مشاهدة النسخة كاملة : تحليلات سياسية


الصفحات : [1] 2

aymaan noor
16-08-2012, 07:49 AM
إنهاء الإزدواجية
سيناريوهات ما بعد انفراد مرسي بالسلطة في مصر
محمد عبد الله يونس
مدرس مساعد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة

لم تشهد الثورة المصرية على امتداد المرحلة الانتقالية احتدامًا للصراع السياسي وتشابكًا في أبعاده مثلما شهدته المرحلة الراهنة قبيل الانتهاء من صياغة الدستور الجديد، وطرحه للاستفتاء الشعبي. فالتناقضات بين القوى السياسية والأطراف الفاعلة في إدارة المرحلة الانتقالية وصلت حدًّا فاصلًا ومحكًّا عصيبًا في مسار المرحلة الانتقالية، وباتت السيناريوهات المطروحة تحكمها ثنائية حدية ، طرفاها ثورة جديدة وانهيار كافة ترتيبات المرحلة الانتقالية، أو تأسيس جمهورية جديدة وتدعيم أركانها بإقرار الدستور وإجراء الانتخابات التشريعية.
حيث اتخذ صراع السلطة منحى تصاعديًّا في الآونة الأخيرة قبيل حسم الرئيس محمد مرسي للمحور الأكثر تعقيدًا في الصراع على السلطة بقرارات متتابعة استغلالًا للسخط الشعبي الذي تبع هجمات رفح الإرهابية، واستباقًا لدعواتٍ بتأجيج ثورة ثانية مناوئة لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس، والتي تم تتويجها بإلغاء الرئيس مرسي للإعلان الدستوري المكمل، واقتناصه كافة الصلاحيات التشريعية والتنفيذية والرقابية، وإحالته قيادات المجلس العسكري للتقاعد، لا سيما المشير طنطاوي والفريق سامي عنان، والتي سبقها إحالة اللواء مراد موافي مدير المخابرات وعدد من القيادات العسكرية والأمنية للتقاعد، وهو ما يثير تساؤلاتٍ متعددة حول تحولات خريطة الصراع على السلطة والاستقطاب السياسي كنتاج ٍلتلك التغييرات الحاسمة في مسار الصراع على السلطة.

أولًا: مؤشرات التحول في خريطة الصراع على السلطة:

شهدت خريطة القوى والأطراف المنخرطة في صراع السلطة تحولات مهمة منذ انتهاء الانتخابات الرئاسية، في ظل ما تبعها من تصاعد للتناقضات السياسية بين التيارات الدينية والعلمانية "المدنية" من جانب، والتدافع المؤسسي بين الرئيس المنتخب المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين ومؤسسات الدولة لا سيما المؤسسة القضائية والمؤسسة العسكرية في ظل المخاوف المتصاعدة بين المنتمين للنخبة من نزعة إحلالية إقصائية قد تتبعها الجماعة في التعامل مع المعارضة السياسية ومصالح المؤسسات في تجنب تسييس عملها من خلال قواعد جديدة لتجنيد واختيار قياداتها، وتفكيك شبكات المصالح الحالية، واستبدالها بأخرى تحقق أهداف مؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان المسلمين وفي هذا الصدد تتمثل مؤشرات التحول في خريطة الصراع على السلطة فيما يلي:

1- تصفية دور المجلس العسكري في صراع السلطة:

لم تكن قرارات الرئيس مرسي بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل واستبعاد عدد من القيادات العسكرية مستبعدة تماما، على الرغم من أن أحدًا لم يتوقع أن يقوم الرئيس بما يمثل انقلابًا مدنيًّا على معادلات السلطة التي قبل بها بعد توليه مهام منصبه بإشادته المتكررة بدور المجلس العسكري، ودعوته إياه الاستمرار في أداء دوره في إدارة المرحلة الانتقالية، وتأمين الجبهة الداخلية.
فالمراجعةُ المتأنية لقرارات الرئيس مرسي منذ توليه الرئاسة تكشف عن نزعة صدامية بدأت بقراره بإعادة مجلس الشعب على الرغم من حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان تشكيله، مما أدى إلى صدامٍ مع المؤسسة القضائية انتهى بامتثال الرئيس لأحكام القضاء، وتجلت مرارًا خلال تشكيل الحكومة في ظل التجاذبات مع المجلس العسكري حول اختيار من يتولون الوزارات السيادية.

