مشاهدة النسخة كاملة : لغة الأرقام في تصويت المصريين بالخارج


abomokhtar
22-05-2014, 06:29 PM
قبل فترة كتبت مقالا تحت عنوان "السيسي رئيسا"، لم أثبت فيه عبقرية صحفية على التنبؤ، إنما قمت بقراءة واقعية لمسارات الأحداث والأوضاع ، وهي تقول بصراحة إن هناك رغبة من قطاعات شعبية وكيانات سياسية ليكون السيسي رئيسا بانتخابات، أو بدونها. نتحدث عن 53 مليون ناخب في مصر، وهي كتلة تصويتية ضخمة تفوق سكان عددا من البلدان العربية مجتمعة، وإذا ذهبنا لآخر مدى وافترضنا أن الـ 13 مليونا التي حصل عليها مرسي في انتخابات 2012 سيقاطعون فإنه يتبقى 40 مليون ناخب، وهي كتلة كبيرة أيضا لو صوت 20 مليونا منها للسيسي فسيكون حقق فوزا كبيرا، ولو حصل حمدين صباحي على نفس الرقم الذي حصل عليه في الرئاسة الماضية، وهو ما يقرب من 5 ملايين صوت فسيكون هناك 15 مليونا آخرين لم يصوتوا ليس لأسباب سياسية بالطبع، إنما لأسباب خاصة بهم مرتبطة بأمراض وعادات انتخابية مثل الكسل والسلبية واللامبالاة واليأس من التغيير وتحسن الأوضاع وغيرها من المبررات الشخصية والمجتمعية. وهنا على الإخوان وأنصارهم أن يتوقفوا عن رفع ورقة المقاطعة لأنها لن تعني شيئا، ولن تؤثر في حركة التصويت، ولا كثافته، ولا الشرعية القانونية والدستورية للانتخابات، ولا الشرعية الشعبية أيضا، فقد منحناهم مقاطعة قدرها 13 مليون صوت، وهذا رقم كبير ومبالغ فيه من جانبنا، لكن لا مانع حتى يستريحوا تماما ولا يتحججون بأي شيء. لكن الإنصاف يتطلب القول إنه إذا كانت الانتخابات ستتوفر لها كل شروط الشرعية، إلا أنها تظل شرعية منقوصة سياسيا وديمقراطيا، بسبب أنها انتخابات ضيقة جدا، فلا يمكن محاصرتنا بمرشحين اثنين فقط ، إما هذا، أو ذاك، وكليهما عليه ملاحظات وتحفظات لدى قطاعات من المجتمع حتى لو كانوا خصوما سياسيين اتجهوا لل***، أو ارتبط ال*** بهم سواء برغبتهم، أو بكونهم صاروا سواتر له، فهم في النهاية قطاعات من المصريين سيبقون على الأرض المصرية، ولهم كامل الحقوق، وعليهم كل الواجبات، ولن يمكن نفيهم، أو التخلص منهم أبدا، إنه العيش المشترك الذي لا فكاك منه. المرشحان لا يعكسان تمثيل التيارات والكيانات السياسية في المجتمع، فالسيسي بلا لون سياسي، ولا يمثل أي اتجاه، إنما هو أقرب إلى موظف الدولة التقليدي، بعكس حمدين الذي ينتمي لمعسكر اليسار، لكن ليس هناك إجماع عليه ، غاب الإسلاميون، وهم الكيان المنظم صاحب الحضور الشعبي على الأرض، كما غاب الليبراليون، والعلمانيون، والمرأة، وحتى التكنوقراط لا يكفي أن يعبر عنهم السيسي وحده. انتخابات 2012 من حيث خريطة المرشحين وتمثيلهم السياسي كانت أفضل وأوسع كثيرا، وكانت تتيح حرية الاختيار للناخب حتى من داخل الكتلة التي يتعاطف معها، فقد كان هناك ثلاثة مرشحين إسلاميين، وكان لليسار أربعة مرشحين، وللنظام السابق أو رجال الدولة ثلاثة من بينهم واحد - عمرو موسى - يمكن