مشاهدة النسخة كاملة : هانى مهنى يكتب .. سد النهضة و الرد المصرى


عمرهانى
04-06-2013, 02:49 PM
تابعت وتابع معى المصريون بكافة انتماءاتهم و اتجاهاتهم الفكرية الإجراء الإثيوبى المستفز الخاص بتحويل مجرى النيل الأزرق للبدء فى مشروع سد النهضة المزمع انشاؤه والذى يؤكد الكثير من الخبراء أنه سيؤثر على حصة مصر سلبا، كما أنه سيؤثر سلبا على انتاج مصر للكهرباء من السد العالى.

و كنت قد تناولت ملف النيل الملف المنسى فى مقال لى بموقع كايرو دار الإلكترونى فى مارس 2013 و أكدت على خطورة هذا السد وعلى غياب الدور المصرى فى إفريقيا و ما له من آثار سلبية على مصر فى الحاضر والمستقبل وعلى تركنا وإهمالنا لإفريقيا حتى اجتاحتها، ولعبت بها كثيرا من الدول المعادية لمصر.

و الآن وبعد هذا الإجراء و البدء فى بناء سد النهضة أجد نفسى فى حالة من الأسى والحزن لما آلت اليه يد الإهمال والتجاهل حتى وصلنا إلى أننا نهدد فى أمننا المائى.

فإذا ضاع النيل فستزول حضارة عمرها الآف السنين نشأت على ضفافه، فالنيل ليس مجرد كمية من المياه بل هو حياة وحضارة و أى تغير فى طبيعته فهو الموت ذاته للمصريين فمصر هى النيل و النيل هو مصر. فلندافع عن حقنا فى العيش و لندافع عن حضارتنا فليس بعد فقدان المياه "أصل الحياة " أى فقدان فالمسألة هى حياة أو موت ومن يمنعنى من الشرب و الغذاء فإنه لا يريد لى الحياة.

فى الحقيقة لقد كان الرئيس السابق مبارك مسئولا سياسيا عن التهاون فى علاقتنا بإفريقيا واليوم الرئيس الحالى الدكتور مرسى مسئول عن أمن مصر المائى و عن الرد على الخطوة الأخيرة من إثيوبيا وعليه الرد بقوة ونحن معه فضياع النيل يعنى ضياع مصر ولا أفهم مزاعم البعض التى تقلل من أهمية السد فهل يعقل أن أغلب الخبراء يحذرون من تأثيره على مصر وبعض المسئولين والرئاسة يقللون من أهميتة على الرغم من عدم صدور تقرير اللجنة الثلاثية المشكلة من مصر والسودان وإثيوبيا و أعتقد أن إثيوبيا لن تترك التقرير ليخرج بصورة غير مرضية لها و فى الأساس فإن هذا التقرير لا يلزم إثيوبيا بأى شىء فضلا عن الأنباء التى تواترت حول توقيع دولة جنوب السودان الوليدة على اتفاقية عنتيبى الخاصة بإعادة توزيع مياه النيل و التى ستضر بدولتى المصب مصر و السودان. لقد دقت اثيوبيا طبول الحرب فلا يجب ان نستسلم فالمياه هى الحياة فيجب الحفاظ على النيل حتى لا يصبح ترعة كبيرة.فالكرة الآن فى ملعب الرئاسة و الحكومة و على جميع المصريين التوحد حول مواجهة هذا الخطر مهما كانت اتجاهاتهم و انتماءاتهم الحزبية و السياسية سواء كانوا من الحكومة أو المعارضة فلا وقت للخلاف فالخطر سيدمرنا و ي***نا جميعا و سنتحمل جميعا نتائجه و تبعاته.

لقد صدمت حينما سمعت تصريحات الرئاسة و المسئولين حول عدم تأثير سد النهضة على حصة مصر من ماء النيل و تسألت حينها, ما الداعى فى التسرع لاطلاق مثل هذا التصريح الذى قد يضر بمصر فى مرحلة ما؟ لقد تعودنا من الحكومة على البطء فى إصدار تصريحات فيما يخص قضايا الرأى العام و قضايا أخرى فلماذا أطلقت العنان لهذا التصريح دون التفكير فى مدى خطورته؟

