مشاهدة النسخة كاملة : قصيدة الحِكَم والأمثال لأبي العتاهية


ابو وليد البحيرى
30-05-2015, 05:55 AM
قصيدة الحِكَم والأمثال لأبي العتاهية

بسم الله الرحمن الرحيم




أبو العتاهية ، إسماعيل بن القاسم ، أبو إسحاق ،



شاعر الزهد و الحكمة ، المتوفى سنة 211 للهجرة النبوية المشرفة - على صاحبها أفضل الصلاة و أتم السلام -



قال الإمام الذهبي - رحمه الله تعالى - في كتابه " سير أعلام النبلاء " :



( أبو العتاهية



رأس الشعراء ، الأديب الصالح ، الأوحد ،


أبوإسحاق إسماعيل بن قاسم بن سويد بن كيسان العنزي مولاهم الكوفي نزيل بغداد .



لقب بأبي العتاهية لاضطراب فيه ، و قيل كان يحب الخلاعة فيكون مأخوذاً من العتو.



سار شعره لجودته و حسنه و عدم تقعره.



و قد جمع أبو عمر بن عبد البر شعره و أخباره ، تنسّك بأَخْرَة ، و قال في المواعظ و الزهد فأجاد.



و كان أبو نواس يعظمه و يتأدب معه لدينه و يقول : ما رأيته إلا توهمت أنه سماوي و أني أرضي.



مدح أبو العتاهية المهدي و الخلفاء بعده و الوزراء ، و ما أصدق قوله :



إنّ الشبابَ و الفـراغَ و الـجِـدَة *** مَفْسَدَةٌ للمَـرْءِ أَيُّ مَـفْـسَـدَة



حَسْبُكَ مِما تبتـغـيه الـقُـوتُ *** ما أَكثَرَ القُوتَ لِـمَـنْ يَمـوتُ



هِيَ المَقاديرُ فَلُمْـنـي أَوْ فَـذَرْ *** إِنْ كُنتُ أَخْطَأتُ فما أَخْطا القَدَر





و قال :



النَّاسُ في غَفَلاتِهـم *** و رَحى المَنِّيَةِ تَطْحَنُ










تُوفّي أبو العتاهية في جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة ومئتين ،



و قيل سنة ثلاث عشرة و مئتين ، و له ثلاث و ثمانون سنة أو نحوها ببغداد .



و اشتهر بمحبة عتبة فتاة المهدي بحيث إنه كتب إليه هذين البيتين :



نفسي بشيء من الدنيا معلقة *** الله و القائم المهدي يكفيهـا



إني لأيأس منها ثم يطعمني *** فيها احتقارك للدنيا وما فيها



فهم بدفعها إليه فجزعت و استعفت و قالت : أتدفعني إلى سوقة قبيح المنظر ؟ فعوضه بذهب.



و له في عمر بن العلاء :



إني أمنت من الزمان وصرفه *** لما علقت من الأمير حبـالا



لو يستطيع الناس من إجلالـه *** تخذوا له حر الخدود نعـالا



إن المطايا تشتكـيك لأنـهـا *** قطعت إليك سباسباً ورمـالا



فإذا وردن بنا وردن خفائفـاً *** وإذا صدرن بنا صدرن ثقالا



فخلع عليه و أعطاه سبعين ألفاً.



و تحتمل سيرة أبي العتاهية أن تعمل في كراريس. ) إنتهى كلامه - رحمه الله تعالى -



قال الإمام الأصمعي - رحمه الله تعالى -


( شعر أبي العتاهية كساحة الملوك يقع فيها الجوهر والذهب ، والتراب والخزف والنوى . )



و قال الإمام المبرد ( كان أبو العتاهية حسن الشعر ، قريب المآخذ ، لشعره ديباجة ،



ويخرج القول منه كمخرج النفس قوة وسهولة واقتدار. )



و قال أبو العتاهية عن نفسه ( لو شئت أن أجعل كلامي كله شعراً لفعلت . )



و قصيدة الحِكَم و الأمثال للشاعر العبّاسي أبي العتاهية هي القصيدة المعروفة بـ الأرجوزة ذات الأمثال



التي قيل أن فيها أربعة آلاف مَثَل .



