مشاهدة النسخة كاملة : دلائل النبوة
محمد رافع 52 02-03-2013, 11:43 AM دلائل النبوة
د. منقذ بن محمود السقار
مقدمة (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-1.htm)
إخباره صلى الله عليه وسلم بغيوب تحققت في حياته (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-2.htm)
إخباره صلى الله عليه وسلم بالغيوب المستقبلة التي تحققت بعد وفاته (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-3.htm)
إخباره صلى الله عليه وسلم بكيفية ومكان وفاة بعض معاصريه (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-4.htm)
إخباره صلى الله عليه وسلم بأخبار الفتن (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-5.htm)
إخباره صلى الله عليه وسلم بفتوح أمته للبلدان (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-6.htm)
إخباره صلى الله عليه وسلم بأخبار آخر الزمان وعلامات الساعة (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-7.htm)
المعجزات الحسية للرسول صلى الله عليه وسلم (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-8.htm)
تكثير الطعام والشراب والوضوء ببركة النبي صلى الله عليه وسلم (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-9.htm)
شفاء المرضى بنفْثِه وريقه صلى الله عليه وسلم (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-10.htm)
استجابة الله دعاءه صلى الله عليه وسلم (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-11.htm)
حماية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-12.htm)
دلالة القرآن الكريم على نبوته صلى الله عليه وسلم (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-13.htm)
شهادات الكتب السابقة وأتباعها بالنبي صلى الله عليه وسلم (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-14.htm)
دلالة أخلاقه وأحواله صلى الله عليه وسلم على نبوته (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-15.htm)
محمد رافع 52 02-03-2013, 11:45 AM تعظيم السنة وموقف السلف ممن عارضها أو استهزأ بشيء منها
عبدالقيوم بن محمد السحيباني
تقريظ
فضيلة الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي
المدرس بالمسجد النبوي وخطيب مسجد قباء والأستاذ بالجامعة الإسلامية
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلل فلا هادي له .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا .. وصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعد:
فإنَّ الله أعلى للسنة مكانها، وأوجب على العباد حبَّها واتباعها، وقيَّض لها على مرِّ العصور والدهور رجالها وأنصارها، الذين تعلَّموها وعملوا بها ودعوا إليها، فكانوا أحقَّ بها وأهلها.
بذلوا لِمن والاها صادق محبتهم، ولمن عاداها جليَّ بُغضهم وظاهر عداوتهم، فهم أهل السُّنة شعارًا ودثارًا، وحماة عرينها ليلاً ونهارًا.
وهذه الرسالة المباركة جُملة من نصوص الكتاب والسُّنة، وشذا من عبير السلف الصالح لهذه الأمة.
فجزى الله الشيخ عبد القيوم بن محمد السحيباني خير الجزاء على هذه الحمية الدينية، والغيرة الصادقة السلفية.
وأسأل الله العظيم أن يجعل فيها فوق ما يُرجَى من الانتفاع، وأن يفتح لها القلوب والأسماع .. وصلِّي الله وسلِّم وبارك على نبيه وآله وصحبه أجمعين.
كتبه
محمد بن محمد المختار بن محمد
الشنقيطي
محمد رافع 52 02-03-2013, 11:49 AM المقدمة
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له .. وأشهد ألاَّ إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.
قال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[ [آل عمران : 102].
وقال تعالى: ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا[ [النساء : 1].
وقال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا[ [الأحزاب : 70، 71].
إنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكلُّ محدثةٍ بدعة، وكلُّ بدعةٍ ضلالة، وكلُّ ضلالةٍ في النار.
وبعد:
فإنَّ الله أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الناس ليُبيِّن لهم ما نُزِّل إليهم، ويُخرِجهم من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى صراط مستقيم، وأوجب عليهم طاعته ومحبته وتعزيره وتوقيره.
قال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ[ [النساء : 59].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين».
وقد أخذ بهذا الصحابة رضي الله عنهم ، وساروا عليه، فكانوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مُحبِّين طائعين، وكانت سُنته وقوله وهديه مُقدَّمةً عندهم على كلِّ شيء؛ فكلام النبي صلى الله عليه وسلم هو الأول لا يُقدَّم عليه كلام أحدٍ من البشر كائنًا من كان.
كانوا عن السُنة منافحين، ولها حامين، فإذا رأوا أحدًا يعارضها أو يستهزئ بشيءٍ منها – قصدًا أو بغير قصد – وبَّخُوه وقرَّعوه وزجروه، ثم هجروه، لا يكلمونه ولا يساكنونه، وقد يضربونه أو ي***ونه رِدَّةً أو تعزيرًا.
وبذلك حموا السُّنة عن كيد الكائدين وعدوان المعتدين.
وكانوا بواجب النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قائمين.
ثم جاء بعدهم التابعون فساروا على طريقهم وحذوا حذوهم.
حتى إذا بَعُدَ الزمان، وطال بالناس العهد، وضعف الإيمان، وكثر الخبث والنفاق، وقلَّ الورع؛ تجرَّأ كثيرٌ من الناس على القول والكلام، فقال كلٌّ بهواه، وتكلَّم بما لا يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
وفي هذا الزمان، زمان الفتن التي يرقِّق بعضها بعضًا، رأينا العجائب والعظائم، رأينا أمورًا لا يسع أحدًا السكوت عنها بحال.
فمن ذلك السخرية والاستهزاء بالسُّنة النبوية، ومعارضتها بالعقول والآراء والرغبات والعادات، كالسخرية والاستهزاء باللحية، ورفع الرجل ثوبه فوق الكعبين، وحجاب المرأة، والسواك، والصلاة إلى سترة، وغير ذلك.
فتسمع من يصف تلك الأعمال بأوصاف رديئة، أو يتهكَّم بمن التزم بها، فلم يجد هؤلاء ما يملئون به فراغهم إلاَّ الضحك والاستهزاء بمن عمل بالسُّنة وحافظ عليها، فيجعلونه محلاًّ لسخريتهم هازلين لاعبين، فيصدق في مثلهم قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم؟
ويغفل كثيرٌ من الناس عن أمرٍ خطير، وهو أنَّ الاستهزاء بالدين كفر، سواء كان على سبيل اللعب والهزل والمزاح، أو على سبيل الجد، فهو كفرٌ مُخرِج من الملَّة.
قال ابن قدامة: من سبَّ الله تعالى كفر، سواء كان مازحًا أو جادًا، وكذلك من استهزأ بالله تعالى، أو بآياته، أو برسله، أو كتبه. ؟
لهذا قمت بكتابة هذا البحث مشاركةً في التحذير من هذه الظاهرة السيئة، والتنبيه على خطرها، وبيان موقف المسلم من أصحابها، ذاكرًا بعض الآيات والأحاديث والآثار في أهمية السُّنة وتعظيمها، وتعجيل عقوبة من عارضها أو استهزأ بشيءٍ منها، وموقف سلف الأمَّة منه.
وسأقتصر على سرد النصوص وبعض تعليقات الأئمَّة، وهي كافية إن شاء الله في توضيح الحقِّ وبيان الهدى لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد، وإن علَّقت بشيءٍ بعد ذلك فهو يسير بالنسبة لِما ذكرته من النصوص .. والله أسأل أن ينفعني به ومن بلغ.
وتوضيحًا للمراد من السُّنة أقول:
ليس المراد بالسُّنة هنا المرادف للمندوب والمستحب، المقابل للمكروه فحسب.
وليس المراد كذلك المقابل للقرآن، كما يقولون: «الدليل من الكتاب كذا ومن السُّنة كذا».
ولكن المراد بالسُّنة هنا: الطريق والهدي، أي هدي النبي صلى الله عليه وسلم وطريقته.
فهو عام يشمل الواجب والمستحب، ويشمل العقائد والعبادات والمعاملات والسلوك.
قال علماء السلف: «السُّنة» هي العمل بالكتاب والسُّنة، والاقتداء بصالح السلف، واتِّباع الأثر؟
وقال أبو القاسم الأصبهاني:
قال أهل اللغة: «السُّنة» السيرة والطريقة، قولهم «فلان على السُّنة»، و«من أهل السُّنة»، أي هو موافق للتنـزيل والأثر في الفعل والقول، ولأنَّ السُّنة لا تكون مع مخالفة الله ومخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم ؟.
قال ابن رجب:
و«السُّنة» هي الطريق المسلوك؛ فيشمل ذلك التمسُّك بما كان عليه صلَّى الله عليه وسلَّم هو وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السُّنة الكاملة، ولهذا كان السلف قديمًا لا يُطلقون اسم السُّنة إلا على ما يشمل ذلك كلَّه.
ورُوي معنى ذلك عن الحسن والأوزاعي والفضيل بن عياض.
محمد رافع 52 02-03-2013, 11:53 AM تعظيم السُّنة
قال الله جل وعلا: ]وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ[ [الأحزاب : 36].
]مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ[ [النساء : 80].
]لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا[ [الأحزاب : 21].
]وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ[ [النور : 54].
]فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[ [النور : 63].
]أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ[ [التوبة : 63].
]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ[ [الحجرات : 2].
قال ابن القيم تعليقًا على هذه الآية: فحذَّر المؤمنين من حبوط أعمالهم بالجهر لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما يجهر بعضهم لبعض.
وليس هذا برِدَّة، بل معصية تحبط العمل، وصاحبها لا يشعر بها فما الظن بمن قدَّم على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه وطريقه قول غيره وهديه وطريقه؟!
أليس هذا قد حبط عمله وهو لا يشعر؟ .
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودِّع، فأوصنا.
قال: «أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة».
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : «لست تاركًا شيئًا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به، إلا عملت به، وإني لأخشى إن تركت شيئًا من أمره أن أزيغ».
علَّق ابن بطة على هذا بقوله: هذا يا أخواني الصدِّيق الأكبر يتخوَّف على نفسه من الزيغ إن هو خالف شيئًا من أمر نبيه صلى الله عليه وسلم ، فماذا عسى أن يكون من زمان أضحى أهله يستهزئون بنبيهم وبأوامره، ويتباهون بمخالفته ويسخرون بسنته؟!.. نسأل الله عصمة من الزلل، ونجاة من سوء العمل.
قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : «لا رأي لأحد مع سُنة سنَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم ».
وعن أبي قلابة قال: إذا حدَّثت الرجل بالسُّنة فقال «دعنا من هذا وهات كتاب الله» فاعلم أنه ضال.
علَّق الذهبي على هذا بقوله:
وإذا رأيت المتكلِّم المبتدع يقول «دعنا من الكتاب والأحاديث الآحاد وهات العقل» فاعلم أنه أبو جهل، وإذا رأيت السالك التوحيدي يقول «دعنا من النقل ومن العقل وهات الذوق والوجد» فاعلم أنه إبليس قد ظهر بصورة بشر أو قد حلَّ فيه، فإن جبنت منه فاهرب، وإلاَّ فاصرعه، وابرك على صدره، واقرأ عليه آية الكرسي واخنقه.
قال الشافعي:
أخبرني أبو حنيفة بن سمَّاك بن الفضل الشهابي قال: حدَّثني ابن أبي ذئب عن المقري عن أبي شريح الكعبي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح: «من قُتل له قتيل فهو بخير النظرين؛ إن أحبَّ أخذ العقل، وإن أحب فله قود».
قال أبو حنيفة:
فقلت لابن أبي ذئب: أتأخذ بهذا يا أبا الحارث؟ فضرب صدري، وصاح علي صياحًا كثيرًا ونال مني وقال: أحدِّثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: تأخذ به؟!.. نعم، آخذ به، وذلك الفرض عليّ وعلى من سمعه، إنَّ الله اختار محمدًا من الناس فهداهم به وعلى يديه، واختار لهم ما اختار له وعلى لسانه، فعلى الخلق أن يتَّبعوه طائعين أو داخرين، لا مخرج لمسلم من ذلك.
قال: وما سكتَ حتى تمنيتُ أن يسكت .
قال الشافعي:
أجمع المسلمون على أنَّ من استبان له سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحلّ له أن يدعها لقول أحد
قال الحميدي:
رَوى الشافعي يومًا حديثًا فقلت: أتأخذ به؟
فقال: رأيتني خرجت من كنيسة أو علي زنار حتى إذا سمعت عن رسول الله حديثًا لا أقول به؟!
وسُئل الشافعي عن مسألة فقال: رُويَ فيها كذا وكذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال السائل: يا أبا عبد الله، تقول به؟
فارتعد الشافعي وانتفض وقال: يا هذا، أيُّ أرضٍ تقلُّني، وأيُّ سماءٍ تظلُّني إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا فلم أقل به؟ نعم، عليّ السمع والبصر.
قال أحمد بن حنبل: من رد حديث النبي صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة.
قال البربهاري: وإذا سمعت الرجل يطعن في الآثار أو يريد الآثار، فاتهمه على الإسلام، ولا تشك أنه صاحب هوى مبتدع.
وقال أبو القاسم الأصبهاني:
قال أهل السُّنة من السلف: إذا طعن الرجل على الآثار، ينبغي أن يُتهم على الإسلام.
قال محمد بن يحيى الذهلي:
سمعت يحيى بن يحيى – يعني أبا زكريا التميمي النيسابوري – يقول: الذّبُّ عن السُّنة أفضل من الجهاد في سبيل الله.
قال محمد: قلت ليحيى: الرجل يُنفق ماله، ويتعب نفسه ويجاهد، فهذا أفضل منه؟! قال: نعم، بكثير.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام: المتَّبِع لِلسُّنة كالقابض على الجمر، وهو اليوم عندي أفضل من الضرب بالسيوف في سبيل الله.
قال الحميدي: والله لأن أغزو هؤلاء الذين يردُّون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبّ إليّ من أغزو عدَّتهم من الأتراك.
قال مالك بن أنس: السُّنة سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلَّف عنها غرق.
محمد محمود بدر 02-03-2013, 11:55 AM جزاكم الله خيرا
محمد رافع 52 02-03-2013, 11:57 AM تعجيل عقوبة من لم يُعظِّم السُّنة
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنَّ رجلاً أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال: «كل بيمينك»، قال: لا أستطيع. قال: «لا استطعت؟ ما منعه إلاَّ الكبر» قال: ما رفعها إلى فيه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يُشرب من فِيّ السقاء.
قال أيوب: فأُنبِئت أنَّ رجلاً شرب من فِيّ السقاء فخرجت حيَّة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينما رجل يتبختر في بردين خسف الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة».
فقال له فتى: يا أبا هريرة، أهكذا كان يمشي ذلك الفتى الذي خُسف به؟ ثم ضرب بيده فعثر عثرة كاد يتكسَّر منها.
عن عبد الرحمن بن حرملة قال:
جاء رجل إلى سعيد بن المسيب يودِّعه بحجٍّ أو عمرة، فقال له: لا تبرح حتى تصلِّي؛ فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يخرج بعد النداء من المسجد إلا منافق، إلا رجل أخرجته حاجة وهو يُريد الرجعة إلى المسجد».
فقال: إنَّ أصحابي بالحرَّة. فخرج، فلم يزل سعيد يذكره، حتى أُخبِر أنه وقع من راحلته فانكسرت فخذه.
قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل التيمي في شرحه لصحيح مسلم:
قرأت في بعض الحكايات أنَّ بعض المبتدعة حين سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم : «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها، فإنه لا يدري أين باتت يده».
قال ذلك المبتدع على سبيل التهكم: أنا أدري أين باتت يدي، باتت في الفراش!
فأصبح وقد أدخل يده في دُبره إلى ذراعه..!
قال التيمي:
فليتَّق المرء الاستخفاف بالسُنن ومواضع التوقيف، فانظر كيف وصل إليه شؤم فعله.
وعن أبي يحيى الساجي قال:
كنا نمشي في أزقَّة البصرة إلى باب بعض المحدثين، فأسرعنا المشي ومعنا رجلٌ ماجنٌ مُتَّهمٌ في دينه، فقال مستهزِئًا: ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة لا تكسروها.
فلم يزل من موضعه حتى جفَّت رجلاه وسقط.
قال النووي:
قال الحافظ عبد الحافظ: إسناد هذه الحكاية كالوجد أو كرأي العين، لأنَّ رواتها أعلام أئمَّة.
وقال القاضي أبو الطيب:
كنا في مجلسٍ بجامع المنصور، فجاء شاب خراساني، فسأل عن مسألة المصراة، فطالب بالدليل، حتى استدلَّ بحديث أبي هريرة الوارد فيها، فقال (وكان حنفيًا): أبو هريرة غير مقبول الحديث.
فما استتمَّ كلامه حتى سقطت عليه حيَّة عظيمة من سقف الجامع، فوثب الناس من أجلها، وهرب الشاب منها، وهي تتبعه، فقيل له: تب، تب.
فقال: تبت، فغابت الحية، فلم يُرَ لها أثر..!
قال الذهبي: إسنادها أئمة .
وقال قطب الدين اليونيني:
بلغنا أنَّ رجلاً يُدعى «أبا سلامة» من ناحية بصري كان فيه مجون واستهتار، فذُكِر عنده السواك وما فيه من الفضيلة فقال: والله لا أستاك إلاَّ في المخرج – يعني دبره - فأخذ سواكًا فوضعه في مخرجه ثم أخرجه .. فمكث بعده تسعة أشهر وهو يشكو من ألم في البطن والمخرج..!
فوضع ولدًا على صفة الجرذان له أربعة قوائم ورأسه كرأس السمكة، وله دُبر كدُبر الأرنب، ولَمَّا وضعه صاح ذلك الحيوان ثلاث صيحات، فقامت ابنة ذلك الرجل فرضخت رأسه فمات، وعاش ذلك الرجل بعد وضعه له يومين، ومات في الثالث، وكان يقول: هذا الحيوان ***ني، وقطَّع أمعائي.
وقد شاهد ذلك جماعة من أهل تلك الناحية وخطباء ذلك المكان، ومنهم من رأى ذلك الحيوان حيًّا، ومنهم من رآه بعد موته
محمد رافع 52 02-03-2013, 12:03 PM موقف سلف الأمة مِمَّن عارض السُّـنة
عن أبي قتادة قال:
كنا عند عمران بن حصين في رهطٍ منا، وفينا بشير بن كعب، فحدثنا عمران يومئذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الحياء خيرٌ كلُّه» أو قال: «الحياء كلُّه خير»، فقال بشير بن كعب: إنا لنجد في بعض الكتب أو الحكمة: أنَّ منه سكينة ووقارًا لله، وفيه ضعف.
فغضب عمران حتى احمرت عيناه وقال: ألا أراني أحدِّثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتُعارض فيه؟
وعن أبي المخارق قال:
ذكر عبادة بن الصامت أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن درهمين بدرهم، فقال فلان: ما أرى بهذا بأسًا، يدًا بيد.
فقال عبادة: أقول قال النبي صلى الله عليه وسلم ، وتقول: لا أرى به بأسًا؟.. والله لا يظلُّني وإياك سقف أبدًا.
وعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الخذف وقال: «إنها لا تصطاد صيدًا، ولا تنكأ عدوًا، ولكنها تفقًأ العين، وتكسر السن» .. فقال رجل لعبد الله بن مغفل: وما بأس هذا؟ فقال: إني أحدِّثك عن رسول الله، وتقول هذا؟ والله لا أكلمك أبدًا.
قال النووي:
فيه هجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السُّنة مع العلم، وأنه يجوز هجرانه دائمًا، أمَّا النهي عن الهجران فوق ثلاثة أيام فإنما هو فيمن هُجِر لِحَظِّ نفسه ومعايش الدنيا، وأمَّا أهل البدع ونحوهم فهجرانهم دائمًا .. وهذا الحديث مِمَّا يُؤيِّده مع نظائره له، كحديث كعب بن مالك وغيره.
وقال ابن حجر:
وفي الحديث جواز هجران من خالف السُّنة وترك كلامه، ولا يدخل ذلك في النهي عن الهجر فوق ثلاث؛ فإنه يتعلَّق بِمَن هُجِر لِحَظِّ نفسه.
وعن قتادة قال:
حدَّث ابن سيرين رجلاً بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال رجل: قال فلان كذا وكذا، فقال ابن سيرين: أحدِّثك عن النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: قال فلان كذا وكذا؟!.. لا أكلمك أبدًا.
وعن سالم بن عبد الله أنَّ عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تمنعوا نساءكم المساجد إذا استأذنكم إليها»، فقال بلال بن عبد الله: والله لنمنعهنّ.
فأقبل عليه عبد الله فسبَّه سبًّا سيئًا ما سمعته سبَّه مثله قط، وقال: أُخبِرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: والله لنمنعهن؟.
قال النووي: فيه تعزير المعترض على السُّنة والمعارض لها برأيه.
قال ابن حجر: أُخِذ من إنكار عبد الله على ولده تأديب المعترِض على السُّنن برأيه، وجواز التأديب بالهجران، فقد وقع في رواية أبي نجيح عن مجاهد عند أحمد «فما كلَّمه عبد الله حتى مات، وهذا – إن كان محفوظًا – يُحتمل أن يكون أحدهما مات عقب هذه القصة بيسير.
وعن عطاء بن يسار أنَّ رجلاً باع كسرة من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها، فقال له أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يُنهى عن مثل هذا إلاَّ مثلاً بمثل، فقال الرجل: ما أرى بمثل هذا بأسًا.
فقال أبو الدرداء: من يعذرني من فلان؟ أحدِّثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخبرني عن رأيه!.. لا أساكنك بأرض أنت بها .
وعن الأعرج قال:
سمعت أبا سعيد الخدري يقول لرجل: أتسمعني أحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تبيعوا الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم إلا مثلاً بمثل، ولا تبيعوا منها عاجلاً بآجل» ثم أنت تفتي بما تفتي، والله لا يؤويني وإياك ما عشت إلا المسجد.
وقال أبو السائب:
كنا عند وكيع، فقال لرجل عنده مِمَّن ينظر في الرأي: أشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقول أبو حنيفة «هو مُثلة».
قال الرجل: فإنه قد رُوي عن إبراهيم النخعي أنه قال: «الإشعار مُثلة»، قال: فرأيت وكيعًا غضب غضبًا شديدًا وقال: أقول لك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: قال إبراهيم؟!.. ما أحقّك بأن تُحبس ثم لا تخرج حتى تنـزع عن قولك هذا.
وعن خُرَّزَاذ العابد قال:
حديث أبو معاوية الضرير عند هارون الرشيد، بحديث «احتجَّ آدم وموسى».
فقال: رجل شريف من وجوه قريش فأين لقيه؟.. فغضب هارون الرشيد وقال: النطع والسيف، زنديق يطعن في الحديث .. فما زال أبو معاوية يُسكنه ويقول: بادرة يا أمير المؤمنين ولم يفهم، حتى سكن .
وقال عاصم: مرَّ رجل على زرِّ بن حبيش وهو يؤذِّن فقال: يا أبا مريم، قد كنت أكرمك عن ذا، فقال: إذن لا أُكلِّمك كلمة حتى تلحق بالله.
قال الحاكم: سمعته – يعني أبا بكر الصبغي – وهو يخاطب فقيهًا، فقال: حدِّثونا عن سليمان بن حرب، فقال له: دعنا مَن حدَّثنا إلى متى حدَّثنا وأخبرنا؟
فقال: يا هذا، لست أشمُّ من كلامك رائحة الإيمان، ولا يحلُّ لك أن تدخل داري .. ثم هجره حتى مات.
قال الواقدي:
حدَّثني إبراهيم بن جعفر عن أبيه قال: قال مروان بن الحكم، وهو على المدينة وعنده ابن يامين النضري: كيف كان *** ابن الأشرف؟ قال ابن يامين: كان غدرًا.
وكان محمد ابن مسلمة جالس، شيخ كبير، فقال: يا مروان، أيغدر رسول الله صلى الله عليه وسلم عندك؟.. والله ما ***ناه إلاَّ بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم .. والله لا يؤويني وإيَّاك سقف بيت إلا المسجد، وأما أنت يا بن يامين فلله عليّ إن أفلتّ وقدرتُ عليك وفي يدي سيف إلا ضربت به رأسك.
وقال أبو عبد الله المؤذن:
كنت مع ابن أبي شريح في طريق غور، فأتاه إنسان في بعض تلك الجبال فقال له: إنَّ امرأتي ولدت لستة أشهر..
فقال: هو ولدك، قال رسول الله «الولد للفراش»، فعاوده، فردَّ عليه كذلك.
فقال الرجل: أنا لا أقول بهذا. فقال: إنَّ هذا الغزو، وسلَّ عليه السيف، فأكببنا عليه، وقلنا: جاهل، لا يدري ما يقول.
وقال أبو الحسين الطبسي:
سمعت أبا سعيد الأصطخري يقول: ...وجاءه رجل وقال له: أيجوز الاستنجاء بالعظم؟ قال: لا. قال: لِمَ؟ قال: لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هو زاد إخوانكم من الجن».. فقال له: الإنس أفضل أم الجن؟
قال: بل الإنس. قال: فلِمَ يجوز الاستنجاء بالماء وهو زاد الإنس؟
قال: فنـزا عليه وأخذ بحلقه وهو يقول: يا زنديق، تُعارض رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟.. وجعل يخنقه، فلولا أني أدركته ل***ه، أو كما قال.
قال ابن القيم:
هل كان في الصحابة من إذا سمع نصَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عارضه بقياسه أو ذوقه أو وجده أو عقله أو سياسته؟.. وهل كان قط أحدٌ منهم يقدم على نصِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلاً أو قياسًا أو ذوقًا أو سياسة أو تقليد مقلِّد؟. فلقد أكرم الله أعينهم وصانها أن تنظر إلى وجه من هذا حاله أو يكون في زمانهم.
ولقد حكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه على من قدَّم حُكمه على نصِّ الرسول بالسيف، وقال: هذا حُكمي فيه..
فيا الله!
كيف لو رأى ما رأينا؟ وشاهد ما بُلينا به من تقديم رأي كلِّ فلان وفلان على قول المعصوم صلى الله عليه وسلم ، ومعاداة من اطَّرح آراءهم وقدَّم عليها قول المعصوم؟
فالله المستعان .. وهو الموعد .. وإليه المرجع.
محمد رافع 52 02-03-2013, 12:06 PM الخَاتَمَـة
هذه نصوص الكتاب والسُّنة جليَّة في تعظيم السُّنة.
وهذا موقف السلف (الصحابة والتابعين) مِمَّن عارضها، ترى فيه القوَّة والحزم والشدَّة على من بدر منه شيءٌ فيه معارضة السُّنة.
قال ابن القيم:
وقد كان السلف الطيب يشتدُّ نكيرهم وغضبهم على من عارض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم برأيٍ أو قياسٍ أو استحسانٍ أو قول أحدٍ من الناس كائنًا من كان، ويهجرون فاعل ذلك، وينكرون على من يُضرب له الأمثال، ولا يسوغون غير الانقياد له والتسليم والتلقِّي بالسمع والطاعة، ولا يخطر بقلوبهم التوقف في قبوله.
فقارن أيها المسلم بين موقف السلف مِمَّن عارض السُّنة وموقف أهل هذا العصر مِمَّن استهزأ بالسُّنة.
وقبل ذلك انظر قول أولئك، ثم انظر قول أهل هذا العصر.
أمَّا أولئك فقد رأيت، وأما هؤلاء فخُذ أمثلة على استهزائهم:
1- ردَّ بعضهم حديثًا فقيل له: إنه في صحيح مسلم، فقال: ضعه تحت قدمك!
2- ويقول أحدهم بكلِّ وقاحة تعليقًا على حديث «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم...»: أنا آخذ بقول الطبيب الكافر ولا آخذ بقول الرسول!
3- وقال آخر: إذا عارض الحديث العقل فردّه. فقيل له: وإن كان في صحيح البخاري؟.. قال: وإن كان في صحيح البخاري، ولا كرامة!
هكذا يستهزئ هؤلاء بالسُّنة ويسخرون!
فما موقف أهل زماننا منهم وكيف يعاملونهم؟
بالهجر والزجر والمقاطعة؟.. لا.
بل أكثر يُمجِّدونهم ويُعظِّمونهم، اتباعًا للهوى وتحكيمًا للرأي ]وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ[ [القصص : 50].
قد اغترُّوا بكثرة أعمالهم وشهرتهم عند الناس، ونسوا أنَّ من شرط قبول الأعمال الإيمان ]وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ[ [طه : 112].
والاستهزاء بالسُّنة ناقض للإيمان، وهذا ناتج عن عدم اتباع الكتاب والسُّنة، ]إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى[ [النجم : 23].
]أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ[ [الجاثية : 23].
وفي الحديث: «ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم فيُحرِّمون الحلال ويُحلِّلون الحرام».
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «إياكم وأصحاب الرأي؛ فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، فقالوا بالرأي فضلُّوا وأضلُّوا».
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : «لو كان الدِّين بالرأي لكان أسفل الخفِّ أولى بالمسح من أعلاه».
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : «إنكم ستجدون أقوامًا يزعمون أنهم يدعونكم إلى كتاب الله وقد نبذوه وراء ظهورهم، فعليكم بالعلم، وإياكم والتبدُّع، وإياكم والتنطُّع، وإياكم والتعمُّق، وعليكم بالعتيق».
قال ابن بطة: فاعتبروا يا أولي الأبصار، فشتَّان بين هؤلاء العقلاء السادة الأبرار الأخيار الذين مُلئت قلوبهم بالغيرة على إيمانهم والشحُّ على أديانهم، وبين زمانٍ أصبحنا فيه وناس نحن منهم وبين ظهرانيهم..
هذا عبد الله بن مغفل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيد من سادتهم يقطع رحمه ويهجر حميمه حين عارضه في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحلف أيضًا على قطيعته وهجرانه، وهو يعلم ما في صلة الأقربين وقطيعة الأهلين.
وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء – سَمَّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم «حكيم هذه الأمة» – وأبو سعيد الخدري؛ يظعنون عن أوطانهم، وينتقلون عن بلدانهم، ويظهرون الهجرة لإخوانهم، لأجل مَن عارض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتوقَّف عن استماع سُنته..!
فيا ليت شعري كيف حالنا عند الله عزَّ وجل ونحن نلقَى أهل الزيغ في صباح مساء يستهزئون بآيات الله ويعاندون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حائدين عنها وملحدين فيها؟!
سلمنا الله وإياكم من الزيغ والزلل.
وإذا كان بعض المنتسبين إلى أهل السُّنة والجماعة لا يتورَّع عن تمجيد الساخرين بالسُّنة وتعظيمهم، فإنَّ من المنتسبين كذلك مَن وقع في شيء من السخرية والاستهزاء بالسُّنة، وذلك فيما يُسمى بـ«السُنن الجبلية» كإطالة الشعر، فإذا رأى شابًا يحرص على ذلك ويُطبِّقه لمزه وغمزه وتهكَّم به، ولا يدري المسكين أنه يسخر من شيءٍ فعله النبي صلى الله عليه وسلم !
وإذا كان هذا البائس لا يرى مشروعية الاقتداء بالسُنن الجبلية – كما هو رأي بعض أئمَّة العلم– فليعلم أنَّ هذا لا يبيح له الاستهزاء بمن يرى ذلك ويفعله، وإن كان قصده التوجيه والإرشاد فباب النقاش العلمي مفتوح.
وأخطر من هؤلاء من يسخر بالأفعال التعبُّدية التي جاء الأمر فيها صريحًا كتقصير الثياب إلى نصف الساق، وكالصلاة إلى السترة، وغير ذلك.
وإني لأعجب من هؤلاء الذين تضيق صدورهم عندما يرَون من يجتهد في تطبيق السُّنة، حتى وإن كانت جبلية، فإنّ من يعمل بها لَم يرتكب مُحرَّمًا ولا مكروهًا، فهو على أقلِّ الأحوال لم يخرج عن المباح.
فلماذا تضيق صدورهم عند رؤية هؤلاء ما لا تضيق عند رؤية أهل البدع والمعاصي؟ !
أيريدون أن يكونوا كالذين ي***ون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان؟!
فالله المستعان.
محمد رافع 52 02-03-2013, 12:08 PM أيها الأخوة:
إنَّ الاستهزاء بالسُّنة والسخرية بها نذير شرّ، وأيّ شر.
قال عبد الله بن الديلمي: بلغني أنَّ أول ذهاب الدين ترك السُّنة.
يذهب الدين سُنةً سنة، كما يذهب الحبل قوَّةً قوة .
فعودة أيها الناس إلى الكتاب والسُّنة على فهم سلف الأمة.
فَكُلُّ خيْرٍ فِي اتِّبَاعِ مَنْ سَلَف --- وَكُلُّ شَرٍّ فِي ابْتِدَاعِ مَن مُخْلِفِ
قال أبو حفص عمرو بن سلمة النيسابوري الحداد: من لم يزن أفعاله وأحواله في كلِّ وقتٍ بالكتاب والسُّنة، ولم يتهم خواطره، فلا تعدّه في ديوان الرجال.
وقال محمد بن عبد الوهاب في رسالته «نواقض الإسلام»:
ومن أبغض شيئًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به كفر، ومن استهزأ بشيءٍ من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثواب الله أو عقابه كفر.
والدليل قوله تعالى: ]قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ[ [التوبة : 65، 66].
ويقول سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب:
أجمع العلماء على كفر من فعل شيئًا من ذلك، فمن استهزأ بالله أو بكتابه أو برسوله أو بدينه كفر ولو هازلاً لم يقصد حقيقة الاستهزاء – إجماعًا.
محمد رافع 52 02-03-2013, 12:09 PM أيها المسلمون:
إنَّ الأمر خطير جدّ خطير.
فإنكم لو قارنتم بين ما قاله ذلك الرجل في غزوة تبوك والذي بسببه نزلت هذه الآية وبين ما يقول بعض المنتسبين للدعوة اليوم – لوجدتم أنَّ قول هؤلاء أعظم وأشد من قول أولئك، فالله المستعان.
قال ابن بطة: فالله الله إخواني، احذروا مجالسة من قدر أصابته الفتنة فزاغ قلبه، وعشيت بصيرته، واستحكمت للباطل نصرته؛ فهو يخبط في عشواء، ويعشو في ظلمة. أن يصيبكم ما أصابهم.
فافزعوا إلى مولاكم الكريم فيما أمركم به من دعوته، وحضَّكم عليه من مسألته فقولوا:
]رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ[ [آل عمران : 8].
كتبه الفقير إلى الله تعالى
عبد القيوم بن محمد بن ناصر السحيباني
وكان الفراغ منه ليلة الثلاثاء
الحادي عشر من شهر ذي الحجة سنة 1413هـ
بالمدينة النبوية
ثم روجع – في طبعته الثانية – فزيد فيه، وحذف منه وكان الفراغ من ذلك بعد ظهر الخميس الثامن من شهر جمادى الأولى سنة 1420هـ
بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم
محمد رافع 52 02-03-2013, 12:16 PM وجوب العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكفر من أنكرها
الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد المرسل رحمة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين، وعلى آله وأصحابه الذين حملوا كتاب ربهم سبحانه، وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم إلى من بعدهم، بغاية الأمانة والإتقان، والحفظ التام للمعاني والألفاظ رضي الله عنهم وأرضاهم وجعلنا من أتباعهم بإحسان.
أما بعد: فقد أجمع العلماء قديماً وحديثاً على أن الأصول المعتبرة في إثبات الأحكام، وبيان الحلال والحرام في كتاب الله العزيز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ثم سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ثم إجماع علماء الأمة.
واختلف العلماء في أصول أخرى أهمها القياس، وجمهور أهل العلم على أنه حجة إذا استوفى شروطه المعتبرة، والأدلة على هذه الأصول أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر:
أما الأصل الأول: فهو كتاب الله العزيز، وقد دل كلام ربنا عز وجل في مواضع من كتابه على وجوب اتباع هذا الكتاب والتمسك به، والوقوف عند حدوده، قال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}[1]، قال تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[2]، وقال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[3]. وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}[4] وقال تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}[5] . وقال تعالى: {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِه}[6] والآيات في هذا المعنى كثيرة. وقد جاءت الأحاديث الصحاح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آمرة بالتمسك بالقرآن والاعتصام به، دالة على أن من تمسك به كان على الهدى، ومن تركه كان على الضلال، ومن ذلك ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته في حجة الوداع: ((إني تارك فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به كتاب الله)) رواه مسلم في صحيحه، وفي صحيح مسلم أيضا عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به)) فحث على كتاب الله، ورغب فيه، ثم قال: ((وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي)) وفي لفظ قال: في القرآن: ((هو حبل الله من تسمك به كان على الهدى ومن تركه كان على الضلال)).
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وفي إجماع أهل العلم والإيمان من الصحابة ومن بعدهم على وجوب التمسك بكتاب الله والحكم به والتحاكم إليه، مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما يكفي ويشفي عن الإطالة في ذكر الأدلة الواردة في هذا الشأن.
أما الأصل الثاني من الأصول الثلاثة المجمع عليها: فهو ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان، يؤمنون بهذا الأصل الأصيل، ويحتجون به ويعلمونه الأمة، وقد ألفوا في ذلك المؤلفات الكثيرة، وأوضحوا ذلك في كتب أصول الفقه والمصطلح، والأدلة على ذلك لا تحصى كثرة، فمن ذلك ما جاء في كتاب الله العزيز من الأمر باتباعه وطاعته، وذلك موجه إلى أهل عصره ومن بعدهم؛ لأنه رسول الله إلى الجميع، ولأنهم مأمورون باتباعه وطاعته، حتى تقوم الساعة، ولأنه عليه الصلاة والسلام هو المفسر لكتاب الله، والمبين لما أجمل فيه بأقواله وأفعاله وتقريره، ولولا السنة لم يعرف المسلمون عدد ركعات الصلوات وصفاتها وما يجب فيها، ولم يعرفوا تفصيل أحكام الصيام والزكاة، والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يعرفوا تفاصيل أحكام المعاملات والمحرمات، وما أوجب الله بها من حدود وعقوبات.
ومما ورد في ذلك من الآيات قوله تعالى في سورة آل عمران: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[7]، وقوله تعالى في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}[8]، وقال تعالى في سورة النساء أيضا: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}[9]، وكيف تمكن طاعته ورد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله، إذا كانت سنته لا يحتج بها، أو كانت كلها غير محفوظة، وعلى هذا القول يكون الله قد أحال عباده إلى شيء لا وجود له، وهذا من أبطل الباطل، ومن أعظم الكفر بالله وسوء الظن به، وقال عز وجل في سورة النحل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[10]، وقال فيها أيضا: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لهم الذي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[11]، فكيف يكل الله سبحانه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم تبيين المنزل إليهم، وسنته لا وجود لها أو لا حجة فيها، ومثل ذلك قوله تعالى في سورة النور: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}[12]، وقال تعالى في السورة نفسها: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[13].
وقال في سورة الأعراف: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[14] وفي هذه الآيات الدلالة الواضحة على أن الهداية والرحمة في اتباعه عليه الصلاة والسلام، وكيف يمكن ذلك مع عدم العمل بسنته، أو القول بأنه لا صحة لها، أو لا يعتمد عليها، وقال عز وجل في سورة النور: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيْم}[15]، وقال في سورة الحشر: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[16] والآيات في هذا المعنى كثيرة، وكلها تدل على وجوب طاعته عليه الصلاة والسلام، واتباع ما جاء به، كما سبقت الأدلة على وجوب اتباع كتاب الله، والتمسك به وطاعة أوامره ونواهيه، وهما أصلان متلازمان، من جحد واحداً منهما فقد جحد الآخر وكذب به، وذلك كفر وضلال، وخروج عن دائرة الإسلام بإجماع أهل العلم والإيمان، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب طاعته، واتباع ما جاء به، وتحريم معصيته، وذلك في حق من كان في عصره، وفي حق من يأتي بعده إلى يوم القيامة، ومن ذلك ما ثبت عنه في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله))، وفي صحيح البخاري عنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)) قيل يا رسول الله ومن يأبى؟ قال ((من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى))، وخرج أحمد وأبو داود والحاكم بإسناد صحيح عن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه))
وخرج أبو داود وابن ماجة بسند صحيح: عن ابن أبي رافع عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه)). وعن الحسن بن جابر قال: سمعت المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه يقول: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر أشياء ثم قال ((يوشك أحدكم أن يكذبني وهو متكئ يحدث بحديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله)) أخرجه الحاكم والترمذي وابن ماجة بإسناد صحيح. وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه كان يوصي أصحابه في خطبته، أن يبلغ شاهدهم غائبهم، ويقول لهم: ((رب مبلغ أوعى من سامع))، ومن ذلك ما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خطب الناس في حجة الوداع في يوم عرفة وفي يوم النحر قال لهم: ((فليبلغ الشاهد الغائب فرب من يبلغه أوعى له ممن سمعه)) فلولا أن سنته حجة على من سمعها وعلى من بلغته، ولولا أنها باقية إلى يوم القيامة، لم يأمرهم بتبليغها، فعلم بذلك أن الحجة بالسنة قائمة على من سمعها من فيه عليه الصلاة والسلام وعلى من نقلت إليه بالأسانيد الصحيحة.
وقد حفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سنته عليه الصلاة والسلام القولية والفعلية، وبلغوها من بعدهم من التابعين، ثم بلغها التابعون من بعدهم، وهكذا نقلها العلماء الثقات جيلاً بعد جيل، وقرناً بعد قرن، وجمعوها في كتبهم، وأوضحوا صحيحها من سقيمها، ووضعوا لمعرفة ذلك قوانين وضوابط معلومة بينهم، يعلم بها صحيح السنة من ضعيفها، وقد تداول أهل العلم كتب السنة من الصحيحين وغيرهما، وحفظوها حفظاً تاماً، كما حفظ الله كتابه العزيز من عبث العابثين، وإلحاد الملحدين، وتحريف المبطلين، تحقيقاً لما دل عليه قوله سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[17]، ولا شك أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحي منزل، فقد حفظها الله كما حفظ كتابه، وقيض الله لها علماء نقادا، ينفون عنها تحريف المبطلين، وتأويل الجاهلين، ويذبون عنها كل ما ألصقه بها الجاهلون والكذابون والملحدون؛ لأن الله سبحانه جعلها تفسيرا لكتابه الكريم، وبيانا لما أجمل فيه من الأحكام، وضمنها أحكاما أخرى، لم ينص عليها الكتاب العزيز، كتفصيل أحكام الرضاع، وبعض أحكام المواريث، وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها، إلى غير ذلك من الأحكام التي جاءت بها السنة الصحيحة ولم تذكر في كتاب الله العزيز.
محمد رافع 52 02-03-2013, 12:21 PM ذكر بعض ما ورد من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم في تعظيم السنة، ووجوب العمل بها..
في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتد من ارتد من العرب، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فقال له عمر رضي الله عنه: كيف تقاتلهم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها))؟ فقال أبو بكر الصديق: (أليست الزكاة من حقها؟ والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها) فقال عمر رضي الله عنه: فما هو إلا أن عرفت أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق وقد تابعه الصحابة رضي الله عنهم على ذلك، فقاتلوا أهل الردة حتى ردوهم إلى الإسلام، و***وا من أصر على ردته، وفي هذه القصة أوضح دليل على تعظيم السنة، ووجوب العمل بها.
وجاءت الجدة إلى الصديق رضي الله عنه تسأله عن ميراثها، فقال لها: ليس لك في كتاب الله شيء، ولا أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى لك بشيء، وسأسأل الناس. ثم سأل رضي الله عنه الصحابة: فشهد عنده بعضهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الجدة السدس، فقضى لها بذلك، وكان عمر رضي الله عنه يوصي عماله أن يقضوا بين الناس بكتاب الله، فإن لم يجدوا القضية في كتاب الله، فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما أشكل عليه حكم إملاص المرأة، وهو إسقاطها جنيناً ميتاً، بسبب تعدي أحد عليها، سأل الصحابة رضي الله عنهم عن ذلك، فشهد عنده محمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهما: بأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في ذلك بغرة عبد أو أمة. فقضى بذلك رضي الله عنه.
ولما أشكل على عثمان رضي الله عنه حكم اعتداد المرأة في بيتها بعد وفاة زوجها، وأخبرته فريعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بعد وفاة زوجها: أن تمكث في بيته حتى يبلغ الكتاب أجله. قضى بذلك رضي الله عنه، وهكذا قضى بالسنة في إقامة حد الشرب على الوليد بن عقبة.
ولما بلغ علياً رضي الله عنه أن عثمان رضي الله عنه ينهى عن متعة الحج أهلَّ علي رضي الله عنه بالحج والعمرة جميعاً، وقال: (لا أدع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول أحد من الناس).
ولما احتج بعض الناس على ابن عباس رضي الله عنهما في متعة الحج، بقول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في تحبيذ إفراد الحج، قال ابن عباس : (يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء!! أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟)، فإذا كان من خالف السنة لقول أبي بكر وعمر تخشى عليه العقوبة فكيف بحال من خالفهما لقول من دونهما، أو لمجرد رأيه واجتهاده!.
ولما نازع بعض الناس عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في بعض السنة، قال له عبد الله : (هل نحن مأمورون باتباع عمر أو باتباع السنة؟) ولما قال رجل لعمران بن حصين رضي الله عنهما: حدثنا عن كتاب الله. وهو يحدثهم عن السنة، غضب رضي الله عنه وقال: (إن السنة هي تفسير كتاب الله)، ولولا السنة لم نعرف أن الظهر أربع، والمغرب ثلاث، والفجر ركعتان، ولم نعرف تفصيل أحكام الزكاة إلى غير ذلك، مما جاءت به السنة من تفصيل الأحكام، والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم في تعظيم السنة ووجوب العمل بها، والتحذير من مخالفتها كثيرة جداً. ومن ذلك أيضا أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لما حدث بقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)) قال بعض أبنائه: والله لنمنعهن. فغضب عليه عبد الله وسبه سباً شديداً، وقال: (أقول قال رسول الله وتقول: والله لنمنعهن؟).
ولما رأى عبد الله بن المغفل المزني رضي الله عنه، وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أقاربه يخذف، نهاه عن ذلك وقال له: (إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف)، وقال: ((إنه لا يصيد صيداً ولا ينكأ عدواً، ولكنه يكسر السن ويفقأ العين)). ثم رآه بعد ذلك يخذف فقال: (والله لا كلمتك أبدا، أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الخذف ثم تعود).
وأخرج البيهقي عن أيوب السختياني التابعي الجليل، أنه قال: (إذا حدثت الرجل بسنة فقال: دعنا من هذا وأنبئنا عن القرآن فاعلم أنه ضال). وقال الأوزاعي رحمه الله: (السنة قاضية على الكتاب)، أي تقيد ما أطلقه، أو بأحكام لم تذكر في الكتاب، كما في قول الله سبحانه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[18].
وسبق قوله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه)) وأخرج البيهقي عن عامر الشعبي رحمه الله أنه قال لبعض الناس: (إنما هلكتم في حين تركتم الآثار) يعني بذلك الأحاديث الصحيحة.
وأخرج البيهقي أيضًا عن الأوزاعي رحمه الله أنه قال لبعض أصحابه: (إذا بلغك عن رسول الله حديث فإياك أن تقول بغيره، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مبلغاً عن الله تعالى)، وأخرج البيهقي عن الإمام الجليل سفيان بن سعيد الثوري رحمه الله أنه قال: (إنما العلم كله، العلم بالآثار)، وقال مالك رحمه الله: (ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر) وأشار إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو حنيفة رحمه الله: (إذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين).
وقال الشافعي رحمه الله: (متى رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً صحيحاً فلم آخذ به، فأشهدكم أن عقلي قد ذهب). وقال أيضا رحمه الله: (إذا قلت قولاً وجاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلافه، فاضربوا بقولي الحائط).
وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لبعض أصحابه: (لا تقلدني ولا تقلد مالكاً ولا الشافعي، وخذ من حيث أخذنا) وقال أيضا رحمه الله: (عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذهبون إلى رأي سفيان، والله سبحانه يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[19] ثم قال: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك، لعله إذا رد بعض قوله عليه الصلاة والسلام، أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك).
وأخرج البيهقي عن مجاهد بن جبر التابعي الجليل أنه قال في قوله سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[20] قال: (الرد إلى الله الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول الرد إلى السنة).
وأخرج البيهقي عن الزهري رحمه الله أنه قال: (كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة) وقال موفق الدين ابن قدامة رحمه الله في كتابه روضة الناظر، في بيان أصول الأحكام، ما نصه: (والأصل الثاني من الأدلة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة، لدلالة المعجزة على صدقه، ولأمر الله بطاعته، وتحذيره من مخالفة أمره) انتهى المقصود. وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[21] أي: عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو سبيله ومنهاجه وطريقته، وسنته وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قبل، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله كائنا من كان، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) أي: فليخش وليحذر من خالف شريعة الرسول باطنا وظاهرا، {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} أي: في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة، {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: في الدنيا ب*** أو حد أو حبس أو نحو ذلك.
كما روى الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب اللائي يقعن في النار يقعن فيها وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها قال فذلك مثلي ومثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار فتغلبوني وتقتحمون فيها)) أخرجاه من حديث عبد الرزاق.
وقال السيوطي رحمه الله في رسالته المسماة: (مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة) ما نصه: (اعلموا رحمكم الله أن من أنكر أن كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم قولاً كان أو فعلاً بشرطه المعروف في الأصول حجة، كفر وخرج عن دائرة الإسلام، وحشر مع اليهود والنصارى، أو مع من شاء الله من فرق الكفرة) انتهى المقصود. والآثار عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم في تعظيم السنة، ووجوب العمل بها، والتحذير من مخالفتها كثيرة جداً، وأرجو أن يكون في ما ذكرنا من الآيات والأحاديث والآثار كفاية ومقنع لطالب الحق، ونسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق لما يرضيه، والسلامة من أسباب غضبه، وأن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم إنه سميع قريب.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.
---------------------------------------------
[1] الأعراف الآية 3.
[2] الأنعام الآية 155.
[3] المائدة الآيتان 15-16.
[4] فصلت الآيتان 41-42.
[5] الأنعام الآية 19.
[6] إبراهيم الآية 52.
[7] آل عمران الآية 132.
[8] النساء الآية 59.
[9] النساء الآية 80.
[10] النحل الآية 44.
[11] النحل الآية 64.
[12] النور الآية 54.
[13] النور الآية 56.
[14] الأعراف الآية 158.
[15] النور الآية 63.
[16] الحشر الآية 7.
[17] الحجر الآية 9.
[18] النحل الآية 44.
[19] النور الآية 63.
[20] النساء الآية 59.
[21] النور الآية 63.
محمد رافع 52 02-03-2013, 12:27 PM الثورةُ عَلى السنةِ النبوية
د. علي بن عبد الله الصيّاح
إنَّ مِنْ أسبغ نعم الله على هذه الأمة حفظ دينها بحفظ كتابه العزيز، وسنة نبيه الكريم، قال تعالى : { إِنّا نَحْنُ نَزّلنا الذِّكرَ وإِنّا لهُ لحافظون } وهذا الوعد والضمان بحفظ الذكر يشمل حفظ القرآن ، وحفظ السنة النبوية - التي هي المفسرة للقرآن وهي الحكمة المنزلة كما قال تعالى { وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } -وقد ظهر مصداقُ ذلك مع طول المُدّة، وامتدادِ الأيام، وتوالي الشهور، وتعاقبِ السنين، وانتشارِ أهل الإسلامِ، واتساعِ رُقعتهِ، فقيض الله للقرآن من يحفظه ويحافظ عليه.
وأما السُّنَّةُ فإنَّ الله تعالى وَفَّق لها حُفَّاظاً عارفين، وجهابذةً عالمين، وصيارفةً ناقدين، ينفون عنها تحريف الغالين، وانتحال المُبْطلين، وتأويل الجاهلين ، فتفرغوا لها، وأفنوا أعمارهم في تحصيلها، وبيانها والاستنباط منها، وتمييزِ ضعيفها من صحيحها، فجزاهم اللهُ عن الإسلامِ والمسلمينَ خيرَ الجزاءِ وأوفرَهَ.
هذا وفهم السنة النبوية وبيانُ حِكَمها وأحكامها له أصول وقواعد يُنطلق منها وفق منهج علميّ رصين ، فمن لم يراع هذه القواعد العلمية والأسس المنهجية كان فهمه للسنة النبوية –في الواقع-ثورة عليها وتغييراً لدلالتها، وبالتالي يصبح الأمر فوضى ، وتضيع كل قواعد العلم ، وتصبح السنة النبوية حمى مستباحاً لكل من هبّ ودب !، يقرأ أحدهم كتاباً في "السنة النبوية" يوم السبت، ويصنف فيه يوم الأحد، ويدعو كلَّ أحد للاستنباط يوم الاثنين، أما يوم الثلاثاء فيطاول الأئمة ويقول: نحن رجال وهم رجال!!..
قال ابنُ حزم في السير ((لا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها، وهم من غير أهلها فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون، ويفسدون ويظنون أنهم مصلحون )).
وقال الجرجاني في دلائل الإعجاز:((إذا تعاطى الشيء غير أهله، وتولى الأمر غير البصير به، أعضل الداء واشتد البلاء)).
إنَّ مسألة فَهْم السنةِ النبوية وبيان حِكَمها وأحكامها والاستنباط منها، وتمييزِ ضعيفها من صحيحها، ليست من قبيل الثقافة العامة التي يتناولها الكتاب والمفكرون والمثقفون والشعراء بالنقد والتعليق كما يتناولون نقد القصيدة أو المقالة ، وإنما هي مسألة علمية ، تتعلق بدين الله وشرعه، والقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير علم كالقول على الله بلا علم لأنه صلى الله عليه وسلم ما ينطق عن الهوى إن هو إلا هو وحي يوحي .
قال ابنُ القيم في إعلام الموقعين: ((وقد حرَّم الله القول عليه بغير علم في الفتيا والقضاء وجعله من أعظم المحرَّمات؛ بل جعله في المرتبة العليا منها؛ قال تعالى: "قلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ..." الآية، فرتَّب المحرمات أربع مراتب، وبدأ بأسهلها، وهو الفواحش، وثنّى بما هو أشد تحريمًا منه، وهو الإثم والظلم، ثم ثلَّث بما هو أعظم تحريمًا منهما، وهو الشرك به سبحانه، ثم ربَّع بما هو أعظم تحريمًا من ذلك كله، وهو القول عليه بلا علم، وهذا يعمُّ القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه)) وقال تعالى {[ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ }.
وهنا أصول ينبغي لمن أراد الاستنباط من السنة النبوية أن يراعيها لكي يكون كلامه من *** كلام أهل العلم والأيمان المؤصل تأصيلاً علمياً :
1- استشعار عظمة وخطورة الكلام عن الله ورسوله بدون علم مؤصل.
2- التأكد من درجة الحديث من حيثُ الصحة والضعف، فلا تبنى الأحكام والاستنباطات على أحاديث موضوعة أو ضعيفة، وهذا الأصل له فنٌّ خاص عند دارسي السنة النبوية اسمه "علوم الحديث" أو "مصطلح الحديث" وهو قائم على "النقد العلمي للإسناد والمتن"، و"ضوابط توثيق الأخبار" وتنقية السنة مما قد يشوبها، وقد سئل عبد الله بن المبارك-الإمام المشهور-: عن الأحاديث الموضوعية؟ فقال: "تعيش لها الجهابذة، قال تعالى { إنا نحن نزلنا الذِّكر وإنا له لحافظون}"، وأخذ هارونُ الرشيد زنديقا فأمر بضرب عنقه فقال له الزنديق: لم تضرب عنقي يا أمير المؤمنين ؟ قال: أريح العباد منك، قال: فأين أنتَ من ألف حديث وضعتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها ما فيها حرف نطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأين أنت ياعدو الله من أبي إسحاق الفزاري وعبد الله بن المبارك ينخلانها فيخرجانها حرفا حرفا !.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : » المنقولات فيها كثير من الصدق وكثير من الكذب ، والمرجع في التمييز بين هذا وهذا إلى أهل علم الحديث ، كما نرجع إلى النحاة في الفرق بين نحو العرب ونحو غير العرب ، ونرجع إلى علماء اللغة فيما هو من اللغة وما ليس من اللغة ، وكذلك علماء الشعر والطب وغير ذلك ، فلكل علم رجالٌ يعرفون به ، والعلماء بالحديث أجلّ هؤلاء قدراً ، وأعظمهم صدقاً ، وأعلاهم منزلة ، وأكثرهم ديناً ، وهم من أعظم الناس صدقاً و أمانة وعلماً وخبرة فيما يذكرونه من الجرح والتعديل ، مثل : مالك وشعبة وسفيان ... «
وعلم الإسناد وما ترتب عليه لم يظهر في الأمم السابقة، وهو من أعظم إنجازات المسلمين في مجال البحث العلمي، ومثار الثناء والإعجاب من الأعداء قبل الأصدقاء.
3- جمعُ روايات وألفاظ الحديث الواحد فالحديث بمجموعه يفسر بعضه بعضاً، قال أحمد بن حنبل :(( الحديث إذا لم تُجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يُفسر بعضه بعضاً ))، قال ابن حجر في الفتح:((المتعين على من يتكلم على الأحاديث أن يجمع طرقها ثم يجمع ألفاظ المتون إذا صحت الطرق ويشرحها على أنه حديث واحد فإن الحديث أولى ما فسر بالحديث ))، لذا تجد الشارح البارعين –أمثال: ابن عبد البر في كتبيه "التمهيد" و"الاستذكار" ، وابن رجب في كتابه "فتح الباري" وبقية كتبه، و ابن حجر شارح صحيح البخاري في كتابه "فتح الباري" - يُعنون في بيانهم لسنة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم بجمع روايات وألفاظ الحديث الواحد، وقد ذكر العلائيّ في كتابه " نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد" -قاعدة شريفة عظيمة الجدوى في هذا الباب يحسن بالمتخصص أن يتقنها.
ومما يمثل به على هذا الأصل حديث أم حرام بنت ملحان –المتفق على صحته- فله طرق كثيرة وألفاظ عديدة ففي بعض طرقه أنَّ أم حرام "قالت:يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، قال: أنت من الأولين فركبت البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت" قد يفهم بعضهم من هذه الرواية أنها خرجت بدون محرم، ولكن هذا الفهم مردود بالرواية الأخرى –المتفق على صحتها- "فقال: أنت من الأولين، فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازيا أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية..." وهكذا الروايات والألفاظ يفسر بعضها بعضاً لمن طلب الحق بصدق وعدل.
4- جمع الأحاديث الواردة في المسالة المستنبطة، ومراعاة قواعد وأصول الاستدلال التي وضعها الأئمة، والفقهاءُ المحققون إذا أرادوا بحث قضية ما، جمعوا كل ما جاء في شأنها من الكتاب والسنة، ، وأحسنوا التنسيق بين شتى الأدلة،
قال الشاطبي : » من يأخذ الأدلة من أطراف العبارة الشرعية ولا ينظم بعضها ببعض، فيوشك أن يزل، وليس هذا من شأن الراسخين وإنما هو من شأن من استعجل طلبا للمخرج في دعواه« .
وقال أيضاً : » ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرف واحد : وهو الجهل بمقاصد الشرع ، وعدم ضم أطرافه بعضها لبعض ، فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها ، وعامّها المرتب على خاصّها ، ومطلقها المحمول على مقيدها ، ومجملها المفسر بِبَيّنها ، إلى ما سوى ذلك من مناحيها ، -إلى أن قال - فشأن الراسخين : تصور الشريعة صورة واحدة ، يخدم بعضها بعضاً كأعضاء الإنسان إذا صورت صورة مثمرة،وشأنُ متبعى المتشابهات أخذ دليلٍ مَا أيّ دليل كان عفواً وأخذاً أولياً وإنْ كان ثم ما يعارضه من كلى أو جزئى، فكأن العضو الواحد لا يعطى في مفهوم أحكام الشريعة حكما حقيقيا، فمتبعه متبع متشابه، ولا يتبعه إلا من في قلبه زيغ ما شهد الله به ومن أصدق من الله قيلا « .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : » إذا ميّز العالم بين ما قاله الرسول -صلى الله عليه وسلم- وما لم يقله ، فإنه يحتاج أن يفهم مراده ويفقه ما قاله ، ويجمع بين الأحاديث ويضم كل شكل إلى شكله ، فيجمع بين ما جمع الله بينه ورسوله ، ويُفرق بين ما فرق الله بينه ورسوله ؛ فهذا هو العلم الذي ينتفع به المسلمون ، ويجب تلقيه وقبوله ، وبه ساد أئمة المسلمين كالأربعة وغيرهم « .
أما اختطاف الحكم من حديث عابر، وقراءة عجلى من غير مراعاة لما ورد في الموضوع من آثار أخرى فليس من عمل العلماء.
ومما يمثل به على هذا الأصل حديث أم حرام بنت ملحان المتقدم ذكره فقد اختطف بعضهم من الحديث جواز العسكرية للنساء هكذا بدون قيد ولا شرط ولا حال ولا زمان ، و من غير مراعاة لما ورد في الموضوع من أحاديث تأمر بالستر ومجانبة الرجال، ولهذا كان جهاد النساء الحج كما ثبت في الصحيح.
قال أبو عمر بن عبد البر في الاستذكار:" قال ابنُ وهب: أم حرام إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة فلذلك كان يقيل عندها وينام في حجرها وتفلي رأسه، قال أبو عمر : لولا أنها كانت منه ذات محرم ما زارها ولا قام عندها والله أعلم، وقد روي عنه عليه السلام من حديث عمر وبن عباس: لا يخلون رجل بامرأة إلا أن تكون منه ذات محرم، على أنه صلى الله عليه وسلم معصوم ليس كغيره ولا يقاس به سواه، وهذا الخبر ..فيه إباحة النساء للجهاد وقد قالت أم عطية: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنداوي الجرحى ونمرض المرضى وكان يرضخ لنا من الغنيمة"
وليس هذا موضع الحديث عن هذه المسألة إذ المقصود هنا الإشارة والتنبيه فقط.
5- الإحاطة بقدر كاف من العلوم الأساسية و علوم الآلة المعينة على الفهم والاستنباط.
محمد رافع 52 02-03-2013, 12:29 PM وأذكر هنا وقفات سريعة :
1- جميلٌ أنْ تقرأ في "السنة النبوية" وتعيش مع أخباره صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه وتطبقها عملياً، ولكن قبيحٌ أن تتصدر للفتيا والاستنباط والتصنيف من غير مقدمات علمية متخصصة، إذْ لا بدَّ من احترام التخصص، و إتيان البيوت من أبوابها، وكل من تكلم بغير فنه أتى بالعجائب.
2- قال ابنُ الوزير (( ومن المعلوم لدى الفرق الإسلامية على اختلاف طبقاتها ولدى جميع العقلاء في الأرض الاحتجاج في كل فن بكلام أهله، ولو لم يرجعوا إلى ذلك لبطلت العلوم لأنّ غير أهل الفن إما أن لا يتكلموا فيه بشيء ألبته أو يتكلموا فيه بما لا يكفي ولا يشفي، ألا ترى أنك لو رجعت في تفسير غريب القرآن والسنة إلى القراء وفي القراءات إلى أهل اللغة وفي المعاني والبيان والنحو إلى أهل الحديث، وفي علم الإسناد وعلل الحديث إلى المتكلمين وأمثال ذلك لبطلت العلوم وانطمست منها المعالم والرسوم وعكسنا المعقول وخالفنا ما عليه أهل الإسلام )).
3- ما أحسن وأصدق قول الشاطبي : » وكذلك كل من اتبع المتشابهات، أو حرف المناطات، أو حمل الآيات مالا تحمله عند السلف الصالح، أو تمسك بالأحاديث الواهية، أو أخذ الأدلة ببادى الرأى، له أن يستدل على كل فعل أو قول أو أعتقاد وافق غرضه بآية أو حديث لا يفوز بذلك أصلا، والدليل عليه استدلال كل فرقة شهرت بالبدعة على بدعتها بآية أو حديث من غير توقف...فمن طلبَ خلاصَ نفسهِ تثبّت حتى يتضحَ له الطريق، ومن تساهل رمته أيدي الهوى في معاطب لا مخلص له منها إلا ما شاء الله«. من كتاب "الاعتصام" وهو كتابٌ جديرٌ بالقراءة والتأمل فإنْ ضعفتَ فقرأ البابَ الرابع منه.
4- التجرد المسبق أكبر معين على الاستنباط فلا يعتقد ثم يبحث ؛ ولكن يبحث أولاً ثم يعتقد-بالضوابط العلمية-، ويتحلى بالنصفة والعدل والاستقلال، قال الإمام الشافعي: » ما ناظرت أحداً قط فأحببت أن يخطئ « ، وقال أيضا : » ما كلمت أحداً قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعان ، وما كلمت أحداً قط إلا ولم أبال بَيّنَ الله الحق على لساني أولسانه «.
5- سُئل الإمام أحمد عن حرف من الغريب فقال: (سلوا أصحاب الغريب فإني أكره أن أتكلم في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظن).
ولو كان لي من الأمر شيء لوضعت في كل دور الطباعة والنشر عبارة " إذا تكلم المرءُ في غير فنه أتى بالعجائب والغرائب فكن على حذر"، والله الموفق.
وما تقدم من الحقائق العلمية الشرعية التأصيلية سطرتها لمّا قرأتُ كتاب "ثورة في السنة النبوية" تأليف.غازي بن عبدالرحمن القصيبي، سائلاً المولى للجميع التوفيق والهداية.
و صلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً.
محمد رافع 52 02-03-2013, 12:31 PM تنبيه على شناعة وخطورة وصف السنة النبوية بالأوصاف البذيئة
د. خالد بن عبدالرحمن بن حمد الشايع (http://www.saaid.net/Doat/shaya/khalidshaya.htm)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على معلم البشرية وهادي الإنسانية نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد:
فقد استمعت إلى ما تحدث به الأخ الكاتب الصحفي يحيى الأمير لإحدى القنوات الفضائية في سياق وصفه لأحد الأحاديث النبوية الشريفة بوصف مقذع ، وهو وصف في حقيقة الأمر لمن تحدَّث بالحديث الشريف وهو نبينا محمد حاشاه عليه الصلاة والسلام من كل سوء أو إساءة.
فقد نص الكاتب المشار إليه على وصف قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ " بأنه: "خطاب متوحش"!! وأنه تضمن "وحشية مفرغة من سياقاتها" !!. ثم اخترع قاعدة من عنده في الحكم على السنة النبوية مبنية على الإحساس بتوحش نصوصها كما يزعم!! ليتم ردها ورفضها.
وبداية فهذا الحديث الشريف الصادر ممن لا ينطق عن الهوى حديث متفق على صحته، وقد تلقته الأمة بالقبول، حيث إنه مسند بأسانيد كالشمس في أصح الكتب بعد كتاب الله، فقد رواه الإمامان الجليلان البخاري ومسلم رحمهما الله في صحيحيهما من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما مرفوعاً، وأيضاً رواه غيرهما في كتب السنة الشهيرة.
والذي نجزم به أن الأخ يحيى وأي مسلم لا يمكن أن يقصد ولا أن يتعمد تنقص الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يؤمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبحمد عليه الصلاة والسلام نبياً، لأن هذه الإساءة خطر على إيمان من تعمدها.
ولكن مهما قيل من حسن الظن في المسلم فالعبرة بما ظهر من كلام وكتابة أما السرائر فنكلها إلى عالمها، كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن أناساً كانوا يُؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيراً أمِنَّاه وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءاً لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة. رواه البخاري.
ودفعاً لما توهمه الكاتب المشار إليه وما أيدته فيه المذيعة التي استضافته في حديثه المسيء لجناب النبوة فإن النص النبوي الكريم لم يحمل "توحشاً" ولا إساءة لجانب النساء كما توهمه، بل هو رحمة وهداية للناس أجمعين، وتنظيم لعلاقاتهم من أجل حياة طاهرة كريمة، وهو مؤيد بكلام الرب جل وعلا في القرآن العظيم: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ) الآية من سورة آل عمران.
وللأسف فإن الكاتب المذكور ومن يشابهه في تحكيم عقولهم في نصوص الوحي المقدس من القرآن والسنة كثيراً ما تخونهم أفهامهم وعقولهم، ولو أنهم رجعوا إلى أهل العلم فيما أشكل عليهم لما وقعوا فيما وقعوا فيه من تنقص القرآن والسنة ووصفهما بالأوصاف المشينة.
وليعلم أن منهج الأئمة في فهم كلام الله تعالى وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام التسليم المطلق، وأن ينزَّل على أحسن محامله، وأن يجمعوا النصوص الواردة في مسألة محددة ليتضح المراد فيها فكلام الله وكلام رسوله يصدق بعضه بعضاً.
وهذا ما أوضحه الحافظ ابن كثير حين أورد الآية من سورة آل عمران حيث قال: فأما إذا كان القصد بهن الإعفاف وكثرة الأولاد، فهذا مطلوب مرغوب فيه مندوب إليه. ا.هـ.
فقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ " لم يكن مفرغاً من سياقه كما زعم الكاتب المذكور، بل هو مراد ومقصود وله دلالاته المشاهدة في القديم والحديث ، وليس هذا قدحاً في النساء ولا إقلالاً من شأنهن ، بل هو تقرير للواقع الإنساني، فالميل إلى النساء مركوز في الطبع ، وضعه الله تعالى لحكمة بقاء النوع بداعي طلب التناسل؛ إذ المرأة هي موضع التناسل ، فجعل ميل الرجل إليها في الطبع حتى لا يحتاج بقاء النوع إلى تكلف ربما تعقبه سآمة.
وفي الحين نفسه قررت الشريعة أن من الرجال من يتجاوز حدود الله فينتهك حرمة النساء فيظلمهن ويظلم نفسه ، كما لا يخلو منه زمان ومكان ، ولذلك جاء هذا الحديث وما في معناه ليوجد ضوابط تنظم العلاقة بين الرجال والنساء، من أجل أن تقف النفوس عند الحد السليم من تعاطي هذه «الشهوات» المحببة إلى النفوس بين ال***ين، وهو الحد الباني للنفس وللحياة ، وليس حد الكبت والحرمان.
وفي هذه التنبيهات القرآنية والنبوية _ كما لا يخفى _ حماية للمرأة من ظلم الرجل واندفاعه غير المحسوب نحوها. وحماية لكيان المجتمع بأسره.
ونلحظ في التعبير القرآني الوصف بأنها "شهوات" وفي التعبير النبوي "فتنة" فهي شهوات مستحبة مستلذة إنسانياً؛ وليست مستقذرة ولا كريهة. ولكنها تكون مهلكة إن تم فيها تجاوز المباح، والتعبير لا يدعو إلى استقذارها وكراهيتها؛ إنما يدعو فقط إلى معرفة طبيعتها وبواعثها ، ووضعها في مكانها لا تتعداه.
ويا سبحان الله! كيف يصف الأخ يحيى الوحي الرباني لنبينا عليه الصلاة والسلام الذي فيه تنظيم العلاقة بين الرجال والنساء، وفيه أيضاً حماية المرأة بأنه "متوحش"!! وهو عليه الصلاة والسلام الذي أخبرنا عن قول الحق سبحانه: (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ) [سورة البقرة:187] وقوله تعالى في آية ثانية: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم:21].
ويا سبحان الله! كيف يجترئ الأخ يحيى على تلك الأوصاف لأرحم الخلق بالخلق... ألم يسمع اللطف والحنو النبوي على النساء في مناسبات متعددة، وقد حثَّ على حمايتهن واللطف بهن في أعظم مشاهد البشرية وتاريخها، هناك في حجة الوداع حيث قال عليه الصلاة والسلام: " اسْتَوْصُوا بالنساء خيراً " رواه الشيخان.
وبهذا فإني أدعو الأخ الكاتب لمراجعة منهجيته في التعامل مع نصوص السنة المشرفة، وأن يرجع عن هذا الخطأ الفاحش، وإذا أشكل عليه شيء فليراجع المتخصصين ولا يتكل على فهمه وعقله ، فالسنة قسيمة القرآن، ومن أساء إليها فقد أساء إلى من أوحيت إليه، واعترض على من أوحاها. وحسبك بهذا زيغاً وضلالاً.
والواجب علينا جميعاً تعظيم السنة ونصوصها، والحذر من تقديم آرائنا في الاعتراض عليها أو تحييدها، فقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الحجرات:1].
وقال سبحانه: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الحشر:7] .
وقال جلَّ وعلا: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [النور:51].
وقال سبحانه: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور:63].
قال الإمام أحمد رحمه الله: أتدري ما الفتنة؟! الفتنة: الشرك. لعله إذا رَدَّ بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.
ويبقى في الخاتمة عتب كبير على هيئة الصحفيين بالمملكة أنها لم تنكر هذه المقولة على قائلها، وبخاصة أن الهيئة يقوم عليها اثنان من كبار الصحفيين وعندهما من الغيرة على القرآن والسنة ومن الرشد وطول الخبرة ما يكفل ذلك ، إذ المنتظر أن يكون لهيئة الصحفيين دورها في رد الأطروحات المسيئة للشريعة الإسلامية أو للقرآن والسنة أو المسيئة للوطن أو لعموم ثوابتنا وقضايانا الكبرى، بحكم الاختصاص، لأن المتحدث بتلك الأغلوطات منتسب للصحفيين، ونحن ندرك أن الصحافة والصحفيين في المملكة براء من أن ينشز من بينهم شيء من تلك الإساءات لنبي الهدى عليه الصلاة والسلام أو لسنته. بل إننا لننتظر من زملائنا الصحفيين كافة أن يكونوا عوناً لنا في التعريف بنبي الهدى ونصرته والدفاع عنه وعن سُنته عليه الصلاة والسلام.
وبعد فقد حررت ما تقدم براءةً للذمة وغيرةً على الجناب النبوي الكريم وعلى السنة المطهرة أن تحكَّم فيها الأهواء أو أن توصف بسوء، والله حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.
محمد رافع 52 02-03-2013, 12:32 PM تنبيه على شناعة وخطورة وصف السنة النبوية بالأوصاف البذيئة
د. خالد بن عبدالرحمن بن حمد الشايع (http://www.saaid.net/Doat/shaya/khalidshaya.htm)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على معلم البشرية وهادي الإنسانية نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد:
فقد استمعت إلى ما تحدث به الأخ الكاتب الصحفي يحيى الأمير لإحدى القنوات الفضائية في سياق وصفه لأحد الأحاديث النبوية الشريفة بوصف مقذع ، وهو وصف في حقيقة الأمر لمن تحدَّث بالحديث الشريف وهو نبينا محمد حاشاه عليه الصلاة والسلام من كل سوء أو إساءة.
فقد نص الكاتب المشار إليه على وصف قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ " بأنه: "خطاب متوحش"!! وأنه تضمن "وحشية مفرغة من سياقاتها" !!. ثم اخترع قاعدة من عنده في الحكم على السنة النبوية مبنية على الإحساس بتوحش نصوصها كما يزعم!! ليتم ردها ورفضها.
وبداية فهذا الحديث الشريف الصادر ممن لا ينطق عن الهوى حديث متفق على صحته، وقد تلقته الأمة بالقبول، حيث إنه مسند بأسانيد كالشمس في أصح الكتب بعد كتاب الله، فقد رواه الإمامان الجليلان البخاري ومسلم رحمهما الله في صحيحيهما من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما مرفوعاً، وأيضاً رواه غيرهما في كتب السنة الشهيرة.
والذي نجزم به أن الأخ يحيى وأي مسلم لا يمكن أن يقصد ولا أن يتعمد تنقص الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يؤمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبحمد عليه الصلاة والسلام نبياً، لأن هذه الإساءة خطر على إيمان من تعمدها.
ولكن مهما قيل من حسن الظن في المسلم فالعبرة بما ظهر من كلام وكتابة أما السرائر فنكلها إلى عالمها، كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن أناساً كانوا يُؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيراً أمِنَّاه وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءاً لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة. رواه البخاري.
ودفعاً لما توهمه الكاتب المشار إليه وما أيدته فيه المذيعة التي استضافته في حديثه المسيء لجناب النبوة فإن النص النبوي الكريم لم يحمل "توحشاً" ولا إساءة لجانب النساء كما توهمه، بل هو رحمة وهداية للناس أجمعين، وتنظيم لعلاقاتهم من أجل حياة طاهرة كريمة، وهو مؤيد بكلام الرب جل وعلا في القرآن العظيم: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ) الآية من سورة آل عمران.
وللأسف فإن الكاتب المذكور ومن يشابهه في تحكيم عقولهم في نصوص الوحي المقدس من القرآن والسنة كثيراً ما تخونهم أفهامهم وعقولهم، ولو أنهم رجعوا إلى أهل العلم فيما أشكل عليهم لما وقعوا فيما وقعوا فيه من تنقص القرآن والسنة ووصفهما بالأوصاف المشينة.
وليعلم أن منهج الأئمة في فهم كلام الله تعالى وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام التسليم المطلق، وأن ينزَّل على أحسن محامله، وأن يجمعوا النصوص الواردة في مسألة محددة ليتضح المراد فيها فكلام الله وكلام رسوله يصدق بعضه بعضاً.
وهذا ما أوضحه الحافظ ابن كثير حين أورد الآية من سورة آل عمران حيث قال: فأما إذا كان القصد بهن الإعفاف وكثرة الأولاد، فهذا مطلوب مرغوب فيه مندوب إليه. ا.هـ.
فقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ " لم يكن مفرغاً من سياقه كما زعم الكاتب المذكور، بل هو مراد ومقصود وله دلالاته المشاهدة في القديم والحديث ، وليس هذا قدحاً في النساء ولا إقلالاً من شأنهن ، بل هو تقرير للواقع الإنساني، فالميل إلى النساء مركوز في الطبع ، وضعه الله تعالى لحكمة بقاء النوع بداعي طلب التناسل؛ إذ المرأة هي موضع التناسل ، فجعل ميل الرجل إليها في الطبع حتى لا يحتاج بقاء النوع إلى تكلف ربما تعقبه سآمة.
وفي الحين نفسه قررت الشريعة أن من الرجال من يتجاوز حدود الله فينتهك حرمة النساء فيظلمهن ويظلم نفسه ، كما لا يخلو منه زمان ومكان ، ولذلك جاء هذا الحديث وما في معناه ليوجد ضوابط تنظم العلاقة بين الرجال والنساء، من أجل أن تقف النفوس عند الحد السليم من تعاطي هذه «الشهوات» المحببة إلى النفوس بين ال***ين، وهو الحد الباني للنفس وللحياة ، وليس حد الكبت والحرمان.
وفي هذه التنبيهات القرآنية والنبوية _ كما لا يخفى _ حماية للمرأة من ظلم الرجل واندفاعه غير المحسوب نحوها. وحماية لكيان المجتمع بأسره.
ونلحظ في التعبير القرآني الوصف بأنها "شهوات" وفي التعبير النبوي "فتنة" فهي شهوات مستحبة مستلذة إنسانياً؛ وليست مستقذرة ولا كريهة. ولكنها تكون مهلكة إن تم فيها تجاوز المباح، والتعبير لا يدعو إلى استقذارها وكراهيتها؛ إنما يدعو فقط إلى معرفة طبيعتها وبواعثها ، ووضعها في مكانها لا تتعداه.
ويا سبحان الله! كيف يصف الأخ يحيى الوحي الرباني لنبينا عليه الصلاة والسلام الذي فيه تنظيم العلاقة بين الرجال والنساء، وفيه أيضاً حماية المرأة بأنه "متوحش"!! وهو عليه الصلاة والسلام الذي أخبرنا عن قول الحق سبحانه: (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ) [سورة البقرة:187] وقوله تعالى في آية ثانية: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم:21].
ويا سبحان الله! كيف يجترئ الأخ يحيى على تلك الأوصاف لأرحم الخلق بالخلق... ألم يسمع اللطف والحنو النبوي على النساء في مناسبات متعددة، وقد حثَّ على حمايتهن واللطف بهن في أعظم مشاهد البشرية وتاريخها، هناك في حجة الوداع حيث قال عليه الصلاة والسلام: " اسْتَوْصُوا بالنساء خيراً " رواه الشيخان.
وبهذا فإني أدعو الأخ الكاتب لمراجعة منهجيته في التعامل مع نصوص السنة المشرفة، وأن يرجع عن هذا الخطأ الفاحش، وإذا أشكل عليه شيء فليراجع المتخصصين ولا يتكل على فهمه وعقله ، فالسنة قسيمة القرآن، ومن أساء إليها فقد أساء إلى من أوحيت إليه، واعترض على من أوحاها. وحسبك بهذا زيغاً وضلالاً.
والواجب علينا جميعاً تعظيم السنة ونصوصها، والحذر من تقديم آرائنا في الاعتراض عليها أو تحييدها، فقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الحجرات:1].
وقال سبحانه: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الحشر:7] .
وقال جلَّ وعلا: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [النور:51].
وقال سبحانه: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور:63].
قال الإمام أحمد رحمه الله: أتدري ما الفتنة؟! الفتنة: الشرك. لعله إذا رَدَّ بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.
ويبقى في الخاتمة عتب كبير على هيئة الصحفيين بالمملكة أنها لم تنكر هذه المقولة على قائلها، وبخاصة أن الهيئة يقوم عليها اثنان من كبار الصحفيين وعندهما من الغيرة على القرآن والسنة ومن الرشد وطول الخبرة ما يكفل ذلك ، إذ المنتظر أن يكون لهيئة الصحفيين دورها في رد الأطروحات المسيئة للشريعة الإسلامية أو للقرآن والسنة أو المسيئة للوطن أو لعموم ثوابتنا وقضايانا الكبرى، بحكم الاختصاص، لأن المتحدث بتلك الأغلوطات منتسب للصحفيين، ونحن ندرك أن الصحافة والصحفيين في المملكة براء من أن ينشز من بينهم شيء من تلك الإساءات لنبي الهدى عليه الصلاة والسلام أو لسنته. بل إننا لننتظر من زملائنا الصحفيين كافة أن يكونوا عوناً لنا في التعريف بنبي الهدى ونصرته والدفاع عنه وعن سُنته عليه الصلاة والسلام.
وبعد فقد حررت ما تقدم براءةً للذمة وغيرةً على الجناب النبوي الكريم وعلى السنة المطهرة أن تحكَّم فيها الأهواء أو أن توصف بسوء، والله حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.
محمد رافع 52 02-03-2013, 06:59 PM دلائل نبوة خاتم المرسلين عليه الصلوات والبركات والتسليم
الحمد لله الواحد الصمد, لا إله غيره ولا رب سواه, والصلاة والسلام والبركة على نبينا سيد البشرية وخيرة الخليقة ومصطفى المجتبين وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى أثره وعظّم سنته, أما بعد:
أيا صاحبي! اصقل شهادتك لنبيك باصطباح هذه الرسالة وامذق واغتبق, وانهل وتعلل, واخلع نعليك فإنك بوادي الأنبياء وروضات المرسلين, وليس لمحبك فيها قليل ولا كثير, إنما هو بعد الله عالةٌ على الكواكب النيرة والفحول الشآبيب الفطاحل من سالف من مضى من علماء الأمة, الذين نفاخر بهم شتى أمم المعمورة ونغلبها في كرة تلو أختها, لصفاء المعدن الذي منه ينهلون وجلاء الضياء الذي عليه يبصرون, فالحمد لله الذي حفظ لنا ديننا بعد ما ارتضاه لنا, وأسأله التوفيق لحسن المعتقد والعمل والخُلُق, والتثبيت حتى الموافاة, إنه سميع قريب مجيب.
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلةً ... بوادٍ وحولي إذخر وجليلُ
وهل أرِدَن يوماً مياه مجنّةٍ ... وهل يبدون لي شامةٌ وطفيلُ
سبيل دلائل النبوة لمحمد صلى الله عليه وسلم رائق رنق شيق, وعبق شذي عاطر, يملأ القلب يقيناً, ويكسو النفس سكينة, ويسكب في الصدر انشراحاً, ويشحذ كلالة الهمة, وبعد هذا يرفع الهامة بالإسلام فخراً ويملأ الرأس شمماً, صلِّ اللهم وسلم وبارك عليه.
لها أحاديث من ذ**** تشغلها ... عن الشراب وتلهيها عن الزاد
لها بوجهك نور تستضيء به ... ومن حديثك في أعقابها حادي
إذا شكت من كلال السير أوعدها ... روح اللقاء فتحيا عند ميعاد
هذا ودلائل النبوة كثيرة وعظيمة كمّاً وكيفاً وهي ما يسميها بعض أهل العلم بالمعجزات, وقد أولاها العلماء عناية تليق بصاحبها صلوات الله عليه وسلامه وبركاته.
وهي كثيرة جدًا ولا تكاد تحصر، وتفوق كمًّا وكيفًا معجزات سائر النبيين، فما من نبي أعطي معجزة إلا ولرسول الله صلى الله عليه وسلم من ***ها أعظم منها، وليس لمنازع في هذا مقالاً، وليس فيه حط من مقام الرسل فلا كان ولا يكون كَهُم لكنه بيان مقام سيدهم وسيدنا صلى الله عليهم وسلم, وإلى شيء من براهين ذلك:
"تفوّق دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم على الرسل كمّاً وكيفاً"
فمعجزة نوح عليه السلام في استجابة الله دعوته، وإنجائه ومن معه من المؤمنين، وإغراق الأرض بكفارها.
فنقول: إن الله تعالى قد أرسل ملك الجبال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء عودته من الطائف حزينًا حين كذبه قومه وتبعهم أهل الطائف وأغروا به سفهاءهم، وقال له الملك: «يا محمد إن شئتَ أطبقت عليهم الأخشبين» فقال: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئًا»([1])، فاستجاب الله دعوته فلم يمت حتى فتح الله له مكة والطائف وكافة جزيرة العرب وأسلم أهلها.
أما نجاة نوح عليه السلام في السفينة مع المؤمنين فقد حصل لصحابة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من ذلك؛ فقد مشوا على الماء بخيولهم كما حصل في العراق وفي البحرين، ومعجزات أمته معجزات له؛ لأنها لم تتحقق وتحصل إلا ببركة اتباعهم له وتصديقهم به. أما إنهار الماء وإغراق الأرض فأعجب منه نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم في أكثر من حادثة، فأحيانًا من بين أصابعه، وأحيانًا من كنانته وأحيانًا من السماء، فكان ينزل الغيث قبل أن يتم دعاءه صلوات الله وسلامه عليه.
ومعجزة إبراهيم الخليل عليه السلام في عدم إيذاء النار لما ألقي فيها؛ فقد خمدت نيران مجوس فارس لمولده وبينه وبينها مسيرة أشهر، كما لم تؤذ النار أبا مسلم الخولاني لما ألقي فيها ببركة اتباعه محمدًا صلى الله عليه وسلم، ومن معجزات إبراهيم عليه السلام إحياء الطيور الميتة المقطعة، فأعجب من ذلك كلام ذراع الشاة المصلية لمحمد صلى الله عليه وسلم، كذلك كلام الطيور له والبهائم بل والشجر والحجر.
وأما معجزة موسى الكليم عليه السلام فكانت انقلاب العصا حية تسعى، فأعظم منها شهادة الشجر لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة([2])، وتسليم الشجر والحجر عليه([3])، وتسبيح الحصا بين يديه، وتسبيح الطعام بين يديه ويدي أصحابه([4])، وحنين الجذع شوقًا إليه([5])، وكان موسى عليه السلام يضرب الحجر فتنفجر منه اثنتا عشر عينًا، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان الماء يتفجر من بين أصابعه الشريفة، وقد شرب منه الألوف وحملوا واغتسلوا، قال جابر: «ولو كنا مئة ألف لكفانا ...فلقد رأيت الماء يثور من بين أصابعه كأمثال العيون» وفي روايات: «يفور»، «ينبع»، «ينفجر»، «يخرج» ([6]).
ومن معجزات موسى عليه السلام أنه إذا أدخل يده في جيب درعه أخرجها وهي بيضاء كأنها تضيء من صفائها، فأعظم من ذلك انشقاق القمر لمحمد صلى الله عليه وسلم حين طلب ذلك من ربه فأجابه ففلق القمر فلقتين واحدة على يمين جبل أبي قبيس والأخرى عن يساره، وقال: «اشهدوا»، وقد شهدت بذلك القبائل والأحياء التي كانت خارج مكة لما قالت قريش: لقد سحرنا محمد. كذلك فقد استجاب الله دعوته لما أسلم الطفيل وأرسله إلى قومه بآية وهي نور في وجهه ثم في طرف سوطه، فجعلوا ينظرون إليه كالمصباح([7])، كذلك حصل لأسيد بن حضير وعباد بن بشر([8])، وحمزة الأسلمي([9])، وعبد الحميد الأنصاري([10])، وقتادة بن النعمان([11]).
ومن معجزات موسى عليه السلام أن أتى قوم فرعون بالعذاب كالجراد والقمّل والضفادع والدم. وقد استجاب الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم حين دعا على قريش وسأل ربه أن يعينه عليهم بسني كسبع يوسف فأخذتهم سنة حصّت كل شيء حتى أكلوا الجلود والميتة، وينظر أحدهم للسماء فلا يرى إلا الدخان من الجوع والعطش، ثم توسلوا لرسول الله عليه الصلاة والسلام بقرابتهم ورحمهم, فدعا ربه لهم فأغاثهم بعدما أشرفوا على الهلكة. وقد فلق الله تعالى لموسى عليه السلام البحر اثني عشر فرقًا، وأعظم من ذلك فلق القمر بكامله فلقتين([12]).
ولنا استطراد يسير في شأن هذه الآية الجليلة "وانشق القمر" (القمر:1) قال ابن كثير: «شوهد انشقاق القمر في كثير من بقاع الأرض، ويقال: إنه أرخ ذلك في بعض بلاد الهند» البداية والنهاية (3/ 120).
وقال الشيخ رحمة الله الهندي في كتابه (إظهار الحق): «وفي تاريخ فرشته أن أهل أن أهل مليبار من إقليم الهند رأوا انشقاق القمر، وأسلم والي تلك الديار التي كانت من مجوس الهند بعدما تحقق له هذا الأمر، وقد نقل الحافظ المزي عن ابن تيمية أن بعض المسافرين ذكروا أنه وجد في بلاد الهند بناءً قديمًا مكتوبًا عليه: بُني ليلة انشق القمر» وانظر: تحرير العلامة العثيمين لذلك في: شرح العقيدة السفارينية (ص559ــ 561)
قلت: وهناك مخطوطات وسجلات ولوحات وثقت ذلك في كل من فارس والصين؛ فهناك لوحة فارسية قديمة تظهر قمرًا مشطورًا في السماء بينما الناس يشيرون إليه متعجبين وذكر في الصين معبد مكتوب على بابه عبارةٌ كتلك التي في الهند.
وعلى كل حال فلا غرابة في ذلك فالله على كل شيء قدير وهو الذي يؤتي أنبياءه ورسله ما شاء من الآيات الدالة على صدقهم، فإن قيل لم لم ينتشر هذا النبأ في الأرض كلها؟
فالجواب: إن عدم العلم ليس نقلاً للعدم، فقد يكون ذلك ولكن بسبب انقطاع الأخبار لبعد المسافات ضاع مثل ذلك، وإذا نظرنا لتوقيت ذلك فهو بعد الغروب بساعة أو ساعتين تقريبًا بتوقيت مكة المكرمة إذ القوم ليسوا بأهل سهر وسمر ــ أي في عمومهم ــ وفي مثل هذا الوقت يكون نصف الأرض نهارًا فلا يرونه والبقية نحو المشرق قد انتصف عليهم الليل وتأخرت ساعاته كلما سرنا شرقًا، أما الغرب، مصر فما بعدها فلا زالوا في آخر النهار أو أوائل شروق القمر، أما الشام والعراق ونحوها فقد يكون في السماء غيم أو نحو ذلك، كما أن الانشقاق ربما لم يطل به بل بقي لحظات قليلة حتى إذا تبينوا الآية السماوية الحسية الهائلة عادت كما كانت، كذلك فقد يكون من رآه أنكر ما يراه ولم يحدث به خجلاً أو خوفًا من أن يرمى بجنون خاصة إن كان لوحده أو نحو ذلك، وقد يكون قوم قد رأوه وتحققوا ولم يوثقوه أو وثقوه فباد معهم، وعلى كل فهذه الحادثة ثابتة عند المسلمين بنص الوحي المنزل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه قال تعالى: "اقتربت الساعة وانشق القمر . وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر"[القمر: 1، 2]، كذلك فهو ثابت بالوحي القاطع الثاني وهي السنة النبوية الصحيحة حيث اتفق الشيخان البخاري ومسلم على رواية حديث انشقاق القمر، فلا مجال لرد ذلك، ولن نتمحّل التأويلات ونتمحك المعاذير خوفًا من كلام الماديين فنحن أشد يقينًا بذلك من رؤيتنا للشمس في رائعة النهار، فلئن أخطأت أعيننا فلن يخطئ وحي ربنا. وانظر كلام شيخ الإسلام في: الجواب الصحيح (6/ 159 وما بعدها)، مما لا مزيد عليه وسيأتي لاحقاً إن شاء الله.
ولما أعطى الله موسى عليه السلام انفلاق البحر فقد أعطى الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم نظير ذلك بل أعظم منه إذ لم يحوجهم إلى فرقة لهم بل عبروا البحر بدوابهم، كما عبر ابن الحضرمي وأصحابه البحر ومشوا على الماء في البحرين([13])، وكذلك فعل أبو عبيدة الثقفي وأصحابه حينما اقتحموا نهر دجلة وهو يقذف الخشب من شدة جريانه وفيضانه([14])، وكذلك حصل لأبي مسلم الخولاني وجيشه([15]).
وإن كان قد ظُلّل موسى عليه السلام وبنو إسرائيل بالغمام في التيه فكذلك ظلل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يذكر من قصة بحيرا الراهب([16])، وقد كان عمره اثنا عشر عامًا، بل لما سبقه كبار قومه إلى ظل الشجرة وجلس هو في الشمس مال فيء الشجرة عليه، وفي هذا من التـخصيص وشدة العناية ما ليس لغيره، ولما احتاج الناس إلى الشمس بعد كثرة المطر دعا ربه واستصحى فما يشير إلى ناحية إلا انفرجت السحابة([17]).
ونبي الله داود عليه السلام سخر الله له الجبال والطير يسبحن معه، وألان له الحديد، وأعظم من ذلك تسبيح الطعام وهو يؤكل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه :«لقد كنا نأكل الطعام مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نسمع تسبيح الطعام» ([18])، كذلك سبح الحصى في كف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وسمع تسبيحه من حضر([19])، وكانت الأشجار والأحجار تسلم عليه، وكلمه ذراع الشاة المسموم، وقد سُخرت له الطير فلما لبس إحدى خفيه جاء غراب فطار بالأخرى ورمى بها فخرجت منها حية([20])، وسخر له البعير الشارد الهائج حتى أتاه وسجد له، وشكى له مالكه الذي كان يجيعه ويدئبه([21])، وتكلّم له الذئب وشهد له بالرسالة([22])، وشكت له الحُمَّرَة آخذ بيضها فنصرها، وسخّر له الأسد فأكل من سبّه حين دعا عليه بأن يسلط الله عليه كلبًا من كلابه([23])،( والساب المأكول هو عتيبة بن أبي لهب) وسخر له تيس الجبل فنطح من شجه في وجهه ولم يزل ينطحه حتى قطّعه قطعة قطعة([24]) (والشاج القتيل هو ابن قمئة) ودلّ الأسد مولاه وصاحبه سفينة لما أضاع طريقه بعد أن قال له: إني مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم([25]).
أما إلانة الحديد لداود عليه السلام فقد ألان الله لمحمد صلى الله عليه وسلم الصخر الجلاميد والصم الصلاب كما في غزوة الخندق حينما عرضت لهم كدية عظيمة لم تطقها المعاول، فنزل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها فضربها ضربة واحدة فانهالت كأنها كثيب رمل([26])، كما ألان الله له الجبال وسكّنها بأمره لما صعد أُحُدًا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فقال مخاطبًا الجبل: «اثبت أحد؛ فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان»([27]). ولما تحركت بهم صخرة حراء بمكة قال: «اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد»([28])، بل قد سوّى الله له طريقه الذي كان صعبًا([29])، واستجابت له الأشجار والأحجار فانقلعت من أصولها وخطّت الأرض بأمره حتى التأمت عليه حتى قضى حاجته ثم عادت والناس ينظرون([30])، واستجاب لأمره عذق النخلة فنزل ينقز من النخلة فشهد له بالرسالة ثم عاد لمكانه([31])، كذلك الضب قد شهد له على طلب الأعرابي، كذلك تحوّل الخشب إلى سيف صليت في يده لما هزّه ثم ناوله أبا محجن في بدر([32])، كذلك انقلب عسيب النخل إلى سيف فناوله عبد الله بن جحش في أحد([33]).
أما معجزات نبي الله سليمان بن داود عليهما السلام فمنها: تسخير الريح له، وقد سُخرت لمحمد صلى الله عليه وسلم كما أرسلها الله على المشركين في الأحزاب، وكان يقول: «نصرت بالصَّبَا»([34])، أي الريح المشرقية، وتسمى صبا نجد، وقال: «نُصرت بالرعب مسيرة شهر»([35])، وسخر الله له الريح التي تسوق السحاب لما دعا ربه في مواطن كثيرة في حضره وسفره صلى الله عليه وسلم، وإن كانت الريح تحمل سليمان عليه السلام فتقطع به مسافة الشهر في غدوة أو روحة ــ أي نصف نهار بمقدار ست ساعات تقريبًا ــ فرسول الله صلى الله عليه وسلم قد سار به البُراق إلى بيت المقدس فصلى بالأنبياء فيه ثم عُرِجَ به إلى السماوات سماءً سماءً، وسلّم على أهلها، ورأى سدرة المنتهى، ودخل الجنة ورأى النار، وعُرضت عليه أعمال أمته، ورُفع حتى سمع صريف الأقلام التي تكتب القدر، ورفع حتى بلغ موضعًا لم يبلغه جبريل عليه السلام، ثم كلمه رب العزة جل جلاله وتقدست أسماؤه وصفاته، وفرض عليه الصلاة، وغفر لأمته المقحمات ــ أي المهلكات ــ ثم نزل إلى الأرض، وعاد إلى مكة، كل هذا في ليلة واحدة([36]). وقد خلد الله هذه الرحلة العظيمة ــ أعظم رحلة في تاريخ البشرية ــ في سورة الإسراء, وقد أحسن الحافظ ابن كثير في إيراد ما يتعلق بهذه الرحلة السماوية من أحاديث وآثار في صدر تفسير تلك السورة الهائلة.
وقد سخر الله الشياطين تـخدم نبيه سليمان عليه السلام، أما محمد صلى الله عليه وسلم فقد أمدّه الله بالملائكة المقربين في غير ما موطن، في بدر وأحد والأحزاب وحنين وغيرها. وقد كانت الشياطين تأتي لسليمان عليه السلام مكرهة مجبورة، لكنها تأتي لمحمد صلى الله عليه وسلم طائعة مؤمنة مسلمة مختارة، مستمنحة منه التعليم والقرآن، والزاد لهم ولدوابهم. وقد كان سليمان عليه السلام يفهم كلام الطير والنمل، ترجمة وإن العقل ليدهش من سماعه لصوت النملة أولاً ثم كلامها ثانيا! فما أعظم الخلاق الحكيم العليم, وقد أعطى الله هذه وأكثر وأعجب لمحمد صلى الله عليه وسلم؛ فقد كلم الطير والدواب والسحاب، بل أعظم من ذلك حينما كلمه الذراع المسموم الـمَصْلِي، كما كانت الجبال والحجارة والشجر تسلم عليه بالرسالة قبل مبعثه وتقول: «السلام عليك يا رسول الله» فيا خيبة من الدواب والحجر والشجر أفقه منه بنبي الأمة، وسيد البشرية صلى الله عليه وسلم!
أما عيسى عليه السلام فقد أعطاه الله إحياء الموتى، وقد أُعطى محمدًا صلى الله عليه وسلم أعظم من ذلك مثل حنين الجذع حينما تركه وكان يخطب عليه إلى منبر جديد فحنّ حنينًا كحنين العشار، فلم يزل كذلك حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من منبره إليه واستلمه واحتضنه وأخذ يسكنه كما يسكن الطفل، ولا غرو فهو الرحمة المهداة والنعمة المسداة, كذلك كلام ذراع الشاة المسمومة له، ومثله تسليم الشجر والحجر والجبال عليه بل وأداؤهن الشهادة له لما طلبها منهن، كما فعل عذق النخل، وكذلك الضب، وكذلك التي خطت الأرض حتى وقفت وشهدت([37])، وكما أمّنت أسكفّة البيت وحوائطه على دعائه، وكما قد ورد أن الله تعالى قد أحيا بعض الموتى لبعض صحابته كابن العجوز العمياء([38])، وبعض الحيوانات كحمار المهاجر([39])، وهذا ببركة اتباعهم له وإيمانهم به.
ومن معجزات المسيح عليه السلام تكثير الطعام، وقد حدث هذا كثيرًا لنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم كما في قصة شاة جابر رضي الله عنه مع صاع شعيره الذي أشبع أهل الخندق وهم زهاء ألف([40]).
ومن معجزات المسيح عليه السلام إبراء الأكمه والأعمى والأبرص، وقد أعطى الله ذلك لنبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه؛ كما في قصة الأعمى الذي طلب منه ذلك([41])، ورده عين قتادة بن النعمان رضي الله عنه يوم بدر بعد أن سالت حدقته على وجنته فبرأ وكانت أحسن عينيه بل كانت لا ترمد إذا رمدت الأخرى([42])، كما أبرأ عين رفاعة بن رافع رضي الله عنه لما ضُربت بسهم ففقئت([43])، وكما أبرأ عين أبي ذر رضي الله عنه في أحد([44])، ونفث في عيني علي رضي الله عنه يوم خيبر فلم يشك بعدها([45])، ومسح رجل عبد الله بن عتيك رضي الله عنه ليلة *** أبي رافع اليهودي فبرأ من ساعته([46])، ولما قُطعت يد خبيب بن أسامة رضي الله عنه تفل فيها وألزقها فالتأمت([47])، وأتاه أقرع فمسحه فنبت شعره وكثر حتى سُمي الهلب ــ أي كثير الشعر ــ([48])، وتفل على يد محمد بن حاطب رضي الله عنه لما احترقت بالنار فبرأ من ساعته([49])، وغير هذا كثير جدًا. قال ابن دريد في شأن ذلك الأقرع: كان أقرعًا فصار أفرعًا. قلت: وهذا من دلائل نبوته بخلاف من كان يدّعيها بالباطل كمسيلمة الكذاب حيث جعل الله تعالى علامات صدقه دلائل على كذبه؛ فلما مسح على قليل الشعر صار أقرعًا، ولما مسح عين الأرمد عمي، ولما بصق في البئر الأجاج غار ماؤها!
ومن معجزات المسيح عليه السلام إنزال المائدة عليه لما طلبها الحواريون، وقد حدث هذا كثيرًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، كما في قصة القصعة التي أكل منها الناس من الغدوة حتى الليل يقوم عشرة ويقعد عشرة وتُـمَدُّ من السماء([50])، والطعام الذي كان يزيد ويربو من وسط القصعة وهم يأكلون، والبر والشعير الذي كان يزيد في أوعية أصحابه ببركة دعائه، وكعذق العنب الذي أوتيه خبيبٌ لما كان أسيرًا بمكة قبل أن ي***وه([51])، وكالدلو الذي علّق وتدلّى من السماء حتى أروى أم أيمن من العطش حينما كانت مهاجرة صائمة([52])، فما عطشت بعده رضي الله عنها، وكجفنة صاحب الرحى والتنور التي امتلأت بعد دعوة امرأته ربها([53]).
وكان المسيح عليه السلام يخبر بالمغيبات، وقد أعطى الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في هذا أعظم العطاء وأعجبه، فقد كان يخبر ببعض ما كان وما يكون في الأزمان السحيقة في الماضي والمستقبل وما غاب من الحاضر، ويخبر الرجل عن مسألته قبل أن يسأله، ويخبره بما حدثته به نفسه، وأخبر عن علامات الساعة، ما يتبعها من أحداث رهيبة، ورُوي عنه من المغيبات التي كشفها الله تعالى له أكثر من ستمئة حديث شريف([54]).
أما عن تبشير الملائكة لمريم الصديقة بميلاد المسيح عليه السلام، فقد بُشرت أمه آمنة بنت وهب الزُّهرية حيث رأت في المنام قائلاً يقول لها: «إنك قد حملت بخير البرية، وسيد العالمين، فإذا ولدتيه فسميه أحمد ومحمد»([55])، ولما سئل صلى الله عليه وسلم: ما كان بدء أمرك؟ قال: «دعوة إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت منه قصور الشام»([56]).
أما كلام المسيح عليه السلام في المهد فقد أُثر عن حليمة السعدية ــ مرضعة النبي صلى الله عليه وسلم ــ أنها لما فطمته تكلّم فقال: «الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً»([57]).
وقد ألّف العلماء كثيرًا من المؤلفات بهذا الخصوص كأبي نعيم وابن الزملكاني وابن كثير وغيرهم.
هذا ومن آيات محمد صلوات الله عليه وسلامه وبركاته ودلائل نبوته التي في القرآن الكريم قصة أصحاب الفيل وهي متواترة عند العرب قبل الإسلام، فإن أهل الحبشة النصارى قد ساروا بجيش كثيف ليهدموا الكعبة لما أهان بعض العرب بنيانهم القُلَيْسِ الذي باليمن مضاهاة لبيت الله الحرام وبنيِّته المقدسة الكعبة، فأرسل الله عليهم طيرًا أهلكتهم، وكان ذلك العام إرهاصًا لبعثة سيد البشر حيث ولد في السنة عينها صلى الله عليه وسلم، وقد أنزل الله في ذلك سورة الفيل.
ومن آياته كذلك أن السماء ملئت حرسًا شديدًا وشهبًا قبيل مبعثه صلى الله عليه وسلم، وقد منعت الجن مما كانت تسترق قبل ذلك من السماء، قال تعالى ذاكرًا قول الجن: "وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهباً . وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رصداً . وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً" [الجن: 8 ــ 10]
إبراهيم الدميجي
.........................([1]) متفق عليه.
([2]) ابن حبان (519).
([3]) الدارمي (21).
([4]) البخاري (3386).
([5]) متفق عليه.
([6]) متفق عليه.
([7]) أبو نعيم، وابن سعد (515).
([8]) البخاري، وأحمد (698).
([9]) البيهقي في الدلائل (6/ 79).
([10]) الحاكم (3/ 394).
([11]) أحمد (3/65).
([12]) متفق على صحته.
([13]) البيهقي في الدلائل (6/ 52).
([14]) البداية والنهاية (6/ 260ــ 279).
([15]) البيهقي في الدلائل (6/ 54).
([16]) البداية والنهاية (6/ 279)، وقد جوّد ابن حجر سند رجال الخبر كما في الإصابة (1/ 176).
([17]) متفق عليه.
([18]) البخاري (3386).
([19]) الطبراني في الأوسط (3520، 3521) بسند صحيح.
([20]) الدارمي (17).
([21]) الحاكم (4/ 467) ووافقه الذهبي.
([22]) أحمد (3835) بسند صحيح.
([23]) الحاكم (2/ 588) ووافقه الذهبي.
([24]) مصنف عبد الرزاق (5/ 290)
([25]) الحاكم (3/ 702) ووافقه الذهبي.
([26]) البخاري (524).
([27]) البداية والنهاية لابن كثير (6/ 287).
([28]) البخاري (3472).
([29]) معجم الطبراني الكبير (2/ 179).
([30]) مسلم (4/ 2306)، وانظر: المطالب العالية للحافظ (4/ 8) رقم (383).
([31]) الترمذي (3628) وصححه.
([32]) البيهقي في الدلائل (2/ 99).
([33]) مصنف عبد الرزاق (10/ 279) رقم (20539).
([34]) مسلم (988).
([35]) متفق عليه.
([36]) متفق عليه.
([37]) كل هذه الأمثلة الثلاثة قد أجراها الله تعالى له لما طلب منه آحاد الناس ــ في حوادث متفرقة ــ شهادة محددة وهي أن يشهد له كذا بالرسالة فيطلبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتستجيب مسخرة طائعة خاضعة. فصلى الله وسلم وبارك عليه.
([38]) الدلائل، البيهقي (6/ 5).
([39]) الدلائل، البيهقي (6/ 48) وقال: إسناده صحيح.
([40]) متفق عليه.
([41]) أحمد (4/ 138).
([42]) صحيح أبي يعلى وأبي عوانة.
([43]) الكبير، الأوسط للطبراني.
([44]) أبو يعلى (2/ 216) (ح1547).
([45]) متفق عليه.
([46]) البخاري (7/ 480).
([47]) أحمد (3/ 454).
([48]) الإصابة للحافظ ابن حجر (3/ 609) (ح8992).
([49]) أحمد (6/ 437).
([50]) الترمذي (3886) وقال: حسن صحيح.
([51]) البخاري (6/ 165).
([52]) المطالب العالية، الحافظ (4161).
([53]) أحمد (2/ 513).
([54]) انظر تقصيها في: دلائل النبوة، سعيد باشنفر.
([55]) دلائل النبوة، أبو نعيم (78).
([56]) أحمد (5/ 262).
([57]) الدلائل، البيهقي (1/ 139).
محمد رافع 52 02-03-2013, 07:03 PM دلائل النبوة
د. منقذ بن محمود السقار
دلالة أخلاقه وأحواله صلى الله عليه وسلم على نبوته
ومن دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم كرم أخلاقه وجميل صفاته، فمثل هذه الكمالات إنما هي بعض منحة الله له، وهي دليل يقنع العقلاء على نبوته صلى الله عليه وسلم، فما كان لهذه الأخلاق أن تكون لدعي يفتري على الله الكذب.
قال ابن تيمية: "ودلائل صدق النبي الصادق وكذب المتنبي الكذاب كثيرة جداً، فإن من ادعى النبوة وكان صادقاً؛ فهو من أفضل خلق الله وأكملهم في العلم والدين، فإنه لا أحد أفضل من رسل الله وأنبيائه صلوات الله عليهم وسلامه ...
وإن كان المدعي للنبوة كاذباً فهو من أكفر خلق الله وشرهم .. ولما كان هذا من أعلى الدرجات وهذا من أسفل الدركات؛ كان بينهما من الفروق والدلائل والبراهين التي تدل على صدق أحدها وكذب الآخر ما يظهر لكل من عرف حالهما، ولهذا كانت دلائل الأنبياء وأعلامهم الدالة على صدقهم كثيرة متنوعة، كما أن دلائل كذب المتنبئين كثيرة متنوعة".[1]
وبهذا النوع من الدلائل آمن الرهط الأول من المسلمين بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تظهر على يديه معجزاته الباهرة، فأول أهل الأرض إيماناً به خديجة رضي الله عنها، استدلت لنبوة زوجها بما عرفته من كمال أخلاقه، وعظيمِ خلاله، فقالت له وقد رجع إليها من غار حراء خائفاً: (كلا والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق).[2] فجعلت - رضي الله عنها - من كريم خِلاله دليلاً على صدقه ونبوته.
يكفيه في ذلك وصفُ ربهِ له ]وإنك لعلى خلق عظيم[ (القلم: 5).
وكثير من العقلاء رأوا في أخلاقه صلى الله عليه وسلم دليلاً كافياً على نبوته ، من هؤلاء هرقل ملك الروم الذي بلغه أمرُ النبي، فسأل أبا سفيان - وهو يومئذ على الكفر- عن صفاته وأخلاقه.
فلما استبانت له نبوته قال: "فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدميَّ هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه".
كرم النبي صلى الله عليه وسلم
ومن جميل صفاته صلى الله عليه وسلم كرمُه الفياض، وجُوده السيّال، كرمُه كرمُ رجل عافت نفسه الدنيا، حتى ما عاد يفرح بإقبالها، ولا يغتم ولا يهتم بإدبارها، إنه أكرمُ الناس وأجودُهم، وصفه ابنُ عمهِ ابنُ عباس رضي الله عنه فقال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسُه القرآن، فلرسولُ الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الريح المرسلة).[3]
وعاشره أنس بن مالك عشرَ سنين، ثم وصفه فقال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسنَ الناس وأشجعَ الناس وأجودَ الناس).[4]
ومن رام إثبات ذلك فليصخ السمع وهو شهيد:
رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حنين فعلِقه الناس يسألونه، حتى اضطروه إلى سمُرة [نوع من الشجر]، فخطِفَتْ رداءَه، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((أعطوني ردائي، لو كان لي عدد هذه العِضاهِ نَعَماً لقسمتُه بينَكم ، ثم لا تجدوني بخيلاً ولا كذوباً ولا جباناً)).[5]
وجاء إليه صلى الله عليه وسلم رجل فسأله أن يعطيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما عندي شيء، ولكن ابتع عليَّ، فإذا جاءني شيء قضيتُه)). فقال عمر: يا رسول الله، ما كلفك الله ما لا تقدر عليه، فكره النبيُّ صلى الله عليه وسلم قولَ عمر.
فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أنفق، ولا تخش من ذي العرش إقلالاً.
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعُرف البِشر في وجهه بقول الأنصاري، ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((بهذا أمرت)).[6] فعطاؤه مع العوز وقلة ذات اليد، وهذا غاية الجود.
وجاءه صلى الله عليه وسلم نفرٌ من الأنصار فسألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفِد ما عنده، ثم قال: ((ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعففْ يعِفُّهُ الله، ومن يستغن يغنِه الله، ومن يتصبر يصبرْه الله، وما أعطي أحد عطاء هو خيرٌ وأوسعُ من الصبر)).[7]
وجاءته امرأة ببردة فقالت: يا رسول الله، إني نسجت هذه بيدي أكسوكَها، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليها، فخرج إلينا، وإنها لإزاره، فجسَّها رجل من القوم فقال: يا رسول الله اُكسُنيها. قال: ((نعم)).
فجلس ما شاء الله في المجلس، ثم رجع، فطواها، ثم أرسل بها إليه، فقال له القوم: ما أحسنت، سألتَها إياه، وقد عَرفْتَ أنه لا يرد سائلاً! فقال الرجل: والله ما سألتُها إلا لتكون كفني يوم أموت.[8]
نعم، إنه صلى الله عليه وسلم لا يرد سائلاً، ويجود حتى بما هو أحوج الناس إليه.
هو البحر من أيِ النواحي أتيتَه *** فلُجتُه المعروف والبحرُ ساحله
تراه إذا مـا جئته مـتهللاً *** كأنك تعطيه الذي أنت سائله
ولو لم يكن في كفه غيرُ روحه *** لـجاد بها فليـتق الله سائلُه
ولفرط كرمه صلى الله عليه وسلم ، يقول جابر: (ما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قط؟ فقال: لا).[9]
في يوم حنين جاءه رجلٌ فسأله غنماً بين جبلين، فأعطاه إياه، فأتى قومه، فقال: أيْ قومِ أسلموا، فوالله إن محمداً ليعطي عطاء من لا يخاف الفقر!
فقال أنس: إن كان الرجل ليُسلِم، ما يريدُ إلا الدنيا، فما يسلمْ حتى يكونَ الإسلام أحبَ إليه من الدنيا وما عليها. [10]
ويذكر ابن عساكر أن صفوان بن أمية سار يوم حنين بين الغنائم ، فجعل ينظر إلى شِعبٍ مُلأ نعماً وشاء ورعاء، فأدام النظر إليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يرمُقه فقال النبي: ((أبا وهب، يعجبُك هذا الشِعب؟)) قال: نعم. فقال صلى الله عليه وسلم: ((هو لك وما فيه)).
فقال صفوان: ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفسُ نبي، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أسلم صفوان سيد قريش وأحد عقلائها لما رآه من جود النبي صلى الله عليه وسلم، فرأى في كرم كفه وفيضِ عطائه وطيبةِ نفسه بهذا العطاء؛ ما يدل على نبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم.
وعطاؤه صلى الله عليه وسلم ليس مرتبطاً بمصلحة شخصية، ولا يطرد بزيادة العلاقة مع المُعطى أو نقصاِنها، يقول عليه الصلاة والسلام: (( إني لأعطي الرجل، وغيرُه أحبُ إليّ منه، خشيةَ أن يكبه الله في النار)).[11]
ومن صور كرمه صلى الله عليه وسلم ما رواه جابر بن عبد الله، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة فقال لي: ((أتبيع ناضِحك [أي جملك] هذا بدينار، واللهُ يغفرُ لك؟)).
قلت: يا رسول الله هو ناضِحكم إذا أتيتُ المدينة [أي أنه يعطيه للرسول صلى الله عليه وسلم بلا مقابل إذا وصلوا المدينة].
فقال صلى الله عليه وسلم: ((فتبيعه بدينارين، واللهُ يغفر لك؟)) قال: فما زال يزيدني ديناراً ديناراً، ويقول مكان كل دينار: ((والله يغفر لك)) حتى بلغ عشرين ديناراً.
فلما أتيت المدينة أخذتُ برأس الناضح، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((يا بلال، أعطه من الغنيمة عشرين ديناراً)) وقال: ((انطلق بناضحك، فاذهب به إلى أهلك)).[12]
وفي رواية في مسند أحمد قال جابر: (فمررت برجل من اليهود، فأخبرته: قال: فجعل يعجب ، ويقول: اشترى منك البعير، ودفع إليك الثمن، ووهبه لك؟ فقلت: نعم).
وحُق له أن يعجب، رجل يشتري جملاً من آخر ، ويزيده في السعر، ثُم يعطيه ثمن البعير والبعير، فما هذا بمعهود بين الناس لا مألوف، إنه جود نبي أدبه ربه فأحسن تأديبه.
محمد رافع 52 02-03-2013, 07:08 PM حلم النبي صلى الله عليه وسلم
ومن عظيم أخلاقه وجميل خلاله صلى الله عليه وسلم؛ عفوه عمن ظلمه، وحِلمه على من جهل عليه، وذلك أن لا حظَّ لنفسه في نفسه. ((وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تُنتهك حرمة الله فينتقم لله بها)).[13]
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم سباباً ولا فحاشاً ولا لعاناً. كان يقول لأحدنا عند المعتبة: ((ما له؟ ترِبَ جبينُه)).[14]
ولما سئلت أمُ المؤمنين عائشةُ عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قالت: ((لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا صخاباً في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئةَ، ولكن يعفو ويصفح).[15]
وهذه الصفة من صفاته صلى الله عليه وسلم مذكورة في الكتب قبل الإسلام، ففي البخاري من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: (والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن .. ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا الله. ويفتح بها أعيُناً عُمياً، وآذاناً صُماً، وقُلوباً غُلفاً).[16]
وقد صدق رضي الله عنه ، ففي السفر المنسوب إلى النبي إشعيا: " هوذا عبدي الذي أَعضُده، مختاري الذي سُرّت به نفسي، وضعتُ روحي عليه، فيخرج الحق للأمم، لا يصيح، ولا يَرفع ولا يُسمع في الشارع صوتُه، قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة خامدة لا يطفئ، إلى الأمان يخرج الحق، لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض، وتنتظر الجزائر شريعته، هكذا يقول الله الرب خالق السموات " (إشعيا 42/1-4)
ومن عفوه صلى الله عليه وسلم وحِلمه أنه في يوم حنين لما أجزل العطاء لضعاف الإيمان يتألف قلوبهم للإسلام؛ قال رجل: إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله! يتهم رسول الله بالظلم والحيف.
يقول ابن مسعود: فأتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرتُه، فغضب حتى رأيتُ الغضب في وجهه، ثم قال: ((يرحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر)).[17]
إنه يمتثل أمر ربه وهو يقول له: } فاصفح الصفح الجميل {(الحجر: 85).
ويقوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد؛ حتى إذا بلغ وسطه أدركه رجل، فجبذ بردائه من ورائه، وكان رداؤه صلى الله عليه وسلم خشناً، فحمّر رقَبتَه، فقال: يا محمد، احمل لي على بعيريَّ هذين، فإنك لا تحمل من مالك ولا من مال أبيك.
فقال رسول الله: ((لا، وأستغفر الله، لا أحملُ لك حتى تُقِيدني مما جبذتَ برقبتي)) فقال الأعرابي: لا والله لا أُقيدُك .
يقول أبو هريرة: فلما سمعنا قولَ الأعرابي أقبلنا إليه سراعاً، فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((عزمتُ على من سمع كلامي أن لا يبرح مقامَه حتى آذن له)).
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من القوم: ((يا فلان، احمل له على بعير شعيراً، وعلى بعير تمراً)). ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((انصرفوا)).[18]
قال السندي: "أراد أنه لكمال كرمه يعفو البتة، وفي أمثال هذه الأحاديث دليل على أنه لولا (أي: لو لم يؤت) المعجزات إلا هذا الخلق لكفى شاهداً على النبوة".[19] } فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين{ (آل عمران: 159).
ومن حلمه صلى الله عليه وسلم أن أعرابياً جهل حرمة المسجد، فقام يبول في طرف المسجد، فقام إليه الصحابة ينتهرونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزرموه، دعوه)) فتركوه.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له مبيناً ومعلماً: ((إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن))، ثم أمر رجلاً من القوم، فجاء بدلو من ماء، فشنَّه [فصبَّه] عليه.[20]
واستدان النبي صلى الله عليه وسلم من أحدهم ، فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب دينه، فأغلظ القول في طلبه، فهمَّ به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فقال عليه الصلاة والسلام معتذراً لسوء مقال الرجل وغلظته: ((إن لصاحب الحق مقالاً)).
ثم قال لأصحابه: ((اشتروا له سِناً))، فأعطوه إياه. فقالوا: إنا لا نجد إلا سِنَّاً هو خيرٌ من سِنِّه. قال: ((فاشتروه، فأعطوه إياه، فإن من خيركم أحسنَكم قضاءً)).[21]
فلم يقابل رسول الله إساءة الرجل بمثلها، بل عفا عنه وصفح، ثم أحسن إليه، فرد خيراً مما أخذ، وهو في كل ذلك يمتثل أمر ربه ومولاه } والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين { (آل عمران: 134).
وهكذا فإن هذا الصفح وذلكم الحلم، إنما هما بعض أخلاق النبوة التي كساها الله نبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم لتكون شاهداً آخر على نبوته ورسالته.[22]
hishmet 02-03-2013, 07:09 PM http://www.samysoft.net/forumim/shokr/1/868686.gif
محمد رافع 52 02-03-2013, 07:13 PM زهد النبي صلى الله عليه وسلم
وإن من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم زهادته في الدنيا وإعراضه عنها ترقباً لجزاء الله في الآخرة، ولو كان دعياً يفتري الكذب لما فرط في دنيا يفتري ابتغاء الكسب فيها، فإعراضُه صلى الله عليه وسلم عن الدنيا وزهدُه في متاعها دليل نبوته ورسالته.
وأول ما نلحظه أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يطلب أجراً على نبوته من أحد، بل كان يقول بمثل ما قال إخوانُه الأنبياء من قبل: } قل ما أسألكم عليه من أجرٍ وما أنا من المتكلفين { (ص: 86).
واستغناء الأنبياء عن أجر الناس وجزائهم دليل على نبوتهم، وأنهم يرقبون الأجر من الله، ولذا لما دعا مؤمن آل ياسين قومه للإيمان بأنبياء الله قال لهم: } قال يا قوم اتبعوا المرسلين * اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون { (يـس: 20-21).
ودعونا نتأمل بعض صنيعه صلى الله عليه وسلم وبعضَ ما أنزل الله إليه ، ثم ننظر هل هذا صنيعُ دعي كذاب، أم هو أدبُ النبوة وعبق الرسالة؟
كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤثِر حياة الزهد، ويدعو الله أن يجعله من أهلها، فكثيراً ما تبتل إلى ربه مناجياً: ((اللهم أحيني مسكيناً، وأمِتْني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة)).[23]
وخيره ربه بين المُلكِ في الأرض وبين حياة الشظف والقِلة، فاختار صلى الله عليه وسلم شظف العيش زهادة منه في الدنيا وترفعاً على متاعها، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن ملَكاً نزل من السماء، فقال: يا محمد أرسلني إليك ربك. قال: أفملِكاً نبياً يجعلُك أو عبداً رسولاً؟ قال جبريل: تواضع لربك يا محمد. فقال صلى الله عليه وسلم: ((بل عبداً رسولاً)).[24]
وإذا تأملنا حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ونظرنا كيف كان يعيش صلى الله عليه وسلم في بيته، فإنا راؤون عجباً، فلكم بقي عليه الصلاة والسلام طاوياً على الجوع ، لا يجد ما يأكله، وهو رسولُ الله وصفوتُه من خلقه، يقول أبو هريرة: (ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من طعام ثلاثة أيام حتى قبض).[25]
ورآه عمر رضي الله عنه يتلوى من الجوع، فما يجد رديء التمر يسد به جَوعَتَه ، ثم رأى رضي الله عنه ما أصاب الناس من الدنيا فقال: (لقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يلْتَوي، ما يجد دَقَلاً يملأ به بطنه).[26] والدقل: هو التمر الرديء.
وحين يجد النبي صلى الله عليه وسلم طعاماً فإنما يجد خبز الشعير فحسب، يقول ابن عباس حاكياً حال ابن عمه صلى الله عليه وسلم: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعةَ طاوياً، وأهلُه لا يجدون عشاء، وكان أكثرُ خبزِهم خبز الشعير).[27] ومع ذلك فما كان يجد ما يشبعه منه.
وهذا الشعير الذي لم يشبع منه صلى الله عليه وسلم كان من رديء الشعير، لا من جيده، فقد كان غير منخول.
سئل سهل بن سعد: هل أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم النقي [أي من الشعير]؟ فقال سهل: ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النقي من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله.
فقيل له: كيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول؟ قال: كنا نطحنه وننفخه، فيطير ما طار، وما بقي ثريناه [أي: بللناه بالماء] فأكلناه.[28]
وتحكي أم المؤمنين عائشة لابن أختها عروة حال بيوتات النبي صلى الله عليه وسلم، فتقول: (ابنَ أختي، إنْ كنا لننظرُ إلى الهلال ثم الهلال، ثلاثةَ أهلَّةٍ في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار).
فسألها عروة: يا خالةُ، ما كان يُعيشُكم؟ قالت: (الأسودان: التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار كانت لهم منائح، وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانهم، فيسقينا).[29]
وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم دُعي أبو هريرة رضي الله عنه إلى شاة مشوية، فأبى أن يأكل، وقال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير.[30]
وتدخل امرأة وابنتاها على أم المؤمنين عائشة يشكون الجوع، فما الذي وجدوه في بيت النبي صلى الله عليه وسلم؟
تجيبنا أم المؤمنين عائشة: فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة، فأعطيتُها إياها، فقسمَتَها بين ابنتيها، ولم تأكل منها، ثم قامت، فخرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا، فأخبرته فقال: ((من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له ستراً من النار)).[31]
وفي مرة أخرى يطرق باب النبي صلى الله عليه وسلم ضيف، فلا يجد عليه الصلاة والسلام ما يضيفه، فيرسل إلى بيوته يسأل نساءه، فلا يجد عندهن شيئاً سوى الماء، فلم يجد رسول الله بُداً من الطلب من أصحابه أن يضيِّفوه.[32]
ومع ذلك كله فقد كان لسانه صلى الله عليه وسلم لا يفتَر أن يطلب دوام حال الكفاف والزهادة ، فيقول داعياً ربه: ((اللهم ارزق آلَ محمدٍ قوتاً)).[33]
قال القرطبي: "معنى الحديث أنه طلب الكفاف , فإن القوت ما يقوت البدن ويكف عن الحاجة, وفي هذه الحالة سلامة من آفات الغِنى والفقر جميعاً".[34]
وإذا تساءلنا عن أثاث بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه صلى الله عليه وسلم ما كان يعيش إلا كسائر لأصحابه، أما وساده صلى الله عليه وسلم فتصفه أم المؤمنين عائشة وتقول: (كان وسادة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي يتكئ عليها من أدَم [جلد مدبوغ]، حشوها ليف).[35]
وأما فراشه فحصير يترك أثراً في جنبه، يقول ابن مسعود: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير، فقام وقد أثَّر في جنبه، فقلنا: يا رسول الله، لو اتخذنا لك وِطاء [فراشاً] فقال: ((ما لي وما للدنيا، ما أنا في الدنيا إلا ****بٍ استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها)).[36]
ودخل عليه عمر رضي الله عنه ، فرآه مضطجعاً على حصير قد أثر في جنبه، وألقى ببصره في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا فيها قبضةٌ من شعير، نحو الصاع ، وقبضة أخرى من ورق الشجر في ناحية الغرفة.
قال عمر: فابتدرتْ عيناي بالبكاء. فقال صلى الله عليه وسلم: ((ما يبكيك يا ابن الخطاب؟)) قلت: يا نبي الله، وما لي لا أبكي، وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى! وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار، وأنتَ رسولُ الله وصفوتُه، وهذه خزانتك!
فقال: ((يا ابن الخطاب، ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة، ولهم الدنيا؟)) قلت: بلى.[37]
ودخلت امرأة أنصارية بيته صلى الله عليه وسلم ، فرأت فراشه مثنية، فانطلقت، فبعثت بفراش فيه صوف إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآه قال: ((رُدِّيه يا عائشة، فوالله لو شئتُ لأجرى الله عليّ جبال الذهب والفضة)). قالت عائشة: فرددته.[38]
لقد كان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا، ممتثلاً أمرَ ربه الذي أمره أن يعيش عيشة الكفاف والزهد، وأمره أن يخير نساءه بين حياة الزهد معه وبين تسريحهن إلى بيوت أهلهن، فاخترن جميعاً رضي الله عنهن البقاء معه على هذه الحال.
تقول عائشة: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي، فقال: ((إني ذاكر لك أمراً، فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك)) ...
ثم قال: إن الله عز وجل قال: }يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً { (الأحزاب: 28-29).
قالت: فقلتُ: في أي هذا أستأمرُ أبويَّ؟ فإني أريد اللهَ ورسولَه والدارَ الآخرة.
قالت: ثم فعل أزواجُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلَ ما فعلتُ.[39]
وتشكو إليه صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة رضي الله عنها ما تلقى في يدها من الرحى، وترجو من أبيها أن يعطيها خادماً يخفف عنها ما هي فيه، فلا يجد الأب الحاني من نصيحة لابنته وزوجها أفضلَ من قوله: ((ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟ إذا أويتما إلى فراشِكما أو أخذتما مضاجِعكما، فكبرا ثلاثاً وثلاثين، وسبحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، فهذا خير لكما من خادم)).[40]
وأدركت فاطمة معدِن أبيها ونوعه بين الرجال، وعرفت إيثاره الآخرة على الدنيا، فأتته ذات يوم بكِسْرةِ خبزِ شعير، فأكلها النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ((هذا أول طعام أكله أبوكِ منذ ثلاث)).[41]
وتدور الأيام دورتها، وتقبل الدنيا على المسلمين، فيقف عمرو بن العاص يخطب الناس بمصر فقال: (ما أبعد هديَكم من هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم ، أما هو فكان أزهدَ الناس في الدنيا، وأنتم أرغبُ الناس فيها).[42]
وأبصر النبي صلى الله عليه وسلم جبل أُحدٍ فقال لأصحابه: ((ما أحب أنه تَحوَّل لي ذهباً، يمكث عندي منه دينارٌ فوق ثلاث، إلا ديناراً أرصدُه لدَين)).
ثم قال: ((إن الأكثرين هم الأقلون إلا من قال بالمال هكذا وهكذا، وقليل ما هم)) وأشار أبو شهاب بين يديه وعن يمينه وعن شماله، أي يفرقه.[43]
وتروي عائشة من خبره صلى الله عليه وسلم عجباً، فتذكر أنه كان في بيتها بعضُ قطعٍ من ذهب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما فعلتْ الذهبُ)) فقالت عائشة: هي عندي، فقال: ((ائتيني بها)).
تقول عائشة: فجئتُ بها، فوضعها في يده ثم قال بها [أي رماها] ، وقال: ((ما ظن محمد بالله لو لقي الله عز وجل وهذه عنده؟ أنفقيها)).[44]
وكيف لا يكون هذا حاله، وهو الأسوة الحسنة الذي أوصى أصحابه بالاقتصاد من الدنيا، فكان أسبقهم إلى ذلك، يقول سلمان: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا عهداً أن يكون بُلغَةُ أحدنا من الدنيا كزاد الراكب).[45]
وحين غادر صلى الله عليه وسلم الدنيا ماذا ترك لأهله منها؟
يجيب عمرو بن الحارث أخو أمِ المؤمنين جويرية فيقول: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته درهماً ولا ديناراً ولا عبداً ولا أمَة ولا شيئاً؛ إلا بغلتَه البيضاء وسلاحَه، وأرضاً جعلها صدقة).[46]
ويروي الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عند يهودي على ثلاثين صاعاً من شعير.[47]
وكما زهد النبي صلى الله عليه وسلم عن الدنيا زمن حياته، فإنه لم يبتغ جر نفع من منافعها إلى أهله وذويه بعد موته ، فإنه صلى الله عليه وسلم لا يبتغي أن يجر لأهله شيئاً من زخارفها، لذا قال صلى الله عليه وسلم: ((لا نورّث، ما تركناه صدقة)).[48]
وهكذا فإنه يحق لنا أن نتساءل عن الكسب الدنيوي الذي جناه النبي صلى الله عليه وسلم من نبوته، فإنه عاش عيشة المساكين التي تمناها ودعا الله بدوامها، فكان طعامه خشنُ الشعير، ورديءُ التمر، إذا ما تيسر له ذلك، وأما وساده وفراشه صلى الله عليه وسلم فهما دليلٌ آخرُ على استعلاء النبي صلى الله عليه وسلم على الدنيا التي هجرها صلى الله عليه وسلم بإرادته واختياره.
وصدق فيه قول الشاعر:
وراودَته الجبال الشُّمُّ من ذهب *** عن نفسه فأراها أيما شمم
محمد رافع 52 02-03-2013, 07:17 PM تواضع النبي صلى الله عليه وسلم
ولقائل أن يقول: إن كثيرين قد يزهدون بالمال في سبيل الرفعة عند الناس، فما أعظمها من لذة أن يشير الناس إليه ببنانهم ، وأن يستبقوا إلى إجلال الزاهد وخدمته، فيكون له في ذلك ما يدعوه على الصبر على الحرمان والفاقة.
وهذا كله صحيح، فتلك نفوس رتعت بالكبر، وأحبت من الدنيا العلو فيها.
اما النبي صلى الله عليه وسلم فقد جمع إلى الزهد التواضع للناس، ولم يمنعه من ذلك جلالة قدره عند الله ورفعة مكانته عند مولاه وعند المسلمين.
ولنفتح هذ ا السفر الخالد، ونقرأ فيه ما يحكيه لنا أبو رفاعة، فقد دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: يا رسول الله، رجل غريب، جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه.
قال أبو رفاعة: فأقبل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترك خطبته، حتى انتهى إلي، فأُتي بكرسي حسِبتُ قوائمَه حديداً قال: فقعد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته، فأتم آخرها.[49]
قال النووي: " وفيه تواضع النبي صلى الله عليه وسلم ورفقه بالمسلمين, وشفقتُه عليهم, وخَفْضُ جناحِه لهم".[50]
وحين تلاحقه صلى الله عليه وسلم نظرات الإعجاب من أصحابه، فتنساب على ألسنتهم عبارات الثناء الممزوجة بالحب، حينها كان صلى الله عليه وسلم ينهاهم عن إطرائه والمبالغة في مدحه، فما فتئ لسانه يقول: ((لا تطروني كما أطرت النصارى ابنَ مريم ، فإنما أنا عبدُه، فقولوا: عبدُ اللهِ ورسولُه)).[51]
ودخل عليه رجل فقال: يا سيدَنا وابنَ سيدِنا، ويا خيرَنا وابنَ خيرِنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس عليكم بتقواكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد بنُ عبدِ الله، عبدُ الله ورسولُه، والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل )).[52]
وحين انطلق الصحابة إلى غزوة بدر، كانوا يتعاقبون، كلُّ ثلاثةِ نفرٍ على بعير، وكان صاحبا النبي صلى الله عليه وسلم في الركوب عليٌّ وأبو لبابة.
قال ابن مسعود: وكان إذا كانت عُقْبَة النبي صلى الله عليه وسلم [أي إذا انتهت مرحلة النبي في الركوب] قالا له: اركب حتى نمشي عنك. فيقول لهما صلى الله عليه وسلم: ((ما أنتما بأقوى مني، وما أنا بأغنى عن الأجر منكُما)). [53]
وحين شرع الصحابة في حفر الخندق لم يركن النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزلته بين أصحابه، ولم يترفع النبي صلى الله عليه وسلم عن العمل معهم في الحفرِ ونقلِ التراب، يقول البراء بن مالك: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينقل معنا التراب يوم الأحزاب، ولقد رأيته وارى الترابُ بياضَ بطنه يقول:
والله لولا أنت ما اهتدينا *** ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنـزِلَنْ سكيـنة علينا *** وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الأعداء قد بغوا علينا *** إذا أرادوا فتنة أبَـينا [54]
وكان صلى الله عليه وسلم يمقت كل مظاهر الكِبْر والتميز عن الناس، ومنه كراهيته أن يقوم له أصحابُه، فقد كان يكره ذلك ويمنعهم منه، يقول أنس: (ما كان شخصٌ أحبَّ إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا؛ لِما يعلمون من كراهيته لذلك).[55]
ومن كان هذا نعته فجدير أن يبغض وقوف أحد فوق رأسه كما يُفعل للملوك ، وهاهو صلى الله عليه وسلم يصلي في مرض وفاته قاعداً، وصلى أصحابه وراءه قياماً..
يقول جابر: فالتفت إلينا، فرآنا قياماً ، فأشار إلينا، فقعدنا، فصلينا بصلاته قعوداً ، فلما سلم قال: ((إن كدتم آنفاً لتفعلون فِعل فارسَ والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود، فلا تفعلوا؛ ائتموا بأئمتكم، إن صلى قائماً فصلوا قياماً، وإن صلى قاعداً فصلوا قعوداً)). [56]
وكان صلى الله عليه وسلم يجيب دعوة الداعي، كائناً ما كان طعامُه، يقول صلى الله عليه وسلم: (لو دعيتُ إلى كُراع لأجبتُ، ولو أهدي إليّ كُراعٌ لقبِلتُ).[57] والكُراع ما دون كعب الدابة.
قال ابن حجر: "وفي الحديث دليل على حُسنِ خلُقِه صلى الله عليه وسلم ، وتواضُعِه وجبرِه لقلوب الناس".[58]
ورغم ازدحام وقته وشرف منزلته؛ فإنه صلى الله عليه وسلم ما كان يأنف من كثير مما يأنف منه دهماء الناس، فضلاً عن أكابرهم، فما كان صلى الله عليه وسلم يجد حرجاً أن يمشي في حاجة الضعفاء ويسعى في قضاء أمورهم ، يقول عبد الله بن أبي أوفى قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثِر الذكر، ويُقِل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصِّر الخطبة، ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين، فيقضيَ له الحاجة).[59]
ويحكي خادمه أنس بن مالك أن امرأة كان في عقلها شيء فقالت: يا رسول الله، إن لي إليك حاجة فقال: ((يا أم فلان، انظري أيّ السكك شئت حتى أقضيَ لك حاجتَكِ)). قال أنس: فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها.[60]
لكن تواضعه صلى الله عليه وسلم ما كان ليمنع هيبته في صدور الناس وهم يقفون بين يديه صلى الله عليه وسلم، فقد أتاه رجل، فكلمه، فجعل الرجل ترْعَد فرائصُه، فقال له صلى الله عليه وسلم: ((هون عليك، فإني لست بملكٍ، إنما أنا ابن امرأةٍ تأكل القديد)) [اللحم المجفف]. [61]
وتواضعه صلى الله عليه وسلم ليس خلقاً يتزين به أمام الناس، بل هو خُلَّة شريفة لم تفارقه حتى وهو في بيته وبين أهله، فقد سُئلت عائشة: ما كان صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: (كان يكون في مهنة أهله - تعني: خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة)، وفي رواية لأحمد: (كان بشراً من البشر، يَفْلي ثوبه، ويحلِب شاته، ويخدِمُ نفسَه).[62]
ولقد خيره ربه بين أن يكون عبداً رسولاً أو ملِكاً رسولاً ، فاختار أن يكون عبداً رسولاً ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حكى عن ملك نزل إليه، فقال: يا محمد، أرسلني إليك ربُك قال: أفملِكاً نبياً يجعلُك أو عبداً رسولاً؟ فقال جبريل: تواضع لربك يا محمد. فقال عليه الصلاة والسلام: ((بل عبداً رسولاً)).[63]
محمد رافع 52 02-03-2013, 07:20 PM تعبده لربه وخوفه منه
وإن من دلائل نبوته وأمارات صدقه صلى الله عليه وسلم ما رأينا من تعبده لله تعالى وخشيته منه، ولو كان دعياً لما تعبد لله، ولما أتعب نفسه، ولا ألزمها ضروب العبادة التي قرحت رجليه، بل لكان صنع ما يصنعه سائر الأدعياء من مقارفة الشهوات واستحلال المحرمات ، فكل ما اشتهى الدعي أمراً صيره ديناً وشرعة.
ومن ذلك ما فعله مسيلمة الكذاب، فقد أحل لأتباعه الخمر والزنا، ووضع عنهم الصلاة ، فتكاليف الشريعة لا يطيقها الأدعياء، لذا سرعان ما يتخلصون منها.
أما النبي صلى الله عليه وسلم فكان أعبدَ الناس لله وأخوفَهم منه بما عرف من عظمته وقوته، يقول عليه الصلاة والسلام: ((إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله، وأعلمكم بما أتقي)).[64]
وشواهد خوف النبي صلى الله عليه وسلم من الله وتعبده لله كثيرة، منها أن صاحبه أبا بكر رأى شيباً في شعره، فقال: يا رسول الله قد شِبت؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت)) .[65]
قال الطيبي: "وذلك لما في هذه السور من أهوال يوم القيامة والمَثُلات النوازل بالأمم الماضية: أخذ مني مأخذه، حتى شبتُ قبل أوانه".[66] فالذي شيب رسول الله ما قرأه في هذه السور من الأهوال التي يرهبها الأتقياء العارفون بربهم، الذين قدروه حق قدره.
وتصف أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وجَلَه صلى الله عليه وسلم من ربه، فتقول: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً ضاحكاً حتى أرى منه لهواتِه، وكان إذا رأى غيماً أو ريحاً عُرف ذلك في وجهه. فقلت: يا رسول الله، إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيتَه عُرف في وجهك الكراهية! فقال صلى الله عليه وسلم: ((يا عائشة، ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب، قد عُذِّب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا: } هذا عارض ممطرنا { (الأحقاف: 24) )).[67]
وذات ليلة يرى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه أخبار الفتن وهو في بيت أم سلمة ، فيأمر أن تستيقظ نساؤه، وأن يقُمن لقيام الليل فزعاً وتعوذاً مما يأتي من الفتن ، تقول أم سلمة: فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فزِعاً، يقول: ((سبحان الله! ماذا أنزل الليلة من الخزائن؟ وماذا أنزل من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحجرات، يا رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ في الآخرة)).[68]
وفي ليلة أخرى رآه بعض أزواجه وهو يتلوى في آخر الليل على فراشه، لا يجد الكرى إلى عينيه سبيلاً، فما الذي أرَّقه صلى الله عليه وسلم؟
يجيبنا عبد الله بن عمرو، فيقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نائماً، فوجد تمرة تحت جنبه، فأخذها فأكلها، ثم جعل يتضور من آخر الليل، وفزع لذلك بعض أزواجه فقال: ((إني وجدت تمرة تحت جنبي، فأكلتُها، فخشيتُ أن تكون من تمر الصدقة)).[69] إن الذي أرَّقَ النبي صلى الله عليه وسلم خوَّفَه أن تكون التمرة التي أكلها من تمر الصدقة التي لا تحل له.
وأما عبادة النبي صلى الله عليه وسلم لربه، فهي شاهد لا مراء في صدقه، فهي مما لا يصدر عن دعي يكذب على الله ويضل الناس باسمه، وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يكون دعياً، فما من دعي يكذب على ربه ثم يجهد نفسه بالعبادة له.
تروي لنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حال النبي صلى الله عليه وسلم في ليله، فتقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلتُ له: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((أفلا أكون عبداً شكوراً؟)). [70]
وتصف عائشة رضي الله عنها صفة صلاته صلى الله عليه وسلم، فتقول: (كان يصلي إحدى عشرة ركعة، كانت تلك صلاته، يسجد السجدة من ذلك قدرَ ما يقرأ أحدُكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه، ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المنادي للصلاة).[71]
ويصف عليٌّ رضي الله عنه حاله صلى الله عليه وسلم في يوم بدر حين تعب الصحابة وأسلموا أعينهم للنوم، فيقول: (ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح).[72]
وتكرر بكاؤه صلى الله عليه وسلم وهو يتضرع بين يدي ربه ومولاه عارفاً قدرَه وراجياً فضله، يقول عبد الله بن الشِّخِّير رضي الله عنه قال: (أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، ولجوفه أزيز كأزيز المِرْجَل [أي القِدر] من البكاء).[73]
لقد كان صلى الله عليه وسلم كما وصفه ربه } إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه { (المزمل:20)، فهل سمعت الدنيا عن مدع للنبوة يقوم نصف ليله يتضرع لربه ويبكي بين يديه.
وأما صومه صلى الله عليه وسلم ، فكان يداوم على صيام يومي الإثنين والخميس تقرباً إلى ربه وابتغاء رضاه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تُعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس، فأحِبُّ أن يعرض عملي وأنا صائم)) .[74]
ولم يكن صيامه هذا فحسب ، بل كان صلى الله عليه وسلم يصوم الأيام المتتابعة ، يقول أنس رضي الله عنه : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه شيئاً، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئاً، وكان لا تَشاء أن تراه من الليل مصلياً إلا رأيته، ولا نائماً إلا رأيتَه).[75]
وما كان صلى الله عليه وسلم يُفوِّتُ على نفسه أجر الصوم في أيام الصيف الهواجر، يبتغي في ذلك المحبة من ربه والزلفى إليه، يقول صاحبه أبو الدرداء رضي الله عنه : (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وإن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما منا صائم إلا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعبدُ الله بنُ رواحة).[76]
وبقي هذا حاله، لم يتوانَ عن عبادة ربه، حتى لبى نداء ربه، وهو في كل ذلك يمتثل: } واعبد ربك حتى يأتيك اليقين { (الحجر: 99)، ولو كان دَعِيّاً لأراح نفسه وأحبابه من جهد القيام في الليل وتفطُرِ الأقدام، ومن الصيام في الهواجر، لكن هيهات، كيف يريح نفسه وربه يأمره: } فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب {؟ (الشرح: 7-8).
--------------------------------------
[1] الجواب الصحيح (1/127-129).
[2] رواه البخاري ح (4)، ومسلم ح (160).
[3] رواه البخاري ح (6) ، مسلم ح ( 2308).
[4] رواه البخاري ح (2820).
[5] رواه البخاري ح (2821).
[6] رواه الطبري في تهذيب الآثار ح (168)، والترمذي في الشمائل ح (350)، والبزار في مسنده ح (274).
[7] رواه مالك في الموطأ ح (1880).
[8] رواه البخاري ح (5810).
[9] رواه البخاري ح (6034)، ومسلم ح (2311).
[10] رواه مسلم ح (2312).
[11] رواه البخاري ح (27)، ومسلم ح (150).
[12] رواه ابن ماجه ح (2205)، وأحمد ح (13839).
[13] رواه البخاري ح (3296)، ومسلم ح (4294).
[14] رواه البخاري ح (6031).
[15] رواه الترمذي ح (2016)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح ح (5820).
[16] رواه البخاري ح (2125).
[17] رواه البخاري ح (3405)، ومسلم ح (1062).
[18] رواه النسائي ح (4776)، وأبو داود ح (4775).
[19] شرح السندي على النسائي (8/34).
[20] رواه البخاري ح (221)، ومسلم ح (285)، واللفظ له.
[21] رواه البخاري ح (2390)، ومسلم ح (1601).
[22] يعلق المستشرق الأمريكي واشنجتون إيرفنج في كتابه "حياة محمد" على عفو النبي صلى الله عليه وسلم عن قريش عند فتح مكة بقوله: "كانت تصرفات الرسول [صلى الله عليه وسلم] في مكة تدل على أنه نبي مرسل، لا على أنه قائد مظفر، فقد أبدى رحمة وشفقة على مواطنيه، برغم أنه أصبح في مركز قوي، ولكنه توّج نجاحه وانتصاره بالرحمة والعفو". قالوا عن الإسلام، عماد الدين خليل ص (81).
[23] رواه الترمذي ح (2352)، وابن ماجه ح (4126)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (3328).
[24] رواه أحمد ح (7120)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (1002).
[25] رواه البخاري ح (5374).
[26] رواه مسلم ح (2978).
[27] رواه الترمذي ح (2360)، وابن ماجه ح (3347)، وأحمد ح (2303)، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (2703).
[28] رواه البخاري ح (5413).
[29] رواه البخاري ح (2567)، ومسلم ح (2972).
[30] رواه البخاري ح (5414).
[31] رواه البخاري ح (1418)، ومسلم ح (2629).
[32] انظره في البخاري ح (3798)، ومسلم ح (2054).
[33] رواه البخاري ح (6460)، ومسلم ح (1055).
[34] نقله عنه ابن حجر في فتح الباري ح (11/299).
[35] رواه البخاري ح (6456)، ومسلم ح (2082)، اللفظ له.
[36] رواه الترمذي ح (2377)، وابن ماجه ح (4109)، وأحمد ح (3701)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (3317).
[37] رواه البخاري ح (4913)، ومسلم ح (1479) ، واللفظ له.
[38] رواه البيهقي في الشعب ح (1449)، وأحمد في الزهد ح (77)، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي ح (3287).
[39] رواه البخاري ح (4786)، ومسلم ح (1475) واللفظ له.
[40] رواه البخاري ح (6318) ، ومسلم ح (2727).
[41] رواه أحمد ح (12811).
[42] رواه أحمد ح (17353)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب ح (3294).
[43] رواه البخاري ح (2388)، ومسلم ح (94).
[44] رواه أحمد ح (24964).
[45] رواه أحمد ح (23199).
[46] رواه البخاري ح (2739).
[47] رواه أحمد ح (2719).
[48] رواه البخاري ح (3094)، ومسلم ح (1757).
[49] رواه مسلم ح (876).
[50] شرح النووي على صحيح مسلم (6/165).
[51] رواه البخاري ح (3445).
[52] رواه أحمد ح (12141).
[53] رواه أحمد ح (3769).
[54] رواه البخاري ح (3034)، ومسلم (1803).
[55] رواه أحمد ح (11936)، والترمذي ح (2754)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
[56] رواه مسلم ح (413).
[57] رواه البخاري ح (5178).
[58] فتح الباري (9/154).
[59] رواه النسائي ح (1414)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح ح (5833).
[60] رواه مسلم ح (4293).
[61] رواه ابن ماجه ح (3312)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (2677).
[62] رواه البخاري ح (676)، وأحمد ح (25662).
[63] رواه أحمد ح (7120)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (1002).
[64] رواه مسلم ح (1868).
[65] رواه الترمذي ح (3297)، وصححه الألباني ح (2627)
[66] تحفة الأحوذي (9/131).
[67] رواه البخاري ح (4829)، ومسلم ح (899).
[68] رواه البخاري ح (1058).
[69] رواه أحمد ح (11400)، وابن ماجه (2201).
[70] رواه البخاري ح (4827)، ومسلم ح (2820).
[71] رواه البخاري ح (1123)، و مسلم ح (724)،
[72] رواه أحمد ح (1062).
[73] رواه النسائي ح (1199)، وأبو داود ح (769)، وأحمد ح (15722)، واللفظ له، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح ح (1000).
[74] رواه الترمذي ح (678)، وابن ماجه ح (1730)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح (1041).
[75] رواه البخاري ح (1141)، ومسلم ح (1158).
[76] رواه أحمد ح (20707).
محمد رافع 52 03-03-2013, 01:17 AM http://www.quranway.net/edaeia/cards/foregrounds/Ta3t_Naby.jpg
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى؟! قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى) [صحيح البخاري].
حديث سهل العبارة، واضح الغاية يرشد فيه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى حسن طاعته، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار. قال تعالى: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ﴾ [النساء:80].
وطاعة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا تتحقق إلّا بامتثال ما أمر واجتناب ما نهى.
فوائد من طاعة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
1- طاعته طاعة لله تعالى.
قال تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظ﴾ [النساء:80].
2- طاعته من أركان الإيمان.
قال تعالى: ﴿ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيم﴾ [النساء:65].
3- طاعته سبب في الهداية.
قال تعالى: ﴿وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [الأعراف: 158].
4- طاعته سبب في الرحمة.
قال تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [آل عمران:132]، وقال تعالى: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴿156﴾ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ ﴾ [الأعراف:156-157].
5- طاعته سبب في حُب الله تعالى للعبد.
قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [ آل عمران:31].
6- طاعته سبب في حبُ أهلِ السماء للعبد، ووضع القبول له في الأرض.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ) [صحيح البخاري].
7- طاعته سبب في مغفرة الذنب.
قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران:31].
8- طاعته تجمع المطيع مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ﴿70﴾ ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً ﴾ [النساء:69].
9- طاعته سبب في الفوز و دخول الجنة. قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [النساء:13]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [النور:52].
محمد رافع 52 03-03-2013, 01:35 AM من دلائل النبوة.. شفاء المرضى
http://www.al-eman.com/aleman/others/recommendation-image/13643.jpg
أجرى الله ـ تبارك وتعالىـ على يد أنبيائه ورسله من المعجزات الباهرات والدلائل القاطعات ما يدل على صدق دعواهم أنهم رسل الله، قال الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ} (الحديد: من الآية25) . .
ولما أرسل الله نبيه عيسىـ عليه السلامـ آتاه من الآيات والمعجزات ما يقيم به الحجة على بني إسرائيل، ومن ذلك إبراء الله الأكمه والأبرص على يديه كما قال تعالى: {وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي} (المائدة: من الآية110) . .
وكذلك أيد الله خاتم أنبيائه وأفضل رسلهـ صلى الله عليه وسلمـ بمثل هذا الدليل وهذه المعجزة، حين شفى على يديه وبِرِيقهِ ونفثه (نفخ بلا ريق) بعضا من أصحابه. . فاللهـ عز وجلـ الشافي، وهو الذي جعل ريقه ونفثهـ صلى الله عليه وسلمـ سببا في الشفاء، ليكون برهانا على ما أكرم الله به رسولهـ صلى الله عليه وسلمـ من الكرامات والدلائل العظيمة، بيانا لعلو منزلته، وتأييداً لدعوته، وتصديقا لنبوته. .
والأمثلة في ذلك كثيرة، منها:
عن سهل بن سعدـ رضي الله عنهـ قال: قال رسول اللهـ صلى الله عليه وسلمـ يوم خيبر: (لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، قال: فبات الناس يدوكون (يتحدثون) ليلتهم أيهم يُعْطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول اللهـ صلى الله عليه وسلمـ كلهم يرجوا أن يعطاها.
فقالـ صلى الله عليه وسلمـ: أين علي بن أبي طالب؟ ، فقيل: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، قال: فأرسلوا إليه، فأُتِيَ به فبصق رسول اللهـ صلى الله عليه وسلمـ في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية) (البخاري). .
وفي رواية لابن ماجه أن علياـ رضي الله عنهـ قال: (إن رسول اللهـ صلى الله عليه وسلمـ بعث إليَّ وأنا أرمد العين يوم خيبر، قلت: يا رسول الله إني أرمد العين، فتفل في عيني ثم قالـ صلى الله عليه وسلمـ: اللهم أذهب عنه الحر والبرد، قال: فما وجدت حرا ولا بردا بعد يومئذ)
وعند بريدة في الدلائل للبيهقي: " فما وجعها علي حتى مضى لسبيله أي مات ". .
وعند الطبراني من حديث علي: " فما رمدت ولا صدعت مذ دفع النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إليَّ الراية يوم خيبر. . ". .
قال الشوكاني: " فيه معجزة ظاهرة للنبي ". .
وعن يزيد بن أبي عبيدـ رضي الله عنهـ قال: (رأيت أثر ضربة في ساق سلمة، فقلت: يا أبا مسلم ما هذه الضربة؟ ، فقال هذه ضربة أصابتني يوم خيبر، فقال الناس: أصيب سلمة، فأتيت النبيـ صلى الله عليه وسلمـ فنفث فيه ثلاث نفثات فما اشتكيتها حتى الساعة) (البخاري).
ويرسل النبيـ صلى الله عليه وسلمـ عبدَ الله بن عتيك ورجالاً من الأنصار لاغتيال سلام بن أبي الحُقَيق الذي آذى الله ورسوله، وبينما عبد الله بن عتيك في طريق العودة وقع فانكسرت ساقه، فعصبها بعمامة، ثم يقول ابن عتيك: فانتهيت إلى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ، فقال: (ابسط رجلك، فبسطت رجلي، فمسحها، فكأنها لم أشتكِها قط) (البخاري) .
وذكرالبيهقي في دلائل النبوة:
عن حبيب بن يسافـ رضي الله عنهـ قال: " شهدت مع النبيـ صلى الله عليه وسلمـ مشهدا فأصابتني ضربة على عاتقي فتعلقت يدي، فأتيت النبيـ صلى الله عليه وسلمـ فتفل فيها وألزقها فالتأمت وبرأت، و***ت الذي ضربني ". .
وروى ابن حبان:
عن عبد الله بن بريدةـ رضي الله عنهـ قال: سمعت أبي يقول: إن رسول اللهـ صلى الله عليه وسلمـ تفل في رجل عمرو بن معاذ حين قطعت رجله فبرأ. .
إن جموع الصحابة التي شاهدت سلمةـ رضي الله عنهـ يشتكي ساقه ثم رأوه لا يشتكي منها ألما ولا وجعا، ورأت علياـ رضي الله عنهـ يشتكي عينيه ثم يبرأ منها، وشاهدت عبد الله بن عتيكـ رضي الله عنهـ تنكسر ساقه ثم يبرأ ولا يشعر بألمـ وكل ذلك بريقه ونفثهـ صلى الله عليه وسلمـ ، لا يسعهمـ ومن يأتي بعدهمـ إلا أن يشهدوا للنبيـ صلى الله عليه وسلمـ بعلو المنزلة والمكانة، وبالنبوة والرسالة. .
محمد رافع 52 03-03-2013, 01:44 AM دلائل النبوة
ومعرفة أحوال صاحب الشريعة
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه.
