ابو وليد البحيرى
26-05-2015, 11:16 PM
الغذاء والصحة
رأفت سليمان علي
الغذاء هو مجموعة من المواد اللازمة لنمو الجسم وتعويض التالف من أنسجته وخلاياه، بالإضافة إلى إمداده بالطاقة والدفء اللازمين لحركته ونشاطه، كما أن للغذاء تأثيرًا كبيرًا على مزاج وتفكير وأعصاب الإنسان، حتى لقد قيل: "أنت ما تأكل".
التغذية بين الأمس واليوم؟
لم يكن موضوع التغذية يسترعي اهتمام أحد حتى وقت قريب؛ فقد كان السائد أن الإنسان بفطرته يعرف ما هو خير له، فهو يأكل الطعام الذي يستسيغه، والذي أكله الآباء والأجداد وعاشوا بسببه عمرًا طويلاً بصحة جيدة، لقد كان الشيء الوحيد الذي يجب تفاديه هو أنواع الطعام والشراب التي لم يأكلها الأجداد، والتي تُحَرِّمها التقاليد والمعتقدات الدينية.
ولا توجد الآن حدود فاصلة بين الغذاء والدواء؛ إذ ثبت أن سوء التغذية ونقص بعض الفيتامينات في الطعام يتسبب في الكثير من الأمراض الحادة: كالبلاجرا، والأسقربوط، والكساح، والأنيميا الخبيثة، وغيرها.
كما أن العديد من الأمراض المزمنة يمكن السيطرة عليها باتباع نظام غذائي خاص، يقلل من حاجة المريض الدائمة لتناول عقاقير كيماوية ضارة، مثل: أمراض البول السكري، وضغط الدم وسيولته، وغيرها.
ويعتبر موضوع التغذية في كثير من البلدان النامية مشكلة اجتماعية صعبة، لا يمكن التغلب عليها إلا باستخدام الأساليب العلمية، وإدراك الأبعاد الواقعية للمشكلة وإمكانية حلها.
التغذية السليمة والعقاقير الطبية:
إن التغذية السليمة لا تتطلب من المرء أن يكف عن تناول الأطعمة التقليدية التي يحبها، إنما تستلزم منه أن يضعها في المكان المناسب لها على ضوء الاتجاهات العلمية الحديثة، وأن يكملها أو يعدل من حيث الكميات التي يتناولها منها؛ بحيث يحافظ على توازن العناصر التي تدخل في طعامه.
إننا نستهلك - مع الأسف - كميات كبيرة تتزايد تدريجيًّا من الفيتامينات والمقويات والملينات ومضادات الحموضة، وهذه العقاقير جميعها مما يمكن الاستغناء عنه في كثير من الحالات، إذا حرصنا على تنظيم الغذاء، والامتناع عن الأطعمة التي لا تستسيغها معداتنا ولا تهضمها بسهولة، وأن نستبدلَ بها أخرى أسهل هضمًا وأفضل تكوينًا.
إن الإكثار من الفيتامينات والمقويات تبذير لا مبرر له إذا عُنينا بالغذاء؛ فالثابت أن الجسم البشري لا يختزن الفيتامينات، إنما يستهلك منها ما يحتاج إليه، ثم يتخلص من الزوائد فورًا، وأن الإفراط في تناول بعض الفيتامينات قد يتسبب في تغيرات فسيولوجية وباثولوجية ضارة، كما أن الأغذية الطازجة المتعادلة تحتوي على كل ما يحتاجه الإنسان من فيتامينات وأملاح ومقويات طبيعية، وأن الإفراط في استعمال مضادات الحموضة يتسبب عادة في اضطراب الهضم نتيجة قصور في إفراز العصائر الهاضمة، كما يتسبب أحيانًا في زيادة نسبة قلوية الدم، مما يؤدي إلى فِقدان الشهوة، والصداع، والعصبية، والشكوى من آلام عضلية، والضعف العام.
كما أن الإفراط في تناول الملينات قد يؤدي إلى التهاب مزمن في الأمعاء الغليظة، كما يحُول دون إفادة الجسم من الغذاء الذي يتناوله المرء الفائدةَ المرجوة، بالإضافة إلى أن استعمال الزيوت المعدنية الملينة - كالبرافين - يحُول دون امتصاص بعض الفيتامينات والعقاقير والعناصر الغذائية الضرورية الأخرى.
ويُعزَى انتشار التهاب القولون المزمن وسوء الهضم والإمساك واضطراب المعدة العصبي، إلى تغلُّب العادات الغذائية الضارة المنتشرة بين شعوب المنطقة، والتمسُّك بتقاليد خاطئة في تناول الطعام والشراب وطرق إعداده.
الفاكهة والخضروات الطازجة:
ولقد تفشت أمراض "النقص الغذائي" بصورة وبائية في العصور الوسطى؛ لندرة احتواء وجبات الطعام آنذاك على الفاكهة والخضروات الطازجة، التي تحتوي على قدر مناسب من الفيتامينات المختلفة، الضرورية لكثير من العمليات البيولوجية والوقائية للجسم؛ والتي يتسبب عدم تناولها - بقدر معين يوميًّا - في الإصابة ببعض الأمراض التي كانت تعتبر من قبلُ مستعصية ميئوسًا من الشفاء منها؛ كأمراض: البلاجرا: الناتج عن نقص حمض النيكوتنيك (أحد مكونات فيتامين ب المركب)، والأسقربوط: الناتج عن نقص فيتامين ج، والبري بري: الناتج عن نقص فيتامين ب، والكساح ولِين العظام: الناتج عن نقص فيتامين د، والعَشَا الليلي: الناتج عن نقص فيتامين أ، والأنيميا الخبيثة الناتجة عن نقص فيتامين ب إلخ.