وعقب أحداث رفح؛ بات من المؤكد أن الرئيس استغل السخط الشعبي لإقالة اللواء مراد موافي مدير جهاز المخابرات، وقائد الشرطة العسكرية اللواء حمدي بدين، وهو أحد أعضاء المجلس العسكري، فضلًا عن إقالته قائدَ الحرس الجمهوري ومحافظ شمال سيناء ومدير أمن القاهرة ومدير أمن شمال سيناء بما مثل تأسيسًا لاتجاه الرئيس مرسي لاستغلال مهام منصبه كرئيس للجمهورية وقائد أعلى للقوات المسلحة ولمؤسسة الشرطة.

ويمكن اعتبار حيثيات تلك القرارات بمثابة استرضاء للقيادات العسكرية بما قد يؤيد السيناريو القائل بوجود توافقات بين مؤسستي الرئاسة والمجلس العسكري -أو على الأقل بعض قياداته ممن تم الاستعانة بهم في إدارة المؤسسة العسكرية- حيال تلك التحولات، لا سيما في ظل منح قلادة النيل للمشير طنطاوي، ومنح الفريق سامي عنان قلادة الجمهورية، وتعيينهما مستشارين لرئيس الجمهورية، وتعيين الفريق رضا حافظ وزير دولة للإنتاج الحربي، وتعيين الفريق مهاب مميش رئيسًا وعضوًا منتدبًا لمجلس إدارة هيئة قناة السويس، وتعيين الفريق عبد العزيز سيف الدين رئيسًا لمجلس إدارة الهيئة العربية للتصنيع، بما يمثل استرضاء لكافة القيادات العسكرية التي تمت إحالتها للتقاعد.

2- تحكم مؤسسة الرئاسة في مسار المرحلة الانتقالية:

تكمن الدلالةُ الأهم في قرارات مرسي في مستوى السيطرة التي حققها الرئيس على المؤسسة العسكرية التي كانت تعتبر الأكثر ممانعة للتغير الراديكالي النابع من القناعات الأيديولوجية لتيار سياسي أو آخر؛ إذ تمثل تلك القرارات تصفية كاملة لدور المجلس العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية، وتأكيدًا للسيادة المطلقة للرئيس على المؤسسة العسكرية بما يتيح المجال لتوقع تحولات جديدة في مؤسسات أخرى لا سيما المؤسسة القضائية بعدما شملت الصحف القومية.

وفي السياق ذاته؛ يُمثل إلغاء الإعلان الدستوري المكمل بُعدًا غاية في الخطورة في قرارات مرسي لما ينطوي عليه من انفراد الرئيس بصلاحيات التشريع والتنفيذ والرقابة دون أي توازن سياسي أو مساءلة مؤسسية، وفي غياب إطار دستوري يحدد نطاق دوره باستثناء الإعلان الدستوري، بما يعني إجمالا أن إدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية ستتسم بسيطرة تامة من الرئيس وحكومته على كافة مفاصل الدولة بما قد يؤثر على مسار الانتخابات التشريعية المقبلة التي ستتم بعد الاستفتاء على الدستور.