قال الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي مصنف هذا الكتاب رحمه الله ونفع بعلومه
الحمد الله الذي خلق السموات الأرض وجعل الظلمات والنور وابتدع الجواهر والأعراض وركب الصور والأجساد وقضى الموت والحياة وقدر المعاش والمعاد وأعطئ من شاء من السمع والبصر والفؤاد ومن شاء منهم المعرفة والعقل والنظر والاستدلال ومن شاء منهم الهداية والرشاد وبعث الرسل بما شاء من أمره ونهيه مبشرين بالجنة من أطاعه ومنذرين بالنار من عصاه وأيدهم بدلائل النبوة وعلامات الصدق لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وخصنا بالنبي المكين والرسول الأمين سيد المرسلمين وخاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أفضل خلقه نفساً وأجمعهم لكل خلق رضي في دين ودنيا وخيرهم نسباً
وأشرفهم دار أرسله بالهدى ودين الحق إلى كافة المكلفين من الخلق فتح به رحمته وختم به نبوته واصطفاه لرسالته واجتباه لبيان شريعته ورفع ذكره مع ذكره وأنزل معه كتاباً عزيزا وقرآناً كريماً مباركاً مجيداً دليلاً مبيناً وحبلاً متيناً وعلماً زاهراً ومعجزاً باهراً اقترن بدعوته أيام حياته ودام في أمته بعد وفاته وأمره فيه بان يدعو مخالفيه إلى أن يأتوا بمثله والعربية طبيعتهم والفصاحة جبلتهم ونظم الكلام صنعتهم فعجزوا عن المعارضة وعدلوا عنها إلى المسايفة التي هي أصعب مما دعاهم إليه وتحداهم به كما قال عز وجل (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً) مع سائر ما آتاه الله وحباه من المعجزات الظاهرات والبينات الباهرات (ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) فبلغ الرسالة وأدى النصيحة وأوضح السبيل وأنار الطريق وبين الصراط المستقيم وعبد الله حتى أتاه اليقين فصلوات الله عليه وعلى آله الطيبين كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون أفضل صلاة وأزكاها وأطيبها وأنماها
أما بعد فإني لما فرغت بعون الله وحسن توفيقه من تخريج الأخبار الواردة في الأسماء والصفات والرؤية والإيمان والقدر وعذاب
القبر وأشراط الساعة والبعث والنشور والميزان والحساب والصراط والخوض والشفاعة والجنة والنار وغير ذلك مما يتعلق بالأصول وتمييزها ليكون عوناً لمن تكلم فيها واستشهد بما بلغه منها فلم يعرف حالها وما يقبل وما يرد منها أردت والمشيئة لله تعالى أن أجمع بعض ما بلغنا من معجزات نبينا محمد ودلائل نبوته ليكون عوناً لهم على إثبات رسالته فاستخرت الله تعالى في الابتداء بما أردته واستعنت به في إتمام ما قصدته مع ما نقل إلينا من شرف أصله وطهارة مولده وبيان أسمائه وصفاته وقدر حياته ووقت وفاته وغير ذلك مما يتعلق بمعرفته على نحو ما شرطته في مصنفاتي من الاكتفاء بالصحيح من السقيم والاجتزاء بالمعروف من الغريب إلا فيما لا يتضح المراد من الصحيح أو المعروف دونه فأورده والاعتماد على جملة ما تقدمه من الصحيح أو المعروف عند أهل المغازي والتواريخ
وبالله التوفيق وهو حسبي في أموري ونعم الوكيل
محمد رافع 52 03-03-2013, 01:57 AM ذكر مولد المصطفى والآيات التي ظهرت عند ولادته وقبلها وبعدها
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال حدثنا عبد الله ابن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو صالح
ح وأخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل ببغداد قال حدثنا أبو علي أحمد بن الفضل بن العباس بن خزيمة قال حدثنا أبو إسماعيل الترمذي قال حدثنا أبو صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن سعيد بن سويد عن عبد الأعلى بن هلال السلمي عن العرباض بن سارية صاحب رسول الله أنه قال
سمعت رسول الله يقول إني عبد الله وخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته وسأخبركم عن ذلك دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى بي ورؤيا أمي التي رأت وكذلك أمهات النبيين يرين وإن أم رسول الله رأت حين وضعته نوراً أضاءت له قصور الشام
وفي رواية يعقوب أضاءت منه قصور الشام تابعه عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح ورواه أيضاً أبو بكر بن أبي مريم الغساني عن سعيد بن سويد
وقوله إني عبد الله وخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته يريد به أنه كان كذلك في قضاء الله وتقديره قبل أن يكون أبو البشر وأول الأنبياء صلوات الله عليهم
وقوله وسأخبركم عن ذلك دعوة أبي إبراهيم عليه السلام يريد به أن إبراهيم عليه السلام لما أخذ في بناء البيت دعا الله تعالى جده أن يجعل ذلك البلد آمناً ويجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ويرزقهم من الثمرات والطيبات ثم قال (وأبعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم) فاستجاب الله تعالى دعاءه في نبينا وجعله الرسول الذي سأله إبراهيم عليه السلام ودعاه أن يبعثه إلى أهل مكة فكان النبي يقول أنا دعوة أبي إبراهيم ومعناه أن الله تعالى لما قضى أن يجعل محمداً خاتم النبيين وأثبت ذلك في أم الكتاب أنجز هذا القضاء بأن قيض إبراهيم عليه السلام للدعاء الذي ذكرنا ليكون إرساله إياه بدعائه كما يكون تقلبه من صلبه إلى أصلاب أولاده
وأما قوله وبشارة عيسى بي فهو أن الله تعالى أمر عيسى عليه
السلام فبشر به قومه فعرفه بنو إسرائيل قبل أن يخلق
وأما قوله ورؤيا أمي التي رأت فإنما عنى به والله أعلم
ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال
فكانت آمنة بنت وهب أم رسول الله تحدث أنها أتيت حين حملت بمحمد فقيل لها إنك قد حملت بسيد هذه الأمة فإذا وقع إلى الأرض فقولي:
أعيذه بالواحد
من شر كل حاسد
من كل بر عاهد
وكل عبد رائد
يرود غير رائد
فإنه عبد الحميد الماجد
حتى أراه قد أتى المشاهد
قال آية ذلك أن يخرج معه نور يملأ قصور بصرى من أرض الشام فإذا وقع فسميه محمداً فإن اسمه في التوراة أحمد يحمده أهل السماء وأهل الأرض واسمه في الانجيل أحمد يحمده أهل السماء وأهل الأرض
واسمه في الفرقان محمد فسميته بذلك
حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء وقراءة قال حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال قلت لأبي اليمان حدثنا أبو بكر بن أبي مريم الغساني عن سعيد بن سويد عن العرباض بن سارية السلمي قال
سمعت النبي يقول إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته وسأنبئكم بتأويل ذلك دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى قومه ورؤيا أمي التي رأت أنه خرج منها نور أضاءت منه قصور الشام
قصر أبو بكر بن أبي مريم بإسناده فلم يذكر فيه عبد الأعلى بن هلال وقصر بمتنه فجعل الرؤيا بخروج النور منها وحده وكذلك قال خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله
حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاءً وقراءةً قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال
حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله أنهم قالوا يا رسول الله أخبرنا عن نفسك فقال دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ورأت أمي حين حملت كأنه خرج منها نور أضاءت له
بصرى من أرض الشام
وروى في ذلك عن أبي أمامة عن النبي
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا الفرج بن فضالة
ح وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان حدثنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا محمد بن الفضل بن جابر قال حدثنا محمد بن بكار قال حدثنا فرج بن فضالة عن لقمان بن عامر عن أبي أمامة قال
قيل يا رسول الله ما كان بدء أمرك قال دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى بن مريم ورأت أمي أنه خرج منها نور أضاءت منه قصور الشام
وفي رواية أبي داود خرج مني
وأخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد قال حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز قال حدثنا أحمد بن إسحاق بن صالح قال حدثنا محمد بن سنان العوقي قال حدثنا إبراهيم بن طهمان عن بديل بن ميسرة عن عبد الله بن شقيق عن ميسرة الفجر قال
قلت يا رسول الله متى كتبت نبياً قال وآدم بين الروح والجسد
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الأصبهاني قال حدثني الحسن بن الجهم التميمي وعبد الله بن بندار قالا حدثنا موسى بن المساور الضبي الثقة المأمون قال حدثنا عبد الله بن معاذ الصنعاني عن معمر بن راشد عن الزهري قال
أول ما ذكر من عبد المطلب جد رسول الله أن قريشاً خرجت من الحرم فارة من أصحاب الفيل وأجلت عنه قريش وهو غلام شاب فقال والله لا أخرج من حرم الله أبتغي العز في غيره فجلس عند البيت وقال
(لا هم إن المرء يم نع رحله فامنع حلالك)
وذكر مع ذلك غيره
قال فلم يزل ثابتاً في الحرم حتى أهلك الله تعالى الفيل وأصحابه فرجعت قريش وقد عظم فيهم لصبره وتعظيمه محارم الله تعالى فبينا هو على ذلك وعنده أكبر بنيه قد أدرك وهو الحارث بن عبد المطلب فأتي عبد المطلب في المنام فقيل له احفر زمزم خبية الشيخ الأعظم فاستيقظ فقال اللهم بين لي فأري في المنام مرة أخرى احفرتكتم بين الفرث
والدم في مبحث الغراب في قرية النمل مستقبلة الأنصاب الحمر فقام عبد المطلب يمشي حتى جلس في المسجد الحرام ينتظر ما سمي له من الآيات فنحرت بقرة بالحزورة فانقلتت من جازرها بحشاشة نفسها حتى غلبها الموت في المسجد في موضع زمزم فنحرت تلك البقرة في مكانها حتى احتمل لحمها فأقبل غراب يهوى حتى وقع في الفرث فبحث عن قرية النمل فقام عبد المطلب فحفر هنالك فجاءته قريش فقالت لعبد المطلب ما هذا الصنيع إنا لم نكن نزنك بالجهل لم تحفر في مسجدنا فقال عبد المطلب إني لحافر هذه البئر ومجاهد من صدني عنها فطفق يحفر هو وابنه الحارث وليس له يومئذ ولد غيره فتسفه عليهما ناس من قريش فنازعوهما وقاتلوهما وتناهى عنه أناس من قريش لما يعلمون من عتق نسبه وصدقه واجتهاده في دينهم يومئذ حتى إذا أمكن الحفر واشتد عليه الأذى نذر إن وفى له عشرة من الولد أن ينحر أحدهم ثم حفر حتى أدرك سيوفاً دفنت في زمزم حيث دفنت فلما رأت قريش أنه قد أدرك السيوف قالوا يا عبد المطلب أحذنا مما وجدت فقال عبد
المطلب إنما هذه السيوف لبيت الله فحفر حتى أنبط الماء فخرقها في القرار ثم بحرها حتى لا تنزف ثم بنى عليها حوضاً فطفق هو وابنه ينزعان فيملآن ذلك الحوض فيشرب منه الحاج فيكسره أناس حسدة من قريش بالليل فيصلحه عبد المطلب حين يصبح فلما أكثروا إفساده دعا عبد المطلب ربه فأري في المنام فقيل له قل اللهم إني لا أحلها لمغتسل ولكن هي لشارب حل وبل ثم كفيتهم فقام عبد المطلب حين اختلفت قريش في المسجد فنادى بالذي أرى ثم انصرف فلم يكن يفسد حوضه عليه أحد من قريش إلا رمي في جسده بداء حتى تركوا حوضه وسقايته
ثم تزوج عبد المطلب النساء فولد له عشرة رهط فقال اللهم إني كنت نذرت لك نحر أحدهم وإني أقرع بينهم فأصب بذلك من شئت فأقرع بينهم فصارت القرعة على عبد الله بن عبد المطلب وكان أحب ولده إليه فقال عبد المطلب اللهم أهو أحب إليك أم مائة من الإبل ثم أقرع بينه وبين المائة فكانت القرعة على مائة من الإبل فنحرها عبد المطلب مكان عبد الله .
وكان عبد الله أحسن من رؤي في قريش قط فخرج يوماً على نساء من قريش مجتمعات فقالت امرأة منهن يا نساء قريش أيتكن تتزوج هذا الفتى فتصطاد النور الذي بين عينيه وإن بين عينيه نوراً قال فتزوجته آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة فجامعها فحملت برسول الله
ثم بعث عبد المطلب عبد الله بن عبد المطلب يمتار له تمراً من يثرب فتوفي بها عبد الله بن عبد المطلب فولدت آمنة رسول الله فكان في حجر جده عبد المطلب فاسترضعته امرأة من بني سعد بن بكر فنزلت أمه التي ترضعه سوق عكاظ فرآه كاهن من الكهان فقال يا أهل عكاظ ا***وا هذا الغلام فإن له ملكاً فزاغت به أمه التي ترضعه فأنجاه الله تعالى
ثم شب عندها حتى إذا سعى وأخته من الرضاعة تحضنه جاءت أخته من أمه التي ترضعه فقالت أي أمتاه إني رأيت رهطا أخذوا أخي القرشي آنفاً فشقوا بطنه فقامت أمه التي ترضعه فزعة حتى تأتيه فإذا هو جالس منتقع لونه لا ترى عنده أحداً فارتحلت به حتى أقدمته على أمه فقالت لها اقبضي عني ابنك فإني قد خشيت عليه فقالت أمه لا والله ما بابني مما تخافين لقد رأيت وهو في بطني أنه خرج معتمدا على يديه رافعاً رأسه إلى السماء
فافتصلته أمه وجده عبد المطلب ثم توفيت أمه فيتم في حجر عبد المطلب فكان وهو غلام يأتي وسادة جده فيجلس عليها فيخرج جده وقد كبر فتقول الجارية التي تقود جده انزل عن وسادة جدك فيقول عبد المطلب دعوا ابني فإنه يحس بخير
قال فتوفى جده ورسول الله غلام فكفله أبو طالب وهو أخو عبد الله لأبيه وأمه فلما ناهز الحلم ارتحل به أبو طالب تاجراً قبل الشام فلما نزل تيماء رآه حبر من يهود تيماء فقال لأبي طالب ما هذا الغلام منك قال هو ابن أخي قال أشفيق أنت عليه قال نعم قال فوالله لئن قدمت به الشام لا تصل به إلى أهلك أبداً لت***نه اليهود إن هذا عدوهم فرجع به أبو طالب من تيماء إلى مكة
فلما بلغ رسول الله الحلم أجمرت امرأة من قريش الكعبة فطارت شررة من مجمرتها في ثياب الكعبة فاحترقت فوهى البيت للحريق الذي أصابه فتشاورت قريش في هدم الكعبة وهابوا هدمها فقال لهم الوليد بن المغيرة أتريدون بهدمها الإصلاح أم تريدون الإساءة فقالوا بل نريد الإصلاح قال فإن الله تعالى لا يهلك المصلح وقالت فمن ذا الذي يعلوها فيهدمها فقال الوليد بن المغيرة أنا أعلوها فأهدمها فارتقى الوليد على ظهر البيت ومعه الفأس فقال اللهم إنا لا نريد إلا الإصلاح ثم هدم فلما رأته قريش قد هدم منها ولم يأتهم ما يخافون من العذاب هدموها معه حتى إذا ابتنوا فبلغوا موضع الركن اختصمت قريش في الركن أي القبائل تلي رفعه حتى كاد يشجر بينهم فقالوا تعالوا نحكم أول من يطلع علينا من هذه السكة فاصطلحوا على ذلك فطلع رسول الله وهو غلام عليه وشاح نمرة فحكموه فأمر بالركن فوضع في ثوب ثم
أمر سيد كل قبيلة فأعطاه ناحية الثوب ثم ارتقى هو وأمرهم أن يرفعوه إليه فرفعوا إليه الركن فكان هو يضعه
ثم طفق لا يزداد فيهم على السن إلا رضا حتى سموه الأمين قبل أن ينزل عليه الوحي
قال وطفقوا لا ينحرون جزوراً للبيع إلا دعوه ليدعو لهم فيها
فلما استوى وبلغ أشده وليس له كثير مال استأجرته خديجة بنت خويلد إلى سوق حباشه وهو سوق بتهامة واستأجرت معه رجلاً من قريش فقال رسول الله وهو يحدث عنها
ما رأيت من صاحبة أجيد خيراً من خديجة ما كنا نرجع أنا وصاحبي إلا وجدنا عندها تحفة من طعام تخبؤه لنا
قال فلما رجعنا من سوق حباشة قال رسول الله قلت لصاحبي انطلق بنا نتحدث معاً عند خديجة فجئناها فبينما نحن عندها إذ دخلت علينا منشية من مولدات قريش وفي رواية مستنشية وهي الكاهنة من مولدات قريش فقالت أمحمد هذا والذي يحلف به إن جاء لخاطباً قال قلت كلا قال فلما خرجت أنا وصاحبي قال لي أمن خطبة خديجة تستحي فوالله ما من قرشية إلا تراك لها كفؤاً قال فرجعت أنا وصاحبي مرة أخرى قال فدخلت علينا تلك المنشية فقالت
أمحمد هذا والذي يحلف به إن جاء لخاطباً فقلت على حياء أجل قال فلم تعصني خديجة ولا أختها فانطلقت إلى أبيها خويلد بن أسد وهو ثمل من الشراب فقالت له هذا ابن أخيك محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يخطب خديجة وقد رضيت خديجة فدعاه فسأله عن ذلك فخطب إليه فأنكحه قال فخلقت خديجة أباها وحلت عليه حلة فدخل عليه بها رسول الله فلما صحا الشيخ من سكره قال ما هذا الخلوق وما هذه الحلة قالت أخت خديجة هذه حلة كساكها ابن أخيك محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أنكحته خديجة وقد بنى بها فأنكر الشيخ ثم صار إلى أن سلم ذلك واستحيا قال فطفقت رجاز من رجاز قريش تقول
(لا تزهدي خديج في محمد جلد يضيء كإضاء الفرقد)
فلبث رسول الله مع خديجة حتى ولدت له بعض بناته وكان له ولها القاسم
وقد زعم بعض العلماء أنها ولدت له غلاماً يسمى الطاهر
وقال بعضهم ما نعلمها ولدت غلاماً إلا القاسم وولدت بناته الأربع زينب وفاطمة ورقية وأم كلثوم
وطفق رسول الله بعد ما ولدت بعض بناته يحبب إليه الخلاء
قلت هذا الحديث عن الزهري رحمنا الله وإياه يجمع بيان أحوال من أحوال رسول الله إلا أنه على ما كان عنده من تقدم عام الفيل على ولادة رسول الله
وقد روينا عن غيره أن ولادة النبي كانت عام الفيل فسبيلنا أن نبدأ في شواهد ما روينا عن الزهري بحديث زمزم
ما جاء في حفر زمزم على طريق الاختصار
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال
حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري عن مرثد بن عبد الله اليزني عن عبد الله بن زرير الغافقي قال سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول وهو يحدث حديث زمزم قال
بينا عبد المطلب نائم في الحجر أتي فقيل له احفر برة فقال وما برة ثم ذهب عنه حتى إذا كان الغد نام في مضجعه ذلك فأتي فقيل له احفر المضنونة قال وما مضنونة ثم ذهب عنه حتى إذا كان الغد عاد فنام في مضجعه ذلك فأتي فقيل له احفر طيبة فقال وما طيبة ثم ذهب عنه فلما كان الغد عاد فنام بمضجعه فأتي فقيل
له احفر زمزم فقال وما زمزم فقال لاتنزف ولا تذم ثم نعت له موضعها فقام يحفر حيث نعت له فقالت له قريش ما هذا يا عبد المطلب فقال أمرت بحفر زمزم فلما كشف عنه وبصروا بالظبي قالوا يا عبد المطلب إن لنا حقا فيها معك إنها لبئر أبينا إسماعيل فقال ما هي لكم لقد خصصت بها دونكم قالوا فحاكمنا قال نعم قالوا بيننا وبينك كاهنة بني سعد بن هذيم وكانت بأشراف الشام قال فركب عبد المطلب في نفر من بني أبيه وركب من كل بطن من أفناء قريش نفر وكانت الأرض إذ ذاك مفاوز فيما بين الشام والحجاز حتى إذا كانوا بمفازة من تلك البلاد فني ماء عبد المطلب وأصحابه حتى أيقنوا بالهلكة فاستسقوا القوم قالوا ما نستطيع أن نسقيكم وإنا لنخاف مثل الذي أصابكم فقال عبد المطلب لأصحابه ماذا ترون قالوا ما رأينا إلا تبع لرأيك فقال إني أرى أن يحفر كل رجل منكم حفرة بما بقي من قوته فكلما مات رجل منكم دفعه أصحابه في حفرته حتى يكون آخركم يدفعه صاحبه فضيعة رجل أهون من ضيعة جميعكم ففعلوا ثم قال والله إن إلقاءنا بأيدينا للموت لا نضرب في الأرض ونبتغي لعل الله عز وجل أن يسقينا عجز فقال لأصحابه ارتحلوا قال فارتحلوا وارتحل فلما جلس
على ناقته فانبعثت به انفجرت عين من تحت خفها بماء عذب فأناخ وأناخ أصحابه فشربوا وسقوا واستقوا ثم دعوا أصحابهم هلموا إلى الماء فقد سقانا الله تعالى فجاءوا واستقوا وسقوا ثم قالوا يا عبد المطلب قد والله قضي لك إن الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة لهو الذي سقاك زمزم انطلق فهي لك فما نحن بمخاصميك
قال ابن إسحاق فانصرفوا ومضى عبد المطلب فحفر فلما تمادى به الحفر وجد غزالين من ذهب وهما الغزالان اللذان كانت جرهم دفنت فيها حين أخرجت من مكة وهي بئر إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام الذي سقاه الله عز وجل حين ظمئ وهو صغير
محمد رافع 52 03-03-2013, 02:00 AM قال ابن إسحاق ووجد عبد المطلب أسيافاً مع الغزالين فقالت قريش لنا معك في هذا يا عبد المطلب شرك وحق فقال لا ولكن هلموا إلى أمر نصف بيني وبينكم نضرب عليها بالقداح فقالوا فكيف نصنع قال اجعلوا للكعبة قدحين ولكم قدحين ولي قدحين فمن خرج له شيءُ كان له فقالوا له قد أنصفت وقد رضينا فجعل قدحين أصفرين للكعبة وقدحين أسودين لعبد المطلب وقدحين أبيضين لقريش ثم أعطوها الذي يضرب بالقداح وقام عبد المطلب يدعو الله ويقول
(لاهم أنت الملك المحمود ربي وأنت المبدئ المعيد)
(وممسك الراسية الجلمود من عندك الطارف والتليد)
(إن شئت ألهمت لما تريد لموضع الحلية والحديد)
(فبين اليوم لما تريد إني نذرت عاهد العهود)
(اجعله رب لي ولا أعود)
وضرب صاحب القداح القداح فخرج الأصفران على الغزالين للكعبة فضربهما عبد المطلب في باب الكعبة فكانا أول ذهب حليته وخرج الأسودان على السيوف والأدراع لعبد المطلب فأخذها وكانت قريش ومن سواهم من العرب في الجاهلية إذا اجتهدوا في الدعاء سجعوا فألفوا الكلام
وكانت فيما يزعمون قلما ترد إذا دعا بها داع
قال ابن إسحاق
فلما حفر عبد المطلب زمزم ودله الله عليها وخصه بها زاده الله تعالى بها شرفاً وخطراً في قومه وعطلت كل سقاية كانت بمكة حين ظهرت وأقبل الناس عليها التماس بركتها ومعرفة فضلها لمكانها من البيت وأنها سقيا الله عز وجل لإسماعيل عليه السلام
نذر عبد المطلب
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق بن يسار قال
وكان عبد المطلب بن هاشم فيما يذكرون قد نذر حين لقي من قريش عند حفر زمزم ما لقي لئن ولد له عشرة نفر ثم بلغوا معه حتى يمنعوه لينحرن أحدهم لله عز وجل عند الكعبة فلما توافى بنوه عشرة الحارث والزبير وحجل وضرار والمقوم وأبو لهب والعباس وحمزة وأبو طالب وعبد الله وعرف أنهم سيمنعونه جمعهم ثم أخبرهم بنذره الذي نذر ودعاهم إلى الوفاء لله تعالى بذلك فأطاعوا
له وقالوا كيف نصنع قال يأخذ كل رجل منكم قدحاً فيكتب فيه اسمه ثم تأتوني ففعلوا ثم أتوه فذكر الحديث بطوله في دخوله على هبل عظيم أصنامهم
قال وكان عبد الله بن عبد المطلب أبو رسول الله أصغر بني أبيه وكان هو والزبير وأبو طالب لفاطمة بنت عمرو بن عائد بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم وكان فيما يزعمون أحب ولد عبد المطلب إليه فلما أخذ صاحب القداح القداح ليضرب بها قام عبد المطلب عند هبل يدعو ألا يخرج القدح على عبد الله فخرج القدح على عبد الله فأخذ عبد المطلب بيده وأخذ الشفرة ثم أقبل به إلى إساف ونائلة الوثنين اللذين تنحر قريش عندهما ذبائحهم لي***ه فقامت إليه قريش من أنديتها فقالوا ماذا تريد يا عبد المطلب قال أ***ه
قال ابن إسحاق وذكروا أن العباس بن عبد المطلب اجتره من تحت رجل أبيه حتى خدش وجه عبد الله خدشاً لم يزل في وجهه حتى مات فقالت قريش وبنوه والله لا ت***ه أبداً ونحن أحياء حتى نعذر فيه ولئن فعلت هذا لا يزال رجل منا يأتي ابنه حتى ي***ه فما بقاء الناس على ذلك وقال المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وكان عبد الله بن عبد المطلب ابن أخت القوم والله لا ت***ه أبداً حتى نعذر فيه فإن كان فداء فديناه بأموالنا
وذكر أشعارهم في ذلك إلى أن قال
فقالت له قريش وبنوه لا تفعل وانطلق إلى الحجاز فإن به عراقة يقال لها سجاع لها تابع فسلها ثم أنت على رأس أمرك فقال نعم فانطلقوا حتى جاءوها وهي فيما يزعمون بخيبر فسألوها فقالت ارجعوا عني اليوم حتى يأتيني تابعي فأسأله فخرج عبد المطلب يدعو الله
قال ثم غدوا إليها فقالت نعم قد جاءني تابعي بالخبر فكم الدية فيكم فقالوا عشر من الإبل وكانت كذلك قالت فارجعوا إلى بلادكم فقدموا صاحبكم وقدموا عشراً من الإبل ثم اضربوا عليه بالقداح فإن خرجت القداح على صاحبكم فزيدوا من الإبل حتى يرضى ربكم فإذا خرجت القداح على الإبل فقد رضي ربكم فانحروها ونجا صاحبكم فخرجوا حتى قدموا مكة وفعلوا
وذكر الحديث بطوله في سجع عبد المطلب ودعواته وخروج السهم على عبد الله وزيادة عشر عشر من الإبل كلما خرج السهم عليه حتى بلغت الإبل مائة
وقام عبد المطلب يدعو الله تعالى ثم ضربوا فخرج السهم على الإبل فقالت قريش ومن حضره قد انتهى رضا ربك وخلص لك
ابنك فقال عبد المطلب لا والله حتى أضرب عليها ثلاث مرات فضربوا فخرج على الإبل في المرات الثلاث فنحرت ثم تركت لا يصد عنها أحد
محمد رافع 52 03-03-2013, 02:08 AM تزوج عبد الله بن عبد المطلب أبي النبي بآمنة بنت وهب وحملها برسول الله ووضعها إياه
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال
ثم انصرف عبد المطلب آخذاً بيد عبد الله فمر به فيما يزعمون على امرأة من بني أسد بن عبد العزى بن قصي وهي عند الكعبة فقالت له حين نظرت إلى وجهه أين تذهب يا عبد الله فقال مع أبي قالت لك عندي من الإبل مثل التي نحرت عنك وقع على الآن فقال لها إن معي أبي الآن لا أستطيع خلافه ولا فراقه ولا أريد أن أعصيه شيئاً فخرج به عبد المطلب حتى أتى به وهب بن عبد مناف بن زهرة ووهب يومئذ سيد بني زهرة نسباً وشرفاً فزوجه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش نسباً وموضعاً
وهي لبرة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي وأم برة أم حبيب بنت أسد بن عبد العزى بن قصي وأم حبيب بنت أسد لبرة بنت عوف ابن عبيد يعني ابن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي
قال وذكروا أنه دخل عليها حين ملكها مكانه فوقع عليه عبد الله فحملت برسول الله قال ثم خرج من عندها حتى أتى المرأة التي قالت له ما قالت وهي أخت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى وهي في مجلسها فجلس إليها وقال لها مالك لا تعرضين علي اليوم مثل الذي عرضت أمس فقالت قد فارقك النور الذي كان فيك فليس لي بك اليوم حاجة وكانت فيما زعموا تسمع من أخيها ورقة بن نوفل وكان قد تنصر واتبع الكتب يقول إنه لكائن في هذه الأمة نبي من بني إسماعيل فقالت في ذلك شعراً واسمها أم قتال بنت نوفل بن أسد
(ألآن وقد ضيعت ما كنت قادراً عليه وفارقك الذي كان جاءكا)
(غدوت علي حافلاً قد بذلته هناك لغيري فالحقن بشانكا)
(ولا تحسبني اليوم خلواً وليتني أصبت جنيناً منك يا عبد داركا)
(ولكن ذاكم صار في آل زهرة به يدعم الله البرية ناسكا)
وقالت أيضاً
(عليك بآل زهرة حيث كانوا وآمنة التي حملت غلاما)
(ترى المهدي حين ترى عليه ونوراً قد تقدمه أماما)
وذكرت أبياتاً وقالت فيها
(فكل الخلق يرجوه جميعا يسود الناس مهتدياً إماما)
(براه الله من نور صفاء فأذهب نوره عنا الظلاما)
(وذلك صنع ربك إذ حباه إذا ما سار يوماً أو أقاما)
(فيهدي أهل مكة بعد كفر ويفرض بعد ذلكم الصياما)
قلت وهذا الشيء قد سمعته من أخيها قد سمعته من أخيها في صفة رسول الله ويحتمل أن كانت أيضا امرأة عبد الله مع آمنة
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال حدثني والدي إسحاق بن يسار قال
حدثت أنه كان لعبد الله بن عبد المطلب امرأة مع آمنة بنت وهب بن عبد مناف فمر بامرأته تلك وقد أصابه أثر من طين عمل به فدعاها إلى نفسه فأبطأت عليه لما رأت من أثر الطين فدخل فغسل عنه أثر الطين ثم دخل عامداً إلى آمنة ثم دعته صاحبته التي كان أراد إلى نفسها فأبى للذي صنعت به أول مرة فدخل على آمنة فأصابها ثم خرج فدعاها إلى نفسه فقالت لا حاجة لي بك مررت بي وبين عينيك غرة فرجوت أن أصيبها
منك فلما دخلت على آمنة ذهبت بها منك
قال ابن إسحاق فحدثت أن امرأته تلك كانت تقول لمر بي وإن بين عينيه لنوراً مثل الغرة ودعوته له رجاء أن يكون لي فدخل على آمنة فأصابها فحملت برسول الله
أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي رحمه الله قال حدثنا أبو الأحرز محمد بن عمر بن جميل الأزدي قال حدثنا محمد ابن يونس القرشي قال حدثنا يعقوب بن محمد الزهري
ح وحدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء قال حدثنا أبو جعفر محمد ابن محمد بن عبد الله البغدادي قال حدثنا هاشم بن مرثد الطبراني قال حدثنا يعقوب بن محمد الزهري قال حدثنا عبد العزيز بن عمران قال حدثنا عبد الله بن جعفر عن ابن عون عن المسور بن مخرمة عن ابن عباس عن أبيه قال
قال عبد المطلب قدمت اليمن في رحلة الشتاء فنزلت على حبر من اليهود فقال لي رجل من أهل الزبور يا عبد المطلب أتأذن لي أن أنظر إلى بدنك فقلت أنظر ما لم يكن عورة قال ففتح إحدى منخري فنظر فيه ثم نظر في الآخر فقال أشهد أن في إحدى يديك ملكاً وفي الأخرى نبوة وأرى ذلك في بني زهرة فكيف ذلك فقلت لا أدري قال هل لك من شاعة قال قلت وما الشاعة قال زوجة قلت
أما اليوم فلا قال إذا قدمت فتزوج فيهن فرجع عبد المطلب إلى مكة فتزوج هالة بنت وهب بن عبد مناف فولدت له حمزة وصفية وتزوج عبد الله بن عبد المطلب آمنة بنت وهب فولدت رسول الله فقالت قريش حين تزوج عبد الله آمنة فلج عبد الله على أبيه وقد قيل إنها كانت امرأة من خثعم
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا عبد الوارث بن إبراهيم العسكري قال حدثنا مسدد قال حدثنا مسلمة بن علقمة عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس قال
كانت امرأة من خثعم تعرض نفسها في مواسم الحج وكانت ذات جمال وكان معها أدم تطوف بها كأنها تبيعها فأتت على عبد الله بن عبد المطلب فأظن أنه أعجبها فقالت إني والله ما أطوف بهذا الأدم وما لي إلى ثمنها حاجة وإنما أتوسم الرجل هل أجد كفؤا فإن كانت لك إلي حاجة فقم فقال لها مكانك حتى أرجع إليك فانطلق إلى رحله
فبدأ فواقع أهله فحملت بالنبي فلما رجع إليها قال ألا أراك ههنا قالت ومن كنت قال الذي واعدتك قالت لا ما أنت هو ولئن كنت هو لقد رأيت بين عينيك نوراً ما أراه الآن
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر الفارسي قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو غسان محمد بن يحيى الكناني قال حدثني أبي عن ابن إسحاق قال
كان هشام بن عروة يحدث عن أبيه عن عائشة قالت
كان يهودي قد وسكن مكة يتجر بها فلما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله قال في مجلس من قريش يا معشر قريش هل ولد فيكم الليلة مولود فقال القوم والله ما نعلمه قال الله أكبر أما إذ أخطأكم فلا بأس انظروا واحفظوا ما أقول لكم ولد فيكم هذه الليلة نبي هذه الأمة الأخيرة بين كتفيه علامة فيها شعرات متواترات كأنهن عرف فرس لا يرضع ليلتين وذلك أن عفريتا من الجن أدخل أصبعه في فمه فمنعه الرضاع فتصدع القوم من مجلسهم وهم يتعجبون من قوله وحديثه فلما صاروا إلى منازلهم أخبر كل إنسان منهم أهله فقالوا لقد ولد لعبد الله بن عبد المطلب غلام سموه محمداً فالتقى القوم فقالوا هل سمعتم حديث هذا اليهودي بلغكم مولد هذا الغلام فانطلقوا حتى جاءوا اليهودي فأخبروه الخبر قال فاذهبوا معي حتى أنظر إليه فخرجوا به حتى أدخلوه على آمنة فقال أخرجي إلينا ابنك فأخرجته وكشفوا له عن ظهره فرأى تلك الشامة
فوقع اليهودي مغشياً عليه فلما أفاق قالوا ويلك مالك قال ذهبت والله النبوة من بني إسرائيل أفرحتم به يا معشر قريش أما والله ليسطون بكم سطوة يخرج خبرها من المشرق والمغرب
وكان في النفر الذي قال لهم اليهودي ما قال هشام والوليد ابنا المغيرة ومسافر بن أبي عمرو وعبيدة بن الحارث وعقبة بن ربيعة شاب فوق المحتلم في نفر من بني عبد مناف وغيرهم من قريش
وكذلك رواه محمد بن يحيى الذهلي عن أبي غسان محمد بن يحيى ابن عبد الحميد الكناني
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال
حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني يوسف بن حماد المعني البصري قال حدثنا عبد الأعلى
ح قال وحدثنا يعقوب قال حدثنا عمار قال حدثني سلمة جميعاً عن محمد بن إسحاق قال حدثني صالح بن إبراهيم عن
يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة قال حدثني من شئت من رجال قومي ممن لا أتهم عن حسان بن ثابت قال
إني لغلام يفعة ابن سبع سنين أو ثمان أعقل كلما رأيت وسمعت إذا يهودي بيثرب يصرخ ذات غداة يا معشر يهود فاجتمعوا إليه وأنا أسمع قالوا ويلك مالك قال طلع نجم أحمد الذي ولد به في هذه الليلة
وفي رواية يونس بن بكير الذي يبعث فيه وهو غلط
زاد القطان في روايته قال محمد بن إسحاق فسألت سعيد بن عبد الرحمن بن حسان ابن كم كان حسان مقدم رسول الله المدينة قال ابن ستين سنة
قال محمد وقدم رسول الله المدينة وهو ابن ثلاث وخمسين سنة فسمع حسان ما سمع وهو ابن سبع سنين
وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا أبو بشر مبشر ابن الحسن قال حدثنا يعقوب بن محمد الزهري قال حدثنا عبد العزيز
ابن عمران قال حدثنا عبد الله بن عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم عن أبيه عن ابن أبي سويد الثقفي عن عثمان بن أبي العاص قال
حدثنى أمي أنها شهدت ولادة آمنة بنت وهب رسول الله ليلة ولدته قالت فما شيءُ أنظر إليه في البيت إلا نور وإني لأنظر إلى النجوم تدنو حتى إني لأقول ليقعن علي
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال
وكانت آمنة بنت وهب أم رسول الله تحدث أنها أتيت حين حملت بمحمد فقيل لها إنك قد حملت بسيد هذه الأمة فإذا وقع على الأرض فقولي
(أعيذه بالواحد من شر كل حاسد )
وذكر سائر الأبيات كما مضى
وقال فإن آية ذلك أن يخرج معه نور يملأ قصور بصرى من أرض الشام فإذا وقع فسميه محمداً فإن اسمه في التوراة والإنجيل أحمد
يحمده أهل السماء وأهل الأرض واسمه في القرآن محمد فسمته بذلك فلما وضعته بعثت إلى عبد المطلب جاريتها وقد هلك أبوه عبد الله وهي حبلى ويقال إن عبد الله هلك والنبي ابن ثمانية وعشرين شهراً فالله اعلم أي ذلك كان فقالت قد ولد لك الليلة غلام فانظر إليه فلما جاءها خبرته خبره وحدثته بما رأت حين حملت به وما قيل لها فيه وما أمرت أن تسميه فأخذه عبد المطلب فأدخله على هبل في جوف الكعبة فقام عبد المطلب يدعو الله ويتشكر الله عز وجل الذي أعطاه إياه فقال
(الحمد لله الذي أعطاني هذا الغلام الطيب الأردان)
(قد ساد في المهد على الغلمان أعيذه بالبيت ذي الأركان)
(حتى يكون بلغة الفتيان حتى أراه بالغ البنيان)
(أعيذه من كل ذي شنآن من حاسد مضطرب الجنان)
(ذي همة ليست له عينان حتى أراه رافع اللسان)
(أنت الذي سميت في الفرقان في كتب ثابتة المباني)
(أحمد مكتوب على اللسان )
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أنبأني أحمد بن كامل القاضي شفاهاً أن محمدً بن إسماعيل السلمي حدثهم قال حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن أبي الحكم التنوخي قال
كان المولود إذا ولد من قريش دفعوه إلى نسوة من قريش إلى الصبح فيكفين عليه برمة فلما ولد رسول الله دفعه عبد المطلب إلى نسوة يكفين عليه برمة فلما أصبحن أتين فوجدن البرمة قد انفلقت عليه باثنتين فوجدنه مفتوح العينين شاخصاً ببصره إلى السماء فأتاهن عبد المطلب فقلن له ما رأينا مولوداً مثله وجدناه قد انفلقت عنه البرمة ووجدناه مفتوح العينين شاخصاً ببصره إلى السماء فقال احفظنه فإني أرجو أن يصيب خيراً فلما كان اليوم السابع *** عنه ودعا له قريشاً فلما أكلوا قالوا يا عبد المطلب أرأيت ابنك هذا الذي أكرمتنا على وجهه ما سميته قال سميته محمداً قالوا فلم رغبت به عن أسماء أهل بيته قال أردت أن يحمده الله تعالى في السماء وخلقه في الأرض
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن حاتم الداربجردي بمرو قال حدثنا أبو عبد الله البوشنجي قال حدثنا أبو أيوب سليمان بن سلمة الخبائري قال حدثنا يونس بن عطاء عن عثمان بن ربيعة بن زياد بن الحارث الصدائي بمصر حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس عن أبيه العباس بن عبد المطلب قال
ولد رسول الله مختوناً مسروراً قال فأعجب به جده عبد المطلب وحظي عنده وقال ليكونن لابني هذا شأن فكان له شأن
محمد رافع 52 03-03-2013, 02:12 AM كيف فعل ربك بأصحاب الفيل في السنة التي ولد فيها رسول الله وما كان قبله من أمر تبع على سبيل الاختصار
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق بن يسار قال
ثم إن تبعاً أقبل حتى نزل على المدينة فنزل بوادي قباء فحفر فيها بئراً فهي اليوم تدعى بئر الملك قال وبالمدينة إذ ذاك يهود والأوس والخزرج فنصبوا له فقاتلوه فجعلوا يقاتلونه بالنهار فإذا أمسى أرسلوا إليه بالضيافة إلى اصحابه فلما فعلوا به ذلك ليالي استحيا فأرسل إليهم يريد صلحهم فخرج إليه رجل من الأوس يقال له أحيحة بن الجلاح وخرج إليه من يهود بنيامين القرظي فقال له أحيحة بن الجلاح أيها الملك نحن قومك وقال بنيامين أيها الملك هذه بلدة لا تقدر أن تدخلها لو جهدت بجميع جهدك قال ولم قال لأنها منزل نبي من الأنبياء يبعثه
الله تعالى من قريش وجاء تبعاً مخبر أخبره عن اليمن أنه بعث عليها نار تحرق كل ما مرت به فخرج سريعاً وخرج معه نفر من يهود فيهم بنيامين وغيره وذكر شعراً وقال فيه
(ألقى إلي نصيحة كي أزدجر عن قرية محجوزة بمحمد)
قال ثم خرج يسير حتى إذا كان بالدف من جمدان من مكة على ليلتين أتاه أناس من هذيل بن مدركة وتلك منازلهم فقالوا أيها الملك ألا ندلك على بيت مملوء ذهباً وياقوتاً وزبرجداً تصيبه وتعطينا منه قال بلى فقالوا هو بيت بمكة فراح تبع وهو مجمع لهدم البيت فبعث الله تعالى عليه ريحاً فقفعت يديه ورجليه وشنجت جسده فأرسل إلى من كان معه من يهود فقال ويحكم ما هذا الذي أصابني فقالوا أحدثت شيئاً قال وما أحدثت فقالوا أحدثت نفسك بشيء قال نعم فذكر ما أجمع عليه من هدم البيت وإصابة ما فيه قالوا ذلك بيت الله الحرام ومن أراده هلك قال ويحكم وما المخرج مما دخلت فيه قالوا تحدث نفسك أن تطوف به وتكسوه وتهدي له فحدث نفسه بذلك فأطلقه الله تعالى ثم سار حتى دخل مكة فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة فأري في المنام أن يكسو البيت فكساه
وذكر الحديث في نحره بمكة وإطعامه الناس ثم رجوعه إلى اليمن و***ه وخروج ابنه دوس إلى قيصر واستغاثته به فيما فعل قومه بأبيه
وان قيصر كتب إلى النجاشي ملك الحبشة وأن النجاشي بعث معه ستين ألفاً واستعمل عليهم روزبة حتى قاتلوا حمير ***ه أبيه ودخلوا صنعاء فملكوها وملكوا اليمن وكان في أصحاب روزبة رجل يقال له أبرهة بن الأشرم وهو أبو يكسوم فقال لروزبة أنا أولى بهذا الأمر منك و***ه مكراً وأرضى النجاشي
ثم إنه بنى كعبة باليمن وجعل فيها قباباً من ذهب وأمر أهل مملكته بالحج بها يضاهي بذلك البيت الحرام وأن رجلاً من بني ملكان بن كنانة وهو من الحمس خرج حتى قدم اليمن فدخلها فنظر إليها ثم قعد فيها يعني لحاجة الإنسان فدخلها أبرهة فوجد تلك العذرة فيها فقال من اجترأ علي بهذا فقال له أصحابه أيها الملك هذا رجل من أهل ذلك البيت الذي يحجه العرب قال فعلي اجترأ بهذا ونصرانيتي لأهدمن ذلك البيت ولنخربنه حتى لا يحجه حاج أبداً فدعا بالفيل وأذن في قومه بالخروج ورحل ومن اتبعه من أهل اليمن وكان أكثر من تبعه منهم عك والأشعريون وخثعم فخرجوا يرتجزون
(إن البلد لبلد مأكول تأكله عك والأشعريون والفيل)
قال ثم خرج يسير حتى إذا كان ببعض طريقه بعث رجلا من بني سليم ليدعو الناس إلى حج بيته الذي بناه فتلقاه أيضاً رجل من الحمس من بني كنانة ف***ه فازداد بذلك لما بلغه حنقا وجرأة وأحث السير
والانطلاق وطلب من أهل الطائف دليلاً فبعثوا معه رجلاً من هذيل يقال له نفيل فخرج بهم يهديهم حتى إذا كانوا بالمغمس نزلوا المغمس من مكة على ستة أميال فبعثوا مقدماتهم إلى مكة فخرجت قريش متفرقين عباديد في رؤوس الجبال وقالوا لا طاقة لنا بقتال هؤلاء القوم فلم يبق بمكة أحد إلا عبد المطلب بن هاشم أقام على سقايته وغير شيبة بن عثمان بن عبد الدار أقام على حجابة البيت فجعل عبد المطلب يأخذ بعضادتي الباب ثم يقول
(لا هم إن العبد يم نع رحله فامنع حلالك)
(لا يغلبوا بصليبهم ومحالهم عدواً محالك)
(إن كنت تاركهم وكع بتنا فأمر ما بدا لك)
يقول أي شيء ما بدا لك لم تكن تفعله بنا
ثم إن مقدمات أبرهة أصابت نعماً لقريش فأصابت فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم فلما بلغه ذلك خرج حتى انتهى إلى القوم وكان حاجب أبرهة رجلا من الأشعريين وكانت له بعبد المطلب معرفة قبل ذلك فلما انتهى إليه عبد المطلب قال الأشعري ما حاجتك قال حاجتي أن تستأذن لي على الملك فدخل عليه حاجبه فقال له أيها الملك جاءك سيد قريش الذي يطعم إنسها في السهل ووحشها في الجبل فقال إئذن له وكان عبد المطلب رجلاً جسيماً جميلاً فأذن له فدخل عليه فلما أن رآه أبو يكسوم أعظمه أن يجلسه تحته وكره أن يجلس معه على سريره فنزل من سريره فجلس على الأرض وأجلس عبد المطلب معه ثم قال ما حاجتك قال حاجتي مائتا بعير أصابتها لي مقدمتك فقال ابو يكسوم والله لقد رأيتك فأعجبتني ثم تكلمت فزهدت فيك فقال له ولم أيها الملك قال لأني جئت إلى بيت هو منعتكم من العرب وفضلكم في الناس وشرفكم عليهم ودينكم الذي تعبدون فجئت لأكسره وأصيبت لك مائتا بعير فسألتك عن حاجتك فكلمتني في إبلك
ولم تطلب إلي في بيتكم فقال له عبد المطلب أيها الملك إنما أكلمك في مالي ولهذا البيت رب هو يمنعه لست أنا منه في شيء فراع ذلك أبا يكسوم وأمر برد إبل عبد المطلب عليه ثم رجع وأمسك ليلتهم تلك ليلة كالحة نجومها كأنها تكلمهم كلاماً لاقترابها منهم فأحست أنفسهم بالعذاب وخرج دليلهم حتى دخل الحرم وتركهم وقالم الأشعريون وخثعم فكسروا رماحهم وسيوفهم وبرئوا إلى الله تعالى أن يعينوا على هدم البيت فباتوا كذلك بأخبث ليلة ثم أدلجوا بسحر فبعثوا فيلهم يريدون أن يصبحوا بمكة فوجهوه إلى مكة فربض فضربوه فتمرغ فلم يزالوا كذلك حتى كادوا أن يصبحوا
ثم إنهم أقبلوا على الفيل فقالوا لك الله ألا يوجهك إلى مكة فجعلوا يقسمون له ويحرك أذنيه فأخذ عليهم حتى إذا أكثروا من أنفسهم انبعث فوجهوه إلى اليمن راجعاً فتوجه يهرول فعطفوه حين رأوه منطلقاً حتى إذا ردوه إلى مكانه الأول ربض وتمرغ فلما رأوا ذلك أقسموا له وجعل يحرك أذنيه فأخذ عليهم حتى إذا أكثروا انبعث فوجهوه إلى اليمن فتوجه يهرول فلما رأوا ذلك ردوه فرجع بهم حتى إذا كان في مكانه الأول ربض فضربوه فتمرغ فلم يزالوا كذلك يعالجوه حتى كان مع طلوع الشمس طلعت عليهم الطير معها وطلعت عليهم طير من البحر أمثال اليحاميم سود فجعلت ترميهم وكل طائر في منقاره حجر وفي رجليه
حجران فإذا رمت بتلك مضت وطلعت أخرى فلا يقع حجر من حجارتهم تلك على بطن إلا خرقه ولا عظم إلا أوهاه وثقبه وثاب أبو يكسوم راجعاً قد أصابته بعض الحجارة فجعل كلما قدم أرضاً انقطع منه فيها إرب حتى إذا انتهى إلى اليمن ولم يبق منه شيءُ إلا باده فلما قدمها انصدع صدره وانشق بطنه وهلك ولم يصب من خثعم والأشعريين أحد
وذكر ما قالوا في ذلك من الشعر قال وقال عبد المطلب وهو يرتجز ويدعو على الحبشة ويقول
(يا رب لا أرجو لهم سواكا يا رب فامنع منهم حماكا)
(إن عدو البيت من عاداكا إنهم لن يقهروا قواكا)
قلت كذا قال محمد بن إسحاق بن يسار في شأن عبد المطلب وأبرهة
وقد حدثنا محمد بن عبد الله الحافظ إملاء قال حدثنا أبو زكريا العنبري قال حدثنا محمد بن عبد السلام قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا جرير عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس قال
أقبل أصحاب الفيل حتى إذا دنوا من مكة استقبلهم عبد المطلب فقال لملكهم ما جاء بك إلينا ألا بعثت فنأتيك بكل شيء أردت فقال أخبرت بهذا البيت الذي لا يدخله أحدٌ إلا أمن فجئت أخيف أهله فقال إنا نأتيك بكل شيء تريد فارجع فأبى إلا أن يدخله وانطلق يسير نحوه وتخلف عبد المطلب فقام على جبل فقال لا أشهد مهلك هذا البيت وأهله ثم قال
(اللهم إن لكل إله حلالاً فامنع حلالك)
(لا يغلبن محالهم أبداً محالك)
(اللهم فإن فعلت فأمر ما بدا لك)
فأقبلت مثل السحابة من نحو البحر حتى أظلتهم طير أبابيل التي قال الله تبارك وتعالى (ترميهم بحجارة من سجيل) قال فجعل الفيل يعج عجا (فجعلهم كعصفٍ مأكول)
وعندي في هذا قصة أخرى طويلة بإسناد منقطع وفيما ذكرنا فيما قصدناه كفاية
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين عن عبد الله بن عباس في قوله تعالى (وأرسل عليهم طيراً أبابيل ترميهم) قال طير لها خراطيم كخراطيم
الطير وأكف كأكف الكلاب
وحدثنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي قال حدثنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله (طيراً أبابيل) يقول يتبع بعضها بعضاً وفي قوله (كعصف مأكول) يقول التبن
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال حدثنا أحمد بن عبيد قال حدثنا محمد بن العباس المؤدب قال حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن ابن مسعود في قوله (طيراً أبابيل) قال فرق
أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن محمد بن قتادة قال حدثنا أبو منصور العباس بن الفضل النضروي قال حدثنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا خالد بن عبد الله عن حصين عن عكرمة في قوله (طيراً أبابيل) يقول كانت طيراً نشأت من قبل البحر لها مثل رؤوس السباع لم تر قبل ذلك ولا بعده فأثرت في جلودهم أمثال الجدري فإنه لأول ما رؤي الجدري
قال وحدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن عبيد بن عمير الليثي قال
لما أراد الله عز وجل أن يهلك أصحاب الفيل بعث عليهم طيراً نشأت
من البحر كأنها الخطاطيف بلق كل طير منها معه ثلاثة أحجار مجزعة في منقاره حجر وحجران في رجليه ثم جاءت حتى صفت على رؤوسهم ثم صاحت وألقت ما في أرجلها ومناقيرها فما من حجر وقع منها على رجل إلا خرج من الجانب الآخر إن وقع على رأسه خرج من دبره وإن وقع على شيء من جسده خرج من جانب آخر
قال وبعث الله ريحا شديدة فضربت أرجلها فزادها شدة فأهلكوا جميعا
وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال حدثنا أحمد بن عبيد قال حدثنا أبو عمران التستري قال حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي قال حدثنا ثابت بن يزيد قال حدثنا هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس قال
جاء أصحاب الفيل حتى نزلوا الصفاح فجاءهم عبد المطلب جد النبي فقال إن هذا بيت الله تعالى لم يسلط الله عليه أحداً قالوا لا نرجع حتى نهدمه قال وكانوا لا يقدمون فيلهم إلا تأخر فدعا الله الطير الأبابيل فأعطاها حجارة سوداً عليها الطين فلما حاذتهم رمتهم فما بقي منهم أحد إلا أخذته الحكة فكان لا يحك إنسان منهم جلده إلا تساقط لحمه
أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد قال حدثنا أبو الحسن علي بن حسن المصري قال حدثنا محمد بن إسماعيل السلمي قال حدثنا أبو صالح قال حدثني الليث قال حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن ابن شهاب عن محمد بن عروة عن عبد الله بن الزبير أن رسول الله قال
إنما سمي الله البيت العتيق لأن الله تعالى أعتقه من الجبابرة فلم يظهر عليه جبار قط
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال
حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة عن عائشة زوج النبي قالت
لقد رأيت قائد الفيل وسائسه أعميين مقعدين يستطعمان بمكة
محمد رافع 52 03-03-2013, 02:14 AM ما جاء في ارتجاس ايوان كسرى وسقوط شُرفه ورؤيا الموبذان وخمود النيران وغير ذلك من الآيات ليلة ولد رسول الله
أخبرنا أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد رحمه الله قال أخبرنا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي ح وحدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن محمد بن موسى السلمي قال أخبرنا الحسين بن علي بن محمد بن يحيى ومحمد بن محمد بن داود وإبراهيم ابن محمد النصراباذي واللفظ للحسين قالوا حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس قال حدثنا علي بن حرب الموصلي قال حدثنا أبو أيوب يعلى بن عمران من ولد جرير بن عبد الله البجلي قال حدثنا مخزوم بن هانئ المخزومي عن أبيه وأتت عليه مائة وخمسون سنة قال
لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله ارتجس إيوان كسرى وسقطت منه أربع عشرة شرفة وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك
بألف عام وغاضت بحيرة ساوة ورأى الموبذان إبلا صعاباً تقود خيلا عراباً قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها
فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك وتصبر عليه تشجعاً ثم رأى أن لا يدخر ذلك عن وزرائه ومرازبته حين عيل صبره فجمعهم ولبس تاجه وقعد على سريره ثم بعث إليهم فلما اجتمعوا عنده قال أتدرون فيما بعثت إليكم قالوا لا إلا أن يخبرنا الملك بذلك فبيناهم كذلك إذ أتاه كتاب بخمود نار فارس فازداد غما إلى غمه ثم أخبرهم بما هاله فقال الموبذان وأنا أصلح الله الملك قد رأيت في هذه الليلة ثم قص عليه رؤياه في الإبل قال أي شيء يكون هذا يا موبذان وكان أعلمهم في أنفسهم قال حدث يكون من ناحية العرب فكتب كسرى عند ذلك من ملك الملوك كسرى إلى النعمان بن المنذر أما بعد فوجه إلي برجل عالم بما أريد أن أسأله عنه فوجه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن حيان بن بقيلة الغساني فلما قدم عليه قال ألك علم بما أريد أن أسألك عنه قال يسألني أو يخبرني الملك فإن كان عندي منه علم أخبرته وإلا دللته على من يعلمه قال فأخبره بما رأى قال علم ذلك عند خال لي يسكن مشارف الشام يقال له سطيح قال فاذهب إليه فاسأله وائتني بتأويل ما عنده فنهض عبد المسيح حتى قدم على سطيح وقد أشفى على الموت فسلم عليه وحياه فلم يحر جواباً فأنشد عبد المسيح يقول
(أصم أم يسمع غطريف اليمن أم فاد فازلم به شأو العنن)
(يا فاصل الخطة أعيت من ومن وكاشف الكربة عن وجه غضن)
(أتاك شيخ الحي من آل سنن وأمه من آل ذئب بن حجن)
(أرزق بهم الناب صوار الأذن أبيض فضفاض الرداء والبدن)
(رسول قيل العجم يسرى بالرسن لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن)
(تجوب بي الأرض علنداة شزن ترفعني وجناً وتهوي بي وجن)
(حتى أتى عاري الجآجي والقطن تلفه في الريح بوغاء الدمن)
(كأنما حثحث من حضني ثكن )
قال ففتح سطيح عينيه ثم قال عبد المسيح على جمل مسيح إلى سطيح وقد أوفى على الصريح بعثك ملك بني ساسان لارتجاس الإيوان وخمود النيران ورؤيا الموبذان رأى إبلا صعاباً تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة وظهر صاحب الهراوة وفاض وادي السماوة وغاضت بحيرة ساوة وخمدت نار فارس فليس الشام لسطيح شاما يملك منهم ملوك وملكات
على عدد الشرفات وكل ما هو آت آت ثم قضى سطيح مكانه فنهض عبد المسيح إلى رحله وهو يقول
(شمر فإنك ماضي الهم شمير لا يفزعنك تفريق وتغيير)
(إن يمس ملك بني ساسان أفرطهم فإن ذلك أطوار دهارير)
(فربما ربما أضحوا بمنزلة يهاب صولتها الأسد المهاصير)
(منهم أخو الصرح بهرام وإخواته والهرمزان وسابور وسابور)
(والناس أولاد علات فمن علموا أن قد أقل فمحقور ومهجور)
(وهم بنوا الأم إما إن رأوا نشباً فذاك بالغيب محفوظ ومنصور)
(والخير والشر مقرونان في قرن والخير متبع والشر محذور)
قال فلما قدم عبد المسيح على كسرى فأخبره بقول سطيح فقال إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكاً كانت أمور وأمور فملك منهم عشرة في أربع سنين والباقون إلى أن *** عثمان بن عفان رضي الله عنه
قلت ولسطيح قصة أخرى في إخباره حين قدم مكة من لقيه من قريش منهم عبد مناف بن قصي بأحوال النبي وخلفائه بعده
وله قصة أخرى ولشق في تأويل رؤيا ربيعة بن نصر اللخمي
محمد رافع 52 03-03-2013, 02:19 AM ذكر رضاع النبي ومرضعته وحاضنته
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو
العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال
فدفع رسول الله إلى أمه والتمس له الرضعاء واسترضع له من حليمة بنت أبي ذويب وأبو ذؤيب عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر
واسم أبي رسول الله الذي أرضعه الحارث بن عبد العزى بن رفاعة بن ملان بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن
وإخوته من الرضاعة عبد الله بن الحارث وأنيسة بنت الحارث وحذافة بنت الحارث وهي الشيماء غلب عليها ذلك فلا تعرف في قومها إلا به وهي لحليمة بنت أبي ذؤيب أم رسول الله
وذكروا أن الشيماء كانت تحضن رسول الله مع أمه إذ كان عندهم
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير قال حدثنا ابن إسحاق قال
حدثني جهم بن أبي جهم مولى لامرأة من بني تميم كانت عند الحارث بن حاطب فكان يقال مولى الحارث بن حاطب قال حدثني من سمع عبد الله بن جعفر بن أبي طالب يقول
حدثت عن حليمة بنت الحارث أم رسول الله التي أرضعته أنها قالت
قدمت مكة في نسوة من بني سعد بن بكر ألتمس بها الرضعاء وفي سنة شهباء فقدمت على أتان لي قمراء كانت أذمت بالركب ومعي صبي لنا وشارف لنا والله ما تبض بقطرة وما ننام ليلنا ذلك أجمع مع صبينا ذاك ما يجد في ثديي ما يغنيه ولا في شارفنا ما يغذيه فقدمنا مكة فوالله ما علمت منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله فتأباه إذا قيل إنه يتيم تركناه قلنا ماذا عسى أن تصنع إلينا أمه إنما نرجو المعروف من أب الوليد وأما أمه فماذا عسى أن تصنع إلينا فوالله ما بقي من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعاً غيري فلما لم أجد رضيعاً غيره قلت لزوجي الحارث بن عبد العزى والله إني لأكره أن أرجع
من بين صواحبي ليس معي رضيع لأنطلقن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه فقال لا عليك فذهبت فأخذته فوالله ما أخذته إلا أني لم أجد غيره فما هو إلا أن أخذته فجئت به إلى رحلي فأقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن فشرب حتى روي وشرب أخوه حتى روي وقام صاحبي إلى شارفنا تلك فإذا إنها لحافل فحلب ما شرب وشربت حتى روينا فبتنا بخير ليلة فقال صاحبي يا حليمة والله إني لأراك قد أخذت نسمة مباركة ألم تري ما بتنا به الليلة من الخير والبركة حين أخذناه فلم يزل الله عز وجل يزيدنا خيراً حتى خرجنا راجعين إلى بلادنا فوالله لقطعت أتاني بالركب حتى ما يتعلق بها حمار حتى إن صواحباتي يقلن ويلك يا ابنة أبي ذؤيب أهذه أتانك التي خرجت عليها معنا فأقول نعم والله إنها لهي فيقلن والله إن لها لشأنا حتى قدمنا أرض بني سعد وما أعلم أرضاً من أرض الله تعالى أجدب منها فإن كانت غنمي لتسرح ثم تروح شباعاً لبناً فنحلب ما شئنا وما حولنا أحد تبض له شاة بقطرة لبن وإن أغنامهم لتروح جياعاً حتى إنهم ليقولون لرعيانهم ويحكم انظروا حيث تسرح غنم ابنة أبي ذؤيب فاسرحوا معهم فيسرحون مع غنمي حيث تسرح فيريحون أغنامهم جياعاً ما فيها قطرة لبن وتروح غنمي شباعاً لبناً نحلب ما شئنا فلم يزل الله تعالى يرينا البركة ونتعرفها حتى بلغ سنتيه فكان يشب شباباً لا يشبه
الغلمان فوالله ما بلغ السنتين حتى كان غلاماً جفراً فقدمنا به على أمه ونحن أضن شيء به مما رأينا فيه من البركة فلما رأته أمه قلنا لها يا ظئر دعينا نرجع ببنينا هذه السنة الأخرى فإنا نخشى عليه وباء مكة فوالله ما زلنا بها حتى قالت فنعم فسرحته معنا فأقمنا به شهرين أو ثلاثة فبينا هو خلف بيوتنا مع أخ له من الرضاعة في بهم لنا جاءنا أخوه ذلك يشتد فقال ذاك أخي القرشي قد جاءه رجلان عليهما ثياب بياض فأضجعاه فشقا بطنه فخرجت أنا وأبوه نشتد نحوه فنجده قائماً منتقعاً لونه فاعتنقه أبوه فقال أي بني ما شأنك فقال جاءني رجلان عليهما ثياب بياض فأضجعاني فشقا بطني ثم استخرجا منه شيئاً فطرحاه ثم رداه كما كان فرجعنا به معنا فقال أبوه يا حليمة لقد خشيت أن يكون ابني قد اصيب فانطلقي بنا فلنرده إلى أهله قبل أن يظهر فيه ما نتخوف قالت حليمة فاحتملناه فلم ترع أمه إلا به قد قدمنا به عليها فقالت ما ردكما به فقد كنتما عليه حريصين فقلنا لها لا والله يا ظئر إلا أن الله تعالى قد أدى عنا وقضينا الذي علينا فقلنا نخشى الإتلاف والأحداث نرده على أهله قالت ما ذاك بكما فاصدقاني شأنكما فلم تدعنا حتى أخبرناها خبره قالت أخشيتما عليه الشيطان كلا والله ما للشيطان عليه سبيل وإنه لكائن لابني هذا شأن ألا أخبركما
خبره قلنا بلى قالت حملت به فما حملت حملاً قط أخف منه فأريت في المنام حين حملت به كأنه خرج مني نور أضاءت له قصور الشام ثم وقع حين ولدته وقوعاً ما يقعه المولود معتمداً على يديه رافعاً رأسه إلى السماء فدعاه عنكما
قلت وقد روى محمد بن زكريا الغلابي بإسناده عن ابن عباس عن حليمة هذه القصة بزيادات كثيرة وهي لي مسموعة إلا أن محمد بن زكريا هذا متهم بالوضع فالاقتصار على ما هو معروف عند أهل المغازي أولى والله أعلم
ثم إني استخرت الله تعالى في إيرادها فوقعت الخيرة على إلحاقه بما تقدمه من نقل أهل المغازي لشهرته بين المذكورين
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن يوسف العماني قال حدثنا محمد بن زكريا الغلابي حدثنا يعقوب بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس قال حدثني أبي عن أبيه سليمان بن علي عن أبيه علي بن عبد الله بن عباس عن عبد الله بن عباس قال
كانت حليمة بنت أبي ذؤيب التي أرضعت النبي تحدث أنها لما فطمت رسول الله تكلم قالت سمعته يقول كلاماً عجيباً سمعته
يقول الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً فلما ترعرع كان يخرج فينظر إلى الصبيان يلعبون فيجتنبهم فقال لي يوماً من الأيام يا أماه مالي لا أرى إخوتي بالنهار قلت فدتك نفسي يرعون غنماً لنا فيروحون من ليل إلى ليل فأسبل عينيه فبكى فقال يا أماه فما أصنع ههنا وحدي ابعثيني معهم قلت أوتحب ذلك قال نعم قالت فلما أصبح دهنته وكحلته وقمصته وعمدت إلى خرزة جزع يمانية فعلقت في عنقه من العين وأخذ عصاً وخرج مع إخوته فكان يخرج مسروراً ويرجع مسروراً فلما كان يوماً من ذلك خرجوا يرعون بهماً لنا حول بيوتنا فلما انتصف النهار إذا أنا بابني ضمرة يعدو فزعاً وجبينه يرشح قد علاه البهر باكياً ينادي يا أبت يا أبه ويا أمه الحقا أخي محمداً فما تلحقاه إلا ميتاً قلت وما قصته قال بينا ونحن قيام نترامى ونلعب إذ أتاه رجل فاختطفه من أوساطنا وعلا به ذروة الجبل ونحن ننظر إليه حتى شق من صدره إلى عانته ولا أدري ما فعل به ولا أظنكما تلحقاه أبداً إلا ميتاً قالت فأقبلت أنا وأبوه تعني زوجها نسعى سعياً فإذا نحن به قاعداً على ذروة الجبل شاخصاً ببصره إلى السماء يتبسم ويضحك فأكببت عليه وقبلت بين عينيه وقلت فدتك نفسي ما الذي دهاك قال خيراً يا أماه بينا أنا الساعة قائم على إخوتي إذ أتاني رهط ثلاثة بيد أحدهم إبريق فضة وفي يد الثاني طست من زمردة خضراء ملؤها ثلج فأخذوني فانطلقوا بي إلى ذروة الجبل فأضجعوني على الجبل إضجاعاً لطيفاً ثم شق من صدري إلى عانتي وأنا أنظر إليه فلم أجد لذلك حساً ولا ألماً ثم أدخل يده في
جوفي فأخرج أحشاء بطني فغسلها بذلك الثلج فأنعم غسلها ثم أعادها وقام الثاني فقال للأول تنح فقد أنجزت ما أمرك الله به فدنا مني فأدخل يده في جوفي فانتزع قلبي وشقه فأخرج منه نكتة سوداء مملوءة بالدم فرمى بها فقال هذا حظ الشيطان منك يا حبيب الله ثم حشاه بشيء كان معه ورده مكانه ثم ختمه بخاتم من نور فأنا الساعة أجد برد الخاتم في عروقي ومفاصلي وقام الثالث فقال تنحيا فقد أنجزتما ما أمر الله فيه ثم دنا الثالث مني فأمر يده ما بين مفرق صدري إلى منتهى عانتي قال الملك زنوه بعشرة من أمته فوزنوني فرجحتهم ثم قال دعوه فلو وزنتموه بأمته كلها لرجح بهم ثم أخذ بيدي فأنهضني إنهاضاً لطيفاً فأكبوا علي وقبلوا رأسي وما بين عيني وقالوا يا حبيب الله إنك لن تراع ولو تدري ما يراد بك من الخير لقرت عيناك وتركوني قاعداً في مكاني هذا ثم جعلوا يطيرون حتى حيال السماء وأنا أنظر إليهما ولو شئت لأريتك موضع دخولهما قالت فاحتملته فأتيت به منزلاً من منازل بني سعد بن بكر فقال لي الناس اذهبي به إلى الكاهن حتى دخلوا ينظر إليه ويداويه فقال ما بي شيء مما تذكرون وإني أرى نفسي سليمة وفؤادي صحيح بحمد الله فقال الناس أصابه لمم أو طائف من الجن قالت فغلبوني على رأيي فانطلقت به إلى الكاهن فقصصت عليه القصة قال دعيني أنا أسمع منه فإن الغلام أبصر بأمره منكم تكلم يا غلام قالت حليمة فقص ابني محمد قصته ما بين أولها إلى آخرها فوثب الكاهن قائماً على قدميه فضمه إلى صدره ونادى بأعلى صوته يا آل العرب يا آل
العرب من شر قد اقترب ا***وا هذا الغلام وا***وني معه فإنكم إن تركتموه وأدرك مدرك الرجال ليسفهن أحلامكم وليكذبن أديانكم وليدعونكم إلى رب لا تعرفونه ودين تنكرونه
قالت فلما سمعت مقالته انتزعته من يده وقلت لأنت أعته منه وأجن ولو علمت أن هذا يكون من قولك ما أتيتك به اطلب لنفسك من ي***ك فإنا لا ن*** محمداً فاحتملته فأتيت به منزلي فما أتيت يعلم الله منزلاً من منازل بني سعد بن بكر إلا وقد شممنا منه ريح المسك الأذفر وكان في كل يوم ينزل عليه رجلان أبيضان فيغيبان في ثيابه ولا يظهران فقال الناس رديه يا حليمة على جده عبد المطلب وأخرجيه من أمانتك قالت فعزمت على ذلك فسمعت منادياً ينادي هنيئاً لك يا بطحاء مكة اليوم يرد عليك النور والدين والبهاء والكمال فقد أمنت أن تخذلين أو تحزنين أبد الآبدين ودهر الداهرين قالت فركبت أتاني وحملت النبي بين يدي أسير حتى أتيت الباب الأعظم من أبواب مكة وعليه جماعة فوضعته لأقضي حاجة وأصلح شأني فسمعت هدة شديدة فالتفت فلم أره فقلت معاشر الناس أين الصبي قالوا أي الصبيان قلت محمد ابن عبد الله بن عبد المطلب الذي نضر الله به وجهي وأغنى عيلتي وأشبع جوعتي ربيته حتى إذا أدركت به سروري وأملي أتيت به أرده وأخرج من أمانتي فاختلس من يدي من غير أن تمس قدميه الأرض واللات والعزى لئن لم أره لأرمين بنفسي من شاهق هذا الجبل ولأتقطعن إرباً إرباً فقال الناس إنا لنراك غائبة عن الركبان ما معك محمد قالت قلت الساعة
كان بين أيديكم قالوا ما رأينا شيئاً فلما أيسوني وضعت يدي على رأسي فقلت وامحمداه واولداه أبكيت الجواري الأبكار لبكائي وضج الناس معي بالبكاء حرقة لي فإذا أنا بشيخ كالفاني متوكئاً على عكاز له قالت فقال لي مالي أراك أيها السعدية تبكين وتضجين قالت فقلت فقدت ابني محمداً قال لا تبكين أنا أدلك على من يعلم علمه وإن شاء أن يرده عليك فعل قالت قلت دلني عليه قال الصنم الأعظم قالت ثكلتك أمك كأنك لم تر ما نزل باللات والعزى في الليلة التي ولد فيها محمد قال إنك لتهذين و لا تدرين ما تقولين أنا أدخل عليه وأسأله أن يرده عليك قالت حليمة فدخل وأنا أنظر فطاف بهبل أسبوعاً وقبل رأسه ونادى يا سيداه لم تزل منعماً على قريش وهذه السعدية تزعم أن محمداً قد ضل قال فانكب هبل على وجهه فتساقطت الأصنام بعضها على بعض ونطقت أو نطق منها وقالت إليك عنا أيها الشيخ إنما هلاكنا على يدي محمد قالت فأقبل الشيخ لأسنانه اصتكاك ولركبتيه ارتعاداً وقد ألقى عكازه من يده وهو يبكي ويقول يا حليمة لا تبكي فإن لابنك رباً لا يضيعه فاطلبيه على مهل قالت فخفت
أن يبلغ الخبر عبد المطلب قبلي فقصدت قصده فلما نظر إلي قال أسعد نزل بك أم نحوس قالت قلت بل نحس الأكبر ففهمها منى وقال لعل ابنك قد ضل منك قالت قلت نعم بعض قريش اغتاله ف***ه فسل عبد المطلب سيفه وغضب وكان إذا غضب لم يثبت له أحد من شدة غضبه فنادى بأعلى صوته يا يسيل وكانت دعوتهم في الجاهلية قال فأجابته قريش بأجمعها فقالت ما قصتك يا أبا الحارث فقال فقد ابني محمد فقالت قريش اركب نركب معك فإن سبقت خيلاً سبقنا معك وإن خضت بحراً خضنا معك قال فركب وركبت معه قريش فأخذ على أعلى مكة وانحدر على أسفلها فلما أن لم ير شيئاً ترك الناس واتشح بثوب وارتدى بآخر وأقبل إلى البيت الحرام فطاف أسبوعاً ثم أنشأ يقول
(يا رب إن محمداً لم يوجد فجميع قومي كلهم متردد)
فسمعنا منادياً ينادي من جو الهواء معاشر القوم لا تصيحوا فإن لمحمد رباً لا يخذله ولا يضيعه فقال عبد المطلب يأيها الهاتف من لنا به قالوا بوادي تهامة عند شجرة اليمنى فأقبل عبد
المطلب فلما صار في بعض الطريق تلقاه ورقة بن نوفل فصارا جميعاً يسيران فبينما هم كذلك إذا النبي قائم تحت شجرة يجذب أغصانها ويعبث بالورق فقال عبد المطلب من أنت يا غلام فقال أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب قال عبد المطلب فدتك نفسي وأنا جدك عبد المطلب ثم احتمله وعانقه ولثمه وضمه إلى صدره وجعل يبكي ثم حمله على قربوس سرجه ورده إلى مكة فاطمأنت قريش فلما اطمأن الناس نحر عبد المطلب عشرين جزوراً و*** الشاء والبقر وجعل طعاماً وأطعم أهل مكة
قالت حليمة ثم جهزني عبد المطلب بأحسن الجهاز وصرفني فانصرفت إلى منزلي وأنا بكل خير دنيا لا أحسن وصف كنه خيري وصار محمد عند جده
قالت حليمة وحدثت عبد المطلب بحديثه كله فضمه إلى صدره وبكى وقال يا حليمة إن لابني شأنا وددت أني أدرك ذلك الزمان
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا أحمد قال حدثنا يونس عن ابن إسحاق قال حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله أنهم قالوا له أخبرنا عن نفسك فذكر الحديث قال
واسترضعت في بني سعد بن بكر فبينا أنا مع أخ لي في بهم لنا أتاني رجلان عليهما ثياب بياض معهما طست من ذهب مملوءة ثلجاً فأضجعاني فشقا بطني ثم استخرجا قلبي فشقاه فأخرجا منه علقة سوداء فألقياها ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتى إذا أنقيا ثم رداه كما كان ثم قال أحدهما لصاحبه زنه بعشرة من أمته فوزنني بعشرة فوزنتهم ثم قال زنه بمائة من أمته فوزنني بمائة بمائة فوزنتهم ثم قال زنه بألف من أمته فوزنني بألف فوزنتهم فقال دعه عنك فلو وزنته بأمته لوزنهم
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا أحمد حدثنا يونس عن أبي سنان الشيباني عن حبيب بن أبي ثابت عن يحيى بن جعدة قال
قال رسول الله
إن ملكين جاءاني في صورة كركيين معهما ثلج وبرد وماء بارد فشرح أحدهما صدري ومج الآخر بمنقاره فيه فغسله
هذا مرسل وقد روى حديث الشق بإسناد صحيح موصول
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثني محمد بن صالح بن هاني قال حدثنا محمد بن النضر بن عبد الوهاب قال حدثنا شيبان بن فروخ قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك
أن رسول الله أتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة فقال هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه ثم أعاده في مكانه وجاء الغلمان يسعون إلى أمه يعني ظئره فقالوا إن محمداً قد *** فاستقبلوه وهو منتقع اللون
قال أنس وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره
رواه مسلم في الصحيح عن شيبان بن فروخ وهو يوافق ما هو المعروف عند أهل المغازي
وقد أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال حدثنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا تمتام قال حدثنا موسى هو ابن إسماعيل قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال
قال رسول الله أتيت وأنا في أهلي فانطلق بي إلى زمزم فشرح صدري ثم غسل بماء زمزم ثم أتيت بطست من ذهب ممتلئة إيماناً وحكمة فحشي بها صدري قال أنس ورسول الله يرينا أثره فعرج بي الملك إلى السماء الدنيا فاستفتح الملك وذكر حديث المعراج
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث بهز بن أسد عن سليمان بن المغيرة
محمد رافع 52 03-03-2013, 02:20 AM وبمعناه رواه شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك عن النبي
والزهري عن أنس بن مالك عن أبي ذر عن النبي
وقتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة عن النبي
ويحتمل أن ذلك كان مرتين مرة حين كان عند مرضعته حليمة ومرة حين كان بمكة بعد ما بعث ليلة المعراج والله أعلم
وكانت ثويبة مولاة أبي لهب بن عبد المطلب أرضعت أيضاً رسول الله مع أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي
أخبرنا بذلك أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني قال أخبرنا علي بن محمد بن عيسى قال حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال
أخبرني عروة بن الزبير أن زينب بنت أبي سلمة وأمها أم سلمة أخبرته أن أم حبيبة ابنة أبي سفيان أخبرتها أنها قالت
قلت يا رسول الله انكح أختي ابنة أبي سفيان قالت فقال لي أوتحبين ذلك قالت فقلت يا رسول الله نعم لست لك بمخلية وأحب من شركني في خير أختي قالت فقال رسول إن ذلك لا يحل لي قالت فقلت والله يا رسول الله إنا لنتحدث أنك تريد أن تنكح درة بنت أبي سلمة فقال ابنة أم سلمة فقلت نعم فقال والله لو
أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها لابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأبا سلمة ثويبة فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن
قال عروة وثويبة مولاة أبي لهب كان أبو لهب أعتقها فأرضعت رسول الله فلما مات أبو لهب أرية بعض أهله في النوم بشرحيبة فقال له ماذا لقيت فقال أبو لهب لم ألق بعدكم رخاء غير أني سقيت في هذه مني بعتاقتي ثويبة وأشار إلى النقير التي بين الإبهام والتي يليها من الأصابع
رواه البخاري في الصحيح
وكانت أم أيمن حاضنته حتى كبر
أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق قال حدثنا عبد الله بن يوسف قال حدثنا ابن وهب
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله بن يعقوب قال حدثنا حسين بن حسن ومحمد بن إسماعيل قالا حدثنا أبو الطاهر قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أنه قال
لما قدم المهاجرون من مكة إلى المدينة فذكر الحديث وفيه قال
وكانت أم سليم أعطت رسول الله عذاقاً لها فأعطاهن رسول الله أم أيمن وهي مولاته أم أسامة بن زيد
قال ابن شهاب وكان من شأن أم أيمن أم أسامة بن زيد أنها كانت وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب وكانت من الحبشة فلما ولدت آمنة رسول الله بعد ما توفي أبوه فكانت أم أيمن تحضنه حتى كبر رسول الله فأعتقها ثم أنكحها زيد بن حارثة ثم توفيت بعد ما توفي رسول الله بخمسة أشهر
رواه مسلم في الصحيح عن أبي الطاهر
محمد رافع 52 03-03-2013, 01:05 PM جزاكم الله خيرا
بارك الله فيكم
محمد رافع 52 04-03-2013, 10:06 AM دلائل النبوة
د. عادل بن محمد السبيعي
الحمد لله الذي بعث في كل أمة نذيراً، وشرف هذه الأمة بمبعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فجعله لها سراجاً منيرًا،ومبشرًا نذيرًا، فملأ به الأرض خيرًا كثيرًا، والصلاة والسلام على نبينا محمد صاحب الدلائل الباهرة، والحجج القاهرة، والبراهين القاطعة الدامغة، بعثه الله بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وأزواجه أمهات المؤمنين، وعلى الصحابة والتابعين، ثم أما بعد:
فمن المعلوم بالاضطرار أن الله لم يترك الخلق هملاً، ولم يذرهم سدًا، بل بعث فيهم المرسلين مبشرين ومنذرين، كما قال سبحانه: (ولقد بعثنا في كل قرية نذيرًا)(ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً منهم) وقوله سبحانه وتعالى: (رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل).
أيد الله كل نبي بالآيات الباهرات، وأيد كل نبي بالآيات الباهرات التي لا يستطيع ردها أحد من البشر إلا من كابر وعاند كفرعون ونحوه من طواغيت الأرض. ولقد كان لنبينا صلى الله عليه وسلم من هذه الآيات الشيء العظيم والكثير المستمر، لكونه خاتم النبيين وسيد المرسلين، يقول صلى الله عليه وسلم: "ما من نبي من الأنبياء إلا وقد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة" متفق عليه.
ولهذا تنوعت دلائل نبوته وتعددت وكان القرآن الكريم هو المعجزة العظيمة الباقية الدالة على صدق نبوته وشمول رسالته، صلى الله عليه وسلم، أما سائر الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه فإن دلائل نبوتهم انتهت، كعصا موسى، وناقة صالح، وإبراء الأكمه والأبرص لعيسى عليهم صلوات الله وسلامه، وذلك لأنهم بعثوا إلى قوم خاصين ولم يبعثوا إلى الناس كافة كما هو الحال في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، من أجل هذا بقيت معجزته العظمى دون سائر الأنبياء، كما أن بعض دلائل نبوته لا يزال باقياً كإخباره ببعض المغيبات التي يتوالى وقوعها زمناً بعد آخر.
وقوله سبحانه:
المقصود بدلائل النبوة :
والمقصود بدلائل النبوة العلامات التي يستدل بها على نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والبراهين الظاهرة التي يستوي فيها الناس كلهم غالباً نحو انشقاق القمر ونبوع الماء بين أصابعه وتكثير الطعام ونحوها كما سيأتي بيانه.
القرآن مليء بدلائل النبوة:
وقد دل القرآن على شيء كثير من هذه الدلائل واحتواها في آية فمنها على سبيل المثال:
(وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين) ويقول سبحانه وتعالى:(وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون).
1) إخباره عن الأمم السابقة وما حصل لهم وحل بهم مما يعلم ضرورة عدم شهود النبي صلى الله عليه وسلم أو إخبار أحد له لكونه لم يلتق عن أهل الكتاب ولم يكن بالقارئ صلى الله عليه وسلم، يقول تعالى بعد ذكره لقصة موسى عليه السلام:
ويقول سبحانه وتعلى في قصة مريم: (وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون).
ويقول جل وعلا بعد ذكر خبر يوسف عليه السلام: (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون).
(آلم، غلبت الروم، في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون، في بضعسنين.....) ووقع كذلك وقوله جل ذكره: (لقد صدق الله رسوله الرؤيا لتدخلنالمسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون). ووقع كما أخبر. وشواهد ذلك كثيرة لا تحصى.
وهناك أمور أخرى احتواها القرآن دلت على صدق نبوته صلى الله عليه وسلم كإبطاله دين اليهود والنصارى بالحجج الباهرة ورده دعاوى اليهود وأكاذيبهم بالبراهين الساطعة وإخباره عن ما أخفوه من كتبهم على الناس، وصدق الله حيث يقول: (وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين).
2) إخبار القرآن عما سيكون من الحوادث العظام ووقوعها كما أخبر مما يدل على صدق نبوته صلى الله عليه وسلم إذ لا سبيل إلى معرفة ذلك إلا بالوحي الذي لا يكذب يقول تعالى:
3) إخبار القرآن عن اختلاف أهل الكتاب وتفرقهم وسبب الافتراق والاختلاف وحقيقته مما لا يستطيع أحد معرفته إلا من اطلع على كتبهم وعاش بينهم دهرًا وطويلاً ومن المعلوم أن هذا وهذا لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم منه شيء إلا ما أوحى الله تعالى له فعلم بذلك صدق نبوته.
وقد تنوعت دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم الحسية والخبرية بشكل لم يحصل لنبي من الأنبياء عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه ويمكن أن نقسم دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم إلى عد أقسام لتتضح.
محمد رافع 52 04-03-2013, 10:08 AM أقسام دلائل نبوته:
القسم الأول:ما وقع قبل مولده صلى الله عليه وسلم.
القسم الثاني: ما وقع في حياته صلى الله وعليه وسلم
وهذا القسم يمكن تقسيمه إلى نوعين:
الأول: ما وقع قبل بعثته صلى الله عليه وسلم.
الثاني: ما وقع بعد بعثته صلى الله عليه وسلم.
القسم الثالث: ما وقع بعد موته صلى الله عليه وسلم.
كما أن هناك تقسيمات أخرى ليس هذا مكان بسطها وعلى كل حال فدلائل نبوته لا يجمعها كتاب جامع لكثرتها وقد صنف العلماء في جمعها مصنفات كثيرة.
والمقصود هنا ذكر شيء من هذه الدلائل حسب التقسيم المذكور على وجه الإجمال على أن عامة هذه الدلائل مما أخرجه الشيخان في وسأكتفي بالإجمال خشية التطويل
دلائل النبوة قبل مولده
القسم الأول ما وقع قبل مولده.
وقع قبل مولده دلائل كثيرة تدل على نبوته صلى الله عليه وسلم إما بطريق الالتزام أو التضمن، ومن ذلك ما جاء في أخبار كل من وهب بن منبه وخبر حسان بن ثابت وخبر أبي قيس البخاري وخبر حويصة بن مسعود وكثير مما يدل على بشارة أهل الكتاب بمولده وظهور نجمه ولعل من أهم ما يذكر مثالاً على هذا النوع قصة الفيل الذي غزا الكعبة فصرفه الله عن البيت في السنة التي ولد فيها النبي صلى الله عليه وسلم وهي أشهر من أن تذكر ولهذا امتن الله على أهل مكة بها وطلب منهم معرفتها وشكرها بالإيمان بنبيه وتوحيد ربهم يقول تعالى: (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل، ألم يجعل كيدهم في تضليل، وأرسل عليهم طيرًا أبابيل، ترميهم بحجارة من سجيل، فجعلهم كعصف مأكول).
وكذا اهتزاز عرش كسرى وقيصر لولادته.
دلائل نبوته في حياته
القسم الثاني:ما كان منها في حياته وهي نوعان:
النوع الأول: ما كان قبل بعثته وقبل أن ينبأ.
فمن ذلك ما حصل عند ولادته من النور الذي رأته أمه وما حصل لحليمة السعدية من البركة لها ولقومها حين استرضع صلى الله عليه وسلم عندهم وقصة رفع الحجر الأسود وتكريم الله له بهذه المهمة وما حصل له من الإغماء عند إرادة التعري عندما أراد حمل حجارة الكعبة على عاتقه مع ما عرف عنه من جميل الخلال وطيب السجايا وكل ذلك ثابت ثبوتاً كما قال أهل لعلم يبلغ درجة الاستفاضة.
النوع الثاني: ما حصل بعد مبعثه وقبل وفاته.
وهذا النوع أكثر من أن يحصى أو يحيط به كتاب لكثرة الروايات الدالة على نبوته وعظم مكانته عليه الصلاة والسلام فمن ذلك تكثير الماء القليل تارةً ونبوعه بين أصابعه تارةً أخرى وتكثير الطعام القليل وإجابة دعاءه في الحال وحنين الجذع له حتى سمع له صوت وإخباره عن الأمم السابقة وما حصل لها مع أنبيائها ورفع الصخرة له عند هجرته وإخباره عما وقع في عصره في نفس الوقت كإخباره عن م*** كسرى وموت النجاشي وما وقع لسراقة بن مالك من الاحتباس حين أراد ضره وما وقع من أخبار الذراع المسموم له بأن فيه سماً وحفظ الله له ممن أراد ***ه وأعظم ذلك انشقاق القمر له حتى رؤي فرقين إلى غير ذلك مما هو ثابت في الصحيحين وغيرهما من وجوه لا تحتمل الشك.
القسم الثالث: ما وقع بعد موته.
فمن ذلك إخباره عن المغيبات التي ستقع بعده ووقعت كما أخبر كأخبار الفتن وم*** بعض أصحابه وما سيجري لبعضهم من الشرور وما سيجعل الله في بعضهم من الخير ومنه إخباره عن هلاك كسرى وأنه لا كسرى بعده وهلاك قيصر وأنه لا قيصر بعده وإخباره عن خروج الكذابين الدجالين مدعي النبوة وإخباره عن ظهور أمته وكرامتها، وعن الطائفة المنصورة وبقائها على أمر الله وإخباره بموت فاطمة بعده وأنها أسرع أهله لحوقاً به إلى غير ذلك وقد صح كل هذا ولله الحمد من طرق كثيرة في الصحيحين وغيرهما.
دلائل نبوته متواتر لا يردها إلى من أعمى الله بصيرته والمقصود هنا أن دلائل نبوته كثيرة متنوعة تبلغ درجة التواتر ولا يستطيع أحد ردها إلا من أعمى الله بصيرته واستحكم عليه هواه عياذًا بالله، فتباً لقوم به لا يؤمنون ولشريعته لا يتبعون (فهدى الله الذين أمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه) وله الحمد ظاهرًا وباطناً.
الهم اجعلنا لنبيك متبعين وبه مؤمنين وعلى طريقه وطريق أصحابه مقتفين وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن إنك سميع.
محمد رافع 52 04-03-2013, 02:18 PM مزايا السيرة النبوية
أولا: التوثيق المعتمد على الرواية المسندة المتصلة عن طريق الثقات الأثبات الذين شاركوا الرسول صلى الله عليه وسلم فترات حياته، ثم التابعين الذين عاصروا الصحابة وسمعوا منهم وحملوا عنهم.
فالصحابة عاشوا مع النبي صلى الله عليه وسلم وشاركوا في صياغة سيرته ثم امتدت حياة الكثيرين منهم لفترة طويلة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فعاشوا مع التابعين فترة طويلة، فلو علمنا أن من الصحابة من امتدت به الحياة إلى سنة مائة أو بعدها بقليل من الهجرة فقد توفي أبو الطفيل عامر بن واثلة عام 110هـ ومحمود بن الربيع 99هـ وعبد الله بن بسر المازني 96هـ وأنس بن مالك 93هـ رضي الله عنهم. إذا علمنا ذلك كله ثبت لنا أن تتابع التلقي للسنة والسيرة لم ينقطع قط، ولم تكن هناك فترة فاصلة بين التدوين والتلقي عن الرسول صلى الله عليه وسلم ثم الصحابة ثم التابعين.
ثانيًا: التدوين المبكر للسيرة النبوية: فقد بدأ تدوين السنة والسيرة النبوية جنبًا إلى جنب منذ وقت مبكر في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك بكتابة الأحاديث التي تتعلق بالحوادث التي وقعت في زمنه صلى الله عليه وسلم، مثل بعثته صلى الله عليه وسلم، وبداية نزول الوحي عليه، وما لقيه بمكة قبل الهجرة، ثم هجرته إلى المدينة، وهجرة بعض أصحابه إلى الحبشة قبل ذلك، وزيجاته صلى الله عليه وسلم وغزواته، وأسفاره وغير ذلك من الأمور التي تتعلق بشخصه وسلوكه في حياته كلها. فكل هذه الأمور مثبتة في كتب السنة والسيرة.
أما التدوين الشامل للسيرة فقد بدأ منذ عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، حيث كان عبد الله بن عباس المتوفى سنة (68) هـ رضي الله عنه يدرس تلاميذه نسب النبي صلى الله عليه وسلم ومغازيه وكان تلاميذه يدونون ذلك، وكذلك فعل عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما المتوفى سنة (63)هـ ومثلهما البراء بن عازب رضي الله عنه المتوفى سنة (74)هـ حيث كان يملي تلاميذه مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثالثًا: الشمول والوضوح: فقد ثبتت تفاصيل سيرته صلى الله عليه وسلم بصورة شاملة وواضحة في جميع مراحلها قبل البعثة وبعدها، وقبل الهجرة وبعدها إلى وفاته صلى الله عليه وسلم فقد تضمنت مصادر السيرة النبوية كل تفاصيل حياته صلى الله عليه وسلم وجميع أحواله وصفاته الخلقية والخلقية.وهذا ما لم يتهيأ لأحد قبله ولا بعده صلى الله عليه وسلم.
وهذه المزايا الثلاث تجعلنا على يقين تام بصحة هذه السيرة، وأنها سيرة نبي خاتم هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ونوقن يقينًا مبنيًا على أساس علمي منهجي بأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله تعالى إلى الناس كافة.
محمد رافع 52 04-03-2013, 02:21 PM ثمرة معرفة شمائله صلى الله عليه وسلم
لمعرفة شمائله صلى الله عليه وسلم والنظر فيها فوائد وثمراتٍ عدة، يمكن إيجازها بما يلي:
أولاً: معرفة الكمال البشري الظاهري والباطني الذي اجتمع في النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يجتمع في أحد قطُ قبله، ولن يجتمع في أحد بعده، وهذه الثمرة تستجلب ثمرات عظيمة، تتعلق بعبادة المرء لربه جل وعلا.
إحداها: زيادة الإيمان به صلى الله عليه وسلم، ولا ريب أن الإيمان به صلى الله عليه وسلم أصلٌ من أصول الإيمان، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل)، وقال تعالى: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً)؛ ولهذا لا يصح إيمانُ عبدٍ لم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد بعثته، كما ثبت عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِى أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِىٌّ وَلاَ نَصْرَانِىٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِى أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ".
ولكن الناس يتفاوتون في الإيمان، فليس إيمان أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه كإيمان آحاد الناس؛ فلذا كان مما ينبغي أن يعتني به من هداه الله للإسلام، أن يقوي إيمانه بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم؛ ليزداد قربه إلى الله، قال الله تعالى: (والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم) ومما يقوي الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم معرفة أوصافه وأحواله، التي اشتمل عليها، وكمّلها ربه عز وجل له. ولما كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه ألصق الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم وأعرفهم به وأولهم إيماناً برسالته، كان أعظم الناس إيماناً بعد الأنبياء. وتأملوا في قصة الإسراء والمعراج لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة وأصبح وأخبر عما كان. فلما سمع المشركون قوله صلى الله عليه وسلم، أتوا أبا بكر الصديق رضي الله عنه فقالوا: يا أبا بكر، هل لك في صاحبك ؟ يخبر أنه أتى في ليلته هذه مسيرة شهر، ثم رجع في ليلته. فقال أبو بكر رضي الله عنه: إن كان قاله فقد صدق، وإنا لنصدقه فيما هو أبعد من هذا، نصدقه على خبر السماء. ولذا سُمِّي الصديق رضي الله عنه وأرضاه.
وثاني الثمرتين: زيادة محبته صلى الله عليه وسلم، محبةً تقتضي طاعته واتباعه وتعظيمه وتعزيره وشوقاً إلى رؤيته والورود على حوضه والشرب من يده الكريمة شربة هنيئة لا ظمأ بعدها. وذلك إن المحبة كلما كمُلتْ كان الإتباع أكمل، وكلما ضعُفت المحبةُ ضعف الإتباع، قال الله تعالى: ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم)؛ فمعرفة شمائله صلى الله عليه وسلم تُشُوقُ العبدَ إلى رؤيته صلى الله عليه وسلم. وقد ثبت عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِى يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ ".
وثالثها: أن معرفة هذه الشمائل على ما صحت به الأخبار، وثبتت به الآثار يحقق للمسلم الاعتقاد الصحيح في النبي صلى الله عليه وسلم، فمن جهة اتصافه بصفات البشر يقف المرء بالنبي صلى الله عليه وسلم عند حد العبودية لله، ولا يرفعه إلى منزلة الخالق جل وعلا، أو يعتقد فيه ما هو من خصائص الرب عز وجل، ومن جهة أخرى يعرف للنبي صلى الله عليه وسلم شريفَ قدرِه وعلوِّ مكانته ؛ إذ فضّله الله على البشر بما أعطاه من صفات الكمال، وما جمع فيه من الشمائل التي لا يمكن أن تجتمع إلا في عبد اختاره الله وفضّله، وعندئذ يقف المسلم عند قوله صلى الله عليه وسلم: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله.
ثـانيـاً: ومن ثمرات معرفة شمائله صلى الله عليه وسلم: الاقتداء به صلى الله عليه وسلم فيما كان منها محلاً للاقتداء، فشمائله صلى الله عليه وسلم نوعان:
1) نوعٌ متعلق بالهيئة التي خلقه الله عليها، كطوله ولونه، فهذه ليست محلاً للاقتداء؛ لأنه ليس للعبد فيها فعل أو اختيار. والنوع الثاني: متعلقٌ بالصفات التي يكون للعبد فيها فعلٌ واختيار على جهة القصد، كزهده وورعه وكرمه وعفوه صلى الله عليه وسلم. فيقتدى به فيها لقوله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة).
ثـالثـاً:ومن ثمرات معرفة شمائله صلى الله عليه وسلم معرفة صفاته الظاهرة صلى الله عليه وسلم كالبياض والطول والشعر، وغيرها، كما وصفها أصحابه رضي الله عنهم، وهذه لها تعلقٌ وثيقٌ برؤيته صلى الله عليه وسلم في المنام، فمن رآه صلى الله عليه وسلم في المنام على هيئته فقد رآه، ومن رأى شخصاً في المنام ليس على هيئته صلى الله عليه وسلم فليس هو. وقد عقد الإمام البخاري في صحيحه بَاباً: مَنْ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ. وخرّج فيه حديثَ أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ، وَلاَ يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي". قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: قَالَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا رَآهُ فِي صُورَتِهِ. وفي حديث أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يتمثلُ بِي، وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ". وفي حديث أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قالَ: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنْ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنْ الشَّيْطَانِ. فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلاَثًا وَلْيَتَعَوَّذْ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَرَاءَى بِي". وفي رواية "مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ". وفي حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَكَوَّنُنِي".
وأثر ابن سيرين خرّجه إسماعيل بن إسحاق القاضي قال: "كان محمد - يعني ابن سيرين - إذا قصّ عليه رجلٌ أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم قال: صف لي الذي رأيتَه، فإن وصف له صفةً لا يعرفُها قال: لم تره. قال الحافظ ابن حجر: وسنده صحيح. وقال: ووجدت له ما يؤيده: فأخرج الحاكم من طريق عاصم بن كليب " حدثني أبي قال: قلت لابن عباس رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام قال: صفه لي، قال: ذكرت الحسن بن علي، فشبهته به، قال: قد رأيتَه " وسنده جيد.
لكن ينبغي التنبه إلى أن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم وإن كانت حقاً لمن رآه على صفته، لا يثبت بها تحليلَ ما حرّم الله، أو تحريمَ ما أحل الله، أو تشريع؛ فإن التشريع مرتبطٌ بالوحي، والوحي قد انقطع بوفاته عليه الصلاة والسلام.
رابعـاً: ومن ثمرات العلم بشمائله وخصاله الحميدة صلى الله عليه وسلم، أنها من أعظم ما يستعان به على هداية المشركين، ودعوتهم إلى الله تعالى والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم. كما أنها سلاح نافذٌ وسيفٌ مُصْلَتٌ، ودرعٌ واقٍ، يقف به المسلم في وجه كل من يريد الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو الطعن فيه بأي وجه من الوجوه. لأن النفوس المنصفة، والعقول السليمة، إذا تبصرت في هذه الشمائل رأت أن اجتماعها في بشرٍ واختصاصه بها لا يكون إلا بتفضيل من الخالق جل وعلا له، فقادها ذلك إلى الإيمان به، وتصديقِه في رسالته. كما أن النفوسَ الظالمةَ الشريرةَ التي تنال منه صلى الله عليه وسلم، وتهزأ به، وتحاول صدَّ الناس عنه، بالأقاويل المكذوبة، والقصصِ المفتراه، والرسومِ الساخرة؛ إذا واجهها المسلمون ببيان هذه الشمائل، وإشهارها، وتعريف الناس بها، تبدد ـ بإذن الله ـ ظلام تلك المفتريات، وانكشف الحقيقة. ولكن ثمة تقصيرٌ ظاهر واضحٌ في في هذا الجانب ـ أعني بيان هذه الشمائل ـ فقليل من وسائل الإعلام من يبرزها. ومنه من يخاطب بها المسلمين فحسب، وهناك جهود في بيانها حتى لغير أهل الإسلام وهي قليلة من جانب، ومن جانب آخر أنها قد تفتقر للوسطية والاعتدال، والأصل أنه لا إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا جفاء في جناب النبي صلى الله عليه وسلم بل يُنزل المنزلةَ التي أنزله الله إياه وأنه صلى الله عليه وسلم عبد الله ورسوله.
هذه بعض فوائد وثمرات تعلم الشمائل ومعرفتها، وذلك ليس على سبيل الاستقصاء والحصر، ولكنها إشاراتٌ لعل فيها ما يفيد العبد ويستحثه لتعلم هذه الشمائل ليقتدي بصاحبها صلى الله عليه وسلم ويعظمه ويوقره ويعملُ بشريعته، ويدعو إلى دينه وسنته وهديه.
محمد رافع 52 04-03-2013, 02:24 PM أهمية معرفة شمائل النبي صلى الله عليه وسلم
تكمن أهمية معرفة شمائل النبي صلى الله عليه وسلم وسجاياه وصفاته الخلُقية والخَلقية في عدة نقاط من أهمها:
أولاً: أن من أعظم أصول الدين معرفةَ العبد لنبيه صلى الله عليه وسلم، وهذا الأصل تأتي معرفته بعد معرفةِ العبدِ ربَّه، ومعرفةِ العبدِ دينَه.
وأسئلة القبر -كما هو معلوم - مدارها على هذه الأصول الثلاثة. ولذا صنف الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب الرسالة العظيمة: " ثلاثة الأصول". والمراد بها: معرفة العبد ربه ودينه ونبيه صلى الله عليه وسلم. وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم هو الواسطة بيننا وبين الله عز وجل. فالله هو الذي يُشَرِّعُ الشرائعَ ويحكمُ الأحكامَ، ولا يمكن تَلقي أحكامَ الشرعِ إلا عن طريق هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. فلا سبيل إلى معرفة الدين إلا بواسطة النبي صلى الله عليه وسلم، بل ولا يمكن أن نقوم بعبادة الله تعالى على الوجه المطلوب إلا عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم.
والعبادة لها ركنان: الإخلاص والمتابعة. ولا يمكن للإنسان أن يعبد الله تعالى على علم وبصيرة وتكون عبادته صحيحة مقبولة إلا عن طريق التلقي من النبي صلى الله عليه وسلم. ومعرفة النبي صلى الله عليه وسلم تشتمل على أمور كثيرة: ومن ذلك معرفة اسمه ونسبه سيرته وهديه وسنته وشريعته وشمائله.
ثانياً: أن معرفة شمائله صلى الله عليه وسلم وسيلةٌ إلى امتلاء القلب بتعظيمه، وذلك وسيلة لتعظيم شريعته، وتعظيم شريعته واحترامها وسيلة إلى العملِ بها.
والله تعالى أوجب على المؤمنين تجاه نبيهم صلى الله عليه وسلم واجبات لابد أن يمتثلوا بها ويتمسكوا بها ويعملوا بها. فلقد أوجب الله على المؤمنين الإيمانَ بالنبي صلى الله عليه وسلم {فأمنوا بالله ورسوله النبي الأميّ الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون }. وأوجب الله وطاعته وقرن طاعته بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في خمسة مواضع من القرآن ورتب على طاعته ثواباً فقال تعالى{ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً}. ورتب على معصيته صلى الله عليه وسلم عقاباً {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذابٌ أليم}. وأوجب الله اتباعه {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم}.
وأوجب الله كذلك محبته {قل إن كان أباؤكم وأبناؤكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبَّ إليكم من الله ورسوله فتربصوا حتى يأتي الله بامره والله لا يهدي القوم الفاسقين}.
وأوجب الله تحكيم شريعته صلى الله عليه وسلم {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً}. فهو صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، وشريعته خاتمة الشرائع {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} وقوله تعالى {ما كان محمدُ أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيءٍ عليماً}.
ثالثاً: أن الله تعالى تعبدنا بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}. قال ابن كثير: هذه الآية الكريمة أصلٌ كبيرٌ في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله.اهـ
فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو الواسطة بيننا وبين الله تعالى، و لا طريق لنا لأن نعرف ما ينجينا من غضب الله وعقابه، ويقربنا من رضى الله وثوابه إلا بما جاء به نبينا محمدٌ صلى الله عليه وسلم ، لذا قال صلى الله عليه وسلم:" فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ".
وتتجلى أهمية الشمائل في ذلك أن العبد يجد فيها صفته صلى الله عليه وسلم، وأحواله، وعبادته لربه تعالى، وأخلاقه مع أهله وأصحابه ومع أعدائه. وصفاته الظاهرة في ملبسه ونومه وعبادته لربه في ليله ونهاره، وفي طعامه وشرابه وحليته، وغير ذلك من شمائله الشريفة. وتظهر أهمية معرفة هذه الشمائل في الاقتداء به صلى الله عليه وسلم. قال ابن القيم في المدارج (3/268): فإذا رُزِق العبدُ محبةَ الرسول صلى الله عليه وسلم،واستولت روحانيته على قلبه، جعله إمامَه ومعلمَه وأستاذَه وشيخه وقدوته، كما جعله الله نبيَه ورسولَه وهادياً إليه، فيطالع سيرته ومبادئ أمره وكيفية نزول الوحي عليه، ويعرف صفاتَه وأخلاقَه وآدابَه، في حركاته وسكونه ويقظته ومنامه وعبادته ومعاشرته لأهله وأصحابه، حتى يصير كأنه معه من بعض أصحابه.أهـ بتصرف.
ومن ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأهْلِهِ، وأنا خَيْرُكُم لأهْلي". وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جَمِيل العِشْرَة دائم البِشْرِ، يُداعِبُ أهلَه، ويَتَلَطَّفُ بهم، ويُوسِّعُهُم نَفَقَته، ويُضاحِك نساءَه، حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين يَتَوَدَّدُ إليها بذلك. قالت: سَابَقَنِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَسَبَقْتُهُ، وذلك قبل أن أحملَ اللحم، ثم سابقته بعد ما حملتُ اللحمَ فسبقني، فقال: "هذِهِ بتلْك". ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها. وكان ينام مع المرأة من نسائه في شِعار واحد، يضع عن كَتِفَيْه الرِّداء وينام بالإزار، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يَسْمُر مع أهله قليلا قبل أن ينام، يُؤانسهم بذلك صلى الله عليه وسلم .
محمد رافع 52 04-03-2013, 02:29 PM من مظاهر العدل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
عدلٌ مطلق لا يوازيه عدل بشر، ذلك العدل الذي اتسمت به شخصية النبي صلى الله عليه وسلم. كان أكثر الناس عدلا، لا يرضى الظلم لأحد ولا لشيء. امتد عدله ليرسل ظلاله إلى الكون كله. كان يعدل ويأمر الناس أن يقتصوا منه لو كان لهم حق عنده.
أرسى قواعد العدل مع النفس ، ومع الغير، وقواعد العدل في حالات الغضب والرضا.
العدل مع النفس:
العدل مع النفس، خُلُق كان النبي حريصا على أن يعلمنا إياه، ويجعلنا عادلين مع أنفسنا لنتعلم كيف نعدل مع الآخرين.
ففي يوم من الأيام، بلغ النبي أن عبد الله بن عمرو كان يصوم النهار ويقوم الليل. ورغم قيمة العبادة في الإسلام إلا أن النبي رفض أن تذهب هذه العبادة بالشخص مذهبا بعيدا عن العدل مع النفس حين يرهق نفسه ويتعبها. فها هو النبي يقول لعبد الله: "يا عبد الله بن عمرو بلغني أنك تصوم النهار، وتقوم الليل فلا تفعل، فإن لجسدك عليك حظا، ولعينك عليك حظا، وإن لزوجك عليك حظا." (رواه مسلم).
وحين يكون المرء عادلا مع نفسه، مدربا إياها على التمتع بالوسطية وعدم الإفراط، وعدم تعريض نفسه لما لا تطيقه، حتما سيتعلم هذا الإنسان كيف يكون عادلا مع الآخرين.
العدل مع الآخرين:
حين يتعلم المرء المبادئ الأولى للعدل مع النفس، تنحو به هذه المبادئ نحو الرقي والتعامل بمنطق العدل مع الآخرين. والرسول حين يوصينا بذلك ويعلمنا، لا يقتصر تعليمه على الوصايا، بل على المواقف الواقعية التي يتعامل بها هو مع الآخرين. فها هو النبي صلى الله عليه وسلم يأمر أحد الصحابة بالاقتصاص منه تطبيقا لمبدأ العدل الذي يعيش به حياته، وقد عرضنا منذ قليل لحديث سواد، وهو خير مثال على ذلك.
وكان يخطب في الناس ويقول : "أيها الناس: من كنت جلدت له ظهرا، فهذا ظهري فليجلده، ومن شتمت له عرضا فهذا عرضي فليشتمه، ومن أخذت منه مالا فهذا مالي فليأخذه مني، ولا يخش الشحناء فإنها ليست من طبيعتي". (رواه البخاري).
وهو الذي يتعامل بمبدأ العدل دوماً، فلا يفضل نفسه على الآخرين، بل يساوي بينهم وبينه تطبيقا لهذا العدل. فها هو يرفض أن يحمل عنه الصحابة نصيبه من العمل.
"كان أبو لبابة وعلي بن أبي طالب زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت عقبة -دور- رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالا: نحن نمشي عنك، فقال: "ما أنتما بأقوى مني، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما." (رواه أحمد في مسنده).
العدل في الحالات النفسية المختلفة:
ربما يكون الإنسان عادلا في معظم أوقات حياته، ولكن حين يمر بمشاعر معينة، مع أناس معينين، فربما خاف عليهم وظلمهم، وهذا ما يعلمنا الرسول إياه: أن تكون عادلا مع من تحب ومع من تكره.
الحب لا ينسي العدل:
كما نعرف جميعا، كان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحب لعائشة رضي الله عنها، إلا أن ذلك الحب لم ينسه العدل، ولم يجعله يظلم إحدى زوجاته يوما ما، بل كان شديد العدل بينهن في كل صغيرة وكبيرة، حتى إنه "كان يقسم بين نسائه فيعدل ويقول: اللهم هذه قسمتي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك." (رواه الترمذي). ومعنى قوله لا تلمني فيما تملك ولا أملك، أي الحب والمودة القلبية، كما قال أهل العلم.
والمقصود بهذا الحديث أنه كان يطلب من الله العفو، وألا يؤاخذه بسبب حبه لبعض زوجاته أكثر من الأخريات، رغم أنه لا يظلم إحداهن في أي أمر بعيد عن المشاعر والحب.
يروي لنا أنس رضي الله عنه موقفا من مواقف العدل عند النبي مع من يحب.
فعن أنس أنه قال: "أهدت بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم طعاما في قصعة، فضربت عائشة القصعة بيدها، فألقت ما فيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: طعام بطعام، وإناء بإناء." (رواه الترمذي والحديث في البخاري بلفظ آخر).
العدل مع الأعداء:
إذا كان الحب عند رسول الله لا يجعله يحيف أو يظلم لحساب من يحب، فإن العداوة كذلك لا يمكنها أن تؤثر على عدل رسول الله، فهو أعدل البشر حتى مع أعدائه، وهذا ما تعلمه من قرآن ربه الذي يقول للمسلمين كافة:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8].
العدل في معالجة الأخطاء:
وإذا كان النبي يعلمنا كيف نتحكم في أنفسنا في الحالات التي نكون فيها مع من نحب أو مع من نعادي أثناء الحكم، فإنه كذلك يعلمنا كيف نعامل من حولنا حين يخطئون بمنطق العدل لا بمنطق الغضب، فها هو الصحابي حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه حين يخطئ خطأ فادحا أثناء استعداد النبي لفتح مكة، وحين أرسل للمشركين بنية النبي وعزمه على فتح مكة،لم يعاقبه النبي كما قد يتوقع البعض، ووضع في اعتباره نية حاطب التي لم تكن لتنوي المكر بالنبي أو المسلمين.
والقصة في صحيح البخاري عن علي رضي الله عنه قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا مرثد والزبير وكلنا فارس. قال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين. فأدركناها تسير على بعير لها، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: الكتاب. فقالت: ما معنا من كتاب. فأنخناها، فالتمسنا فلم نر كتابا. فقلنا: ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتخرجن الكتاب أو لنجردنك. فلما رأت الجد، أهوت إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجته، فانطلقنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: يا رسول الله، قد خان الله ورسوله والمؤمنين. فدعني فلأضرب عنقه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما حملك على ما صنعت؟ قال حاطب: والله ما بي أن لا أكون مؤمنا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم. أردت أن تكون لي عند القوم يد، يدفع الله بها عن أهلي ومالي، وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله بها عن أهله وماله. فقال صلى الله عليه وسلم: صدق ولا تقولوا إلا خيرا. فقال عمر: إنه قد خان الله والمؤمنين، فدعني فلأضرب عنقه. فقال: أليس من أهل بدر؟ لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة، أو فقد غفرت لكم."
لقد كان الصحابة غاضبين أشد الغضب من موقف حاطب، ويريدون له عقابا ليكون عبرة لغيره، ولكن النبي بلمسته العادلة والحانية، علمهم ألا يأخذهم الغضب بعيدا عن العدل حين يعالجون الأخطاء غير المبيتة، وأن يوازنوا بين حسنات الناس وسيئاتهم، بين أعمالهم الكريمة وبين أخطائهم.
هذا المنطق في العدل قد لا يتبينه الكثيرون في خضم الحياة، ولكن ما أحوج الناس إليه في علاقاتهم الإنسانية بشتى أنواعها، بين الزوجين، وبين الآباء و أبنائهم، بين المعلم والمتعلم.
العدل مع الأبناء:
عَن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضِيَ اللَّه عنْهُمَا أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ رَسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَقَال: إِنِّي نَحَلْتُ ابْني هذا غُلاماً كَانَ لي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّم: " أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحلْتَهُ مِثْلَ هَذا؟" فَقَال: لا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: "فأَرْجِعْه." (متفقٌ عليه).
محمد رافع 52 04-03-2013, 02:32 PM مُدَاراتُهُ، وَصَبرُهُ على ما يَكرَهُ صلَّى الله عليه وسلَّم
دارِ منَ النَّاس مَلالاتهم مَنْ لم يدارِ الناسَ ملُّوهُ
وَمُكرِمُ الناسِ حَبيبٌ لهمْ مَن أكرمَ الناسَ أحبُّوهُ
روى الشيخان، عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن رجلاً استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال:" ائذنوا له، بئس أخو العشيرة، فلما دخل عليه ألانَ لهُ القولَ وتطلَّق في وجههِ، وانبسط إليه، فلمَّا انطلق الرجلُ، قلتُ: يا رسول الله، حين رأيت الرجل قلت: كذا وكذا، فلما دخل ألنت له القول، وتطلقت في وجهه، وانبسطتَ إليه، فقال صلى الله عليه وسلم:" متى عهدتني فاحشاً إنَّ شرَّ الناس عند الله تعالى منزلةً يوم القيامة مَن تركه الناس اتقاء فحشه ". وفي رواية:" اتِّقاءَ شرِّه ".
وروى أحمد , وقال محققه إسناده صحيح على شرط الشيخين, عن أنس بن مالك قال: دخل النبي صلى الله عليه و سلم المسجد وعليه رداء نجراني غليظ الصنعة, فجاء أعرابي من خلفه فجذب بطرف ردائه جذبةً شديدةً حتى أثَّرت الصنعة في صفح عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: يا محمد أعطنا من مال الله الذي عندك. قال: فالتفت إليه النبي صلى الله عليه و سلم فتبسم ثم قال: " مُرُوا له ".
تنبيهـات:
الأول: قال الإمام ابن حبان في روضة العقلاء:" الواجب على العاقل أن يلزم المداراة مع من دفع إليه في العشرة من غير مقارفة المداهنة، إذ المداراة من المداري صدقة له؛ والمداهنة من المداهن تكون خطيئةً عليه، والفصل بين المداراة والمدهنة: هو أن يجعل المرء وقته في الرياضة لإصلاح الوقت الذي هو له مقيم بلزوم المداراة من غير ثَلْمٍ في الدِّين من جهة من الجهات، فمتى ما تخلَّق المرء بخلق شابهُ بعض ما كره الله منه في تخلقه، فهذا هو المداهنة، لأن عاقبتها تصير إلى قُلٍّ ويلازم المداراة؛ لأنها تدعو إلى صلاح أحواله، ومن لم يدار الناس مَلُّوه "اهـ.
الثاني : هذا الرجل المبهم - قال ابن بطال والقاضي، والقرطبي، والنووي رحمهم الله تعالى هو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، وكان يقال له: الأحمق المطاع.
الثالث: قال الخطابي: جمع هذا الحديث علماً، وأدباً، وليس قوله صلى الله عليه سلم لأمَّته في الأمور التي ينصحهم بها، ويضيفها إليهم من المكروه غيبة، وإنما يكون ذلك من بعضهم في بعض، بل الواجب عليه صلى الله عليه وسلم أن يبين ذلك، ويفصح به، ويعرف الناس أمرهم، فإن ذلك من باب النصيحة، والشفقة على الأمة، ولكنه لما جبل عليه من الكرم، وأعطيه من حسن الخلق، أظهر له البشاشة ولم يجبهه بالمكروه ليفتدي به أمته في اتقاء شر من هذا سبيله، وفي مداراته، ليسلموا من شره وغائلته.
الرابع : قال القرطبي: في هذا الحديث جواز غيبة المعلن بالفسق، أو بالفحش، ونحو ذلك مع جواز مداراته اتقاء شره، ما لم يؤد ذلك إلى المداهنة في دين الله تعالى، ثم قال تبعا للقاضي الحسين: الفرق بين المداراة والمداهنة أن المداراة بذل الدنيا، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما بذل له من دنياه.
حسن عشرته، والرفق في مكالمته، ومع ذلك فلم يمدحه بقول يناقض قوله فيه فعله، فإن قوله فيه حق، وفعله معه حسن معاشرته، فيزول بهذا التقدير الإشكال.
وقال القاضي رحمه الله تعالى: لم يكن عيينة والله أعلم حينئذ أسلم، فلم يكن القول فيه غيبة، أو كان أسلم، ولم يكن إسلامه ناصحا، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبين ذلك لئلا يغتر به من لم يعرف باطنه، وقد كانت منه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وبعده، أمور تدل على ضعف إيمانه، فيكون ما وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم من علامات النبوة، وأما إلانة القول له بعد أن دخل فعلى سبيل التألف له قال الحافظ: وقد ارتدَّ عيينة في زمن الصديق رضي الله تعالى عنه وحارب، ثم رجع، وأسلم، وحضر بعض الفتوح في عهد عمر رضي الله تعالى عنه.
الرابع: في بيان غريب ما سبق:
المداراة: بميم مضمومة، فدال مهملة، فألف فراء، فألف، فتاء تأنيث غير مهموز، وقد يهمز: ملاينة الناس، وحسن صحبتهم، واحتمالهم، لئلا ينفروا عنك.
الصبر: حبس النفس عند الجزع من المصيبة، بأن يتصور ما خلق لأجله ورجوعه إلى ربه عز وجل، وتذكره للمنة عليه، فيرى أن ما أبقى له أضعاف ما استرده منه، فيهون بذلك على نفسه.
محمد رافع 52 04-03-2013, 02:37 PM هيبتـه ووقـاره صلى الله عليه وسلم
روى أبو داود , وصححه الألباني, عن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه: أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو غلام شاب - فلما صلى إذا رجلان لم يصليا في ناحية المسجد, فدعا بهما, فجيء بهما ترعد فرائصهما فقال:" ما منعكما أن تصليا معنا " ؟ قالا: قد صلينا في رحالنا. فقال:" لاتفعلوا إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام ولم يصل, فليصل معه فإنها له نافلة ".
روى الطبراني , وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح": إسناده لا بأس به, عن قيلة بنت مخرمة قالت: لما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم متخشعاً في الجلسة أرعدت من الفرق، فقال جليسه: يا رسول الله أرعدت المسكينة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - ولم ينظر إليَّ، وأنا عند ظهره -: يا مسكينة، عليك بالسكينة، فلمَّا قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم أذهبَ اللهُ تعالى ما دخل قلبي من الرعب ".
وروى ابن ماجه , وصححه الألباني, عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله تعالى عنه قال: كنَّا نجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, فكلَّم النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً فأرعد، فقال:" هوِّن عليك، فإني لست بملَكٍ، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد ".
وروى الحاكم , وصححه الألباني في السلسلة , عن أسامة بن شريك قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه و سلم كأنما على رؤوسنا الطير لا يتكلم منا متكلم؛ إذ جاءه ناس من الأعراب فقالوا : يا رسول الله أفتنا في كذا أفتنا في كذا.. الحديث ".
وروى مسلم , عن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه قال: ما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أجلّ في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقتُ لأني لم أكن أملأ عيني منه ".
وروى الحاكم , وصححه الذهبي، عن ابن بريدة عن أبيه قال:" كنا إذا قعدنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لم ترتفع رؤوسنا إليه إعظاماً له ".
وروى الحاكم , وصححه الذهبي، عن سلمان رضي الله تعالى عنه أنه كان في عصابة يذكرون الله تعالى، فمرَّ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام بعضهم، فجاء نحوهم قاصداً، حتى دنا منهم، فكفُّوا عن الحديث إعظاماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ".
وروى الشيخان, عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة.. الحديث".
قال الإمام المحقق ابن القيم في كتابه "الروح" في الفرق بين المهابة والكبر:" إن المهابة أثر من آثار امتلاء القلب بعظمة الله ومحبته وإجلاله ، فإذا امتلأ القلب بذلك حل فيه النور ، ونزلت عليه السكينة ، وألبس رداء الهيبة ، فاكتسى وجهه الحلاوة والمهابة ، فأخذ بمجامع القلوب محبة ومهابة ، فحنت إليه الأفئدة ، وقرت به العيون ، وأنست به القلوب ، فكلامه نور ، ومدخله نور ، ومخرجه نور ، وعلمه نور ، إن سكت علاه الوقار ، وإن تكلم أخذ بالقلوب والأسماع .
قال: وأما الكبر فأثر من آثار العجب والبغي من قلب قد امتلأ بالجهل والظلم ، ترحلت منه العبودية ونزل عليه المقت ، فنظره إلى الناس شزر ، ومشيه بينهم تبختر ، ومعاملته لهم معاملة الاستيثار لا الإيثار ، ولا الإنصاف ، ذاهب بنفسه تيها ، لا يبدأ من لقيه بالسلام ، وإن رد عليه رأى أنه قد بالغ في الإنعام عليه ، لا ينطلق لهم وجهه ، ولا يسعهم خلقه ، ولا يرى لأحد عليه حقا ، ويرى حقوقه على الناس ، ولا يرى فضلهم عليه ، ويرى فضله عليهم ، ولا يزداد من الله إلا بعدا ، ولا من الناس إلا صغارا وبغضا ".
بيان غريب ما سبق:
الهيبة: بهاء مفتوحة، فمثناة تحتية ساكنة، فموحدة: المخافة والتقية.
الوقار: بواو، وقاف مفتوحتين، وراء: الرزانة.
قيلة: بفتح القاف، وسكون المثناة التحتية، بعدها لام.
مخرمة، بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة.
متخشعا: بميم مضمومة، ففوقية، فخاء معجمة مفتوحتين، فشين معجمة، فعين مهملة: من الخشوع، وهو في الصوت، والبصر، كالخضوع في البدن: وهو الانقياد والطاعة.
الفرق: بفاء، فراء مفتوحتين، فقاف: الخوف والفزع.
السكينة: تقدم الكلام عليها، أوائل الكتاب، عند شق صدره الشريف صلى الله عليه وسلم.
الرعب: بضم الراء، وسكون المهملة، وبالباء الموحدة: الفزع.
الفرائص: بفاء، فراء مفتوحتين، فألف فهمزة مكسورة، فصاد مهملة: جمع فريصة: وهي اللحمة التي بين جنب الدابة وكتفها، لا تزال ترعد.
محمد رافع 52 04-03-2013, 08:57 PM http://www.samysoft.net/forumim/shokr/1/868686.gif
سلمكم الله من كل سوء
وجزاك عنا خيراً
محمد رافع 52 05-03-2013, 01:51 PM ذكر مولد المصطفى والآيات التي ظهرت عند ولادته وقبلها وبعدها
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال حدثنا عبد الله ابن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو صالح
ح وأخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل ببغداد قال حدثنا أبو علي أحمد بن الفضل بن العباس بن خزيمة قال حدثنا أبو إسماعيل الترمذي قال حدثنا أبو صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن سعيد بن سويد عن عبد الأعلى بن هلال السلمي عن العرباض بن سارية صاحب رسول الله أنه قال
سمعت رسول الله يقول إني عبد الله وخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته وسأخبركم عن ذلك دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى بي ورؤيا أمي التي رأت وكذلك أمهات النبيين يرين وإن أم رسول الله رأت حين وضعته نوراً أضاءت له قصور الشام
وفي رواية يعقوب أضاءت منه قصور الشام تابعه عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح ورواه أيضاً أبو بكر بن أبي مريم الغساني عن سعيد بن سويد
وقوله إني عبد الله وخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته يريد به أنه كان كذلك في قضاء الله وتقديره قبل أن يكون أبو البشر وأول الأنبياء صلوات الله عليهم
وقوله وسأخبركم عن ذلك دعوة أبي إبراهيم عليه السلام يريد به أن إبراهيم عليه السلام لما أخذ في بناء البيت دعا الله تعالى جده أن يجعل ذلك البلد آمناً ويجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ويرزقهم من الثمرات والطيبات ثم قال (وأبعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم) فاستجاب الله تعالى دعاءه في نبينا وجعله الرسول الذي سأله إبراهيم عليه السلام ودعاه أن يبعثه إلى أهل مكة فكان النبي يقول أنا دعوة أبي إبراهيم ومعناه أن الله تعالى لما قضى أن يجعل محمداً خاتم النبيين وأثبت ذلك في أم الكتاب أنجز هذا القضاء بأن قيض إبراهيم عليه السلام للدعاء الذي ذكرنا ليكون إرساله إياه بدعائه كما يكون تقلبه من صلبه إلى أصلاب أولاده
وأما قوله وبشارة عيسى بي فهو أن الله تعالى أمر عيسى عليه
السلام فبشر به قومه فعرفه بنو إسرائيل قبل أن يخلق
وأما قوله ورؤيا أمي التي رأت فإنما عنى به والله أعلم
ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال
فكانت آمنة بنت وهب أم رسول الله تحدث أنها أتيت حين حملت بمحمد فقيل لها إنك قد حملت بسيد هذه الأمة فإذا وقع إلى الأرض فقولي:
أعيذه بالواحد
من شر كل حاسد
من كل بر عاهد
وكل عبد رائد
يرود غير رائد
فإنه عبد الحميد الماجد
حتى أراه قد أتى المشاهد
قال آية ذلك أن يخرج معه نور يملأ قصور بصرى من أرض الشام فإذا وقع فسميه محمداً فإن اسمه في التوراة أحمد يحمده أهل السماء وأهل الأرض واسمه في الانجيل أحمد يحمده أهل السماء وأهل الأرض
واسمه في الفرقان محمد فسميته بذلك
حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء وقراءة قال حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال قلت لأبي اليمان حدثنا أبو بكر بن أبي مريم الغساني عن سعيد بن سويد عن العرباض بن سارية السلمي قال
سمعت النبي يقول إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته وسأنبئكم بتأويل ذلك دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى قومه ورؤيا أمي التي رأت أنه خرج منها نور أضاءت منه قصور الشام
قصر أبو بكر بن أبي مريم بإسناده فلم يذكر فيه عبد الأعلى بن هلال وقصر بمتنه فجعل الرؤيا بخروج النور منها وحده وكذلك قال خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله
حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاءً وقراءةً قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال
حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله أنهم قالوا يا رسول الله أخبرنا عن نفسك فقال دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ورأت أمي حين حملت كأنه خرج منها نور أضاءت له
محمد رافع 52 05-03-2013, 01:55 PM بصرى من أرض الشام
وروى في ذلك عن أبي أمامة عن النبي
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا الفرج بن فضالة
ح وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان حدثنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا محمد بن الفضل بن جابر قال حدثنا محمد بن بكار قال حدثنا فرج بن فضالة عن لقمان بن عامر عن أبي أمامة قال
قيل يا رسول الله ما كان بدء أمرك قال دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى بن مريم ورأت أمي أنه خرج منها نور أضاءت منه قصور الشام
وفي رواية أبي داود خرج مني
وأخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد قال حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز قال حدثنا أحمد بن إسحاق بن صالح قال حدثنا محمد بن سنان العوقي قال حدثنا إبراهيم بن طهمان عن بديل بن ميسرة عن عبد الله بن شقيق عن ميسرة الفجر قال
قلت يا رسول الله متى كتبت نبياً قال وآدم بين الروح والجسد
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الأصبهاني قال حدثني الحسن بن الجهم التميمي وعبد الله بن بندار قالا حدثنا موسى بن المساور الضبي الثقة المأمون قال حدثنا عبد الله بن معاذ الصنعاني عن معمر بن راشد عن الزهري قال
أول ما ذكر من عبد المطلب جد رسول الله أن قريشاً خرجت من الحرم فارة من أصحاب الفيل وأجلت عنه قريش وهو غلام شاب فقال والله لا أخرج من حرم الله أبتغي العز في غيره فجلس عند البيت وقال
(لا هم إن المرء يمنع رحله فامنع حلالك)
وذكر مع ذلك غيره
قال فلم يزل ثابتاً في الحرم حتى أهلك الله تعالى الفيل وأصحابه فرجعت قريش وقد عظم فيهم لصبره وتعظيمه محارم الله تعالى فبينا هو على ذلك وعنده أكبر بنيه قد أدرك وهو الحارث بن عبد المطلب فأتي عبد المطلب في المنام فقيل له احفر زمزم خبية الشيخ الأعظم فاستيقظ فقال اللهم بين لي فأري في المنام مرة أخرى احفرتكتم بين الفرث
والدم في مبحث الغراب في قرية النمل مستقبلة الأنصاب الحمر فقام عبد المطلب يمشي حتى جلس في المسجد الحرام ينتظر ما سمي له من الآيات فنحرت بقرة بالحزورة فانقلتت من جازرها بحشاشة نفسها حتى غلبها الموت في المسجد في موضع زمزم فنحرت تلك البقرة في مكانها حتى احتمل لحمها فأقبل غراب يهوى حتى وقع في الفرث فبحث عن قرية النمل فقام عبد المطلب فحفر هنالك فجاءته قريش فقالت لعبد المطلب ما هذا الصنيع إنا لم نكن نزنك بالجهل لم تحفر في مسجدنا فقال عبد المطلب إني لحافر هذه البئر ومجاهد من صدني عنها فطفق يحفر هو وابنه الحارث وليس له يومئذ ولد غيره فتسفه عليهما ناس من قريش فنازعوهما وقاتلوهما وتناهى عنه أناس من قريش لما يعلمون من عتق نسبه وصدقه واجتهاده في دينهم يومئذ حتى إذا أمكن الحفر واشتد عليه الأذى نذر إن وفى له عشرة من الولد أن ينحر أحدهم ثم حفر حتى أدرك سيوفاً دفنت في زمزم حيث دفنت فلما رأت قريش أنه قد أدرك السيوف قالوا يا عبد المطلب أحذنا مما وجدت فقال عبد
المطلب إنما هذه السيوف لبيت الله فحفر حتى أنبط الماء فخرقها في القرار ثم بحرها حتى لا تنزف ثم بنى عليها حوضاً فطفق هو وابنه ينزعان فيملآن ذلك الحوض فيشرب منه الحاج فيكسره أناس حسدة من قريش بالليل فيصلحه عبد المطلب حين يصبح فلما أكثروا إفساده دعا عبد المطلب ربه فأري في المنام فقيل له قل اللهم إني لا أحلها لمغتسل ولكن هي لشارب حل وبل ثم كفيتهم فقام عبد المطلب حين اختلفت قريش في المسجد فنادى بالذي أرى ثم انصرف فلم يكن يفسد حوضه عليه أحد من قريش إلا رمي في جسده بداء حتى تركوا حوضه وسقايته
ثم تزوج عبد المطلب النساء فولد له عشرة رهط فقال اللهم إني كنت نذرت لك نحر أحدهم وإني أقرع بينهم فأصب بذلك من شئت فأقرع بينهم فصارت القرعة على عبد الله بن عبد المطلب وكان أحب ولده إليه فقال عبد المطلب اللهم أهو أحب إليك أم مائة من الإبل ثم أقرع بينه وبين المائة فكانت القرعة على مائة من الإبل فنحرها عبد المطلب مكان عبد الله .