لذلك، فإنه يحسُن بالمرء أن يكثر من تناول الخضر والفاكهة الطازجة، وأن يقوم بطهوِها بفهم وعناية؛ لأنه إذا أهمل ذلك، فإن الجسم لن يستخلص منها أية فيتامينات.
الخبز:
ولقد تعودت شعوب كثيرة أن تتخذ من الخبز طعامًا أساسيًّا لها، كما تعودت شعوب أخرى أن تتخذ الأرز طعامًا أساسيًّا لها، تتناول منه كميات وفيرة في كل وجبة، وبتقدم صناعة الخبز أخَذ الإنسان يستبعد الردة (القشور) من الدقيق لإنتاج رغيفٍ أبيض اللون، أجمل شكلاً، وأشهى مذاقًا، ولعله أسهل هضمًا من الرغيف الأسمر الموجود في الطبيعة، لكنه فقير في محتوياته من الفيتامينات والمعادن؛ لذا فقد ألزَمت بعض البلدان الأمريكية والأوروبية المخابز بإضافة مادة الثيامين (فيتامين ب1)، والنياسين (حمض النيكوتنيك)، والحديد إلى الخبز، كما تفكِّر بعض البلدان - بالإضافة إلى ذلك - إضافة نسبة من الكالسيوم واللبن المجفف للخبز؛ للارتفاع بقيمته الغذائية، خصوصًا بين الطبقات الفقيرة التي لا تهيئ لها ظروفُها الاقتصادية التنويع الكافي في الطعام، والتي تعتمد على الخبز كطعام أساسي لها.
اللبن والبيض واللحوم:
ويؤدي اللبن ومنتجاته دورًا هامًّا في غذاء البشرية؛ فهو يتكون من 86% ماء، 5% سكر اللاكتوز، 4% مواد دهنية، 5% بروتينات، بالإضافة لمواد معدنية؛ كأملاح الكالسيوم والفوسفور والفيتامينات أ، د، ب المركب؛ لذلك فإن اللبن ومنتجاته ينبغي أن نحرص على تناولها مرة أو مرتين يوميًّا بصورة أو بأخرى؛ لكونه غذاءً كاملاً.
كما يعتبر البيض من الأطعمة ذات الأهمية الغذائية؛ حيث يتكونُ أساسًا من البروتينات اللازمة لبناء الجسم، وتعويض أنسجته التالفة، بالإضافة لاحتوائه على العديد من المواد المعدنية: كالفوسفور والحديد وبعض الفيتامينات، ويأتي البيض بعد اللبن مباشرة في أهميته كغذاء واقٍ من الأمراض؛ لذلك فإن أي شعب يستهلك في طعامه قدرًا معقولاً من اللبن والبيض والخضر والفاكهة الطازجة، يمكن أن يعيش صحيحًا دون أن يشكوَ من أعراض سوء التغذية أو النقص الغذائي.
كذلك اللحوم والأسماك التي تتمتع بأهمية خاصة في نظم التغذية الحديثة؛ حيث تحتوي بروتيناتها على جميع الأحماض الأمينية الأساسية اللازمة لنمو الجسم وتعويض أنسجته؛ كما تحتوي على نسبة معقولة من الكربوهيدرات والمواد الدهنية، بالإضافة إلى بعض الفيتامينات الحيوية والأملاح المعدنية، وزيوت الأسماك غنية بفيتامين أ اللازم لعملية الإبصار، وفيتامين د الضروري لسلامة العظام والأسنان؛ كما تتميز الأسماك باحتوائها على نسبة ضئيلة من اليود اللازم لنشاط الغدة الدرقية في إفراز هرمون التيروكسين اللازم لنمو الجسم الطبيعي وتمثيل الغذاء.
أما المواد الدهنية والزيوت فهي أطعمة ممتازة لتوليد الطاقة؛ لذا تحرص جميع الكائنات الحية على اختزان الدهن كمصدرٍ للطاقة بعكس المواد الغذائية الأخرى، لكن الإسراف في تناول المواد الدهنية يعرقل عملية الهضم؛ لحدوث اضطرابات في إفراز العصارات الهاضمة، وفي سير التفاعلات الكيميائية اللازمة لإتمام الهضم بصورة سليمة.
ومما يجدُرُ ذِكره أنه حين يراد نقص وزن الجسم أو وقف زيادته عن طريق الطعام (بعمل رجيم خاص)، لا ينبغي الامتناع عن المواد النشوية والدهنية كلية، بل يجب مراعاة التوازن بين ما نأكله، وبين ما نبذله من طاقة؛ فالجسم يختزن الدهن عندما يزيد ما نتناوله منه عما نستهلكه في صورة طاقة، ولا يحتفظ بشيء منه إذا استهلكناه أثناء عملنا اليومي، ومن ناحية أخرى فإن الجسم قد يصنع الدهن ويختزنه من طعام يخلو منه؛ فهو يُحَوِّل الزائد من المواد النشوية والبروتينات إلى دهن.
