مشاهدة النسخة كاملة : يَارَبَّ بَغْدَادَ


ابو وليد البحيرى
17-06-2015, 02:46 AM
يَارَبَّ بَغْدَادَ


عبد الستار المرسومي

يا رَبَّ بَغدادَ ضَاقَتْ بالوَرى الحِيلُ *** وَحُملَ العَبدُ مَا لا الطَّودُ يحتَمِلُ
يَا رَبَّ بَغدادَ رِجْلُ الظُّلمِ قَدْ وَطِئَتْ *** أَرضَ العِراقِ وَذُلَّ الطِفلُ والرَّجُلُ
فاجْعلْ فُديتَ لهذا الجورِ خَاتمَةً *** وارفَعْ عِبادَكَ للجَوزَاء ما بَذَلوا
أَهذي بَغْدادُ شَمْسُ الشَّرقِ يَأسِرُها *** مَنْ كَانَ بِالأمْسِ مِنْ عَليائِها يَجِلُ؟
وَكَانَتِ النَّاسُ تَأتِيها لرَوعَتها *** كمْ علَّمَتهُمْ وَكَمْ قَامَتْ بِها دُوَلُ!
جَاءوا إليها مِنَ الأَمْصَار ِأَنفَسُهُمْ *** صَاروا عُلوماً وَفِيهِمْ يُضرَبُ المَثَلُ
سَلْ عَنها جَهماً وَقَولُ الشعرِ دَيدَنُهُ *** كم آسَرَتْهُ عُيونُ الجِسرِ والحُلَلُ؟
يا فخْرَ هَارونَ وَالنُّعمانُ عالمُها *** حُييتِ بغدادُ فيكِ الشّعرُ يُرتَجلُ
شَقْراءُ كَانتْ كَنُورِ البَدرِ جمتها *** تَغدُو حَريراً إذا مَا مسَّها بَلَلُ
إذا ذَكَرْتُ الكرْخَ يزهُو بحُلَّتهِ *** تأتي الرَّصَافَةُ تِيهاً قِرطُهَا زُحَلُ
بَغدادُ شَمسٌ بِأَنفِ البَردِ لَو طَلَعَتْ *** فِيها الجَمالُ وَفِيها الدِّفيءُ مُشْتَمِلُ
أهزوجةُ الدنيا وحَدُّ الأفقِ مَلْعَبُها *** لحنُ الرَّبيعِ وَمِنها الدُرُّ يُنْتَشَلُ
كلُّ المَدَائِنِ تَسعَى نيلَ مَفْخَرَةٍ *** إلّاكِ بَغدادُ فيكِ الفَخْرُ مُحتَفلُ
كانَ الظَلامُ يَنامُ الليلَ مُلتَحِفاً *** صَفوَ القُلوبِ وَهَذا البَدرُ مُكتَملُ
أمّا النهارُ فكُلُّ الوَقْتِ ذو ألقٍ *** منْ فَجرِ بَغْدادَ كانَ الصُّبحُ يكتَحِلُ
أمُّ العِراقِ أَرُوني مِثلَها وَطَناً *** أَلقاً يُعَشْعِشُ في أَفيائها الغَزَلُ
أُعْشِقْتُ بَغدَادَ عِشْقاً لَيسَ يَشْبَهَهُ *** مَا جَنَّ قَيسَاً وَمَا أزْمَتْ بهِ العِلَلُ
إذا ذَكرْتُ العَيشَ في بَغدادَ أنْشَغِلُ *** كُلُّ الجوارحِ للآهاتِ تَمتَثلُ
مَاذا عَسَاهُ يَقولُ الشِّعرُ في وَطَني *** فَالشَّوقُ أَعظَمُ مِنْ قَولي فَيَسْتَفِلُ
رُدُّوا بِلادِي فَفِيها كُلُّ ذَاكِرَتي *** فِيها صديقي وَفيها يجْثمُ الأمَلُ