و لقد سمعت بعض الآراء التى تروج لأنه يمكن التقليل من آثار سد النهضة على مصر عن طريق ما يسمى بمشروع نهر الكونغو الخاص بشق قناة على نهر الكونغو و توصيلها بإحدى روافد النيل فى السودان، وبالتالى تزيد حصة مصر فهل يعقل هذا أن نتنازل بسهولة عن جزء من حصتنا فى مياه النيل و نبدأ بتعويضها عن طريق حل نظرى، قد لا يتم أو قد يواجه صعوبة فى التنفيذ ونحن حقنا موجود معنا ولا نهتم لتأصيله و الدفاع عنه, و طالما الأمر كذلك و هناك مثل هذا المشروع فلما لا يتم الاستفادة منه فى استصلاح المزيد من الأراضى بالإضافة الى الحصة الثابتة لمصر فى مياه النيل و استغلال كل قطرة ماء فى التنمية و استزراع المزيد من الأراضى الصحراوية؟ بل و الأدهى و الأمر أن هناك من يقترح أن يتم مشاركة اثيوبيا فى سد النهضة والوقوف معها فى تشيغله حتى يكون تحت أعيننا و إدارتنا, و لا أعتقد أن المشكلة فى إدارة السد بل المشكلة فى السد نفسه و تأثيره على الأمن المائى المصرى وعلى انتاج الكهرياء من السد العالى.

إن أى تأخير فى اتخاذ قرار حاسم تجاه سد النهضة سيكلفنا الكثير و الكثير، وخصوصا إذا ما تم انشاؤه فقد يكون من الصعب توجيه ضربة عسكرية قد تكلفنا الكثير سياسيا و حربيا فضلا عن أن هناك آراء تقول إنه إذا تم انشاء السد فالضربة العسكرية له ستزيد من منسوب مياه النيل وقد تؤثر زيادة المنسوب على السد العالى و قد تغرق أجزاء كبيرة من الوادى و الدلتا.

أعتقد أن الحل لابد أن يكون سريعا وحاسما لوأد هذا المشروع قبل أن يتم ولا أستبعد توجيه ضربة عسكرية حتى وإن كلفتنا الكثير.

فلنبدأ بالحل السياسى أولا، و نضع له وقتا محددا قبل أن تكسب إثيوبيا وقتا كافيا لفرض الأمر الواقع علينا و لنضغط على كافة الدول الممولة للمشروع بكافة السبل المتاحة.

و هناك أيضا التوجه إلى التحكيم الدولى ولكن لابد أن يكون لدينا ملفا كاملا وفريق من الخبراء القانونيين و الفنيين و الدبلوماسيين الذين يستطيعون أن يثبتوا حق مصر الكامل فى حصتها الكاملة من مياه النيل دون نقصان وفقا للاتفاقيات المبرمة و وفقا لقوانين الانهار و القوانين المنظمة لبناء السدود.

أيضا لابد أن نسعى جاهدين للتعاون مع دول حوض النيل و العمل على خلق استثمارات فى هذه البلاد و ربط العلاقات بيننا و بينهم على المصالح المشتركة.

و يجب أن يكون هناك شفافية و أن تطلعنا الحكومة و الرئاسة على سبل حل هذه الأزمة و الخطوط العريضة لسياستها من أجل إنهاء هذه الأزمة الخطيرة.

لابد من الاستعانة بكافة الخبراء الدوليين والمحليين فى حل هذه الأزمة و التصدى لهذه المشكلة.

و فى النهاية يأتى الحل العسكرى إذا عجزت كافة السبل القانونية و الدبلوماسية فى الوصول الى اتفاق لحل هذه الأزمة وإقرار إثيوبيا و التزامها بحصة مصر كاملة دون نقصان فى مياه النيل و يجب أن يكون هذا الخيار مطروحا بقوة إذا لم نتوصل إلى حل مع أثيوبيا و لنهيئ أنفسنا جميعا نحو امكانية تطبيق هذا الخيار و حتى لو كان الخيار العسكرى صعبا و قد يكلف الكثير فإذا استلزم الأمر فليكون محل التنفيذ فلن نخسر أكثر مما قد نخسره بضياع مياهنا و طاقتنا و حتى لا يتحول النيل الى ترعة كبيرة يلهو فيها الأطفال و يتحسر على اطلاله الكبار...

حفظ الله مصر من كل مكروه و سوء.
نقلا عن موقع كايرو دار