فوائد التغذية وأصولها:
ما الغرض من التغذية؟ وكيف ومتى نأكل؟!
الأكل وظيفة طبيعية، علينا أن نقوم بها، ومن واجبنا أن نستمتع بها حتى يسهل الهضم، كما أن أي لون من ألوان الطعام لا تستسيغه المعدة، ينبغي أن يكف المرء عن تناوله؛ فألوان الطعام كثيرة، وأشكالها متنوعة؛ بحيث يمكن أن يُستبعد واحد أو اثنان منها.
والأغراض الرئيسة من التغذية هي: مد الجسم بالطاقة اللازمة لمختلف أوجه نشاطه، وبناء الأنسجة والمحافظة على حيويتها، وتعويض التالف منها، والوقاية من الأمراض، وكل هذا يتطلب حسن الاختيار والتصنيف للحصول على غذاء متوازن، كما أن كمية الطعام وأوقات تناوله من العوامل الهامة المؤثرة في عملية هضم الغذاء والاستفادة المرجوة منه؛ لأن إتخام المعدة باستمرار بكميات كبيرة من الطعام يمثل عبئًا ثقيلاً على الجهاز الهضمي، يُعجِزه عن تأدية عمله على الوجه الأكمل؛ فقد أرشد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المرء إلى أن يقسم معدته إلى ثلاثة أجزاء، ثلث للطعام، وثلث للماء، والثلث الباقي للهواء، حتى تتمَّ عمليةُ الهضم في يُسر وسهولة.
ويتوقف إفراز العصارة المَعِدية على عوامل كثيرة، أهمها: انتظام مواعيد تناول الطعام؛ فالتعود على مواعيد معينة من أقوى عوامل انتظام إفراز المعدة، وكثيرًا ما يؤدي الإهمال في ذلك إلى عواقبَ وخيمة نعزوها ظُلمًا للطعام، ومن أقوى المنبهات المباشرة لإفراز المعدة خلاصات اللحوم، وهذا هو السرُّ في تفضيل بدء الطعام بتناول الشوربة، وهو كذلك السبب الرئيسي في وصفها للناقهين، كما يلعب فيتامين ب 1 دورًا هامًّا في هضم وامتصاص الكربوهيدرات؛ لذا يجب توفره في الغذاء دائمًا.
إن تناول ثلاث وجبات من الطعام في اليوم هو أفضل نظام غذائي في الجسم، ومهما كان الأمر فيجب ألا يغادر الإنسانُ منزله أو يبدأ عمله دون إفطار، كما يجب ألا تنسيه مشاغله عن تناول طعام الغذاء في موعده، كما يجب أن يتناول الإنسان عشاءه قبل النوم بساعتين على الأقل؛ بحيث لا تقل الفترة الزمنية بين كل وجبتين عن 4 - 5 ساعات، وهي المدة الضرورية لهضم الطعام بالمعدة وانتقاله إلى الأمعاء الدقيقة، ويستحسن أن تتقارب كميات الطعام في الوجبات الثلاث؛ وذلك بالنسبة للبالغين في الظروف العادية، أما الأطفال والمرضى فقد يحتاجون إلى عدد أكثرَ من الوجبات.
شرب الماء:
ويفضل شرب الماء قبل الأكل لتنبيه المعدة؛ حيث يحتل الماء مكانة هامة في حياة الإنسان؛ إذ إنه يساعد على سيولة الدم والعصائر الهاضمة، وينشط الإفرازات الداخلية، ويعمل كمذيب للطعام، ويحُول دون تكاثر الجراثيم في الأمعاء، وهو كذلك لا يمتص في المعدة، وإنما يمتص أغلبه في الأمعاء، وتتراوح الكمية اللازمة من الماء للشخص البالغ بين 6 - 8 أكواب يوميًّا، ومن المستحسن - في حالات الإمساك - شرب كوب أو كوبين من الماء الفاتر بعد النهوض من النوم مباشرة، والشرب المعتدل أثناء الطعام لا ضرر فيه.
أما عادة شرب الماء المثلج أثناء وجبات الطعام في الأيام الحارة، فهي عادة ضارة بالجسم، وهي كثيرًا ما تؤثر على الهضم؛ حيث يعُوق الماء المثلج إفرازات المعدة ويؤخِّر الهضم، كما تتسبب درجات الحرارة المتطرفة في الارتفاع أو الانخفاض - في كثير من الأحيان - في التهاب الغشاء المخاطي المبطِّن للمعدة.
الطفل ولبن الأم:
يعتبر لبن الأم أنسب غذاء للرضيع؛ لاحتوائه على جميع العناصر اللازمة لغذائه؛ لأنه يلائم جهازه الهضمي، كما يحتوي على العديد من عوامل المناعة الواقية من الأمراض، ويحمل له صفات الرحمة والحنان، وما أسعدَ الطفلَ الذي يتغذى بما أعده الله له من غذاء كامل، هو لبن الأم! إذ إن فرصته للتمتع بصحة جيدة أكبر بكثير من الطفل الذي يعيش على التغذية الصناعية، وينمو الطفل نموًّا سريعًا؛ إذ يتضاعف وزنه في ستة أشهر، وعند نهاية السنة يصل وزنه إلى ثلاثة أضعاف وزنه عند الولادة؛ لذا يجب أن يحصلَ على غذاء يفي بهذه الاحتياجات.