و قد كتبها و نسّقها و شرح ألفاظها أخونا أبو يعلى البيضاوي - حفظه الله تعالى -



و أنشدها فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن فهد الحمين - حفظه الله تعالى -












قال أبو العتاهية :




الحَمدُ لِلَّهِ عَلى تَقديرِه *** وَ حُسنِ ما صَرَّفَ مِنْ أُمورِه



الحَمدُ لِلَّهِ بِحُسْنِ صُنْعِه *** شُكراً عَلى إِعطائِهِ وَ مَنْعِه




يَخيرُ لِلعَبدِ وَ إِن لَم يَشكُرُه *** وَ يَستُرُ الجَهْلَ عَلى مَنْ يُظْهِرُه




خَوَّفَ مَنْ يَجهَلُ مِن عِقابِه *** وَ أَطمَعَ العامِلَ في ثَوابِه




وَ أَنجَدَ الحُجَّةَ بِالإِرسالِ *** إِلَيهِمُ في الأَزمُنِ الخَوالي ( 1 )




نسَتَعصِمُ اللَهَ فَخَيرُ عاصِم *** قَد يُسعِدُ المَظلومَ ظُلمُ الظالِم




فَضَّلَنا بِالعَقلِ وَ التَدبيرِ *** وَ عِلمِ ما يَأتي مِنَ الأُمورِ




يا خَيرَ مَنْ يُدعى لَدى الشَدائِد ***وَ مَن لَهُ الشُكرُ مَعَ المَحامِد




أَنتَ إِلَهي وَ بِكَ التَوفيقُ *** وَ الوَعدُ يُبدي نورَهُ التَحقيقُ




حَسبُكَ مِمّا تَبتَغيهِ القوتُ *** ما أَكثَرَ القوتَ لِمَن يَموتُ




إِنْ كانَ لا يُغنيكَ ما يَكفيكا *** فَكُلُّ ما في الأَرضِ لا يُغنيكا




الفَقرُ فيما جاوَزَ الكَفافا *** مَنْ عَرَفَ اللَهَ رَجا وَ خافا




إِنَّ القَليلَ بِالقَليلِ يَكثُرُ *** إِنَّ الصَفاءَ بِالقَذى لَيَكدُرُ ( 2 )




يا رُبَّ مَن أَسخَطَنا بِجَهدِه *** قَد سَرَّنا اللَهُ بَغَيرِ حَمدِه




مَنْ لَم يَصِل فَاِرضَ إِذا جَفاكا *** لا تَقطَعَنَّ لِلهَوى أَخاكا



العَنْزُ لا يَسْمَنُ إلا بالعَلَفْ *** لا يَسْمَنُ العَنْزُ بقَوْلٍ ذي لَطَفْ




اللَهُ حَسبي في جَميعِ أَمري ***بِهِ غَنائي وَ إِلَيهِ فَقري




لَن تُصلِحَ الناسَ وَ أَنتَ فاسِد *** هَيهاتَ ما أَبعَدَ ما تُكابِد ( 3 )




التَركُ لِلدُنيا النَجاةُ مِنها *** لَم تَرَ أَنهى لَكَ مِنها عَنها




لِكُلِّ ما يُؤذي وَ إِنْ قَلَّ أَلَم *** ما أَطوَلَ اللَّيلَ عَلى مَنْ لَم يَنَم




مَنْ لاحَ في عارِضِهِ القَتيرُ *** فَقَد أَتاهُ بِالبِلى النَذيرُ ( 4 )



إِنْ اخْتَفى ما في الزَّمانِ الآتي *** فَقِسْ على الماضي مِنَ الأوقاتِ




مَنْ جَعَلَ النَمّامَ عَيناً هَلَكا *** مُبلِغُكَ الشَرَّ كَباغيهِ لَكا ( 5 )




يُغنيكَ عَن قولٍ قَبيحٍ تَركُه *** [ قَد يوهِنُ ] الرَأيَ الأَصيلَ شَكُّه ( 6 )




لِكُلِّ قَلبٍ أَمَلٌ يُقَلِّبُه *** يَصدُقُهُ طَوراً وَ طَوراً يَكذِبُه




المَكرُ وَ الخِبُّ أَداةُ الغادِرِ *** وَالكَذِبُ المَحضُ سِلاحُ الفاجِرِ ( 7 )




لَم يَصفُ لِلمَرءِ صَديقٌ يَمذُقُه *** لَيسَ صَديقُ المَرءِ مَنْ لا يَصدُقُه ( 8 )




مَعروفُ مَنْ مَنَّ بِهِ خِداجُ *** ما طابَ عَذبٌ شابَهَ عَجاجُ ( 9 )



