مشاهدة النسخة كاملة : رؤى مصرية للخروج من الأزمات الاقتصادية


aymaan noor
31-03-2013, 04:50 PM
رؤى مصرية للخروج من الأزمات الاقتصادية
عمرو عبد العاطي
باحث في العلوم السياسية
http://rcssmideast.org/media/k2/items/cache/4b0a3f295543bcdb7e84aacab1169fb5_L.jpg

كان تردي الأوضاع الاقتصادية من تزايد معدلات الفقر، وارتفاع مستوى البطالة إلى مستويات غير مسبوقة، وتمركز الثروة في أيدي أقلية، وعدم عدالة توزيع الدخول، والتأثير السلبي لفترة إعادة الهيكلة والخصخصة التي سبقت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011؛ هي السبب الرئيسي والمحرك لنزول الشعب المصري بأطيافه المختلفة إلى ميادين مصر، رافعين شعارات "عيش، حرية، عدالة اجتماعية" ثائرين على سياسات النظام السابق التي أفقرتهم. فجاءت ثورة يناير لتفتح باب الأمل لتغيير اقتصادي حقيقي تنموي ينعكس على المواطن المصري الذي علق آماله على النظام السياسي الجديد.

كن منذ تنحي الرئيس السابق "محمد حسني مبارك" في الحادي عشر من فبراير 2011 وطوال المرحلة الانتقالية - المستمرة إلى وقتنا هذا - لم يشعر المواطن المصري بأي مرود اقتصادي. فقد ظل التغيير أملا لا يُترجم اقتصاديًّا في خطوات عملية نحو نهضة مستقبلية مع تبني الحكومات المتعاقبة عقب الثورة ردود فعل ومسكنات وقتية لمشكلات عميقة تتطلب تخطيطًا وحلولا طويلة المدى.

وفي إطار دراسة مشكلات الاقتصاد المصري واستشراف مستقبله بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير عُقد المنتدى السنوي الثامن لتوثيق النشاط الاقتصادي لمصر والشرق الأوسط الذي نظمه مركز توثيق النشاط الاقتصادي بالجامعة الأمريكية وكلية الشئون الدولية والسياسات العامةبالجامعة الأمريكية ومركز شركاء التنمية للبحوث والاستشارات يومي 20 و21 مارس. وقد ناقش المنتدى بحضور نخبة من الباحثين والمتخصصين في الاقتصاد المصري تأثير الفترة التي سبقت الخامس والعشرين من يناير على إدارة المرحلة الانتقالية اقتصاديا، والملامح الأساسية للسياسة الاقتصادية القادرة على تحقيق تنمية شاملة حقيقية ومستدامة للبلاد بعد ثورة يناير.

تدهور اقتصادي قبل 25 يناير

انتقد المشاركون في المنتدى السياسات الاقتصادية للنظام المصري السابق. قائلين إنه رغم تحقيقه معدلات نمو مرتفعة باعتراف العديد من المؤسسات المالية والاقتصادية؛ فإنها لم تنعكس على المواطن المصري البسيط، واقتصار آثارها على قلة مسيطرة على الاقتصاد؛ لعدم استدامة هذا النمو وتذبذبه خلال السنوات العشر السابقة على ثورة الخامس والعشرين من يناير. وفي هذا الشأن رأى وزير التخطيط والتعاون الدولي "أشرف العربي" أن استدامة النمو تعني أن تحقيق نمو اقتصادي ما بين 7% إلى 8% يدوم على مدى 25 سنة متصلة.

وقد عرض "العربي" مؤشرات للوضع الاقتصادي قبل 25 يناير 2011، مشيرًا إلى تزايد معدل الفقر ليتجاوز 22% حسب المعدلات الرسمية. وقد تفاوتت المدن المصرية حسب معدلات الفقر لتصل إلى 50% في مدن الصعيد، و90% في القرى الأكثر فقرًا. وتحدث عن العجز في الموازنة العامة للدولة الذي تجاوز 9% من الناتج الإجمالي المحلي الذي أدى إلى ارتفاع نسبة الدين العام، والتوسع في الدين المحلي.