وعلى الأم أن تُعْنَى بكل الوسائل التي تدر لبنها ليكفي وليدها، وتعمل على وقايته من الأمراض، وتحرص على تمتعه بالهواء النقي، وأشعة الشمس الهادئة.
ومن المستحسن إرضاع الطفل كل 24 ساعة ست مرات في الشهر الأول من 6 صباحًا حتى 9 مساءً، على ألا يرضع أثناء الليل إراحة لجهازه الهضمي، وخمس رضعات حتى نهاية الشهر الرابع، وأربع رضعات حتى نهاية الشهر الثامن، وبعد ذلك ثلاث مرات يوميًّا بالإضافة لبعض الأكلات الخفيفة.
غذاء كبار السن:
أما فيما يختص بغذاء كبار السن، فيجب أن يخضع لبعض الضوابط، فالثابت علميًّا أن أعراض الشيخوخة تبدأ عادة من سن الخمسين؛ إذ تحدث حينئذ تغيرات في كيمياء خلايا الجسم، وما يحتاج إليه متقدمو السن فعلاً هو الإكثار من البروتين اللازم لحيوية الأنسجة، وكذلك الكالسيوم والحديد والفيتامينات، مع الإقلال من المواد النشوية والدهنية، والعناية بطَهْو الطعام جيدًا.
المعالجة بالغذاء:
ومن الجدير بالذكر أن كثيرًا من الأمراض العصرية يمكن توقِّيها، أو علاجها باتباع نظام غذائي خاص، فمثلاً في حالات فرط الحساسية (التحساس) يجب الامتناع فورًا عن العامل المسبب لذلك، ويدخل ضمن هذه العوامل العديد من أصناف الطعام؛ كاللبن، والبيض، والسمك، والمانجو، وبعض الزيوت النباتية، وغيرها، وذلك بالإضافة إلى عوامل أخرى عديدة تسبب التحساس.
أما في حالة تقرُّح المعدة فيجب الإكثار من تناول اللبن ومنتجاته، والأطعمة المسلوقة، والعصائر، كما يجب الامتناع عن التدخين، وأكل الأطعمة الدسمة، والتوابل، والسلطات، وتناول المنبهات: كالقهوة والشاي، وكذلك الخمور، كما يجدرُ العناية بالأسنان.
ويلعب الغذاء دورًا رئيسًا في علاج مرض النقرس، بالرغم من توافر عقاقير فعالة، فيجب أن يخلو الغذاء من المواد البروتينية (اللحوم، والأسماك، والكبد، والكلاوي، والمخ) على قدر الإمكان مع الإقلال من المواد الزلالية وزيادة المواد النشوية، وتحديد المواد الدهنية بالقدر الذي يفي بحاجة الجسم، مع الامتناع عن شرب القهوة والشاي، والكاكاو، والخمور.
كما يلعب الغذاء دورًا هامًّا في علاج الأنيميا الخبيثة، بتناول أطعمة غنية بفيتامين ب 12؛ كالكبد الطازج، وفي علاج مرضى الكبد واليرقان الذين يجب أن يحتوي طعامهم على كميات كبيرة من السكريات، والنشويات والبروتينات، مع الحد من تناول المواد الدهنية بقدر الإمكان، كما يمتنع عن الإكثار من الفيتامينات، ويتجنَّبُ التوابل، والأغذية المهيجة، ويمتنع امتناعًا تامًّا عن تناول الخمور بجميع أنواعها؛ لأنها معاول هدم لخلايا الكبد.
وهناك حالات كثيرة من مرض البول السكري يمكن علاجها بتنظيم الغذاء وحده، خصوصًا في حالات التشخيص المبكر للمرض؛ وذلك بالإقلال من النشويات والمواد الدهنية، والإكثار من البروتينات والفيتامينات، بجانب بذل جهد بدني معقول للمساعدة على حرق السكر في الدم.
ويعتمد غذاء مرضى القلب والكُلَى على الإقلال من المواد الزلالية، والإكثار من المواد النشوية السهلة الهضم؛ كالحلوى والعسل والمربات والفاكهة، مع تحديد كمية المواد الدهنية، أما مرضى ضغط الدم المرتفع وال***ة الصدرية فيجب تجنيبهم الانفعالات النفسية، والابتعاد عن الأطعمة الدسمة ومِلح الطعام، والإقلاع عن التدخين، والامتناع عن تعاطي الخمور التي حرَّمها الله تعالى، وترك المنبهات، والإكثار من الفاكهة والفيتامينات، والإخلاد إلى الراحة البدنية والذهنية.
وينصح الأطباء بالتغذية الجيدة والإكثار من السوائل لمرضى الحميات حتى تقوى أجسامهم على مقاومة المرض، كما يُعتَبَر الغذاءُ الجيد المحتوِي على كافة العناصر المفيدة من نشويات وبروتينات ودهون وأملاح معدنية عنصرًا هامًّا في مرضى السِّلِّ باختلاف أنواعه، وللوقاية من العديد من الأمراض المُعْدِيَةِ.
هذا، ويجب مراجعة الطبيب المتخصص عند الشكوى من أي عرَض قد يكون سببًا في مرض خطير، أو أُهْمِل علاجه في المهد وتُرِك ليستفحِلَ.