وكان عبد الله أحسن من رؤي في قريش قط فخرج يوماً على نساء من قريش مجتمعات فقالت امرأة منهن يا نساء قريش أيتكن تتزوج هذا الفتى فتصطاد النور الذي بين عينيه وإن بين عينيه نوراً قال فتزوجته آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة فجامعها فحملت برسول الله
ثم بعث عبد المطلب عبد الله بن عبد المطلب يمتار له تمراً من يثرب فتوفي بها عبد الله بن عبد المطلب فولدت آمنة رسول الله فكان في حجر جده عبد المطلب فاسترضعته امرأة من بني سعد بن بكر فنزلت أمه التي ترضعه سوق عكاظ فرآه كاهن من الكهان فقال يا أهل عكاظ ا***وا هذا الغلام فإن له ملكاً فزاغت به أمه التي ترضعه فأنجاه الله تعالى
ثم شب عندها حتى إذا سعى وأخته من الرضاعة تحضنه جاءت أخته من أمه التي ترضعه فقالت أي أمتاه إني رأيت رهطا أخذوا أخي القرشي آنفاً فشقوا بطنه فقامت أمه التي ترضعه فزعة حتى تأتيه فإذا هو جالس منتقع لونه لا ترى عنده أحداً فارتحلت به حتى أقدمته على أمه فقالت لها اقبضي عني ابنك فإني قد خشيت عليه فقالت أمه لا والله ما بابني مما تخافين لقد رأيت وهو في بطني أنه خرج معتمدا على يديه رافعاً رأسه إلى السماء
فافتصلته أمه وجده عبد المطلب ثم توفيت أمه فيتم في حجر عبد المطلب فكان وهو غلام يأتي وسادة جده فيجلس عليها فيخرج جده وقد كبر فتقول الجارية التي تقود جده انزل عن وسادة جدك فيقول عبد المطلب دعوا ابني فإنه يحس بخير
قال فتوفى جده ورسول الله غلام فكفله أبو طالب وهو أخو عبد الله لأبيه وأمه فلما ناهز الحلم ارتحل به أبو طالب تاجراً قبل الشام فلما نزل تيماء رآه حبر من يهود تيماء فقال لأبي طالب ما هذا الغلام منك قال هو ابن أخي قال أشفيق أنت عليه قال نعم قال فوالله لئن قدمت به الشام لا تصل به إلى أهلك أبداً لت***نه اليهود إن هذا عدوهم فرجع به أبو طالب من تيماء إلى مكة
فلما بلغ رسول الله الحلم أجمرت امرأة من قريش الكعبة فطارت شررة من مجمرتها في ثياب الكعبة فاحترقت فوهى البيت للحريق الذي أصابه فتشاورت قريش في هدم الكعبة وهابوا هدمها فقال لهم الوليد بن المغيرة أتريدون بهدمها الإصلاح أم تريدون الإساءة فقالوا بل نريد الإصلاح قال فإن الله تعالى لا يهلك المصلح وقالت فمن ذا الذي يعلوها فيهدمها فقال الوليد بن المغيرة أنا أعلوها فأهدمها فارتقى الوليد على ظهر البيت ومعه الفأس فقال اللهم إنا لا نريد إلا الإصلاح ثم هدم فلما رأته قريش قد هدم منها ولم يأتهم ما يخافون من العذاب هدموها معه حتى إذا ابتنوا فبلغوا موضع الركن اختصمت قريش في الركن أي القبائل تلي رفعه حتى كاد يشجر بينهم فقالوا تعالوا نحكم أول من يطلع علينا من هذه السكة فاصطلحوا على ذلك فطلع رسول الله وهو غلام عليه وشاح نمرة فحكموه فأمر بالركن فوضع في ثوب ثم
أمر سيد كل قبيلة فأعطاه ناحية الثوب ثم ارتقى هو وأمرهم أن يرفعوه إليه فرفعوا إليه الركن فكان هو يضعه
ثم طفق لا يزداد فيهم على السن إلا رضا حتى سموه الأمين قبل أن ينزل عليه الوحي
قال وطفقوا لا ينحرون جزوراً للبيع إلا دعوه ليدعو لهم فيها
فلما استوى وبلغ أشده وليس له كثير مال استأجرته خديجة بنت خويلد إلى سوق حباشه وهو سوق بتهامة واستأجرت معه رجلاً من قريش فقال رسول الله وهو يحدث عنها
ما رأيت من صاحبة أجيد خيراً من خديجة ما كنا نرجع أنا وصاحبي إلا وجدنا عندها تحفة من طعام تخبؤه لنا
قال فلما رجعنا من سوق حباشة قال رسول الله قلت لصاحبي انطلق بنا نتحدث معاً عند خديجة فجئناها فبينما نحن عندها إذ دخلت علينا منشية من مولدات قريش وفي رواية مستنشية وهي الكاهنة من مولدات قريش فقالت أمحمد هذا والذي يحلف به إن جاء لخاطباً قال قلت كلا قال فلما خرجت أنا وصاحبي قال لي أمن خطبة خديجة تستحي فوالله ما من قرشية إلا تراك لها كفؤاً قال فرجعت أنا وصاحبي مرة أخرى قال فدخلت علينا تلك المنشية فقالت
أمحمد هذا والذي يحلف به إن جاء لخاطباً فقلت على حياء أجل قال فلم تعصني خديجة ولا أختها فانطلقت إلى أبيها خويلد بن أسد وهو ثمل من الشراب فقالت له هذا ابن أخيك محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يخطب خديجة وقد رضيت خديجة فدعاه فسأله عن ذلك فخطب إليه فأنكحه قال فخلقت خديجة أباها وحلت عليه حلة فدخل عليه بها رسول الله فلما صحا الشيخ من سكره قال ما هذا الخلوق وما هذه الحلة قالت أخت خديجة هذه حلة كساكها ابن أخيك محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أنكحته خديجة وقد بنى بها فأنكر الشيخ ثم صار إلى أن سلم ذلك واستحيا قال فطفقت رجاز من رجاز قريش تقول
(لا تزهدي خديج في محمد جلد يضيء كإضاء الفرقد)
فلبث رسول الله مع خديجة حتى ولدت له بعض بناته وكان له ولها القاسم
وقد زعم بعض العلماء أنها ولدت له غلاماً يسمى الطاهر
وقال بعضهم ما نعلمها ولدت غلاماً إلا القاسم وولدت بناته الأربع زينب وفاطمة ورقية وأم كلثوم
وطفق رسول الله بعد ما ولدت بعض بناته يحبب إليه الخلاء
قلت هذا الحديث عن الزهري رحمنا الله وإياه يجمع بيان أحوال من أحوال رسول الله إلا أنه على ما كان عنده من تقدم عام الفيل على ولادة رسول الله
وقد روينا عن غيره أن ولادة النبي كانت عام الفيل فسبيلنا أن نبدأ في شواهد ما روينا عن الزهري بحديث زمزم
محمد رافع 52 05-03-2013, 01:57 PM حفر زمزم على طريق الاختصار
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال
حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري عن مرثد بن عبد الله اليزني عن عبد الله بن زرير الغافقي قال سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول وهو يحدث حديث زمزم قال
بينا عبد المطلب نائم في الحجر أتي فقيل له احفر برة فقال وما برة ثم ذهب عنه حتى إذا كان الغد نام في مضجعه ذلك فأتي فقيل له احفر المضنونة قال وما مضنونة ثم ذهب عنه حتى إذا كان الغد عاد فنام في مضجعه ذلك فأتي فقيل له احفر طيبة فقال وما طيبة ثم ذهب عنه فلما كان الغد عاد فنام بمضجعه فأتي فقيل
له احفر زمزم فقال وما زمزم فقال لاتنزف ولا تذم ثم نعت له موضعها فقام يحفر حيث نعت له فقالت له قريش ما هذا يا عبد المطلب فقال أمرت بحفر زمزم فلما كشف عنه وبصروا بالظبي قالوا يا عبد المطلب إن لنا حقا فيها معك إنها لبئر أبينا إسماعيل فقال ما هي لكم لقد خصصت بها دونكم قالوا فحاكمنا قال نعم قالوا بيننا وبينك كاهنة بني سعد بن هذيم وكانت بأشراف الشام قال فركب عبد المطلب في نفر من بني أبيه وركب من كل بطن من أفناء قريش نفر وكانت الأرض إذ ذاك مفاوز فيما بين الشام والحجاز حتى إذا كانوا بمفازة من تلك البلاد فني ماء عبد المطلب وأصحابه حتى أيقنوا بالهلكة فاستسقوا القوم قالوا ما نستطيع أن نسقيكم وإنا لنخاف مثل الذي أصابكم فقال عبد المطلب لأصحابه ماذا ترون قالوا ما رأينا إلا تبع لرأيك فقال إني أرى أن يحفر كل رجل منكم حفرة بما بقي من قوته فكلما مات رجل منكم دفعه أصحابه في حفرته حتى يكون آخركم يدفعه صاحبه فضيعة رجل أهون من ضيعة جميعكم ففعلوا ثم قال والله إن إلقاءنا بأيدينا للموت لا نضرب في الأرض ونبتغي لعل الله عز وجل أن يسقينا عجز فقال لأصحابه ارتحلوا قال فارتحلوا وارتحل فلما جلس
على ناقته فانبعثت به انفجرت عين من تحت خفها بماء عذب فأناخ وأناخ أصحابه فشربوا وسقوا واستقوا ثم دعوا أصحابهم هلموا إلى الماء فقد سقانا الله تعالى فجاءوا واستقوا وسقوا ثم قالوا يا عبد المطلب قد والله قضي لك إن الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة لهو الذي سقاك زمزم انطلق فهي لك فما نحن بمخاصميك
قال ابن إسحاق فانصرفوا ومضى عبد المطلب فحفر فلما تمادى به الحفر وجد غزالين من ذهب وهما الغزالان اللذان كانت جرهم دفنت فيها حين أخرجت من مكة وهي بئر إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام الذي سقاه الله عز وجل حين ظمئ وهو صغير
قال ابن إسحاق ووجد عبد المطلب أسيافاً مع الغزالين فقالت قريش لنا معك في هذا يا عبد المطلب شرك وحق فقال لا ولكن هلموا إلى أمر نصف بيني وبينكم نضرب عليها بالقداح فقالوا فكيف نصنع قال اجعلوا للكعبة قدحين ولكم قدحين ولي قدحين فمن خرج له شيءُ كان له فقالوا له قد أنصفت وقد رضينا فجعل قدحين أصفرين للكعبة وقدحين أسودين لعبد المطلب وقدحين أبيضين لقريش ثم أعطوها الذي يضرب بالقداح وقام عبد المطلب يدعو الله ويقول
(لاهم أنت الملك المحمود ربي وأنت المبدئ المعيد)
(وممسك الراسية الجلمود من عندك الطارف والتليد)
(إن شئت ألهمت لما تريد لموضع الحلية والحديد)
(فبين اليوم لما تريد إني نذرت عاهد العهود)
(اجعله رب لي ولا أعود)
وضرب صاحب القداح القداح فخرج الأصفران على الغزالين للكعبة فضربهما عبد المطلب في باب الكعبة فكانا أول ذهب حليته وخرج الأسودان على السيوف والأدراع لعبد المطلب فأخذها وكانت قريش ومن سواهم من العرب في الجاهلية إذا اجتهدوا في الدعاء سجعوا فألفوا الكلام
وكانت فيما يزعمون قلما ترد إذا دعا بها داع
قال ابن إسحاق
فلما حفر عبد المطلب زمزم ودله الله عليها وخصه بها زاده الله تعالى بها شرفاً وخطراً في قومه وعطلت كل سقاية كانت بمكة حين ظهرت وأقبل الناس عليها التماس بركتها ومعرفة فضلها لمكانها من البيت وأنها سقيا الله عز وجل لإسماعيل عليه السلام
محمد رافع 52 05-03-2013, 01:59 PM نذر عبد المطلب
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق بن يسار قال
وكان عبد المطلب بن هاشم فيما يذكرون قد نذر حين لقي من قريش عند حفر زمزم ما لقي لئن ولد له عشرة نفر ثم بلغوا معه حتى يمنعوه لينحرن أحدهم لله عز وجل عند الكعبة فلما توافى بنوه عشرة الحارث والزبير وحجل وضرار والمقوم وأبو لهب والعباس وحمزة وأبو طالب وعبد الله وعرف أنهم سيمنعونه جمعهم ثم أخبرهم بنذره الذي نذر ودعاهم إلى الوفاء لله تعالى بذلك فأطاعوا
له وقالوا كيف نصنع قال يأخذ كل رجل منكم قدحاً فيكتب فيه اسمه ثم تأتوني ففعلوا ثم أتوه فذكر الحديث بطوله في دخوله على هبل عظيم أصنامهم
قال وكان عبد الله بن عبد المطلب أبو رسول الله أصغر بني أبيه وكان هو والزبير وأبو طالب لفاطمة بنت عمرو بن عائد بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم وكان فيما يزعمون أحب ولد عبد المطلب إليه فلما أخذ صاحب القداح القداح ليضرب بها قام عبد المطلب عند هبل يدعو ألا يخرج القدح على عبد الله فخرج القدح على عبد الله فأخذ عبد المطلب بيده وأخذ الشفرة ثم أقبل به إلى إساف ونائلة الوثنين اللذين تنحر قريش عندهما ذبائحهم لي***ه فقامت إليه قريش من أنديتها فقالوا ماذا تريد يا عبد المطلب قال أ***ه
قال ابن إسحاق وذكروا أن العباس بن عبد المطلب اجتره من تحت رجل أبيه حتى خدش وجه عبد الله خدشاً لم يزل في وجهه حتى مات فقالت قريش وبنوه والله لا ت***ه أبداً ونحن أحياء حتى نعذر فيه ولئن فعلت هذا لا يزال رجل منا يأتي ابنه حتى ي***ه فما بقاء الناس على ذلك وقال المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وكان عبد الله بن عبد المطلب ابن أخت القوم والله لا ت***ه أبداً حتى نعذر فيه فإن كان فداء فديناه بأموالنا
وذكر أشعارهم في ذلك إلى أن قال
فقالت له قريش وبنوه لا تفعل وانطلق إلى الحجاز فإن به عراقة يقال لها سجاع لها تابع فسلها ثم أنت على رأس أمرك فقال نعم فانطلقوا حتى جاءوها وهي فيما يزعمون بخيبر فسألوها فقالت ارجعوا عني اليوم حتى يأتيني تابعي فأسأله فخرج عبد المطلب يدعو الله
قال ثم غدوا إليها فقالت نعم قد جاءني تابعي بالخبر فكم الدية فيكم فقالوا عشر من الإبل وكانت كذلك قالت فارجعوا إلى بلادكم فقدموا صاحبكم وقدموا عشراً من الإبل ثم اضربوا عليه بالقداح فإن خرجت القداح على صاحبكم فزيدوا من الإبل حتى يرضى ربكم فإذا خرجت القداح على الإبل فقد رضي ربكم فانحروها ونجا صاحبكم فخرجوا حتى قدموا مكة وفعلوا
وذكر الحديث بطوله في سجع عبد المطلب ودعواته وخروج السهم على عبد الله وزيادة عشر عشر من الإبل كلما خرج السهم عليه حتى بلغت الإبل مائة
وقام عبد المطلب يدعو الله تعالى ثم ضربوا فخرج السهم على الإبل فقالت قريش ومن حضره قد انتهى رضا ربك وخلص لك
ابنك فقال عبد المطلب لا والله حتى أضرب عليها ثلاث مرات فضربوا فخرج على الإبل في المرات الثلاث فنحرت ثم تركت لا يصد عنها أحد
محمد رافع 52 05-03-2013, 02:02 PM تزوج عبد الله بن عبد المطلب أبي النبي بآمنة بنت وهب وحملها برسول الله ووضعها إياه
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال
ثم انصرف عبد المطلب آخذاً بيد عبد الله فمر به فيما يزعمون على امرأة من بني أسد بن عبد العزى بن قصي وهي عند الكعبة فقالت له حين نظرت إلى وجهه أين تذهب يا عبد الله فقال مع أبي قالت لك عندي من الإبل مثل التي نحرت عنك وقع على الآن فقال لها إن معي أبي الآن لا أستطيع خلافه ولا فراقه ولا أريد أن أعصيه شيئاً فخرج به عبد المطلب حتى أتى به وهب بن عبد مناف بن زهرة ووهب يومئذ سيد بني زهرة نسباً وشرفاً فزوجه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش نسباً وموضعاً
وهي لبرة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي وأم برة أم حبيب بنت أسد بن عبد العزى بن قصي وأم حبيب بنت أسد لبرة بنت عوف ابن عبيد يعني ابن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي
قال وذكروا أنه دخل عليها حين ملكها مكانه فوقع عليه عبد الله فحملت برسول الله قال ثم خرج من عندها حتى أتى المرأة التي قالت له ما قالت وهي أخت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى وهي في مجلسها فجلس إليها وقال لها مالك لا تعرضين علي اليوم مثل الذي عرضت أمس فقالت قد فارقك النور الذي كان فيك فليس لي بك اليوم حاجة وكانت فيما زعموا تسمع من أخيها ورقة بن نوفل وكان قد تنصر واتبع الكتب يقول إنه لكائن في هذه الأمة نبي من بني إسماعيل فقالت في ذلك شعراً واسمها أم قتال بنت نوفل بن أسد
(ألآن وقد ضيعت ما كنت قادراً عليه وفارقك الذي كان جاءكا)
(غدوت علي حافلاً قد بذلته هناك لغيري فالحقن بشانكا)
(ولا تحسبني اليوم خلواً وليتني أصبت جنيناً منك يا عبد داركا)
(ولكن ذاكم صار في آل زهرة به يدعم الله البرية ناسكا)
وقالت أيضاً
(عليك بآل زهرة حيث كانوا وآمنة التي حملت غلاما)
(ترى المهدي حين ترى عليه ونوراً قد تقدمه أماما)
وذكرت أبياتاً وقالت فيها
(فكل الخلق يرجوه جميعا يسود الناس مهتدياً إماما)
(براه الله من نور صفاء فأذهب نوره عنا الظلاما)
(وذلك صنع ربك إذ حباه إذا ما سار يوماً أو أقاما)
(فيهدي أهل مكة بعد كفر ويفرض بعد ذلكم الصياما)
قلت وهذا الشيء قد سمعته من أخيها قد سمعته من أخيها في صفة رسول الله ويحتمل أن كانت أيضا امرأة عبد الله مع آمنة
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال حدثني والدي إسحاق بن يسار قال
حدثت أنه كان لعبد الله بن عبد المطلب امرأة مع آمنة بنت وهب بن عبد مناف فمر بامرأته تلك وقد أصابه أثر من طين عمل به فدعاها إلى نفسه فأبطأت عليه لما رأت من أثر الطين فدخل فغسل عنه أثر الطين ثم دخل عامداً إلى آمنة ثم دعته صاحبته التي كان أراد إلى نفسها فأبى للذي صنعت به أول مرة فدخل على آمنة فأصابها ثم خرج فدعاها إلى نفسه فقالت لا حاجة لي بك مررت بي وبين عينيك غرة فرجوت أن أصيبها
منك فلما دخلت على آمنة ذهبت بها منك
قال ابن إسحاق فحدثت أن امرأته تلك كانت تقول لمر بي وإن بين عينيه لنوراً مثل الغرة ودعوته له رجاء أن يكون لي فدخل على آمنة فأصابها فحملت برسول الله
أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي رحمه الله قال حدثنا أبو الأحرز محمد بن عمر بن جميل الأزدي قال حدثنا محمد ابن يونس القرشي قال حدثنا يعقوب بن محمد الزهري
ح وحدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء قال حدثنا أبو جعفر محمد ابن محمد بن عبد الله البغدادي قال حدثنا هاشم بن مرثد الطبراني قال حدثنا يعقوب بن محمد الزهري قال حدثنا عبد العزيز بن عمران قال حدثنا عبد الله بن جعفر عن ابن عون عن المسور بن مخرمة عن ابن عباس عن أبيه قال
قال عبد المطلب قدمت اليمن في رحلة الشتاء فنزلت على حبر من اليهود فقال لي رجل من أهل الزبور يا عبد المطلب أتأذن لي أن أنظر إلى بدنك فقلت أنظر ما لم يكن عورة قال ففتح إحدى منخري فنظر فيه ثم نظر في الآخر فقال أشهد أن في إحدى يديك ملكاً وفي الأخرى نبوة وأرى ذلك في بني زهرة فكيف ذلك فقلت لا أدري قال هل لك من شاعة قال قلت وما الشاعة قال زوجة قلت
أما اليوم فلا قال إذا قدمت فتزوج فيهن فرجع عبد المطلب إلى مكة فتزوج هالة بنت وهب بن عبد مناف فولدت له حمزة وصفية وتزوج عبد الله بن عبد المطلب آمنة بنت وهب فولدت رسول الله فقالت قريش حين تزوج عبد الله آمنة فلج عبد الله على أبيه وقد قيل إنها كانت امرأة من خثعم
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا عبد الوارث بن إبراهيم العسكري قال حدثنا مسدد قال حدثنا مسلمة بن علقمة عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس قال
كانت امرأة من خثعم تعرض نفسها في مواسم الحج وكانت ذات جمال وكان معها أدم تطوف بها كأنها تبيعها فأتت على عبد الله بن عبد المطلب فأظن أنه أعجبها فقالت إني والله ما أطوف بهذا الأدم وما لي إلى ثمنها حاجة وإنما أتوسم الرجل هل أجد كفؤا فإن كانت لك إلي حاجة فقم فقال لها مكانك حتى أرجع إليك فانطلق إلى رحله
فبدأ فواقع أهله فحملت بالنبي فلما رجع إليها قال ألا أراك ههنا قالت ومن كنت قال الذي واعدتك قالت لا ما أنت هو ولئن كنت هو لقد رأيت بين عينيك نوراً ما أراه الآن
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر الفارسي قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو غسان محمد بن يحيى الكناني قال حدثني أبي عن ابن إسحاق قال
كان هشام بن عروة يحدث عن أبيه عن عائشة قالت
كان يهودي قد وسكن مكة يتجر بها فلما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله قال في مجلس من قريش يا معشر قريش هل ولد فيكم الليلة مولود فقال القوم والله ما نعلمه قال الله أكبر أما إذ أخطأكم فلا بأس انظروا واحفظوا ما أقول لكم ولد فيكم هذه الليلة نبي هذه الأمة الأخيرة بين كتفيه علامة فيها شعرات متواترات كأنهن عرف فرس لا يرضع ليلتين وذلك أن عفريتا من الجن أدخل أصبعه في فمه فمنعه الرضاع فتصدع القوم من مجلسهم وهم يتعجبون من قوله وحديثه فلما صاروا إلى منازلهم أخبر كل إنسان منهم أهله فقالوا لقد ولد لعبد الله بن عبد المطلب غلام سموه محمداً فالتقى القوم فقالوا هل سمعتم حديث هذا اليهودي بلغكم مولد هذا الغلام فانطلقوا حتى جاءوا اليهودي فأخبروه الخبر قال فاذهبوا معي حتى أنظر إليه فخرجوا به حتى أدخلوه على آمنة فقال أخرجي إلينا ابنك فأخرجته وكشفوا له عن ظهره فرأى تلك الشامة
فوقع اليهودي مغشياً عليه فلما أفاق قالوا ويلك مالك قال ذهبت والله النبوة من بني إسرائيل أفرحتم به يا معشر قريش أما والله ليسطون بكم سطوة يخرج خبرها من المشرق والمغرب
وكان في النفر الذي قال لهم اليهودي ما قال هشام والوليد ابنا المغيرة ومسافر بن أبي عمرو وعبيدة بن الحارث وعقبة بن ربيعة شاب فوق المحتلم في نفر من بني عبد مناف وغيرهم من قريش
وكذلك رواه محمد بن يحيى الذهلي عن أبي غسان محمد بن يحيى ابن عبد الحميد الكناني
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال
حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني يوسف بن حماد المعني البصري قال حدثنا عبد الأعلى
ح قال وحدثنا يعقوب قال حدثنا عمار قال حدثني سلمة جميعاً عن محمد بن إسحاق قال حدثني صالح بن إبراهيم عن
يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة قال حدثني من شئت من رجال قومي ممن لا أتهم عن حسان بن ثابت قال
إني لغلام يفعة ابن سبع سنين أو ثمان أعقل كلما رأيت وسمعت إذا يهودي بيثرب يصرخ ذات غداة يا معشر يهود فاجتمعوا إليه وأنا أسمع قالوا ويلك مالك قال طلع نجم أحمد الذي ولد به في هذه الليلة
وفي رواية يونس بن بكير الذي يبعث فيه وهو غلط
زاد القطان في روايته قال محمد بن إسحاق فسألت سعيد بن عبد الرحمن بن حسان ابن كم كان حسان مقدم رسول الله المدينة قال ابن ستين سنة
قال محمد وقدم رسول الله المدينة وهو ابن ثلاث وخمسين سنة فسمع حسان ما سمع وهو ابن سبع سنين
وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا أبو بشر مبشر ابن الحسن قال حدثنا يعقوب بن محمد الزهري قال حدثنا عبد العزيز
ابن عمران قال حدثنا عبد الله بن عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم عن أبيه عن ابن أبي سويد الثقفي عن عثمان بن أبي العاص قال
حدثنى أمي أنها شهدت ولادة آمنة بنت وهب رسول الله ليلة ولدته قالت فما شيءُ أنظر إليه في البيت إلا نور وإني لأنظر إلى النجوم تدنو حتى إني لأقول ليقعن علي
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال
وكانت آمنة بنت وهب أم رسول الله تحدث أنها أتيت حين حملت بمحمد فقيل لها إنك قد حملت بسيد هذه الأمة فإذا وقع على الأرض فقولي
(أعيذه بالواحد من شر كل حاسد )
وذكر سائر الأبيات كما مضى
وقال فإن آية ذلك أن يخرج معه نور يملأ قصور بصرى من أرض الشام فإذا وقع فسميه محمداً فإن اسمه في التوراة والإنجيل أحمد
يحمده أهل السماء وأهل الأرض واسمه في القرآن محمد فسمته بذلك فلما وضعته بعثت إلى عبد المطلب جاريتها وقد هلك أبوه عبد الله وهي حبلى ويقال إن عبد الله هلك والنبي ابن ثمانية وعشرين شهراً فالله اعلم أي ذلك كان فقالت قد ولد لك الليلة غلام فانظر إليه فلما جاءها خبرته خبره وحدثته بما رأت حين حملت به وما قيل لها فيه وما أمرت أن تسميه فأخذه عبد المطلب فأدخله على هبل في جوف الكعبة فقام عبد المطلب يدعو الله ويتشكر الله عز وجل الذي أعطاه إياه فقال
(الحمد لله الذي أعطاني هذا الغلام الطيب الأردان)
(قد ساد في المهد على الغلمان أعيذه بالبيت ذي الأركان)
(حتى يكون بلغة الفتيان حتى أراه بالغ البنيان)
(أعيذه من كل ذي شنآن من حاسد مضطرب الجنان)
(ذي همة ليست له عينان حتى أراه رافع اللسان)
(أنت الذي سميت في الفرقان في كتب ثابتة المباني)
(أحمد مكتوب على اللسان )
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أنبأني أحمد بن كامل القاضي شفاهاً أن محمدً بن إسماعيل السلمي حدثهم قال حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن أبي الحكم التنوخي قال
كان المولود إذا ولد من قريش دفعوه إلى نسوة من قريش إلى الصبح فيكفين عليه برمة فلما ولد رسول الله دفعه عبد المطلب إلى نسوة يكفين عليه برمة فلما أصبحن أتين فوجدن البرمة قد انفلقت عليه باثنتين فوجدنه مفتوح العينين شاخصاً ببصره إلى السماء فأتاهن عبد المطلب فقلن له ما رأينا مولوداً مثله وجدناه قد انفلقت عنه البرمة ووجدناه مفتوح العينين شاخصاً ببصره إلى السماء فقال احفظنه فإني أرجو أن يصيب خيراً فلما كان اليوم السابع *** عنه ودعا له قريشاً فلما أكلوا قالوا يا عبد المطلب أرأيت ابنك هذا الذي أكرمتنا على وجهه ما سميته قال سميته محمداً قالوا فلم رغبت به عن أسماء أهل بيته قال أردت أن يحمده الله تعالى في السماء وخلقه في الأرض
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن حاتم الداربجردي بمرو قال حدثنا أبو عبد الله البوشنجي قال حدثنا أبو أيوب سليمان بن سلمة الخبائري قال حدثنا يونس بن عطاء عن عثمان بن ربيعة بن زياد بن الحارث الصدائي بمصر حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس عن أبيه العباس بن عبد المطلب قال
ولد رسول الله مختوناً مسروراً قال فأعجب به جده عبد المطلب وحظي عنده وقال ليكونن لابني هذا شأن فكان له شأن
محمد رافع 52 05-03-2013, 02:05 PM كيف فعل ربك بأصحاب الفيل في السنة التي ولد فيها رسول الله وما كان قبله من أمر تبع على سبيل الاختصار
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق بن يسار قال
ثم إن تبعاً أقبل حتى نزل على المدينة فنزل بوادي قباء فحفر فيها بئراً فهي اليوم تدعى بئر الملك قال وبالمدينة إذ ذاك يهود والأوس والخزرج فنصبوا له فقاتلوه فجعلوا يقاتلونه بالنهار فإذا أمسى أرسلوا إليه بالضيافة إلى اصحابه فلما فعلوا به ذلك ليالي استحيا فأرسل إليهم يريد صلحهم فخرج إليه رجل من الأوس يقال له أحيحة بن الجلاح وخرج إليه من يهود بنيامين القرظي فقال له أحيحة بن الجلاح أيها الملك نحن قومك وقال بنيامين أيها الملك هذه بلدة لا تقدر أن تدخلها لو جهدت بجميع جهدك قال ولم قال لأنها منزل نبي من الأنبياء يبعثه
الله تعالى من قريش وجاء تبعاً مخبر أخبره عن اليمن أنه بعث عليها نار تحرق كل ما مرت به فخرج سريعاً وخرج معه نفر من يهود فيهم بنيامين وغيره وذكر شعراً وقال فيه
(ألقى إلي نصيحة كي أزدجر عن قرية محجوزة بمحمد)
قال ثم خرج يسير حتى إذا كان بالدف من جمدان من مكة على ليلتين أتاه أناس من هذيل بن مدركة وتلك منازلهم فقالوا أيها الملك ألا ندلك على بيت مملوء ذهباً وياقوتاً وزبرجداً تصيبه وتعطينا منه قال بلى فقالوا هو بيت بمكة فراح تبع وهو مجمع لهدم البيت فبعث الله تعالى عليه ريحاً فقفعت يديه ورجليه وشنجت جسده فأرسل إلى من كان معه من يهود فقال ويحكم ما هذا الذي أصابني فقالوا أحدثت شيئاً قال وما أحدثت فقالوا أحدثت نفسك بشيء قال نعم فذكر ما أجمع عليه من هدم البيت وإصابة ما فيه قالوا ذلك بيت الله الحرام ومن أراده هلك قال ويحكم وما المخرج مما دخلت فيه قالوا تحدث نفسك أن تطوف به وتكسوه وتهدي له فحدث نفسه بذلك فأطلقه الله تعالى ثم سار حتى دخل مكة فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة فأري في المنام أن يكسو البيت فكساه
وذكر الحديث في نحره بمكة وإطعامه الناس ثم رجوعه إلى اليمن و***ه وخروج ابنه دوس إلى قيصر واستغاثته به فيما فعل قومه بأبيه
وان قيصر كتب إلى النجاشي ملك الحبشة وأن النجاشي بعث معه ستين ألفاً واستعمل عليهم روزبة حتى قاتلوا حمير ***ه أبيه ودخلوا صنعاء فملكوها وملكوا اليمن وكان في أصحاب روزبة رجل يقال له أبرهة بن الأشرم وهو أبو يكسوم فقال لروزبة أنا أولى بهذا الأمر منك و***ه مكراً وأرضى النجاشي
ثم إنه بنى كعبة باليمن وجعل فيها قباباً من ذهب وأمر أهل مملكته بالحج بها يضاهي بذلك البيت الحرام وأن رجلاً من بني ملكان بن كنانة وهو من الحمس خرج حتى قدم اليمن فدخلها فنظر إليها ثم قعد فيها يعني لحاجة الإنسان فدخلها أبرهة فوجد تلك العذرة فيها فقال من اجترأ علي بهذا فقال له أصحابه أيها الملك هذا رجل من أهل ذلك البيت الذي يحجه العرب قال فعلي اجترأ بهذا ونصرانيتي لأهدمن ذلك البيت ولنخربنه حتى لا يحجه حاج أبداً فدعا بالفيل وأذن في قومه بالخروج ورحل ومن اتبعه من أهل اليمن وكان أكثر من تبعه منهم عك والأشعريون وخثعم فخرجوا يرتجزون
(إن البلد لبلد مأكول تأكله عك والأشعريون والفيل)
قال ثم خرج يسير حتى إذا كان ببعض طريقه بعث رجلا من بني سليم ليدعو الناس إلى حج بيته الذي بناه فتلقاه أيضاً رجل من الحمس من بني كنانة ف***ه فازداد بذلك لما بلغه حنقا وجرأة وأحث السير
والانطلاق وطلب من أهل الطائف دليلاً فبعثوا معه رجلاً من هذيل يقال له نفيل فخرج بهم يهديهم حتى إذا كانوا بالمغمس نزلوا المغمس من مكة على ستة أميال فبعثوا مقدماتهم إلى مكة فخرجت قريش متفرقين عباديد في رؤوس الجبال وقالوا لا طاقة لنا بقتال هؤلاء القوم فلم يبق بمكة أحد إلا عبد المطلب بن هاشم أقام على سقايته وغير شيبة بن عثمان بن عبد الدار أقام على حجابة البيت فجعل عبد المطلب يأخذ بعضادتي الباب ثم يقول
(لا هم إن العبد يم نع رحله فامنع حلالك)
(لا يغلبوا بصليبهم ومحالهم عدواً محالك)
(إن كنت تاركهم وكع بتنا فأمر ما بدا لك)
يقول أي شيء ما بدا لك لم تكن تفعله بنا
ثم إن مقدمات أبرهة أصابت نعماً لقريش فأصابت فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم فلما بلغه ذلك خرج حتى انتهى إلى القوم وكان حاجب أبرهة رجلا من الأشعريين وكانت له بعبد المطلب معرفة قبل ذلك فلما انتهى إليه عبد المطلب قال الأشعري ما حاجتك قال حاجتي أن تستأذن لي على الملك فدخل عليه حاجبه فقال له أيها الملك جاءك سيد قريش الذي يطعم إنسها في السهل ووحشها في الجبل فقال إئذن له وكان عبد المطلب رجلاً جسيماً جميلاً فأذن له فدخل عليه فلما أن رآه أبو يكسوم أعظمه أن يجلسه تحته وكره أن يجلس معه على سريره فنزل من سريره فجلس على الأرض وأجلس عبد المطلب معه ثم قال ما حاجتك قال حاجتي مائتا بعير أصابتها لي مقدمتك فقال ابو يكسوم والله لقد رأيتك فأعجبتني ثم تكلمت فزهدت فيك فقال له ولم أيها الملك قال لأني جئت إلى بيت هو منعتكم من العرب وفضلكم في الناس وشرفكم عليهم ودينكم الذي تعبدون فجئت لأكسره وأصيبت لك مائتا بعير فسألتك عن حاجتك فكلمتني في إبلك
ولم تطلب إلي في بيتكم فقال له عبد المطلب أيها الملك إنما أكلمك في مالي ولهذا البيت رب هو يمنعه لست أنا منه في شيء فراع ذلك أبا يكسوم وأمر برد إبل عبد المطلب عليه ثم رجع وأمسك ليلتهم تلك ليلة كالحة نجومها كأنها تكلمهم كلاماً لاقترابها منهم فأحست أنفسهم بالعذاب وخرج دليلهم حتى دخل الحرم وتركهم وقالم الأشعريون وخثعم فكسروا رماحهم وسيوفهم وبرئوا إلى الله تعالى أن يعينوا على هدم البيت فباتوا كذلك بأخبث ليلة ثم أدلجوا بسحر فبعثوا فيلهم يريدون أن يصبحوا بمكة فوجهوه إلى مكة فربض فضربوه فتمرغ فلم يزالوا كذلك حتى كادوا أن يصبحوا
ثم إنهم أقبلوا على الفيل فقالوا لك الله ألا يوجهك إلى مكة فجعلوا يقسمون له ويحرك أذنيه فأخذ عليهم حتى إذا أكثروا من أنفسهم انبعث فوجهوه إلى اليمن راجعاً فتوجه يهرول فعطفوه حين رأوه منطلقاً حتى إذا ردوه إلى مكانه الأول ربض وتمرغ فلما رأوا ذلك أقسموا له وجعل يحرك أذنيه فأخذ عليهم حتى إذا أكثروا انبعث فوجهوه إلى اليمن فتوجه يهرول فلما رأوا ذلك ردوه فرجع بهم حتى إذا كان في مكانه الأول ربض فضربوه فتمرغ فلم يزالوا كذلك يعالجوه حتى كان مع طلوع الشمس طلعت عليهم الطير معها وطلعت عليهم طير من البحر أمثال اليحاميم سود فجعلت ترميهم وكل طائر في منقاره حجر وفي رجليه
حجران فإذا رمت بتلك مضت وطلعت أخرى فلا يقع حجر من حجارتهم تلك على بطن إلا خرقه ولا عظم إلا أوهاه وثقبه وثاب أبو يكسوم راجعاً قد أصابته بعض الحجارة فجعل كلما قدم أرضاً انقطع منه فيها إرب حتى إذا انتهى إلى اليمن ولم يبق منه شيءُ إلا باده فلما قدمها انصدع صدره وانشق بطنه وهلك ولم يصب من خثعم والأشعريين أحد
وذكر ما قالوا في ذلك من الشعر قال وقال عبد المطلب وهو يرتجز ويدعو على الحبشة ويقول
(يا رب لا أرجو لهم سواكا يا رب فامنع منهم حماكا)
(إن عدو البيت من عاداكا إنهم لن يقهروا قواكا)
قلت كذا قال محمد بن إسحاق بن يسار في شأن عبد المطلب وأبرهة
وقد حدثنا محمد بن عبد الله الحافظ إملاء قال حدثنا أبو زكريا العنبري قال حدثنا محمد بن عبد السلام قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا جرير عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس قال
أقبل أصحاب الفيل حتى إذا دنوا من مكة استقبلهم عبد المطلب فقال لملكهم ما جاء بك إلينا ألا بعثت فنأتيك بكل شيء أردت فقال أخبرت بهذا البيت الذي لا يدخله أحدٌ إلا أمن فجئت أخيف أهله فقال إنا نأتيك بكل شيء تريد فارجع فأبى إلا أن يدخله وانطلق يسير نحوه وتخلف عبد المطلب فقام على جبل فقال لا أشهد مهلك هذا البيت وأهله ثم قال
(اللهم إن لكل إله حلالاً فامنع حلالك)
(لا يغلبن محالهم أبداً محالك)
(اللهم فإن فعلت فأمر ما بدا لك)
فأقبلت مثل السحابة من نحو البحر حتى أظلتهم طير أبابيل التي قال الله تبارك وتعالى (ترميهم بحجارة من سجيل) قال فجعل الفيل يعج عجا (فجعلهم كعصفٍ مأكول)
وعندي في هذا قصة أخرى طويلة بإسناد منقطع وفيما ذكرنا فيما قصدناه كفاية
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين عن عبد الله بن عباس في قوله تعالى (وأرسل عليهم طيراً أبابيل ترميهم) قال طير لها خراطيم كخراطيم
الطير وأكف كأكف الكلاب
وحدثنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي قال حدثنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله (طيراً أبابيل) يقول يتبع بعضها بعضاً وفي قوله (كعصف مأكول) يقول التبن
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال حدثنا أحمد بن عبيد قال حدثنا محمد بن العباس المؤدب قال حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن ابن مسعود في قوله (طيراً أبابيل) قال فرق
أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن محمد بن قتادة قال حدثنا أبو منصور العباس بن الفضل النضروي قال حدثنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا خالد بن عبد الله عن حصين عن عكرمة في قوله (طيراً أبابيل) يقول كانت طيراً نشأت من قبل البحر لها مثل رؤوس السباع لم تر قبل ذلك ولا بعده فأثرت في جلودهم أمثال الجدري فإنه لأول ما رؤي الجدري
قال وحدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن عبيد بن عمير الليثي قال
لما أراد الله عز وجل أن يهلك أصحاب الفيل بعث عليهم طيراً نشأت
من البحر كأنها الخطاطيف بلق كل طير منها معه ثلاثة أحجار مجزعة في منقاره حجر وحجران في رجليه ثم جاءت حتى صفت على رؤوسهم ثم صاحت وألقت ما في أرجلها ومناقيرها فما من حجر وقع منها على رجل إلا خرج من الجانب الآخر إن وقع على رأسه خرج من دبره وإن وقع على شيء من جسده خرج من جانب آخر
قال وبعث الله ريحا شديدة فضربت أرجلها فزادها شدة فأهلكوا جميعا
وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال حدثنا أحمد بن عبيد قال حدثنا أبو عمران التستري قال حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي قال حدثنا ثابت بن يزيد قال حدثنا هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس قال
جاء أصحاب الفيل حتى نزلوا الصفاح فجاءهم عبد المطلب جد النبي فقال إن هذا بيت الله تعالى لم يسلط الله عليه أحداً قالوا لا نرجع حتى نهدمه قال وكانوا لا يقدمون فيلهم إلا تأخر فدعا الله الطير الأبابيل فأعطاها حجارة سوداً عليها الطين فلما حاذتهم رمتهم فما بقي منهم أحد إلا أخذته الحكة فكان لا يحك إنسان منهم جلده إلا تساقط لحمه
أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد قال حدثنا أبو الحسن علي بن حسن المصري قال حدثنا محمد بن إسماعيل السلمي قال حدثنا أبو صالح قال حدثني الليث قال حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن ابن شهاب عن محمد بن عروة عن عبد الله بن الزبير أن رسول الله قال
إنما سمي الله البيت العتيق لأن الله تعالى أعتقه من الجبابرة فلم يظهر عليه جبار قط
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال
حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة عن عائشة زوج النبي قالت
لقد رأيت قائد الفيل وسائسه أعميين مقعدين يستطعمان بمكة
محمد رافع 52 05-03-2013, 02:08 PM ارتجاس ايوان كسرى وسقوط شُرفه ورؤيا الموبذان وخمود النيران وغير ذلك من الآيات ليلة ولد رسول الله
أخبرنا أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد رحمه الله قال أخبرنا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي ح وحدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن محمد بن موسى السلمي قال أخبرنا الحسين بن علي بن محمد بن يحيى ومحمد بن محمد بن داود وإبراهيم ابن محمد النصراباذي واللفظ للحسين قالوا حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس قال حدثنا علي بن حرب الموصلي قال حدثنا أبو أيوب يعلى بن عمران من ولد جرير بن عبد الله البجلي قال حدثنا مخزوم بن هانئ المخزومي عن أبيه وأتت عليه مائة وخمسون سنة قال
لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله ارتجس إيوان كسرى وسقطت منه أربع عشرة شرفة وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك
بألف عام وغاضت بحيرة ساوة ورأى الموبذان إبلا صعاباً تقود خيلا عراباً قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها
فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك وتصبر عليه تشجعاً ثم رأى أن لا يدخر ذلك عن وزرائه ومرازبته حين عيل صبره فجمعهم ولبس تاجه وقعد على سريره ثم بعث إليهم فلما اجتمعوا عنده قال أتدرون فيما بعثت إليكم قالوا لا إلا أن يخبرنا الملك بذلك فبيناهم كذلك إذ أتاه كتاب بخمود نار فارس فازداد غما إلى غمه ثم أخبرهم بما هاله فقال الموبذان وأنا أصلح الله الملك قد رأيت في هذه الليلة ثم قص عليه رؤياه في الإبل قال أي شيء يكون هذا يا موبذان وكان أعلمهم في أنفسهم قال حدث يكون من ناحية العرب فكتب كسرى عند ذلك من ملك الملوك كسرى إلى النعمان بن المنذر أما بعد فوجه إلي برجل عالم بما أريد أن أسأله عنه فوجه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن حيان بن بقيلة الغساني فلما قدم عليه قال ألك علم بما أريد أن أسألك عنه قال يسألني أو يخبرني الملك فإن كان عندي منه علم أخبرته وإلا دللته على من يعلمه قال فأخبره بما رأى قال علم ذلك عند خال لي يسكن مشارف الشام يقال له سطيح قال فاذهب إليه فاسأله وائتني بتأويل ما عنده فنهض عبد المسيح حتى قدم على سطيح وقد أشفى على الموت فسلم عليه وحياه فلم يحر جواباً فأنشد عبد المسيح يقول
(أصم أم يسمع غطريف اليمن أم فاد فازلم به شأو العنن)
(يا فاصل الخطة أعيت من ومن وكاشف الكربة عن وجه غضن)
(أتاك شيخ الحي من آل سنن وأمه من آل ذئب بن حجن)
(أرزق بهم الناب صوار الأذن أبيض فضفاض الرداء والبدن)
(رسول قيل العجم يسرى بالرسن لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن)
(تجوب بي الأرض علنداة شزن ترفعني وجناً وتهوي بي وجن)
(حتى أتى عاري الجآجي والقطن تلفه في الريح بوغاء الدمن)
(كأنما حثحث من حضني ثكن )
قال ففتح سطيح عينيه ثم قال عبد المسيح على جمل مسيح إلى سطيح وقد أوفى على الصريح بعثك ملك بني ساسان لارتجاس الإيوان وخمود النيران ورؤيا الموبذان رأى إبلا صعاباً تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة وظهر صاحب الهراوة وفاض وادي السماوة وغاضت بحيرة ساوة وخمدت نار فارس فليس الشام لسطيح شاما يملك منهم ملوك وملكات
على عدد الشرفات وكل ما هو آت آت ثم قضى سطيح مكانه فنهض عبد المسيح إلى رحله وهو يقول
(شمر فإنك ماضي الهم شمير لا يفزعنك تفريق وتغيير)
(إن يمس ملك بني ساسان أفرطهم فإن ذلك أطوار دهارير)
(فربما ربما أضحوا بمنزلة يهاب صولتها الأسد المهاصير)
(منهم أخو الصرح بهرام وإخواته والهرمزان وسابور وسابور)
(والناس أولاد علات فمن علموا أن قد أقل فمحقور ومهجور)
(وهم بنوا الأم إما إن رأوا نشباً فذاك بالغيب محفوظ ومنصور)
(والخير والشر مقرونان في قرن والخير متبع والشر محذور)
قال فلما قدم عبد المسيح على كسرى فأخبره بقول سطيح فقال إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكاً كانت أمور وأمور فملك منهم عشرة في أربع سنين والباقون إلى أن *** عثمان بن عفان رضي الله عنه
قلت ولسطيح قصة أخرى في إخباره حين قدم مكة من لقيه من قريش منهم عبد مناف بن قصي بأحوال النبي وخلفائه بعده
وله قصة أخرى ولشق في تأويل رؤيا ربيعة بن نصر اللخمي
محمد رافع 52 05-03-2013, 02:12 PM رضاع النبي ومرضعته وحاضنته
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو
العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال
فدفع رسول الله إلى أمه والتمس له الرضعاء واسترضع له من حليمة بنت أبي ذويب وأبو ذؤيب عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر
واسم أبي رسول الله الذي أرضعه الحارث بن عبد العزى بن رفاعة بن ملان بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن
وإخوته من الرضاعة عبد الله بن الحارث وأنيسة بنت الحارث وحذافة بنت الحارث وهي الشيماء غلب عليها ذلك فلا تعرف في قومها إلا به وهي لحليمة بنت أبي ذؤيب أم رسول الله
وذكروا أن الشيماء كانت تحضن رسول الله مع أمه إذ كان عندهم
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير قال حدثنا ابن إسحاق قال
حدثني جهم بن أبي جهم مولى لامرأة من بني تميم كانت عند الحارث بن حاطب فكان يقال مولى الحارث بن حاطب قال حدثني من سمع عبد الله بن جعفر بن أبي طالب يقول
حدثت عن حليمة بنت الحارث أم رسول الله التي أرضعته أنها قالت
قدمت مكة في نسوة من بني سعد بن بكر ألتمس بها الرضعاء وفي سنة شهباء فقدمت على أتان لي قمراء كانت أذمت بالركب ومعي صبي لنا وشارف لنا والله ما تبض بقطرة وما ننام ليلنا ذلك أجمع مع صبينا ذاك ما يجد في ثديي ما يغنيه ولا في شارفنا ما يغذيه فقدمنا مكة فوالله ما علمت منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله فتأباه إذا قيل إنه يتيم تركناه قلنا ماذا عسى أن تصنع إلينا أمه إنما نرجو المعروف من أب الوليد وأما أمه فماذا عسى أن تصنع إلينا فوالله ما بقي من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعاً غيري فلما لم أجد رضيعاً غيره قلت لزوجي الحارث بن عبد العزى والله إني لأكره أن أرجع
من بين صواحبي ليس معي رضيع لأنطلقن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه فقال لا عليك فذهبت فأخذته فوالله ما أخذته إلا أني لم أجد غيره فما هو إلا أن أخذته فجئت به إلى رحلي فأقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن فشرب حتى روي وشرب أخوه حتى روي وقام صاحبي إلى شارفنا تلك فإذا إنها لحافل فحلب ما شرب وشربت حتى روينا فبتنا بخير ليلة فقال صاحبي يا حليمة والله إني لأراك قد أخذت نسمة مباركة ألم تري ما بتنا به الليلة من الخير والبركة حين أخذناه فلم يزل الله عز وجل يزيدنا خيراً حتى خرجنا راجعين إلى بلادنا فوالله لقطعت أتاني بالركب حتى ما يتعلق بها حمار حتى إن صواحباتي يقلن ويلك يا ابنة أبي ذؤيب أهذه أتانك التي خرجت عليها معنا فأقول نعم والله إنها لهي فيقلن والله إن لها لشأنا حتى قدمنا أرض بني سعد وما أعلم أرضاً من أرض الله تعالى أجدب منها فإن كانت غنمي لتسرح ثم تروح شباعاً لبناً فنحلب ما شئنا وما حولنا أحد تبض له شاة بقطرة لبن وإن أغنامهم لتروح جياعاً حتى إنهم ليقولون لرعيانهم ويحكم انظروا حيث تسرح غنم ابنة أبي ذؤيب فاسرحوا معهم فيسرحون مع غنمي حيث تسرح فيريحون أغنامهم جياعاً ما فيها قطرة لبن وتروح غنمي شباعاً لبناً نحلب ما شئنا فلم يزل الله تعالى يرينا البركة ونتعرفها حتى بلغ سنتيه فكان يشب شباباً لا يشبه
الغلمان فوالله ما بلغ السنتين حتى كان غلاماً جفراً فقدمنا به على أمه ونحن أضن شيء به مما رأينا فيه من البركة فلما رأته أمه قلنا لها يا ظئر دعينا نرجع ببنينا هذه السنة الأخرى فإنا نخشى عليه وباء مكة فوالله ما زلنا بها حتى قالت فنعم فسرحته معنا فأقمنا به شهرين أو ثلاثة فبينا هو خلف بيوتنا مع أخ له من الرضاعة في بهم لنا جاءنا أخوه ذلك يشتد فقال ذاك أخي القرشي قد جاءه رجلان عليهما ثياب بياض فأضجعاه فشقا بطنه فخرجت أنا وأبوه نشتد نحوه فنجده قائماً منتقعاً لونه فاعتنقه أبوه فقال أي بني ما شأنك فقال جاءني رجلان عليهما ثياب بياض فأضجعاني فشقا بطني ثم استخرجا منه شيئاً فطرحاه ثم رداه كما كان فرجعنا به معنا فقال أبوه يا حليمة لقد خشيت أن يكون ابني قد اصيب فانطلقي بنا فلنرده إلى أهله قبل أن يظهر فيه ما نتخوف قالت حليمة فاحتملناه فلم ترع أمه إلا به قد قدمنا به عليها فقالت ما ردكما به فقد كنتما عليه حريصين فقلنا لها لا والله يا ظئر إلا أن الله تعالى قد أدى عنا وقضينا الذي علينا فقلنا نخشى الإتلاف والأحداث نرده على أهله قالت ما ذاك بكما فاصدقاني شأنكما فلم تدعنا حتى أخبرناها خبره قالت أخشيتما عليه الشيطان كلا والله ما للشيطان عليه سبيل وإنه لكائن لابني هذا شأن ألا أخبركما
خبره قلنا بلى قالت حملت به فما حملت حملاً قط أخف منه فأريت في المنام حين حملت به كأنه خرج مني نور أضاءت له قصور الشام ثم وقع حين ولدته وقوعاً ما يقعه المولود معتمداً على يديه رافعاً رأسه إلى السماء فدعاه عنكما
قلت وقد روى محمد بن زكريا الغلابي بإسناده عن ابن عباس عن حليمة هذه القصة بزيادات كثيرة وهي لي مسموعة إلا أن محمد بن زكريا هذا متهم بالوضع فالاقتصار على ما هو معروف عند أهل المغازي أولى والله أعلم
ثم إني استخرت الله تعالى في إيرادها فوقعت الخيرة على إلحاقه بما تقدمه من نقل أهل المغازي لشهرته بين المذكورين
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن يوسف العماني قال حدثنا محمد بن زكريا الغلابي حدثنا يعقوب بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس قال حدثني أبي عن أبيه سليمان بن علي عن أبيه علي بن عبد الله بن عباس عن عبد الله بن عباس قال
كانت حليمة بنت أبي ذؤيب التي أرضعت النبي تحدث أنها لما فطمت رسول الله تكلم قالت سمعته يقول كلاماً عجيباً سمعته
يقول الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً فلما ترعرع كان يخرج فينظر إلى الصبيان يلعبون فيجتنبهم فقال لي يوماً من الأيام يا أماه مالي لا أرى إخوتي بالنهار قلت فدتك نفسي يرعون غنماً لنا فيروحون من ليل إلى ليل فأسبل عينيه فبكى فقال يا أماه فما أصنع ههنا وحدي ابعثيني معهم قلت أوتحب ذلك قال نعم قالت فلما أصبح دهنته وكحلته وقمصته وعمدت إلى خرزة جزع يمانية فعلقت في عنقه من العين وأخذ عصاً وخرج مع إخوته فكان يخرج مسروراً ويرجع مسروراً فلما كان يوماً من ذلك خرجوا يرعون بهماً لنا حول بيوتنا فلما انتصف النهار إذا أنا بابني ضمرة يعدو فزعاً وجبينه يرشح قد علاه البهر باكياً ينادي يا أبت يا أبه ويا أمه الحقا أخي محمداً فما تلحقاه إلا ميتاً قلت وما قصته قال بينا ونحن قيام نترامى ونلعب إذ أتاه رجل فاختطفه من أوساطنا وعلا به ذروة الجبل ونحن ننظر إليه حتى شق من صدره إلى عانته ولا أدري ما فعل به ولا أظنكما تلحقاه أبداً إلا ميتاً قالت فأقبلت أنا وأبوه تعني زوجها نسعى سعياً فإذا نحن به قاعداً على ذروة الجبل شاخصاً ببصره إلى السماء يتبسم ويضحك فأكببت عليه وقبلت بين عينيه وقلت فدتك نفسي ما الذي دهاك قال خيراً يا أماه بينا أنا الساعة قائم على إخوتي إذ أتاني رهط ثلاثة بيد أحدهم إبريق فضة وفي يد الثاني طست من زمردة خضراء ملؤها ثلج فأخذوني فانطلقوا بي إلى ذروة الجبل فأضجعوني على الجبل إضجاعاً لطيفاً ثم شق من صدري إلى عانتي وأنا أنظر إليه فلم أجد لذلك حساً ولا ألماً ثم أدخل يده في
جوفي فأخرج أحشاء بطني فغسلها بذلك الثلج فأنعم غسلها ثم أعادها وقام الثاني فقال للأول تنح فقد أنجزت ما أمرك الله به فدنا مني فأدخل يده في جوفي فانتزع قلبي وشقه فأخرج منه نكتة سوداء مملوءة بالدم فرمى بها فقال هذا حظ الشيطان منك يا حبيب الله ثم حشاه بشيء كان معه ورده مكانه ثم ختمه بخاتم من نور فأنا الساعة أجد برد الخاتم في عروقي ومفاصلي وقام الثالث فقال تنحيا فقد أنجزتما ما أمر الله فيه ثم دنا الثالث مني فأمر يده ما بين مفرق صدري إلى منتهى عانتي قال الملك زنوه بعشرة من أمته فوزنوني فرجحتهم ثم قال دعوه فلو وزنتموه بأمته كلها لرجح بهم ثم أخذ بيدي فأنهضني إنهاضاً لطيفاً فأكبوا علي وقبلوا رأسي وما بين عيني وقالوا يا حبيب الله إنك لن تراع ولو تدري ما يراد بك من الخير لقرت عيناك وتركوني قاعداً في مكاني هذا ثم جعلوا يطيرون حتى حيال السماء وأنا أنظر إليهما ولو شئت لأريتك موضع دخولهما قالت فاحتملته فأتيت به منزلاً من منازل بني سعد بن بكر فقال لي الناس اذهبي به إلى الكاهن حتى دخلوا ينظر إليه ويداويه فقال ما بي شيء مما تذكرون وإني أرى نفسي سليمة وفؤادي صحيح بحمد الله فقال الناس أصابه لمم أو طائف من الجن قالت فغلبوني على رأيي فانطلقت به إلى الكاهن فقصصت عليه القصة قال دعيني أنا أسمع منه فإن الغلام أبصر بأمره منكم تكلم يا غلام قالت حليمة فقص ابني محمد قصته ما بين أولها إلى آخرها فوثب الكاهن قائماً على قدميه فضمه إلى صدره ونادى بأعلى صوته يا آل العرب يا آل
العرب من شر قد اقترب ا***وا هذا الغلام وا***وني معه فإنكم إن تركتموه وأدرك مدرك الرجال ليسفهن أحلامكم وليكذبن أديانكم وليدعونكم إلى رب لا تعرفونه ودين تنكرونه
قالت فلما سمعت مقالته انتزعته من يده وقلت لأنت أعته منه وأجن ولو علمت أن هذا يكون من قولك ما أتيتك به اطلب لنفسك من ي***ك فإنا لا ن*** محمداً فاحتملته فأتيت به منزلي فما أتيت يعلم الله منزلاً من منازل بني سعد بن بكر إلا وقد شممنا منه ريح المسك الأذفر وكان في كل يوم ينزل عليه رجلان أبيضان فيغيبان في ثيابه ولا يظهران فقال الناس رديه يا حليمة على جده عبد المطلب وأخرجيه من أمانتك قالت فعزمت على ذلك فسمعت منادياً ينادي هنيئاً لك يا بطحاء مكة اليوم يرد عليك النور والدين والبهاء والكمال فقد أمنت أن تخذلين أو تحزنين أبد الآبدين ودهر الداهرين قالت فركبت أتاني وحملت النبي بين يدي أسير حتى أتيت الباب الأعظم من أبواب مكة وعليه جماعة فوضعته لأقضي حاجة وأصلح شأني فسمعت هدة شديدة فالتفت فلم أره فقلت معاشر الناس أين الصبي قالوا أي الصبيان قلت محمد ابن عبد الله بن عبد المطلب الذي نضر الله به وجهي وأغنى عيلتي وأشبع جوعتي ربيته حتى إذا أدركت به سروري وأملي أتيت به أرده وأخرج من أمانتي فاختلس من يدي من غير أن تمس قدميه الأرض واللات والعزى لئن لم أره لأرمين بنفسي من شاهق هذا الجبل ولأتقطعن إرباً إرباً فقال الناس إنا لنراك غائبة عن الركبان ما معك محمد قالت قلت الساعة
كان بين أيديكم قالوا ما رأينا شيئاً فلما أيسوني وضعت يدي على رأسي فقلت وامحمداه واولداه أبكيت الجواري الأبكار لبكائي وضج الناس معي بالبكاء حرقة لي فإذا أنا بشيخ كالفاني متوكئاً على عكاز له قالت فقال لي مالي أراك أيها السعدية تبكين وتضجين قالت فقلت فقدت ابني محمداً قال لا تبكين أنا أدلك على من يعلم علمه وإن شاء أن يرده عليك فعل قالت قلت دلني عليه قال الصنم الأعظم قالت ثكلتك أمك كأنك لم تر ما نزل باللات والعزى في الليلة التي ولد فيها محمد قال إنك لتهذين و لا تدرين ما تقولين أنا أدخل عليه وأسأله أن يرده عليك قالت حليمة فدخل وأنا أنظر فطاف بهبل أسبوعاً وقبل رأسه ونادى يا سيداه لم تزل منعماً على قريش وهذه السعدية تزعم أن محمداً قد ضل قال فانكب هبل على وجهه فتساقطت الأصنام بعضها على بعض ونطقت أو نطق منها وقالت إليك عنا أيها الشيخ إنما هلاكنا على يدي محمد قالت فأقبل الشيخ لأسنانه اصتكاك ولركبتيه ارتعاداً وقد ألقى عكازه من يده وهو يبكي ويقول يا حليمة لا تبكي فإن لابنك رباً لا يضيعه فاطلبيه على مهل قالت فخفت
أن يبلغ الخبر عبد المطلب قبلي فقصدت قصده فلما نظر إلي قال أسعد نزل بك أم نحوس قالت قلت بل نحس الأكبر ففهمها منى وقال لعل ابنك قد ضل منك قالت قلت نعم بعض قريش اغتاله ف***ه فسل عبد المطلب سيفه وغضب وكان إذا غضب لم يثبت له أحد من شدة غضبه فنادى بأعلى صوته يا يسيل وكانت دعوتهم في الجاهلية قال فأجابته قريش بأجمعها فقالت ما قصتك يا أبا الحارث فقال فقد ابني محمد فقالت قريش اركب نركب معك فإن سبقت خيلاً سبقنا معك وإن خضت بحراً خضنا معك قال فركب وركبت معه قريش فأخذ على أعلى مكة وانحدر على أسفلها فلما أن لم ير شيئاً ترك الناس واتشح بثوب وارتدى بآخر وأقبل إلى البيت الحرام فطاف أسبوعاً ثم أنشأ يقول
(يا رب إن محمداً لم يوجد فجميع قومي كلهم متردد)
فسمعنا منادياً ينادي من جو الهواء معاشر القوم لا تصيحوا فإن لمحمد رباً لا يخذله ولا يضيعه فقال عبد المطلب يأيها الهاتف من لنا به قالوا بوادي تهامة عند شجرة اليمنى فأقبل عبد
المطلب فلما صار في بعض الطريق تلقاه ورقة بن نوفل فصارا جميعاً يسيران فبينما هم كذلك إذا النبي قائم تحت شجرة يجذب أغصانها ويعبث بالورق فقال عبد المطلب من أنت يا غلام فقال أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب قال عبد المطلب فدتك نفسي وأنا جدك عبد المطلب ثم احتمله وعانقه ولثمه وضمه إلى صدره وجعل يبكي ثم حمله على قربوس سرجه ورده إلى مكة فاطمأنت قريش فلما اطمأن الناس نحر عبد المطلب عشرين جزوراً و*** الشاء والبقر وجعل طعاماً وأطعم أهل مكة
قالت حليمة ثم جهزني عبد المطلب بأحسن الجهاز وصرفني فانصرفت إلى منزلي وأنا بكل خير دنيا لا أحسن وصف كنه خيري وصار محمد عند جده
قالت حليمة وحدثت عبد المطلب بحديثه كله فضمه إلى صدره وبكى وقال يا حليمة إن لابني شأنا وددت أني أدرك ذلك الزمان
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا أحمد قال حدثنا يونس عن ابن إسحاق قال حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله أنهم قالوا له أخبرنا عن نفسك فذكر الحديث قال
واسترضعت في بني سعد بن بكر فبينا أنا مع أخ لي في بهم لنا أتاني رجلان عليهما ثياب بياض معهما طست من ذهب مملوءة ثلجاً فأضجعاني فشقا بطني ثم استخرجا قلبي فشقاه فأخرجا منه علقة سوداء فألقياها ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتى إذا أنقيا ثم رداه كما كان ثم قال أحدهما لصاحبه زنه بعشرة من أمته فوزنني بعشرة فوزنتهم ثم قال زنه بمائة من أمته فوزنني بمائة بمائة فوزنتهم ثم قال زنه بألف من أمته فوزنني بألف فوزنتهم فقال دعه عنك فلو وزنته بأمته لوزنهم
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا أحمد حدثنا يونس عن أبي سنان الشيباني عن حبيب بن أبي ثابت عن يحيى بن جعدة قال
قال رسول الله
إن ملكين جاءاني في صورة كركيين معهما ثلج وبرد وماء بارد فشرح أحدهما صدري ومج الآخر بمنقاره فيه فغسله
هذا مرسل وقد روى حديث الشق بإسناد صحيح موصول
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثني محمد بن صالح بن هاني قال حدثنا محمد بن النضر بن عبد الوهاب قال حدثنا شيبان بن فروخ قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك
أن رسول الله أتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة فقال هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه ثم أعاده في مكانه وجاء الغلمان يسعون إلى أمه يعني ظئره فقالوا إن محمداً قد *** فاستقبلوه وهو منتقع اللون
قال أنس وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره
رواه مسلم في الصحيح عن شيبان بن فروخ وهو يوافق ما هو المعروف عند أهل المغازي
وقد أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال حدثنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا تمتام قال حدثنا موسى هو ابن إسماعيل قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال
قال رسول الله أتيت وأنا في أهلي فانطلق بي إلى زمزم فشرح صدري ثم غسل بماء زمزم ثم أتيت بطست من ذهب ممتلئة إيماناً وحكمة فحشي بها صدري قال أنس ورسول الله يرينا أثره فعرج بي الملك إلى السماء الدنيا فاستفتح الملك وذكر حديث المعراج
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث بهز بن أسد عن سليمان بن المغيرة
محمد رافع 52 05-03-2013, 02:16 PM وبمعناه رواه شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك عن النبي
والزهري عن أنس بن مالك عن أبي ذر عن النبي
وقتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة عن النبي
ويحتمل أن ذلك كان مرتين مرة حين كان عند مرضعته حليمة ومرة حين كان بمكة بعد ما بعث ليلة المعراج والله أعلم
وكانت ثويبة مولاة أبي لهب بن عبد المطلب أرضعت أيضاً رسول الله مع أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي
أخبرنا بذلك أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني قال أخبرنا علي بن محمد بن عيسى قال حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال
أخبرني عروة بن الزبير أن زينب بنت أبي سلمة وأمها أم سلمة أخبرته أن أم حبيبة ابنة أبي سفيان أخبرتها أنها قالت
قلت يا رسول الله انكح أختي ابنة أبي سفيان قالت فقال لي أوتحبين ذلك قالت فقلت يا رسول الله نعم لست لك بمخلية وأحب من شركني في خير أختي قالت فقال رسول إن ذلك لا يحل لي قالت فقلت والله يا رسول الله إنا لنتحدث أنك تريد أن تنكح درة بنت أبي سلمة فقال ابنة أم سلمة فقلت نعم فقال والله لو
أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها لابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأبا سلمة ثويبة فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن
قال عروة وثويبة مولاة أبي لهب كان أبو لهب أعتقها فأرضعت رسول الله فلما مات أبو لهب أرية بعض أهله في النوم بشرحيبة فقال له ماذا لقيت فقال أبو لهب لم ألق بعدكم رخاء غير أني سقيت في هذه مني بعتاقتي ثويبة وأشار إلى النقير التي بين الإبهام والتي يليها من الأصابع
رواه البخاري في الصحيح
وكانت أم أيمن حاضنته حتى كبر
أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق قال حدثنا عبد الله بن يوسف قال حدثنا ابن وهب
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله بن يعقوب قال حدثنا حسين بن حسن ومحمد بن إسماعيل قالا حدثنا أبو الطاهر قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أنه قال
لما قدم المهاجرون من مكة إلى المدينة فذكر الحديث وفيه قال
وكانت أم سليم أعطت رسول الله عذاقاً لها فأعطاهن رسول الله أم أيمن وهي مولاته أم أسامة بن زيد
قال ابن شهاب وكان من شأن أم أيمن أم أسامة بن زيد أنها كانت وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب وكانت من الحبشة فلما ولدت آمنة رسول الله بعد ما توفي أبوه فكانت أم أيمن تحضنه حتى كبر رسول الله فأعتقها ثم أنكحها زيد بن حارثة ثم توفيت بعد ما توفي رسول الله بخمسة أشهر
رواه مسلم في الصحيح عن أبي الطاهر
محمد رافع 52 05-03-2013, 02:22 PM أسماء رسول الله
قال الله عز وجل (محمد رسول الله) وقال (ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد)
حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء قال حدثنا أبو جعفر البغدادي لفظاً قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا عمرو بن عون الواسطي قال حدثنا خالد بن عبد الله عن داود بن أبي هند عن العباس ابن عبد الرحمن عن كندير بن سعيد عن أبيه قال
حججت في الجاهلية فإذا أنا برجل يطوف بالبيت وهو يرتجز ويقول
(يا رب رد راكبي محمداً يا رب رده واصطنع عندي يدا)
وقال غيره رده رب فقلت من هذا فقال عبد المطلب بن هاشم بعث بابن ابنه محمد في طلب إبل له ولم يبعثه في حاجة إلا أنجح فيها وقد أبطأ عليه قال فلم يلبث أن جاء محمد والإبل فاعتنقه وقال يا بني لقد جزعت عليك جزعاً لم أجزعه على شيءٍ قط والله لا أبعثك في
حاجة أبداً ولا تفارقني بعد هذا أبداً
أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو بكر الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال
قال رسول الله ألا تعجبون كيف يصرف الله عز وجل عني شتم قريش ولعنهم يسبون مذمماً ويلعنون مذمما وأنا محمد
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن عبد الله عن سفيان
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو اليمان قال أخبرني شعيب عن الزهري قال أخبرني محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال
سمعت رسول الله يقول
إن لي أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد
رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان ورواه مسلم عن عبد بن حميد عن أبي اليمان
وأخرجه مسلم من حديث ابن عيينة وعقيل عن الزهري
والبخاري من حديث مالك بن أنس عن الزهري
وأخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل ببغداد قال حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا أحمد ابن منصور قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال
سمعت رسول الله يقول
إن لي أسماء أنا أحمد وأنا محمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب
قال قلت للزهري وما العاقب قال الذي ليس بعده نبي
رواه مسلم في الصحيح عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق
وأخرجه أيضاً من حديث يونس بن يزيد عن الزهري وقال في الحديث وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد وقد سماه الله تعالى رءوفاً رحيماً
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله بن يعقوب قال حدثنا حسن بن سفيان قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب فذكره وقال إن رسول الله قال
ويحتمل أن يكون تفسير العاقب من قول الزهري كما بينه معمر
وقوله وقد سماه الله تعالى رءوفاً رحيماً من قول الزهري والله أعلم
حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي رحمه الله قال أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن دلويه الدقاق قال حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله قال حدثني أبي قال حدثني إبراهيم بن طهمان عن محمد بن ميسرة عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن رسول الله أنه قال
لي خمسة أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله تعالى بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب يعني الخاتم
ورواه نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه فعدهن مع الخاتم ستة
أخبرنا محمد بن الحسين القطان ببغداد قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا حجاج قال حدثنا حماد عن جعفر بن أبي وحشية عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال
سمعت النبي يقول
أنا محمد وأنا أحمد والحاشر والماحي والخاتم والعاقب
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال حدثنا أبو بكر محمد بن محويه العسكري قال حدثنا جعفر بن محمد القلانسي قال
حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا الليث بن سعد
ح وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو صالح قال حدثني الليث قال حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن عقبة بن مسلم عن نافع بن جبير بن مطعم
أنه دخل على عبد الملك بن مروان فقال له عبد الملك أتحصى أسماء رسول الله التي كان جبير بن مطعم يعدها قال نعم هي ستة محمد وأحمد وخاتم وحاشر وعاقب وماحي فأما الحاشر فبعث مع الساعة نذيراً لكم بين يدي عذاب شديد وأما عاقب فإنه عقب الأنبياء وأما ماحي فإن الله تعالى محا به سيئات من اتبعه
أخبرنا أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر الأصفهاني قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود الطيالسي قال حدثنا المسعودي عن عمرو بن مرة
ح وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني محمد بن إبراهيم الهاشمي قال حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا جرير عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن أبي موسى قال
كان رسول الله سمى لنا نفسه فقال أنا محمد
وأحمد والحاشر والمقفى ونبي التوبة والملحمة
لفظ حديث الأعمش وفي رواية المسعودي قال سمى لنا رسول الله نفسه أسماء منها ما حفظنا ثم ذكرهن
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم
أخبرنا أبو القاسم زيد بن أبي هاشم العلوي بالكوفة قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي صالح قال
قال رسول الله أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة
هذا منقطع وروى موصولاً
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم قال حدثنا الحسين بن محمد بن زياد وإبراهيم بن أبي طالب قالا حدثنا زياد بن يحيى الحساني
ح وأخبرنا أبو بكر محمد بن أبي سعيد بن سختويه الإسفرايني المجاور بمكة وكتبه لي بخطه قال حدثنا أبو بكر محمد بن محمد بن أحمد الطرازي البغدادي بنيسابور وأبو علي محمد بن علي بن
الحسن الحافظ وأبو النضر شافع بن محمد بن أبي عوانة قالوا حدثنا أبو روق أحمد بن بكر الهزاني بالبصرة قال حدثنا أبو الخطاب زياد بن يحيى الحساني قال حدثنا مالك بن محمد بن سعير بن الخمس عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال
قال رسول الله
إنما أنا رحمة مهداة
لفظ حديث الإسفرايني
وفي رواية أبي عبد الله قال حدثنا الأعمش وقال يأيها الناس إنما أنا رحمة مهداة
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا وكيع عن إسماعيل الأزرق عن ابن عمر عن محمد بن الحنفية قال (يس) قال محمد
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر القاضي قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا
ابن فضيل عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) يا رجل ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى وكان يقوم الليل على رجليه فهي لغة لعك إن قلت لعكي يا رجل لم يلتفت وإذا قلت له طه التفت إليك
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد العنبري يقول
قال الخليل بن أحمد خمسة من الأنبياء ذوو اسمين محمد وأحمد نبينا وعيسى والمسيح صلى الله عليه وإسرائيل ويعقوب صلى الله عليه ويونس وذو النون صلى الله عليه والياس وذو الكفل صلى الله عليه
قال أبو زكريا ولنبينا خمسة أسماء في القرآن محمد وأحمد وعبد الله وطه ويسن قال الله عز وجل في ذكر محمد (محمد رسول الله) وقال (ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) وقال الله عز وجل في ذكر عبد الله (وأنه لما قام عبد الله يدعوه) يعني النبي ليلة الجن (كادوا يكونون عليه لبداً) وإنما كانوا يقعون بعضهم على بعض كما أن اللبد يتخذ من
الصوف فيوضع بعضه على بعض فيصير لبداً وقال عز وجل (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) والقرآن إنما نزل على رسول الله دون غيره وقال عز وجل (يس) يعني يا إنسان والإنسان هاهنا العاقل وهو محمد (إنك لمن المرسلين)
قلت وزاد غيره من أهل العلم فقال سماه الله تعالى في القرآن رسولاً نبياً أميا وسماه شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً وسماه رءوفاً رحيماً وسماه نذيراً مبيناً وسماه مذكراً وجعله رحمه ونعمة وهادياً وسماه عبداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم كثيراً
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو عثمان قال حدثنا عبد الله وهو ابن المبارك قال أخبرنا إبراهيم بن إسحاق قال حدثنا المسيب بن رافع قال
قال كعب قال الله تعالى لمحمد عبدي سميتك المتوكل المختار
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا خلف بن محمد البخاري قال حدثنا صالح بن محمد بن حبيب الحافظ قال حدثنا محمد بن ميمون
المكي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن علي بن زيد قال
سمعته يقول اجتمعوا فتذاكروا أي بيت أحسن فيما قالته العرب قالوا الذي قاله أبو طالب للنبي
(وشقه له من اسمه كي يجله فذوا العرش محمود وهذا محمد)
ورواه المسيب بن واضح عن سفيان وقال ليجله
محمد رافع 52 05-03-2013, 02:24 PM كنية رسول الله
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى بن أسد قال حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب عن محمد بن سيرين قال سمعت أبا هريرة يقول
قال أبو القاسم
تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن عبد الله
ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن سفيان
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان أخبرنا عبد الله بن جعفر
حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو عاصم عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال
قال رسول الله لا تجمعوا اسمي وكنيتي أنا أبو القاسم الله يرزق وأنا أقسم
وحدثنا أبو سعيد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد قال أخبرنا أبو عمرو إسماعيل بن نجيد السلمي قال حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله قال حدثنا أبو عاصم فذكره بنحوه إلا أنه قال والله يعطي وأنا أقسم
أخبرنا أبو الطاهر الفقيه قال حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن عبدوس الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا عمرو بن خالد الحراني
ح وحدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصفهاني وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا عثمان بن صالح قال حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب وعقيل عن ابن شهاب عن أنس ابن مالك
أنه لما ولد إبراهيم ابن النبي من مارية جاريته كان يقع في نفس النبي منه حتى أتاه جبريل عليه السلام فقال السلام فقال عليك أبا إبراهيم وفي رواية الفقيه يا أبا إبراهيم
محمد رافع 52 05-03-2013, 02:33 PM شرف أصل رسول الله ونسبه
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو عبد الله إسحاق بن محمد بن يوسف السوسي قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الربيع بن سليمان وسعيد بن عثمان قالا حدثنا بشر بن بكر عن الأوزاعي قال حدثني أبو عمار شداد عن واثلة ابن الأسقع قال
قال رسول الله إن الله عز وجل اصطفى بني كنانة من بني إسماعيل واصطفى من بني كنانة قريشاً واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم
لفظ حديث سعيد
وأخبرنا أبو عبد الله قال أخبرني علي بن العباس الإسكندراني بمكة قال حدثنا سعيد بن هاشم قال حدثنا دحيم قال حدثنا الوليد ابن مسلم قال حدثنا الأوزاعي عن أبي عمار شداد أنه سمع واثلة بن الأسقع يقول
سمعت رسول الله يقول إن الله تعالى اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشاً من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن مهران وغيره عن الوليد بن
مسلم وله شاهد مرسل أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال حدثنا عبد الله ابن جعفر بن درستويه قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا سليمان بن حرب والحجاج بن المنهال قالا حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي
أن رسول الله قال إن الله عز وجل اختار فاختار العرب ثم اختار منهم كنانة أو النضر بن كنانة ثم اختار منهم قريشا ثم اختار منهم بني هاشم ثم اختارني من بني هاشم
وروي من وجه آخر في معناه
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسماعيل بن أبي خالد عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن العباس قال
قلت يا رسول الله إن قريشاً إذا التقوا لقي بعضهم بعضاً بالبشاشة وإذا لقونا لقونا بوجوه لا نعرفها فغضب رسول الله عند ذلك غضباً شديداً ثم قال
والذي نفس محمد بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم الله
ورسوله فقلت يا رسول الله إن قريشاً جلسوا تذاكروا أحسابهم فجعلوا مثلك مثل نخلة في كبوة من الأرض فقال رسول الله
إن الله عز وجل يوم خلق الخلق جعلني في خيرهم ثم حين فرقهم جعلني في خير الفريقين ثم حين جعل القبائل جعلني في خير قبيلة ثم حين جعل البيوت جعلني في خير بيوتهم فأنا خيرهم نسباً وخيرهم بيتاً
وحدثنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن حمشاد قال حدثنا موسى بن إسحاق القاضي قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا ابن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب قال
بلغ النبي أن قوماً نالوا منه وقالوا له إنما مثل محمد كمثل نخلة نبتت في كناس فغضب رسول الله ثم قال أيها الناس إن الله تعالى خلق خلقه فجعلهم فريقين فجعلني في خير
الفريقين ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلا ثم جعلهم بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتاً ثم قال رسول الله أنا خيركم قبيلا وخيركم بيتاً
كذا قال عن ربيعة بن الحارث وقال غيره عن المطلب بن ربيعة بن الحارث وابن ربيعة إنما هو عبد المطلب بن ربيعة له صحبة
وقد قيل عن المطلب بن أبي وداعة
أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن عبد الله بن نوح من أولاد إبراهيم النخعي بالكوفة قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم قال حدثنا أحمد بن حازم بن أبي عزرة قال حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن المطلب بن أبي وداعة قال قال العباس وبلغه بعض ما يقول الناس له
ح وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا أبو نعيم وهو الفضل بن دكين حدثنا سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن المطلب بن أبي وداعة قال
قال رسول الله وبلغه بعض ما يقول الناس فصعد المنبر
فحمد الله تعالى وأثنى عليه وقال من أنا قالوا أنت رسول الله قال أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب إن الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقه وجعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة وجعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة وجعلهم بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتاً فأنا خيركم بيتاً وخيركم نفساً
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني يحيى بن عبد الحميد قال حدثنا قيس عن الأعمش عن عباية بن ربعي عن ابن عباس قال
قال رسول الله إن الله عز وجل قسم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسماً وذلك قوله (وأصحاب اليمين) و (أصحاب الشمال) فأنا من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرها ثلثاً فذلك قوله تعالى ( فأصحاب الميمنة) (والسابقون السابقون) فأنا من السابقين وأنا خير السابقين ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة وذلك قول الله تعالى (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) وأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله ولا فخر ثم
جعل القبائل بيوتاً فجعلني في خيرها بيتاً وذلك قوله عز وجل (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) فأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا عبد الله بن بكر السهمي قال حدثنا يزيد بن عوانة عن محمد بن ذكوان خال ولد حماد بن زيد قال أبو وهب فلا أحسب محمداً إلا حدثني به عن عمرو بن دينار عن ابن عمر قال
أنا لقعود بفناء النبي إذ مرت به امرأة فقال بعض القوم هذه ابنة رسول الله فقال أبو سفيان مثل محمد في بني هاشم مثل الريحانة في وسط النتن فانطلقت المرأة فأخبرت النبي فجاء النبي يعرف في وجهه الغضب فقال ما بال أقوال تبلغني عن أقوام إن الله عز وجل خلق السموات سبعاً فاختار العليا منها
فأسكنها من شاء من خلقه ثم خلق الخلق فاختار من الخلق بني آدم واختار من بني آدم العرب واختار من العرب مضر واختار من مضر قريشاً واختار من قريش بني هاشم واختارني من بني هاشم فأنا من خيار إلى خيار فمن أحب العرب فبحبي أحبهم ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم
لفظ حديث أبي عبد الله
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ قال أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير التستري قال حدثنا أحمد بن المقدام قال حدثنا حماد بن واقد عن محمد بن ذكوان خال ولد حماد بن زيد فذكره بإسناده نحوه
أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي قال حدثنا أبو محمد يحيى بن منصور قال حدثنا أبو المثنى معاذ بن المثنى قال حدثنا غسان بن مالك قال حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا كليب بن وائل قال حدثتنا ربيبة النبي ولا أعلمها إلا زينب قالت
نهى رسول الله عن الدباء والحنتم قال وأراه ذكر النقير قال قلت لها أخبريني عن النبي ممن كان من مضر قالت فممن كان إلا من مضر كان من بني النضر بن كنانة
رواه البخاري في الصحيح عن موسى بن إسماعيل عن عبد الواحد
أخبرنا أبو بكر بن فورك رحمه الله قال أخبرنا عبد الله بن جعفر أخبرنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا حماد بن سلمة عن عقيل بن طلحة السلمي عن مسلم بن هيضم عن الأشعث بن قيس قال
قلت يا رسول الله إنا نزعم أنا منكم أو أنكم منا فقال رسول الله نحن بنو النضر بن كنانة لا ننتفي من أبينا ولا نقفو أمنا قال
فقال الأشعث لا أجد أحداً أولا نؤتى بأحد نفى قريشاً من كنانة إلا جلدته الحد
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن حفص المقرئ ببغداد قال حدثنا أبو عيسى بكار بن أحمد بن بكار قال حدثنا أبو جعفر أحمد بن موسى بن سعيد إملاء سنة ست وتسعين ومائتين قال حدثنا أبو جعفر محمد بن أبان القلانسي قال حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي قال حدثنا مالك بن أنس عن الزهري عن أنس بن مالك وعن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قالا
بلغ النبي أن رجالاً من كندة يزعمون أنه منهم فقال إنما كان يقول ذاك العباس وأبو سفيان بن حرب إذا قدما المدينة ليأمنا بذلك وإنا لن ننتفي من آبائنا نحن بنو النضر بن كنانة
قال وخطب رسول الله فقال
أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن قصى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار وما افترق الناس فرقتين إلا جعلني الله في خيرهما فأخرجت من بين أبوين فلم يصبني شيء من عهر الجاهلية وخرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم حتى انتهيت إلى أبي وأمي فأنا خيركم نفساً وخيركم أباً
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو علي الحسين بن علي الحافظ قال أخبرنا محمد بن سعيد بن بكر الرازي بعسقلان قال حدثنا صالح بن علي النوفلي قال حدثنا عبد الله بن محمد بن ربيعة فذكره بإسناده نحوه إلا أنه لم يذكر قوله فأخرجت إلى قوله حتى خرجت
تفرد به أبو محمد عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي هذا وله عن مالك وغيره أفراد لم يتابع عليها والله أعلم
أخبرنا أبو سعيد الخليل بن أحمد بن محمد البستي القاضي قال حدثنا أبو العباس أحمد بن المظفر البكري قال حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال حدثنا منصور بن أبي مزاحم قال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة
أن رسول الله قال بعثت من خير قرون بني آدم قرناً فقرناً حتى بعثت من القرن الذي كنت فيه
أخرجه البخاري عن قتيبة عن يعقوب عن عمرو
أخبرنا أبو القاسم عبد الخالق بن علي بن عبد الخالق المؤذن النيسابوري قال حدثنا أبو بكر بن خنب قال حدثنا أبو قلابة ح
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتاب العبدي ببغداد قال حدثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام الرياحي قال أخبرنا بهلول بن المورق قال حدثنا موسى بن عبيدة قال حدثنا عمرو بن عبد الله بن نوفل عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة قالت
قال رسول الله قال لي جبريل عليه السلام قلبت الأرض مشارقها ومغاربها فلم أجد رجلاً أفضل من محمد وقلبت الأرض مشارقها ومغاربها فلم أجد بني أبٍ أفضل من بني هاشم
قال أحمد هذه الأحاديث وإن كان في روايتها من لا تصح به فبعضها يؤكد بعضاً ومعنى جميعها يرجع لما روينا عن واثلة بن الأسقع وأبي هريرة والله أعلم
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب الخوارزمي ببغداد قال حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد يعني ابن حمدان النيسابوري قال حدثنا محمد بن أيوب قال أخبرنا محمد بن كثير العبدي قال حدثنا سفيان بن سعيد عن أبي إسحاق قال
سمعت البراء بن عازب يقول وجاءه رجل فقال يا أبا عمارة أوليت يوم حنين قال أما أنا فأشهد على رسول الله أنه لم يول ولكن عجل سرعان القوم وقد رشقتهم هوازن وأبو سفيان بن الحارث آخذ برأس بغلته البيضاء وهو يقول
(أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب)
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن كثير
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن سفيان
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن المنذر قال
قلت لعبد العزيز بن عمران أمل علي النسب إلى آدم فأملى علي محمد رسول الله ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد
قال عبد العزيز وحدثني موسى بن يعقوب الزمعي من بني أسد بن عبد العزى قال أخبرني عمي أبو الحويرث عن أبيه عن ام سلمة زوج النبي قالت
سمعت رسول الله يقول معد بن عدنان بن أدد بن زند بن يرى بن أعراق فقالت أم سلمة فمعد معد وعدنان عدنان وأدد أدد وزند هميسع ويرى نبت وإسماعيل بن إبراهيم أعراق الثرى
قال إبراهيم بن المنذر وأملى علي محمد بن طلحة بن الطويل التيمي فقال محمد بن عبد الله مثله إلى معد بن عدنان
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله
ابن عتاب العبدي ببغداد قال حدثنا أحمد بن حبان بن ملاعب قال حدثنا خالد بن مخلد القطواني قال حدثنا موسى بن يعقوب عن عمه الحارث بن عبد الله بن زمعة عن أبيه عن أم سلمة قالت
سمعت رسول الله يقول معد بن عدنان بن أدد بن زند ابن يرى بن أعراق الثرى قالت ثم قرأ رسول الله ( وأنه أهلك عادا الأولى وثمود فما أبقى ) (وعاداً وثمود وأصحاب الرس وقروناً بين ذلك كثيراً) لا يعلمهم إلا الله
قالت أم سلمة وأعراق الثرى إسماعيل بن إبراهيم وزيد هميسع ويرى نبت
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال
محمد رسول الله ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أدد بن المقوم ابن ناحور بن تارح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم بن آزر وهو في التوراة ابن تارخ بن ناحور بن أرغوى بن
سارح بن فالح بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ بن يرد بن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم أبو البشر صلوات الله عليه وعلى أنبياء الله الطيبين الأخيار وسلم
ورواه عبيد بن يعيش عن يونس بن بكير وقال فيه تارخ ابن ناحور بن عور بن فلاح بن عابر بن شالخ بن سام بن نوح بن لامك بن متوشلخ بن خانوخ بن مهليل بن قينان بن شيث بن آدم وقال إن أدد بن المقوم
قلت كذا في هذه الرواية عن محمد بن إسحاق بن يسار واختلف عليه في ذلك واختلف النسابون فيه أيضاً وذكر اختلافهم ههنا مما يطول به الكتاب وليس منه كثير فائدة
وكان شيخنا أبو عبد الله الحافظ رحمه الله يقول نسبة رسول الله صحيحة إلى عدنان وما وراء عدنان فليس فيه شيء يعتمد عليه
أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال حدثنا أبو الحسن علي بن عيسى الماليني قال حدثنا محمد بن الحسن بن الخليل النسوي أن أبا كريب
حدثهم قالب حدثنا وكيع بن الجراح عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي ريحانة العامري
أن معاوية قال لابن عباس فلم سميت قريش قريشاً
قال لدابة تكون في البحر تكون أعظم دوابه يقال لها القرش لا تمر بشيء من الغث والسمين إلا أكلته
قال فأنشدني في ذلك شيئاً فأنشدته شعر الجمحي إذ يقول
(وقريش هي التي تسكن البحر بها سميت قريش قريشاً)
(تأكل الغث والسمين ولا تت رك فيها لذى جناحين ريشاً)
(هكذا في البلاد حي قريش يأكلون البلاد أكلا كميشا)
(ولهم آخر الزمان نبي يكثر ال*** فيهم والخموشا)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو أحمد بن أبي الحسن قال حدثنا عبد الرحمن هو ابن أبي حاتم قال حدثنا علي بن الحسن قال سمعت أحمد بن حنبل عن الشافعي رحمه الله قال
عبد المطلب اسمه شيبة وهاشم اسمه عمرو بن عبد مناف واسم عبد مناف المغيرة بن قصي واسم قصي زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة
بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني الحسين بن محمد بن يحيى الدارمي وهو أبو أحمد قال حدثنا عبد الرحمن هو ابن أبي حاتم قال أخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلى قال وجدت في كتاب أبي بخط يده حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال
أول الناس يلقى النبي بالنسب بنو عبد المطلب فذكرهم وذكر في بني هاشم عبد المطلب وأسداً والد فاطمة أم علي ونضلة وأبا صيفي قال ويقال وصيفي ثم ذكر بني عبد المطلب ثم ذكر بني عبد شمس ثم ذكر بني نوفل ثم ذكر بني أسد بن عبد العزى بن قصي وبني عبد الدار بن قصي ثم ذكر بني زهرة بن كلاب بن مرة وذكر منهم أم النبي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة ثم ذكر بني تيم بن مرة ثم بنى مخزوم بن يقظة بن مرة ثم ذكر بني عدي بن كعب ثم بني جمح وسهم ابني عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي ثم ذكر بني الحارث بن فهر وذكر أسامي المعروفين من الصحابة والتابعين الذين ينتسبون إلى بعض هؤلاء القبائل ونحن نأتي على جميع ذلك بمشيئة الله تعالى في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم
قلت وبلغني أن أبا كبشة أول من عبد الشعرى وخالف دين قومه فلما خالف النبي دين قريش وجاء بالحنيفية شبهوه بأبي كبشة ونسبوه إليه فقالوا ابن أبي كبشة
وبلغني أنه كان سيداً في قومه خزاعة وبلغني أن اسمه وجز بن غالب ابن عامر بن الحارث وهو أبو عمرة بنت وجز وعمرة هي أم وهب بن عبد مناف أبي آمنة امم رسول الله فشبهوه بجده من قبل أمه أبي كبشة والله أعلم
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال حدثنا عبد الله ابن جعفر قال حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان قال حدثنا الحجاج بن أبي منيع قال حدثنا جدي عن الزهري قال
أم رسول الله التي ولدته آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب وأمها برة بنت عبد العزي بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة وأمها أم سفيان بنت أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة وأمها برة بنت عوف بن عبيد بن عويج من بني عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وأمها قلابة بنت الحارث بن صعصعة من بني عائذ بن لحيان بن هذيل وأمها ابنة مالك بن غنم من بني لحيان
وأم رسول الله التي أرضعته حتى شب حليمة بنت الحارث بن سجنة السعدية من بني سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر
وزوج حليمة الحارث بن عبد العزى
ففي هؤلاء نسب رسول الله
كذا في كتابي وقال غيره بدل أم سفيان أم حبيب وقال بدل عويج عريج
قال الزهري وقد أرضعت رسول الله أيضاً ثويبة مولاة أبي لهب واسم أبي لهب عبد العزى
وجدة رسول الله أم أبيه عبد الله بن عبد المطلب فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بمن مخزوم وأمها صخرة بنت عبدة بن عمران بن مخزوم وأمها تخمر بنت عبد بن قصي بن كلاب بن مرة وأمها سلمى بنت عامر بن عميرة ابن وديعة بن الحارث بن فهر وأمها أخت بني وائلة بن عدوان بن قيس
أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد قال حدثنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا أبو أسامة عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس في قوله عز وجل (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) قال لم يكن بطن من بطون قريش إلا وللنبي فيهم قرابة فقال لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي قال لا تؤذوني في قرابتي قال ونسخت هذه الآية (قل ما سألتكم من أجر فهو لكم)
وأخرجاه في الصحيح من حديث شعبة
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس أحمد بن هارون الفقيه قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا عمرو بن عون قال حدثنا هشيم قال أخبرنا داود عن الشعبي قال
أكثر الناس علينا في هذه الآية (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) فكتبنا إلى ابن عباس نسأله عن ذلك فكتب ابن عباس إن رسول الله كان واسط النسب في قريش ليس بطن من بطونهم إلا وقد ولده فقال الله عز وجل (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) أي ما أدعوكم إليه إلا أن لا تؤذوني بقرابتي منكم وتحفظوني لها
قال هشيم وأخبرني حصين عن عكرمة عن ابن عباس بنحو من ذلك
قلت قد مضى في الجزء الأول ذكر أسماء أعمام النبي
فأما عماته
فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال سمعت محمد بن الحسين بن أبي الحسن يقول سمعت أبا غسان يقول سمعت ابن عيينة يقول
عمات النبي بنات عبد المطلب عاتكة وأم حكيم وهي البيضاء وهي توءم عبد الله وصفية وهي أم الزبير وبرة وأميمة
وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال
لما حضرت عبد المطلب الوفاة قال لبناته ابكين علي حتى أسمع وكن ست نسوة وهي أميمة وأم حكيم وبرة وعاتكة وصفية وأروى عمات رسول الله
محمد رافع 52 06-03-2013, 10:14 AM وفاة عبد الله أبي رسول الله ووفاة أمه آمنة بنت وهب ووفاة جده عبد المطلب بن هاشم
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني أصبغ بن الفرج قال أخبرني ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال
بعث عبد المطلب عبد الله بن عبد المطلب يمتار له تمراً من يثرب فتوفي عبد الله بن عبد المطلب وولدت آمنة رسول الله ابن عبد الله فكان في حجر جده عبد المطلب
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق بن يسار قال
وقد هلك أبوه عبد الله وهي حبلى قال ويقال إن عبد الله هلك والنبي ابن ثمانية وعشرين شهراً والله أعلم أي ذلك كان
قلت وقال بعضهم مات أبوه وهو ابن سبعة أشهر
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال
حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال قدمت آمنة بنت وهب أم رسول الله على أخواله من بني عدي بن النجار المدينة ثم رجعت به حتى إذا كانت بالأبواء هلكت بها ورسول الله ابن ست سنين
قلت وهذا لأن هاشم بن عبد مناف كان قد تزوج بالمدينة سلمى بنت عمرو من بني النجار فولدت له عبد المطلب
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس عن ابن إسحاق قال
ومات عبد المطلب والنبي ابن ثمان سنين فلم يبك أحد كان قبله بكاءه
قال وولي زمزم والسقاية من بنيه العباس بن عبد المطلب فلم تزل إليه حتى قام الإسلام وهي بيده فأقرها رسول الله على ما مضى
أخبرنا أبو الطاهر محمد بن محمد بن محمش الفقيه قال أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان قال حدثنا أحمد بن يوسف السلمي قال حدثنا محمد بن يوسف الفريابي قال حدثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال
انتهى النبي إلى رسم قبر فجلس وجلس الناس حوله كثير فجعل يحرك رأسه كالمخاطب قال ثم بكى فاستقبله عمر رضي الله عنه فقال ما يبكيك يا رسول الله قال هذا قبر آمنة بنت وهب استأذنت ربي في أن أزور قبرها فأذن لي واستأذنته في الاستغفار لها فأبى علي وأدركتني رقتها فبكيت قال فما رأيت ساعة أكثر باكياً من تلك الساعة
تابعة محارب بن دثار عن ابن بريدة عن أبيه
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا بحر بن نصر قال حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرنا ابن جريج عن أيوب بن هانئ عن مسروق بن الأجدع عن عبد الله بن مسعود قال
خرج رسول الله ينظر في المقابر وخرجنا معه فأمرنا فجلسنا ثم تخطى القبور حتى انتهى إلى قبر منها فناجاه طويلاً ثم ارتفع نحيب رسول الله باكياً فبكينا لبكاء رسول الله ثم إن رسول الله أقبل إلينا فتلقاه عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله صلى الله عليك ما الذي أبكاك لقد أبكانا وأفزعنا فجاء فجلس إلينا فقال
رأيتموني أناجي فيه قبر آمنة بنت وهب وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي فيه واستأذنت ربي في الاستغفار لها فلم يأذن لي فيه ونزل علي (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) حتى ختم الآية (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه) فأخذني ما يأخذ الولد للوالدة من الرقة فذلك الذي أبكاني
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال حدثنا محمد بن عبيد
ح وأخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري قال أخبرنا جدي يحيى بن منصور القاضي قال حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا محمد بن عبيد قال حدثنا يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال
زار النبي قبر أمه فبكى وأبكى من حوله ثم قال استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي واستأذنته في الاستغفار فلم يأذن لي فزوروا القبور تذكركم الموت رواه مسلم في الصحيح عن ابي بكر بن أبى شيبة عن محمد بن عبيد
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن حمشاد قال حدثنا محمد بن أيوب قال أخبرنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد بن سلمة
ح وأخبرنا محمد بن عبد الله قال أخبرني أبو بكر بن عبد الله قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس
أن رجلاً قال يا رسول الله أين أبي قال في النار فلما قفى دعاه فقال إن أبي وأباك في النار
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الحرضي النيسابوري قال أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن يعقوب بن مقسم المقرئ قال حدثنا موسى بن الحسن النسوي قال حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه قال
جاء أعرابي إلى النبي فقال إن أبي كان يصل الرحم وكان وكان فأين هو قال في النار قال فكأن الأعرابي وجد من ذلك فقال يارسول الله فأين أبوك قال حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار قال فأسلم الأعرابي بعد فقال لقد كلفني رسول الله تعباً ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال حدثنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا عبد الله بن شريك قال حدثنا ابن أبي مريم قال حدثنا نافع بن يزيد قال حدثني ربيعة بن سيف قال أخبرني أبو عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال
قبرنا مع رسول الله رجلاً فلما رجعنا وجاذبنا بابه إذا هو بامرأة مقبلة لا نظنه عرفها فقال يا فاطمة من أين جئت قالت جئت من عند أهل هذا الميت رحمت إليهم ميتهم وعزيتهم قال فلعلك بلغت معهم الكدى قالت معاذ الله أن أبلغ معهم الكدى وقد سمعتك تذكر فيه ما تذكر قال لو بلغت معهم الكدى ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك
والكدى المقابر
قلت جد أبيها عبد المطلب بن هاشم
وكيف لا يكون أبواه وجده بهذه الصفة في الآخرة وكانوا يعبدون الوثن حتى ماتوا ولم يدينوا دين عيسى بن مريم عليه السلام وأمرهم لا يقدح في نسب رسول الله لأن أنكحه الكفار صحيحة ألا تراهم يسلمون مع
زوجاتهم فلا يلزمهم تجديد العقد ولا مفارقتهن إذا كان مثله يجوز في الإسلام وبالله التوفيق
محمد رافع 52 06-03-2013, 10:18 AM صفة رسول الله
صفة وجهه
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ رحمه الله قال أخبرنا أبو الحسين علي بن عبد الرحمن بن ماتي بالكوفة قال حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة قال أخبرنا أبو غسان قال حدثنا إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي إسحاق قال سمعت البراء يقول
كان رسول الله أحسن الناس وجهاً وأحسنه خلقاً ليس بالطويل الذاهب ولا بالقصير
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث إسحاق بن منصور عن إبراهيم
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن بندار القزويني المجاور بمكة في
المسجد الحرام قال أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد الزهري قال حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن شريك الأسدي الكوفي سنة إحدى وثلاثمائة قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي قال حدثنا زهير قال حدثنا أبو إسحاق قال
قال رجل للبراء أكان وجه رسول الله حديداً مثل السيف فقال لا ولكنه كان مثل القمر
وأخبرنا أبو عبد الحافظ قال حدثنا أبو بكر أحمد بن سليمان الفقيه قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا زهير عن أبي إسحاق قال
سأل رجل البراء أليس كان وجه رسول الله مثل السيف قال لا كان مثل القمر
رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال أخبرنا عبد الله ابن جعفر بن درستويه قال حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو نعيم وعبيد الله عن إسرائيل عن سماك
أنه سمع جابر بن سمرة قال له رجل أكان رسول الله وجهه مثل
السيف قال جابر لا بل مثل الشمس والقمر مستديراً
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبيد الله بن موسى
أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الفقيه قال أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال البزاز قال حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي قال حدثنا المحاربي عن أشعث عن أبي إسحاق عن جابر بن سمرة قال
رأيت النبي في ليلة إضحيان وعليه حلة حمراء فجعلت أنظر إليه وإلى القمر فلهو كان في عيني أحسن من القمر
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني محمد بن عبد العزيز الرملي قال حدثنا القاسم بن غصن عن الأشعث عن أبي إسحاق عن جابر بن سمرة قال
رأيت رسول الله في ليلة إضحيان وعليه حلة حمراء فجعلت أماثل بينه وبين القمر
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال
حدثنا عبيد بن عبد الواحد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو صالح وابن بكير قالا حدثنا الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب بن مالك وكان قائد كعب من بنيه حين عمى قال
سمعت كعب بن مالك يقول لما سلمت على رسول الله وهو يبرق وجهه وكان رسول الله إذا سر استنار وجهه كأنه قطعة قمر وكنا نعرف ذلك منه
لفظ حديث أبي عبد الله
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير
أخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو بكر القطان قال حدثنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا ابن جريج عن ابن شهاب الزهري عن عروة عن عائشة قالت
دخل النبي يوماً مسروراً وأسارير وجهه تبرق فقال ألم تسمعي ما قال مجزز المدلجي ورأى زيداً وأسامة قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما فقال إن هذه الأقدام بعضها من بعض رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن عبد الرزاق
ورواه مسلم عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق
أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا سعيد قال حدثنا يونس بن أبي يعفور العبدي عن أبي إسحاق الهمداني عن امرأة من همدان سماها قالت
حججت مع النبي مرات على بعير له يطوف بالكعبة بيده محجن عليه بردان أحمران تكاد تمس منكبه إذا مر بالحجر استلمه بالمحجن ثم يرفعه إليه فيقبله
قال أبو إسحاق فقلت لها شبهيه قالت كالقمر ليلة البدر لم أر قبله ولا بعده مثله
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن المنذر
ح وحدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني إملاء قال أخبرنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الفاكهي بمكة قال حدثنا أبو يحيى بن أبي مسرة قال حدثنا يعقوب بن محمد الزهري قال حدثنا عبد الله ابن موسى التيمي قال حدثنا أسامة بن زيد عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال
قلت للربيع بنت معوذ صفي لي رسول الله قالت لو رأيته لقلت الشمس طالعة
لفظ حديث يعقوب بن محمد وفي رواية إبراهيم قالت يا بني لو رأيته رأيت الشمس طالعة
محمد رافع 52 06-03-2013, 10:20 AM لون رسول الله
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران قال حدثنا أبو الحسن علي بن محمد المصري قال حدثنا روح بن الفرج قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثني الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال
سمعت أنس بن مالك وهو يصف رسول الله قال كان ربعة من القوم ليس بالطويل ولا بالقصير أزهر اللون أمهق ليس بأبيض ولا آدم ليس بجعد قطط ولا بالسبط رجل نزل عليه وهو ابن أربعين سنة فلبث بمكة عشر سنين ينزل عليه وبالمدينة عشر سنين ثم توفي هو ابن ستين سنة وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء
قال ربيعة فرأيت شعراً من شعره فإذا هو قد احمر فسألت فقيل أحمر من الطيب
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن حمشاذ العدل قال حدثنا محمد بن نعيم قال حدثنا قتيبة بن سعيد
ح وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ قال حدثنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي حدثنا
أبو الربيع قالا حدثنا إسماعيل بن جعفر قال حدثنا ربيعة أنه سمع أنس بن مالك يقول
كان رسول الله رجل الشعر ليس بالسبط ولا الجعد القطط أزهر ليس بالآدم ولا الأبيض الأمهق كان ربعة من القوم ليس بالقصير ولا الطويل البائن بعث على رأس أربعين أقام بالمدينة عشراً وبمكة عشراً وتوفي على رأس ستين سنة ليس في رأسه ولا في لحيته عشرون شعرة بيضاء
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة بن سعيد وغيره وأخرجاه من وجه آخر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن
وراه ثابت عن أنس فقال كان أزهر اللون
ورواه حميد الطويل كما أخبرنا أبو الحسن بن بشران قال حدثنا إسماعيل الصفار قال حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال حدثنا أبو سعيد الحداد قال حدثنا خالد الواسطي
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني عمرو بن عون وسعيد بن منصور قالا حدثنا خالد بن عبد الله عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال كان رسول الله أسمر اللون
وأخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو جعفر الرزاز حدثنا يحيى بن جعفر قال أخبرنا علي بن عاصم أخبرنا حميد قال
سمعت أنس بن مالك يقول فذكر الحديث في صفة النبي قال وكان أبيض بياضه إلى السمرة
وأخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن الغضائري ببغداد قال حدثنا أبو جعفر الرزاز قال حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا الجريري قال
كنت أنا وأبو الطفيل نطوف بالبيت فقال أبو الطفيل ما بقي أحد رأى رسول الله غيري قال قلت ورأيته قال نعم قلت كيف كانت صفته قال كان أبيض مليحاً مقصداً
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني عمرو بن عون وسعيد بن منصور قالا حدثنا خالد بن عبد الله عن الجريري عن أبي الطفيل قال
رأيت النبي ولم يبق أحد رأى غيري النبي قال فقلنا
له صفة لنا رسول الله فقال كان أبيض مليح الوجه
رواه مسلم في الصحيح عن سعيد بن منصور
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا واصل بن عبد الأعلى الأسدي قال حدثنا محمد بن فضيل عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي جحيفة قال
رأيت رسول الله أبيض قد شاب وكان الحسن بن علي يشبهه
رواه مسلم في الصحيح عن واصل بن عبد الأعلى
ورواه البخاري عن عمرو بن علي عن محمد بن فضيل
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال حدثنا حجاج قال حدثنا حماد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن علي يعني ابن الحنفية عن أبيه قال
كان رسول الله أزهر اللون
حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك رحمه الله قال أخبرنا عبد الله بن جعفر الأصبهاني قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود الطيالسي قال حدثنا المسعودي عن عثمان بن عبد الله بن هرمز عن نافع بن جبير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال
كان رسول الله مشرباً وجهه حمرة
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال حدثنا عبد الله بن جعفر النحوي قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا ابن الأصبهاني قال حدثنا شريك عن عبد الملك بن عمير عن نافع بن جبير قال
وصف لنا علي النبي فقال كان أبيض مشرب الحمرة
وروى ذلك هكذا من أوجه أخرى عن علي
ويقال إن المشرب منه حمرة وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال
فحدثني محمد بن مسلم عن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم عن عمه سراقه بن جعشم
وأخبربا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا الحسن بن الربيع قال حدثنا ابن إدريس قال حدثنا محمد بن إسحاق عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم عن أبيه أن سراقة بن جعشم قال
أتيت رسول الله فلما دنوت منه وهو على ناقته أنظر إلى ساقه كأنها جمارة
وفي رواية يونس والله لكأني أنظر إلى ساقه في غرزه كأنها جمارة
أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو بكر الحميدي قال حدثنا سفيان قال أخبرنا إسماعيل بن أمية عن مزاحم بن أبي مزاحم عن عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد عن محرش الكعبي قال
اعتمر رسول الله من الجعرانة ليلاً فنظرت إلى ظهره كأنه سبيكة فضة
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء قال حدثني عمرو بن الحارث قال حدثني عبد الله بن سالم عن الزبيدي قال أخبرني محمد بن مسلم عن سعيد بن المسيب
أنه سمع أبا هريرة يصف رسول الله فقال كان شديد البياض
أخبرني أبو عبد الرحمن السلمي قال أخبرنا أبو الحسن المحمودي قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي الحافظ قال حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا يعمر بن بشر قال حدثنا ابن المبارك قال أخبرني
رشدين بن سعد قال أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي يونس مولى أبي هريرة أنه سمع أبا هريرة قال
ما رأيت شيئاً أحسن من النبي كأن الشمس تجري في وجهه وما رأيت أحداً أسرع في مشيه منه كأن الأرض تطوى له إنا لنجتهد وإنه غير مكترث
محمد رافع 52 06-03-2013, 10:22 AM عين رسول الله وأشفاره وفمه
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا شعبة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال
كان رسول الله ضليع الفم أشكل العينين منهوس العقبين
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث غندر عن شعبة
وحدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء قال حدثنا أبو العباس قاسم ابن القاسم السياري بمرو قال حدثنا أبو الموجه قال حدثنا عبدان قال أخبرني أبي عن شعبة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال
كان رسول الله أشكل العينين ضليع الفم قلت ما أشكل العينين قال باد أم جشم
قلت وهذا التفسير من جهة سماك وكذلك قاله معاذ بن معاذ عن شعبة أشكل العينين وقال أبو داود عن شعبة أشهل العينين
حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة قال أخبرني سماك قال سمعت جابر بن سمرة يقول
كان رسول الله أشهل العينين منهوس العقب ضليع الفم
قال أبو عبيد الشكلة كهيئة الحمرة تكون في بياض العين والشهلة غير الشكلة وهي حمرة في سواد العين
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عباد عن حجاج عن سماك عن جابر بن سمرة عن رسول الله قال
كنت إذا نظرت إليه قلت أكحل العينين وليس بأكحل وكان في ساقي رسول الله حموشة وكان لا يضحك إلا تبسماً
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال حدثنا حجاج قال حدثنا حماد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن علي عن أبيه قال
كان رسول الله عظيم العينين أهدب الأشفار مشرب العين بحمرة
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا خالد بن عبد الله عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده قال
قيل لعلي انعت لنا رسول الله فقال كان أبيض مشرباً بياضه
حمرة قال وكان أسود الحدقة أهدب الأشفار
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا عبد الله بن سلمة وسعيد بن منصور قالا حدثنا عيسى بن يونس قال حدثنا عمر بن عبد الله مولى غفرة عن إبراهيم بن محمد من ولد علي قال
كان علي رضي الله عنه إذا نعت رسول الله قال كان في الوجه تدوير أبيض مشرب أدعج العينين أهدب الأشفار
وأخبرنا أبو الحسين قال أخبرنا عبد الله قال حدثنا يعقوب قال حدثنا عاصم بن علي بن عاصم وآدم قالا حدثنا ابن أبي ذئب قال حدثنا صالح مولى التوءمة عن أبي هريرة أنه كان ينعت النبي قال كان أهدب أشفار العينين
محمد رافع 52 06-03-2013, 10:23 AM جبين رسول الله وحاجبيه وأنفه وفمه وأسنانه
أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين القطان قال أخبرنا عبد الله ابن جعفر بن درستويه قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثني عمرو بن الحارث قال حدثني عبد الله بن سالم عن الزبيدي قال حدثني الزهري محمد بن مسلم عن سعيد بن المسيب أنه سمع أنا هريرة يصف رسول الله فقال
كان مفاض الجبين أهدب الأشفار
وأخبرنا أبو الحسين قال أخبرنا عبد الله قال حدثنا يعقوب قال حدثنا أبو غسان قال حدثنا جميع بن عمر بن عبد الرحمن العجلي قال حدثني رجل بمكة عن ابن لأبي هالة التميمي عن الحسن بن علي عن خاله قال
كان رسول الله واسع الجبين أزج الحواجب سوابغ
في غير قرن بينهما عرق يدره الغضب أقنى العرنين له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشم سهل الخدين ضليع الفم أشنب مفلج الأسنان
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا عبد العزيز بن أبي ثابت الزهري قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة عن كريب عن ابن عباس قال
كان رسول الله أفلج الثنيتين وكان إذا تكلم رؤى كالنور بين ثناياه
محمد رافع 52 06-03-2013, 10:25 AM رأس رسول الله وصفة لحيته
حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك رحمه الله قال أخبرنا عبد الله بن جعفر بن أحمد الأصبهاني قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا المسعودي عن عثمان بن عبد الله بن هرمز عن نافع بن جبير عن علي بن أبي طالب قال
كان رسول الله ضخم الرأس واللحية
وأخبرنا محمد بن الحسين القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا ابن الأصبهاني قال حدثنا شريك عن عبد الملك بن عمير عن نافع بن جبير قال
وصف لنا علي النبي فقال كان ضخم الهامة عظيم اللحية
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا نوح بن قيس الحداني قال حدثنا خالد بن خالد التميمي عن يوسف بن مازن الراسبي
أن رجلاً قال لعلي يا أمير المؤمنين انعت لنا النبي قال كان أبيض مشرباً حمرة ضخم الهامة أغر أبلج أهدب الأشفار
قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال حدثنا حجاج قال حدثنا حماد عن عبد الله ابن محمد بن عقيل عن محمد بن علي عن أبيه قال كان رسول الله كث اللحية
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثني عمرو ابن الحارث قال حدثني عبد الله بن سالم عن الزبيدي قال أخبرني الزهري محمد بن مسلم عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يصف رسول الله فقال
كان رسول الله أسود اللحية حسن الثغر
أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال حدثنا أبو الحسن المحمودي قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي الحافظ قال حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى قال حدثنا يحيى بن كثير أبو غسان عن جهضم بن الضحاك
نزلت بالرخيخ فقيل لي ههنا رجل قد رأى النبي فأتيته فقلت رأيت رسول الله قال نعم رأيته رجلاً مربوعاً حسن السبلة قال وكانت اللحية تدعى في أول الإسلام سبلة والله أعلم
محمد رافع 52 06-03-2013, 10:28 AM باب صفة شعر رسول الله
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو محمد زياد قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثني علي بن حجر قال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه سمع أنس بن مالك يقول
كان رسول الله رجل الشعر ليس بالسبط ولا بالجعد القطط
رواه مسلم في الصحيح عن علي بن حجر وأخرجاه من حديث مالك وغيره عن ربيعة
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا جرير بن حازم قال حدثنا قتادة قال
سئل أنس بن مالك عن شعر النبي فقال كان شعره بين الشعرين لا سبط ولا جعد بين أذنيه وعاتقه
رواه البخاري في الصحيح عن مسلم بن إبراهيم وعن عمرو بن علي عن وهب بن جرير عن أبيه
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن حمشاد قال حدثنا محمد بن أيوب وتميم بن محمد والحسن بن سفيان قالوا حدثنا شيبان ابن فروخ قال حدثنا جرير بن حازم قال حدثنا قتادة قال
قلت لأنس بن مالك كيف كان شعر رسول الله قال كان شعراً رجلاً ليس بالجعد ولا بالسبط بين أذنيه وعاتقه
رواه مسلم في الصحيح عن شيبان بن فروخ
أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل قال أخبرنا عبد الله ابن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا عمرو بن عاصم قال حدثنا همام قال حدثنا قتادة ح
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني عبد الله بن محمد الكعبي
قال حدثنا محمد بن أيوب قال حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا همام عن قتادة عن أنس بن مالك قال
كان شعر رسول الله يضرب منكبيه
رواه البخاري في الصحيح عن موسى بن إسماعيل وأخرجاه من حديث حبان عن همام
وأخبرنا أبو علي الروذباري قال حدثنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مخلد بن مخلد قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن ثابت عن أنس قال
كان شعر رسول الله إلى شحمة أذنيه
وقال حميد عن أنس كان شعر رسول الله إلى أنصاف أذنيه
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني الكرابيسي قال حدثنا محمد بن نصر قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا إسماعيل بن علية
عن حميد فذكره
رواه مسلم عن يحيى بن يحيى
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو عمر
ح وأخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال حدثنا حنبل بن إسحاق قال حدثنا عفان أخبرنا شعبة قال أخبرنا أبو إسحاق قال سمعت البراء بن عازب قال
كان رسول الله مربوعاً بعيد ما بين المنكبين يبلغ شعره شحمة أذنيه عليه حلة حمراء ما رأيت شيئاً أحسن منه
رواه البخاري في الصحيح عن أبي عمر حفص بن عمر وأخرجه مسلم من حديث غندر عن شعبة
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال حدثنا أبو غسان قال حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق قال سمعت البراء قال
ما رأيت أحداً من خلق الله تعالى في حلة حمراء يعني أحسن من رسول الله إن جمته تضرب قريباً من منكبيه
قال أبو إسحاق سمعته يحدث بهذا الحديث مراراً وما حدث به قط إلا ضحك
رواه البخاري في الصحيح عن أبي غسان مالك بن إسماعيل
أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري قال أخبرنا أبو بكر ابن داسه قال أخبرنا أبو داود قال حدثنا عبد الله بن مسلمة ومحمد بن سليمان الأنباري قالا حدثنا وكيع ح
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا محمد بن يعقوب الشيباني قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن البراء قال
ما رأيت من ذي لمة أحسن في حلة حمراء من رسول الله له شعر يضرب منكبيه بعيد ما بين المنكبين ليس بالطويل ولا بالقصير
لفظ حديث أبي كريب
رواه مسلم في الصحيح عن أبي كريب
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا ابن الأصبهاني قال حدثنا شريك عن عبد الملك بن عمرو عن نافع بن جبير بن مطعم قال
وصف لنا علي النبي فقال كان كثير شعر الرأس رجله
وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا ابن نفيل قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت
كان شعر النبي فوق الوفرة ودون الجمة
وأخبرنا أبو الحسين القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا عبد الله بن مسلمة ويحيى بن عبد الحميد قالا حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال
قالت أم هانئ قدم النبي مكة قدمة وله أربع غدائر تعني ضفائر
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو بكر بن أبي إسحاق الفقيه قال أخبرنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال حدثنا إبراهيم بن سعد قال حدثنا ابن شهاب عن عبيد الله ابن عبد الله عن ابن عباس قال
كان رسول الله يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم وكان المشركون يفرقون رؤوسهم فسدل رسول الله ناصيته ثم فرق بعد
رواه البخاري في الصحيح عن أحمد بن يونس
ورواه مسلم عن محمد بن جعفر الوركاني وغيره عن إبراهيم
وأخبرنا الفقيه أبو الحسن محمد بن يعقوب الطابراني بها قال أخبرنا أبو علي الصواف قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا حماد بن خالد قال حدثنا مالك قال حدثنا زياد بن سعد عن الزهري عن أنس
أن النبي سدل ناصيته ما شاء الله أن يسدل ثم فرق بعد
أخبرنا أبو الطاهر الفقيه قال حدثنا أبو حامد بن بلال البزار قال حدثنا أبو الأزهر قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال
حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت
أنا فرقت لرسول الله رأسه صدعت فرقه عن يافوخه وأرسلت ناصيته بين عينيه
قال ابن إسحاق والله أعلم أذلك لقول رسول الله لا تكف ثوباً ولا شعراً أم هي سيماء كان يتسوم بها
قال وقد قال لي محمد بن جعفر وكان فقيهاً مسلماً ما هي إلا سيماء من سيماء الأنبياء تمسكت بها النصارى من بين الناس
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد ابن الأعرابي قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك قال
لما رمى رسول الله الجمرة ونحر هديه ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه فناوله أبا طلحة ثم ناوله شقه الأيسر فحلقه وأمره أن يقسم بين الناس
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر عن سفيان
محمد رافع 52 06-03-2013, 10:31 AM شيب النبي وما ورد في خضابه
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال أخبرنا عبد الله ابن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو صالح قال حدثني الليث قال حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال سمعت أنس بن مالك يقول
توفي رسول الله وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء قال ربيعة فرأيت شعراً من شعر رسول الله فإذا هو أحمر فسألت فقيل من الطيب
رواه البخاري في الصحيح عن ابن بكير عن الليث وأخرجاه من حديث مالك عن ربيعة وكذلك روى عن الزهري عن أنس
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ قال حدثنا السري بن خزيمة قال حدثنا معلى بن أسد قال حدثنا وهيب عن أيوب عن محمد بن سيرين قال
سألت أنس بن مالك أخضب رسول الله فقال إنه لم ير من الشيب إلا قليلاً
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا عبد الله الشيباني قال حدثنا علي بن الحسن الهلالي قال حدثنا معلى بن أسد فذكره بمثله
رواه البخاري في الصحيح عن معلى بن أسد ورواه مسلم عن حجاج الشاعر عن معلى بن أسد
أخبرنا أبو الحسين الفضل بن القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد هو ابن زيد عن ثابت قال
سألت أنس بن مالك هل خضب رسول الله فقال إنه لم ير من الشيب ما يخضب ولو شئت أن أعد شمطات كن في لحيته ولكن خضب أبو بكر بالحناء
رواه البخاري في الصحيح عن سليمان بن حرب
وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ قال أخبرنا الحسن ابن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا أبو الربيع قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا ثابت قال
سئل أنس عن خضاب النبي فقال لو شئت أن أعد شمطات كن في رأسه فعلت قال ولم يختضب وقد اختضب أبو بكر بالحناء والكتم واختضب عمر بالحناء بحتاً
رواه مسلم في الصحيح عن أبي الربيع
وأخبرنا محمد بن أبي الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا الحجاج
وحدثنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن حمشاد العدل قال أخبرنا أبو مسلم أن الحجاج بن منهال حدثهم قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا ثابت قال
قيل لأنس هل كان النبي شاب فقال ما شانه الله تعالى بالشيب ما كان في رأسه إلا سبع عشرة أو ثمان عشرة شعرة
لفظ حديث يعقوب وفي رواية أبي مسلم قيل لأنس ما كان شيب النبي ثم ذكره
أخبرنا علي بن محمد المقري الاسفراييني قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي قال حدثنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال حدثنا المثنى بن سعيد عن قتادة عن أنس
أن النبي لم يختضب إنما كان شمط عند ال***قة يسيراً وفي الصدغين يسيراً وفي الرأس يسيراً
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن مثنى عن عبد الصمد
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان قال حدثنا إبراهيم بن الحارث
البغدادي قال أخبرنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا زهير ح
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زهير ح
وأخبرنا أبو عبد الله قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال
أخبرنا إسماعيل بن قتيبة قال حدثنا يحيى بن يحيى قال حدثنا أبو خيثمة عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة قال
رأيت رسول الله هذه منه بيضاء ووضع زهير بعض أصابعه على ***قته فقيل له مثل من أنت يومئذ فقال أبري النبل وأريشها
وفي رواية الأصفهاني ووضع يده على ***قته
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى وأحمد بن يونس
وأخرجه البخاري من حديث إسرائيل عن أبي إسحاق
حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء وأبو سعيد بن أبي عمرو قراءة قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي بدمشق قال حدثنا علي بن عياش قال حدثنا حريز بن عثمان قال
قلت لعبد الله بن بسر السلمي رأيت رسول الله أكان شيخاً قال كان في ***قته شعرات بيض
رواه البخاري في الصحيح عن عصام بن خالد عن حريز بن عثمان
حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر بن أحمد الأصبهاني قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثا أبو داود الطيالسي قال حدثنا شعبة عن سماك قال
سمعت جابر بن سمرة وذكر شمط النبي قال إذا أدهن لم ير وإذا لم يدهن تبين
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن مثنى عن أبي داود
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر النحوي قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا الحجاج قال حدثنا حماد عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال
ما كان في رأس رسول الله ولا في لحيته من الشيب إلا شعرات
في مفرق رأسه إذا ادهن واراهن الدهن
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر النحوي قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا عبد الله بن موسى وأبو نعيم قالا حدثنا إسرائيل عن سماك أنه سمع جابر بن سمرة يقول
كان رسول الله قد شمط مقدم رأسه ولحيته وإذا آدهن ومشطه لم يستبن
قال أبو نعيم فكان إذا دهنه ومشطه لم يتبين زاد أبو نعيم وكان كثير الشعر واللحية
قالا جميعاً في الحديث وإذا شعث رأسه تبين فقال رجل كان وجهه مثل السيف فقال جابر لا بل مثل الشمس والقمر مستديراً ورأيت خاتمه عند كتفيه مثل بيضة الحمامة يشبه جسده
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبيد الله بن موسى
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا عبد الله بن عثمان عن أبي حمزة السكري عن عثمان بن عبد الله بن موهب القرشي قال
دخلنا على أم سلمة زوج النبي فأخرجت إلينا من شعر رسول الله فإذا هو أحمر مصبوغ بالحناء والكتم
وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال حدثنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا تمتام محمد بن غالب قال حدثني موسى قال حدثنا سلام بن أبي مطيع عن عثمان بن عبد الله بن موهب قال
أخرجت إلينا أم سلمة شعراً من شعر النبي مخضوباً قال أراه قال بالحناء والكتم
رواه البخاري في الصحيح عن موسى بن إسماعيل دون قوله بالحناء والكتم
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا إسرائيل عن عثمان بن عبد الله بن موهب قال
كان عند أم سلمة جلجل من فضة ضخم فيه من شعر النبي فكان إذا أصاب إنساناً الحمى بعث إليها فخضخضته فيه ثم ينضحه الرجل على وجهه قال بعثني أهلي إليها فأخرجته فإذا هو هكذا وأشار إسرائيل بثلاث أصابع وكان فيه شعرات حمراء
رواه البخاري في الصحيح عن مالك بن إسماعيل عن إسرائيل
حدثنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو العباس السياري قال حدثنا محمد بن موسى بن حاتم قال حدثنا علي بن الحسن بن شقيق قال أخبرنا أبو حمزة عبد الملك بن عمير عن إياد بن لقيط عن أبي رمثة قال
أتيت النبي وعليه بردان أخضران وله شعر قد علاه الشيب وشيبه أحمر مخضوب بالحناء
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا عبيد الله بن إياد قال حدثني إياد بن أبي رمثة قال
انطلقت مع أبي نحو رسول الله فلما رأيته قال لي هل تدري من هذا قلت لا قال إن هذا رسول الله فاقشعررت حين قال ذلك وكنت أظن رسول الله شيئاً لا يشبه الناس فإذا هو بشر ذو وفرة بها ردع من حناء وعليه بردان أخضران
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم قال حدثنا الحسن بن محمد بن زياد قال حدثنا عبيد الله بن سعيد
ح وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله ابن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني محمد بن عبد الله المخرمي قال حدثنا أبو سفيان الحميري عن الضحاك بن حمزة عن غيلان بن جامع بن إياد بن لقيط عن أبي رمثة قال
كان رسول الله يخضب بالحناء والكتم زاد المخرمي في روايته وكان شعره يبلغ كتفيه أو منكبيه
أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري قال أخبرنا أبو بكر ابن داسة قال حدثنا أبو داود السجستاني قال حدثنا عبد الرحيم بن مطرف أبو سفيان قال حدثنا عمرو بن محمد قال أخبرنا ابن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر
أن النبي كان يلبس النعال السبتية ويصفر لحيته بالورس والزعفران وكان ابن عمر يفعل ذلك
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم قال حدثنا الحسين بن محمد بن زياد قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا يحيى بن آدم ح
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني أبو جعفر محمد بن عمر بن الوليد الكندي الكوفي قال حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا شريك عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال
كان شيب رسول الله نحواً من عشرين شعرة
وفي رواية إسحاق قال رأيت شيب رسول الله نحواً من عشرين شعرة بيضاء في مقدمه
حدثنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أحمد بن سليمان الفقيه قال حدثنا هلال بن العلاء الرقي قال حدثنا حسين بن عياش الرقي قال حدثنا جعفر بن برقان قال حدثنا عبد الله بن عقيل قال
قدم أنس بن مالك المدينة وعمر بن عبد العزيز والٍ عليها فبعث إليه عمر وقال للرسول سله هل خضب رسول الله فإني رأيت شعراً من شعره قد لون فقال أنس إن رسول الله كان قد متع بالسواد ولو عددت ما أقبل علي من شيبه في رأسه ولحيته ما كنت أزيدهن على إحدى عشرة شيبة وأنما هذا الذي لون من الطيب الذي كان يطيب به شعر رسول الله هو الذي غير لونه
محمد رافع 52 06-03-2013, 10:33 AM بعد ما بين منكبي رسول الله
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك رحمه الله قال أخبرنا عبد الله بن جعفر الأصبهاني قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال
سمعت البراء يقول كان رسول الله مربوعاً بعيد ما بين المنكبين أعظم الناس وأحسن الناس جمته إلى أذنيه عليه حلة حمراء ما رأيت شيئاً قط أحسن منه
أخرجاه في الصحيح من حديث شعبة
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر النحوي قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثني عمرو بن الحارث قال حدثني عبد الله بن سالم
عن الزبيدي قال أخبرني الزهري محمد بن مسلم عن سعيد بن المسيب
أنه سمع أبا هريرة يصف رسول الله فقال كان بعيد ما بين المنكبين
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم قال حدثنا الحسين بن محمد بن زياد قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا النضر بن شميل قال حدثنا صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال
كان رسول الله كأنما صيغ من فضة رجل الشعر مفاض البطن عظيم مشاش المنكبين يطأ بقدمه جميعاً إذا أقبل أقبل جميعاً وإذا أدبر أدبر جميعاً
محمد رافع 52 06-03-2013, 10:35 AM كفي رسول الله وقدميه وإبطيه وذراعيه وساقيه وصدره
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال حدثنا مسلم ابن إبراهيم قال حدثنا جرير عن قتادة عن أنس قال
كان رسول الله ضخم اليدين لم أر بعده مثله وكان شعر النبي رجلاً لا جعد ولا سبط
رواه البخاري في الصحيح عن مسلم بن إبراهيم
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا أبو مسلم الكجي قال حدثنا سليمان وأبو النعمان قالا حدثنا جرير عن قتادة عن أنس قال
كان النبي ضخم الكفين والقدمين سائل العرق
رواه البخاري عن أبي النعمان إلا أنه قال ضخم الرأس
والقدمين وكان بسيط الكفين ولم يذكر العرق
أخبرنا أبو عمر محمد بن عبد الله الأديب قال حدثنا أبو بكر الإسماعيلي قال أخبرني الحسن هو ابن سفيان قال حدثنا هدبة بن خالد القيسي قال حدثنا همام قال حدثنا قتادة عن أنس بن مالك أو عن رجل عن أبي هريرة قال
كان رسول الله ضخم القدمين حسن الوجه لم أر بعده مثله
رواه البخاري في الصحيح عن عمرو بن علي عن معاذ بن هانئ عن همام
قال البخاري وقال هشام عن معمر عن قتادة عن أنس
كان النبي شثن القدمين والكفين
وأخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد بن الحمامي المقرئ أخبرنا أحمد بن سليمان الفقيه حدثنا جعفر بن أبي عثمان الطيالسي حدثنا يحيى ابن معين حدثنا هشام بن يوسف حدثنا معمر فذكره بإسناده مثله غير أنه قال شثن الكفين والقدمين
وأخبرناه أبو الحسين بن الفضل القطان قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو جعفر مهدي بن أبي مهدي قال حدثنا هشام بن يوسف فذكره إلا أنه لم يذكر الكفين
قال البخاري وقال أبو هلال حدثنا قتادة فذكر معنى ما أخبرنا علي ابن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا محمد بن إسحاق البغوي قال حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل المنقري قال حدثنا أبو هلال عن قتادة عن أنس أو عن جابر بن عبد الله كذا قال أبو سلمة قال
كان رسول الله ضخم القدمين ضخم الكفين لم أر بعده شبيهاً به
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا آدم وعاصم بن علي قالا حدثنا ابن أبي ذئب قال حدثنا صالح مولى التوءمة قال
كان أبو هريرة ينعت النبي قال
كان شبح الذراعين بعيداً ما بين المنكبين أهدب أشفار العينين
حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك رحمه الله قال حدثنا عبد الله بن جعفر الأصبهاني قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا المسعودي عن عثمان بن عبد الله بن هرمز عن نافع بن جبير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال
كان رسول الله شثن الكفين والقدمين ضخم الكراديس طويل المسربة
أبو الحسن علي بن محمد المصري قال حدثنا مالك بن يحيى قال حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا عبد الله بن يزيد بن مقسم وهو ابن ضبة قال حدثتني عمتي سارة بنت مقسم عن ميمونة بنت كردم قالت
رأيت رسول الله بمكة وهو على ناقة له وأنا مع أبي وبيد رسول الله درة كدرة الكتاب فدنا منه أبي فأخذ بقدمه فأقر له رسول الله قالت فما نسيت طول إصبع قدمه السبابة على سائر أصابعه
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه قال حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر قال حدثنا محمد بن سابق قال حدثنا مالك بن مغول قال سمعت عون بن أبي جحيفة ذكر عن أبيه قال
دفعت إلى النبي بالأبطح في قبة بالهاجرة فخرج بلال فنادى بالصلاة ثم دخل فأخرج فضل وضوء رسول الله فوقف الناس عليه يأخذون منه قال ثم دخل فأخرج العنزة ثم خرج رسول الله كأني أنظر إلى وبيص ساقيه فركز العنزة ثم صلى بنا الظهر ركعتين يمر بين يديه المرأة والحمار
رواه البخاري في الصحيح عن الحسن بن الصباح عن محمد بن سابق
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن مالك بن مغول
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد ابن يعقوب قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب القراء قال أخبرنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا شعبة عن ثابت عن أنس قال
رأيت رسول الله يرفع يديه في الدعاء حتى يرى بياض إبطيه يعني في الاستسقاء
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يحيى بن أبي بكير
وأخرجه البخاري من حديث قتادة عن أنس
حدثنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو سعيد الأحمسي قال حدثنا الحسين بن حميد قال حدثنا أحمد بن منيع قال حدثنا عياد بن القوام قال حدثنا حجاج عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال
كان رسول الله لا يضحك إلا تبسماً وكان في ساقيه حموشة
محمد رافع 52 06-03-2013, 10:37 AM قامة رسول الله
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال أخبرنا عبد الله ابن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو صالح قال حدثنا الليث قال حدثنا خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن ربيعة أنه قال
سمعت أنس بن مالك وهو يصف رسول الله قال كان ربعة من القوم ليس بالطويل ولا بالقصير
رواه البخاري في الصحيح عن ابن بكير عن الليث
أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد قال حدثنا أحمد بن سليمان الفقيه قال حدثنا أحمد بن زهير بن حرب قال حدثنا أبو غسان قال حدثنا إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي إسحاق قال سمعت البراء يقول
كان رسول الله أحسن الناس وجهاً وأحسنهم خلقاً ليس بالطويل الذاهب ولا بالقصير
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن سلمة وإبراهيم بن أبي طالب ومحمد بن إسماعيل وعبد الله بن محمد قالوا حدثنا أبو كريب قال حدثنا إسحاق ابن منصور عن إبراهيم بن يوسف فذكره بمثل إسناده
رواه مسلم في الصحيح عن أبي كريب
ورواه البخاري عن أحمد بن سعيد عن إسحاق بن منصور
حدثنا أبو بكر بن فورك رحمه الله قال أخبرنا عبد الله بن جعفر الأصبهاني قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا المسعودي عن عثمان بن عبد الله بن هرمز عن نافع بن جبير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال
كان رسول الله ليس بالقصير ولا بالطويل وذكر الحديث إلى أن قال إذا مشى تكفأ تكفؤاً كأنما ينحط من صبب لم أر قبله ولا بعده مثله
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا ابن درستويه قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا ابن الأصبهاني قال حدثنا شريك بن عبد الله عن عبد الملك بن عمير عن نافع بن جبير قال
وصف لنا علي النبي فقال كان لا قصير ولا طويل قال
محمد رافع 52 06-03-2013, 10:38 AM رائحة رسول الله وبرودة يده ولينها في يد من مسها وصف عرقه
أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار ببغداد قال أخبرنا الحسين بن يحيى بن عياش القطان قال حدثنا أبو الأشعث قال حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال
ما مسست بيدي ديباجاً ولا حريراً ولا شيئاً ألين من كف رسول الله ولا شممت رائحة قط أطيب من ريح رسول الله
رواه البخاري في الصحيح عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا إبراهيم بن محمد الصيدلاني وحسين بن حسين قالا حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت البناني عن أنس ح
وأخبرنا أبو عبد الله واللفظ لحديثه هذا قال حدثنا محمد بن صالح ابن هانئ قال حدثنا السري بن خزيمة قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال
قال أنس ما شممت شيئاً قط مسكاً ولا عنبراً أطيب من ريح رسول الله ولا مسست شيئاً قط حريراً ولا ديباجاً ألين مساً من كف رسول الله
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة وغيره وزهير عن هاشم عن سليمان
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسين الخسروجردي بخسروجرد قال حدثنا محمد بن أيوب قال أخبرنا موسى بن إسماعيل أبو سلمة والعيشي وعلي بن عثمان عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال
كان رسول الله أزهر اللون كأن عرقه اللؤلؤ إذا مشى تكفأ وما مسست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف رسول الله ولا شممت مسكاً ولا عنبراً أطيب رائحة من رسول الله
فجعلت تسلت العرق فاستيقظ النبي فقال يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين قالت هذا عرق نجعله لطيبنا وهو أطيب الطيب
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب عن أبي النضر
وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عمرو المقرئ قال أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عفان قال حدثنا وهيب قال حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن أنس عن أم سليم
أن النبي كان يأتيها فيقيل عندها فتبسط له نطعاً فيقيل عليه وكان كثير العرق فكانت تجمع عرقه فتجعله في الطيب والقوارير فقال النبي يا أم سليم ما هذا قالت عرقك أدوف به طيبي
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة
محمد رافع 52 06-03-2013, 10:41 AM خاتم النبوة
أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن الفضل ببغداد قال أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا حاتم بن إسماعيل قال حدثنا الجعيد بن عبد الرحمن بن أويس قال سمعت السائب بن يزيد يقول
ذهبت بي خالتي إلى رسول الله فقالت يا رسول الله إن ابن أختي وجع فمسح رأسي ودعا لي بالبركة ثم توضأ فشربت من وضوئه ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتمه بين كتفيه مثل زر الحجلة
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو الفضل بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا حاتم ابن إسماعيل عن الجعيد بن عبد الرحمن فذكره بمثله
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن عبيد الله عن حاتم بن إسماعيل
ورواه مسلم عن قتيبة بن سعيد
هكذا المعروف زر الحجلة وقال إبراهيم بن حمزة عن حاتم زر الحجلة الراء قبل الزاي
وحكى أبو سليمان عن بعضهم أن رز الحجلة بيض الحجل
أخبرنا أبو منصور المظفر بن محمد بن أحمد بن زياد العلوي رحمه الله قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم قال حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا إسرائيل عن سماك أنه سمع جابر بن سمرة يقول
كان رسول الله وجهه مستديراً مثل الشمس والقمر ورأيت خاتم البنوة بين كتفيه مثل بيضة الحمام
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا عبيد الله بن موسى وأبو نعيم عن إسرائيل فذكر الحديث إلا أنه قال ورأيت خاتمه عند كتفيه مثل بيضة الحمامة تشبه جسده
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبيد الله بن موسى
وأخبرنا أبو منصور المظفر بن محمد العلوي حدثنا أبو جعفر بن
دحيم حدثنا أحمد بن حازم حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا حسن ابن صالح عن سماك قال حدثني جابر بن سمرة قال
رأيت الخاتم الذي في ظهر رسول الله مثل بيضة الحمام
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن موسى
أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار ببغداد قال حدثنا الحسين بن يحيى بن عياش قال حدثنا أبو الأشعث قال حدثنا حماد بن زيد عن عاصم بن سليمان ح
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو الفضل بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا حامد بن عمر البكراوي قال أخبرنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا عاصم الأحول عن عبد الله بن سرجس قال
رأيت النبي وأكلت معه خبراً ولحماً أو قال ثريداً قال فقلت يا رسول الله غفر الله لك قال ولك فقلت استغفر لك رسول الله قال نعم ولكم ثم تلا هذه الآية (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) قال ثم درت خلفه فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه عند نغض كتفه اليسرى جمعا عليه خيلان كأمثال الثاليل
لفظ حديث عبد الواحد
رواه مسلم في الصحيح عن حامد بن عمر البكراوي وعن أبي كامل عن حماد
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد قال أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا أحمد بن منصور قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر قال حدثنا عاصم الأحول قال سمعت عبد الله بن سرجس يقول
ترون هذا الشيخ يعني نفسه رأيت رسول الله وأكلت معه ورأيت العلامة التي فيه وهي إلى أصل نغض كتفه عليه خيلان كهيئة الثاليل
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر بن أحمد قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا قرة بن خالد قال حدثنا معاوية بن قرة عن أبيه قال
أتيت رسول الله فقلت يا رسول الله أرني الخاتم فقال أدخل يدك فأدخلت يدي في جربانه فجعلت ألمس أنظر إلى الخاتم فإذا هو على نغض كتفه مثل البيضة فما منعه ذاك أن جعل يدعو لي وإن يدي لفي جربانه
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا يحيى بن أبي طالب حدثنا أبو داود فذكره بإسناده ومعناه
غير أنه قال على نغض كتفه مثل السلعة
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا ابن درستويه قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا عبيد الله بن إياد قال حدثني أبي عن أبي رمثة قال
انطلقت مع أبي نحو النبي فنظر إلى مثل السلعة بين كتفيه فقال يا رسول الله إني كأطب الرجال أفأعالجها لك قال لا طبيبها الذي خلقها
وقال الثوري عن إياد بن لقيط في هذا الحديث فإذا خلف كتفه مثل التفاحة
وقال عاصم بن بهدلة عن أبي رمثة فإذا في نغض كتفه مثل بعرة البعير أو بيضة الحمامة
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال أخبرنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا عبد الله ابن ميسرة قال حدثنا عتاب قال
سمعت أبا سعيد يقول الختم الذي بين كتفي النبي لحمة ناتئة
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد
الصفار قال حدثنا تمتام قال حدثنا قيس بن حفص الدارمي قال حدثنا مسلمة بن علقمة قال حدثنا داود بن أبي هند عن سماك بن حرب عن سلامة العجلي عن سلمان الفارسي قال
أتيت رسول الله فألقى إلى رداءه وقال يا سلمان انظر إلى ما أمرت به قال فرأيت الخاتم بين كتفيه مثل بيضة الحمام
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو بكر الحميدي قال حدثنا يحيى بن سليم عن ابن خثيم عن سعيد بن أبي راشد قال
لقيت التنوخي رسول هرقل إلى رسول الله بحمص وكان جاراً لي شيخاً كبيراً قد بلغ الفند أو قريباً فقلت ألا تخبرني قال بلى قدم رسول الله تبوك فانطلقت بكتاب هرقل حتى جئت تبوك فإذا هو جالس بن ظهري أصحابه محتب على الماء فقال النبي يا أخا تنوخ فأقبلت أهوي حتى كنت قائماً بين يديه فجعل حبوته عن ظهره ثم قال ها هنا أمض لما أمرت به فجلت في ظهره فإذا أنا بخاتم في موضع غضروف الكتف مثل المحجمة الضخمة
أخبرني أبو عبد الرحمن السلمي قال أخبرنا الحسن المحمودي قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي الحافظ قال حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمر قال حدثنا عبد الله بن جعفر الزهري عن أم بكر وهي عمة عبد الله بن جعفر بنت المسور بن مخرمة عن المسور بن مخرمة قال
مر بي يهودي وأنا قائم خلف النبي والنبي يتوضأ فقال اليهودي ارفع ثوبه عن ظهره فذهبت أرفعه فنضح النبي في وجهي من الماء
قلت وإنما كانوا يبحثون عن ذلك لأنه كان مكتوباً عندهم بصفته
محمد رافع 52 06-03-2013, 10:44 AM جامع صفة رسول الله
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا معمر والمسعودي عن عثمان بن مسلم بن هرمز عن نافع بن جبير بن مطعم قال في حديث المسعودي عن علي رضي الله عنه
ح وأخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عمر بن أحمد بن علي بن شوذب المقري الواسطي بها قال حدثنا شعيب بن أيوب قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا المسعودي عن عثمان بن عبد الله بن هرمز عن نافع بن جبير بن مطعم عن علي كرم الله وجهه قال
لم يكن رسول الله بالطويل ولا بالقصير وكان شثن الكفين والقدمين ضخم الرأس واللحية مشرباً وجهه حمرة ضخم الكراديس طويل المسربة إذا مشى يمشي قلعاً كأنما ينحدر من صبب لم أر قبله ولا بعده مثله
وحدثنا أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا المسعودي عن عثمان بن عبد الله بن هرمز عن نافع بن جبير عن علي بن أبي طالب فذكره إلا أنه قال إذا مشى تكفأ تكفؤاً كأنما ينحط من صبب
اختلفوا في اسم أبي عثمان كما ذكرناه وكذلك اختلف غيرهم في ذلك فبعضهم قال ابن مسلم وبعضهم قال ابن عبد الله
أخبرنا أبو الحسن بن علي بن محمد المقرئ الإسفرايني بها قال حدثنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا عيسى بن يونس ح
وأخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا عبد الله بن مسلمة وسعيد بن منصور قالا حدثنا عيسى بن يونس قال حدثنا عمر بن عبد الله مولى غفرة قال حدثني إبراهيم بن محمد من ولد علي قال
كان علي رضي الله عنه إذا نعت رسول الله قال
لم يكن بالطويل الممغط ولا القصير المتردد كان ربعة من القوم ولم يكن بالجعد القطط ولا بالسبط كان جعداً رجلاً ولم يكن بالمطهم ولا المكلثم وكان في الوجه تدوير أبيض مشرب أدعج العينين أهدب الأشفار جليل المشاش والكتف أو قال الكتد أجرد ذا مسربة شثن الكفين والقدمين إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب وإذا التفت التفت معاً بين كتفيه خاتم النبوة أجود الناس كفاً وأجرأ الناس صدراً وأصدق الناس لهجة وأوفى الناس بذمة وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبه يقول ناعته لم أر قبله ولا بعده مثله
زاد المقري في روايته عند قوله خاتم النبوة وهو خاتم النبيين قال وأرحب الناس صدراً
أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال
أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد بن الحسن الكارزي قال أخبرنا علي بن عبد العزيز قال
قال أبو عبيد في صفة النبي إن علياً كان إذا نعته قال لم يكن بالطويل الممغط ولا بالقصير المتردد لم يكن بالمطهم ولا بالمكلثم أبيض مشرب أدعج العينين أهدب الأشفار جليل المشاش والكتد شثن الكفين والقدمين دقيق المسربة إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب وإذا التفت التفت معا ليس بالسبط ولا الجعد القطط
قال أبو عبيد حدثنيه أبو إسماعيل المؤدب عن عمر مولى غفرة عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية قال كان علي إذا نعت النبي قال ذلك
وفي حديث آخر حدثناه إسماعيل بن جعفر قال كان أزهر اللون
ليس بالأبيض الأمهق
وفي حديث آخر كان في عينيه شكلة
وفي حديث آخر كان شبح الذارعين
قال الكسائي والأصمعي وأبو عمرو وغير واحد ذكر كل واحد منهم بعض تفسير هذا الحديث قوله ليس بالطويل الممغط يقول ليس بالبائن الطويل ولا القصير المتردد يعني قد تردد خلقه بعضه على بعض فهو مجتمع ليس بسبط الخلق يقول فليس هو كذاك ولكن ربعة بين الرجلين وهكذا صفته في حديث آخر إنه كان ضرب اللحم بين الرجلين
وقوله ليس بالمطهم قال الأصمعي التام كل شيء منه على حدته فهو بارع الجمال
وقال غير الأصمعي المكلثم المدور الوجه يقول فليس كذلك ولكنه مسنون
وقوله مشرب يعني الذي أشرب حمرة
والأدعج العين الشديد سواد العينين قال الأصمعي الدعجة هي السواد
قال والجليل المشاش العظيم رءوس العظام مثل الركبتين والمرفقين والمنكبين
وقوله الكتد هو الكاهل وما يليه من جسده
وقوله شثن الكفين والقدمين يعني أنها إلى الغلظ
وقوله إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب الصبب الإنحدار
وجمعه أصباب
وقوله ليس بالسبط ولا الجعد القطط والقطط الشديد الجعودة مثل أشعار الحبش والسبط الذي ليس فيه تكسر يقول فهو جعد رجل
وقوله كان أزهر الأزهر الأبيض النير البياض الذي لا يخالط بياضه حمرة
وقوله ليس بالأمهق والأمهق الشديد البياض الذي لا يخالط بياضه شيء من الحمرة وليس بنير ولكن كلون الجص أو نحوه يقول فليس هو كذلك
وقوله في عينيه شكلة فالشكلة كهيئة الحمرة تكون في بياض العين والشهلة غير الشكلة وهي حمرة في سواد العين
والمرهة البياض الذي لا يخلطه غيره
وقوله أهدب الأشفار يعني طويل الأشفار
وقوله شبح الذراعين يعني عبل الذراعين عريضهما
والمسربة الشعر المستدق ما بين اللبة إلى السرة
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا محمد بن علي المقري قال حدثنا أبو عيسى الترمذي قال قال أبو جعفر محمد بن الحسين سمعت الأصمعي يقول في تفسير صفة النبي
الممغط الذاهب طولاً وسمعت أعرابياً يقول في كلامه تمغط في نشابته أي مدها مداً شديداً المتردد الداخل بعضه في بعض قصراً
وأما القطط فالشديد الجعودة والرجل الذي في شعره حجونة أي تثن قليلاً
وأما المطهم فالبادن الكثير اللحم
والمكلثم المدور الوجه والمشرب الذي في بياضه حمرة
والأدعج الشديد سواد العين
والأهدب الطويل الأشفار
والكتد مجتمع الكتفين وهو الكاهل
والمسربة هو الشعر الدقيق الذي هو كأنه قضيب من الصدر إلى السرة
والشثن الغليظ الأصابع من الكفين والقدمين
والتقلع أن يمشي بقوة
والصبب الحدور وتقول انحدرنا في صبوب وصبب
وقوله جليل المشاش يريد رؤوس المناكب
والعشرة الصحبة والعشير الصاحب
والبديهة المفاجأة يقال بدهته بأمر فجأته
أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري قال أخبرنا عبد الله ابن عمر بن أحمد بن شوذب المقري الواسطي بها قال حدثنا شعيب بن أيوب قال حدثنا يعلى بن عبيد عن مجمع بن يحيى الأنصاري عن عبد الله بن عمران عن رجل من الأنصار أنه سأل علياً رضي الله عنه عن نعت النبي فقال
كان رسول الله أبيض اللون مشرب حمرة أدعج العينين سبط الشعر ذو وفرة دقيق المسربة كأن عنقه إبريق فضة من لبته إلى سرته شعر يجري كالقضيب ليس في بطنه ولا صدره شعر غيره شثن الكف والقدم إذا مشى كأنما ينحدر من صبب وإذا مشى كأنما يتقلع من صخر وإذا التفت التفت جميعاً كأن عرقه اللؤلؤ ولريح عرقه أطيب من المسك الأذفر ليس بالطويل ولا بالقصير ولا العاجز ولا اللئيم لم أر قبله ولا بعده مثله
أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين العلوي قال أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال البزاز قال حدثنا أحمد بن حفص ابن عبد الله قال حدثني أبي قال حدثني إبراهيم بن طهمان عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال
لم يكن النبي بالآدم ولا الأبيض شديد البياض فوق الربعة ودون الطويل كان من أحسن من رأيته من خلق الله تعالى وأطيبه ريحاً وألينه كفا ليس بالجعد الشديد الجعودة وكان يرسل شعره إلى أنصاف أذنه وكان يتوكأ إذا مشى
أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا أحمد بن منصور قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري قال
سئل أبو هريرة عن صفة النبي فقال كان أحسن الناس صفة وأجملها كان ربعة إلى الطول ما هو بعيد ما بين المنكبين أسيل الجبين شديد سواد الشعر أكحل العينين أهدب إذا وطئ بقدمه بكلها ليس أخمص إذا وضع رداءه عن منكبيه فكأنه سبيكة فضة وإذا ضحك يتلألأ لم أر قبله ولا بعده مثله
محمد رافع 52 06-03-2013, 10:58 AM حديث أم معبد في صفة رسول الله
أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة من أصل
كتابه قال أخبرنا أبو عمرو محمد بن جعفر بن محمد بن مطر قال حدثنا أبو زيد عبد الواحد بن يوسف بن أيوب بن الحكم بن أيوب بن سليمان ابن ثابت بن يسار الخزاعي الكعبي بقديد إملاء قال حدثني عمي سليمان بن الحكم عن جدي أيوب بن الحكم الخزاعي عن حزام بن هشام عن أبيه هشام عن جده حبيش بن خالد صاحب رسول الله أن رسول الله
ح وحدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال أخبرنا أبو عمرو بن مطرف قال حدثنا محمد بن محمد بن سليمان بن الحكم ابن أيوب بن سليمان بن ثابت بن يسار الخزاعي بقديد يعرف بأبي عبد الله ابن أبي هشام القافة قال حدثنا أبي محمد بن سليمان قال حدثنا عمي أيوب بن الحكم عن حزام بن هشام عن أبيه هشام عن جده حبيش بن خالد قتيل البطحاء يوم فتح مكة أن رسول الله
ح وأخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال حدثنا أبو جعفر محمد بن موسى بن عيسى الحلواني قال حدثنا مكرم بن محرز ابن مهدي قال حدثني أبي محرز بن مهدي عن حزام بن هشام عن
حبيش بن خالد عن أبيه عن جده حبيش بن خالد صاحب رسول الله قتيل البطحاء يوم الفتح وهو أخو عاتكة بنت خالد
أن رسول الله حين أخرج من مكة مهاجراً إلى المدينة هو وأبو بكر ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة ودليلهما الليثي عبد الله بن الاريقط مروا على خيمتي أم معبد الخزاعية وكانت برزة جلدة تحتبي بفناء القبة ثم تسقي وتطعم فسألوها لحماً وتمراً ليشتروه منها فلم يصيبوا عندها شيئاً من ذلك وكان القوم مرملين مسنتين فقالت والله لو كان عندنا شيء ما أعوزناكم نحرها فنظر رسول الله إلى شاة في كسر الخيمة فقال ما هذه الشاة يا أم معبد قالت شاة خلفها الجهد عن الغنم قال أبها من لبن وقال أبو زيد هل بها من لبن قالت هي أجهد من ذلك قال أتأذنين لي أن أحلبها قالت بأبي وأمي إن رأيت بها حلباً فاحلبها فدعا بها رسول الله فمسح بيده ضرعها وسمى الله تعالى ودعا لها في شاتها فتفاجت عليه ودرت واجترت ودعا بإناء يربض الرهط فحلب فيه ثجاً حتى علاه البهاء ثم سقاها حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا ثم شرب آخرهم رسول الله ثم أراضوا ثم حلب فيه ثانياً بعد بدء حتى ملأ الإناء ثم غادره عندها ثم بايعها وارتحل عنها فقل ما لبثت حتى جاءها زوجها أبو معبد يسوق أعنزاً يتساوكن هزلاً ضحاً مخهن قليل
وقال أبو زيد ضحاً مخهن قليل فلما رأى أبو معبد اللبن عجب وقال من أين لك هذا اللبن يا أم معبد والشاء عازب حيال ولا حلوب في البيت
فقالت لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا قال صفية لي يا أم معبد قالت رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة أبلج الوجه حسن الخلق لم تعبه نحلة ولم تزر به صعلة وسيم قسيم وقال محمد بن موسى وسيماً قسيماً في عينه دعج وفي أشفاره غطف وفي صوته صهل وفي عنقه سطع وفي لحيته كثاثة أزج أقرن إن صمت فعليه الوقار وإن تكلم سما وعلاه البهاء أجمل الناس وأبهاه من بعيد وأحلاه وأحسنه من قريب حلو المنطق فصل لا نزر ولا هزر كأن منطقه خرزات نظم ينحدرن ربعة لا يأس من طول ولا تقتحمه عين من قصر غصناً بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظراً وأحسنهم قدراً له رفقاء يحفون به إن قال أنصتوا لقوله وإن أمر تبادروا إلى أمره محفود محشود لا عابس ولا مفند
فقال أبو معبد هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً فأصبح صوت بمكة عالياً يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه وهو يقول
(جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين قالا خيمتي أم معبد)
(هما نزلاها بالهدى واهتدت به فقد فاز من أمسى رفيق محمد)
(فيا لقصي ما زوى الله عنكم به من فعال لا تجارى وسؤدد)
(ليهن بني كعب مقام فتاتهم ومقعدها للمؤمنين بمرصد)
(سلوا أختكم عن شاتها وإنائها فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد)
(دعاها بشاة حائل فتحلبت له بصريح ضرة الشاة مزبد)
(فغادرها رهناً لديها بحالب يرددها في مصدر ثم مورد)
فلما سمع حسان بن ثابت الأنصاري شاعر رسول الله شبب يجاوب الهاتف وهو يقول
(لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم وقدس من يسري إليهم ويغتدي)
(ترحل عن قوم فضلت عقولهم وحل على قوم بنور مجدد)
(هداهم به بعد الضلالة ربهم وأرشدهم من يتبع الحق يرشد)
(وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا عمى وهداة يهتدون بمهتد)
(وقد نزلت منه على أهل يثرب ركاب هدى حلت عليهم بأسعد)
(نبي يرى ما لا يرى الناس حوله ويتلو كتاب الله في كل مسجد)
(وإن قال في يوم مقالة غائب فتصديقها في اليوم أو في ضحا الغد)
(ليهن أبا بكر سعادة جده بصحبته من يسعد الله يسعد)
(ليهن بني كعب مقام فتاتهم ومقعدها للمؤمنين بمرصد)
لقظ حديث أبي نصر بن قتادة قال أبو نصر قال أبو عمرو بن مطرف قال أبو جعفر بن محمد بن موسى سألت مكرماً عن اسم أم معبد فقال اسمها عاتكة بنت خالد وكنيتها أم معبد وأبو معبد اسمه أكثم بن أبي
الجون ويقال له عبد العزى
وحدثنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد ابن عمرو الأحمسي قال حدثنا الحسين بن حميد بن الربيع الخزاز قال حدثنا سليمان بن الحكم بن أيوب بن سليمان بن ثابت بن يسار الخزاعي قال حدثنا أخي أيوب بن الحكم وسالم بن محمد الخزاعي جميعاً عن حزام بن هشام فذكره بإسناده نحوه بنقصان بيتين من شعر حسان في آخره وقد ذكرهما في موضع آخر
ورواه يعقوب بن سفيان الفسوي عن مكرم بن محرز دون الأشعار
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو القاسم مكرم بن محرز بن المهدي بن عبد الرحمن بن عمرو الخزاعي قال حدثني أبي محرز بن المهدي فذكره
وحدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء قال حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري قال حدثنا الحسين بن محمد بن زياد وجعفر بن محمد بن سوار ح قال وأخبرني عبد الله بن محمد الدورقي في آخرين قالوا حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة الإمام ح قال وأخبرني مخلد بن جعفر قال حدثنا محمد بن جرير قالوا حدثنا مكرم بن محرز
قال أبو عبد الله الحافظ ثم سمعت الشيخ الصالح أبا بكر أحمد بن جعفر القطيعي يقول حدثنا مكرم بن محرز عن آبائه فذكر الحديث بطوله فقلت لشيخنا أبي بكر سمعه الشيخ من مكرم فقال أي والله حج بي أبي وأنا ابن سبع سنين فأدخلني على مكرم بن محرز
وبلغني عن أبي محمد القتيبي رحمه الله أنه قال في تفسير ما عسى
يشكل من ألفاظ هذا الحديث
قوله برزة يريد أنها خلا لها سن فهي تبرز ليست بمنزلة الصغيرة المحجوبة
وقوله مرملين يريد قد نفد زادهم
وقوله مشتين يريد داخلين في الشتاء ويروي مسنتين أي داخلين في السنة وهي الجدب والمجاعة
وقوله كسر الخيمة يريد جانباً منها
وقوله فتفاجت يريد فتحت ما بين رجليها للحلب
وقوله دعا بإناء يربض الرهط أي يرويهم حتى يثقلوا فيربضوا والرهط ما بين الثلاثة إلى العشرة
وقوله ثجا يريد سيلا
وقوله حتى علاه البهاء يريد علا الإناء بها اللبن وهو وبيص رغوته يريد أنه ملأها
قوله فشربوا حتى أراضوا يريد شربوا حتى رووا فنقعوا بالري
وقوله تشاركن هزلاً أي عمهن الهزال فليس فيهن منقيه ولا ذات طرق وهو من الاشتراك
وقوله والشاء عازب أي بعيد في المرعى
وقولها ظاهر الوضاءة
قال غير القتيبي تريد ظاهر الجمال
قال القتيبي وقولها أبلج الوجه تريد مشرق الوجه مضيئة
وقولها لم تعبه نحلة فالنحل الدقة والضمير
وقولها ولم تزريه صقلة فالصقل منقطع الأضلاع والصقلة الخاصرة تريد أنه ضرب ليس بمنتفخ ولا ناحل ويروي لم تعبه ثجلة ولم تزريه صعلة
والثجلة عظم البطن واسترخاء أسفله
والصعلة صغر الرأس والوسيم الحسن الوضيء وكذلك القسيم والدعج السواد في العين وغيره
وقولها في أشفاره عطف قال القتيبي سألت عنه الرياشي فقال لا أعرف العطف وأحسبه غطف بالغين معجمة وهو أن تطول الأشفار ثم تنعطف والعطف أيضاً إن كان هو المحفوظ شبيه بذلك وهو انعطاف الأشفار وروى وفي أشفاره وطف وهو الطول
وقولها في صوته صهل ويروي صحل أي كالبحة وهو أن لا يكون حاداً
وقولها في عنقه سطع أي طول إن تكلم سما تريد علا برأسه أو يده
وقولها في وصف منطقه فصل لا نزر ولا هذر تريد أنه وسط ليس بقليل ولا كثير
وقولها لا يأس من طول يحتمل أن يكون معناه إنه ليس بالطويل الذي يؤيس مباريه عن مطاولته ويحتمل أن يكون تصحيفاً وأحسبه لا بائن من طول
وقولها لا تقتحمه عين من قصر لا تحتقره ولا تزدريه
محفود أي مخدوم محشود هو من قولك حشدت لفلان في كذا إذا أردت أنك أعددت له وجمعت
وقال غيره المحشود المحفوف وحشده أصحابه أطافوا به
وقولها لا عابس تريد لا عابس الوجه ولا معتد من العداء وهو الظلم
وقول الهاتف فتحلبت له بصريح والصريح الخالص والضرة لحم الضرع فغادرها رهناً لديها لحالب يريد أنه خلف الشاة عندها مرتهنة بأن تدر
حديث هند بن إبي هالة في صفة رسول الله
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ لفظاً وقراءة عليه وقال حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب العقيقي صاحب
كتاب النسب ببغداد قال حدثنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو محمد بالمدينة سنة ثلاث وستين ومائتين قال حدثني علي بن جعفر بن محمد عن أخيه موسى بن جعفر عن جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن علي بن الحسين قال قال الحسن بن علي سألت خالي هند بن أبي هالة عن حلية رسول الله وكان وصافا وأنا أرجو أن يصف لي شيئاً أتعلق به
ح وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال حدثنا عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي قال حدثنا يعقوب بن سفيان الفسوي قال حدثنا سعيد بن حماد الأنصاري المصري وأبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي قالا حدثنا جميع بن عمر بن عبد الرحمن العجلي قال حدثني رجل بمكة عن ابن لأبي هالة التميمي عن الحسن بن علي قال
سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي وكان وصافاً عن حلية النبي وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئاً أتعلق به فقال
كان رسول الله فخماً مفخماً يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر أطول من المربوع وأقصر من المشذب عظيم الهامة رجل الشعر إن انفرقت عقيقته فرق وفي رواية العلوي ان انفرقت عقيصته فرق وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنه إذا هو وفره أزهر اللون واسع الجبين أزج
الحواجب سوابغ في غير قرن بينهما عرق يدره الغضب أقنى العرنين له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشم كث اللحية سهل الخدين وفي رواية العلوي المسربة كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة معتدل الخلق بادن متماسك سوي البطن والصدر عريض الصدر وفي رواية العلوي فسيح الصدر بعيد ما بين المنكبين ضخم الكراديس أنور المتجرد موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر طويل الزندين رحب الراحة وفي رواية العلوي رحب الجبهة سبط القصب شثن الكفين والقدمين
لم يذكر العلوي القدمين سائل الأطراف خمصان الأخمصين مسيح القدمين ينبو عنهما الماء إذا زال زال قلعاً يخطو تكفياً ويمشي هوناً ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط من صبب وإذا التفت التفت جمعاً وفي رواية العلوي جميعاً خافض الطرف نظره إلى الأرض أطول من نظرة إلى السماء جل نظره الملاحظة يسوق أصحابه يبدر وفي رواية العلوي يبدأ من لقي بالسلام
قلت صف لي منطقة
قال كان رسول الله متواصل الأحزان دائم الفكرة وفي رواية العلوي الفكر ليست له راحة لا يتكلم في غير حاجة طويل السكتة وفي رواية العلوي السكوت يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه ويتكلم بجوامع الكلم وفي رواية العلوي الكلام فصل لا فضول ولا تقصير دمث
ليس بالجافي ولا المهين يعظم النعمة وإن دقت لا يذم منها شيئاً لا يذم ذواقاً ولا يمدحه وفي رواية العلوي لم يكن ذواقاً ولا مدحة لا يقوم لغضبه إذا تعرض الحق شيء حتى ينتصر له وفي الرواية الأخرى لا تغضبه الدنيا وما كان لها فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له لا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها إذا أشار أشار بكفه كلها وإذا تعجب قلبها وإذا تحدث اتصل بها يضرب براحته اليمنى بطن إبهامه اليسرى وفي رواية العلوي فيضرب بإبهامه اليمنى باطن راحته اليسرى وإذا غضب أعرض وأشاح وإذا فرح غض طرفه جل ضحكه التبسم ويفتر عن مثل حب الغمام
قال فكتمتها الحسين بن علي زماناً ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه فسأله عما سألته عنه ووجدته قد سأل أباه عن مدخله ومجلسه ومخرجه وشكله فلم يدع منه شيئاً
قال الحسين سألت أبي عن دخول رسول الله فقال
كان دخوله لنفسه مأذون له في ذلك فكان إذا أوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء جزءاً لله تعالى وجزءاً لأهله وحزءاً لنفسه ثم جزأ جزأه بينه وبين الناس فيرد ذلك على العامة والخاصة ولا يذخره فقال أبو غسان أو يذخر عنهم شيئاً وفي رواية العلوي ولا يدخر عنهم شيئاً
وكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين فمنهم ذو الحاجة منهم ذو الحاجتين ومنهم ذو الحوائج فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والأمة من مسألته عنهم وإخبارهم بالذي ينبغي لهم ويقول ليبلغ الشاهد منكم الغائب وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته فإنه من أبلغ سلطاناً حاجة من لا يستطيع إبلاغها إياه ثبت الله قدميه يوم القيامة لا يذكر عنده إلا ذلك ولا يقبل من أحد غيره يدخلون عليه رواداً ولا يفترقون إلا عن ذواق وفي رواية العلوي ولا يتفرقون إلا عن ذوق ويخرجون أدلة زاد العلوي يعني فقهاء
قال فسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه وفي رواية العلوي قلت فأخبرني عن مخرجه كيف كان يصنع فيه
فقال كان رسول الله يخزن لسانه إلا مما يعنيهم ويؤلفهم ولا ينفرهم قال أبو غسان أو يفرقهم وفي رواية العلوي ولا يفرقهم ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه يتفقد أصحابه ويسأل الناس عما في الناس ويحسن الحسن ويقويه ويقبح القبيح ويوهيه معتدل الأمر غير مختلف لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا لكل حال عنده عتاد لا يقصر عن الحق ولا
يحوزه الذين يلونه من الناس خيارهم أفضلهم عنده أعمهم نصيحة وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة
قال فسألته عن مخرجه مجلسه زاد العلوى كيف كان ولا يصنع فيه
فقال كان رسول الله لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكره ولا يوطن الأماكن وينهي عن إيطانها وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك يعطي كل جلسائه نصيبه لا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه من جالسه أو قاومه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول قد وسع الناس منه بسطه وخلقه فصار لهم أباً وصاروا عنده في الحق سواء مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة لا ترفع فيه الأصوات ولا تؤبه فيه الحرم ولا تنثى فلتاته متعادلين يتفاضلون فيه بالتقوى وفي رواية العلوي وصاروا عنده في الحق متقاربين يتفاضلون بالتقوى سقط منها ما بينهما ثم اتفقت الروايتان متواضعين يوقرون فيه الكبير ويرحمون فيه الصغير ويؤثرون ذا الحاجة
ويحفظون قال أبو غسان أو يحيطون الغريب وفي رواية العلوي ويرحمون الغريب
قال قلت كيف كان سيرته في جلسائه وفي رواية العلوي فسألته عن سيرته في جلسائه
فقال كان رسول الله دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مزاح يتغافل عما لا يشتهي ولا يويس منه ولا يحبب فيه قد ترك نفسه من ثلاث المراء والإكثار وما لا يعنيه وترك الناس من ثلاث كان لا يذم أحداً ولا يعيره ولا يطلب عورته ولا يتكلم إلا فيما رجى ثوابه إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير فإذا سكت تكلموا ولا يتنازعون عند زاد العلوي الحديث
من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ حديثهم عنده حديث ألويتهم وفي رواية العلوي أولهم يضحك مما يضحكون منه ويتعجب مما يتعجبون منه ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته حتى إذا كان أصحابه ليستجلبونهم وفي رواية العلوي في المنطق ويقول إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فأرفدوه ولا يقبل الثناء إلا من مكاف ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام وفي رواية العلوي بانتهاء أو قيام
قال فسألته كيف كان سكوته
قال كان سكوت رسول الله على أربع الحلم والحذر والتقدير والتفكر وفي رواية العلوي والتفكير
فأما تقديره ففي تسويته النظر والاستماع بين الناس
وأما تذكره أو قال تفكره قال سعيد تفكره ولم يشك وفي رواية العلوي تفكيره ففيما يبقى ويفنى
وجمع له الحلم والصبر فكان لا يغضبه شيء ولا يستفزه وجمع له الحذر في أربع أخذه بالحسنى قال سعيد والعلوي بالحسن ليقتدى به وتركه القبيح لينتهي عنه وفي رواية العلوي ليتناهى عنه واجتهاد الرأي فيما أصلح أمته والقيام فيما جمع لهم الدنيا والآخرة وفي رواية العلوي والقيام لهم فيما جمع لهم أمر الدنيا والآخرة
وقال أبو عبد الله الحافظ قال أبو محمد الحسن بن محمد قال أخبرنا إسماعيل بن محمد حين فرغنا من سماع هذا الحديث منه حدثناه علي بن جعفر بن محمد سنة تسع ومائتين قيل له من حفظه قال نعم قيل له متى مات علي بن جعفر قال سنة عشر ومائتين بعدما حدثناه بسنة
قلت وبلغني عن القتيبي وغيره في تفسير ما عسى يشكل من ألفاظ هذا الحديث
قوله كان فخماً مفخماً أي عظيماً معظماً
وقوله أقصر من المشذب المشذب الطويل البائن
وقوله إن انفرقت عقيقته فرق أصل العقيقة شعر الصبي قبل أن يحلق فإذا حلق ونبت ثانية فقد زال عنه اسم العقيقة وربما سمى الشعر
عقيقة بعد الحلق على الاستعارة وبذلك جاء هذا الحديث يريد أنه كان لا يفرق شعره إلا أن يفترق هو وكان هذا في صدر الإسلام ثم فرق
قلت وقال غير القتيبي في رواية من روى عقيصته قال العقيصة الشعر المعقوص وهو نحو من المضفور
قال القتيبي وقوله أزهر اللون يريد أبيض اللون مشرقه ومنه سميت الزهرة لشدة ضوئها فأما الأبيض غير المشرق فهو الأمهق
وقوله أزج الحواجب الزجج طول الحاجبين ودقتهما وسبوغهما إلى مؤخر العينين
ثم وصف الحواجب فقال سوابغ في غير قرن والقرن أن يطول الحاجبان حتى يلتقي طرفاهما
وهذا خلاف ما وصفته به أم معبد لأنها قالت في وصفه أزج أقرن ولا أراه إلا كما ذكر ابن أبي هالة وقال الأصمعي كانت العرب تكره القرن وتستحب البلج
والبلج أن ينقطع الحاجبان فيكون ما بينهما نقياً
وقوله أقنى العرنين والعرنين المعطس وهو المرسن والقنى فيه طوله ودقة أرنبته وحدب في وسطه
وقوله يحسبه من لم يتأمله أشم فالشمم ارتفاع القصبة وحسنها واستواء أعلاها وإشراف الأرنبة قليلاً يقول هو لحسن قناء أنفه واعتدال ذلك يحسب قبل التأمل أشم
وقوله ضليع الفم أي عظيمه وكانت العرب تحمد ذلك وتذم صغير الفم وقال بعضهم الضليع المهزول الذابل وهو في صفة فم النبي ذبول شفتيه ورقتهما وحسنهما
وقوله في وصف منطقه إنه كان يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه وذلك لرحب شدقيه وعن الأصمعي قلت لأعرابي ما الجمال فقال غئور العينين وإشراف الحاجبين ورحب الشدقين فأما ما جاء عنه عليه السلام في المتشادقين فإنه أراد به الذين يتشادقون إذا تكلموا فيميلون بأشداقهم يميناً وشمالاً ويتنطعون في القول
وقوله أشنب من الشنب في الأسنان وهو تحدد أطرافها
وقوله دقيق المسربة فالمسربة الشعر المستدق ما بين اللبة إلى السرة
وقوله كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة الجيد العنق والدمية الصورة شبهها في بياضها بالفضة
وقوله بادن متماسك البادن الضخم يريد أنه مع بدانته متماسك اللحم
وقوله سواء البطن والصدر يريد أن بطنه غير مستفيض فهو مساوٍ لصدره وصدره عريض فهو مساو لبطنه ضخم الكراديس يريد الأعضاء
وقوله أنور المتجرد والمتجرد ما جرد عنه الثوب من بدنه وهو المجرد أيضاً وأنور من النور يريد شدة بياضه
وقوله طويل الزندين الزند من الذراع ما انحسر عنه اللحم وللزند رأسان الكوع والكرسوع فالكرسوع رأس الزند الذي يلي الخنصر
والكوع رأس الزند الذي يلي الإبهام
وقوله رحب الراحة يريد واسع الراحة وكانت العرب تحمد ذلك وتمدح به
وقوله شثن الكفين والقدمين يريد أنها إلى الغلظ والقصر
وقوله سائل الأطراف يريد الأصابع أنها طوال ليست بمنعقدة ولا متغضنة
وقوله خمصان الأخمصين الإخمص في القدم من تحتها وهو ما ارتفع عن الأرض في وسطها أراد أن ذلك منه مرتفع وأنه ليس بأزج وهو الذي يستوي باطن قدمه حتى يمس جميعه الأرض
قلت وهذا بخلاف ما روينا عن أبي هريرة في وصف النبي أنه كان يطأ بقدميه جميعاً ليس له أخمص
وقوله مسيح القدمين يعني أنه ممسوح ظاهر القدمين فالماء إذا صب عليها مر عليها مراً سريعاً لاستوائهما وانملاسهما
وقوله يخطو تكفياً ويمشي هوناً يريد أنه يميد إذا خطا ويمشي في رفق غير مختال
وقوله ذريع المشية يريد أنه مع هذا الرفق سريع المشية
وقوله إذا مشى كأنما ينحط من صبب الصبب الانحدار
وقوله يسوق أصحابه يريد أنه إذا مشى مع أصحابه قدمهم بين يديه ومشى وراءهم
وقوله دمثاً يعني سهلاً ليناً
وقوله ليس بالجافي ولا المهين يريد أنه لا يجفو الناس ولا يهينهم ويروي ولا المهين فإن كانت الرواية كذلك فإنه أراد ليس بالفظ الغليظ الجافي ولا الحقير الضعيف
وقوله ويعظم النعمة وإن دقت يقول لا يستصغر شيئاً أوتيه وإن كان صغيراً ولا يستحقره
وقوله لا يذم ذواقاً ولا يمدحه يريد أنه كان لا يصف الطعام بطيب ولا بفساد وإن كان فيه
وقوله أعرض وأشاح يقال أشاح إذا جد ويقال أشاح إذا عدل بوجهه وهذا معنى الحرف في هذا الموضع
وقوله يفتر أي يبتسم وحب الغمام البرد شبه ثغره به
وقوله فيرد ذلك على العامة بالخاصة يريد أن العامة كانت لا تصل إليه في منزله ذلك الوقت ولكنه كان يوصل إليها حظها من ذلك الجزء بالخاصة التي تصل إليه فيوصلها إلى العامة
وقوله يدخلون رواداً يريد طالبين ما عنده من النفع في دينهم ودنياهم
وقوله ولا يتفرقون إلا عن ذواق الذواق أصله الطعم منها ولكنه ضربه مثلاً لما ينالون عنده من الخير
وقوله يخرجون من عنده أدلة يريد بما قد علموه فيدلون الناس عليه
وقوله لا تؤبن فيه الحرم أي لا تقترف فيه
وقوله لا تنثى فلتاته أي لا يتحدث بهفوة أو زلة إن كانت في مجلسه من بعض القوم يقال نثوت الحديث فأنا أنثوه إذا أذعته والفلتات جمع فلتة وهو ههنا الزلة والسقطة
وقوله إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير يريد أنهم يسكنون ولا يتحركون ويغضون أبصارهم والطير لا تسقط إلا على ساكن
وقوله لا يقبل الثناء إلا من مكاف يريد أنه كان إذا ابتدى بمدح كره ذلك وكان إذا اصطنع معروفاً فأثنى به عليه مثن وشكره قبل ثناؤه
وقال أبو بكر بن الأنباري هذا غلط لأنه لا ينفك أحد من إنعام رسول الله وبسط الكلام فيه وإنما المعنى أنه لا يقبل الثناء عليه إلا من رجل يعرف حقيقة إسلامه فيكون مكافئاً بثنائه عليه ما سلف من نعمة النبي عنده وإحسانه إليه
وقال الأزهري معناه إلا من مقارب في مدحه غير مجاوز به حد مثله ولا مقصر به عما رفعه الله إليه ألا تراه يقول لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم ولكن قولوا عبد الله ورسوله فإذا قيل نبي الله ورسوله فقد وصف بما لا يجوز أن يوصف به أحد من أمته فهو مدح مكافئ له
قلت وقد يخرج قول القتيبي صحيحاً فإنه كان يأتيه المسلم والكافر ويثني عليه البر والفاجر فكان لا يقبله إلا ممن كان قد اصطنع إليه معروفاً على الخصوص والله أعلم
قلت وقد روى صبيح بن عبد الله الفرغاني وليس بالمعروف حديثاً آخر في صفة النبي وأدرج فيه تفسير بعض ألفاظه ولم يبين قائل تفسيره فيما سمعنا إلا أنه يوافق جملة ما روينا في الأحاديث الصحيحة والمشهورة فرويناه والاعتماد على ما مضى
أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرناه أبو عبد الله محمد بن يوسف المؤذن قال حدثنا محمد بن عمران النسوي قال حدثنا أحمد ابن زهير قال حدثنا صبيح بن عبد الله الفرغاني قال حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد قال حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه وهشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت
كان من صفة رسول الله في قامته أنه لم يكن بالطويل البائن ولا المشذب الذاهب والمشذب الطول نفسه إلا أنه المخفف ولم يكن بالقصير المتردد وكان ينسب إلى الربعة إذا مشى وحده ولم يكن على حال يماشيه أحد من الناس ينسب إلى الطول إلا طاله رسول الله وربما أكتنفه الرجلان الطويلان فيطولهما فإذا فارقاه نسب رسول الله إلى الربعة ويقول نسب الخير كله إلى الربعة
وكان لونه ليس بالأبيض الأمهق الشديد البياض الذي تضرب بياضه الشهبة
ولم يكن بالآدم وكان أزهر اللون والأزهر الأبيض الناصع البياض الذي لا تشوبه حمرة ولا صفرة ولا شيء من الألوان وكان ابن عمر كثيراً ما ينشد في مسجد رسول الله نعت عمه أبي طالب إياه في لونه حيث يقول
(وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل)
ويقول كل من سمعه هكذا كان
وقد نعته بعض من نعته بأنه كان مشرب حمرة وقد صدق من نعته بذلك ولكن إنما كان المشرب منه حمرة ما ضحا للشمس والرياح فقد كان بياضه من ذلك قد أشرب حمرة وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر لا يشك فيه أحد ممن وصفه بأنه أبيض أزهر فعنى ما تحت الثياب فقد أصاب
ومن نعت ما ضحا للشمس والرياح بأنه أزهر مشرب حمرة فقد أصاب
ولونه الذي لا يشك فيه الأبيض الأزهر وإنما الحمرة من قبل الشمس والرياح
وكان عرقه في وجهه مثل اللؤلؤ أطيب من المسك الأذفر وكان رجل
الشعر حسناً ليس بالسبط ولا الجعد القطط كان إذا مشطه بالمشط كأنه حبك الرمل أو كأنه المتون التي تكون في الغدر إذا سفتها الرياح فإذا مكث لم يرجل أخذ بعضه بعضاً وتحلق حتى يكون متحلقاً كالخواتم ثم كان أول مرة قد سدل ناصيته بين عينيه كما تسدل نواصي الخيل ثم جاءه جبريل عليه السلام بالفرق ففرق
كان شعره فوق حاجبيه ومنهم من قال كان يضرب شعره منكبيه وأكثر ذلك إذا كان إلى شحمة أذنيه
وكان ربما جعله غدائر أربعاً يخرج الأذن اليمنى من بين غديرتين يكتنفانها ويخرج الأذن اليسرى من بين غديرتين يكتنفانها وتخرج الأذنان ببياضهما من بين تلك الغدائر كأنها توقد الكواكب الدرية من سواد شعره وكان أكثر شيبه في الرأس في فودي رأسه
والفودان حرفا الفرق وكان أكثر شيبه في لحيته فوق الذقن وكان شيبه كأنه خيوط الفضة يتلألأ بين ظهري سواد الشعر الذي معه وإذا مس ذلك الشيب الصفرة وكان كثيراً ما يفعل صار كأنه خيوط الذهب يتلألأ بين ظهري سواد الشعر الذي معه
وكان أحسن الناس وجهاً وأنورهم لوناً لم يصفه واصفب قط بلغتنا صفته إلا شبه وجهه بالقمر ليلة البدر ولقد كان يقول من كان يقول منهم لربما نظرنا إلى القمر ليلة البدر فنقول هو أحسن في أعيننا من القمر أزهر اللون نير الوجه يتلألأ تلالؤ القمر
يعرف رضاه وغضبه في سروره بوجهه كان إذا رضي أو سر فكأن وجهه المرآة وكأنما الجدر تلاحك وجهه وإذا غضب تلون وجهه واحمرت عيناه
قال وكانوا يقولون هو كما وصفه صاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه
(أمين مصطفى للخير يدعو كضوء البدر زايله الظلام)
ويقولون كذلك كان
وكان ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثيراً ما ينشد قول زهير بن أبي سلمى حين يقول لهرم بن سنان
(لو كنت من شيء سوى بشر كنت المضيء لليلة البدر)
فيقول عمر ومن سمع ذلك كان النبي كذلك ولم يكن كذلك غيره
وكذلك قالت عمته عاتكة بنت عبد المطلب بعد ما سار من مكة مهاجراً فجزعت عليه بنو هاشم فانبعثت تقول
(عيني جودا بالدموع السواجم على المرتضى كالبدر من آل هاشم)
(على المرتضى للبر والعدل والتقى وللدين والدنيا بهيم المعالم)
(على الصادق الميمون ذي الحلم والنهى وذي الفضل والداعي لخير التراحم)
فشبهته بالبدر ونعتته بهذا النعت ووقعت في النفوس لما ألقى الله تعالى منه في الصدور
ولقد نعتته وإنها لعلى دين قومها
وكان أجلى الجبين إذا طلع جبينه من بين الشعر أو اطلع في فلق الصبح أو عند طفل الليل أو طلع بوجهه على الناس تراءوا جبينه كأنه ضوء السراج المتوقد يتلألأ
وكانوا يقولون هو كما قال شاعره حسان بن ثابت
(متى يبد في الداج البهيم جبينه يلح مثل مصباح الدجى المتوقد)
(فمن كان أو من قد يكون كأحمد نظام لحق أو نكال لملحد)
وكان النبي واسع الجبهة أزج الحاجبين سابغهما
والحاجبان الأزجان هما الحاجبان المتوسطان اللذان لا تعدو شعرة منهما شعرة في النبات والاستواء من غير قرن بينهما وكان أبلج ما بين الحاجبين حتى كأن ما بينهما الفضة المخلصة
بينهما عرق يدره الغضب لا يرى ذلك العرق إلا أن يدره الغضب والأبلج النقي ما بين الحاجبين من الشعر
وكانت عيناه نجلاوان أدعجهما والعين النجلاء الواسعة الحسنة والدعج شدة سواد الحدقة لا يكون الدعج في شيء إلا في سواد الحدق وكان في عينيه تمزج من حمرة وكان أهدب الأشفار حتى تكاد تلتبس من كثرتها
أقنى العرنين والعرنين المستوى الأنف من أوله إلى آخره وهو الأشم
كما أفلج الأسنان أشنبها قال والشنب أن تكون الأسنان متفرقة فيها طرائق مثل تعرض المشط إلا أنها حديدة الأطراف وهو الأشر الذي يكون أسفل الأسنان كأنه ماء يقطر في تفتحه ذلك وطرائقه وكان يتبسم عن مثل البرد المنحدر من متون الغمام فإذا افتر ضاحكاً افتر عن مثل سناء البرق إذا تلألأ وكان أحسن عباد الله شفتين وألطفه ختم فم سهل الخدين صلتهما قال والصلت الخد هو الأسيل الخد المستوى الذي لا يفوت بعض لحم بعضه بعضاً
ليس بالطويل الوجه ولا بالمكلثم كث اللحية والكث الكثير منابت الشعر الملتفها وكانت ***قته بارزة
فنيكاه حول ال***قة كأنها بياض اللؤلؤ في أسفل ***قته شعر منقاد حتى يقع انقيادها على شعر اللحية حتى يكون كأنه منها والفنيكان هما مواضع الطعام حول ال***قة من جانبيها جميعاً
وكان أحسن عباد الله عنقاً لا ينسب إلى الطول ولا إلى القصر ما ظهر من عنقه للشمس والرياح فكأنه إبريق فضة يشوب ذهباً يتلألأ في بياض الفضة وحمرة الذهب وما غيب الثياب من عنقه ما تحتها فكأنه القمر ليلة البدر
وكان عريض الصدر ممسوحه كأنه المرايا في شدتها واستوائها لا يعدو بعض لحمه بعضاً على بياض القمر ليلة البدر موصول ما بين لبته إلى سرته شعر منقاد كالقضيب لم يكن في صدره ولا بطنه شعر غيره
وكان له عكن ثلاث يغطي الإزار منها واحدة وتظهر ثنتان ومنهم من قال يغطي الإزار منها ثنتين وتظهر واحدة تلك العكن أبيض من القباطي المطواة وألين مساً
وكان عظيم المنكبين أشعرهما ضخم الكراديس والكراديس عظام المنكبين والمرفقين والوركين والركبتين
وكان جليل الكتد قال والكتد مجتمع الكتفين والظهر واسع الظهر بين كتفيه خاتم النبوة وهو مما يلي منكبه الأيمن فيه شامة سوداء تضرب إلى الصفرة حولها شعرات متواليات كأنهن من عرف فرس ومنهم من قال كانت شامة النبوة بأسفل كتفه خضراء منحفرة في اللحم قليلاً
وكان طويل مسربة الظهر والمسربة الفقار الذي في الظهر من أعلاه إلى أسفله
وكان عبل العضدين والذراعين طول الزندين والزندان العظمان اللذان في ظاهر الساعدين
وكان فعم الأوصال ضبط القصب شثن الكف رحب الراحة سائل الأطراف كأن أصابعه قضبان فضة كفه ألين من الخز وكأن كفه كف عطار طيباً مسها بطيب أو لم يمسها يصافحه المصافح فيظل يومه يجد ريحها ويضعها على رأس الصبي فيعرف من بين الصبيان من ريحها على رأسه
وكان عبل ما تحت الإزار من الفخذين والساق شثن القدم غليظهما ليس لهما خمص منهم من قال كان في قدمه شيء من خمص
يطأ الأرض بجميع قدميه معتدل الخلق بدن في آخر زمانه وكان بذلك البدن متماسكاً وكاد يكون على الخلق الأول لم يضره السن
وكان فخماً مفخماً في جسده كله إذا التفت التفت جميعاً وإذا أدبر أدبر جميعاً
وكان فيه شيء من صور والصور الرجل الذي كأنه يلمح الشيء ببعض وجهه
وإذا مشى فكأنما يتقلع في صخر وينحدر في صبب يخطو تكفياً
ويمشي الهوينا بغير عثر والهوينا تقارب الخطا والمشي على الهينة يبدر القوم إذا سارع إلى خير أو مشى إليه ويسوقهم إذا لم يسارع إلى شيء بمشية الهوينا وترفعه فيها
وكان يقول أنا أشبه الناس بأبي آدم عليه السلام وكان أبي إبراهيم خليل الرحمن أشبه الناس بي خلقاً وخلقاً وعلى جميع أنبياء الله
وأخبرناه عالياً القاضي أبو عمر محمد بن الحسين رحمه الله قال حدثنا سليمان بن أحمد بن أيوب قال حدثنا محمد بن عبدة المصيصي من كتابه قال حدثنا صبيح بن عبد الله القرشي أبو محمد قال حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي عن جعفر بن محمد عن أبيه وهشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كان من صفة رسول الله أنه لم يكن بالطويل البائن ولا المشذب الذاهب قال وساق الحديث في صفته بهذا
أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري قال أخبرنا عبد الله ابن عمر بن شوذب أبو محمد الواسطي بها قال حدثنا شعيب بن أيوب الصريفيني قال حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد عن عمر بن سعيد بن أبي حسين عن ابن أبي مليكة عن عقبة بن الحارث قال
صلى بنا أبو بكر رضي الله عنه العصر ثم خرج وعلي يمشيان
فرأى الحسين يلعب مع الغلمان فأخذه فحمله على عنقه قال ثم قال
(بأبي شبيه بالنبي ليس شبيهاً بعلي)
وعلي رضي الله عنه يتبسم أو يضحك
رواه البخاري في الصحيح عن أبي عاصم
وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا ابن شوذب قال حدثنا شعيب بن أيوب قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ عن علي قال
كان الحسن أشبه برسول الله ما بين الصدر إلى الرأس والحسين أشبه برسول الله ما كان أسفل من ذلك
محمد رافع 52 06-03-2013, 02:30 PM أخبار رويت في شمائله وأخلاقه على طريق الاختصار
تشهد لما روينا في حديث هند بن أبي هالة بالصحة وقد قال الله عز وجل (وإنك لعلى خلق عظيم)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الحسين بن علي بن عفان قال حدثنا محمد بن بشر العبدي قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة قال حدثنا قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن سعد بن هشام أنه قال لعائشة
يا أم المؤمنين أخبريني عن خلق رسول الله فقالت ألست تقرأ القرآن قال بلى قالت فإن خلق رسول الله كان القرآن
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن محمد بن بشر
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن سهل الفقيه ببخارى قال حدثنا قيس بن أنيف قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا جعفر بن سليمان عن أبي عمران عن يزيد بن بابنوس قال
قلنا لعائشة يا أم المؤمنين كيف كان خلق رسول الله قالت كان خلق رسول الله القرآن ثم قالت تقرأ سورة المؤمنين إقرأ (قد أفلح المؤمنون) إلى العشر حتى بلغ العشر فقالت هكذا كان خلق رسول الله
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال أخبرنا عبد الله ابن جعفر بن درستويه قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا سليمان بن عبد الرحمن قال حدثنا الحسن بن يحيى قال حدثنا زيد بن واقد عن بسر بن عبيد الله بن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء قال
سألت عائشة عن خلق رسول الله فقالت كان خلقه القرآن
يرضى لرضاه ويسخط لسخطه
وأخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو حامد بن بلال قال حدثنا الزعفراني يعني الحسن بن محمد بن الصباح قال حدثنا أسباط بن محمد عن فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي في قوله تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم) قال أدب القرآن
أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري قال أخبرنا أبو بكر محمد بن بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود السجستاني قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير في قوله عز وجل (خذ العفو) قال أمر نبي الله أن يأخذ العفو من أخلاق الناس
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث أبي أسامة عن هشام
أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني عبد الله بن مسلمة عن مالك ح
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن عيسى قال حدثنا موسى بن محمد الذهلي قال حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي أنها قالت
ما خير رسول الله بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه وما انتقم رسول الله لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله تعالى
زاد القطان في روايته فينتقم لله بها
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن مسلمة القعبني ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا إبراهيم بن أبي طالب قال حدثنا عبيد الهباري قال حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت
ما ضرب رسول الله بيده شيئاً قط لا امرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله ولا نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى فينتقم الله
رواه مسلم في الصحيح عن ابي كريب عن أبي أسامه
وأخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو محمد حاجب بن أحمد
قال حدثنا محمد بن حماد الأبيوردي قال حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت
ما رأيت رسول الله ضرب خادماً له قط ولا ضرب امرأة له قط ولا ضرب بيده شيئاً قط إلا أن يجاهد في سبيل الله ولا نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن يكون الله تعالى فإذا كان لله انتقم له ولا عرض عليه أمران إلا أخذ الذي هو أيسر حتى يكون إثماً فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه
رواه مسلم في الصحيح عن أبي كريب عن أبي معاوية
أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار ببغداد قال أخبرنا الحسين بن يحيى بن عياش القطان قال حدثنا أبو الأشعث قال حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال
لقد خدمت رسول الله عشر سنين فوالله ما قال لي أف قط ولا قال لشيء فعلته لم فعلت كذا ولا لشيء لم أفعله ألا فعلت كذا
رواه مسلم في الصحيح عن سعيد بن منصور وأبي الربيع عن حماد
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو بكر بن عبد الله قال أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الوارث عن أبي التياح عن
أنس قال
كان رسول الله أحسن الناس خلقاً وكان لي أخ يقال له أبو عمير أحسبه قال كان فطيماً قال فكان إذا جاء رسول الله فرآه قال يا أبا عمير ما فعل النغير قال فكان يلعب به
رواه مسلم عن شيبان بن فروخ
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا سليمان بن حرب وسعيد قالا حدثنا حماد عن ثابت عن أنس قال كان رسول الله من أجمل الناس ومن أجود الناس ومن أشجع الناس
رواه البخاري في الصحيح عن سليمان بن حرب ورواه مسلم عن سعيد بن منصور
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال حدثنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي قال حدثنا محمد بن سنان العوفي قال حدثنا فليح ح
وأخبرنا أبو طاهر الفقيه واللفظ له قال أخبرنا أبو حامد ابن بلال قال حدثنا أبو الأزهر قال حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا فليح عن هلال بن علي قال قال أنس
لم يكن رسول الله سباباً ولا فحاشاً ولا لعاناً كان يقول لأحدنا عند المعتبة ماله تربت جبينه
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن سنان
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري قال حدثنا عبد الله بن نمير
عن الأعمش عن شقيق عن مسروق قال سمعت عبد الله بن عمرو يقول
إن رسول الله لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً وإنه كان يقول إن خياركم أحاسنكم أخلاقاً
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه وأخرجاه من وجه آخر عن الأعمش
وحدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك رحمه الله قال حدثنا عبد الله بن جعفر الأصبهاني قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود الطيالسي قال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت أبا عبد الله الجدلي يقول
سألت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله فقالت لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا سخاباً في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح أو قالت يعفو ويغفر شك أبو داود
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال حدثنا عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا آدم وعاصم ابن علي قالا حدثنا ابن أبي ذؤيب قال حدثنا صالح مولى التوأمة قال
كان أبو هريرة ينعت النبي فقال
كان يقبل جميعاً ويدبر جميعاً بأبي وأمي ولم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا سخاباً في الأسواق
زاد آدم ولم أر مثله قبله ولم أر بعده
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا هارون بن سليمان الأصبهاني قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عن قتادة قال سمعت عبد الله بن أبي عتبة يقول سمعت أبا سعيد الخدري يقول
كان رسول الله أشد حياء من العذراء في خدرها وكان إذا كره شيئاً عرفناه في وجهه
رواه البخاري في الصحيح عن بندار ورواه مسلم عن زهير بن
حوب وغيره كلهم عن عبد الرحمن بن مهدي
أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا سلم العلوي عن أنس
أن رجلاً دخل على رسول الله وعليه أثر صفرة وكان رسول الله قلما يواجه رجلاً في وجهه بشيء يكرهه فلما خرج قال لو أمرتم هذا أن يغسل ذا عنه
أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وأبو سعيد محمد بن موسى قالا حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا العباس بن محمد حدثنا الحماني
ح وأخبرنا أبو علي الروذباري قال حدثنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا عبد الحميد الحماني قال حدثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة قالت
كان النبي إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل ما بال فلان يقول ولكن يقول ما بال أقوام يقولون كذا وكذا
لفظ حديث عثمان وفي رواية العباس إذا بلغه الشيء عن الرجل لم يقل كذا وكذا ثم ذكره
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن محمد بن سختويه قال حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي قال حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس قال
كنت أمشي مع النبي وعليه برد غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذ بردائه جبذاً شديداً حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته ثم قال يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك قال فالتفت إليه رسول الله فضحك ثم أمر له بعطاء
رواه البخاري في الصحيح عن ابن أبي أويس وأخرجه مسلم من وجه آخر عن مالك
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا عبيد الله بن موسى بن شيبان عن الأعمش عن ثمامة بن عقبة عن زيد بن أرقم قال
كان رجل من الأنصار يدخل على النبي ويأتمنه وأنه عقد له عقداً فألقاه في بئر فصدع ذلك النبي فأتاه ملكان يعودانه فأخبراه أن فلاناً عقد له عقداص وهي في بئر بني فلان ولقد اصفر الماء من شدة عقده فأرسل النبي فاستخرج العقد فوجد الماء قد اصفر فحل العقد ونام النبي فلقد رأيت الرجل بعد ذلك يدخل على النبي فما رأيته في وجه النبي حتى مات
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا عمران ابن زيد أبو يحيى الملائي قال حدثني زيد العمي عن أنس بن مالك قال
كان رسول الله إذا صافح أو صافحه الرجل لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزع وإن استقبله بوجهه لا يصرفه عنه حتى يكون الرجل ينصرف ولم ير مقدماً ركبته بين يدي جليس له
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد البصري قال أخبرنا الحسن بن محمد الصباح قال حدثنا أبو قطن
ح وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن منيع قال حدثنا أبو قطن قال حدثنا مبارك بن فضالة عن ثابت عن أنس بن مالك قال
ما رأيت رجلاً قط التقم أذن النبي فينحي رأسه حتى يكون الرجل هو الذي ينحي راسه وما رأيت رسول الله أخذ بيد رجل فيترك يده
حتى يكون الرجل هو الذي يدع يده
لفظ حديث الأصبهاني
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي حدثنا علي بن الحسن النسائي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن عمر بن عبد العزيز عن يوسف ابن عبد الله بن سلام عن أبيه قال
كان رسول الله إذا جلس يتحدث كثيراً يرفع طرفه إلى السماء
أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال أخبرنا وكيع عن الأعمش قال أظن أبا حازم ذكره عن أبي هريرة قال
ما عاب رسول الله طعاماً قط إن اشتهاه أكله وإلا تركه
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث سفيان الثوري وشعبة وأخرجه مسلم من حديث الثوري وزهير بن معاوية وجرير وأبي معاوية عن الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة من غير شك
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن يحيى بن نصر قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث أن أبا النضر حدثه
ح وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أصبغ ابن الفرج ويحيى بن سليمان قالا حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث قال حدثني أبو النضر عن سليمان بن يسار عن عائشة رضي الله عنها قالت
ما رأيت رسول الله قط مستجمعاً ضاحكاً حتى أرى منه لهواته إنما كان يتبسم
زاد يحيى بن نصر في روايته قالت وكان إذا رأى غيماً أو ريحاً عرف في وجهه فقلت يا رسول الله الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية قال يا عائشة وما يؤمنني أن يكون فيه عذاب قد عذب قوم بالريح وقد أتى قوماً العذاب وتلا رسول الله (فلم رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا)
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن سليمان ورواه مسلم عن
هارون بن معروف وغيره عن ابن وهب
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا إسماعيل بن قتيبة قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا أبو خيثمة عن سماك بن حرب قال
قلت لجابر بن سمرة أكنت تجالس رسول الله قال نعم كثيراً كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه حتى تطلع الشمس فإذا طلعت قام وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى
حدثنا أبو بكر بن فورك رحمه الله قال أخبرنا عبد الله بن جعفر بن أحمد قال حدثنا يونس بن حبيب قال أخبرنا داود قال حدثنا شريك وقيس عن سماك بن حرب قال
قلت لجابر بن سمرة أكنت تجالس النبي قال نعم كان
طويل الصمت قليل الضحك وكان أصحابه ربما تناشدوا عنده الشعر والشيء من أمورهم فيضحكون وربما يتبسم
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق قال أخبرنا أبو عبد الرحمن المقرئ قال حدثنا الليث بن سعد عن الوليد بن أبي الوليد أن سليمان بن خارجة أخبره عن خارجة بن زيد
أن نفراً دخلوا على أبيه زيد بن ثابت فقالوا حدثنا عن بعض أخلاق رسول الله
فقال كنت جاره فكان إذا نزل الوحي بعث إلي فآتيه فأكتب الوحي وكنا إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا وإذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا وإذا ذكرنا الطعام ذكره معنا فكل هذا نحدثكم عنه
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال حدثنا أبو سعيد ابن الأعرابي قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال حدثنا عمرو بن محمد العنقزي قال حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي قال
لما كان يوم بدر اتقينا المشركين برسول الله وكان أشد الناس بأساً
قال وحدثنا الحسن قال حدثنا شبابه قال حدثنا إسرائيل فذكره بإسناده نحوه وزاد فيه وما كان أحد أقرب إلى المشركين منه
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي قال حدثنا أبو الربيع قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا ثابت عن أنس بن مالك قال
كان النبي أحسن الناس وجهاً وأجود الناس وأشجع الناس ولقد فزع أهل المدينة ليلة فركب فرساً لأبي طلحة عرياً فخرج الناس فإذا هم برسول الله قد سبقهم إلى الصوت قد استبرأ الخبر وهو يقول لن تراعوا وقال النبي لقد وجدنا بحراً أو إنه لبحر
قال حماد وحدثني ثابت أو بلغني عنه قال فما سبق ذلك الفرس بعد ذلك قال وكان فرساً يبطأ
رواه البخاري في الصحيح عن سليمان بن حرب ورواه مسلم عن أبي الربيع وغيره كلهم عن حماد
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا إسماعيل القاضي قال حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان ابن سعيد عن محمد بن المنكدر قال
سمعت جابراً يقول إن رسول الله لم يسأل شيئاً قط فقال لا
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن كثير وأخرجه مسلم من وجه آخر عن سفيان الثوري
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا الحسن بن محمد بن حليم المروزي قال حدثنا أبو الموجه قال أخبرنا عبدان قال أخبرنا عبد الله قال أخبرني يونس عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال
كان رسول الله أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل عليه السلام وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن قال فرسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة
رواه البخاري في الصحيح عن عبدان ورواه مسلم عن أبي كريب عن عبد الله بن المبارك
أخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو العباس عبد الله بن يعقوب الكرماني عن محمد بن أبي يعقوب الكرماني قال حدثنا خالد بن الحارث قال حدثنا حميد عن موسى بن أنس عن أبيه قال
ما سئل رسول الله على الإسلام شيئاً قط إلا أعطاه فأتاه رجل فسأله فأمر له بغنم بين جبلين فأتى قومه فقال أسلموا فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخاف الفاقة
رواه مسلم في الصحيح عن عاصم بن النضر عن خالد بن الحارث
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد أحمد بن عبدان أخبرنا محمد بن أحمد بن محموية العسكري حدثنا جعفر بن محمد القلانسي قال حدثنا آدم قال حدثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود قال
سألت عائشة ما كان رسول الله يصنع في أهله فقالت كان يكون في مهنة أهله قال يعني في خدمة أهله وإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة
رواه البخاري في الصحيح عن آدم
أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو ابن البختري إملاء قال حدثنا محمد بن إسماعيل السلمي قال حدثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن يحيى بن سعيد عن عمرة قالت
قيل لعائشة ما كان يعمل رسول الله في بيته قالت كان رسول الله بشراً من البشر يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه
أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار قال أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة وعن هشام عن أبيه قال
سأل رجل عائشة رضي الله عنها هل كان رسول الله يعمل في بيته قالت نعم كان رسول الله يخصف نعله ويخيط ثوبه
ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته
حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء قال حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر الآدمي القاري ببغداد قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي قال حدثنا علي ابن الحسين بن واقد عن أبيه قال سمعت يحيى بن عقيل يقول سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول
كان رسول الله يكثر الذكر ويقل اللغو ويطيل الصلاة ويقصر الخطبة ولا يستنكف أن يمشي مع العبد والأرملة حتى يفرغ لهم من حاجاتهم
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر إسماعيل بن محمد ابن إسماعيل الفقيه بالري قال حدثنا أبو بكر محمد بن الفرج الأزرق قال حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا شيبان أبو معاوية عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبي بردة قال
كان رسول الله يركب الحمار ويلبس الصوف ويعتقل الشاء ويأتي مراعاة الضيف
وأخبرنا أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة قال حدثني مسلم أبو عبد الله الأعور سمع أنساً يقول
كان رسول الله يركب الحمار ويلبس الصوف ويجيب دعوة المملوك ولقد رأيته يوم خيبر على حمار خطامه من ليف
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا إسماعيل عن أيوب عن عمرو بن سعيد عن أنس بن مالك قال
ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من رسول الله وذكر الحديث
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب عن إسماعيل بن علية
أخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرني أبو الطيب محمد بن محمد بن المبارك الحناط قال حدثنا الحسين بن الفضل قال حدثنا علي بن الجعد قال حدثنا شعبة عن سيار بن الحكم عن ثابت البناني عن أنس ابن مالك
أنه مر على صبيان فسلم عليهم ثم حدثنا أن رسول الله مر على صبيان فسلم عليهم
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن الجعد وأخرجه مسلم من وجه آخر عن شعبة
أخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو بكر القطان قال حدثنا أبو الأزهر قال حدثنا مروان بن محمد قال حدثنا ابن لهيعة قال حدثني عمارة بن غزية عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال
كان رسول الله من أفكه الناس مع صبي
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا أبو النضر قال حدثنا سليمان هو ابن المغيرة عن ثابت عن أنس بن مالك قال
كان رسول الله إذا صلى الغداة جاء خدم المدينة بآنيتهم فيها الماء فما يؤتى بإناء إلا غمس يده فيه فربما جاءوه في الغداة الباردة فيغمس يده فيها
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي النضر وغيره عن أبي الفضل
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو محمد عبد الرحمن بن أبي حامد المقرئ قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال أخبرنا عارم أبو النعمان قال حدثنا حماد بن
سلمة قال حدثنا ثابت عن أنس بن مالك
أن امرأة في عقلها شيء فقالت يا رسول الله إن لي إليك حاجة فقال رسول الله يا أم فلان انظري أي طريق شئت قومي فيه حتى أقوم معك فخلا معها رسول الله يناجيها حتى قضت حاجتها
أخرجه مسلم في وجه آخر عن حماد
محمد رافع 52 07-03-2013, 10:24 AM http://profile.ak.fbcdn.net/hprofile-ak-snc6/c23.0.135.135/182583_401130216603700_1075995491_a.jpg
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد
النبي الأمي الحبيب العالي القدر العظيم الجاه
وآله وصحبه وسلم
محمد رافع 52 07-03-2013, 10:25 AM http://img22.xooimage.com/files/7/4/5/awliya-99d7cb.jpg
محمد رافع 52 07-03-2013, 10:26 AM http://img21.xooimage.com/files/d/8/7/badawi-salawat2-bcad3d.jpg (http://img21.xooimage.com/files/d/8/7/badawi-salawat2-bcad3d.jpg)
محمد رافع 52 07-03-2013, 10:26 AM http://img41.xooimage.com/files/c/d/4/8-986ad9.jpg (http://img41.xooimage.com/files/c/d/4/8-986ad9.jpg)
عمر ابو قطرة 10-03-2013, 04:31 PM دلالة القرآن الكريم على نبوته صلى الله عليه وسلم [1]
إن أعظم دلائل النبوة القرآنُ الكريم، كتاب الله الذي أعجز الأولين والآخرين.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من الأنبياء من نبي، إلا قد أُعطي من الآيات، ما مثلٌه آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أُوتيتُ وحياً أَوحى اللهُ إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة)). [2]
قال ابن حجر في معنى قوله: ((إنما كان الذي أوتيتُ وحياً )): "أي أن معجزتي التي تَحدّيتُ بها، الوحيُ الذي أُنزِل عليّ، وهو القرآن".