القرض هو الحل

تركزت معالجة نظام ما بعد الثورة لعجز الموازنة العامة - وهو وضع غير قابل للاستمرار حسب كل المشاركين في المنتدى- على الاقتراض الخارجي لسد الفجوة الآنية بين الإيرادات والإنفاق. وهو الأمر الذي دفع "العربي" إلى الدفاع عن مساعي حكومة قنديل لمواصلة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لإقراض مصر 4.8 مليارات دولار أمريكي بعد توقفه أكثر من مرة. ففي يونيو 2011 رفض المجلس العسكري الاستمرار في المفاوضات مع الصندوق. وفي 2012 رفض مجلس الشعب قبل حله المفاوضات مع الصندوق لأسباب سياسية وليست اقتصادية. ويقول العربي: "إن قوة الاقتصاد تُقاس بقدرته على الاقتراض".

لكن كثيرًا من المشاركين في المنتدى يرفضون سياسة الاقتراض التي لم تختلف عن سياسات حكومات "حسني مبارك" والتي كانت السبب الرئيسي في كثير من الأزمات الاقتصادية التي تعيشها مصر. وقد أجمعوا على أن السياسات الاقتصادية للنظام الحالي لم تختلف عن سياسات النظام السابق، لذا يدعون النظام الجديد إلى تقليل الاعتماد الاقتصادي على الخارج، والاعتماد أكثر على المقومات الوطنية.

إن الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر لا يقتصر على تبني سياسات اقتصادية ناجحة، والبحث عن أفكار اقتصادية جديدة والتفكير خارج الصندوق والحلول النمطية التقليدية، ولكن المخرج يكمن في ضرورة توافر اتفاق وإجماع مجتمعي حول الرؤية والخطوات التي ستتخذها الحكومة للخروج من الأزمة، وكذا المشاركة المجتمعية في الحل. ويتطلب هذا وضوح آلية الأداء والمتابعة ومحاسبة المسئولين المقصرين وإعطاء دور أكبر لمؤسسات المجتمع المدني للخروج من النفق الاقتصادي المظلم.

ويرى المشاركون أنه في حال التوصل إلى اتفاق مع الصندوق فإن من الأفضل استخدام أموال القرض في إنشاء مشاريع اقتصادية من شأنها عودة النشاط مجددًا إلى الاقتصاد المصري، وتحقيق أرباح يمكن من خلالها سداد القرض مرة أخرى، وليس مجرد الاقتراض لسد العجز في الميزانية. مع السعي إلى تحسين الوضع الأمني والسياسي وتهيئة بيئة الأعمال لخلق مناخ استثماري لجذب الاستثمارات الأجنبية.

ثلاث أزمات مستقبلية

تحدث الدكتور سامر عطا الله، الأستاذ المساعد بقسم الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، عن ثلاث أزمات رئيسية مستقبلية ستواجه مصر خلال السنوات القادمة، تتمثل في:

أولا: استمرار ضعف العملة المصرية أمام الدولار، والتي سيكون لها جل الأثر على حياة المصريين بصورة مباشرة في ظل الاعتماد الغذائي على الاستيراد، وأن جزءًا كبيرًا من الطاقة المستخدمة مصريًّا ستورد من الخارج والتي ستؤثر على قطاعات النقل والإنتاج.

ثانيًا: التعامل مع عجز الموازنة العامة بفرض ضرائب غير مباشرة تأتي على حساب الطبقة الوسطي والدنيا، وتكون في صالح الأغنياء كبديل عن الضرائب المباشرة التي تنحاز للفقراء على حساب الأغنياء، لأن الضرائب غير المباشرة من وجهة نظره هي الأسهل، حيث تفرض الحكومة الحالية ضرائب على السلع الاحتكارية والتي يتم نقلها إلى المستهلك بطرق غير مباشرة.

ثالثًا: تعامل الحكومة مع ملف الطاقة، حيث إن الحلول المطروحة من قبل الحكومة لا تؤدي إلى حل مشكلة الطاقة، قائلا إنها تحتاج إلى خطة تنفذ على خمس أو ست سنوات تبدأ بالصناعات الكثيفة للطاقة.