رأفت سليمان علي
الغذاء هو مجموعة من المواد اللازمة لنمو الجسم وتعويض التالف من أنسجته وخلاياه، بالإضافة إلى إمداده بالطاقة والدفء اللازمين لحركته ونشاطه، كما أن للغذاء تأثيرًا كبيرًا على مزاج وتفكير وأعصاب الإنسان، حتى لقد قيل: "أنت ما تأكل".
التغذية بين الأمس واليوم؟
لم يكن موضوع التغذية يسترعي اهتمام أحد حتى وقت قريب؛ فقد كان السائد أن الإنسان بفطرته يعرف ما هو خير له، فهو يأكل الطعام الذي يستسيغه، والذي أكله الآباء والأجداد وعاشوا بسببه عمرًا طويلاً بصحة جيدة، لقد كان الشيء الوحيد الذي يجب تفاديه هو أنواع الطعام والشراب التي لم يأكلها الأجداد، والتي تُحَرِّمها التقاليد والمعتقدات الدينية.
ولا توجد الآن حدود فاصلة بين الغذاء والدواء؛ إذ ثبت أن سوء التغذية ونقص بعض الفيتامينات في الطعام يتسبب في الكثير من الأمراض الحادة: كالبلاجرا، والأسقربوط، والكساح، والأنيميا الخبيثة، وغيرها.
كما أن العديد من الأمراض المزمنة يمكن السيطرة عليها باتباع نظام غذائي خاص، يقلل من حاجة المريض الدائمة لتناول عقاقير كيماوية ضارة، مثل: أمراض البول السكري، وضغط الدم وسيولته، وغيرها.
ويعتبر موضوع التغذية في كثير من البلدان النامية مشكلة اجتماعية صعبة، لا يمكن التغلب عليها إلا باستخدام الأساليب العلمية، وإدراك الأبعاد الواقعية للمشكلة وإمكانية حلها.
التغذية السليمة والعقاقير الطبية:
إن التغذية السليمة لا تتطلب من المرء أن يكف عن تناول الأطعمة التقليدية التي يحبها، إنما تستلزم منه أن يضعها في المكان المناسب لها على ضوء الاتجاهات العلمية الحديثة، وأن يكملها أو يعدل من حيث الكميات التي يتناولها منها؛ بحيث يحافظ على توازن العناصر التي تدخل في طعامه.
إننا نستهلك - مع الأسف - كميات كبيرة تتزايد تدريجيًّا من الفيتامينات والمقويات والملينات ومضادات الحموضة، وهذه العقاقير جميعها مما يمكن الاستغناء عنه في كثير من الحالات، إذا حرصنا على تنظيم الغذاء، والامتناع عن الأطعمة التي لا تستسيغها معداتنا ولا تهضمها بسهولة، وأن نستبدلَ بها أخرى أسهل هضمًا وأفضل تكوينًا.
إن الإكثار من الفيتامينات والمقويات تبذير لا مبرر له إذا عُنينا بالغذاء؛ فالثابت أن الجسم البشري لا يختزن الفيتامينات، إنما يستهلك منها ما يحتاج إليه، ثم يتخلص من الزوائد فورًا، وأن الإفراط في تناول بعض الفيتامينات قد يتسبب في تغيرات فسيولوجية وباثولوجية ضارة، كما أن الأغذية الطازجة المتعادلة تحتوي على كل ما يحتاجه الإنسان من فيتامينات وأملاح ومقويات طبيعية، وأن الإفراط في استعمال مضادات الحموضة يتسبب عادة في اضطراب الهضم نتيجة قصور في إفراز العصائر الهاضمة، كما يتسبب أحيانًا في زيادة نسبة قلوية الدم، مما يؤدي إلى فِقدان الشهوة، والصداع، والعصبية، والشكوى من آلام عضلية، والضعف العام.
كما أن الإفراط في تناول الملينات قد يؤدي إلى التهاب مزمن في الأمعاء الغليظة، كما يحُول دون إفادة الجسم من الغذاء الذي يتناوله المرء الفائدةَ المرجوة، بالإضافة إلى أن استعمال الزيوت المعدنية الملينة - كالبرافين - يحُول دون امتصاص بعض الفيتامينات والعقاقير والعناصر الغذائية الضرورية الأخرى.
ويُعزَى انتشار التهاب القولون المزمن وسوء الهضم والإمساك واضطراب المعدة العصبي، إلى تغلُّب العادات الغذائية الضارة المنتشرة بين شعوب المنطقة، والتمسُّك بتقاليد خاطئة في تناول الطعام والشراب وطرق إعداده.
الفاكهة والخضروات الطازجة:
ولقد تفشت أمراض "النقص الغذائي" بصورة وبائية في العصور الوسطى؛ لندرة احتواء وجبات الطعام آنذاك على الفاكهة والخضروات الطازجة، التي تحتوي على قدر مناسب من الفيتامينات المختلفة، الضرورية لكثير من العمليات البيولوجية والوقائية للجسم؛ والتي يتسبب عدم تناولها - بقدر معين يوميًّا - في الإصابة ببعض الأمراض التي كانت تعتبر من قبلُ مستعصية ميئوسًا من الشفاء منها؛ كأمراض: البلاجرا: الناتج عن نقص حمض النيكوتنيك (أحد مكونات فيتامين ب المركب)، والأسقربوط: الناتج عن نقص فيتامين ج، والبري بري: الناتج عن نقص فيتامين ب، والكساح ولِين العظام: الناتج عن نقص فيتامين د، والعَشَا الليلي: الناتج عن نقص فيتامين أ، والأنيميا الخبيثة الناتجة عن نقص فيتامين ب إلخ.