اعتباره ممثلا للتيار الليبرالي أيضا. على أية حال جاءت نتائج المصريين بالخارج لتقودنا إلى أن السيسي مقبل على فوز كبير، يقابله مأزق كبير لمنافسه حمدين صباحي. فمن مجموع 318 ألفا و825 ناخبا صوتوا بالخارج حصل السيسي على الكعكة شبه كاملة بفوزه بـ 296 ألفا و628 صوت بنسبة 95% تقريبا، فيما حصل صباحي على 17 ألفا و207 أصوات، أي 5% فقط ، وهي نسبة مهينة له، وفي انتخابات الداخل قد يدور حول نفس النسبة. في مسألة متاجرة الإعلام وضيوفه بالأرقام والحديث عن أن المصريين بالخارج أبهروا العالم بالتصويت الكثيف، فهذا تضليل واضح، فلم يكن هناك إبهار، إنما سلبية معتادة، إذ ماذا يمثل الرقم الكلي للمصوتين، وهو 318 ألفا بين تعداد المصريين بالخارج، والذي في أقل إحصاءاته يبلغ 8 ملايين مواطن، وهو لم يزد كثيرا عن نفس رقم المصوتين في الجولة الأولى من انتخابات 2012 والذي بلغ 314 ألفا و329 ناخبا. هناك متغير مهم كان يُفترض أن يرفع عدد المصوتين كثيرا، لكن ذلك لم يحدث، ففي الانتخابات الماضية كان التصويت يحق لمن سبق وسجلوا أنفسهم لدى لجنة الانتخابات، وأعدادهم عموما كانت رقما متواضعا يدور حول 587 ألفا، أما في هذه الانتخابات فقد أُلغي التسجيل المسبق، وصار التصويت مفتوحا لأي مصري بالخارج دون أية قيود أو شروط، وحتى لو كان المصري مقيما لساعة واحدة بأي عاصمة فمن حقه التصويت طالما معه الجواز المميكن أو بطاقة الرقم القومي، وهذا يعني أنه كان يجب أن يكون عدد المصوتين غير مسبوق يتجاوز المليون في أقل تقديراته. مع ذلك فقد اكتسح السيسي الخارج وتضاءل حمدين ، الذي يبدو أنه ضعيف، وأن الظروف التي خدمته في انتخابات 2012 ومنحته ما يقرب من 5 ملايين صوت لم تتوفر له في الانتخابات الحالية. في الجولة الثانية من انتخابات 2012 التي انحصرت بين محمد مرسي وأحمد شفيق كان وضع شفيق أفضل من وضع حمدين مع السيسي حيث حصل شفيق على نحو 25% من أصوات الخارج، مقابل 75% لمرسي، ومؤشرات المصريين بالخارج دلت على فوز مرسي، لكن نجح شفيق في الداخل في تضييق الفارق بشكل مذهل مع مرسي، وهو مالا نتوقعه في حالة صباحي مع السيسي، إلا إذا حصل شيء ما لم يكن في الحسبان. أخيرا الأصوات الباطلة لم تكن مؤثرة، فقد بلغت 4 آلاف و198 صوتًا فقط، ما يعني أنهم لا يمثلون ثقلا، وأن خيار المقاطعة قائم، لكن لا يمكن حساب قوته، فليس هناك أداة لرصده وحسابه، ولو كان المقاطعون أبطلوا أصواتهم مثلا لأمكن هنا حساب قوتهم وتأثيرهم .

اقرأ المقال الاصلى فى المصريون : http://almesryoon.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA/blog/69-%D8%B7%D9%87-%D8%AE%D9%84%D9%8A%D9%81%D8%A9/476933-%D9%84%D8%BA%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%82%D8%A7%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%B5%D9%88%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC