من المصير الدامي برحمة من ربنا.
فغمغم الرجل شاكراً، فقالت بمرارة :
- ليرحم الله العذارى البريئات ...
- ما أحكمك وما أشجعك !
فقالت هامسة :
- ولكنك تعلم يا أبي أني تعيسة !
- حذار يا ابنتي فإن الخواطر تتجسد في القصور وتنطق !
فقالت :
- يا أبي، ضحيت بنفسي لأوقف شلال الدم ...
فتمتم :
- لله حكمته.
قالت بخنق :
- وللشيطان أولياؤه ...
قال يتوسل :
- إنه يحبك يا شهرزاد.
- الكبر والحب لا يجتمعان في قلب، إنه يحب ذاته أولاً وأخيراً ...
- للحب معجزاته أيضاً.
- كلما اقترب مني تنشقت رائحة الدم.
- السلطان ليس كبقية البشر ....
- لكن الجريمة هي الجريمة ... كم من عذراء ***، كم من تقي ورع أهلك، لم يبق في المملكة إلا المنافقون ....
فقال بحزن :
- ثقتي بالله لم تتزعزع قط ...
- أما أنا فأعرف أن مقامي في الصبر كما علمني الشيخ الأكبر.
فقال دندان باسماً :
- نعم الاستاذ، ونعمت التلميذة ... ( ).
الشيخ
يقيم الشيخ عبد الله البلتحي في دار بسيطة بالحي القديم ... تتطلع نظرته الحالمة في قلوب الكثيرين من تلاميذه القدامى والمحدثين، وتنطبع بعمق أبدي في قلوب المريدين ... العباءة الكاملة عنده مقدمة ليس إلا، فهو شيخ الطريق وقد بلغ من مقام الحب والرضي ... وعندما غادر خلوته إلي حجرة الاستقبال أقبلت عليه زبيدة ابنته المراهقة والوحيدة وقالت بسرور :
- المدينة فرحان يا أبي.
فتسأل دون مبالاة :
- ألم يصل بعد الطبيب عبد القادر المهيني ؟
- لعله في الطريق يا أبي، لكن المدينة فرحانة لأن السلطان رضي بشهرزاد زوجة له وعدل عن سفك الدماء ...
- لا شيء يخرجه من هدوئه ... الرضي في قلبه لا ينقص ولا يزيد ... وزبيدة ابنه وتلميذه ولكنها ما زالت في أول الطريق ... وسمعت على الباب طرقاً فمضت قائلة :
- جاء صديقك لزيارته المعتادة ...
دخل الطبيب عبد القادر المهيني فتعانقا ثم اقتعد شلته إلي جانب صديقه ... ودارت المناجاة كالمعتاد على ضوء مصباح في كوة ... قال عبد القادر :
- عرفت لا شك الخبر السعيد ...
فقال باسماً :
- عرفت ما يهمني معرفته.
فقال الطبيب :
- الحناجر تدعو لشهرزاد بينا أنك أنت صاحب الفضل الأول ...
فقال بعتاب :
- الفضل للمحبوب وحده ...
- إني مؤمن أيضاً ولكنى أتابع المقدمات والنتائج، لولا أنها تتلمذت على يديك صبية ما كانت شهرزاد ... لولا كلماتك ما وجدت من الحكايات ما تصرف به السلطان عن سفك الدماء ...
قال الشيخ :
- يا صديقي؛ لا عيب فيك إلا أنك تغالي في تسليمك للعقل ...
- إنه زينة الإنسان ...
- من العقل أن نعرف حدود العقل ...
فقال عبد القادر :
- من المؤمنين من يرون أنه بلا جدوي.
- لقد فشلت في جذب الكثيرين إلي الطريق، أنت على رأسهم ...
- الناس مساكين يا مولاي، في حاجة إلي من يتعامل معهم ويبصرهم بحياتهم
فقال الشيخ بثقة :
- رب روح طاهرة تنقذ أمة عاملة ...
فتسأل الطبيب بامتعاض :
- على السلولي حاكم حينا، كيف تنقذ الحي من فساده ؟!
فقال بأي :
- لكن المجتهدين مراتب ...
فقال بإصرار :
- إني طبيب، وما يصلح الدنيا هو ما يهمني ...
فربت على يده برقة فابتسم الطبيب وقال :
- ولكنك الخبر والبركة ...
- احمد الله، فلا السرور يستخفني ولا الحزن يلمسني ...
- أما أنا فحزين يا صديقي العزيز ... كلما تذكرت الأتقياء الذين استشهدوا لقول الحق، واحتجاجاً على سفك الدماء ونهب الأموال ازددت حزناً !
قال الشيخ :
- شد ما تأسرنا الأشياء ...
فقال عبد القادر في رثاء :
- استشهد الشرفاء الأتقياء، أسفي عليك يا مدينتي التي لا يتسلط عليك اليوم إلا المنافقون، لم يا مولاي لا يبقي في المزاوي إلا شر البقر ؟!
- ما أكثر عشاق الأشياء الخسيسة ...
وترامت إليهما من أطراف الحي أصوات وطبل فأدركا أن الأهالي يحتفلون بالخبر السعيد ... عن ذاك قرر الطبيب أن يذهب إلي مقهي الأمراء ( ).
رواية
مقتطفات من
ألف ليلة وليلة
مقهي الأمراء
يتوسط المقهى الجانب الأيمن من الشارع التجاري الكبير ... وهو مربع الأركان واسع المساحة، يفتح مدخله على الطريق العام وتطل نوافذه على حوار جانبية ... تقوم في جوانبه الأرائك للسادة، وتستقر في دائرة من وسطه الثلث للعامة ... يقدم مشروبات شتي؛ ساخنة وباردة تبعاً للفصول، وبه أيضاً أجود صنوف المنزول والحشيش ... تشهد لياليه كثيرين من السادة أمثال صنعان الجمالي وابنه فاضل، وحمدان طنيشه وكرم الأصيل وإبراهيم العطار وابن حسن، كما تشهد كثيرين من العامة أمثال رجب الجمال وزميله السندباد.
غلب المرح على الجميع في تلك الليلة السعيدة، وسرعان ما انضم الطبيب عبد القادر المهيني إلي مجلس يضم إبراهيم العطار وكرم الأصيل صاحب الملايين، أفاقوا ليلتهم من خوف متسلط، واطمأن كل أب لعذراء جميلة، فوعده النوم بأحلام تخلو من الأشباح المخيفة...
وترددت أصوات :
- الفاتحة على أرواح الضحايا...
- من العذارى والرجال الأتقياء ...
- وداعاً للدموع ...
- الحمد والشكر لله رب العالمين ...
- وطول العمر لدرة النساء شهرزاد ...
- شكراً للحكايات الجميلة ...
- ما هي إلا رحمة الله حلت ...
تواصل المرح والحديث حتى علا صوت رجب الجمال متسائلاً :
- أمجنون أنت يا سندباد ؟
فسأل عجر الشغوف بدس أنفه في كل شيء :
- ماذا جنن في هذه الليلة السعيدة ؟
- يبدو أنه كره عمله وضاق بالمدينة، لا يريد أن يكون حمالاً بعد اليوم ...
- أيطمع في أن يتولى إمارة الحي ؟
- ذهب إلي إبان سفينة وما زال به حتى قبله خادماً بها ...
فقال إبراهيم السقاء :
- مجنون من يعرض عن رزق مضمون على البر ليجري وراء رزق مجهول فوق الماء...
فقال معروف الإسكافي :
- الماء الذي يستمد غذائه من الجثث منذ قديم الزمان ...
فقال السندباد بتحد :
- ضجرت من الأزقة والحواري، ضجرت من حمل الأثاث والنقل، لا أمل في مشهد جديد، هناك حياة آخري، يتصل النهر بالبحر، يتوغل البحر في المجهول، يتمخض المجهول عن جزر وجبال وأحياء وملائكة وشياطين، ثمة نداء عجيب لا يقاوم، قلت لنفسي جرب حظك يا سندباد وألق بذاتك في أحضان الغيب ...
فقال نور الدين بياع العطور :
- الحركة بركة ...
فقال السندباد :
- تحية جميلة من زميل الصبا ...
فقال عجر الحلاق ساخراً :
- هل تتمسح في السادة يا حمال ؟
فقال نور الدين :
- جلسنا جنباً إلي جنب في الزاوية نتلقى الدرس على يد مولانا عبد الله البلتحي ...
فقال السندباد :
- وقنعت بمبادئ القراءة والدين شأن الكثيرين ...
فقال عجر مواصلاً سخريته :
- لن ينقص بذهابك البر ولن يزيد البحر ...
عند ذلك قال له الطبيب عبد القادر المهيني :
- اذهب مصحوباً برعاية الله، ولكن اشحذ حواسك، ليتك تسجل ما يصادفك من بديع المشاهدات، فقد أمرنا الله بذلك. متي تسافر ؟
فقال متمتماً :
صباح الغد، استودعكم الله الحي الباقي ...
فقال رجب الحمال صديقه :
- ما أحزنني لفراقك يا سندباد ! ... ( ).
الباب الثاني
الفصل الثامن
قصصه القصيرة
قصصه القصيرة :
1) همس الجنون (1938).
2) دنيا الله (1962).
3) بيت سيء السمعة (1965).
4) خمارة القط الأسود (1969).
5) تحت المظلة (1969).
6) حكاية بلا بداية وبلا نهاية (1971).
7) شهر العسل (1971).
8) الجريمة (1973).
9) الحب فوق هضبة الهرم (1979) : (حُولت إلى فيلم من بطولة أحمد زكي وآثار الحكيم)
قصة قصيرة
همس الجنون
مقتطف منها
ما الجنون ؟!!!
إنه فيما يبدو حالة غامضة كالحياة والموت، تستطيع أن تعرف الشيء الكثير عنها إذا نظرت إليها من الخارج، أما الباطن أو الجوهر فسر مغلق، وصاحبنا يعرف الآن أنه نزل بعض الوقت ضيفاً بالخانكة، ويذكر الآن ـ أيضاً ـ ما في حياته كما يذكره العقلاء جميعاً، وكما يعرف حاضره. أم تلك الفترة القصيرة ـ قصيرة وكانت الحمد لله ـ فيقف وعيه حيال ذكرياتها ذاهلاً حائراً لا يدري من أمرها شيئاً تطمئن إليه النفس، كانت رحلة إلي عالم بشري عجيب، ملء بالضباب تتحايل لعينة منه ( ).
وجوه لا تتضح ملامحها، كلما حاول أن يسلط عليها بصيصاً من نور الذاكرة ولت هاربة فابتلعتها الظلمة، ويجر أذنيه منه أحياناً ما يشبه المهمة، وما إن يرهف السمع ليميز مواقعها حتى تفر متراجعة تاركة صمتاً وحيرة، ضاعت تلك الفترة السحرية بما خلفت من لذة وألم ( ).
حتى الذين عاصروا عهدها العجيب قد أسدلوا عليها ستاراً كثيفاً من الصمت والتجاهل لحكمة لا تخفي، فاندثرت دون أن يتاح لها مؤرخ امين يحدث بأعاجيبها. تري كيف حدثت ؟ متى وقعت ؟ كيف أدرك الناس أن هذا العقل غدا شيئاً غير العقل؟ وأن صاحبه غدا فرداً شاذاً يجب عزله بعيد عن الناس كأنه الحيوان المفترس ؟!!!
كان إنساناً هادئاً أخص ما يوصف به الهدوء المطلق، ولعل ذلك ما حبب إليه الجمود والكسل، وزهده مع الناس والنشاط، ولذلك عدل عن مرحلة التعليم في وقت باكر، وأبي أن يعمل مكتفياً بدخل لا بأس به.
وكانت لذته الكبرى أن يطمئن إلي مجلس منعزلاً على طوار القهوة فيشبك راحتيه على ركبته، ويلبث ساعات متتابعاً جامداً صامتاً، يشاهد الرائحين والغادين بطرف ناعس وجفنين ثقيلين، لا يمل ولا يتعب ولا يجزع، فعلى كرسيه من الطوار كانت حياته ولذته، ولكن وراء ذلك المظهر البليد الساكن حياة أو حركة في قرارة النفس أو الخيال، كان هدوئه شامل الظاهر والباطن الجسم والعقل والحواس والخيال، كان تمثالاً من لحم ودم يلوح كاتماً يشاهد الناس وهم بمعزل عن الحياة جميعاً، ثم ماذا؟!!!
حدث في الماء الآسن حركة غريبة فجائية كأنما أُلقي فيه بحجر.
كيف ؟!!!