لذلك، فإنه يحسُن بالمرء أن يكثر من تناول الخضر والفاكهة الطازجة، وأن يقوم بطهوِها بفهم وعناية؛ لأنه إذا أهمل ذلك، فإن الجسم لن يستخلص منها أية فيتامينات.
الخبز:
ولقد تعودت شعوب كثيرة أن تتخذ من الخبز طعامًا أساسيًّا لها، كما تعودت شعوب أخرى أن تتخذ الأرز طعامًا أساسيًّا لها، تتناول منه كميات وفيرة في كل وجبة، وبتقدم صناعة الخبز أخَذ الإنسان يستبعد الردة (القشور) من الدقيق لإنتاج رغيفٍ أبيض اللون، أجمل شكلاً، وأشهى مذاقًا، ولعله أسهل هضمًا من الرغيف الأسمر الموجود في الطبيعة، لكنه فقير في محتوياته من الفيتامينات والمعادن؛ لذا فقد ألزَمت بعض البلدان الأمريكية والأوروبية المخابز بإضافة مادة الثيامين (فيتامين ب1)، والنياسين (حمض النيكوتنيك)، والحديد إلى الخبز، كما تفكِّر بعض البلدان - بالإضافة إلى ذلك - إضافة نسبة من الكالسيوم واللبن المجفف للخبز؛ للارتفاع بقيمته الغذائية، خصوصًا بين الطبقات الفقيرة التي لا تهيئ لها ظروفُها الاقتصادية التنويع الكافي في الطعام، والتي تعتمد على الخبز كطعام أساسي لها.
اللبن والبيض واللحوم:
ويؤدي اللبن ومنتجاته دورًا هامًّا في غذاء البشرية؛ فهو يتكون من 86% ماء، 5% سكر اللاكتوز، 4% مواد دهنية، 5% بروتينات، بالإضافة لمواد معدنية؛ كأملاح الكالسيوم والفوسفور والفيتامينات أ، د، ب المركب؛ لذلك فإن اللبن ومنتجاته ينبغي أن نحرص على تناولها مرة أو مرتين يوميًّا بصورة أو بأخرى؛ لكونه غذاءً كاملاً.
كما يعتبر البيض من الأطعمة ذات الأهمية الغذائية؛ حيث يتكونُ أساسًا من البروتينات اللازمة لبناء الجسم، وتعويض أنسجته التالفة، بالإضافة لاحتوائه على العديد من المواد المعدنية: كالفوسفور والحديد وبعض الفيتامينات، ويأتي البيض بعد اللبن مباشرة في أهميته كغذاء واقٍ من الأمراض؛ لذلك فإن أي شعب يستهلك في طعامه قدرًا معقولاً من اللبن والبيض والخضر والفاكهة الطازجة، يمكن أن يعيش صحيحًا دون أن يشكوَ من أعراض سوء التغذية أو النقص الغذائي.
كذلك اللحوم والأسماك التي تتمتع بأهمية خاصة في نظم التغذية الحديثة؛ حيث تحتوي بروتيناتها على جميع الأحماض الأمينية الأساسية اللازمة لنمو الجسم وتعويض أنسجته؛ كما تحتوي على نسبة معقولة من الكربوهيدرات والمواد الدهنية، بالإضافة إلى بعض الفيتامينات الحيوية والأملاح المعدنية، وزيوت الأسماك غنية بفيتامين أ اللازم لعملية الإبصار، وفيتامين د الضروري لسلامة العظام والأسنان؛ كما تتميز الأسماك باحتوائها على نسبة ضئيلة من اليود اللازم لنشاط الغدة الدرقية في إفراز هرمون التيروكسين اللازم لنمو الجسم الطبيعي وتمثيل الغذاء.
أما المواد الدهنية والزيوت فهي أطعمة ممتازة لتوليد الطاقة؛ لذا تحرص جميع الكائنات الحية على اختزان الدهن كمصدرٍ للطاقة بعكس المواد الغذائية الأخرى، لكن الإسراف في تناول المواد الدهنية يعرقل عملية الهضم؛ لحدوث اضطرابات في إفراز العصارات الهاضمة، وفي سير التفاعلات الكيميائية اللازمة لإتمام الهضم بصورة سليمة.
ومما يجدُرُ ذِكره أنه حين يراد نقص وزن الجسم أو وقف زيادته عن طريق الطعام (بعمل رجيم خاص)، لا ينبغي الامتناع عن المواد النشوية والدهنية كلية، بل يجب مراعاة التوازن بين ما نأكله، وبين ما نبذله من طاقة؛ فالجسم يختزن الدهن عندما يزيد ما نتناوله منه عما نستهلكه في صورة طاقة، ولا يحتفظ بشيء منه إذا استهلكناه أثناء عملنا اليومي، ومن ناحية أخرى فإن الجسم قد يصنع الدهن ويختزنه من طعام يخلو منه؛ فهو يُحَوِّل الزائد من المواد النشوية والبروتينات إلى دهن.
