مشاهدة النسخة كاملة : قالت إني أعوذ بالرحمن منك


ابو وليد البحيرى
25-05-2015, 03:42 PM
http://img02.arabsh.com/uploads/image/2012/06/05/0e344d4967fb0c.png (http://173.193.223.232/index.php)



قالت إني أعوذ بالرحمن منك


عفاف عبدالوهاب صديق



ولما كانت "الطاهرة البتول مريم ابنة عمران" تتعبد في محرابها الذي فيه كانت سكينتها ورزق الله فيه دائمًا لا ينقطع، وهي دائمة السجود والركوع قانتة لله رب العالمين.. إذا بها في هذا الهدوء وتلك الطمأنينة فجأة تجد رجلاً داخل محرابها وهي العفيفة التي نذرتها أمها لخدمة بيت المقدس، وليس معها في المحراب أحد سواه!

حارت وشملتها الدهشة، كيف دخل ولماذا؟ فخافت منه وخشيت على نفسها، وهذا هو حال المرأة في قلبها وسرعة شعورها بالخوف والقلق؛ فالمرأة مخلوق ضعيف، والمقصود بالضعف هنا هو ضعف بنيانها؛ ذلك لأن مريم كانت آية للعالمين في الطهر والنقاء والإخلاص مع الله..

لكن ها هى ذي الحقيقة التي تراها أمامها بعينيها.. رجلاً بشرًا سويا لا عيب فيه ولا نقصان؛ فاستعاذت بربها وهو الرحمن منه وهي بعدُ لم تكن تعلم أنه روح القدس الملاك جبريل الأمين عليه السلام الذي أرسله إليها ربها وجعله يظهر لها في صورة إنسان، يقول رب العالمين: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا} [مريم: 18]، فهى العفيفة التقية وأول ما نطقت به حين رأته أن قصدت ربها وهو العليم بحالها، استغاثت به أن يعيذها من هذا الرجل، فليست بغيا وقد كانت بذرتها النقاء والنور، وظنت أنه يريدها لنفسها أو أنه أتى ليلفتها عن عبادتها الدائمة لربها في المحراب.. وقالت له: إني أستعيذ بربي منك، إن كنت تخاف الله وتتقيه فأعوذ بربي أن تكون تقيًّا؛ فلم تر من هيأته إلا الورع والأدب وحسن الخلق.

وكانت الإجابة منه سريعة {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ} [مريم: 19] ذلك ليزيل عن قلبها الخوف والرهبة كي تهدأ وتستقر وتستقبل الأمر الذي له أرسل روح القدس، وفي لحظة وهي بعد لم تلتقط أنفاسها من حال وجوده معها؛ إذا به يكمل لها الإجابه قائلاً: {لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا}، والغلام هو المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام.

ولنرَ في المرة القادمة كيف استقبلت السيدة مريم البتول هذا الخبر وذاك الاختبار؟
أرق تحياتي،،،