حُلْمُ الطفولَةِ في بَغدَادَ لذَّتهُ *** فعْلُ الشَكَاسِةِ لا كَلُّ ولا مَلَلُ
فِيها العَزيزُ زَكيُّ الأَصْلِ ذَا أَبَتي *** شيخُ القَبيلةِ بِالأَخْلاقِ مُتَّصِلُ
فِيها أُخَيي وَنَبعُ الخَيرِ وَالدَتي *** قَلبٌ حَنونٌ وَقَلبُ الأُمِّ يَنْتَضِلُ
تلكَ الأُخَيةُ تَبكيني وَتَذكُرُني *** مَا زِلتُ أَذكرُ دَمْعاتٍ لَها سبُلُ
وَكَفكَفَ النَّاسُ عَنْ بَغدادَ أدمُعَهُمْ *** وَدَمعُ بَغدادَ يَجري الدَّهرَ يَنهَمِلُ
يا عَينَ بغدادَ كُفّي الدَّمعَ من أَلمٍ *** لا تَأسَيِنَّ عَلى الأوغادِ إِذ رَحَلُوا
تَركتِ في القَلبِ جُرحَاً غَائراً دَنِفاً *** لا القَلبُ يَشفى وَلا ذَا الجُرحُ يَندَمِلُ
يا دَارَ أهلي وَدارَ العربِ أَجْمَعِهِمْ *** مَالي أرى العُربَ عَنْ لأوائها ذُهِلُوا
مَا لي أراهُم ضِعافاً خارَ فَارِسهُمْ *** فَقَدوا الإيالةَ لا قَالوا ولا فَعَلُوا
أَسْرَفْتِ بَغْدادُ يَومَ البَذْلِ في كَرَمٍ *** لكنَّ قَومَكِ يَومَ الغَزوِ قَدْ بخِلُوا
رُدُّوا الجَميلَ أَيَا عربانُ ما لَكُمُ؟ *** أَيبلغُ الحَدُّ بالخذْلانِ يحتَفَلُ؟ !
أيَبلُغُ الحَالُ ما آلتْ لهُ مُدُنٌ *** الكفرُ يَمرَحُ وَالأمجَادُ تَرتَحِلُ
رَدُّ الجَميلِ أَيا إخوانُ مفخرَةً *** طَبْعُ الشُّجَاعِ يقيناً يُعْرُفُ البَطَلُ
أَنتُم كُفئتُمْ بيَومِ القَتلِ وَيحَكمُ *** عارٌ عَليكُمْ عِراقُ الخيرِ يُعتقَلُ
عارٌ وَعَارٌ لِعارٍ أنتمُ خَوَلُ *** وَخنعتكُمْ لعاعَاتٌ بها عَطلُ
مَا عَادَ يُسألُ في بغدادَ عَنْ قِيَمٍ *** الأمرُ فُوضَى كَأَنَّ الحَقَّ مُرتحِلُ
يا رَبَّ بَغدادَ هَييء للأُلَى رَجُلاً *** يطَهِّرُ الأرضَ فَالتّاريخُ يعْتدِلُ
وَبَلِّغُوا الأَهْلَ في بَغدَادَ عَنْ عِلَلٍ *** تمَزِقُ القَلْبَ وَالأحشَاءُ تَشْتَعِلُ
فالبُعدُ نارٌ وَلا يَقوى عَلى لَهَبٍ *** إلّا الصَّبُورَ وَقَلبي الصَّبُ مُنْشَغِلُ
يا رَبَّ بَغدادَ صَلِّ دَائماً أبدَاً *** عَلى حَبِيبِكَ مَا اشتاقَتْ لهُ مقَلُ

مستر محمد سلام
17-06-2015, 03:18 AM
فالبُعدُ نارٌ وَلا يَقوى عَلى لَهَبٍ *** إلّا الصَّبُورَ وَقَلبي الصَّبُ مُنْشَغِلُ

ابو وليد البحيرى
17-06-2015, 11:09 AM
جزاكم الله خيرا واحسن الله اليكم