رأى يوما ـ إذ هو مطمئن إلى كرسيه على الطوار ـ عمالاً يملئون الطريق ، يرشون رملاً أصفر فاقعاً يسر الناظرين ، بين يدي موكب خطير . ولأول مرة في حياته يستثير دهشته شيء فيتساءل : لماذا يرشون الرمل ؟ ثم قال لنفسه : إنه يثور فيملأ الخياشيم ويؤذي الناس ، وهم أنفسهم يرجعون سراعا فيكنسونه ويلمونه ، فلماذا يرشونه إذن ؟! وربما كان الأمر أتفه من أن يوجب التساؤل أو الحيرة ، ولكن تساؤله بدا له كأخطر حقيقة في حياته وقتذاك ، فخال أنه بصدد مسألة من مسائل الكون الكبرى ، ووجد في عملية الرش أولاً والكنس أخيراً والأذى فيما بين هذا وذاك حيرة أي حيرة ، بل أحس ميلاً إلى الضحك ، ونادراً ما كان يفعل ، فضحك ضحكاً متواصلاً حتى دمعت عيناه . ولم يكن ضحكه هذا محض انفعال طارئ ، فالواقع أنه كان نذير تغيير شامل ، خرج به من صمته الرهيب إلى حال جديدة ، ومضى يومه حائراً أو ضاحكاً ، يحدث نفسه فيقول كالذاهل : يرشون فيؤذون ثم يكنسون ... ها ها ها ! ( ).
وفي صباح اليوم الثاني لم يكن أفاق من حيرته بعد . ووقف أما المرآة يهيئ من شأنه ، فوقعت عيناه على ربطة رقبته وسرعان ما أدركته حيرة جديدة . فتساءل : لماذا يربط رقبته على هذا النحو ؟ ما فائدة هذه الربطة ؟!!! لماذا نشق على أنفسنا في اختيار لونها وانتقاء مادتها ؟ وما يدري إلا وهو يضحك كما ضحك بالأمس ، وجعل يرنو إلى ربطة الرقبة بحيرة ودهشة ، ومضى يقلب عينيه في أجزاء من ملابسه جميعاً بإنكار وغرابة . ما حكمة تكفين أنفسنا على هذا الحال المضحك ؟ لماذا لا نخلع هذه الثياب ونطرحها أرضاً ؟ لماذا لا نبدو كما سوانا الله ؟ بيد أنه لم يتوقف عن ارتداء ملابسه حتى انتهى منها ، وغادر البيت كعادته.
ولم يعد يذوق هدوءه الكثيف الذي عاش في إهابه دهراً طويلا قانعاً مطمئناً. كيف له بالهدوء وهذه الثياب الثقيلة تأخذ بخناقه على رغمه ؟! أجل على رغمه . وقد اجتاحته موجة غضب وهو يحث خطاه ، وكبر عليه أن يرضى بقيد على رغمه . أليس الإنسان حراً ؟ وتفكَّر ملياً ثم أجاب بحماس : بلى أنا حر . وملأه بغتة الشعور بالحرية ، وأضاء نور الحرية جوانب روحه حتى استخفه الطرب . أجل هو حر . نزلت عليه الحرية كالوحي فملأه يقيناً لا سبيل إلى الشك فيه ، إنه حر يفعل ما يشاء كيف شاء حين يشاء ، غير مذعن لقوة أو خاضع لعلة لسبب خارجي أو باعث باطني. حل مسألة الإرادة في ثانية واحدة، وأنقذها بحماس فائق من وطأة العلل ، وداخله شعور بالسعادة والتفوق عجيب ، فألقى نظرة ازدراءً على الخلق الذين يضربون في جوانب السبل مسيَّرين مصفدين لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ، إذا ساروا لم يملكوا أن يقفوا ، وإذا وقفوا لم يملكوا أن يسيروا ، أما هو فيسير إذا أراد ويقف حين يريد ، مزدرياً كل قوة أو قانون أو غريزة . وأهاب به شعوره الباهر أن يجرب قوته الخارقة فلم يستطع أن يعرض عن نداء الحرية . توقف عن مسيره بغتة وهو يقول لنفسه : (ها أنا ذا أقف لغير ما سبب) . ونظر فيما حوله في ثوان ثم تساءل : أيستطيع أن يرفع يديه إلى رأسه؟ أجل يستطيع ، وها هو ذا يرفع يديه غير مكترث لأحد من الناس. ثم تساءل مرة أخرى : هل تواتيه الشجاعة على أن يقف على قدم واحدة ؟ وقال لنفسه : فلم لا أستطيع وما عسى أن يعتاق حريتي ؟! وراح يرفع يسراه كأنه يقوم بحركة رياضية في أناة وعدم مبالاة كأنه وحده في الطريق بلا رقيب. وغمرت فؤاده طمأنينة سعيدة وملأته ثقة بالنفس لا حد لها ، فمضى يتأسف على ما فاته طوال عمره من فرض كانت جديرة بأن تمتعه بحريته وتسعده ، واستأنف مسيره وكأنه يستقبل الحياة من جديد .