سَامِحْ إذا سُمْتَ و لا تَخْشَ الغَبَنْ *** لَمْ يَغْلُ شَيْءٌ هُوَ مَوْجودُ الثَّمَنْ ( 10 )



مَنْ عاشَ لَمْ يَخْلُ مِنَ المُصيبَة *** وَ قلَّما يَنْفَكُّ عَنْ عَجيبَة



يا طالِبَ الدُّنيا بدُنيا الهِمَّة *** أَيْنَ طَلَبْتَ اللَّهَ كانَ ثَمَّة ( 11 )



يُوَسِّعُ الضِّيقَ الرِّضا بالضِّيقِ *** وَ إنَّما الرُّشْدُ مِنَ التَوْفيقِ



أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ أُموري كُلَّها *** إِنْ لَمْ يَكُنْ رَبِّي لَها فَمَنْ لَها ؟



ما أَبْعَدَ الشَّيءَ إذا الشَّيءُ فُقْد *** ما أقْرَبَ الشَّيءَ إذا الشَّيءُ وُجِد



يَعيشُ حَيٌّ بتُراثِ مَيْتِ *** يَعْمُرُ بَيْتٌ بخَرابِ بَيْتِ ( 12 )



صُلْحُ قَرينِ السُّوءِ للْقَرينِ *** كَمِثْلِ صُلْحِ اللَّحْمِ وَ السِّكينِ




ما عَيشُ مَنْ آفَتُهُ بَقاؤُه *** نَغَّصَ عَيشاً طَيِّباً فَناؤُه ( 13 )




إِنّا لَنَفنى نَفَساً وَ طَرفا *** [لَمْ ] يَترُكِ المَوتُ لإِلفٍ إِلفا ( 14 ) ( 15 )




وَ لِلكَلامِ باطِنٌ وَ ظاهِر *** في ساعَةِ العَدلِ يَموتُ الفاجِر




عَلِمتَ يا مُجاشِعُ بنَ مَسعَدَة *** أَنَّ الشَبابَ وَ الفَراغَ وَ الجِدَة ( 16 )


مَفسَدَةٌ [ لِلمَرءِ ] أَيُّ مَفسَدَة ( 17 )




يا لِلشَبابِ المَرِحِ التَصابي *** رَوائِحُ الجَنَّةِ في الشَبابِ ( 18 ) ( 19 )



{ اصْحَبْ ذَوي الفَضْلِ وَ أهْلَ الدِّينِ *** فَالمَرْؤُ مَنْسوبٌ إِلى القَرينِ }



{ إيَّاكَ وَ الغِيبَةَ وَ النَّميمَة *** فَإنَّها مَنْزِلَةٌ ذَميمَة } ( 20 )



{ لا تَذْهَبَنَّ في الأُمورِ فَرَطا *** لا تَسْأَلَنَّ إِنْ سَأَلْتَ شَطَطا } ( 21 )


{ وَ كُنْ مِنَ النَّاسِ جَميعاً وَسَطا } ( 22 )



لَيسَ عَلى ذي النُصحِ إِلّا الجَهدُ *** الشَيبُ زَرعٌ حانَ مِنهُ الحَصدُ


الغَدرُ نَحسٌ وَ الوَفاءُ سَعدُ



هِيَ المَقاديرُ فَلُمني أَو فَذَر *** تَجري المَقاديرُ عَلى غَرْزِ الإِبَر ( 23 )


إِن كُنتُ أَخطَأتُ فَما أَخطا القَدَر



------------------------------------------------------------------------------------------



( 1 ) أنجد الشيء : ارتفع, ونَجُدَ الأمر يَنْجُدُ نجودا : وَضَحَ واستبان




( 2 ) القذى : ما يقع في العين وما ترمى به



( 3 ) مكابدةالأمر مقاساة مشقته



( 4 ) القتير: الشيب



( 5 ) العين من الكلمات المشتركة المعنى وهي هنا : الجاسوس



( 6 ) في ((الأغاني)) [ يرتهن ]



( 7 ) الخَبُّ: الخَدَّاع



( 8 ) المماذقة في الود ضدالمخالصة , ومذق الود: لم يخلصه



( 9 ) الخِدَاجُ: إلقَاءُ النَّاقَةِ وَلَدَها قَبْلَ تَمامِ الأَيَّامِ، والفِعْلُ: كَنَصَرَ وضَرَبَ، وهي خادجٌ، ـوالولَدُ: خَدِيجٌ. ـ



والنَّاقَةُ: جاءَتْ بِوَلَدٍ ناقِصٍ، وإنْ كانَتْ أيامُهُ تامَّةً، فهي مُخْدِجٌ، ـ


و "صَلاَتُهُ خِدَاجٌ " ، أي: نُقْصانٌ.ـورَجُلٌ مُخْدَجٌ اليَدِ: ناقِصُها.