ثم لفت - رحمه الله - النظر إلى أنه ليس المراد من الحديث حصرَ معجزاته صلى الله عليه وسلم في معجزة القرآن الكريم فقال: "بل المراد أنه المعجزة العظمى التي اختصّ بها دون غيره صلى الله عليه وسلم". [3]
وقال ابن كثير في معنى الحديث: " معناه أن معجزة كل نبي انقرضت بموته، وهذا القرآن حجة باقية على الآباد، لا تنقضي عجائبه، ولا يخلَق عن كثرة الرد، ولا يشبع منه العلماء، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله".[4]
وقال ابن القيم في سياق حديثه عن معجزات الأنبياء: "وأعظمها معجزةً كتابٌ باقٍ غضٌ طريّ لم يتغيّر, ولم يتبدّل منه شيء، بل كأنه منزّل الآن، وهو القرآن العظيم، وما أخبر به يقع كل وقتٍ على الوجه الذي أخبر به". [5]
هذه المعجزة العظيمة تحدى الله بها الأولين والآخرين، ودعاهم للإتيان بمثله حين زعموا أن القرآن من كلامه صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: ]أم يقولون تقَوَّله بل لا يؤمنون * فليأتوا بحديثٍ مثله إن كانوا صاٰدقين[ )الطور: 33-34).
فلما أعجز المشركين أن يأتوا بمثله، تحداهم القرآن أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات من عندهم، قال تعالى: ]أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سورٍ مثله مفترياتٍ وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صـادقين[ (هود: 13).
قال ابن كثير: "بين تعالى إعجاز القرآن، وأنه لا يستطيع أحدٌ أن يأتي بمثله، ولا بعشر سور من مثله، ولا بسورة من مثله؛ لأن كلام الرب تعالى لا يشبه كلام المخلوقين، كما أن صفاته لا تشبه صفات المحدثات، وذاته لا يشبهها شيء ".[6]
فلما عجزوا عن الإتيان بعشر سور تحداهم القرآن أن يأتوا بسورة واحدة، قال تعالى: ]وإن كنتم في ريبٍ مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورةٍ من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صـادقين[ (البقرة: 23).
قال الطبري: " ومن حجة محمدٍ صلى الله عليه وسلم على صدقه، وبرهانه على حقيقة نبوته، وأن ما جاء به من عندي [أي من عند الله] ؛ عجز جميعكم وجميع من تستعينون به من أعوانكم وأنصاركم، عن أن تأتوا بسورة من مثله. وإذا عجزتم عن ذلك ـ وأنتم أهل البراعة في الفصاحة والبلاغة ـ فقد علمتم أن غيركم عما عجزتم عنه من ذلك أعجز".[7]
ويبلغ التحدي القرآني غايته حين يخبر القرآن أن عجز المشركين عن محاكاة القرآن والإتيان بمثله عجز دائم لا انقطاع له، فيقول: ]فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا[ (البقرة: 24).
قال القرطبي: " قوله: ] ولن تفعلوا [ إثارةٌ لهممهم، وتحريكٌ لنفوسهم؛ ليكون عجزهم بعد ذلك أبدع، وهذا من الغيوب التي أخبر بها القرآن قبل وقوعها".[8]
وحين أراد مسيلمة معارضة القرآن فضحه الله وأخزاه، فكان قوله محلاً لسخرية العقلاء وإعراض البلغاء، فقد قال: "يا ضفدع، نقي كما تنقين ، لا الماء تدركين ، ولا الشراب تمنعين".
وقال أيضاً معارضاً القرآن: " ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى، أخرج من بطنها نسمة تسعى ، من بين شراشيف وحشى ".
وأما النضر بن الحارث فصيح قريش وبليغها، فأتى بالمضحك من القول حين قال: "والزارعات زرعاً. والحاصدات حصداً. والطاحنات طحناً. والعاجنات عجناً. والخابزات خبزاً ....".[9]
وعندما أراد الأديب ابن المقفع معارضة القرآن كل وعجز، وقال: أشهد أن هذا لا يعارض، وما هو من كلام البشر.
ومثله صنع يحيى الغزال بليغ الأندلس وفصيحها.
وصدق الله العظيم: ]قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هـذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً[ (الإسراء: 88).
قال ابن سعدي: "وكيف يقدر المخلوق من تراب، أن يكون كلامه ككلام رب الأرباب؟ .. هذا ليس في الإمكان، ولا في قدرة الإنسان، وكل من له أدنى ذوقٍ ومعرفةٍ بأنواع الكلام، إذا وزن هذا القرآن العظيم بغيره من كلام البلغاء، ظهر له الفرق العظيم".[10]
لقد اعترف أعداء القرآن بعظمة القرآن، وذلت رقابهم لما سمعوه من محكم آياته، فهاهو الوليد بن المغيرة سيد قريش، يسمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ قوله تعالى: ]إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتآء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون[ (النحل:90).
فيقول قولته المشهورة: "والله إنَّ لقولِه الذي يقولُ لحلاوة، وإنّ عليه لطلاوة، وإنه لمثمرٌ أعلاه، مغدِقٌ أسفلُه، وإنه ليعلو وما يُعلا، وإنه ليَحطِم ما تحته".[11]
ولما جاء عتبة بن ربيعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ قرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم أوائل سورة فصلت، فرجع إلى قريش قائلاً: إني واللهِ قد سمعت قولاً ما سمعتُ بمثلِه قط، والله ما هو بالشعر ولا السحر ولا الكهانة، يا معشر قريش: أطيعوني واجعلوها بي، خلّوا بين هذا الرجل وبينَ ما هو فيه، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعتُ نبأ".[12]
وفي العصر الحديث أيضاً شهد المنصفون من المستشرقين بعظمة القرآن، وسجلت كلماتُهم بحقه المزيدَ من الإعجاب والدَهش.
ومنه قول المستشرق فون هامر في مقدَمة ترجمته للقرآن، فقد قال: "القرآن ليس دستورَ الإسلام فحسب، وإنما هو ذِروة البيانِ العربي، وأسلوبُ القرآن المدهش يشهد على أن القرآنَ هو وحيٌ من الله، وأن محمداً قد نشر سلطانَه بإعجاز الخطاب، فالكلمةُ [أي القرآنُ] لم يكن من الممكن أن تكونَ ثمرةَ قريحةٍ بشرية".[13]
ويقول فيليب حتي في كتابه "الإسلام منهج حياة": "إن الأسلوب القرآني مختلف عن غيره، إنه لا يقبل المقارنة بأسلوب آخر، ولا يمكن أن يقلد، وهذا في أساسه هو إعجاز القرآن .. فمن جميع المعجزات كان القرآن المعجزة الكبرى".
وأما جورج حنا فيقول في كتابه "قصة الإنسان": "إذا كان المسلمون يعتبرون أن صوابية القرآن هي نتيجة محتومة لكون القرآن منزلاً ولا يحتمل التخطئة، فالمسيحيون يعترفون أيضاً بهذه الصوابية، بقطع النظر عن كونه منزلاً أو موضوعاً، ويرجعون إليه للاستشهاد بلغته الصحيحة كلما استعصى عليهم أمر من أمور اللغة".
ويقول الفيلسوف الفرنسي هنري سيرويا في كتابه "فلسفة الفكر الإسلامي" : "القرآن من الله بأسلوب سام ورفيع لا يدانيه أسلوب البشر".
وأما المستشرق بلاشير فلم يألُ جهداً في الطعن في القرآن ومعاداته في كتابه "القرآن الكريم"، لكن الحقيقة غلبته، فقال: "إن القرآن ليس معجزة بمحتواه وتعليمه فقط، إنه أيضاً يمكنه أن يكون قبل أي شيء آخر تحفة أدبية رائعة ؛ تسمو على جميع ما أقرته الإنسانية وبجلته من التحف".
وبهرت جزالة القرآن وروعة أساليبه المستشرق الأديب غوته، فسجل في ديوانه "الديوان الشرقي للشاعر الغربي" هذه الشهادة للقرآن: "القرآن ليس كلام البشر، فإذا أنكرنا كونه من الله، فمعناه أننا اعتبرنا محمداً هو الإله ".
وتحدث بعض المستشرقين عن الانقلاب العظيم الذي أحدثه القرآن في القيم الاجتماعية والأخلاقية للعرب، وكيف صنع منهم ومن الأمم الأخرى التي دخلت في الإسلام أمة الحضارة والريادة طوال قرون، فيقول المفكر الفرنسي مارسيل بوازار في كتابه "إنسانية الإسلام": "إن القرآن لم يُقدّر قط لإصلاح أخلاق عرب الجاهلية، إنه على العكس يحمل الشريعة الخالدة والكاملة والمطابقة للحقائق البشرية والحاجات الاجتماعية في كل الأزمنة".
ويقول ولد يورانت في "قصة الحضارة" عن القرآن: "وقد كان له أكبر الفضل في رفع مستوى المسلمين الأخلاقي والثقافي، وهو الذي أقام فيهم قواعد النظام الاجتماعي والوحدة الاجتماعية، وحرضهم على اتباع القواعد الصحيحة، وحرر وبعث في نفوس الأذلاء الكرامة والعزة، وأوجد بين المسلمين درجة من الاعتدال والبعد عن الشهوات لم يوجد لها نظير في أية بقعة من بقاع العالم يسكنها الرجل الأبيض".
وتقول المستشرقة الإيطالية لورافيشيا فاغليري في كتابها "دفاع عن الإسلام": "إن انتشار الإسلام السريع لم يتم لا عن طريق القوة ولا بجهود المبشرين الموصولة، إن الذي أدى إلى ذلك الانتشار كون الكتاب الذي قدمه المسلمون للشعوب المغلوبة - مع تخييرها بين قبوله ورفضه - كتاب الله، كلمة الحق، أعظم معجزة كان في ميسور محمد أن يقدمها إلى المترددين في هذه الأرض".[14]
ومما أذهل العلماء إعجاز القرآن العلمي، وما حواه من معارف توصلت إليها البشرية قريباً بفضل التقنية العلمية الحديثة، فسجل هؤلاء العلماء شهادات منصفة بحق القرآن العظيم.
ونبدأ بالبروفسور يوشيودي كوزان مدير مرصد طوكيو، إذ يقول: " إن هذا القرآن يصف الكون من أعلى نقطة في الوجود، فكل شيء أمامه مكشوف، إن الذي قال هذا القرآن، [أي الله] يرى كل شيء في هذا الكون، فليس هناك شيء قد خفي عليه ".
وأما البرفسور شرويدر عالم البحار الألماني فيقول في ندوة علماء البحار التي نظمتها جامعة الملك عبد العزيز بجدة: "ما قيل بالفعل منذ عديد من القرون في القرآن الكريم هو حقيقة ما يكتشفه العلماء اليوم، أعتقد أنه من المهم بالنسبة لندوة لهذه أن تبلغ هذا إلى العلماء من جميع الأمم".
ويقول البرفسور درجا برساد راو أستاذ علم جولوجيا البحار في جامعة الملك عبد العزيز، فيقول تعليقاً على إخبار الله في القرآن عن ظلمات البحار وأمواجها الداخلية، فقال: "ومن الصعب أن نفترض أن هذا النوع من المعرفة كان موجوداً في ذلك الوقت منذ 1400سنة ، ولكن بعض الأشياء تتناول فكرة عامة، ولكن وصف هذه الأشياء بتفصيل كبير أمر صعب جداً، ولذلك فمن المؤكد أن هذا ليس علماً بشرياً بسيطاً، لا يستطيع الإنسان العادي أن يشرح هذه الظواهر بذلك القدر من التفصيل، ولذلك فقد فكرت في قوة خارقة للطبيعة خارج الإنسان، لقد جاءت المعلومات من مصدر خارق للطبيعة".
وفي مؤتمر القاهرة (1986م) حول الإعجاز العلمي قدم البرفسور الأمريكي بالمار بحثاً ختمه بقوله: "أنا لا أعلم المستوى الثقافي الذي كان عليه الناس في زمن محمد [صلى الله عليه وسلم] ولا أدري في أي مستوى علمي كانوا، فإذا كان الأمر كما نعرف عن أحوال الأولين والمستوى العلمي المتواضع والذي ليس فيه هذه الإمكانيات، فلا شك أن هذا العلم الذي نقرؤه الآن في القرآن هو نور من العلم الإلهي قد أوحي به إلى محمد ".
ونختم جولتنا مع إعجاز القرآن العلمي بالحديث عن حديث القرآن عن تطور الجنين وتخلقه، وننقل شهادة البروفيسور مارشال جونسون رئيس قسم التشريح ومدير معهد دانيال بجامعة توماس جيفرسون بفلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية، فقد أذهله ما ذكره القرآن عن تطور الجنين، فقال: "إنني كعالم أستطيع فقط أن أتعامل مع أشياء أستطيع أن أراها بالتحديد، أستطيع أن أفهم علم الأجنة وتطور علم الأحياء، أستطيع أن أفهم الكلمات التي تترجم لي من القرآن .. إنني لا أرى شيئاً لا أرى سبباً لا أرى دليلاً على حقيقة تفند مفهوم هذا الفرد محمد [صلى الله عليه وسلم] الذي لا بد وأنه يتلقى هذه المعلومات من مكان ما، ولذلك إنني لا أرى شيئاً يتضارب مع مفهوم أن التدخل الإلهي كان مشمولاً فيما كان باستطاعته أن يبلغه".
ويضيف البرفسور كيث ل مور مؤلف الكتاب الشهير الذي يعتبر مرجعاً معتمداً في كليات الطب العالمية ( رضي الله عنه hصلى الله عليه وسلم Dصلى الله عليه وسلمvصلى الله عليه وسلمloping Human) "أطوار خلق الإنسان"، فيقول عما سمعه من إعجاز قرآني في علم الأجنة: "يتضح لي أن هذه الأدلة حتماً جاءت لمحمد من عند الله، لأن كل هذه المعلومات لم تكشف إلا حديثاً وبعد قرون عدة، وهذا يثبت لي أن محمداً رسول الله".[15]
وصدق الله وهو يقول: ]ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد[ (سبأ: 6).
محمد رافع 52 11-03-2013, 09:18 PM دلالة القرآن الكريم على نبوته صلى الله عليه وسلم [1]
إن أعظم دلائل النبوة القرآنُ الكريم، كتاب الله الذي أعجز الأولين والآخرين.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من الأنبياء من نبي، إلا قد أُعطي من الآيات، ما مثلٌه آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أُوتيتُ وحياً أَوحى اللهُ إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة)). [2]
قال ابن حجر في معنى قوله: ((إنما كان الذي أوتيتُ وحياً )): "أي أن معجزتي التي تَحدّيتُ بها، الوحيُ الذي أُنزِل عليّ، وهو القرآن".
ثم لفت - رحمه الله - النظر إلى أنه ليس المراد من الحديث حصرَ معجزاته صلى الله عليه وسلم في معجزة القرآن الكريم فقال: "بل المراد أنه المعجزة العظمى التي اختصّ بها دون غيره صلى الله عليه وسلم". [3]
وقال ابن كثير في معنى الحديث: " معناه أن معجزة كل نبي انقرضت بموته، وهذا القرآن حجة باقية على الآباد، لا تنقضي عجائبه، ولا يخلَق عن كثرة الرد، ولا يشبع منه العلماء، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله".[4]
وقال ابن القيم في سياق حديثه عن معجزات الأنبياء: "وأعظمها معجزةً كتابٌ باقٍ غضٌ طريّ لم يتغيّر, ولم يتبدّل منه شيء، بل كأنه منزّل الآن، وهو القرآن العظيم، وما أخبر به يقع كل وقتٍ على الوجه الذي أخبر به". [5]
هذه المعجزة العظيمة تحدى الله بها الأولين والآخرين، ودعاهم للإتيان بمثله حين زعموا أن القرآن من كلامه صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: ]أم يقولون تقَوَّله بل لا يؤمنون * فليأتوا بحديثٍ مثله إن كانوا صاٰدقين[ )الطور: 33-34).
فلما أعجز المشركين أن يأتوا بمثله، تحداهم القرآن أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات من عندهم، قال تعالى: ]أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سورٍ مثله مفترياتٍ وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صـادقين[ (هود: 13).
قال ابن كثير: "بين تعالى إعجاز القرآن، وأنه لا يستطيع أحدٌ أن يأتي بمثله، ولا بعشر سور من مثله، ولا بسورة من مثله؛ لأن كلام الرب تعالى لا يشبه كلام المخلوقين، كما أن صفاته لا تشبه صفات المحدثات، وذاته لا يشبهها شيء ".[6]
فلما عجزوا عن الإتيان بعشر سور تحداهم القرآن أن يأتوا بسورة واحدة، قال تعالى: ]وإن كنتم في ريبٍ مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورةٍ من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صـادقين[ (البقرة: 23).
قال الطبري: " ومن حجة محمدٍ صلى الله عليه وسلم على صدقه، وبرهانه على حقيقة نبوته، وأن ما جاء به من عندي [أي من عند الله] ؛ عجز جميعكم وجميع من تستعينون به من أعوانكم وأنصاركم، عن أن تأتوا بسورة من مثله. وإذا عجزتم عن ذلك ـ وأنتم أهل البراعة في الفصاحة والبلاغة ـ فقد علمتم أن غيركم عما عجزتم عنه من ذلك أعجز".[7]
ويبلغ التحدي القرآني غايته حين يخبر القرآن أن عجز المشركين عن محاكاة القرآن والإتيان بمثله عجز دائم لا انقطاع له، فيقول: ]فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا[ (البقرة: 24).
قال القرطبي: " قوله: ] ولن تفعلوا [ إثارةٌ لهممهم، وتحريكٌ لنفوسهم؛ ليكون عجزهم بعد ذلك أبدع، وهذا من الغيوب التي أخبر بها القرآن قبل وقوعها".[8]
وحين أراد مسيلمة معارضة القرآن فضحه الله وأخزاه، فكان قوله محلاً لسخرية العقلاء وإعراض البلغاء، فقد قال: "يا ضفدع، نقي كما تنقين ، لا الماء تدركين ، ولا الشراب تمنعين".
وقال أيضاً معارضاً القرآن: " ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى، أخرج من بطنها نسمة تسعى ، من بين شراشيف وحشى ".
وأما النضر بن الحارث فصيح قريش وبليغها، فأتى بالمضحك من القول حين قال: "والزارعات زرعاً. والحاصدات حصداً. والطاحنات طحناً. والعاجنات عجناً. والخابزات خبزاً ....".[9]
وعندما أراد الأديب ابن المقفع معارضة القرآن كل وعجز، وقال: أشهد أن هذا لا يعارض، وما هو من كلام البشر.
ومثله صنع يحيى الغزال بليغ الأندلس وفصيحها.
وصدق الله العظيم: ]قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هـذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً[ (الإسراء: 88).
قال ابن سعدي: "وكيف يقدر المخلوق من تراب، أن يكون كلامه ككلام رب الأرباب؟ .. هذا ليس في الإمكان، ولا في قدرة الإنسان، وكل من له أدنى ذوقٍ ومعرفةٍ بأنواع الكلام، إذا وزن هذا القرآن العظيم بغيره من كلام البلغاء، ظهر له الفرق العظيم".[10]
لقد اعترف أعداء القرآن بعظمة القرآن، وذلت رقابهم لما سمعوه من محكم آياته، فهاهو الوليد بن المغيرة سيد قريش، يسمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ قوله تعالى: ]إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتآء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون[ (النحل:90).
فيقول قولته المشهورة: "والله إنَّ لقولِه الذي يقولُ لحلاوة، وإنّ عليه لطلاوة، وإنه لمثمرٌ أعلاه، مغدِقٌ أسفلُه، وإنه ليعلو وما يُعلا، وإنه ليَحطِم ما تحته".[11]
ولما جاء عتبة بن ربيعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ قرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم أوائل سورة فصلت، فرجع إلى قريش قائلاً: إني واللهِ قد سمعت قولاً ما سمعتُ بمثلِه قط، والله ما هو بالشعر ولا السحر ولا الكهانة، يا معشر قريش: أطيعوني واجعلوها بي، خلّوا بين هذا الرجل وبينَ ما هو فيه، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعتُ نبأ".[12]
وفي العصر الحديث أيضاً شهد المنصفون من المستشرقين بعظمة القرآن، وسجلت كلماتُهم بحقه المزيدَ من الإعجاب والدَهش.
ومنه قول المستشرق فون هامر في مقدَمة ترجمته للقرآن، فقد قال: "القرآن ليس دستورَ الإسلام فحسب، وإنما هو ذِروة البيانِ العربي، وأسلوبُ القرآن المدهش يشهد على أن القرآنَ هو وحيٌ من الله، وأن محمداً قد نشر سلطانَه بإعجاز الخطاب، فالكلمةُ [أي القرآنُ] لم يكن من الممكن أن تكونَ ثمرةَ قريحةٍ بشرية".[13]
ويقول فيليب حتي في كتابه "الإسلام منهج حياة": "إن الأسلوب القرآني مختلف عن غيره، إنه لا يقبل المقارنة بأسلوب آخر، ولا يمكن أن يقلد، وهذا في أساسه هو إعجاز القرآن .. فمن جميع المعجزات كان القرآن المعجزة الكبرى".
وأما جورج حنا فيقول في كتابه "قصة الإنسان": "إذا كان المسلمون يعتبرون أن صوابية القرآن هي نتيجة محتومة لكون القرآن منزلاً ولا يحتمل التخطئة، فالمسيحيون يعترفون أيضاً بهذه الصوابية، بقطع النظر عن كونه منزلاً أو موضوعاً، ويرجعون إليه للاستشهاد بلغته الصحيحة كلما استعصى عليهم أمر من أمور اللغة".
ويقول الفيلسوف الفرنسي هنري سيرويا في كتابه "فلسفة الفكر الإسلامي" : "القرآن من الله بأسلوب سام ورفيع لا يدانيه أسلوب البشر".
وأما المستشرق بلاشير فلم يألُ جهداً في الطعن في القرآن ومعاداته في كتابه "القرآن الكريم"، لكن الحقيقة غلبته، فقال: "إن القرآن ليس معجزة بمحتواه وتعليمه فقط، إنه أيضاً يمكنه أن يكون قبل أي شيء آخر تحفة أدبية رائعة ؛ تسمو على جميع ما أقرته الإنسانية وبجلته من التحف".
وبهرت جزالة القرآن وروعة أساليبه المستشرق الأديب غوته، فسجل في ديوانه "الديوان الشرقي للشاعر الغربي" هذه الشهادة للقرآن: "القرآن ليس كلام البشر، فإذا أنكرنا كونه من الله، فمعناه أننا اعتبرنا محمداً هو الإله ".
وتحدث بعض المستشرقين عن الانقلاب العظيم الذي أحدثه القرآن في القيم الاجتماعية والأخلاقية للعرب، وكيف صنع منهم ومن الأمم الأخرى التي دخلت في الإسلام أمة الحضارة والريادة طوال قرون، فيقول المفكر الفرنسي مارسيل بوازار في كتابه "إنسانية الإسلام": "إن القرآن لم يُقدّر قط لإصلاح أخلاق عرب الجاهلية، إنه على العكس يحمل الشريعة الخالدة والكاملة والمطابقة للحقائق البشرية والحاجات الاجتماعية في كل الأزمنة".
ويقول ولد يورانت في "قصة الحضارة" عن القرآن: "وقد كان له أكبر الفضل في رفع مستوى المسلمين الأخلاقي والثقافي، وهو الذي أقام فيهم قواعد النظام الاجتماعي والوحدة الاجتماعية، وحرضهم على اتباع القواعد الصحيحة، وحرر وبعث في نفوس الأذلاء الكرامة والعزة، وأوجد بين المسلمين درجة من الاعتدال والبعد عن الشهوات لم يوجد لها نظير في أية بقعة من بقاع العالم يسكنها الرجل الأبيض".
وتقول المستشرقة الإيطالية لورافيشيا فاغليري في كتابها "دفاع عن الإسلام": "إن انتشار الإسلام السريع لم يتم لا عن طريق القوة ولا بجهود المبشرين الموصولة، إن الذي أدى إلى ذلك الانتشار كون الكتاب الذي قدمه المسلمون للشعوب المغلوبة - مع تخييرها بين قبوله ورفضه - كتاب الله، كلمة الحق، أعظم معجزة كان في ميسور محمد أن يقدمها إلى المترددين في هذه الأرض".[14]
ومما أذهل العلماء إعجاز القرآن العلمي، وما حواه من معارف توصلت إليها البشرية قريباً بفضل التقنية العلمية الحديثة، فسجل هؤلاء العلماء شهادات منصفة بحق القرآن العظيم.
ونبدأ بالبروفسور يوشيودي كوزان مدير مرصد طوكيو، إذ يقول: " إن هذا القرآن يصف الكون من أعلى نقطة في الوجود، فكل شيء أمامه مكشوف، إن الذي قال هذا القرآن، [أي الله] يرى كل شيء في هذا الكون، فليس هناك شيء قد خفي عليه ".
وأما البرفسور شرويدر عالم البحار الألماني فيقول في ندوة علماء البحار التي نظمتها جامعة الملك عبد العزيز بجدة: "ما قيل بالفعل منذ عديد من القرون في القرآن الكريم هو حقيقة ما يكتشفه العلماء اليوم، أعتقد أنه من المهم بالنسبة لندوة لهذه أن تبلغ هذا إلى العلماء من جميع الأمم".
ويقول البرفسور درجا برساد راو أستاذ علم جولوجيا البحار في جامعة الملك عبد العزيز، فيقول تعليقاً على إخبار الله في القرآن عن ظلمات البحار وأمواجها الداخلية، فقال: "ومن الصعب أن نفترض أن هذا النوع من المعرفة كان موجوداً في ذلك الوقت منذ 1400سنة ، ولكن بعض الأشياء تتناول فكرة عامة، ولكن وصف هذه الأشياء بتفصيل كبير أمر صعب جداً، ولذلك فمن المؤكد أن هذا ليس علماً بشرياً بسيطاً، لا يستطيع الإنسان العادي أن يشرح هذه الظواهر بذلك القدر من التفصيل، ولذلك فقد فكرت في قوة خارقة للطبيعة خارج الإنسان، لقد جاءت المعلومات من مصدر خارق للطبيعة".
وفي مؤتمر القاهرة (1986م) حول الإعجاز العلمي قدم البرفسور الأمريكي بالمار بحثاً ختمه بقوله: "أنا لا أعلم المستوى الثقافي الذي كان عليه الناس في زمن محمد [صلى الله عليه وسلم] ولا أدري في أي مستوى علمي كانوا، فإذا كان الأمر كما نعرف عن أحوال الأولين والمستوى العلمي المتواضع والذي ليس فيه هذه الإمكانيات، فلا شك أن هذا العلم الذي نقرؤه الآن في القرآن هو نور من العلم الإلهي قد أوحي به إلى محمد ".
ونختم جولتنا مع إعجاز القرآن العلمي بالحديث عن حديث القرآن عن تطور الجنين وتخلقه، وننقل شهادة البروفيسور مارشال جونسون رئيس قسم التشريح ومدير معهد دانيال بجامعة توماس جيفرسون بفلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية، فقد أذهله ما ذكره القرآن عن تطور الجنين، فقال: "إنني كعالم أستطيع فقط أن أتعامل مع أشياء أستطيع أن أراها بالتحديد، أستطيع أن أفهم علم الأجنة وتطور علم الأحياء، أستطيع أن أفهم الكلمات التي تترجم لي من القرآن .. إنني لا أرى شيئاً لا أرى سبباً لا أرى دليلاً على حقيقة تفند مفهوم هذا الفرد محمد [صلى الله عليه وسلم] الذي لا بد وأنه يتلقى هذه المعلومات من مكان ما، ولذلك إنني لا أرى شيئاً يتضارب مع مفهوم أن التدخل الإلهي كان مشمولاً فيما كان باستطاعته أن يبلغه".
ويضيف البرفسور كيث ل مور مؤلف الكتاب الشهير الذي يعتبر مرجعاً معتمداً في كليات الطب العالمية ( رضي الله عنه hصلى الله عليه وسلم dصلى الله عليه وسلمvصلى الله عليه وسلمloping human) "أطوار خلق الإنسان"، فيقول عما سمعه من إعجاز قرآني في علم الأجنة: "يتضح لي أن هذه الأدلة حتماً جاءت لمحمد من عند الله، لأن كل هذه المعلومات لم تكشف إلا حديثاً وبعد قرون عدة، وهذا يثبت لي أن محمداً رسول الله".[15]
وصدق الله وهو يقول: ]ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد[ (سبأ: 6).
احسنت اخى الكريم على هذه الاضافة
جزاكم الله خيراً واثابك الجنة
محمد رافع 52 11-03-2013, 09:31 PM أخبار رويت في زهده في الدنيا وصبره على القوت الشديد فيها
واختياره الدار الآخرة وما أعد الله تعالى له فيها على الدنيا
وبذلك أمره ربه قال الله عز وجل (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى)
وقد روى أنه خير بين أن يكون عبداً نبياً وبين أن يكون ملكاً نبياً فاستشار فيه جبريل عليه السلام فأشار عليه بأن يتواضع فاختار أن يكون عبداً نبياً
أخبرناه أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني أبو العباس حيوة بن شريح قال أخبرنا بقية بن الوليد عن الزبيدي عن الزهري
عن محمد بن عبد الله بن عباس قال
كان ابن عباس يحدث أن الله عز وجل أرسل إلى نبيه ملكاً من الملائكة معه جبريل عليه السلام فقال الملك لرسول الله إن الله يخبرك بين أن تكون عبداً نبياً وبين أن تكون ملكاً نبياً فالتفت نبي الله إلى جبريل عليه السلام كالمستشير له فأشار جبريل عليه السلام إلى رسول الله أن تواضع فقال رسول الله بل أكون عبداً نبياً قال فما أكل بعد تلك الكلمة طعاماً متكئاً حتى لقي ربه عز وجل
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الله الحربي في جامع الحربية ببغداد قال حدثنا حمزة بن محمد بن العباس قال حدثنا محمد بن غالب قال حدثنا موسى بن مسعود قال حدثنا عكرمة عن أبي زميل قال حدثني ابن عباس أن عمر بن الخطاب حدثه فذكر الحديث في اعتزال رسول الله نساءه إلى أن قال
دخلت على رسول الله في خزانته فإذا هو مضطجع على حصير فأدنى عليه إزاره وجلس وإذا الحصير قد أثر في جنبه وقلبت عيني في خزانة رسول الله فإذا ليس فيها شيء من الدنيا غير قبضتين أو قال قبضة من شعير وقبضة من قرط نحو الصاعين وإذا أفيق معلق أو أفيقان قال فابتدرت عينياي فقال رسول الله ما يبكيك يا ابن الخطاب
قلت يا رسول الله وما لي لا أبكي وأنت صفوة الله عز وجل ورسوله وخيرته من خلقه وهذه خزانتك وهذه الأعجام كسرى وقيصر في الثمار والأنهار وأنت هكذا
قال يا ابن الخطاب أما ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا قلت بلى يا رسول الله قال فاحمد الله عز وجل وذكر الحديث
أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن عكرمة بن عمار وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري قال حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال حدثنا
عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب في هذه القصة قال
فجلست فرفعت رأسي في البيت فوالله ما رأيت فيه شيئاً يرد البصر إلا أهب ثلاثة فقلت ادع الله يا رسول الله أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله فاستوى جالساً فقال أفي شك أنت يا ابن الخطاب أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا فقلت أستغفر الله يا رسول الله وكان أقسم أن لا يدخل عليهن شهراً من شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله عز وجل
قال الزهري فأخبرني عروة عن عائشة قالت
فلما مضى تسع وعشرون ليلة دخل علي رسول الله بدأ علي فقلت يا رسول الله أقسمت أن لا تدخل علينا شهراً إنك دخلت علي من تسع وعشرين أعدهن فقال إن الشهر تسع وعشرون ثم قال يا عائشة إني ذاكر لك أمراً فلا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك قالت ثم قرا (يأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعلين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً) قالت قد علم والله إن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه قالت قلت أفي هذا أستأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن الزهري
حدثنا الإمام أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان إملاء قال أخبرنا إسماعيل بن نجيد بن أحمد بن يوسف السلمي قال أخبرنا محمد بن أيوب بن يحيى البجلي قال أخبرني سهل بن بكار قال حدثنا مبارك بن فضالة عن الحسن عن أنس بن مالك قال
دخلت على رسول الله وهو على سرير مرمول بالشريط وتحت رأسه وسادة من أدمٍ حشوها ليف ودخل عليه عمر وناس من أصحابه فانحرف النبي انحرافة فرأى عمر أثر الشريط في جنبه فبكى فقال له ما يبكيك يا عمر
فقال عمر رضي الله عنه ومالي لا أبكي وكسرى وقيصر يعيشان فيما يعيشان فيه من الدنيا وأنت على الحال الذي أرى
فقال له النبي يا عمر أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة قال بلى قال هو كذلك
حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك رحمه الله قال أخبرنا عبد الله بن جعفر الأصبهاني قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا المسعودي عن عمرو بن مرة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال
اضطجع النبي على حصير فأثر الحصير بجلده فجعلت أمسحه عنه وأقول بأبي أنت وأمي يا رسول الله ألا أذنتنا فنبسط لك شيئاً يقيك منه تنام عليه
فقال ما لي وللدنيا وما أنا والدنيا إنما أنا والدنيا ****ب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن ابي إسحاق المزكي وأبو بكر بن الحسن القاضي قالوا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن بحر قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد
ح وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سهل الدباس بمكة قال حدثنا محمد بن علي بن زيد الصائغ قال أخبرنا أحمد بن شبيب قال حدثني أبي عن يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عتبة عن أبي هريرة
أن رسول الله قال لو أن لي مثل أحد ذهباً ما سرني أن يأتي علي ثلاث ليال وعندي منه شيء إلا شيء أرصده لديني
لفظ حديث ابن وهب رواه البخاري في الصحيح عن أحمد بن شبيب
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري قال حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال
قال رسول الله اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً
رواه مسلم في الصحيح عن الأشج عن أبي أسامة وأخرجاه من حديث فضيل بن غزوان عن عمارة
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقرئ قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا عمرو بن مرزوق قال أخبرنا زائدة عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت
ما شبع آل محمد منذ قدموا المدينة ثلاث ليال تباعاص من خبر بر حتى توفي
قال وأخبرنا يوسف قال حدثنا أبو الربيع قال حدثنا جرير عن منصور بإسناده نحوه
أخرجاه في الصحيح من حديث جرير بن عبد الحميد
أخبرنا أبو محمد يوسف قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا محمد بن سعيد بن غالب قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت
ما شبع رسول الله ثلاثة ايام تباعاً حتى مضى لسبيله
رواه مسلم عن إسحاق عن أبي معاوية
أخبرنا أبو عبد الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق إملاء قال
أخبرنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا محمد بن كثير قال حدثنا سفيان قال حدثنا عبد الرحمن عن عابس بن ربيعة عن أبيه أن عائشة قالت
كنا نخرج الكراع بعد خمس عشرة فنأكله فقلت ولم تفعلون فضحكت وقالت ما شبع آل محمد من خبز مآدوم حتى لحق بالله عز وجل
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن كثير
أخبرنا أبو طاهر الفقيه وأبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال أخبرنا أنس بن عياض عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
أنها قالت كنا آل محمد يمر بنا الهلال والهلال والهلال ما نوقد بنار للطعام إلا أنه التمر والماء إلا أنه حولنا أهل دور من الأنصار فيبعث أهل كل دار بغزيرة شاتهم إلى رسول الله فكان النبي يسقينا من ذلك اللبن
أخرجاه في الصحيح من حديث هشام بن عروة
أخبرنا أبو عمر محمد بن عبد الله الأديب قال حدثنا أبو بكر الإسماعيلي قال أخبرني الحسن هو ابن سفيان قال حدثنا هدبة قال حدثنا همام قال حدثنا قتادة قال
كنا نأتي أنس بن مالك وخبازه قائم فقال كلوا فما أعلم رسول الله رأى رغيفاً مرققاً حتى لحق بالله تعالى ولا رأى شاة سميطاً بعينه قط
رواه البخاري في الصحيح عن هدبة
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن سختويه قال حدثنا أبو المثنى العنبري قال حدثني أبي قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن يونس عن قتادة عن أنس بن مالك قال
ما أكل النبي على خوان ولا في سكرجة وال خبز له مرقق قال فقلت لأنس فعلام كانوا يأكلون قال على السفر
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن أبي الأسود وغيره عن معاذ بن هشام
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت عبد الرحمن بن يزيد يحدث عن الأسود عن عائشة قالت
ما شبع رسول الله من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث شعبة
أخبرنا أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة عن سماك بن حرب قال سمعت النعمان بن بشير يقول
سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب فذكر ما فتح على الناس فقال لقد رأيت رسول الله يلتوي يومه من الجوع ما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث شعبة
أخبرنا أبو محمد بن يوسف قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا هشام بن أبي عبد الله عن قتادة عن أنس
أنه مشى إلى النبي بخبز شعير وإهالة سنخة ولقد رهن درعه عند يهودي فأخذ لأهله شعيراً ولقد سمعته ذات يوم يقول ما أمسى عند آل محمد صاع تمر ولا صاع حب
أخرجه البخاري من حديث هشام ببعض معناه قال وإنهم يومئذ تسعة أبيات
أخبرنا أبو الطاهر الفقيه قال حدثنا أبو حامد بن بلال قال حدثنا أحمد بن منصور المروزي قال حدثنا النضر بن شميل قال أخبرن هشام ابن عرو قال أخبرني أني عن عائشة رضي الله عنها قالت
كان فراش رسول الله من أدمٍ وحشوه ليف
رواه البخاري في الصحيح عن أحمد بن أبي رجاء عن النضر
وأخرجه مسلم من أوجه أخر عن هشام
أخبرنا أبو علي الروذباري في الفوائد وأبو عبد الله الحسين بن عمر ابن برهان وأبو الحسين بن الفضل القطان وأبو محمد السكري ببغداد قالوا حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا الحسن بن عرفة قال حدثنا عباد بن عباد المهلبي عن مجالد بن سعيد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت
دخلت علي امرأة من الأنصار فرأت فراش رسول الله عباءة مثنية فانطلقت فبعثت إلى بفراش حشوه الصوف فدخل علي رسول الله فقال ما هذا يا عائشة قالت قلت يا رسول الله فلانة الأنصارية دخلت عي فرأت فراشك فذهبت فبعثت إلي بهذا فقال رديه قالت فلم أرده وأعجبني أن يكون في بيتي حتى قال ذلك ثلاث مرات فقال رديه يا عائشة فوالله لو شئت لأجرى الله تعالى معي جبال الذهب والفضة
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد ابن الأعرابي قال حدثنا ابن عفان يعين الحسن بن علي قال حدثنا حسين الجعفي قال حدثنا زائدة قال حدثنا عبد الملك بن عمير عن ربعي بن خراش عن أم سلمة قالت
دخل علي رسول الله وهو ساهم الوجه قالت فحسبت ذلك في وجع قالت قلت يا رسول الله مالي أراك ساهم الوجه قال من
أجل الدنانير السبعة التي أتتنا أمس فأمسينا ولم ننفقهن فكن في خمل الفراش
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الخزاعي بمكة قال حدثنا أبو يحيى بن أبي مسرة قال حدثنا عبد الله بن عبد الحكم المصري قال حدثنا بكر بن مضر عن موسى بن جبير عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال
دخلت أنا وعروة بن الزبير على عائشة رضي الله عنها فقالت لو رأيتما رسول الله في مرض له قالت وكانت عندي ستة دنانير قال موسى أو سبعة قالت فأمرني نبي الله أن أفرقها قالت فشغلني وجع النبي حتى عافاه الله تعالى قالت ثم سألني عنها فقال ما فعلت أكنت فرقت الستة الدنانير أو السبعة قالت لا والله لقد كان شغلني وجعك قالت فدعا بها فوضعها في كفه فقال ما ظن نبي الله لو لقي الله تعالى وهذه عنده
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو يوسف يعقوب بن أحمد ابن محمد بن يعقوب بن الأزهر الخسروجردي قال حدثنا قتيبة قال حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك
أن النبي لم يدخر شيئاً لغد
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا إسماعيل بن قتيبة قال حدثنا يحيى بن يحيى قال حدثنا داود بن عبد الرحمن عن منصور يعني ابن عبد الرحمن الحجبي عن أمه عن عائشة قالت
توفي رسول الله حين شبع الناس من الأسودين التمر والماء
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى
أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو محمد جعفر بن نصير قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله البصري قال حدثنا بكار بن محمد قال حدثنا عبد الله بن عون عن ابن سيرين عن أبي هريرة
أن رسول الله دخل على بلال فوجد عنده صبرا من تمر فقال ما هذا يا بلال قال تمراً أدخره قال ويحك يا بلال أو ما تخاف أن تكون له بخار في النار أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالاً
محمد رافع 52 11-03-2013, 09:35 PM حديث نفقة رسول الله وما في ذلك من كفاية الله تعالى همه وسعيه على الفقراء وابن السبيل
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد ابن الأعرابي قال حدثنا أبو داود السجستاني قال حدثنا أبو توبة الربيع ابن نافع
ح وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي قالا حدثنا أبو حاتم محمد بن إدري الرازي قال حدثنا أبو توبة قال حدثني معاوية بن سلام عن يزيد بن سلام أنه سمع أبا سلام قال حدثني عبد الله الهوزني يعني أبا عامر الهوزني قال
لقيت بلالا مؤذن النبي بحلب فقلت يا بلال حدثني كيف كانت نفقة النبي
فقال ما كان له شيء من ذلك إلا أنا الذي كنت ألي ذلك منه منذ بعثه الله تعالى إلى أن توفي فكان إذا أتاه الإنسان المسلم فرآه عارياً يأمرني فأنطلق فأستعرض وأشتري البردة والشيء فأكسوه وأطعمه حتى اعترضني رجل من المشركين فقال يا بلال إن عندي سعة فلا تستقرض من أحد إلا مني ففعلت فلما كان ذات يوم توضأت ثم قمت لأؤذن بالصلاة فإذا المشرك في عصابة من التجار فلما رآني قال يا حبشي قال قلت يا لبيه فتجهمني وقال قولا غليظاً فقال أتدري كم بينك وبين الشهر قلت قريب قال إنما بينك وبينه أربع ليال فآخذك بالذي لي عليك فإني لم أعطك الذي أعطيتك من كرامتك ولا من كرامة صاحبك ولكن أعطيتك لتجب لي عبداً فأردك ترعى الغنم كما كنت قبل ذلك فأخذ في نفسي ما يأخذ في أنفس الناس فانطلقت ثم أذنت بالصلاة حتى إذا صليت العتمة رجع النبي إلى أهله فاستأذنت عليه فأذن لي فقلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي إن المشرك الذي ذكرت لك أني كنت أتدين منه قد قال لي كذا وكذا وليس عندك ما تقضي عني ولا عندي وهو فاضحي فأذن لي آتي بعض هؤلاء الأحياء الذين قد أسلموا حتى يرزق الله رسوله ما يقضي عني فخرجت حتى أتيت منزلي فجعلت سيفي وجرابي ورمحي ونعلي عند رأسي واستقبلت بوجهي الأفق فكلما نمت انتبهت فإذا رأيت علي ليلاً نمت حتى انشق عمود الصبح الأول فأردت أن أنطلق فإذا إنسان يسعى يدعو يا بلال أجب رسول الله فانطلقت حتى أتيته فإذا أربع ركائب عليهن أحمالهن فأتيت النبي فاستأذنت فقال لي النبي أبشر فقد جاءك الله بقضائك فحمدت الله تعالى وقال ألم تمر على الركائب المناخات الأربع قال فقلت بلى قال فإن لك
رقابهن وما عليهن فإذا عليهن كسوة وطعام أهداهن له عظيم فدك فاقبضهن إليك ثم اقصد دينك قال ففعلت فحططت عنهن أحمالهن ثم عقلتهن ثم عمدت إلى تأذين صلاة الصبح حتى إذا صلى رسول الله خرجت إلى البقيع فجعلت إصبعي في أذني فناديت وقلت من كان يطلب رسول الله ديناً فليحضر فما زلت أبيع وأقضي وأعرض وأقضي حتى لم يبق على رسول الله دين في الأرض حتى فضل عندي أوقيتان أو أوقية ونصف ثم انطلقت إلى المسجد وقد ذهب عامة النهار فإذا رسول الله قاعد في المسجد وحده فسلمت عليه فقال لي ما فعل ما قبلك
قلت قد قضى الله كل شيء كان على رسول الله فلم يبق شيء فقال فضل شيء قال قلت نعم ديناران قال انظر أن تريحني منهما فلست بداخل على أحد من أهلي حتى تريحني منهما قال فلم يأتنا أحد فبات في المسجد حتى أصبح وظل في المسجد اليوم الثاني حتى كان في آخر النهار جاء راكبان فانطلقت بهما فكسوتهما وأطعمتهما حتى إذا صلى العتمة دعاني فقال ما فعل الذي قبلك قلت قد أراحك الله منه فكبر وحمد الله شفقاً من أن يدركه الموت وعنده ذلك ثم اتبعته حتى إذا جاء أزواجه فسلم على امرأة امرأة حتى إذا أتى مبيته فهذا الذي سألتني عنه
محمد رافع 52 11-03-2013, 09:41 PM ما جاء في إخبار النبي عن خلفاء يكونون بعده فكانوا
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم حدثنا أحمد بن سلمة حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن فرات يعني القزاز قال سمعت أبا حازم يحدث قال قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي قال الله كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلف نبي وأنه لا نبي بعدي وستكون خلفاء فتكثر قالوا فما تأمرنا قال فوا ببيعة الأول فالأول واعطوعم حقهم فإن الله عز وجل سائلهم عما استرعاهم
رواه البخاري ومسلم في الصحيح عن محمد بن بشار
ما جاء في إخباره عن الملوك يكونون بعد الخلفاء فكانوا كما أخبر صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري أخبرنا جدي يحيى بن منصور القاضي حدثنا أحمد بن سلمة حدثنا محمد بن يحيى حدثنا ابن أبي مريم أخبرنا ابن الدراوردي حدثنا الحارث بن فضيل الخطمي عن جعفر ابن عبد الله بن الحكم عن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة عن أبي رافع مولى رسول الله عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله قال
ما كان نبي إلا كان له حواريون يهدون بهديه ويستنون بسنته ثم يكون من بعده خلوف يقولون ما لا يفعلون ويعملون ما تنكرون
رواه مسلم في الصحيح عن الصغاني عن ابن أبي مريم
حدثنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر القاضي وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا إبراهيم بن سليمان البرلسي حدثنا محمد بن عبيد الله السلمي أبو ثابت قال حدثنا عبد الله بن الحارث وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان أخبرنا أبو بكر
أحمد بن كامل القاضي حدثنا أبو إسماعيل السلمي حدثنا أبو ثابت حدثنا عبد الله بن الحارث بن محمد بن حاطب الجمحي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله يكون بعد الأنبياء خلفاء يعملون بكتاب الله ويعدلون في عباد الله ثم يكون بعد الخلفاء ملوك يأخذون بالثأر وي***ون الرجال ويصطفون الأموال فمغير بيده ومغير بلسانه ومغير بقلبه ليس وراء ذلك من الإيمان شئ
أخبرنا أبو بكر بن فورك رحمه الله أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا جرير بن حازم عن ليث عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي ثعلبة الخشني عن أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ ابن جبل عن النبي قال
إن الله بدأ هذه الأمة نبوة ورحمة وكائنا خلافة ورحمة وكائنا ملكا عضوضا وكائنا عزة وجبرية وفسادا في الأمة يستحلون الفروج والخمور والحرير وينصرون على ذلك ويرزقون أبدا حتى يلقوا الله عز وجل
محمد رافع 52 11-03-2013, 09:42 PM في إخباره عن مدة الخلافة بعده ثم تكون ملكا فكان كما أخبر
أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان ببغداد أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا قيس بن حفص وسوار بن عبد الله قالا حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن سعيد بن جمهان عن سفينة قال قال رسول الله خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتي الملك من يشاء أو قال ملكه من يشاء
قال سعيد قال لي سفينة أمسك أبا بكر سنتين وعمر عشرا وعثمان اثنتي عشرة وعلي ستا قال قلت لسفينة إن هؤلاء يزعمون أن عليا لم يكن بخليفة قال كذبت استاه بني الزرقاء واللفظ لسوار
أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا سوار بن عبد الله فذكره بإسناده نحوه زاد يعني سوار وقال وعلي كذا وهذا لأن خلافته كانت خمس سنين إلا شهرين والزيادة في خلافة أبي
بكر وعمر فإن خلافة أبي بكر كانت سنتين وأربعة أشهر إلا عشر ليال وخلافة عمر عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام وخلافة عثمان اثنتي عشرة سنة إلا اثنى عشر يوما
وفيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ عن أبي بكر بن المؤمل عن الفضل بن محمد عن أحمد بن حنبل عن إسحاق بن عيسى عن أبي معشر إلا أنه قال في علي رضي الله عنه خمس سنين إلا ثلاثة أشهر
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا عبيد الله بن موسى أخبرنا حشرج بن نباتة قال حدثنا ابن جمهان عن سفينة مولى رسول الله قال رسول الله الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك
قال لي سفينة أمسك خلافة أبي بكر وخلافة عمر وخلافة عثمان وخلافة علي رضي الله عنهم فنظرنا فوجدناها ثلاثين سنة
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا محمد بن فضيل حدثنا مؤمل حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال سمعت رسول الله يقول
خلافة نبوة ثلاثين عاما ثم يؤتي الله الملك من يشاء فقال معاوية قد رضينا بالملك
محمد رافع 52 11-03-2013, 09:44 PM ما جاء في إخباره بأن الله تعالى يأبى ثم المؤمنون أن يكون بعده الخليفة إلا أبا بكر وإن لم يستخلفه في غير الصلاة نصا فكان كما أخبر
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا الحسن بن مكرم حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا إبراهيم بن سعد عن صالح ابن كيسان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت دخل علي رسول الله في اليوم الذي بدئ فيه فقلت وارأساه فقال وددت أن ذلك كان وأنا حي فهيأتك ودفنتك قلت غيري كأني بك في ذلك اليوم عروسا فيه ببعض نسائك فقال بل أنا وارأساه ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا فإني أخاف أن يقول قائل ويتمنى ويقول أنا أولى ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر
رواه مسلم في الصحيح عن عبيد الله بن سعيد عن يزيد بن هارون وقال في الحديث فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل أنا أولى ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر
ما جاء في إخباره عن رؤياه ورؤيا الأنبياء عليهم السلام وحي بقصر مدة أبي بكر بعده وزيادة مدة عمر بن الخطاب بعد أبي بكر فكانا كما أخبر
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي في آخرين قالوا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن نصر حدثنا ابن وهب قال أخبرنا يونس عن ابن شهاب أن سعيدا أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول سمعت رسول الله يقول بينا أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلو فنزعته فنزعت منها ما شاء الله ثم أخذها ابن أبي قحافة فنزع منها ذنوبا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف والله يغفر له ثم استحالت غربا فأخذها ابن الخطاب فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر بن الخطاب حتى ضرب الناس بعطن
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن أبي نصر الدابردي بمرو حدثنا أبو الموجه محمد بن عمرو إملاء حدثنا عبدان بن عثمان أخبرنا عبد الله بن يونس عن الزهري أن سعيد بن المسيب فذكره بإسناده نحوه إلا أنه لم يقل فنزعته وقال فنزع بها ذنوبا أو ذنوبين
رواه البخاري في الصحيح عن عبدان ورواه مسلم عن حرملة عن ابن وهب وأخرجاه أيضا من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز حدثنا عبد الله بن روح حدثنا شبابة بن سوار حدثنا المغيرة بن مسلم عن مطر الوراق وهشام كلاهما عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي قال رأيت كأني أسقي غنما سودا إذا خالطتهم غنم عنز إذ جاء أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين وفيه ضعف ويغفر الله له إذ جاء عمر فأخذ الدلو فاستحالت غربا فأروى الناس وصدر الشاء فلم أر عبقريا يفري فري عمر قال رسول الله فأولت أن الغنم السود العرب وأن العفر إخوانكم من هذه الأعاجم
أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي رحمه الله رؤيا الأنبياء وحي وقوله وفي نزعه ضعف قصر مدته وعجلة موته وشغله بالحرب مع أهل الردة عن الافتتاح والتزيد الذي بلغه عمر في طول مدته
محمد رافع 52 11-03-2013, 09:46 PM ما جاء في الإخبار عن الولاة بعده وما وقع من الفتنة في آخر عهد عثمان ثم في أيام علي رضي الله عنهما حتى لم يستقم له
أمر الولاية كما استقام لأصحابه واغتنام النبي بذلك
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار حدثنا عبيد بن شريك حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن ابن عباس كان يحدث أن رجلا أتى النبي فقال يا رسول الله إني رأيت الليلة في المنام ظلة نتطف السمن والعسل وأرى الناس يتكففون منها بأيديهم فالمستكثر والمستقل وإذا سبب واصل من الأرض إلى السماء فأراك أخذت به فعلوت ثم أخذ به رجل من بعدك فعلا ثم أخذ رجل آخر فعلا ثم أخذ رجل آخر فانقطع ثم وصل له فعلا قال أبو بكر رضي الله عنه يا رسول الله بأبي أنت وأمي لتدعني فأعبره فقال رسول الله أعبر فقال أبو بكر أما الظلة فظلة الإسلام وأما الذي تنطف من السمن والعسل فالقرآن حلاوته ولينه وأما يتكفف الناس من ذلك فالمستكثر من القرآن والمستقل منه وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فالحق الذي أنت عليه فأخذت به فيعليك الله ثم يأخذ به رجل من بعدك فيعلو ثم يأخذ
به رجل آخر فيعلو ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع به ثم يوصل له فيعلو به فأخبرني يا رسول الله بأبي أنت وأمي أصبت أم أخطأت فقال رسول الله أصبت بعضا وأخطأت بعضا قال فوالله يا رسول الله لتخبرني بالذي أخطأت قال لا تقسم
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا بحر ابن نصر حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني يونس فذكره بإسناده نحوه إلا أنه قال وأرى سببا واصلا من السماء إلى الأرض
رواه البخاري في الصحيح عن يحي بن بكير ورواه مسلم عن حرملة عن ابن وهب
وقال أبو سليمان الخطابي اختلف الناس في تأويل قوله عليه السلام أصبت بعضا وأخطأت بعضا فقال بعضهم إنما صوبه في تأويل الرؤيا وخطأه في الافتيات بالتعبير بحضرة رسول الله وقال بعضهم موضع الخطأ في ذلك أن المذكور في الرؤيا شيئان وهما السمن والعسل فعبرهما على شيء واحد وهو القرآن وكان حقه أن يعبر كل واحد منهما على انفراده وإنما هما الكتاب والسنة لأنها بيان الكتاب الذي أنزل عليه قال وبلغني هذا القول أو قريب من معناه عن أبي جعفر الطحاوي
أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا شعبة عن الحسن عن أبي بكرة أن النبي قال ذات يوم من رأى منكم رؤيا فقال رجل أنا رأيت كأن ميزانا نزل من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت بأبي بكر ووزن عمر وأبو بكر فرجح أبو بكر ووزن عمر وعثمان فرجح عمر ثم رفع الميزان فرأينا الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأخبرنا أبو علي أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد حدثنا علي بن يزيد عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه أن النبي قال ذات يوم أيكم رأى رؤيا فذكر مثله لم يذكر الكراهية فاستاءها رسول الله يعني ساءه ذلك فقال خلافة نبوة ثم يؤتي الله الملك من يشاء
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا بحر بن نصر حدثنا ابن وهب أخبرنا يونس عن ابن شهاب قال كان جابر بن عبد الله يحدث أن رسول الله قال أري الليلة رجل صالح أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه نيط برسول الله ونيط عمر بن الخطاب بأبي بكر ونيط عثمان بن عفان بعمر فقال جابر فلما قمنا من عند رسول الله قلنا أما الرجل الصالح فرسول الله وأما ما ذكر رسول الله من نوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله عز وجل به نبيه
تابعه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري هكذا
وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا
عمرو بن عثمان حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن ابن شهاب عن عمرو ابن أبان بن عثمان عن جابر بن عبد الله انه كان يحدث فذكر الحديث بمثله
أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد بن علي الروذباري أخبرنا أبو بكر ابن داسة حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عفان بن مسلم حدثنا حماد بن سلمة عن أشعث بن عبد الرحمن عن أبيه عن سمرة بن جندب أن رجلا قال يا رسول الله إني رأيت كأن دلوا دلي من السماء فجاء أبو بكر فأخذ بعراقيها فشرب شربا ضعيفا ثم جاء عمر فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع ثم جاء عثمان فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع ثم جاء علي فأخذ بعراقيها فانتشطت فانتضح عليه منه شيء
قلت ضعف شرب أبي بكر قصر مدته والانتضاح منه على علي ما أصابه من المنازعة في ولايته والله أعلم
ُ
محمد رافع 52 11-03-2013, 09:49 PM ما جاء في إخباره عن صدق أبي بكر في إيمانه وشهادته لعمر
وعثمان بالشهادة فاستشهدا بعده كما أخبر مع ما فيه من أمره
الجبل بالثبوت بعد الرجفة وضربه إياه برجله فسكن
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن يونس الضبي حدثنا مكي بن إبراهيم البلخي وروح بن عبادة قالا حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس
قال صعد النبي أحدا وقال روح حراء أو أحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم قال مكي فضربه النبي برجله وقال اثبت عليك نبي وصديق وشهيدان
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث يزيد بن زريع وغيره عن ابن أبي عروبة وقالوا عنه أحد كما قال مكي
وأخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا أحمد بن منصور حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي أن حراء ارتج وعليه النبي وأبو بكر وعمر وعثمان فقال النبي اثبت ما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان
قال معمر وسمعت قتادة يحدث عن النبي مثله
ما جاء في إخباره عن صدق أبي بكر في تصديقه وشهادته
لعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير بالشهادة فاستشهدوا كما أخبر
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن سلمة وحسين بن حسن قالا حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز ابن محمد الدراوردي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعلي وعثمان وطلحة والزبير رضي الله عنهم فتحركت الصخرة فقال رسول الله اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة بن سعيد
محمد رافع 52 11-03-2013, 09:51 PM ما جاء في دعائه لعكاشة بن محصن وإداركه الشهادة ببركة دعائه وظهور دلالات الصدق فيما أخبر عن حاله
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن عبد الله قال أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حرملة أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب قال حدثنا سعيد بن المسيب أن أبا هريرة حدثه أنه سمع رسول الله يقول يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفا تضئ وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر قال أبو هريرة فقام عكاشة بن محصن الأسدي يرفع نمرة عليه فقال يا رسول الله أدع الله أن يجعلني منهم فقال رسول اللهم اجعله منهم ثم قام رجل من الأنصار فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال سبقك بها عكاشة
رواه مسلم في الصحيح عن حرملة وأخرجه البخاري من حديث ابن المبارك عن يونس ورواه أيضا عمران بن حصين عن النبي
ومشهور فيما بين أهل المغازي أن عكاشة استشهد في أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه
ما جاء في إخباره عن حال ثابت بن قيس بن شماس رضي الله
عنه وشهادته له بالشهادة والجنة ف*** شهيدا يوم مسيلمة في
عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه وما ظهر في رؤيا من رآه
من الآثار
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا أبو النضر حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال
لما نزلت هذه الآية (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) إلى قوله (أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) وكان ثابت بن قيس بن الشماس رفيع الصوت فقال أنا الذي كنت أرفع صوتي على رسول الله حبط عملي وأنا من أهل النار فجلس في أهله حزينا قال ففقده النبي فانطلق بعض القوم إليه فقالوا له تفقدك رسول الله ما لك قال أنا الذي كنت أرفع صوتي فوق صوت النبي وأجهر له بالقول حبط عملي وأنا من أهل النار فأتوا النبي فأخبروه بما قال فقال لا بل هو من أهل الجنة
قال أنس فكنا نراه يمشي بين أظهرنا ونحن نعلم أنه من أهل الجنة
فلما كان يوم اليمامة قال أنس بن مالك فأنا فيهم قال فكان فينا بعض
انكشاف فجاء ثابت بن قيس قد تحنط ولبس كفنه فقال بئس ما تعودون أقرانكم فقاتلهم حتى ***
أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن سليمان بن المغيرة
وأخبرنا أبوالحسين بن بشران العدل ببغداد أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا أحمد بن منصور حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري أن ثابت بن قيس بن شماس قال يا رسول الله قد خشيت أن أكون قد هلكت نهى الله المرء أن يحب أن يحمد بما لم يفعل وأجدني أحب الحمد ونهى الله عز وجل عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال ونهى أن نرفع أصواتنا فوق صوتك وأنا امرؤ جهير الصوت فقال النبي يا ثابت أوما ترضى أن تعيش حميدا وت*** شهيدا وتدخل الجنة قال فعاش حميدا و*** شهيدا يوم مسيلمة
وحدثنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا محمد بن عيسى العطار بمرو حدثنا عبدان بن محمد الحافظ حدثنا الفضل بن سهل البغدادي وكان يقال له الأعرج حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا أبي عن ابن شهاب قال حدثنا إسماعيل بن محمد بن ثابت الأنصاري عن أبيه أن ثابت ابن قيس قال يا رسول الله لقد خشيت أن أكون قد هلكت قال رسول الله ولم قال نهانا الله أن نحب أن نحمد بما لم نفعل وأجدني أحب الحمد ونهانا عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال ونهانا أن نرفع أصواتنا فوق صوتك وأنا جهير الصوت فقال رسول الله يا ثابت ألا ترضى أن تعيش حميدا وت*** شهيدا وتدخل الجنة قال بلى يا رسول الله وقال فعاش حميدا و*** شهيدا يوم مسلمة الكذاب
حدثنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن صالح بن هاني حدثنا السري بن خزيمة حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد حدثنا ثابت عن أنس أن ثابت بن قيس جاء يوم اليمامة وقد تحنط ولبس أكفانه وقد انهزم أصحابه فقال اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء فبئس ما عودتم أقرانكم منذ اليوم خلوا بيننا وبين أقراننا ساعة ثم حمل فقاتل ساعة ف*** وكانت له درع قد سرقت فرآه رجل فيما يرى النائم فقال إن درعي في قدر تحت أكاف بمكان كذا وكذا وأوصى بوصايا فطلب الدرع فوجد حيث قال فأنفذوا وصيته
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي قال أخبرنا أبي حدثنا ابن جابر قال حدثنا عطاء الخراساني قال قدمت المدينة فلقيت رجلا من الأنصار فقلت حدثني حديث ثابت بن قيس بن الشماس فقال قم معي فانطلقت حتى دفعنا إلى دار فأدخلني على امرأة فقال هذه ابنة ثابت بن قيس فسلها فقلت حدثيني عنه رحمك الله قالت إنه لما أنزل الله عز وجل على رسوله (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) فذكر الحديث بمعنى ما روينا في الأخبار قبله إلى قول النبي لست منهم بل تعيش حميدا وت*** شهيدا ويدخلك الله الجنة فلما كان يوم اليمامة أتى مسيلمة فلما لقي أصحاب رسول الله حمل عليهم فانكشفوا فقال ثابت وسالم مولى أبي حذيفة ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله ثم احتفر كل واحد منهما لنفسه حفرة وحمل عليهم القوم فثبتا وقاتلا حتى ***ا وعلى ثابت يومئذ درع له نفيسة فمر به رجل من المسلمين
فأخذها فبينا رجل من المسلمين نائم فأتاه ثابت بن قيس في منامه فقال له أوصيك بوصية إياك أن تقول هذا حلم فتضيعه إني لما ***ت مر بي رجل من المسلمين فأخذ درعي ومنزله في أقصى الناس وعند خبائه فرس يستن في طوله وقد كفأ على درعي برمة وجعل فوق البرمة رحلا فائت خالد بن الوليد فمره أن يبعث إلي درعي فيأخذه وإذا قدمت على خليفة رسول الله فقل له إن علي من الدين كذا وكذا ولي من الدين كذا وكذا وفلان من رقيقي عتيق فإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه فأتى الرجل خالد بن الوليد فأخبره فبعث إلى الدرع فنظر إلى خباء في أقصى الناس وإذا عنده فرس يستن في طوله فنظر في الخباء فإذا ليس فيه أحد فدخلوا فرفعوا الرحل فإذا تحته برمة ثم رفعوا البرمة فإذا الدرع تحتها فأتوا بها خالد بن الوليد فلما قدموا المدينة حدث الرجل أبا بكر بالرؤيا فأجاز وصيته ولا نعلم أحدا أجيزت وصيته بعد موته إلا ثابت
محمد رافع 52 11-03-2013, 09:53 PM ما جاء في إخباره بكفاية الله تعالى عباده شر الأسود العنسي ومسيلمة الكذابين ف***ا جميعا
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ أخبرني محمد بن الفضل حدثنا عبد الله بن محمد بن مسلم حدثنا سليمان بن سيف حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن صالح بن كيسان عن ابن عبيدة بن نشيط ويقال اسمه عبد الله بن عبد الله أن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال بلغنا أن مسيلمة الكذاب قدم المدينة فنزل في دار ابنة الحارث وكانت تحته بنت الحارث بن كريز وهي أم عبد الله بن عامر فأتاه رسول الله ومعه ثابت بن قيس بن الشماس وهو الذي يقال له خطيب رسول الله وفي يد رسول الله قضيب فوقف عليه فكلمه فقال له مسيلمة إن شئت خليت بيننا وبين الأمر ثم جعلته لنا بعدك قال النبي لو سألتني هذا القضيب ما أعطيتكه وإني لأراك الذي أريت فيه ما أريت وهذا ثابت بن قيس وسيجيبك عني فانصرف النبي
قال عبيد الله بن عبد الله سألت عبد الله بن عباس عن رؤيا رسول الله التي ذكر فقال ابن عباس ذكر لي أن رسول الله قال بينا أنا نائم أريت أنه وضع في يدي سوارين من ذهب ففظعتهما وكرهتهما فأذن لي فنفختهما فطارا فأولتهما كذابين فقال عبيد الله أحدهما العنسي الذي ***ه فيروز باليمن والآخر مسيلمة
رواه البخاري عن سعيد بن محمد الجرمي عن يعقوب بن إبراهيم
وقد مضي في هذا حديث نافع بن جبير عن ابن عباس وهمام بن منبه عن أبي هريرة عند ذكر الوفود
أخبرنا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن عبد الوهاب أخبرنا جعفر بن عون أخبرنا مسعر عن أبي عون عن رجل أن أبا بكر رضي الله عنه لما أتاه فتح اليمامة سجد
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي حدثنا محمد بن حيان الأنصاري حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا مبارك بن فضالة حدثنا الحسن عن أنس قال لقي رسول الله مسيلمة فقال له مسيلمة تشهد أني رسول الله فقال رسول الله آمنت بالله ورسله ثم قال رسول الله إن هذا رجل أخر لهلكه قومه
محمد رافع 52 11-03-2013, 09:56 PM ما جاء في تحذيره الرجوع إلى الكفر بعد الإيمان وإخباره بالتبديل الذي وجد بعد وفاته حتى قاتلهم أبو بكر الصديق رضي
الله عنه بمن ثبت على دينه من أهل الإسلام
أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا شعبة قال واقد بن محمد بن عبد الله أخبرني عن أبيه أنه سمع ابن عمر يحدث عن النبي أنه قال لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض
رواه البخاري في الصحيح عن أبي الوليد وأخرجه مسلم من وجه آخر عن شعبة
وبلغني عن موسى بن هارون وكان من الحفاظ أنه سئل عن هذا الحديث فقال هؤلاء أهل الردة ***هم أبو بكر الصديق رضي الله عنه
وقال بعض أهل العلم معناه لا ترجعوا بعدي كفارا أي فرقا مختلفين
يضرب بعضكم رقاب بعض فتكونوا في ذلك مضاهين للكفار فإن الكفار متعادون يضرب بعضهم رقاب بعض والمسلمون متآخون يحقن بعضهم رقاب بعض
وقيل معناه لا ترجعوا بعدي كفارا أي متكفرين بالسلاح
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا حسين بن حسن بن مهاجر ومحمد بن نعيم وأحمد بن سلمة قالوا حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم قال سمعت سهلا يقول سمعت رسول الله يقول أنا فرطكم على الحوض من ورد شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا وليردن على أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهمُ
قال أبو حازم فسمع النعمان بن أبي عياش وأنا أحدثهم بهذا الحديث فقال هكذا سمعت سهلا يقول قلت نعم قال فأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد فيه فأقول إنهم مني فيقال إنك لا تدري ما عملوا بعدك فأقول سحقا سحقا لمن بدل بعدي رواه البخاري ومسلم في الصحيح عن قتيبة
وقال في حديث ثوبان ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين وحتى تعبد قبائل من أمتى الأوثان
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق أخبرنا أبو مسلم حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن
ثوبان عن النبي في حديث طويل أخرجه مسلم في الصحيحُ
وقد قال الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) فارتد من ارتد بعد وفاة النبي فقاتلهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه بمن أطاعه من المهاجرين والأنصار وبمن ثبت على الإسلام من سائر القبائل ولم تأخذهم في الله لومة لائم حتى قهروهم ورجع من بقي منهم إلى الإسلام ولذلك قال الحسن البصري رحمه الله في تفسير الآية ما أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان أخبرنا اسماعيل بن محمد الصفار حدثنا العباس بن محمد بن حاتم الدوري حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا الحسن بن صالح عن أبي بشر عن الحسن (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) قال أبو بكر وأصحابه تابعه السري بن يحيى عن الحسن وهذا لا يخالف ما روينا في ذلك في أهل اليمن فمن بقي من مهاجري اليمن كان من جملة أصحاب أبي بكر حين قاتلوا أهل الردة فوجد بحمد الله ونعمته تصديق الخبر في جميع ذلك وبالله التوفيق
محمد رافع 52 11-03-2013, 09:59 PM ما جاء في إخباره بأن المسلمين لا يعبدون الشيطان في جزيرة
العرب يريد أصحابه فمن بعدهم فكان كما قال ثم كان ما أخبر
به من التحريش بينهم في آخر أيامه
وأخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الله النوقاني بها حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصبهاني الصفار حدثنا أحمد بن عصام حدثنا مؤمل ابن إسماعيل حدثنا سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون ولكن في التحريش بينهم
أخبرنا أبو القاسم زيد بن أبي هاشم العلوي بالكوفة أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم حدثنا إبراهيم بن عبد الله أخبرنا وكيع عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله إن الشيطان أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن التحريش
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع
محمد رافع 52 11-03-2013, 10:00 PM ما جاء في إخباره ابنته بوفاته وبأنها أول أهل بيته لحوقا به
فكانا كما أخبر
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا أبو نعيم حدثنا زكريا بن أبي زائدة عن فراس عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت أقبلت فاطمة رضي الله عنها تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله فقال مرحبا بابنتي ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أسر إليها حديثا فبكت فقلت استخصك رسول الله بحديث لم تبكين ثم اسر إليها حديثا فضحكت فقلت ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن فسألتها عما قال لها فقالت ما كنت لأفشي سر رسول الله حتى إذا قبض سألتها فقالت إنه اسر إلي أن جبريل عليه السلام كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة وأنه عارضني به العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحوقا بي ونعم السلف انا لك فبكيت لذلك ثم قال الا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة أو نساء المؤمنين فضحكت
رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم وأخرجه مسلم من وجه آخر عن زكريا
واختلفوا في مكث فاطمة رضي الله عنها بعد رسول الله حتى ماتت فقيل مكثت شهرين وقيل ثلاثة أشهر وقيل ستة أشهر وقيل ثمانية أشهر وأصح الروايات رواية الزهري عن عروة عن عائشة قالت مكثت فاطمة بعد وفاة رسول الله ستة أشهر أخبرناه أبو الحسين بن الفضل القطان أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب قال وأخبرنا الحجاج بن أبي منيع حدثنا جدي جميعا عن الزهري قال حدثنا عروة أن عائشة أخبرته قالت
عاشت فاطمة بنت رسول الله بعد وفاة رسول الله ستة أشهر
أخرجاه في الصحيح
367
محمد رافع 52 11-03-2013, 10:09 PM من الآيات الدالة علي نبوة محمد (صلي الله عليه و سلم)
*(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا * وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا *) (الأحزاب :45 -48)
(مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وَجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)
الفتح
{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَ لَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ } [الأحزاب : 40]
{ وَ مَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ }
[آل عمران: 144]
محمد رافع 52 11-03-2013, 10:18 PM دلائل النبوة
د. محمد بن لطفي الصباغ
قال شيخ الإٍسلام ابن تيمية رحمه الله: "والآيات والبراهين الدالَّة على نبوَّة محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - كثيرة... ويسمِّيها مَن يسمِّيها من النُّظَّار (معجزات)، وتسمَّى (دلائل النبوَّة) و(أعلام النبوَّة)، ونحو ذلك، وهذه الألفاظ إذا سُمِّيت بها آيات الأنبياء، كانت أدلَّ على المقصود من لفظ (المعجزات)"[1] (http://www.alukah.net/Web/sabagh/0/21719/#_ftn1).
ومهما يكن من أمرٍ، فإن قولنا: (دلائل النبوة) أصبح لفظًا شائعًا مُستعمَلاً عند العلماء الذين كتبوا في هذا الموضوع، والمعجزات هي من دون شكٍّ من دلائل النبوَّة.
أقول: إن المعجزة ظاهِرَة تكرَّرت في حياة الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - لتكون دليلاً على صِدْقِ دعواهم، وقد قصَّ القرآنُ الكريم علينا كثيرًا من أنباء المعجزات التي جاءت مُصَدِّقة لرسل الله المتقدِّمين من أمثال: ناقةِ صالح، وعصا موسى، وركوبه البحر، وإحياءِ عيسى الموتى، وإبرائه الأَكْمَه والأَبْرَص.
ولا بُدَّ في المعجزة من أن تتوافَرَ فيها ثلاثة أمور:
1- أنها أمر خارِق للعادة، غير جارٍ على ما اعتاد الناس من سنن الكون والظواهر الطبيعية؛ ولذا فهي غير قابلة لتفسيرها على نحو ما يجري عادَةً في الحياة.
2- أنها مقرونة بالتحدِّي، تحدِّي المكذِّبين أو الشاكِّين، ولا بُدَّ أن يكون الذين يُتَحدَّونَ من القادِرين على الإتيان بمثل المعجزة إن لم تكن من عند الله، وإلاَّ فإن التحدِّي لا يُتَصوَّر؛ إذ إننا لا نستطيع تصوُّرَ بطل في المُلاكَمة يتحدَّى طفلاً؛ لأن هذا الطفل عاجِزٌ عن مقابلته.
وفي ذلك ردٌّ لزعم أبي إسحاق النظَّام من أنَّ العرب سُلِبوا القدرةَ على الإتيان بمثل القرآن مع إمكانهم ذلك.
3- أنها أمر سالِم عن المُعارَضَة، فمتى أمكن لأحدٍ أن يُعارِضَ هذا الأمر ويأتي بمثله، بَطَلَ أن يكون معجزة.
والمعجزة على نوعين: حسيَّة وعقليَّة.
والمُلاحَظ: أن أكثر معجزات الأنبياء السابِقين كانت حسيَّة، في حين نجد أنَّ المعجزة الكبرى التي جاء بها نبيُّنا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - عقليَّة، ونعني بهذه المعجزة القرآنَ الكريمَ، وهناك معجزات أخرى حسيَّة للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - جاء في الصحيح أخبارُها وهي كثيرة.
ولعلَّ مَرَدَّ ذلك إلى أن هذه الشريعةَ آخِرُ الشرائع، وستبقى أَبَدَ الدَّهْرِ إلى يوم القيامة، ومن أجل ذلك فقد خُصَّت بالمعجزة العقليَّة الباقِيَة، ليراها ذوو البصائر في كلِّ العصور ومهما تقدَّم الزمان. ومن ثَم فإن معجزات الأنبياء السابقين - عليهم السلام - قد انقرَضَتْ بانقراض أعصارهم، فلم يشاهدها إلا مَن حضَرَها، أما معجزةُ القرآن فباقيةٌ مستمرَّة إلى يوم القيامة.
وبنحوٍ من هذا الذي ذكرنا، فسَّر العلماء قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما من الأنبياء نبيٌّ إلا أُعطِيَ ما مثلُه آمَنَ عليه البَشَرُ، وإنما كان الذي أُوتِيتُه وَحيًا أَوْحاهُ الله إليَّ، فأرجو أن أكونَ أكثرَهم تَبَعًا يوم القيامة))[2] (http://www.alukah.net/Web/sabagh/0/21719/#_ftn2).
نعم، إن القرآن الكريم هو أعظم دلائل نبوَّة نبيِّنا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي كان قومه يَصِفُونه قبل النبوَّة بالصادق الأمين، وقد لبث فيهم أربعين سنةً لم يسمعوا منه شيئًا مثل القرآن، ثم أوحى الله إليه هذا الكتابَ فبلَّغهم رسالة الله؛ يقول تعالى: ﴿ قُلْ لَوْ شَاءَ اللهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ * فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ﴾ [يونس: 16- 17].
وكان القرآن مُعجِزًا للعرب ذوي الفصاحة وأُولي البلاغة، تحدَّاهم فلم يقدر أحدٌ منهم على معارَضَتِه، وقد قرَّر القرآن أن مجرَّد سماع العرب لآياته حُجَّة كبرى عليهم، وكفى بهذا دليلاً على إعجازه؛ قال الله تعالى في صَدَدِ الردِّ على طلبهم المعجزات، مشيرًا إلى أنَّ هذا الكتابَ يُغنِي عن كلِّ معجزة: ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ﴾ [العنكبوت: 50- 51].
فأخبَرَ سبحانه: أنَّ الكتاب الكريم الذي أنزَلَه، والذي يُتلى عليهم هو آيةٌ من آيات الله، كافٍ في الدلالة على صدق نبوَّة هذا النبي الكريم، قائمٌ مقام معجزات كثيرة، فلماذا يطلب هؤلاء القوم الآيات؟ أَوَلا يكفيهم هذا الكتاب الذي يَفوقُ كلَّ معجزات الأنبياء السابقين في الدلالة على نبوَّته؟!
ويقول تعالى: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ ﴾ [التوبة: 6]؛ ذلك لأن العربيَّ إذا سمع كلام الله وتذوَّقه قادَه ذلك الكلام إلى الإيمان إن كان من المنصفين؛ لأنه لا يسمعه مُتَذوِّق مُنصِف إلا وينتهي به إلى الإيمان.
هذا؛ وقد أيَّد الواقع التاريخيُّ ذلك، فقد حدثتنا كتبُ السيرة أن مجرَّد سماع العربي للقرآن كان يُوقِفه على المعجزة العظمى، ويحمله ذلك على الإيمان، وأدرك ذلك كفَّار قريش، فكانوا يَنْهَون عن سماع القرآن، كما حكى الله - سبحانه - ذلك عنهم؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾ [فصِّلت: 26].
وكانوا يسعَوْن جهدهم للحيلولة بين رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبين مَن يأتي من وفود العرب إلى مكَّة، ومن ذلك ما جاء في "سيرة ابن هشام" من إسلام الطُّفَيل بن عمرو الدَّوْسِيِّ: قَدِم الطُّفَيْلُ مكَّة، ورسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بها، فمشى إليه رجلٌ من قريش، وكان الطُّفَيْلُ شَريفًا شاعرًا لبيبًا، فقالوا له: يا طُفَيل، إنك قَدِمتَ بلادنا، وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا[3] (http://www.alukah.net/Web/sabagh/0/21719/#_ftn3)، وقد فرَّق جماعَتَنا وشتَّت أمرنا، وإنما قوله كالسحر، يفرِّق بين الرجل وبين أبيه، وبين الرجل وبين زوجته، وإنما نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا، فلا تكلمَنَّه ولا تسمعَنَّ منه شيئًا.
قال الطُّفَيل: فوالله ما زالوا بي حتى أجمعتُ ألاَّ أسمعَ منه شيئًا، ولا أكلِّمَه، وحشَوْتُ في أذني حين غدوت إلى المسجد كُرْسُفًا[4] (http://www.alukah.net/Web/sabagh/0/21719/#_ftn4) فَرَقًا من أن يبلغني شيء من قوله، وأنا لا أريد أن أسمعه.
فغدَوتُ إلى المسجد فإذا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قائم يصلِّي عند الكعبة، فقمت منه قريبًا، فأبى الله إلا أن يُسمِعَني بعضَ قوله، فسمعت كلامًا حسنًا، فقلت في نفسي: واثكلَ أمِّي! والله إني لَرجلٌ لبيب شاعر، ما يخفى عليَّ الحسنُ من القبيح، فما يمنعني أن أسمعَ من هذا الرجل ما يقول؟! فإن كان الذي يأتي به حسنًا قبلته، وإن كان قبيحًا تركته.
فمكثت حتى انصَرَف رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى بيته، فاتبعته، حتى إذا دخل بيته دخلت عليه، فقلت: يا محمد، إنَّ قومك قد قالوا لي كذا وكذا... فوالله ما برحوا يخوِّفونني أمرَك حتى سددتُ أذني، بكُرْسُفٍ لئلاَّ أسمع قولك، ثم أَبَى الله إلا أن يُسمِعَني قولك، فسمعت قولاً حسنًا، فاعرِضْ عليَّ أمرك.
فعرض عليَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتلا عليَّ القرآن، فلا والله ما سمعت قولاً قطُّ أحسن منه، ولا أمرًا أعدل منه، فأسلمتُ وشهدت شهادةَ الحق[5] (http://www.alukah.net/Web/sabagh/0/21719/#_ftn5).
ونتوقَّع أن أمثال هذه الحادثة كثيرٌ، لقد كان القرآن الكريم من أعظم دلائل نبوَّته - صلوات الله وسلامه عليه.
ــــــــــــــــ
[1] (http://www.alukah.net/Web/sabagh/0/21719/#_ftnref1) "الجواب الصحيح لِمَن بدَّل دين المسيح" 4/ 67.
[2] (http://www.alukah.net/Web/sabagh/0/21719/#_ftnref2) "صحيح البخاري" برقم (4981)، ومسلم برقم (152).
[3] (http://www.alukah.net/Web/sabagh/0/21719/#_ftnref3) أي: اشتدَّ أمره بنا.
[4] (http://www.alukah.net/Web/sabagh/0/21719/#_ftnref4) الكُرْسُف: القطن.
[5] (http://www.alukah.net/Web/sabagh/0/21719/#_ftnref5)"سيرة ابن هشام"؛ تحقيق السقا وزميليه 2/ 2- 23، و"الرَّوض الأُنُف" 2/ 130، و"البداية والنهاية" 3/ 98.
فاى 11 12-03-2013, 05:51 AM "مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُعَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وَجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً"
اللهم صلى وسلم وبارك على معلم البشرية محمد صلى الله عليه وسلم
بارك الله فيك وجزاك خيرا
جعله الله فى موازيين حسناتك
محمد رافع 52 12-03-2013, 08:31 AM "مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُعَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وَجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً"
اللهم صلى وسلم وبارك على معلم البشرية محمد صلى الله عليه وسلم
بارك الله فيك وجزاك خيرا
جعله الله فى موازيين حسناتك
اللهم صلى ويارك وزد وسلم على الحبيب محمد
واياكم بارك الله فيكم ورضى عنكم
وعن والديكم
محمد رافع 52 13-03-2013, 11:50 AM الدليل على أن النبي عرج به إلى السماء فرأى جبريل عليه السلام في صورته عند سدرة المنتهى وقبل ذلك كان قد رأى جبريل عليه السلام في صورته وهو بالأفق الأعلى
قال الله عز وجل (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى ما كذب الفؤاد ما رأى أفتمارونه على ما يرى)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو الوليد قال حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد قال حدثنا أبو الربيع قال حدثنا عباد بن العوام قال حدثنا الشيباني ح
وأخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب قال أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال أخبرني المنيعي قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا الحسين هو ابن علي عن زائدة عن الشيباني قال سألت زرا عن قوله عز وجل (وكان قاب قوسين أو أدنى) فقال حدثنا عبد الله أنه رأى جبريل عليه السلام له ستمائة جناح
رواه البخاري في الصحيح عن طلق بن غنام عن زائدة
ورواه مسلم عن أبي الربيع
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو الوليد قال أخبرنا الحسن ابن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا حفص بن غياث عن الشيباني عن زر بن حبيش عن عبد الله (ما كذب الفؤاد ما رأى) قال رأى جبريل له ستمائة جناح رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله ما كذب الفؤاد مع رأى رسول الله جبريل وعليه حلو من رفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو علي الحافظ قال حدثما يحيى ابن محمد بن صاعد قال حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال حدثنا أبو أسامة عن زكريا ح
أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا زكريا عن ابن اشوع عن الشعبي عن مسروق قال قلت لعائشة فأين قوله تعالى دنا فتدلى قالت إنما ذلك جبريل عليه السلام كان يأتيه في صورة الرجال وأنه أتاه في هذه المرة في صورته فسد أفق السماء
أخرجاه في الصحيح ورواه البخاري عن محمد بن يوسف عن أبي أسامة
ورواه مسلم عن ابن نمير أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا عبد الله بن لهيعة قال حدثني محمد بن عبد الرحمن عن عروة عن عائشة أن نبي الله كان أول شأنه يرى في المنام فكان أول ما رأى جبريل بأجياد أنه خرج لبعض حاجته فصرخ به يا محمد يا محمد فنظر يمينا وشمالا فلم ير شيئا ثم نظر فلم ير شيئا فرفع بصره فإذا هو يراه ثانيا إحدى رجليه على الأخرى على أفق السماء فقال يا محمد جبريل جبريل يسكنه فهرب محمد حتى دخل في الناس فنظر فلم ير شيئا ثم خرج من الناس فنظر فرآه فذلك قوله عز وجل (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى) الآية
أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم قال حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الحسين قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا الحارث بن عبيد الإيادي عن أبي عمران
الجوني عن أنس قال قال رسول الله بينا أنا جالس إذ جاء جبريل عليه السلام فوكز بين كتفي فقمت يعني إلى شجرة فيها مثل وكري الطير فقعد جبريل في أحدهما وقعدت في الآخر فسمت وارتفعت حتى سدت الخافقين وأنا أقلب طرفي فلو شئت أن أمس السماء لمسست فالتفت إلي جبريل فإذا هو كأنه حلس فعرفت فضل علمه بالله علي ففتح لي باب من أبواب السماء ورأيت النور الأعظم وإذا دوني حجاب رفرف الدر والياقوت فأوحى إلي ما شاء أن يوحي
وقال غيره في هذا الحديث في آخره ولط دوني الحجاب رفرف الدر والياقوت
هكذا رواه الحارث بن عبيد ورواه حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني عن محمد بن عمير بن عطارد أن رسول الله كان في ملأ من أصحابه فجاءه جبريل فنكت في ظهره فذهب به إلى الشجرة فيها مثل وكري الطير فقعد في أحدهما وقعد جبريل في الآخر فتسامت بناحتي بلغت الأفق فلو بسطت يدي إلى السماء لنلتها فدلي بسبب وهبط النور فوقع جبريل مغشيا عليه كأنه حلس فعرفت فضل خشيته على خشيتي فأوحى إلي نبيا ملكا أو نبيا عبدا أو إلى الجنة ما أنت فأومأ إلي جبريل وهو مضطجع أن تواضع قال قلت لا بل نبيا عبدا
أخبرنا ابو الحسين بن بشران العدل ببغداد قال أخبرنا أبو جعفر محمد ابن عمرو بن البختري وإسماعيل بن محمد الصفار من فيهما قالا حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا محمد بن عبد الله عن ابن عون قال أنبأنا القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت من زعم أن محمدا رأى ربه عز وجل فقد أعظم الفرية على الله عز وجل ولكن رأى جبريل عليه السلام مرتين في صورته وخلقه سادا ما بين الأفق
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن أبي الثلج عن محمد ابن عبد الله الأنصاري
قلت فالمرة الأولى التي رآه هي المذكورة فيما كتبنا من سورة النجم وقد روينا أنها نزلت بعدما هاجر عثمان بن عفان وعثمان بن مظعون وأصحابهما إلى أرض الحبشة في الهجرة الأولى فلما قرأها رسول الله في الصلاة وسجد وسجد المسلمون والمشركون وبلغهم الخبر رجعوا ثم هاجروا الهجرة الثانية مع جعفر بن أبي طالب وذلك كان قبل المسرى بسنتين
ثم رآه في المرة الثانية ليلة أسرى به عند سدرة المنتهى في صورته التي هي صورته وهو قول الله عز وجل ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى ويحتمل أن السورة نزلت في الوقت الذي هو مشهور عند أهل المغازي غير هذه الآيات ثم نزلت هذه الآيات في رؤيته إياه نزلة أخرى بعد المسرى فألحقت بالسورة والله أعلم
اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا حسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا علي بن مسهر عن عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة ولقد رآه نزلة أخرى قال رأى جبريل عليه السلام ورواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة
حدثنا أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر الأصبهاني قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة عن سليمان الشيباني قال مر بنا زر بن حبيش فقمت إليه فسألته عن قول الله عز وجل (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) قال زر قال عبد الله هو ابن مسعود رأى جبريل عليه السلام له ستمائة جناح
رواه مسلم في الصحيح عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا عاصم بن بهدلة عن زر عن عبد الله في قوله عز وجل (ولقد رآه نزلة أخرى) قال قال رسول الله رايت جبريل عند سدرة المنتهى عليه ستمائة جناح ينفض من ريشه التهاويل الدر والياقوت وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا الباغندي قال حدثنا قبيصة قال حدثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) قال رأى رفرفا أخضر قد ملأ الأفق
رواه البخاري في الصحيح عن قبيصة
ويريد ابن مسعود بذلك أنه رأى جبريل عليه السلام في صورته على رفرف أخضر
وقد روي ذلك من وجه آخر عنه مبينا أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا السري بن خزيمة قال حدثنا يوسف بن بهلول قال حدثنا عبد الله بن نمير عن مالك بن مغول عن الزبير بن عدي عن طلحة بن مصرف عن مرة الهمداني عن عبد
الله بن مسعود قال لما أسرى بالنبي فانتهى إلى سدرة المنتهى وهي في السماء السادسة كذا في هذه الرواية وإليها ينتهي ما يصعد به حتى يقبض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها حتى يقبض منها إذ يغشى السدرة ما يغشى قال غشيها فراش من ذهب وأعطي رسول الله الصلوات الخمس وخواتيم سورة البقرة وعفر لمن لا يشرك بالله المقحمات
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن نمير وزهير بن حرب عن عبد الله بن نمير
وهذا الذي ذكره عبد الله بن مسعود طرف من حديث المعراج وقد رواه أنس ابن مالك عن مالك بن صعصعة عن النبي ثم عن أبي ذر عن النبي ثم رواه مرة مرسلا دون ذكرهما أما روايته عن مالك بن صعصعة ففيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ رحمه الله قال حدثنا أبو العباس محمد ابن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف قال أخبرنا سعيد يعني ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس ابن مالك عن مالك بن صعصعة عن النبي أنه قال بينما أنا عند البيت بين النائم واليقظان إذ سمعت قائلا يقول أحد الثلاثة بين الرجلين قال فأتيت فانطلق بي ثم أتيت بطست من ذهب فيها من ماء زمزم فشرح صدري إلى كذا وكذا قال قادة قلت لصاحبي ما تعني قال إلى أسفل بطني فاستخرج
قلبي فغسل بماء زمزم ثم أعيد مكانه قال وحشي أو قال وكنز إيمانا وحكمة الشك من سعيد قال ثم أتيت بدابة أبيض يقال له البراق فوق الحمار ودون البغل يقع خطوة عند أقصى طرفه فحملت عليه ومعي صاحبي لا يفارقني فانطلقنا حتى أتينا السماء الدنيا فاستفتح جبريل فقيل من هذا فقال جبريل فقيل ومن معك قال محمد قالوا أو قد بعث إليه قال نعم قال ففتح لنا قالوا مرحبا به ولنعم المجيء جاء فأتيت على آدم عليه السلام فقلت يا جبريل من هذا قال هذا أبوك آدم فسلمت عليه فقال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ثم انطلقنا حتى أتينا السماء الثانية فاستفتح جبريل فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال نعم قال ففتح لنا وقالوا مرحبا به ولنعم المجيء جاء فأتيت على يحيى وعيسى
قال سعيد أحسبه قال ابني الخالة
فسلمت عليهما فقالا مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم انطلقنا حتى أتينا السماء الثالثة فاستفتح جبريل عليه السلام فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال نعم قالوا مرحبا به ولنعم المجيء جاء فأتيت على يوسف فقلت يا جبريل من هذا قال هذا أخوك يوسف فسلمت عليه فقال مرحبا
بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم انطلقنا حتى أتينا السماء الرابعة فاستفتح جبريل فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال نعم قالوا مرحبا به ولنعم المجيء جاء فأتيت على إدريس عليه السلام فقلت من هذا يا جبريل قال هذا أخوك إدريس فسلمت عليه فقال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح قال عبد الوهاب قال سعيد وكان قتادة يقول عندها قال الله (ورفعناه مكانا عليا) ثم انطلقنا حتى أتينا السماء الخامسة فاستفتح جبريل فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال نعم قالوا مرحبا به ولنعم المجيء جاء قال فأتيت على هارون فقلت يا جبريل من هذا قال هذا أخوك هارون فسلمت عليه فقال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم انطلقنا حتى أتينا السماء السادسة فاستفتح جبريل فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال نعم قالوا مرحبا به ولنعم المجيء جاء قال فأتيت على موسى عليه السلام فقلت يا جبريل من هذا قال هذا أخوك موسى فسلمت عليه فقال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح فلما جاوزته بكى فنودي ما يبكيك قال يا رب هذا غلام بعثته بعدي يدخل من أمته الجنة أكثر مما يدخل من أمتي ثم انطلقنا حتى أتينا السماء السابعة فاستفتح جبريل فقيل من هذا قال جبريل وقيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال نعم قالوا مرحبا به ولنعم المجيء جاء فأتيت على إبراهيم عليه السلام فقلت يا جبريل من هذا قال هذا أبوك إبراهيم فسلمت عليه فقال مرحبا بالابن الصالح والنبي
الصالح ورفع لنا البيت المعمور فقلت يا جبريل ما هذا قال هذا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك حتى إذا خرجوا منه لم يعودوا إليه آخر ما عليهم ثم رفعت لنا سدرة المنتهى فحدث نبي الله أن ورقها مثل آذان الفيلة وأن نبقها مثل قلال هجر وحدث النبي أنه رأى أربعة أنهار يخرج من أصلها نهران باطنان ونهران ظاهران فقلت ما هذه الأنهار يا جبريل فقال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات قال وأتيت بإناءين أحدهما خمر والآخر لبن فعرضا علي فاخترت اللبن فقيل لي أصبت أصاب الله بك أمتك على الفطرة وفرضت علي خمسون صلاة كل يوم أو قال أمرت بخمسين صلاة كل يوم الشك من سعيد فجئت حتى أتيت على موسى فقال لي بما أمرت فقلت أمرت بخمسين صلاة كل يوم قال إني قد بلوت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة وإن أمتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك فرجعت فحط عني خمس صلوات فما زلت اختلف بين ربي وبين موسى كلما أتيت عليه قال لي مثل مقالته حتى رجعت بخمس صلوات كل يوم فلما أتيت على موسى قال لي بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم قال إني قد بلوت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة
وإن أمتك لا يطيقون ذلك فأرجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك قلت لقد رجعت إلى ربي حتى استحييت ولكن أرضى وأسلم قال فنوديت أو ناداني مناد الشك من سعيد أن قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي وجعلت بكل حسنة عشر أمثالها
أخرجه مسلم في الصحيح عن محمد بن المثنى عن محمد أبي عدي عن سعيد بن أبي عروبة
وأخرجه أيضا عن محمد بن المثنى عن معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة قال حدثنا أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة أن رسول الله قال فذكر نحوه وزاد فيه فأتيت بطست من ذهب ممتليء حكمة وإيمانا فشق من النحر إلى مراق البطن فغسل بماء زمزم ثم مليء حكمة وإيمانا
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا مخلد بن جعفر قال حدثنا محمد بن جرير قال حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قال حدثنا معاذ بن هشام فذكره
وأخرجه البخاري عن هدبة بن خالد قال حدثنا همام بن يحيى قال حدثنا قتادة عن انس بن مالك عن صعصعة أن نبي الله حدثهم عن ليلة أسرى به بينما أنا في الحطيم وربما قال في الحجر مضطجعا إذ أتاني آت فقد قال وسمعته يقول فشق ما بين هذه إلى هذه فقلت للجارود وهو إلى جنبي ما يعني به قال من ثغرة نحره إلى شعرته وسمعته يقول
من قصة إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض فقال له الجارود هو البراق يا أبا حمزة قال أنس نعم يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل ولقد أرسل إليه قال نعم قال مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ثم ذكر الحديث بطوله على هذا النسق بمعنى حديث ابن أبي عروبة إلا أنه قال بعد ذكر سدرة المنتهى والأنهار ثم رفع لي البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم ثم ذكر باقي الحديث بمعناه
أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال أخبرنا أبو سعيد إسماعيل بن أحمد بن محمد الخلال الجرجاني قال حدثنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي قال حدثنا أبو خالد هدبة بن خالد فذكره بإسناده نحوه إلا أنه قال ثم رفع لي البيت المعمور
قال قتادة وحدثنا الحسن عن أبي هريرة عن النبي أنه رأى
البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه ثم رجع إلى حديث أنس وأما روايته عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه فأخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا عبيد بن شريك قال حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثنا الليث عن يونس ح
وأخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله البسطامي قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي قال أخبرني الحسن بن سفيان قال حدثنا حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن التجيبي قال أخبرنا عبد الله بن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال كان أبو ذر يحدث أن رسول الله قال فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل عليه السلام ففرج صدري ثم غسله من ماء زمزم ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا ثم أفرغها في صدري ثم أطبقه ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جئنا السماء الدنيا قال جبريل لخازن السماء الدنيا افتح قال من هذا قال هذا جبريل قال هل معك أحد قال نعم معي محمد قال أأرسل إليه قال نعم
فلما فتح علونا السماء الدنيا فإذا رجل عن يمينه أسودة وعن يساره أسودة فإذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قال قلت يا جبريل من هذا قال هذا آدم عليه السلام وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين أهل الجنة والأسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى قال ثم عرج بي جبريل عليه السلام حتى أتى السماء الثانية فقال لخازنها افتح فقال له خازنها مثل ما قال خازن السماء الدنيا ففتح
قال أنس فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم عليهم السلام ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه ذكر أنه وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السماء السادسة فلما مر جبريل برسول الله بإدريس قال مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح قال قلت من هذا قال هذا إدريس قال ثم مررت بموسى فقال مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح قلت من هذا قال هذا موسى
قال ثم مررت بعيسى فقال مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح قلت من هذا قال هذا عيسى
ثم مررت بإبراهيم فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت
من هذا قال هذا إبراهيم
قال ابن شهاب وأخبرني ابن حزم أن ابن عباس وأبا حبة الأنصاري كانا يقولان قال رسول الله ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى اسمع فيه صريف الأقلام
قال ابن حزم وأنس بن مالك قال رسول الله ففرض الله عز وجل على أمتي خمسين صلاة فرجعت بذلك حتى مررت بموسى فقال موسى ماذا فرض ربك على أمتك قال فقلت فرض عليهم خمسين صلاة قال موسى فراجع ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك قال فراجعت ربي فوضع شطرها قال فرجعت إلى موسى وأخبرته فقال راجع ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك قال فراجعت ربي فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي قال فرجعت إلى موسى قال راجع ربك فقلت قد استحييت من ربي قال ثم انطلق بي حتى أتى سدرة المنتهى
فغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن عبد الله بن بكير ورواه مسلم عن حرملة بن يحيى
وأنبأنا رواية أنس بن مالك عن النبي فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن سختوية قال حدثنا أبو مسلم ومحمد بن يحيى بن المنذر قالا حدثنا حجاج بن منهال قال حدثنا حماد ابن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله قال أتيت بالبراق وهو دابة أبيض فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه قال فركبته فسار بي حتى أتينا بيت المقدس فربطت الدابة بالحلقة التي يربطها الأنبياء ثم دخلت فصليت ثم خرجت فأتاني جبريل بإناء من لبن وإناء من خمر فاخترت اللبن فقال جبريل أصبت الفطرة قال ثم
عرج بي إلى السماء الدنيا فاستفتح جبريل عليه السلام فقيل من أنت قال أنا جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال قد أرسل ففتح لنا فإذ بآدم عليه السلام قال فرحب بي ودعا لي بخير ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل فقال من أنت فقال أنا جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال قد أرسل إليه ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى عليهما السلام قال فرحبا ودعوا لي بخير ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل من أنت قال أنا جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال قد أرسل إليه قال ففتح لنا فإذا أنا بيوسف وإذا هو قد أعطى شطر الحسن قال فرحب ودعا لي بخير قال ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل فقيل من أنت قال أنا جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال وقد أرسل إليه ففتح لنا فإذا أنا بإدريس فرحب ودعا لي بخير ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريل فقيل من أنت قال أنا جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال وقد أرسل إليه ففتح لنا فإذا أنا بهارون فرحب ودعا لي بخير ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاسفتح جبريل قيل من أنت قال أنا جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال وقد أرسل إليه ففتح لنا فإذا أنا بموسى عليه السلام فرحب ودعا لي بخير ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل فقيل من أنت قال أنا جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد
أرسل إليه قال وقد أرسل إليه ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام فإذا هو مستند إلى البيت المعمور فرحب بي ودعا لي بخير فإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه قال ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى فإذا ورقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال قال فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت فما أحد من خلق الله عز وجل يستطيع أن ينعتها من حسنها قال فدنا فتدلى فأوحى إلى عبده ما أوحى ة وفرض علي في كل يوم خمسون صلاة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى قال ما فرض ربك على أمتك قلت خمسين صلاة في كل يوم وليلة قال ارجع إلى ربك فسله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك وإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت فقلت أي رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا فرجعت حتى انتهيت إلى موسى فقال ما فعلت قلت قد حط عني خمسا فقال إن أمتك لا تطيق ذلك ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال هي خمس صلوات في كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فذلك خمسون صلاة
هذا حديث أبي مسلم قال محمد بن يحيى بن المنذر العرار في حديثه فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبت حسنة فإن علمها كتبت عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئا فإن عملها كتبت واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته بما فعلت قال ارجع إلى ربك فسله التخفيف قال قلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت
رواه مسلم في الصحيح عن شيبان بن فروخ عن حماد بن سلمة إلا أنه لم يذكر قوله فدنا فتدلى وإنما قال فأوحى إلى عبده ما أوحى فيحتمل أن تكون زيادة في الحديث غير محفوظة فإن كانت محفوظة كما رواه حجاج ابن منهال وكما رواه شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك فيحتمل أن يكون جبريل عليه السلام فعل ذلك بالنبي حين رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى كما فعله في المرة الأولى
وفي حديث شريك زيادة تفرد بها على مذهب من زعم أنه صلى الله عليه وسلم رأى ربه عز وجل وقول عائشة وابن مسعود وأبي هريرة في حملهم هذه الآيات على رؤيته جبريل عليه السلام أصح
فقد روينا عن مسروق عن عائشة أنه ذكر لها قول الله عز وجل ( ولقد رآه بالأفق المبين ) ( ولقد رآه نزلة أخرى) فقالت عائشة أنا أول هذه الأمة سأل عن هذا رسول الله فقال إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين
وقد ذكرنا ذلك بشرحه في كتاب الأسماء والصفات وفي كتاب الرؤية وبالله التوفيق
وفي رواية ثابت عن أنس دليل على أن المعراج كان ليلة أسرى به من مكة إلى بيت المقدس
أخبرنا ابو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال حدثنا إسحاق بن الحسن قال حدثنا حسين بن محمد قال قال حدثنا شيبان عن قتادة عن أبي العالية قال حدثنا ابن عم نبيكم ابن عباس قال قال نبي الله رأيت ليلة أسري بي موسى بن عمران عليه السلام رجلا طوالا جعدا كأنه من رجال شنوءة ورأيت عيسى بن مريم عليه السلام مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس وأري مالكا خازن جهنم والدجال في آيات أراهن الله عز وجل إياه قال (فلا تكن في مرية من لقائه) قال فكان قتادة يفسرها أن نبي الله قد لقي موسى (وجعلناه هدى لبني إسرائيل) قال جعل الله موسى هدى لبني إسرائيل
رواه مسلم في الصحيح عن عبد بن حميد عن يونس بن محمد عن شيبان
وأخرجاه من حديث شعبة عن قتادة مختصرا
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا ابو الفضل بن إبراهيم قال
حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا محمد بن رافع قال حدثنا عبد الرزاق قال أنبأنا معمر عن الزهري قال أخبرني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال النبي حين أسري به لقيت موسى فنعته فإذا رجل حسبته قال مضطرب رجل الرأس كأنه من رجال شنوءة قال ولقيت عيسى فنعته النبي قال ربعة أحمر كإنما خرج من ديماس يعني حمام قال ورأيت إبراهيم وأنا أشبه ولده به قال وأتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر خمر قيل لي خذ أيهما شئت فأخذت اللبن فشربت فقيل لي هديت الفطرة أو أصبت الفطرة أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع
ورواه البخاري عن محمود عن عبد الرزاق
وفي الحديث الصحيح عن سليمان التيمي وثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله قال أتيت على موسى ليلة أسرى بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره
وروينا في الحديث الصحيح عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي قال وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء فإذا موسى قائم يصلي وذكر إبراهيم وعيسى ووصفهم ثم قال فجاءت الصلاة فأممتهم
محمد رافع 52 13-03-2013, 11:54 AM وروينا في حديث ابن المسيب أنه لقيهم في بيت المقدس
وروينا في حديث أنس أنه بعث له آدم فمن دونه من الأنبياء عليهم السلام فأمهم رسول الله تلك الليلة
وروينا في الحديث الصحيح عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة وعن أنس عن أبي ذر أن النبي رأى موسى بن عمران في السماء السادسة
وليس بين هذه الأخبار منافاة فقد يراه في مسيره وإنما يصلي في قبره لم يسار به إلى بيت المقدس كما أسري بالنبي فيراه في السماء وكذلك سائر من رآه من الأنبياء في الأرض ثم في السماء والأنبياء صلوات الله عليهم أحياء عند ربهم كالشهداء فلا ينكر حلولهم في أوقات بمواضع مختلفات كما ورد خبر الصادق به
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا دبيس المعدل قال حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال النبي لما أسري بي مرت بي رائحة طيبة فقلت ما هذه الرائحة قالوا ما شطة ابنة فرعون وأولادها سقط مشطها من يدها فقالت بسم الله فقالت بنت فرعون أبي قالت ربي وربك ورب أبيك قالت أو لك رب غير أبي قالت نعم ربي وربك ورب أبيك الله قال فدعاها فقال ألك رب غيري قالت نعم ربي وربك الله قال فأمر ببقرة من نحاس فأحميت ثم أمر بها لتلقى فيها قالت إن لي إليك حاجة قال ما هي قالت تجمع عظامي وعظام ولدي في موضع قال ذاك لك لما لك علينا من الحق قال فأمرتهم فألقوا واحدا واحدا حتى بلغ رضيعا فيهم فقال قعي يا أمه ولا تقاعسي فإنا على الحق قال وتكلم أربعة وهم صغار هذا وشاهد يوسف وصاحب جريج وعيسى بن مريم
وأخبرنا علي قال أنبأنا أحمد قال حدثنا إسماعيل القاضي قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا حماد بن سلمة فذكره بنحوه
وقد روى في قصة المعراج سوى ما ذكرنا أحاديث بأسانيد ضعاف وفيما
ثبت منها غنية وأنا ذاكر بمشيئة الله تعالى منها ما هو أمثل إسنادا وبالله التوفيق
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أبو بكر يحيى بن أبي طالب قال أنبأنا عبد الوهاب بن عطاء قال أنبأنا أبو محمد بن أسد الحماني عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري عن النبي أنه قال له أصحابه يا رسول الله أخبرنا عن ليلة أسري بك فيها قال قال الله عز وجل (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) قال فأخبرهم قال بينا أنا قائم عشاء في المسجد الحرام إذ أتاني آت فأيقظني فاستيقظت فلم أر شيئا ثم عدت في النوم ثم أيقظني فاستيقظت فلم أر شيئا ثم عدت في النوم ثم أيقظني فاستيقظت فلم أر شيئا فإذا أنا بكهيئة خيال فاتبعته ببصري حتى خرجت من المسجد فإذا أنا بدابة أدنى شبيهة بدوابكم هذه بغالكم هذه مضطرب الأذنين يقال له البراق وكانت الأنبياء صلوات الله عليهم تركبه قبلي يقع حافره مد بصره فركبته فبينما أنا أسير عليه إذ دعاني داع عن يميني يا محمد أنظرني
أسألك يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبه ولم أقم عليه فبينما أنا أسير عليه إذ دعاني داع عن يساري يا محمد أنظرني أسألك يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبه ولم أقم عليه وبينما أنا أسير عليه إذا أنا بامرأة حاسرة عن ذراعيها وعليها من كل زينة خلقها الله فقالت يا محمد أنظرني أسألك فلم التفت إليها ولم أقم عليها حيث أتيت بيت المقدس فأوثقت دابتي بالحلقة التي كانت الأنبياء توثقها به فأتاني جبريل عليه السلام بإناءين أحدهما خمر والآخر لبن
فشربت اللبن وتركت الخمر فقال جبريل أصبت الفطرة فقلت الله أكبر الله أكبر فقال جبريل ما رأيت في وجهك هذا قال فقلت بينما أنا أسير إذ دعاني داع عن يميني يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبه ولم أقم عليه قال ذاك داعي اليهود أما أنك لو أجبته أو وقفت عليه لتهورت أمتك قال وبينما أنا أسير إذ دعاني داع عن يساري فقال يا محمد أنظرني أسألك فلم ألتفت إليه ولم أقم عليه قال ذاك داعي النصارى إما إنك لو أجبته لتنصرت أمتعك فبينما أنا أسير إذا أنا بامرأة حاسرة عن ذراعيها عليها من كل زينة خلقها الله تقول يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبها ولم أقم عليها قال تلك الدنيا أما إنك لو أجبتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة
قال ثم دخلت أنا وجبريل عليه السلام بيت المقدس فصلى كل واحد منا ركعتين ثم أتيت بالمعراج الذي تعرج عليه أرواح بني آدم فلم ير الخلايق أحسن من المعراج ما رأيتم الميت حين يشق بصره طامحا إلى السماء فإنما يشق بصره طامحا إلى السماء عجب بالمعراج قال فصعدت أنا وجبريل فإذا أنا بملك يقال له إسماعيل وهو صاحب سماء الدنيا وبين يديه سبعون ألف ملك مع كل ملك جنده ماية ألف ملك قال وقال الله عز وجل (وما يعلم جنود ربك إلا هو) فاستفتح جبريل باب السماء قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال نعم فإذا أنا بآدم كهيئة يوم خلقه الله على صورته تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين فيقول روح طيبة ونفس طيبة اجعلوها على عليين ثم تعرض عليه أرواح ذريته الفجار فيقول روح خبيثة ونفس خبيثة اجعلوها في سجين ثم مضت هنية فإذا أنا بأخونة يعني الخوان المائدة التي يؤكل عليها لحم مشرح ليس يقربها أحد وإذا إنا بأخونة أخرى عليها لحم قد أروح ونتن عندها أناس يأكلون منها قلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء من أمتك يتركون الحلال ويأتون الحرام قال ثم مضت هنية فإذا أنا بأقوام بطونهم أمثال البيوت كلما نهض أحدهم خر يقول اللهم لا تقم الساعة قال وهم على سابلة آل فرعون قال فتجيء السابلة فتطأهم قال فسمعتهم يضجون إلى الله سبحانه قلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء من أمتك الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس قال ثم مضت هنية فإذا أنا بأقوام مشافرهم كمشافر الإبل قال فتفتح على أفواههم ويلقون ذلك الحجر ثم يخرج من أسافلهم فسمعتهم يضجون إلى الله عز وجل فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء من أمتك يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا قال ثم مضت هنيئة فإذا أنا بنساء يعلقن بثديهن فسمعتهن يصحن إلى الله عز وجل قلت يا جبريل
من هؤلاء النساء قال هؤلاء الزناة من أمتك قال ثم مضيت هنية فإذا أنا بأقوام تقطع من جنوبهم اللحم فيلقمون فيقال له كل كما كنت تأكل من لحم أخيك قلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الهمازون من أمتك اللمازون
ثم صعدنا إلى السماء الثانية فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله قد فضل عن الناس بالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب قلت يا جبريل من هذا قال هذا أخوك يوسف ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي
ثم صعدت إلى السماء الثالثة فإذا أنا بيحيى وعيسى معهما نفر من قومهما فسلمت عليهما وسلما علي
ثم صعدت إلى السماء الرابعة فإذا أنا بإدريس قد رفعه الله مكانا عليا فسلمت عليه وسلم علي
ثم صعدت إلى السماء الخامسة فإذا أنا بهارون ونصف لحيته بيضاء ونصفها سوداء تكاد لحيته تصيب سرته من طولها قلت يا جبريل من هذا قال هذا المحبب في قومه هذا هارون بن عمران ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي
ثم صعدت إلى السماء السادسة فإذا أنا بموسى بن عمران رجل آدم كثير الشعر لو كان عليه قميصان لنفد شعره دون القميص وإذا هو يقول يزعم الناس إني أكرم على الله من هذا بل هذا أكرم على الله مني قال قلت يا جبريل من هذا قال هذا أخوك موسى بن عمران قال ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي
ثم صعدت إلى السماء السابعة فإذا أنا بأبينا إبراهيم خليل الرحمن ساندا
ظهره إلى البيت المعمور كأحسن الرجال قلت يا جبريل من هذا قال هذا أبوك إبراهيم خليل الرحمن وهو نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي وإذا بأمتي شطرين شطر عليهم ثياب بيض كأنها القراطيس وشطر عليهم ثياب رمد
قال فدخلت البيت المعمور ودخل معي الذين عليهم الثياب البيض وحجب الآخرون الذين عليهم ثياب رمد وهم على حر فصليت أنا ومن معي في البيت المعمور ثم خرجت أنا ومن معي قال والبيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة قال ثم رفعت إلى السدرة المنتهى فإذا كل ورقة منها تكاد أن تغطي هذه الأمة وإذا فيها عين تجري يقال لها سلسبيل فينشق منها نهران أحدهما الكوثر والآخر يقال له نهر الرحمة فاغتسلت فيه فغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر
ثم إني دفعت إلى الجنة فاستقبلتني جارية فقلت لمن أنت يا جارية قالت لزيد بن حارثة وإذا أنا بأنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى وإذا رمانها كأنه الدلاء عظما وإذا أنا بطير كالبخاتي هذه فقال عندها وعلى جميع أنبيائه إن الله قد أعد لعباده الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قال ثم عرضته على النار فإذا فيها غضب الله ورجزه ونقمته لو
طرح فيها الحجارة والحديد لأكلتها ثم أغلقت دوني ثم إني دفعت إلى السدرة المنتهى فتغشى لي وكان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى قال ونزل على كل ورقة ملك من الملائكة قال وقال فرضت علي خمسون صلاة وقال لك بكل حسنة عشر إذا هممت بالحسنة فلم تعملها كتبت لك حسنة فإذا عملتها كتبت لك عشرا وإذا هممت بالسيئة فلم تعملها لم يكتب عليك شيء فإن عملتها كتبت عليك سيئة واحدة
ثم دفعت إلى موسى فقال بما أمرك ربك قلت بخمسين صلاة قال ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا يطيقون ذلك ومتى لا تطيقه تكفر فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي فإنها أضعف الأمم فوضع عني عشرا وجعلها أربعين فما زلت اختلف بين موسى وربي كلما أتيت عليه قال لي مثل مقالته حتى رجعت إليه فقال لي بم أمرت قلت أمرت بعشر صلوات قال ارجع إلى ربك فسله التخفيف عن أمتك فرجعت إلى ربي فقلت أي رب خفف عن أمتي فإنها أضعف الأمم فوضع عني خمسا وجعلها خمسا فناداني ملك عندها تمت فريضتي وخففت عن عبادي وأعطيتهم بكل حسنة عشر أمثالها ثم رجعت إلى موسى فقال بم أمرت قلت بخمس صلوات قال ارجع إلى ربك فسله التخفيف فإنه لا يؤوده شيء فسله التخفيف لأمتك فقلت رجعت إلى ربي حتى استحييته
ثم أصبح بمكة يخبرهم بالعجائب أني أتيت البارحة بيت المقدس وعرج بي إلى السماء ورأيت كذا ورأيت كذا فقال أبو جهل بن هشام ألا تعجبون مما يقول محمد يزعم أنه أتى البارحة بيت المقدس ثم أصبح فينا وأحدنا يضرب مطيته مصعدة شهرا ومنقلبة شهرا فهذا مسيرة شهرين في ليلة واحدة قال فأخبرهم بعير لقريش لما كان في مصعدي رأيتها في مكان كذا وكذا
وأنها نفرت فلما رجعت رأيتها عند العقبة وأخبرهم بكل رجل وبعيره كذا وكذا ومتاعه كذا وكذا فقال أبو جهل يخبرنا بأشياء فقال رجل من المشركين أنا اعلم الناس بيت المقدس وكيف بناؤه وكيف هيأته وكيف قربه من الجبل فإن يكون محمد صادقا فسأخبركم وإن يكن كاذبا فسأخبركم فجاءه ذلك المشرك فقال يا محمدا أنا أعلم الناس ببيت المقدس فاخبرني كيف بناؤه وكيف هيأته وكيف قربه من الجبل قال فرفع لرسول الله بيت المقدس من مقعده فنظر إليه كنظر أحدنا إلى بيته بناؤه كذا وكذا وهيأته كذا وكذا وقربه من الجبل كذا وكذا فقال الآخر صدقت فرجع إلى الصحابة فقال صدق محمد فيما قال أو نحوا من هذا الكلام
وأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال أنبأنا أبو يعقوب إسماعيل بن أبي كثير قاضي المدائن قال حدثنا قتيبة بن سعيد أبو رجاء حدثنا نوح بن قيس الحداني قال حدثنا أبو هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال قلنا يا رسول الله حدثنا ما رأيت ليلة أسرى بك قال رسول الله أتيت بدابة أشبه الدواب بالبغلة غير أنه صغار الأذنين يقال له البراق وهو الذي كانت تحمل عليه الأنبياء يضع حافره حيث يبلغ طرفه فحملت عليه من المسجد الحرام فتوجه إلى المسجد الأقصى قال وذكر حديث المعراج بطوله
قال وحدثنا قتيبة قال حدثنا هشيم عن أبي هارون عن أبي سعيد الخدري مثله أو نحوه
ورواه معمر عن أبي هارون ببعض معناه
أنبأنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني قال أنبأنا أبو أحمد عبدالله بن
عدي الحافظ قال حدثنا محمد بن الحسن السكري البالسي بالرملة قال حدثنا علي بن سهل قال حدثنا حجاج بن محمد قال حدثنا أبو جعفر الرازي وهو عيسى بن ماهان عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي هريرة أو غيره عن النبي
ح وفيما ذكر شيخنا أبو عبد الله الحافظ رحمه الله أن إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني أخبرهم قال حدثنا جدي قال حدثنا إبراهيم بن حمزة الزبيري قال حدثنا حاتم بن إسماعيل قال حدثني عيسى بن ماهان عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي هريرة عن النبي أنه قال في هذه الآية (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) قال أتى بفرس فحمل عليه
محمد رافع 52 13-03-2013, 11:57 AM قال كل خطوة منتهى أقصى بصره فسار وسار معه جبريل عليه السلام فأتى قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم كلما حصدوا عاد كما كان فقال يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء المهاجرون في سبيل الله يضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ثم أتى على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر كلما رضخت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شيئا فقال يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الذين تتثاقل رؤوسهم عن الصلاة قال ثم أتى على قوم على أقبالهم رقاع وعلى أدبارهم رقاع يسرحون كما تسرح الأنعام عن الضريع والزقوم ورضف جهنم وحجارتها قال ما هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين تتثاقل رؤسهم عن الصلاة قال ثم أتى على قوم على أقبالهم رقاع وعلى أدبارهم رقاع يسرحون كما تسرح الأنعام عن الضريع والزقوم ورضف جهنم وحجارتها قال ما هؤلاء يا جبريل قال ه ؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم وما ظلمهم الله وما الله بظلام للعبيد ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم في قدر نضج طيب ولحم آخر خبيث فجعلوا يأكلون من الخبيث ويدعون النضج الطيب فقال يا جبريل من هؤلاء قال هذا الذي يقوم وعنده امرأة حلالا طيبا فيأتي امرأة الخبيثة فتبيت معه حتى يصبح ثم أتى على خشبة على الطريق لا يمر بها شيء إلا قصعته يقول الله عز وجل (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون)
ثم مر على رجل قد جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها وهو يريد أن يزيد عليها قال يا جبريل ما هذا قال هذا رجل من أمتك عليه أمانة لا يستطيع أداءها وهو يزيد عليها
ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد كلما قرضت عادت كما كانت ولا يفتر عنهم من ذلك شيء قال يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء خطب الفتنة
ثم أتى على حجر صغير يخرج منه نور عظيم فجعل النور يريد أن يدخل من حيث خرج ولا يستطيع قال ما هذا يا جبريل قال هذا الرجل يتكلم بالكلمة فيندم عليها فيريد أن يردها ولا يستطيع
ثم أتى على واد فوجد ريحا باردة طيبة ووجد ريح المسك وسمع صوتا فقال يا جبريل ما هذه الريح الباردة الطيبة وريح المسك وما هذا الصوت قال هذا صوت الجنة تقول يا رب ائتني بأهلي وبما وعدتني فقد كثر عرفي وحريري وسندسي وإستبرقي وعبقري ولؤلؤي ومرجاني وفضتي وذهبي وأباريقي وفواكهي وعسلي وخمري ولبني فائتني بما وعدتني فقال لك كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة ومن آمن بي وبرسلي وعمل صالحا ولم يشرك بي شيئا ولم يتخذ من دوني أندادا ومن خشيني آمنته ومن سألني أعطيته ومن أقرضني جزيته ومن توكل علي كيفيته وأنا الله لا إله إلا أنا لا أخلف الميعاد (قد أفلح المؤمنون إلى تبارك الله أحسن الخالقين) قالت قد رضيت
ثم أتى على واد فسمع صوتا منكرا قال يا جبريل ما هذا الصوت قال هذا صوت جهنم يقول ائتني بأهلي وما وعدتني فقد كثر سلاسلي وأغلالي وسعيري وزقومي وحميمي وحجارتي وغساقي وغسليني وقد بعد قعري واشتد حري فأتني بما وعدتني فقال لك كل مشرك ومشركة وكافر وكافرة وكل خبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب قالت قد رضيت
قال ثم سار حتى أتى بيت المقدس فنزل فربط فرسه إلى صخرة ثم دخل فصلى مع الملائكة فلما قضيت قالوا يا جبريل من هذا معك قال محمد رسول الله وخاتم النبيين قالوا وقد أرسل إليه قال نعم قالوا حياه الله من أخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء قال ثم أتى أرواح الأنبياء فأثنوا على ربهم قال فقال إبراهيم عليه السلام الحمد لله الذي اتخذ إبراهيم خليلا وأعطاني ملكا عظيما وجعلني أمة قانتا لله يؤتم بي وأنقذني من النار وجعلها علي بردا وسلاما
قال ثم إن موسى أثنى على ربه فقال الحمد لله الذي كلمني تكليما واصطفاني برسالته وكلماته وقربني إليه نجيا وأنزل علي التوراة وجعل هلاك آلا فرعون على يدي ونجى بني إسرائيل على يدي
قال ثم إن داود أثنى على ربه فقال الحمد لله الذي خولني ملكا وأنزل علي الزبور وألان لي الحديد وسخر لي الطير والجبال وآتاني الحكمة وفصل الخطاب ثم إن سليمان أثنى على ربه قال الحمد لله الذي سخر لي الرياح والجن والإنس وسخر لي الشياطين يعملون ما شئت من محاريب وتماثيل إلى آخر الآية وعلمني منطق الطير وكل شيء وأسال لي عين القطر وأعطاني ملكا عظيما لا ينبغي لأحد من بعدي
ثم إن عيسى عليه السلام أثنى على ربه فقال الحمد لله الذي علمني التوراة والإنجيل وجعلني أبريء الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذنه ورفعني وطهرني من الذين كفروا وأعاذني وأمي من الشيطان الرجيم فلم يكن للشيطان عليها سبيل
ثم إن محمدا أثنى على ربه فقال كلكم قد أثنى على ربه وإني مثن على ربي فقال الحمد لله الذي أرسلني رحمة للعالمين وكافة للناس بشيرا ونذيرا وأنزل علي الفرقان فيه تبيان كل شيء وجعل أمتي خير أمة أخرجت
للناس وجعل أمتي أمة وسطا وجعل أمتي هم الأولون وهم الآخرون وشرح صدري ووضع عني وزري ورفع لي ذكري وجعلني فاتحا وخاتما
فقال إبراهيم بهذا فضلكم محمد
قال ثم أتى بآنية ثلاثة مغطاة أفواهها فأتى بإناء منها فيه ماء فقيل له اشرب فشرب منه يسيرا ثم رفع إليه إناء آخر فيه لبن فشرب منه حتى روي ثم رفع إليه إناء آخر فيه خمر فقال قد رويت لا أريده فقيل له قد أصبت أما إنها ستحرم على أمتك ولو شربت منها لم يتبعك من أمتك إلا قليلا قال ثم صعد به إلى السماء
فذكر الحديث بنحو مما رويناه في الأحاديث السابقة إلى أن قال ثم صعد إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل فقيل من هذا قال محمد قالوا وقد أرسل إليه قال نعم قالوا حياه الله من أخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء فدخل فإذا برجل أشمط جالس على كرسي عند باب الجنة وعنده قوم بيض الوجوه وقوم سود الوجوه وفي ألوانهم شيء فأتوا نهرا فاغتسلوا فيه فخرجوا منه وقد خلص من ألوانهم شيء ثم إنهم أتوا نهرا آخر فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شيء ثم دخلوا النهر الثالث فخرجوا وقد خلصت من ألوانهم مثل ألوان أصحابهم فجلسوا إلى أصحابهم فقال يا جبريل من هؤلاء بيض الوجه وهؤلاء الذين في ألوانهم شيء فدخلوا النهر فخرجوا وقد خلصت ألوانهم فقال هذا أبوك إبراهيم هو أول رجل شمط على وجه الأرض وهؤلاء بيض الوجوه قوم لم يلبسوا إيمانهم بظلم قال وأما هؤلاء الذين في ألوانهم شيء خلطوا
عملا صالحا وآخر سيئا فتابوا فتاب الله عليهم
فأما النهر الأول فرحمة الله وأما النهر الثاني فنعمة الله وأما النهر الثالث فسقاهم ربهم شرابا طهورا
ثم انتهى إلى السدرة المنتهى فقيل لي هذه السدرة إليها منتهى كل أحد من أمتك ويخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى
قال وهي شجرة يسير الراكب في أصلها عاما لا يقطعها وإن الورقة منها مغطية الخلق قال فغشيها نور الخالق وغشيها الملائكة
فكلمه ربه عند ذلك قال له سل قال إنك اتخذت إبراهيم خليلا وأعطيته ملكا عظيما وكلمت موسى تكليما وأعطيت داود ملكا عظيما وألنت له الحديد وسخرت له الجبال وأعطيت سليمان ملكا عظيما وسخرت له الجبال والجن والإنس وسخرت له الشياطين والرياح وأعطيته ملكا لا ينبغي لأحد من بعده وعلمت عيسى التوراة والإنجيل وجعلته يبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى بإذنك وأعذته وأمه من الشياطين فلم يكن له عليهما سبيل فقال له ربه قد اتخذتك خليلا قال وهو مكتوب في التوراة خليل الرحمن وأرسلتك إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا وشرحت لك صدرك ووضعت عنك وزرك ورفعت لك ذكرك فلا أذكر إلا ذكرت معي يعني بذلك الأذان وجعلت أمتك خير أمة أخرجت للناس وجعلت أمتك أمة وسطا وجعلت أمتك هم الأولون وهم الآخرون وجعلت من أمتك أقواما قلوبهم أناجيلهم وجعلت أمتك لا تجوز عليهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي
وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم مبعثا وآتيتك سبعا من المثاني لم أعطها نبيا قبلك وأعطيتك خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش لم أعطها نبيا قبلك وجعلتك فاتحا وخاتما
قال وقال النبي فضلني ربي أرسلني رحمة للعالمين وكافة للناس بشيرا ونذيرا وألقى في قلب عدوي الرعب من مسيرة شهر وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي وجعلت الأرض كلها لي مسجدا وطهورا وأعطيت فواتيح الكلام وخواتمه وجوامعه وعرضت علي أمتي فلم يخف علي التابع والمتبوع
ورأيتهم أتوا على قوم ينتعلون الشعر ورأيتهم أتوا على قوم عراض الوجوه صغار الأعين كأنما خرمت أعينهم بالمخيط فلم يخف علي ما هم لاقون من بعدي وأمرت بخمسين صلاة فرجعت إلى موسى
فذكر الحديث بمعنى ما روينا في الأسانيد الثابتة غير أنه قال في آخره قال فقيل له اصبر على خمس فإنهم يجزين عنك بخمس كل خمس بعشر أمثالها قال فكان موسى أشد عليهم حين مر به وخيرهم حين رجع إليه
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن أسباط بن نصر الهمداني عن إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي قال لما أسري برسول الله وأخبر قومه بالرفقة والعلامة في العير قالوا فمتى يجيء قال يوم الأربعاء فلما كان ذلك اليوم أشرفت قريش ينظرون وقد ولى النهار ولم يجيء فدعا النبي فزيد له في النهار ساعة وحبست عليه الشمس فلم ترد الشمس على أحد إلا على رسول الله يومئذ وعلى يوشع بن نون حين قاتل الجبارين يوم الجمعة فلما أدبرت الشمس خاف أن تغيب قبل أن يفرغ منهم ويدخل السبت فلا يحل له قتالهم فيه فدعا الله فرد عليه الشمس حتى فرغ من قتالهم
قلت وقد روي في المعراج أحاديث أخر
منها حديث أبي حذيفة إسحاق بن بشر عن ابن جريج عن مجاهد عن ابن عباس وجويبر عن الضحاك عن ابن عباس وإسحاق بن بشر متروك لا يفرح بما ينفرد به
ومنها حديث إسماعيل بن موسى القواريري عن عمر بن سعد المصري وذلك حديث راويه مجهول وإسناده منقطع وقد أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أنبأنا عبدان بن يزيد بن يعقوب الدقاق بهمدان قال حدثنا إبراهيم بن الحسين الهمداني قال حدثنا أبو محمد إسماعيل بن موسى الفزاري قال حدثنا عمر بن سعد البصري من بني نصر بن قعين قال حدثني عبد العزيز وليث بن أبي سليم وسليمان الأعمش وعطاء بن
السائب بعضهم يزيد في الحديث على بعض عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن عبد الله بن عباس ومحمد بن إسحاق بن يسار عمن حدثه عن ابن عباس وعن سليمان أو سلمة العقيلي عن عامر الشعبي عن عبدالله بن مسعود وجويبر عن الضحاك بن مزاحم قالوا كان رسول الله في بيت أم هانيء راقدا وقد صلى العشاء الآخرة
قال أبو عبد الله قال لنا هذا الشيخ وذكر الحديث فكتبت المتن من نسخة مسموعة منه فذكر حديثا طويلا يذكر فيه عدد الروح والملائكة وغير ذلك مما لا ينكر شيء منها في قدرة الله تعالى إن صحت الرواية وفيما ذكرنا قبل حديث أبي هارون العبدي في إثبات المسرى والمعراج لغاية وبالله التوفيق
أنبأنا الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن قال أنبأنا أبو نعيم أحمد بن محمد بن إبراهيم البزاز قال حدثنا أبو حامد بن بلال قال قال أبو الأزهر قال جابر بن أبي حكيم قال رأيت في النوم رسول الله فقلت يا رسول الله رجل من أمتك يقال له سفيان الثوري لا بأس به فقال النبي لا بأس به حدثنا عن أبي هارون عن أبي سعيد الخدري عنك ليلة أسري بك أنك قلت رأيت في السماء فحدثته بالحديث فقال لي نعم فقلت له يا رسول الله إن ناسا من أمتك يحدثون عنك في المسرى بعجائب فقال لي ذاك حديث القصاص
محمد رافع 52 13-03-2013, 11:59 AM كيف فرضت الصلاة في الابتداء
أنبأنا أبو عبد الله إسحاق بن محمد بن يوسف السوسي قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن عوف قال حدثنا أبو المغيرة قال حدثنا الأوزاعي قال سئل الزهري كيف كانت صلاة النبي بمكة قبل أن يهاجر إلى المدينة فقال أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت فرض الله الصلاة أول ما فرضها ركعتين ثم أتمها في الحضر وأقرت صلاة المسافر على الفريضة الأولى
هكذا رواه الأوزاعي ورواه معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت فرضت الصلاة على النبي بمكة ركعتين ركعتين فلما خرج إلى المدينة فرضت أربعا وأقرت صلاة السفر ركعتين
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو بكر بن عبد الله قال
أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا فياض بن زهير قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر فذكره ومن حديث معمر عن الزهري أخرجه البخاري في الصحيح وروي أيضا عن عامر الشعبي عن مسروق عن عائشة واستثنى في هذه الرواية عن الأربع المغرب والصبح
وذهب الحسن بن أبي الحسن البصري إلى أن الصلوات فرضت في الابتداء بأعدادهن وذلك فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن أن نبي الله لما جاء بهن إلى قومه يعني الصلوات خلى عنهم حتى إذا زالت الشمس عن بطن السماء نودي فيهم الصلاة جامعة ففزعوا لذلك واجتمعوا فصلى بهم رسول الله الظهر أربع ركعات لا يقرأ فيهن علانية رسول الله بين يدي الناس وجبريل بين يدي رسول الله يقتدي الناس برسول الله ويقتدي رسول الله بجبريل
ثم خلى عنهم حتى تصوبت الشمس وهي بيضاء نقية نودي بهم الصلاة جامعة فاجتمعوا لذلك فصلى بهم رسول الله العصر أربع ركعات دون صلاة الظهر رسول الله بين يدي الناس وجبريل عليه السلام بين يدي رسول الله يقتدي الناس برسول الله ورسول الله يقتدي بجبريل
ثم خلى عنهم حتى إذا غابت الشمس نودي فيهم الصلاة جامعة فاجتمعوا لذلك فصلى بهم رسول الله المغرب ثلاث ركعات يقرأ فيهن في كل ركعتين علانية وركعة لا يقرأ فيها علانية رسول الله بين يدي الناس وجبريل بين يدي رسول الله يقتدي الناس برسول الله ورسول الله
يقتدي بجبريل عليهما السلام
ثم خلى عنهم حتى إذا غاب الشفق وأبطأ العشاء فنودي فيهم الصلاة جامعة فاجتمعوا لذلك فصلى بهم رسول الله أربع ركعات يقرأ في ركعتين علانية ولا يقرأ في ركعتين يعني علانية يقتدي الناس بنبيهم ورسول الله يقتدي بجبريل عليه السلام
ثم بات الناس ولا يدرون أيزادون على ذلك أم لا حتى إذا طلع الفجر نودي فيهم الصلاة جامعة فاجتمعوا لذلك فصلى بهم رسول الله ركعتين يقرأ فيهما علانية ويطيل فيهما القراءة ورسول الله بين يدي الناس وجبريل عليه السلام بين يدي رسول الله يقتدي الناس بنبيهم ويقتدي رسول الله بجبريل
تزوج النبي بعائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه
وبسودة بنت زمعة بعد وفاة خديجة وقبل أن يهاجر إلى المدينة
وما أري في منامه من صورة عائشة رضي الله عنها وأنها امرأته
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل العطار ببغداد قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا الحجاج قال حدثنا حماد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت تزوجني رسول الله بعد متوفى خديجة قبل مخرجه من مكة وأنا ابنة سبع أو ست سنين فلما قدمنا المدينة جاءني نسوة وأنا ألعب في أرجوحة وأنا مجممة فهيأنني وصنعنني ثم أتين بي إلى رسول الله وأنا ابنة تسع سنين
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال حدثنا ابن أبي مريم حدثنا الفريابي حدثنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي تزوجها وهي ابنة ست وأدخلت عليه وهي ابنة
تسع ومكثت عنده تسعا
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن هشام بن عروة عن أبيه قال تزوج رسول الله عائشة بعد موت خديجة بثلاث سنين وعائشة يومئذ بنت ست سنين وبنى بها رسول الله وهي بنت تسع سنين ومات رسول الله وعائشة ابنة ثماني عشرة سنة
ورواه أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه قال توفيت خديجة قبل مخرج النبي إلى المدينة بثلاث سنين فلبث سنتين أو قريبا من ذلك ونكح عائشة وهي ابنة ست سنين ثم بنى بها وهي ابنة تسع سنين
ومن هذا الوجه أخرج البخاري في الصحيح هكذا مرسلا أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أحمد بن محمد النسوي قال حدثنا حماد ابن شاكر قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثني عبيد بن إسماعيل قال حدثنا أبو أسامة فذكره
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله قال أريتك
في المنام مرتين أرى رجلا يحملك في سرقة حرير فيقول هذه امرأتك فاكشف فأراك فأقول إن كان هذا من عند الله يمضه أخرجاه في الصحيح من أوجه عن هشام بن عروة
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب
ح وأنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن داود الرزاز ببغداد قال أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا عبد الله بن إدريس الأودي عن محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال قالت عائشة لما ماتت خديجة بنت خويلد جاءت خولة بنت حكيم إلى رسول الله فقالت يا رسول الله ألا تزوج قال ومن قالت إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا فقال ومن البكر ومن الثيب فقالت أما البكر فابنة أحب خلق الله إليك عائشة وأما الثيب فسودة بنت زمعة قد آمنت بك واتبعتك
قال فاذكريهما علي قالت فأتيت أم رومان فقلت يا أم رومان ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة قالت وذاك ماذا قالت قلت رسول الله يذكر عائشة قالت انتظري فإن أبا بكر آت قالت فجاء أبو بكر فذكرت ذلك له فقال أفتصلح له وهي ابنة أخيه فقال رسول الله أنا أخوه وهو أخي وابنته تصلح لي
قالت وقام أبو بكر فقالت لي أم رومان إن المطعم بن عدي قد كان ذكرها على ابنه والله ما أخلف وعدا قط يعني أبا بكر قالت فأتى أبا بكر
المطعم فقال ما تقول في أمر هذه الجارية قال فأقبل على امرأته فقال لها ما تقولين يا هذه قال فأقبلت على أبي بكر فقالت لعلنا إن أنكحنا هذا الفتى إليك تصيبه وتدخله في دينك الذي أنت عليه قالت فأقبل عليه أبو بكر فقال ماذا تقول أنت فقال إنها لتقول ما تسمع قالت فقام أبو بكر وليس في نفسه من الموعد شيء
قالت فقال لها أبو بكر قولي لرسول الله فليأت
قالت فجاء رسول الله فملكها
قالت خولة ثم انطلقت إلى سودة بنت زمعة وأبوها شيخ كبير قد جلس عن الموسم قالت فحييته بتحية أهل الجاهلية وقلت أنعم صباحا قال من أنت قالت قلت خولة بنت حكيم قالت فرحب بي وقال ما شاء الله أن يقول قالت قلت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يذكر سودة بنت زمعة قال كفؤ كريم ماذا تقول صاحبتك قالت قلت تحب ذاك قال قولي له فليأت قالت فجاء رسول الله فملكها قالت وقدم عبد بن زمعة فجعل يحثي على رأسه التراب وقال بعد أن أسلم لعمرك إني لسفيه يوم أحثي على رأسي التراب أن تزوج رسول الله سودة بنت زمعة
لفظ حديث أبي العباس
413
محمد رافع 52 13-03-2013, 10:18 PM عرض النبي نفسه على قبائل العرب وما لحقه من الأذى في تبليغه رسالة ربه عز وجل إلى أن أكرم الله به الأنصار من أهل المدينة وما ظهر من الآيات لله عز وجل في إكرامه نبيه بما وعده من إعزازه وإظهار دينه
أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري قال أخبرنا أبو بكر محمد ابن بكر بن عبد الرزاق قال حدثنا أبو داود السجستاني قال حدثنا محمد ابن كثير قال أخبرنا إسرائيل
ح وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو الحسين بن يعقوب قال أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا مصعب عن إسرائيل بن يونس عن عثمان بن المغيرة عن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال كان رسول الله يعرض نفسه على الناس بالموقف فيقول هل من رجل يحملني إلى قومه فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي زاد مصعب بن المقدام في روايته قال فأتاه رجل من همدان فقال أنا فقال وهل عند قومك منعة وسأله من أين هو فقال من همدان ثم إن الرجل الهمداني خشي أن يخفره قومه فأتى رسول الله فقال
آتيهم فأخبرهم ثم ألقاك من عام قابل قال نعم فانطلق وجاء وفد الأنصار في رجب
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن عتاب العبدي قال أخبرنا ا لقاسم بن عبد الله بن المغيرة الجوهري قال أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عتبة عن عمه موسى بن عقبة وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني قال حدثنا جدي قال حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال حدثنا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب وهذا لفظ حديث القطان قال كان رسول الله في تلك السنين يعرض نفسه على قبائل العرب في كل موسم ويكلم كل شريف قوم لا يسلهم مع ذلك إلا أن يروه ويمنعوه ويقول لا أكره أحدا منكم على شيء من رضي منكم بالذي أدعوه إليه فذلك ومن كره لم أكرهه إنما أريد أن تحرزوني مما يراد بي من ال*** حتى أبلغ رسالات ربي وحتى يقضي الله عز وجل لي ولمن صحبني بما شاء الله فلم يقبله أحد منهم ولم يأت أحد من تلك القبائل إلا قال قوم الرجل أعلم به أترون أن رجلا يصلحنا وقد أفسد قومه ولفظوه فكان ذلك مما ذخر الله عز وجل للأنصار وأكرمهم به
فلما توفي أبو طالب ارتد البلاء على رسول الله اشد ما كان فعمد لثقيف بالطائف رجاء أن يأووه فوجد ثلاثة نفر منهم سادة ثقيف يومئذ وهم أخوة عبد يا ليل بن عمرو وحبيب بن عمرو ومسعود بن عمرو فعرض عليهم نفسه وشكا إليهم البلاء وما انتهك منه قومه
فقال أحدهم أنا أمرق أستار الكعبة إن كان الله بعثك بشيء قط
وقال الآخر أعجز الله أن يرسل غيرك
وقال الآخر والله لا أكلمك بعد مجلسك هذا أبدا والله لئن كنت رسول الله لأنت أعظم شرفا وحقا من أن أكلمك ولئن كنت تكذب على الله لأنت أشر من أن أكلمك
وتهزأوا به وأفشوا في قومهم الذي راجعوه به وقعدوا له صفين على طريقه فلما مر رسول الله بين صفيهم جعلوا لا يرفع رجليه ولا يضعهما إلا رضخوهما بالحجارة وكانوا أعدوها حتى أدموا رجليه
فخلص منهم وهما يسيلان الدماء فعمد إلى حائط من حوائطهم واستظل في ظل حبلة منه وهو مكروب موجع تسيل رجلاه دما فإذا في الحائط عقبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة فلما رآهما كره مكانهما لما يعلم من عداوتهما الله ورسوله فلما رأياه أرسلا إليه غلاما لهما يدعى عداسا وهو
نصراني من أهل نينوى معه عنب فلما جاءه عداس قال له رسول الله من أي أرض أنت يا عداس قال له عداس أنا من أهل نينوى فقال له النبي من مدينة الرجل الصالح يونس بن متى فقال له عداس وما يدريك من يونس بن متى قال له رسول الله وكان لا يحقر أحدا أن يبلغه رسالة ربه أنا رسول الله والله تعالى أخبرني خبر يونس بن متى
فلما أخبره بما أوحى الله عز وجل من شأن يونس بن متى خر عداس ساجدا لرسول الله وجعل يقبل قدميه وهما يسيلان الدماء
فلما أبصر عقبة وشيبة ما يصنع غلامهما سكنا فلما أتاهما قالا ما شأنك سجدت لمحمد وقبلت قدميه ولم نرك فعلته بأحد منا قال هذا رجل صالح أخبرني بشيء عرفته من شأن رسول بعثه الله إلينا يدعى يونس ابن متى فضحكا به وقالا لا يفتنك عن نصرانيتك فإنه رجل خداع فرجع رسول الله إلى مكة
حدثنا الإمام أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان إملاء قال أخبرنا أبو العباس إسماعيل بن عبد الله الميكالي قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن موسى الأهوازي قال حدثنا عمرو بن سواد السرحي قال أنبأنا عبد الله بن
وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة حدثته أنها قالت لرسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد قال ما لقيت من قومك كان أشد منه يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا هو جبريل عليه السلام فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم ثم ناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد إن الله عز وجل قد سمع قول قومك وأنا ملك الجبال وقد بعثني إليك ربك لتأمرني بما شئت إن شئت نطبق عليهم الأخشبين فقال له رسول الله بل أرجو أن يخرج الله من أشرارهم أو قال من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئا
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن ابن وهب
ورواه مسلم عن عمرو بن سواد وغيره
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن
ابن إسحاق قال حدثنا الزهري قال أتى رسول الله كندة في منازلهم وفيهم سيد لهم يقال له مليح فدعاهم إلى الله عز وجل وعرض عليهم نفسه فأبوا أن يقبلوا منه نفاسة عليه ثم أتى حيا في كلب يقال لهم بنو عبد الله فقال لهم يا بني عبد الله إن الله قد أحسن اسم أبيكم فلم يقبلوا ما عرض عليهم
حديث سويد بن الصامت
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري عن أشياخ من قومه قالوا قدم سويد بن الصامت أخو بني عمرو بن عوف مكة حاجا أو معتمرا وكان سويد يسميه قومه فيهم الكامل لسنه وجلده وشعره قال فتصدى له رسول الله ودعاه إلى الله عز وجل وإلى الإسلام فقال سويد فلعل الذي معك مثل الذي معي فقال له رسول الله وما الذي معك فقال مجلة لقمان يعني حكمة لقمان فقال رسول الله اعرضها علي فعرضها عليه فقال إن هذا الكلام حسن والذي معي أفضل منه قرآن أنزله الله عز وجل علي هو هدى ونور فتلا عليه رسول الله القرآن ودعاه إلى الإسلام فلم يبعد منه وقال إن هذا لقول حسن ثم انصرف فقدم المدينة على قومه فلم يلبث أن ***ته الخزرج وكان رجال من قومه يقولون إنا لنرى أنه *** وهو مسلم وكان ***ه قبل بعاث
حديث إياس بن معاذ الأشهلي وحديث يوم بعاث
حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال حدثني الحصين بن عبد الرحمن بن سعد بن معاذ عن محمود بن لبيد أخي بني عبد الأشهل قال لما قدم أبو الحيسر أنس بن رافع مكة ومعه فتية من بني عبد الأشهل فيهم إياس بن معاذ يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج سمع بهم رسول الله فأتاهم فجلس إليهم فقال لهم هل لكم إلى خير مما جئتم له فقالوا وما ذاك قال أنا رسول الله بعثني إلى العباد أدعوهم إلى أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وأنزل علي الكتاب ثم ذكر لهم الإسلام وتلا عليهم القرآن فقال إياس بن معاذ وكان غلاما حدثا يا قوم هذا والله خير مما جئتم له
فأخذ أبو الحيسر أنس بن رافع حفنة من البطحاء فضرب بها وجه إياس وقال دعنا منك فلعمري لقد جئنا لغير هذا
فسكت وقام رسول الله عنهم وانصرفوا إلى المدينة وكانت وقعة بعاث بين الأوس والخزرج ثم لم يلبث إياس بن معاذ أن هلك
قال محمود بن لبيد فأخبرني من حضرني من قومي أنهم لم يزالوا يسمعونه يهلل الله ويكبره ويحمده ويسبحه حتى مات وكانوا لا يشكون أن قد مات مسلما قد كان استشعر من الإسلام في ذلك المجلس حين سمع من رسول الله ما سمع أنبأنا أبو عبد الله الحافظ قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا أبو أسامة قال أنبأنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كان يوم بعاث يوما قدمه الله تعالى لرسوله فقدم رسول الله المدينة وقد افترق ملأهم و***ت سرواتهم وجرحوا فقدمه الله لرسوله في دخولهم في الإسلام
رواه البخاري في الصحيح عن عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة
حديث أبان بن عبد الله البجلي في عرض رسول الله نفسه على قبائل العرب وقصة مفروق بن عمرو وأصحابه
حدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال أنبأنا أبو بكر محمد بن إسماعيل الفقيه الشاشي قال حدثنا الحسن بن صاحب بن حميد الشاشي قال حدثني عبد الجبار بن كثير الرقي قال حدثنا محمد ابن بشر اليماني عن أبان بن عبد الله البجلي عن أبان بن ثعلب بن عكرمة عن ابن عباس قال حدثني علي بن أبي طالب من فيه قال لما أمر الله تبارك وتعالى رسوله أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر رضي الله عنه فدفعنا إلى مجلس من مجالس العرب فتقدم أبو بكر رضي الله عنه وكان مقدما في كل خير وكان رجلا نسابة
فسلم وقال ممن القوم قالوا من ربيعة قال وأي ربيعة أنتم أمن هامها أي من لهازمها فقالوا من الهامة العظمى فقال أبو بكر رضي الله عنه وأي هامتها العظمى أنتم قالوا من ذهل الأكبر قال منكم عوف الذي يقال له لا حر بوادي عوف قالوا لا
قال فمنكم جساس بن مرة حامي الذمار ومانع الجار قالوا لا
قال فمنكم بسطام بن قيس أبو اللواء ومنتهى الأحياء قالوا لا
قال فمنكم الحوفزان قاتل الملوك وسالبها أنفسها قالوا لا
قال فمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة قالوا لا
قال فمنكم أخوال الملوك من كندة قالوا لا
قال فمنكم أصحاب الملوك من لخم قالوا لا قال أبو بكر فلستم من ذهل الأكبر أنتم من ذهل الأصغر قال فقام إليه غلام من بني شيبان يقال له دغفل حين تبين وجهه فقال
(إن على سائلنا أن نسله والعبو لا نعرفه أو نجهله)
يا هذا قد سألتنا فأخبرناك ولم نكتمك شيئا فممن الرجل قال أبو بكر أنا من قريش فقال الفتى بخ بخ أهل الشرف والرياسة فمن أي القرشيين أنت قال من ولد تيم بن مرة فقال الفتى أمكنت والله الرامي من سواء الثغرة أمنكم قصي الذي جمع القبائل من فهر فكان يدعى في قريش مجمعا قال لا قال فمنكم أظنه قال هشام الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف قال لا قال فمنكم شيبة الحمد عبد المطلب مطعم طير
السماء الذي كان وجهه القمر يضيء في الليلة الداجية الظلماء قال لا قال فمن أهل الإفاضة بالناس أنت قال لا قال فمن أهل الحجابة أنت قال لا قال فمن أهل السقاية أنت قال لا قال فمن أهل النداوة أنت قال لا قال فمن أهل الرفادة أنت قال فاجتذب أبو بكر رضي الله عنه زمام الناقة راجعا إلى رسول الله فقال الغلام
(صادف در السيل درا يدفعه يهضبه حينا وحينا يصدعه)
أما والله لو ثبت لأخبرتك من قريش قال فتبسم رسول الله قال علي فقلت يا أبا بكر لقد وقعت من الأعرابي على باقعة قال أجل أبا حسن ما من طامة إلا وفوقها طامة والبلاء موكل بالمنطق قال ثم دفعنا إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار فتقدم أبو بكر فسلم فقال ممن القوم قالوا من شيبان بن ثعلبة فالتفت أبو بكر رضي الله عنه إلى رسول الله فقال بأبي أنت وأمي هؤلاء غرر الناس وفيهم مفروق بن عمرو وهانيء بن قبيصة والمثنى بن حارثة والنعمان بن شريك وكان مفروق قد غلبهم جمالا ولسانا وكانت له غديرتان تسقطان على تريبته وكان أدنى القوم مجلسا فقال أبو بكر رضي الله عنه كيف العدد فيكم فقال مفروق أنا لنزيد على ألف ولن تغلب ألف من قلة فقال أبو بكر وكيف المنعمة فيكم فقال المفروق علينا الجهد ولكل قوم جهد فقال أبو بكر رضي الله عنه كيف الحرب بينكم وبين عدوكم فقال مفروق إنا لأشد ما نكون غضبا حين نلقى وإنا لأشد ما نكون لقاء حين نغضب وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد والسلاح على اللقاح والنصر من عند الله يديلنا مرة ويديل علينا أخرى لعلك أخا قريش فقال أبو بكر رضي الله عنه قد بلغكم أنه رسول الله ألا هوذا
فقال مفروق بلغنا أنه يذكر ذاك فإلى ما تدعو يا أخا قريش فتقدم رسول الله فجلس وقام أبو بكر رضي الله عنه يظله بثوبه فقال رسول الله أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وإلى أن تؤووني وتنصروني فإن قريشا قد ظاهرت على أمر الله وكذبت رسله واستغنت بالباطل عن الحق والله هو الغني الحميد
فقال مفروق بن عمرو وإلام تدعونا يا أخا قريش فوالله ما سمعت كلاما أحسن من هذا فتلا رسول الله (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم إلى فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون)
فقال مفروق وإلام تدعونا يا أخا قريش زاد فيه غيره فوالله ما هذا من كلام أهل الأرض ثم رجعنا إلى روايتنا قال فتلا رسول الله (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظم لعلكم تذكرون)
فقال مفروق بن عمرو دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك
وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة فقال وهذا هانئ شيخنا وصاحب ديننا فقال هانئ قد سمعت مقالتك يا أخا قريش إني أرى إن تركنا ديننا واتباعنا على دينك لمجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر أنه زلل في الرأي وقلة نظر في العاقبة وإنما تكون الزلة مع العجلة ومن ورائنا قوم نكره أن يعقد عليهم عقدا ولكن نرجع وترجع وننظر وتنظر
وكأنه أحب أن يشركه المثنى بن حارثة فقال وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا فقال المثنى بن حارثة سمعت مقالتك يا أخا قريش والجواب فيه جواب هانئ بن قبيصة في تركنا ديننا ومتابعتك على دينك وإنا إنما نزلنا بين صريين اليمامة والسمامة فقال رسول الله ما هذان الصريان فقال أنهار كسرى ومياه العرب فأما ما كان من أنهار كسرى فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول وأما ما كان مما يلي مياه العرب فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول وإنا إنما نزلنا على عهد أخذه علينا ان لا نحدث حدثا ولا نؤوي محدثا وإني أرى أن هذا الأمر الذي تدعونا إليه يا قرشي مما يكره الملوك فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا
فقال رسول الله ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق وإن دين الله لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه أرأيتم أن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ويفرشكم نساءهم أتسبحون الله وتقدسونه فقال النعمان بن شريك اللهم فلك ذلك قال فتلا رسول الله (إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا)
ثم نهض رسول الله قابضا على يدي أبي بكر وهو يقول يا أبا بكر أية أخلاق في الجاهلية ما أشرفها بها يدفع الله عز وجل بأس بعضهم عن بعض وبها يتحاجزون فيما بينهم
قال فدفعنا إلى مجلس الأوس والخزرج فما نهضنا حتى بايعوا رسول الله
قال فلقد رأيت رسول الله وقد سر بما كان من أبي بكر ومعرفته بأنسابهم
قال لنا أبو عبد الرحمن قال الشيخ أبو بكر قال الحسن بن صاحب كتب هذا الحديث عني أبو حاتم الرازي قلت وقد رواه أيضا محمد بن زكريا الغلابي وهو متروك عن شعيب بن واقد عن أبان بن عبد الله البجلي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد العماني حدثنا محمد بن زكريا الغلابي حدثنا شعيب بن واقد حدثنا أبان بن عبد الله البجلي فذكره بإسناده ومعناه وروى أيضا بإسناد آخر مجهول عن أبان بن تغلب
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أبو محمد جعفر بن عنبسة الكوفي قال حدثني محمد بن الحسين القرشي قال حدثنا أحمد بن أبي نصر السكوني عن أبان بن عثمان الأحمر عن أبان بن ثعلب عن عكرمة عن ابن عباس عن علي بن أبي طالب فذكره وقال خرج إلى منى وأنا معه
حديث سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وما سمع من الهاتف بمكة في نصرتهما رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثني أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ قال حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا أبو الأشعث قال حدثنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي قال حدثنا عبد الحميد بن أبي عيسى بن خير كذا قال وهو عبد الحميد بن أبي عبس بن محمد بن خير عن أبيه قال سمعت قريش قائلا يقول في الليل على أبي قبيس
(فإن يسلم السعدان يصبح محمد بمكة لا يخشى خلاف المخالف)
لما أصبحوا قالوا أبو سفيان من السعدان أسعد بن بكر أم سعد بن هذيم فلما كانت في الليلة الثانية سمعوه يقول
(أيا يا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف)
(أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا على الله في الفردوس منية عارف)
(فإن ثواب الله للطالب الهدى جنان من الفردوس ذات رفارف)
فلما صبحوا قال أبو سفيان هو والله سعد بن معاذ وسعد بن عبادة
محمد رافع 52 13-03-2013, 10:21 PM العقبة الأولى وما جاء في بيعة من حضر الموسم
من الأنصار رسول الله على الإسلام
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال أخبرنا أبو بكر بن عتاب قال حدثنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة قال حدثنا ابن أبي أويس قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عتبة عن عمه موسى بن عقبة
ح وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني قال حدثني جدي قال حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب الزهري في قصة خروج النبي إلى الطائف قال فرجع رسول الله إلى مكة فلما حضر الموسم حج نفر من الأنصار فيهم معاذ بن عفراء وأسعد بن زرارة ورافع بن مالك وذكوان وعبادة بن الصامت وأبو عبد الرحمن بن ثعلبة وأبو الهيثم بن التيهان وعويم بن ساعدة فأتاهم رسول الله فأخبرهم خبره والذي اصطفاه الله به
من كرامته ونبوته وقرأ عليهم القرآن فلما سمعوا قوله أيقنوا به واطمأنت قلوبهم إلى ما سمعوا منه وعرفوا ما كانوا يسمعون من أهل الكتاب من صفته فصدقوه واتبعوه وكانوا من أسباب الخير الذي سبب له
ثم قالوا قد علمت الذي بين الأوس والخزرج من الاختلاف وسفك الدماء ونحن حراص على ما أرشدك الله به مجتهدون لك بالنصيحة وإنا نشير عليك برأينا فامكث على رسلك باسم الله حتى نرجع إلى قومنا فنذكر لهم شأنك وندعوهم إلى الله ورسوله فلعل الله عز وجل أن يصلح ذات بينهم ويجمع لهم أمرهم فإنا اليوم متباغضون متباعدون وإنك إن تقدم علينا ولم نصطلح لا يكون لنا جماعة عليك ولكنا نواعدك الموسم من العام المقبل
فرضي بذلك رسول الله فرجعوا إلى قومهم فدعوهم سرا وأخبروهم برسول الله والذي بعثه الله به وتلوا عليهم القرآن حتى قل دار من دور الأنصار إلا قد اسلم فيها ناس ثم بعثوا إلى رسول الله معاذ بن عفراء ورافع بن مالك أن ابعث إلينا رجلا من قبلك يفقهنا ويدعو الناس بكتاب الله فإنه قمن أن يتبع
قال فبعث إليهم رسول الله مصعب بن عمير أخا بني عبد الدار ابن قصي فنزل في بني تيم على أسعد بن زرارة فجعل يدعو الناس سرا ويفشو الإسلام ويكثر أهله وهم مع ذلك شديد استخفاؤهم
ثم إن أسعد بن زرارة وهو أبو أمامة أقبل هو ومصعب بن عمير حتى أتيا بئر بني مرق فجلسا هنالك وبعثا إلى رهط من الأنصار فأتوهما مستخفين فبينما مصعب بن عمير يحدثهم ويقص عليهم القرآن أخبر بهم سعد بن معاذ ويقول بعض الناس بل أسيد بن حضير فأتاهم في لأمته معه الرمح حتى وقف عليهم فقال لأبي أمامة علام تأتينا في دورنا بهذا الوحيد الغريب الطريد
يسفه ضعفاءنا بالباطل ويدعوهم إليه لا أراك بعدها تسيء من جوارنا فقاموا ورجعوا
ثم إنهم عادوا مرة أخرى لبئر بني مرق أو قريبا منها فذكروا لسعد بن معاذ الثانية فجاءهم فتواعدهم وعيدا دون وعيده الأول فلما رأى اسعد بن زرارة منه لينا قال له يا ابن خالة استمع من قوله فإن سمعت منكرا فاردده بأهدى منه وإن سمعته حقا فأجب إليه
فقال ماذا تقول فقرأ عليه مصعب بن عمير (حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون)
فقال سعد بن معاذ ما أسمع إلا ما أعرف فرجع سعد بن معاذ وقد هداه الله ولم يظهر لهما إسلامه حتى رجع إلى قومه فدعا بني عبد الأشهل إلى الإسلام وأظهر لهم إسلامه وقال من شك منكم فيه فليأت بأهدى منه فوالله لقد جاء أمر لتحزن فيه الرقاب فأسلمت بنو عبد الأشهل عند إسلام سعد بن معاذ ودعائه إلا من لا يذكر فكانت أول دار من دور الأنصار أسلمت بأسرها
ثم إن بني النجار أخرجوا مصعب بن عمير واشتدوا على أسعد بن زرارة فانتقل مصعب بن عمير إلى سعد بن معاذ فلم يزل عنده يدعو آمنا ويهدي الله على يديه حتى قل دار من دور الأنصار إلا قد أسلم أشرافها
وأسلم عمرو بن الجموح وكسرت أصنامهم وكان المسلمون أعز أهل
المدينة ورجع مصعب إلى رسول الله وكان يدعى المقريء
وقال ابن شهاب وكان أول من جمع الجمعة بالمدينة للمسلمين قبل أن يقدمها رسول الله
هكذا ذكر موسى بن عقبة عن ابن شهاب قصة الأنصار في الخرجة الأولى
وذكرها ابن إسحاق عن شيوخه أتم من ذكره وزعم أنه لقي أولا نفرا منهم فيهم أسعد بن زرارة ثم انصرفوا حتى إذا كان العام المقبل أتى الموسم أثنا عشر رجلا من الأنصار فلقوه بالعقبة وهي العقبة الأولى فبايعوه فيهم أسعد بن زرارة وعبادة بن الصامت وبعث بعدهم أو معهم رسول الله مصعب بن عمير رضي الله عنه وعن جماعتهم ونحن نروي بإذن الله عز وجل القصة بتمامها
أخبرنا أبو عبدالله محمد بن عبد الله الحافظ رحمه الله قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق بن يسار قال فلما أراد الله عز وجل إظهار دينه وعزاز نبيه وإنجاز موعده له خرج رسول الله في الموسم الذي لقيه فيه النفر من الأنصار فعرض نفسه على قبائل العرب كما كان يصنع كل موسم فبينما هو عند العقبة لقي رهطا من الخزرج أراد الله بهم خيرا
قال ابن إسحاق حدثنا عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ من قومه
قالوا لما لقيهم رسول الله قال لهم ممن أنتم قالوا نفر من الخزرج
قال أمن موالي يهود قالوا نعم
قال أفلا تجلسون أكلمكم قالوا بلى
قال فجلسوا معه فدعاهم رسول الله إلى الله عز وجل وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن وكان مما صنع الله لهم في الإسلام أن يهود كانوا معهم ببلادهم وكانوا أهل كتاب وعلم وكانت الأوس والخزرج أهل شرك وأصحاب أوثان فكانوا إذا كان بينهم شيء قالت اليهود إن نبيا مبعوث الآن قد أظل زمانه نتبعه فن***كم معه *** عاد وإرم
فلما كلم رسول الله أولئك النفر ودعاهم إلى الله عز وجل قال بعضهم لبعض يا قوم اعلموا والله أن هذا النبي الذي توعدكم به يهود فلا تسبقنكم إليه فأجابوه لما دعاهم إلى الله عز وجل وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام وقالوا له إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم وعسى الله عز وجل أن يجمعهم الله بك وسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك
ثم انصرفوا عن رسول الله راجعين إلى بلادهم قد آمنوا وصدقوا وهم فيما يزعمون ستة نفر من الخزرج منهم من بني النجار أسعد بن زرارة وهو أبو أمامة وعوف بن مالك بن رفاعة ورافع بن مالك بن العجلان وقطبة بن
عامر بن حديدة وعقبة بن عامر بن زياد وجابر بن عبد الله وذكر أنسابهم إلا أني اختصرتها
قال فلما قدموا المدينة إلى قومهم ذكروا لهم رسول الله ودعوهم إلى الإسلام حتى فشا فيهم فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر من رسول الله
حتى إذا كان العام المقبل أتى الموسم اثنا عشر رجلا من الأنصار فلقوا رسول الله بالعقبة وهي العقبة الأولى فبايعوا رسول الله على بيعة النساء قبل أن تفترض الحرب منهم أسعد بن زرارة وعوف ومعاذ ابنا الحارث ورافع بن مالك وذكوان ابن عبد قيس وعبادة بن الصامت ويزيد بن ثعلبة وعباس بن عبادة بن نضلة وعقبة بن عامر وقطبة بن عامر وأبو الهيثم بن التيهان وعويم بن ساعدة حليفان لهم
وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ الإسفرائني قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي قال حدثنا نصر بن علي قال حدثنا وهب بن جرير بن حازم قال حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال حدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال حدثني رجل من قومه أنه بينما نفر منهم قد رموا الجمرة ثم انصرفوا عنها اعترضهم رسول الله فقال ممن أنتم قالوا من الخزرج فذكر الحديث بمعنى رواية يونس إلا أنه عد في الستة عوف بن عفراء ومعاذ بن عفراء بدل من عوف بن مالك وعقبة بن عامر
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال فحدثني يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن أبي عبدالله الصنابحي عن عبد الرحمن بن عسيلة قال حدثني عبادة ابن الصامت قال بايعنا رسول الله ليلة العقبة الأولى ونحن اثنا عشر رجلا أنا أحدهم فبايعناه بيعة النساء على ألا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا ن*** أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف وذلك قبل أن تفترض الحرب فإن وفيتم بذلك فلكم الجنة وإن غشيتم شيئا فأمركم إلى الله إن شاء غفر وإن شاء عذب