ومر في طريقه إلى القهوة بمطعم كان يتناول فيه عشاءه في بعض الأحايين ، فرأى على طواره مائدة مليئة بما لذ وطاب . يجلس إليها ورجل وامرأة متقابلين يأكلان مريئاً ويشربان هنيئاً ، وعلى بعد يسير جلس جماعة من غلمان السبل ، عرايا إلا من أسمال بالية ، تغشى وجوههم وبشرتهم طبقة غليظة من غبار وقذارة ، فلم يرتح لما بين المنظرين من تنافر ، وشاركته حريته عدم ارتياحه فأبت عليه أن يمر بالمطعم مرور الكرام. ولكن ما عسى أن يصنع؟ قال له فؤاده بعزم ويقين: (ينبغي أن يأكل الغلمان مع الآخرين) . ولكن الآكلين لا يتنازلان عن شيء من هذه الدجاجة أمامهما بسلام، هذا حق لا ريب فيه، أما إذا رمى بها إلى الأرض فتلوثت بالتراب فما من قوة تستطيع أن تحرم الغلمان إياها، فهل ثمة مانع يمنعه من تحقيق رغبته ؟ .. هيهات ، وربما كان التردد ممكناً في زمن مضى ، أما الآن فمحال ... واقترب من المائدة بهدوء ، ومد يده إلى الطبق فتناول الدجاجة ، ثم رمى بها عند أقدام العرايا ، وتحول عن المائدة وسار إلى حال سبيله كأنما لم يأت أمراً منكراً ، غير عابئ بالزئير الذي يلاحقه مفعماً بأقذع السباب والشتائم ، بل غلبه الضحك على أمره ، فاسترسل ضاحكاً حتى دمعت عيناه . وتنهد بارتياح من الأعماق ، وعاوده شعوره العميق بالطمأنينة والثقة والسعادة.
وبلغ القهوة فمضى إلى كرسيه واطمأن إليه كعادته ، بيد أنه لم يستطع هذه المرة أن يشبك راحتيه حول ركبته ويستسلم لسكوته المعهود ، لم تطاوعه نفسه ، فقد فقدت قدرتها على الجمود ، أو برئت من عجزها عن الحركة فنبا به مجلسه ، حتى هم بالنهوض ، إلا أنه رأى ـ في تلك اللحظة - شخصاً غير غريب عن ناظريه وإن لم تصله به أسباب التعارف . كان من رواد المقهى مثله . وكان جسماً ضخماً وأوداجاً منتفخة ، يسير مرفوع الرأس في خيلاء ، ملقياً على ما حوله نظرة ترفع وازدراء ، تنطق كل حركة من حركاته وكل سكنة من سكناته بالزهو كأنما يثير الخلق في نفسه ما تثيره الديدان في نفس رقيقة مرهفة الحس ، وكأنه يراه لأول مرة . بدا له قبحه وشذوذه ، فغالبته هذه الضحكة الغريبة التي ما انفكت هذين اليومين تعابثه ، ولم تفارقه عيناه ، وثبتت خاصة على قفاه يبرز من البنيقة عريضاً ممتلئاً مغرياً . وتساءل : أيتركه يمر بسلام ؟! معاذ الله ، لقد ألف داعي الحرية ، وعاهده ألا يخالف له أمراً ، وهز منكبيه استهانة واقترب من الرجل فكاد يلاصقه ، ورفع يده ، وهوى بكفه على القفا بكل ما أوتي من قوة ، فرنت الصفعة رنيناً عالياً ، ولم يتمالك نفسه فأغرب ضاحكاً ،ولكن لم تنته هذه التجربة بسلام كأختها السابقة ، فالتفت الرجل نحوه في غضب جنوني ، وأمسك بتلابيبه وانهال عليه ضربا وركلاً حتى خلص بينهما بعض الجلوس . وفارق القهوة لاهثاً ، ومن عجب أنه لم يستشعر الغضب ولا الندم.
الباب الثاني
الفصل التاسع
الأشياء التي يدافع عنها نجيب في رواياته
الأشياء التي يدافع عنها نجيب في رواياته :
1) استقلال مصر وتحريرها من الاحتلال الأجنبي كما يتضح لنا في ثلاثيته المشهورة (بين القسرين ـ قصر الشوق ـ السكرية)، فالنغمة الأساسية في هذه الرواية الخالدة هي نغمة تحرير الوطن من الاحتلال وتخليصه من أيدي الأجنبي الذي استولي على الأرض ونهب الثورة وقهر البلاد والعباد.