( 10 ) الغبن : من غبَنَهُ في البَيْعِ يَغْبِنُهُ غُبْناً ِ: خَدَعَهُ، فهو مَغْبُونٌ، والاسمُ: الغَبينَةُ.



( 11 ) الدنيا الأولى الحياة الدنيا نقيض الآخرة, والدنياالثانية بمعنى السفلى والدنيئة وهي صفة للهمة



( 12 ) التُّراث: مايُخَلِّفه الرجُل لورَثَتِهِ، والتاء فيه بَدل من الواو



( 13 ) نغص نغصا : لم تتم له هنائته والنغص كدر العيش



( 14 ) في ((الأغاني)) [ لن ]



( 15 ) الإلف: الشخص الذي تألفه والجمع آلاف



( 16 ) الجدة والوجد والوجدان: الحصول على المال



قال الصولي: قال أحمد بن عبد الله: كان لمسعدة أربعة بنين: مجاشع، وهو الذي يقول فيه أبو العتاهية:



علمت يامجاشع بن مسعدة*** أن الشباب والفراغ والجدة *** مفسدة للمرء أي مفسدة



وهو مسعدة بن سعد بن صول الصولي مولى خالد بن عبد الله القسري،كان كاتبا له,


وكان أيضا من كتاب خالد بن برمك،


ثم كتب بعده لأبي أيوب وزيرالمنصور على ديوان الرسائل, مات في سنة 214هـ,



وابنه أبو الفضل عمرو بن مسعدة، من جلة كتاب المأمون و أهل الفضل والبراعة والشعر



(17) في ((الأغاني)) [ للعقل ] , قال أبو الفرج : ذكر سليمان بن أبي شيخ قال :


قلت لأبي العتاهية : أي شعر قلته أجود , وأعجب إليك ؟ قال : قولي :



إن الشباب والفراغ والجدة *** مفسدة للعقل أي مفسدة



وقولي ايضا :



إن الشباب حجة التصابي *** روائح الجنة في الشباب



( 18 ) في ((الأغاني)) : إن الشباب حجة التصابي ] والتصابي والصبا والصبوة : جهلة الفتوة واللهو من الغزل



( 19 ) قال أبو الفرج الأصفهاني في كتابه ((الأغاني))( ): أخبرني أبو دلف هاشم بن محمد الخزاعي قال:


تذاكروا يوماً شعر أبي العتاهية بحضرة الجاحظ؛



إلى أن جرى ذكر أرجوزته المزدوجة التي سماها "ذات الأمثال"؛ فأخذ بعض من حضر ينشدها حتى أتى على قوله:



يا للشباب المرح التصابي *** روائح الجنة في الشباب



فقال الجاحظ للمنشد: قف: ثم قال: انظروا إلى قوله:



........................*** روائح الجنة في الشباب



فإن له معنى كمعنى الطرب الذي لا يقدر على معرفته إلا القلوب،


وتعجز عن ترجمته الألسنة إلا بعد التطويل وإدامة التفكير,



وخير المعاني ما كان القلب إلى قبوله أسرع من اللسان إلى وصفه.



( 20 ) ذميمة أي مذمومة،فَعِيلة بمعنى مفعولة



( 21 ) الفرط : العجلة , وفرط في الأمر فرطا أي قصر فيه وضيعه حتى فات,



والشطط مجاوزة الحد في البيع والقدر يقال شططت و أشط و أشططت جرت عن الحق



( 22 ) الأبيات [43 و44 و45 و46 ] زيادة من ((الأغاني))



(23) غرز الإبرة غرزا أدخلها وكل ما سمر في شيء فقد غرز وغُرِّز



كُتِب هذا الموضوع : قصيدة الحِكَم والأمثال لأبي العتاهية,
بقلم: سلمان بن أبي بكر
وللموضوع تتمة

ابو وليد البحيرى
30-05-2015, 05:59 AM
قصيدة الحِكَم والأمثال لأبي العتاهية
يا عاشِقَ الدُنيا تَسَلَّ عَنها *** وَيلي عَلى الدُنيا وَ وَيلي مِنها ( 42 )