انطوت التحولات الأخيرةُ أيضًا على استئثار مؤسسة الرئاسة بصلاحيات مركزية في إدارة الدولة، أهمها السيطرة منفردًا على تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور في حال حلها قضائيًّا، والاختصاص المنفرد بصياغة وإصدار كافة القوانين والتشريعات، وتعجيل القوانين واللوائح، والانفراد بإدارة شئون القوات المسلحة، وإعلان الحرب، وهي صلاحيات لا يحوزها أي رئيس في نظام ديمقراطي، وهو ما يمثل إعادة إنتاج للسلطوية بصورة أكثر حدة من النظام السابق، على الأقل حتى الانتهاء من صياغة الدستور، وإجراء الانتخابات التشريعية، وهو ما قد يستغرق فترة لا تقل عن ثلاثة أشهر على الأقل.

3- صعود دور جماعة الإخوان المسلمين:

يتمثل أحد أهم تحولات خريطة الصراع على السلطة في مصر والتدافع بين التيارات السياسية في تصاعد دور جماعة الإخوان المسلمين على الرغم من حل مجلس الشعب الذي تمتعت فيه بأغلبية المقاعد بمساندة حزب النور السلفي؛ حيث تمكنت الجماعة من توظيف سيطرتها على مجلس الشورى، وتشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، ثم مؤسسة الرئاسة في ترسيخ مكانتها في النظام السياسي كفاعل مركزي لديه مصالح في تغيير منظومة التفاعلات الحالية، وإعادة تفكيك شبكة التحالفات الحاكمة للعلاقة بين الدولة والمجتمع، وبناء شبكة بديلة أكثر رسوخًا تحقق غايات أيديولوجية مرتبطة ببرنامج النهضة الرئاسي عبر مسارٍ تدريجي يضمن تحييد مخاوف المعارضة السياسية، ودمج بعض قواها في بناء الجمهورية الثانية حتى يحقق حدًّا أدنى من التوافق الوطني لضمان بقائها.

ويمكن القول في هذا الصدد إن الجماعة نجحت في تحقيق قدر كبير من السيطرة السياسية من خلال توظيف صلاحيات مجلس الشورى في استبدال قيادات الصحف القومية، وضبط أدائها تحت لواء تطهير الإعلام، وعبر توظيف مكانتها المركزية في الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور التي يغلب على تشكيلها المنتمون للتيارات الإسلامية بعد انسحاب عدد كبير من رموز الأحزاب والتيارات الأخرى.
كما تسيطر الجماعةُ أيضًا على مؤسسة الرئاسة عبر كوادرها، فالمتحدث باسم الرئاسة د. ياسر علي هو منسق مشروع النهضة الخاص بحزب الحرية والعدالة والفريق المعاون لمرسي يضم د. مراد علي منسق الحملة الانتخابية لخيرت الشاطر القيادي بالجماعة قبل استبعاده من جانب اللجنة العليا للانتخابات، بالإضافة إلى د. عصام حداد عضو مكتب الإرشاد، فضلًا عن استناد مرسي على قواعد الجماعة في حشد الدعم والتأييد لدعمه في خضم الصراع السياسي المحتدم حول صلاحياته بداية من الصدام مع المحكمة الدستورية العليا، وانتهاء بقراراته الحاسمة بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل، واستبعاد المجلس العسكري من معادلات السلطة.

ثانيًا: المسارات الملحقة بصراع السلطة:

لم ينقضِ صراعُ السلطة في مصر بإنهاء دور المجلس العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية وانفراد الرئيس بالصلاحيات التنفيذية والتشريعية والقضائية بالنظر إلى وجود مسارات فرعية متعددة لإحكام سيطرة الرئيس على مؤسسات الدولة ومجمل منظومة التفاعلات السياسية، وتوجيهها بما يحقق أهداف برنامجه الانتخابي، ويضمن لحزب الحرية والعدالة الذي ينتمي إليه فرصا أكبر في المنافسة في الانتخابات التشريعية التالية لصياغة الدستور، ومن أهم تلك المسارات التالية:

1- ضبط دور الإعلام في مواجهة السلطة:

لا يمكن اعتبار الإعلام طرفًا دخيلًا في معادلات الصراع على السلطة والحكم في مصر، فشبكات المصالح والتجاذبات تشكل توجهات الإعلام بصورة أساسية، وتضعه في خضم الاصطفافات السياسية المتقاطعة، وهو ما وضعه بطبيعة الحال في دائرة الاستهداف من جانب شاغلي السلطة السياسية.