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا الحسن بن الربيع قال حدثنا ابن إدريس عن ابن إسحاق قال حدثني يزيد بن أبي حبيب قال حدثنا مرثد ابن عبد الله اليزني عن عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي عن عبادة بن الصامت قال كنا اثني عشر رجلا في العقبة الأولى فذكر الحديث بنحوه لم يقل وذلك قبل أن تفرض الحرب
وذكره جرير بن حازم عن ابن إسحاق
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا إبراهيم بن محمد الصيدلاني ومحمد بن نعيم ومحمد بن شاذان وأحمد بن سلمة قالوا حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا الليث عن يزيد هو ابن أبي حبيب عن أبي الخير وهو مرثد عن الصنابحي عن عبادة بن الصامت أنه قال إني من النقباء الذين بايعوا رسول الله وقال
بايعناه على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا ن*** النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا ننتهب ولا نعصى بالجنة إن فعلنا ذلك فإن غشينا من ذلك شيئا كان قضاء ذلك إلى الله عز وجل
رواه البخاري ومسلم في الصحيح عن قتيبة بن سعيد
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري قال أنبأنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا نصر بن علي قال حدثنا وهب قال حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال ثم انصرفوا وبعث رسول الله ومعهم مصعب بن عمير قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن رسول الله إنما بعثه بعدهم وإنما كتبوا إليه أن الإسلام قد فشا فينا فابعث إلينا رجلا من أصحابك يقرئنا القرآن ويفقهنا في الإسلام ويقيمنا لسنته وشرائعه ويؤمنا في صلاتنا فبعث مصعب بن عمير فكان ينزل مصعب بن عمير على أبي أمامة أسعد بن زرارة وكان مصعب يسمى بالمدينة المقرئ وكان أبو أمامة يذهب به إلى دور الأنصار يدعوهم إلى الإسلام ويفقه من أسلم منهم
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر وعبيد الله بن المغيرة
ابن معيقيب أن أسعد بن زرارة خرج بمصعب بن عمير حتى أتى به دار بني ظفر ودار بني عبد الأشهل فأتاهما من كان من أهل الدارين مسلما وسمع بهما سعد بن معاذ
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال حدثني يزيد بن أبي حبيب قال لما انصرف عن رسول الله القوم بعث رسول الله معهم مصعب بن عمير
قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن مصعب بن عمير كان يصلي بهم وذلك أن الأوس والخزرج كره بعضهم أن يؤمه بعض
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم وعبد الله بن المغيرة بن معيقيب قال بعث رسول الله مصعب بن عمير مع النفر الاثني عشر الذين بايعوه في العقبة الأولى إلى المدينة يفقه أهلها ويقرئهم القرآن قال وكان عبد الله بن أبي بكر يقول ما أدري ما العقبة الأولى
قال ابن إسحاق بلى لعمري لقد كانت عقبة وعقبة
قالا وكان منزله على أسعد بن زرارة وكان إنما يسمى بالمدينة المقرئ فخرج به يوما اسعد بن زرارة إلى دار بني عبد الأشهل فدخل به حائطا من حوائط بني ظفر وهي قرية لبني ظفر دون قرية بني عبد الأشهل وكانا ابني عم يقال لها بئرمرق فسمع بهما سعد بن معاذ وكان ابن خالته أسعد بن زرارة فقال لأسيد بن حضير إئت أسعد بن زرارة فازدجره عنا
فليكف عنا ما نكره فإنه قد بلغني أنه قد جاء بهذا الرجل الغريب معه يتسفه به سفهاؤنا وضعفاؤنا فإنه لولا ما بيني وبينه من القرابة كفيتك ذلك
فأخذ أسيد بن حضير الحربة ثم خرج حتى أتاهما فلما رآه أسعد بن زرارة قال لمصعب بن عمير هذا والله سيد قومه قد جاءك فابل الله فيه بلاء حسنا
قال إن يقعد أكلمه فوقف عليهما متشتما فقال يا أسعد مالنا ولك تأتينا بهذا الرجل الغريب يسفه به سفهاؤنا وضعفاؤنا فقال أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمرا قبلته وإن كرهته كف عنك ما تكره
فقال قد أنصفتم ثم ركز الحربة وجلس فكلمه مصعب بن عمير وعرض عليه الإسلام وتلا عليه القرآن فوالله لعرفنا الإسلام في وجهه قبل أن يتكلم لتسهله ثم قال ما أحسن هذا وأجمله وكيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الدين قالا تغتسل وتطهر ثيابك وتشهد شهادة الحق وتصلي ركعتين ففعل
ثم قال لهما إن ورائي رجلا من قومي إن تابعكما لم يخالفكما أحد بعده
ثم خرج حتى أتى سعد بن معاذ فلما رآه سعد بن معاذ مقبلا قال أحلف بالله لقد رجع عليكم أسيد بن حضير بغير الوجه الذي ذهب به ماذا صنعت قال قد ازدجرتهما وقد بلغني أن بني حارثة يريدون أسعد بن زرارة لي***وه ليخفروك فيه لأنه ابن خالتك فقام إليه سعد مغضبا فأخذ الحربة من يده قال والله ما أراك أغنيت شيئا ثم خرج فلما نظر إليه أسعد بن زرارة قد طلع عليهما قال لمصعب هذا والله سيد من وراءه من قومه إن هو تابعك لم يخالفك أحد من قومه فاصدق الله فيه فقال مصعب بن عمير إن يسمع مني أكلمه
فلما وقف عليهما قال يا أسعد ما دعاك إلى أن تغشاني بما أكره وهو متشتم أما والله لولا ما بيني وبينك من القرابة ما طمعت في هذا مني فقال له أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمرا قبلته وإن كرهته أعفيت مما تكره
قال انصفتماني ثم ركز الحربة وجلس فكلمه مصعب وعرض عليه الإسلام وتلا عليه القرآن فوالله لعرفنا فيه الإسلام قبل أن يتكلم لتسهل وجهه
ثم قال ما أحسن هذا وكيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الدين فقالا له تغتسل وتطهر ثيابك وتشهد شهادة الحق وتركع ركعتين فقام ففعل ثم أخذ الحربة وانصرف عنهما إلى قومه
فلما رآه رجال بني عبد الأشهل قالوا نقسم بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم فلما وقف عليهم قال يا بني عبد الأشهل أي رجل تعلموني فيكم قالوا نعلمك والله خيرنا وأفضلنا فينا رأيا قال فإن كلام نسائكم ورجالكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله وحده وتصدقوا بمحمد فوالله ما أمسى في ذلك اليوم في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلما
ثم انصرف مصعب بن عمير إلى منزل أسعد بن زرارة
كذا قال يونس في روايته فأقام عنده يدعو الناس إلى الإسلام حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون إلا ما كان من دار بني أمية ابن زيد وخطمة ووائل وواقف ثم أن مصعب بن عمير رجع إلى مكة
وروينا عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب الزهري أن مصعب بن عمير كان أول من جمع الجمعة بالمدينة للمسلمين قبل أن يقدمها رسول الله
وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس عن ابن إسحاق قال حدثني محمد بن أبي أمامة بن سهل عن أبيه قال حدثني عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال كنت قائد أبي حين كف بصره فإذا خرجت به إلى الجمعة فسمع الأذان بها استغفر لأبي أمامة أسعد بن زرارة فمكثت حينا أسمع ذلك منه فذكرت ذلك له فقال أي بني كان أسعد أول من جمع بنا بالمدينة قبل مقدم النبي في هزم من حرة بني بياضة في نقيع الخضمات قلت وكم أنتم يومئذ قال أربعون رجلا
قلت ويحتمل أن لا يخالف هذا قول ابن شهاب وكأن مصعب جمع بهم بمعونة أسعد بن زرارة فأضافه كعب إليه والله أعلم
محمد رافع 52 13-03-2013, 10:26 PM العقبة الثانية وما جاء في بيعة من حضر الموسم من الأنصار
رسول الله على الإسلام وعلى أن يمنعوه مما يمنعون منه
أنفسهم وأموالهم
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ الاسفرايني بها قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا داود العطار قال حدثنا ابن خثيم عن ابن الزبير محمد بن مسلم أنه حدثه جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله لبث عشر سنين يتبع الحاج في منازلهم في المواسم مجنة وعكاط ومنازلهم بمنى من يؤويني وينصرني حتى أبلغ رسالات ربي وله الجنة فلا يجد أحدا يؤويه ولا ينصره حتى أن الرجل يرحل صاحبه من مصر أو اليمن فيأتيه قومه أو ذوو رحمه فيقولون احذر فتى قريش لا يفتنك يمشي بين رحالهم يدعوهم إلى الله عز وجل يشيرون إليه بأصابعهم حتى بعثنا الله عز وجل له من يثرب فيأتيه الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه حتى لم يبق دار من يثرب إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام
ثم بعثنا الله عز وجل وائتمرنا واجتمعنا سبعين رجلا منا فقلنا حتى متى نذر رسول الله يطوف في جبال مكة ويخاف فرحلنا حتى قدمنا عليه في الموسم فواعدنا شعب العقبة فاجتمعنا فيه من رجل ورجلين حتى توافينا عنده فقلنا يا رسول الله على ما نبايعك فقال بايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل وعلى النفقة في العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى أن تقولوا في الله لا تأخذكم فيه لومة لائم وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم يثرب تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة
فقمنا نبايعه وأخذ بيده أسعد بن زرارة وهو أصغر السبعين رجلا إلا أنا فقال رويدا يا أهل يثرب إنا لم نضرب إليه أكبار المطي إلا ونحن نعلم أنه رسول الله إن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة و*** خياركم وإن تعضكم السيوف فإما أنتم قوم تصبرون على عض السيوف إذا مستكم وعلى *** خياركم وعلى مفارقة العرب كافة فخذوه وأجركم على الله وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه فهو أعذر لكم عند الله عز وجل فقلنا أمط يدك يا أسعد بن زرارة فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقبلها فقمنا إليه نبايعه رجلا رجلا يأخذ علينا شرطه ويعطينا على ذلك الجنة
وحدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء قال حدثني محمد بن إسماعيل المقرئ قال حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني قال حدثنا يحيى بن سليمان عن ابن خثيم عن
أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الأنصاري فذكر الحديث بمعناه إلا أنه زاد في وسط الحديث قال فقال له عمه العباس يا ابن أخي لا أدري ما هؤلاء القوم الذين جاؤوك إني ذو معرفة بأهل يثرب فاجتمعنا عنده من رجل ورجلين فلما نظر العباس في وجوهنا قال هؤلاء قوم لا أعرفهم هؤلاء أحداث فقلنا يا رسول الله علام نبايعك فذكره
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال فحدثني معبد بن كعب بن مالك بن القين أخو بني سلمة عن أخيه عبد الله عن أبيه كعب بن مالك قال خرجنا في الحجة التي بايعنا فيها رسول الله بالعقبة مع مشركي قومنا ومعنا البراء ابن معرور كبيرنا وسيدنا حتى إذا كنا بظاهر البيداء قال يا هؤلاء تعلمن أني قد رأيت رأيا والله ما أدري توافقون عليه أم لا فقلنا وما هو يا أبا بشر قال إني قد أردت أن أصلي إلى هذه البنية ولا أجعلها مني بظهر فقلنا لا والله لا تفعل والله ما بلغنا أن نبينا يصلي إلا إلى الشام قال فإني والله لمصل إليها فكان إذا حضرت الصلاة توجه إلى الكعبة وتوجهنا إلى الشام
حتى قدمنا مكة فقال لي البراء يا ابن أخي انطلق بنا إلى رسول الله حتى أسأله عما صنعت في سفري هذا فلقد وجدت في نفسي منه
بخلافكم إياي قال فخرجنا نسأل عن رسول الله فلقينا رجلا بالأبطح فقلنا هل تدلنا على محمد بن عبد الله بن عبد المطلب فقال وهل تعرفانه إن رأيتماه فقلنا لا والله ما نعرفه ولم نكن رأينا رسول الله فقال فهل تعرفان العباس بن عبد المطلب فقلنا نعم وقد كنا نعرفه كان يختلف إلينا بالتجارة فقال فإذا دخلتما المسجد فانظرا العباس فهو الرجل الذي معه
قال فدخلنا المسجد فإذا رسول الله والعباس ناحية المسجد جالسين قال فسلمنا ثم جلسنا فقال رسول الله للعباس هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل قال نعم هذا البراء بن معرور سيد قومه وهذا كعب بن مالك فوالله ما أنسى قول رسول الله الشاعر قال نعم فقال له البراء يا رسول الله إني قد كنت رأيت في سفري هذا رأيا وقد أحببت أن أسألك عنه لتخبرني عما صنعت فيه قال وما ذاك قال رأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر فصليت إليها فقال له رسول الله قد كنت على قبلة لو صبرت عليها فرجع إلى قبلة رسول الله وأهله يقولون قد مات عليها ونحن أعلم به قد رجع إلى قبلة رسول الله وصلى معنا إلى الشام
ثم قد واعدنا رسول الله العقبة أوسط أيام التشريق ونحن سبعون رجلا للبيعة ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر وإنه لعلى شركه فأخذناه فقلنا يا أبا جابر والله إنا لنرغب بك أن تموت على ما أنت عليه فتكون لهذه النار غدا حطبا وإن الله قد بعث رسولا يأمر بتوحيده وعبادته وقد أسلم رجال من قومك وقد واعدنا رسول الله للبيعة فأسلم وطهر ثيابه وحضرها معنا فكان نقيبا
فلما كانت الليلة التي واعدنا فيها رسول الله بمنى أول الليل مع قومنا فلما استثقل الناس في النوم تسللنا من قريش تسلل القطا حتى إذا اجتمعنا بالعقبة فأتانا رسول الله وعمه العباس ليس معه غيره أحب أن يحضر أمر ابن أخيه فكان أول متكلم فقال يا معشر الخزرج وإنما كانت العرب تسمي هذا الحي من الأنصار أوسها وخزرجها إن محمدا منا حيث قد علمتم وهو في منعة من قومه وبلاده قد منعناه ممن هو على مثل رأينا فيه وقد أبى إلا الانقطاع إليكم وإلى ما دعوتموه إليه فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه فأنتم وما تحملتم وإن كنتم تخشون من أنفسكم خذلانا فاتركوه في قومه فإنه في منعة من عشيرته وقومه
فقلنا قد سمعنا ما قلت تكلم يا رسول الله فتكلم رسول الله ودعا إلى الله عز وجل وتلا القرآن ورغب في الإسلام فأجبناه بالإيمان به
والتصديق له وقلنا له يا رسول الله خذ لربك ولنفسك فقال إني أبايعكم على أن تمنعوني مما منعتم منه أبناءكم ونسائكم
فأجابه البراء بن معرور فقال نعم والذي بعثك بالحق مما تمنع منه أزرنا فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أهل الحرب وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر
فعرض في الحديث أبو الهيثم بن التيهان فقال يا رسول الله أن بيننا وبين أقوام حبالا وإنا قاطعوها فهل عسيت إن الله أظهرك أن ترجع إلى قومك وتدعنا فقال رسول الله بل الدم الدم والهدم الهدم أنا منكم وأنتم مني أسالم من سالمتم وأحارب من حاربتم
فقال له البراء بن معرور ابسط يدك يا رسول الله نبايعك فقال رسول الله أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا فأخرجوهم له
فكان نقيب بني النجار أسعد بن زرارة
وكان نقيب بني سلمة البراء بن معرور وعبد الله بن عمرو بن حرام
وكان نقيب بن ساعدة سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو
وكان نقيب بني زريق رافع بن مالك بن العجلان
وكان نقيب بني الحارث بن الخزرج عبد الله بن رواحة وسعد بن الربيع
وكان نقيب القوافل بني عوف بن الخزرج عبادة بن الصامت وفي الأوس من بني عبد الأشهل أسيد بن حضير وأبو الهيثم بن التيهان
وكان نقيب بني عمرو بن عوف سعد بن خيثمة فكانوا اثني عشر نقيبا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس
قال فأخذ البراء بن معرور بيد رسول الله فضرب عليها وكان أول من بايع وتتابع الناس فبايعوا فصرخ الشيطان على العقبة بأبعد والله صوت ما سمعته قط فقال يا أهل الجباجب هلا لكم في مذمم ما يقول محمد والصباء معه قد اجتمعوا على حربكم فقال رسول الله هذا أزب العقبة هذا ابن أزيب أما والله لأفرغن لك ارفضوا إلى رحالكم
فقال العباس بن عبادة بن نضلة أخو بني سالم يا رسول الله والذي بعثك بالحق إن شئت لنميلن غدا على أهل منى بأسيافنا فقال رسول الله إنا لم نؤمر بذلك ارفضوا إلى رحالكم فرجعنا إلى رحالنا فاضطجعنا عل فرشنا
فلما أصبحنا أقبلت جلة من قريش فيهم الحارث بن هشام فتى شاب وعليه نعلان جديدان حتى جاءونا في رحالنا فقالوا يا معشر الخزرج إنه قد بلغنا أنكم جئتم إلى صاحبنا لتستخرجوه من بين أظهرنا وإنه والله ما من العرب أحد أبغض إلينا أن ينشب الحرب فيما بيننا وبينهم منكم فانبعث من هناك من قومنا من المشركين يحلفون لهم بالله ما كان من هذا شيء وما فعلناه وأنا أنظر إلى أبي جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام وهو صامت وأنا صامت فلما تثور القوم لينطلقوا قلت كلمة كأني أشركهم في الكلام يا أبا جابر أنت سيد من سادتنا وكهل من كهولنا لا تستطيع أن تتخذ مثل نعلي هذا الفتى من قريش فسمعه الفتى فخلع نعليه فرمى بهما إلي وقال والله لتلبسنهما فقال أبو جابر مهلا أحفظت لعمر الله الرجل يقول أخجلته اردد عليه نعليه فقلت والله لا أردهما فأل صالح والله إني لأرجو أن اسلبنه
قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال ثم انصرفوا عنهم وأتوا عبد الله بن أبي فسألوه وكلموه فقال إن هذا الأمر جسيم وما كان قومي لتفوتوا علي بمثله فانصرفوا عنه
وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد
ابن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا نصر بن علي قال حدثنا وهب جرير بن حازم قال حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق فذكر هذه القصة بإسناد يونس بن بكير عن ابن إسحاق ومعناه
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال حدثني عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر بن حزم أن العباس بن عبادة بن نضلة أخا بني سالم قال يا معشر الخزرج هل تدرون على ما تبايعون رسول الله إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود فإن كنتم ترون أنها إذا نهكت أموالكم مصيبة وأشرافكم ***ا أسلمتموه فمن الآن فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة وإن كنتم ترون أنكم مستضلعون له وافون له بما عاهدتموه عليه على مصيبة الأموال و*** الأشراف فهو والله خير الدنيا والآخرة
قال عاصم فوالله ما قال العباس هذه المقالة إلا ليشتد لرسول الله بها العقد
وقال عبد الله بن أبي بكر ما قالها إلا ليؤخر بها أمر القوم تلك الليلة ليشهد عبد الله بن أبي أمرهم فيكون أقوى لهم
أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد قال أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال حدثنا حنبل بن إسحاق قال حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال حدثنا زكريا بن أبي زائدة عن عامر قال انطلق النبي معه العباس عمه إلى السبعين من الأنصار عند العقبة تحت الشجرة قال ليتكلم متكلمكم ولا يطيل الخطبة فإن عليكم من المشركين عينا وإن يعلموا بكم يفضحوكم فقال قائلهم وهو أبو أمامة سل يا محمد لربك ما شئت ثم سل لنفسك بعد ذلك ما
شئت ثم أخبرنا ما لنا من الثواب على الله وعليكم إذا فعلنا ذلك قال أسلكم لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا واسلكم لنفسي ولأصحابي أن تؤوونا وتنصرونا وتمنعونا مما منعتم منه أنفسكم قالوا فمالنا إذا فعلنا ذلك قال لكم الجنة قالوا فلك ذلك
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي قال أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن يعقوب قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال أخبرنا جعفر بن عون قال أخبرنا زكريا بن أبي زائدة عن عامر قال انطلق رسول الله ومعه العباس وكان ذا رأي إلى السبعين من الأنصار ليلا على العقبة تحت الشجرة فذكر الحديث بنحوه وزاد قال فسمعت الشعبي يقول فما سمع الشيب ولا الشبان خطبة أقصر ولا أبلغ منها
وأخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال حدثنا حنبل بن إسحاق قال حدثنا أبو عبد الله يعني أحمد بن حنبل قال حدثنا يحيى بن زكريا قال حدثني مجالد عن عامر عن أبي مسعود الأنصاري بنحوه قال وكان أبو مسعود أصغرهم سنا
وأخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال حدثنا حنبل بن إسحاق قال حدثني أبو عبد الله قال حدثنا يحيى قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال سمعت الشعبي يقول ما سمع الشيب والشبان خطبة مثلها
أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الفقيه قال أخبرنا محمد بن إبراهيم بن الفضل الفحام قال حدثنا محمد بن يحيى الذهلي قال حدثنا عمرو بن عثمان الرقي قال حدثنا زهير قال حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عبيد بن رفاعة قال قدمت روايا
خمر فأتاها عبادة بن الصامت فحرقها وقال أنا بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في النشاط والكسل والنفقة في العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى أن نقول في الله لا تأخذنا فيه لومة لائم وعلى أن ننصر رسول الله إذا قدم علينا يثرب بما نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأبناءنا ولنا الجنة فهذه بيعة رسول الله بايعناه عليها
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس عن ابن إسحاق قال حدثني عبادة بن الوليد عن عبادة بن الصامت عن أبيه عن جده عبادة بن الصامت قال بايعنا رسول الله بيعة الحرب على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا ومنشطنا ومكرهنا وأثرة علينا يقول وإن استؤثر عليكم وقومي يلومونني على هذا الحرف فقلت والله لأحدثنك ما سمعت أبي يحدثني ولا تنازعن الأمر أهله وأن تقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم
قال ابن إسحاق حدثني عبدالله بن أبي بكر بن حزم أن رسول الله قال لأسعد بن زرارة أنت على قومك بما فيهم وأنا على باقي قومي كفالة ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم عليه السلام
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا الحسن بن الربيع قال حدثنا ابن إدريس عن إسحاق قال وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم أن رسول الله قال لهم ابعثوا لي منكم اثني عشر نقيبا كفلاء على قومهم فيما كان منهم ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم عليه السلام فقال أسعد بن زرارة أحد
بني النجار نعم يا رسول الله فقال رسول الله وأنت نقيب على قومك فبايعوا رسول الله وأخذ منهم أثني عشر نقيبا ثم سماهم كما مضى في روايته عن معبد بن كعب بن مالك وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني يونس بن عبد الأعلى قال أخبرنا ابن وهب قال حدثنا مالك قال كان أسيد بن حضير أحد النقباء وكانت الأنصار منهم اثنا عشر نقيبا وكانوا سبعين رجلا
قال مالك فحدثني شيخ من الأنصار أن جبريل عليه السلام كان يشير له إلى من يجعله نقيبا قال مالك كنت أعجب كيف جاء من كل قبيلة رجلان ومن قبيلة رجل حتى حدثني هذا الشيخ أن جبريل عليه السلام كان يشير إليهم يوم البيعة يوم العقبة قال لي مالك عدة النقباء اثنا عشر رجلا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا أبو بكر بن عتاب
قال حدثنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة الجوهري قال حدثنا ابن أبي أوس قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة
ح وأخبرنا أبو الحسين قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن المنذر عن ابن فليح عن يونس عن ابن شهاب قال وحدثنا يعقوب قال وذكر حسان بن عبدالله عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة وهذا لفظ حديثه عن ابن عتاب قال ثم حج العام المقبل من الأنصار سبعون رجلا منهم أربعون رجلا من ذوي أسنانهم وثلاثون من شبابهم أصغرهم عقبة بن عمرو بن ثعلبة وهو أبو مسعود وجابر بن عبد الله فلقوه بالعقبة ومع رسول الله العباس بن عبد المطلب فلما أخبرهم رسول الله بالذي خصه الله عز وجل به من النبوة والكرامة ودعاهم إلى الإسلام وإلى أن يبايعوه على أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم وأموالهم أجابوا الله ورسوله وصدقوه وقالوا اشترط علينا لربك عز وجل ولنفسك ما شئت فقال رسول الله اشترط لربي أن لا تشركوا به شيئا واشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون من أنفسكم وأموالكم فلما اطمأنت بذلك أنفسهم من الشرط أخذ عليهم العباس بن عبد المطلب المواثيق لرسول الله بالوفاء وعظم العباس الذي بينهم وبين رسول الله وذكر أن أم عبد المطلب سلمى بنت عمرو بن زيد بن عدي بن النجار وذكر الحديث في مبايعة أبي الهيثم بن التيهان له أولا وما قال وما أجابه رسول الله بمعنى ما مضى في رواية ابن إسحاق ثم ذكر أسماء الذين بايعوه رضي الله عنهم قال عروة فجميع من شهد العقبة من الأوس والخزرج سبعون رجلا وامرأة
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال فجميع من شهد العقبة من الأوس والخزرج وأفناء القبائل سبعون رجلا وامرأتان من بني الخزرج إحداهما أم عمارة وزوجها وابناها فجميع أصحاب العقبة مع المرأتين خمسة وسبعون نفسا
وسماهم ابن إسحاق وذكرهم ههنا مما يطول به الكتاب
قال ابن إسحاق فلما تفرق الناس عن بيعة رسول الله ليلة العقبة وكان الغد فتشت قريش عن الخبر والبيعة فوجدوه حقا فانطلقوا في طلب القوم فأدركوا سعد بن عبادة وأفلتهم منذر بن عمرو فشدوا يدي سعد إلى عنقه بنسعة وكان ذا شعر كثير فطفقوا يجبذونه بجمته ويصكونه ويلكزونه إلى أن جاء مطعم بن عدي والحارث بن أمية وكان سعد يجيرهما إذا قدما المدينة حتى أطلقاه من أيديهم وخليا سبيله
وبهذا الإسناد عن ابن إسحاق قال حدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال كانت حواء بنت زيد بن السكن عند قيس بن عبيد الخطيب كذا قال وإنما هو ابن الخطيم بالمدينة وكانت أمها عقرب بنت معاذ أخت سعد بن معاذ فأسلمت حواء فحسن إسلامها وكان زوجها قيس على كفره فكان يدخل عليها وهي تصلي فيؤذيها وكان لا يخفي على رسول الله بمكة أمر يكون بالمدينة إلا بلغه وأخبره به
قال قيس فقدمت مكة في رهط من مشركي قومي حجاجا فبينا نحن إذ جاء رجل يسأل عني فدل علي فأتاني فقال أنت قيس قلت نعم قال زوج حواء قلت نعم قال فمالك تعبث بامرأتك وتؤذيها على دينها فقلت إني لا أفعل قال فلا تفعل ذلك بها دعها لي قلت نعم فلما قدم قيس المدينة ذكر ذلك لامرأته وقال فشأنك بدينك فوالله ما رأيته إلا حسن الوجه حسن الهيئة
وبهذا الإسناد عن ابن إسحاق قال كان معاذ بن عمرو بن الجموح قد شهد العقبة وبايع رسول الله بها وكان عمرو سيدا من سادات بني سلمة وكان قد اتخذ في داره صنما من خشب يقال له منافة فلما أسلم فتيان بني سلمة معاذ بن جبل وابنه معاذ بن عمرو وغيرهما كانوا يدخلون بالليل على صنم عمرو فيحملونه فيطرحونه في بعض حفر بني سلمة وفيها عذر الناس منكسا على رأسه فإذا أصبح عمرو قال ويلكم من عدا على إلهنا في هذه الليلة ثم يغدو يلتمسه حتى إذا وجده غسله وطهره وطيبه ثم قال أما والله لو أعلم من يصنع هذا بك لأحرقه فإذا أمسى وقام عمرو عدوا عليه ففعلوا به مثل ذلك وفعل مرات فلما ألحوا عليه استخرجه من حيث ألقوه فغسله وطهره وطيبه ثم جاء بسيفه فعلقه عليه ثم قال إني والله ما أعلم من يصنع بك ما ترى فإن كان فيك خير فامتنع فهذا السيف معك فلما أمسوا ونام عدوا عليه فأخذوا السيف من عنقه ثم أخذوا كلبا ميتا فعلقوه وقرنوه بحبل ثم ألقوه في بئر من آبار بني سلمة فيها عذر الناس وغدا عمرو فلم يجده فخرج يتبعه حتى وجده في البئر منكسا مقرونا بكلب ميت فلما رآه أبصر شأنه وكلمه من اسلم من قومه فأسلم عمرو بن الجموح فحسن إسلامه فقال عمرو حين أسلم وعرف من الله ما عرف وهو يذكر صنمه ذلك
(تالله لو كنت إلها لم تكن أنت وكلب وسط بئر في قرن)
(أف لمصرعك إلها مستدن الآن فتشناك عن سوء الغبن)
(الحمد لله العلي ذي المنن الواهب الرزاق وديان الدين)
(هو الذي أنقذني من قبل أن أكون في ظلمة قبر مرتهن)
(بأحمد المهدي النبي المؤتمن )
محمد رافع 52 13-03-2013, 10:30 PM من هاجر من أصحاب النبي إلى المدينة حين أريها دار هجرته
قبل نزول الإذن له بالخروج
حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء قال حدثنا أبو لعباس القاسم بن القاسم السياري بمرو قال حدثنا إبراهيم بن هلال قال حدثنا علي بن الحسن بن شقيق قال حدثنا عيسى بن عبيد الكندي عن غيلان بن عبد الله العامري عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن جرير أن النبي قال إن الله تعال أوحى إلي أي هؤلاء البلاد الثلاث نزلت فهي دار هجرتك المدينة أو البحرين أو قنسرين قال أهل العلم ثم عزم له على المدينة فأمر أصحابه بالهجرة إليها
أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا الحجاج بن أبي منيع
قال حدثنا جدي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال النبي وهو يومئذ بمكة للمسلمين قد أريت دار هجرتكم أريت سبخة ذات نخل بين لابتين وهما الحرتان فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة من المسلمين وتجهز أبو بكر رضي الله عنه مهاجرا فقال له رسول الله على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي فقال أبو بكر وترجو ذلك بأبي أنت وأمي قال نعم فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله ليصتحبه وعلف راحلتين عنده ورق السحر أربعة أشهر
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث عقيل وغيره عن الزهري
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال أخبرنا أبو بكر بن عتاب قال أخبرنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة قال حدثنا ابن أبي أويس قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة ح
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب وهذا لفظ حديث إسماعيل بن إبراهيم قال فلما اشتدوا على رسول الله والمسلمين أمرهم رسول الله بالخروج إلى المدينة فخرجوا أرسالا فخرج منهم قبل خروج رسول
الله إلى المدينة أبو سلمة بن عبد الأسد وامرأته أم سلمة بنت أبي أمية وعامر بن ربيعة وامرأته أم عبد الله بنت أبي حثمة ويقال أول ظعينة قدمت المدينة أم سلمة ويقول بعض الناس أم عبد الله والله أعلم
ومصعب بن عمير وعثمان بن مظعون وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وعبد الله بن جحش وعثمان بن الشريد وعمار بن ياسر
فنزل أبو سلمة وعبد الله بن جحش في بني عمرو بن عوف
ثم خرج عمر بن الخطاب وعياش بن أبي ربيعة في أصحاب لهم فنزلوا في بني عمرو بن عوف فطلب أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام والعاص بن هشام وعيشا بن أبي ربيعة وهو أخوهم لأمهم فقدموا المدينة فذكروا له حزن أمه وقالوا له إنها حلفت لا يظلها سقف بيت ولا يمس رأسها دهن حتى تراك ولولا ذلك لم نطلبك فنذكرك الله في أمك وكان بها رحيما وكان يعلم من حبها إياه ورأفتها به فصدق قولهم ورق لها ولما ذكروا له منها أبي أن يتبعهما حتى عقد له الحارث بن هشام عقدا فلما خرجا به أوثقاه فلم يزل هنالك حتى خرج مع من خرج قبل فتح مكة وكان رسول الله يدعو له بالخلاص
قال وخرج عبد الرحمن بن عوف فنزل على سعد بن الربيع في بني الحارث بن الخزرج
وخرج عثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وطائفة أخرى
فأما طلحة فخرج إلى الشام
ثم تتابع أصحاب رسول الله كذلك إلى المدينة رسلا ومكث ناس من أصحابه بمكة حتى قدموا بعد مقدمه المدينة منهم سعد بن أبي وقاص
قلت قد اختلف في قدوم سعد فقيل كذا وقيل إنه ممن قدم قبل قدوم النبي
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال حدثني نافع عن عبد الله بن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب قال لما أجمعنا الهجرة أقعدت أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص ابن وائل وقلنا الميعاد بيننا التناضب من إضاة بني غفار فمن أصبح
منكم لم يأتها فقد حبس فليمض صاحباه فأصبحت عندها أنا وعياش بن أبي ربيعة وحبس عنا هشام وفتن فافتتن وقدمنا المدينة فكنا نقول ما الله بقابل من هؤلاء توبة عرفوا الله وآمنوا به وصدقوا رسوله ثم رجعوا عن ذلك لبلاء أصابهم من الدنيا وكانوا يقولونه لأنفسهم فأنزل الله عز وجل فيهم (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) الآية
قال عمر فكتبتها بيدي كتابا ثم بعثت بها إلى هشام فقال هشام ابن العاص فلما قدمت علي خرجت بها إلى ذي طوى فجعلت أصعد بها وأصوب لأفهمها فقلت اللهم فهمنيها فعرفت إنما نزلت فينا كما كنا نقول في أنفسنا ويقال فينا فرجعت فجلست على بعيري فلحقت برسول الله ف*** هشام شهيدا بأجنادين في ولاية أبي بكر رضي الله عنه
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر
قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني أحمد بن أبي بكر بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر أنه قال قدمنا من مكة فنزلنا العصبة عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة فكان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة لأنه كان أكثرهم قرآنا
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن نصر قال حدثنا عبد الله بن رجاء
ح أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا عبد الله بن رجاء قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء فذكر حديث الهجرة والقبلة قال البراء وكان أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار بن قصي فقلنا له ما فعل رسول الله فقال هو مكانه وأصحابه على أثري ثم أتى بعده عمرو بن أم مكتوم الأعمى أخو بني فهر فقلنا له ما فعل من وراءك رسول الله وأصحابه قال هم على الأثر ثم أتى بعده عمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود وبلال ثم أتانا عمر بن الخطاب في عشرين راكبا ثم أتانا بعدهم رسول الله وأبو بكر معه
زاد أبو خليفة في روايته قال البراء فلم يقدم علينا رسول الله حتى قرأت سورا من المفصل ثم خرجنا نتلقى العير فوجدناهم قد حذروا
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث اسرائيل
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا أحمد قال حدثنا يونس عن ابن إسحاق أنه ذكر أسامى من خرج من أصحاب رسول الله إلى المدينة أتم من ذكر موسى بن عقبة وذلك مما يطول به الكتاب
قال ابن إسحاق أخر من قدم المدينة من الناس لم يفتن في دينه أو يحبس علي بن أبي طالب وذلك أن رسول الله أخره بمكة وأمره أن ينام على فراشه وأجله ثلاثاً وأمره أن يؤدي إلى كل ذي حق حقه ففعل ثم لحق برسول الله
محمد رافع 52 13-03-2013, 10:32 PM مكر المشركين برسول الله وعصمة الله رسوله وإخباره إياه بذلك حتى خرج مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه مهاجرا
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا عمرو بن خالد عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال ومكث رسول الله بعد الحج بقية ذي الحجة والمحرم وصفر ثم إن مشركي قريش أجمعوا أمرهم ومكرهم على أن يأخذوا رسول الله فإما أن ي***وه وإما أن يحبسوه وإما أن يخرجوه وإما أن يوثقوه فأخبره الله عز وجل بمكرهم (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو ي***وك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)
فخرج رسول الله وأبو بكر من تحت الليل قبل الغار بثور وعمد علي رضي الله عنه فرقد على فراش رسول الله يواري عنه العيون
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتاب العبدي قال حدثنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة قال أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة
ح وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني قال حدثنا جدي قال حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب الزهري وهذا لفظ حديث إسماعيل قال ومكث رسول الله بعد الحج بقية ذي الحجة والمحرم وصفر ثم إن مشركي قريش اجتمعوا أن ي***وه أو يخرجوه حين ظنوا أنه خارج وعلموا أن الله عز وجل قد جعل له مأوى ومنعة ولأصحابه وبلغهم إسلام من أسلم ورأوا من يخرج إليهم من المهاجرين فأجمعوا أن ي***وا رسول الله أو يثبتوه فقال الله عز وجل (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو ي***وك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) وبلغه في ذلك اليوم الذي أتى فيه أبا بكر أنهم مبيتوه إذا أمسى على فراشه فخرج رسول الله وأبو بكر في جوف الليل قبل الغار غار ثور وهو الغار الذي ذكر الله عز وجل في الكتاب وعمد علي بن أبي طالب فرقد على فراش رسول الله يواري عنه وباتت قريش يختلفون ويأتمرون : أيهم يجثم على صاحب الفراش فيوثقه فكان ذلك أمرهم حتى اصبحوا فإذا هم بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه فسألوه عن النبي فأخبرهم أنه لا علم له به فعلموا عند ذلك أنه قد خرج فاراً منهم فركبوا في كل وجه يطلبونه
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير
ابن إسحاق قال فلما أيقنت قريش أن محمداً قد بويع وأمر رسول الله من كان بمكة من أصحابه أن يلحقوا بإخوانهم بالمدينة تآمروا فيما بينهم فقالوا الآن فأجمعوا في أمر محمد فوالله لكأنه قد كر عليكم بالرجال فأثبتوه أو ا***وه أو أخرجوه فاجتمعوا له في دار الندوة لي***وه فلما دخلوا الدار اعترضهم الشيطان في صورة رجل جميل في بت له والبت الكساء فقال أدخل فقالوا من أنت قال أنا رجل من أهل نجد سمع بالذي اجتمعتم له فأراد أن يحضره معكم فعسى أن لا يعدمكم منه رأي ونصح فقالوا أجل فادخل
فلما دخل قال بعضهم لبعض قد كان من الأمر ما قد علمتم فأجمعوا في هذا الرجل رأياً واحداً وكان ممن اجتمع له في دار الندوة شيبة وعتبة ابنا ربيعة وأبو جهل بن هشام والنضر بن الحارث فقال قائل منهم أرى أن تحبسوه وتربصوا به ريب المنون حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء زهير بن أبي سلمى والنابغة وغيرهما
فقال النجدي والله ما هذا لكم برأي والله لئن فعلتم ليخرج رأيه وحديثه حيث حبستموه إلى من وراءه من أصحابه فأوشك أن ينتزعوه من أيديكم ثم يغلبوكم على ما في أيديكم من أمركم فقال قائل منهم بل نخرجه فننفيه من بلادنا فإذا غيب عنا وجهه وحديثه فوالله ما نبالي أين وقع من البلاد ولئن كان أجمعنا بعد ذلك أمرنا وأصلحنا ذات بيننا قال النجدي لا والله ما هذا لكم برأي أما رأيتم حلاوة منطقه وحسن حديثه وغلبته على من يلقاه دون من خالفه والله لكأني به إن فعلتم ذلك قد دخل على قبيلة من قبائل
العرب فاصفقت معه على رأيه ثم سار بهم إليكم حتى يطأكم بهم فلا والله ما هذا لكم برأي
قال أبو جهل بن هشام والله إن لي فيه لرأياً ما أراكم وقعتم عليه قالوا وما هو قال أرى أن تأخذوا من كل قبيلة من قريش غلاماً نهداً جلدا نسيباً وسيطا ثم تعطوهم شفاراً صارمة ثم يجتمعوا فيضربوه ضربة رجل واحد فإذا ***تموه تفرق دمه في القبائل فلم تدر عبد مناف بعد ذلك ما تصنع ولم يقووا على حرب قومهم فإنما أقصرهم عند ذلك أن يأخذوا العقل فتدونه لهم
قال النجدي لله در الفتى هذا الرأي وإلا فلا شيء
فتفرقوا على ذلك واجتمعوا له وأتى رسول الله الخبر وأمر أن لا ينام على فراشه تلك الليلة فلم يبت رسول الله حيث كان يبيت وبيت علياً في مضجعه
وفيما ذكر أبو عبد الله الحافظ أن محمد بن إسماعيل المقريء حدثه قال حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد أبو عثمان قال حدثني أبي قال حدثنا محمد بن إسحاق عن
عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال وحدثني الكلبي عن زاذان مولى أم هاني عن عبد الله بن عباس أن نفراً من قريش من أشراف كل قبيلة اجتمعوا فذكر معنى هذه القصة إلى أن قال فأتى جبريل رسول الله فأمره أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه وأخبره بمكر القوم فلم يبت رسول الله في بيته تلك الليلة وأذن الله عند ذلك بالخروج وأنزل عليه بعد قدومه المدينة في الأنفال يذكر نعمته عليه وبلاءه عنده (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو ي***وك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) وأنزل في قوله تربصوا حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء (أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس عن ابن إسحاق قال وأقام رسول الله ينتظر أمر الله حتى إذا اجتمعت قريش
فمكرت به وأرادوا به ما أرادوا أتاه جبريل عليه السلام فأمره أن لا يبيت في مكانه الذي كان يبيت فيه دعا رسول الله علي بن أبي طالب فأمره أن يبيت على فراشه ويتسجى ببرد له أخضر ففعل ثم خرج رسول الله على القوم وهم على بابه وخرج معه بحفنة من تراب فجعل يذرها على رؤوسهم وأخذ الله عز وجل بأبصارهم عن نبيه وهو يقرأ (يس والقرآن الحكيم إلى قوله فأغشيناهم فهم لا يبصرون) وروي عن عكرمة ما يؤكد هذا
محمد رافع 52 13-03-2013, 10:35 PM خروج النبي مع صاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى
الغار وما ظهر في ذلك من الآثار
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا ابو بكر بن إسحاق الفقيه قال أخبرنا عبيد بن عبد الواحد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث قال وأخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الله واللفظ له قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا ابن صالح قال حدثني الليث قال حدثني عقيل قال قال ابن شهاب فأخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي قالت لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفي النهار بكرة وعشية فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة قال أين تريد يا أبا بكر قال أبو بكر أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي قال ابن الدغنة فإن مثلك لا يخرج ولا يخرج إنك تكسب المعدوم
وتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق فأنا لك جأر فارجع فاعبد ربك ببلدك فارتحل ابن الدغنة مع أبي بكر رضي الله عنه وطاف في أشراف قريش فقال لهم إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة وأمنوا أبا بكر وقالوا لابن الدغنة مر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به فإنا نخشى أن يفتن أبناءنا ونساءنا فقال ابن الدغنة ذلك لأبي بكر فلبث أبو بكر يعبد ربه في داره ولا يستعلن بالصلاة ولا بالقراءة في غير داره
ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا له إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره وإنه جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة وإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلا أن يعلن ذلك فنسله أن يرد عليك ذمتك فإنا قد كرهنا أن نخفرك ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان
قالت عائشة فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال قد علمت الذي عاقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترد إلي ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب إني أخفرت في رجل عقدت له فقال أبو بكر فإني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله عز وجل
ورسول الله يومئذ بمكة فقال رسول الله للمسلمين قد أريت دار هجرتكم أريت سبخة ذات نخل بين لابتين وهما الحرتان فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر رسول الله ورجع إلى المدينة بعد من كان هاجر إلى أرض الحبشة من المسلمين وتجهز أبو بكر مهاجرا يعني قبل المدينة
فقال له رسول الله على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي فقال أبو بكر لرسول الله هل ترجو ذلك بأبي أنت وأمي قال نعم
فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله ليصحبه وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر
قال ابن شهاب قال عروة قالت عائشة رضي الله عنها فبينا نحن يوما جلوس في بيتنا في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر هذا رسول الله مقبلا متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها قال أبو بكر فداء له أبي وأمي أما والله إن جاء به في هذه الساعة إلا أمر قالت فجاء رسول الله فاستأذن فأذن له فدخل فقال رسول الله لأبي بكر حين دخل أخرج من عندك فقال أبو بكر إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله قال رسول الله
فإني قد أذن لي في الخروج قال أبو بكر الصحابة بأبي أنت وأمي يا رسول الله قال النبي نعم قال أبو بكر فخذ مني يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين قال رسول الله بالثمن قالت عائشة فجهزتهما أحث الجهاز فصنعنا لهما سفرة في جراب فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فأوكت به الجراب فبذلك كانت تسمى ذات النطاقين
قالت ثم لحق رسول الله وأبو بكر بغار في جبل يقال له ثور فكمنا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب لقن ثقف فيدلج من عندهما بسحر فيصبح في قريش بمكة كبائت
فلا يسمع أمرا يكيدون به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم فيريح عليهما حين تذهب ساعة من الليل فيبيتان في رسل منحتهما ورضيفهما حتى ينعق بهما عامر بن فهيرة بغلس يفعل ذلك كل ليلة من تلك الليالي الثلاث
واستأجر رسول الله وأبو بكر رجلا من بني الديل من بني عبد بن عدي هاديا خريتا والخريت الماهر بالهداية قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل وهو على دين كفار قريش فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور فأتاهما براحلتيهما صبيحة ثلاث ليال فارتحلا وانطلق عامر بن فهيرة والدليل الدؤلي فأخذ بهما يد بحر وهو طريق الساحل
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير عن الليث وقال تكسب المعدوم
حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء قال حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق قال أخبرنا موسى بن الحسن بن عباد قال حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا السري بن يحيى قال حدثنا محمد بن سيرين قال ذكر رجال على عهد عمر فكأنهم فضلوا عمر على أبي بكر رضي الله عنهما فلما بلغ ذلك عمر رضي الله عنه قال والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر وليوم من أبي بكر خير من آل عمر لقد خرج رسول الله ليلة انطلق إلى الغار ومعه أبو بكر رضي الله عنه فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه حتى فطن له رسول الله فقال يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي فقال يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك فقال يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون لك دوني قال نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكن من ملمة إلا أحببت أن تكون لي دونك فلما انتهينا من الغار قال أبو بكر رضي الله عنه مكانك يا رسول الله حتى استبري لك الغار فدخل فاستبراه حتى إذا كان في أعلاه ذكر أنه لم يستبر الجحرة فقال مكانك يا رسول الله حتى استبري الجحرة فدخل فاستبرأ ثم قال انزل يا رسول الله فنزل فقال عمر والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر
وأخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل ببغداد قال حدثنا أحمد بن سلمان النجار الفقيه إملاء قال قريء على يحيى بن
جعفر وأنا أسمع قال أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي قال حدثني فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ضبة بن محصن العنزي عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه في قصة ذكرها قال فقال عمر والله لليلة من أبي بكر ويوم خير من عمر عمر هل لك أن أحدثك بليلته ويومه قال قلت نعم يا أمير المؤمنين قال أما ليلته فلما خرج رسول الله هارب من أهل مكة خرج ليلا فتبعه أبو بكر فجعل يمشي ومرة أمامه مرة خلفه ومرة عن يمينه ومرة عن يساره فقال له رسول الله ما هذا يا أبا بكر ما أعرف هذا من فعلك قال يا رسول الله أذكر الرصد فأكون أمامك وأذكر الطلب فأكون خلفك ومرة عن يمينك ومرة عن يسارك لا آمن عليك قال فمشى رسول الله ليلته على أطراف أصابعه حتى حفيت رجلاه لما رآه أبو بكر رضي الله عنه أنها قد حفيت حمله على كاهله وجعل يشتد به حتى أتى به فم الغار فأنزله ثم قال والذي بعثك بالحق لا تدخله حتى أدخله فإن كان فيه شيء نزل بي قبلك فدخل فلم ير شيئا فحمله فأدخله وكان في الغار خرق فيه حيات وأفاعي فخشي أبو بكر ان يخرج منهن شيء يؤذي رسول الله فألقمه قدمه فجعلن يضربنه ويلسعنه الحيات والأفاعي وجعلت دموعه تنحدر ورسول الله يقول له يا أبا بكر لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته الاطمئانية لأبي بكر فهذه ليلته
وأما يومه فلما توفي رسول الله وارتدت العرب فقال بعضهم نصلي ولا نزكي وقال بعضهم لا نصلي ولا نزكي فأتيته ولا آلوه نصحا فقلت يا خليفة رسول الله تألف الناس وارفق بهم فقال جبار في الجاهلية خوار في الإسلام فبماذا أتالفهم أبشعر مفتعل أو بشعر مفتري قبض النبي وارتفع الوحي فوالله لو منعوني عقالا مما كانوا يعطون رسول الله لقاتلتهم عليه قال فقاتلنا معه فكان والله رشيد الأمر فهذا يومه
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا أبو بكر بن عتاب
قال حدثنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة قال أخبرنا إسماعيل بن أويس قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة أظنه عن ابن شهاب
ح وفيما ذكر شيخنا أبو عبدالله الحافظ أن أبا جعفر البغدادي أخبرهم قال حدثنا أبو علاثة محمد بن عمرو بن خالد قال حدثنا أبي قال حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير أنهم ركبوا في كل وجه يطلبون النبي وبعثوا إلى أهل المياه يأمرونهم ويجعلون لهم الجعل العظيم وأتوا على ثور الجبل الذي فيه الغار الذي فيه النبي حتى طلعوا فوقه وسمع رسول الله وأبو بكر أصواتهم فأشفق أبو بكر وأقبل عليه الهم والخوف فعند ذلك يقول له رسول الله لا تحزن إن الله معنا ودعا رسول الله فنزلت عليه سكينة من الله (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم)
وكانت لأبي بكر منحة تروح عليه وعلى أهله بمكة فأرسل أبو بكر عامر ابن فهيرة فروح تلك المنحة على رسول الله في الغار وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر أمينا مؤتمنا حسن الإسلام واستأجر رجلا من بني عبد بن عدي يقال له أريقط كان حليفا في قريش ثم في بني سهم ثم في آل العاص بن وائل وذلك العدوي يومئذ مشرك وهو هاد بالطريق فخببا ظهرهما تلك الليالي اللاتي مكثا في الغار وكان يأتيهما عبد الله بن أبي بكر حين يمسي بكل خبر
يكون في مكة ويروح عليهما عامر بن فهيرة الغنم كل ليلة فيحلبان ويدلجان ثم يسرح بكرة فيصبح في رعيان الناس فلا يفطن له حتى إذا هدأت عنهما الأصوات وأتاهما إن قد سكت عنهما جاء صاحبهما ببعيريهما وقد مكثا في الغار يومين وليلتين
وفي رواية موسى بن عقبة ثلاث ليال ثم انطلقا وانطلقا معهما بعامر بن فهيرة يخدمهما ويعينهما يردفه أبو بكر ويعقبه على راحلته ليس معهما أحد من الناس غير عامر بن فهيرة وغير أخي بني عدي يديهما الطريق فأجاز بهما أسفل مكة ثم مضى بهما الساحل أسفل من عسفان ثم أجاز بهما حتى عارض الطريق بعد أن أجاز قديدا
لفظ حديث عروة وحديث موسى بن عقبة بمعناه
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا العباس بن محمد الدوري قال حدثنا الأسود بن عامر شاذان قال حدثنا إسرائيل عن الأسود عن جندب قال كان أبو بكر رضي الله عنه مع رسول الله في الغار فأصاب يده حجر فقال
(إن أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت)
أخبرنا أبو عبد الله إسحاق بن محمد بن يوسف السوسي قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن يونس الضبي قال حدثنا عفان بن مسلم ومحمد بن سفيان قالا حدثنا همام قال أخبرنا أبو ثابت عن أنس أن أبا بكر حدثه قال كنت مع رسول الله في الغار
فقلت يا رسول الله لو أن أحدهم ينظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه قال فقال النبي يا ابا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما
وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا عبد العزيز بن معاوية القرشي قال حدثنا حبان قال حدثنا همام عن البناني فذكره بإسناده نحوه إلا أنه قال أن أحدهم رفع قدمه لأبصرنا من تحت قدميه
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن سفيان وعن عبد الله بن محمد عن حبان بن هلال
ورواه مسلم عن زهير بن حرب وغيره عن حبان
أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي ببغداد قال حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى البري قال حدثنا مسلم بن إبراهيم
ح وأخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وأبو صادق محمد بن أحمد العطار قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا محمد بن علي الوراق قال حدثنا مسلم قال حدثنا عون بن عمرو القيسي قال
سمعت أبا مصعب المكي قال أدركت أنس بن مالك وزيد بن أرقم والمغيرة بن شعبة فسمعتهم يتحدثون أن النبي ليلة الغار أمر الله عز وجل بشجرة فنبتت في وجه النبي فسترته وأمر الله العنكبوت فنسجت في وجه النبي فسترته وأمر الله حمامتين وحشيتين فوقفتا بفم الغار وأقبل فتيان قريش من كل بطن رجل بعصيهم وهراويهم وسيوفهم حتى إذا كانوا من النبي بقدر أربعين ذراعا فجعل رجل منهم لينظر في الغار فرأى حمامتين بفم الغار فرجع إلى أصحابه فقالوا له ما لك لم تنظر في الغار فقال رأيت حمامتين بفم الغار فعلمت أنه ليس فيه أحد فسمع النبي ما قال فعرف أن الله عز وجل قد درأ عنه بهما فدعاهن النبي فسمت عليهن وفرض جزاءهن وانحدرن في الحرم
أخبرنا أبو عبد الله إسحاق بن أبي سعيد السوسي قال حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي إملاء قال حدثنا أبو سعيد الحسن بن عبد الصمد القهندزي قال حدثنا محمد بن حميد قال أخبرنا علي بن مجاهد قال حدثنا أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال فأنزل الله سكينته عليه قال على أبي بكر لأن النبي لم تزل السكينة معه
محمد رافع 52 13-03-2013, 10:39 PM اتباع سراقة بن مالك بن جعشم أثر رسول الله وما ظهر في ذلك
من دلائل النبوة
أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين القطان ببغداد وقال أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا عبيد الله بن موسى وعبد الله بن رجاء أبو عمر الغداني عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال اشترى أبو بكر من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما فقال أبو بكر رضي الله عنه لعازب مر البراء فليحمله إلى رحلي فقال له عازب لا حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله حين خرجتما والمشركون يطلبونكما قال أدلجنا من مكة ليلا فأحيينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة فرميت ببصري هل أرى من ظل نأوي إليه فإذا صخرة فانتهيت إليها فإذا بقية ظل لها فسويته ثم فرشت لرسول الله فروة ثم قلت اضطجع يا رسول الله فاضطجع ثم ذهبت أنفض ما حولي هل أرى من الطلب أحدا فإذا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها الذي نريد يعني الظل فسألته فقلت لمن أنت يا غلام فقال لرجل من قريش فسماه فعرفته فقلت هل في غنمك من لبن قال نعم قلت هل أنت حالب لي قال نعم فأمرته فاعتقل شاة من غنمه وأمرته أن ينفض ضرعها من التراب ثم أمرته أن ينفض كفيه فقال هكذا فضرب إحدى كفيه على الأخرى فحلب لي كثبة من لبن وقد رويت معي لرسول الله
إداوة على فمها خرقة فصببت على اللبن حتى برد أسفله فأتيت رسول الله فوافقته وقد استيقظ فقلت أتشرب يا رسول الله فشرب رسول الله حتى رضيت ثم قلت قد آن الرحيل يا رسول الله
قال فارتحلنا والقوم يطلبوننا فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك ابن جعشم على فرس له فقلت هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله قال لا تحزن إن الله معنا فلما أن دنا منا وكان بيننا وبينه قيد رمحين أو ثلاثة قلت هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله وبكيت فقال ما يبكيك فقلت أما والله ما على نفسي أبكي ولكني إنما أبكي عليك قال فدعا عليه رسول الله فقال اللهم اكفنا بما شئت قال فساخت به فرسه في الأرض إلى بطنها فوثب عنها ثم قال يا محمد قد علمت أن هذا عملك فادع الله أن تنجيني مما أنا فيه فوالله لأعمين على من ورائي من الطلب وهذه كنانتي فخذ منها سهما فإنك ستمر بإبلي وغنمي بمكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك فقال رسول الله لا حاجة لنا في إبلك وغنمك ودعا له رسول الله فانطلق راجعا إلى أصحابه ومضى رسول الله وأنا معه حتى قدمنا المدينة ليلا
وأخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمر بن مطر قال أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا عبد الله بن رجاء الغداني فذكره بنحوه
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن رجاء وأخرجه مسلم من وجه آخر عن إسرائيل
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو الوليد الفقيه قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا سلمة بن شبيب قال حدثنا الحسن ابن محمد بن أعين قال حدثنا زهير قال حدثنا أبو إسحاق قال سمعت البراء يقول جاء أبو بكر إلى أبي في منزله فاشترى منه رحلا وذكر الحديث بمعنى حديث إسرائيل إلى أن قال فارتحلنا بعدما زالت الشمس واتبعنا سراقة بن مالك قال ونحن في جلد من الأرض فقلت يا رسول الله أتينا فقال لا تحزن إن الله معنا فدعا عليه رسول الله فارتطمت فرسه إلى بطنها فقال إني قد علمت أنكما قد دعوتما علي فادعوا لي فالله لكما أن أرد عنكما الطلب فدعا الله فنجا فرجع لا يلقى أحدا إلا قال قد كفيتم ما ههنا ولا يلقى أحدا إلا رده ووفى لنا
رواه مسلم في الصحيح عن سلمة بن شبيب وأخرجه البخاري من وجه آخر عن زهير بن معاوية
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا ابن ملحان قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثني الليث عن عقيل
ح وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الله قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا أبو صالح قال حدثني الليث قال حدثني عقيل قال قال ابن شهاب وأخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجي وهو ابن أخي سراقة بن
جعشم أن أباه أخبره أنه سمع سراقة بن جعشم وفي رواية ابن عبدان أن سراقة بن مالك بن جعشم يقول جاءنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله وفي أبي بكر دية كل واحد منهما في ***ه أو أسره فبينا أنا جالس في مجلس قومي بني مدلج أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس فقال يا سراقة إني قد رأيت آنفا أسودة بالساحل أراها محمدا وأصحابه قال سراقة فعرفت أنهم هم قال ابن عبدان وذكر الحديث قال أبو عبد الله في روايته قال فقلت له إنهم ليسوا بهم ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بأعيننا
قال ثم قل ما لبث في المجلس حتى قمت فدخلت بيتي فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي فتهبطها من وراء أكمة فتحبسها علي فأخذت رمحي وخرجت من ظهر البيت فخططت بزجه الأرض وخفضت عالية الرمح حتى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب حتى إذا دنوت منهم عثرت بي فرسي فقمت فأهويت بيدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام فاستقمت بها أأضرهم أو لا أضرهم فخرج الذي أكره لا أضرهم فركبت فرسي وعصيت الأزلام فرفعتها تقرب بي حتى إذا سمعت قراءة رسول الله وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر التلفت ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغت الركبتين
فخررت عنها ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عثمان ساطع في السماء مثل الدخان فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره أن لا أضرهم فناديتهما بالأمان فوقفا لي وركبت فرسي حتى جئتهما ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهما أنه سيظهر رسول الله فقلت له إن من قومك قد جعلوا فيكما الدية فأخبرتهما أخبار ما يريد الناس بهم وعرضت عليهما الزاد والمتاع فلم يرزآني شيئا ولم يسلني إلا أن قال أخف عنا فسألته أن يكتب لي كتاب موادعة آمن به فأمر عامر بن فهيرة فكتب لي رقعة من أدم ثم مضى رسول الله
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير عن الليث
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبد الله بن عتاب العبدي قال حدثنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة قال أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثني إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة قال حدثنا ابن شهاب قال حدثني عبد الرحمن ابن مالك بن جعشم المدلجي أن أباه مالكا أخبره أن أخاه سراقة بن جعشم أخبره أنه لما خرج رسول الله من مكة مهاجرا إلى المدينة جعلت قريش لمن رده عليهم مائة ناقة قال فبينما أنا جالس في نادي قومي إذ جاء رجل منا فقال والله لقد رأيت ركبا ثلاثة مروا علي آنفا إني لأظنه محمدا قال فأومأت إليه بعيني أن اسكت وقلت إنما هم بنو فلان يبتغون ضالة
لهم قال لعله ثم سكت
قال فمكثت قليلا ثم قمت فدخلت بيتي وأمرت بفرسي فقيد إلى بطن الوادي وأخرجت سلاحي من وراء حجراتي ثم أخذت قداحي استقسم بها ثم لبست لأمتي ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها فخرج السهم الذي أكره لا تضره وكنت أرجو أن أرده فآخذ المائة ناقة
قال فركبت على أثره فبينا فرسي يسير بي عثر فسقطت عنه قال فأخرجت قداحي فاستقسمت بها فخرج السهم الذي أكره لا تضره فأبيت إلا أن أتبعه فركبت فلما بدا لي القوم فنظرت إليهم عثر بي فرسي فذهبت يداه في الأرض فسقطت عنه فاستخرج يديه واتبعهما دخان مثل الغبار فعلمت أنه قد منع مني وأنه ظاهر فناديتهم فقلت انظروني فوالله لا آذيتكم ولا يأتيكم مني شيء تكرهونه
فقال رسول الله قل له ماذا تبتغي قال قلت اكتب لي كتابا يكون بيني وبينك آية قال اكتب له يا أبا بكر قال فكتب لي ثم ألقاه إلي فرجعت فسكت فلم أذكر شيئا مما كان حتى إذا فتح الله عز وجل مكة وفرغ رسول الله من أهل خيبر خرجت إلى رسول الله لألقاه ومعي الكتاب الذي كتب لي فبينما أنا عامد له دخلت بين ظهري كتيبة من كتائب الأنصار قال فطفقوا يقرعونني بالرماح ويقولون إليك إليك حتى دنوت من رسول الله وهو على ناقته أنظر إلى ساقه في غرزه كأنها جمارة فرفعت يدي بالكتاب فقلت يا رسول الله هذا كتابك فقال رسول الله يوم وفاء وبر أدنه قال فأسلمت ثم ذكرت شيئا اسل عنه رسول الله
قال ابن شهاب إنما سأله عن الضالة وشيء فعله في وجهه الذي كان فيه فما ذكرت شيئا إلا أني قد قلت يا رسول الله الضالة تغشى حياضي قد
ملأتها لإبلي هل لي من أجر إن سقيتها فقال رسول الله نعم في كل كبد حرى قال وانصرفت فسقت إلى رسول الله صدقتي
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير قال قال ابن إسحاق قال أبو جهل في أمر سراقة أبياتا فقال سراقة يجيب أبا جهل
(أبا حكم واللات لو كنت شاهدا لأمر جوادي إذ تسيخ قوائمه)
(عجبت ولم تشكك بأن محمدا نبي وبرهان فمن ذا يقاومه)
(عليك بكف الناس عنه فإنني أرى أمره يوما ستبدو معالمه)
(بأمر يود النصر فيه بإلبها لو أن جميع الناس طرا تسالمه)
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا ابن أبي قماش قال حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي ببغداد عن أبي معشر عن أبي وهب مولى أبي هريرة عن أبي هريرة قال قال رسول الله لأبي بكر في مدخله المدينة أله الناس عني فإنه لا
ينبغي لنبي أن يكذب قال فكان أبو بكر إذا سئل ما أنت قال باع فإذا قيل من الذي معك قال هاد يهديني
محمد رافع 52 13-03-2013, 10:42 PM اجتياز رسول الله بالمرأة وابنها وما ظهر في ذلك من آثار النبوة
أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال أنبأنا أحمد بن عبيد الصفار قال أنبأنا أحمد بن يحيى الحلواني ومحمد بن الفضل بن جابر قالا حدثنا محمد بن عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة
ح وأخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد واللفظ له قال أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد المصري قال حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي مريم قال حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال حدثنا عبد الرحمن بن الأصبهاني قال سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى يحدث عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال خرجت مع رسول الله من مكة فانتهينا إلى حي من أحياء العرب فنظر رسول الله إلى بيت منتحيا فقصد إليه فلما نزلنا لم يكن فيه إلا امرأة فقالت يا عبد الله إنما أنا امرأة وليس معي أحد فعليكما بعظيم الحي إذا أردتم القرى قال فلم يجبها وذلك عند المساء فجاء ابن لها بأعنز له يسوقها فقالت له يا بني انطلق بهذه العنز والشفرة إلى هذين الرجلين فقل لهما تقول لكما أمي ا***ا هذه وكلا واطعمانا فلما جاء قال له النبي
انطلق بالشفرة وجئني بالقدح قال إنها قد عزبت وليس لها لبن قال انطل 6 ق فانطلق فجاء بقدح فمسح النبي ضرعها ثم حلب حتى ملأ القدح ثم قال انطلق به إلى أمك فشربت حتى رويت ثم جاء به فقال انطلق بهذه وجئني بأخرى ففعل بها كذلك ثم سقى أبا بكر ثم جاء بأخرى ففعل بها كذلك ثم شرب النبي
قال فبتنا ليلتنا ثم انطلقنا فكانت تسميه المبارك وكثرت غنمها حتى جلبت جلبا إلى المدينة فمر أبو بكر الصديق رضي الله عنه فرآه ابنها فعرفه فقال يا أمه إن هذا الرجل الذي كان مع المبارك فقامت إليه فقالت يا عبد الله من الرجل الذي كان معك قال وما تدرين من هو قالت لا قال هو النبي قالت فأدخلني عليه قال فأدخلها عليه فأطعمها وأعطاها زاد ابن عبدان في روايته قالت فدلني عليه فانطلقت معي وأهدت له شيئا من أقط ومتاع الأعراب قال فكساها وأعطاها قال ولا أعلمه إلا قال أسلمت
قلت وهذه القصة وإن كانت تنقص عما روينا في قصة أم معبد ويزيد في بعضها فهي قريبة منها ويشبه أن يكونا واحدة
وقد ذكر محمد بن إسحاق بن يسار من قصة أم معبد شيئا يدل على أنها وهذه واحدة والله أعلم
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال ونزل رسول الله بخيمة أم معبد وهي التي غرد بها الجن بأعلى مكة واسمها عاتكة بنت خالد بن منقذ بن ربيعة بن أصرم فأرادوا القرى فقالت والله ما عندنا طعام ولا لنا منحة ولا لنا شاة إلا حائل فدعا رسول الله ببعض غنمها فمسح ضرعها بيده ودعا الله وحلب في العس حتى رغى وقال اشربي يا أم معبد فقالت إشرب فأنت أحق به فرده عليها فشربت
ثم دعا بحائل أخرى ففعل بها مثل ذلك فشرب
ثم دعا بحائل أخرى ففعل بها مثل ذلك فسقى دليله
ثم دعا بحائل أخرى ففعل بها مثل ذلك فسقى عامرا ثم يروح
وطلبت قريش رسول الله حتى بلغوا أم معبد فسألوها عنه فقالوا رأيت محمدا وحليته كذا فوصفوه لها فقالت ما أدري ما تقولون قد ضافني حالب الحائل قالت قريش فذاك الذي نريد
قلت فيحتمل أن يكون أولا أي التي في كسر الخيمة كما روينا في حديث أم معبد ثم رجع ابنها بأعنز كما روينا في حديث ابن أبي ليلى ثم
لما أتى زوجها وصفته له والله أعلم
محمد رافع 52 13-03-2013, 10:50 PM اجتيازه مع صاحبه بعبد يرعى غنما وما ظهر عند ذلك من آثار النبوة
حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء قال حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق ابن أيوب قال أنبأنا محمد بن غالب قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا عبيد الله بن إياد بن لقيط عن قيس بن النعمان قال لما انطلق النبي وأبو بكر مستخفين مروا بعبد يرعى غنما فاستسقياه اللبن فقال ما عندي شاة تحلب غير أن ههنا عناقا حملت أول الشتاء وقد أخرجت وما بقي لها لبن فقال ادع بها فاعتقلها النبي ومسح ضرعها ودعا حتى أنزلت قال وجاء أبو بكر بمجن فحلب وسقى أبا بكر ثم حلب فسقى الراعي ثم حلب فشرب فقال الراعي بالله من أنت فوالله ما رأيت مثلك قط قال أو تراك تكتم علي حتى أخبرك قال نعم قال فإني محمد رسول الله فقال أنت الذي تزعم قريش أنه صابيء قال أنهم ليقولون ذلك قال فأشهد أنك نبي وأشهد أن ما جئت به حق وأنه لا يفعل ما فعلت إلا نبي وأنا متبعك قال إنك لن نستطيع ذلك يومك فإذا بلغك أني قد ظهرت فأتنا
محمد رافع 52 13-03-2013, 10:57 PM من استقبل رسول الله وصاحبه من أصحابه ثم استقبال الأنصار
إياه ودخوله ونزوله وفرح المسلمين بمجيئه والآيات التي
ظهرت في نزوله
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال أخبرنا محمد بن عبد الله بن عتاب قال حدثنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة قال حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة قال ويقال لما دنا رسول الله وابو بكر من المدينة وقدم طلحة بن عبيد الله من الشام خرج طلحة عامدا إلى مكة كما ذكر له رسول الله وأبو بكر خرج إما متلقيا لهما وإما عامدا عمده بمكة معه ثياب أهداها لأبي بكر من ثياب الشام فلما لقيه أعطاه الثياب فلبس رسول الله منها وأبو بكر
قال موسى بن عقبة وزعم ابن شهاب أن عروة بن الزبير قال إن الزبير لقي رسول الله في ركب من المسلمين كانوا تجارا بالشام قافلين إلى مكة فعارضوا رسول الله فكسا الزبير رسول الله وأبا بكر ثيابا بيضا
قال وسمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله من مكة فكانوا
يغدون كل غداة إلى الحرة ينتظرون حتى يؤذيهم حر الظهيرة فانقلبوا يوما فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود على أطم لأمر ينظر إليه فبصر برسول الله وأصحابه يزول بهم السراب مبيضين فلم يملك اليهودي نفسه أن صاح بأعلى صوته يا معشر العرب هذا صاحبكم الذي تنتظرون فثار المسلمون إلى سلاحهم فتلقوا رسول الله فلقوه إلى بني عمرو بن عوف وذلك يوم الاثنين لهلال شهر ربيع الأول
فقام أبو بكر رضي الله عنه فذكر الناس وجلس رسول الله صامتا فطفق من جاء من الأنصار ممن لم يكن رأى رسول الله يحسبه أبا بكر حتى إذا أصابت الشمس رسول الله أقبل أبو بكر حتى أظل على رسول الله بردائه فعرف الناس عند ذلك رسول الله
ثم إن رسول الله مر بعبد الله بن أبي بن سلول وهو على ظهر الطريق وهو في بيت فوقف عليه النبي ينتظر أن يدعوه إلى المنزل وهو يومئذ سيد الخزرج في أنفسها فقال له عبد الله انظر الذين دعوك فأنزل عليهم فذكر رسول الله لنفر من الأنصار وقوفه على عبد الله بن أبي والذي
قال له فقال له سعد بن عبادة إنا والله يا رسول الله لقد كنا قبل الذي خصنا الله به منك ومن علينا بقدومك أردنا أن نعقد على رأس عبدالله بن أبي التاج ونملكه علينا
فعمد رسول الله بعد وقوفه على عبد الله بن أبي إلى بني عمرو بن عوف ومعه أبو بكر الصديق وعامر بن فهيرة فنزل على كلثوم بن الهدم وهو أحد بني زيد بن مالك وكان مسكنه في دار ابن أبي أحمد
وقد كان قدم على بني عمرو بن عوف قبيل قدوم رسول الله وبعده ناس كثير من المهاجرين فنزلوا فيهم فعد أسماء النازلين والمنزلين
ثم قال ومكث رسول الله في بني عمرو بن عوف ثلاث ليال ويقول بعض الناس بل مكث أكثر من ذلك واتخذ فيهم مسجدا وأسسه وهو الذي ذكر في القرآن أنه أسس على التقوى
ثم إن رسول الله ركب يوم الجمعة فمر على بني سالم فصلى فيهم الجمعة وكانت أول جمعة صلاها رسول الله بالمدينة حين قدم واستقبل بيت المقدس فلما ابصرته اليهود صلى إلى قبلتهم تذاكروا بينهم أنه النبي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل
ثم ركب رسول الله من بني سالم فقالوا يا رسول الله فينا العدد والعدة والمنعة وقال مجمع بن يزيد مكث رسول الله فينا اثنتين وعشرين ليلة وكانت الأنصار قد اجتمعت فتلقوه قبل أن يركب من بني عمرو بن عوف فمشوا حول ناقته لا يزال أحدهم ينازع صاحبه زمام الناقة شحا على كرامة رسول الله وتعظيما له ولكما مر بدار من دور الأنصار دعوه إلى المنزل فيقول رسول الله دعوها فإنها مأمورة إنما أنزل حيث أنزلني الله تعالى فلما انتهت به الناقة إلى باب بني أيوب بركت على الباب فنزل فدخل بيت أبي أيوب فنزل عليه فأنزله في سفل بيته وظهر أبو أيوب إلى أعلى البيت فكان أبو أيوب في العلو ورسول الله في السفل فتذكر أبو أيوب منزله فوق رأس النبي فبات ساهرا يكره أن يأتي النبي في الليل فيستأمره في التحويل ويعظم أن يكون منزله فوق رأس النبي فلم يزل ساهرا حتى أصبح فأتاه فقال يا رسول الله إني أخشى أن أكون قد ظلمت نفسي أني كنت ساكنا فوق رأس النبي فينتثر التراب من وطء أقدامنا عليك وإن أطيب لنفسي أن أكون تحتك في اسفل البيت فقال النبي السفل أرفق بنا وبمن يغشانا فلم يزل أبو أيوب يتضرع إليه حتى انتقل النبي إلى العلو وأقام رسول الله ساكنا في بيت أبي أيوب ينزل عليه القرآن ويأتيه فيه جبريل حتى ابتنى رسول الله مسجده ومسكنه
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة عن رجال من قومه قالوا لما بلغنا مخرج رسول الله من مكة كنا نخرج كل غداة فنجلس له بظاهر الحرة نلجأ إلى ظل الجدر حتى تغلبنا عليه الشمس ثم نرجع إلى رحالنا حتى إذا كان اليوم الذي جاء فيه رسول الله جلسناكما كنا
نجلس حتى إذا رجعنا جاء رسول الله فرآه رجل من يهود فنادى بأعلى صوته يا بني قيلة هذا جدكم قد جاء فخرجنا ورسول الله قد أناخ إلى ظل هو وأبو بكر رضي الله عنه والله ما ندري أيهما أسن هما في سن واحد حتى رأينا أبا بكر ينحاز له عن الظل فعرفنا رسول الله بذلك وقد قال قائل منهم إن أبا بكر قام فأظل رسول الله بردائه فعرفناه
أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال حدثنا حنبل بن إسحاق قال حدثنا الهيثم بن خارجة قال حدثنا محمد بن حمير عن إبراهيم بن أبي عبلة أن عقبة بن وساج حدثه عن أنس بن مالك أن النبي قدم يعني المدينة وليس في أصحابه أشمط غير أبي بكر فغلفها بالحناء والكتم
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث محمد بن حمير
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس هو الأصم قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق
ح وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقريء الإسفرايني بها قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي قال حدثنا نصر بن علي قال حدثنا وهب بن جرير بن حازم قال حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال قدم رسول الله المدينة يوم الإثنين فمنهم من يقول لليلتين مضتا من شهر ربيع الأول والحديث المعروف إنه قدم لإثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول يوم
الاثنين فأقام رسول الله في بني عمرو بن عوف فيما يزعم بعض الناس يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس ثم ظعن يوم الجمعة فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها بمن معه ببطن مهزور ويزعم بعض الناس أنه أقام أكثر من ذلك فاعترضه عتبان بن مالك في رجال من بني سالم وبني الحبلى فقالوا يا رسول الله أقم فينا في العز والثروة والعدد والقوة وكانوا كذلك ورسول الله على ناقته فقال خلوا سبيلها فإنها مأمورة ثم مر ببني ساعدة فاعترضه سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو وأبو دجانة فدعوه إلى المنزل عليهم فقال خلوا سبيلها فإنها مأمورة ثم مر ببني بياضة فعرض له فروة بن عمرو وزياد بن لبيد فدعوه إلى المنزل عليهم فقال خلوا سبيلها فإنها مأمورة ثم مر على بني النجار فقال له صرمة بن أبي أنس وأبو سليط في رجال منهم أقم عندنا يا رسول الله فنحن أخوالك وأقرب الأنصار بك رحما فقال خلوا سبيلها فإنها مأمورة فلما انتهت إلى مكان مسجده بالمدينة وهو مربد لغلامين يتيمين من بني النجار ثم من بني غنم وهما سهيل وسهل ابنا رافع بن أبي عمرو بن عباد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار وكانا في حجر معاذ بن عفراء بركت فالتفتت يمينا وشمالا ثم وثبت فمضت غير كثير ورسول الله واضعا لها زمامها لا يحركها فوقفت فنظرت ثم التفتت إلى مبركها الأول فأقبلت حتى بركت فيه فحصت بثفناتها واطمأنت حتى عرف رسول الله أن قد أمرت فنزل عنها واحتمل أبو أيوب رحله
فأدخله مسكنه وسأل رسول الله عن المربد لمن هو فأخبر فقال معاذ بن عفراء يا رسول الله سأرضيهما منه فاتخذه مسجدا ويقول قائلون اشتراه
كل ذلك قد سمعناه
فأقام رسول الله في مسكن أبي أيوب حتى ابتنى المسجد وبنى له مساكنه فيه
ثم انتقل لفظ حديث جرير بن حازم
أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن عمر بن علي القاضي الفقيه ببغداد قال حدثنا أحمد بن سليمان النجاد قال حدثنا جعفر بن الصائغ والحسن ابن سلام قالا حدثنا عفان قال حدثنا شعبة قال أخبرنا أبو إسحاق
ح وأخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي قال أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة قال أنبأنا أبو إسحاق قال سمعت البراء بن عازب يقول أول من قدم علينا من أصحاب رسول الله مصعب بن عمير وابن أم مكتوم وكانا يقرئان القرآن
وفي رواية عفان فجعلا يقرئآن الناس القرآن
ثم جاء عمار بن ياسر وسعد وبلال ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين ثم جاء رسول الله فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء قط فرحهم به حتى رأيت الولائد والصبيان يسعون في الطرق ويقلن جاء رسول الله فما قدم المدينة حتى تعلمت (سبح اسم ربك الأعلى) في مثلها من المفصل
وفي رواية عفان حتى قرأت سورا من المفصل ولم يقل يسعون في الطريق رواه البخاري في الصحيح عن أبي الوليد
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا أبو عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا عبيد الله بن موسى وعبد الله بن رجاء عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال اشترى أبو بكر من عازب رحلا فذكر الحديث في الهجرة كما مضى قال أبو بكر ومضى رسول الله وأنا معه حتى قدمنا المدينة ليلا فتنازعه القوم أيهم ينزل عليه فقال رسول الله إني أنزل الليلة على بني النجار أخوال بني عبد المطلب أكرمهم بذلك وخرج الناس حين قدمنا المدينة في الطريق وعلى البيوت والغلمان والخدم يقولون جاء رسول الله جاء محمد الله أكبر جاء محمد جاء رسول الله فلما اصبح انطلق فنزل حيث أمر رواه البخاري عن عبد الله بن رجاء وأخرجه مسلم من وجه آخر عن إسرائيل
أخبرنا أبو عمرو الأديب قال أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال سمعت أبا خليفة يقول سمعت ابن عائشة يقول لما قدم عليه السلام
المدينة جعل الناس والصبيان يقلن
(طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصنعاني قال حدثنا أبو النضر قال حدثنا سليمان هو ابن المغيرة عن ثابت عن أنس قال إني لأسعى في الغلمان يقولون جاء محمد فاسعى ولا أرى شيئا ثم يقولون جاء محمد فاسعى ولا أرى شيئا حتى جاء النبي وصاحبه أبو بكر فكمنا في بعض جدار المدينة ثم بعثنا رجلا من بعض البادية ليؤذن بهما الأنصار فاستقبلهما زهاء خمسمائة من الأنصار حتى انتهوا إليهما فقالت الأنصار انطلقا آمنين مطاعين فأقبل رسول الله وصاحبه بين أظهرهم فخرج أهل المدينة حتى أن العواتق لفوق البيوت يتراءينه يقلن أيهم هو أيهم هو قال فما رأينا منظرا شبيها به يومئذ قال أنس فلقد رأيت يوم دخل علينا ويوم قبض فلم أر يومين شبيها بهما
حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء قال حدثنا علي بن حمشاد العدل قال حدثنا هشام بن علي السدوسي قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال شهدت يوم دخل النبي
فلم أر يوما أحسن ولا أضوأ منه
وقال أبو عبد الله أخبرني أبو الحسن علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد الدوري قال حدثنا محمد بن سليمان بن إسماعيل بن أبي الورد قال حدثنا إبراهيم بن صرمة قال حدثنا يحيى ابن سعيد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس قال قدم رسول الله المدينة فلما دخل المدينة جاءت الأنصار برجالها ونسائها فقالوا إلينا يا رسول الله فقال دعوا الناقة فإنها مأمورة فبركت على باب أبي أيوب قال فخرجت جوار من بني النجار يضربن بالدفوف وهن يقلن
(نحن جوار من بني النجار يا حبذا محمد من جار)
فخرج إليهم رسول الله فقال أتحبوني فقالوا أي والله يا رسول الله قال أنا والله أحبكم وأنا والله أحبكم أنا والله أحبكم
وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن سليمان النحاس المقريء ببغداد قال حدثنا عمر بن الحسن الحلبي قال حدثنا أبو خيثمة المصيصي قال حدثنا عيسى بن يونس عن عوف الأعرابي عن ثمامة عن انس قال مر رسول الله بحي بني النجار وإذا جوار يضربن بالدف يقلن
(نحن جوار من بني النجار يا حبذا محمد من جار)
فقال النبي الله يعلم أن قلبي يحبكن
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا خلف بن عمرو العكبري قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا عطاف ابن خالد حدثنا صديق بن موسى عن عبد الله بن الزبير أن رسول الله قدم المدينة فاستناخت به راحلته بين دار جعفر بن محمد بن علي ودار الحسن بن زيد فأتاه الناس فقالوا يا رسول الله المنزل فانبعثت به راحلته فقال دعوها فإنها مأمورة ثم خرجت به حتى جاءت به موضع لمنبر فاستناخت ثم تخللت الناس وثم عريش كانوا يرشونه ويعمرونه ويتبردون فيه حتى نزل رسول الله على راحلته فآوى إلى الظل فنزل فيه فأتاه أبو أيوب فقال يا رسول الله أن منزلي أقرب المنازل إليك فانقل رحالك إلي فقال نعم فذهب برحله إلى المنزل ثم أتاه رجل فقال يا رسول الله أين تحل قال إن الرجل مع رحله حيث كان وثبت رسول الله في العرش اثنتي عشرة ليلة حتى بني المسجد
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عمرو الحيري قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي قال حدثنا أبو النعمان قال حدثنا ثابت يعني ابن زيد قال حدثنا عاصم الأحول عن عبد الله بن الحارث عن أفلح مولى أبي أيوب عن أبي أيوب أن النبي نزل عليه فنزل النبي في السفل وأبو أيوب في لعلو فانتبه أبو أيوب ليلته فقال نمشي فوق رأس رسول الله فتنحوا فباتوا في جانب ثم قال للنبي فقال النبي السفل أرفق فقال لا أعلو سقيفة أنت تحتها فتحول النبي في العلو وأبو أيوب في السفل فكان يصنع للنبي طعاما فإذا جيء به سأل عن موضع أصابعه فيتتبع موضع أصابعه فصنع له طعاما فيه
ثوم فلما رد إليه سأل عن موضع أصابع النبي فقيل لم يأكل ففزع وصعد إليه فقال أحرام فقال النبي لا ولكني أكرهه قال فإني أكره ما تكره أو ما كرهت قال وكان النبي يؤتي يعني يأتيه الملك
رواه مسلم في الصحيح عن أحمد بن سعيد الدارمي وغيره
وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال أخبرنا ابن ملحان قال حدثنا يحيى بن بكر قال حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الحسن أو أبي الخير عن أبي السماعي عن أبي أيوب الأنصاري حدثه أن رسول الله نزل في بيت الأسفل وكنت في الغرفة فأهرق ماء في الغرفة فقمت أنا وأم أيوب نتبع الماء بقطيفة لنا شفقا أن يصل إلى رسول الله فنزلت إلى رسول الله وأنا مشفق فقلت يا رسول الله ليس ينبغي أن أكون فوقك أنتقل إلى الغرفة فأمر رسول الله فنقل متاعه أظنه بليل قليل فقلت يا رسول الله كنت ترسل إلينا بالطعام فأنظر فإذا رأيت أثر أصابعك وضعت يدي فيه حتى إذا كان هذا الطعام الذي أرسلت به إلي نظرت إليه فلم أر أثر أصابعك فقال رسول الله أجل إن فيه بصلا فكرهت أن آكله من أجل الملك الذي يأتيتي فأما أنتم فكلوه
رواه محمد بن إسحاق بن يسار عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد ابن عبد الله اليزني وهو أبو الخير غير أنه قال عن أبي أمامة الباهلي عن أبي أيوب
511
youssef darwish 15-03-2013, 02:23 AM جزاكم الله خيراً
محمد رافع 52 15-03-2013, 06:46 PM جزاكم الله خيراً
بارك الله فيكم
محمد رافع 52 16-03-2013, 11:44 AM ما جاء في شق صدر النبي واستخراج حظ الشيطان من قلبه سوى ما مضى في ذكر رضاعه
قال الله عز وجل (ألم نشرح لك صدرك)
أخبرنا أبو سهل محمد بن نصروية بن أحمد المروزي قال حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن خنب ببخارى قال حدثنا أبو الفضل العباس بن الفضل المعروف بدبيس قال حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت عن أنس بن مالك أن رسول الله أتاه جبريل عليه السلام ذات يوم وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب ثم شق القلب فاستخرج منه علقة فقال هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه وأعاده في مكانه وجعل الغلمان يسعون إلى أمه يعني ظئره فقالوا إن محمدا قد *** فجاءوا وهو منتقع اللون فقال أنس فلقد كنت أرى أثر المخيط في صدره
أخرجه مسلم في الصحيح عن شيبان عن حماد
وأخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو بكر بن محمد بن عمر بن حفص قال حدثنا سهل بن عمار قال حدثنا حفص بن عبد الله عن إبراهيم بن طهمان قال
سألت سعيدا عن قوله (ألم نشرح لك صدرك) قال فحدثني
عن قتادة عن أنس بن مالك أنه قد شق بطنه يعني النبي من عند صدره إلى أسفل بطنه فاستخرج منه قلبه فغسل في طست من ذهب ثم ملئ إيمانا وحكمة ثم أعيد مكانه
حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاء قال حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد العنبري قال حدثنا عثمان بن سعيد الدرامي قال حدثنا حيوة بن شريح الحمصي قال حدثنا بقية بن الوليد قال حدثني بحير بن سعيد وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا العباس بن محمد قال حدثنا يحيى ابن معين قال حدثنا علي بن معبد قال حدثنا بقية عن بحير بن سعيد عن خالد بن معدان عن ابن عمرو السلمي عن عتبة بن عبد
أنه حدثهم أن رجلا سأل رسول الله كيف أول شأنك يا رسول الله ? قال كانت حاضنتي من بني سعد بن بكر فانطلقت أنا وابن لها في بهم لنا ولم نأخذ معنا زادا فقلت يا أخي اذهب فأتنا بزاد من عند أمنا فانطلق أخي ومكثت عند البهم فأقبل إلي طيران أبيضان كأنهما نسران فقال أحدهما لصاحبه أهو هو قال نعم فأقبلا يبتدراني فأخذاني فبطحاني للقفا فشقا بطني ثم استخرجا قلبي فشقاه فأخرجا منه علقتين سوداوين فقال
أحدهما لصاحبه إئتني بماء ثلج فغسلا به جوفي ثم قال إئتني بماء برد فغسلا به قلبي ثم قال إئتني بالسكينة فذراها في قلبي ثم قال أحدهما لصاحبه حصه فحاصه وختم عليه بخاتم النبوة
قال أبو الفضل يعني يحصه يخيطه وفي رواية حيوة حصه يعني خطه
وختم عليه بخاتم النبوة فقال أحدهما لصاحبه إجعله في كفة واجعل ألفا من أمته في كفة فإذا أنا أنظر إلى الألف فوقي أشفق أن يحز علي بعضهم فقالا لو أن أمته وزنت به لمال بهم ثم انطلقا وتركاني وفرقت فرقا شديدا ثم انطلقت إلى أمي فأخبرتها بالذي لقيت وأشفقت أن يكون قد التبس بي فقالت أعيذك بالله فرحلت بعيرا لها فجعلني على الرحل وركبت خلفي حتى بلغنا أمي فقالت أديت أمانتي وذمتي وحدثتها بالذي لقيت فلم يرعها ذلك وقالت إني رأيت خرج مني نور أضاءت له قصور الشام
محمد رافع 52 16-03-2013, 11:47 AM ما جاء في إخبار سيف بن ذي يزن عبد المطلب بن هاشم بما يكون من أمر النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو سهل محمد بن نصرويه بن أحمد المروزي بنيسابور قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن صالح المعافري قال حدثنا أبو يزن الحميري إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن عفير عن عبد العزيز بن عفير بن زرعة بن سيف بن ذي يزن قال حدثني عمي أحمد بن حبيش بن عبد العزيز قال حدثني أبي قال حدثني أبي عبد العزيز قال حدثني أبي عفير قال حدثني أبي زرعة بن سيف بن ذي يزن قال لما ظهر سيف بن ذي يزن على الحبشة وذلك بعد مولد النبي بسنتين أتوه وفود العرب وأشرافها وشعراؤها لتهنئه وتذكر ما كان من بلائه وطلبه بثأر قومه وأتاه وفد قريش منهم عبد المطلب بن هاشم وأمية بن عبد شمس وعبد الله بن جدعان وأسد بن عبد العزى ووهب بن عبد مناف وقصى بن عبد الدار فدخل عليه آذنه وهو في رأس قصر يقال له غمدان
وهو الذي يقول فيه أمية بن أبي الصلت الثقفي
(اشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا في رأس غمدان دارا منك محلالا)
(واشرب هنيئا فقد شالت نعامتهم وأسبل اليوم في برديك إسبالا)
(تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا - بعد - أبوالا)
قال والملك متضمخ بالعبير يلصف وبيص المسك في مفرق رأسهِ وعليه بردان أخضران مرتديا بأحدهما متزرا بالآخر سيفه بين يديه وعن يمينه وشماله الملوك والمقاول فأخبر بمكانهم فأذن لهم فدخلوا عليه ودنا منه عبد المطلب فاستأذنه في الكلام فقال إن كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك فقد أذنا لك
فقال إن الله عز وجل أحلك أيها الملك محلا رفيعا شامخا باذخا منيعا وأنبتك نباتا طابت أرومته وعظمت جرثومته وثبت أصله وبسق فرعه في
أطيب موضع وأكرم معدن وأنت أبيت اللعن ملك العرب الذي له تنقاد وعمودها الذي عليه العماد ومعقلها الذي يلجأ إليه العباد سلفك خير سلف وأنت لنا منهم خير خلف فلن يهلك ذكر من أنت خلفه ولن يخمل ذكر من أنت سلفه نحن أهل حرم الله تعالى وسدنه بيت الله أشخصنا إليك الذي أبهجنا من كشفك الكرب الذي فدحنا فنحن وفد التهنئة لا وفد المرزأة
قال له الملك ومن أنت أيها المتكلم قال أنا عبد المطلب بن هاشم قال ابن أختنا قال نعم قال اذنه ثم أقبل عليه وعلى القوم فقال مرحباً وأهلاً وارسلها مثلا وكان أول من تكلم بها وناقة ورحلا ومستناخا سهلا وملكا ربحلا يعطي عطاء جزلا قد سمع الملك مقالتكم وعرف قرابتكم وقبل وسيلتكم فإنكم أهل الليل والنهار ولكم الكرامة ما أقمتم والحباء إذا ظعنتم
ثم أنهضوا إلى دار الضيافة والوفود وأجري عليهم الأنزال فأقاموا بذلك شهرا لا يصلون إليه ولا يؤذون لهم في الانصراف ثم انتبه لهم انتباهة فأرسل إلى عبد المطلب فأدناه ثم قال يا عبد المطلب إني مفض إليك من سر علمي أمرا لو غيرك يكون لم ابح له به ولكني رأيتك معدنه فأطلعتك طلعه فليكن عندك مخبيا حتى يأذن الله عز وجل فيه إني أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون الذي ادخرناه لأنفسنا واحتجبناه دون غيرنا خبرا عظيما وخطرا جسيما فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة للناس عامة ولرهطك كافة ولك خاصة
فقال له عبد المطلب مثلك أيها الملك سر وبر فما هو فداك أهل
الوبر زمرا بعد زمر قال إذا ولد بتهامة غلام بين كتفيه شامة كانت له الإمامة ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة
قال عبد المطلب أيها الملك لقد أبت بخير ما آب بمثله وافد قوم ولولا هيبة الملك وإجلاله وإعظامه لسألته من سراره إياي وما ازداد سرورا
قال له الملك هذا حينه الذي يولد فيه أوقد ولد اسمه محمد يموت أبوه وأمه ويكفله جده وعمه قد ولدناه مرارا والله باعثه جهارا وجاعل له منا أنصارا يعز بهم أولياءه ويذل بهم أعداءه ويضرب بهم الناس عن عرض ويستفتح بهم كرائم أهل الأرض يعبد الرحمن ويدحض أو يدحر الشيطان ويخمد النيران ويكسر الأوثان قوله فصل وحكمة عدل ويأمر بالمعروف ويفعله وينهى عن المنكر ويبطله
قال له عبد المطلب عز جدك ودام ملكك وعلا كعبك فهل الملك سارني بإفصاح فقد وضح لي بعض الإيضاح
قال له الملك سيف بن ذي يزن والبيت ذي الحجب والعلامات على النقب إنك لحده يا عبد المطلب غير ذي كذب
قال فخر عبد المطلب ساجدا له فقال له ابن ذي يزن ارفع
رأسك ثلج صدرك وعلا كعبك فهل أحسست بشيء مما ذكرت لك قال نعم أيها الملك إنه كان لي ابن وكنت به معجبا وعليه رفيقا وإني زوجته كريمة من كرائم قومي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة فجاءت بغلام فسميته محمدا مات أبوه وأمه وكفلته أنا وعمه
قال له ابن ذي يزن إن الذي قلت لك كما قلت فاحفظه واحذر عليه من اليهود فإنهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك فإني لست آمن أن تتداخلهم النفاسة من أن تكون لكم الرئاسة فينصبون له الحبائل ويبغون له الغوائل وإنهم فاعلون ذلك أو أبناؤهم غير شك ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير يثرب دار ملكي فإني أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق أن يثرب استحكام أمره وأهل نصرته وموضع قبره ولولا أني أقيه الآفات وأحذر عليه العاهات لأعلنت على حداثة سنه أمره ولأوطأت على أسنان العرب كعبه ولكن سأصرف ذلك إليك عن غير تقصير بمن معك
ثم دعا بالقوم فأمر لكل رجل منهم بعشرة أعبد سود وعشر إماء سود وحلتين من حلل البرود وخمسة أرطال ذهب وعشرة أرطال فضة ومائة من الإبل وكرش مملوء عنبرا وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك وقال إذا حال الحول فأتني بخبره وما يكون من أمره
قال فمات سيف بن ذي يزن قبل أن يحول عليه الحول قال فكان كثيرا مما يقول عبد المطلب يا معشر قريش لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك وإن كثر فإنه إلى نفاد ولكن يغبطني بما يبقى لي ولعقبي ذكره وفخره فإذا قيل وما هو قال سيعلم ما أقول ولو بعد حين
وقال أمية بن عبد شمس في مسيرهم إلى سيف بن ذي يزن أبياتا ذكرها
وقد روي هذا الحديث أيضا عن الكبي عن أبي صالح عن ابن عباس
محمد رافع 52 16-03-2013, 11:49 AM ما جاء في استسقاء عبد المطلب بن هاشم وما ظهر فيه من آيات رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الله المزني قال حدثنا يوسف بن موسى قال حدثنا أبو عبد الرحمن حميد بن الخلال قال حدثنا يعقوب بن محمد بن عيسى بن عبد الملك بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف قال حدثنا عبد العزيز بن عمران عن ابن حويصة قال حدثني مخرمة بن نوفل عن أمه رقيقة بنت صيفي وكانت لدة عبد المطلب قالت تتابعت على قريش سنون جدبة أقحلت الجلد وأرقت العظم قالت فبينا أنا ومعي صنوي أصغر مني معنا بهمات لنا وربى وأعبد يردون علي السجف فبينا أنا راقدة اللهم أو مهومة إذا أنا بهاتف صيت يصرخ بصوت صحل يقول يا معشر قريش إن هذا النبي مبعوث
منكمِ وهذا إبان مخرجه فحيهلا بالخير والخصب ألا فانظروا منكم رجلا طوالا عظاما أبيض بضا أشم العرنين له فخر يكظم عليه وسنة تهدى إليه ألا فليخلص هو وولده وليدلف إليه من كل بطن رجل ألا فليسقوا من الماء وليمسوا من الطيب وليستلموا الركن وليطوفوا بالبيت سبعا ثم ليرتقوا أبا قبيس فليستسق الرجل وليؤمن القوم ألا وفيهم الطاهر والطيب لذاته وإلا فغثتم إذا ما شئتم وعشتم
قالت فأصبحت علم الله مفؤودة مذعورة قد قف جلدي ووله عقلي فاقتصصت رؤياي فنمت في شعاب مكة فوالحرمة والحرم إن بقي بها ابطحي إلا قال هذا شيبة الحمد هذا شيبة وتتمت عنده قريش وانقض إليه من كل بطن رجل فشنوا وطيبوا واستلموا وطافوا ثم ارتقوا أبا قبيس وطفق القوم يدفون حوله ما إن يدرك سعيهم مهله حتى قر لذروته فاستكنوا جنابيه ومعهم رسول الله وهو يومئذ غلام قد أيفع أو كرب فقام عبد المطلب فقال اللهم ساد الخلة وكاشف الكربة أنت عالم غير معلم ومسئول غير منجل وهذه عبداؤك وإماؤك عذرات حرمك يشكون
إليك سنتهم التي قد أقحلت الظلف والخف فاسمعن اللهم وأمطرن غيثا مريعا مغدقا فما راموا البيت حتى انفرجت السماء بمائها وكظ الوادي بثجيجه فلسمعت شيخان قريش وهي تقول لعبد المطلب هنيئا لك أبا البطحاء هنيئا أي بك عاش أهل البطحاء وفي ذلك تقول رقيقة
(بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا وقد فقدنا الحيا واجلوذ المطر)
(فجاد بالماء جوني له سبل دان فعاشت به الأمصار والشجر)
(سيل من الله بالميمون طائره وخير من بشرت يوما به مضر)
(مبارك الأمر يستسقى الغمام به ما في الأنام له عدل ولا خطر)
وأخبرنا أبو الحسين بن بشران قال حدثنا الحسين بن صفوان قال حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال حدثني زكريا بن يحيى بن عمر البكائي قال حدثني زحر بن حصن عن جده حميد بن منهب قال قال عمي عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام يحدث عن مخرمة بن نوفل عن أمه رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم وكانت لدة عبد المطلب قالت تتابعت على قريش سنون أقحلت الضرع وأرقت العظم فبينما أنا قائمة اللهم أو مهومة إذا هاتف يصرخ بصوت صحل يقول معشر قريش إن هذا
النبي المبعوث منكم قد أظلتكم أيامه وهذا إبان نجومه فحي هلا بالحيا والخصب ألا فانظروا رجلا منكم وسيطا عظاما جساما أبيض بضا أوطف الأهداب سهل الخدين أشم العرنين له فخر يكظم عليه وسنة تهدي إليه فليخلص هو وولده وليهبط إليه من كل بطن رجل فليشنوا من الماء وليمسوا من الطيب ثم ليتسلموا الركن ثم ليرتقوا أبا قبيس فليستسق الرجل وليؤمن القوم فغثتم ما شئتم فأصبحت علم الله مذعورة قد اقشعر جلدي ووله عقلي واقتصصت رؤياي فوالحرمة والحرم ما بقي بها أبطحي إلا قالوا هذا شيبة الحمد وتتامت إليه رجالات قريش وهبط إليه من كل بطن رجل فشنوا ومسوا واستلموا ثم ارتقوا أبا قبيس وطفقوا جنابيه ما يبلغ سعيهم مهله حتى إذا استوى بذروة الجبل قام عبد المطلب ومعه رسول الله غلام قد أيفع أو كرب فقال اللهم ساد الخلة وكاشف الكربة أنت معلم غير معلم ومسئول غير منجل وهذه عبداؤك وإماؤك بعذرات حرمك يشكون إليك سنتهم أذهبت الخف والظلف اللهم فأمطرنا غيثا مغدقا مريعا فوا الكعبة ما راموا حتى تفجرت السماء بمائها واكتظ الوادي بثجيجه فتسمعت شيخان قريش وجلتها عبد الله بن جدعان وحرب بن أمية وهشام بن المغيرة يقولون لعبد المطلب هنيئا لك أبا البطحاء أي عاش بك أهل البطحاء وفي ذلك ما تقول رقيقة
(بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا لما فقدنا الحيا واجلوذ المطر)
(فجاد بالماء جوني له سبل سحا فعاشت به الأنعام والشجر)
(منا من الله بالميمون طائره وخير من بشرت يوما به مضر)
(مبارك الأمر يستسقى الغمام به ما في الأنام له عدل ولا خطر)
محمد رافع 52 16-03-2013, 11:51 AM ما جاء في شفقة عبد المطلب بن هاشم على رسول الله
وتوصيته أبا طالب به عند وفاته لما كان يرى من آياته ويسمع
من الأحبار وغيرهم فيما يكون من أمره
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف الفراء المصري بمكة حرسها الله قال حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن خروف بن كامل المديني ملاء بمصر قال حدثنا الحسن بن علي بن موسى البغدادي قال حدثنا وهبان بن بقية الواسطي ح
وأخبرنا أبو عبد الله بن نظيف قال حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمود ابن أحمد الشمعي البغدادي إملاء بمصر قال حدثنا أبو العباس أحمد ابن يونس بن موسى السامي البصري إملاء من كتابه قال حدثنا عمرو بن عون واللفظ له ومعناهما متقارب قال حدثنا خالد بن عبد الله عن داود بن أبي هند عن العباس بن عبد الرحمن هو الهاشمي عن كندير بن سعيد عن أبيه قال حججت في الجاهلية فرايت أرجلا يطوف بالبيت وهو يرتجز ويقول
(رب رد إلي راكبي محمدا يا رب رده واصطنع عندي يدا)
قال قلت من هذا قالوا هذا عبد المطلب بن هاشم بعث بابن له في طلب إبل له ولم يبعثه في حاجة قط إلا نجح فيها وقد أبطأ عليه قال فلم
يلبث حتى جاء النبي والإبل فاعتنقه عبد المطلب وقال يا بني لقد جزعت عليك جزعا لم أجزعه على شيء قط والله لا بعثتك في حاجة أبدا ولا تفارقني بعد هذا أبدا
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو صالح خلف بن محمد الكرابيسي ببخارى إملاء قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن الفضل المفسر قال حدثنا أحمد بن الفضل قال حدثنا عيسى الفنجار قال حدثنا خارجة عن بهز بن حكيم عن أبيه عن معاوية بن حيدة قال خرج حيدة بن معاوية في الجاهلية معتمرا فإذا هو بشيخ عليه ممصرتان وهو يطوف بالبيت وهو يقول
(رب رد إلي راكبي محمدا رده علي واصطنع عندي يدا)
قلت من هذا قالوا سيد قريش وابن سيدها هذا عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف قلت فما محمد هذا منه قالوا هذا ابن ابن له وهو أحب الناس إليه وله إبل كثيرة فإذا ضل منها بعث فيها بنيه يطلبونها وإذا أعيى بنوه بعث ابن ابنه وقد بعثه في ضالة أعيى عنها بنوه وقد احتبس عنه فوالله ما برحت البلد حتى جاء محمد وجاء بالإبل
وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن
محمد بن إسحاق بن يسار قال وكان رسول الله مع جده عبد المطلب فحدثني العباس بن عبد الله بن معبد عن بعض أهله قال كان يوضع لعبد المطلب جد رسول الله فراش في ظل الكعبة فكان لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له وكان رسول الله يأتي حتى يجلس عليه فيذهب أعمامه يؤخرونه فيقول جده عبد المطلب دعوا ابني فيمسح على ظهره ويقول إن لبني هذا لشأنا فتوفى عبد المطلب ورسول الله ابن ثمان سنين بعد الفيل بثمان سنين
قال ابن إسحاق وكان عبد المطلب فيما يزعمون يوصي أبا طالب برسول الله وذلك أن عبد الله وأبا طالب لأم فقال عبد المطلب فيما يزعمون فيما يوصيه به واسم أبي طالب عبد مناف
(أوصيك يا عبد مناف بعدي بموحد بعد أبيه فرد)
(فارقه وهو ضجيع المهد فكنت كالأم له في الوجد)
وذكر أبياتا أخر وقال فيهن
(بل أحمد رجوته للرشد قد علمت علام أهل العهد)
(أن الفتى سيد أهل نجد يعلو على ذي البدن الأشد)
وقال أيضا
(أوصيت من كنيته بطالب عبد مناف وهو ذو تجارب)
(بابن الذي قد غاب غير آيب )
وذكر أبياتا أخر وقال فيهن
(فلست بالآيس غير الراغب بأن يحق الله قول الراهب)
(فيه وأن يفضل آل غالب )
(إني سمعت أعجب العجائب من كل حبر عالم وكاتب)
(هذا الذي يقتاد كالجنائب من حل بالأبطح والأخاشب)
(أيضا ومن تاب إلى المثاوب من ساكن للحرم أو مجانب)
محمد رافع 52 16-03-2013, 11:53 AM ما جاء في خروج النبي مع أبي طالب حين أراد الخروج إلى
الشام تاجرا ورؤية بحيرى الراهب من صفته وآياته ما استدل
به على أنه هو النبي الموعود في كتبهم صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو القاسم طلحة بن علي بن الصقر البغدادي بها قال أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى الآدمي قال حدثنا عباس بن محمد الدوري ح وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وأبو سعيد بن أبي عمرو قالو حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا العباس بن محمد قال حدثنا قراد أبو نوح قال أخبرنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبي موسى قال خرج أبو طالب إلى الشام فخرج معه رسول الله في أشياخ من قريش فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فحلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ولا يلتفت قال فهم يحلون رحالهم فجعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد رسول الله وقال هذا سيد العالمين هذا رسول رب العالمين هذا يبعثه الله رحمه للعالمين فقال له
أشياخ من قريش ما علمك قال إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يمر بشجرة ولا حجر إلا خر ساجدا ولا يسجدان إلا لنبي وإني أعرفه خاتم النبوة في أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة ثم رجع فصنع لهم طعاما فلما أتاهم به وكان هو في رعية الإبل قال أرسلوا إليه فأقبل وعليه غمامة تظله فقال انظروا إليه عليه غمامة تظله فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة فلما جلس مال فيء الشجرة عليه فقال انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه
قال فبينما هو قائم عليهم وهو يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى الروم فإن الروم إن رأوه عرفوه بالصفة ف***وه فالتفت فإذا هو بتسعة وفي رواية الأصم بسبعة نفر قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم فقال ما جاء بكم قالوا جئنا إلى هذا النبي خارج في هذا الشهر فلم يبق طريق إلا بعث إليه ناس وإنا أخبرنا خبره فبعثنا إلى طريقك هذا فقال لهم هل خلفتم خلفكم أحدا هو خير منكم قالوا لا إنا أخبرنا خبر طريقك هذا قال أفرأيتم أمرا أراد الله عز وجل أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده قالوا لا قال فتابعوه وأقاموا معه قال فأتاهم فقال أنشدكم الله أيكم وليه فقالوا أبو طالب فلم يزل يناشده حتى رده وبعث معه أبو بكر رضي الله عنه بلالا وزوده الراهب من الكعك والزيت
قال أبو العباس سمعت العباس يقول ليس في الدنيا مخلوق يحدث به غير قراد وسمع هذا أحمد ويحيى بن معين من قراد
قلت وإنما أراد به بإسناده هذا موصولا فأما القصة فهي عند أهل المغازي مشورة
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا ابو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير قال قال محمد بن إسحاق
وكان أبو طالب هو الذي يلي أمر رسول الله بعد جده كان إليه ومعه ثم إن أبا طالب خرج في ركب إلى الشام تاجرا فلما تهيأ للرحيل وأجمع السير ضب به رسول الله فأخذ بزمام ناقته وقال يا عم إلى من تكلني لا أب لي ولا أم لي فرق له أبو طالب وقال والله لأخرجن به معي ولا يفارقني ولا أفارقه أبدا أو كما قال قال فخرج به معه فلما نزل الركب بصرى من أرض شام وبها راهب يقال له بحيراء في صومعة له وكان أعلم أهل النصرانية ولم يزل في تلك الصومعة قط راهب يصير علمهم عن كتاب فيه فيما يزعمون يتوارثونه كابرا عن كابر فلما نزلوا ذلك العام ببحيراء وكانوا كثيرا مما يمرون به قبل ذلك لا يكلمهم ولا يعرض لهم حتى إذا كان ذلك العام نزلوا به قريبا من صومعته فصنع لهم طعاما كثيرا وذلك فيما يزعمون عن شيء رآه وهو في صومعته في الركب حين أقبلوا وغمامة بيضاء تظله من بين القوم ثم أقبلوا حتى نزلوا بظل شجرة قريبا منه فنظر إلى الغمامة حتى أظلت الشجرة وشمرت أغصان الشجرة على رسول الله حتى استظل تحتها فلما رأى ذلك بحيراء نزل من صومعته وقد أمر بذلك الطعام فصنع ثم أرسل إليهم فقال إني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش وأنا أحب أن تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم وحركم وعبدكم فقال له رجل منهم يا بحيراء إن لك اليوم لشانا ما كنت تصنع هذا فيما مضى وقد كنا نمر بك كثيرا فما شأنك اليوم فقال له بحيراء
صدقت قد كان ما تقول ولكنكم ضيف وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم طعاما تأكلون منه كلكم فاجتمعوا إليه وتخلف رسول الله من بين القوم لحداثة سنه في رحال القوم تحت الشجرة فلما نظر بحيراء في القوم ولم ير الصفة التي يعرف ويجد عنده فقال يا معاشر قريش لا يتخلف أحد منكم عن طعامي هذا فقالوا له يا بحيرى ما تخلف عنك أحد ينبغي له أن يأتيك إلا غلام وهو أحدث القوم سنا تخلف في رحالهم قال فلا تفعلوا ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم فقال رجل من قريش مع القوم واللات والعزى إن هذا للؤم بنا أن يتخلف ابن عبد الله بن عبد المطلب عن الطعام من بيننا قال ثم قام إليه فاحتضنه ثم أقبل به حتى أجلسه مع القوم فلما رآه بحيراء جعل يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده في صفته حتى إذا فرع القوم من الطعام وتفرقوا قام بحيراء فقال له يا غلام أسألك باللات والعزى إلا أخبرتني عما أسألك عنه وإنما قال له بحيراء ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بهما وزعموا أن رسول الله قال له لا تسلني باللات والعزى شيئا فوالله ما أبضغت بعضهما شيئا قط فقال له بحيراء فبالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه فقال سلني عما بدا لك فجعل يسأله عن أشياء من حاله في نومه وهيئته وأموره فجعل رسول الله يخبره فيوافق ذلك ما عند بحيراء من صفته ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته التي عنده قال فلما فرغ منه أقبل على عمه أبي طالب فقال له ما هذا الغلام منك فقال ابني فقال له بحيراء ما هو بابنك وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا قال فإنه ابن أخي قال فما
فعل أبوه قال مات وأمه حبلى به قال صدقت قال ارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرا فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن فأسرع به إلى بلاده فخرج به عمه أبو طالب سريعا حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته بالشام فزعموا فيما يتحدث الناس أن زبيرا وثماما ودريسا وهم نفر من أهل الكتاب قد كانوا رأوا من رسول الله في ذلك السفر الذي كان فيه مع عمه أبي طالب أشياء فأرادوه فردهم عنه بحيراء وذكرهم الله وما يجدون في الكتاب من ذكره وصفته وأنهم إن أجمعوا بما أرادوا لم يخلصوا إليه حتى عرفوا ما قال لهم وصدقوه بما قال فتركوه وانصرفوا فقال أبو طالب في ذلك شعرا يذكر مسيره برسول الله وما أراد منه أولئك النفر وما قال لهم فيه بحيراء
وذكر ابن إسحاق ثلاث قصائد من شعره في ذلك
محمد رافع 52 16-03-2013, 11:56 AM ما جاء في حفظ الله تعالى رسوله في شبيبته عن أقذار الجاهلية
ومعائبها لما يريد به من كرامته برسالته حتى بعثه رسولا
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير قال قال ابن إسحاق فشب رسول الله يكلؤه الله عز وجل ويحفظه ويحوطه من أقذار الجاهلية ومعائبها لما يريد به من كرامته ورسالته وهو على دين قومه حتى بلغ أن كان رجلا أفضل قومه مروءة وأحسنهم خلقا وأكرمهم مخالطة وأحسنهم جوارا وأعظمهم خلقا واصدقهم حديثا وأعظمهم أمانة وأبعدهم من الفحش والأخلاق التي تدنس الرجال تنزها وتكرما حتى ما اسمه في قومه إلا الأمين لما جمع الله تعالى فيه من الأمور الصالحة
وكان رسول الله فيما ذكر لي يحدث عما كان يحفظه الله تعالى به في صغره وأمر جاهليته فحدثني والدي إسحاق بن يسار عمن حدثه عن
رسول الله أنه قال فيما يذكر من حفظ الله إياه إني لمع غلمان هم أسناني قد جعلنا أزرنا على أعناقنا لحجارة ننقلها نلعب بها إذ لكمني لاكم لكمة شديدة ثم قال اشدد عليك إزارك
أخبرنا أبو نصر محمد بن علي بن محمد الفقيه الشيرازي قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الأخرم قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال أخبرنا روح
وأخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب الخوارزمي الحافظ ببغداد قال قريء على أبي بكر محمد بن جعفر بن الهيثم قال حدثنا محمد بن العوام قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا زكريا بن إسحاق قال حدثنا عمرو بن دينار قال سمعت جابر بن عبد الله يحدث أن رسول الله كان ينقل الحجارة معهم للكعبة وعليه إزار فقال له العباس عمه يا بن أخي لو حللت إزارك فجعلته على منكبيك دون الحجارة قال فحله فجعله على منكبيه فسقط مغشيا عليه فما رؤي بعد ذلك اليوم عريانا
لفظ حديثهما سواء
رواه البخاري في الصحيح عن مطر بن الفضل
ورواه مسلم عن زهير بن حرب جميعا عن روح بن عبادة
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد الفقيه قال حدثنا محمد بن زهير قال حدثنا إسحاق بن منصور ح
وأخبرنا أبو عبد الله قال أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن رافع قال حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا ابن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع جابر ابن عبد الله يقول لما بنيت الكعبة ذهب رسول الله وعباس ينقلان الحجارة فقال العباس للنبي اجعل إزارك على عاتقك من الحجارة ففعل فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء ثم قام فقال إزاري فشد عليه إزاره
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع وإسحاق بن منصور
ورواه البخاري عن محمود عن عبد الرزاق
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا محمد بن بكير الخضرمي قال حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي قال حدثنا عمرو بن أبي قيس عن سماك عن عكرمة قال
حدثنا ابن عباس عن أبيه
أنه كان ينقل الحجارة في البيت حين بنت قريش البيت قال وأفردت قريش رجلين رجلين الرجال ينقلون الحجارة وكانت النساء تنقل الشيد قال وكنت أنا وابن أخي وكنا نحمل على رقابنا وأزرنا تحت الحجارة فإذا غشينا الناس اتزرنا فبينما أنا أمشي ومحمد أمامي قال فخر وانبطح على وجهه قال فجئت أسعى وألقيت حجري وهو ينظر إلى السماء فقلت ما شأنك فقام وأخذ أزاره فقال نهيت أن أمشي عريانا فكنت أكتمها الناس مخافة أن يقولوا مجنون
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال حدثني محمد بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب قال سمعت رسول الله يقول
ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يهمون به من النساء إلا ليلتين كلتاهما عصمني الله تعالى فيهما قلت ليلة لبعض فتيان مكة ونحن في رعاية غنم أهلنا فقلت لصاحبي أبصر لي غنمي حتى أدخل مكة فأسمر فيها كما يسمر الفتيان فقال بلى قال فدخلت حتى إذا جئت أو دار من دور مكة سمعت عزفا بالغرابيل والمزامير فقلت ما هذا فقيل تزوج فلان فلانة فجلست أنظر وضرب الله تعالى على أذني فوالله ما
أيقظني إلا مس الشمس فرجعت إلى صاحبي فقال ما فعلت قلت ما فعلت شيئا ثم أخبرته بالذي رأيت ثم قلت له ليلة أخرى ابصر لي غنمي حتى أسمر بمكة ففعل فدخلت فلما جئت مكة سمعت مثل الذي سمعت تلك الليلة فسالت فقيل فلان نكح فلانة فجلست أنظر وضرب الله على أذني فوالله ما أيقظني إلا مس الشمس فرجعت إلى صاحبي فقال ما فعلت فقلت لا شيء ثم اخبرته الخبر فوالله ما هممت ولا عدت بعدها لشيء من ذلك حتى أكرمني الله عز وجل بنبوته
حدثنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أسامة بن زيد عن زيد بن حارثة قال كان صنم من نحاس يقال له إساف أو نائلة يتمسح به المشركون إذا طافوا فطاف رسول الله فطفت معه فلما مررت مسحت به فقال رسول الله لا تمسه فقال زيد فطفت فقلت في نفسي لأمسنه حتى أنظر ما يكون فمسحته فقال رسول الله ألم تنه
قلت زاد فيه غيره عن محمد بن عمرو بإسناده قال زيد فوالذي هو أكرمه وأنزل عليه الكتاب ما استلم صنما حتى أكرمه الله بالذي أكرمه وأنزل عليه
وروينا في قصة بحيراء الراهب حين حلف باللات والعزى متابعة لقريش فقال النبي لا تسالني بالات والعزى شيئا فوالله ما أبغضت بغضهما شيئا قط
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال حدثنا أبوالقاسم الطبراني قال حدثنا المعمري قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة ح
وأخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال حدثنا إبراهيم بن أسباط قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير عن سفيان الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال كان النبي يشهد مع المشركين مشاهدهم قال فسمع ملكين خلفه وأحدهما يقول لصاحبه اذهب بنا حتى نقوم خلف رسول الله قال كيف نقوم خلفه وإنما عهده باستلام الأصنام قبيل قال فلم يعد بعد ذلك أن يشهد مع المشركين مشاهدهم
قال أبو القاسم تفسير قول جابر وإنما عهده باستلام الأصنام يعني أنه شهد مع من استلم الأصمام وذلك قبل أن يوحى إليه
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت
كانت قريش ومن يدين دينها وهم الحمس يقفون عشية عرفة بالمزدلفة يقولون نحن قطن البيت وكانت بقية الناس والعرب يقفون بعرفات فأنزل الله عز وجل (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) فتقدموا فوقفوا مع الناس بعرفات
أخرجاه في الصحيح عن هشام
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا أحمد قال حدثنا يونس بن شبيب عن ابن اسحاق قال حدثني عبد الله بن أبي بكر عن عثمان بن أبي سليمان عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه جبير قال
لقد رأيت رسول الله وهو على دين قومه وهو يقف على بعير له بعرفات من بين قومه حتى يدفع معهم توفيقاً من الله عز وجل له
قلت قوله على دين قومه معناه على ما كان قد بقي فيهم من إرث إبراهيم وإسماعيل في حجهم ومناكحهم وبيوعهم دن الشرك فإنه لم يشرك بالله قط
وفيما ذكرنا من بغضه اللات والعزى دليل على ذلك
أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال حدثنا يحيى بن علي بن هشام الخفاف قال حدثنا أبو عبد الرحمن الأذرمي قال حدثنا إسماعيل بن علية عن عبد الرحمن بن
إسحاق عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن عبد الرحمن ابن عوف قال قال رسول الله شهدت مع عمومتي حلف المطيبين فما أحب أن أنكثه أو كلمة نحوها وأن لي حمر النعم وكذلك رواه بشر بن المفضل عن عبد الرحمن
وأخبرنا أبو نصر بن قتادة قال حدثنا أبو عمرو بن مطر قال حدثنا أبو بكر أحمد بن داود السمناني قال حدثنا معلى بن مهدي قال حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال
قال رسول الله ما شهدت حلفا لقريش إلا حلف المطيبين وما أحب أن لي حمر النعم وأني كنت نقضته
قال والمطيبين هاشم وأمية وزهرة ومخزوم
كذا روى هذا التفسير مدرجا في الحديث ولا أدري قائله
وزعم بعض أهل السير أنه أراد حلف الفضول وأن النبي
لم يدرك حلف المطيبين
وزعم ابن إسحاق أن هذا الحلف يعني الأخير الذي عقدوه على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم شهده بنو هاشم وبنو المطلب وبنو أسد وبنو زهرة وبنو تيم وقد ذكرناه مفسرا في كتاب السنن
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن شيبان الرملي قال حدثنا أحمد بن إبراهيم الحلبي قال حدثنا الهيثم بن جميل حدثنا زهير عن محارب بن دثار عن عمرو بن يثربي عن العباس بن عبد المطلب قال قلت يا رسول الله دعاني إلى الدخول في دينك أمارة لنبوتك رأيتك في المهد تناغي القمر وتشير إليه بإصبعك فحيث أشرت إليه مال قال إني كنت أحدثه ويحدثني ويلهيني عن البكاء وأسمع وجبته حين يسجد تحت العرش
تفرد به هذا الحلبي بإسناده وهو مجهول
محمد رافع 52 16-03-2013, 12:02 PM ما جاء في بناء الكعبة على طريق الاختصار
وما ظهر فيه على رسول الله من الآثار
قال الله عز وجل (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين)
أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري قال حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول قال المسجد الحرام قال قلت ثم أي قال ثم المسجد الأقصى قال قلت كم بينهما قال أربعون سنة فأينما أدركت الصلاة فصل فهو مسجد
رواه مسلم في الصحيح عن أبي كريب وغيره عن أبي معاوية وأخرجه
البخاري من وجه آخر عن الأعمش
حدثنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله الصفار قال حدثنا أحمد بن مهران قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال كان البيت قبل الأرض بألفي سنة (وإذا الأرض مدت) قال من تحته مدا
تابعه منصور عن مجاهد
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد ابن عبد الله البغدادي قال حدثني يحيى بن عثمان بن صالح قال حدثنا أبو صالح الجهني قال حدثني ابن لهيعة عن يزيد عن
أبي الخير عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال النبي بعث الله جبريل عليه السلام إلى آدم وحواء فقال لهما ابنيا لي بناء فخط لهما جبريل عليه السلام فجعل آدم يحفر وحواء تنقل حتى أجابه الماء نودي من تحته حسبك يا آدم فلما بنياه أوحى الله تعالى إليه أن يطوف به وقيل له أنت أول الناس وهذا أول بيت ثم تناسخت القرون حتى حجه نوح ثم تناسخت القرون حتى رفع إبراهيم القواعد منه
تفرد به ابن لهيعة هكذا مرفوعا
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الربيع بن سليمان قالا أخبرنا الشافعي قال اخبرنا سفيان عن ابن أبي لبيد عن محمد بن كعب القرظي أو غيره قال حج آدم عليه السلام فلقيته الملائكة فقالوا بر نسكك يا آدم لقد حججنا قبلك بألفي عام
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن
ابن إسحاق قال حدثني ثقة من أ هل المدينة عن عروة بن الزبير أنه قال
(ما من نبي إلا وقد حج البيت إلا ما كان من هود وصالح)
ولقد حجه نوح فلما كان في الأرض ما كان من الغرق أصاب البيت ما أصاب الأرض وكان البيت ربوة حمراء فبعث الله تعالى هودا فتشاغل بأمر قومه حتى قبضه الله تعالى إليه فلم يحجه حتى مات ثم بعث الله صالحا فتشاغل بأمر قومه حتى قبضه الله تعالى إليه فلم يحجه حتى مات فلما بوأ الله تعالى لإبراهيم عليه السلام حجه لم يبق نبي بعده إلا حجه
أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب قال أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال أخبرني الحسن بن سفيان قال حدثنا فياض بن زهير ومحمود بن غيلان ح وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسن بن منصور قال أخبرنا هارون بن يوسف بن زياد قال حدثنا ابن أبي عمر قالوا حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة وأيوب السختياني يزيد أحدهما على الآخر عن سعيد بن جبير قال
كنا عنده فقال يا معشر الشباب سلوني فإني أوشكت أن أذهب من بين أظهركم فأكثر الناس مسألته فقال له رجل أصلحك الله أرأيت هذا المقام أهو كما نحدث قال وما كنت تحدث قال كنا نقول إن إبراهيم صلوات الله عليه حين جاء عرضت عليه امرأة إسماعيل النزول فأبى أن ينزل فجاءت بهذا الحجر فوضعته له
فقال ليس كذلك قال ابن ع باس أول ما اتخذ النساء المناطق من قبل أم إسماعيل اتخذت منطقا لتعفى أثرها على سارة ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل عليه السلام وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء فوضعهما هنالك ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء ثم قفى إبراهيم عليه السلام منطلقا فتبعته أم إسماعيل فقالت يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء قالت ذلك ثلاث مرار وجعل لا يلتفت فقالت له الله أمرك بهذا قال نعم قالت إذا لا
يضيعنا ثم رجعت
وانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهذه الدعوات ورفع يده وقال (ربنا إني أسكنت من ذريتي) حتى بلغ (لعلهم يشكرون) فجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها وجاع وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال يتلبط قال فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا اقرب جبل من الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا فهبطت الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها وسعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها فنظرت هل ترى أحدا فلم تر أحدا ففعلت ذلك سبع مرات قال النبي فلذلك سعى الناس بينهما فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فقالت صه تريد نفسها ثم تسمعت أيضا فسمعت فقالت قد أسمعت إن كان عندك غواث فإذا هي بالملك عند موضع زمزم يبحث بعقبه أو قال بجناحه حتى ظهر الماء فجعلت تحوضه وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهي تفور بقدر ما تغرف
قال ابن عباس فقال النبي يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم أو قال لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا
فشربت وأرضعت ولدها وقال لها الملك لا تخافي من الضيعة فإن
ههنا بيت الله يبنيه هذا الغلام وأبوه وإن الله لا يضيع أهله فكان البيت مرتفعا كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله فكانوا كذلك حتى مر بهم قوم من جرهم أو أهل بيت من جرهم مقبلين من كداء فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائرا عائفا فقالوا إنه ليدور ولعهدنا بهذا الوادي ما فيه ماء فأرسلوا جريا أو جريين فرجعوا فأخبروهم بالماء فأقبلوا فقالوا أتأذنين لنا أن ننزل عندك فقالت نعم ولكن لا حق لكم في الماء قال ابن عباس قال النبي فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس فنزلوا معها حتى كان بها أهل أبيات منهم وشب الغلام وتعلم العربية منهم وأنفسهم وأعجبهم فلما أدرك زوجوه امرأة منهم وماتت أم إسماعيل
قال معمر وبلغني عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لقريش إنه كان ولاة هذا البيت قبلكم أظنه قال طسم وتهاونوا به
ولم يعظموا حرمته فأهلكهم الله تعالى ثم وليته بعدهم جرهم فتهاونوا به ولم يعظموا حرمته فأهلكهم الله تعالى فلا تهاونوا به وعظموا حرمته
ثم رجع الحديث إلى حديث سعيد بن جبير
قال فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل ليطالع تركته فلم يجد إسماعيل فسأل عنه امرأته فقالت خرج يبتغي لنا ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت نحن بشر ونحن في ضيق وشدة وشكت إليه قال فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئا قال هل جاءكم من أحد قالت نعم جاءنا شيخ كذا وكذا فسألنا عنك وسألنا عن عيشنا فأخبرته أنا في جهد وشدة قال فهل أوصاك بشيء قالت نعم أمرني أن أقرأ عليك السلام ويقول غير عتبة بابك قال ذلك أبي وأنت العتبة أمرني أن أفارقك فالحقي بأهلك وطلقها وتزوج منهم أخرى فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم بعد ذلك فلم يجده فدخل على امرأته فسألها عنه فقالت خرج يبتغي لنا وقال كيف أنتم وسألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت نحن بخير ونحن في سعة وأثنت على الله فقال ماذا
طعامكم قال اللحم قال فما شرابكم قالت الماء قال اللهم بارك لهم في اللحم والماء
قال ابن عباس قال النبي ولم يكن لهم يومئذ حب ولو كان لهم حب دعا لهم فيه قال فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه
قال فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ومريه أن يثبت عتبة بابه فلما جاء إسماعيل قال هل أتاكم من أحد قالت نعم جاءنا شيخ حسن الهيئة وأثنت عليه فسألني عنك فأخبرته فسألنا كيف عيشنا فأخبرته أنا بخير قال وهل أوصاك بشيء قالت نعم يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك قال ذاك أبي وأنت العتبة أمرني أن أمسكك فلبث عنهم ما شاء الله ثم جاء بعد ذلك
قال معمر وسمعت رجلا يقول كان إبراهيم يأتي على البراق
ثم رجع الحديث إلى سعيد بن جبير قال سعيد
فجاء إبراهيم وإسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد قال معاوية
وسمعت رجلا يقول بكيا حتى أجابتهما الطير ثم رجع إلى حديث سعيد بن جبير
قال إبراهيم يا إسماعيل إن الله تعالى يأمرني بأمر قال فاصنع ما أمرك به قال أفتعينني قال وأعينك قال فإن الله أمرني أن أبني بيتا ها هنا قال فعند ذلك رفع القواعد من البيت قال فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني حتى ارتفع البناء فلما ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان (ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم) فجعلا يبنيان وهما يدوران حول البيت وهما يقولان (ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم)
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن محمد عن عبد الرزاق
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال حدثنا أحمد بن عبيد قال حدثنا الأسفاطي يعني عباس بن الفضل قال حدثنا أحمد بن شبيب
قال حدثنا أبي عن يونس عن الزهري قال حدثني مسافع الحجبي سمع عبد الله بن عمرو يقول قال رسول الله إن الركن والمقام من ياقوت الجنة ولولا ما مسهما من خطايا بني آدم لأضاء ما بين المشرق والمغرب وما مسهما من ذي عاهة ولا سقيم إلا شفي
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن أسباط بن نصر الهمداني عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي قال خرج آدم من الجنة ومعه حجر في يده وورق في الكف الأخرى فنبت الورق في الهند فمنه ما ترون من الطيب وأما الحجر فكان ياقوتة بيضاء يستضاء بها فلما بنى إبراهيم البيت فبلغ موضع الحجر قال لإسماعيل ائتني بحجر أضعه ههنا فأتاه بحجر من الجبل فقال غير هذا فرده مرارا لا يرضى بما يأتيه به فذهب مرة وجاء جبريل عليه السلام بحجر من الهند الذي خرج به آدم من الجنة فوضعه فلما جاءه إسماعيل قال من جاءك بهذا قال من هو أنشط منك
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي قال حدثنا إبراهيم بن الحسن قال حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا ورقاء عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى (وأذن في الناس بالحج) قال لما أمر الله عز وجل إبراهيم عليه السلام أن يؤذن في الناس بالحج قال يأيها الناس إن ربكم اتخذ بيتا وأمركم أن تحجوه فاستجاب له سمعه من حجر أو شجر أو أكمة أو تراب أو شيء فقالوا لبيك اللهم لبيك
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقريء قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا عبد الأعلى ابن حماد قال حدثنا داود العطار قال حدثني ابن خثيم عن أبي الطفيل قال قلت له يا خال حدثني عن شأن الكعبة قبل أن تبنيها قريش قال كان برضم يابس ليس بمدر ينذوه العناق وتوضع الكسوة على الجدر ثم تدلى
ثم إن سفينة للروم أقبلت حتى إذا كانت بالشعيبة انكسرت فسمعت بها قريش فركبوا إليها وأخذوا خشبها ورومي يقال له بلقوم نجار باني فلما قدموا مكة قالوا لو بنينا بيت ربنا عز وجل فاجتمعوا لذلك ونقلوا
الحجارة من أجياد الضواحي فبينما رسول الله ينقلها إذ انكشفت نمرته فنودي يا محمد عورتك فذلك أول ما نودي والله أعلم فما رؤيت له عورة بعد ولا قبل
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا بكر بن محمد الصيرفي بمرو قال حدثنا أحمد بن حيان بن ملاعب قال حدثنا عبيد الله بن موسى ومحمد بن سابق قالا حدثنا إسرائيل قال حدثنا سماك بن حرب عن خالد بن عرعرة قال
سأل رجل عليا رضي الله عنه عن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا هو أول بيت وضع في الأرض قال لا ولكنه أول بيت وضع فيه البركة والهدى ومقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا وإن شئت أنبأتك كيف بناؤه إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى إبراهيم عليه السلام أن ابن لي بيتا في الأرض فضاق به ذرعا فأرسل الله عز وجل إليه السكينة وهي ريح خجوج لها رأس فاتبع أحدهما صاحبه حتى انتهت ثم تطوقت إلى موضع البيت تطوق الحية فبنى إبراهيم فكان
يبني هو ساقا كل يوم حتى إذا بلغ مكان الحجر قال لابنه ابغني حجرا فالتمس ثم حجرا حتى أتاه به فوجد الحجر الأسود قد ركب فقال له ابنه من أين لك هذا قال جاء به من لم يتكل على بنائك جاء به جبريل عليه السلام من السماء فأتمه
وأخبرنا أبو نصر بن قتادة قال حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج قال حدثنا أبو شعيب الحراني قال حدثنا داود ابن عمرو قال حدثنا أبو الأحوص سلام بن سليم عن سماك بن حرب عن خالد بن عرعرة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه بمعناه زاد قال فمر عليه الدهر فانهدم فبنته العمالقة قال فمر عليه الدهر فانهدم فبنته جرهم فمر عليه الدهر فبنته قريش ورسول الله يومئذ رجل شاب فلما أرادوا أن يرفعوا الحجر الأسود اختصموا فيه فقالوا نحكم بيننا أول رجل يخرج من هذه السكة فكان رسول الله أول من خرج عليهم فقضى بينهم أن يجعلوه في مرط ثم ترفعه جميع القبائل كلهم
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك رحمه الله قال
أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود الطيالسي قال حدثنا حماد بن سلمة وقيس وسلام كلهم عن سماك بن حرب عن خالد بن عرعرة عن علي رضي الله عنه قال
لما أن هدم البيت بعد جرهم بنته قريش فلما أرادوا وضع الحجر تشاجروا من يضعه فاتفقوا أن يضعه أول من يدخل من هذا الباب فدخل رسول الله من باب بني شيبة فأمر بثوب فوضع الحجر في وسطه وأمر كل فخذ أن يأخذوا بطائفة من الثوب فيرفعوه وأخذه رسول الله فوضعه
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر ابن درستويه قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني اصبغ بن فرج قال أخبرني ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال
لما بلغ رسول الله الحلم أجمرت امرأة الكعبة وطارت شرارة من مجمرتها في ثياب الكعبة فاحترقت فهدموها حتى إذا بنوها فبلغوا موضع الركن اختصمت قريش في الركن أي القبائل تلي رفعه فقالوا تعالوا نحكم أول من يطلع علينا فطلع عليهم رسول الله وهو غلام عليه وشاح نمرة فحكموه فأمر بالركن فوضع في ثوب ثم أخرج سيد كل قبيلة فأعطاه ناحية من الثوب ثم ارتقى هو فرفعوا إليه الركن فكان هو يضعه ثم طفق لا يزداد على السن إلا رضا حتى دعوه الأمين قبل أن ينزل عليه وحي فطفقوا لا ينحرون جزورا لا التمسوه فيدعو لهم فيها
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبد الله بن أحمد بن عتاب قال حدثنا أبو محمد القاسم بن عبد الله بن المغيرة الجوهري قال أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثني إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة قال كان بين الفجار وبين بنيان الكعبة خمس عشرة سنة
وإنما سمي الفجار لأن قريشا كان بينهم وبين قيس عيلان عهد وميثاق بعكاظ قال غير موسى بن عقبة فوقعت بينهم حرب استحلوا فيها الحرمات وفجروا فيها
قال موسى بن عقبة وإنما حمل قريشا على بنيانها أن السيل كان يأتي من فوقها من فوق الردم الذي صنعوه فأضر به فخافوا أن يدخلها الماء
وكان رجل يقال له مليح سرق طيب الكعبة فأرادوا أن يشدوا بنيانها وأن يرفعوا بابها حتى لا يدخلها إلا من شاءوا فأعدوا لذلك نفقة وعمالا ثم عمدوا إليها ليهدموها على شفق وحذر أن يمنعهم الله الذي أرادوا فكان أول رجل طلعها وهدم منها شيئا الوليد بن المغيرة فلما رأوا الذي فعل الوليد تتابعوا فوضعوها فأعجبهم ذلك فلما أرادوا أن يأخذوا في بنيانها أحضروا عمالهم فلم يقدر رجل منهم أن يمضي أمامه موضع قدمه وزعموا أنهم رأوا حية قد أحاطت بالبيت رأسها عند ذنبها فأشفقوا منها شفقة شديدة وخشوا أن يكونوا قد وقعوا مما عملوا في هلكة وكانت الكعبة حرزهم ومنعتهم من الناس وشرفا لهم فأشار عليهم زعموا المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بالذي ذكر في هذا الكتاب فلما فعلوا ذلك ذهبت الحية في السماء وتغيبت منهم أن ذلك من الله عز وجل ويقول بعض الناس خطفها طائر فألقاها نحو جياد
فلما سقط في أيديهم والتبس عليهم أمرهم قام المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم فقال هل لكم في أمر تبتغون به مرضاة رب هذا البيت فإذا اجتهدتم رأيكم وجهدتم جهدكم نظرتم فإن خلى الله عز وجل بينكم وبين بنيانها فذلك الذي أردتم وإن حال بينكم وبينه كان ذلك وقد اجتهدتم ثم قالوا أشر علينا قال إنكم قد جمعتم لنفقة هذا البيت ما قد علمتم وإنكم قد أخذتم في هدمه وبنيانه على تحاسد منكم وإني أرى أن تقسموا أربعة أرباع على منازلكم في الآل والأرحام ثم تقسموا البيت
على أربعة أقسام ولا تجعلوا أحد جوانب البيت كاملا لكل ربع ولكن اقسموه نصفين أيضا فإن كل جانب من جوانب البيت فإذا فعلتم ذلك فليعين كل ربع منكم نصيبه ولا تجعلن في نفقة البيت شيئا أصبتموه غصبا ولا قطعتم فيه رحما ولا انتهكتم فيه ذمة بينكم وبين أحد من الناس فإذا فعلتم ذلك فاقترعوا بفناء البيت ولا تنازعوا ولا تنافسوا وليصير كل ربع منكم موضع سهمه ثم انطلقوا بعمالكم فلعلكم إذا فعلتم ذلك أن تخلصوا إليها فلما سمعوا قول المغيرة رضوا به وانتهوا إليه وفعلوا الذي أمرهم به فيزعم علماء أولية قريش أن باب الكعبة إلى الحجر الأسود بالنصف من جانبها الذي يلي اليمن صار في سهم بني عبد مناف فلما انتهى البنيان إلى موضع الحجر الأسود تنافسوا في رفعه وتحاسدوا عليه فحكموا فيه أول رجل يطلع عليهم فكان رسول الله فيما بلغنا ذلك الرجل فأعانوه على رفعه على إصلاح منهم وجماعة فيزعمون أن رسول الله وضعه وسط ثوب ثم قال لهم خذوا بزواياه وجوانبه كلها وكان رسول الله هو الذي يرفع الحجر فوضعه بيده موضعه وذلك قبل مبعثه بخمس عشرة سنة
قال وزعم عبد الله بن عباس أن أولية قريش كانوا يحدثون أن رجالا من قريش لما اجتمعوا لينزعوا الحجارة وانتهوا إلى تأسيس إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام عمد رجل منهم إلى حجر من الأساس
الأول فرفعه وهو لا يدري أنه من الأساس الأول فأبصر القوم برقة تحت الحجر كادت تلتمع بصر الرجل ونزل الحجر من يده فوقع في موضعه وفزع الرجل والبناة فلما ستر عنهم الحجر ما تحته عادوا إلى بنيانهم وقالوا لا تحركوا هذا الحجر ولا شيئا بحذائه فلما انتهوا إلى أس البيت الأول وجدوا في حجر منها فلا أدري لعله ذكر أنه في اسفل المقام كتابا لم يدروا ما هو حتى جاءهم حبر من يهود اليمن فنظر إلى الكتاب فحدثهم أنه قد قرأه فاستحلفوه لتحدثنا بما فيه ولتصدقنا عنه فأخبرهم أن فيه أنا الله ذو بكة حرمتها يوم خلقت السموات والأرض والشمس والقمر ويوم وضعت هذين الجبلين وحففتهما بسبعة أملاك حنفاء
أخبرنا أبو بكر الفارسي قال أخبرنا أبو إسحاق الأصبهاني قال أخبرنا أبو أحمد بن فارس قال حدثنا محمد بن فارس قال حدثنا محمد ابن إسماعيل البخاري قال حدثنا معلى قال حدثني وهيب عن ابن خثيم قال حدثني محمد بن الأسود بن خلف بن عبد يغوث عن أبيه
أنهم وجدوا كتابا أسفل المقام فدعت قريش رجلا من حمير فقال إن فيه لحرفا لو أحدثكموه ل***تموني فظننا أن فيه ذكر محمد فكتمناه
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق بن يسار فذكر قصة بنيان الكعبة في عهد قريش بمعنى ما روينا عن موسى بن عقبة إلا أنه قال وينحلون هذا الكلام الوليد بن
المغيرة وقيل أبو وهيب بن عمرو بن عائذ
وقال في دخول رسول الله فلما رأوه قالوا هذا الأمين قد رضينا بما قضى بيننا وكان رسول الله يسمى في الجاهلية الأمين قبل أن يوحى إليه وزعم أن ذلك بعد الفجار بخمس عشرة سنة ورسول الله إذ ذاك ابن خمس وثلاثين سنة
كذا قال ابن إسحاق وخالفه غيره زعموا أن النبي كان إذ ذاك ابن خمس وعشرين سنة وذلك قبل البعث بخمس عشرة سنة
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني سلمة قال حدثني عبد الرزاق قال قال ابن جريج قال مجاهد
بني البيت قبل مبعث النبي بخمس عشرة سنة
قلت وكذا روي عن عروة بن الزبير ومحمد بن جبير بن مطعم وغيرهما
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن كامل قال حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي قال حدثنا أبو ثابت قال حدثنا الدراوردي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن المقام كان في زمان رسول الله وزمان أبي بكر ملتصقا بالبيت ثم أخره عمر بن الخطاب رضي الله عنهما
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني طاهر بن أحمد بن عبد الله البيهقي ابن أخت الفضل بن محمد قال حدثنا عبدان بن عبد الحليم قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهري عن أبيه عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن جبريل أرى إبراهيم عليهما السلام موضع أنصاب الحرم فنصبها ثم جددها إسماعيل ثم جددها قصي بن كلاب ثم جددها رسول الله
قال الزهري قال عبيد الله فلما ولي عمر بن الخطاب بعث أربعة من قريش فنصبوا أنصاب الحرم بموضع أنصاب الحرم مخرمة بن نوفل ابن أهيب بن عبد مناف بن زهرة وأزهر بن عبد عوف وسعيد بن يربوع وحويطب بن عبد العزى
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن
يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة عن عائشة زوج النبي
أنها قالت ما زلنا نسمع أن إسافا ونائلة رجل وامرأة من جرهم زنيا في الكعبة فمسخا حجرين
محمد رافع 52 16-03-2013, 12:04 PM ما كان يشتغل رسول الله به قبل أن يتزوج خديجة لمعاشه وما ظهر في ذلك من آياته حتى رغبت خديجة في نكاحه
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا ابو بكر بن عبد الله قال أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا سويد بن سعيد قال حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد القرشي عن جده سعيد عن أبي هريرة قال قال رسول الله ما بعث الله عز وجل نبيا إلا راعي غنم فقال له أصحابه وأنت يا رسول الله قال وأنا رعيتها لأهل مكة بالقراريط
رواه البخاري في الصحيح عن أحمد بن محمد المكي عن عمرو ابن يحيى
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد البصري بمكة قال حدثنا الهيثم بن سهل التستري قال حدثنا محمد بن فضيل قال حدثنا الربيع بن بدر عن أبي
الزبير عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله آجرت نفسي من خديجة سفرتين بقلوص
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال وكانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشيء تجعل لهم منه وكانت قريش قوما تجارا فلما بلغها عن رسول الله ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت أن يخرج في مالها تاجرا إلى الشام وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلام لها يقال له ميسرة فقبله منها رسول الله وخرج في مالها ذلك ومعه غلامها ميسرة حتى قدم الشام فنزل رسول الله في ظل شجرة قريب من صومعة راهب من الرهبان فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة فقال له ميسرة هذا رجل من قريش من أهل الحرم فقال له الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي
ثم باع رسول الله سلعته التي خرج بها فاشترى ما أراد أن يشتري ثم أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة فكان ميسرة فيما يزعمون إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فأضعف أو قريبا وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعما كان يرى من إظلال الملكين إياه
وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة مع ما أراد الله تعالى بها من كرامته فلما أخبرها ميسرة عما أخبرها به بعثت إلى رسول الله فقالت له فيما يزعمون يا ابن عم إني قد رغبت فيك لقرابتك مني وشرفك في قومك ووسيطتك فيهم وأمانتك عندهم وحسن خلقك وصدق حديثك ثم عرضت عليه نفسها وكانت خديجة يومئذ أوسط قريش نسبا وأعظمهم شرفا وأكثرهم مالا وكل قومها قد كان حريصا على ذلك منها لو يقدر على ذلك
وهي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب
محمد رافع 52 16-03-2013, 01:14 PM ذكر القرآن الكريم للرسول
صلى الله عليه وآله وسلم
ذكر الرسول
بِرَسُولِهِ: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَءَامِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (الحديد/28 )
بِرَسُولٍ: وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَاءِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ (الصف/6 )
رَسُولَ اللَّهِ:
*وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (التوبة/61 )
*مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّنَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (الأحزاب/40 )
*يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَئْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِ مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَسْئَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا (الأحزاب/53 )
*وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (الحجرات/7 )
رَسُولَهُ:
*هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (التوبة/33 )
*لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّءْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (الفتح/27 )
*هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (الفتح/28 )
*هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (الصف/9 )
رَسُولُ اللَّهِ: قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِ وَيُمِيتُ فَأَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (الأعراف/158 )
*مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْئَهُ فَأَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (الفتح/29 )
*وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ (المنافقون/5 )
رَسُولُنَا: يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُوا عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (المائدة/15 )
*يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (المائدة/19 )
رَسُولُهُ: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ ءَايَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (آل عمران/101 )
رَسُولٌ:
*وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (البقرة/101 )
*وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّنَ لَمَا ءَاتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (آل عمران/81 )
*وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِين مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (آل عمران/144 )
*لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (التوبة/128 )
*وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (يونس/47 )
*أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ (الدخان/13 )
*رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفًا مُّطَهَّرَةً (البينة/2 )
محمد رافع 52 16-03-2013, 01:21 PM رَسُولِ اللَّهِ:
*فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لاَ تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (التوبة/81 )
*مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلاَ يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَطَئُونَ مَوْطِئًا يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (التوبة/120 )
*لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الأَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (الأحزاب/21 )
*إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (الحجرات/3 )
*هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ (المنافقون/7 )
رَسُولِنَا:
*وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ (المائدة/92 )
*وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ (التغابن/12 )
رَسُولِهِ:
*يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ءَامِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا (النساء/136 )
*كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (التوبة/7 )
*أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (التوبة/16 )
*ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (التوبة/26 )
*وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ ءَامِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَئْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ (التوبة/86 )
*الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (التوبة/97 )
*إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (الفتح/26 )
*وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (الحشر/6 )
*مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (الحشر/7 )
رَسُولٍ:
*وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (إبراهيم/4 )
*إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (الحاقة/40 )
*إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (التكوير/19 )
رَسُولاً:
*لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (آل عمران/164 )
*مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (النساء/79 )
*أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً (الإسراء/93 )
*وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولاً (الإسراء/94 )
*وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ ءَايَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى (طه/134 )
*وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً (الفرقان/41 )
*وَلَوْلاَ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ ءَايَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (القصص/47 )
*هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّنَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (الجمعة/2 )
*رَّسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ ءَايَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (الطلاق/11 )
*إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (المزمل/15 )
*كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ ءَايَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (البقرة/151 )
*رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (البقرة/129 )
لَرَسُولُ: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (المنافقون/1 )
لَرَسُولُهُ: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (المنافقون/1 )
مُرْسَلاً: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (الرعد/43 )
وَبِرَسُولِهِ: وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ (التوبة/54 )
محمد رافع 52 16-03-2013, 01:30 PM وَرَسُولَهُ:
*تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (النساء/13 )
*وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (النساء/14 )
*إِنَّمَا جَزَاؤُا الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا و َلَهُمْ فِي الأَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (المائدة/33 )
*وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (المائدة/56 )
*يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (الأنفال/1 )
*ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (الأنفال/13 )
*ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (الأنفال/13 )
*يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ (الأنفال/20 )
*وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (الأنفال/46 )
*أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (التوبة/63 )
*وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (التوبة/71 )
*وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (التوبة/90 )
*وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (التوبة/107 )
*وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (النور/52 )
*وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الأَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (الأحزاب/29 )
*وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَءَاتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (الأحزاب/33 )
*وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِينًا (الأحزاب/36 )
*إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالأَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا (الأحزاب/57 )
*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (الأحزاب/71 )
*قَالَتِ الأَعْرَابُ ءَامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (الحجرات/14 )
*إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا ءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ (المجادلة/5 )
*ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (المجادلة/13 )
*إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ (المجادلة/20 )
*لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا ءَابَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (المجادلة/22 )
*ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (الحشر/4 )
*لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (الحشر/8 )
*إِلاَّ بَلاَغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (الجن/23 )
وَرَسُولُهُ:
*إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (المائدة/55 )
*وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (التوبة/3 )
*قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الأَخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (التوبة/29 )
*وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (التوبة/59 )
*وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (التوبة/59 )
*يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ (التوبة/62 )
*يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالأَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ (التوبة/74 )
*يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (التوبة/94 )
*وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (التوبة/105 )
*أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُوُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (النور/50 )
*وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا (الأحزاب/12 )
*وَلَمَّا رَءَا الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (الأحزاب/22 )
*وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِينًا (الأحزاب/36 )
وَرَسُولِهُ:
*وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَءَايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ (التوبة/65 )
*وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (الأحزاب/31 )
وَرَسُولِهِ:
*فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ (البقرة/279 )
*وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (النساء/100 )
*يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ءَامِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَل اَلاً بَعِيدًا (النساء/136 )
*قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِ وَيُمِيتُ فَأَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (الأعراف/158 )
*بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ (التوبة/1 )
*وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (التوبة/3 )
*قُلْ إِن كَانَ ءَابَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (التوبة/24 )
*اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (التوبة/80 )
*وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (التوبة/84 )
*لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (التوبة/91 )
*وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ (النور/48 )
*إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (النور/51 )
*إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَئْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَئْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَئْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (النور/62 )
*إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَئْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَئْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَئْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (النور/62 )
*لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (الفتح/9 )
*وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا (الفتح/13 )
*يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (الحجرات/1 )
*إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (الحجرات/15 )
*ءَامِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (الحديد/7 )
*فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (المجادلة/4 )
*تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (الصف/11 )
*فَأَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (التغابن/8 )
وَلِرَسُولِهِ: يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ (المنافقون/8 )
محمد رافع 52 16-03-2013, 01:35 PM الرَّسُولَ:
*وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (البقرة/143 )
*كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (آل عمران/86 )
*يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (النساء/42 )
*يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (النساء/59 )
*مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (النساء/80 )
*وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (النساء/115 )
*وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ (المائدة/92 )
*الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (الأعراف/157 )
*قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ (النور/54 )
*وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (النور/56 )
*إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (محمد/32 )
*يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (محمد/33 )
*يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (المجادلة/12 )
*يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (الممتحنة/1 )
*وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ (التغابن/12 )
الرَّسُولُ:
*وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (البقرة/143 )
*ءَامَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (البقرة/285 )
*وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا (النساء/64 )
*يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَأَمِنُوا خَيْرًا لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (النساء/170 )
*يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا ءَامَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ ءَاخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُ لُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الأَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (المائدة/41 )
*يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (المائدة/67 )
*لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (التوبة/88 )
*وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (الحج/78 )
*وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْءَانَ مَهْجُورًا (الفرقان/30 )
*بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا (الفتح/12 )
*مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (الحشر/7 )
محمد رافع 52 16-03-2013, 01:40 PM الرَّسُولِ:
*وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا (النساء/61 )
*وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً (النساء/83 )
*وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا ءَامَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (المائدة/83 )
*مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (المائدة/99 )
*وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءَابَاءَنَا أَوَ لَوْ كَانَ ءَابَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ (المائدة/104 )
*أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (التوبة/13 )
*وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلاَ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (التوبة/99 )
*قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ (النور/54 )
*لاَّ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (النور/63 )
*وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلاَ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (الفرقان/7 )
*وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (الفرقان/27 )
*أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (المجادلة/8 )
*يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (المجادلة/9 )
الرَّسُولاَ: يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (الأحزاب/63 )
وَالرَّسُولَ:
*قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (آل عمران/32 )
*وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (آل عمران/132 )
*وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّنَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (النساء/69 )
*يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (الأنفال/27 )
وَالرَّسُولُ: إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُنَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (آل عمران/153 )
*وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (الحديد/8 )
وَالرَّسُولِ:
*الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (آل عمران/172 )
*يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (النساء/59 )
*يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (الأنفال/1 )
وَلِلرَّسُولِ:
*يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (الأنفال/24 )
*مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (الحشر/7 )
رُسُلَهُ: وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (الحشر/6 )
رُسُلِهِ: ءَامَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (البقرة/285 )
وَرُسُلِهِ: ءَامَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (البقرة/285 )
الْمُرْسَلِينَ:
*إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (يس/3 )
*تِلْكَ ءَايَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (البقرة/252 )
محمد رافع 52 16-03-2013, 01:44 PM أدبه ربه فأحسن تأديبه
هو النبي محمد صلي الله عليه وسلم الذي ولد يتيما.. وحيدا بدون اخوة أو أخوات.. ماتت أمه عند بلوغه السادسة. رعاه جده عبدالمطلب ثم عمه ابوطالب. كان وحيدا، ولكن الله كان معه ادرك عقله ان الاصنام لا تنفع ولا تضر فلم يسجد لها.. ارسل الله له ملكين لينزعا من قلبه اي كراهية، وكان هذا بداية لمعجزات النبي صلي الله عليه وسلم.. حكمته التي وهبها الله له افادت مكة، حقنت دماء القبائل عند تجديد بناء الكعبة.. وامانته فتحت له قلب السيدة خديجة فتزوجها.. هو ابو القاسم.. ابو ابراهيم ابو عبدالله كلها اسماء النبي صلي الله عليه وسلم. نزل الوحي عليه وعلمه علما لم يتعلمه بشر من قبل، فصار سيد الخلق. خاتم النبيين، حتي مع اعدائه كان متسامحا مثلما علمه ربه..