ما أَسرَعَ الساعاتِ في الأَيّامِ *** وَ أَسرَعَ الأَيّامَ في الأَعوامِ



لِلمَوتِ بي جِدٌّ وَ أَيُّ جِدِّ *** وَ لَستُ لِلمَوتِ بِمُستَعِدِّ



هَل أُذُنٌ تَسمَعُ ما تُسَمِّعُ*** قَوارِعُ الدَهرِ الَّتي تُقَرِّع ( 43 )



ما طابَ فَرعٌ لا يَطيبُ أَصلُه *** اِحذَر مُؤاخاةَ اللَئيمِ فِعلُه



انظُرْ إِذا آخَيتَ مَنْ تُؤاخي *** ما كُلُّ مَنْ آخَيتَ بِالمُؤاخي



الحَمدُ لِلَّهِ الكَثيرِ خَيرُه *** لَم يَسَعِ الخَلقَ جَميعاً غَيرُه



مَن يَشتَكِ الدَهرَ يَطُل في الشَكوى *** الدَهرُ ما لَيسَ عَلَيهِ عَدوى ( 44 )



لَم نَرَ مَنْ دامَ لَهُ سُرورُ *** وَ صاحِبُ الدُنيا بِها مَغرورُ



نَعوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَقاءِ *** ما أَطمَعَ الإِنسانَ في البَقاءِ



لَم يَخلُ مِن حُسنِ يَدٍ مَكانُهُ *** وَالمَرءُ لَم يُسلِمَهُ إِحسانُهُ ( 45 )



مَنْ يَأمَنُ المَوتَ وَ لَيسَ يُؤْمَن *** نَحنُ لَهُ في كُلِّ يَومٍ نُؤذَن ( 46 )



يا رُبَّ ذي خَوفٍ أَتى مِن مَأمَنِه *** كَم مُبتَلىً مِنْ يَأسِهِ في أَمَنِه



اِستَغْنِ بِاللَهِ تَكُنْ غَنِيّا *** اِرْضَ عَنِ اللَهِ تَعِشْ رَضِيّا



يا رَبِّ إِنّا بِكَ يا عَظيمُ *** إِنَّكَ أَنتَ الواسِعُ الحَكيمُ



يَكونُ ما لا بُدَّ أَن يَكونا *** وَ كُلُّ راجٍ رَجَّمَ الظُنونا ( 47 )



سُبحانَ مَن لا يَنقَضي عَجائِبُه *** سُبحانَ مَن لَيسَ يَخيبُ طالِبُه



لَم يَعدَمِ اللَهُ وَ لِلَّهِ القِدَم *** وَ السابِقُ اللَهُ إِلى كُلِّ كَرَم



ما كُلُّ شَيءٍ يُبتَغى يُنالُ *** وَ طَالِبُ الحَقِّ لَهُ مَقالُ



أَفَلحَ مَنْ كانَ لَهُ تَفَكُّر *** ما كُلُّ ذي عَيشٍ يَرى ما يُبصِر



وَ كُلُّ نَفسٍ فَلَها تَعَلُّل *** وَ إِنَّما النَفسُ عَلى ما تُحمَل ( 48 )



وَ عادَةُ الشَرِّ فَشَرُّ عادَة *** وَ المَرءُ بَينَ النَقصِ وَ الزِيادَة



لِكُلِّ ناعٍ ذاتَ يَومٍ ناعِ *** وَ إِنَّما النَعيُ بِقَدرِ الناعي ( 49 )


وَ كُلُّ نَفسٍ فَلَها دَواعِ



ما أَكرَهَ الإِنسانَ لِلتَفَضُّلِ *** وَ إِنَّما الفَضلُ لِكُلِّ مُفضِلِ



رَبِّ لَكَ الحَمدُ وَ أَنتَ أَهلُه *** مَن لَزِمَ التَقوى أَنارَ عَقلُه



ما غايَةُ المُؤمِنِ إِلّا الجَنَّة *** تَبارَكَ اللَهُ العَظيمُ المِنَّة ( 50 )



يا عَجَباً لِلَّيلِ وَ النَهارِ *** لا بَل لِساعاتِهِما القِصارِ



ما أَطحَنَ الأَيّامَ لِلقُرونِ *** كَم لِاِمرِئٍ مِن مَأمَنٍ خَؤونِ ( 51 )