فوائد التغذية وأصولها:
ما الغرض من التغذية؟ وكيف ومتى نأكل؟!
الأكل وظيفة طبيعية، علينا أن نقوم بها، ومن واجبنا أن نستمتع بها حتى يسهل الهضم، كما أن أي لون من ألوان الطعام لا تستسيغه المعدة، ينبغي أن يكف المرء عن تناوله؛ فألوان الطعام كثيرة، وأشكالها متنوعة؛ بحيث يمكن أن يُستبعد واحد أو اثنان منها.
والأغراض الرئيسة من التغذية هي: مد الجسم بالطاقة اللازمة لمختلف أوجه نشاطه، وبناء الأنسجة والمحافظة على حيويتها، وتعويض التالف منها، والوقاية من الأمراض، وكل هذا يتطلب حسن الاختيار والتصنيف للحصول على غذاء متوازن، كما أن كمية الطعام وأوقات تناوله من العوامل الهامة المؤثرة في عملية هضم الغذاء والاستفادة المرجوة منه؛ لأن إتخام المعدة باستمرار بكميات كبيرة من الطعام يمثل عبئًا ثقيلاً على الجهاز الهضمي، يُعجِزه عن تأدية عمله على الوجه الأكمل؛ فقد أرشد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المرء إلى أن يقسم معدته إلى ثلاثة أجزاء، ثلث للطعام، وثلث للماء، والثلث الباقي للهواء، حتى تتمَّ عمليةُ الهضم في يُسر وسهولة.
ويتوقف إفراز العصارة المَعِدية على عوامل كثيرة، أهمها: انتظام مواعيد تناول الطعام؛ فالتعود على مواعيد معينة من أقوى عوامل انتظام إفراز المعدة، وكثيرًا ما يؤدي الإهمال في ذلك إلى عواقبَ وخيمة نعزوها ظُلمًا للطعام، ومن أقوى المنبهات المباشرة لإفراز المعدة خلاصات اللحوم، وهذا هو السرُّ في تفضيل بدء الطعام بتناول الشوربة، وهو كذلك السبب الرئيسي في وصفها للناقهين، كما يلعب فيتامين ب 1 دورًا هامًّا في هضم وامتصاص الكربوهيدرات؛ لذا يجب توفره في الغذاء دائمًا.
إن تناول ثلاث وجبات من الطعام في اليوم هو أفضل نظام غذائي في الجسم، ومهما كان الأمر فيجب ألا يغادر الإنسانُ منزله أو يبدأ عمله دون إفطار، كما يجب ألا تنسيه مشاغله عن تناول طعام الغذاء في موعده، كما يجب أن يتناول الإنسان عشاءه قبل النوم بساعتين على الأقل؛ بحيث لا تقل الفترة الزمنية بين كل وجبتين عن 4 - 5 ساعات، وهي المدة الضرورية لهضم الطعام بالمعدة وانتقاله إلى الأمعاء الدقيقة، ويستحسن أن تتقارب كميات الطعام في الوجبات الثلاث؛ وذلك بالنسبة للبالغين في الظروف العادية، أما الأطفال والمرضى فقد يحتاجون إلى عدد أكثرَ من الوجبات.
شرب الماء:
ويفضل شرب الماء قبل الأكل لتنبيه المعدة؛ حيث يحتل الماء مكانة هامة في حياة الإنسان؛ إذ إنه يساعد على سيولة الدم والعصائر الهاضمة، وينشط الإفرازات الداخلية، ويعمل كمذيب للطعام، ويحُول دون تكاثر الجراثيم في الأمعاء، وهو كذلك لا يمتص في المعدة، وإنما يمتص أغلبه في الأمعاء، وتتراوح الكمية اللازمة من الماء للشخص البالغ بين 6 - 8 أكواب يوميًّا، ومن المستحسن - في حالات الإمساك - شرب كوب أو كوبين من الماء الفاتر بعد النهوض من النوم مباشرة، والشرب المعتدل أثناء الطعام لا ضرر فيه.
أما عادة شرب الماء المثلج أثناء وجبات الطعام في الأيام الحارة، فهي عادة ضارة بالجسم، وهي كثيرًا ما تؤثر على الهضم؛ حيث يعُوق الماء المثلج إفرازات المعدة ويؤخِّر الهضم، كما تتسبب درجات الحرارة المتطرفة في الارتفاع أو الانخفاض - في كثير من الأحيان - في التهاب الغشاء المخاطي المبطِّن للمعدة.
الطفل ولبن الأم:
يعتبر لبن الأم أنسب غذاء للرضيع؛ لاحتوائه على جميع العناصر اللازمة لغذائه؛ لأنه يلائم جهازه الهضمي، كما يحتوي على العديد من عوامل المناعة الواقية من الأمراض، ويحمل له صفات الرحمة والحنان، وما أسعدَ الطفلَ الذي يتغذى بما أعده الله له من غذاء كامل، هو لبن الأم! إذ إن فرصته للتمتع بصحة جيدة أكبر بكثير من الطفل الذي يعيش على التغذية الصناعية، وينمو الطفل نموًّا سريعًا؛ إذ يتضاعف وزنه في ستة أشهر، وعند نهاية السنة يصل وزنه إلى ثلاثة أضعاف وزنه عند الولادة؛ لذا يجب أن يحصلَ على غذاء يفي بهذه الاحتياجات.