ويرى أن إخفاق الحكومة في التعامل مع تلك الأزمات الثلاث التي ستواجهها خلال السنتين القادمتين سيزيد من موجة الاحتجاجات الاجتماعية والاقتصادية. وأن تعامل الحكومة مع هذه الأزمات المستقبلية غير فاعل كونها نفس سياسات النظام السابق الأمنية.

نموذج "التنمية المستقلة"

انطلق الدكتور إبراهيم العيسوي، أستاذ الاقتصاد بمعهد التخطيط القومي، من أن هناك نوعين من التحديات الاقتصادية التي تواجه مصر الثورة. أولها تحديات آنية تتمثل في عجز الموازنة، والبطالة، وملف الطاقة. وثانيها تحديات مزمنة على الأجل الطويل، تتمثل في العجز المستمر على المدى الطويل لتحقيق المهمة التاريخية للخروج من التخلف والتبعية وإحداث تنمية شاملة مستدامة.

وفي إطار حديثه عن رؤيته للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية قدم رؤيته لنموذج "التنمية المستقلة" كبديل لنموذج "الليبرالية الاقتصادية الجديدة" أو ما يعرف بـ"توافق واشنطن" ونموذج "السوق الاجتماعي" و"الاقتصاد الإسلامي". يقوم نموذج "التنمية المستقلة" على استقلالية التنمية، والاعتماد على الذات. وقد طرح العيسوي خمس ركائز أساسية يقوم عليها نموذجه، وهي:

الركيزة الأولى: الرفع الكبير لمعدل الادخار المحلي وتمويله للجانب الأكبر من الاستثمار.
الركيزة الثانية: الدولة التنموية والتخطيط القومي الشامل.
الركيزة الثالثة: المشاركة الديمقراطية والتوزيع العادل للثروة.
الركيزة الرابعة: انضباط علاقات الاقتصاد الوطني بالخارج.
الركيزة الخامسة: التعاون ما بين دول الجنوب على شتى الجبهات.

وخلص المشاركون في المؤتمر إلى أن تعامل الرئيس "محمد مرسي" وحكومته لم ينجح حتى وقتنا هذا في حل المشكلات الاقتصادية الآنية التي يواجهها المواطن المصري البسيط، والتي كانت السبب الرئيسي ضمن أسباب أخرى في انتفاضة الشعب ضد نظام "حسني مبارك" في الخامس والعشرين من يناير، وهي سياسات أفقرت الشعب المصري حسب كثير من المحللين والخبراء الاقتصاديين.

وقد أجمع المشاركون على أن تعامل النظام الحالي مع الأزمات الاقتصادية الحالية من أزمة العجز في الميزانية والتنمية الاقتصادية لا يختلف عن سياسات النظام السابق التي كانت أكثر اعتمادًا على الاقتراض الخارجي من المؤسسات المالية العالمية. ويرون أن توجه نظام مرسي نحو الاقتراض الخارجي من صندوق النقد الدولي هو مسكن وقتي لن يجدي في حل المشكلات المستعصية، وأن العديد من سياسات مرسي وحكومته تصب في مصلحة الأغنياء على حساب الفقراء.

واختتموا أن المستقبل يحمل الكثير من الأزمات الاقتصادية التي تتفاقم خلال السنوات القادمة، والتي ستؤثر على شعبية حكم جماعة الإخوان في الشارع، مع تزايد عدد الاحتجاجات والمظاهرات الفئوية المطالبة بتحسين أوضاعها الاقتصادية، التي تتطلب حلا جديًّا للمشكلات الاقتصادية من جذورها، بعيدًا عن ردود الفعل والمسكنات الوقتية للأزمات الاقتصادية والمالية.

محمد محمود بدر
01-04-2013, 09:19 AM
جزاكم الله خيرا

hishmet
01-04-2013, 02:55 PM
http://im42.gulfup.com/S6UWP.gif