مات النبي صلي الله عليه وسلم، رحل بجسده فقط ولكنه مازال يحيا بسنته..
هو حبيب الله الذي ادبه فأحسن تأديبه.
صلي الله عليه وسلم
محمد رافع 52 16-03-2013, 01:53 PM انه رسول الله.. أدبه الله صلى الله عليه وسلم
محمد عبده يماني
http://dryamani.com/images/archive/ci369.jpg
"أدبني ربي فأحسن تأديبي"بهذه الكلمات يصدع نبي الرحمة ويفخر ويعلنها على الملأ أمام صحابته الكرام، وتظل مدوية حتى يرث الله الأرض ومن عليها: " لقد أدبني ربي فأحسن تأديبي "، وبهذه الكلمات الجامعة الرائعة لخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ماكان عليه من خلق وعلم، وما تحلى به من صفات جعلته الانسان الكامل في اخلاقه واقواله وافعاله، فقد أدبه ربه عز وجل فأحسن تأديبه.والأدب كما يقول العلماء أدبان: أدب نفس، وأدب درس، فأدب النفس تتكون به الأخلاق، ويتهدب السلوك، وأدب الدرس تجتمع به المعارف ويتزكى العقل، وقد جمع الله ذلك كله لنبيه فقد كانت عناية الله ورعايته لنبيه صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة، تولى رعايته قبل أن يولد، فاختار له الأمهات والآباء منذ إبراهيم الخليل، بل منذ نوح وقبله آدم عليهم السلام، فنوح هو آدم الثاني، ثم هو جد إبراهيم بقوله تعالى: {وإن من شيعته لإبراهيم}، يتنقل في الأصلاب الطيبة والأرحام الطاهرة، ما افترقت شعبتان إلا كان في أفضلهما.
ثم حملت به أمه، فلم تحس بما تحس به الحامل، بل كانت مشاعر الراحة والحبور والسرور مصاحبة لها طيلة حمله، ثم وضعته فأشرقت الدنيا بنور طلعته، وأهل الخير وعمت البركات، وكان من تأديب الله تعالى له ورعايته إياه ان اختار له مرضعته "حليمة" من أفصح القبائل العربية، لينشأ في بيئة الصفا والنقاء والفصاحة، واسمعه صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا أعربكم، ولدت في قريش، وأسترضعت في بني سعد بن بكر "وتتحدث السيدة" حليمة" عن الخير والسعادة التي عاشت بهما مع اسرتها، وما رأته من بركات منذ أن جاءت به إلى ربوعها. قالت: فلما وضعته في حجري أقبل عليه ثدياي (أي درا باللبن غزيرا) بما شاء من لبن، فشرب حتى روي، ثم شرب أخوه حتى روي، ثم ناما، وقام زوجي إلى شارفنا فحلب، فشرب، وشربت حتى إنتهينا، وبتنا بخير ليلة، ثم قال: إعلمي ياحليمة! والله إني لأراك قد أخذت نسمة مباركة، ألم تري إلى ما بتنا فيه الليلة من الخير والبركة حين أخذناه؟ قلت: والله إني لأرجو ذلك.
وتتابع السيدة "حليمة": ثم قدمنا أرض بني سعد، وما أعلم أرضا من أرض الله تعالى أجدب منها، فكانت غنمي تسرح ثم تروح (ترجع) شباعا لُبًنا (ممتلئة الضروع) فنحلب ونشرب وما يحلب إنسان قطرة لبن، ولا يجدها في ضرع …
ولما دخلت به إلى منزلي لم يبق منزل من منازل بني سعد إلا شممنا منه ريح المسك، وألقيت محبته صلى الله عليه وسم في قلوب الناس.
قالت حليمة: فلم يزل الله تعالى يرينا البركة ونتعرفها حتى بلغ صلى الله عليه وسلم سنتين، فكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان، وكل هذا من تأديب الله تعالى لنبيه ورعايته إياه صلى الله عليه وسلم، وتذكر السيدة حليمة رضي الله عنها شيئا من الأدب العالي الذي كان يتحلى به رضيعها المبارك صلى الله عليه وسلم مما أدبه به ربه سبحانه وتعالى، إنه كان يأخذ أحد ثدييها ويعف ويترك الثدي الآخر لأخيه من الرضاعة.
ثم تتحدث عما جرى وهو عندها: إذ أقبل رجلان عليهما ثياب بيض، فشقا صدره، وأخرجا قلبه، وغسلاه بطست من ذهب، ثم ملآ قلبه حكمة وإيمانا بعد أن نزعا منه مضغة سوداء هي حظ الشيطان منه لو كان له منه حظ. وهذا من تأديب الله وعنايته بنبيه صلى الله عليه وسلم ليمضي في دروب الكمال إلى أقصى الغايات.
"قال ابن مسعود رضي الله عنه: إن الله تعالى نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير القلوب فاصطفاه لنفسه، وأبتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه صلى الله عليه وسلم يقاتلون عن دينه"
ولطهارة قلبه الشريف ونقاوته وسعته واستعداده وقوة تحمله إختصه الله سبحانه وتعالى بنزول القرآن عليه، يقول تعالى: {نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين}، وقد وصف الله سبحانه وتعالى قرآنه بقوله: {إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا} تتهيب الجبال وتتصدع لعظمته: {لو انزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله}.
فكان قلب النبي صلى الله عليه وسلم بعظمته ونقائه أهلا لتلقي هذا القرآن العظيم والتأدب بآدابه والقيام بأوامره واجتناب نواهيه. وتتجلى عظمة رعاية الله تعالى لقلب نبيه إن جعله في غاية الرأفة والشفقة إلى جانب عظمة ذلك القلب وقوة تحمله، يقول تعالى:{ فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك}، لقد كانت الرحمة تفيض من ذلك القلب الكبير لتشمل الصغير والكبير والقريب والبعيد، بل تمتد رأفته إلى الحيوانات، والنبات، وقصة الجذع وحنينه دليل على ذلك.
وقد وصف الله أشفاق نبيه ورحمته بآيات بينات منها: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}، فهذا من كمال عناية المولى ورعايته وتأديبه لنبيه صلى الله عليه وسلم إن جعل قلبه لا ينام. سألته عائشة ذات مرة: يا رسول الله ! أتنام قبل أن توتر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "ياعائشة إن عيناي تنامان ولا ينام قلبي "
وفي البخاري: جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم، فقال بعضهم: إنه نائم وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان. وروى مسلم في صحيحه: "ونزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظانا"
نقرأ في سورة النساء: {وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم. وكان فضل الله عليك عظيما}.كما نقرأ في سورة الضحى بعضا مما أنعم الله عليه به من رعاية وعناية وتأديب:{ والضحى والليل اذا سجى. ما ودعك ربك وما قلى. وللآخرة خير لك من الأولى}.. وتذكر السورة بعد ذلك فضل الله عليه:{ ألم يجدك يتيما فآوى. ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى}.. ثم تنتقل الآيات إلى توجيهات الله سبحانه وتعالى زيادة في تكريم المصطفى صلى الله عليه وسلم وتأديبه: {فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث}
ومن تأديب الله سبحانه وتعالى إن وجهه للعبادة حتى صارت ملاذا لروحه صلى الله عليه وسلم وراحة لقلبه: {يا أيها المزمل قم الليل الا قليلا. نصفه أو أنقص منه قليلا. أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا} ويقول: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} ويقول صلى الله عليه وسلم: "جعلت قرة عيني في الصلاة".
ومن تأديب الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم أن وجهه إلى الطهارة: في الفكر والقلب والعمل والبدن، يقول صلى الله عليه وسلم عن طهارة الفكر ما كان لنبي أن تكون له خائنة الأعين. وكان توجيه الله له بقوله: {يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر ولاتمنن ولاتستكثر ولربك فاصبر} في هذه الآيات ذروة الرقي الأخلاقي والعملي، فتطهير القلب واللسان من كل ما يمس الإنسان غاية لا يدركها إلا قليل، وهاهي ذي في قوله تعالى: {والرجز فاهجر} أما قوله: {ولا تمنن ولا تستكثر} ففيها تهذيب وارتقاء بالأخلاق نحو السمو والرفعة، فلا يعطي عطية يرجو من ورائها جزاء ممن أعطاه.
{وثيابك فطهر} والطهارة غاية النقاء والنظافة،وتشمل الثياب وما تحتها أي البدن كله. فرسول الله صلى الله عليه وسلم أنظف خلق الله بدنا، وأنقاهم ثوبا وبيتا ومجلسا. قال أنس رضي الله عنه: ما مسست حريرا ولا ديباجا ألين من كف النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شممت ريحا قط أو عرقا أطيب من ريح النبي وعرقه، وكان يستاك حين خروجه ودخوله المنزل.
وأعلن صلى الله عليه وسلم أن النظافة والطهارة مبدأ من مباديء الإسلام والإيمان. يقول: "الطهور شطر الإيمان" وكان دائم الأمر بالنظافة، نظافة الثوب والبدن. وجعل من الواجب على كل مسلم الغسل يوم الجمعة، وحث على تعهد أطراف البدن بالنظافة وإزالة الأوساخ عنها، لأن ذلك من الفطرة. يقول صلى الله عليه وسلم: "عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم ، ونتف الإبط، وحلق العانة، وإنتقاص الماء "
وأمر بغسل اليدين قبل الطعام وبعده، وأمر بالسواك: " عليكم بالسواك فانه مطهرة للفم مرضاة للرب تبارك وتعالى " وقال:" لولا ان اشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " وأمر بالانفاد في النظافة فقال صلى الله عليه وسلم: " حبذا المتخللون من أمتي ". فقالوا: وما المتخللون يا رسول الله؟ فقال:" المتخللون في الوضوء، والمتخللون في الطعام. أما تخليل الوضوء فالمضمضة والاستنشاق وأما تخليل الطعام فمن الطعام، انه ليس شيء اشد على الملكين من أن يريا بين اسنان صاحبهما طعاما وهو قائم يصلي "ونهى من أكل ثوما أو بصلا أن يقرب المسجد.وكما كان صلى الله عليه وسلم انظف الناس ثوبا ومجلسا أمر بنظافة الثياب، ورأى رجلا يمشي فقال: " ارفع ازارك فانه أنقى وأبقى "
وكان يتجمل ويأمر بالتجمل ولاسيما في المقابلات والجمع والأعياد، وكانت له حلة يلبسها للعيدين والجمعة، ويقول صلى الله عليه وسلم: "إن الله جميل يحب الجمال" ويقول صلى الله عليه وسلم: " حسن السمت (الهيئة) جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة "
ورأى رجلا عليه ثوبان قد بليا، فقال صلى الله عليه وسلم: "أما له ثوبان غير هذين؟" فقالوا: بلى يا رسول الله. فأمر أن يلبسهما، وكان يوجه الصحابة بأن الله سبحانه وتعالى يحب أن يرى آثار النعمة على عبيده.
ومن تأديب الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أن جعله حريصا على النظافة في كل شيء وكل مكان، ولا سيما المساجد، فقد رأى مرة نخامة في المسجد، فعاتبهم في ذلك عتابا قويا، ونبه على وجوب تطهير المساجد وتنظيفها وتطييبها. ويقول صلى الله عليه وسلم: "عرضت على أمتي بأعمالها حسنها وسيئها، فرأيت في محاسن أعمالها إماطة الأذى عن الطريق، ورأيت من سيء أعمالها النخامة في المسجد لم تدفن"
ونبه على وجوب تنظيف الطرق والساحات العامة، ونهى عن رمي الأقذار والأوساخ فيها. قال صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون شعبة أفضلها قول لا اله الا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق "
وقال صلى الله عليه وسلم: " بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك فأخره فشكر الله له فغفر له"
هكذا كان أدبه صلى الله عليه وسلم، فقد أدبه ربه وأحسن تأديبه، وهكذا حرص صلى الله عليه وسلم على تأديب صحابته الذين هم قدوة هذه الأمة من بعده، ومن هنا فإن من واجبنا أن نتتبع هذه الآداب ونحرص عليها ونعلمها لأولادنا وأهلنا، وبهذا نكون قد استفدنا من السيرة النبوية، وأخذنا نكسب من ذلك الضياء نورا نهتدي به ونسير على هداه.
اللهم صل وسلم وبارك على المبعوث رحمة للعالمين.
محمد رافع 52 16-03-2013, 02:03 PM مواقف من حياة النبي- صلي الله عليه وسلم-
كان رسول الله- صلىالله عليه وسلم- أكمل الناس خلقًا، وأكرمهم أصلاً، وأهداهم سبيلاً، وأرجحهم عقلاً، وأصدقهم قولاً وفعلاً، أدبه ربه – عز وجل -فأحسن تأديبه، ورباه فأحسن تربيته، وأثنى عليه -سبحانه -في كتابه الكريم فقال :
"وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ "القلم : (4)
وهذه بعض من المواقف العظيمة من حياة نبينا محمد- صلىالله عليه وسلم- حتى نتعلم منه-صلىالله عليه وسلم- ونتخذه أسوة حسنه لنا، ونقتدي به في جميع أمورنا وأحوالنا .
http://kids.islamweb.net/subjects/Images/Mawakef/01.jpg
· العفو :
- في السنة الثامنة من الهجرة نصر الله عبده ونبيه محمدا-صلىالله عليه وسلم- على كفار "قريش"، ودخل النبي- صلىالله عليه وسلم- "مكة المكرمة" فاتحًا منتصرًا، وأمام الكعبة المشرفة وقف جميع أهل "مكة"، وقد امتلأت قلوبهم رعبًا وهلعًا، وهم يفكرون في حيرة وقلق فيما سيفعله معهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعد أن تمكن منهم، ونصره الله عليهم، وهم الذين آذوه، وأهالوا التراب على رأسه الشريف وهو ساجد لربه، وهم الذين حاصروه في شعب أبي طالب ثلاث سنين، حتى أكل هو ومن معه ورق الشجر، بل وتآمروا عليه بال***- صلى الله عليه وسلم- ، وعذبوا أصحابه أشد العذاب، وسلبوا أموالهم، وديارهم، وأجلوهم عن بلادهم ، لكن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قابل كل تلك الإساءات بالعفو والصفح والحلم قائلاً: "يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم ؟ قالوا : خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم، فقال- صلى الله عليه وسلم- : "اذهبوا فأنتم الطلقاء" .
http://kids.islamweb.net/subjects/Images/Mawakef/02.jpg
- ذات يوم كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يسير مع خادمه "أنس بن مالك"، وكان النبي- صلى الله عليه وسلم- يلبس بردا نجرانيا يعني رداء كان يلتحف به ، ونجران بلد بين الحجاز واليمن ، وكان طرف هذا البرد غليظا جدًا ، فأقبل ناحية النبي- صلىالله عليه وسلم- أعرابي من البدو فجذبه من ردائه جذبًا شديدًا، فتأثر عاتق النبي- صلى الله عليه وسلم- ، (المكان الذي يقع ما بين المنكب والعنق) من شدة الجذبة، ثم قال له في غلظة وسوء أدب : يا محمد أعطني من مال الله الذي عندك، فتبسم له النبي الكريم- صلى الله عليه وسلم- في حلم وعفو ورحمة، ثم أمر له ببعض المال .
-خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في غزوة ناحية بلاد "نجد" من أرض الحجاز، وفى طريق عودته- صلى الله عليه وسلم- من تلك الغزوة مر بوادِ به شجر كثير الشوك، في وقت الظهيرة، فأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الجيش بالتوقف في هذا المكان لينالوا قسطًا من الراحة، فنام الجيش، ونام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تحت ظل شجرة كثيرة الأوراق وقد علق بها سيفه، وبعد فترة نادى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على المسلمين فتجمعوا حوله – صلى الله عليه وسلم- ، فإذا برجل أعرابي يجلس أمامه فقال رسول الله- صلى عليه وسلم-: إن هذا الرجل أخذ سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وسيفي في يده، فقال لي : من يمنعك منى ؟! (أي من يمنعني من ***ك الآن) ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- (في ثبات عظيم وثقة وإيمان بالله) : الله، فارتعد الأعرابي بشدة، ووقع السيف من يده ، فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، وقال له : من يمنعك منى ؟ فقال الرجل لا أحد، ولم يقابل النبي الكريم إساءة هذا الأعرابي له بمثلها، بل- صلى الله عليه وسلم- عفا عنه فأسلم الرجل، وعاد إلى قومه، وأخبرهم بخلق النبي، وجميل عفوه وصفحه فأسلم معه خلق كثير .
· الشجاعة :
- بعد أن فتح الله "مكة" على رسوله- صلى الله عليه وسلم- دخلت القبائل العربية في دين الله أفواجًا إلا أن بعض القبائل المتغطرسة المتكبرة وفي مقدمتها "هوازن" و"ثقيف" رفضت الدخول في دين الله، وقررت حرب المسلمين، فخرج إليهم النبي- صلى الله عليه وسلم- في اثني عشر ألف من المسلمين، وكان ذلك في شهر "شوال" سنة (8 ﻫ)، وعند الفجر بدأ المسلمون يتجهون نحو وادي "حنين"، وهم لا يدرون أن جيوش الكفار تختبئ لهم في مضايق هذا الوادي، وبينما هم كذلك انقضت عليهم كتائب العدو في شراسة، ففر المسلمون راجعين، ولم يبق مع النبي في هذا الموقف العصيب إلا عدد قليل من المهاجرين، وحينئذٍ ظهرت شجاعة النبي- صلى الله عليه وسلم- التي لا نظير لها، وأخذ يدفع بغلته ناحية جيوش الأعداء، وهو يقول في ثبات وقوة وثقة :
"أنا النبي لا كذب .. أنا ابن عبد المطلب"، ثم أمر النبي- صلى الله عليه وسلم- عمه "العباس" أن ينادي على أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- فتلاحقت كتائب المسلمين الواحدة تلو الأخرى، والتحمت في قتال شديد مع كتائب المشركين، وما هي إلا ساعات قلائل حتى تحولت الهزيمة إلي نصر مبين .
ذات ليلة سمع أهل المدينة صوتًا أفزعهم، فهب المسلمون من نومهم مذعورين وحسبوه عدوًا يتربص بهم، ويستعد للهجوم عليهم في جنح الليل فخرجوا ناحية هذا الصوت ، وحين كانوا في الطريق قابلوا النبي- صلى الله عليه وسلم- راجعًا راكبًا فرسه بدون سرج ويحمل سيفه ، فطمأنهم النبي- صلى الله عليه وسلم- وأمرهم بالرجوع بعد أن استطلع الأمر بنفسه- صلى الله عليه وسلم- فلم تسمح مروءة النبي - صلى الله عليه وسلم - وشجاعته أن ينتظر حتى يخبره المسلمون بحقيقة الأمر .
· الجود والكرم :
- لقد كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وأكرم الناس، وما سأله أحد شيئًا من متاع هذه الدنيا إلا أعطاه- صلى الله عليه وسلم- ، حتى إن رجلاً فقيرًا جاء إليه- صلى الله عليه وسلم- يطلب صدقة فأعطاه النبي غنمًا كثيرة تملأ ما بين جبلين ، فرجع الرجل إلي قومهفرحًا سعيدًا بهذا العطاء الكبير، وأخذ يدعو قومه إلى الإسلام، واتباع النبي الكريم، وهو يخبرهم عن عظيم سخاء النبي- صلى الله عليه وسلم- ، وغزارة جوده وكرمه فهو يعطي عطاء من لا يخاف الفقر أو الحاجة .
http://kids.islamweb.net/subjects/Images/Mawakef/03.jpg
فعن أنس قال : "ما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- على الإسلام شيئًا إلا أعطاه .
قال فجاءه رجل فأعطاه غنمًا بين جبلين فرجع إلي قومه فقال : يا قوم أسلموا فإن محمدًا يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة" (رواه مسلم)
· الأمانة :
عرف النبي- صلى الله عليه وسلم- بين أهل "مكة" قبل الإسلام بالاستقامة والصدق والأمانة فلقبوه بالصادق الأمين، وكان النبي- صلى الله عليه وسلم- موضع ثقة أهل "مكة" جميعًا؛ فكان كل من يملك مالاً أو شيئًا نفيسًا يخاف عليه من الضياع أو السرقة يودعه أمانة عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، وكان النبي- صلى الله عليه وسلم- يحافظ على هذه الأمانات، ويردها إلى أصحابها كاملة حين يطلبونها، وعندما اشتد أذى الكفار له- صلى الله عليه وسلم- أذن الله له بالهجرة إلى "المدينة"، وكان عند النبي- صلى الله عليه وسلم- أمانات كثيرة لهؤلاء الكفار وغيرهم، لكن الأمين- صلى الله عليه وسلم- لم يهاجر إلا بعد أن كلف ابن عمه علي ابن أبي طالب أن يمكث في مكة ليرد تلك الأمانات إلى أهلها، في حين كان أصحاب تلك الأمانات يدبرون مؤامرة ل*** النبي- صلى الله عليه وسلم .
· الشورى والتعاون :
في السنة الخامسة من الهجرة تجمع حول المدينة جيش كبير من قريش وبعض القبائل العربية بلغ عدده نحو عشرة آلاف مقاتل، وذلك بتحريض من اليهود الغادرين، ولما بلغت هذه الأحزاب أسوار "المدينة" جمع النبي- صلى الله عليه وسلم- أصحابه ليستشيرهم في خطة الدفاع عن "المدينة"، فأشار عليه الصحابي "سلمان الفارسي" قائلاً : يا رسول الله، إنا كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خندقنا علينا، أي حفرنا خندقًا يحول بيننا وبين عدونا فاستحسن النبي- صلى الله عليه وسلم- رأي "سلمان"، وأخذ بمشورته، وشرع في تنفيذ هذه الخطة الرائعة التي لم تكن تعرفها العرب من قبل .
وقام المسلمون بجد ونشاط يحفرون الخندق، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- يحثهم على الحفر بل كان- صلى الله عليه وسلم- يحفر كما يحفرون، ويحمل التراب كما يحملون .
وبفضل الشورى، والتعاون، والحب وصدق الإيمان حمى الله المدينة من جيوش المشركين، وأرسل عليهم ريحًا عاتية قلعت خيامهم وردتهم إلي ديارهم خائبين خاسرين مهزومين .
· العدل والمساواة :
قلقت قبيلة "قريش" قلقًا شديدًا بعد أن سرقت امرأة قرشية من "بني مخزوم"، ولم يكن قلقهم بسبب ما أقدمت عليه تلك المرأة من السرقة بقدر ما كان قلقهم من إقامة الحد عليها، وقطع يدها، فاجتمع أشراف قريش، يفكرون في طريقة يحولون بها دون تنفيذ تلك العقوبة على امرأة منهم، وانتهت محاوراتهم إلى توسيط الصحابي الجليل "أسامة بن زيد" حب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، فهو أقدر الناس على مخاطبة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في هذا الأمر، فقبل "أسامة" رجاءهم، وتقدم إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يشفع في درء حد السرقة عن تلك المرأة، فتلون وجه النبي- صلى الله عليه وسلم- ، وغضب غضبًا شديدًا، واستنكر أن يشفع أسامة في تطبيق حد من حدود الله، فأدرك أسامة خطأه، وطلب من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن يستغفر له . وقد كان هلاك الأمم السابقة أنهم كانوا ينفذون العقوبة على الضعفاء والفقراء، ولا ينفذونها على الأقوياء والأغنياء ، فجاء الإسلام وسوى بين الناس فى الحقوق والواجبات .وقد طبق رسول الله- صلى الله عليه وسلم حدود الله على الجميع بلا استثناء، حتى إنه- صلى الله عليه وسلم- أقسم لو أن فاطمة بنته سرقت لقطع- صلى الله عليه وسلم- يدها، ثم أمر- صلى الله عليه وسلم- بتنفيذ حد الله في السارقة فقطعت يدها، ولقد تابت تلك المرأة عن فعلتها، وحسنت توبتها، وتزوجت بعد ذلك، وكانت تتردد على بيت النبوة فتجد فيه الود والرعاية والقبول .
http://kids.islamweb.net/subjects/Images/Mawakef/04.jpg
محمد رافع 52 16-03-2013, 02:10 PM لأتمم مكارم الأخلاق
http://www.islamweb.net/PicStore/Random/1346752785_174037.jpg
نشأ الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أول أمره إلى آخر لحظة من لحظات حياته متحلياً بكل خلق كريم، مبتعداً عن كل وصف ذميم، فهو أعلم الناس وأفصحهم لساناً، يُضرب به المثل في الأمانة والصدق، أدبه الله فأحسن تأديبه، فكان أرجح الناس عقلاً، وأكثرهم أدباً، وأوفرهم حلماً، وأصدقهم حديثاً، وأكثرهم حياء، وأوسعهم رحمة وشفقة، وأكرمهم نفساً، وأعلاهم منزلة .. وبالجملة فكل خلق محمود يليق بالإنسان فله - صلى الله عليه وسلم - منه القسط الأكبر، والحظ الأوفر، وكل وصف مذموم فهو أسلم الناس منه، وأبعدهم عنه، شهد له بذلك القاصي والداني، والعدو والصديق ..
فهو بحق الرسول المصطفى والنبي المجتبى الذي قال عن نفسه:
( إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم )
رواه البخاري .
وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
( إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون ويعجبون له ويقولون: هلاَّ وُضِعت هذه اللبنة؟، قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين )
رواه البخاري .
ويقول عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : " إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته " .
قال القاضي عياض : " .. وأما الأخلاق المكتسبة من الأخلاق الحميدة، والآداب الشريفة التي اتفق جميع العقلاء على تفضيل صاحبها، وتعظيم المتصف بالخلق الواحد منها فضلا عما فوقه، وأثنى الشرع على جميعها، وأمر بها، ووعد السعادة الدائمة للمتخلق بها، ووصف بعضها بأنه جزء من أجزاء النبوة، وهي المسماة بحسن الخُلق، فجميعها قد كانت خلق نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ " ..
وقد بُعِث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليتمم مكارم الأخلاق لأهميتها للفرد والأسرة، والمجتمع والأمة .
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ:
( إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق )
رواه أحمد .
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال:
لما بلغ أبا ذر مبعث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي، فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله ثم ائتني، فانطلق الأخ حتى قدمه وسمع من قوله، ثم رجع إلى أبي ذر ، فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق )
رواه البخاري.
وهذه قطوف من أقواله، وقبس من أحاديثه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حثه وأمره بالأخلاق، تضيء لنا الطريق لنعيش في روضة أخلاق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ علما وعملا واقتداء ..
في الأخلاق عامة قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
( خياركم أحاسنكم أخلاقا )
رواه الترمذي .
وقال:
( إن من أحبكم إلىَّ أحسنكم أخلاقاً )
رواه البخاري .
وفي معاملة الوالدين وبرهما، والاهتمام بهما وتقديهما على غيرهما : جاء رجل إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال :
( يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال : أمك، قال : ثم من؟ قال : أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك )
رواه مسلم .
وفي معاملة الزوجة خاصة، والمرأة عامة ـ سواء كانت أماً أو أختاً أو بنتا أو زوجة ـ يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
( خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي )
رواه الترمذي ..
و قال عليه الصلاة و السلام :
( استوصوا بالنساء خيراً )
رواه البخاري .
وحفاظا على المجتمع من انتشار الرذيلة واعتيادها : كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يأمر بالستر وينهى عن الفضيحة فيقول:
( من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة )
رواه البخاري .
ويفتح طريق التوبة للمذنب، بل ويأمر صاحب المعصية أن يستر على نفسه، ولا يجهر بمعصيته أو يفتخر ويُحَّدِّث بها، فيقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ
: ( كل أمتي معافى، إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه )
رواه البخاري .
وفي مراعاة أحوال الكبار وإكرامهم، والرفق بالصغار ورحمتهم، يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
( ليس منا من لم يعرف حق كبيرنا، ويرحم صغيرنا )
رواه أحمد .
ويهتم بأمر الجار والضيف فيقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت )
رواه البخاري .
ويحث على الرفق ويأمر به فيقول:
( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه (أعابه))
رواه مسلم .
وفي حسن معاملة اليتيم والاهتمام به يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً )
رواه البخاري .
ويأمر بالتواضع وينهى عن الفخر، فيقول:
( إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد )
رواه مسلم .
ويحث على الأمانة وعدم الخيانة فيقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ
( أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخُن من خانك )
رواه البخاري .
وفي التقاضي:
( إن خياركم أحسنكم قضاء )
رواه البخاري .
وفي البيع والشراء:
( مَن غَشَّنا فليس منا )
رواه مسلم ..
وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
( رحم الله رجلا سمحا إذا باع ، وإذا اشترى ، وإذا اقتضى )
رواه البخاري .
ويرسخ قيمة وخلق العدل ـ لأهميته في بناء المجتمع والأمة ـ في كلمته ووصيته التي خلدها التاريخ، حينما رد شفاعة حِبه أسامة بن زيد في العفو عن المرأة المخزومية التي سرقت، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
( أيها الناس، إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايـم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها )
رواه البخاري .
ومن مفاتيح إصلاح المجتمع والحفاظ عليه النصيحة بآدابها، ومن ثم قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
( الدين النصيحة )
رواه البخاري .
وهذا الذي ذكرناه من أقواله وأحاديثه في بعض الأخلاق والقيم قليل من كثير، وغيض من فيض، مما لا يمكن الإتيان على جميعه في مقال أو كتاب ..
لقد صار حسن الخلق مطلبا ملحا للأمة تبرز به الوجه الحضاري للإسلام، وتسترجع به سالف عزها وسابق مجدها، فقد كان الناس يدخلون في دين الله أفواجا لِمَا يرون من حسن معاملة المسلمين وجميل أخلاقهم .. وأسوتهم وقدوتهم في ذلك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، الذي كان خلقه القرآن، واهتم بالأخلاق ورفع شأنها فقال:
( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ..
محمد رافع 52 16-03-2013, 02:16 PM http://olamaa-yemen.net/upload/userfiles/images/2012/2-2012/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D9%8 4%D9%85%D9%87%D8%AF%D8%A7%D8%A9%201.jpg (http://www.google.com.eg/url?sa=i&rct=j&q=%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D8%A9+%D8%A7%D9%8 4%D9%85%D9%87%D8%AF%D8%A7%D8%A9&source=images&cd=&cad=rja&docid=gGHnjfZxeQLpnM&tbnid=m7eY0py2rH0yrM:&ved=0CAUQjRw&url=http%3A%2F%2Folamaa-yemen.net%2Fmain%2Farticles.aspx%3Farticle_no%3D30 13&ei=_2JEUcu5CsHWPNCsgBg&psig=AFQjCNGwrY8JkP2zSTv7qz_UhBASkH1LTA&ust=1363522359227654)
من حق الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته الفرح به وبولادته، وشكر الله تعالى ذي الفضل على امتنانه علينا بإرساله وبعثته، قال تعالى:
{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}
[يونس:58].
والنبي صلى الله عليه وسلم من فضل الله تعالى ورحمته، قال تعالى:
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}
[الأنبياء:107].
وقال صلى الله عليه وسلم:
«إنما أنا رحمة مهداة».
حقيقة الفرح بفضل الله وبرحمته:
حقيقة الفرح بفضل الله تعالى وبرحمته هو بابتهاج القلب, وانشراح الصدر, وسرور النفس, وإقبالها على فضل الله ورحمته والعناية بهما علماً وعملاً, كما هو شأن الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم, وأصحابه الميامين, والأئمة المهديين, فقد كانوا أشد الناس فرحا بفضل الله وبرحمته دون منازعة.
الرسول صلى الله عليه وسلم هو المنَّة الكبرى:
بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم هي مِنَّة عظيمة من الله على الناس كافة, وعلى المؤمنين خاصة، قال تعالى:
{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ}
[آل عمران:164].
وولادته صلى الله عليه وسلم منّة عظيمة أيضاّ لأن ما بعدها ترتّب عليها، ولابدّ للمؤمنين من شكر النعمة، وتقدير المنة، والاعتراف بالفضل لذي الفضل سبحانه وتعالى.
http://www.islamweb.net/mohammad/images/ra7ma.jpg
محمد رافع 52 16-03-2013, 03:31 PM جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضي الله عنهم وسألهم مبتدأ:
أبي بكر
ماذا تحب من الدنيا ؟
فقال ابي بكر ( رضي الله عنه) أحب من الدنيا ثلاث
الجلوس بين يديك – والنظراليك – وإنفاق مالي عليك
وانت يا عمر ؟
قال احب ثلاث :
امر بالمعروف ولو كان سرا – ونهي عن المنكر ولو كان جهرا – وقول الحق ولوكان مرا
وانت يا عثمان ؟
:قال احب ثلاث
اطعام الطعام – وافشاءالسلام – والصلاة باليل والناس نيام
وانت يا علي ؟
قال احب ثلاث:
اكرام الضيف – الصوم بالصيف - وضرب العدو بالسيف
ثم سأل أبا ذر الغفاري:
وأنت يا أباذر: ماذا تحب في الدنيا ؟
قال أبو ذر :أحب في الدنيا ثلاث
الجوع؛ المرض؛ والموت
فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم): ولم؟
فقال أبو ذر:
أحب الجوع ليرق قلبي؛ وأحبالمرض ليخف ذنبي؛ وأحب الموت لألقى ربي
فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) حبب إلى من دنياكم ثلاث
الطيب؛ والنساء؛ وجعلت قرة عيني في الصلاة
وحينئذ تنزل جبريل عليه السلام وأقرأهم السلام وقال: وانأ أحب من دنياكم ثلاث
تبليغ الرسالة؛ وأداء الأمانة؛ وحب المساكين؛
ثم صعد إلى السماء وتنزل مرة أخرى؛ وقال : الله عز وجل يقرؤكم السلام ويقول: انه يحب من دنياكم ثلاث
لساناً ذاكراً ؛
و قلباً خاشعاً ؛
و جسداً على البلاءِ صابراً
اللهم اجعللنا لسانا ذاكرا وقلبا خاشعا وجسدا على البلاء صابر وشفاء من كل داء والنصر للاسلام وحسن الختام
محمد رافع 52 19-03-2013, 09:42 AM دلائل النبوة
د. منقذ بن محمود السقار
مقدمة (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-1.htm)
إخباره صلى الله عليه وسلم بغيوب تحققت في حياته (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-2.htm)
إخباره صلى الله عليه وسلم بالغيوب المستقبلة التي تحققت بعد وفاته (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-3.htm)
إخباره صلى الله عليه وسلم بكيفية ومكان وفاة بعض معاصريه (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-4.htm)
إخباره صلى الله عليه وسلم بأخبار الفتن (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-5.htm)
إخباره صلى الله عليه وسلم بفتوح أمته للبلدان (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-6.htm)
إخباره صلى الله عليه وسلم بأخبار آخر الزمان وعلامات الساعة (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-7.htm)
المعجزات الحسية للرسول صلى الله عليه وسلم (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-8.htm)
تكثير الطعام والشراب والوضوء ببركة النبي صلى الله عليه وسلم (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-9.htm)
شفاء المرضى بنفْثِه وريقه صلى الله عليه وسلم (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-10.htm)
استجابة الله دعاءه صلى الله عليه وسلم (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-11.htm)
حماية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-12.htm)
دلالة القرآن الكريم على نبوته صلى الله عليه وسلم (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-13.htm)
شهادات الكتب السابقة وأتباعها بالنبي صلى الله عليه وسلم (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-14.htm)
دلالة أخلاقه وأحواله صلى الله عليه وسلم على نبوته (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-15.htm)
خاتمة (http://www.saaid.net/Doat/mongiz/15-16.htm)
محمد رافع 52 19-03-2013, 10:00 AM ذكر القرآن الكريم للنبى
صلى الله عليه وآله وسلم
ذكر النبي
لِنَبِيٍّ:
مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الأَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
(الأنفال/67 )
النَّبِيَّ:
*الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
(الأعراف/157 )
*وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
(التوبة/61 )
*وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَئْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَارًا
(الأحزاب/13 )
*يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَئْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِ مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَسْئَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا
(الأحزاب/53 )
*يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
(التحريم/8 )
النَّبِيُّ:
*يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
(الأنفال/64 )
*يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ
(الأنفال/65 )
*يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
(الأنفال/70 )
*يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ
(التوبة/73 )
*يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (الأحزاب/1 )
*النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا
(الأحزاب/6 )
*يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً (الأحزاب/28 )
*يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
(الأحزاب/45 )
*يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّلاتِي ءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ الَّلاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا
(الأحزاب/50 )
*يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا
(الأحزاب/59 )
*يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرُجُلِهِ نَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
(الممتحنة/12 )
*يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا
(الطلاق/1 )
*يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
(التحريم/1 )
*وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (التحريم/3 )
*يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ
(التحريم/9 )
محمد رافع 52 19-03-2013, 04:45 PM النَّبِيِّ:
*قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِ وَيُمِيتُ فَأَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
(الأعراف/158 )
*لَّقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ
(التوبة/117 )
*يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا
(الأحزاب/30 )
*يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا
(الأحزاب/32 )
*مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا
(الأحزاب/38 )
*يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَئْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِ مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَسْئَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا
(الأحزاب/53 )
*إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
(الأحزاب/56 )
*يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ
(الحجرات/2 )
لِلنَّبِيِّ:
*مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ
(التوبة/113 )
*يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّلاتِي ءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ الَّلاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا
(الأحزاب/50 )
وَالنَّبِيِّ:
وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
(المائدة/81 )
وَهَذَا النَّبِيُّ:
إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ
(آل عمران/68 )
بَعْضَ النَّبِيِّنَ:
وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّنَ عَلَى بَعْضٍ وَءَاتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا
(الإسراء/55 )
محمد رافع 52 19-03-2013, 04:50 PM أسماء النبي
مُحَمَّدٌ:
*وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِين مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ
(آل عمران/144 )
*مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّنَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا
(الأحزاب/40 )
*مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْئَهُ فَأَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا
(الفتح/29 )
مُحَمَّدٍ:
وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَءَامَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ
(محمد/2 )
أَحْمَدُ:
وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَاءِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ
(الصف/6 )
الْمُدَّثِّرُ:
يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ
(المدثر/1 )
الْمُزَّمِّلُ:
يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ
(المزمل/1 )
طه:
طه
(طه/1 )
يس:
يس
(يس/1 )
محمد رافع 52 19-03-2013, 04:53 PM صفة العبودية
بِعَبْدِهِ:
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ ءَايَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
(الإسراء/1 )
عَابِدٌ:
وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ
(الكافرون/4 )
عَبْدُ اللَّهِ:
وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا
(الجن/19 )
عَبْدِنَا:
وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
(البقرة/23 )
عَبْدِهِ:
*الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا
(الكهف/1 )
*تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا
(الفرقان/1 )
*فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى
(النجم/10 )
*هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ ءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ
(الحديد/9 )
عَبْدَهُ:
أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
(الزمر/36 )
محمد رافع 52 19-03-2013, 05:11 PM صفاته الأخرى
الأُمِّيَّ:
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
(الأعراف/157 )
الأُمِّيِّ:
قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِ وَيُمِيتُ فَأَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
(الأعراف/158 )
أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ:
لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ
(الأنعام/163 )
الْبَيِّنَةُ:
*لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ
(البينة/1 )
*وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ
(البينة/4 )
الْمُبِينُ:
وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ
(الحجر/89 )
ثَانِيَ اثْنَيْنِ:
إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
(التوبة/40 )
حَرِيصٌ:
لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ
(التوبة/128 )
دَاعِيَ اللَّهِ:
*يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَءَامِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
(الأحقاف/31 )
*وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
(الأحقاف/32 )
ذِكْرٌ:
*وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ
(القلم/52 )
*إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ
(التكوير/27 )
شَيْءٌ عَجِيبٌ:
بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ
(ق/2 )
كَرِيمٍ:
*إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ
(الحاقة/40 )
*إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ
(التكوير/19 )
مُبِينٌ:
*أَوَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
(الأعراف/184 )
*قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
(الحج/49 )
*وَقَالُوا لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ ءَايَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الأَيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ
(العنكبوت/50 )
*وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ
(سبأ/43 )
*إِن يُوحَى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ
(ص/70 )
*أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ
(الدخان/13 )
*قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
(الأحقاف/9 )
*قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ
(الملك/27 )
هُدًى مُسْتَقِيم:
لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ فِي الأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ
(الحج/67 )
شَاهِدًا:
*يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
(الأحزاب/45 )
*إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
(الفتح/8 )
*إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً
(المزمل/15 )
شَهِيدًا:
*وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ
(البقرة/143 )
*فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا
(النساء/41 )
*وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاَءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ
(النحل/89 )
*وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ
(الحج/78 )
مُبَشِّرًا:
*وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
(الإسراء/105 )
*وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
(الفرقان/56 )
وَمُبَشِّرًا:
*يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
(الأحزاب/45 )
*إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
(الفتح/8 )
بَشِيرًا:
*إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلاَ تُسْئَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ
(البقرة/119 )
*وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
(سبأ/28 )
*إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ
(فاطر/24 )
بَشِيرٌ:
يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
(المائدة/19 )
وَبَشِيرٌ:
*قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
(الأعراف/188 )
*أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ
(هود/2 )
النَّذِيرُ:
*وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ
(الحجر/89 )
*وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ
(فاطر/37 )
نَذِيرًا:
*تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا
(الفرقان/1 )
*وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلاَ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا
(الفرقان/7 )
نَذِيرٌ:
*أَوَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
(الأعراف/184 )
*قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
(الأعراف/188 )
*أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ
(هود/2 )
*فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُوا لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ
(هود/12 )
*قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
(الحج/49 )
*وَقَالُوا لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ ءَايَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الأَيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ
(العنكبوت/50 )
*قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ
(سبأ/46 )
*إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ
(فاطر/23 )
*إِن يُوحَى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ
(ص/70 )
*قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
(الأحقاف/9 )
*قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ
(الملك/26 )
وَنَذِيرًا:
*إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلاَ تُسْئَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ
(البقرة/119 )
*وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
(الفرقان/56 )
*يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
(الأحزاب/45 )
*وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
(سبأ/28 )
*إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ
(فاطر/24 )
*إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
(الفتح/8 )
وَنَذِيرٌ:
يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
(المائدة/19 )
مُّنذِرٌ:
بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ
عَجِيبٌ (ق/2 )
مُنذِرُ:
إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا
(النازعات/45 )
مُنذِرٌ:
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ
(الرعد/7 )
رَءُوفٌ:
لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ
(التوبة/128 )
رَحِيمٌ:
لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ
(التوبة/128 )
وَدَاعِيًا:
وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا
(الأحزاب/46 )
وَرَحْمَةٌ:
وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
(التوبة/61 )
مَقَامًا مَحْمُودًا:
وَمِنَ الَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا
(الإسراء/79 )
وَسِرَاجًا:
وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا
(الأحزاب/46 )
خُلُقٍ عَظِمٍ:
وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ
(القلم/4 )
الْبَلاَغُ الْمُبِينُ:
قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ
(النور/54 )
حِلٌّ:
وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ
(البلد/2 )
عَامِلٌ:
*قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ
(الأنعام/135 )
*قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
(الزمر/39 )
فَاعِلٌ:
وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَايْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا
(الكهف/23 )
قَائِمًا:
وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّنَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
(آل عمران/75 )
مُخْلِصًا:
*إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ
(الزمر/2 )
*قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي
(الزمر/14 )
مُصَدِّقٌ:
وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
(البقرة/101 )
مُنِيرًا:
وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا
(الأحزاب/46 )
وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ:
مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّنَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا
(الأحزاب/40 )
أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ:
لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ
(الأنعام/163 )
أُذُنُ خَيْرٍ:
وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
(التوبة/61 )
يَتِيمًا:
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَأَوَى
(الضحى/6 )
بَشَرًا:
*أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً
(الإسراء/93 )
*وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولاً
(الإسراء/94 )
بَشَرٌ:
*قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا
(الكهف/110 )
*لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ
(الأنبياء/3 )
صَاحِبُكُم:
*وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ
(التكوير/22 )
*مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى
(النجم/2 )
بِصَاحِبِكُم:
قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ
(سبأ/46 )
بِصَاحِبِهِم:
أَوَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
(الأعراف/184 )
محمد رافع 52 19-03-2013, 05:13 PM صفته مع غيره
ءَامِنِينَ:
لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّءْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا
(الفتح/27 )
مُحَلِّقِينَ:
لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّءْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا
(الفتح/27 )
الْمُفْلِحُونَ:
لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
(التوبة/88 )
وَمُقَصِّرِينَ:
لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّءْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا
(الفتح/27 )
محمد رافع 52 19-03-2013, 05:19 PM صفات لا تليق به
زَاغَ البَصَرُ:
مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى
(النجم/17 )
طَغَى:
مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى
(النجم/17 )
غَيْرَ مُسْمَعٍ:
مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً
(النساء/46 )
لَوْلاَ نُزِّلَ:
وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءَانُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ
(الزخرف/31 )
أُذُنُ:
وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
(التوبة/61 )
بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ:
فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ
(الشعراء/216 )
بِمُصَيْطِرٍ:
لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ
(الغاشية/22 )
بِوَكِيلٍ:
قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ
(يونس/108 )
بِمَجْنُونٍ:
*مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ
(القلم/2 )
*وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ
(التكوير/22 )
لَمَجْنُونٌ:
*وَقَالُوا يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ
(الحجر/6 )
*وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ
(القلم/51 )
مَّجْنُونٌ:
ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ
(الدخان/14 )
مَّجْنُونٍ:
وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ
(الصافات/36 )
شَاعِرٌ:
*بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِأَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ
(الأنبياء/5 )
*أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ
(الطور/30 )
شَاعِرٍ:
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ
(الحاقة/41 )
لِشَاعِرٍ:
وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ
(الصافات/36 )
سِحْرٌ:
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ
(سبأ/43 )
كَاهِنٍ:
وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ
(الحاقة/42 )
مَسْحُورًا:
نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا
(الإسراء/47 )
مُفْتَرًى:
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ
(سبأ/43 )
بِقَوْلِ:
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ
(التكوير/25 )
تَقَوَّلَ:
وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ
(الحاقة/44 )
رَجُلٌ:
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَ ا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ
(سبأ/43 )
رَجُلٍ:
*أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ
(يونس/2 )
*وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ
(سبأ/7 )
رَجُلاً:
نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا
(الإسراء/47 )
رَجُلاً مَسْحُورًا:
أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا
(الفرقان/8 )
مُعَلَّمٌ:
ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ
(الدخان/14 )
محمد رافع 52 19-03-2013, 05:22 PM أهل بيته وأصحابه
أَهْلَ الْبَيْتِ:
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَءَاتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا
(الأحزاب/33 )
وَالَّذِينَ مَعَهُ:
مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّو ْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْئَهُ فَأَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا
(الفتح/29 )
فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ:
يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً
(الأحزاب/28 )
قُرْبَةٌ لَّهُمْ:
وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلاَ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
(التوبة/99 )
محمد رافع 52 19-03-2013, 05:24 PM الصلاة عليه والتسليم
صَلُّوا:
إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
(الأحزاب/56 )
وَصَلِّ:
خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
(التوبة/103 )
وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ:
وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلاَ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
(التوبة/99 )
يُصَلُّونَ:
إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
(الأحزاب/56 )
تَسْلِيمًا:
إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
(الأحزاب/56 )
إِنَّهَا:
وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلاَ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
(التوبة/99 )
عبد العزيز تونى 02-05-2013, 03:38 PM جزاك الله خيرا
محمد رافع 52 03-05-2013, 12:26 AM جزاك الله خيرا
بارك الله فيك
محمد رافع 52 04-05-2013, 11:24 PM مشكووووووووووووووووووووووووووور
جزاك الله خيراً
محمد رافع 52 05-05-2013, 12:42 AM بارك الله فيك
وفيك جزاك الله خيرا
ميدو ميدو 21-05-2013, 05:59 PM جزي الله حضرتك خير الجزاء
محمد رافع 52 21-05-2013, 07:37 PM جزي الله حضرتك خير الجزاء
بارك الله فيك ورضى عنك
أشرف الصواف 14-08-2013, 10:23 PM http://im37.gulfup.com/YtpKt.gif (http://www.gulfup.com/?fsujJp)
محمد رافع 52 22-08-2013, 07:55 PM http://im37.gulfup.com/ytpkt.gif (http://www.gulfup.com/?fsujjp)
بارك الله فيك اخى الكريم
محمد رافع 52 22-08-2013, 07:57 PM http://im37.gulfup.com/ytpkt.gif (http://www.gulfup.com/?fsujjp)
بارك الله فيك اخى الكريم
وليد البكري 27-08-2013, 12:47 PM جزاكم الله خيرا
ومع المزيد
محمد رافع 52 29-08-2013, 04:56 PM http://mercyprophet.org/mul/ar/sites/default/files/images/lights_of_this_ummah.jpg (http://mercyprophet.org/mul/ar/content/%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%AC-%D9%87%D8%B0%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%D9%8A%D8%A9)
آيات كريمة ومعجزات عظيمة ، سخرها الله تعالى لتشهد بصدق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وتبيّن حقيقة تأثّر الجماد ـ فضلاً عن بني البشر ـ بالقرب منه والاستماع إليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، في أخبار ثابتة بالنصوص الصحيحة .
نعم لقد نطق الجماد ، فحنَّ الجذع ، وسبح الطعام وسلم الحجر والشجر ، إنها دلائل ومعجزات مع الجمادات التي لا روح فيها ، أعطاها الله لنبيه وحبيبه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، تأييداً لدعوته ، وإكراماً له ، وإعلاءً لقدره ، الأمر الذي ترك أثره في النفوس ، وحرك العقول ، ولفت انتباه أصحابه نحو دعوته التي جاء بها ، وأثبت لهم أنها دعوة صادقة مؤيدة من الله ، والأدلة والأحاديث الدالة على ذلك كثيرة منها :
النخلة تسمع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتطيعه :
عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: (جاء أعرابي إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال بم أعرف أنك نبي؟ ، قال : إن دعوت هذا العذق (الذي فيه الرطب) من هذه النخلة أتشهد أني رسول الله؟ ، فدعاه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فجعل ينزل من النخلة حتى سقط إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ثم قال : ارجع، فعاد ، فأسلم الأعرابي ) رواه الترمذي .
وعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : ( سرنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى نزلنا واديًا أفيح (واسعا) ، فذهب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقضي حاجته ، فاتبعته بإداوة من ماء ، فنظر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلم ير شيئًا يستتر به ، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي ، فانطلق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها ، فقال : انقادي عليَّ بإذن الله ، فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده ، حتى أتى الشجرة الأخرى ، فأخذ بغصن من أغصانها فقال : انقادي علي بإذن الله ، فانقادت معه كذلك ، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما لأم (جمع) بينهما ، فقال : التئما علي بإذن الله فالتأمتا . قال جابر : فخرجت أحضرمخافة أن يحس رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقربي فيبتعد ، فجلست أحدث نفسي فحانت مني لفتة ، فإذا أنا برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مقبلا ، وإذا الشجرتان قد افترقتا ، فقامت كل واحدة منهما على ساق ، فرأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقف وقفة فقال برأسه : هكذا ـ وأشار أبو إسماعيل برأسه يمينًا وشمالاً ـ ثم أقبل ، فلما انتهى إليَّ قال : يا جابر هل رأيت مقامي ؟ ، قلت : نعم يا رسول الله ، قال : فانطلق إلى الشجرتين فاقطع من كل واحدة منهما غصنا فأقبل بهما ، حتى إذا قمت مقامي فأرسل غصنا عن يمينك وغصنًا عن يسارك .. قال جابر : فقمت فأخذت حجرا فكسرته وحسرته (أحددته) فانذلق لي (صار حادًا) ، فأتيت الشجرتين فقطعت من كل واحدة منهما غصنا ، ثم أقبلت أجرهما حتى قمت مقام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أرسلت غصنا عن يميني وغصنا عن يساري ، ثم لحقته فقلت : قد فعلت يا رسول الله فعم ذاك ؟!، قال : إني مررت بقبرين يعذبان فأحببت بشفاعتي أن يرفه (يخفف) عنهما ، ما دام الغصنان رطبين ) رواه مسلم .
وعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: ( كنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ في سفر فأقبل أعرابي ، فلما دنا منه قال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : أين تريد ؟ ، قال : إلى أهلي ، قال: هل لك في خير؟ ، قال : وما هو ؟ ، قال : تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، قال : ومن يشهد على ما تقول ؟ ، قال : هذه السلمة (شجرة من أشجار البادية) ، فدعاها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهي بشاطئ الوادي ، فأقبلت تخد (تشق) الأرض خدًا حتى قامت بين يديه ، فأشهدها ثلاثًا فشهدت ثلاثًا أنه كما قال ، ثم رجعت إلى منبتها ، ورجع الأعرابي إلى قومه وقال : إنِ اتبعوني آتك بهم ، وإلا رجعت فكنت معك ) رواه الطبراني .
الشجرة تنتقل من مكانها إرضاء للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: ( جاء جبريل إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذات يوم وهو جالس حزينا قد خضب بالدماء (ملأت الدماء رأسه) ، ضربه بعض أهل مكة ، قال : فقال له : مالَك ؟ ، قال : فقال له : فعل بي هؤلاء وفعلوا ، قال : فقال له جبريل ـ عليه السلام ـ : أتحب أن أريك آية ؟ ، قال نعم ، قال : فنظر إلى شجرة من وراء الوادي ، فقال : ادع تلك الشجرة ، فدعاها ، فجاءت تمشي حتى قامت بين يديه ، فقال : مرها فلترجع ، فأمرها فرجعت إلى مكانها ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حَسْبي ) رواه أحمد.
بل إن الله ـ عز وجل ـ أنطق الشجرة له ـ صلى الله عليه وسلم ـ : فعن مِعن قال : سمعت أبي قال : ( سألت مسروقًا : من آذن (أعلم) النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالجن ليلة استمعوا القرآن ؟ ، فقال : حدثني أبوك ـ يعني ابن مسعود ـ : أنه آذنته بهم شجرة ، وكان ذلك ليلة الجن عندما غاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن أصحابه ، وجاءه داعي الجن فذهب معهم ، وقرأ عليهم القرآن ، وآمنوا به واتبعوا النور الذي أنزل معه ) رواه مسلم .
تسليم الحجر والشجرعلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
عن جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ : ( إني لأعرف حجرًا بمكة ، كان يسلم عليَّ قبل أن أُبعث ، إني لأعرفه الآن ) رواه مسلم .
قال النووي معلقًا على هذا الحديث : " فيه معجزة له ـ صلى الله عليه و سلم ـ ، وفي هذا إثبات التمييز في بعض الجمادات ، وهو موافق لقوله تعالى في الحجارة : { وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } (البقرة: من الآية74)، وقوله تعالى : { وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُم }(الاسراء: من الآية44) .
وعن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ قال : ( كنت مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمكة ، فخرجنا في بعض نواحيها ، فما استقبله جبل ـ أي حجر ـ ولا شجر ، إلا وهو يقول : السلام عليك يا رسول الله ) رواه الترمذي .
محمد رافع 52 29-08-2013, 04:58 PM تسبيح الطعام بحضرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: ( كنا نعد الآيات بركة ، وأنتم تعدونها تخويفًا ، كنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ في سفر ، فقال : الماء ، فقال : اطلبوا فضلة من ماء ، فجاءوا بإناء فيه ماء قليل ، فأدخل يده في الإناء ثم قال : حي على الطهور المبارك ، والبركة من الله ، فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله ، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل ) رواه البخاري .
حب وشوق الجمادات للحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
لم تقف الدلائل والمعجزات النبويّة مع الجمادات عند حدود النطق والكلام والحركة ، بل امتدّت لتشمل الحب والشوق ، والمشاعر والأحاسيس .
عن سهل عن أبيه عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( أحدٌ جبلٌ يحبنا ونحبه ) رواه البخاري . وعن قتادة أن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ حدثهم : ( أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صعد أحدا وأبو بكر وعمر وعثمان ، فرجف بهم ، فقال : اثبت أحد ، فإنما عليك نبي وصِّديق وشهيدان ) رواه البخاري . والصِّديق هو أبو بكر ، والشهيدان هما عمر وعثمان وقد ماتا شهيدين .
وإذا كان الجبل أحب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقد تألم الجذع لفراقه وشوقا إليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
نعم حنَّ الجذع شوقا إليه ، وألما من فراقه ، وقد ورد ذلك ـ كما قال الحافظ ابن كثير ـ من حديث جماعة من الصحابة بطرق متعددة تفيد القطع عند أئمة الشأن وفرسان هذا الميدان .
عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ : ( أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة ، فقالت امرأة من الأنصار ـ أو رجل ـ : يا رسول الله : ألا نجعل لك منبرا ؟ ، قال : إن شئتم . فجعلوا له منبرا . فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر ، فصاحت النخلة صياح الصبي ، ثم نزل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فضمه إليه يئن أنين الصبي الذي يسكن ، قال : كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها )رواه البخاري .
وفى رواية من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( ولو لم أحتضنه لحنَّ إلى يوم القيامة ) رواه أحمد .
قال العلامة تاج الدين السبكي : " حنين الجذع متواتر ، لأنه ورد عن جماعة من الصحابة ، إلى نحو العشرين ، من طرق صحيحة كثيرة تفيد القطع بوقوعه " ، وقال القاضي عياض في الشفاء : " إنه متواتر " .
وكان الحسن البصري إذا حدث بحديث حنين الجذع يقول : " يا معشر المسلمين : الخشبة تحن إلى رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ شوقاً إلى لقائه ، فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه " .
لقد رافقت الدعوة المحمدية من مهدها العديد من الدلائل والمعجزات الدالة على صدق الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وكان أعظمها على الإطلاق القرآن الكريم ، إلا أنه لا يمكن لمنصف تجاهل باقي المعجزات الحسية والأمور الخارقة للعادة التي شهدها الصحابة الكرام ورووها لمن بعدهم ، فكان لها الأثر البالغ في زيادة إيمانهم وتثبيت يقينهم في تلك الظروف الصعبة ، وتكالب أهل الباطل من المشركين واليهود والمنافقين، وستظل هذه المعجزات على مر الدهور والعصور شاهدة على صدق نبوته ، وعلو قدره ورفعة منزلته .
محمد رافع 52 29-08-2013, 05:04 PM من دلائل النبوة شفاء المرضى
http://mercyprophet.org/mul/ar/sites/default/files/images/evidence_of_prophethood.jpg (http://mercyprophet.org/mul/ar/node/6791)
أجرى الله ـ تبارك وتعالى ـ على يد أنبيائه ورسله من المعجزات الباهرات والدلائل القاطعات ما يدل على صدق دعواهم أنهم رسل الله ، قال الله تعالى : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ }(الحديد: من الآية25) .. ولما أرسل الله نبيه عيسى ـ عليه السلام ـ آتاه من الآيات والمعجزات ما يقيم به الحجة على بني إسرائيل ، ومن ذلك إبراء الله الأكمه والأبرص على يديه كما قال تعالى : { وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي }(المائدة: من الآية110) ..
وكذلك أيد الله خاتم أنبيائه وأفضل رسله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمثل هذا الدليل وهذه المعجزة ، حين شفى على يديه وبِرِيقهِ ونفثه (نفخ بلا ريق) بعضا من أصحابه .. فالله ـ عز وجل ـ الشافي ، وهو الذي جعل ريقه ونفثه ـ صلى الله عليه وسلم ـ سببا في الشفاء ، ليكون برهانا على ما أكرم الله به رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الكرامات والدلائل العظيمة ، بيانا لعلو منزلته ، وتأييداً لدعوته ، وتصديقا لنبوته ..
والأمثلة في ذلك كثيرة ، منها :
عن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم خيبر : ( لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، قال : فبات الناس يدوكون (يتحدثون) ليلتهم أيهم يُعْطاها ، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كلهم يرجوا أن يعطاها ، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : أين علي بن أبي طالب ؟ ، فقيل : هو يا رسول الله يشتكي عينيه ، قال : فأرسلوا إليه ، فأُتِيَ به فبصق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية )(البخاري)..
وفي رواية لابن ماجه أن عليا ـ رضي الله عنه ـ قال : ( إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعث إليَّ وأنا أرمد العين يوم خيبر ، قلت : يا رسول الله إني أرمد العين ، فتفل في عيني ثم قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : اللهم أذهب عنه الحر والبرد ، قال : فما وجدت حرا ولا بردا بعد يومئذ )
وعند بريدة في الدلائل للبيهقي : " فما وجعها علي حتى مضى لسبيله أي مات " ..
وعند الطبراني من حديث علي : " فما رمدت ولا صدعت مذ دفع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إليَّ الراية يوم خيبر .." ..
قال الشوكاني : " فيه معجزة ظاهرة للنبي " ..
وعن يزيد بن أبي عبيد ـ رضي الله عنه ـ قال : ( رأيت أثر ضربة في ساق سلمة ، فقلت : يا أبا مسلم ما هذه الضربة ؟ ، فقال هذه ضربة أصابتني يوم خيبر ، فقال الناس : أصيب سلمة ، فأتيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فنفث فيه ثلاث نفثات فما اشتكيتها حتى الساعة )(البخاري).
ويرسل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عبدَ الله بن عتيك ورجالاً من الأنصار لاغتيال سلام بن أبي الحُقَيق الذي آذى الله ورسوله ، وبينما عبد الله بن عتيك في طريق العودة وقع فانكسرت ساقه ، فعصبها بعمامة ، ثم يقول ابن عتيك : فانتهيت إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقال : ( ابسط رجلك ، فبسطت رجلي ، فمسحها ، فكأنها لم أشتكِها قط )(البخاري) .
وذكرالبيهقي في دلائل النبوة : عن حبيب بن يساف ـ رضي الله عنه ـ قال : " شهدت مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مشهدا فأصابتني ضربة على عاتقي فتعلقت يدي ، فأتيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فتفل فيها وألزقها فالتأمت وبرأت ، و***ت الذي ضربني " ..
وروى ابن حبان : عن عبد الله بن بريدة ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت أبي يقول : إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تفل في رجل عمرو بن معاذ حين قطعت رجله فبرأ ..
إن جموع الصحابة التي شاهدت سلمة ـ رضي الله عنه ـ يشتكي ساقه ثم رأوه لا يشتكي منها ألما ولا وجعا ، ورأت عليا ـ رضي الله عنه ـ يشتكي عينيه ثم يبرأ منها ، وشاهدت عبد الله بن عتيك ـ رضي الله عنه ـ تنكسر ساقه ثم يبرأ ولا يشعر بألم ـ وكل ذلك بريقه ونفثه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، لا يسعهم ـ ومن يأتي بعدهم ـ إلا أن يشهدوا للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعلو المنزلة والمكانة ، وبالنبوة والرسالة ..
محمد رافع 52 29-08-2013, 05:09 PM معجزة ربانية وعفو نبوي
http://mercyprophet.org/mul/ar/sites/default/files/images/untitled2.png (http://mercyprophet.org/mul/ar/node/6710)
الشاة المسمومة: معجزة ربانية وعفو نبوي
عن أبي هريرة - رضي الله عنه ـ قال : ( لما فُتِحت خيبر، أُهْدِيَت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة فيها سم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اجمعوا لي من كان هاهنا من اليهود، فجمعوا له، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إني سائلكم عن شيء فهل أنتم صادِقيَّ عنه؟، فقالوا : نعم يا أبا القاسم ، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أبوكم؟، قالوا: أبونا فلان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كذبتم بل أبوكم فلان، فقالوا : صدقت وبررت .
فقال : هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟، فقالوا : نعم يا أبا القاسم، وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا، قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أهل النار؟، فقالوا : نكون فيها يسيرا ثم تخلفوننا فيها، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اخسؤوا فيها، والله لا نخلفكم فيها أبدا .
ثم قال لهم : فهل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟، قالوا : نعم، فقال : هل جعلتم في هذه الشاة سما؟، فقالوا: نعم، فقال : ما حملكم على ذلك؟، فقالوا : أردنا إن كنت كاذبا نستريح منك، وإن كنت نبيا لم يضرك )( البخاري ).
وفي السيرة النبوية لابن هشام قال : " .. فلما اطمأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهدت له زينب بنت الحارث، امرأة سلام بن مشكم ، شاة مصلية وقد سألت أي عضو من الشاة أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقيل لها : الذراع فأكثرت فيها من السم، ثم سمَّت سائر الشاة ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تناول الذراع فلاك منها مضغة فلم يسغها ، ومعه بِشر بن البراء بن معرور ، قد أخذ منها كما أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فأما بشر فأساغها ، وأما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلفظها ، ثم قال : إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم، ثم دعا بها فاعترفت، فقال : ما حملكِ على ذلك ؟، قالت : بلغت من قومي ما لم يخف عليك ، فقلتُ : إن كان مَلِكا استرحت منه، وإن كان نبيا فسيُخْبر .. قال : فتجاوز عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومات بشر من أكلته التي أكل " ..
قال ابن القيم في زاد المعاد : " وجيء بالمرأة إلى رسول الله، فقالت : أردت ***ك، فقال : ما كان الله ليسلطك عليَّ، قالوا : ألا ت***ها؟، قال : لا، ولم يتعرض لها، ولم يعاقبها، واحتجم على الكاهل، وأمر من أكل منها فاحتجم، فمات بعضهم " ..
واختلفت الروايات في التجاوز عن المرأة و***ها، وجمعوا بأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تجاوز عنها أولا، فلما مات بِشر ***ها به قصاصا ..
وقد عفا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن هذه المرأة اليهودية التي حاولت ***ه بالسم، لأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان لا ينتقم لنفسه ، كما قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ في وصفه : ( مَا خُيِّرَ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس عنه، وما انتقم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لنفسه في شيء قط ، إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله تعالى )( البخاري ) .
لقد لقي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أعدائه كثير الأذى، وعظيم الشدة والمكائد، منذ جهر بدعوته، ولكن الله تبارك وتعالى حفظه وعصمه من الناس، وقصة الشاة المسمومة صورة من صور حفظ الله لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، تنفيذا لوعده سبحانه : { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ }(المائدة: من الآية67) ..
قال النووي في شرحه للحديث : " فيه بيان عصمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الناس كلهم، كما قال الله : { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ }(المائدة: من الآية67)، وهي معجزة لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سلامته مِن السم المهلك لغيره، وفي إعلام الله تعالى له بأنها مسمومة، وكلام عضو منه له، فقد جاء في غير مسلم أنه ـ صلى الله ع
محمد رافع 52 29-08-2013, 05:12 PM إخباره صلى الله عليه وسلم بغيوب تحققت في حياته
الغيب سر الله ، فهو وحده تبارك وتعالى الذي يعلم السر وأخفى } وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقةٍ إلا يعلمها ولا حبةٍ في ظلمات الأرض ولا رطبٍ ولا يابسٍ إلا في كتابٍ مبينٍ { (الأنعام: 59).
والنبي صلى الله عليه وسلم كسائر البشر لا يعلم الغيب } قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملكٌ { (الأنعام: 50)، } قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذيرٌ وبشيرٌ لقومٍ يؤمنون { (الأعراف: 188).
فإذا ما أخبر النبي عن شيء من الغيوب؛ فإنما يخبر بشيء من علم الله الذي خصه به وأطلعه عليه، ليكون برهان نبوته ودليل رسالته.
ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن زهاء ألف أمر غيبي، بعضها في القرآن، وبعضها في السنة، وكل منها دليل على نبوته ورسالته.
والغيوب التي أخبر بها صلى الله عليه وسلم على ضروب، فمنها ما تحقق حال حياته صلى الله عليه وسلم ، ومنها بعده ، ومنها ما يكون قريباً من الساعة، وفي كل ذلك دلائل على نبوته ورسالته.
ومن الغيوب التي تنبأ بها صلى الله عليه وسلم ووقعت حال حياته خبر الريح التي تنبأ صلى الله عليه وسلم بهبوبها وهو منطلق وأصحابُه إلى تبوك فقال:
((ستهبُّ عليكم الليلة ريحٌ شديدة، فلا يقُمْ فيها أحدٌ منكم، فمن كان له بعيرٌ فليشُدَّ عِقاله)).
قال أبو حميد t راوي الحديث: فهبَّت ريحٌ شديدة، فقام رجلٌ، فحملته الريح، فألقته بجبلي طيء.[1] فمن الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بهبوب هذه الريح في زمن ما كان الناس يقدرون على التنبؤ بالطقس وحركات الرياح؟ إنه الله الذي لا تغيب عنه غائبة.
قال النووي: "هذا الحديث فيه هذه المعجزة الظاهرة؛ من إخبارِه عليه الصلاة والسلام بالمغيَّب، وخوفِ الضرر من القيام وقت الريح .. وفيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الشفقة على أمته , والرحمةِ لهم , والاعتناءِ بمصالحهم , وتحذيرِهم مما يضرُّهم في دين أو دنيا".[2]
ومن إخباره صلى الله عليه وسلم بالغيوب تنبؤه بهزيمة الفرس وغلب الروم ، في وقت كادت دولة الفرس أن تزيل الإمبرطورية الرومانية من خارطة الدنيا، فقد وصلت جيوش كسرى أبرويز الثاني إلى وادي النيل، ودانت له أجزاء عظيمة من مملكة الرومان.
سنواتٌ معدودة تمكن فيها جيش الفرس من السيطرة على بلاد الشام وبعض مصر، واحتلت جيوشهم أنطاكيا شمالاً، مما آذن بنهاية وشيكة للإمبرطورية الرومانية.
وأمام هذا الطوفان الفارسي أراد هرقل ملك الروم أن يهرب من عاصمة ملكه القسطنطينية، وكاد أن يفعل لولا أن كبير أساقفة الروم أقنعه بالصمود وطلب الصلح الذليل من الفرس.
ووسط هذه الأحداث - وخلافاً لكل التوقعات - أعلن النبي صلى الله عليه وسلم في أجواء مكة المتربصة به وبدعوته أن الروم سينتصرون على الفرس في بضع سنين، أي فيما لا يزيد عن تسع سنين، فقد نزل عليه قول الله تعالى: ]غلبت الروم % في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون % في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون % بنصر الله[ (الروم: 2-5).
يقول المؤرخ إدوار جِبن في كتابه "تاريخ سقوط وانحدار الإمبراطورية الرومانية": "في ذلك الوقت، حين تنبأ القرآن بهذه النبوءة، لم تكن أية نبوءةٍ أبعدَ منها وقوعاً، لأن السنين العشر الأولى من حكومة هرقل كانت تؤذن بانتهاء الإمبرطورية الرومانية".
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتنبأ بانتصار المهزوم الذي يكاد يستسلم لخصمه، ويحدد موعداً دقيقاً لهذا النصر الذي ما من شيء أبعد في تحققه منه.
وتناقلت قريش هذه النبوءة الغريبة التي خالفت أهواءهم التي مالت إلى جانب الفرس إخوانِهم في الوثنية، بينما أحب المسلمون انتصار الروم لأنهم أهل كتاب، واستبشروا بالخبر.
قال ابن عباس: (كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم، لأنهم وإياهم أهلُ أوثان، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أهلُ كتاب، فذكروه لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما إنهم سيَغلبون.
فذكره أبو بكر لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً، فإن ظهرنا [أي بدوام انتصار الفرس] كان لنا كذا وكذا [أي من الرهن]، وإن ظهرتم [أي بانتصار الروم] كان لكم كذا وكذا، فجعل أجلاً خمس سنين، فلم يظهر الروم [أي في هذه السنينِ الخمس].
فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألا جعلته إلى دون العشر [أي طلب منه زيادة الأجل إلى تسع سنين، لأن البضع في لغة العرب ما دون العشر]، والله قد وعد بظفر الروم في بضع سنين.
قال أبو سعيد: والبضع ما دون العشر.
قال: ثم ظهرت الروم بعد، قال ابن عباس: فذلك قوله تعالى: ]غلبت الروم % في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون % في بضع سنين [.[3]
لقد كان الأمر كما تنبأ عليه الصلاة والسلام، ففي عام 623م وما بعدها استطاع هرقل أن يتخلص من لهوه ومجونه، وشن ثلاث حملات ناجحة أخرجت الفرس من بلاد الرومان.
وفي عام 626م واصل الرومان زحفهم حتى وصلوا إلى ضفاف دجلة داخل حدود الدولة الفارسية، واضطر الفرس لطلب الصلح مع الرومان بعد هزيمتهم في معركة نينوى، وأعادوا لهم الصليب المقدس - عندهم - وكان قد وقع بأيديهم.
فمن ذا الذي أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بهذه النبوءة العظيمة؟ إنه وحي الله، وهو دليل رسالته ونبوته عليه الصلاة والسلام.
ولو تأملنا قوله تعالى: ]غلبت الروم % في أدنى الأرض [ فإن أعيننا لن تخطئ برهاناً آخر من براهين نبوته صلى الله عليه وسلم ، فقوله تعالى: ] في أدنى الأرض [ يشير إلى حقيقة علمية كشف عنها العلم الحديث، وهي أن البقعة التي انتصر فيها الفرس على الروم في منطقة الأغوار قريباً من البحر الميت هي أدنى الأرض، أي أخفض مكان في الأرض كما تؤكده الموسوعة البريطانية وغيرها[4]، إنه بعض علم اللطيف الخبير.
ومما أطلع الله نبيه عليه من الغيوب التي لا يعرفها لولا إخبار الله له؛ خبر كتاب حاطب بن أبي بلتعة t الذي أرسله إلى قريش مع امرأة، يخبرهم فيه بعزم النبي صلى الله عليه وسلم على غزو مكة.
فلما كشف الله ذلك لنبيه؛ بعث علياً والزبيرَ والمقدادَ بنَ الأسود، وقال: ((انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة، ومعها كتاب، فخذوه منها))، يقول علي t: فانطلقنا حتى انتهينا إلى الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب. [5]
قال ابن حجر: "وفيه من أعلام النبوة إطلاعُ الله نبيه على قصة حاطب مع المرأة".[6]
ومثله من الإخبار المعجِز نعْيُه لقادة مؤتة الثلاثة - وقد استشهدوا في الشام - وهو في المدينة ، يقول أنس t: نعى النبي صلى الله عليه وسلم زيداً وجعفراً وابنَ رواحة للناس قبل أن يأتيَهم خبرُهم ، فقال: ((أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان؛ حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم)).[7]
فالذي أعلم النبيَّ صلى الله عليه وسلم بم***هم قبل أن يأتي خبرهم إلى الناس هو الله علام الغيوب، قال الطحاوي: "وفيه عَلَمٌ ظاهر من أعلام النبوة".[8]
ومن إخباره صلى الله عليه وسلم بالغيوب؛ تعريفه أبا هريرة t بحقيقة الشيطان المتمثل في صورة رجل، ، وتنبؤه بأنه سيأتي مرة بعد مرة، فقد جاءه شيطان، يسرق من طعام الزكاة، فأمسك به أبو هريرة، ثم خلّى عنه لما شكى الفقر والعَيْلة.
يقول أبو هريرة: فخليتُ عنه، فأصبحتُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك البارحة؟)) فقلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة وعِيالاً، فرحمته، فخليتُ سبيله، قال: ((أما إنه قد كذَبك, وسيعود))، قال أبو هريرة: فعرَفتُ أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إنه سيعود)) ...
وعاد الرجل كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وأطلقه أبو هريرة ثانية, فأخبره النبي بمقدَمِه ثالثة، فكان كما أخبر.
فلما غدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال له صلى الله عليه وسلم : (( تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليالٍ يا أبا هريرة؟)) قال: لا، قال: ((ذاك شيطان)).[9]
قال ابن حجر: "وفيه إطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على المغيَبات".[10]
فهذه الغيوب وغيرَها مما أخبر به صلى الله عليه وسلم أدلةٌ واضحة وبراهينُ ساطعة على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، فهي غيوب أخبره بها عالمُ السر والنجوى.
[1] رواه البخاري ح (1482)، ومسلم ح (1392).
[2] شرح صحيح مسلم (15/42).
[3] رواه الترمذي ح (3193)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ح (2551).
[4] يعتبر منخفض بحيرة طبريا ثاني أكبر المنخفضات في العالم، حيث تنخفض فيه اليابسة إلى 209 م تحت سطح البحر، بينما هي في منطقة البحر الميت تصل إلى 395 م تحت سطح البحر. انظر: أطلس العالم، مكتبة بيروت (ص 95) نقلاً عن كتاب "إنه الحق" الذي أصدرته هيئة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة برابطة العالم الإسلامي (ص 79).
[5] رواه البخاري ح (3007)، ومسلم ح (2494).
[6] فتح الباري (12/324).
[7] رواه البخاري ح (3929).
[8] عمدة القاري (17/269).
[9] ذكره البخاري معلقاً بصيغة الجزم في كتاب الوكالة، باب "إذا وكل رجلاً فترك الوكيل شيئاً فأجازه".
[10] فتح الباري (4/571).
د. منقذ بن محمود السقار
محمد رافع 52 29-08-2013, 05:17 PM إخباره صلى الله عليه وسلم بالغيوب المستقبلة التي تحققت بعد وفاته
ولئن دلت الغيوب التي ذكرناها قبل على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم فإن ما بين أيدينا من الغيوب أعظم دلالة، إذ سنتناول ما أخبر به صلى الله عليه وسلم وتحقق بعد موته صلى الله عليه وسلم ، فكان أيضاً برهاناً صادقاً على نبوته صلى الله عليه وسلم .
وقف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً خطيباً بين أصحابه، ولنسمع إلى حذيفة وهو يقص علينا الخبر.
يقول حذيفة: "خطب خطبة، ما ترك فيها شيئاً إلى قيام الساعة إلا ذكره، علِمه من علِمه، وجهِله من جهِله"، يقول حذيفة: (إنْ كنت لأرى الشيء قد نسيتُ، فأعرِف ما يعرِف الرجل إذا غاب عنه، فرآه فعرَفه).[1]
قال ابن حجر: "دل ذلك على أنه أخبر في المجلس الواحد بجميع أحوال المخلوقات منذ ابتُدئت إلى أن تفنى، إلى أن تُبعث , فشمل ذلك الإخبارَ عن المبدأ والمعاش والمعاد , في تيسير إيراد ذلك كلِّه في مجلس واحد من خوارق العادة أمرٌ عظيم , ويقْرَب ذلك - مع كون معجزاته لا مرية في كثرتها - أنه صلى الله عليه وسلم أعطي جوامع الكلم". [2]
وهذا الذي رواه حذيفة مجملاً؛ فصّله عمرو بن أخطب الأنصاري رضيى الله عنه، فقال: (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر، وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر، فنزل فصلى، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت العصر، فنزل فصلى، ثم صعد المنبر، فخطَبَنا حتى غربت الشمس، فأخبرنا بما هو كائن إلى يوم القيامة، فأعلمُنا أحفظُنا).[3]
قال القاضي عياض: " من ذلك ما أطلع عليه من الغيوب وما يكون، والأحاديث في هذا الباب بحر لا يُدرك قعره، ولا ينزَف غمْرُه، وهذه المعجزة من جملة معجزاته المعلومة على القطع، الواصلِ إلينا خبرها على التواتر، لكثرة رواتها واتفاق معانيها على الاطلاع على الغيب".[4]
ومن الغيوب الباهرة التي كشفت لنبينا صلى الله عليه وسلم خبر أم حرام بنت ملحان ، فقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا)).
قالت أم حرام: قلتُ: يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: ((أنتِ فيهم)).
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم)).
فقلتُ: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: ((لا)). [5]
قال ابن حجر: " وفيه ضروب من إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بما سيقع، فوقع كما قال , وذلك معدود من علامات نبوته: منها إعلامه ببقاء أمته بعده، وأن فيهم أصحابُ قوةٍ وشوكة ونِكاية في العدو, وأنهم يتمكنون من البلاد حتى يغزوا البحر, وأن أمَّ حرام تعيش إلى ذلك الزمان, وأنها تكون مع من يغزو البحر, وأنها لا تدرك زمان الغزوة الثانية ".[6]
وفي حديث يرويه الشيخان أنه صلى الله عليه وسلم نام يوماً في بيتها، ثم استيقظ وهو يضحك، فسألَتْه: ما يضحكك يا رسولَ الله؟ قال: ((ناس من أمتي عُرضوا عليّ غُزاة في سبيل الله، يركبون ثبج [ظهر] هذا البحر، مُلوكاً على الأَسِرّة، أو مثل الملوك على الأَسرّة)).
قالت: فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها.
ثم وضع رأسه فنام، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فسألته أم حرام: ما يضحكُك يا رسول الله؟ قال: ((ناس من أمتي عُرِضوا عليّ غُزاة في سبيل الله )) فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، قال: ((أنت من الأولين)).
فركبت أمُّ حرامٍ بنتِ مِلحانٍ البحرَ في زمن معاوية رضيى الله عنه، فصُرعت عن دابتها حين خرجت من البحر، فهلكت.[7]
وقد نقل الطبراني وغيره أن قبرها معروف في جزيرة قبرص.[8]
فمن الذي أعلم النبي صلى الله عليه وسلم بما يكون بعده؟ من الذي أعلمه بأن أمته سوف تغزو البحر من بعده، وأن أم حرام بنت ملحان ستعيش حتى تدرك هذا الغزو، فتشارك فيه؟
وبينما النبي صلى الله عليه وسلم في تبوك؛ أنبأ أصحابه بوقوع ستة أحداث مهمة، رتب وقوعها فقال لعوف بن مالك: ((اعدد ستاً بين يدي الساعة: موتي، ثم فتحُ بيت المقدس، ثم مُوتانٌ يأخذُ فيكم كقُعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يُعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً، ثم فتنةٌ لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدِرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غايةٍ اثنا عشر ألفاً)). [9]
وفي هذا الحديث يذكر النبي صلى الله عليه وسلم أحداثاً ستة يرتبها، أولها: موتُه صلى الله عليه وسلم ، ثم فتحُ بيت المقدس، وقد كان ذلك في العام الخامس عشرَ من الهجرة، ثم موت عظيم يصيب الصحابة، وتحقق ذلك في طاعون عِمواس في السنة الثامنةِ عشرة للهجرة، ثم استفاضةُ المال حين كثرت الأموال زمن الفتوح في عهد عثمان، ثم الفتنةُ التي تصيب العرب، وقد وقعت زمن فتنة *** عثمان رضيى الله عنه التي كانت بوابة للفتن التي ما تركت بيتاً إلا ودخلته.
وأما العلامة الأخيرة، وهي الهدنة ثم الحرب مع بني الأصفر- وهم الروم - فقد اتفق العلماء على أنها لم تقع، وأن ذلك يكون في فتن وملاحم آخر الزمان.
قال ابن حجر: " وفيه أشياء من علامات النبوة قد ظهر أكثرُها".[10]
ولو شئنا الحديث عن الحدث الرابع منها؛ فإنا نذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : ((لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال فيفيض، حتى يُهِمَّ ربَ المال من يقبلُ صدقَتَه، وحتى يعرِضَه فيقولَ الذي يَعرِضُه عليه: لا أَرَب لي)).[11]
قال ابن حجر: "في هذا الحديث إشارة إلى ثلاثة أحوال:
الأولى: إلى كثرة المال فقط، وقد كان ذلك في زمن الصحابة، ومن ثَم قيل فيه: ((يكثر فيكم)) ..
الحالة الثانية: الإشارة إلى فيضه من الكثرة، بحيث أن يحصل استغناء كلُّ أحدٍ عن أخذ مالِ غيرِه, وكان ذلك في آخر عصر الصحابة وأولِ عصر مَن بعدَهم، ومن ثَم قيل: ((يُهِمَّ ربَ المال))، وذلك ينطبق على ما وقع في زمن عمرَ بنِ عبد العزيز.
الحالة الثالثة: فيه الإشارة إلى فيضه وحصول الاستغناء لكل أحد، حتى يهتم صاحب المال بكونه لا يجد من يَقبل صدقته، ويزداد [أي الهمُّ] بأنه يعرضه على غيره؛ ولو كان ممن لا يستحق الصدقة، فيأبى أخذَه، فيقول: لا حاجة لي فيه، وهذا في زمن عيسى عليه السلام".[12] أي بعد نزوله.
ومما أخبر به صلى الله عليه وسلم من المغيبات - التي أطلعه الله عليها لتكون برهان نبوته - قدومُ أُويس القَرَني من اليمن، وقد ذكر صلى الله عليه وسلم لأصحابه بعضَ صفته وأحواله ، فقال: ((إن رجلاً يأتيكم من اليمن، يقال له: أُويس، لا يدع باليمن غيرَ أمٍ له، قد كان به بياض، فدعا الله فأذهبه عنه؛ إلا موضعَ الدينار أو الدرهم، فمن لقيه منكم فليستغفر لكم)).[13]
وقد كان كما أخبر صلى الله عليه وسلم ، فقد أقبل أهل اليمن زمن عمر؛ فجعل يستقري الرفاق، فيقول: هل فيكم أحد من قَرَن؟ حتى أتى على قرن، فقال: من أنتم؟ قالوا: قَرَن.
قال: فوقع زِمامُ عمر رضيى الله عنه أو زِمام أويس، فناوله أحدهما الآخر، فعرفه.
فقال عمر: ما اسمك؟ قال: أنا أويس.
فقال: هل لك والدة؟ قال: نعم.
قال: فهل كان بك من البياض شيء؟ قال: نعم، فدعوتُ اللهَ عز وجل فأذهبَه عني إلا موضعَ الدِرهم من سُرَّتي لأذكر به ربي.
فقال له عمر رضيى الله عنه: استغفر لي. قال: أنتَ أحقُّ أن تستغفر لي، أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقال عمر رضيى الله عنه: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن خير التابعين رجل يقال له أويس، ولهُ والدة، وكان به بياض، فدعا الله عز وجل، فأذهبَه عنه إلا موضعَ الدِرهم في سُرَّتِه)) فاستغفَر له أويس، ثم دخل في غِمار الناس، فلم يُدر أين وقع [أي ذهب].[14]
قال النووي: "وفي قصة أويس هذه معجزات ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ".[15]
ويخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن بركان يثور في الحجاز ينعكس ضوؤه بالشفق، فيلحظه أهل بصرى بالشام، فتحقق تنبؤه صلى الله عليه وسلم عام 654هـ، ليكون دليلاً آخر على نبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم ، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ((لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز، تضيء أعناقَ الإبل ببصرى)).[16]
قال النووي: "وقد خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة أربع وخمسين وستمائة، وكانت ناراً عظيمة جداً، من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة، تواتر العلم بها عند جميع الشام وسائر البلدان، وأخبرني من حضرها من أهل المدينة".[17]
قال ابن كثير: "وقد ذكر أهل التاريخ وغيرهم من الناس، وتواتر وقوع هذا في سنة أربع وخمسين وستمائة، قال الشيخ الإمام الحافظ شيخ الحديث وإمام المؤرخين في زمانه شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل الملقب بأبي شامة في تاريخه: إنها ظهرت يوم الجمعة في خامس جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة .. وذكر كتباً متواترة عن أهل المدينة في كيفية ظهورها شرق المدينة .. وقد ذكر الشيخ شهاب الدين أن أهل المدينة لجؤوا في هذه الأيام إلى المسجد النبوي، وتابوا إلى الله من ذنوب كانوا عليها".
ثم نقل رحمه الله بعض ما قيل من شعر فيها:
يا كاشف الضر صفحاً عن جرائمنا فقد أحاطـت بنـا يا رب بأساء
نشكو إليك خُطوباً لا نـطيق لها حـملاً ونحـن بهـا حقاً أحقاء
زلازل تخشع الصمُّ الصِّـلاد لها وكيف تقوى على الزلزال صماء
أقام سبعاً يرجُّ الأرض فانصدعت عن منظر منه عين الشمس عشواء
بحـر من النار تجري فوقـه سفن من الهضاب لها في الأرض إرساء
يرى لهـا شرر كالقصـر طائشةٌ كأنهـا ديمـة تنصَبُّ هطْـلاء
تنشق منها قلوب الصخر إن زفرت رعباً وترعد مثل الشهب أضواء
فيالهـا آية من معجـزات رسول الله يعقـلها أقـوام ألبـاء [18]
ومن علامات نبوته صلى الله عليه وسلم إخباره عن ظهور الدجالين الذين يدَّعون النبوة، فقال محذراً منهم: ((لا تقوم الساعة حتى يُبعث دجالون كذابون قريباً من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله)).[19]
وفي رواية: ((في أمتي كذابون ودجالون، سبعة وعشرون، منهم أربع نسوة، وإني خاتم النبيين، لا نبي بعدي)).[20]
قال ابن حجر: "وليس المراد بالحديث من ادعى النبوة مطلقاً؛ فإنهم لا يُحصَون كثرة، لكون غالبهم ينشأ لهم ذلك عن جنون .. وإنما المراد من قامت له شوكة، وبدت له شبهة ".[21]
وأول النسوة الأربع اللاتي يتنبأن بالكذب سجاحُ التميمية التي ادعت النبوة في وسط الجزيرة العربية، قال ابن حجر: "وقد ظهر مصداق ذلك في آخر زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، فخرج مسيلمة باليمامة, والأسود العنسي باليمن, ثم خرج في خلافة أبي بكر طليحةُ بن خويلد في بني أسد بن خزيمة, وسجاح التميمية في بني تميم.. ".[22]
وقد نصّ النبي صلى الله عليه وسلم وأنبأ عن دجالَيْن يظهر أمرهما بعده، وقد ادعيا النبوة في آخر حياته صلى الله عليه وسلم ، وهما مسيلمةُ الكذاب في اليمامة، والأسودُ العنسي في اليمن.
فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في رؤياه أن في يديه سِوارين من ذهب، يقول صلى الله عليه وسلم : ((فأهمني شأنُهما، فأُوحي إليَّ في المنام أن انفُخْهما، فنفختُهما، فطارا، فأوَّلْتُهما كذابَيْن يخرجان بعدي)).
وقد تحققت رؤياه، فكان مسيلمة أول الكذابَين، فقد قدم المدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل يقول: إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبِعتُه، فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده قطعة جريد فقال: ((لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتُكَها، ولن تعدوَ أمر الله فيك، ولئن أدبرت ليعقِرَنك الله، وإني لأراك الذي أُريتُ فيك ما رأيت)).
قال أبو هريرة: (فكان أحدهما العنسي، والآخر مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة).[23]
قال النووي: "قوله: ((ولئن أدبرت ليعقرِنك الله )) أي إن أدبرت عن طاعتي لي***نك الله .. و***ه الله تعالى يوم اليمامة، وهذا من معجزات النبوة ".[24]
فقد خرج الصحابة لقتاله، و***ه الله بأيديهم، فأطفأ كيده، وأطاش سهمه.
ومثله رد الله كيد أخيه في الضلالة ، الأسودِ العنسي ثانيَ الكذابَيْن ، وذلك لما ادعى النبوة قبيل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم , وتابعه قوم من أعراب اليمن, فقوي، واشتد بهم ساعِدُه, ف***ه الله على يد فيروزٍ الديلمي وبعضِ المسلمين من أهل اليمن، بمساعدة زوجة الدعي الكذاب، فتحقق فيه ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم في رؤياه، فصارت ضلالته هباء تذروه الرياح }فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال{ (الرعد: 17).
ومن الكذابين الذين ادعوا النبوة؛ كذابٌ أنبأ النبي صلى الله عليه وسلم أنه يخرج في ثقيف، وخبره نبأ صدق ترويه أسماء بنت الصديق، فقد دخلت على الحجاج بن يوسف الثقفي بعد م*** ابنها عبد الله بنِ الزبير فقالت للحجاج: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن في ثقيف كذاباً ومُبيراً، فأما الكذاب فرأيناه، وأما المبير فلا إخالُكَ إلا إياه).[25]
قال النووي: " المبير: المهلك، وقولها في الكذاب: (فرأيناه) تعني به المختارَ بنَ أبي عبيد الثقفي، كان شديد الكذب، ومن أقبحه [أنه] ادعى أن جبريل صلى الله عليه وسلم يأتيه، واتفق العلماء على أن المراد بالكذاب هنا المختارُ بنُ أبي عبيد، وبالمبير الحجاجُ بنُ يوسف".[26]
ومن أخبار المختار الكذاب ما ينقله لنا التابعي رِفاعة بنُ شداد، حيث يقول: دخلت على المختار الثقفي ذات يوم، فقال: جئتني والله، ولقد قام جبريل عن هذا الكرسي.
يقول رِفاعة: فأهويت إلى قائم سيفي [أي لي***ه] ، فذكرتُ حديثاً حدثناه عمرو بن الحَمِقِ رضيى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا اطمأن الرجل إلى الرجل، ثم ***ه بعدما اطمأن إليه؛ نُصب له يوم القيامة لواءُ غدر))، قال رِفاعة: فكففتُ عنه.[27]
وهكذا كان تنبؤ المختارِ الثقفيِ مُصدقاً لخبر أنبأ به النبي صلى الله عليه وسلم عن الكاذب الذي يخرج في ثقيف، كما كان الحجاج هو الظالم الذي يكون من ثقيف، وهذا خبر وحي أخبره به ربه علام الغيوب.
ولن ينقطع هؤلاء الكذابون في التاريخ، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ((يكون في آخر الزمان دجالون كذابون، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم، لا يضلونكم ولا يفتنونكم)).[28]
ومن هؤلاء الدجالين الذين جاؤوا بالمنكر من القول؛ المتنبئ الكذاب ميرزا غلام أحمد القادياني الذي ظهر قبل قرن من الزمان في الهند، وردّ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ادعى النبوة.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ضلالة هذا الدعي فيما رواه عنه المقدام بنُ معدي كرب حيث قال صلى الله عليه وسلم : ((ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحِلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرِّموه)).[29]
قال المباركفوري: "وهذا الحديث دليلٌ من دلائل النبوة وعلامةٌ من علاماتها، فقد وقع ما أخبر به، فإن رجلاً قد خرج في البنجاب من إقليم الهند، وسمى نفسه بأهل القرآن، وشتان بينه وبين أهل القرآن، بل هو من أهل الإلحاد .. فأطال لسانه في رد الأحاديث النبوية بأسرها, وقال: هذه كلها مكذوبةٌ ومفترياتٌ على الله تعالى، وإنما يجب العمل على القرآن العظيم فقط، دون أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم , وإن كانت صحيحةً متواترةً".[30]
وهكذا، فإن إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بخبر هؤلاء الكذابين إنما هو إخبار ببعض غيب الله الذي أطلعه الله عليه ، ليكون تحققه دليلاً على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وبرهاناً على نبوته ورسالته.
[1]رواه البخاري ح (6604)، ومسلم ح (2891).
[2] فتح الباري (6/336).
[3] رواه مسلم ح (2892).
[4] الشفا بتعريف حقوق المصطفى (1/335-336).
[5] رواه البخاري ح (2924).
[6] فتح الباري (11/80).
[7] رواه البخاري ح (2789)، ومسلم ح (1912).
[8] ذكره الطبراني في الكبير ح (316)، وأبو نعيم في الحلية ح (2/62).
[9] رواه البخاري ح (3176).
[10] فتح الباري (6/321).
[11] رواه البخاري ح (1412)، ومسلم ح (157).
[12] فتح الباري (13/93-94).
[13] رواه مسلم ح (2542).
[14] رواه أحمد ح (268)، والمرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم رواه مسلم ح (2542).
[15] شرح النووي على صحيح مسلم (16/94).
[16]رواه البخاري ح (7118)، ومسلم ح (2902).
[17] شرح صحيح مسلم (18/29).
[18] البداية والنهاية (6/253).
[19] رواه البخاري ح (3609) ومسلم ح (157).
[20] رواه أحمد ح (22849)، وجوَّد إسنادَه ابن حجر في الفتح (13/93)، وصححه الألباني في صحيح الجامع ح (7707).
[21] فتح الباري (6/714).
[22] فتح الباري (6/714).
[23] رواه البخاري ح (3351)، ومسلم ح (4218).
[24] شرح النووي على صحيح مسلم (15/33).
[25] رواه مسلم ح (4617).
[26] شرح النووي على صحيح مسلم (16/100).
[27] رواه الحاكم في مستدركه (4/394)، وابن ماجه ح (2688)، والطيالسي في مسنده ح (1286)، وصحح ابن حجر في الفتح إسناد الطيالسي (6/714)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (2177).
[28] رواه مسلم في مقدمة صحيحه ح (7).
[29] رواه أبو داود ح (4604)، وابن ماجه ح (12)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح ح (163).
[30] تحفة الأحوذي (7/354).
د. منقذ بن محمود السقار
محمد رافع 52 29-08-2013, 05:19 PM إخباره صلى الله عليه وسلم بكيفية ومكان وفاة بعض معاصريه(1)
ومن دلائل نبوته وأمارات رسالته صلى الله عليه وسلم ما أخبر به عن أمور تتعلق بوفاة بعض أصحابه وأهل بيته وغيرهم من أعدائه، وتبيانه لكيفية ومكان وحال مصرعهم، وهو علم لا يعرفه النبي من تلقاء نفسه.
فالموت وما يتعلق به علم اختص الجبار - تبارك وتعالى - نفسَه بمعرفته، فهو وحده من يعرف أعمار البشر وأماكن قبض أرواحهم، فلا تعلم نفس ماذا تكسب غداً، وما تدري نفس بأي أرض تموت ] إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير[ (لقمان: 34).
وقد أعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم بزمان أو كيفية موت بعض أصحابه وأهل بيته، كذلك بعض أعدائه، فأخبر به صلى الله عليه وسلم ، فكان تحققه برهاناً على نبوته وعلماً من أعلام رسالته، إذ لا يمكن لأحد معرفة ذلك ولا التنبؤ به إلا من قِبلِ اللهِ علامِ الغيوب.
ومن هذه الأنباء الباهرة؛ إخبارُه صلى الله عليه وسلم عن شهادة عمرَ وعثمانَ وعلي وطلحة والزبير، رضي الله عنهم أجمعين، وأن موتهم سيكون شهادة، وأنهم لن يموتوا على فُرُشِهم أو سواه مما يموت به الناس.
وقد صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على حراء، هو وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليُ وطلحةُ والزبيرُ، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((اهدأ، فما عليك إلا نبيٌ أو صديقٌ أو شهيد)).[1] فشهد صلى الله عليه وسلم لنفسه بالنبوة، ولأبي بكر بالصديقية، ولعثمانَ وعليَ وطلحةَ بالشهادة.
قال النووي: " وفي هذا الحديث معجزاتٌ لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم : منها إخبارُه أنّ هؤلاء شهداء, وماتوا كلٌّهم غيرَ النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر شهداء ; فإنّ عمرَ وعثمان وعليّاً وطلحة والزّبير رضي اللّه عنهم قُتلوا ظلماً شهداء ; ف***ُ الثلاثةِ [أي عمر وعثمان وعلي] مشهور, وقُتلَ الزّبير بوادي السّباع بقرب البصرة منصرفاً تاركاً للقتال, وكذلك طلحة، اعتزل النّاس تاركاَ للقتال, فأصابه سهم، ف***ه, وقد ثبت أنّ من قُتل ظلماً فهو شهيدٌ".[2]
وقد بشّر النبي صلى الله عليه وسلم عمر بالشهادة مرة أخرى حين رآه يلبس ثوباً أبيضَ فقال له: ((أجديدٌ ثُوبُك أمغسيل؟)) قال: لا، بل غسيلٌ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((اِلبس جديداً، وعِشحميداً، ومُت شهيداً)).[3]
وكان كما قال عليه الصلاة والسلام، فقد ***ه أبو لؤلؤة المجوسي وهو قائم يصلي الصبح إماماً بالمسلمين في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث وعشرين للهجرة النبوية، ليكون م***ه رضيى الله عنه مصداقاً لنبوءة النبي صلى الله عليه وسلم وعلامةً من علامات نبوته ورسالته.
وأما ثاني الشهداء، أمير المؤمنين المظلوم عثمان بن عفان، فقد بشّره النبي صلى الله عليه وسلم بشهادته، وأنبأه أنها ستكون في فتنة طلب منه أن يصبر عليها، وذلك لما جلس أبو موسى الأشعري مع النبي صلى الله عليه وسلم على بئر أريس في حائط من حيطان المدينة .
يقول أبو موسى: فجاء إنسان يحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عثمانُ بن عفان. فقلتُ: على رِسْلك، فجئتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: ((ائذن له ، وبشرهبالجنة على بلوى تصيبه)).
يقول أبو موسى: فجئتُه، فقلت له: ادخل، وبشّرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة على بلوى تصيبُك.[4]
وفي رواية أن عثمان (حمِد الله، ثم قال: اللهُ المستعان).[5] أي حمِد الله على بشارة النبي له بالجنة، وطلب من الله العون على بلائه حين تصيبه الشهادة.
وثالث المبشرين بالجنة في قوله صلى الله عليه وسلم : ((اهدأ، فما عليك إلا نبيٌ أو صديق أو شهيد)).[6] هو علي رضيى الله عنه ، أبو السِّبْطين ، وقد أنبأه رسول الله في حديث آخر بأن الأشقى [أي ابن ملجِم] سي***ه بضربة في صِدْغَيه.
وذات يوم مرِض علي رضيى الله عنه مرضاً شديداً ، فزاره أبو سنان الدؤلي، فقال له: لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه.
فقال له علي: لكني والله ما تخوفتُ على نفسي منه، لأني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم الصادقَ المصدوقَ يقول: ((إنك ستُضرب ضربةً ها هنا، وضربةً هاهنا - وأشار إلى صُدغَيه - فيسيل دمها حتى تختضب لحيتُك، ويكونَ صاحبها أشقاها، كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود)).[7]
ولأجل هذا الحديث ما كان رضيى الله عنه يخاف على نفسه الهلكة في مرضه، فلسان حاله يردد ما قاله عبد الله بن رواحة رضيى الله عنه:
وفينا رسول الله يتـلو كتابَـه إذا انشق معروف من الصبح ساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبـنا بـه موقـنات أن ما قـال واقـع
وتقبل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم تمشي ، فيقول لها أبوها: ((مرحباً بابنتي))، تقول أم المؤمنين عائشة: ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ، ثم أسرَّ إليهاً حديثاً، فبكت، ثم أسرَّ إليها حديثاً فضحكتْ.
فقلت لها: ما رأيتُ كاليوم فرحاً أقرب من حزن، فسألتُها عما قال؟ فقالت: ما كنت لأُفشي سِرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فلما قُبِض النبيُّ صلى الله عليه وسلم سألتُها، فقالت: أسرَّ إلي: ((إن جبريل كان يعارضني القرآن كلَ سنة مرة ، وإنه عارضني العام مرتين، ولاأراه إلا حضر أجلي، وإنك أولُ أهلِ بيتي لحاقاً بي، فبكيتُ، فقال صلى الله عليه وسلم : أما ترضَينَ أن تكوني سيدةَ نساء أهل الجنة أو نساءِ المؤمنين))، فضحكتُ لذلك. [8]
وفي رواية أخرى أنها قالت: (فأخبرني أنه يُقبض في وجعه الذي توفي فيه؛ فبكيت، ثم سارَّني، فأخبرني أني أولُ أهلِ بيته أتبعُه؛ فضحكت).[9]
وفي هذا الحديث يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث غيوب، أولُها: اقترابُ أجله، وقد مات عليه الصلاة والسلام في تلك السنة.
وثانيها: إخبارُه ببقاء فاطمة بعده، وأنها أولُ أهل بيته وفاة. وقد توفيت بعده صلى الله عليه وسلم بستة أشهر فقط، فكانت أولَ أهل بيته وفاة.
وثالثها: أنها سيدةُ نساء أهل الجنة، رضي الله عنها.
قال النووي: " هذه معجزة ظاهرة له صلى الله عليه وسلم , بل معجزتان , فأخبر ببقائها بعده , وبأنها أول أهله لحاقاً به, ووقع كذلك , وضحكت سروراً بسرعة لحاقها".[10]
وأيضاً، من دلائل نبوته وأعلام صدقه صلى الله عليه وسلم ؛ إخبارُه أمَ المؤمنين ميمونةَ أنها لا تموت في مكة، فقد مرضت ميمونة في مكة، واشتد عليها المرض، فقالت لمن عندَها: أخرجوني من مكة، فإني لا أموتُ بها، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني أني لا أموت بمكة.
فحملوها حتى أتوا بها سَرِف، إلى الشجرة التي بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها في موضع الفَيئة .[11] فماتت هناك ودفنت، وقبرها معروف اليوم في ضاحية النوارية بمكة، فكانت وفاتُها خارجاً عن مكة، كما أخبر الذي لا ينطق عن الهوى.
ومن هؤلاء الذين تحدث النبي صلى الله عليه وسلم عن وفاتهم، سِبطُه الحسين بن علي ريحانة أهل الجنة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لإحدى أزواجه: ((لقد دخل علي البيت ملَك لم يدخل عليَّ قبلًها فقال لي: إن ابنك هذا حسين مقتول، وإن شئت أريتُك من تربة الأرض التي ي*** بها. قال: فأخرج تربة حمراء)). [12]
وهكذا كان فقد قُتل رضيى الله عنه في كربلاء العراق عام 60 هـ، فمن أدرى نبيه صلى الله عليه وسلم بأن الحسين مقتول؟ ومن الذي أراه تربة م***ه؟ إنه الله العليم.
والأعجب منه تنبؤ النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة امرأة ، وهي أم ورقةَ بنتَ عبد الله بن الحارث، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها كل جمعة، وكان يسميها الشهيدة فيقول: ((انطلقوا نزور الشهيدة)).
وذلك أنها قالت: يا نبي الله، أتأذنُ فأخرجُ معك، أمرّضُ مرضاكم، وأداوي جرحاكم، لعل الله يُهدي لي شهادة؟ قال: ((قَرِّي، فإن الله عز وجل يُهدي لك شهادة)).
وقد أدركتها الشهادة زمن عمر رضيى الله عنه ، وكانت أعتقت جارية لها وغلاماً عن دُبرُ منها [أي يُعتقان بعد وفاتها] فطال عليهما، فغمّاها [أي خنقاها] في القطيفة حتى ماتت.[13] فكانت وفاتُها شهادة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم .
فكيف جزم النبي صلى الله عليه وسلم بوفاتها غيلة دون سائر الميتات، وهو أمر يندر في النساء؟ إنه دليلٌ آخرُ من دلائل نبوته وآيات رسالته.
ويغدو النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوك، ويتأخر عن الجيش أبو ذر لبطئ بعيره، فيتركه، ويحمل متاعه على ظهره، ليلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم في تبوك.
وبينما المسلمون يتفقدون من تخلَّف عنهم، لاح في الأفق سوادُ رجلٍ يمشي، قالوا: يا رسول الله، هذا رجل يمشي على الطريق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((كن أبا ذر))، فلما تأمله الصحابة، قالوا: يا رسول الله، هو واللهِ أبو ذر.
miso.misoo 08-12-2013, 09:00 PM شكراااااااااااااااااااااااااااااااااا
محمد رافع 52 10-12-2013, 07:52 PM شكراااااااااااااااااااااااااااااااااا
جزاك الله خيرا
محمد رافع 52 10-12-2013, 09:59 PM إخباره صلى الله عليه وسلم بكيفية ومكان وفاة بعض معاصريه(2)
فقال صلى الله عليه وسلم: ((رحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده)).
لقد عرَف النبي صلى الله عليه وسلم شخصَ أبي ذر قبل وصوله إليهم بما أعلمه الله، كما تنبأ صلى الله عليه وسلم بأن أبا ذر، كما هو الآن يمشي وحده بعيداً عن أصحابه ، فإنه سيموت وحده بعيداً عنهم، ثم يبعث من ذلك المكان وحده.
وتمضي الأيام لتُحقق نبوءةَ النبي صلى الله عليه وسلم ، فتدرك الوفاةُ أبا ذر في الربذة، فلما حضره الموت أوصى امرأته وغلامَه: إذا مِت فاغسلاني وكفّناني، ثم احملاني، فضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم، فقولوا: هذا أبو ذر.
فلما مات فعلوا به كذلك ، فاطلع ركب من أهل الكوفة، وفيهم ابن مسعود، فما علموا به حتى كادت ركائبهم تطأ سريره [أي من إسراعهم إليه].
فاستهل ابن مسعود رضي الله عنه يبكي، ويقول: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ((يرحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويُبعث وحده)).
فنزل ابن مسعود فولِيَ دفْنه. رضي الله عنهما.[14]
وفي رواية أن أم ذر بكت لما حضرته الوفاة، فقال لها: ما يبكيك؟ قالت: وما لي لا أبكي، وأنت تموت بفلاة من الأرض، ولا يدَ لي بدفنك، وليس عندي ثوب يسعُك، فأكفِنك فيه؟
قال: فلا تبكي وأبشري، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر من أصحابه وأنا فيهم: ((ليموتَن رجل منكم بفلاة من الأرض، يشهده عصابة من المؤمنين))، وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد مات في قرية أو جماعة، وإني أنا الذي أموت بفلاة ، والله ما كذَبت ولا كُذِبت.[15]
لقد بشرها رضيى الله عنه بمقدَم من يعينها على دفنه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال متنبئاً عن ذلك الذي يموت بفلاة بأنه ((يشهده عصابة من المؤمنين)).
وجزْمُ أبي ذر أنه ذلك الرجل ، لأن الباقين ممن شهدوا هذا القول قد ماتوا في قرية أو جماعة، ولم يبق إلا أبو ذر ، وهو الذي حقق ما أخبر عنه محمد صلى الله عليه وسلم .
فمن ذا الذي أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بموت أبي ذر وحيداً؟ ومن الذي أخبره بمقدم جماعة من المؤمنين يتولون تجهيزه ودفنه؟ إنه عالم الغيب والشهادة العليم الخبير.
ومن دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم إخبارُه عن موت النجاشي في أرض الحبشة في يوم وفاته، وهذا خبر تحمله الركبان يومذاك في شهر ، يقول أبو هريرة رضيى الله عنه: (نعى رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى، فصف بهم، وكبر أربعاً). [16]
قال المباركفوري: "وفيه عَلمٌ من أعلام النبوة لأنه صلى الله عليه وسلم أعلمهم بموته في اليوم الذي مات فيه، مع بُعدِ ما بين أرض الحبشة والمدينة". [17]
وفي اليوم السابق ليوم بدر، تفقد رسول الله أرض المعركة المرتقبة، وجعل يشير إلى مواضع م*** المشركين فيها، ويقول: ((هذا مصرع فلان)).
قال أنس: ويضع يده على الأرض هاهنا هاهنا. فما ماطَ أحدهم عن موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم .[18]
وهذا الحديث من أعلام النّبوّة ومعجزاتها، وذلك لإنبائه صلى الله عليه وسلم بمصرع جبابرتهم , وتحديده أماكنَه، وقد وقع كما أخبر صلى الله عليه وسلم .
وأخبر صلى الله عليه وسلم ب*** المسلمين لأمية بن خلف، وتفصيل ذلك أن سعد بن معاذ كان صديقاً لأمية، وكان أمية إذا مر بالمدينة نزل على سعد، وكان سعد إذا مرَّ بمكة نزل على أمية، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة؛ انطلق سعد معتمراً، فنزل على أمية بمكة ... فقال سعد: يا أمية، فوالله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنهم قاتلوك)).
فقال أمية: بمكة؟ قال سعد: لا أدري. ففزع لذلك أمية فزعاً شديداً.
فلما رجع أمية إلى أهله قال: يا أم صفوان، ألم تري ما قال لي سعد؟ قالت: وما قال لك؟ قال: زعم أن محمداً أخبرهم أنهم قاتلي، فقلتُ له: بمكة؟ قال: لا أدري. فقال أمية: والله لا أخرج من مكة.
فلما كان يومُ بدر؛ استنفر أبو جهلٍ الناسَ، قال: أدركوا عِيرَكم، فكره أمية أن يخرج، فأتاه أبو جهل فقال: يا أبا صفوان، إنك متى ما يراك الناس قد تخلفْتَ وأنت سيد أهل الوادي؛ تخلفوا معك، فلم يزل به أبو جهل، حتى قال: أما إذ غلبتني، فوالله لأشترين أجود بعير بمكة.
ثم قال أمية: يا أم صفوان، جهزيني. فقالت له: يا أبا صفوان، وقد نسيتَ ما قال لك أخوك اليثربي!؟ قال: لا، ما أريد أن أجوز معهم إلا قريباً.
فلما خرج أميةُ أخذ لا ينزل منزلاً إلا عَقَل بعيرَه، فلم يزل بذلك، حتى ***ه الله عز وجل ببدر".[19]
والعجب كل العجب من يقين أمية بتحقق موعده صلى الله عليه وسلم وفَرَقِه من ذلك، لكن أنى له أن يُكذِّبَ الصادقَ الأمين الذي مازالوا منذ شبابه يشهدون له بالصدق ] فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون [ (الأنعام: 33).
ومن أخبار الغيوب الدالة على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ إخباره بسوء خاتمة بعض من يظن أنهم يموتون على الإسلام أو قد يدخلون فيه، فقد تنبأ النبي صلى الله عليه وسلم بهلاك عمه أبي لهب وزوجِه على الكفر، حين أخبر - فيما نقله عن ربه - ببقائهما على الكفر وهلاكهما على ذلك، قال تعالى: {تبت يدا أبي لهب وتب * ما أغنى عنه ماله وما كسب * سيصلى ناراً ذات لهب * وامرأته حمالة الحطب * في جيدها حبل من مسد } (المسد: 1-5)، فكيف جزم النبي صلى الله عليه وسلم بضلال عمه، وهو أقرب الناس إليه، ومَظِنة الميل إليه؟ هل كان ذلك إلا بإعلام الله له.
قال ابن كثير: " قال العلماء: وفي هذه السورة معجزة ظاهرة ودليل واضح على النبوة فإنه منذ نزل قوله تعالى: {سيصلى ناراً ذات لهب * وامرأته حمالة الحطب* في جيدها حبل من مسد } فأخبر عنهما بالشقاء وعدم الإيمان، لم يُقيَضْ لهما أن يؤمنا، ولا واحدٌ منهما، لا باطناً ولا ظاهراً، لا مُسِراً ولا معلناً، فكان هذا من أقوى الأدلة الباهرة الباطنة على النبوة الظاهرة".[20]
ومثله في الدلالة على النبوة إخباره صلى الله عليه وسلم عن سوء خاتمة رجل قاتل مع المسلمين فأحسن البلاء والجلاد، يقول أبو هريرة رضيى الله عنه: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل ممن يدعي الإسلام: (( هذا من أهل النار)).
يقول أبو هريرة: فلما حضر القتال قاتل الرجل قتالاً شديداً، فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله، الذي قلتَ له: إنه من أهل النار؛ فإنه قد قاتل اليوم قتالاً شديداً، وقد مات! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إلى النار)).
قال أبو هريرة: فكاد بعض الناس أن يرتاب. فبينما هم على ذلك إذ قيل: إنه لم يمت، ولكن به جراحاً شديداً.
فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح، ف*** نفسه، فأُخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: ((الله أكبر، أشهد أني عبدُ الله ورسولُه)) ثم أمر بلالاً فنادى بالناس: ((إنه لا يدخلُ الجنة إلا نفسٌ مسلمة، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجلِ الفاجر)).[21]
وروى الشيخان من حديث سهل بن سعد الساعدي رضيى الله عنه نحواً من هذه القصة ، في قصة رجل يدعى قزمان، حيث ذكرا أن المسلمين اقتتلوا مع المشركون , وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قزمان لا يدع لهم شاذّة ولا فاذّة إلا اتّبَعها يضربها بسيفه, فقيل: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان [أي قزمان]. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أما إنه من أهل النار))، فقال رجل من القوم: أنا صاحبه.
قال سهل: فخرج معه، كلما وقف وقف معه, وإذا أسرع أسرع معه.
قال: فجُرح الرجل جرحاً شديداً، فاستعجل الموتَ، فوضع سيفَه بالأرض، وذُبابَه بين ثدييه ، ثم تحامل على سيفه، ف*** نفسه.
فخرج الرجل الذي يتابعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أنك رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم : ((وما ذاك؟)) فأخبره بخبر الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: ((إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة - فيما يبدو للناس - وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار - فيما يبدو للناس - وهو من أهل الجنة)).[22]
قال ابن حجر: "في الحديث إخباره صلى الله عليه وسلم بالمغيبات، وذلك من معجزاته الظاهرة".[23]
وبينما النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قادمون من سفر؛ إذ هاجت ريحٌ شديدة، تكاد أن تدفن الراكب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((بُعِثَت هذه الريح لموت منافق))، فلما قدم المدينة، فإذا منافق عظيم من المنافقين قد مات.[24]
قال النووي عن هذه الريح: "أي عقوبةً له، وعلامةً لموته وراحةِ البلاد والعباد به".[25]
وهذه الأخبار المتواترة في معناها؛ دليل على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه مؤيَّد ببعض علم الغيب من ربه [ عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً * إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً * ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عدداً ] (الجن: 26-28).
ولله دَرُّ حسان بن ثابت إذ يقول عن خليله صلى الله عليه وسلم :
نبيٌ يرى ما لا يرى الناسُ حولَه ويتلو كتابَ الله في كل مشهد
فإن قال في يومٍ مقالةَ غائبٍ فتصديقُها في ضحوة اليومِ أو غد
[1] رواه مسلم ح (2417).
[2] شرح النووي على صحيح مسلم (15/190).
[3] رواه أحمد ح (5363)، وابن ماجه ح (3558)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (2863).
[4] رواه البخاري ح (3674).
[5] رواه البخاري ح (3693).
[6] رواه مسلم ح (2417).
[7] رواه الحاكم (3/122)، والطبراني في الكبير ح (173). قال الهيثمي: إسناده حسن. مجمع الزوائد (9/188).
[8] رواه البخاري ح (3624)، ومسلم ح (2450).
[9] رواه البخاري ح (3626)، ومسلم ح (2450).
[10] شرح النووي (16/5).
[11] رواه أبو يعلى ح (7110)، والبخاري في التاريخ الكبير ح (379). قال الهيثمي: "رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح" مجمع الزوائد (9/401).
[12] رواه أحمد في المسند ح (25985)، والحاكم (3/194)، ووافقه الذهبي على تصحيحه، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. مجمع الزوائد (9/301)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (882).
[13] رواه أحمد ح (26538)، وأبو داود ح (571)، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود ح (552).
[14] رواه الحاكم في المستدرك (3/52)، وحسّن إسناده ابن كثير في البداية والنهاية (5/9).
[15] رواه أحمد ح (20865)، وابن حبان ح (6670)، وحسّنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح (3314).
[16] رواه البخاري ح (1254).
[17] تحفة الأحوذي (4/115).
[18] رواه مسلم ح (1779).
[19] رواه البخاري ح (3950).
[20] تفسير القرآن العظيم (4/366).
[21] رواه البخاري ح (3602).
[22] رواه البخاري ح (2742), ومسلم ح (112).
[23] فتح الباري (7/542).
[24] رواه مسلم ح (2782).
[25] شرح النووي على صحيح مسلم (6/141).
د. منقذ بن محمود السقار
محمد رافع 52 10-12-2013, 10:03 PM إخباره صلى الله عليه وسلم بأخبار الفتن
وإن مما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم من الغيوب الدالة على نبوته؛ أخبار الفتن التي وقعت بين أصحابه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، فكان إخباره بذلك برهان نبوته وعَلم رسالته.
فقد أشرفَ النبي صلى الله عليه وسلم يوماً على أُطم من آطام المدينة فقال لأصحابه: ((هل ترون ما أرى؟)) قالوا: لا. قال: ((فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر)).[1]
قال النووي: "والتشبيه بمواقع القطر في الكثرة والعموم، أي: أنها كثيرة، وتعُمُّ الناس، لا تختص بها طائفة، وهذا إشارة إلى الحروب الجارية بينهم، كوقعة الجمل وصِفِّين والحرة، وم***ِ عثمان، وم***ِ الحسين رضي الله عنهما وغيرِ ذلك، وفيه معجزة ظاهرة له صلى الله عليه وسلم ".[2]
ويبين ابن حجر معنى اختصاص المدينة بالفتن، فيقول: "وإنما اختصت المدينة بذلك لأن *** عثمان رضيى الله عنه كان بها، ثم انتشرت الفتن في البلاد بعد ذلك، فالقتال بالجمل وبصفين كان بسبب *** عثمان، والقتال بالنهروان كان بسبب التحكيم بصفين، وكل قتال وقع في ذلك العصر إنما تولد عن شيء من ذلك، أو عن شيء تولد عنه ".[3]
وكما أنبأ النبي بوقوع فتنة *** عثمان في المدينة المنورة، فإنه أشار إلى ما سيقع من الفتن في العراق أو بسبب أهلها ، فقال صلى الله عليه وسلم وهو يشير إلى المشرق: ((الفتنة من ها هنا)).[4]
قال ابن حجر في شرحه: "وأول الفتن كان منبعها من قبل المشرق، فكان ذلك سبباً للفرقة بين المسلمين، وذلك مما يحبه الشيطان ويفرح به، وكذلك البدع نشأت من تلك الجهة".[5]
وإن أول الفتن التي ابتلي بها الصحابة رضي الله عنهم خروج المنافقين على عثمان بن عفان رضيى الله عنه، وطلبهم نزعه من الخلافة ثم ***ه رضيى الله عنه، وقد أخبر النبي عثمان ببعض معالم هذه الفتنة فقال له: ((يا عثمانُ، إنه لعل الله يقمّصُك قميصاً، فإن أرادوك على خلعه، فلا تخلعه لهم )).[6]
لقد أنبأه رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما سبق – أنه يموت شهيداً، وها هو ينبئه عن خلافته، وأن ثمةَ من يريد خلعَه من هذه الخلافة، فطلب منه النبي صلى الله عليه وسلم عدم موافقتهم عليه، وكل ذلك من أخبار الغيب الصادقة الدالة على نبوته صلى الله عليه وسلم .
قال المباركفوري: "يعني إن قصدوا عزلك عن الخلافة، فلا تعزل نفسك عنها لأجلهم؛ لكونك على الحقّ، وكونهم على الباطل , ولهذا الحديث فإن عثمانَ رضيى الله عنه لم يعزل نفسَهُ حين حاصرُوهُ يوم الدّار ".[7]
ووصف النبي صلى الله عليه وسلم بدقة معالم هذه الفتن التي تتابعت بعد م***ه، وكأنه صلى الله عليه وسلم يراها ، وفي مقدمتها الفتنة الكبرى التي اقتتل فيها الصحابة في معركتي الجمل وصفين، وذلك بعد وفاته بثلاثين سنة، فيقول: ((لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان، دعواهما واحدة)).[8]
قال ابن كثير: "وهاتان الفئتان هما أصحاب الجمل وأصحاب صفين، فإنهما جميعاً يدعون إلى الإسلام، وإنما يتنازعون في شيء من أمور المُلك ومراعاة المصالح العائد نفعها على الأمة والرعايا، وكان ترك القتال أوْلى من فعله، كما هو مذهب جمهور الصحابة".[9]
قال ابن حجر: " قوله: ((دعواهما واحدة )) أي دينهما واحد، لأن كلا منهما كان يتسمى بالإسلام, أو المراد أن كلا منهما كان يدعي أنه المحق".[10]
وكون دعوى الطائفتين واحدة لا يمنع أن الحق مع إحداهما دون الأخرى ، وقد أوضحه صلى الله عليه وسلم ، فشهد بأنه مع الطائفة التي تقاتل فرقة مارقة تخرج بين المسلمين يومئذ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين، ي***ها أولى الطائفتين بالحق)).[11] فكان ذلك شهادة بالغة بأن الحق مع عليٍّ وأصحابه، لقتالهم لمارقي الخوارج في وقعة النهروان.
قَالَ القرطبي: "وفي هذا الحديث عَلَم من أعلام النبوة، حيث أخبر بما وقع قبل أن يقع".[12]
وكان صلى الله عليه وسلم قد تنبأ بظهور الخوارج، وحدد صفاتهم وسماتهم، لما جاءه ذو الخويصرة متهماً النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالظلم في قسمة الغنائم قال: ((إن له أصحاباً، يحقِر أحدُكم صلاتَه مع صلاتهم، وصيامَه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ... آيَتُهُم رجلٌ أسود، إحدى عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثلُ البضعة تدردر، ويخرجون على خير فرقةٍ من الناس)).
قال أبو سعيد الخدري: (أشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل، فالتُمِس، فأتي به حين نظرت إليه على نعت النبي صلى الله عليه وسلم الذي نعته).[13]
قال النووي: "وفي هذا الحديث معجزات ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه أخبر بهذا، وجرى كله كفلق الصبح، ويتضمن بقاء الأمة بعده صلى الله عليه وسلم ، وأن لهم شوكة وقوة، خلاف ما كان المبطلون يشيعونه، وإنهم يفترقون فرقتين، وأنه يخرج عليه طائفة مارقة، وأنهم يشددون في الدين في غير موضع التشديد, ويبالغون في الصلاة والقراءة, ولا يقيمون بحقوق الإسلام، بل يمرقون منه, وأنهم يقاتلون أهل الحق, وأن أهل الحق ي***ونهم، وأن فيهم رجلاً صفة يده كذا وكذا، فهذه أنواع من المعجزات جرت كلها، ولله الحمد".[14]
وثمة ميزان آخر للفتنة، إنه عمار بن ياسر ، رآه النبي صلى الله عليه وسلم عند بناء مسجده صلى الله عليه وسلم يحمل لبِنَتين لبنتين، فيما كان الصحابة يحملون لبِنة لبِنة، فجعل صلى الله عليه وسلم ينفض التراب عنه، ويقول: ((ويح عمار، ت***ُه الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار))، قال أبو سعيد: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن.[15]
قال النووي في شرحه للحديث: " وفيه معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أوجه: منها أن عمارًا يموت قتيلاً, وأنه ي***ه مسلمون, وأنهم بُغاةٌ, وأن الصحابة يقاتِلون, وأنهم يكونون فِرقتين: باغية, وغيرها, وكل هذا قد وقع مثل فلق الصبح, صلى الله وسلم على رسوله الذي لا ينطق عن الهوى, إن هو إلا وحي يوحى". [16]
وقال ابن عبد البر: "وتواترت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ت*** عمارَ الفئةُ الباغية))، وهذا من إخباره بالغيب وأعلام نبوته صلى الله عليه وسلم ، وهو من أصح الأحاديث". [17]
وقد قتِل عمارُ في جيش عليٍّ سنة سبع وثلاثين للهجرة النبوية، فكان دليلاً آخر على صحة موقف أبي الحسن علي رضيى الله عنه، وهو أيضاً دليل على صحة نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم ، وإلا فمن ذا الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما يقع بعد وفاته من تمايز المسلمين إلى فئتين، وأن الباغية منهما ت*** عماراً؟ لا ريب أنه وحي الله الذي يعلم السر وأخفى.
ومما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من أخبار الفتن إخباره عن خروج إحدى أزواجه على جمل، وأنه ي*** حولها كثير من المسلمين، فعن ابن عباس رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أيتُكنَّ صاحبة الجمل الأدبب [أي كثير وبر الوجه]، ي*** حولها ***ى كثيرة، تنجو بعدما كادت)).[18]
وقد تحققت نبوءته صلى الله عليه وسلم حين سارت عائشة رضي الله عنها جهة البصرة قبيل وقعة الجمل، فلما بلغت مياه بني عامر نبحت الكلاب، فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، قالت: ما أظنني إلا أني راجعة.
فقال لها الزبير: بل تقدمين، فيراك المسلمون، فيصلح الله عز وجل بينهم، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي ذات يوم: ((كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب)).[19] فتحقق ما أخبرها به النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته بخمس وعشرين سنة، ليكون إنباؤه دليل صدقه وبرهان نبوته.
وإذا كانت الفتنة قد عصفت رياحها بالكثيرين، فإن ثمة من لا تضره الفتنة ولا يشترك فيها، إنه محمد بن مَسْلَمة، يقول حذيفة رضيى الله عنه: ما أحد من الناس تدركه الفتنة إلا أنا أخافها عليه؛ إلا محمد بن مسلمة، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تضرك الفتنة)).[20]
ولما أطلَّت الفتنة برأسها حقق محمد بن مسلمة نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم عنه، فاعتزلها، وكسر سيفه، واتخذ سيفاً من خشب. [21]
وكما أخبر صلى الله عليه وسلم عن الفتن التي تفرق المسلمين؛ فإنه أنبأ عن التئام شمل المسلمين على يد الحسن بن علي رضي الله عنهم ، يقول أبو بكرة رضيى الله عنه: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب؛ جاء الحسن، فقال عليه الصلاة والسلام: ((ابني هذا سيد, ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين)).[22]
وقد كان كما أخبر صلى الله عليه وسلم ، فقد تنازل الحسن لمعاوية عن الملك عام أربعينَ من الهجرة، فسُمِّيَ عامَ الجماعة لاجتماع المسلمين فيه على خليفة واحد بعد طول فرقة واختلاف.
قال ابن حجر: "وفي هذه القصة من الفوائد علم من أعلام النبوة، ومنقبة للحسن بن علي؛ فإنه ترك المُلك، لا لقلة، ولا لذلة، ولا لعلة, بل لرغبته فيما عند الله، لما رآه من حقن دماء المسلمين، فراعى أمر الدين ومصلحة الأمة ".[23]
وفي ذلك كله شهادات تترى على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم الذي خصه الله بهذه الأخبار من غيبه، فتحققت، لأنه صلى الله عليه وسلم
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا به موقنات أن ما قال واقع
[1] رواه البخاري ح (7060)، ومسلم ح (2885).
[2] شرح النووي على صحيح مسلم (18/7-8).
[3] فتح الباري (13/16).
[4] رواه البخاري ح (5296)، ومسلم ح (2905).
[5] فتح الباري (13/51).
[6] رواه الترمذي ح (3705)، وأحمد في المسند ح (24639)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ح (29233).
[7] تحفة الأحوذي (10/137).
[8] رواه البخاري ح (6936).
[9] البداية والنهاية (6/214).
[10] فتح الباري (6/713).
[11] رواه مسلم ح (1065).
[12] فتح الباري (12/314).
[13] رواه البخاري ح (3610)، ومسلم ح (1064).
[14] شرح صحيح مسلم (7/166-167).
[15] رواه البخاري ح (428)، ومسلم ح (5192) واللفظ للبخاري.
[16] شرح النووي على صحيح مسلم (8/40).
[17] الاستيعاب (2/481).
[18] رواه ابن أبي شيبة في المصنف ح (37785)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: "رواه البزار ورجاله ثقات" (7/474).
[19] رواه أحمد ح (23733)، والحاكم (3/129)، وصححه، ووافقه الذهبي، وقال ابن كثير في البداية والنهاية: "هذا إسناد على شرط الصحيحين ولم يخرجوه" (6/212).
[20] رواه أبو داود ح (4663)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح ح (6233).
[21] انظر العبر، الذهبي (1/9).
[22] رواه البخاري ح (7109).
[23] فتح الباري (13/71)
محمد رافع 52 10-12-2013, 10:17 PM إخباره صلى الله عليه وسلم بفتوح أمته للبلدان(1)
ومن الغيوب الدالة بتحققها على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم مراراًً من انتشار الإسلام وظهور أمره على الأديان، وبلوغه إلى الآفاق، وهو أمر غيب لا مدخل فيه للتخمين ورجم الظنون، فإما أنه كاذب صادر من دعي، أو هو خبر صادق أوحاه الله الذي يعلم ما يُستقبَل من الأحداث والأخبار.
وشواهد ذلك كثيرة في القرآن والسنة، منها قوله تعالى: { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون } (التوبة: 33)، وقد صدقه الله فقد ظهر أمره، وتم نوره، وعظُم دينه .
وقد قال صلى الله عليه وسلم منبئاً عن ملك أمته وسلطانها: ((إن الله زوى لي الأرض، فرأيتُ مشارقَها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكُها ما زوي لي منها، وأعطيتُ الكنزيْن الأحمرَ والأبيض)).[1]
قال النووي: "وهذا الحديث فيه معجزاتٌ ظاهرة, وقد وقعت كلُّها بحمد اللّه كما أخبر به صلى الله عليه وسلم ... المراد بالكنزين الذّهب والفضّة, والمراد كنزَيْ كسرى وقيصر، ملِكي العراق والشّام، وفيه إشارة إلى أنّ مُلكَ هذه الأمّة يكون معظم امتدادِه في جهتي المشرق والمغرب, وهكذا وقع، وأمّا في جهتي الجَنوب والشَّمال فقليل بالنّسبة إلى المشرق والمغرب".[2] فقد أعلمه الله بانتشار دينه، وبسؤدد أتباعه وأمته من بعدِه على فارس والروم وغيرها من البلاد.
ومثل هذه النبوءة العظيمة بل أعظم منها؛ تنبؤه صلى الله عليه وسلم عن بلوغ دينه إلى أقاصي الأرض، في قوله: ((ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليلُ والنهار، ولا يترك الله بيت مَدَرٍ ولا وبرٍ، إلا أدخله اللهُ هذا الدين، بعز عزيز، أو بذلِّ ذليل، عزاً يُعز الله به الإسلام، وذُلاً يذل الله به الكفر)).
وكان تميم الداري رضيى الله عنه يؤكد تحقق هذه النبوءة فيقول: قد عرفتُ ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب من أسلمَ منهم الخيرُ والشرفُ والعزُ، ولقد أصاب من كان منهم كافراً الذلُ والصَغارُ والجزيةُ.[3]
ولسوف نعرض لذكر بعض الفتوحات التي بشر بها النبي صلى الله عليه وسلم ، فتحققت حال حياته أو بعد وفاته ، فكانت دليلاً على نبوته ورسالته.
منها، تنبؤه صلى الله عليه وسلم بنصر بدر العظيم، وذلك في وقت كان المسلمون يعانون في مكة صنوف الاضطهاد ويُسامون سوء النكال؛ وفي وسط هذا البلاء نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: { أكفاركم خيرٌ من أولئكم أم لكم براءةٌ في الزبر * أم يقولون نحن جميعٌ منتصرٌ * سيهزم الجمع ويولون الدبر* بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمرّ } (القمر: 43-46).
فقال عمر بن الخطاب [أي في نفسه]: أي جمع يهزم؟ أي جمع يُغلَب؟ فلما كان يوم بدر رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يثِب في الدرع، وهو يقول:{سيهزم الجمع ويولون الدبر } فعرفتُ تأويلها يومئذ.[4]
فهذه الآية نزلت قبل الهجرة بسنوات؛ تتحدث عن غزوة بدر واندحار المشركين فيها، وتتنبأ بهزيمتهم وفلول جمعهم.
وقبيل معركة بدر أدرك النبي صلى الله عليه وسلم اقتراب تحقق الوعد القديم الذي وعده الله، فقام إلى العريش يدعو ربه ويناجيه: ((اللهم إني أنشِدُك عهدَك ووعدَك، اللهم إن شئت لم تُعبَد بعدَ اليوم)).
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عريشه، وهو يقول:[ سيهزم الجمع ويولون الدبر * بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر ].[5]
وهكذا كان، فقد هزمت جموعهم، وولوا على أدبارهم، وصدق الله نبيَه الوعدَ، وعدَ الله لا يخلف الله الميعاد.
ورأى النبي صلى الله عليه وسلم في رؤياه أنه يأتي المسجد الحرام ويطوف به، فأخبر أصحابه، فسُروا بذلك، وظنوا أن ذلك يكون في عامهم، فتجهزوا مع النبي صلى الله عليه وسلم آمّين البيت الحرام معظمين لحرْمَته، فصدتهم قريش عن البيت، وانتهى الأمر بإبرام صلح الحديبية الذي ألزم المسلمين بالعودة إلى المدينة، وأن يعتمروا من عامهم القابل.
وشعر الصحابة بغبن الشروط التي تضمنها الصلح، حيث اعتبره بعضهم من الدنية، فجاء عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، ألسنا على الحق، وهم على الباطل؟ فقال: ((بلى)) فقال: أليس ***انا في الجنة و***اهم في النار؟ قال: ((بلى)).
قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا؟ أنرجع ولما يحكمِ الله بيننا وبينهم؟
فقال صلى الله عليه وسلم : ((يا ابن الخطاب، إني رسول الله، ولن يضيعني الله أبداً)) ... فنزلت سورة الفتح فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمر إلى آخرها.
فقال عمر: يا رسول الله أوَفتح هو؟ قال: ((نعم)).[6] وأنزل الله في إثرها آياتٍ من سورة الفتح.
لقد صدق الله رسوله القول:{ إنا فتحنا لك فتحا مبيناً } (الفتح: 1) ، فكانت الآية عزاء للنبي وصحابته في عودهم إلى المدينة من غير أن يطوفوا بالبيت الحرام، فقال صلى الله عليه وسلم : ((لقد أُنزلت عليَّ آية هي أحب إليّ من الدنيا جميعاً)).[7]
قال ابن حجر في تبيان معنى الفتح العظيم الذي حققه المسلمون في صلح الحديبية: "المراد بالفتح هنا الحديبية، لأنها كانت مبدأَ الفتح المبين على المسلمين , لما ترتب على الصلح الذي وقع منه الأمن ورفع الحرب، وتمكن من يخشى الدخول في الإسلام والوصولَ إلى المدينة من ذلك، كما وقع لخالدٍ بنِ الوليد وعمرو بنِ العاص وغيرِهما, ثم تبعت الأسباب بعضَها بعضاً إلى أن كمل الفتح ...
قال [الزهري]: لم يكن في الإسلام فتحٌ قبلَ فتح الحديبية أعظمَ منه, وإنما كان الكفر حيث القتال, فلما أمن الناس كلهم؛ كلم بعضُهم بعضاً، وتفاوضوا في الحديث والمنازعة، ولم يكن أحد في الإسلام يعقِل شيئاً إلا بادر إلى الدخول فيه , فلقد دخل في تلك السنتين مثلُ من كان دخل في الإسلام قبل ذلك أو أكثر .
قال ابن هشام: ويدل عليه؛ أنه صلى الله عليه وسلم خرج في الحديبية في ألف وأربعِمائة، ثم خرج بعد سنتين إلى فتح مكة في عشرةِ آلاف.[8]
وقبل أن يظهر لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أبعاد الفتح العظيم؛ عزم النبي صلى الله عليه وسلم على الرجوع إلى المدينة ؛ وأمر الصحابة ب*** الهدي والعود إلى المدينة، فكرهوا عودتهم من غير أن يأتوا البيت، فيحققوا رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتى عمرُ رضيى الله عنه النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: أوليس كنتَ تحدثُنا أنا سنأتي البيت فنطوفَ به؟ قال: ((بلى، فأخبرتُكَ أنّا نأتيه العام؟)) فقال عمر: لا. فقال صلى الله عليه وسلم : ((فإنك آتيه ومطَوِّفٌ به)).[9]
ونزلت آيات القرآن تؤكد صدقَ ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم في رؤياه وتنبأ بحتميةَ تحققِ ما أوحى الله إليه في رؤياه: { لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون } (الفتح: 27)، وقد تحقق ذلك في عمرة القضاء في العام الذي يليه.
قال القرطبي في هذه الآية وغيرِها: " فهذه كلها أخبار عن الغيوب التي لا يقف عليها إلا رب العالمين، أو من أوقفه عليها ربُ العالمين ، فدل على أن الله تعالى قد أوقف عليها رسولَه، لتكون دلالة على صدقه".[10]
وأثاب الله الصحابة على صدق بيعتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند شجرة الرضوان بفتح قريب ومغانم وفيرة، أثابهم بفتح خيبر، فقال واعداً إياهم: { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً * ومغانم كثيرةً يأخذونها وكان الله عزيزاً حكيماً * وعدكم الله مغانم كثيرةً تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آيةً للمؤمنين ويهديكم صراطاً مستقيماً } (الفتح: 18-20).
إن الله يعد أصحاب الشجرة في هذه الآية بمغيَّبات عدة ، منها الوعد بفتحٍ قريب ومغانمَ كثيرةٍ فيه { وأثابهم فتحاً قريباً * ومغانم كثيرة يأخذونها } (الفتح: 18-19).
قال الطبري: "وأثاب الله هؤلاء الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة - مع ما أكرمهم به من رضاهُ عنهم وإنزالِه السكينة عليهم وإثابتِه إياهم – فتحاً قريباً ، معه مغانمُ كثيرةٌ يأخذونها من أموال يهود خيبر، فإن الله جعل ذلك خاصة لأهل بيعة الرضوان دون غيرهم".[11]
والتنبؤ بفتح خيبر لم يكن تنبؤاً بأمر ميسور قريب النوال، بل هو أمر دونه خرط القتاد؛ فإن خيبر حصون منيعة ، وفيها عشرة آلاف من المقاتلين الشجعان ، أي ما يساوي سبع مرات عدد المسلمين القادمين لفتحها ، لكنه موعود الله.
وما إن لاحت بالأفق حصونها حتى قال صلى الله عليه وسلم : ((خرِبت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم[ فساء صباح المنذرين] (الصافات: 177)، قال أنس: فهزمهم الله)).[12]
قال أبو القاسم الأصبهاني: "وفيه من دلالة النبوة أنه كان كما قال، خرِبت خيبر بعد نزوله صلى الله عليه وسلم بساحتهم".[13]
وكما أخبر عن فتح خيبر فإنه تحدث عن جلاء اليهود منها، وقد وقع ذلك زمن خلافة عمر رضيى الله عنه ، فقد اعتدى بعض أهل خيبر على عبد الله بن عمر؛ فقام عمر خطيباً فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عامل يهود خيبر على أموالهم، وقال: ((نقِرُّكم ما أقرَّكم الله))، وإن عبد الله بن عمر خرج إلى ماله هناك، فعُدي عليه من الليل، ففُدِعت يداه ورجلاه، وليس لنا هناك عدو غيرهم، هم عدونا وتهمتنا، وقد رأيت إجلاءهم.
فلما أجمع عمر على ذلك؛ أتاه أحد بني أبي الحقيق فقال: يا أمير المؤمنين، أتخرجنا وقد أقرنا محمد، وعاملنا على الأموال، وشرَطَ ذلك لنا؟
فقال عمر: أظننتَ أني نسيتُ قول رسول الله: ((كيف بك إذا أُخرجت من خيبر تعدو بك قَلوصُك ليلةً بعد ليلة؟)) فقال: كانت هذه هُزَيلة [مزاحاً] من أبي القاسم.
قال: كذبتَ يا عدو الله.
فأجلاهم عمر، وأعطاهم قيمة ما كان لهم من الثمر مالاً وإبلاً وعروضاً من أقتاب وحبال وغير ذلك.[14]
وقال ابن حجر: " أشار صلى الله عليه وسلم إلى إخراجهم من خيبر، وكان ذلك من إخباره بالمغيَّبات قبل وقو عها". [15]
ولم يكن فتحُ خيبرَ الوعد الوحيد الذي وعده الله أصحابَ الشجرة، بل قد بشّرهم بغيرِها، فقد بشرهم بفتح بلاد منيعة لم يقدروا على فتحها من قبل.
واختلف العلماء في تحديدها ، هل هي الطائف أو مكة؟ فكلتاهما استعصت على المسلمين، قال تعالى:{ وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيءٍ قديراً } (الفتح: 21).
والذي اختاره الطبري وغيرُه أن هذه الآية الكريمة بشارة بفتح مكة، وأنها البقعة التي رامها المسلمون ولم يقدروا عليها بعد، قال الطبري: " المعنيُّ بقوله: } وأخرى لم تقدروا عليها { غير [غيرُ خيبر]، وأنها هي التي قد عالجها ورامها فتعذّرت، فكانت مكةُ وأهلُها كذلك، وأخبر الله تعالى ذِكرُه نبيَه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أنه أحاط بها وبأهلها، وأنه فاتحُها عليهِم". [16]
وتحقق الوعد بفتح مكة التي وعد الله - من قبل - نبيه بفتحها يوم الهجرة، وهو قريب من الجُحفة فقال له مواسياً: { إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد } (القصص: 85).
قال القرطبي: "ختم السورة [سورة القصص] ببشارة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بردِّه إلى مكة قاهراً لأعدائه .. وهو قول جابر بن عبد الله وابن عباس و مجاهد وغيرهم".[17]
وقد غادر النبي صلى الله عليه وسلم الدنيا ولما يرى بأم عينه بعضاً مما وعده الله تعالى في دينه وأمته، ولكنها تحققت زمن خلفائه وأتباعه عليه الصلاة والسلام.
وأول هذه الأخبار الصادقة ما ذكره القرآن من وعد للأعراب الذين لم يخرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمرة الحديبية، فقال لهم الله مختبراً صدقهم وإيمانهم:{ قل للمخلفين من الأعراب ستُدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذاباً أليماً } (الفتح: 16).