يا رُبَّ حُلوٍ سَيَعودُ سُمّا *** وَ رُبَّ حَمدٍ سَيَعودُ ذَمّا



وَ رُبَّ سِلمٍ سَيَعودُ حَربا *** وَ رُبَّ إِحسانٍ يَعودُ ذَنبا



المَوتُ لا يُفلِتُ حَيٌّ مِنهُ *** كَم ذائِقٍ لِلمَوتِ لاهٍ عَنهُ



ما أَسرَعَ البَغيَ لِكُلِّ باغِ *** وَ رُبَّ ذي بَغيٍ مِنَ الفَراغِ



لِكُلِّ جَنبٍ ذاتَ يَومٍ مَصرَع *** وَ الحَقُّ ذو نورٍ عَلَيهِ يَسطَع



لا تَطلُبُ المَعروفَ إِلّا مِن أَخِ *** يَسومُكَ الوِدَّ بِهِ سَومَ السَخي


الزُهدُ في الدُنيا هُوَ العَيشُ الرَخي



يا رُبَّ شُؤمٍ صارَ لِلبَخيلِ *** أَكرِم بِأَهلِ العِلمِ بِالجَميلِ



مَن كانَ في الدُنيا لَهُ زَهادَة *** فَعِندَها طابَت لَهُ العِبادَة



أَصلِح وَ مَن يُصلِح فَماذا يَربَح *** وَ الشَيءُ لا يَصلُحُ إِن لَم يُصلَح



كُلُّ جَديدٍ سَيَعودُ مُخلِقاً *** وَ مَن أَصابَ مَرَفِقا



ما اِنتَفَعَ المَرءُ بِمِثلِ عَقلِه *** وَ خَيرُ ذُخرِ المَرءِ حَسنُ فِعلِه ( 52 )



لَم يَزَلِ اللَهُ عَلَينا مُنعِما *** وَ مَن طَغى عاشَ فَقيراً مُعدَما



اليُبسُ وَ البَأسِ لأَهلِ الباسِ *** وَ سادَةُ الناسِ خِيارُ الناسِ



أَيُّ بِناءٍ لَيسَ لِلخَرابِ *** وَ أَيُّ آتٍ لَيسَ لِلذَهابِ



كَأَنَّ شَيئاً لَم يَكُنْ إِذا اِنقَضى *** وَ ما مَضى مِمّا مَضى فَقَد مَضى



ما أَزيَنَ العَقلَ لِكُلِّ عاقِلِ *** ما أَشيَنَ الجَهلَ لِكُلِّ جاهِلِ ( 53 )



بُؤسى لِمَن قالَ بِما لا يَعلَمُ *** وَ صاحِبُ الحَقِّ فَلَيسَ يَندَمُ



الخَيرُ أَهلٌ أَن يُحِبَّ أَهلُه *** وَ الحَقُّ ذو خِفٍّ ثَقيلٍ حَملُه


وَالحَينُ خَتّالٌ لَطيفٌ خَتلُه ( 54 )



أَينَ يَفِرُّ المَرءُ أَينَ أَينا *** كُلُّ جَميعٍ سَيُلاقي بَينا ( 55 )



إِلَيكِ يا دُنيا إِلَيكِ عَنّي *** ماذا تُريدينَ تَخَلّي مِنّي



يا دارُ دارَ الهَمِّ وَ المَعاصي *** هَل فيكِ لي بابٌ إِلى الخَلاصِ



نَطلُبُ أَنْ نَبقى وَ لَيسَ نَبقى *** كُلٌّ سَيَلقى اللَهَ حَقّا حَقّا



لِكُلِّ عَينٍ عِبرَةٌ فيما تَرى *** وَ الحَقُّ مَحفوفٌ بِأَعلامِ الهُدى ( 56 )


يَقبَلُهُ العَقلُ وَ يَنفيهِ الهَوى






------------------------------------------------------------------------------------------






(42) تسل من السلو : وهو نسيان الشيء والذهول عنه




(43) جمع قارعة وهي الداهية





(44) العدوى : طلبك إلى وال ليعديك على من ظلمك, والعدوى النصرة والمعونة ومنه :استعداه : نصره وأعانه





(45) يسلمه :أسلم فلان فُلاناً إذا ألْقاه إلى التهلَكة ولم يَحْمه من عدُوِّه ومنه الحديث : «المُسْلم أخو المسلم لا يظلِمُه ولا يُسلمه».





