مشاهدة النسخة كاملة : أصول الإنسان محفوظة في جيناته


ابو وليد البحيرى
25-05-2015, 09:04 PM
أصول الإنسان محفوظة في جيناته



د. حسني حمدان الدسوقي حمامة






إن تاريخ البشرية مدون في مورثاتنا (جيناتنا)، ولكن تفسيرات الرسائل الدفينة ما زالت متناقضة. ولعل تلك الحقيقة التي تمثل أروع ما توصل إليه العلم اليوم تكشف سراً عظيماً أشارت إليه آية في كتاب الله حيث يقول تعالى ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 172]. إن رب العالمين أخذ العهد والميثاق على بنى آدم، مُشْهِدًا إياهم على ربوبيته، وفطر كل خلية وهن في النطف في ظهور الآباء، على فطرته، فجاء الخلق كله مسلما لله.





حواء أم البشر:


أثبت علم جزيئات الحياة (Molecular Biology) عن طريق دراسة الحمض النووي في الميتوكوندريا في بويضة المرأة أن حواء أم البشر الحاليين (Eve the common Ancestor of all humans)، ويساعد الجينوم البشري في تتبُّع شجرة حياة البشر إلى أن يقر بأننا كلنا لآدم. ففي عام 1987درس الباحثان كان وولسون من جامعة بركلي الدنا الموجود في الميتوكوندرات (Mitochondria) الذي يأتي من البويضة فقط في سيتوبلازم خلية الأنثى، وبفضل هذا الدنا الميتوكوندري أعاد علماء الوراثة إنشاء سلالة النسب الأمومية من دون صعوبات ترتبط باختلاط مورثات الأبوين، وتوصَّلت الدراسة إلى أن الناس جميعًا يشتركون في دنا ميتوكوندري جاء في الأصل من امرأة واحدة (All humans alive today share mitochondria DNA derived from a single female ancestor (شكل: 7). وهنا يتجلى إعجاز القرآن في الإشارة إلى تلك الحقيقة التي لم يكشف عنها العلم إلا في عام 1987 حيث يقول رب العالمين: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].





Eve, the Common Ancestor of All Humans
حواء أم البشر



As mentioned earlier, molecular biology is making some significant new, if controversial, contributions to the un-derstanding of human evolution. The technique involves tracing family trees by means of mitochondrial DNA. Mi-tochondria are energy-supplying structures in the cell, and they contain DNA that is not involved in the mixing of parental genes during meiosis but is derived only from the egg, not the sperm. Thus, a lineage can be traced back from mother, to grandmother, to great-grandmother, and so on. Mitochondrial DNA is changed only by mutations, which are passed on matrilinearly to the next generation. Given the assumption that mutations occur at a fixed rate, different DNA types can be compared and the number of generations that separate the different types from a common ancestral type calculated. In other words, all humans alive today share mitochondrial DNA derived from a single female ancestor.



That the genetic stock of all humans perhaps arises from a single ancestral female, or "Eve," as she has been called, conforms to basic genetic theory. What is sur¬prising, however, is that calculations show that Eve lived only about 200,000 years ago. This is before the modern human races arose, which implies that, from a common African homeland, carriers of Eve's genes spread to most parts of the world and that it was their descendants who gave rise to the modern races. In other words, the variousraces did not, as some anthropologists have argued, arise independently from different Homo erectus lineages.





شكل (7) حواء أم البشر هكذا أثبتت دراسة الدنا الميتوكونديري (صورة من كتاب vanished worlds,Lemon,p.431))





وبناءً على الدراسات الوراثية ظهر ما يعرف بـ "نظرية حواء الإفريقية" (Eve Africa) التي تشير إلى أن المجموع الوراثي للدنا الميتوكوندري يعود على وجه الاحتمال إلى أصل إفريقي، واستنادًا على ما يعرف بفرضية الساعة الجزيئية (molecular clock)، فقد توصلت الحسابات إلى نتيجة مزهلة هي أن حواء (السليف) ظهرت على الأرض منذ 000و 200سنة، وقد أربكت تلك النتيجة علماء الإنسان؛ لأنها تجزم بعدم وجود علاقة بيننا وبين ما يسمى بالإنسان منتصب القامة (Homo erectus)، إلا أن الحقيقة الناصعة تفيد بأن كل النساء انحدرن من امرأة واحدة كانت موجودة قبل 000و200سنة، وتتكامل دراسة الصبغي ال***ي Yمع دراسة الدنا الميتوكوندري الذي تنقله النساء.





فقط لتنضوي تحت قول الحق تبارك وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13] وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:( كلكم لآدم وآدم من تراب ).






النياندرتاليون ليسوا منا:


يمثل نجاح الباحث بابو وزملاؤه في استخلاص الحمض النووي من بقايا أحفورة بشرية ثورة في مجال علم الأحافير، وكانت أولى النتائج للدنا الميتوكوندري لإنسان نياندرتال المكتشف في منطقة فيلدهوفر بألمانيا (يعود قدمه إلى ما بين 35000 إلى 70000 سنة) ولالثنين من أقرانه، وقد أدت الدراسة إلى القول إن النياندرتاليين لم يشكلون جزءًا من أسلافنا، وتؤكد الدراسات على أن النياندرتاليين كانوا يفتقدون اللغة المألوفة لدينا، فكيف يكونون بشرًا؟





والحمد لله الذي أراح علماء الإنسان من ذلك الصداع المزمن حول أكذوبة الأناسي التي ظهرت قبل آدم وحواء.





((قل كونوا حجارة أو حديدًا)):


يسجل القرآن الكريم في بعض الآيات تعجب الكفار من كيفية بعثهم بعد موتهم، وتحول أجسادهم إلى تراب وعظام نَخِرة رميم، وترد الآيات مؤكدة على حتمية ذلك البعث، إلا أن آية سورة الإسراء التي وردت في ذلك الشأن قد أعطت إشارة علمية رائعة متعلقة بطرق حفظ بقايا الكائنات القديمة التي يعثر عليها في طبقات الأرض (شكل: 8)، ويحس عالم الحفريات بذلك الإعجاز خاصة وهو يعلم من دراسة تاريخ علم الحياة القديمة أن تعريف الأحفورة كان لغزًا كبيرًا، فقد كان يعتقد أنها ذات منشأ غير عضوي، ناهيك عن تصور أنها رجز من عمل الشيطان، أو قروش الملائكة، أو قروش سقطت من جيوب الحجيج، دُفنت في الحجارة، وإذا بنا قبل اكتشاف حقيقة الأحافير (بقايا الكائنات القديمة) نطالع كلام رب العالمين وهو يتحدث عن تحول عظام البشر إلى حجارة أو حديد أو مادة أكبر من ذلك، واليوم يتعلم طالب علم الأحافير القديمة طرق حفظ الحفريات بالتحجر الذي يضم الإضافة المعدني، والاستبدال المعدني، والإحلال المعدني، والتفحم، والقلب والطابع، وآثار الكائنات القديمة. وهنا نتدبر قول الله تعالى: ﴿ وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا * قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا * أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا * يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 49 - 52].