وعلى الأم أن تُعْنَى بكل الوسائل التي تدر لبنها ليكفي وليدها، وتعمل على وقايته من الأمراض، وتحرص على تمتعه بالهواء النقي، وأشعة الشمس الهادئة.
ومن المستحسن إرضاع الطفل كل 24 ساعة ست مرات في الشهر الأول من 6 صباحًا حتى 9 مساءً، على ألا يرضع أثناء الليل إراحة لجهازه الهضمي، وخمس رضعات حتى نهاية الشهر الرابع، وأربع رضعات حتى نهاية الشهر الثامن، وبعد ذلك ثلاث مرات يوميًّا بالإضافة لبعض الأكلات الخفيفة.
غذاء كبار السن:
أما فيما يختص بغذاء كبار السن، فيجب أن يخضع لبعض الضوابط، فالثابت علميًّا أن أعراض الشيخوخة تبدأ عادة من سن الخمسين؛ إذ تحدث حينئذ تغيرات في كيمياء خلايا الجسم، وما يحتاج إليه متقدمو السن فعلاً هو الإكثار من البروتين اللازم لحيوية الأنسجة، وكذلك الكالسيوم والحديد والفيتامينات، مع الإقلال من المواد النشوية والدهنية، والعناية بطَهْو الطعام جيدًا.
المعالجة بالغذاء:
ومن الجدير بالذكر أن كثيرًا من الأمراض العصرية يمكن توقِّيها، أو علاجها باتباع نظام غذائي خاص، فمثلاً في حالات فرط الحساسية (التحساس) يجب الامتناع فورًا عن العامل المسبب لذلك، ويدخل ضمن هذه العوامل العديد من أصناف الطعام؛ كاللبن، والبيض، والسمك، والمانجو، وبعض الزيوت النباتية، وغيرها، وذلك بالإضافة إلى عوامل أخرى عديدة تسبب التحساس.
أما في حالة تقرُّح المعدة فيجب الإكثار من تناول اللبن ومنتجاته، والأطعمة المسلوقة، والعصائر، كما يجب الامتناع عن التدخين، وأكل الأطعمة الدسمة، والتوابل، والسلطات، وتناول المنبهات: كالقهوة والشاي، وكذلك الخمور، كما يجدرُ العناية بالأسنان.
ويلعب الغذاء دورًا رئيسًا في علاج مرض النقرس، بالرغم من توافر عقاقير فعالة، فيجب أن يخلو الغذاء من المواد البروتينية (اللحوم، والأسماك، والكبد، والكلاوي، والمخ) على قدر الإمكان مع الإقلال من المواد الزلالية وزيادة المواد النشوية، وتحديد المواد الدهنية بالقدر الذي يفي بحاجة الجسم، مع الامتناع عن شرب القهوة والشاي، والكاكاو، والخمور.
كما يلعب الغذاء دورًا هامًّا في علاج الأنيميا الخبيثة، بتناول أطعمة غنية بفيتامين ب 12؛ كالكبد الطازج، وفي علاج مرضى الكبد واليرقان الذين يجب أن يحتوي طعامهم على كميات كبيرة من السكريات، والنشويات والبروتينات، مع الحد من تناول المواد الدهنية بقدر الإمكان، كما يمتنع عن الإكثار من الفيتامينات، ويتجنَّبُ التوابل، والأغذية المهيجة، ويمتنع امتناعًا تامًّا عن تناول الخمور بجميع أنواعها؛ لأنها معاول هدم لخلايا الكبد.
وهناك حالات كثيرة من مرض البول السكري يمكن علاجها بتنظيم الغذاء وحده، خصوصًا في حالات التشخيص المبكر للمرض؛ وذلك بالإقلال من النشويات والمواد الدهنية، والإكثار من البروتينات والفيتامينات، بجانب بذل جهد بدني معقول للمساعدة على حرق السكر في الدم.
ويعتمد غذاء مرضى القلب والكُلَى على الإقلال من المواد الزلالية، والإكثار من المواد النشوية السهلة الهضم؛ كالحلوى والعسل والمربات والفاكهة، مع تحديد كمية المواد الدهنية، أما مرضى ضغط الدم المرتفع وال***ة الصدرية فيجب تجنيبهم الانفعالات النفسية، والابتعاد عن الأطعمة الدسمة ومِلح الطعام، والإقلاع عن التدخين، والامتناع عن تعاطي الخمور التي حرَّمها الله تعالى، وترك المنبهات، والإكثار من الفاكهة والفيتامينات، والإخلاد إلى الراحة البدنية والذهنية.
وينصح الأطباء بالتغذية الجيدة والإكثار من السوائل لمرضى الحميات حتى تقوى أجسامهم على مقاومة المرض، كما يُعتَبَر الغذاءُ الجيد المحتوِي على كافة العناصر المفيدة من نشويات وبروتينات ودهون وأملاح معدنية عنصرًا هامًّا في مرضى السِّلِّ باختلاف أنواعه، وللوقاية من العديد من الأمراض المُعْدِيَةِ.
هذا، ويجب مراجعة الطبيب المتخصص عند الشكوى من أي عرَض قد يكون سببًا في مرض خطير، أو أُهْمِل علاجه في المهد وتُرِك ليستفحِلَ.