وقد اختلف المفسرون في هؤلاء القوم أولي البأس الشديد الذين سيدعى الأعراب المتخلفون إلى قتالهم على أقوال، منها أنهم هوازن أو ثقيف أو فارس والروم ، ونقل الواحدي عن جمهور المفسرين أنهم بنو حنيفة، لقول رافعٍ بنِ خَديج رضيى الله عنه: (والله لقد كنا نقرأ هذه الآية فيما مضى } ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد { فلا نعلم من هم، حتى دعانا أبو بكرٍ إلى قتال بني حنيفة، فعلمنا أنهم هم).[18] فكان هذا الوعد غيباً آخرَ أطلع الله عليه نبيه، حين بشره بالنصر والظفر على قوم أولي بأس شديد، يُدعى هؤلاء الأعراب إلى قتالهم، وكان ذلك في حروب المرتدين أتباعِ مسيلمةَ الكذاب.
ومما بشّر به صلى الله عليه وسلم ، فتحقق بعده كما أخبر، بشارتُه بفتوح اليمن والشام والعراق واستيطان المسلمين بهذه البلاد، حيث قال صلى الله عليه وسلم : (( تُفتَح اليمن فيأتي قوم يُبِسُّون[19] فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتُفتح الشام فيأتي قومٌ يُبِسُّون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتُفتح العراق فيأتي قومٌ يُبِسُّون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون)).[20]
قال النووي: "قال العلماء: في هذا الحديث معجزاتٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنه أخبر بفتح هذه الأقاليم، وأن الناس يتحملون بأهليهم إليها ويتركون المدينة، وأن هذه الأقاليم تفتح على هذا الترتيب [اليمن ثم الشام ثم العراق]، ووجِد جميعُ ذلك كذلك بحمد الله وفضله".[21]
ويؤكد الإمام ابن حجر تحقق هذه النبوءات النبوية، فينقل عن ابن عبد البر وغيره قولهم: "افتتحت اليمن في أيام النبي صلى الله عليه وسلم وفي أيام أبي بكر, وافتتحت الشام بعدها, والعراق بعدها، وفي هذا الحديث عَلم من أعلام النبوة, فقد وقع على وفق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وعلى ترتيبه, ووقع تفرق الناس في البلاد لما فيها من السعة والرخاء, ولو صبروا على الإقامة بالمدينة لكان خيرًا لهم".[22]
وأما فتح فارس، فقد بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، فقال: ((لتفتحن عصابة من المسلمين كنز آل كسرى الذي في الأبيض)).[23]
وتحقق الوعد زمنَ خلافة عمر بن الخطاب، ففتحه الصحابة فكان أول من رأى القصر الأبيض ضرار بن الخطاب، فجعل الصحابة يكبرون ويقولون: هذا ما وعدنا الله ورسوله .[24]
وكذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بفتح مصر؛ ودعا إلى الإحسان إلى أهلها إكراماً لهاجر أم إسماعيل، فقد كانت من أرض مصر، كما أخبر بدخول أهلها في الإسلام واشتراكهم مع إخوانهم في التمكين له، قال صلى الله عليه وسلم : ((إنكم ستفتحون مصر .. فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها؛ فإن لهم ذِمة ورحِماً))، في رواية لابن حبان: (( فاستوصوا بهم خيرًا، فإنهم قوة لكم، وبلاغ إلى عدوكم بإذن الله)).
والتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي ذر فقال: ((فإذا رأيتَ رجلين يختصمان فيها في موضع لَبِنة فاخرج منها)).
وتحقق ذلك زمنَ خلفائه الراشدين، فكان أبو ذر رضيى الله عنه ممن فتح مصر وسكنها، يقول رضيى الله عنه: فرأيت عبدَ الرحمنِ بنَ شرحبيلَ بنِ حسنة وأخاه ربيعة يختصمان في موضع لَبِنة، فخرجت منها.[25]
محمد رافع 52 12-12-2013, 01:43 AM إخباره صلى الله عليه وسلم بفتوح أمته للبلدان(2)
قال النووي: "وفيه معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، منها إخباره بأن الأمةَ تكون لهم قوة وشوكة بعده، بحيث يقهرون العجم والجبابرة، ومنها أنهم يفتحون مِصر، ومنها تنازع الرجلين في موضع اللَبِنة، ووقع كلُ ذلك ولله الحمد".[26]
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الفتوح التي تقع على أيدي أصحابه ومن بعدهم، تستمر إلى ثلاثة أجيال بعده صلى الله عليه وسلم قبل أن تتوقف، ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضيى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يأتي على الناس زمانٌ يغزو فِئام من الناس، فيقال لهم: فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم.
ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم: فيكم من رأى من صحب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم.
ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: نعم. فيفتح لهم)).[27]
قال النووي: "وفي هذا الحديث معجزاتٌ لرسول صلى الله عليه وسلم ، وفضلُ الصحابة والتابعين وتابعيهم".[28]
ولا تتوقف نبوءات النبي صلى الله عليه وسلم عند فتوح العراق والشام ومصر زمن أصحابه ، بل يمتد إخبارُه ليحدث عن فتح بلاد بعيدة المنال، عصية القلاع، القسطنطينية عاصمة دولة الروم، يقول صلى الله عليه وسلم : ((لتُفتحن القسطنطينية فلنِعمَ الأميرُ أميرُها، ولنعم الجيشُ ذلك الجيش))، قال عبد الله بن بشر الخثعمي راوي الحديث: فدعاني مسلمة بن عبد الملك، فسألني فحدثته، فغزا القسطنطينية.[29]
لقد جزم مسلمة بتحقق هذه النبوءة، فأراد أن يحوز شرفها، فغزا القسطنطينية، لكن الله اختبأها لفتى بني عثمان محمدٍ الفاتح رحمه الله، فكان فتحُه لها دليلاً آخر على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم .
لكن العجيب المدهش الذي يلوي الأعناق من أخبار الفتوح أن بعض هذه الأخبار كانت في وقت ضيق المسلمين، وعلى خلاف ما توحي به الأحداث، بل على عكسه ونقيضه ، لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتنبأ - وهو في ضنك البلاء وأُوار المحنة - بما لا يمكن لأحد أن يحلُم به ولو في رؤياه.
ومنه أنه صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم يعذبون بالنار والحديد في بطحاء مكة، وفيهم خباب بن الأرَتّ، الذي تقدم إليه شاكياً فقال: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم : ((كان الرجل فيمن قبلكم يُحفر له في الأرض، فيُجعل فيه، فيجاء بالمنشار، فيوضع على رأسه فيُشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشَّط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه".
ثم بشره النبي صلى الله عليه وسلم ببشارة عظيمة مذهلة فقال: ((والله ليَتِمَّنَّ هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون)).[30]
إنه صلى الله عليه وسلم يتنبأ بتمام أمر دينه، وبأمن أصحابه في زمنٍ ما كانوا يجرؤون فيه على إعلان دينهم خوفاً من بطش قريش وعذابها.
وفي المدينة المنورة ألقى الخوف بظلاله على المسلمين، ولنسمع إلى أُبي بن كعب وهو يصف حالهم: لما قدم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه المدينة، وآواهم الأنصار، رمتهم العرب عن قوس واحدة، وكانوا لا يبيتون إلا في السلاح، ولا يصبحون إلا فيه.
فقالوا: ترون أنـَّا نعيشُ حتى نبيتَ مطمئنين لا نخاف إلا الله عز وجل؟ فنزل قوله تعالى: { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً } (النور: 55) وكان كذلك، فقد أمَّنهم الله من بعد خوفهم، وسوَّدهم الأرض، واستخلفهم فيها من بعد ذلتهم، ومكَّن لهم دينهم في مشارق الأرض ومغاربها.
قال القرطبي: " وقد فَعلَ اللهُ ذلك بمحمدٍ وأمتِه، ملّكَهُم الأرض، واستخلفهم فيها، وأذل لهم ملوكاً تحت سيف القهر بعد أن كانوا أهل عز وكبر، وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم{ وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد } (الزمر: 20)".[31]
وفي موقف آخر من المواقف الصعبة التي عانى منها الصحابة أتى عدي بن حاتم النبي صلى الله عليه وسلم ، وبينما هو عنده؛ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل.
فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى عَدي، وقال: ((فلعلك إنما يمنعك عن الإسلام أنك ترى من حولي خصاصة، أنك ترى الناس علينا إلْباً)).
ثم ألقى النبي صلى الله عليه وسلم نبوءة مفاجئة أذهلت عَدياً، فقد قال له: ((يا عدي، هل رأيت الحيرة؟)) فأجابه: لم أرها، وقد أُنبئت عنها.
فقال صلى الله عليه وسلم : ((فإن طالت بك حياة لترين الظعينة [أي المرأة] ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحداً إلا الله)).
يقول عدي، وهو يتشكك من وقوع هذا الخبر: قلت فيما بيني وبين نفسي: فأين دُعَّار [لصوص] طيءٍ الذين سعروا البلاد؟
وقبل أن يفيق عدي من ذهوله وحديثه مع نفسه أسمعه النبي صلى الله عليه وسلم نبوءة أعظمَ وأبعد، فقال: ((ولئن طالت بك حياة لتُفتحنَّ كنوزُ كسرى)).
ولم يصدق عديٌ مسمعه، فسأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم مستوثقاً: كسرى بنِ هُرمز؟
فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بلسان الواثق من ربه - رغم ضعف حاله وفاقة أصحابه -: ((كسرى بنِ هرمز، ولئن طالت بك حياة لتريَنَّ الرجل يُخرج ملء كفه من ذهب أو فضة، يطلب من يقبله منه فلا يجد أحداً يقبلُه)).
ثلاث نبوءات لا يمكن لغير مؤمنٍ أن يُصدق بوقوعها في ذلك الزمان وفي مثلِ تلك الظروف، لكنها دلائل النبوة وأخبار الوحي الذي لا يكذب.
يقول عدي: فرأيتُ الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوفَ بالكعبة لا تخاف إلا الله، وكنتُ فيمن افتتح كنوز كسرى بنِ هرمز، ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم [عن الرجل] يخرج ملء كفه.[32]
وصدق عدي رضيى الله عنه ، فقد تحققت الثالثة زمن الخليفةِ الراشدِ عمرَ بنِ عبد العزيز.
ومثله قوله صلى الله عليه وسلم : ((لا تقوم الساعة حتى يسير الراكب بين العراق ومكة؛ لا يخاف إلا ضلال الطريق)).[33] إنها من أخبار الغيب الدالة بتحققها على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم .
ولما أتت جموع الأحزاب إلى المدينة، يرومون استئصال المسلمين؛ أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق حول المدينة، وبينما هم يحفرون عرضت لهم صخرة حالت بينهم وبين الحفر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ المعول، ووضع رداءه ناحية الخندق، وقال:[وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم ] (الأنعام: 115) فندر ثُلث الحجر، وسلمان الفارسي قائم ينظر، فبرق مع ضربةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم برْقة.
ثم ضرب الثانية والثالثة .. فكان مثله.
فتقدم إليه سلمان فقال: يا رسول الله رأيتُك حين ضربتَ، ما تضرب ضربة إلا كانت معها برقة! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يا سلمان رأيتَ ذلك؟)) فقال: إي والذي بعثك بالحق يا رسول الله.
قال: ((فإني حين ضربت الضربة الأولى رُفعت لي مدائنُ كسرى وما حولها ومدائنٌ كثيرة حتى رأيتُها بعينيّ)).
فقال له من حضره من أصحابه: يا رسول الله، ادع الله أن يفتحها علينا .. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.
((ثم ضربتُ الضربة الثانية، فرُفعت لي مدائن قيصر وما حولها حتى رأيتها بعينيّ)). قالوا: يا رسول الله ادع الله أن يفتحها علينا .. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.
((ثم ضربت الثالثة فرفعت لي مدائن الحبشة وما حولها من القرى حتى رأيتها بعيني)).
وقبل أن يطلب الصحابة منه الدعاء لهم بفتحها؛ بادرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقول: ((دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم)). [34]
وقد أطلع الله نبيه على ما يكون من أخبار الحبشة والترك، وما تحدثه حروبهم من النكال بالمسلمين، فكره قتالهم ، وأوصى باجتنابهم.
أما الحبشة فإنهم يهدمون الكعبة في آخر الزمان ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ((يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة)). [35]
وأما الترك فمنهم التتار الذين استباحوا بغداد، و***وا فيها ما يربو على مليونين من المسلمين عام 658هـ.
قال ابن كثير: "وفي هذه السنة [643هـ] كانت وقعة عظيمة بين جيش الخليفة وبين التتار لعنهم الله، فكسرهم المسلمون كسرة عظيمة، وفرقوا شملهم، وهزموا من بين أيديهم، فلم يلحقوهم، ولم يتبعوهم خوفاً من غائلة مكرهم، وعملاً بقوله صلى الله عليه وسلم : ((اتركوا الترك ما تركوكم))". [36]
وعلل بعض أهل العلم الأمر بترك قتالهم بـأنه "لأن بلاد الحبشة وغيرهم، بين المسلمين وبينهم مهامِهُ وقِفار، فلم يكلِّف المسلمين دخول ديارهم لكثرة التعب وعظمة المشقة، وأما الترك فبأسهم شديد، وبلادهم باردة، والعرب وهم جند الإسلام كانوا من البلاد الحارة، فلم يكلفهم دخول البلاد، فلهذين السِّرين خصصهم".[37]
ولما انقضت غزوة الأحزاب، ولت جموعهم الأدبار، وقبل أن ينقشع غبارُ إدبارهم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنبوءة ما كان له أن يطلع عليها لولا إخبار الله له، فقال: ((الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم)).[38]
وهكذا كان، إذ كانت غزوة الأحزاب آخر غَزاة غزتها قريش في حربها مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد غزاهم المسلمون بعدها، وفتحوا مكة بعون الله وقدرته، فمن الذي أعلم النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الألوف التي دهمت المدينة لن تعود إليها بعد هذه الكَرَّة الخاسرة؟ إنه الله رب العالمين.
قال ابن حجر عن قوله صلى الله عليه وسلم : ((الآن نغزوهم ولا يغزوننا)): "وفيه علمٌ من أعلام النبوة، فإنه صلى الله عليه وسلم اعتمر في السنة المقبلة، فصدّتهُ قريش عن البيت، ووقعت الهدنة بينهم إلى أن نقضوها، فكان ذلك سببَ فتح مكة، فوقع الأمر كما قال صلى الله عليه وسلم ".[39]
[1]رواه مسلم ح (2889).
[2] شرح النووي على صحيح مسلم (18/13).
[3] رواه أحمد ح (16509).
[4] جامع البيان (22/602).
[5] رواه البخاري ح (2915).
[6] رواه البخاري ح (4484)، ومسلم ح (1785).
[7] رواه مسلم ح (1786).
[8] فتح الباري (7/506)، وانظر سيرة ابن هشام (2/321).
[9] رواه البخاري ح (2734).
[10] الجامع لأحكام القرآن (1/105).
[11] جامع البيان (11/347).
[12] رواه مسلم ح (3361).
[13] دلائل النبوة (3/952).
[14] رواه البخاري ح (2528).
[15] فتح الباري (5/387).
[16] جامع البيان (11/350).
[17] الجامع لأحكام القرآن (13/248).
[18] الجامع لأحكام القرآن (16/231).
[19] أي يزينون إليهم السكنى في تلك البلاد ويدْعونهم ليرحلوا إليها.
[20] رواه مسلم ح (1875).
[21] شرح النووي على صحيح مسلم (9/159).
[22] فتح الباري (4/110).
[23] رواه مسلم ح (2919).
[24] انظر البداية والنهاية (7/64).
[25] رواه مسلم ح (2543)، ورواية ابن حبان رواها في صحيحه ، الموارد ح (2315).
[26] شرح صحيح مسلم (16/97).
[27] رواه البخاري ح (3649)، ومسلم ح (2532) واللفظ له.
[28] شرح صحيح مسلم (16/83).
[29] رواه أحمد ح (18478)، وحسّن إسناده ابن عبد البر في الاستيعاب (1/250)، ورواه الحاكم في المستدرك (4/468)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
[30] رواه البخاري ح (3612).
[31] الإعلام بما في دين النصارى (1/338).
[32] رواه البخاري ح (3595)، فيما عدا قوله: ((فلعلك إنما يمنعك عن الإسلام أنك ترى من حولي خصاصة، أنك ترى الناس علينا إلباً))، فإنها من رواية الحاكم (4/564).
[33] رواه أحمد ح (8615)، قال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح" مجمع الزوائد (7/639).
[34] رواه النسائي ح (3176)، وأبو داود ح (4302)، وحسنه الألباني في صحيح النسائي ح (2976).
[35] رواه البخاري ح (1591)، ومسلم ح (2909).
[36] البداية والنهاية (13/168).
[37] عون المعبود (11/276).
[38] رواه البخاري ح (4110).
[39] فتح الباري (7/468).
د. منقذ بن محمود السقارs
محمد رافع 52 12-12-2013, 01:52 AM إخباره صلى الله عليه وسلم بأخبار آخر الزمان وعلامات الساعة
وإن من دلائل النبوة ما أخبر صلى الله عليه وسلم أنه يكون بين يدي الساعة، ونراه أو نرى بعضه في حياتنا اليوم، وهو ما يسميه العلماء بأشراط الساعة الصغرى، وهذا الحاضر - الذي نراه اليوم - كان غيباً أطلع الله عليه نبيه ، ليكون شاهداً على نبوته ورسالته.
ومن الأخبار المتعلقة باقتراب الساعة ما يحدثنا عنه صلى الله عليه وسلم بقوله: ((من أشراط الساعة أن يقِلَّ العلم، ويظهر الجهل، ويظهر الزنا، وتكثر النساء، ويقِلَّ الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد)).[1]
وزاد في رواية في الصحيحين: ((ويُشربَ الخمر، ويَظهرَ الزنا)).[2]
وفي رواية أخرى: ((وتكثُرَ الزلازل، ويتقاربَ الزمان، وتَظهرَ الفتن، ويكثُرَ الهرْج، وهو ال***)).[3]
وفي رواية: ((يتقاربُ الزمان، ويَنقصُ العمل، ويُلقى الشح)).[4]
فهذه ثمان علامات تكون بين يدي الساعة.
أولها: ظهور الجهل وقلة العلم الشرعي بين الناس، وذلك لقبض العلماء وظهور الرؤوس الجهال الذين يفتون بغير علم، فيَضلون ويُضلون، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يُقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يَترُك عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسُئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)).[5]
قال ابن بطال: "وجميع ما تضمنه هذا الحديث من الأشراط، وقد رأينا عياناً، فقد نَقص العلم وظهر الجهل".[6]
وتعقبه ابن حجر فقال: "الذي يظهر أن الذي شاهده كان منه الكثير مع وجود مقابله [أي العلم]، والمراد من الحديث استحكامُ ذلك، حتى لا يبقى مما يقابله إلا النادر .. فلا يبقى إلا الجهل الصِرف، ولا يمنع من ذلك وجود طائفة من أهل العلم؛ لأنهم يكونون حينئذ مغمورين في أولئك".[7]
ولئن كان ذلك في زمن ابن بطال ثم ابن حجر فإنه في زماننا أظهر وأبْيَن، ولا يخفى هذا على عاقل يرى ما رُزئنا به اليوم من موت العلماء، وتصدر الأدعياء.
وأما العلامة الثانية من علامات النبوة التي أخبر بها صلى الله عليه وسلم فهي شيوع شرب الخمر بين المسلمين، وقد أنبأ صلى الله عليه وسلم أن الذين سيشربونها؛ يسمونها بغير اسمها، وأنهم يستحلونها، ولا يرون أنها الخمر التي حرمها الله، قال صلى الله عليه وسلم: (( يشرب ناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها))، وزارد في رواية الدارمي: ((فيستحلونها)).[8]
وبيانُه فيما أخرجه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ليكونن من أمتي أقوامٌ يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف)).[9]
وقد كان هذا - وللأسف - عند بعض جهال المسلمين، غفلة منهم وجهلاً، فتعاطوا هذه المحرمات، لما رأوها سميت بالمنشطات أو المخدِّرات أو المشروبات الروحية، والحق أنها جميعاً خمر حرمها الله ولعن شاربها وبائعها وصانعها، وقد قال عمر رضيى الله عنه على المنبر وهو يخطب في المسلمين: (أما بعد، نزل تحريم الخمر وهي من خمسة: العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير، والخمر ما خامر العقل)[10]، أي غطاه، فكل ذلك خمر.
قال القرطبي: " في هذا الحديث عَلم من أعلام النبوة، إذ أخبر عن أمور ستقع؛ فوقعت، خصوصاً في هذه الأزمان".[11]
وأما ثالث أشراط الساعة المذكورة في الأحاديث آنفاً؛ فهو انتشارُ الزنا وشيوعُه بين الناس، وهو أمر يكثر - عياذاً بالله – عند غير المسلمين، وهذه الشناعة استقبحتها الأمم طوال تاريخ الإنسانية، وأصبحت الآن تعرض في وسائل التقنية الحديثة، وعمدت بعض الدول إلى تقنينها، وأجازتها قوانينها وتشريعاتها، بل جعلها بعضهم ضرباً من ضروب التجارة والكسب.
ورابع الأشراط التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم ؛ كثرة الفتن وما يستتبعها من كثرة الهرج الذي هو ال***، وقد أبانه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قَتل، ولا يدري المقتول على أي شيء قُتِل)).[12]
ونجد مصداق هذه النبوءة النبوية في كثرة الحروب والفتن التي ي*** فيها الأبرياء، فلا يدري القاتل من يقتُل، ولا لماذا يقتُل، ومثلُه المقتول. أجارنا الله من الفتن.
وهذا يفسر لنا العلامة الخامسة من علامات النبوة، الواردة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وتكثرَ النساء ويقلَ الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد))، فإن الرجال هم وقود الحروب والفتن دون غيرهم.
قال ابن حجر: "قيل سببه أن الفتن تكثر، فيكثر ال*** في الرجال؛ لأنهم أهل الحرب دون النساء ... والظاهر أنها علامة محضة لا لسبب آخر، بل يُقدِّر الله في آخر الزمان أن يقِلَ من يولد من الذكور، ويكثر من يولد من الإناث ".[13]
وإلى صدق هذه النبوءة وقرب تحققها تشير الإحصاءات العالمية، حيث وصلت نسبة الذكور حسب إحصاءات الأمم المتحدة عام 2002م إلى 48%، وتتوقع دائرة الإحصاءات الأمريكية أن تصل نسبة الذكور عام 2100م إلى 38% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يؤكد أن ما أخبر به صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى التحقق.
وأما العلامة السادسة مما يكون بين يدي الساعة فهي تقارب الزمان، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يُقبضَ العلم، وتكثُرَ الزلازل، ويتقاربَ الزمان..)).[14]
وقال: ((يتقاربُ الزمان، ويَنقصُ العمل، ويُلقى الشح)).[15]
قال التوربشتيُ: "يُحمل ذلك على قلة بركة الزمان، وذهابِ فائدته في كل مكان، أو على أن الناس لكثرة اهتمامهم بما دهمهم من النوازل والشدائد وشُغْلِ قلبهم بالفتن العظام؛ لا يدرون كيف تنقضي أيامهم ولياليهم".[16]
وقال الخطابي: "معناه قِصَر زمان الأعمار وقلة البركة فيها .. وقيل: قِصر مدة هذه الأيام والليالي؛ على ما روي أن الزمان يتقارب حتى يكون السنة كالشهر، والشهرُ كالجمعة، والجمعةُ كاليوم، واليومُ كالساعة، والساعةُ كاحتراق السَعَفَة".[17]
وهكذا فقد حمل العلماء الحديث على ثلاثة معانٍ: قصرُ الأعمار أو ذَهابُ بركتها أو تقاربُ الزمان حقيقة.
فأما المعنيان الأولان فهما مشاهدان بكثرة بين الناس اليوم، وبخاصة ذَهاب بركة العمر، حيث تنقضي السنة، والواحد منا يظنها شهراً، وينقضي الشهر، ولا نحسبه إلا أسبوعاً.
وأما المعنى الثالث الذي يقضي بتناقص الزمان حقيقة، فلعله يكون قبيل الساعة، حين يختل الكثير مما نعهده من نواميس الكون التي جعلها الله، فتشرقُ الشمس من مغربها، وتتكلمُ السباع، إلى غيره مما هو خارج عن مألوفنا في سنن الله الكونية.
وسابع أشراط الساعة التي تنبأ النبي صلى الله عليه وسلم أنها تكون؛ كثرةُ الزلازل ونقارب أوقاتها، وهو أمر يعجب المرء لكثرته في هذه الأيام، وهو في ازدياد مستمر، حتى لا يكاد يمضي الشهر إلا وتهتز الأرض هنا أو هناك، فمن الذي أعلم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الغيب قبل ألف وأربعِ مائةٍ سنة؟ إنه الله علام الغيوب.
وأما ثامن علامات الساعة ودلائل النبوة فهو إخباره عن كثرة الشح بين الناس لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ويُلقى الشح)).
قال ابن حجر: " فالمراد إلقاؤه في قلوب الناس على اختلاف أحوالهم، حتى يبخل العالم بعلمه، فيترك التعليم والفتوى، ويبخل الصانع بصناعته حتى يترك تعليم غيره، ويبخل الغني بماله حتى يهلك الفقير، وليس المراد وجود أصل الشح؛ لأنه لم يزل موجوداً".[18]
وهذا كله قد كثر في أهل الزمان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وروى الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضيى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقوم الساعة حتى يكثُر المال، ويفيضَ حتى يَخرجَ الرجلُ بزكاة ماله فلا يجد أحداً يقبلها منه، وحتى تعودَ أرض العرب مروجاً وأنهاراً)).[19]
ولما سبق الحديث عن كثرة المال فإنا نتحدث هنا عن عود أرض العرب مروجاً وأنهاراً، فالبشارة النبوية تضمنت خبرين: أولُهما: أن أرضَ العرب - أي جزيرة العرب - كانت مروجاً وأنهاراً، أي كانت خضراءَ كثيرةَ المياه، والثاني: أنها ستعود كذلك قبل قيام الساعة.
ومن المعلوم أن جزيرة العرب تنعدم الأنهار فيها اليوم، وتقل المساحات الخضراء في ربوعها، بينما يخبر الحديث أنها كانت وسترجع إلى غير هذه الحال.
وحين تحدث القرآن عن قوم نبي الله هود، قومِ عاد الذين عاشوا في جنوب جزيرة العرب وقريباً من صحراء الربع الخالي، قال ممتناً عليهم: [ واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون * أمدكم بأنعام وبنين * وجنات وعيون] (الشعراء: 132-134)، فذكر أن بلادهم المقفرةَ اليومَ كانت مروجاً وبساتين كثيرة المياه.
وليست بلادُ عاد الوحيدةَ من المدائن القديمة التي دفنتها ذرات رمال الصحراء، التي أغرقت بكثبانها الكثير من المدن التي كانت عامرة في غابر الأيام، كمدينة الفاو ومدينة أوبار المكتشفَتين حديثاً في جنوب جزيرة العرب، ومثل هذه المدن لا تُشاد في صحراءَ جرداء، بل في واحة خضراءَ كثيرةِ المياه.
وهذا الخبر نجد مصداقه أيضاً عند علماء الجولوجيا والآثار، حيث يؤكدون أن جزيرة العرب كانت قبل عشرين ألف سنة رقعة خضراء كثيرة المياه والأنهار، وفيها الكثير من أنواع الحيوانات التي تتواجد عادة في المراعي والغابات، كما شهد بذلك ما بقي من آثارهم.
كما أكد صدقَ هذا الخبر النبوي الدكتور هال ماكلور في أطروحته للدكتوراه والتي كانت عن الربع الخالي، فذكر أن البحيراتِ كانت تغطي هذه المنطقة الصحراوية خلال العصور المطيرة التي انقضت قبل ثمانية عشرَ ألفَ سنة. [20]
ووافقه العالـم الجيولوجي الألماني الشهير البروفسور الفريد كرونر في مؤتمر علمي أقيم في جامعة الملك عبد العزيز بالمملكة العربية السعودية.
وأضاف بأن عود جزيرة العرب إلى تلك الحال مسألة معروفة عند العلماء، وأنها حقيقة من الحقائق العلمية، التي يوشك أن تكون، وقال: هذه حقيقة لا مفر منها.
ولما أُخبِر بقول النبي صلى الله عليه وسلم ((وحتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً)) تعجب، وقال: "إن هذا لا يمكن أن يكون إلا بوحي من أعلى" أي من عند الله.
وقال: "أعتقد انك لو جمعت كل هذه الأشياء، وجمعت كل هذه القضايا التي بسطت في القرآن الكريم والتي تتعلق بالأرض وتكوين الأرض والعلم عامة، يمكنك جوهرياً أن تقول: إن القضايا المعروضة هناك صحيحة بطرق عديدة، ويمكن الآن تاكيدها بوسائل علمية، ويمكن إلى حد ما أن نقول: إن القرآن هو كتاب العلم الميسر للرجل البسيط، وإن كثيراً من القضايا المعروضة فيه في ذلك الوقت لم يكن من الممكن إثباتها، ولكنك بالوسائل العلمية الحديثة الآن في وضع تستطيع فيه أن تثبت ما قاله محمد صلى الله عليه وسلم منذ 1400 سنة".[21]
ويحسُن هنا التذكير بما حملته إلينا الأخبار عن تصوير جزيرة العرب من الفضاء، واكتشاف العلماء من خلال هذه الصور أنها تَسبح فوق نهر من المياه الجوفية، يمتد من غرب الجزيرة العربية إلى شرقها, ناحية الكويت, حيث أوضحت الصور أن مساحةً شاسعة من شمال غرب الكويت عبارة عن دلتا لهذا النهر العملاق .
فمن الذي أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بحال جزيرة العرب قبل آلاف السنين؟ ومن الذي أنبأه بما سيكون عليه حالها في قابل الأيام؟ إنه وحي الله الذي يشهد له بالرسالة صلى الله عليه وسلم.
ومن أشراط الساعة الأخرى التي تنبأ النبي صلى الله عليه وسلم أنها تكون بين يدي الساعة، ونراها تكثر في حياة الناس اليوم قوله صلى الله عليه وسلم: ((يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه، أمن الحلال أم من الحرام)).[22]
وقال ابن التين: " أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا تحذيراً من فتنة المال، وهو من بعض دلائل نبوته لإخباره بالأمور التي لم تكن في زمنه، ووجه الذم من جهة التسوية بين الأمرين، وإلا فأخذ المال من الحلال ليس مذموماً من حيث هو". [23]
وابتلي المسلمون اليوم بانتشار الربا ودخول معاملاته في شتى صور الحياة الاقتصادية، حتى إنه يصيب بقتامه حتى أولئك الذين ينأون عنه، ليصدق فينا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((يأتي على الناس زمان يأكلون الربا، فمن لم يأكله أصابه من غباره)).[24]
قال السندي متحدثاً عن هذه البلية: " هو زماننا هذا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وفيه معجزة بينة له صلى الله تعالى عليه وسلم".[25]
وهو في زماننا أظهر وأبين، فقد أضحت البنوك الربوية ملاذاً يحفظ الناس فيه من الضياع أموالهم، بل ينالون منها رواتبهم وحقوقهم، وعن طريقها يدفعون أثمان بضائعهم وغيره، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وروى الإمام أحمد أمراً آخرَ تنبأ النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يكون في آخر الزمان، ونراه يكثر في أيامنا، ألا وهو أن يخص المرء بسلامه معارِفَه دون بقية المسلمين، فعن عبد الله بن مسعود رضيى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أشراط الساعة أن يسلّم الرجل على الرجل، لا يُسلم عليه إلا للمعرفة)).[26]
وفي رواية أخرى أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفُشُوَّ التجارة، حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وقطع الأرحام، وشهادة الزور، وكتمان شهادة الحق، وظهور القلم)).[27]
محمد رافع 52 12-12-2013, 02:10 AM وهكذا فإخبار النبي صلى الله عليه وسلم عما يصنعه اليوم كثير من الناس، وهو تسليم المرء على خاصته من أقرباء وأصدقاء دون بقية المسلمين الذين لا يعرفهم، هذا الإخبار منه صلى الله عليه وسلم علامة على نبوته، لأنه إخبار بغيب لا يعلمه إلا الله أو من أطلعه الله عليه.
وقد تضمن الحديث السالف أموراً أخرى كثرت في دنيا الناس، وبخاصة قطع الأرحام وشهادة الزور وكتمان الحق.
كما ذكر الحديث أمراً عجباً حين أخبر عن فشو التجارة ومشاركة المرأة زوجها فيها، وهو ما يكثر في زماننا.
وأعجب منه قوله صلى الله عليه وسلم: (( وظهور القلم))، أي تعلم الناس الكتابة، وهو أمر لم يتحقق إلا في هذا القرن، حيث تراجعت نِسب الأمية بين شعوب العالم، وهي في طريقها إلى الزوال، وبخاصة مع تيسر سبل التعليم وتقدم وسائط الاتصالات.
والسؤال ، كيف عرف النبي صلى الله عليه وسلم قبل أربعة عشر قرناً أن الكتابة تفشو بين الناس، لقد أنبأ به في عصر كان عدد الكتبة فيه لا يكاد يتجاوز الألف. إنه عَلم آخر من أعلام النبوة.
ومن براهين النبوة المتعلقة بأشراط الساعة قوله صلى الله عليه وسلم: ((من أشراط الساعة أن يتباهى الناس في المساجد)).[28]
قال أنس: (يتباهون بها، ثم لا يعمرونها إلا قليلاً).
ولما تيقن ابن عباس بتحقق هذا الخبر النبوي قال: (لتزخرفُنها كما زخرفت اليهود والنصارى).[29]
قال ابن رسلان: "هذا الحديث فيه معجزة ظاهرة لإخباره صلى الله عليه وسلم عما سيقع بعده، فإن تزويق المساجد والمباهاة بزخرفتها كثر من الملوك والأمراء في هذا الزمان بالقاهرة والشام وبيت المقدس".[30]
ومن هذه الأخبار العجيبة الباهرة إخباره صلى الله عليه وسلم بتطاول الناس في البنيان، قال هذا في وقت ما عرف الناس فيه شاهق البنيان، ففي صحيح مسلم أن جبريل سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أمارات الساعة، فقال صلى الله عليه وسلم : ((أن تلد الأَمَة ربّتها، وأن ترى الحفاة العراة العالةَ رِعاء الشاء يتطاولون في البنيان)).[31]
قال النووي : "معناه أن أهل البادية وأشباههم من أهل الحاجة والفاقة تبسط لهم الدنيا حتى يتباهون في البنيان".[32]
وقد تحقق هذا في زماننا ، فتقدم العلم، وكثر المال، وارتفع - بفضل الله - البنيان، ووصل الأمر بالناس إلى التفاخر فيه، وأغدق الله من فضله وجوده على بلاد كانت تشكو الفقر، فأضحت - بفضل الله - أغنى بلاد الدنيا، فتطاول أهلها مع غيرهم في البنيان، وهو مصداق ما أنبأ عنه صلى الله عليه وسلم.
ومما أخبر صلى الله عليه وسلم أنه يكون قبيل الساعة، وتحقق في زماننا؛ استغناء الناس عن ركوب الدواب، التي استبدلوها بما أنتجته التقنية الحديثة من السيارات والطائرات وغيرها من وسائل الانتقال، وهو أمر حديث أشار إليه القرآن بقوله:[ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينةً ويخلق ما لا تعلمون] (النحل: 8) فإذا ما خلق الله هذه الوسائل الجديدة تحققت نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ولتُتركن القِلاص فلا يُسعى عليها)).[33]
وذكر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر بعض صفات المركوبات التي سيستحدثها الناس وبعض ما سيرافقها من المنكرات فقال: ((سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على السروج كأشباه الرجال، ينزلون على أبواب المسجد، نساؤهم كاسيات عاريات على رءوسهم كأسنمة البخت العجاف )). [34]
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الشرور التي تصيب أمته بين يدي الساعة، ونرى كثيراً منها بين المسلمين اليوم، ومنها أنّا نرى في بعض بلاد المسلمين من يقرأ القرآن في المآتم وعلى القبور أو على أبواب المساجد، يرجو من ذلك المال أو الشهرة ، لا الأجر والثواب، بل إن بعضهم يقرأ بحسب ما يعطى من المال، وهذا مصداق لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنه حين قال: ((من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيجيء أقوام يقرؤون القرآن يسألون به الناس)).[35]
وفي رواية البيهقي: ((فإن القرآن يتعلمه ثلاثة: رجل يباهي به، ورجل يستأكل به، ورجل يقرأ لله عز وجل)).[36]
والناظر في أحوال الكثيرين من شباب وفتيات المسلمين يسوؤه ما يراه من تقليد للآخرين في زيهم وشاراتهم وعاداتهم وتقاليدهم، بل وقصات شعورهم، فقد صدق فيهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لتتبعن سَنن من كان قبلكم شبراَ شبراَ، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جُحر ضب تبعتموهم. قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمَن؟)).[37]
قال النووي: "السَنَن بفتح السين والنون، وهو الطريق، والمراد بالشبر والذراع وجحر الضب التمثيل بشدة الموافقة لهم، والمراد الموافقة في المعاصي والمخالفات، لا في الكفر، وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم".[38]
وأما ما ينتشر بين المسلمات من تبرج وتكشف في جلابيبهن وملابسهن التي أضحت صورة من صور الغواية لا الستر؛ فهذا تحقيق لما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البُخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)).[39]
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم : ((رؤوسهن كأسنمة البخت)) كما نقل النووي: "يعظمن رؤوسهن بالخمُر والعمائم وغيرها مما يلفّ على الرأس، حتى تشبه أسنمة الإبل".[40]
قال النووي: "هذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم، فأما أصحاب السياط فهم غلمان والي الشرطة، أما الكاسيات ففيه أوجه [منها أن المرأة] تكشف شيئاً من بدنها إظهاراً لجمالها، فهن كاسيات عاريات يلبسن ثياباً رقاقاً تصِف ما تحتها، كاسيات [في الصورة، لكنهن] عاريات في المعنى".[41]
ولئن كان بعض هذا في زمن النووي رحمه الله؛ فإنه في عصرنا أظهر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
ومما يكون بين يدي الساعة أيضاً ضياع الأمانة بين الناس، وهو ما تنبأ به النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟
يقول أبو هريرة رضيى الله عنه: فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث، فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى صلى الله عليه وسلم حديثه قال: ((أين أراه السائل عن الساعة؟)) قال: ها أنا يا رسول الله.
فقال صلى الله عليه وسلم: ((فإذا ضيِّعت الأمانة فانتظر الساعة))، قال: كيف إضاعتها؟ قال: ((إذا وسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)).[42]
قال ابن بطال في معناه: "أن الأئمة قد ائتمنهم الله على عباده، وفرض عليهم النصيحة لهم، فينبغي لهم تولية أهل الدين، فإذا قلَّدوا غير أهل الدين فقد ضيعوا الأمانة التي قلدهم الله تعالى إياها".[43]
فمن ضياع الأمانة في آخر الزمان أن تسند المسؤوليات لا إلى أربابها من أصحاب الكفاءات، بل إلى ما يملكه المرء من معارف وأموال يسترضي بها الآخرين.
وما تزال الأمانة تقل بين الناس حتى يأتي عليهم زمان تنقلب فيه الموازين، وترفع فيه الأمانة (( فيصبح الناس يتبايعون، فلا يكاد أحدهم يؤدي الأمانة، فيقال: إن في بني فلان رجلاً أميناً، ويقال للرجل: ما أعقله! وما أظرفه! وما أجلده! وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان)).[44]
وتعاني أمة الإسلام حالة غريبة من التشرذم والضعف، وأصبحت بلادها كلأً مستباحاً للقاصي والداني، ولم يشفع لها أنها جاوزت المليار والربع من المسلمين، فهم غثاء كغثاء السيل، فصدق فيهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها)) فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: ((بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن))، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: ((حب الدنيا وكراهية الموت)).[45] إنه نبوءة من لا ينطق عن الهوى، وهو علم آخر من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم ورسالته.
وهكذا فإن وقوع ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعد مضي هذه القرون من تنبئه بهذه الأحداث وتلك المظاهر، لبرهان صدق ودليل حق على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.
[1] رواه البخاري ح (79)، ومسلم ح (4825).
[2] رواه البخاري ح (80)، ومسلم ح (2671).
[3] رواه البخاري ح (1036).
[4] رواه البخاري ح (6037)، ومسلم ح (157).
[5] رواه البخاري ح (100)، ومسلم ح (2673).
[6] فتح الباري (13/18).
[7] فتح الباري (13/18).
[8] رواه النسائي ح (5658)، وأبو داود ح (3688)، وأحمد ح (17607)، والدارمي ح (2100)، وصححه الألباني في صحيح الجامع ح (9584).
[9] ذكره البخاري معلقاً بصيغة الجزم في باب: "ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه".
[10] رواه البخاري ح (5581)، ومسلم ح (3032).
[11] نقله عنه ابن حجر في الفتح (1/179).
[12] رواه مسلم ح (2908).
[13] فتح الباري (1/215).
[14] رواه البخاري ح (1036).
[15] رواه البخاري ح (6037)، ومسلم ح (157).
[16] تحفة الأحوذي (6/514).
[17] عون المعبود (11/223).
[18] فتح الباري (13/20).
[19] أخرجه مسلم ح (157).
[20] مجلة الإعجاز العلمي، العدد السادس (ص 33).
[21] إنه الحق، هيئة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة برابطة العالم الإسلامي (ص 34).
[22] رواه البخاري ح (2059).
[23] فتح الباري (4/347).
[24] رواه النسائي ح (4379)، وأبو داود ح (2893) ، وابن ماجه ح (2278).
[25] حاشية السندي على النسائي (7/243).
[26] رواه أحمد ح (3838)، وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر.
[27] رواه أحمد ح (3860)، والبخاري في الأدب المفرد ح (1049)، وصححه الحاكم (4/110)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (647).
[28] رواه النسائي ح (689)، و أبو داود ح (449)، وابن ماجه ح (739)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود ح (432).
[29] الخبران ذكرهما البخاري معلقين في باب "بنيان المساجد".
[30] عون المعبود (2/84).
[31] رواه مسلم ح (8).
[32] شرح صحيح مسلم (1/159).
[33] رواه مسلم ح (255).
[34] رواه أحمد ح (7043).
[35] رواه الترمذي ح (2917)، وأحمد ح (19384).
[36] رواه البيهقي في شعب الإيمان ح (2630).
[37] رواه البخاري ح (7320)، ومسلم ح (2669).
[38] شرح صحيح مسلم (16/219-220).
[39] رواه مسلم ح (2128).
[40] شرح صحيح مسلم (17/190-191).
[41] شرح النووي على صحيح مسلم (17/190)، وانظر فيض القدير ، للمناوي (4/208).
[42]رواه البخاري ح (6496).
[43] فتح الباري (11/342).
[44] رواه البخاري ح (7086).
[45] رواه أبو داود ح (3745)، وأحمد ح (21363)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح ح (5369).
د. منقذ بن محمود السقار
محمد رافع 52 12-12-2013, 02:23 AM المعجزات الحسية للرسول صلى الله عليه وسلم
وإن من أعظم دلائل النبوة ما يؤتيه الله أنبياءه من خوارق العادات التي يعجز عن فعلها سائر الناس، وتمكينهم من هذه الخوارق إنما هو بتكريم وتأييد من الله، وهو دليل رضا الله وتأييدِه لهذا الذي أكرمه الله بالنبوة أو الرسالة، ولا يمكن أن يؤيد الله بعونه وتوفيقه من يدعي الكذب عليه ويُضل الناسَ باسمه.
ومن هذه المعجزات التي أوتيها الأنبياء والمرسلون؛ حبس الله الشمس عن الغروب لنبيه يوشع بن نون، قال صلى الله عليه وسلم: ((غزا نبي من الأنبياء .. فأدنى للقرية حين صلاة العصر أو قريباً من ذلك، فقال للشمس: أنتِ مأمورة، وأنا مأمور، اللهم احبسها عليّ شيئاً، فحبست عليه حتى فتح الله عليه )).[1] لقد خرق الله سنته في جريان الشمس إكراماً لنبي الله يوشع، واستجابة لدعائه لله.
وبمثله أيد الله موسى عليه السلام، فقد شقّ الله له البحر لما ضربه بعصاه، فصار طرقاً ممهدة يمشي بنو إسرائيل عليها في دعة وسكينة.
وبمثله أيضاً أيد الله نبيه وخاتم رسله، فصنع الله بيديه باهر المعجزات، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "كان يأتيهم بالآيات الدالة على نبوته صلى الله عليه وسلم, ومعجزاته تزيد على ألف معجزة".[2]
وقال ابن القيم بعد أن ذكر معجزات موسى وعيسى عليهما السلام: "وإذا كان هذا شأن معجزات هذين الرسولين، مع بُعد العهد وتشتت شمل أمّتيْهما في الأرض، وانقطاع معجزاتهما، فما الظن بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم, ومعجزاتُه وآياتُه تزيد على الألف والعهد بها قريب، وناقلوها أصدقُ الخلق وأبرُّهم، ونقلُها ثابت بالتواتر قرناً بعد قرن؟".[3]
لقد أيد الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالمعجزات الدالة على نبوته، ورأى مشركو مكة الكثير منها ، لكنهم لم يؤمنوا، ولم يذعنوا للحق، بل طلبوا على سبيل العناد والاستكبار المزيد من الآيات { وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً * أو تكون لك جنةٌ من نخيلٍ وعنبٍ فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً * أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً * أو يكون لك بيتٌ من زخرفٍ أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً} (الإسراء:90-93).
وحتى يقيم الله حجته على قريش؛ فإنه آتى نبيه صلى الله عليه وسلم معجزة من *** ما طلبوه على سبيل التعجيز، ألا وهي انشقاق القمر، وهو حدث عظيم لا يقع إلا بتقدير العزيز العليم.
فقد روى الشيخان وغيرهما من حديث ابن مسعود رضيى الله عنه أنه قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين: فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اشهدوا)).[4]
قال الخطابي: "انشقاق القمر آية عظيمة لا يكاد يعدلها شيء من آيات الأنبياء، وذلك أنه ظهر في ملكوت السماء خارجاً من جبلة طباع ما في هذا العالم، فليس مما يطمع في الوصول إليه بحيلة، فلذلك صار البرهان به أظهر".[5]
قال ابن كثير بعد أن ساق روايات عدة لحادثة انشقاق القمر: "فهذه طرق عن هؤلاء الجماعة من الصحابة، وشهرة هذا الأمر تغني عن إسناده، مع وروده في الكتاب العزيز .. والقمر في حال انشقاقه لم يزايل السماء، بل انفرق باثنتين، وسارت إحداهما حتى صارت وراء جبل حراء، والأخرى من الناحية الأخرى، وصار الجبل بينهما، وكلتا الفرقتين في السماء، وأهل مكة ينظرون إلى ذلك، وظن كثير من جهلتهم أن هذا شيء سُحرت به أبصارهم، فسألوا من قدم عليهم من المسافرين، فأخبروهم بنظير ما شاهدوه، فعلموا صحة ذلك وتيقنوه".[6]
وهذا الذي حكاه الله بقوله:{ اقتربت الساعة وانشق القمر * وإن يروا آيةً يعرضوا ويقولوا سحرٌ مستمر * وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمرٍ مستقر } (القمر: 1-3)، فلم يكذبوا رؤيتهم للقمر منشقاً، ولم يجدوا أمام هذه الآية الباهرة إلا أن يتهموا نبي الله صلى الله عليه وسلم بالسحر.
واليوم في عصر العلم والمعرفة تتجدد هذه الآية العظيمة، فقد نشرت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا في موقعها على شبكة الإنترنت صورة للقمر، وقد اخترطه خط طويل من أقصاه إلى أقصاه، ويعتقد العلماء أنه أثر لانشقاق حصل في القمر قديماً { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيءٍ شهيدٌ } (فصلت: 53).
ومن خوارق العادات المعجزة التي آتاها الله نبيه صلى الله عليه وسلم ما أعطاه من استجابة الجماد لأمره، والمعهود فيه خلاف ذلك، فقد أتى النبيَ صلى الله عليه وسلم رجلٌ من بني عامر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أريك آية؟)) قال: بلى. فنظر إلى نخلة، فقال العامري للنبي صلى الله عليه وسلم: ادع ذلك العِذق!
قال: فدعاه، فجاء ينقز حتى قام بين يديه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ارجع)) فرجع إلى مكانه.
فقال العامري: يا آل بني عامر، ما رأيتُ كاليوم رجلاً أسحر.
وفي رواية لابن حبان أن العامري قال: "والله لا أكذبك بشيء تقوله أبداً"، ثم قال: "يا آل عامر ابن صعصعة، والله لا أكذبه بشيء يقوله".[7]
إن تحرك الشجرة من مكانها وذهابها ومجيئها لهوَ آية معجزة وبرهان دامغ على صدقه ونبوته صلى الله عليه وسلم.
ويروي الإمام مسلم نحو هذه المعجزة من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: سِرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا وادياً أفْيَح [أي واسعاً] فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته فاتبعته بإداوة من ماء، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم ير شيئاً يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي.
فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: ((انقادي عليَّ بإذن الله)) فانقادت معه كالبعير المخشوش [المربوط بالحبل] الذي يصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: ((انقادي علي بإذن الله)) فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما؛ لأم بينهما - يعني جمعهما - فقال: ((التئما عليّ بإذن الله)) فالتأمتا.
ثم يمضي جابر في حديثه ويخبرنا بعود الشجرتين إلى حالهما بعد قضاء النبي صلى الله عليه وسلم حاجته، يقول: فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلاً، وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق". [8]
قال الإمام أحمد: "في الحديث آيات من دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم منها: انقلاع الشجرتين واجتماعهما، ثم افتراقهما".[9]
وفي جنبات مكة ثبّت الله قلب حبيبه صلى الله عليه وسلم في مواجهة المحن بآية من هذا ال***، فقد جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو حزين قد خضب وجهه بالدماء، قد ضربه بعض أهل مكة، فقال: مالك؟ فقال: ((فعل بي هؤلاء، وفعلوا)) فقال جبريل: أتحب أن أريك آية؟ قال: ((نعم أرني)).
فنظر إلى شجرة من وراء الوادي، قال: ادع تلك الشجرة، فدعاها، فجاءت تمشي حتى قامت بين يديه، قال: قل لها: فلترجع، فقال لها، فرجعت، حتى عادت إلى مكانها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حَسْبي)).[10]
إنه دليل آخر من براهين نبوته صلى الله عليه وسلم.
ومن معجزات الأنبياء ما أعطاه اللهُ داودَ عليه السلام، ذلك النبي الأواب الذي كان يسبح الله، فتجيبه الجبال الرواسي والطيور مسبحة الله تعالى معه { وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين} (الأنبياء: 79). { ولقد آتينا داود منا فضلاً يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد} (سبأ: 10).
وبمثل هذه المعجزة العظيمة أيد الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ، فسبح للهِ بين يديه الجمادُ ، وشهد له بالنبوة والرسالة.
يقول ابن مسعود رضيى الله عنه: لقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يُؤكل.[11] أي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.
ويقول أبو ذر رضيى الله عنه: إني شاهد عند النبي صلى الله عليه وسلم في حَلْقَة، وفي يده حصى، فسبّحنَ في يده. وفينا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فسمع تسبيحَهن مَنْ في الحَلْقَة، ثم دفعهن النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر ، فسبحن مع أبي بكر ، سمع تسبيحهن من في الحلقة ، ثم دفعهن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسبَّحنَ في يده ، ثم دفعهنّ النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمر، فسبحن في يده، وسمع تسبيحهنّ مَنْ في الحلقة، ثم دفعهن النبي صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن عفان، فسبّحن في يده، ثم دفعهنَّ إلينا، فلم يسبّحن مع أحدٍ منا.[12]
ويقارن ابن كثير بين هذه المعجزة ومعجزة أخيه نبي الله داود عليهما السلام، فيقول: "ولا شك أن صدور التسبيح من الحصى الصغار الصمّ التي لا تجاويف فيها؛ أعجب من صدور ذلك من الجبال؛ لما فيها من التجاويف والكهوف، فإنها وما شاكلَها تردِّدُ صدى الأصوات العالية غالباً .. ولكن من غير تسبيح؛ فإن ذلك [أي تِردادَها بالتسبيح] من معجزات داود عليه السلام، ومع هذا كان تسبيح الحصى في كف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان أعجب".[13]
وصدق الشاعر إذ يقول:
لئن سبـَّحتْ صمُّ الجبال مجيبة لداود أو لان الحديدُ المصفَّح
فإن الصخور الصم لانَتْ بكفه وإن الحـصا في كفه ليُسبِّحُ
وإن من معجزاته صلى الله عليه وسلم العظيمة نطقُ الجمادات بين يديه، فالجمادات لا تعقل ولا تنطق، فإذا أنطقها الله بتصديقه، فهو دليل رضاهُ عن النبي في قوله بنبوة نفسه وتصديقه حين قال بإرسال الله إياه.
وقد بدئ صلى الله عليه وسلم بآية من هذا النوع قبل نبوته ، فكان الحجر يسلم عليه، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن)).[14]
قال النووي: "فيه معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم".[15]
وبعد البعثة رأى الصحابة ذلك، يقول علي رضيى الله عنه: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فخرج في بعض نواحيها، فما استقبله شجر ولا جبل إلا قال: السلام عليك يا رسول الله).[16]
ولم تتوقف هذه الآيات والمعجزات عند السلام عليه صلى الله عليه وسلم والتسبيح بين يديه وأيدي أصحابه، بل أنطقها الله بالشهادة له صلى الله عليه وسلم بالنبوة والرسالة.
يقول ابن عمر رضي الله عنهما: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأقبل أعرابي، فلما دنا منه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أين تريد؟)) قال: إلى أهلي، قال: ((هل لك في خير؟)) قال: وما هو؟ قال: ((تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله)).
قال الأعرابي: ومن يشهد على ما تقول؟ فأشار النبي إلى شجرة، وقال: ((هذه السلَمَة))، فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بشاطئ الوادي، فأقبلَتْ تَخُدُّ الأرض خداً حتى قامت بين يديه, فاستشهدها ثلاثاً، فشهدت ثلاثاً أنه كما قال.ثم رجعت إلى مَنبَتها، ورجع الأعرابي إلى قومه، وهو يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: إن اتبعوني أتيتُكَ بهم، وإلا رجعتُ فكنتُ معك.[17]
ومن عظيم خوارق العادات التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم حنين الجذع التي كان يخطب عليها في يوم الجمعة، وهي قصة مشهورة شهدها الكثير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، يقصها علينا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، فيقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار: يا رسول الله، ألا نجعل لك منبراً؟ قال: ((إن شئتم)). فجعلوا له منبراً.
فلما كان يوم الجمعة خرج إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم، فضمها إليه، تئن أنين الصبي الذي يُسكَّن، قال جابر: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها.[18]
قال ابن حجر: "إن حنين الجذع وانشقاق القمر نُقل كلٌ منهما نقلاً مستفيضاً، يفيد القطع عند من يطَّلع على طرق ذلك من أئمة الحديث ".[19]
قال البيهقي: "قصة حنين الجذع من الأمور الظاهرة التي حملها الخلف عن السلف , ورواية الأخبار الخاصة فيها كالتكلف".[20] أي لشهرتها وذيوع أمرها.
قال الشافعي: ما أعطى الله نبياً ما أعطى محمداً , فقال له عمرو بن سواد: أعطى عيسى إحياء الموتى! قال: أعطى محمداً حنينَ الجِذعِ حتى سمع صوته , فهذا أكبر من ذلك".[21]
قال ابن كثير: "وإنما قال: فهذا أكبر منه؛ لأن الجذع ليس محلاً للحياة، ومع هذا حصل له شعور ووجد لما تحوّل عنه إلى المنبر، فأَنَّ وحنَّ حنين العِشار [أي الناقة الحامل]، حتى نزل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاحتضنه.. ".[22]
[1] رواه البخاري ح (3124)، ومسلم ح (1747).
[2] الجواب الصحيح (1/399).
[3] إغاثة اللهفان (2/347).
[4] رواه البخاري ح (4864)، ومسلم ح (2800).
[5] انظر: فتح الباري (7/224).
[6] البداية والنهاية (8/564).
[7] رواه أحمد ح (1954)، وابن حبان ح (2111).
[8] رواه مسلم ح (3012).
[9] دلائل النبوة لأبي القاسم الأصبهاني (1/56).
[10] رواه ابن ماجه ح (4028), وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (3270).
[11] رواه البخاري ح (3579).
[12] رواه الطبراني في الأوسط ح (1244)، والبزار ح (4040)، وقال الهيثمي: "وله طرق أحسن من هذا في علامات النبوة، وإسناده صحيح". مجمع الزوائد (5/327)، وصححه الألباني في تخريج كتاب "السنة" ح (1146).
[13] البداية والنهاية (6/286).
[14] رواه مسلم ح (2277).
[15] شرح النووي على صحيح مسلم (15/36).
[16] رواه الترمذي ح (3626)، والحاكم (2/677)، وصححه، ووافقه الذهبي، وأبو يعلى ح (5662)، وقد صححه الألباني لغير هذا الإسناد في صحيح الترغيب ح (1209).
[17] رواه الدارمي ح (16)، وصححه ابن حبان ح (519)، والألباني في مشكاة المصابيح ح (5868).
[18] رواه البخاري ح (3584).
[19] فتح الباري (6/685).
[20] فتح الباري (6/698).
[21] فتح الباري (6/698).
[22] انظر: البداية والنهاية (6/276).
د. منقذ بن محمود السقار
محمد رافع 52 12-12-2013, 09:02 PM تكثير الطعام والشراب والوضوء ببركة النبي صلى الله عليه وسلم(1)
وإن من المعجزات الخارقة لعادات البشر التي تشهد بالنبوة للأنبياء ما يجعله الله على أيديهم من البركة التي ينتفع بها الناس.
قال الله على لسان نبيه المسيح: { قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً * وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً } (مريم: 30-31).
ونبينا صلى الله عليه وسلم أيضاً كان نبياً مباركاً، وكان ما ساقه الله من البركة على يديه دليلاً ساطعاً وبرهاناً دامغاً على نبوته ورسالته.
وقد كثُرت في ذلك الأخبارُ وتكاثرت وهي تتحدث عما كتب الله من تكثير القليل ببركة نبيه صلى الله عليه وسلم، وحملتها إلينا الأسانيد الصحاح التي بلغتْ بها مَبلغَ التواتر، قال النووي: "وقد تظاهرت أحاديثُ آحادٍ بمثل هذا، حتى زاد مجموعها على التواتر، وحصل العلمُ القطعيُ بالمعنى الذي اشتركت فيه هذه الآحاد، وهو انخراق العادة بما أتى به صلى الله عليه وسلم من تكثيرِ الطعامِ القليلِ الكثرةَ الظاهرة، ونبعِ الماء وتكثيرِه، وتسبيحِ الطعام، وحنينِ الجِذْعِ وغيرِه ... ".[1]
ومن هذه الأخبار الكثيرة التي تواتر معناها ما رواه لنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما حيث قال: تُوفي أبي وعليه دينٌ، فعرضتُ على غرمائه في الدَّين أن يأخذوا التمر بما عليه، فأبوا، ولم يروا أن فيه وفاءً.[2]
يقول جابر: فأتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فذكرتُ ذلك له، فقال: ((إذا جَدَدتَه فوضعتَه في المِرْبد[3] آذنتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم))، أي طلب منه إذا جمع التمر في مكانه أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
قال جابر: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر، فجلس على المِربَد، ودعا بالبركة، ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((ادعُ غُرَماءَك فأوفِهم))، قال جابر: فما تركتُ أحداً له على أبي دَيْنٌ إلا قضيتُه، وفَضَل ثلاثةَ عشر وسْقاً ...
فوافيتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرِب، فذكرتُ ذلك له، فضحك، وقال: ((ائت أبا بكر وعمر فأخبرهُما))، فقالا: لقد علمنا إذ صنعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنعَ أنْ سيكون ذلك.[4] أي أن أبا بكر وعمرَ توقعا أن يقضي التمرُ - مع قِلّته - الدَّين ، وذلك ليَقِينهما ببركة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن حجر: " وفيه عَلم ظاهر من أعلام النبوة، لتكثيرِ القليل إلى أن حصل به وفاء الكثير، وفَضَل منه".[5]
وأعجب منه رآه جابر في يوم آخر، وذلك يوم الخندق، فقد رأى بالنبي صلى الله عليه وسلم جوعاً شديداً، يقول: فانكفأْتُ إلى امرأتي، فقلتُ لها: هل عندك شيء؟ فإني رأيت برسول الله صلى الله عليه وسلم خَمَصَاً شديداً، قال: فأخرجَت لي جِراباً فيه صاعٌ من شعير، ولنا بهيمةٌ داجنٌ، ف***تُها ...
ثم ولّيتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت امرأةُ جابر: لا تفضحني برسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه.
لقد خشيتْ أن يدعو جمْعاً لا يكفيه الطعام، فتفضح بين النساء بعجزها عن إطعامهم.
يقول جابر: فجئتُه صلى الله عليه وسلم فسارَرْتُه، فقلتُ: يا رسول الله، إنا قد ***نا بهيمة لنا، وطحنتُ صاعاً من شعير كان عندنا، فتعال أنت في نفرٍ معك.
يقول جابر: فصاح رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ((يا أهل الخندق، إن جابراً قد صنع لكم سُوراً، فحيَّ هلاً بكم)).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجابر: ((لا تُنزلِنَّ بُرمَتكم، ولا تخبِزُنَّ عجينَتَكم حتى أجيء)).
قال جابر: فجئت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقْدُمُ الناسَ حتى جئتُ امرأتي، فقالت: بكَ وبكَ.
لقد لامته وقرّعته على دعوةِ العدد الكبير إلى طعامهم القليل، إذ ظنت أنه أهمل طلبتها.
يقول جابر: فقلتُ: قد فعلتُ الذي قلتِ لي.
قال جابر: فأخرجتُ له عجينتنا، فبصق فيها وبارك، ثم عمَد إلى بُرْمَتِنا، فبصق فيها وبارك، ثم قال لامرأتي: ((ادعي خابزةً فلتخبز معَكِ، واقدحي من بُرْمتِكم ولا تُنـزِلوها)).
قال جابر: وهم ألفٌ، فأقسم بالله، لأكلوا حتى تركوه .. وإن بُرْمَتنا لتغِطُّ كما هي، وإن عجينتنا لتُخبَز كما هو.[6]
لقد أطعم النبي صلى الله عليه وسلم ألف رجل من طعام لا يكاد يكفي البضعَ من الرجال، يقول النووي: "حديث طعام جابر فيه أنواع من فوائد وجُمَل من القواعد: منها: الدليلُ الظاهر والعلم الباهر من أعلام نبوةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وقد تضمن هذا الحديث عَلَمَينِ من أعلام النبوة: أحدُهُما: تكثيرُ الطعام القليل، والثاني: عِلمُه صلى الله عليه وسلم بأن هذا الطعام القليل الذي يكفي في العادة خمسةَ أنفسٍ أو نحوَهم سيَكْثُر، فيكفي ألفاً وزيادة، فدعا له ألفاً [أي من أصحابه] قبل أن يصل إليه، وقد عُلم أنه [أي طعامُ جابر] صاعُ شعير وبهيمة".[7]
وأعجب منه وأعظم في البركة ما قصّه علينا عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما حين قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين ومائة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((هل مع أحدٍ منكم طعام؟)) فإذا مع رجل صاعٌ من طعام أو نحوُه، فعُجِن، ثم جاء رجلٌ مشرك مُشعَانٌ طويلٌ[8] بغنم يسوقها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بيعاً أم عطية؟ أو قال: هِبة؟)) فقال: لا، بل بيع، فاشترى منه شاةً، فصُنِعَت.
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بسواد البطن [أي الكبد] أن يُشوى، وأيْمُ الله ما في الثلاثين والمائة إلا قد حَزّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم حُزَّة من سواد بطنها، إن كان شاهداً أعطاه إياه، وإن كان غائباً خبّأ له، فجعل منها قصعتين، فأكلوا أجمعون، وشبعنا، فَفَضَلت القصعتان، فحملناه على البعير. [9]
قال النووي: " وفي هذا الحديث معجزتان ظاهرتان لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إحداهما: تكثيرُ سوادِ البطن حتى وسِع هذا العدد، والأخرى تكثير الصاع ولحم الشاة حتى أشبعهم أجمعين ، وفَضَلَت منه فَضْلةً حملوها لعدم حاجة أحد إليها".[10]
وأدرك أبو هريرة رضيى الله عنه ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم من البركة، فطمع أن ينال حظه منها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بتمرات فقال: يا رسول الله، ادع الله لي فيهن بالبركة، قال: فصَفّهن بين يديه، ثم دعا، فقال لي: ((اجعلهن في مِزْود [وعاء]، وأدخل يدك ولا تَنثُرْه)) قال: فحملت منه كذا وكذا وسْقاً في سبيل الله، ونأكل ونطعِم، وكان لا يفارق حقوي [أي معْقِدَ الإزار].
فلما قُتل عثمان رضي الله عنه انقطع المِزود عن حقويّ، فسقط. [11]
لقد بقي رضيى الله عنه يأكل من الجراب زُهاء خمس وعشرين سنة، كل ذلك ببركة النبي صلى الله عليه وسلم ، ليكونَ شاهداً آخرَ على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.
ولهذا ولغيره لما أورد القاضي عياض أحاديثَ بركات النبي صلى الله عليه وسلم من تكثير الطعام وبركة الدعاء قال: "وقد اجتمع على معنى حديثِ هذا الفصلِ بضعةَ عشر من الصحابة، رواه عنهم أضعافُهم من التابعين، ثم من لا ينعدُّ بَعدَهم، وأكثرها في قصصٍ مشهورة ومجامعٍ مشهودة، ولا يمكن التحدّث عنها إلا بالحق، ولا يسكت الحاضرُ لها على ما أُنكِر منها".[12]
وهكذا فإنه يرى هذه الأخبار منقولةً بطريق أشبه التواتر، فقد شهد كلَّ واحدة منها الكثيرون من الصحابة وغيرِهم، فلم يعارِض أحدٌ رواتَها، وهم يروون هذه الأخبار لشهرتها وصدقها.
ويخرج سلَمةَ بنِ الأكوع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فيصيبهم جَهدٌ، حتى همّوا بنحر بعض إبِلِهِم، يقول سلمة: فأمر نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فجمعنا مزاوِدَنا، فبسطنا له نِطَعاً، فاجتمع زاد القوم على النِطَع.
قال سلمة: فتطاولتُ لأَحزِرَه كم هو؟ فحَزرْتُه كرَبضة العنْز[13] ، ونحن أربعَ عشرةَ مائة، قال: فأكلنا حتى شبعنا جميعاً، ثم حشونا جُرُبَنا، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ((فهل من وضوء؟)) قال: فجاء رجلٌ بإدَاوةٍ له، فيها نُطفَة [أي القليل من الماء]، فأفرغها في قَدَح، فتوضأْنا كلُنا. [14]
قال النووي: " وفي هذا الحديث: معجزتان ظاهرتان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهما: تكثيرُ الطعام، وتكثير الماء هذه الكثرةَ الظاهرة، قال المازِرِي: في تحقيق المعجزة في هذا، أنه كلما أُكِل منه جزءٌ أو شُرِب جزء، خلق الله تعالى جزءاً آخر يخلُفُه ".[15]
ومن أخبار بركاته صلى الله عليه وسلم المتكاثرة المتواترة في معناها، ما يرويه أبو هريرة ، فلنستمع إليه وهو يقول: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير، قال: فنفِدَت أزواد القوم، حتى هَمّوا بنحر بعضِ حمائلهم. فقال عمر: يا رسول الله، لو جمعتَ ما بقي من أزواد القـوم، فدعوتَ اللهَ عليها.
قال أبو هريرة: ففعل .. فدعا عليها، حتى ملأ القومُ أزْوِدَتهم. فقال صلى الله عليه وسلم عند ذلك: ((أشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبدٌ غيرَ شاك فيهِما، إلا دخل الجنة)).[16]
لقد بارك الله فيما تبقى من أزوادهم، فكَثُر قليلُ طعامهم ببركة النبي صلى الله عليه وسلم ، قال النووي: "وفي هذا الحديث عَلم من أعلام النبوة الظاهرة، وما أكثرَ نظائره التي يزيد مجموعها على شرط التواتر، ويحصل العلم القطعي، وقد جمعها العلماء، وصنفوا فيها كتباً مشهورة".[17]
وفي دليل آخر من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم يروي الشيخان في الصحيحين أن أبا طلحة دخل ذات يوم على زوجه أمِ سُلَيم، فقال لها: لقد سمعتُ صوتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفاً أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء؟ قالت: نعم.
قال أنس: فأخرجتْ [أي أمَّه أُم سُليم] أقراصاً من شعير، ثم أخرجت خماراً لها، فلفّتِ الخبز ببعضه، ثم دسّته تحت يدي، ولاثتني ببعضه [أي لفتني ببعضه]، ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فذهبتُ به، فوجدتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ومعه الناس، فقُمتُ عليهم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: آرسلكَ أبو طلحة [أي: هل أرسلكَ أبو طلحة]؟ فقلت: نعم. قال: بطعام؟ فقلت: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه: قوموا.
قال أنس: فانطلق وانطلقتُ بين أيديهم، حتى جئت أبا طلحة فأخبرتُه، فقال أبو طلحة: يا أم سُليم، قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، وليس عندنا ما نطعِمُهم. فقالت: الله ورسولُه أعلم.
فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحةَ معه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلُمي يا أم سُليم، ما عندك؟
فأتت بذلك الخبز، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففُتَّ، وعَصرت أُمُّ سليمٍ عُكَّةً [قربةً فيها سمنٌ] فأَدَمَتْه [أي جعلتْه إداماً]، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ما شاء الله أن يقول [أي من دعاء الله بالبركة].
ثم قال عليه الصلاة والسلام: ((ائذن لعشرةٍ))، فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: ((ائذن لعشرة)). فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا .. [وهكذا] فأكل القوم كلُّهم وشبعوا، والقوم سبعون أو ثمانون رجلاً. [18]
قال النووي: "قوله صلى الله عليه وسلم: (( آرسلك أبو طلحة؟)) وقوله: ((ألطعامٍ؟)) هذان عَلَمان من أعلام النبوة [أي لإخباره صلى الله عليه وسلم بما غاب عنه], وذهابُه صلى الله عليه وسلم بهم علَم ثالثٌ [أي لعلمه صلى الله عليه وسلم بحصول البركة] , وتكثيرُ الطعام عَلَم رابع ".[19]
وهذه القصة وأمثالُها حضرها الجمع من الصحابة، ولا يمكن الكذب في مثل هذه الأخبار لكثرةِ شهودها وظهورِ خبرها بين الناس.
قال النووي: " إذا روى الصحابي مثل هذا الأمر العجيب, وأحال على حضوره فيه مع سائر الصحابة, وهم يسمعون روايته ودعواه, أو بلَغهم ذلك ولا ينكرون عليه, كان ذلك تصديقاً له يوجب العلم بصحة ما قال".[20]
وذات مرة كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في سفر ، فاشتكى إليه الناس من العطش، فنزل، فدعا اثنين من أصحابه، فقال: ((اذهبا فابتغيا الماء))، فانطلقا، فتَلقيا امرأةً بين مزادتين من ماء، على بعير لها .. فاستنزلوها عن بعيرها، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم بإناء، ففرَّغَ فيه من أفواهِ المزادتين، وأوْكأ أفواهَهما .. ونُودي في الناس: اسقوا واستقوا، فسقى من شاء، واستقى من شاء.
وأما المرأةُ صاحبةُ المزادتين، فكانت قائمةً تنظر إلى ما يُفعل بمائها، وأيم الله لقد أقلع عنها، وإنه ليُخيَّل إلينا أنها أشدُ مِلأَة منها حين ابتدأ فيها.
وأراد النبي صلى الله عليه وسلم تطييب خاطرها، فقال: ((اجمعوا لها من بين عجوة ودقِيقَة وسَويقَة)) حتى جمعوا لها طعاماً، فجعلوها في ثوب، وحملوها على بعيرها، ووضعوا الثوب بين يديها، وقـال لها صلى الله عليه وسلم: ((تعلمين ما رَزِئْنا من مائِكِ شيئاً [أي لم نُنقِص منه شيئاً]، ولكن الله هو الذي أسقانا)).
فأتت المرأة أهلها وقد احتبست عنهم، قالوا: ما حبسك يا فلانة؟ قالت: العجبُ، لقيني رجلان، فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له: الصابئ، ففعل كذا وكذا، فواللهِ إنه لأسحر الناس من بين هذه وهذه، [أي السماء والأرض] أو إنه لرسولُ الله حقاً. ثم دعت قومها للإسلام، فأسلموا. [21]
لقد استدلت المرأة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم ونبوته بما رأته من دليل باهر ومعجزة عظيمة حصلت ببركة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف لا تعجب وقد شرب القوم من مائها القليل، فكفاهم رغم كثرتهم، من غيرِ أن يَنقُص شيء من مائها.
قال ابن حجر: " وقد اشتمل ذلك على عَلمٍ عظيمٍ من أعلام النبوة ... وظاهره أن جميع ما أخذوه من الماء مما زاده الله تعالى وأوجده, وأنه لم يختلط فيه شيء من مائها في الحقيقة وإن كان في الظاهر مختلِطًا, وهذا أبدعُ وأغربُ في المعجزة .. ويُحتمل أن يكون المراد: ما نَقصْنَا من مِقدار مائِك شيئاً ".[22]
وخرج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في سفر آخر فقال: ((إنكم إنْ لا تدركوا الماء غداً تعطشوا)) ... ثم سار وسرنا هُنَيهةً، ثم نزل، فقال: ((أمعكم ماء؟)) قال أبو قتادة: قلتُ: نعم، معي ميضأة فيها شيء من ماء.
فقال صلى الله عليه وسلم: ((ائتني بها))، فأتيته بها، فقال: ((مَسُّوا منها، مَسُّوا منها))، فتوضأ القوم، وبقيتْ جُرعة، فقال صلى الله عليه وسلم: ((ازدهر بها [أي احتفظ بها] يا أبا قتادة، فإنه سيكونُ لها نبأ))...
يقول أبو قتادة: فلما اشتدت الظهيرة خرج لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، هلكنا عطشاً، تقطعت الأعناق، فقال: ((لا هُلْكَ عليكم)). ثم قال: ((يا أبا قتادة ائت بالميضأة))، فأتيتُ بها، فقال: ((اِحلِل لي غُمري)) يعني قدَحَه، فحَللتُه، فأتيتُ به، فجعل يصبُ فيه، ويسقي الناس، فازدحم الناس عليه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس أحسِنوا الملَأْ، فكُلكم سيصدُر عن رِيّ))، فشرب القوم حتى لم يبق غيري وغيرَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فصب لي، فقال: ((اشرب يا أبا قتادة)). قلت: أنت يا رسول الله. قـال: ((إن ساقيَ القومِ آخرُهم))، فشربتُ وشرِب بعدي، وبقي في الميضأة نحوٌ مما كان فيها، وهم يومَئذ ثلاثُ مائة. [23]
قال النووي: "وفي حديث أبي قتادة هذا معجزاتٌ ظاهراتٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم إحداها: إخباره بأن الميضأة سيكونُ لها نبأ، وكان كذلك. الثانيةُ: تكثيرُ الماء القليل. الثالثةُ: قوله صلى الله عليه وسلم: ((كلكم سيَرْوى)), وكان كذلك".[24]
وقد كان لأهل الصُّفة أضياف الإسلام نصيب من بركة النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد أمر أبا هريرة رضيى الله عنه أن يدعوهم، فحضروا جميعاً، ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا هِر)) قال: قلت: لبيك يا رسول الله، قال: ((خذ فأعطهم)).
قال: فأخذت القدح، فجعلت أعطيه الرجل، فيشربُ حتى يَرْوى، ثم يردُّ علَيّ القدح، فأعطيه الرجلَ، فيشربُ حتى يَرْوى، ثم يرد عليّ القدح، فيشربُ حتى يروى، ثم يردّ عليّ القدح، حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد رَويَ القومُ كلُهم.
فأخذ القدح ، فوضعه على يده، فنظر إليّ فتبسّم، فقال: ((أبا هِرّ)) قلت: لبيك يا رسول الله، قال: ((بقيتُ أنا وأنت))، قلتُ: صدقتَ يا رسول الله، قال: ((اقعد فاشرب))، فقَعَدتُ فشربتُ، فقال: ((اشرب)) فشرِبتُ، فما زال يقول: ((اشرب)) حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق، ما أجد له مسْلَكاً، قال: ((فأرني)) فأعطيته القدح، فحمِد الله وسمّى، وشرِب الفَضْلة.[25]
قال ابن حجر: "ووقع في حديث أبي هريرة الماضي في علامات النبوة أنهم كانوا سبعين، وليس المرادُ حصرَهم في هذا العدد، وإنما هي عِدَّةُ من كان موجوداً حين القصة المذكورة ... وفيه معجزة عظيمة، وقد تقدم لها نظائر في علامات النبوة من تكثير الطعام والشراب ببركته صلى الله عليه وسلم ".[26]
ويحكي لنا سمُرة رضيى الله عنه آية أخرى كثَّر الله فيها الطعام على يديه صلى الله عليه وسلم ، فيقول: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أُتي بقصعة فيها ثريد، فأكلَ وأكل القوم: فلم يزل يتداولونها إلى قريب من الظهر: يأكل كل قوم ثم يقومون، ويجيء قوم فيتعاقبوه، فقال رجل لسمُرة: هل كانت تُمَدُّ بطعام؟ قال: (أما من الأرض فلا، إلا أن تكون كانت تُمَد من السماء). [27]
قال المباركفوري: " لا تكون كثرةُ الطعام فيها إلا من عالم العَلاء بنزول البركة فيها من السماء".[28]
وهذا دُكَين ٍالخثعمي أتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله الطعام في رهط من قومه ، وهم أربعونَ وأربعُ مائة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمرَ بن الخطاب: ((قم فأعطهم)).
قال: يا رسـولَ الله، ما عندي إلا ما يَقيظُني والصبيةَ. [29] قال: ((قم فأعطِهم)) ، قال عمر: يا رسولَ الله سمعاً وطاعة.
قال دُكَين: فقام عمر، وقمنا معه، فصعد بنا إلى غرفةٍ له، فأخرج المفتاح من حُجزَتـِه، ففتح الباب، فإذا بالغرفة شبيه الفصيل الرابض.[30]
قال: شأنكم، فأخذ كل رجل منا حاجَته ما شاء الله. قال دُكين: ثم التفتُّ، وإني لمن آخرهم، وكأنا لم نرْزَأْ منه تمرة. [31] أي لم ينقص التمر شيئاً.
وهكذا نرى تكرار هذه الأخبار التي شهدها جموع الصحابة، فهي أصدقُ الأخبار وأوثقُها، وهي بمنزلة المتواتر المقطوع بصحته وحجيته لتكرر أفرادها.
قال النووي عن أمثال هذه المعجزات: " تواترت على المعنى كتواتُرِ جودِ حاتِمِ طيئ وحِلمِ الأحنفِ بنِ قيس, فإنه لا ينقل في ذلك قصةٌ بعينِها متواترة, ولكن تكاثرت أفرادُها بالآحاد, حتى أفاد مجموعُها تواترَ الكرمِ والحِلْم [أي لحاتم والأحنف], وكذلك تواترُ انخراقِ العادةِ للنبي صلى الله عليه وسلم بغيرِ القرآن".[32]
محمد رافع 52 12-12-2013, 09:07 PM تكثير الطعام والشراب والوضوء ببركة النبي صلى الله عليه وسلم(2)
ومن هذه الأخبار ما جاء في حديث مسلم عن جابر رضيى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر مع أصحابه، فقال: ((يا جابر ناد بوَضوء))، فقلت: ألا وَضوء؟ ألا وَضوء؟ ألا وَضوء؟
ولما لم يردَّ أحد قلتُ يا رسول الله، ما وجدتُ في الركبِ من قطْرة، وكان رجل من الأنصار يبرِّد لرسول الله صلى الله عليه وسلم الماء في أشْجابٍ له.
قال جابر: فقال لي: ((انطلق إلى فلان ابن فلان الأنصاري، فانظر هل في أشجابه من شيء؟)) فانطلقتُ إليه، فنظرت فيها، فلم أجد فيها إلا قطرة، لو أني أُفرِغُه لشرِبه يابِسه [أي يابسُ السِقاء لقلة مائه]، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إني لم أجد فيها إلا قطرة...
قال: ((اذهب، فأتني به))، فأتيته به، فأخذه بيده، فجعل يتكلم بشيء لا أدري ما هو ويغمزه بيديه، ثم أعطانيه فقال: ((يا جابر نادِ بجفْنَة)) [وهي إناء كبير] ... فأُتيتُ بها تُحمل، فوضعتُها بين يديه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده [أي وضعها] في الجفنَة هكذا، فبسطها، وفرق بين أصابعه، ثم وضعها في قعر الجفنة.
وقال: ((خذ يا جابر، فصُب عليَّ [أي قطرة الماء التي وجدتها عند الأنصاري]، وقل: باسم الله))، فصببتُ عليه، وقلت: باسم الله.
فرأيت الماء يفور من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم فارت الجفنة [بالماء]، ودارت حتى امتلأت فقال: ((يا جابر، ناد من كان له حاجةٌ بماء)) قال: فأتى الناس، فاستقوا حتى رووا.
فقلتُ: هل بقي أحدٌ له حاجة؟ فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الجفنة وهي ملأَى.[33]
قال الـمُزني: "نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم أبلغ في المعجزة من نبعَةِ الماء من الحجر حيث ضربه موسى عليه السلام بالعصا، فتفجرت منه المياه، لأن خروج الماء من الحجارة معهود، بخلاف خروجه من بين اللحم والدم ".
وصدق القائل:
وإن كان موسى أنبع الما من العصا فمن كفه قد أصبح الماء يطفح
وقال القرطبي: "هذه المعجزة تكررت من النبي صلى الله عليه وسلم مرات عديدة في مشاهد عظيمة، وجموع كثيرة، بلغتنا بطرقٍ صحيحة من رواية أنس، وعبد الله بن مسعود، وجابر، وعمران بن حصين، وغيرهم ممن يحصل بمجموع أخبارهم العلم القطعي المستفاد من التواتر المعنوي، وبهذا الطريق حصل لنا العلم بأكثر معجزاته الدالة على صدق رسالاته".[34]
وفي موقف آخر يرويه البخاري في صحيحه نزل النبي صلى الله عليه وسلم بالناس يوم الحديبية بأقصاها على ثَمَد قليلِ الماء يتبرَّضُه الناس تبرُضاً، فلم يلبث الناس حتى نزحوه، وشُكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطشُ، فانتزع سهماً من كِنانته، ثم أمرهـم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالرَّي، حتى صدروا عنه.
قال ابن حجر: " وفي هذا الفصل معجزاتٌ ظاهرة , وفيه بركةُ سلاحه وما ينسب إليه, وقد وقع نبعُ الماء من بين أصابعه في عِدة مواطن ".[35]
ولما أتى معاذ بن جبل رضيى الله عنه عين تبوك مع رسول الله ، رأى قلة مائها فوصفها، فقال: والعين مثل الشِراك تَبِضُّ [36] بشيء من ماء، فجعل الصحابة يغرفون بأيديهم من العين قليلاً قليلاً حتى اجتمع لهم شيء من مائها.
قال معاذ: وغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يديه ووجهه، ثم أعاده فيها، فجرت العين بماء منهمر - أو قال: غزير - حتى استقى الناس.
فقال له عليه الصلاة والسلام: ((يوشك يا معاذ - إن طالت بك حياة - أن ترى ما ها هنا قد ملئ جناناً)).[37]
وفي هذا الخبر دليلان من دلائل النبوة: أولهما: تفجر العين ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر: إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بما نراه اليوم من وفرة المياه واتساع الرقعة الخضراء في منطقة تبوك.
وبعض بركة النبي صلى الله عليه وسلم استمر دهراً طويلاً بعد وفاته ، ومن ذلك ما ترويه عائشة رضي الله عنها بقولها: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما في بيتي من شيء يأكله ذو كبد إلا شطرُ شعيرٍ في رفٍّ لي، فأكلتُ منه حتى طال عليَّ، فكِلْتُه ففني.[38]
ومثل هذا الخبر يحكيه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وفيه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستطعمه، فأطعمه شطر وسق شعير، فما زال الرجل يأكل منه وامرأته وضيفَهما حتى كاله، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: لو لم تكِلْه لأكلتم منه، ولقام لكم.[39]
وروى مسلم أيضاً مثلَ هذا الخبر في قصة أم مالك، وكانت تهدي سمناً للنبي صلى الله عليه وسلم في عُكّة لها، فيأتيها بَنوها، فيسألون الأُدْم [أي ما يؤتدَم به الخبز، وهو ما يسمى في أيامنا إداماً]، وليس عندهم شيء، فتعمد إلى الذي كانت تهدي فيه للنبي صلى الله عليه وسلم ، فتجد فيه سمناً، فما زال يقيم لها أُدْمَ بيتِها حتى عصرَته، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((عصرتيها؟)) قالت: نعم قال: ((لو تركتيها ما زال قائماً)).[40]
قال النووي: " قوله صلى الله عليه وسلم: ((لو تركتيها ما زال قائماً)) أي موجوداً حاضراً" .
ثم بيّنَ رحمه الله سبب فناء سمنِ العُكّة والشعير حين عُصِرت أو كِيل ، فقال: "الحكمة في ذلك أن عصرَها وكَيْلَه مضادةٌ للتسليم والتوكل على رزق الله تعالى, ويتضمن التدبيرَ, والأخذَ بالحول والقوة, وتكلُفَ الإحاطةِ بأسرار حِكم الله تعالى وفضله , فعوقب فاعِلُه بزواله".[41] أي كأنه خرج من التسليم لقدرة الله وعظيمِ فِعله، إلى الطمع في معرفة سبب أرضي ومادي له، فانقطع لذلك.
وكما ظهرت بركة النبي صلى الله عليه وسلم في الطعام والشراب؛ فإنها ظهرت في تكثيره لماء الوضوء حين احتاج الصحابة إليه، يقول أنس رضيى الله عنه: (رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاةُ العصر، فالتمس الناسُ الوَضُوءَ، فلم يجدوه، فأُتي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بوَضوءٍ، فوضع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الإناءِ يدَه، وأمر الناس أن يتوضؤوا منه، قال أنس: فرأيتُ الماء ينبع من تحت أصابعه، حتى توضؤوا من عندِ آخرهم). [42]
وفي رواية لأحمد من حديث ابن مسعود أنه قال: ((فرأيتُ الماءَ يتفجرُ من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: ((حي على الوَضُوء، والبركةُ من الله)).
قال جابر: كنا ألفاً وخمسَ مائة. [43]
قال الطيبي: "وإنما طلب فَضْلةً من الماء كيلا يُظَنَّ أنه صلى الله عليه وسلم مُوجِد الماء، فإن الإيجاد إليه سبحانه، وإليه أشار بقوله صلى الله عليه وسلم: ((والبركةُ من الله)) أي أن هذا الذي رأيتم من زيادة الماء أيضاً ليس مني، إنما هو بركةٌ من الله تعالى وفضل".[44] إنه دليلٌ آخرُ من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم.
ويروي الشيخان عن أنسِ بنِ مالكٍ شاهداً آخر من شواهد نبوته ودلائل رسالته، فيقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالزَوراء، والزَوراء موضع في المدينة.
قال أنس: فدعا صلى الله عليه وسلم بقدحٍ فيه ماء، فوضع كفّه فيه، فجعل ينبُع من بين أصابعه، فتوضأ جميع أصحابه، قال قتادة: كم كانوا يا أبا حمزة؟ فقال أنس: كانوا زُهاء الثلاثِ مائة.[45]
قال القاضي عياض: "هذه القصة رواها الثقاتُ من العدد الكثير عن الجم الغفير، عن الكافّة متصلةً بالصحابة، وكان ذلك في مواطن اجتماع الكثير منهم في المحافل ومَجمَع العساكر، ولم يرد عن أحد منهم إنكارٌ على راوي ذلك، فهذا النوع ملحق بالقطعي من معجزاته".[46]
وفي يوم الحديبية عطش الناس ولم يجدوا ماء للوضوء والشراب إلا قليلاً بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في رَكْوة، فتوضأ، فتسابقوا إلى الماء لقِلَّته، فقال: ((مالكم؟)) قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأُ ولا نشربُ إلا ما بين يديك.
فوضع يده صلى الله عليه وسلم في الركوة، فجعل الماء يثورُ بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا.
فسأل سالم راوي الحديث جابراً: كم كنتم؟ فقال مستنكراً: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمسَ عشرةَ مائة [أي ألفاً وخمسَ مائة]. [47]
قال القرطبي: "قضية نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم تكررت منه في عدة مواطن في مشاهدَ عظيمة، ووردت من طرق كثيرة يفيد مجموعُها العلمَ القطعيَ المستفادَ من التواتر المعنوي".[48]
وفي موضع آخر يخبرنا أنس رضيى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا ذات يوم بماء، فأُتي بقدح رَحراحٍ [أي متسعِ الفم]، فجعل القوم يتوضؤون.
ويذكر لنا أنس عدد من كفاهم هذا الماء، فيقول: (فحزِرت ما بين الستين إلى الثمانين، قال أنس: فجعلت أنظرُ إلى الماء، يَنبُعُ من بين أصابعه).[49]
قال النووي: "وأكثر العلماء أن معناه: أن الماءَ كان يخرج من نفسِ أصابعه صلى الله عليه وسلم , وينبُع من ذاتها. قالوا: وهو أعظم في المعجزة من نبعه من حجرٍ ... يُحتَمل أن الله كثّرَ الماء في ذاته, فصار يفور من بين أصابعه، لا من نفسِها, وكلاهما معجزةٌ ظاهرة, وآية باهرة ".[50]
وروى الحاكم عن قيس بن النعمان قال: لما انطلق النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في الهجرة مستخْفيين من مكة؛ مرا بعبد يرعى غنماً، فاستسقَياه من اللبن، فقال: ما عندي شاة تُحلب غير أن ههنا عَناقاً حَملت أول الشتاء، وقد أخدجَت [أي أسقطت ولم تكمل حملها]، وما بقي لها لبن.
فقال صلى الله عليه وسلم: ((ادعُ بها))، فدعا بها، فاعتقلها النبي صلى الله عليه وسلم، ومسح ضَرعها، ودعا حتى أنزلت (اللَبن) قال: فحلب صلى الله عليه وسلم، فسقى أبا بكر، ثم حلب، فسقى الراعي، ثم حلب فشرب.
فقـال الراعي: بالله من أنت؟ والله ما رأيتُ مثلَك قط؟ قال: ((أوَ تُراكَ تكتُم عليَّ حتى أخبرْك؟)) قال: نعم. قال: ((فإني محمد رسول الله)) فقال: أنتَ الذي تزعم قريش أنه صابئ؟ قال: إنهم ليقولون ذلك.
قال: فأشهدُ أنك نبي، وأشهد أن ما جئتَ به حق، إنه لا يفعلُ ما فعلتَ إلا نبي، وأنا متبعُك. قال: ((إنك لا تستطيع ذلك اليوم. فإذا بلغك أني قد ظهرتُ فأْتِنا)).[51]
وروى الإمام أحمد في مسنده مثلَه عن ابن مسعود قال: كنت أرعى غنماً لعقبة بن أبي مُعيط، فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر فقال: ((يا غلام هل من لبن؟)) قال: قلت: نعم، ولكني مؤتمن. قال: ((فهل من شاة لم ينزُ عليها الفحل؟)) فأتيته بشاة فمسح ضروعها، فنزل لبنٌ، فحلبه في إناء، فشرب وسقى أبا بكر، ثم قال للضرع: ((اقلِص))، فقلَص.
قال ابن مسعود: ثم أتيته بعد هذا، فقلت: يا رسول الله، علمني من هذا القول. قال: فمسح رأسي، وقال: ((يرحمك الله، فإنك غُليم مُعلَّم)).[52]
قال أبو المحاسن الحنفي: "سأله شاة لم يصبها فحل، ليريه في ذلك آيةً معجزة تقوم له بها الحجة عليه وعلى غيره، وفي ذلك منفعة لصاحب الشاة بتلبين ضرعها، فلم يكن له في اللبن حق، لأن الله تعالى جعله في ضرعها حينئذ ... فلذلك شربه صلى الله عليه وسلم وسقاه أبا بكر".[53]
ومن دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم وأخبار بركته ما يذكره بُريدة رضيى الله عنه ، وهو يحكي خبر عِتاق سلمان من سيده اليهودي، حيث شرط اليهودي لعتاقه أن يغرس نخلاً، فيعملَ سلمان فيها حتى يَطْعَم النخلُ.
قال بُريدة: فغرس رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل إلا نخلةً واحدةً غرسها عمر، فحملتِ النخل من عامها، ولم تحمل النخلة [أي التي زرعها عمر] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما شأن هذه؟)) قال عمر: أنا غرستُها يا رسولَ الله. فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم غرسها، فحملت من عامها.[54]
والمعلوم عند الزُّراع أن النخل لا يثمر إلا بعد غرسه بمدة طويلة، وحملُ النخل في سنة غِراسه معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم ودليل باهر من دلائل نبوته، إذ تم ذلك ببركة الله لهذا النبي العظيم.
وهكذا فهذه الأخبار المتكاثرة تشهد ببَركة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه البَركة ليست موروثاً يحمله الأحفاد عن الأجداد ، ولا علماً يتلقاه المرء بالكد والاجتهاد، إنه عطيةُ الله وبركتُه يؤتيها من شاء، فلِمَ أعطاها محمداً صلى الله عليه وسلم إنْ لم يكن لنبوتِه ورسالتِه؟
[1] شرح النووي (13/215).
[2] أي عرض على المدينين أن يعطيَهم تمر بستانه قضاءً لدين أبيه، فأبوا لأنهم رأوه أقلَ من ديونهم.
[3] المربد هو الموضع الذي يجفف فيه التمر. انظر: فتح الباري (7/289).
[4] رواه البخاري ح (2709)، ومسلم ح (2039).
[5] فتح الباري (6/688).
[6] رواه البخاري ح (4102)، ومسلم ح (2039)، واللفظ له.
[7] شرح النووي (13/217).
[8] أي طويل جداً شعث الرأس.
[9] رواه البخاري ح (2618)، ومسلم ح (2056).
[10] شرح النووي على صحيح مسلم (14/17).
[11] رواه أحمد ح (8414)، والترمذي ح (3839) وحسّنه الألباني في صحيح الترمذي ح (3015).
[12] الشفا بتعريف حقوق المصطفى (1/289).
[13] أي كان مقدار ما لديهم من الزاد بما يغطي موضعَ جلوسِ عنْزة.
[14] رواه مسلم ح (1729).
[15] شرح النووي على صحيح مسلم (12/34-35).
[16] رواه مسلم ح (27).
[17] شرح النووي على صحيح مسلم (1/224).
[18] رواه البخاري ح (3578)، ومسلم ح (2040).
[19] شرح النووي على صحيح مسلم (13/219).
[20] شرح النووي على صحيح مسلم (12/35).
[21] رواه البخاري ح (344)، ومسلم ح (682).
[22] فتح الباري (1/540).
[23] رواه مسلم ح (681).
[24] شرح النووي على صحيح مسلم (5/189).
[25] رواه البخاري ح (6452).
[26] فتح الباري (11/292-294).
[27] رواه أحمد في مسنده ح (19622)، الترمذي ح (3625)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ح (2866).
[28] تحفة الأحوذي (10/70).
[29] أي: يكفيني شهورَ القيظِ، وهو الصيف.
[30] أي: كميةٌ من التمر أشبهتِ الجمل الصغير.
[31] رواه أحمد ح (17126)، وابن حبان في صحيحه ح (6528).
[32] شرح النووي على صحيح مسلم (12/35).
[33] رواه مسلم ح (3014).
[34] المفهِم لما أُشكل من تلخيص كتاب مسلم (6/52-53)، وانظر: شرح النووي على صحيح مسلم (15/38).
[35] فتح الباري (5/397).
[36] أي تسيل كالخيط الذي يربط به النعل، لقلة مائها.
[37] رواه مسلم ح (706).
[38] رواه البخاري ح (3097)، ومسلم ح (2973).
[39] رواه مسلم ح (2281).
[40] رواه مسلم ح (2380).
[41] شرح النووي على صحيح مسلم (15/42).
[42] رواه البخاري ح (169)، ومسلم ح (2279).
[43] رواه أحمد ح (3797).
[44] شرح المشكاة (11/140).
[45] رواه البخاري ح (3572)، ومسلم ح (2279).
[46] فتح الباري (6/676).
[47] رواه البخاري ح (3383).
[48] فتح الباري (6/676).
[49] رواه البخاري ح (197)، ومسلم ح (2279)، واللفظ له.
[50] شرح النووي على صحيح مسلم (15/38-39).
[51] رواه الحاكم في مستدركه (3/9). والطبراني في المعجم الكبير ح (847) قال الهيثمي: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح" . مجمع الزوائد (8/548).
[52] رواه الأصبهاني في دلائله ح (38)، وابن حبان في صحيحه ح (7061).
[53] معتصر المختصر (1/367)
[54] رواه أحمد ح (22448)، والحاكم في مستدركه (2/20)، وصححه، ووافقه الذهبي على تصحيحه.
د. منقذ بن محمود السقار
محمد رافع 52 14-12-2013, 09:54 AM شفاء المرضى بنفْثِه وريقه صلى الله عليه وسلم
لما أرسل الله نبيَّه وكلمته المسيحَ عليه السلام، آتاه من الآيات ما يقيم به الحجة على بني إسرائيل، ومن ذلك إبراء الله الأكمه والأبرص على يديه ]وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيراً بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني [ (المائدة: 110)، فكان برهاناً ساطعاً ودليلاً قاطعاً عند قومه على نبوته صلى الله عليه وسلم.
وكذلك أيد الله خاتم أنبيائه وعظيم رسله بمثل هذا الدليل والبرهان ، حين شفى على يديه بعضاً من أصحابه.
من ذلك أنه صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: ((لأعطين هذه الراية رجلاً يفتح الله على يديه، يحبُ اللهَ ورسولَه، ويحبُه اللهُ ورسولُه))، قال: فبات الناس يدوكون [أي يتحدثون] ليلتهم أيهم يعطاها، قال: فلما أصبح الناس غَدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجوا أن يُعطاها.
فقال عليه الصلاة والسلام: ((أين عليُ بنُ أبي طالب؟)) فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، فقال: ((فأرسلوا إليه))، فأُتي به رضيى الله عنه، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه، ودعا له فبرأ، حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية.[1]
وفي رواية لابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم تفل في عينيه وقال: ((اللهم أذهب عنه الحر والبرد)). قال علي: فما وجدتُ حراً ولا برداً بعد يومِئذ ، وكان أصحابه ربما رأوه يلبس ثياب الصيف في الشتاء، وثياب الشتاء في الصيف.[2]
قال الشوكاني: "فيه معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم ".[3]
وقبل أن يغادر النبي صلى الله عليه وسلم أرض خيبر حقق آية أخرى تدل على نبوته ورسالته، فقد شفى الله بنفثه ساق سلمة بن الأكوع الذي أصيب في الغزوة، يقول يزيد بن أبي عُبيد: رأيت أثرَ ضربةٍ في ساق سلمة، فقلت: يا أبا مسلم، ما هذه الضربة؟ فقال: هذه ضربة أصابتني يوم خيبر، فقال الناس: أُصيب سلمة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فنفث فيه ثلاث نَفَثات، فما اشتكيتُها حتى الساعة.[4]
إن الجموع التي رأت ساق سلمة مضرجة بدمائها، ثم رأوه لا يشتكي منها ألماً ولا وجعاً ببركة ريق النبي صلى الله عليه وسلم ونفثه عليها، إن هذه الجموع لا يسعها أمام هذه المعجزة الباهرة إلا أن تشهد للنبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة والرسالة، إذ مثل هذا لا يقدر عليه بشر، إنه دليل من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم.
ويرسل النبي صلى الله عليه وسلم عبدَ الله بن عتيك ورجالاً من الأنصار لردع سلّامِ بنِ أبي الحُقَيق، وبينما هو راجع في الطريق وقع، فانكسرت ساقه، فعصبها بعمامة.
ولنستمع إليه وهو يقص علينا الخبر، فيقول: فانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((ابسط رجلك))، فبسطت رجلي، فمسحها، فكأنها لم أشتكِها قطّ.[5]
لقد تكرر ذلك منه صلى الله عليه وسلم مراراً وعلى مرأى من الصحابة الكرام، يقول بريدة رضيى الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تفل في رجل عمرو بن معاذ حين قُطِعت رجله فبرأ. [6] فهل كان هذا فناً من فنون الطب أم معجزة وبرهاناً من براهين نبوته صلى الله عليه وسلم؟
ويروي الإمام أحمدُ عن أمُ جُندُب أنها رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي جمرة العقبة .. فأتته امرأة خثعمية بابْن لها فقالت: يا رسول الله، إن ابني هذا ذاهب العقل، فادع الله له. قال لها: ((ائتيني بماء)).
فأتته بماء في تَورٍ من حجارة، فتفل فيه، وغسل وجهه، ثم دعا فيه، ثم قال: ((اذهبي، فاغسليه به، واستشفي الله عز وجل)).
قالت أم جُندب: فقلت لها: هَبِي لي منه قليلاً لابني هذا، فأخذت منه قليلاً بأصابعي، فمسحتُ بها شِقَّة ابني، فكان من أبر الناس.
فسألتُ المرأة بعد: ما فعل ابنها؟ قالت: برِئ أحسن بَرء.[7]
وفي الحديث معجزة عظيمة له صلى الله عليه وسلم، بل معجزتان: إحداهما شفاء ابن الخثعمية ببركة مجّة النبي صلى الله عليه وسلم في الماء الذي غسلته أمه فيه، والأخرى: هداية ابن أم جندب بمسح أمه وجهَه ببعض هذا الماء.
وتحدِّثُ أم جميل ابنها محمدَ بن حاطب عن خبر حدث له إبّان طفولته، فقد أقبلت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد انكفأت قدر تغلي على ذراعه، تقول أم جميل: فأتيتُ بك النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله، هذا محمد بن حاطب، فتفل في فيك، ومسح على رأسك، ودعا لك، وجعل يتفُل على يديك ويقول: ((أذهب البأس رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً)) فقالت: فما قمتُ بك من عنده حتى برِأَت يدك. [8]
وهكذا فإن الله الشافي قدر الشفاء لكثيرين ، وجعل نفثه صلى الله عليه وسلم وريقه سبباً في ذلك ، ليكون برهاناً آخر من براهين نبوته صلى الله عليه وسلم.
[1] رواه البخاري ح (3701)، ومسلم ح (2407).
[2] رواه أحمد في مسنده ح (780)، وابن ماجه ح (117)، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (114).
[3] نيل الأوطار (8/55).
[4] رواه البخاري ح (4206).
[5] رواه البخاري ح (4039).
[6] رواه ابن حبان ح (2146)، وصححه الألباني في الصحيحة ح (2940).
[7] رواه أحمد في المسند ح (26590).
[8] رواه أحمد في المسند ح (15027)
د. منقذ بن محمود السقار
محمد رافع 52 14-12-2013, 10:09 AM استجابة الله دعاءه صلى الله عليه وسلم
ومن باهر ما يدل على النبوة إجابة الله دعاء النبي حين يدعوه، فإذا ما رفع نبي الله يديه داعياً ربه ومولاه ؛ قبِل الله دعاءه وأجابه، وتكرارُ ذلك وديمومتُه دليل على صدقه، لأن الله لا يؤيد كاذباً ولادعياً يدعي عليه الكذب ، فالكاذب من أظلم الناس وأبعدِهِم عن الله ] فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون [ (يونس: 17).
وهكذا؛ فإن الله لا يؤيد بتأييده الكاذب الذي يلجأ إليه، بل يهلِكُه ويفضَحُه، كما قال موسى مخاطباً سحرة فرعون: }ويلكم لا تفتروا على اللّه كذبًا فيُسحِتَكم بعذابٍ وقد خاب من افترى { (طه: 61).
فالمفترون على الله لا يؤيدهم الله بعونه، ولا يمدهم بمدده، قال تعالى: } قل إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون { (يونس: 69) ، وقال: } إنّ اللّه لا يهدي من هُو كاذبٌ كفّارٌ { (الزمر: 3).
لكن النبي صلى الله عليه وسلم ما خاب ولا خسر، بل هُدي وأفلح في كل صعيد، فدينُه أعظمُ الأديان في الأرض وأكثرُها - بحمد الله - انتشاراً.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومعلوم أن من عوّده الله إجابة دعائه، لا يكون إلا مع صلاحه ودينه، ومن ادّعى النبوة، لا يكون إلا من أبرّ الناس إن كان صادقاً، أو من أفجرهم إن كان كاذباً، وإذا عوّده الله إجابة دعائه، لم يكن فاجراً، بل برّاً، وإذا لم يكن مع دعوى النبوة إلا برّاً، تعيّن أن يكون نبياً صادقاً، فإن هذا يمتنع أن يتعمّد الكذب، ويمتنع أن يكون ضالاً يظن أنه نبي".[1]
وقد وقعت هذه الآية البينة لنبينا صلى الله عليه وسلم، فأجاب الله دعاءه صلى الله عليه وسلم في مواطن كثيرة، كل منها دليل من دلائل النبوة الشاهدة على صدقه صلى الله عليه وسلم .
ونبدأ بسنة جدبة أصابت الناس؛ وقف النبي صلى الله عليه وسلم فيها على المنبر يخطب الجمعة ، فقام أعرابي فقال: يا رسول الله، هلك المال, وجاع العيال، فادع الله لنا.
يقول أنس بن مالك: فرفع يديه، وما نرى في السماء قزْعة [أي قطعة من السحاب]، فوالذي نفسي بيده ما وضعهما حتى ثار السحاب أمثال الجبال, ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم , فمُطرنا يومنا ذلك ومن الغد، وبعد الغد، والذي يليه، حتى الجمُعَة الأخرى.
وفي الجمعة الأخرى قام ذلك الأعرابي، أو قال: غيره، فقال: يا رسول الله، تهدم البناء، وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع يديه فقال: ((اللهم حوالينا ولا علينا)).
يقول أنس: فما يشير بيده إلى ناحيةٍ من السحاب إلا انفرجت، وصارت المدينة مثل الجَوْبة ، وسال الوادي قناة [2] شهراً، ولم يجىء أحدٌ من ناحيةٍ إلا حدّث بالجُوْد".[3]
لقد نزل المطر بدعائه صلى الله عليه وسلم واستمر أسبوعاً ، ثم توقف بدعائه صلى الله عليه وسلم بعد أسبوع من هطوله، كما انفرجت السحابة عن المدينة لقوله: ((اللهم حوالينا ولا علينا))، ، أليس ذلك كلُه من أمارات نبوته وعلامات صدقه؟
قال النووي: "ومراده بهذا؛ الإخبار عن معجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعظيم كرامته على ربه سبحانه وتعالى، بإنزال المطر سبعة أيام متوالية متصلاً بسؤاله من غير تقديم سحاب ولا قزَع، ولا سببٍ آخر، لا ظاهرٍ ولا باطن".[4]
وقال ابن حجر: "وفيه عَلَمٌ من أعلام النبوة في إجابة الله دعاء نبيه عليه الصلاة والسلام عقِبه أو معَه، ابتداء في الاستسقاء، وانتهاء في الاستصحاء، وامتثال السحاب أمره بمجرد الإشارة".[5]
وصدق من قال:
دعـا اللهَ خـالقَه دعـوة أُجيبتْ وأشخَص منه البصر
ولم يك إلا كـقلب الرداء وأسـرعَ حتى رأينـا المطر
وفي بعض الأحيان خص النبي صلى الله عليه وسلم بعضاً من أصحابه بشيء من دعائه فأجاب الله سؤله، وقبل دعاءه، ومنه دعاؤه لخادمه الوفي أنس بن مالك ، فقد كافأه النبي صلى الله عليه وسلم على خدمته له بدعوة أجابها الله تعالى، فعاش أنس مجللاً ببركتها مائة سنة.
يقول أنس رضيى الله عنه: جاءت بي أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أزّرتني بنصف خمارها، وردّتني بنصفه، فقالت: يا رسول الله، هذا أُنيس ابني، أتيتك به يخدمك، فادع الله له.
فقال: ((اللهم أكثِر مالَه وولده))، قال أنس: فوالله إن مالي لكثير، وإن ولدي ووَلَدَ وَلَدي ليتَعادُّون على نحو المائة اليوم. [6]
وفي رواية قال أنس: فما ترك خير آخرة ولا دنيا؛ إلا دعا لي به قال: ((اللهم ارزقه مالاً وولداً، وبارك له فيه)).[7]
وقد أجاب الله دعوة نبينا، يقول أنس: (فإني لمن أكثر الأنصار مالاً، وحدثتني ابنتي أمينة أنه دُفن لصُلبي مَقْدَم حجاج البصرةَ بضعٌ وعشرون ومائة).
قال ابن حجر: "وفيه التحدّث بنعم الله تعالى، وبمعجزات النبي صلى الله عليه وسلم لما في إجابة دعوته من الأمر النادر، وهو اجتماع كثرة المال مع كثرة الولد".[8]
ودعا صلى الله عليه وسلم بالبركة لعروةَ البارقي في ماله، لما أعطاه النبي ديناراً يشتري له به شاة، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار، فجاء بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب لربح فيه. [9]
وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم بارك له في صفْقة يمينه)). يقول عروة: فلقد رأيتُني أقف بكُناسة الكوفة، فأربحُ أربعينُ ألفاً قبل أن أصِل إلى أهلي". [10]
قال ابن حجر: "المقصود منه الذي يدخل في علامات النبوة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعروة فاستجيب له، حتى كان لو اشترى التراب لربح فيه".[11]
وإذا أردنا أن نعرف سر الحافظة التي أوتيها راوية الإسلام أبو هريرة، فلنستمع إليه وقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو كثرة نسيانه للحديث، فيقول: يا رسول الله، إني أسمع منك حديثاً كثيراً أنساهُ، فقال له عليه الصلاة والسلام: ((ابسط رداءك))، فبسطتُه، قال: فغرفَ بيديه، ثم قال: ((ضُمّه))، فضممتُه، فما نسيتُ شيئاً بعده. [12]
قال ابن حجر: "وفي هذا الحديث فضيلة ظاهرة لأبي هريرة، ومعجزة واضحة من علامات النبوة؛ لأن النسيان من لوازم الإنسان، وقد اعترف أبو هريرة بأنه كان يَكثُر منه، ثم تخلف عنه [أي النسيان] ببركة النبي صلى الله عليه وسلم".[13]
وثمة دعوة أخرى من رسول الله صلى الله عليه وسلم نال أبا هريرةَ خيرُها، ألا وهي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمِّه بالهداية، فقد كان يدعوها إلى الإسلام، وهي مشركة تأبى الإسلام وتصده عنه، يقول أبو هريرة: فدعوتُها يوماً، فأسمَعَتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، قلتُ: يا رسول الله، إني كنتُ أدعو أمي إلى الإسلام، فتأبى عليّ، فدعوتُها اليومَ، فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهديَ أمَّ أبي هريرة.
محمد رافع 52 14-12-2013, 10:10 AM ولم يخيب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صاحبَه الوفي، فقال: ((اللهم اهدِ أمَّ أبي هريرة))، فخرج مستبشراً فرحاً بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم ، يرجو أن تكون سبباً في إسلام أمه.
يقول: فلما جئتُ، فصِرت إلى الباب، فإذا هو مجاف، فسمعتْ أمي خَشْفَ قدميّ [أي صوت مشيي]، فقالت: مكانكَ يا أبا هريرة، وسمعتُ خضْخضَة الماء، فإذا هي تغتسل للإسلام، وتشهد بشهادة التوحيد.
قال: فرجعتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتيتُه وأنا أبكي من الفرح، فقلت: يا رسول الله أبشر، قد استجاب اللهُ دعوتك، وهدى أمَّ أبي هريرة.[14]
لقد أتى رضيى الله عنه أول النهار يبكي حُزناً على تمنُّعِ أمِّه عن الإسلام وسِباِبها للنبي صلى الله عليه وسلم ، فما لبِث أن عاد يبكي فرَحاً بإسلامها ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم .
قال النووي: "وفيه استجابة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على الفَور بعين المسؤول، وهو من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم".[15]
وسرورُ أبي هريرة وفرحُه لم ينسياه أن يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم دعوةً ثالثة، فقال: يا رسول الله ادع الله أن يحبِّبَني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحبِّبَهم إلينا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم حبِّب عُبَيدَك هذا وأمَه إلى عبادك المؤمنين، وحبِّب إليهمْ المؤمنين)).
يقول أبو هريرة: فما خُلِق مؤمن يسمع بي ولا يراني؛ إلا أحبني.[16]
وهكذا فحبُ المؤمنين في كل عصر لراوية الإسلام العظيم أبي هريرة، هو دليل باهر وبرهان ظاهر على استجابة الله دعاء نبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم.
وأما عبدُ الله بن عباس حبرُ الأمة وتَرْجُمَانُ القرآن، فإن ما أوتيَه من العلم والحكمة كان بفضل الله الذي استجاب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له، وذلك أنه لما كان غلاماً جهز وَضُوءَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي شاكراً صنيعه: ((اللهم فقهه في الدين)).[17]
وفي مرة أخرى وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على كتِف ابن عباس وقال: ((اللهم فقهه في الدين، وعلِّمه التأويل)).[18]
وهذه الدعوة مما تحققتْ إجابةُ اللهِ النبيَ صلى الله عليه وسلم فيها، فقد شبَّ ابن عباس، فكان عمر يُجلِسه مع أكابر الصحابة يستشيره ويأخذ برأيه، على حداثة سنه، فقد فاق أقرانه، بما آتاه الله من الفقه في الدين وما علمه من محاسن التأويل، حتى صح عن ابن مسعودٍ فقيهِ الصحابة أنه قال فيه: " لو أدرك ابنُ عباس أسنانَنا؛ ما عاشره منا رجل"[19] أي لنبوغه وفقهه، وكان يقول: " نِعم تَرْجُمَانُ القرآنِ ابنُ عباس ".[20]
وكما يستجيب الله دعاء أنبيائه لأصحابهم؛ فإنه يستجيب لهم إذا دعوا على الكافرين بنبوتهم أو على العاصين من أتباعهم.
فقد أجاب الله دعاء نوح عليه السلام لما قال: }رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديّاراً * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً { (نوح: 26)،
فاستجاب الله له وأغرق الكافرين } فدعا ربه أني مغلوبٌ فانتصر * ففتحنا أبواب السماء بماءٍ منهمرٍ * وفجرنا الأرض عيوناً فالتقى الماء على أمرٍ قد قدر* وحملناه على ذات ألواحٍ ودسرٍ *تجري بأعيننا جزاءً لمن كان كفر { (القمر: 10-14).
وموسى عليه السلام ، دعا فرعونَ الطاغية إلى توحيد الله وطاعته، فأبى واستكبر، فدعا عليه: }وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالاً في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم{ (يونس: 88)، فاستجاب الله دعاءه، فغرق فرعون وملؤه، وجعل يستجدي النجاة عند الموت } حتى إذا أدركه الغرق قال آمنتُ أنه لا إله إلا الذي آمنتْ به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين { (يونس: 90).
وهكذا كان حالُ خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم ، فقد سجد صلى الله عليه وسلم ذات مرة، فوضع المشركون سَلَا الجزور وقذرَها على ظهره الشريف، وأخذوا يتضاحكون، فدعا عليهم عليه الصلاة والسلام وقال: ((اللهم عليك بقريش)) ثلاث مرّات.
يقول ابن مسعود: فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك، وخافوا دعوته.
ثم قال: ((اللهم عليك بأبي جهلِ بن هشام، وعتبةَ بنِ ربيعةَ، وشيبةَ بنِ ربيعةَ، والوليدِ بن عتبةَ، وأميةَ بنِ خلفٍ، وعقبةَ بنِ أبي مُعَيط)).
يقول ابن مسعود رضيى الله عنه: وذكر السابع ولم أحفظه، فوالذي بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، لقد رأيتُ الذين سمّى صرعى يوم بدر، ثم سُحبوا إلى القليب، قليبِ بدر. [21]
قال ابن حجر: "وهذا يحتمل أن يكون من تمام الدعاء الماضي، فيكون فيه عَلمٌ عظيم من أعلام النبوة".[22]
ولما هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ورأى إدبار قريش وإعراضهم وصدهم عن الإسلام، قال: ((اللهم سبعٌ كسبع يوسف)).
قال ابن مسعود: فأخذتهم سَنةٌ حصّت كل شيء، حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف، وينظر أحدهم إلى السماء، فيرى الدخان من الجوع.
فأتاه أبو سفيان، فقال: يا محمد، إنك تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا، فادعُ الله لهم.
وفي رواية لأحمد في مسنده أن أبا سفيان قال: أي محمد، إن قومك قد هلكوا، فادع الله عز وجل أن يكشف عنهم، قال: فدعا. ثم قال: ((اللهم إن يعودوا فعُدْ )).
ثم قرأ صلى الله عليه وسلم: ]فرتقب يوم تأتي لسَّماء بِدخانٍ مُّبين[ إلى قوله: }إنكم عائدون * يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون{ (الدخان: 10-16) قال: فالبطشةُ يومُ بدر.[23]
لقد علم كفار قريش أن رسولَ الله مجابُ الدعوة عندَ الله ، فجاؤوا يطلبون السقيا بدعائه، لأنهم علموا أن الله لا يرد نبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم } فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون { (الأنعام: 33).
واستهزأ عتيبة بن أبي لهب بالقرآن ، فكُتب مع أبويه في سجل الهالكين؛ فقد دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يموت بين أنياب السبُع، فقال: ((اللهم سلط عليه كلباً من كلابك))، فكانت دعوة نبي أجابها الله، حين خرج عتيبة في قافلة يريد الشام، فنزل منزلاً، فقال: إني أخاف دعوةَ محمد صلى الله عليه وسلم.
فحطوا متاعهم حوله، وقعدوا يحرسونه، فجاء الأسد فانتزعه، فذهب به.[24]
وفي رواية لابن عساكر أن أبا لهب قال: قد عرفت أنه لا ينفلت عن دعوة محمد.[25]
ولله درُّ حسان بن ثابت رضيى الله عنه وهو يقول:
من يُرجع العام إلى أهله فما أكيلُ السبعِ بالراجع
وقعد بُسر الأشجعي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وجلس يأكل بشماله، فلما ذكّره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأكل باليمين استكبر عن قبول الحق فقال: لا أستطيع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا استطعت، ما منعه إلا الكبر))، فما رفعها إلى فيه[26].
أي عاجلته استجابة الله ، فشُلت يمينه للتو، بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم عليه ، جزاءَ استكباره عن قبول الحق والإذعان له.
وحاقت دعوتُه صلى الله عليه وسلم أيضاً بأعرابي دخل عليه النبي يَعُوده في مرضه، فقال صلى الله عليه وسلم مواسياً: ((لا بأسَ، طهور إن شاء الله))، فأجاب الأعرابي بجواب ملؤه القنوط وسوء الظن بالله: قلتَ: طهور؟ كلاّ، بل هي حُمّى تفُور - أو تثور - على شيخ كبير، تُزيرُه القبور، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فنَعَمْ إذاً)). [27]
قال ابن حجر: "في بعض طرقه زيادة تقتضي إيراده في علامات النبوة، أخرجه الطبراني وغيره ... وفي آخره: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أما إذا أبيتَ فهي كما تقول، قضاءُ الله كائن)) فما أمسى من الغد إلا ميتاً".[28]
وهكذا؛ فإن هذه الدعوات المجابة وأمثالها دليل على رضا الله عن نبيه وتأييده له، ولو كان يتقوّل على ربه النبوة والرسالة لخذله اللهُ وأهلكه: } ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل* لأخذنا منه باليمين * ثمّ لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين[ (الحاقة:47-41).
[1] الجواب الصحيح (6/297).
[2] الجوبة: هي الحفرة المستديرة الواسعة، والمراد بها هنا الفُرجة في السحاب، ووادي القناة اسم لوادٍ مشهور من أودية المدينة. انظر فتح الباري (2/479).
[3] رواه البخاري ح (1013)، ومسلم ح (897) واللفظ له.
[4] شرح صحيح مسلم (6/192).
[5] فتح الباري (2/480).
[6] رواه البخاري ح (6344)، ومسلم ح (2481) واللفظ له.
[7] رواه البخاري ح (1982).
[8] فتح الباري (4/269).
[9] رواه البخاري ح (3443).
[10] رواه أحمد في مسنده ح (18877).
[11] فتح الباري (6/734).
[12] رواه البخاري ح (119).
[13] فتح الباري (1/260).
[14] رواه مسلم ح (2491).
[15] شرح صحيح مسلم (16/52).
[16] رواه مسلم ح (2491).
[17] رواه البخاري ح (143)، ومسلم ح (2477) واللفظ للبخاري.
[18] رواه أحمد ح (2393).
[19] رواه عبد الرزاق في المصنف ح (32219).
[20] رواه عبد الرزاق في المصنف ح (32220).
[21] رواه البخاري ح (240)، ومسلم ح (1794) واللفظ له.
[22] فتح الباري (1/419).
[23] رواه البخاري ح (1007)، ومسلم ح (2798)، وأحمد ح (4149).
[24] رواه الحاكم (2/588)، وصححه، ووافقه الذهبي، وحسنه ابن حجر في الفتح (4/39).
[25] تفسير القرآن العظيم (4/316).
[26] رواه مسلم ح (2021).
[27] رواه البخاري ح (5656).
[28] فتح الباري (6/722).
د. منقذ بن محمود السقار
محمد رافع 52 14-12-2013, 10:17 AM حماية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم
وإن من دلائل النبوة حمايةُ الله لأنبيائه، وإنجاؤه لمن شاء منهم من أيدي أعدائهم، رغم ما يتربص بهم السفهاءُ من السوء.
ولقد قال نوح عليه السلام متحدياً كفارَ قومه: } يا قوم إن كان كبُر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمرُكم عليكم غُمةً ثم اقضوا إليّ ولا تنظِرون { (يونس:71)، فلم يصلوا إليه بسوء لحماية الله له.
ومثله قول أخيه هود صلى الله عليه وسلم: }قال إني أُشهِد الله واشهدوا أني بريءٌ مما تشركون * من دونه فكيدوني جميعًا ثم لا تنظرون * إني توكلت على الله ربي وربكم { (هود: 54-56).
ولما أراد السفهاء *** إبراهيم عليه السلام، وألقوه في النار أنجاه الله منها بقدرته وفضله ]قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين * قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم * وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين [ (الأنبياء: 68-70).
وكذا كان الحال مع نبينا صلى الله عليه وسلم ، فقد أنجاه الله من المؤامرات التي واجهتْه من لدن بعثتِه عليه الصلاة والسلام، وقد أخبره الله وأنبأه بسلامتِه من كيدهم وعدوانهم ، فقال له: } يـا أيها لرسول بلِّغ ما أُنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلَّغت رسالته ولله يعصمك من لناس{ (المائدة: 67).
قال ابن كثير: "أي بلغ أنت رسالتي، وأنا حافظُك وناصرُك ومؤيدُك على أعدائك ومُظفِرُك بهم، فلا تخف ولا تحزن، فلن يصل إليك أحدُ منهم بسوء يؤذيك".[1]
تقول عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحرس حتى نزلت هذه الآية: }ولله يعصمك من لناس{ (المائدة: 67)، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسَه من القبة، فقال لهم: ((يا أيها الناس، انصرفوا عني، فقد عصمني الله)).[2]
وفي الآية دليلان من دلائل النبوة، أولهما: إخبار الله له بحفظه صلى الله عليه وسلم، وقد كان.
قال الماوردي: "فمن معجزاتِه: عصمتُه من أعدائه، وهم الجمُّ الغفير، والعددُ الكثير، وهم على أتم حَنَقٍ عليه، وأشدُّ طلبٍ لنفيه، وهو بينهم مسترسلٌ قاهر، ولهم مخالطٌ ومكاثر، ترمُقُه أبصارُهم شزراً، وترتد عنه أيديهم ذُعراً، وقد هاجر عنه أصحابه حذراً حتى استكمل مدته فيهم ثلاث عشرة سنة، ثم خرج عنهم سليماً، لم يكْلَم في نفسٍ ولا جسد، وما كان ذاك إلا بعصمةٍ إلهيةٍ وعدَه اللهُ تعالى بها فحققها، حيث يقول: }والله يعصمك من الناس{ فعَصَمَه منهم".[3]
والدليل الآخرُ في الآية من دلائل النبوة، يظهر لمن عرف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مقصوداً بال*** من أعدائه، فكان الصحابة يحرُسونه خوفاً عليه، فلما نزلت الآية صرفهم عن حراسته، ليقينه بما أنزل الله إليه، ولو كان دعياً لما غرر بنفسه، ولما عرَّض نفسَه للسوء.
وقد صدق المستشرق بارتلمي هيلر في قوله:"لما وعد الله رسوله بالحفظ بقوله: ]والله يعصمك من الناس[، صرف النبي حراسه، والمرء لا يكذب على نفسه، فلو كان لهذا القرآن مصدر غير السماء لأبقى محمد على حراسته".[4]
قال ابن تيمية مستدلاً لنبوة النبي صلى الله عليه وسلم بتأييد الله لنبيه وحفظه له ونصره لدينه: "وقد أيده تأييداً لا يؤيد به إلا الأنبياء، بل لم يؤيَد أحدٌ من الأنبياء كما أُيِّد به، كما أنه بُعث بأفضل الكتب إلى أفضل الأمم بأفضل الشرائع، وجعله سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم ، فلا يعرف قط أحد ادعى النبوة وهو كاذب؛ إلا قطع الله دابره وأذله وأظهر كذبه وفجوره.
وكل من أيده الله من المدعين للنبوة لم يكن إلا صادقاً، كما أيد نوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى وداود وسليمان، بل وأيد شعيباً وهوداً وصالحاً، فإن سنة الله أن ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وهذا هو الواقع، فمن كان لا يعلم ما يفعله الله إلا بالعادة، فهذه عادة الله وسنته يعرف بها ما يصنع، ومن كان يعلم ذلك بمقتضى حكمته؛ فإنه يعلم أنه لا يؤيد من ادعى النبوة وكذب عليه".[5]
وصور حماية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم كثيرة، منها أن قريشاً اجتمعت في الحِجر، فتعاقدوا باللاتِ والعزى ومناة الثالثةِ الأخرى ، لو قد رأينا محمداً ، قمنا إليه قيام رجل واحد، فلم نفارقْه حتى ن***َه.
فأقبلت ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها تبكي، حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: هؤلاء الملأ من قريش قد تعاقدوا عليك، لو قد رأوك لقد قاموا إليك ف***وك، فليس منهم رجل إلا قد عَرف نصيبه من دمك.
فقال: ((يا بنية، أريني وَضوءاً)) فتوضأ، ثم دخل عليهم المسجد، فلما رأوه قالوا: ها هو ذا. وخفضوا أبصارهم، وسقطت أذقانهم في صدورهم، وعقِروا في مجالسهم، فلم يرفعوا إليه بصراً، ولم يقم إليه منهم رجل.
فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قام على رؤوسهم، فأخذ قبضة من التراب، فقال: ((شاهت الوجوه)) ثم حصَبهم بها، يقول ابن عباس: فما أصاب رجلاً منهم من ذلك الحصى حصاةً إلا قُتل يوم بدر كافراً.[6]
الله أكبر، قريشٌ بخُيلائها وكِبْرِها تتعاهد على *** رجل أعزل، وتقسم على ذلك بآلهتها، ثم لا يقوم منهم واحد لتنفيذ عزمتهم، بل قام صلى الله عليه وسلم على رؤوسهم يحصِبُهم بالحصى متحدياً عجزهم، مبيناً سِفالَ أمرهم وهوانَه، وكيف لا؟ والله العظيم يؤيده ويقويه، فيقول: } والله يعصمك من الناس { (المائدة: 67).
وأما أبو جهل فرعون هذه الأمة فقد رام أيضاً *** النبي صلى الله عليه وسلم، حين أقبل يختال ذات يوم في جنبات مكة فقال: هل يعفِّر محمدٌ وجهَه بين أظهرِكم [يعني بالسجود والصلاة]؟ فقيل: نعم.
فقال: واللاتِ والعزى، لئن رأيتُه يفعلُ ذلك لأطأنَّ على رقَبَتِه، أو لأعفِّرنَّ وجهَه في التراب.
فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، زعمَ ليطأَ على رقَبَتِه، قال: فما فجِئهم منه إلا وهو ينكُص على عقبيه، ويتقي [أي يحتمي] بيديه.
فقيل له: مالك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقاً من نارٍ وهوْلاً وأجنحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو دنا مني لاختطفته الملائكةُ عُضواً عضواً)).[7]
وهذه معجزة عظيمة رآها عدو الإسلام أبو جهل، فقد رأى أجنحة ملائكة الله وهي تحمي النبي صلى الله عليه وسلم، وأيقن بأن الله حماه بجنده وعونه، لكن منعه الكِبْرُ وحبُ الزعامة والحرصُ عليها من الإذعان للحق والانقياد له، فحاله وحال غيرِه من المشركين كما قال الله: } فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون { (الأنعام: 33).
قال النووي: "ولهذا الحديث أمثلة كثيرة في عصمته صلى الله عليه وسلم من أبي جهل وغيرِه , ممّن أراد به ضرراً, قال اللّه تعالى: } واللّه يعصمك من النّاس{".[8]
وكما حمت الملائكة النبي صلى الله عليه وسلم من أبي جهل ، فقد تنزلت لحمايته يوم أُحد، حين أطبق عليه المشركون، وتفرق عنه أصحابه منهزمين، ففي الصحيحين يقول سعدُ بن أبي وقاص رضيى الله عنه: (رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شماله يوم أُحدٍ رجُلَين، عليهما ثيابٌ يَيَاض، ما رأيتهما قبلُ ولا بعد). يعني جبريلَ وميكائيلَ عليهما السلام.[9]
قال النووي: "فيه بيان كرامةِ النبي صلى الله عليه وسلم على الله تعالى، وإكرامِه إياه بإنزال الملائكة تقاتل معه، وبيانُ أن الملائكة تقاتِل، وأن قتالَهم لم يَختصَّ بيوم بدر".[10]
ولم يتوان المشركون من أقرباء النبي صلى الله عليه وسلم عن إيذائه والكيد له، ومن ذلك أنه لما نزل قوله تعالى: }تبت يدا أبى لهبٍ وتب{ (المسد: 1)، جاءت أم جميلٍ ، امرأةُ عمه أبي لهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر، فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله، إنها امرأة بذيئة، وأخاف أن تؤذيَك، فلو قُمت، قال: ((إنها لن تراني)).
فجاءت أم جميل، فقالت لأبي بكر: إن صاحبك هجاني! قال: لا، وما يقول الشعر، قالت: أنت عندي مُصَدق، وانصرفت، فقال أبو بكر: يا رسول الله، لم ترَك؟! قال: ((لا، لم يزل ملك يسترني عنها بجناحه)).[11]
وكذا أرادت قريش أن ت*** النبي صلى الله عليه وسلم مراراً قبل هجرته، لكن الله نجاه منهم وحماه، فلما عزم النبي صلى الله عليه وسلم على الخروج من مكة مهاجراً، رصدوا له على باب بيته، فخرج عليه الصلاة والسلام من بينهم، وقد أعمى الله أبصارهم عنه، فلم يروه حال خروجه.[12]
وفي هذا يقول سبحانه: } وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو ي***وك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين { (الأنفال:30)، لقد رد الله مكرهم في نحورهم ، ونجى نبيه عليه الصلاة والسلام.
وخرج صلى الله عليه وسلم من مكة مستخفياً تحوطه عناية الله، حتى وصل وصاحبُه إلى غار ثور، واختبآ فيه عن أعين المشركين الذين جدّوا بالبحث عنه حتى وصلوا إلى الغار، ووقفوا ببابه، وظن أبو بكر رضيى الله عنه الهلكة، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: لو أن أحدهم نظر إلى تحت قدميه لأبصرنا، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بلسان الواثقِ من ربه، المتوكل عليه، العالمِِِِ بأنه لا يسْلمه إلى مرام أعدائه: ((ما ظنّك يا أبا بكر باثنين الله ثالثُهما؟)).[13]
نعم فالله معه ينصره ويحميه }إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنودٍ لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هى العليا والله عزيز حكيم{ (التوبة:40).
محمد رافع 52 14-12-2013, 10:18 AM حماية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم
وإن من دلائل النبوة حمايةُ الله لأنبيائه، وإنجاؤه لمن شاء منهم من أيدي أعدائهم، رغم ما يتربص بهم السفهاءُ من السوء.
ولقد قال نوح عليه السلام متحدياً كفارَ قومه: } يا قوم إن كان كبُر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمرُكم عليكم غُمةً ثم اقضوا إليّ ولا تنظِرون { (يونس:71)، فلم يصلوا إليه بسوء لحماية الله له.
ومثله قول أخيه هود صلى الله عليه وسلم: }قال إني أُشهِد الله واشهدوا أني بريءٌ مما تشركون * من دونه فكيدوني جميعًا ثم لا تنظرون * إني توكلت على الله ربي وربكم { (هود: 54-56).
ولما أراد السفهاء *** إبراهيم عليه السلام، وألقوه في النار أنجاه الله منها بقدرته وفضله ]قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين * قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم * وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين [ (الأنبياء: 68-70).
وكذا كان الحال مع نبينا صلى الله عليه وسلم ، فقد أنجاه الله من المؤامرات التي واجهتْه من لدن بعثتِه عليه الصلاة والسلام، وقد أخبره الله وأنبأه بسلامتِه من كيدهم وعدوانهم ، فقال له: } يـا أيها لرسول بلِّغ ما أُنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلَّغت رسالته ولله يعصمك من لناس{ (المائدة: 67).
قال ابن كثير: "أي بلغ أنت رسالتي، وأنا حافظُك وناصرُك ومؤيدُك على أعدائك ومُظفِرُك بهم، فلا تخف ولا تحزن، فلن يصل إليك أحدُ منهم بسوء يؤذيك".[1]
تقول عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحرس حتى نزلت هذه الآية: }ولله يعصمك من لناس{ (المائدة: 67)، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسَه من القبة، فقال لهم: ((يا أيها الناس، انصرفوا عني، فقد عصمني الله)).[2]
وفي الآية دليلان من دلائل النبوة، أولهما: إخبار الله له بحفظه صلى الله عليه وسلم، وقد كان.
قال الماوردي: "فمن معجزاتِه: عصمتُه من أعدائه، وهم الجمُّ الغفير، والعددُ الكثير، وهم على أتم حَنَقٍ عليه، وأشدُّ طلبٍ لنفيه، وهو بينهم مسترسلٌ قاهر، ولهم مخالطٌ ومكاثر، ترمُقُه أبصارُهم شزراً، وترتد عنه أيديهم ذُعراً، وقد هاجر عنه أصحابه حذراً حتى استكمل مدته فيهم ثلاث عشرة سنة، ثم خرج عنهم سليماً، لم يكْلَم في نفسٍ ولا جسد، وما كان ذاك إلا بعصمةٍ إلهيةٍ وعدَه اللهُ تعالى بها فحققها، حيث يقول: }والله يعصمك من الناس{ فعَصَمَه منهم".[3]
والدليل الآخرُ في الآية من دلائل النبوة، يظهر لمن عرف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مقصوداً بال*** من أعدائه، فكان الصحابة يحرُسونه خوفاً عليه، فلما نزلت الآية صرفهم عن حراسته، ليقينه بما أنزل الله إليه، ولو كان دعياً لما غرر بنفسه، ولما عرَّض نفسَه للسوء.
وقد صدق المستشرق بارتلمي هيلر في قوله:"لما وعد الله رسوله بالحفظ بقوله: ]والله يعصمك من الناس[، صرف النبي حراسه، والمرء لا يكذب على نفسه، فلو كان لهذا القرآن مصدر غير السماء لأبقى محمد على حراسته".[4]
قال ابن تيمية مستدلاً لنبوة النبي صلى الله عليه وسلم بتأييد الله لنبيه وحفظه له ونصره لدينه: "وقد أيده تأييداً لا يؤيد به إلا الأنبياء، بل لم يؤيَد أحدٌ من الأنبياء كما أُيِّد به، كما أنه بُعث بأفضل الكتب إلى أفضل الأمم بأفضل الشرائع، وجعله سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم ، فلا يعرف قط أحد ادعى النبوة وهو كاذب؛ إلا قطع الله دابره وأذله وأظهر كذبه وفجوره.
وكل من أيده الله من المدعين للنبوة لم يكن إلا صادقاً، كما أيد نوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى وداود وسليمان، بل وأيد شعيباً وهوداً وصالحاً، فإن سنة الله أن ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وهذا هو الواقع، فمن كان لا يعلم ما يفعله الله إلا بالعادة، فهذه عادة الله وسنته يعرف بها ما يصنع، ومن كان يعلم ذلك بمقتضى حكمته؛ فإنه يعلم أنه لا يؤيد من ادعى النبوة وكذب عليه".[5]
وصور حماية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم كثيرة، منها أن قريشاً اجتمعت في الحِجر، فتعاقدوا باللاتِ والعزى ومناة الثالثةِ الأخرى ، لو قد رأينا محمداً ، قمنا إليه قيام رجل واحد، فلم نفارقْه حتى ن***َه.
فأقبلت ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها تبكي، حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: هؤلاء الملأ من قريش قد تعاقدوا عليك، لو قد رأوك لقد قاموا إليك ف***وك، فليس منهم رجل إلا قد عَرف نصيبه من دمك.
فقال: ((يا بنية، أريني وَضوءاً)) فتوضأ، ثم دخل عليهم المسجد، فلما رأوه قالوا: ها هو ذا. وخفضوا أبصارهم، وسقطت أذقانهم في صدورهم، وعقِروا في مجالسهم، فلم يرفعوا إليه بصراً، ولم يقم إليه منهم رجل.
فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قام على رؤوسهم، فأخذ قبضة من التراب، فقال: ((شاهت الوجوه)) ثم حصَبهم بها، يقول ابن عباس: فما أصاب رجلاً منهم من ذلك الحصى حصاةً إلا قُتل يوم بدر كافراً.[6]
الله أكبر، قريشٌ بخُيلائها وكِبْرِها تتعاهد على *** رجل أعزل، وتقسم على ذلك بآلهتها، ثم لا يقوم منهم واحد لتنفيذ عزمتهم، بل قام صلى الله عليه وسلم على رؤوسهم يحصِبُهم بالحصى متحدياً عجزهم، مبيناً سِفالَ أمرهم وهوانَه، وكيف لا؟ والله العظيم يؤيده ويقويه، فيقول: } والله يعصمك من الناس { (المائدة: 67).
وأما أبو جهل فرعون هذه الأمة فقد رام أيضاً *** النبي صلى الله عليه وسلم، حين أقبل يختال ذات يوم في جنبات مكة فقال: هل يعفِّر محمدٌ وجهَه بين أظهرِكم [يعني بالسجود والصلاة]؟ فقيل: نعم.
فقال: واللاتِ والعزى، لئن رأيتُه يفعلُ ذلك لأطأنَّ على رقَبَتِه، أو لأعفِّرنَّ وجهَه في التراب.
فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، زعمَ ليطأَ على رقَبَتِه، قال: فما فجِئهم منه إلا وهو ينكُص على عقبيه، ويتقي [أي يحتمي] بيديه.
فقيل له: مالك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقاً من نارٍ وهوْلاً وأجنحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو دنا مني لاختطفته الملائكةُ عُضواً عضواً)).[7]
وهذه معجزة عظيمة رآها عدو الإسلام أبو جهل، فقد رأى أجنحة ملائكة الله وهي تحمي النبي صلى الله عليه وسلم، وأيقن بأن الله حماه بجنده وعونه، لكن منعه الكِبْرُ وحبُ الزعامة والحرصُ عليها من الإذعان للحق والانقياد له، فحاله وحال غيرِه من المشركين كما قال الله: } فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون { (الأنعام: 33).
قال النووي: "ولهذا الحديث أمثلة كثيرة في عصمته صلى الله عليه وسلم من أبي جهل وغيرِه , ممّن أراد به ضرراً, قال اللّه تعالى: } واللّه يعصمك من النّاس{".[8]
وكما حمت الملائكة النبي صلى الله عليه وسلم من أبي جهل ، فقد تنزلت لحمايته يوم أُحد، حين أطبق عليه المشركون، وتفرق عنه أصحابه منهزمين، ففي الصحيحين يقول سعدُ بن أبي وقاص رضيى الله عنه: (رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شماله يوم أُحدٍ رجُلَين، عليهما ثيابٌ يَيَاض، ما رأيتهما قبلُ ولا بعد). يعني جبريلَ وميكائيلَ عليهما السلام.[9]
قال النووي: "فيه بيان كرامةِ النبي صلى الله عليه وسلم على الله تعالى، وإكرامِه إياه بإنزال الملائكة تقاتل معه، وبيانُ أن الملائكة تقاتِل، وأن قتالَهم لم يَختصَّ بيوم بدر".[10]
ولم يتوان المشركون من أقرباء النبي صلى الله عليه وسلم عن إيذائه والكيد له، ومن ذلك أنه لما نزل قوله تعالى: }تبت يدا أبى لهبٍ وتب{ (المسد: 1)، جاءت أم جميلٍ ، امرأةُ عمه أبي لهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر، فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله، إنها امرأة بذيئة، وأخاف أن تؤذيَك، فلو قُمت، قال: ((إنها لن تراني)).
فجاءت أم جميل، فقالت لأبي بكر: إن صاحبك هجاني! قال: لا، وما يقول الشعر، قالت: أنت عندي مُصَدق، وانصرفت، فقال أبو بكر: يا رسول الله، لم ترَك؟! قال: ((لا، لم يزل ملك يسترني عنها بجناحه)).[11]
وكذا أرادت قريش أن ت*** النبي صلى الله عليه وسلم مراراً قبل هجرته، لكن الله نجاه منهم وحماه، فلما عزم النبي صلى الله عليه وسلم على الخروج من مكة مهاجراً، رصدوا له على باب بيته، فخرج عليه الصلاة والسلام من بينهم، وقد أعمى الله أبصارهم عنه، فلم يروه حال خروجه.[12]
وفي هذا يقول سبحانه: } وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو ي***وك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين { (الأنفال:30)، لقد رد الله مكرهم في نحورهم ، ونجى نبيه عليه الصلاة والسلام.
وخرج صلى الله عليه وسلم من مكة مستخفياً تحوطه عناية الله، حتى وصل وصاحبُه إلى غار ثور، واختبآ فيه عن أعين المشركين الذين جدّوا بالبحث عنه حتى وصلوا إلى الغار، ووقفوا ببابه، وظن أبو بكر رضيى الله عنه الهلكة، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: لو أن أحدهم نظر إلى تحت قدميه لأبصرنا، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بلسان الواثقِ من ربه، المتوكل عليه، العالمِِِِ بأنه لا يسْلمه إلى مرام أعدائه: ((ما ظنّك يا أبا بكر باثنين الله ثالثُهما؟)).[13]
نعم فالله معه ينصره ويحميه }إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنودٍ لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هى العليا والله عزيز حكيم{ (التوبة:40).
محمد رافع 52 14-12-2013, 10:23 AM وهكذا نجّى النبي صلى الله عليه وسلم من بين أيديهم ، واتجه صوب المدينة المنورة من جديد، تحوطُه رعاية الله ، وتكلؤه عنايته.
أما قريش فلم تستسلم، ولم تفتر عزيمتُها في محاولة ***ِ النبي صلى الله عليه وسلم والنيلِ منه، فأرسلوا إلى قبائل العرب يضعون لهم الجوائز إن همُ ***وا النبيَ صلى الله عليه وسلم وصاحبَه، لكنهما كانا يسيران في حفظ الله ورعايته.
وجاز النبي قُديداً، فأدركه سراقة بن مالك، يقول الصديق رضيى الله عنه: وتبِعنا سراقة بن مالك، ونحن في جَلَدٍ من الأرض [أي في أرض صلبة]، فقلت: أُتينا يا رسول الله, فقال: ((لا تحزن, إن الله معنا)) فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فارتطمت فرسه إلى بطنها.
وفي رواية للبخاري يروي سراقة الخبر فيقول: (حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات - ساخت يدا فرسي في الأرض، حتى بلغتا الركبتين، فخَرَرت عنها، ثم زجرتُها فنهضتْ، فلم تكَد تُخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثَرِ يديها عُثانٌ ساطع في السماء مثل الدخان...).[14]
فقال سراقة: (إني قد علمت أنكما قد دعوتما عليّ، فادعوَا لي، فـاللهَ لكما أن أرُدّ عنكما الطلب، فدعا صلى الله عليه وسلم اللهَ فنجا، فرجع لا يلقى أحداً من الطَلَب إلا قال: قد كُفيتكم ما ها هنا، فلا يلقى أحداً إلا ردّه).[15]
قالَ أنس: (فكان أوَّل النهار جاهداً على نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وكان آخرَ النهار مَسْلَحةً له).[16]
فكان إنجاء الله نبيه من بين يدي سراقة سبباً في إسلامه وذوده عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رضيى الله عنه وهو يخاطب أبا جهل:
أبا حكمٍ والله لو كنتَ شاهداً لأمر جوادي إذ تسوخُ قوائمه
علمتَ ولم تَشْكُك بأن محمداً رسولٌ ببرهانٍ فمن ذا يقاومه[17]
ولما رجع مشركو مكة من بدر مدحورين - بقوة الله - ، أقبل عمير بن وهب حتى جلس إلى صفوان بن أمية في الحِجِر ، فقال صفوان: قبَّح اللهُ العيش بعد ***ى بدر.
فقال عمير: أجل والله ما في العيش خيرٌ بعدَهم ، ولولا دينٌ عليَّ لا أجد له قضاء، وعيالٌ لا أدع لهم شيئاً ، لرحلت إلى محمد ف***تُه إن ملأتُ عينيّ منه ، فإن لي عنده عِلّة أعتل بها عليه ، أقول: قدِمت من أجل ابني هذا الأسير.
ففرح صفوان بإقدام عمير وخُطته، ومضى يزيل عوائق تنفيذها، فقال: علي دينُك، وعيالُك أُسوةُ عيالي في النفقة ، لا يسعني شيء فأعجزُ عنهم.
فاتفقا، وحمله صفوان وجهزه، وأمر بسيف عمير فصُقل وسُمَّ ، وقال عمير لصفوان: اكتم خبري أياماً.
وقدم عمير المدينة، فنزل بباب المسجد، وعَقَل راحلته ، وأخذ السيف، وعمَد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إليه عمر وهو في نفر من الأنصار، ففزع ودخل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله لا تأمنه على شيء.
فقال صلى الله عليه وسلم: ((أدخله علي)).
فخرج عمر، فأمر أصحابه أن يدخلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحترسوا من عمير، وأقبل عمر وعمير حتى دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع عمير سيفُه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: ((تأخر عنه)).
فلما دنا عمير قال له: ((ما أقدمك يا عمير ؟)) قال :قدِمت على أسيري عندكم ، تفادونا في أسرانا، فإنكم العشيرة والأهل.
فقال صلى الله عليه وسلم: (( ما بال السيف في عنقِك؟)). فأجاب عمير: قبحها الله من سيوف ، وهل أغنت عنا شيئاً؟ إنما نسيته في عنقي حين نزلت.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اصدقني، ما أقدمك يا عمير؟)). فقال: ما قدمت إلا في طلب أسيري.
فبغته النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((فماذا شرطتَ لصفوان في الحِجر؟))، ففزع عمير وقال: ماذا شرطتُ له؟
فأجاب من علَّمه الله الخبير فقال: ((تحمّلْتَ له ب***ي؛ على أن يعول أولادَك ، ويقضيَ دَيْنَك ، واللهُ حائلٌ بينك وبين ذلك)).
فقال عمير: أشهد أنك رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله ،كنا يا رسول الله نكذبُك بالوحي وبما يأتيك من السماء، وإن هذا الحديثَ كان بيني وبين صفوان في الحِجِر لم يطلع عليه أحد، فأخبرك الله به ، فالحمد لله الذي ساقني هذا المساق.
ففرح به المسلمون، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اجلِس يا عمير نواسِك)).
وقال لأصحابه: ((علموا أخاكم القرآن))، وأطلق له أسيره ، فقال عمير: ائذن لي يا رسولَ الله ، فألحق بقريش ، فأدعوهم إلى الله وإلى الإسلام، لعل الله أن يهديَهم .. ثم قدم عمير فدعاهم إلى الإسلام، ونصحهم بجُهده ، فأسلم بسببه بشر كثير.[18]
وهكذا نجى الله نبيه وحبيبه من كيد عميرٍ وصفوان ، فلم يجدْ عميرٌ أمام هذه المعجزة الباهرة والآية القاهرة إلا أن يشهد للنبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة، وللرب الذي حماه بالوحدانية.
ومن صور حماية الله لنبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم قصة شاة اليهودية، إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى خيبر، فقدمت له يهودية من أهل خيبر شاةً مشوية مسمومة، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الذراعَ، فأكل منها، وأكل رهطٌ من أصحابه معه، ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ارفعوا أيديِكم))، وفي رواية: ((ارفعوا أيديكم، فإنها أخبرتني أنها مسمومة)).[19]
وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليهودية فدعاها، فقال لها: ((أسمَمْت هذه الشاة؟)) قالت اليهودية: من أخبرك؟ قال: ((أخبرتني هذه في يدي)). للذراع ، قالت: نعم .
قال: ((ما أردت إلى ذلك؟)) قالت: قلتُ: إن كان نبياً فلن يضرَه ، وإن لم يكن نبياً استرحنا منه . فعفا عنها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ولم يعاقبها.[20]
وفي رواية للخبر في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سألها عن ذلك ،فقالت: أردت لأ***كَ. فقال صلى الله عليه وسلم: (( ما كان الله ليسلطَكِ عليّ )).[21]
قال النووي: " قوله صلى الله عليه وسلم ((ما كان الله ليسلطك عليّ)) فيه بيانُ عصمتِه صلى الله عليه وسلم من الناس كلِّهم، كما قال الله: }ولله يعصمك من الناس{ (المائدة: 67)، وهي معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سلامته من السُّمِّ المهلِك لغيرِه، وفيه إعلامُ الله تعالى له بأنها مسمومةُ، وكلامُ عضوٍ منه له، فقد جاء في غير مسلم: ((إن الذراع تخبرني أنها مسمومة)).[22]
ويحدث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبَل نجد، فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم أدركتهم نومة القيلولة في وادٍ كثير الشجر.
يقول جابر: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق الناس ، يستظلون بالشجر، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت سمُرَةٍ، فعلق بها سيفه، فنِمنا نومةً، ثم إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا فجئناه، فإذا أعرابيٌ جالس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم، فاستيقظتُ وهو في يده صَلتاً، فقال لي: من يمنعُك مني؟ قلت: اللهُ، فها هو ذا جالس)) ثم لم يعاقبْه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية لأحمد أنه قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف فقال: من يمنعك مني؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((اللهُ عز وجل)).
فسقط السيف من يده فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من يمنعك مني؟ فقال الأعرابي: كن كخير آخذ.
فقال صلى الله عليه وسلم: ((أتشهد أن لا إله إلا الله؟)) قال: لا، ولكني أعاهدُك أن لا أقاتِلَكَ، ولا أكونَ مع قوم يقاتلونك، فخلى سبيله، فذهب إلى أصحابه، فقال: قد جئتُكم من عندِ خير الناس. [23]
وفي هذا الحديث دلائلُ مختلفة على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، منها: ثبات النبي صلى الله عليه وسلم بتأييد الله له، ثم حمايةُ الله له من ال***.
ومنها تأييدُه له بالملائكة، فقد وقع في رواية لابن إسحاق أن جبريل دفع بصدر المشرك فسقط سيفه.
وأخيراً: عفوُ النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل مع رفضه للإسلام، وذلك خلق من أخلاق النبوة، وإلا فمن يصنع ذلك مع غريمه وعدوه الذي كاد أن ي***ه؟ وقد صدق الأعرابي حين قال: جئتُكم من عندِ خير الناس.
} أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فماله من هاد { (الزمر: 36)، وفي هذا كله ما يشهد له صلى الله عليه وسلم بالنبوة لتأييد الله إياه وحفظه له.
[1] تفسير القرآن العظيم (3/143).
[2] رواه الترمذي ح (3046)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (2489).
[3] أعلام النبوة (127).
[4] ربحت محمداً ولم أخسر المسيح، عبد المعطي الدلالاتي ص (108).
[5] الجواب الصحيح (1/410).
[6] رواه أحمد في المسند ح (2757) والحاكم في مستدركه (3/170)، وصححه الهيثمي في مجمع الزوائد (8/228).
[7] رواه مسلم ح (2797).
[8] شرح مسلم على صحيح النووي (17/140).
[9] رواه البخاري ح (4054)، و مسلم ح (2306).
[10] شرح صحيح مسلم (15/66).
[11] رواه أبو يعلى في مسنده ح (2358)، والبزار ح (2294)، وصححه ابن حبان ح (6511).
[12] انظر الروض الأنف في شرح سيرة ابن هشام ، للسهيلي (4/178).
[13] رواه البخاري ح (3653)، ومسلم ح (2381).
[14] رواه البخاري ح (3906).
[15] رواه البخاري ح (3615)، ومسلم ح (2009).
[16] رواه البخاري ح (3911).
[17] فتح الباري (7/286).
[18] رواه الطبراني في معجمه الكبير ح (117)، وابن هشام في السيرة (3/213).
2 رواه أبو داود ح (4510)، والحديث أصله في البخاري ح (2617)، ومسلم ح (2190).
[20] رواه أبو داود ح (4510) وهو صحيح كما قال الألباني في مشكاة المصابيح ح (5931).
[21] رواه البخاري ح (2617) ، ومسلم ح (2190).
[22] شرح صحيح مسلم (14/179).
[23] رواه البخاري ح (4137)، ومسلم ح (843)، ورواية أحمد في المسند ح (14512).
د. منقذ بن محمود السقار
محمد رافع 52 14-12-2013, 10:28 AM دلالة القرآن الكريم على نبوته رضيى الله عنه[1]
إن أعظم دلائل النبوة القرآنُ الكريم، كتاب الله الذي أعجز الأولين والآخرين.
يقول رسول الله رضيى الله عنه: ((ما من الأنبياء من نبي، إلا قد أُعطي من الآيات، ما مثلٌه آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أُوتيتُ وحياً أَوحى اللهُ إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة)). [2]
قال ابن حجر في معنى قوله: ((إنما كان الذي أوتيتُ وحياً )): "أي أن معجزتي التي تَحدّيتُ بها، الوحيُ الذي أُنزِل عليّ، وهو القرآن".
ثم لفت - رحمه الله - النظر إلى أنه ليس المراد من الحديث حصرَ معجزاته رضيى الله عنه في معجزة القرآن الكريم فقال: "بل المراد أنه المعجزة العظمى التي اختصّ بها دون غيره رضيى الله عنه". [3]
وقال ابن كثير في معنى الحديث: " معناه أن معجزة كل نبي انقرضت بموته، وهذا القرآن حجة باقية على الآباد، لا تنقضي عجائبه، ولا يخلَق عن كثرة الرد، ولا يشبع منه العلماء، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله".[4]
وقال ابن القيم في سياق حديثه عن معجزات الأنبياء: "وأعظمها معجزةً كتابٌ باقٍ غضٌ طريّ لم يتغيّر, ولم يتبدّل منه شيء، بل كأنه منزّل الآن، وهو القرآن العظيم، وما أخبر به يقع كل وقتٍ على الوجه الذي أخبر به". [5]
هذه المعجزة العظيمة تحدى الله بها الأولين والآخرين، ودعاهم للإتيان بمثله حين زعموا أن القرآن من كلامه رضيى الله عنه، فقال تعالى: ]أم يقولون تقَوَّله بل لا يؤمنون * فليأتوا بحديثٍ مثله إن كانوا صادقين[ )الطور: 33-34).
فلما أعجز المشركين أن يأتوا بمثله، تحداهم القرآن أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات من عندهم، قال تعالى: ]أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سورٍ مثله مفترياتٍ وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صـادقين[ (هود: 13).
قال ابن كثير: "بين تعالى إعجاز القرآن، وأنه لا يستطيع أحدٌ أن يأتي بمثله، ولا بعشر سور من مثله، ولا بسورة من مثله؛ لأن كلام الرب تعالى لا يشبه كلام المخلوقين، كما أن صفاته لا تشبه صفات المحدثات، وذاته لا يشبهها شيء ".[6]
فلما عجزوا عن الإتيان بعشر سور تحداهم القرآن أن يأتوا بسورة واحدة، قال تعالى: ]وإن كنتم في ريبٍ مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورةٍ من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صـادقين[ (البقرة: 23).
قال الطبري: " ومن حجة محمدٍ رضيى الله عنه على صدقه، وبرهانه على حقيقة نبوته، وأن ما جاء به من عندي [أي من عند الله] ؛ عجز جميعكم وجميع من تستعينون به من أعوانكم وأنصاركم، عن أن تأتوا بسورة من مثله. وإذا عجزتم عن ذلك ـ وأنتم أهل البراعة في الفصاحة والبلاغة ـ فقد علمتم أن غيركم عما عجزتم عنه من ذلك أعجز".[7]
ويبلغ التحدي القرآني غايته حين يخبر القرآن أن عجز المشركين عن محاكاة القرآن والإتيان بمثله عجز دائم لا انقطاع له، فيقول: ]فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا[ (البقرة: 24).
قال القرطبي: " قوله: ] ولن تفعلوا [ إثارةٌ لهممهم، وتحريكٌ لنفوسهم؛ ليكون عجزهم بعد ذلك أبدع، وهذا من الغيوب التي أخبر بها القرآن قبل وقوعها".[8]
وحين أراد مسيلمة معارضة القرآن فضحه الله وأخزاه، فكان قوله محلاً لسخرية العقلاء وإعراض البلغاء، فقد قال: "يا ضفدع، نقي كما تنقين ، لا الماء تدركين ، ولا الشراب تمنعين".
وقال أيضاً معارضاً القرآن: " ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى، أخرج من بطنها نسمة تسعى ، من بين شراشيف وحشى ".
وأما النضر بن الحارث فصيح قريش وبليغها، فأتى بالمضحك من القول حين قال: "والزارعات زرعاً. والحاصدات حصداً. والطاحنات طحناً. والعاجنات عجناً. والخابزات خبزاً ....".[9]
وعندما أراد الأديب ابن المقفع معارضة القرآن كل وعجز، وقال: أشهد أن هذا لا يعارض، وما هو من كلام البشر.
ومثله صنع يحيى الغزال بليغ الأندلس وفصيحها.
وصدق الله العظيم: ]قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هـذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً[ (الإسراء: 88).
قال ابن سعدي: "وكيف يقدر المخلوق من تراب، أن يكون كلامه ككلام رب الأرباب؟ .. هذا ليس في الإمكان، ولا في قدرة الإنسان، وكل من له أدنى ذوقٍ ومعرفةٍ بأنواع الكلام، إذا وزن هذا القرآن العظيم بغيره من كلام البلغاء، ظهر له الفرق العظيم".[10]
لقد اعترف أعداء القرآن بعظمة القرآن، وذلت رقابهم لما سمعوه من محكم آياته، فهاهو الوليد بن المغيرة سيد قريش، يسمع النبي رضيى الله عنه وهو يقرأ قوله تعالى: ]إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتآء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون[ (النحل:90).
فيقول قولته المشهورة: "والله إنَّ لقولِه الذي يقولُ لحلاوة، وإنّ عليه لطلاوة، وإنه لمثمرٌ أعلاه، مغدِقٌ أسفلُه، وإنه ليعلو وما يُعلا، وإنه ليَحطِم ما تحته".[11]
ولما جاء عتبة بن ربيعة إلى النبي رضيى الله عنه؛ قرأ عليه النبي رضيى الله عنه أوائل سورة فصلت، فرجع إلى قريش قائلاً: إني واللهِ قد سمعت قولاً ما سمعتُ بمثلِه قط، والله ما هو بالشعر ولا السحر ولا الكهانة، يا معشر قريش: أطيعوني واجعلوها بي، خلّوا بين هذا الرجل وبينَ ما هو فيه، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعتُ نبأ".[12]
وفي العصر الحديث أيضاً شهد المنصفون من المستشرقين بعظمة القرآن، وسجلت كلماتُهم بحقه المزيدَ من الإعجاب والدَهش.
ومنه قول المستشرق فون هامر في مقدَمة ترجمته للقرآن، فقد قال: "القرآن ليس دستورَ الإسلام فحسب، وإنما هو ذِروة البيانِ العربي، وأسلوبُ القرآن المدهش يشهد على أن القرآنَ هو وحيٌ من الله، وأن محمداً قد نشر سلطانَه بإعجاز الخطاب، فالكلمةُ [أي القرآنُ] لم يكن من الممكن أن تكونَ ثمرةَ قريحةٍ بشرية".[13]
ويقول فيليب حتي في كتابه "الإسلام منهج حياة": "إن الأسلوب القرآني مختلف عن غيره، إنه لا يقبل المقارنة بأسلوب آخر، ولا يمكن أن يقلد، وهذا في أساسه هو إعجاز القرآن .. فمن جميع المعجزات كان القرآن المعجزة الكبرى".
وأما جورج حنا فيقول في كتابه "قصة الإنسان": "إذا كان المسلمون يعتبرون أن صوابية القرآن هي نتيجة محتومة لكون القرآن منزلاً ولا يحتمل التخطئة، فالمسيحيون يعترفون أيضاً بهذه الصوابية، بقطع النظر عن كونه منزلاً أو موضوعاً، ويرجعون إليه للاستشهاد بلغته الصحيحة كلما استعصى عليهم أمر من أمور اللغة".
ويقول الفيلسوف الفرنسي هنري سيرويا في كتابه "فلسفة الفكر الإسلامي" : "القرآن من الله بأسلوب سام ورفيع لا يدانيه أسلوب البشر".
وأما المستشرق بلاشير فلم يألُ جهداً في الطعن في القرآن ومعاداته في كتابه "القرآن الكريم"، لكن الحقيقة غلبته، فقال: "إن القرآن ليس معجزة بمحتواه وتعليمه فقط، إنه أيضاً يمكنه أن يكون قبل أي شيء آخر تحفة أدبية رائعة ؛ تسمو على جميع ما أقرته الإنسانية وبجلته من التحف".
