مشاهدة النسخة كاملة : أخلاق المهاجرين تحل أزمات المصريين


abomokhtar
16-11-2012, 09:41 AM
بقلم / تراجي الجنزوري
كل عام وأنتم بخير
كل عام وأنتم إلى الله أقرب وعلى طاعته أدوم.
وذلك بمناسبة عام هجري حديد.. نسأل الله أن يهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام.. هلال خير ورشد.
إن الهجرة المشرفة كانت أحد الخيارات الراشدة للمصطفى ( صلى الله عليه وسلم ) لبناء أمة.. عقم الزمان أن يجود بمثلها.. أمة ملكت هذه الدنيا قروناً.
فالهجرة لم تكن انتقال موظف من بلد قريب إلى بلد ناء.. ولا ارتحال طالب قوت من أرض مجدبة لا زرع فيها ولا ماء.. إلى أرض خصبة ذات أنهار وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم.
إنها إكراه رجل آمنا ً في سربه.. ممتد الجذور في مكانه.. محببا ً إليه وطنه.. على إهدار مصالحه وتضحية أمواله والنجاة بشخصه.. وإشعاره بأنه مستباح منهوب.. قد يهلك في أول الطريق أو نهايتها.. وأنه يسير نحو مستقبل مبهم.. لا يدري ما يتمخض عنه من قلاقل وأحزان.
فانطلق (صلى الله عليه وسلم) في طول الأرض وعرضها يحمل أهله وولده لا يبالي وهو رضي الضمير وضاء الوجه.
وانطلق صحبه بانطلاقته.. قاصدين وجهته.. تاركين أحب البلاد إلى قلوبهم.. يبتغون فضلا ً من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله.. انطلقوا لا يلوون على شيء إلى حيث يعزون الإسلام ويؤمنون مستقبله .
إنها أمور عظام.. وصعاب يتبعها صعاب.
إنه الإيمان الذي يزن الجبال ولا يطيش.. تزللت معه كل الصعاب.. فهذه الصعاب لا يطيقها إلا مؤمن.. أما الهياب الخوار القلق.. فما يستطيع شيئاً من ذلك " وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ".
أما الرجال الذين التقوا بمحمد (صلى الله عليه وسلم ) وقبسوا من نور الوحي وتواصوا بالحق والصبر.. فإنهم نفروا حين قيل لهم انفروا .
إنهم رجال العقيدة الذين يسيرون طوعا لها.. ويجدون طمأنينة حيث تقر عقيدتهم.. وتلقى الرحب والسعة.
أيها الحبيب.. إن الناس ينشدون سعادتهم فيما تعلقت به هممهم وجاشت به أمانيهم.. وهم ينظرون إلى الدنيا وحظوظهم منها على ضوء ما رسب في نفوسهم من عواطف وأفكار .
فمثلاً.. طالب الزعامة يرضى أو ينقم.. وينشط أو يكسل.. بمقدار قربه أو بعده من أمله وهدفه المنشود.
أما رجالات محمد.. لا يطيقون الكف عن إسداء الجميل.. وبذل التضحية.. ورعاية الصالح العام.. وإفناء ذاتهم في سبيل الفضائل التي ملكت لبهم وعمرت قلوبهم .
إن الواحد منهم يبيت مسهدا ً لو فرط في واجب.. راحته الكبرى في نشدان الكمال.. وسعادته العظمى يوم أن يدرك منه سهما.
إنهم رجال الحقائق.. ما كان محمد (صلى الله عليه وسلم) رجل خيال يتيه في مذهبه.. ثم يبني حياته على الخرافة.. بل كان رجل حقائق يبصر بعيدها كما يبصر قريبها.. فإذا أراد شيئا ً هيأ له أسبابه.. وبذل في تهيئتها أقصى ما في طاقته.. وما فكر قط ولا أحد من أصحابه أن السماء تسعى له حيث يقعد.. أو تنشط له حيث يكسل.. أو تحتاط له حيث يفرط.. ولم تكن يوما ً خوارق العادات ونواقض الأسباب والمسببات أساسا ولإطلاء في بناء رجل عظيم وأمة عظيمة.
لقد تعلموا وعلموا.. وخاصموا وسالموا.. ومدوا شعاع دعوتهم إلى الآفاق.. وهم على كل شبر من الأرض يكافحون ويضحون ويبذلون.. لم ينخرم لهم قانون من قوانين الأرض.. ولم تلن لهم سنة من سنن الحياة.. بل تعبوا وضحوا وتحملوا في سبيل ربهم.. فكانوا في تنازع البقاء أولى بالرسوخ والتمكين .
ولعلك تجد ذلك واضحا في قول الحق سبحانه : " الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ" ثم حدث تنازع البقاء "وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ" فكان نتيجته التمكين "الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ".
من أجل ذلك استحقوا السبق في الإيمان والعمل الذي يورث حيازة القدوة والسيادة.. يقول عنهم ربنا " وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ".
ما أحوجنا لرجال كهؤلاء حتى نبني مصرنا.
رجال أخلصوا لله.. "يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً".
رجال صبروا.. " وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ * الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ".
رجال صدقوا.. " لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ ".
رجال ضحوا.. " الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ".
رجال نصرهم لله ورسوله.. "وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ".
أخلاق المهاجرين تحل أزمات المصريين
أزمة الغاز السولار البنزين.. حلها : " وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ".
أزمة الإضرابات الفئوية.. حلها : " وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ" موقف صهيب الرومي.
أزمة البناء في الأراضي الزراعية.. حلها: في هجرة أبي سلمة وسلمة وأم سلمة".
أزمة المحاباة والمحسوبية.. حلها: في اختيار النبي (صلى الله عليه وسلم) لعبد الله بن أريقط دليلا ً لأخطر رحلة.. وهو على غير الملة.. عندما توافرت فيه الكفاءة والخبرة والأمانة.
أزمة أكل المال العام.. حلها: في منام علي بن أبي طاب مكان النبي (صلى الله عليه وسلم) كي يؤدي للكفر والمشركين أماناتهم.. بالرغم من أنهم آذوه وأخرجوه.
أزمة أخلا ق الشباب المتردية.. حلها: في أخلاق المشركين عندما منعتهم رجولتهم ومروءتهم في أن يتتبعوا أسماء بنت أبي بكر.
أسأل الله أن يستعملنا ولا يستبدلنا.. وأن يجعلنا أهلا لنصرة دينه.. وأن يجعل مصرنا أمنا أمانا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين .

مستر محمد سلام
16-11-2012, 11:44 PM
جزاكم الله خيرا
استاذي الفاضل
ابو مختار

*************

***********