(46) من أذِنَ بالشيء، إِذْناً، بالكسر ويُحَرَّكُ، وأذاناً وأذانَةً: عَلِمَ به.





(47) الرجم القول بالظن والحدس والقذف بالغيب والظن وكلام مرجم غير يقين ولا ثابت





(48) تعلل بالأمر واعتل : تشاغل





(49) النعي : خبر الموت , والناعي : الذي يأتي به





(50) غاية كل شيء منتهاه , المنة : الإحسان والنعمة





(51) الخؤون : أي خائن : وهوالذي يؤتمن فلا ينصح





(52) ذخر الشيء ذخرا واذخره اذخارا : اختاره, وقيل اتخذه





(53) الشين : العيب والقبح ضد الزين





(54) الختل : التخادع عن غفلة و المخاتلة : مشي اصياد قليلا قليلا في خفية لئلا يسمع الصيد حسه, كل خدع خاتل وختول





(55) جميع بمعنى مجتمع , البَيْن : الفراق والتشتت





(56) محفوف :من أحف بالشيء أحاط به وأحدق به واستدار

ابو وليد البحيرى
30-05-2015, 06:01 AM
قصيدة الحِكَم والأمثال لأبي العتاهية

كَم بارَكَ اللَهُ لِقَلبي فَاتَّسَع *** وَ اللَهُ إِنْ بارَكَ في شَيءٍ نَفَع



لا تُتبِعِ المَعروفَ مِنكَ مَنّا *** أُخِيَّ أَحسِنْ بِأَخيكَ الظَنّا ( 57 )



سُبحانَكَ اللَهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمِ *** وَ تَمِّمِ النُعمى عَلَينا تَمَمِ



طوبى لِمَنْ صَحَّتْ بَناتُ حِسِّه *** وَ مَن كَفاهُ اللَهُ شَرَّ نَفسِه



كَم دَولَةٍ سَوفَ يَكونُ غَيرُها *** وَ سَوفَ يَفنى شَرُّها وَ خَيرُها



يا عَجَباً لِلدَهرِ في تَقَلُّبِه *** المَرءُ مُذْ كانَ عَلى تَوَثُّبِه



ما بَينَ نابَيهِ وَ بَينَ مِخلَبِه



ما أَعظَمَ الحُجَّةَ إِن عَقَلنا *** ما يَغفُلُ المَوتُ وَ إِن غَفَلنا



اِعتَبِرِ اليَومَ بِأَمسِ الذاهِبِ *** وَ اعْجَبْ فَما تَنفَكُّ مِنْ عَجائِبِ



تَرى الأُمورَ ...... *** وَ اللَهُ في كُلِّ الأُمورِ يَقضي



تَبارَكَ اللَهُ ........ *** يا صاحِبَ التَسويفِ ماذا تَنتَظِر



مَن قَنِعَ .......... *** وَ المَوتُ ما أَسرَعَهُ وَ أَوحى



يا رَبِّ إِنّي بِكَ أَنتَ رَبّي *** وَ مِنكَ إِحسانٌ وَ مِنّي ذَنبي



أَستَغفِرُ اللَهَ فَنِعمَ القادِر *** اللَهُ لي مِنْ شَرِّ ما أُحاذِر



حَتّى مَتى المُذنِبُ لا يَتوبُ *** أَما تَرى ما تَصنَعُ الخُطوبُ ( 58 )



ما المُلكُ إِلا الجاهُ عِندَ اللَهِ *** الجاهُ عِندَ اللَهِ خَيرُ جاهِ



كاسَ اِمرُؤٌ مُنتَظِرٌ لِلمَوتِ *** وَ كاسَ مَنْ بادَرَ قَبلَ الفَوتِ ( 59 )



سَبيلُ مَنْ ماتَ هُوَ السَبيلُ *** بَقاؤنا مِن بَعدِهِم قَليلُ


قَد يَضحَكُ القَلبُ بِعَينٍ تَبكي *** وَ الأَخذُ قَد يَجري بِمَعنى التَركِ



ما هِيَ إِلّا الحادِثاتُ حَتّى *** تَترُكَ أَهلَ الأَرضِ بَتّا بَتّا ( 60 )