وبهرت جزالة القرآن وروعة أساليبه المستشرق الأديب غوته، فسجل في ديوانه "الديوان الشرقي للشاعر الغربي" هذه الشهادة للقرآن: "القرآن ليس كلام البشر، فإذا أنكرنا كونه من الله، فمعناه أننا اعتبرنا محمداً هو الإله ".
وتحدث بعض المستشرقين عن الانقلاب العظيم الذي أحدثه القرآن في القيم الاجتماعية والأخلاقية للعرب، وكيف صنع منهم ومن الأمم الأخرى التي دخلت في الإسلام أمة الحضارة والريادة طوال قرون، فيقول المفكر الفرنسي مارسيل بوازار في كتابه "إنسانية الإسلام": "إن القرآن لم يُقدّر قط لإصلاح أخلاق عرب الجاهلية، إنه على العكس يحمل الشريعة الخالدة والكاملة والمطابقة للحقائق البشرية والحاجات الاجتماعية في كل الأزمنة".
ويقول ولد يورانت في "قصة الحضارة" عن القرآن: "وقد كان له أكبر الفضل في رفع مستوى المسلمين الأخلاقي والثقافي، وهو الذي أقام فيهم قواعد النظام الاجتماعي والوحدة الاجتماعية، وحرضهم على اتباع القواعد الصحيحة، وحرر وبعث في نفوس الأذلاء الكرامة والعزة، وأوجد بين المسلمين درجة من الاعتدال والبعد عن الشهوات لم يوجد لها نظير في أية بقعة من بقاع العالم يسكنها الرجل الأبيض".
وتقول المستشرقة الإيطالية لورافيشيا فاغليري في كتابها "دفاع عن الإسلام": "إن انتشار الإسلام السريع لم يتم لا عن طريق القوة ولا بجهود المبشرين الموصولة، إن الذي أدى إلى ذلك الانتشار كون الكتاب الذي قدمه المسلمون للشعوب المغلوبة - مع تخييرها بين قبوله ورفضه - كتاب الله، كلمة الحق، أعظم معجزة كان في ميسور محمد أن يقدمها إلى المترددين في هذه الأرض".[14]
محمد رافع 52 14-12-2013, 10:30 AM ومما أذهل العلماء إعجاز القرآن العلمي، وما حواه من معارف توصلت إليها البشرية قريباً بفضل التقنية العلمية الحديثة، فسجل هؤلاء العلماء شهادات منصفة بحق القرآن العظيم.
ونبدأ بالبروفسور يوشيودي كوزان مدير مرصد طوكيو، إذ يقول: " إن هذا القرآن يصف الكون من أعلى نقطة في الوجود، فكل شيء أمامه مكشوف، إن الذي قال هذا القرآن، [أي الله] يرى كل شيء في هذا الكون، فليس هناك شيء قد خفي عليه ".
وأما البرفسور شرويدر عالم البحار الألماني فيقول في ندوة علماء البحار التي نظمتها جامعة الملك عبد العزيز بجدة: "ما قيل بالفعل منذ عديد من القرون في القرآن الكريم هو حقيقة ما يكتشفه العلماء اليوم، أعتقد أنه من المهم بالنسبة لندوة لهذه أن تبلغ هذا إلى العلماء من جميع الأمم".
ويقول البرفسور درجا برساد راو أستاذ علم جولوجيا البحار في جامعة الملك عبد العزيز، فيقول تعليقاً على إخبار الله في القرآن عن ظلمات البحار وأمواجها الداخلية، فقال: "ومن الصعب أن نفترض أن هذا النوع من المعرفة كان موجوداً في ذلك الوقت منذ 1400سنة ، ولكن بعض الأشياء تتناول فكرة عامة، ولكن وصف هذه الأشياء بتفصيل كبير أمر صعب جداً، ولذلك فمن المؤكد أن هذا ليس علماً بشرياً بسيطاً، لا يستطيع الإنسان العادي أن يشرح هذه الظواهر بذلك القدر من التفصيل، ولذلك فقد فكرت في قوة خارقة للطبيعة خارج الإنسان، لقد جاءت المعلومات من مصدر خارق للطبيعة".
وفي مؤتمر القاهرة (1986م) حول الإعجاز العلمي قدم البرفسور الأمريكي بالمار بحثاً ختمه بقوله: "أنا لا أعلم المستوى الثقافي الذي كان عليه الناس في زمن محمد [رضيى الله عنه] ولا أدري في أي مستوى علمي كانوا، فإذا كان الأمر كما نعرف عن أحوال الأولين والمستوى العلمي المتواضع والذي ليس فيه هذه الإمكانيات، فلا شك أن هذا العلم الذي نقرؤه الآن في القرآن هو نور من العلم الإلهي قد أوحي به إلى محمد ".
ونختم جولتنا مع إعجاز القرآن العلمي بالحديث عن حديث القرآن عن تطور الجنين وتخلقه، وننقل شهادة البروفيسور مارشال جونسون رئيس قسم التشريح ومدير معهد دانيال بجامعة توماس جيفرسون بفلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية، فقد أذهله ما ذكره القرآن عن تطور الجنين، فقال: "إنني كعالم أستطيع فقط أن أتعامل مع أشياء أستطيع أن أراها بالتحديد، أستطيع أن أفهم علم الأجنة وتطور علم الأحياء، أستطيع أن أفهم الكلمات التي تترجم لي من القرآن .. إنني لا أرى شيئاً لا أرى سبباً لا أرى دليلاً على حقيقة تفند مفهوم هذا الفرد محمد [رضيى الله عنه] الذي لا بد وأنه يتلقى هذه المعلومات من مكان ما، ولذلك إنني لا أرى شيئاً يتضارب مع مفهوم أن التدخل الإلهي كان مشمولاً فيما كان باستطاعته أن يبلغه".
ويضيف البرفسور كيث ل مور مؤلف الكتاب الشهير الذي يعتبر مرجعاً معتمداً في كليات الطب العالمية (The Developing Human) "أطوار خلق الإنسان"، فيقول عما سمعه من إعجاز قرآني في علم الأجنة: "يتضح لي أن هذه الأدلة حتماً جاءت لمحمد من عند الله، لأن كل هذه المعلومات لم تكشف إلا حديثاً وبعد قرون عدة، وهذا يثبت لي أن محمداً رسول الله".[15]
وصدق الله وهو يقول: ]ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد[ (سبأ: 6).
[1] كما أسلفت في المقدمة؛ فإني لن أتحدث عن صور الإعجاز المختلفة للقرآن العظيم، فهذا بحر لايُدرك قعره ولا يُسبر غوره.
[2] رواه البخاري ح (4981)، ومسلم ح (152) واللفظ له.
[3] فتح الباري (8/623).
[4] تفسير القرآن العظيم (2/678).
[5] إغاثة اللهفان (2/347).
[6] تفسير القرآن العظيم (2/455).
[7] جامع البيان (1/372-373).
[8] الجامع لأحكام القرآن (1/267).
[9] انظر: لماذا أسلم صديقي، إبراهيم خليل (ص50 -54 ).
[10] تيسير الكريم الرحمن (ص45-46).
[11] رواه الحاكم في المستدرك (2/550)، وصححه، ووافقه الذهبي، ورواه البيهقي في دلائل النبوة (2/198).
[12]رواه البيهقي في دلائل النبوة (2/204-205) وهو مرسل؛ لأن محمد بن كعب القُرظي تابعي، لكن يعضده رواية أخرى أخرجها البيهقي في الدلائل (2/202) وابن إسحاق في السيرة (1/187).
[13] يوميات مسلم ألماني، د.مراد هوفمان (ص122).
[14] قالوا عن الإسلام، عماد الدين خليل (ص 52-76)، وانظر: ربحت محمداً ولم أخسر المسيح، عبد المعطي الدلالاتي (ص 109-110).
[15] إنه الحق، هيئة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة برابطة العالم الإسلامي (ص 49، 51-52، 81، 116-120).
د. منقذ بن محمود السقار
أبو سارة وأميرة 18-12-2013, 08:56 PM وما ينطق عن الهوي
إن هو إلا وحي يوحي
محمد رافع 52 18-12-2013, 10:58 PM وما ينطق عن الهوي
إن هو إلا وحي يوحي
عليه الصلاة والسلام
بارك الله فيك اخى الكريم
محمد رافع 52 23-12-2013, 11:05 PM دلالة أخلاقه وأحواله صلى الله عليه وسلم على نبوته
ومن دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم كرم أخلاقه وجميل صفاته، فمثل هذه الكمالات إنما هي بعض منحة الله له، وهي دليل يقنع العقلاء على نبوته صلى الله عليه وسلم، فما كان لهذه الأخلاق أن تكون لدعي يفتري على الله الكذب.
قال ابن تيمية: "ودلائل صدق النبي الصادق وكذب المتنبي الكذاب كثيرة جداً، فإن من ادعى النبوة وكان صادقاً؛ فهو من أفضل خلق الله وأكملهم في العلم والدين، فإنه لا أحد أفضل من رسل الله وأنبيائه صلوات الله عليهم وسلامه ...
وإن كان المدعي للنبوة كاذباً فهو من أكفر خلق الله وشرهم .. ولما كان هذا من أعلى الدرجات وهذا من أسفل الدركات؛ كان بينهما من الفروق والدلائل والبراهين التي تدل على صدق أحدها وكذب الآخر ما يظهر لكل من عرف حالهما، ولهذا كانت دلائل الأنبياء وأعلامهم الدالة على صدقهم كثيرة متنوعة، كما أن دلائل كذب المتنبئين كثيرة متنوعة".[1]
وبهذا النوع من الدلائل آمن الرهط الأول من المسلمين بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تظهر على يديه معجزاته الباهرة، فأول أهل الأرض إيماناً به خديجة رضي الله عنها، استدلت لنبوة زوجها بما عرفته من كمال أخلاقه، وعظيمِ خلاله، فقالت له وقد رجع إليها من غار حراء خائفاً:
(كلا والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق).[2] فجعلت - رضي الله عنها - من كريم خِلاله دليلاً على صدقه ونبوته.
يكفيه في ذلك وصفُ ربهِ له ]وإنك لعلى خلق عظيم[ (القلم: 5).
وكثير من العقلاء رأوا في أخلاقه صلى الله عليه وسلم دليلاً كافياً على نبوته ، من هؤلاء هرقل ملك الروم الذي بلغه أمرُ النبي، فسأل أبا سفيان - وهو يومئذ على الكفر- عن صفاته وأخلاقه.
فلما استبانت له نبوته قال: "فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدميَّ هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه".
[1] الجواب الصحيح (1/127-129).
[2] رواه البخاري ح (4)، ومسلم ح (160).
د. منقذ بن محمود السقار
محمد رافع 52 23-12-2013, 11:10 PM كرم النبي صلى الله عليه وسلم
ومن جميل صفاته صلى الله عليه وسلم كرمُه الفياض، وجُوده السيّال، كرمُه كرمُ رجل عافت نفسه الدنيا، حتى ما عاد يفرح بإقبالها، ولا يغتم ولا يهتم بإدبارها، إنه أكرمُ الناس وأجودُهم، وصفه ابنُ عمهِ ابنُ عباس رضيى الله عنه فقال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسُه القرآن، فلرسولُ الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الريح المرسلة).[1]
وعاشره أنس بن مالك عشرَ سنين، ثم وصفه فقال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسنَ الناس وأشجعَ الناس وأجودَ الناس).[2]
ومن رام إثبات ذلك فليصخ السمع وهو شهيد:
رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حنين فعلِقه الناس يسألونه، حتى اضطروه إلى سمُرة [نوع من الشجر]، فخطِفَتْ رداءَه، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((أعطوني ردائي، لو كان لي عدد هذه العِضاهِ نَعَماً لقسمتُه بينَكم ، ثم لا تجدوني بخيلاً ولا كذوباً ولا جباناً)).[3]
وجاء إليه صلى الله عليه وسلم رجل فسأله أن يعطيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما عندي شيء، ولكن ابتع عليَّ، فإذا جاءني شيء قضيتُه)). فقال عمر: يا رسول الله، ما كلفك الله ما لا تقدر عليه، فكره النبيُّ صلى الله عليه وسلم قولَ عمر.
فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أنفق، ولا تخش من ذي العرش إقلالاً.
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعُرف البِشر في وجهه بقول الأنصاري، ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((بهذا أمرت)).[4]
فعطاؤه مع العوز وقلة ذات اليد، وهذا غاية الجود.
وجاءه صلى الله عليه وسلم نفرٌ من الأنصار فسألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفِد ما عنده، ثم قال: ((ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعففْ يعِفُّهُ الله، ومن يستغن يغنِه الله، ومن يتصبر يصبرْه الله، وما أعطي أحد عطاء هو خيرٌ وأوسعُ من الصبر)).[5]
وجاءته امرأة ببردة فقالت: يا رسول الله، إني نسجت هذه بيدي أكسوكَها، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليها، فخرج إلينا، وإنها لإزاره، فجسَّها رجل من القوم فقال: يا رسول الله اُكسُنيها. قال: ((نعم)).
فجلس ما شاء الله في المجلس، ثم رجع، فطواها، ثم أرسل بها إليه، فقال له القوم: ما أحسنت، سألتَها إياه، وقد عَرفْتَ أنه لا يرد سائلاً! فقال الرجل: والله ما سألتُها إلا لتكون كفني يوم أموت.[6]
نعم، إنه صلى الله عليه وسلم لا يرد سائلاً، ويجود حتى بما هو أحوج الناس إليه.
هو البحر من أيِ النواحي أتيتَه فلُجتُه المعروف والبحرُ ساحله
تراه إذا مـا جئته مـتهللاً كأنك تعطيه الذي أنت سائله
ولو لم يكن في كفه غيرُ روحه لـجاد بها فليـتق الله سائلُه
ولفرط كرمه صلى الله عليه وسلم ، يقول جابر: (ما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قط؟ فقال: لا).[7]
في يوم حنين جاءه رجلٌ فسأله غنماً بين جبلين، فأعطاه إياه، فأتى قومه، فقال: أيْ قومِ أسلموا، فوالله إن محمداً ليعطي عطاء من لا يخاف الفقر!
فقال أنس: إن كان الرجل ليُسلِم، ما يريدُ إلا الدنيا، فما يسلمْ حتى يكونَ الإسلام أحبَ إليه من الدنيا وما عليها. [8]
ويذكر ابن عساكر أن صفوان بن أمية سار يوم حنين بين الغنائم ، فجعل ينظر إلى شِعبٍ مُلأ نعماً وشاء ورعاء، فأدام النظر إليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يرمُقه فقال النبي: ((أبا وهب، يعجبُك هذا الشِعب؟)) قال: نعم. فقال صلى الله عليه وسلم: ((هو لك وما فيه)).
فقال صفوان: ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفسُ نبي، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أسلم صفوان سيد قريش وأحد عقلائها لما رآه من جود النبي صلى الله عليه وسلم، فرأى في كرم كفه وفيضِ عطائه وطيبةِ نفسه بهذا العطاء؛ ما يدل على نبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم.
وعطاؤه صلى الله عليه وسلم ليس مرتبطاً بمصلحة شخصية، ولا يطرد بزيادة العلاقة مع المُعطى أو نقصاِنها، يقول عليه الصلاة والسلام: (( إني لأعطي الرجل، وغيرُه أحبُ إليّ منه، خشيةَ أن يكبه الله في النار)).[9]
ومن صور كرمه صلى الله عليه وسلم ما رواه جابر بن عبد الله، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة فقال لي: ((أتبيع ناضِحك [أي جملك] هذا بدينار، واللهُ يغفرُ لك؟)).
قلت: يا رسول الله هو ناضِحكم إذا أتيتُ المدينة [أي أنه يعطيه للرسول صلى الله عليه وسلم بلا مقابل إذا وصلوا المدينة].
فقال صلى الله عليه وسلم: ((فتبيعه بدينارين، واللهُ يغفر لك؟)) قال: فما زال يزيدني ديناراً ديناراً، ويقول مكان كل دينار: ((والله يغفر لك)) حتى بلغ عشرين ديناراً.
فلما أتيت المدينة أخذتُ برأس الناضح، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((يا بلال، أعطه من الغنيمة عشرين ديناراً)) وقال: ((انطلق بناضحك، فاذهب به إلى أهلك)).[10]
وفي رواية في مسند أحمد قال جابر: (فمررت برجل من اليهود، فأخبرته: قال: فجعل يعجب ، ويقول: اشترى منك البعير، ودفع إليك الثمن، ووهبه لك؟ فقلت: نعم).
وحُق له أن يعجب، رجل يشتري جملاً من آخر ، ويزيده في السعر، ثُم يعطيه ثمن البعير والبعير، فما هذا بمعهود بين الناس لا مألوف، إنه جود نبي أدبه ربه فأحسن تأديبه.
[1] رواه البخاري ح (6) ، مسلم ح ( 2308).
[2] رواه البخاري ح (2820).
[3] رواه البخاري ح (2821).
[4] رواه الطبري في تهذيب الآثار ح (168)، والترمذي في الشمائل ح (350)، والبزار في مسنده ح (274).
[5] رواه مالك في الموطأ ح (1880).
[6] رواه البخاري ح (5810).
[7] رواه البخاري ح (6034)، ومسلم ح (2311).
[8] رواه مسلم ح (2312).
[9] رواه البخاري ح (27)، ومسلم ح (150).
[10] رواه ابن ماجه ح (2205)، وأحمد ح (13839).
د. منقذ بن محمود السقار
محمد رافع 52 23-12-2013, 11:15 PM حلم النبي صلى الله عليه وسلم
ومن عظيم أخلاقه وجميل خلاله صلى الله عليه وسلم؛ عفوه عمن ظلمه، وحِلمه على من جهل عليه، وذلك أن لا حظَّ لنفسه في نفسه. ((وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تُنتهك حرمة الله فينتقم لله بها)).[1]
وعن أنس بن مالك رضيى الله عنه قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم سباباً ولا فحاشاً ولا لعاناً. كان يقول لأحدنا عند المعتبة: ((ما له؟ ترِبَ جبينُه)).[2]
ولما سئلت أمُ المؤمنين عائشةُ عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قالت: ((لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا صخاباً في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئةَ، ولكن يعفو ويصفح).[3]
وهذه الصفة من صفاته صلى الله عليه وسلم مذكورة في الكتب قبل الإسلام، ففي البخاري من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: (والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن .. ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا الله. ويفتح بها أعيُناً عُمياً، وآذاناً صُماً، وقُلوباً غُلفاً).[4]
وقد صدق رضيى الله عنه ، ففي السفر المنسوب إلى النبي إشعيا: " هوذا عبدي الذي أَعضُده، مختاري الذي سُرّت به نفسي، وضعتُ روحي عليه، فيخرج الحق للأمم، لا يصيح، ولا يَرفع ولا يُسمع في الشارع صوتُه، قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة خامدة لا يطفئ، إلى الأمان يخرج الحق، لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض، وتنتظر الجزائر شريعته، هكذا يقول الله الرب خالق السموات " (إشعيا 42/1-4)
ومن عفوه صلى الله عليه وسلم وحِلمه أنه في يوم حنين لما أجزل العطاء لضعاف الإيمان يتألف قلوبهم للإسلام؛ قال رجل: إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله! يتهم رسول الله بالظلم والحيف.
يقول ابن مسعود: فأتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرتُه، فغضب حتى رأيتُ الغضب في وجهه، ثم قال: ((يرحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر)).[5]
إنه يمتثل أمر ربه وهو يقول له: } فاصفح الصفح الجميل {(الحجر: 85).
ويقوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد؛ حتى إذا بلغ وسطه أدركه رجل، فجبذ بردائه من ورائه، وكان رداؤه صلى الله عليه وسلم خشناً، فحمّر رقَبتَه، فقال: يا محمد، احمل لي على بعيريَّ هذين، فإنك لا تحمل من مالك ولا من مال أبيك.
فقال رسول الله: ((لا، وأستغفر الله، لا أحملُ لك حتى تُقِيدني مما جبذتَ برقبتي)) فقال الأعرابي: لا والله لا أُقيدُك .
يقول أبو هريرة: فلما سمعنا قولَ الأعرابي أقبلنا إليه سراعاً، فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((عزمتُ على من سمع كلامي أن لا يبرح مقامَه حتى آذن له)).
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من القوم: ((يا فلان، احمل له على بعير شعيراً، وعلى بعير تمراً)). ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((انصرفوا)).[6]
قال السندي: "أراد أنه لكمال كرمه يعفو البتة، وفي أمثال هذه الأحاديث دليل على أنه لولا (أي: لو لم يؤت) المعجزات إلا هذا الخلق لكفى شاهداً على النبوة".[7] } فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين{ (آل عمران: 159).
ومن حلمه صلى الله عليه وسلم أن أعرابياً جهل حرمة المسجد، فقام يبول في طرف المسجد، فقام إليه الصحابة ينتهرونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزرموه، دعوه)) فتركوه.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له مبيناً ومعلماً: ((إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن))، ثم أمر رجلاً من القوم، فجاء بدلو من ماء، فشنَّه [فصبَّه] عليه.[8]
واستدان النبي صلى الله عليه وسلم من أحدهم ، فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب دينه، فأغلظ القول في طلبه، فهمَّ به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فقال عليه الصلاة والسلام معتذراً لسوء مقال الرجل وغلظته: ((إن لصاحب الحق مقالاً)).
ثم قال لأصحابه: ((اشتروا له سِناً))، فأعطوه إياه. فقالوا: إنا لا نجد إلا سِنَّاً هو خيرٌ من سِنِّه. قال: ((فاشتروه، فأعطوه إياه، فإن من خيركم أحسنَكم قضاءً)).[9]
فلم يقابل رسول الله إساءة الرجل بمثلها، بل عفا عنه وصفح، ثم أحسن إليه، فرد خيراً مما أخذ، وهو في كل ذلك يمتثل أمر ربه ومولاه } والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين { (آل عمران: 134).
وهكذا فإن هذا الصفح وذلكم الحلم، إنما هما بعض أخلاق النبوة التي كساها الله نبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم لتكون شاهداً آخر على نبوته ورسالته.[10]
[1] رواه البخاري ح (3296)، ومسلم ح (4294).
[2] رواه البخاري ح (6031).
[3] رواه الترمذي ح (2016)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح ح (5820).
[4] رواه البخاري ح (2125).
[5] رواه البخاري ح (3405)، ومسلم ح (1062).
[6] رواه النسائي ح (4776)، وأبو داود ح (4775).
[7] شرح السندي على النسائي (8/34).
[8] رواه البخاري ح (221)، ومسلم ح (285)، واللفظ له.
[9] رواه البخاري ح (2390)، ومسلم ح (1601).
[10] يعلق المستشرق الأمريكي واشنجتون إيرفنج في كتابه "حياة محمد" على عفو النبي صلى الله عليه وسلم عن قريش عند فتح مكة بقوله: "كانت تصرفات الرسول [صلى الله عليه وسلم] في مكة تدل على أنه نبي مرسل، لا على أنه قائد مظفر، فقد أبدى رحمة وشفقة على مواطنيه، برغم أنه أصبح في مركز قوي، ولكنه توّج نجاحه وانتصاره بالرحمة والعفو". قالوا عن الإسلام، عماد الدين خليل ص (81).
د. منقذ بن محمود السقار
mr ayman ali 24-12-2013, 01:07 AM صلى الله عليه وسلم وجزاه عنا خير ما جزا نبيا عن امته
محمد رافع 52 25-12-2013, 01:41 AM صلى الله عليه وسلم وجزاه عنا خير ما جزا نبيا عن امته
عليه الصلاة والسلام
بارك الله فيك اخى الكريم
محمد رافع 52 25-12-2013, 01:47 AM زهد النبي صلى الله عليه وسلم
وإن من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم زهادته في الدنيا وإعراضه عنها ترقباً لجزاء الله في الآخرة، ولو كان دعياً يفتري الكذب لما فرط في دنيا يفتري ابتغاء الكسب فيها، فإعراضُه صلى الله عليه وسلم عن الدنيا وزهدُه في متاعها دليل نبوته ورسالته.
وأول ما نلحظه أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يطلب أجراً على نبوته من أحد، بل كان يقول بمثل ما قال إخوانُه الأنبياء من قبل: } قل ما أسألكم عليه من أجرٍ وما أنا من المتكلفين { (ص: 86).
واستغناء الأنبياء عن أجر الناس وجزائهم دليل على نبوتهم، وأنهم يرقبون الأجر من الله، ولذا لما دعا مؤمن آل ياسين قومه للإيمان بأنبياء الله قال لهم: } قال يا قوم اتبعوا المرسلين * اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون { (يـس: 20-21).
ودعونا نتأمل بعض صنيعه صلى الله عليه وسلم وبعضَ ما أنزل الله إليه ، ثم ننظر هل هذا صنيعُ دعي كذاب، أم هو أدبُ النبوة وعبق الرسالة؟
كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤثِر حياة الزهد، ويدعو الله أن يجعله من أهلها، فكثيراً ما تبتل إلى ربه مناجياً: ((اللهم أحيني مسكيناً، وأمِتْني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة)).[1]
وخيره ربه بين المُلكِ في الأرض وبين حياة الشظف والقِلة، فاختار صلى الله عليه وسلم شظف العيش زهادة منه في الدنيا وترفعاً على متاعها، ففي حديث أبي هريرة رضيى الله عنه أن ملَكاً نزل من السماء، فقال: يا محمد أرسلني إليك ربك. قال: أفملِكاً نبياً يجعلُك أو عبداً رسولاً؟ قال جبريل: تواضع لربك يا محمد. فقال صلى الله عليه وسلم: ((بل عبداً رسولاً)).[2]
وإذا تأملنا حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ونظرنا كيف كان يعيش صلى الله عليه وسلم في بيته، فإنا راؤون عجباً، فلكم بقي عليه الصلاة والسلام طاوياً على الجوع ، لا يجد ما يأكله، وهو رسولُ الله وصفوتُه من خلقه، يقول أبو هريرة: (ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من طعام ثلاثة أيام حتى قبض).[3]
ورآه عمر رضيى الله عنه يتلوى من الجوع، فما يجد رديء التمر يسد به جَوعَتَه ، ثم رأى رضيى الله عنه ما أصاب الناس من الدنيا فقال: (لقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يلْتَوي، ما يجد دَقَلاً يملأ به بطنه).[4]
والدقل: هو التمر الرديء.
وحين يجد النبي صلى الله عليه وسلم طعاماً فإنما يجد خبز الشعير فحسب، يقول ابن عباس حاكياً حال ابن عمه صلى الله عليه وسلم: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعةَ طاوياً، وأهلُه لا يجدون عشاء، وكان أكثرُ خبزِهم خبز الشعير).[5] ومع ذلك فما كان يجد ما يشبعه منه.
وهذا الشعير الذي لم يشبع منه صلى الله عليه وسلم كان من رديء الشعير، لا من جيده، فقد كان غير منخول.
سئل سهل بن سعد: هل أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم النقي [أي من الشعير]؟ فقال سهل: ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النقي من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله.
فقيل له: كيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول؟ قال: كنا نطحنه وننفخه، فيطير ما طار، وما بقي ثريناه [أي: بللناه بالماء] فأكلناه.[6]
وتحكي أم المؤمنين عائشة لابن أختها عروة حال بيوتات النبي صلى الله عليه وسلم، فتقول: (ابنَ أختي، إنْ كنا لننظرُ إلى الهلال ثم الهلال، ثلاثةَ أهلَّةٍ في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار).
فسألها عروة: يا خالةُ، ما كان يُعيشُكم؟ قالت: (الأسودان: التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار كانت لهم منائح، وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانهم، فيسقينا).[7]
وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم دُعي أبو هريرة رضيى الله عنه إلى شاة مشوية، فأبى أن يأكل، وقال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير.[8]
وتدخل امرأة وابنتاها على أم المؤمنين عائشة يشكون الجوع، فما الذي وجدوه في بيت النبي صلى الله عليه وسلم؟
تجيبنا أم المؤمنين عائشة: فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة، فأعطيتُها إياها، فقسمَتَها بين ابنتيها، ولم تأكل منها، ثم قامت، فخرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا، فأخبرته فقال: ((من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له ستراً من النار)).[9]
وفي مرة أخرى يطرق باب النبي صلى الله عليه وسلم ضيف، فلا يجد عليه الصلاة والسلام ما يضيفه، فيرسل إلى بيوته يسأل نساءه، فلا يجد عندهن شيئاً سوى الماء، فلم يجد رسول الله بُداً من الطلب من أصحابه أن يضيِّفوه.[10]
ومع ذلك كله فقد كان لسانه صلى الله عليه وسلم لا يفتَر أن يطلب دوام حال الكفاف والزهادة ، فيقول داعياً ربه: ((اللهم ارزق آلَ محمدٍ قوتاً)).[11]
قال القرطبي: "معنى الحديث أنه طلب الكفاف , فإن القوت ما يقوت البدن ويكف عن الحاجة, وفي هذه الحالة سلامة من آفات الغِنى والفقر جميعاً".[12]
وإذا تساءلنا عن أثاث بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه صلى الله عليه وسلم ما كان يعيش إلا كسائر لأصحابه، أما وساده صلى الله عليه وسلم فتصفه أم المؤمنين عائشة وتقول: (كان وسادة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي يتكئ عليها من أدَم [جلد مدبوغ]، حشوها ليف).[13]
وأما فراشه فحصير يترك أثراً في جنبه، يقول ابن مسعود: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير، فقام وقد أثَّر في جنبه، فقلنا: يا رسول الله، لو اتخذنا لك وِطاء [فراشاً] فقال: ((ما لي وما للدنيا، ما أنا في الدنيا إلا ****بٍ استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها)).[14]
ودخل عليه عمر رضيى الله عنه، فرآه مضطجعاً على حصير قد أثر في جنبه، وألقى ببصره في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا فيها قبضةٌ من شعير، نحو الصاع ، وقبضة أخرى من ورق الشجر في ناحية الغرفة.
قال عمر: فابتدرتْ عيناي بالبكاء. فقال صلى الله عليه وسلم: ((ما يبكيك يا ابن الخطاب؟)) قلت: يا نبي الله، وما لي لا أبكي، وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى! وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار، وأنتَ رسولُ الله وصفوتُه، وهذه خزانتك!
فقال: ((يا ابن الخطاب، ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة، ولهم الدنيا؟)) قلت: بلى.[15]
ودخلت امرأة أنصارية بيته صلى الله عليه وسلم ، فرأت فراشه مثنية، فانطلقت، فبعثت بفراش فيه صوف إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآه قال: ((رُدِّيه يا عائشة، فوالله لو شئتُ لأجرى الله عليّ جبال الذهب والفضة)). قالت عائشة: فرددته.[16]
لقد كان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا، ممتثلاً أمرَ ربه الذي أمره أن يعيش عيشة الكفاف والزهد، وأمره أن يخير نساءه بين حياة الزهد معه وبين تسريحهن إلى بيوت أهلهن، فاخترن جميعاً رضي الله عنهن البقاء معه على هذه الحال.
تقول عائشة: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي، فقال: ((إني ذاكر لك أمراً، فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك)) ...
ثم قال: إن الله عز وجل قال: }يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً { (الأحزاب: 28-29).
قالت: فقلتُ: في أي هذا أستأمرُ أبويَّ؟ فإني أريد اللهَ ورسولَه والدارَ الآخرة.
قالت: ثم فعل أزواجُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلَ ما فعلتُ.[17]
وتشكو إليه صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة رضي الله عنها ما تلقى في يدها من الرحى، وترجو من أبيها أن يعطيها خادماً يخفف عنها ما هي فيه، فلا يجد الأب الحاني من نصيحة لابنته وزوجها أفضلَ من قوله: ((ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟ إذا أويتما إلى فراشِكما أو أخذتما مضاجِعكما، فكبرا ثلاثاً وثلاثين، وسبحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، فهذا خير لكما من خادم)).[18]
وأدركت فاطمة معدِن أبيها ونوعه بين الرجال، وعرفت إيثاره الآخرة على الدنيا، فأتته ذات يوم بكِسْرةِ خبزِ شعير، فأكلها النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ((هذا أول طعام أكله أبوكِ منذ ثلاث)).[19]
وتدور الأيام دورتها، وتقبل الدنيا على المسلمين، فيقف عمرو بن العاص يخطب الناس بمصر فقال: (ما أبعد هديَكم من هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم ، أما هو فكان أزهدَ الناس في الدنيا، وأنتم أرغبُ الناس فيها).[20]
وأبصر النبي صلى الله عليه وسلم جبل أُحدٍ فقال لأصحابه: ((ما أحب أنه تَحوَّل لي ذهباً، يمكث عندي منه دينارٌ فوق ثلاث، إلا ديناراً أرصدُه لدَين)).
ثم قال: ((إن الأكثرين هم الأقلون إلا من قال بالمال هكذا وهكذا، وقليل ما هم)) وأشار أبو شهاب بين يديه وعن يمينه وعن شماله، أي يفرقه.[21]
وتروي عائشة من خبره صلى الله عليه وسلم عجباً، فتذكر أنه كان في بيتها بعضُ قطعٍ من ذهب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما فعلتْ الذهبُ)) فقالت عائشة: هي عندي، فقال: ((ائتيني بها)).
تقول عائشة: فجئتُ بها، فوضعها في يده ثم قال بها [أي رماها] ، وقال: ((ما ظن محمد بالله لو لقي الله عز وجل وهذه عنده؟ أنفقيها)).[22]
وكيف لا يكون هذا حاله، وهو الأسوة الحسنة الذي أوصى أصحابه بالاقتصاد من الدنيا، فكان أسبقهم إلى ذلك، يقول سلمان: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا عهداً أن يكون بُلغَةُ أحدنا من الدنيا كزاد الراكب).[23]
وحين غادر صلى الله عليه وسلم الدنيا ماذا ترك لأهله منها؟
يجيب عمرو بن الحارث أخو أمِ المؤمنين جويرية فيقول: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته درهماً ولا ديناراً ولا عبداً ولا أمَة ولا شيئاً؛ إلا بغلتَه البيضاء وسلاحَه، وأرضاً جعلها صدقة).[24]
ويروي الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عند يهودي على ثلاثين صاعاً من شعير.[25]
وكما زهد النبي صلى الله عليه وسلم عن الدنيا زمن حياته، فإنه لم يبتغ جر نفع من منافعها إلى أهله وذويه بعد موته ، فإنه صلى الله عليه وسلم لا يبتغي أن يجر لأهله شيئاً من زخارفها، لذا قال صلى الله عليه وسلم: ((لا نورّث، ما تركناه صدقة)).[26]
وهكذا فإنه يحق لنا أن نتساءل عن الكسب الدنيوي الذي جناه النبي صلى الله عليه وسلم من نبوته، فإنه عاش عيشة المساكين التي تمناها ودعا الله بدوامها، فكان طعامه خشنُ الشعير، ورديءُ التمر، إذا ما تيسر له ذلك، وأما وساده وفراشه صلى الله عليه وسلم فهما دليلٌ آخرُ على استعلاء النبي صلى الله عليه وسلم على الدنيا التي هجرها صلى الله عليه وسلم بإرادته واختياره.
وصدق فيه قول الشاعر:
وراودَته الجبال الشُّمُّ من ذهب عن نفسه فأراها أيما شمم
[1] رواه الترمذي ح (2352)، وابن ماجه ح (4126)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (3328).
[2] رواه أحمد ح (7120)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (1002).
[3] رواه البخاري ح (5374).
[4] رواه مسلم ح (2978).
[5] رواه الترمذي ح (2360)، وابن ماجه ح (3347)، وأحمد ح (2303)، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (2703).
[6] رواه البخاري ح (5413).
[7] رواه البخاري ح (2567)، ومسلم ح (2972).
[8] رواه البخاري ح (5414).
[9] رواه البخاري ح (1418)، ومسلم ح (2629).
[10] انظره في البخاري ح (3798)، ومسلم ح (2054).
[11] رواه البخاري ح (6460)، ومسلم ح (1055).
[12] نقله عنه ابن حجر في فتح الباري ح (11/299).
[13] رواه البخاري ح (6456)، ومسلم ح (2082)، اللفظ له.
[14] رواه الترمذي ح (2377)، وابن ماجه ح (4109)، وأحمد ح (3701)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (3317).
[15] رواه البخاري ح (4913)، ومسلم ح (1479) ، واللفظ له.
[16] رواه البيهقي في الشعب ح (1449)، وأحمد في الزهد ح (77)، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي ح (3287).
[17] رواه البخاري ح (4786)، ومسلم ح (1475) واللفظ له.
[18] رواه البخاري ح (6318) ، ومسلم ح (2727).
[19] رواه أحمد ح (12811).
[20] رواه أحمد ح (17353)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب ح (3294).
[21] رواه البخاري ح (2388)، ومسلم ح (94).
[22] رواه أحمد ح (24964).
[23] رواه أحمد ح (23199).
[24] رواه البخاري ح (2739).
[25] رواه أحمد ح (2719).
[26] رواه البخاري ح (3094)، ومسلم ح (1757).
د. منقذ بن محمود السقار
محمد رافع 52 25-12-2013, 01:52 AM تواضع النبي صلى الله عليه وسلم
ولقائل أن يقول: إن كثيرين قد يزهدون بالمال في سبيل الرفعة عند الناس، فما أعظمها من لذة أن يشير الناس إليه ببنانهم ، وأن يستبقوا إلى إجلال الزاهد وخدمته، فيكون له في ذلك ما يدعوه على الصبر على الحرمان والفاقة.
وهذا كله صحيح، فتلك نفوس رتعت بالكبر، وأحبت من الدنيا العلو فيها.
اما النبي صلى الله عليه وسلم فقد جمع إلى الزهد التواضع للناس، ولم يمنعه من ذلك جلالة قدره عند الله ورفعة مكانته عند مولاه وعند المسلمين.
ولنفتح هذ ا السفر الخالد، ونقرأ فيه ما يحكيه لنا أبو رفاعة، فقد دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: يا رسول الله، رجل غريب، جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه.
قال أبو رفاعة: فأقبل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترك خطبته، حتى انتهى إلي، فأُتي بكرسي حسِبتُ قوائمَه حديداً قال: فقعد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته، فأتم آخرها.[1]
قال النووي: " وفيه تواضع النبي صلى الله عليه وسلم ورفقه بالمسلمين, وشفقتُه عليهم, وخَفْضُ جناحِه لهم".[2]
وحين تلاحقه صلى الله عليه وسلم نظرات الإعجاب من أصحابه، فتنساب على ألسنتهم عبارات الثناء الممزوجة بالحب، حينها كان صلى الله عليه وسلم ينهاهم عن إطرائه والمبالغة في مدحه، فما فتئ لسانه يقول: ((لا تطروني كما أطرت النصارى ابنَ مريم ، فإنما أنا عبدُه، فقولوا: عبدُ اللهِ ورسولُه)).[3]
ودخل عليه رجل فقال: يا سيدَنا وابنَ سيدِنا، ويا خيرَنا وابنَ خيرِنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس عليكم بتقواكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد بنُ عبدِ الله، عبدُ الله ورسولُه، والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل )).[4]
وحين انطلق الصحابة إلى غزوة بدر، كانوا يتعاقبون، كلُّ ثلاثةِ نفرٍ على بعير، وكان صاحبا النبي صلى الله عليه وسلم في الركوب عليٌّ وأبو لبابة.
قال ابن مسعود: وكان إذا كانت عُقْبَة النبي صلى الله عليه وسلم [أي إذا انتهت مرحلة النبي في الركوب] قالا له: اركب حتى نمشي عنك. فيقول لهما صلى الله عليه وسلم: ((ما أنتما بأقوى مني، وما أنا بأغنى عن الأجر منكُما)). [5]
وحين شرع الصحابة في حفر الخندق لم يركن النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزلته بين أصحابه، ولم يترفع النبي صلى الله عليه وسلم عن العمل معهم في الحفرِ ونقلِ التراب، يقول البراء بن مالك: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينقل معنا التراب يوم الأحزاب، ولقد رأيته وارى الترابُ بياضَ بطنه يقول:
والله لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنـزِلَنْ سكيـنة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الأعداء قد بغوا علينا إذا أرادوا فتنة أبَـينا [6]
وكان صلى الله عليه وسلم يمقت كل مظاهر الكِبْر والتميز عن الناس، ومنه كراهيته أن يقوم له أصحابُه، فقد كان يكره ذلك ويمنعهم منه، يقول أنس: (ما كان شخصٌ أحبَّ إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا؛ لِما يعلمون من كراهيته لذلك).[7]
ومن كان هذا نعته فجدير أن يبغض وقوف أحد فوق رأسه كما يُفعل للملوك ، وهاهو صلى الله عليه وسلم يصلي في مرض وفاته قاعداً، وصلى أصحابه وراءه قياماً..
يقول جابر: فالتفت إلينا، فرآنا قياماً ، فأشار إلينا، فقعدنا، فصلينا بصلاته قعوداً ، فلما سلم قال: ((إن كدتم آنفاً لتفعلون فِعل فارسَ والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود، فلا تفعلوا؛ ائتموا بأئمتكم، إن صلى قائماً فصلوا قياماً، وإن صلى قاعداً فصلوا قعوداً)). [8]
وكان صلى الله عليه وسلم يجيب دعوة الداعي، كائناً ما كان طعامُه، يقول صلى الله عليه وسلم: (لو دعيتُ إلى كُراع لأجبتُ، ولو أهدي إليّ كُراعٌ لقبِلتُ).[9] والكُراع ما دون كعب الدابة.
قال ابن حجر: "وفي الحديث دليل على حُسنِ خلُقِه صلى الله عليه وسلم ، وتواضُعِه وجبرِه لقلوب الناس".[10]
ورغم ازدحام وقته وشرف منزلته؛
فإنه صلى الله عليه وسلم ما كان يأنف من كثير مما يأنف منه دهماء الناس، فضلاً عن أكابرهم، فما كان صلى الله عليه وسلم يجد حرجاً أن يمشي في حاجة الضعفاء ويسعى في قضاء أمورهم ، يقول عبد الله بن أبي أوفى قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثِر الذكر، ويُقِل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصِّر الخطبة، ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين، فيقضيَ له الحاجة).[11]
ويحكي خادمه أنس بن مالك أن امرأة كان في عقلها شيء فقالت: يا رسول الله، إن لي إليك حاجة فقال: ((يا أم فلان، انظري أيّ السكك شئت حتى أقضيَ لك حاجتَكِ)). قال أنس: فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها.[12]
لكن تواضعه صلى الله عليه وسلم ما كان ليمنع هيبته في صدور الناس وهم يقفون بين يديه صلى الله عليه وسلم، فقد أتاه رجل، فكلمه، فجعل الرجل ترْعَد فرائصُه، فقال له صلى الله عليه وسلم: ((هون عليك، فإني لست بملكٍ، إنما أنا ابن امرأةٍ تأكل القديد)) [اللحم المجفف]. [13]
وتواضعه صلى الله عليه وسلم ليس خلقاً يتزين به أمام الناس، بل هو خُلَّة شريفة لم تفارقه حتى وهو في بيته وبين أهله، فقد سُئلت عائشة: ما كان صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: (كان يكون في مهنة أهله - تعني: خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة)، وفي رواية لأحمد: (كان بشراً من البشر، يَفْلي ثوبه، ويحلِب شاته، ويخدِمُ نفسَه).[14]
ولقد خيره ربه بين أن يكون عبداً رسولاً أو ملِكاً رسولاً ، فاختار أن يكون عبداً رسولاً ، فعن أبي هريرة رضيى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حكى عن ملك نزل إليه، فقال: يا محمد، أرسلني إليك ربُك قال: أفملِكاً نبياً يجعلُك أو عبداً رسولاً؟ فقال جبريل: تواضع لربك يا محمد. فقال عليه الصلاة والسلام: ((بل عبداً رسولاً)).[15]
[1] رواه مسلم ح (876).
[2] شرح النووي على صحيح مسلم (6/165).
[3] رواه البخاري ح (3445).
[4] رواه أحمد ح (12141).
[5] رواه أحمد ح (3769).
[6] رواه البخاري ح (3034)، ومسلم (1803).
[7] رواه أحمد ح (11936)، والترمذي ح (2754)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
[8] رواه مسلم ح (413).
[9] رواه البخاري ح (5178).
[10] فتح الباري (9/154).
[11] رواه النسائي ح (1414)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح ح (5833).
[12] رواه مسلم ح (4293).
[13] رواه ابن ماجه ح (3312)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (2677).
[14] رواه البخاري ح (676)، وأحمد ح (25662).
[15] رواه أحمد ح (7120)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (1002).
د. منقذ بن محمود السقار
محمد رافع 52 28-12-2013, 02:58 AM تعبده لربه وخوفه منه(1)
وإن من دلائل نبوته وأمارات صدقه صلى الله عليه وسلم ما رأينا من تعبده لله تعالى وخشيته منه، ولو كان دعياً لما تعبد لله، ولما أتعب نفسه، ولا ألزمها ضروب العبادة التي قرحت رجليه، بل لكان صنع ما يصنعه سائر الأدعياء من مقارفة الشهوات واستحلال المحرمات ، فكل ما اشتهى الدعي أمراً صيره ديناً وشرعة.
ومن ذلك ما فعله مسيلمة الكذاب، فقد أحل لأتباعه الخمر والزنا، ووضع عنهم الصلاة ، فتكاليف الشريعة لا يطيقها الأدعياء، لذا سرعان ما يتخلصون منها.
أما النبي صلى الله عليه وسلم فكان أعبدَ الناس لله وأخوفَهم منه بما عرف من عظمته وقوته، يقول عليه الصلاة والسلام: ((إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله، وأعلمكم بما أتقي)).[1]
وشواهد خوف النبي صلى الله عليه وسلم من الله وتعبده لله كثيرة، منها أن صاحبه أبا بكر رأى شيباً في شعره، فقال: يا رسول الله قد شِبت؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت)) .[2]
د. منقذ بن محمود السقار
محمد رافع 52 28-12-2013, 03:00 AM تعبده لربه وخوفه منه(2)
قال الطيبي: "وذلك لما في هذه السور من أهوال يوم القيامة والمَثُلات النوازل بالأمم الماضية: أخذ مني مأخذه، حتى شبتُ قبل أوانه".[3] فالذي شيب رسول الله ما قرأه في هذه السور من الأهوال التي يرهبها الأتقياء العارفون بربهم، الذين قدروه حق قدره.
وتصف أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وجَلَه صلى الله عليه وسلم من ربه، فتقول: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً ضاحكاً حتى أرى منه لهواتِه، وكان إذا رأى غيماً أو ريحاً عُرف ذلك في وجهه. فقلت: يا رسول الله، إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيتَه عُرف في وجهك الكراهية! فقال صلى الله عليه وسلم: ((يا عائشة، ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب، قد عُذِّب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا: } هذا عارض ممطرنا { (الأحقاف: 24) )).[4]
وذات ليلة يرى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه أخبار الفتن وهو في بيت أم سلمة ، فيأمر أن تستيقظ نساؤه، وأن يقُمن لقيام الليل فزعاً وتعوذاً مما يأتي من الفتن ، تقول أم سلمة: فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فزِعاً، يقول: ((سبحان الله! ماذا أنزل الليلة من الخزائن؟ وماذا أنزل من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحجرات، يا رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ في الآخرة)).[5]
وفي ليلة أخرى رآه بعض أزواجه وهو يتلوى في آخر الليل على فراشه، لا يجد الكرى إلى عينيه سبيلاً، فما الذي أرَّقه صلى الله عليه وسلم؟
محمد رافع 52 28-12-2013, 03:02 AM تعبده لربه وخوفه منه(3)
يجيبنا عبد الله بن عمرو، فيقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نائماً، فوجد تمرة تحت جنبه، فأخذها فأكلها، ثم جعل يتضور من آخر الليل، وفزع لذلك بعض أزواجه فقال: ((إني وجدت تمرة تحت جنبي، فأكلتُها، فخشيتُ أن تكون من تمر الصدقة)).[6]
إن الذي أرَّقَ النبي صلى الله عليه وسلم خوَّفَه أن تكون التمرة التي أكلها من تمر الصدقة التي لا تحل له.
وأما عبادة النبي صلى الله عليه وسلم لربه، فهي شاهد لا مراء في صدقه، فهي مما لا يصدر عن دعي يكذب على الله ويضل الناس باسمه، وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يكون دعياً، فما من دعي يكذب على ربه ثم يجهد نفسه بالعبادة له.
تروي لنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حال النبي صلى الله عليه وسلم في ليله، فتقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلتُ له: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((أفلا أكون عبداً شكوراً؟)). [7]
محمد رافع 52 28-12-2013, 03:04 AM تعبده لربه وخوفه منه(4)
وتصف عائشة رضي الله عنها صفة صلاته صلى الله عليه وسلم، فتقول: (كان يصلي إحدى عشرة ركعة، كانت تلك صلاته، يسجد السجدة من ذلك قدرَ ما يقرأ أحدُكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه، ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المنادي للصلاة).[8]
ويصف عليٌّ رضيى الله عنه حاله صلى الله عليه وسلم في يوم بدر حين تعب الصحابة وأسلموا أعينهم للنوم، فيقول: (ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح).[9]
وتكرر بكاؤه صلى الله عليه وسلم وهو يتضرع بين يدي ربه ومولاه عارفاً قدرَه وراجياً فضله، يقول عبد الله بن الشِّخِّير رضيى الله عنه قال: (أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، ولجوفه أزيز كأزيز المِرْجَل [أي القِدر] من البكاء).[10]
لقد كان صلى الله عليه وسلم كما وصفه ربه } إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه { (المزمل:20)، فهل سمعت الدنيا عن مدع للنبوة يقوم نصف ليله يتضرع لربه ويبكي بين يديه.
وأما صومه صلى الله عليه وسلم ، فكان يداوم على صيام يومي الإثنين والخميس تقرباً إلى ربه وابتغاء رضاه، فعن أبي هريرة رضيى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تُعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس، فأحِبُّ أن يعرض عملي وأنا صائم)) .[11]
محمد رافع 52 28-12-2013, 03:06 AM تعبده لربه وخوفه منه(5)
ولم يكن صيامه هذا فحسب ، بل كان صلى الله عليه وسلم يصوم الأيام المتتابعة ، يقول أنس رضيى الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه شيئاً، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئاً، وكان لا تَشاء أن تراه من الليل مصلياً إلا رأيته، ولا نائماً إلا رأيتَه).[12]
وما كان صلى الله عليه وسلم يُفوِّتُ على نفسه أجر الصوم في أيام الصيف الهواجر، يبتغي في ذلك المحبة من ربه والزلفى إليه، يقول صاحبه أبو الدرداء رضيى الله عنه: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وإن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما منا صائم إلا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعبدُ الله بنُ رواحة).[13]
وبقي هذا حاله، لم يتوانَ عن عبادة ربه، حتى لبى نداء ربه، وهو في كل ذلك يمتثل: } واعبد ربك حتى يأتيك اليقين { (الحجر: 99)، ولو كان دَعِيّاً لأراح نفسه وأحبابه من جهد القيام في الليل وتفطُرِ الأقدام، ومن الصيام في الهواجر، لكن هيهات، كيف يريح نفسه وربه يأمره: } فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب {؟ (الشرح: 7-8).
[1] رواه مسلم ح (1868).
[2] رواه الترمذي ح (3297)، وصححه الألباني ح (2627)
[3] تحفة الأحوذي (9/131).
[4] رواه البخاري ح (4829)، ومسلم ح (899).
[5] رواه البخاري ح (1058).
[6] رواه أحمد ح (11400)، وابن ماجه (2201).
[7] رواه البخاري ح (4827)، ومسلم ح (2820).
[8] رواه البخاري ح (1123)، و مسلم ح (724)،
[9] رواه أحمد ح (1062).
[10] رواه النسائي ح (1199)، وأبو داود ح (769)، وأحمد ح (15722)، واللفظ له، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح ح (1000).
[11] رواه الترمذي ح (678)، وابن ماجه ح (1730)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح (1041).
[12] رواه البخاري ح (1141)، ومسلم ح (1158).
[13] رواه أحمد ح (20707).
محمد رافع 52 28-12-2013, 03:11 AM بساطة حياة محمد (صلى الله عليه وسلم): دليل نبوّته
إذا أجرينا مقارنة بين حياة محمد (صلى الله عليه وسلم) قَبلَ بعثته وَبَعدها سَنَستخلِص من كلِّ ذلك أنّه ليس من المعقولُ أنْ يُظنَّ أنّ محمداً كَانَ يدّعي النبوّة كَذِباً لينال بها متاع الدنيا والرفعة والمجد والسلطة.
قبل بعثتِه، لم يكن عند محمد (صلى الله عليه وسلم) همٌّ مالي. فكونه تاجراً كيِّساً ومشهوراً، جعله يحصل على دخل مُرضي ووافر. ولقد أصبح بعد بعثته أسوء حالاً مادياً ممّا كان عليه قبل البعثة، وذلك بسبب شغله بالنبوّة. لمزيد من التَوضيح في هذه الظروف، يليق هنا أنْ نَنْظرَ في هذه الآثار عن حياتِه:
فعَنْ عُرْوَةَ عَنْ عائشة زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: «وَاللَّهِ يَا ابْنَ أُخْتِي إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ ثُمَّ الْهِلَالِ ثُمَّ الْهِلَالِ ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ وَمَا أُوقِدَ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَارٌ قَالَ قُلْتُ يَا خَالَةُ فَمَا كَانَ يُعَيِّشُكُمْ قَالَتْ الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِيرَانٌ مِنْ الْأَنْصَارِ وَكَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ فَكَانُوا يُرْسِلُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَلْبَانِهَا فَيَسْقِينَاهُ». (رواه مسلم).
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ صاحب النبي (صلى الله عليه وسلم) قَالَ:
«مَا أَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خِوَانٍ وَلَا فِي سُكْرُجَةٍ وَلَا خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ». (رواه البخاري).
وعَنْ عَائِشَةَ زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) قَالَتْ:
«إِنَّمَا كَانَ فِرَاشُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَنَامُ عَلَيْهِ أَدَمٌ حَشْوُهُ لِيفٌ». (رواه الترمذي).
وعَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ خَتَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخِي جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَ
«مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَمًا وَلَا دِينَارًا وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً وَلَا شَيْئًا إِلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ وَسِلَاحَهُ وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً». (رواه البخاري).
لقد عاشَ محمد (صلى الله عليه وسلم) هذه الحياةَ الشظِفَ حتى الممات، بالرغم من أن بيت مال المسلمين كَان تحت تصرّفه. فقَبْلَ موته، كان الجزء الأعظم لشبهِ الجزيرة العربيةِ مسلماً، وكان المسلمون منتصرين بعد ثمانية عشْر عاماً مِنْ بِعْثتِه.
فهَلْ يمكن أنْ يكون محمد (صلى الله عليه وسلم) ادّعى النبوّة لينال بها المكانة والرفعة والسلطة؟
إنّ الرغبة في المجد والسلطة تظهر غالباً في الطعام الجيّدِ واللباس غير المألوفة، والقصور التذكارية، والحراسة الجسيمة، والسلطة لا تقبل المنازعة. فهَلْ هناك أمر واحد من هذه الأمور يكون قدْ انْطبق على محمد (صلى الله عليه وسلم)؟ ها هي بعض مظاهر حياتِه التي قَدْ تُساعدُ على الإجابة عن هذا السؤالِ، فنقول:
على الرغم مِنْ مسؤوليتِه لكونه نبيّاً ومعلِّماً وسياسيّاً وقاضياً، كَانَ محمد (صلى الله عليه وسلم) يَحْلبُ شاته، ويُصلّحُ ملابسَه وأحذيتَه، وكان يُشارك في الأعْمالِ البَيْتِيِّة، ويَعود المرضى. وكذلك ساعد أصحابه وهم يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ وَيَنْقُلُونَ التُّرَابَ عَلَى مُتُونِهِمْ. كَانتْ حياته نموذجاً مُدهِشاً للبساطةِ والتواضع.
كان أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) يُحبّونه ويَحْترمونه، وكانوا يثقون به إلى درجة مُدهِشة. ومع ذلك، كان يُذكِّرهم دائماً أَنَّه إنّما هو عبد فلا يُعبد، وأنّ الله وحده هو المستحقّ للعبادة. ذَكرَ صاحب النبي (صلى الله عليه وسلم)، أنس أنّهم كانوا يُحبّون النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) أكثر من حبِّهم لأيّ واحد، ومع ذلك لم يكونوا يقومون له إذا قدم إليهم، وذلك أنّه كان يكره أنْ يقوم الناس له كما يفعله الآخرون لعظمائهم.
في حين لم يكن هناك أيّ آمال النجاحِ للإسلامِ وفي بداية عهد طويل وعسير وكان محمد (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه يُعانون فيه ال***** والمعاناة والاضطهاد، جاءه عرْضٌ مثير الاهتمام. ففيما رواه ابن هشام، أرسل زعماءُ قريش عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ إلى محمد (صلى الله عليه وسلم) فقال له: "إنْ كُنْت إنّمَا تُرِيدُ بِمَا جِئْتَ بِهِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ مَالًا جَمَعْنَا لَك مِنْ أَمْوَالِنَا حَتّى تَكُونَ أَكْثَرَنَا مَالًا ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِهِ شَرَفًا سَوّدْنَاك عَلَيْنَا ، حَتّى لَا نَقْطَعَ أَمْرًا دُونَك ، وَإِنْ كُنْت تُرِيدُ بِهِ مُلْكًا مَلّكْنَاك عَلَيْنَا…". ولقد طلبوا مِنْ محمد (صلى الله عليه وسلم) عوضاً عن كلِّ ذلك، أنْ يكفّ عن دَعوة الناسِ إلى الإسلامِ وإلى عبادة اللهِ وحده لا شريك له. أ ليس من شأن مثل هذاالعرض أن ِيَكُونَ مُغرياً لأيِّ رجل همّه طلب المنفعةَ الدنيويةَ؟ وهَلْ كان محمدٌ متردِّداً أمام هذا العرض؟ هَلْ رَفضَه إستراتيجيا في المفاوضة تَاركاً البابَ مفْتوحاً لعَرْضٍ أفضل؟ بل أجابهم بهذه الآيات القرآنية فَقرأ: بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ )حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ كِتَابٌ فُصّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ(. (فصلتْ: 1-4). ثُمّ مَضَى رَسُولُ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِيهَا يَقْرَؤُهَا حتّى انْتَهَى إلَى السّجْدَةِ مِنْهَا عَلَيْهِ، أي الآية رقم: 38.
مرّة أخرى، وردّاً على دعوة عمِّه إيّاه ليكُفَّ عن دَعوة الناسِ إلى الإسلامِ، أجاب محمد (صلى الله عليه وسلم) بكلّ صراحة وإخلاص: «يا عم لو وضعت الشمس في يميني والقمر في يساري ما تركت الأمر حتى يظهره الله أو أهلك في طلبه». (رواه ابن هشام وابن كثير في سيرتيهما).
في أثناء ثلاثة عشر عاماً، لم يَلْقَ محمدٌ (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه المعاناة والاضطهاد فحسب، بل إنّ المشركين حاولوا أَنْ يَقْتلوه عدّة مرات. فمرّة، حاولوا أنْ يوقعوا على رأسهِ صخرة كبيرة. ومرّة أخرى وضعوا السُمّ في طعامه. فماذا يمكن أَنْ يُبرِّر مثل هذه الحياةِ المليئة بالمعاناة والتَضحية حتى بعد أنْ أصبح منتصراً على أعْدائه؟ ماذا يمكن أَنْ يُوضح هذا التواضع عند محمد (صلى الله عليه وسلم) وهذا الكرم في أخلاقه؟ أليس بحق أنْ يُقال إنّ ذلك كان بعون من الله بدل من أنْ يُقال إنّه كان من عبقريّته؟ هَلْ هذه هي خاصية رجل أنانيٍّ أو مُتعطِّش للسلطة؟
محمد رافع 52 28-12-2013, 03:14 AM هذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم
سّيدي رسول الله:
إنّ مَثَلِي ومَثَلك، كَمَثَلِ حكيمٍ رأى القمر ليلة البدر.. فقال: أيّها البدر، ماذا أقول لك! أأقول: رَفَعَكَ الله... لقد رفعك؛ أأقول: كَمَّلَكَ الله … لقد كمّلك؛ أأقول: نَوَّرك الله … لقد نوّرك؛ أَأَقول: جمّلك الله … لقد جمّلك.
وأنت يا سيّدي يا رسول الله …
لقد رفعك الله: ( ورفعنا لك ذكرك ). الشرح: 4،
ولقد كمّلك: ( وإنّك لعلى خُلُقٍ عظيم ). القلم: 4،
وأنت نورٌ مبين: ( قدْ جاءكم من الله نورٌ وكتابٌ مُبِيْن ). المائدة: 15،
ولقد جمّلك ربُّك، فقد أُعطيتَ الجمال مع الهيبة.
ولقد كُنتَ مُمَثِّلا لتعاليم القرآن تمشي على هدى بين الخلائق أجمعين.
وُلِد سيّد الكائنات، فوُلِد الخير، وابتهجت بمولده السماء، واحتفلت به الأرض.
وكان إيذاناً بقدوم العدل، وسيادة الحقّ، وانتشار النّور والهدى، وإشعاراً برحيل الطواغيت، وانتهاء الوثنيّة، وانحسار الظلم والظلام.
كان هناك عالَمٌ يتطلع إلى من يُنقذه من الضلال وحمأة الظلم والجاهليّة، فأرسل الله محمّدا صلى الله عليه وسلم.
( يا أيّها النبيُّ إنّا أرسلناكَ شاهِدا ومُبَشِّرا ونذيرا . وداعِيَا إلى اللهِ بإذْنِه وسِرَاجا مُنِيْرا ). الأحزاب: 45-46.
لقد قالت حوادث الكون: كانت الدنيا في حاجة إلى رسالة …
ولقد قالت حقائق التاريخ: كان محمد صلى الله عليه وسلم هو صاحب تلك الرسالة.
لقد خلق الله محمدا صلى الله عليه وسلم ليكون رسولا مُبشرا بدين، رحمة للعالمين، ورحمة للمؤمنين.
إنّه محمد صلى الله عليه وسلم، ابن عبد الله بن عبد المطلب ( شيبة الحمد ) بن هاشم، ومن ولد عدنان ومن ولد إسماعيل صلى الله عليه وسلم ابن إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم. أُمّه: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة.
أوسط قومه نسبا صلى الله عليه وسلم، وأعظمهم شرفا من قِبَل أمّه وأبيه.
اختاره الله سبحانه وتعالى من أزكى القبائل، وأفضل البطون، وأطهر الأصلاب.
روى مسلم بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إنّ الله اصطفى كِنَانَة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم ".
وُلد صلى الله عليه وسلم عام الفيل.
وبعثه الله على رأس أربعين سنة، فمكث في مكة بعد البعثة ثلاث عشرة سنة يوحَى إليه، وفي المدينة عشرا. وتوفي وهو ابن ثلاث وستين.
يقول الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي:
( محمّد صلى الله عليه وسلم ) مُجمّع المحامد:
من هذه الجولة اللغويّة الاشتقاقيّة السريعة، نعرفُ أنّ ( محمّدا صلى الله عليه وسلم ) في الاشتقاق اسم مفعول من الرباعيّ ( حَمَّد )، وأنّه الذي تواصل عليه حمدُ الحامد وثناء المادح، وهو لنْ يكون محمّدا إلاّ إذا كثُرِت خصالُه المحمودة، وصفاته المحبوبة، وأفعاله المرضيّة.
وهذا المعنى العظيم متحقق في حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، فالحمد والثناء متواصلٌ مُستمرّ عليه من كلّ من حَمِده وأثنى عليه، بسبب تواصل صفاته وأفعاله وخصاله وشمائله وسجاياه صلى الله عليه وسلم …
إنّ محمّدا حامِدٌ أولا؛ يقوم بالحمد والثناء، وهو محمود ثانيا: يحمده الحامدون الآخرون لعظمة صفاته، وهو حَمَّادٌ ثالثا؛ أي: كثير الحمد لا يكاد يتوقّف عنه، وهو أحمد رابعا؛ أي: أي أكثر حمدا من غيره. وبما أنّ الاشتقاقات الأربعة متحققة فيه فهو مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم.
فهو الإنسان الكامل، الذي جمع كلَّ الفضائل. وأنّه مجمّع الكمالات.
( من مقال: محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن/ د. صلاح عبد الفتاح الخالدي ـ مجلة الفرقان ـ العدد الحادي والخمسون/ بتصرف ).
محمد رافع 52 28-12-2013, 09:02 PM الإعجاز النبوي...في الإخبار عن الأمم السابقة
أشار القرآن الكريم في أكثر من موضع إلى جانب من جوانب الإعجاز في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم - ، وهو الإخبار عن قصصٍ ومشاهد تفصيلية لحضارات سادت ثم اندثرت ، والحديث عن مواقف غيبيّة وقعت في أمم سابقة لم يكن لها اتصالٌ مباشرٌ بأهل الجزيرة العربية ، وذلك في قوله سبحانه : { ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون } ( آل عمران : 44 ) ، وقوله سبحانه : { ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون } ( يوسف : 102 ) .
ووجه الإعجاز في ذكر تلك القصص ، هو أن البيئة العربية لم تكن على علمٍ بها ، سوى ما ورد ذكره من إشاراتٍ مجملة ، أتت من قبيل ضرب الأمثال ، كقولهم : "أحلام عاد" ، وقولهم : " كانَتْ عَلَيْهُمْ كَرَاغِيةِ البَكْرِ " والمقصود به ناقة صالح عليه السلام ، وأما تفاصيل تلك القصص فلم يكونوا على علمٍ بتلك الأخبار التفصيليّة ، وهذا يُثبت أنه عليه الصلاة والسلام علم بها من مصدر آخر ، ويشير القرآن إلى ذلك بقوله تعالى : { تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا } ( هود : 49).
أما أهل الكتاب فلم تكن تلك الأخبار الدقيقة معلومة سوى عند الأكابر من أحبارهم ، الذين أفنوا أعمارهم في دراستها وتعلّمها ، في الوقت الذي لم يثبت فيه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قد تلقّى عنهم تلك العلوم لا في مكّة ولا في غيرها ، ومع علمنا بشدّة حرصهم على تكذيبه وإبطال دعوته فلم يدّع أحدٌ منهم قيامه بتعليمه أياً من تلك العلوم .
وإذا أضفنا إلى ذلك أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان أمّياً لا يُحسن القراءة ولا الكتابة ، فلم يكن من المتصوّر أن يتلقّى مثل هذه الأخبار عن كتب أهل الكتاب ، وبالتالي لا سبيل إلى معرفة تلك التفاصيل إلا عن طريق الوحي ، ولهذا المعنى أقرّ بعض الأحبار بصدق النبي – صلى الله عليه وسلم – في نبوّته ، فحين أتى وفدٌ من علماء اليهود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وقالوا له : " يا أبا القاسم ، حدّثنا عن أمورٍ نسألك عنها ، لا يعلمهنّ إلا نبي " ...فكان فيما سألوه : " أيّ الطعام حرّم إسرائيل على نفسه قبل أن تُنزّل التوراة ؟ " ، فقال لهم : ( أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن إسرائيل مرض مرضاً شديداً فطال سقمه ، فنذر لله نذراً لئن شفاه الله من سقمه ليُحرّمنّ أحب الشراب إليه ، وأحب الطعام إليه ، فكان أحب الطعام إليه لحمان الإبل ، وأحب الشراب إليه ألبانها ؟ ) ، فقالوا : " اللهم نعم " رواه أحمد .
ونصوص القرآن والسنّة مليئةٌ بقصص الأمم الماضية وما فيها من أحداث وعبر بأحسن أسلوب وألطف عبارة ، ابتداءً بقصّة آدم عليه السلام ومراحل تكوينه ونفخ الروح فيه ، ثم أمر الله تعالى للملائكة بالسجود له وعصيان إبليس لربّه ، ثم خروج آدم عليه السلام من الجنّة واستقراره في الأرض حتى توفّاه الله تعالى ، ومروراً بقصص أولي العزم من الرسل والابتلاءات التي لحقتهم في سبيل دعوتهم ، والمعجزات التي أيّدهم الله باه ، وموقف أقوامهم منها ، وما تخلّل ذلك من مواقف تربويّةٍ ومواعظ جليلة ، وعاقبة الذين آمنوا بهم في الدنيا والآخرة ، والعقاب الإلهيّ الذي حلّ بالمعرضين عن قبول دعوتهم والإيمان بها .
كما وردت في نصوص الوحيين أخبارٌ كثيرة عن الصالحين ، وما جرى لهم من أحداث ، كقصّة أصحاب الكهف ، وخبر موسى مع الخضر ، ويوسف وإخوته ، وتمكين ذي القرنين ، ووصايا لقمان ، وتفاصيل ما حدث للعبد الصالح الذي أماته الله مائة عام ، ثم بعثه ليوقفه على حقيقة البعث والنشور .
ومن ذلك أيضاً : قصّة البغيّ التي سقت كلباً فغفر الله لها ، وقصّة التاجر الذي كان يتسامح مع الدائنين ، فنال بذلك المغفرة من الله ، وقصّة قاتل التسعة والتسعين نفساً ، وقصّة الغلام المؤمن والساحر ، وقصّة أصحاب الغار والصخرة التي سدّت عليهم بابها .
فهذه وغيرها من الأخبار التي وقعت في الأمم السابقة ، وأخبر عنها النبي - صلى الله عليه وسلم – تضيف بُعداً جديداً للدلائل الكثيرة على صدق نبوّته – صلى الله عليه وسلم - ، وأحقّية رسالته .
محمد رافع 52 28-12-2013, 09:15 PM حفظ الله لنبيه صلى الله عليه وسلم
لقي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أعدائه كثير الأذى، وعظيم الشدة والمكائد، منذ جهر بدعوته، ولكن الله تبارك وتعالى حفظه ونصره، وعصمه من الناس ..
ومن عصمة الله لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ حفظه له من أعدائه عامة، ومن أهل مكة وصناديدها خاصة، فقد أنجاه الله من المؤامرات التي واجهته منذ بعثته ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقد أخبره الله وأنبأه بحفظه وسلامته من كيدهم وعدوانهم، فقال له: { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } (المائدة: من الآية67)..
قال ابن كثير : " أي بلغ أنت رسالتي، وأنا حافظُك وناصرُك ومؤيدُك على أعدائك ومُظفِرُك بهم، فلا تخف ولا تحزن، فلن يصل إليك أحدُ منهم بسوء يؤذيك"..
تقول عائشة ـ رضي الله عنها ـ: كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يُحْرس حتى نزلت هذه الآية: { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ }، فأخرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأسَه من القبة، فقال لهم: ( يا أيها الناس، انصرفوا عني، فقد عصمني الله ) ( الترمذي والحاكم )..
وفي الآية { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } دليلان من دلائل النبوة، أولهما: إخبار الله له بحفظه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقد كان.. والدليل الآخرُ، يظهر لمن عرف أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان مقصوداً بال*** من أعدائه، فكان الصحابة يحرسونه خوفاً عليه، فلما نزلت الآية صرفهم عن حراسته، ليقينه بما أنزل الله إليه، ولو كان دعياً لما غرر بنفسه، ولما عرَّض نفسَه للسوء، والمرء لا يكذب على نفسه، ومن ثم لو كان القرآن ليس بوحي، لأبقى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على حراسة نفسه..
قال الماوردي : " فمن معجزاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ : عصمتُه من أعدائه، وهم الجمُّ الغفير، والعددُ الكثير، وهم على أتم حَنَقٍ عليه، وأشدُّ طلبٍ لنفيه، وهو بينهم مسترسلٌ قاهر، ولهم مخالطٌ ومكاثر، ترمُقُه أبصارُهم شزراً، وترتد عنه أيديهم ذعراً، وقد هاجر عنه أصحابه حذراً حتى استكمل مدته فيهم ثلاث عشرة سنة، ثم خرج عنهم سليماً، لم يكْلَم في نفسٍ ولا جسد، وما كان ذاك إلا بعصمةٍ إلهيةٍ وعدَه الله تعالى بها فحققها، حيث يقول: { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } فعَصَمَه منهم "..
والأمثلة على عصمة وحفظ الله لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وكف الأعداء عنه كثيرة، نكتفي بذكر نماذج منها :
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: ( قال أبو جهل : هل يعفِّر محمدٌ وجهَه بين أظهرِكم (يعني بالسجود والصلاة)؟ فقيل: نعم. فقال: واللاتِ والعزى، لئن رأيتُه يفعلُ ذلك لأطأنَّ على رقَبَتِه، أو لأعفِّرنَّ وجهَه في التراب. فأتى رسولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يصلي،ـ زعمَ ـ ليطأَ على رقَبَتِه، قال: فما فجِئهم منه إلا وهو ينكُص على عقبيه، ويتقي (أي يحتمي) بيديه. فقيل له: مالَك؟، فقال: إن بيني وبينه لخندقاً من نارٍ وهوْلاً وأجنحة، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: لوْدنا مني لاختطفته الملائكة عُضواً عضواً ) ( البخاري )..
وهذه معجزة عظيمة رآها عدو الإسلام أبو جهل ، فقد رأى أجنحة الملائكة وهي تحمي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وأيقن بأن الله حماه بجنده وعونه، لكن منعه الكِبْرُ وحب الزعامة والحرص عليها من الإذعان للحق والانقياد له، فحاله وحال غيره من المشركين كما قال الله تعالى: { فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ } (الأنعام: من الآية33).
قال النووي : "ولهذا الحديث أمثلة كثيرة في عصمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أبي جهل وغيرِه , ممّن أراد به ضرراً..
وكما حمت الملائكة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أبي جهل ، فقد تنزلت لحمايته يوم أُحد، حين أطبق عليه المشركون، وتفرق عنه أصحابه .. فعن سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ قال: ( رأيت عن يمين رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بيض، يقاتلان كأشد القتال، ما رأيتهما قبل ولا بعد ـ يعني جبريل وميكائيل ـ )( متفق عليه ).
قال النووي : " فيه بيان كرامة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الله تعالى، وإكرامه إياه بإنزال الملائكة تقاتل معه، وبيان أن الملائكة تقاتِل، وأن قتالَهم لم يختص بيوم بدر"..
وفي الهجرة النبوية ظهرت صور متعددة لحفظ الله لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ منها :
ما ذكره أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ، قال: ( فارتحلنا بعد ما مالت الشمس وأتبعنا سراقة بن مالك فقلت أُتينا يا رسول الله، فقال: لا تحزن إن الله معنا، فدعا عليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فارتطمت به فرسه إلى بطنها، فقال: إني أراكما قد دعوتما عليَّ، فادعوَا لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب، فدعا له النبي – صلى الله عليه وسلم - فنجا فجعل لا يلقى أحدا إلا قال كفيتكم ما هنا، فلا يلقى أحدا إلا رده، قال: ووفَّى لنا ) ( البخاري ).
قال أنس : ( فكان أول النهار جاهدا (مبالغا في البحث والأذى)على نبي الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وكان آخرَ النهار مَسْلَحةً له(حارسا له بسلاحه) ) ( البخاري )..
فكان إنجاء الله لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من بين يدي سراقة سبباً في إسلامه، ودفاعه عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .. فقال ـ رضي الله عنه ـ وهو يخاطب أبا جهل :
أبا حكمٍ والله لو كنتَ شاهداً لأمر جوادي إذ تسوخُ قوائمه
علمتَ ولم تَشْكُك بأن محمداً رسولٌ ببرهانٍ فمن ذا يقاومه
ومن الأمثلة كذلك لحفظ الله لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما رواه جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال: ( غزونا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قِبَل(ناحية) نجد، فأدركنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في واد كثير العضاه (شجر به شوك)، فنزل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تحت شجرة، فعلق سيفه بغصن من أغصانها، وتفرق الناس يستظلون بالشجر، قال: فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: إن رجلا أتاني وأنا نائم، فأخذ السيف فاستيقظت وهو قائم على رأسي، فلم أشعر إلا والسيف صلتا(مسلولا) في يده، فقال لي: من يمنعك مني؟، قلت: الله، ثم قال في الثانية: من يمنعك مني؟، قلت: الله، فشام السيف(فرده في غمده)، فهاهو ذا جالس.. ثم لم يعرض له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم )( مسلم ).
وفي رواية أخرى أن الرجل ( قام على رأس رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالسيف فقال: من يمنعك مني؟ فقال صلى الله عليه وسلم ـ: اللهُ عز وجل.. فسقط السيف من يده فأخذه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: من يمنعك مني؟، فقال الأعرابي: كن كخير آخذ. فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أتشهد أن لا إله إلا الله؟، قال: لا، ولكني أعاهدُك أن لا أقاتِلَكَ، ولا أكونَ مع قوم يقاتلونك، فخلى سبيله، فذهب إلى أصحابه، فقال: قد جئتُكم من عندِ خير الناس ) ( أحمد ). وذكر الواقدي أنه أسلم ورجع إلى قومه فاهتدى به خلق كثير ..
ويحدثنا عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن صورة أخرى لحفظ وحماية الله لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيقول :
( إن الملأ من قريش اجتمعوا في الحجر، فتعاقدوا باللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى و نائلة و إساف، لو قد رأينا محمدا لقد قمنا إليه قيام رجل واحد فلم نفارقه حتى ن***ه ، فأقبلت ابنته فاطمة ـ رضي الله عنها ـ تبكي حتى دخلت على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت: هؤلاء الملأ من قريش قد تعاقدوا عليك لو قد رأوك ، لقد قاموا إليك ف***وك، فليس منهم رجل إلا قد عرف نصيبه من دمك. فقال يا بنية : أريني وضوءا، فتوضأ ثم دخل عليهم المسجد، فلما رأوه قالوا: ها هو ذا، وخفضوا أبصارهم وسقطت أذقانهم في صدورهم، وعقروا في مجالسهم ، فلم يرفعوا إليه بصرا، ولم يقم إليه منهم رجل. فأقبل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى قام على رؤوسهم، فأخذ قبضة من التراب فقال: شاهت الوجوه، ثم حصبهم بها ، فما أصاب رجلا منهم من ذلك الحصى حصاة، إلا *** يوم بدر كافرا ) ( أحمد )..
هذه بعض الصور والأمثلة لحفظ الله لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي هذا كله ما يشهد له ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالنبوة وتأييد الله له، وحفظه إياه.. وصدق الله تعالى حيث يقول: { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } (المائدة: من الآية67)..
محمد رافع 52 29-12-2013, 10:25 PM معجزة النبوة في شفاء المرضى
من المعجزات التي أكرم الله بها نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم -، حصول الشفاء على يديه للكثير من أصحابه ببركته ودعائه، مما كان له كبير الأثر في تثبيت نفوسهم، وزيادة إيمانهم.
فمن تلك المواقف ما حصل مع الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم خيبر، حين قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( لأعطين هذه الراية رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله ) ، فبات الناس تلك الليلة يتساءلون عن صاحب الراية، وفي الصباح انطلقوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – لمعرفة الفائز بهذا الفضل، فإذا بالنبي – صلى الله عليه وسلم – يسأل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فذكروا له أنه مصاب بالرَّمد، فأرسل – صلى الله عليه وسلم – في طلبه، ولما حضر عنده بصق في عينيه ودعا له، فشفاه الله ببركة النبي صلى الله عليه وسلم، واستلم الراية، ثم قاتل حتى فتح الله على يديه، والحديث بتمامه في الصحيحين .
والأعجب من ذلك ما رواه الإمام الطبراني عن قتادة بن النعمان رضي الله عنه أنه قاتل يوم أحد، فأصابه سهمٌ أخرج إحدى عينيه من مكانها، فسعى إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو يحملها في يده، فأخذها – صلى الله عليه وسلم – وأعادها إلى موضعها ودعا له، فعادت إلى طبيعتها، وكانت أجمل عينيه وأقواهما إبصاراً.
ومن معجزاته - صلى الله عليه وسلم - شفاء المصاب ببركة نفثه عليه، كما حدث مع الصحابي سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، فعن يزيد بن أبي عبيد قال : " رأيت أثر ضربة في ساق سلمة ، فقلت : يا أبا مسلم ما هذه الضربة؟ فقال: هذه ضربة أصابتني يوم خيبر، فقال الناس: أصيب سلمة ، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فنفث فيه ثلاث نفثات، فما اشتكيتها حتى الساعة " رواه البخاري .
ولم تقف معجزاته – صلى الله عليه وسلم – عند هذا الحد، بل كان يمسح على الكسر فيجبر، كما حصل مع الصحابي عبد الله بن عتيك رضي الله عنه حينما أرسله النبي - صلى الله عليه وسلم – ل*** أبي رافع اليهودي، فانكسرت ساقه أثناء تلك المهمّة، فطلب منه النبي - صلى الله عليه وسلم – أن يبسط قدمه، فمسح عليها، فجبر الكسر الذي أصابه واستطاع أن يمشي عليها من لحظته، والقصة رواها الإمام البخاري .
ومن بركاته - صلى الله عليه وسلم -، ما رواه البخاري أن السائب بن يزيد رضي الله عنه كان يشكو من وجع، فمسح النبي - صلى الله عليه وسلم – على رأسه ودعا له بالبركة، ثم توضّأ فشرب السائب من وضوئه، فزال عنه الألم، ويذكر المؤرّخون أن السائب بن يزيد طال عمره حتى زاد عن التسعين عاماً وهو محتفظ بصحّته ولم تظهر عليه آثار الشيخوخة، وذلك ببركة دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم - .
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أنه مرض مرضاً شديداً ألزمه الفراش حتى لم يعد يميز من حوله، فزاره النبي – صلى الله عليه وسلم – بصحبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ودعا عليه الصلاة والسلام بماء فتوضأ منه ثم رش عليه، فأفاق من مرضه، رواه البخاري و مسلم .
وإلى جانب علاج الأمراض الحسّية، كان للنبي – صلى الله عليه وسلم – تأثيرٌ في علاج الأمراض المعنوية، ومن ذلك قصة الشاب الذي أتى النبي - صلى الله عليه وسلم – يستأذنه في الزنا، فوضع النبي – عليه الصلاة والسلام – يده على صدره وقال : ( وقال اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه ) رواه أحمد ، فأزال الله من قلبه طغيان الشهوة فلم يعد يلتفت إلى النساء .
تلك المواقف وغيرها تدل على ما أكرم الله عزوجل به رسوله صلى الله عليه وسلم من الكرامات العظيمة، والمنح الكثيرة، تأييداً لدعوته، وتصديقا لنبوته.
محمد رافع 52 29-12-2013, 10:29 PM بشارات الأنبياء بالحبيب صلى الله عليه وسلم
كانت رسالة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أعظم الرسالات وأشملها، لما حملته من خير للبشرية، وقد أحاطها الله بعنايته، وجعل لها دلائل وبشارات كثيرة، منها تبشير الأنبياء أقوامهم ومن يأتي بعدهم ببعثة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
فقد ذكر القرآن الكريم أن الله ـ تعالى ـ أنزل البشارة بمبعث الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - في الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء السابقين، فقال تعالى: { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ } (سورة الأعراف، الآية: 157) .
وأعلم الله تعالى جميع الأنبياء ببعثته ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وأمرهم بتبليغ أتباعهم بوجوب الإيمان به واتباعه إن هم أدركوه، كما قال تعالى:{ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ } (سورة آل عمران، آية:81).
فدعا إبراهيم ـ عليه السلام ـ ربه أن يبعث في العرب رسولاً منهم، فأرسل الله ـ عز وجل ـ محمداً ـ صلى الله عليه وسلم ـ إجابة لدعوته، قال تعالى:{ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } (البقرة:129) .
وبشر به عيسى ـ عليه السلام ـ، وأخبرنا الله تعالى عن بشارة عيسى بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقال: { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ } (سورة الصف، آية:6) .
وكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول:( أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى عليهما السلام، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام ) ( أحمد ).
لقد تعددت البشارات في الكتب السماوية السابقة بخاتم النبيين محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ، حيث بشر الأنبياء بقدومه، وأمروا أتباعهم بالإيمان به ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وتصديقه إذا ظهر، ولولا ما حدث في هذه الكتب من تحريف وتزييف، وما أصاب علماء أهل الكتاب من كبر وحسد، لكانت النصوص الدالة على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ واضحة وضوح الشمس في وسط النهار .
عن عطاء بن يسار ـ رضي الله عنه ـ قال : لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ قلت: ( أخبرني عن صفة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في التوراة، قال: أجل، والله إنه لموصوف ببعض صفته في القرآن: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } (الأحزاب:45) وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا ) ( البخاري ) .
يقول ابن تيمية : " قد رأيت أنا من نسخ الزبور ما فيه تصريح بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - باسمه، ورأيت نسخة أخرى بالزبور فلم أر ذلك فيها، وحينئذ فلا يمتنع أن يكون في بعض النسخ من صفات النبي - صلى الله عليه وسلم – ما ليس في أخرى " .
وأخبر سلمان الفارسي - رضي الله عنه - في قصة إسلامه المشهورة عن راهب عمورية حين حضرته الوفاة فقال لسلمان : " إنه قد أظل زمان نبي مبعوث بدين إبراهيم، يخرج بأرض العرب، مهاجرا إلى أرض بين حرتين بينهما نخل، به علامات لا تخفى، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل " .
ثم قصّ سلمان خبر قدومه إلى المدينة واسترقاقه، ولقائه برسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين الهجرة، وإهدائه له طعاماً على أنه صدقة، فلم يأكل منه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ثم إهدائه له طعاماً على أنه هدية وأكله منه، ثم رؤيته خاتم النبوة بين كتفيه، وإسلامه على أثر ذلك .
وقد أخبر بعض أحبار اليهود ورجالهم بقرب مبعثه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ومن ذلك ما ذكره ابن هشام في سيرته، من قصة ابن الهيبان الذي خرج من بلاد الشام ونزل في بني قريظة ثم تُوفي قبل البعثة النبوية بسنتين، فإنه لما حضرته الوفاة قال لبني قريظة: " يا معشر يهود، ما ترونه أخرجني من أرض الخَمْر والخَمير(الشام) إلى أرض البؤس والجوع (الحجاز)؟ قالوا: أنت أعلم، قال: إني قدمت هذه البلدة أتوكَّفُ (انتظر) خروج نبي قد أظلَّ زمانه، وكنت أرجوا أن يبعث فأتبعه " .
وقال ابن إسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن رجال من قومه(الأنصار) قولهم:
" إن مما دعانا إلى الإسلام مع رحمة الله تعالى وهداه، لما كنا نسمع من رجال يهود، كنا أهل شرك أصحاب أوثان، وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس لنا، وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور، فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا: إنه تقارب زمان نبي يبعث الآن ن***كم معه *** عاد وإرم، فكنا كثيراً ما نسمع ذلك منهم . فلما بُعِث الله رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أجبناه حين دعانا إلى الله تعالى، وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به فبادرناهم إليه فآمنا به وكفروا به، ففينا وفيهم نزل هؤلاء الآيات من البقرة { وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ } (البقرة:89) .
وعن سلمة بن وقش ـ رضي الله عنه ـ قال: ( كان لنا جار من اليهود بالمدينة فخرج علينا قبل البعثة بزمان فذكر الحشر والجنة والنار، فقلنا له: وما آية ذلك؟ قال خروج نبي يبعث من هذه البلاد ـ وأشار إلى مكة ـ فقالوا متى يقع ذلك؟ قال فرمى بطرفه إلى السماء وأنا أصغر القوم، فقال: إن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه. قال فما ذهبت الأيام والليالي حتى بعث الله تعالى نبيه، وهو حي ـ أي اليهودي ـ فآمنَّا به وكفر هو بغياً وحسداً ) ( أحمد ) .
وفي قصة هرقل مع أبي سفيان قول هرقل في آخرها: ( فإن كان ما تقول حقاً، فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكم ) ( البخاري ).
قال ابن تيمية : " والأخبار بمعرفة أهل الكتاب بصفة محمد - صلى الله عليه وسلم - عندهم في الكتب المتقدمة متواترة عنهم .." .
قال الإمام الماوردي في ( أعلام النبوة ): " .. تقدمت بشائر من سلف من الأنبياء، بنبوة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ مما هو حجة على أممهم، ومعجزة تدل على صدقه عند غيرهم، بما أطلعه الله - تعالى - على غيبه، ليكون عونا للرسل، وحثا على القبول، فمنهم من عينه باسمه، ومنهم من ذكره بصفته، ومنهم من عزاه إلى قومه، ومنهم من أضافه إلى بلده، ومنهم من خصه بأفعاله، ومنه من ميزه بظهوره وانتشاره، وقد حقق الله - تعالى - هذه الصفات جميعها فيه، حتى صار جلياً بعد الاحتمال، ويقينا بعد الارتياب " .
وجاء فى ( منية الأذكياء فى قصص الأنبياء ) : " إن نبينا - عليه الصلاة والسلام - قد بشر به الأنبياء السابقون، وشهدوا بصدق نبوته، ووصفوه وصفا رفع كل احتمال، حيث صرحوا باسمه وبلده و***ه وحليته وأطواره وسمته، ومع أن أهل الكتاب حذفوا اسمه من نسخهم الأخيرة إلا أن ذلك لم يجدهم نفعا، لبقاء الصفات التي اتفق عليها المؤرخون من كل *** وملة، وهى أظهر دلالة من الاسم على المسمى، إذ قد يشترك اثنان في اسم، ويمتنع اشتراك اثنين في جميع الأوصاف . لكن من أمدٍ غير بعيد قد شرعوا في تحريف بعض الصفات ليبعد صدقها عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فترى كل نسخة متأخرة تختلف عما قبلها في بعض المواضع اختلافا لا يخفى على اللبيب أمره، ولا ما قصد به، ولم يفدهم ذلك غير تقوية الشبهة عليهم، لانتشار النسخ بالطبع وتيسير المقابلة بينها " .
لقد بشر الأنبياء بالحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وكان علماء أهل الكتب السابقة يعلمون قرب خروج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وكانوا ينتظرونه ويبشرون به، فلما بُعِث ـ صلى الله عليه وسلم ـ منهم من آمن به، ومنهم من منعهم الحسد والكبر عن الإيمان به، فخسر الدنيا والآخرة ..
ومما لا شك فيه أن الدلالات على صدق نبوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا تتوقف على هذه البشارات من الأنبياء السابقين، ومن علماء أهل الكتاب، فدلالات القرآن الكريم من الإعجاز البلاغي والعلمي، والتشريع الباهر، ودلالات السنة النبوية المطهرة الصحيحة على وقوع المعجزات الحسية، ومشاهدة الألوف من المسلمين لها، ودلالات السيرة النبوية، وشمائله وأخلاقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وغيرها, كلها تقطع بصدق نبوة الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ ..
Hamada Elshazly 13-01-2014, 08:20 PM ررررررررررررررررررررررررررروعة
محمد رافع 52 14-01-2014, 12:14 AM ررررررررررررررررررررررررررروعة
شكراً
بارك الله فيك
mhz2000 15-01-2014, 04:24 PM http://i83.servimg.com/u/f83/12/53/95/12/jks2q510.gif
محمد رافع 52 16-01-2014, 08:58 AM http://i83.servimg.com/u/f83/12/53/95/12/jks2q510.gif
شكراً
بارك الله فيك
محمد رافع 52 25-01-2014, 03:04 AM (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ
فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)
(159 آل عمران) (http://www.alro7.net/playerq2.php?langg=arabic&sour_id=3&top=159#top159)
(http://www.alro7.net/playerq2.php?langg=arabic&sour_id=3&top=159#top159)
محمد رافع 52 26-01-2014, 05:58 PM تفسير بن كثير
يقول تعالى مخاطباً رسوله ممتناً عليه وعلى المؤمنين فيما أَلان به قلبه على أمته المتبعين لأمره التاركين لزجره وأطاب لهم لفظه { فبما رحمة من اللّه لنت لهم} أي بأي شيء جعلك اللّه لهم ليناً لولا رحمة اللّه بك وبهم، وقال قتادة: { فبما رحمة من اللّه لنت لهم} يقول: فبرحمة من اللّه لنت لهم و { ما} صلة، والعرب تصلها بالمعرفة كقوله { فبما نقضهم ميثاقهم} ، وبالنكرة كقوله: { عما قليل} وهكذا ههنا. قال: { فبما رحمة من اللّه لنت لهم} أي برحمة من اللّه، وقال الحسن البصري: هذا خلق محمد صلى الله عليه وسلم بعثه اللّه به، وهذه الآية الكريمة شبيهة بقوله تعالى: لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} ثم قال تعالى: { ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك} والفظ: الغليظ المراد به ههنا غليظ الكلام لقوله بعد ذلك: { غليظ القلب} أي لو كنت سيئ الكلام قاسي القلب عليهم لانفضوا عنك وتركوك، ولكن اللّه جمعهم عليك، وألان جانبك لهم تأليفا لقلوبهم، كما قال عبد اللّه بن عمرو: إني أرى صفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الكتب المتقدمة (أنه ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صخّاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح) ولهذا قال تعالى: { فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر} ولذلك كان رسول الله صلى اللّه عليه وسلم يشاور أصحابه في الأمر إذا حدث، تطييباً لقلوبهم، ليكون أنشط لهم فيما يفعلونه، كما شاورهم يوم بدر في الذهاب إلى العير، فقالوا: يا رسول اللّه لو استعرضت بنا عرض البحر لقطعناه معك، ولو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك، ولا نقول لك كما قال قوم موسى لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكن نقول: اذهب فنحن معك وبين يديك وعن يمينك وعن شمالك مقاتلون. وشاورهم أيضاً أين يكون المنزل، حتى أشار المنذر بن عمرو بالتقدم أمام القوم، وشاروهم في أُحُد في أن يقعد في المدينة أو يخرج إلى العدوّ، فأشار جمهورهم بالخروج إليهم فخرج إليهم، وشاروهم يوم الخندق في مصالحة الأحزاب بثلث ثمار المدينة عامئذ فأبى ذلك عليه السعدان، سعد ابن معاذ وسعد بن عبادة، فترك ذلك، وشاورهم يوم الحديبية في أن يميل على ذراري المشركين، فقال له الصديق: إنا لم نجئ لقتال أحد وإنما جئنا معتمرين، فأجابه إلى ما قال، فكان صلى اللّه عليه وسلم يشاورهم في الحروب ونحوها. وروينا عن ابن عباس في قوله تعالى: { وشاورهم في الأمر} قال: نزلت في أبي بكر وعمر، وكانا حواريي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ووزيريه وأبوي المسلمين، وقد روى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن غنم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لأبي بكر وعمر: (لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما)، وروى ابن مردويه، عن علي بن أبي طالب قال: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن العزم؟ فقال: (مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم)، وقال ابن ماجة عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (المستشار مؤتمن) وقوله تعالى: { فإذا عزمت فتوكل على اللّه} ، أي إذا شاورتهم في الأمر وعزمت عليه فتوكل على اللّه فيه { إن اللّه يحب المتوكلين} ، وقوله تعالى: { إن ينصركم اللّه فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى اللّه فليتوكل المؤمنون} وهذه الآية كما تقدم من قوله: { وما النصر إلا من عند اللّه العزيز الحكيم} ، ثم أمرهم بالتوكل عليه فقال: { وعلى اللّه فليتوكل المؤمنون} ، وقوله تعالى: { وما كان لنبي أن يغل} ، قال ابن عباس ومجاهد: ما ينبغي لنبي أن يخون، وقال ابن أبي حاتم، عن ابن عباس: فقدوا قطيفة يوم بدر فقالوا: لعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أخذها فأنزل اللّه: { وما كان لنبي أن يغلّ} أي يخون. وقال ابن جرير، عن ابن عباس أن هذه الآية: { وما كان لنبي أن يغل} نزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر، فقال بعض الناس: لعل رسول اللّه أخذها، فأكثروا في ذلك، فأنزل اللّه: { وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} ، وعنه قال: اتهم المنافقون رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بشيء فُقد، فأنزل اللّه تعالى: { وما كان لنبي أن يغل} وهذا تنزيه له صلوات اللّه وسلامه عليه من جميع وجوه الخيانة في أداء الأمانة وقسم الغنيمة وغير ذلك { ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} ، وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد، وقد وردت السنّة بالنهي عن ذلك أيضاً في أحاديث متعددة. قال الإمام أحمد عن أبي مالك الأشجعي، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (أعظم الغلول عند اللّه ذراع في الأرض، تجدون الرجلين جارين في الأرض - أو في الدار - فيقطع أحدهما من حظ صاحبه ذراعاً فإذا قطعه طوقه من سبع أرضين يوم القيامة) حديث آخر: قال الإمام أحمد، عن عبد الرحمن بن جبير قال: سمعت المستورد بن شداد يقول، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (من ولي لنا عملاً وليس له منزل فليتخذ منزلاً، أو ليست له زوجة فليتزوج، أو ليس له خادم فليتخذ خادماً، أو ليس له دابة فليتخذ دابة، ومن أصاب شيئاً سوى ذلك فهو غال) حديث آخر: قال ابن جرير، عن عكرمة، عن ابن عباس قال، قال رسول اللّه صلى للّه عليه وسلم : (لأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل شاة لها ثغاء ينادي: يا محمد يا محمد! فأقول: لا أملك لك من اللّه شيئاً قد بلغتك، ولأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل جملاً له رغاء يقول: يا محمد يا محمد؟ فأقول: لا أملك لك من اللّه شيئاً قد بلغتك، ولأعرفن أحدكم يوم القيامة يحمل فرساً له حمحمة ينادي: يا محمد يا محمد! فأقول: لا أملك لك من اللّه شيئا قد بلغتك، ولأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل قسماً من أدم ينادي: يا محمد يا محمد! فأقول: لا أملك لك من اللّه شيئاً قد بلغتك) "أخرجه ابن جرير، قال ابن كثير: لم يروه أحد من أهل الكتب الستة" حديث آخر: قال الإمام أحمد: استعمل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رجلاً من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة، فجاء فقال: هذا لكم وهذا أهدي لي، فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على المنبر، فقال: (ما بال العامل نبعثه على عمل فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده لا يأتي أحدكم منها بشيء إلا جاء به يوم القيامة على رقبته، وإن كان بعيراً له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تَيْعَر)، ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه، ثم قال: (اللهم هل بلغت)؟ ثلاثاً حديث آخر: قال أبو عيسى الترمذي، عن معاذ بن جبل قال: بعثني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى اليمن، فلما سرت أرسل في أثري فرددت، فقال: (أتدري لم بعثت إليك؟ لا تصيبن شيئاً بغير إذني فإنه غلول: { ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} لهذا دعوتك فامض لعملك) "قال الترمذي: حديث حسن غريب" حديث آخر: قال الإمام أحمد عن أبي هريرة قال: قام فينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوماً فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره، ثم قال: (لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء فيقول: يا رسول اللّه أغثني، فأقول: لا أملك لك من اللّه شيئاً قد بلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس لها حمحمة فيقول: يا رسول اللّه أغثني، فأقول: لا أملك لك من اللّه شيئاً قد بلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت، فيقول: يا رسول اللّه أغثني، فأقول: لا أملك لك من اللّه شيئاً قد بلغتك) أخرجه الشيخان. وقوله تعالى: { أفمن اتبع رضوان اللّه كمن باء بسخط من اللّه ومأواه جهنم وبئس المصير} أي لا يستوي من اتبع رضوان اللّه فيما شرعه فاستحق رضوان اللّه وجزيل ثوابه، ومن استحق غضب اللّه وألزمه به فلا محيد له عنه ومأواه يوم القيامة جهنم وبئس المصير، وهذه الآية لها نظائر كثيرة في القرآن كقوله تعالى: { أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى} ، كقوله: { أفمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا} الآية. ثم قال تعالى: { هم درجات عند اللّه} قال الحسن البصري: يعني أهل الخير وأهل الشر درجات، وقال أبو عبيدة والكسائي: منازل، يعني متفاوتون في منازلهم، درجاتهم في الجنة ودركاتهم في النار، كقوله تعالى: { ولكل درجات مما عملوا} الآية، ولهذا قال تعالى: { واللّه بصير بما يعملون} ، أي وسيوفيهم إياها، لا يظلمهم خيراً ولا يزيدهم شراً، بل يجازي كل عامل بعمله. وقوله تعالى: { قد من اللّه على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم} أي من ***هم ليتمكنوا من مخاطبته وسؤاله ومجالسته والانتفاع به، كما قال تعالى: { قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد} الآية، وقال تعالى: { وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق} ، وقال تعالى: { وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى} ، وقال تعالى: { يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم} ؟ فهذا أبلغ في الامتنان أن يكون الرسول إليهم منهم، بحيث يمكنهم مخاطبته ومراجعته في فهم الكلام عنه، ولهذا قال تعالى: { يتلو عليهم آياته} يعني القرآن { ويزكيهم} أي يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر لتزكوا نفوسهم، وتطهر من الدنس والخبث الذي كانوا متلبسين به في حال شركهم وجاهليتهم، { ويعلمهم الكتاب والحكمة} يعني القرآن والسنّة، { وإن كانوا من قبل} أي من قبل هذا الرسول، { لفي ضلال مبين} أي لفي غي وجهل ظاهر جلي بيِّن لكل أحد.
محمد رافع 52 26-01-2014, 06:03 PM تفسير الجلالين
{ فبما رحمة من الله لِنْتَ } يا محمد { لهم } أي سهلت أخلاقك إذ خالفوك { ولو كنت فظا } سيء الخُلُق { غليظ القلب } جافيا فأغلظت لهم { لا نفضُّوا } تفرقوا { من حولك فاعف } تجاوز { عنهم } ما أتوه { واستغفر لهم } ذنوبهم حتى أغفر لهم { وشاورهم } استخرج آراءهم { في الأمر } أي شأنك من الحرب وغيرة تطيبيا لقلوبهم ولستن بك وكان صلى الله عليه وسلم كثير المشاورة لهم . (فإذا عزمت) على إمضاء ما تريد بعد المشاورة { فَتوكَّلْ على الله } ثق به لا بالمشاورة { إن الله يحب المتوكلين } عليه .
محمد رافع 52 26-01-2014, 06:06 PM تفسير الطبري
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَبِمَا رَحْمَة مِنْ اللَّه لِنْت لَهُمْ } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { فَبِمَا رَحْمَة مِنْ اللَّه } فَبِرَحْمَةٍ مِنْ اللَّه وَ " مَا " صِلَة , وَقَدْ بَيَّنْت وَجْه دُخُولهَا فِي الْكَلَام فِي قَوْله : { إِنَّ اللَّه لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِب مَثَلًا مَا بَعُوضَة فَمَا فَوْقهَا } 2 26 وَالْعَرَب تَجْعَل " مَا " صِلَة فِي الْمَعْرِفَة وَالنَّكِرَة , كَمَا قَالَ : { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقهمْ } 4 155 وَالْمَعْنَى : فَبِنَقْضِهِمْ مِيثَاقهمْ . وَهَذَا فِي الْمَعْرِفَة , وَقَالَ فِي النَّكِرَة : { عَمَّا قَلِيل لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ } 23 40 وَالْمَعْنَى : عَنْ قَلِيل . وَرُبَّمَا جُعِلَتْ اِسْمًا وَهِيَ فِي مَذْهَب صِلَة , فَيُرْفَع مَا بَعْدهَا أَحْيَانًا عَلَى وَجْه الصِّلَة , وَيُخْفَض عَلَى إِتْبَاع الصِّلَة مَا قَبْلهَا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : فَكَفَى بِنَا فَضْلًا عَلَى مَنْ غَيْرنَا حُبّ النَّبِيّ مُحَمَّد إِيَّانَا إِذَا جُعِلَتْ غَيْر صِلَة رُفِعَتْ بِإِضْمَارِ هُوَ , وَإِنْ خُفِضَتْ أُتْبِعَتْ مِنْ فَأَعْرَبَتْهُ , فَذَلِكَ حُكْمه عَلَى مَا وَصَفْنَا مَعَ النَّكِرَات , فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ الصِّلَة مَعْرِفَة , كَانَ الْفَصِيح مِنْ الْكَلَام الْإِتْبَاع , كَمَا قِيلَ : { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقهمْ } 4 155 وَالرَّفْع جَائِز فِي الْعَرَبِيَّة . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي قَوْله : { فَبِمَا رَحْمَة مِنْ اللَّه لِنْت لَهُمْ } قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6459 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { فَبِمَا رَحْمَة مِنْ اللَّه لِنْت لَهُمْ } يَقُول : فَبِرَحْمَةٍ مِنْ اللَّه لِنْت لَهُمْ . الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَبِمَا رَحْمَة مِنْ اللَّه لِنْت لَهُمْ } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { فَبِمَا رَحْمَة مِنْ اللَّه } فَبِرَحْمَةٍ مِنْ اللَّه وَ " مَا " صِلَة , وَقَدْ بَيَّنْت وَجْه دُخُولهَا فِي الْكَلَام فِي قَوْله : { إِنَّ اللَّه لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِب مَثَلًا مَا بَعُوضَة فَمَا فَوْقهَا } 2 26 وَالْعَرَب تَجْعَل " مَا " صِلَة فِي الْمَعْرِفَة وَالنَّكِرَة , كَمَا قَالَ : { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقهمْ } 4 155 وَالْمَعْنَى : فَبِنَقْضِهِمْ مِيثَاقهمْ . وَهَذَا فِي الْمَعْرِفَة , وَقَالَ فِي النَّكِرَة : { عَمَّا قَلِيل لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ } 23 40 وَالْمَعْنَى : عَنْ قَلِيل . وَرُبَّمَا جُعِلَتْ اِسْمًا وَهِيَ فِي مَذْهَب صِلَة , فَيُرْفَع مَا بَعْدهَا أَحْيَانًا عَلَى وَجْه الصِّلَة , وَيُخْفَض عَلَى إِتْبَاع الصِّلَة مَا قَبْلهَا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : فَكَفَى بِنَا فَضْلًا عَلَى مَنْ غَيْرنَا حُبّ النَّبِيّ مُحَمَّد إِيَّانَا إِذَا جُعِلَتْ غَيْر صِلَة رُفِعَتْ بِإِضْمَارِ هُوَ , وَإِنْ خُفِضَتْ أُتْبِعَتْ مِنْ فَأَعْرَبَتْهُ , فَذَلِكَ حُكْمه عَلَى مَا وَصَفْنَا مَعَ النَّكِرَات , فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ الصِّلَة مَعْرِفَة , كَانَ الْفَصِيح مِنْ الْكَلَام الْإِتْبَاع , كَمَا قِيلَ : { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقهمْ } 4 155 وَالرَّفْع جَائِز فِي الْعَرَبِيَّة . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي قَوْله : { فَبِمَا رَحْمَة مِنْ اللَّه لِنْت لَهُمْ } قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6459 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { فَبِمَا رَحْمَة مِنْ اللَّه لِنْت لَهُمْ } يَقُول : فَبِرَحْمَةٍ مِنْ اللَّه لِنْت لَهُمْ . ' وَأَمَّا قَوْله : { وَلَوْ كُنْت فَظًّا غَلِيظ الْقَلْب لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلك } فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالْفَظِّ : الْجَافِي , وَبِالْغَلِيظِ الْقَلْب : الْقَاسِي الْقَلْب غَيْر ذِي رَحْمَة وَلَا رَأْفَة , وَكَذَلِكَ صِفَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَمَا وَصَفَهُ اللَّه : { بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوف رَحِيم } 9 128 فَتَأْوِيل الْكَلَام : فَبِرَحْمَةِ اللَّه يَا مُحَمَّد وَرَأْفَته بِك , وَبِمَنْ آمَنَ بِك مِنْ أَصْحَابك , لِنْت لَهُمْ لِتُبَّاعِك وَأَصْحَابك فَسَهَّلْت لَهُمْ خَلَائِقك , وَحَسَّنْت لَهُمْ أَخْلَاقك , حَتَّى اِحْتَمَلْت أَذَى مَنْ نَالَك مِنْهُمْ أَذَاهُ , وَعَفَوْت عَنْ ذِي الْجُرْم مِنْهُمْ جُرْمه , وَأَغْضَبْت عَنْ كَثِير مِمَّنْ لَوْ جَفَوْت بِهِ , وَأَغْلَظْت عَلَيْهِ , لَتَرَكَك فَفَارَقَك , وَلَمْ يَتَّبِعك , وَلَا مَا بُعِثْت بِهِ مِنْ الرَّحْمَة , وَلَكِنَّ اللَّه رَحِمَهُمْ وَرَحِمَك مَعَهُمْ , فَبِرَحْمَةٍ مِنْ اللَّه لِنْت لَهُمْ . كَمَا : 6460 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَلَوْ كُنْت فَظًّا غَلِيظ الْقَلْب لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلك } إِي وَاَللَّه , لَطَهَّرَهُ اللَّه مِنْ الْفَظَاظَة وَالْغِلْظَة , وَجَعَلَهُ قَرِيبًا رَحِيمًا بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفًا . وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَعْت مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاة : " لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظ وَلَا صَخُوب فِي الْأَسْوَاق , وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ مِثْلهَا , وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَح " . 6461 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , بِنَحْوِهِ . 6462 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق فِي قَوْله : { فَبِمَا رَحْمَة مِنْ اللَّه لِنْت لَهُمْ وَلَوْ كُنْت فَظًّا غَلِيظ الْقَلْب لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلك } قَالَ : ذَكَرَ لِينَهُ لَهُمْ , وَصَبْره عَلَيْهِمْ لِضَعْفِهِمْ , وَقِلَّة صَبْرهمْ عَلَى الْغِلْظَة لَوْ كَانَتْ مِنْهُ فِي كُلّ مَا خَالَفُوا فِيهِ مِمَّا اِفْتَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْ طَاعَة نَبِيّهمْ . وَأَمَّا قَوْله : { لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلك } فَإِنَّهُ يَعْنِي : لَتَفَرَّقُوا عَنْك . كَمَا : 6463 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جَرِيج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : قَوْله : { لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلك } قَالَ : اِنْصَرَفُوا عَنْك . 6464 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق : { لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلك } أَيْ لَتَرَكُوك . وَأَمَّا قَوْله : { وَلَوْ كُنْت فَظًّا غَلِيظ الْقَلْب لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلك } فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالْفَظِّ : الْجَافِي , وَبِالْغَلِيظِ الْقَلْب : الْقَاسِي الْقَلْب غَيْر ذِي رَحْمَة وَلَا رَأْفَة , وَكَذَلِكَ صِفَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَمَا وَصَفَهُ اللَّه : { بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوف رَحِيم } 9 128 فَتَأْوِيل الْكَلَام : فَبِرَحْمَةِ اللَّه يَا مُحَمَّد وَرَأْفَته بِك , وَبِمَنْ آمَنَ بِك مِنْ أَصْحَابك , لِنْت لَهُمْ لِتُبَّاعِك وَأَصْحَابك فَسَهَّلْت لَهُمْ خَلَائِقك , وَحَسَّنْت لَهُمْ أَخْلَاقك , حَتَّى اِحْتَمَلْت أَذَى مَنْ نَالَك مِنْهُمْ أَذَاهُ , وَعَفَوْت عَنْ ذِي الْجُرْم مِنْهُمْ جُرْمه , وَأَغْضَبْت عَنْ كَثِير مِمَّنْ لَوْ جَفَوْت بِهِ , وَأَغْلَظْت عَلَيْهِ , لَتَرَكَك فَفَارَقَك , وَلَمْ يَتَّبِعك , وَلَا مَا بُعِثْت بِهِ مِنْ الرَّحْمَة , وَلَكِنَّ اللَّه رَحِمَهُمْ وَرَحِمَك مَعَهُمْ , فَبِرَحْمَةٍ مِنْ اللَّه لِنْت لَهُمْ . كَمَا : 6460 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَلَوْ كُنْت فَظًّا غَلِيظ الْقَلْب لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلك } إِي وَاَللَّه , لَطَهَّرَهُ اللَّه مِنْ الْفَظَاظَة وَالْغِلْظَة , وَجَعَلَهُ قَرِيبًا رَحِيمًا بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفًا . وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَعْت مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاة : " لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظ وَلَا صَخُوب فِي الْأَسْوَاق , وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ مِثْلهَا , وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَح " . 6461 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , بِنَحْوِهِ . 6462 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق فِي قَوْله : { فَبِمَا رَحْمَة مِنْ اللَّه لِنْت لَهُمْ وَلَوْ كُنْت فَظًّا غَلِيظ الْقَلْب لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلك } قَالَ : ذَكَرَ لِينَهُ لَهُمْ , وَصَبْره عَلَيْهِمْ لِضَعْفِهِمْ , وَقِلَّة صَبْرهمْ عَلَى الْغِلْظَة لَوْ كَانَتْ مِنْهُ فِي كُلّ مَا خَالَفُوا فِيهِ مِمَّا اِفْتَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْ طَاعَة نَبِيّهمْ . وَأَمَّا قَوْله : { لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلك } فَإِنَّهُ يَعْنِي : لَتَفَرَّقُوا عَنْك . كَمَا : 6463 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جَرِيج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : قَوْله : { لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلك } قَالَ : اِنْصَرَفُوا عَنْك . 6464 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق : { لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلك } أَيْ لَتَرَكُوك . ' الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { فَاعْفُ عَنْهُمْ } فَتَجَاوَزْ يَا مُحَمَّد عَنْ تُبَّاعك وَأَصْحَابك مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِك , وَبِمَا جِئْت بِهِ مِنْ عِنْدِي , مَا نَالَك مِنْ أَذَاهُمْ وَمَكْرُوه فِي نَفْسك . { وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ } وَادْعُ رَبّك لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ لِمَا أَتَوْا مِنْ جُرْم , وَاسْتَحَقُّوا عَلَيْهِ عُقُوبَة مِنْهُ . كَمَا : 6465 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق : { فَاعْفُ عَنْهُمْ } : أَيْ فَتَجَاوَزْ عَنْهُمْ , { وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ } ذُنُوب مَنْ فَارَقَ مِنْ أَهْل الْإِيمَان مِنْهُمْ . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْله أَمَرَ تَعَالَى ذِكْره نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُشَاوِرهُمْ , وَمَا الْمَعْنَى الَّذِي أَمَرَهُ أَنْ يُشَاوِرهُمْ فِيهِ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : أَمَرَ اللَّه نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر } بِمُشَاوَرَةِ أَصْحَابه فِي مَكَايِد الْحَرْب وَعِنْد لِقَاء الْعَدُوّ , تَطْيِيبًا مِنْهُ بِذَلِكَ أَنْفُسهمْ , وَتَأَلُّفًا لَهُمْ عَلَى دِينهمْ , وَلِيَرَوْا أَنَّهُ يَسْمَع مِنْهُمْ وَيَسْتَعِين بِهِمْ , وَإِنْ كَانَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَغْنَاهُ بِتَدْبِيرِهِ لَهُ أُمُوره وَسِيَاسَته إِيَّاهُ وَتَقْوِيمه أَسْبَابه عَنْهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6466 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر فَإِذَا عَزَمْت فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه إِنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُتَوَكِّلِينَ } أَمَرَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُشَاوِر أَصْحَابه فِي الْأُمُور , وَهُوَ يَأْتِيه وَحْي السَّمَاء , لِأَنَّهُ أَطْيَب لِأَنْفُسِ الْقَوْم , وَإِنَّ الْقَوْم إِذَا شَاوَرَ بَعْضهمْ بَعْضًا , وَأَرَادُوا بِذَلِكَ وَجْه اللَّه عَزَمَ لَهُمْ عَلَى أَرْشَده . 6467 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر } قَالَ : أَمَرَ اللَّه نَبِيّه صَلَّى أَنْ يُشَاوِر أَصْحَابه فِي الْأُمُور , وَهُوَ يَأْتِيه الْوَحْي مِنْ السَّمَاء لِأَنَّهُ أَطْيَب لِأَنْفُسِهِمْ . 6468 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر } أَيْ لِتُرِيهِمْ أَنَّك تَسْمَع مِنْهُمْ وَتَسْتَعِين بِهِمْ وإِنْ كُنْت عَنْهُمْ غَنِيًّا , تُؤَلِّفهُمْ بِذَلِكَ عَلَى دِينهمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ فِي ذَلِكَ , وَإِنْ كَانَ لَهُ الرَّأْي وَأَصْوَب الْأُمُور فِي التَّدْبِير , لِمَا عَلِمَ فِي الْمَشُورَة تَعَالَى ذِكْره مِنْ الْفَضْل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6469 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سَلَمَة بْن نُبَيْط , عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , قَوْله : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر } قَالَ : مَا أَمَرَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَشُورَةِ إِلَّا لِمَا عَلِمَ فِيهَا مِنْ الْفَضْل . 6470 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ إِيَاس بْن دَغْفَل , عَنْ الْحَسَن : مَا شَاوَرَ قَوْم قَطُّ , إِلَّا هُدُوا لِأَرْشَدِ أُمُورهمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا أَمَرَهُ اللَّه بِمُشَاوَرَةِ أَصْحَابه فِيمَا أَمَرَهُ بِمُشَاوَرَتِهِمْ فِيهِ , مَعَ إِغْنَائِهِ بِتَقْوِيمِهِ إِيَّاهُ , وَتَدْبِيره أَسْبَابه عَنْ آرَائِهِمْ , لِيَتَّبِعَهُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَعْده , فِيمَا حَزَبَهُمْ مِنْ أَمْر دِينهمْ , وَيَسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِ فِي ذَلِكَ , وَيَحْتَذُوا الْمِثَال الَّذِي رَأَوْهُ يَفْعَلهُ فِي حَيَاته مِنْ مُشَاوَرَته فِي أُمُوره مَعَ الْمَنْزِلَة الَّتِي هُوَ بِهَا مِنْ اللَّه أَصْحَابه وَتُبَّاعه فِي الْأَمْر , يَنْزِل بِهِمْ مِنْ أَمْر دِينهمْ وَدُنْيَاهُمْ , فَيَتَشَاوَرُوا بَيْنهمْ , ثُمَّ يُصْدِرُوا عَمَّا اِجْتَمَعَ عَلَيْهِ مَلَؤُهُمْ ; لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا تَشَاوَرُوا فِي أُمُور دِينهمْ مُتَّبِعِينَ الْحَقّ فِي ذَلِكَ , لَمْ يُخَلِّهِمْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مِنْ لُطْفه , وَتَوْفِيقه لِلصَّوَابِ مِنْ الرَّأْي وَالْقَوْل فِيهِ . قَالُوا : وَذَلِكَ نَظِير قَوْله عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي مَدَحَ بِهِ أَهْل الْإِيمَان : { وَأَمْرهمْ شُورَى بَيْنهمْ } 42 38 ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6471 - حَدَّثَنَا سَوَّار بْن عَبْد اللَّه الْعَنْبَرِيّ , قَالَ : قَالَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة فِي قَوْله : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر } قَالَ : هِيَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَشَاوَرُوا فِيمَا لَمْ يَأْتِهِمْ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ أَثَر . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُشَاوَرَةِ أَصْحَابه , فِيمَا حَزَبَهُ مِنْ أَمْر عَدُوّهُ وَمَكَايِد حَرْبه , تَأَلُّفًا مِنْهُ بِذَلِكَ مَنْ لَمْ تَكُنْ بَصِيرَته بِالْإِسْلَامِ الْبَصِيرَة الَّتِي يُؤْمَن عَلَيْهِ مَعَهَا فِتْنَة الشَّيْطَان , وَتَعْرِيفًا مِنْهُ أُمَّته مَا فِي الْأُمُور الَّتِي تَحْزُبهُمْ مِنْ بَعْده وَمَطْلَبهَا , لِيَقْتَدُوا بِهِ فِي ذَلِكَ عِنْد النَّوَازِل الَّتِي تَنْزِل بِهِمْ , فَيَتَشَاوَرُوا فِيمَا بَيْنهمْ , كَمَا كَانُوا يَرَوْنَهُ فِي حَيَاته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلهُ . فَأَمَّا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّ اللَّه كَانَ يُعَرِّفهُ مَطَالِب وُجُوه مَا حَزَبَهُ مِنْ الْأُمُور بِوَحْيِهِ أَوْ إِلْهَامه إِيَّاهُ صَوَاب ذَلِكَ . وَأَمَّا أُمَّته , فَإِنَّهُمْ إِذَا تَشَاوَرُوا مُسْتَنِّينَ بِفِعْلِهِ فِي ذَلِكَ عَلَى تَصَادُق وَتَأَخٍّ لِلْحَقِّ وَإِرَادَة جَمِيعهمْ لِلصَّوَابِ , مِنْ غَيْر مَيْل إِلَى هَوًى , وَلَا حَيْد عَنْ هُدًى ; فَاَللَّه مُسَدِّدهمْ وَمُوَفِّقهمْ . الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { فَاعْفُ عَنْهُمْ } فَتَجَاوَزْ يَا مُحَمَّد عَنْ تُبَّاعك وَأَصْحَابك مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِك , وَبِمَا جِئْت بِهِ مِنْ عِنْدِي , مَا نَالَك مِنْ أَذَاهُمْ وَمَكْرُوه فِي نَفْسك . { وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ } وَادْعُ رَبّك لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ لِمَا أَتَوْا مِنْ جُرْم , وَاسْتَحَقُّوا عَلَيْهِ عُقُوبَة مِنْهُ . كَمَا : 6465 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق : { فَاعْفُ عَنْهُمْ } : أَيْ فَتَجَاوَزْ عَنْهُمْ , { وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ } ذُنُوب مَنْ فَارَقَ مِنْ أَهْل الْإِيمَان مِنْهُمْ . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْله أَمَرَ تَعَالَى ذِكْره نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُشَاوِرهُمْ , وَمَا الْمَعْنَى الَّذِي أَمَرَهُ أَنْ يُشَاوِرهُمْ فِيهِ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : أَمَرَ اللَّه نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر } بِمُشَاوَرَةِ أَصْحَابه فِي مَكَايِد الْحَرْب وَعِنْد لِقَاء الْعَدُوّ , تَطْيِيبًا مِنْهُ بِذَلِكَ أَنْفُسهمْ , وَتَأَلُّفًا لَهُمْ عَلَى دِينهمْ , وَلِيَرَوْا أَنَّهُ يَسْمَع مِنْهُمْ وَيَسْتَعِين بِهِمْ , وَإِنْ كَانَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَغْنَاهُ بِتَدْبِيرِهِ لَهُ أُمُوره وَسِيَاسَته إِيَّاهُ وَتَقْوِيمه أَسْبَابه عَنْهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6466 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر فَإِذَا عَزَمْت فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه إِنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُتَوَكِّلِينَ } أَمَرَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُشَاوِر أَصْحَابه فِي الْأُمُور , وَهُوَ يَأْتِيه وَحْي السَّمَاء , لِأَنَّهُ أَطْيَب لِأَنْفُسِ الْقَوْم , وَإِنَّ الْقَوْم إِذَا شَاوَرَ بَعْضهمْ بَعْضًا , وَأَرَادُوا بِذَلِكَ وَجْه اللَّه عَزَمَ لَهُمْ عَلَى أَرْشَده . 6467 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر } قَالَ : أَمَرَ اللَّه نَبِيّه صَلَّى أَنْ يُشَاوِر أَصْحَابه فِي الْأُمُور , وَهُوَ يَأْتِيه الْوَحْي مِنْ السَّمَاء لِأَنَّهُ أَطْيَب لِأَنْفُسِهِمْ . 6468 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر } أَيْ لِتُرِيهِمْ أَنَّك تَسْمَع مِنْهُمْ وَتَسْتَعِين بِهِمْ وإِنْ كُنْت عَنْهُمْ غَنِيًّا , تُؤَلِّفهُمْ بِذَلِكَ عَلَى دِينهمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ فِي ذَلِكَ , وَإِنْ كَانَ لَهُ الرَّأْي وَأَصْوَب الْأُمُور فِي التَّدْبِير , لِمَا عَلِمَ فِي الْمَشُورَة تَعَالَى ذِكْره مِنْ الْفَضْل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6469 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سَلَمَة بْن نُبَيْط , عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , قَوْله : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر } قَالَ : مَا أَمَرَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَشُورَةِ إِلَّا لِمَا عَلِمَ فِيهَا مِنْ الْفَضْل . 6470 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ إِيَاس بْن دَغْفَل , عَنْ الْحَسَن : مَا شَاوَرَ قَوْم قَطُّ , إِلَّا هُدُوا لِأَرْشَدِ أُمُورهمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا أَمَرَهُ اللَّه بِمُشَاوَرَةِ أَصْحَابه فِيمَا أَمَرَهُ بِمُشَاوَرَتِهِمْ فِيهِ , مَعَ إِغْنَائِهِ بِتَقْوِيمِهِ إِيَّاهُ , وَتَدْبِيره أَسْبَابه عَنْ آرَائِهِمْ , لِيَتَّبِعَهُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَعْده , فِيمَا حَزَبَهُمْ مِنْ أَمْر دِينهمْ , وَيَسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِ فِي ذَلِكَ , وَيَحْتَذُوا الْمِثَال الَّذِي رَأَوْهُ يَفْعَلهُ فِي حَيَاته مِنْ مُشَاوَرَته فِي أُمُوره مَعَ الْمَنْزِلَة الَّتِي هُوَ بِهَا مِنْ اللَّه أَصْحَابه وَتُبَّاعه فِي الْأَمْر , يَنْزِل بِهِمْ مِنْ أَمْر دِينهمْ وَدُنْيَاهُمْ , فَيَتَشَاوَرُوا بَيْنهمْ , ثُمَّ يُصْدِرُوا عَمَّا اِجْتَمَعَ عَلَيْهِ مَلَؤُهُمْ ; لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا تَشَاوَرُوا فِي أُمُور دِينهمْ مُتَّبِعِينَ الْحَقّ فِي ذَلِكَ , لَمْ يُخَلِّهِمْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مِنْ لُطْفه , وَتَوْفِيقه لِلصَّوَابِ مِنْ الرَّأْي وَالْقَوْل فِيهِ . قَالُوا : وَذَلِكَ نَظِير قَوْله عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي مَدَحَ بِهِ أَهْل الْإِيمَان : { وَأَمْرهمْ شُورَى بَيْنهمْ } 42 38 ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 6471 - حَدَّثَنَا سَوَّار بْن عَبْد اللَّه الْعَنْبَرِيّ , قَالَ : قَالَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة فِي قَوْله : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر } قَالَ : هِيَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَشَاوَرُوا فِيمَا لَمْ يَأْتِهِمْ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ أَثَر . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُشَاوَرَةِ أَصْحَابه , فِيمَا حَزَبَهُ مِنْ أَمْر عَدُوّهُ وَمَكَايِد حَرْبه , تَأَلُّفًا مِنْهُ بِذَلِكَ مَنْ لَمْ تَكُنْ بَصِيرَته بِالْإِسْلَامِ الْبَصِيرَة الَّتِي يُؤْمَن عَلَيْهِ مَعَهَا فِتْنَة الشَّيْطَان , وَتَعْرِيفًا مِنْهُ أُمَّته مَا فِي الْأُمُور الَّتِي تَحْزُبهُمْ مِنْ بَعْده وَمَطْلَبهَا , لِيَقْتَدُوا بِهِ فِي ذَلِكَ عِنْد النَّوَازِل الَّتِي تَنْزِل بِهِمْ , فَيَتَشَاوَرُوا فِيمَا بَيْنهمْ , كَمَا كَانُوا يَرَوْنَهُ فِي حَيَاته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلهُ . فَأَمَّا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّ اللَّه كَانَ يُعَرِّفهُ مَطَالِب وُجُوه مَا حَزَبَهُ مِنْ الْأُمُور بِوَحْيِهِ أَوْ إِلْهَامه إِيَّاهُ صَوَاب ذَلِكَ . وَأَمَّا أُمَّته , فَإِنَّهُمْ إِذَا تَشَاوَرُوا مُسْتَنِّينَ بِفِعْلِهِ فِي ذَلِكَ عَلَى تَصَادُق وَتَأَخٍّ لِلْحَقِّ وَإِرَادَة جَمِيعهمْ لِلصَّوَابِ , مِنْ غَيْر مَيْل إِلَى هَوًى , وَلَا حَيْد عَنْ هُدًى ; فَاَللَّه مُسَدِّدهمْ وَمُوَفِّقهمْ .' وَأَمَّا قَوْله : { فَإِذَا عَزَمْت فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه } فَإِنَّهُ يَعْنِي : فَإِذَا صَحَّ عَزْمك بِتَثْبِيتِنَا إِيَّاكَ وَتَسْدِيدنَا لَك فِيمَا نَابَك وَحَزَبَك مِنْ أَمْر دِينك وَدُنْيَاك , فَامْضِ لِمَا أَمَرْنَاك بِهِ عَلَى مَا أَمَرْنَاك بِهِ , وَافَقَ ذَلِكَ آرَاء أَصْحَابك وَمَا أَشَارُوا بِهِ عَلَيْك أَوْ خَالَفَهَا , وَتَوَكَّلْ فِيمَا تَأْتِي مِنْ أُمُورك وَتَدَع وَتُحَاوِل أَوْ تُزَاوِل عَلَى رَبّك , فَثِقْ بِهِ فِي كُلّ ذَلِكَ , وَارْضَ بِقَضَائِهِ فِي جَمِيعه دُون آرَاء سَائِر خَلْقه وَمَعُونَتهمْ , فَإِنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُتَوَكِّلِينَ , وَهُمْ الرَّاضُونَ بِقَضَائِهِ , وَالْمُسْتَسْلِمُونَ لِحُكْمِهِ فِيهِمْ , وَافَقَ ذَلِكَ مِنْهُمْ هَوًى أَوْ خَالَفَهُ . كَمَا : 6472 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق : { فَإِذَا عَزَمْت فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه إِنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُتَوَكِّلِينَ } فَإِذَا عَزَمْت : أَيْ عَلَى أَمْر جَاءَك مِنِّي , أَوْ أَمْر مِنْ دِينك فِي جِهَاد عَدُوّك , لَا يُصْلِحك وَلَا يُصْلِحهُمْ إِلَّا ذَلِكَ , فَامْضِ عَلَى مَا أُمِرْت بِهِ , عَلَى خِلَاف مَنْ خَالَفَك , وَمُوَافَقَة مَنْ وَافَقَك , وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه : أَيْ اِرْضَ بِهِ مِنْ الْعِبَاد , إِنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُتَوَكِّلِينَ . 6473 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَإِذَا عَزَمْت فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه } أَمَرَ اللَّه نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِذَا عَزَمَ عَلَى أَمْر أَنْ يَمْضِي فِيهِ , وَيَسْتَقِيم عَلَى أَمْر اللَّه , وَيَتَوَكَّل عَلَى اللَّه . 6474 - حَدَّثَنَا عَنْ عَمَّار , عَنْ اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , قَوْله : { فَإِذَا عَزَمْت فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه } . .. الْآيَة , أَمَرَهُ اللَّه إِذَا عَزَمَ عَلَى أَمْر أَنْ يَمْضِي فِيهِ وَيَتَوَكَّل عَلَيْهِ . وَأَمَّا قَوْله : { فَإِذَا عَزَمْت فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه } فَإِنَّهُ يَعْنِي : فَإِذَا صَحَّ عَزْمك بِتَثْبِيتِنَا إِيَّاكَ وَتَسْدِيدنَا لَك فِيمَا نَابَك وَحَزَبَك مِنْ أَمْر دِينك وَدُنْيَاك , فَامْضِ لِمَا أَمَرْنَاك بِهِ عَلَى مَا أَمَرْنَاك بِهِ , وَافَقَ ذَلِكَ آرَاء أَصْحَابك وَمَا أَشَارُوا بِهِ عَلَيْك أَوْ خَالَفَهَا , وَتَوَكَّلْ فِيمَا تَأْتِي مِنْ أُمُورك وَتَدَع وَتُحَاوِل أَوْ تُزَاوِل عَلَى رَبّك , فَثِقْ بِهِ فِي كُلّ ذَلِكَ , وَارْضَ بِقَضَائِهِ فِي جَمِيعه دُون آرَاء سَائِر خَلْقه وَمَعُونَتهمْ , فَإِنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُتَوَكِّلِينَ , وَهُمْ الرَّاضُونَ بِقَضَائِهِ , وَالْمُسْتَسْلِمُونَ لِحُكْمِهِ فِيهِمْ , وَافَقَ ذَلِكَ مِنْهُمْ هَوًى أَوْ خَالَفَهُ . كَمَا : 6472 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق : { فَإِذَا عَزَمْت فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه إِنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُتَوَكِّلِينَ } فَإِذَا عَزَمْت : أَيْ عَلَى أَمْر جَاءَك مِنِّي , أَوْ أَمْر مِنْ دِينك فِي جِهَاد عَدُوّك , لَا يُصْلِحك وَلَا يُصْلِحهُمْ إِلَّا ذَلِكَ , فَامْضِ عَلَى مَا أُمِرْت بِهِ , عَلَى خِلَاف مَنْ خَالَفَك , وَمُوَافَقَة مَنْ وَافَقَك , وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه : أَيْ اِرْضَ بِهِ مِنْ الْعِبَاد , إِنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُتَوَكِّلِينَ . 6473 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَإِذَا عَزَمْت فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه } أَمَرَ اللَّه نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِذَا عَزَمَ عَلَى أَمْر أَنْ يَمْضِي فِيهِ , وَيَسْتَقِيم عَلَى أَمْر اللَّه , وَيَتَوَكَّل عَلَى اللَّه . 6474 - حَدَّثَنَا عَنْ عَمَّار , عَنْ اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , قَوْله : { فَإِذَا عَزَمْت فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه } . .. الْآيَة , أَمَرَهُ اللَّه إِذَا عَزَمَ عَلَى أَمْر أَنْ يَمْضِي فِيهِ وَيَتَوَكَّل عَلَيْهِ . '
محمد رافع 52 26-01-2014, 06:08 PM تفسير القرطبي
قوله { ما} صلة فيها معنى التأكيد، أي فبرحمة؛ كقوله { عما قليل} [المؤمنون : 40] { فبما نقضهم ميثاقهم} [النساء : 155] { جند ما هنالك مهزوم} [ص : 11]. وليست بزائدة على الإطلاق، وإنما أطلق عليها سيبويه معنى الزيادة من حيث زال عملها.. ابن كيسان { ما} نكرة في موضع جر بالباء { ورحمة} بدل منها. ومعنى الآية : أنه عليه السلام لما رفق بمن تولى يوم أحد ولم ي***هم بين الرب تعالى أنه إنما فعل ذلك بتوفيق الله تعالى إياه. وقيل { ما} استفهام. والمعنى : فبأي رحمة من الله لنت لهم؛ فهو تعجيب. وفيه بعد؛ لأنه لو كان كذلك لكان { فبم} بغير ألف. { لنت} من لان يلين لينا وليانا بالفتح. والفظ الغليظ الجافي. فظظت تفظ فظاظة وفظاظا فأنت فظ. والأنثى فظة والجمع أفظاظ. وفي صفة النبي عليه السلام ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق؛ وأنشد المفضل في المذكر : وليس بفظ في الأداني والأولى ** يؤمون جدواه ولكنه سهل وفظ على أعدائه يحذرونه ** فسطوته حتف ونائله جزل وقال آخر في المؤنث : أموت من الضر في منزلي ** وغيري يموت من الكظه ودنيا تجود على الجاهلين ** وهي على ذي النهى فظه وغلظ القلب عبارة عن تجهم الوجه، وقلة الانفعال في الرغائب، وقلة الإشفاق والرحمة، ومن ذلك قول الشاعر : يبكى علينا ولا نبكي على أحد؟ ** لنحن أغلظ أكبادا من الإبل ومعنى { لانفضوا} لتفرقوا؛ فضضتهم فانفضوا، أي فرقتهم فتفرقوا؛ ومن ذلك قول أبي النجم يصف إبلا : مستعجلات القيض غير جرد ** ينفض عنهن الحصى بالصمد وأصل الفض الكسر؛ ومنه قولهم : لا يفضض الله فاك. والمعنى : يا محمد لولا رفقك لمنعهم الاحتشام والهيبة من القرب منك بعد ما كان من توليهم. قوله تعالى { فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر} فيه ثماني مسائل: الأولى: قال العلماء : أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بهذه الأوامر التي هي بتدريج بليغ؛ وذلك أنه أمره بأن يعفو عنهم ما له في خاصته عليهم من تبعة؛ فلما صاروا في هذه الدرجة أمره أن يستغفر فيما لله عليهم من تبعة أيضا، فإذا صاروا في هذه الدرجة صاروا أهلا للاستشارة في الأمور. قال أهل اللغة : الاستشارة مأخوذة من قول العرب : شرت الدابة وشورتها إذا علمت خبرها بجري أو غيره. ويقال للموضع الذي تركض فيه : مشوار. وقد يكون من قولهم : شرت العسل واشترته فهو مشور ومشتار إذا أخذته من موضعه، قال عدي بن زيد : في سماع يأذن الشيخ له ** وحديث مثل ماذي مشار الثانية: قال ابن عطية : والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام؛ من لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب. هذا ما لا خلاف فيه. وقد مدح الله المؤمنين بقوله { وأمرهم شورى بينهم} [الشورى : 38]. قال أعرابي : ما غبنت قط حتى يغبن قومي؛ قيل : وكيف ذلك؟ قال لا أفعل شيئا حتى أشاورهم. وقال ابن خويز منداد : واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون، وفيما أشكل عليهم من أمور الدين، ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب، ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح، ووجوه الكتاب والوزراء والعمال فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها. وكان يقال : ما ندم من استشار. وكان يقال : من أعجب برأيه ضل. الثالثة: قوله تعالى { وشاورهم في الأمر} يدل على جواز الاجتهاد في الأمور والأخذ بالظنون مع إمكان الوحي؛ فإن الله أذن لرسوله صلى الله عليه وسلم في ذلك. واختلف أهل التأويل في المعنى الذي أمر الله نبيه عليه السلام أن يشاور فيه أصحابه؛ فقالت طائفة : ذلك في مكائد الحروب، وعند لقاء العدو، وتطييبا لنفوسهم، ورفعا لأقدارهم، وتألفا على دينهم، وإن كان الله تعالى قد أغناه عن رأيهم بوحيه. روي هذا عن قتادة والربيع وابن إسحاق والشافعي. قال الشافعي : هو كقوله (والبكر تستأمر) تطيبا لقلبها؛ لا أنه واجب. وقال مقاتل وقتادة والربيع : كانت سادات العرب إذا لم يشاوروا في الأمر شق عليهم : فأمر الله تعالى؛ نبيه عليه السلام أن يشاورهم في الأمر : فإن ذلك أعطف لهم عليه وأذهب لأضغانهم، وأطيب لنفوسهم. فإذا شاورهم عرفوا إكرامه لهم. وقال آخرون : ذلك فيما لم يأته فيه وحي. روي ذلك عن الحسن البصري والضحاك قالا : ما أمر الله تعالى نبيه بالمشاورة لحاجة منه إلى رأيهم، وإنما أراد أن يعلمهم ما في المشاورة من الفضل، ولتقتدي به أمته من بعده. وفي قراءة ابن عباس { وشاورهم في بعض الأمر} ولقد أحسن القائل : شاور صديقك في الخفي المشكل ** واقبل نصيحة ناصح متفضل فالله قد أوصى بذاك نبيه ** في قوله : (شاورهم)و (توكل) جاء في مصنف أبي داود عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المستشار مؤتمن). قال العلماء : وصفة المستشار إن كان في الأحكام أن يكون عالما دينا، وقلما يكون ذلك إلا في عاقل. قال الحسن : ما كمل دين امرئ ما لم يكمل عقله. فإذا استشير من هذه صفته واجتهد في الصلاح وبذل جهده فوقعت الإشارة خطأ فلا غرامة عليه؛ قاله الخطابي وغيره. الخامسة: وصفة المستشار في أمور الدنيا أن يكون عاقلا مجربا وادا في المستشير. قال : شاور صديقك في الخفي المشكل ** وقد تقدم. وقال آخر : وإن باب أمر عليك التوى ** فشاور لبيبا ولا تعصه في أبيات. والشورى بركة. وقال عليه السلام : (ما ندم من استشار ولا خاب من استخار). وروى سهل بن سعد الساعدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما شقي قط عبد بمشورة وما سعد باستغناء رأي). وقال بعضهم : شاور من جرب الأمور؛ فإنه يعطيك من رأيه ما وقع عليه غاليا وأنت تأخذه مجانا. وقد جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة - وهي أعظم النوازل - شورى. قال البخاري : وكانت الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها. وقال سفيان الثوري : ليكن أهل مشورتك أهل التقوى والأمانة، ومن يخشى الله تعالى. وقال الحسن : والله ما تشاور قوم بينهم إلا هداهم لأفضل ما يحضر بهم. وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما من قوم كانت لهم مشورة فحضر معهم من اسمه أحمد أو محمد فأدخلوه في مشورتهم إلا خير لهم). السادسة: والشورى مبنية على اختلاف الآراء، والمستشير ينظر في ذلك الخلاف، وينظر أقربها قولا إلى الكتاب والسنة إن أمكنه، فإذا أرشده الله تعالى إلى ما شاء منه عزم عليه وأنفذه متوكلا عليه، إذ هذه غاية الاجتهاد المطلوب؛ وبهذا أمر الله تعالى نبيه في هذه الآية. السابعة: قوله تعالى { فإذا عزمت فتوكل على الله} قال قتادة : أمر الله تعالى نبيه عليه السلام إذا عزم على أمر أن يمضي فيه ويتوكل على الله، لا على مشاورتهم. والعزم هو الأمر المروى المنقح، وليس ركوب الرأي دون روية عزما، إلا على مقطع المشيحين من فتاك العرب؛ كما قال : إذا هم ألقى بين عينيه عزمه ** ونكب عن ذكر العواقب جانبا ولم يستشر في رأيه غير نفسه ** ولم يرض إلا قائم السيف صاحبا وقال النقاش : العزم والحزم واحد، والحاء مبدلة من العين. قال ابن عطية : وهذا خطأ؛ فالحزم جودة النظر في الأمر وتنقيحه والحذر من الخطأ فيه. والعزم قصد الإمضاء؛ والله تعالى يقول { وشاورهم في الأمر فإذا عزمت} . فالمشاورة وما كان في معناها هو الحزم. والعرب تقول : قد أحزم لو أعزم. وقرأ جعفر الصادق وجابر بن زيد { فإذا عزمت} بضم التاء. نسب العزم إلى نفسه سبحانه إذ هو بهدايته وتوفيقه؛ كما قال { وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} [الأنفال : 17]. ومعنى الكلام أي عزمت لك ووفقتك وأرشدتك { فتوكل على الله} . والباقون بفتح التاء. قال المهلب : وامتثل هذا النبي صلى الله عليه وسلم من أمر ربه فقال : (لا ينبغي لنبي يلبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله). أي ليس ينبغي له إذا عزم أن ينصرف؛ لأنه نقض للتوكل الذي شرطه الله عز وجل مع العزيمة. فلبسه لأمته صلى الله عليه وسلم حين أشار عليه بالخروج يوم أحد من أكرمه الله بالشهادة فيه، وهم صلحاء المؤمنين ممن كان فاتته بدر : يا رسول الله اخرج بنا إلى عدونا؛ دال على العزيمة. وكان صلى الله عليه وسلم أشار بالقعود، وكذلك عبدالله بن أبي أشار بذلك وقال : أقم يا رسول الله ولا تخرج إليهم بالناس، فإن هم أقاموا أقاموا بشر مجلس، وإن جاؤونا إلى المدينة قاتلناهم في الأفنية وأفواه السكك، ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من الآطام، فوالله ما حاربنا قط عدو في هذه المدينة إلا غلبناه، ولا خرجنا منها إلى عدو إلا غلبنا. وأبى هذا الرأي من ذكرنا، وشجعوا الناس ودعوا إلى الحرب. فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة، ودخل إثر صلاته بيته ولبس سلاحه، فندم أولئك القوم وقالوا : أكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلما خرج عليهم في سلاحه قالوا : يا رسول الله، أقم إن شئت فإنا لا نريد أن نكرهك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا ينبغي لنبي إذا لبس سلاحه أن يضعها حتى يقاتل). الثامنة: قوله تعالى { فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين} التوكل : الاعتماد على الله مع إظهار العجز، والاسم التكلان. يقال منه : اتكلت عليه في أمري، وأصله "أوتكلت" قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، ثم أبدلت منها التاء وأدغمت في تاء الافتعال. ويقال : وكلته بأمري توكيلا، والاسم الوكالة بكسر الواو وفتحها. واختلف العلماء في التوكل؛ فقالت طائفة من المتصوفة : لا يستحقه إلا من لم يخالط قلبه خوف غير الله من سبع أو غيره، وحتى يترك السعي في طلب الرزق لضمان الله تعالى. وقال عامة الفقهاء : ما تقدم ذكره عند قوله تعالى { وعلى الله فليتوكل المؤمنون} [آل عمران : 160]. وهو الصحيح كما بيناه. وقد خاف موسى وهارون بإخبار الله تعالى عنهما في قوله { لا تخافا} . وقال { فأوجس في نفسه خيفة موسى. قلنا لا تخف} [طه : 67 - 68]. وأخبر عن إبراهيم بقوله { فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف} [هود : 70]. فإذا كان الخليل وموسى والكليم قد خافا - وحسبك بهما - فغيرهما أولى. وسيأتي بيان هذا المعنى.
محمد رافع 52 26-01-2014, 06:08 PM تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي
إن الآية كما نرى تبدأ بكلام إخباري هو { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ }. فكأنه - سبحانه - يريد أن يقول: إن طبيعتك يا محمد طبيعة تتناسب لما يطلب منك في هذه المسألة، هم خالفوك وهم لم يستجيبوا لك حينما قلت: إليَّ عباد الله، إليَّ عباد الله إني رسول الله، وهذا شيء يٌحْفِظ ويُغضِب. ولكنه لا يُحفِظ طبيعتك ولا يُغضب سجيتك لأنك مفطور مع أُمّتك على الرحمة. فكأنه يريد أن يُحنن رسول الله على أمته التي أصابته بالغم؛ فقال له: إياك أن تجازيها على هذا؛ لأن طبيعتك أنك رحيم، وطبيعتك أنك لست فظاً، طبيعتك أنك لست غليظ القلب، فلا تخرج عن طبيعتك في هذه المسألة، مثلما تأتي لواحد مثلا وتقول له: أنت طبيعة أخلاقك حسنة، يعني اجعلها حسنة في هذه.
{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ } أي بأي رحمة أودعت فيك. ساعة تقول: بأي رحمة فأنت تبهم الأمر، وعندما تُبهم الشيء فكأنه شيء عظيم؛ لأن الشيء يُبهم إما لأنه صغير جدا، وإما لأنه كبير جدا، فالشيء إذا كان كبيرا يكون فوق المستوى الإدراكي، وإذا كان صغيرا جدا يكون دون مستوى الإدراك. ولذلك فالأشياء الضخمة جدا نرى منها جانبا ولا نرى الجانب الآخر، والشيء الدقيق جدا لا نراه، ولذلك يقولون: هذا الشيء نكرة، وذلك يدل مرة على التعظيم ويدل مرة على التحقير، ومرة يدل على التكثير، ومرة يدل على التقليل. فإن نظرت إلى أن الإدراك لا يستوعبه لضخامته إذن فهو كثير، وإن رأيت أن الإدراك لا يستوعبه لِلطفه ودِقَّته، وأنه ليس في متناول البصر يكون قليلا أو دقيقا.
إذن فقول الحق: { فَبِمَا رَحْمَةٍ } أصلها هو: برحمة من الله طُبعت عليها لِنْتَ لهم، و " ما " لماذا جاءت هنا؟ إنك إما أن تأخذها إبهامية.. يعني بأي رحمة فوق مستوى الإدراك، رحمة عظيمة. أو تقول: " فبما رحمة " أي أن " ما " تكون اسما موصولا. وكأن الحق يقول له: فبالرحمة المُودعة من خالقك فيك والتي تُناسب مٌهمتك في الأمة لِنْت لهم، وما دامت تلك طبيعتك فَلِنْ لهم في هذا الأمر واعفُ عنهم واستغفر لهم.
وهذه الآية جاءت عقب أحداث حدثت في أُحد: الحدث الأول: أنه صلى الله عليه وسلم رأى ألا يخرج إلى قتال قريش خارج المدينة بل يظل في المدينة، فأشار عليه المحبون للشهادة والمحبون للقتال والمحبون للتعويض عما فاتهم من شرف القتال في " بدر " أن يخرج إليهم، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رأيهم، ولبس لأمته، فلما أحسوا أنهم أشاروا على رسول الله بما يخالف ما كان قد بدر منه، تراجعوا وقالوا: يا رسول الله إن رأيت ألا نخرج، فقال: " ما ينبغي لِنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل " فما دام قد استعد للحرب انتهى الأمر، هذه أول مسألة وهي مسألة المشورة.
وبعد ذلك تخلف ابن أُبيّ بثُلثُ الجيش وهذه مسألة ثانية، أما المسألة الثالثة فهي مُخالفة الرُماة أمره صلى الله عليه وسلم وتَرْكهم مواقعهم على الرغم من أنه صلى الله عليه وسلم قد حذرهم من ذلك وقال لعبد الله بن جبير الذي أمَّره على الرماة: " أنضح عنا الخيل بالنَّبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت لنا أو علينا فأثبت مكانك لا نؤتَين من قَبْلك " ، ولكنهم خالفوا عن أمر رسول الله. والمسألة الرابعة هي: فِرارهم حينما قيل: قُتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمسألة الخامسة: أنه حين كان يدعوهم؛ فروا لا يلوون على شيء.
كل تلك أحداث كادت تترك في نفسه صلى الله عليه وسلم آثاراً، فكأن الله سبحانه وتعالى يقول: أنا طبعتك على رحمة تتسع لكل هذه الهفوات، والرحمة مني، وما دامت الرحمة موهوبة مني فلا بد أني جعلت فيك طاقة تتحمل كل مخالفة من أمتك ومن أتباعك. ولا تظن أنك قد أُرسلت إلى ملائكة، إنما أُرسلت إلى بشر خطاءون، البشر من الأغيار، فلهذا اجعل المسألة درساً، وأنا فطرتك على الرحمة، وأنت بذاتك طلبت مني كثيراً من الخير لأمتك، ومن رحمته أن جبريل نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، قال: فناداني ملك الجبال فسلم على ثم قال: يا محمد إن الله قد بعثني إليك وأنا ملك الجبال لتأمرني بأمرك، فما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا ".
فأنا أطلب منك الرحمة التي أودعتُها في قلبك فاستعملتها في كل مجال، وبهذه الرحمة لنت لهم، وبهذه الرحمة التفُّوا حولك، التفوا حولك لأدبك الجم، ولتواضعك الوافر، لجمال خلقك، لبسمتك الحانية، لنظرتك المواسية، لتقديرك لظرف كل واحد حتى إنك إذا وضع أي واحد منهم يده في يدك لم تسحب يدك أنت حتى يسحبها هو، خُلق عالٍ، كل ذلك أنا أجعله حيثية لتتنازل عن كل تلك الهفوات ولْيَسَعها خُلقك وليسعها حلمك، لأنك في دور التربية والتأديب. والتربية والتأديب لا تقتضي أن تغضب لأي بادرة تبدر منهم، وإلا ما كنت مُربيا ولا مُؤدبا.
{ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ } لماذا؟ لأنك تُخرجهم عما ألفوا من أمور الجاهلية.والذي يخرج واحدا عما ألِف لا يصح أن يَجْمَع عليه إخراجه عما اعتاد بالأسلوب الخشن الفظ؛ لأنه في حاجة إلى التودد وإلى الرحمة، لا تجمع عليه بين أمرين تقبيح فعله، وإخراجه عما ألف واعتاد، ولذلك يقولون للذي ينصح إنسانا، النصح ثقيل؛ لأن النصح معناه تجريم الفعل في المنصوح، فعندما تقول لواحد: لا تفعل هذا، ما معناها؟ معناها أن هذا الفعل سيء، فما دمت تُجِرّم فعله فلا تجمع عليه أمرين، إنك قبحت فِعْله وأخرجته مما أَلِف، وبعد ذلك تنصحه بما يكره لا، إنه في حاجة إلى ملاطفة وملاينة لتستل منه الخصال القبيحة، ونحن نستعمل ذلك في ذوات أنفسنا حين نجد مرضا يحتاج إلى علاج مر، فنغلف العلاج المر في غلاف من السكر بحيث يمر من منطقة الذوق بلا ألم أو نغص، حتى ينزل في المنطقة التي لا تحس بهذه المرارة؛ لأن الإحساس كله في الفم.
فإذا كنتم تفعلون ذلك في الأمور المادية، فلا بد إذن أن نطبق ذلك أيضا في الأمور المعنوية، ولأن النُصح ثقيل فلا تجعله جدلا ولا ترسله جبلا، وخِفة البيان تؤدى عنك بدون إثارة أو استثارة، وبلطف يحمل على التقبل..
بهذا تصل إلى ما تريد، ومثال ذلك حكاية الملك الذي رأى في منامه أن أسنانه كلها وقعت، فجاء للمعبر ليعبر، فقال له: أهلك جميعا يموتون، التعبير لم يُسر منه الملك، فذهب لواحد آخر فقال له: ستكون أطول أهل بيتك عمرا، إنه التعبير نفسه، فما دام أطول أهل بيته عمرا، إذن فسيموتون قبله، هي هي، ولذلك قالوا: الحقائق مرة فاستعيروا لها خفة البيان.
{ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ } إذن فبالرحمة لِنت لهم وبلين القول تبعوك وألفوك وأحبوك. و " الفظُّ " هو: ماء الكرش، والإبل عندما تجد ماءً فهي تشرب ما يكفيها مدة طويلة، ثم بعد ذلك عندما لا تجد ماء فهي تجتر من الماء المخزون في كرشها وتشرب منه، في موقعة من المواقع لم يجدوا ماء ف***وا الإبل وأخذوا الماء من كرشها، الماء من كرش الإبل يكون غير مستساغ الطعم، هذا معنى " الفَظّ " ، ونظرا لأن هذا يورث غضاضة فسموا: " خشونة القول " فظاظة، والغلظ في القلب هو ما ينشأ عنه الخشونة في الألفاظ.
{ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ }. إنها رحمة طُبِعت عليها يا رسول الله من الحق الذي أرسلك. وبالرحمة لِنت لهم وظهر أثر ذلك في إقبالهم عليك وحُبهم لك؛ لأنك لو كنت على نقيض ذلك لما وجدت أحداً حولك. إذن فالسوابق تثبت أن هذه هي طباعك، وخلقك، هو الرحمة واللين.
وبعد ذلك اعفُ عنهم، وقلنا: إن " العفو " هو: مَحْو الذنب محوا تاماً وهو يختلف عن كظم الغيظ؛ لأن كظم الغيظ يعني أن تكون المسألة موجودة في نفسك أيضا إلا أنك لا تعاقب عليها؛ لأنك كففت جوارحك وصنت لسانك، أما المسألة فما زالت في نفسك، لكن العفو هو أن تمحو المسألة كلها نهائيا، وتأكيدا لذلك العفو فأنت قد تقول: أنا من ناحيتي عفوت.لا. المسألة لا تتعلق بك وحدك، لأنك لا بد أن تستغفر الله لهم أيضا، فمن الممكن أن يعفو صاحب الذنب، ولكن ربي ورب صاحب الذنب لا يعفو، فيوضح الحق: أنت عفوت فهذا من عندك؛ لكنه يطلب منك أن تستغفر لأجلهم. كي لا يعذبهم الله عما بدر منهم نحوك.
{ فَٱعْفُ عَنْهُمْ } هذه خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم.. { وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ } بسبب ما فعلوه، وترتب عليه ما ترتب من هزيمتكم في " أحُد " ، وشجك وجرحك، ولا تقل: استشرتهم وطاوعتهم في المشورة، وبعد ذلك حدث ما حدث، فتكره أن تشاورهم، لا تقفل هذا الباب برغم ما حدث نتيجة تلك المشورة وأنَّها لم تكن في صالح المعركة، فالعبرة في هذه المشقة هي أن تكون " أحدُ " معركة التأديب، ومعركة التهذيب، ومعركة التمحيص، إذن فلا ترتب عليها أن تكره المشورة، بل عليك أن تشاورهم دائما، فما دام العفو قد رضيت به نفسك، وما دمت تستغفر لهم ربك، واستغفارك ربك قد تستغفره بعيدا عنهم، وعندما تشاورهم في أي أمر من بعد ذلك فكأن المسألة الأولى انتهت، وما دامت المسألة الأولى قد انتهت، فقد استأنفنا صفحة جديدة، وأخذنا الدرس والعظة التي ستنفعنا في أشياء كثيرة بعد ذلك.
ولذلك تجد بعد هذه المعركة أن الأمور سارت سيرها المنتصر دائما؛ لأن التجربة والتعليم والتدريب قد أثر وأثمر، لدرجة أن سيدنا أبا بكر - رضي الله عنه - عندما جاءت حروب الردة، ماذا صنع؟ شاور أصحابه، فقال له بعضهم: لا تفعل. فهل سمع مشورتهم؟ لا. لم يسمع مشورتهم، إنما شاورهم. فلإنقاد المشورة حُكم، ولرد المشورة حكْم، المهم أن تحدث المشورة؛ ونعمل بأفضل الآراء فالمشورة: تلقيح الرأي بآراء متعددة، ولذلك يقول الشاعر: شاور سواك إذا نابتك نائبةيوما وإن كنت من أهل المشوراتلقد اهتدى الشاعر إلى كيفية تقريب المعنى لنا، فعلى الرغم من أن الإنسان قد يكون من أهل المشورة والناس تأخذ برأيه، فعليه أن يسأل الناس الرأي والمشورة، لماذا؟ ها هو ذا الشاعر يكمل النصيحة: فالعين تنظر منها مادنا ونأىولا ترى نفسها إلا بمرآةإن العين ترى الشيء القريب والشيء البعيد، لكن هذه العين نفسها تعجز عن رؤية نفسها إلا بمرآة، وكذلك شأن المسألة الخاصة بغيرك والتي تعرض عليك، إن عقلك ينظر فيها باستواء ودون انفعال؛ لأنه لا هوى لك، والحق هو الذي يجذبك. لكن مسائلك الخاصة قد يدخل فيها هواك ويُحليها لك ويُحسنها.إذن فالمشورة في أحُد كانت نتيجتها كما علمتم، وكأن الله يقول لرسوله: إياك أن تأخذ من سابقة المشورة أن المشورة لا تنفع، فتقاطعهم ولا تشاورهم؛ لأنك لن تظل حيا فيهم، وسيأتي وقت يحكمهم بشر مثلهم، وما دام يحكمهم بشر مثلهم فلا تحرمه أن يأخذ آراء غيره، وعندما يأخذ الآراء وتكون أمامه آراء متعددة فهو يستطيع أن يتوصل إلى الحكم الصحيح بحكم الولاية وبحكم أنه الإمام، ويستطيع أن يفاضل ويقول: هذه كذا وهذه كذا، إلا أن يُفوض غيره.
{ وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } وقد عزم رسول الله أيضا على الحرب ولبس لأمته، أكان يلبس اللأمة - وهي عُدة الحرب - وبعد ذلك يقولون له: لا تخرج فيدعها؟ لا؛ فالمسألة لا تحتمل التردد. { فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } وهذه فائدة الإيمان، وفائدة الإيمان: أن الجوارح تعمل والقلوب تتوكل، معادلة جميلة! الجوارح تقول: نزرع، نحرث، نأتي بالبذر الجيد، نروي، نضع سماداً ونفترض أن الصقيع قد يأتي ونخشى على النبات منه فنأتي بقش ونحوه ونُغطيه، كل هذه عمل الجوارح. وبعد ذلك القلوب تتوكل.
فإياك أن تقول: المحصول آتٍ آتٍ لأنني أحسنت أسبابي، لا.لأن فوق الأسباب مُسَبِّبَها. فالجوارح تعمل والقلوب تتوكل، هذه فائدة الإيمان لأنني مؤمن بإله له طلاقة القدرة، يخلق بأسباب ويخلق بغير أسباب. الأسباب لك يا بشر، أما الذي فوق الأسباب فهو الله، فأنت حين تعمل أخذت بالأسباب، وحين تتوكل ضمنت المسبب وهو الله - سبحانه -.
إذن فالجوارح تعمل والقلوب تتوكل. إياك أن تظن أن التوكل يعني أن تترك الجوارح بلا عمل، لا، فهذا هو التواكل أو الكسل، إنه التوكل الكاذب، والدليل على كذب من يقول ذلك أنه يحب أن يتوكل فيما فيه مشقة، والسهل لا يتوكل فيه، ونقول للرجل الذي يدعي أنه يتوكل ولا يعمل: أنت لست متوكلا، ولو كنت صادقا في التوكل إياك أن تمد يدك إلى لقمة وتضعها في فمك. كن متوكلا كما تدعي، ودع التوكل يضع لك اللقمة في فمك واترك التوكل ليمضغها لك!
وطبعا لن يفعل ذلك، ولهذا نقول له أيضا: إن ادعاءك التوكل هو بلادة حس إيماني وليس توكلا.
إن الحق سبحانه وتعالى يقول: { وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } و { عَزَمْتَ } تقتضي عزيمة، والتوكل يقتضي إظهار عجز، فمعنى أني أتوكل على الله أنني استنفدت أسبابي، ولذلك أرجع إلى من عنده قدرة وليس عنده عجز، وهذا هو التوكل المطلق.
وفي حياتنا اليومية نسمع من يقول: أنا وكلت فلانا، أي أنني لا أقدر على هذا الأمر فوكلت فلانا. ومعنى توكيله لفلان انه قد أظهر عجزه عن هذا الأمر. ولهذا ذهب إلى غير عاجز. كذلك التوكل الإيماني، فالتوكل معناه: تسليمك زمام أمورك إلى الحق ثقة بحسن تدبيره، ومن تدبيره أن أعطاك الأسباب فلا ترد يد الله الممدودة بالأسباب ثم تقول له اعمل لي يارب؛ لأننا قلنا في سورة الفاتحة: إن الإنسان يدعو قائلا:
{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }
[الفاتحة: 5]
ومعنى " نستعين " أي نطلب منك المعونة التي نتقن بها العمل. وبعد ذلك يقول الحق: { إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ... }
|