2) في كثير من أعمال نجيب محفوظ دعوة قوية إلي العدل الاجتماعي الذي يؤدي إلي التراحم بين الناس، كما نجد في روايته (الحرافيش) وروايته (اللص والكلاب) وغيرهما من الروايات، فهل العدالة دعوة معادية للإسلام ومنافية لمبادئه ؟ إن من يقول بذلك هو هازل كاذب على الله والناس.
3) من المبادئ التي يعشقها نجيب محفوظ ويدافع عنها في أدب رفيع وحماسة صادقة وإمتاع جبار لا يتزعزع مبدأ الحرية، نجيب محفوظ عاشق للحرية عشقاً يذكرنا بكلام عمر بن الخطاب عندما قال : (متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ؟!!).
4) في أدب نجيب محفوظ كثيرون من المتصوفين (أحباب الله) كما نجد في روايته (اللص والكلاب) وهؤلاء المتصوفون هم نموذج السلام والصفاء وراحة الضمير.
5) في أدب نجيب محفوظ إيمان في غاية السمو بالقضاء والقدر وهو مبدأ من أهم مبادئ الإسلام الجوهرية، ويكفي أن تشير (اللص والكلاب) التي أراد بطلها (سعيد مهران) أن ينتقم من الذين خانوه ف*** أناساً أبرياء، فكأنه أراد أن يعاند القضاء والقدر فانتهي به الأمر إلي مأساة.
6) درس نجيب في الفلسفة وتخرج في قسم الفلسفة بكلية الآداب، وكان تلميذاً مقرباً لأحد كبار علماء الدين الإسلامي المعاصرين، وهو الشيخ مصطفي عبد الرازق وكان في بداية حياته ( ).
الباب الثاني
الفصل العاشر
العصر الحديث
العصر الحديث
بدأ العصر الحديث في القرن السادس عشر، وقد تسببت العديد من الأحداث الكبرى في تغيير شكل أوروبا في الفترة من نهاية القرن الخامس عشر وحتى القرن السادس عشر بدءً من فتح القسطنطينية.
وهذا العصر قد كتب فيه كتاب كثيرون أمثال طه حسين، نجيب محفوظ.
وقد تطورت النهضة الأدبية في هذا العصر على يد الكتاب والمؤلفون، وحتي يومنا هذا ما زال العصر الحديث مستمر، ولقد بحث فيه كثير من الكتاب.
الباب الثاني
الفصل الحادي عشر
الخاتمة
الخاتمة
وفي النهاية؛ أرجو من الله تعالي أن أكون قد وفقت في كتابة موضوعي في بحثي هذا، وأن أكون قد نلت شرف إعجابكم بموضوعي، متمنية من الله عز وجل أن أحصل على أعلى الدرجات والمراتب من سيادتكم.
وفي نهاية بحثي أريد أن أحدثكم عن نتائج بحثي هذا :
النتائج :
1) لقد قمت بمعرفة الكثير والكثير عن نجيب محفوظ.
2) لقد زودت معلوماتي عن العصر الذي ينتمي إليه.
3) معرفة سبب تكفير نجيب محفوظ.
4) معرفة سبب محاولة اغتياله.
5) معرفة الأشياء التي قام بالدفاع عنها في رواياته.
الفهرس
المـبـحــــــــث المـصـــــــــــــدر رقـــــم الصفحة
الأشياء التي يدافع عنها نجيب في رواياته - نجيب محفوظ في ضوء نزاعاته الأدبية 20 ـ 21
أقواله ـ أحاديث في الأدب 25 ـ 26
جوائزه ـ كتب نجيب محفوظ من الجمالية إلي نوبل 15
حياته ونشأته ـ في حب نجيب محفوظ
ـ ولادة متعسرة للدكتور نجيب محفوظ
ـ نجيب محفوظ سيرة أدبية وذاتية 241
2
2
رواياته ـ في حب نجيب محفوظ
ـ بداية ونهاية
ـ ألف ليلة وليلة 272
7
5
قصصه القصيرة - الأعمال الكاملة لنجيب محفوظ ( الجزء الأول والثاني ) 4 ، 5
6
محاولة اغتياله - أدب نجيب محفوظ وإشكالية الصراع بين الإسلام والتغريب 60
مسيرته الأدبية ـ بانوراما النقدية في الأدب والفن والسياسة 3
وفاته ـ نجيب محفوظ سيرة أدبية وذاتية 85