لا بُدَّ لا بُدَّ مِنَ الحَوادِث *** تَمُرُّ تَطوي حادِثاً بِحادِث



لا عَيشَ إِلا عَيشُ أَهلِ الآخِرَة *** إِنّا لَنَعمى وَ العُيونُ ناظِرَة



المَوتُ حَقٌّ لَيسَ فيهِ شَكٌّ *** تَفنى المُلوكُ وَ يَبيدُ المُلكُ



اللَهُ رَبّي وَ هوَ المَليكُ *** لَيسَ لَهُ في مُلكِهِ شَريكُ


اللَهُ يَفنينا وَ لَيسَ يَفنى *** لَهُ الجَلالُ وَ الصِفاتُ الحُسنى



اللَهُ مَولانا وَ نِعمَ المَولى *** فَقُل لِمَن يَعصيهِ أَولى أَولى



ما هُوَ إِلا عَفوُهُ وَ حِلمُه *** سُبحانَ مَن لا حُكمَ إِلا حُكمُه



نَتائِجُ الأَحوالِ مِنْ لا وَ نَعَم *** وَ النَفسُ مِن بَينِ صُموتٍ وَ عَدَم



يَذهَبُ شَيءٌ وَ يَجيءُ شَيُّ *** ما هُوَ إِلا رَشَدٌ وَ غَيُّ



وَ إِنَّما العِلمُ بِعَينٍ وَ أَثَر *** وَ إِنَّما التَعليمُ عِلمٌ وَ خَبَر


نَحنُ مِنَ الدُنيا عَلى وِفازِ *** طوبى لِمَنْ أَسرَعَ في الجِهازِ ( 61 )



وَ كُلُّ مَأخوذٍ فَسَوفَ يُترَكُ *** وَ المُلكُ لا يَبقى وَ لا المُمَلَّكُ



أَتَت مُلوكٌ وَ مَضَتْ مُلوكُ *** غَرَّتهُمُ الآمالُ وَ الشُكوكُ



المَلِكُ الحَيُّ هُوَ المُميتُ *** لَهُ الجَميعُ وَ لَهُ الشَتيتُ



في كُلِّ شَيءٍ عِبرَةٌ مِنَ العِبر *** وَ كُلُّ شَيءٍ بِقَضاءٍ وَ قَدَر



رَبّي إِلَيهِ تُرجَعُ الأُمورُ*** أَستَغفِرُ اللَهَ هُوَ الغَفورُ


عَمِلتُ سوءً وَ ظَلَمتُ نَفسي *** وَ خِبتُ يَومي وَ أَضَعتُ أَمسي



وَ لي غَدٌ يُؤخَذُ مِنّي لَهُما *** هُما الدَليلانِ عَلى ذاكَ هُما



يا عَجَباً مِنْ ظُلَمِ الذُنوبِ *** إِنَّ لَها رَيناً عَلى القُلوبِ ( 62 )



اللَهُ فَعّالٌ لِما يَشاءُ *** غَداً غَداً يَنكَشِفُ الغِطاءُ


كَم شِدَّةٍ مِن بَعدِها رَخاءُ



إِنَّ الشَقِيَّ لِلشَقِيُّ الخائِنُ *** وَ كُلُّنا عَمّا نَراهُ بائِنُ ( 63 )



كُلٌّ سَيَفنى عاجِلاً وَشيكا *** تَرحَلُ عَن تَيّا وَ تَنأى تيكا


ناهيكَ مِمّا سَتَرى ناهيكا



وَ كُلُّ شَيءٍ مُقبِلٌ مُوَلِّ *** وَ كُلُّ ذي شَيءٍ لَهُ مُخَلِّ



رَضيتُ بِاللَهِ وَ بِالقَضاءِ *** ما أَكرَمَ الصَبرَ عَلى البَلاءِ








------------------------------------------------------------------------------------------





(57) المن الإعتداد بالإحسان, والمَنَّانُ الذي لا يُعْطِي شيئاً إلاَّ مَنَّه.


واعْتَدَّ به على مَن أعطاهُ،



وهو مَذمُومٌ لأن المِنَّةَ تُفْسِدُ الصَّنِيعَة



(58) جمع خَطْبُ: وهو الشأنُ، والأَمْرُ صَغُرَ أو عظُمَ،



(59) كاسَ : عَقَلَ و فَطِنَ




(60) البَتُّ: القَطْعُ



(61) الوَفْزُ والوَفَز: العَجَلة والجمْع: أوْفاز.


يُقال: نَحن على أوْفَاز: أي على سَفَرٍ قَدْ أشْخَصْنا,




وجهاز المسافر ما يحتاج غليه في سفره




(62) الرَّيْنُ: الطَّبَعُ، والدَّنَسُ.





(63)أي مفارق ومنفصل