وبدت معالم ذلك الاستهداف بداية من قيام مجلس الشورى بتشكيل لجنة لاستبدال قيادات الصحف القومية لاستيفاء استحقاق "تطهير الإعلام" وما تبعه من وقف بث قناة الفراعين الممثلة للنظام السابق، وإحالة مالكها رجل الأعمال توفيق عكاشة إلى محكمة الجنايات بتهمة التحريض على قتل رئيس الجمهورية، فضلًا عن مصادرة بعض أعداد صحيفة "الدستور" بأمر قضائي لاستهدافها الرئيس وتحريضها على التظاهر ضد جماعة الإخوان المسلمين، وكان حصار بعض مريدي الجماعة لمدينة الإنتاج الإعلامي والاعتداء على بعض الصحفيين مؤشرا آخر على نهج أكثر صرامة في مواجهة الإعلام.

2- الاتجاه لإعادة هيكلة المؤسسة القضائية:

تُعتبر المؤسسة القضائية أحد أهم كوابح صلاحيات الرئيس خلال الفترة السابقة على صياغة الدستور، بالنظر إلى دور المحكمة الدستورية العليا في إلغاء قراره السابق بإعادة مجلس الشعب باعتباره انتهاكا لحجية أحكامها ونفاذها في مواجهة كافة سلطات الدولة، بل ويمكن تفسير أحد أبعاد قرار الرئيس بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل في سعيه للاستئثار بحق إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور أو تحصين التشكيل الحالي في حال صدور حكم قضائي ببطلانه من القضاء الإداري.

فيما يتعلق بالسعي لإعادة هيكلة دور المؤسسة القضائية فإن مؤشرات متعددة تؤكد هذا التوجه، أهمها تعيين المستشار أحمد مكي وزيرًا للعدل، باعتباره أحد أقطاب جبهة استقلال القضاء، وأحد رموز الجناح الإصلاحي بالمؤسسة القضائية، بما يعد محاولة لترجيح كفة هذه الجبهة في مواجهة التيار المحافظ الساعي للإبقاء على بنيان المؤسسة ودورها المركزي في إطار معادلات السلطة، ثم تبع ذلك تعيين المستشار محمود مكي من ذات الجبهة الإصلاحية نائبًا للرئيس، بما يثبت التركيز الرئاسي على إعادة هيكلة تلك المؤسسة، وتبع ذلك جدل محتدمٌ في لجنة صياغة الدستور حول دور المحكمة الدستورية العليا في النظام السياسي، وتصاعد دعوات قوية لإلغاء دور المحكمة أو تحصين قرارات المجالس التشريعية والرئيس المنتخبين من رقابتها.

3- إعادة هيكلة خريطة القوى السياسية:

ينطوي المشهد الحالي لخريطة القوى السياسية على قدر كبير من الضبابية قبيل الانتهاء من صياغة الدستور في ظل افتقاد جماعة الإخوان المسلمين لمنافس قوي، باستثناء التيار السلفي الذي يميل في المرحلة الراهنة لدعم الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، على الرغم من استبعاد كافة ترشيحاتهم للتشكيل الوزاري بما فيهم د. محمد يسري إبراهيم، المرشح لوزارة الأوقاف، وتكشف المؤشرات الأولية عن اتجاه لتشكيل تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة يضم أحزابا متقاربة أيديولوجيا، مصر القوية بزعامة المرشح الرئاسي السابق د. عبد المنعم أبو الفتوح وحزب الوسط، ومن غير المستبعد أن تشكل أحزاب التيار السلفي تحالفا يتزعمه حزب الأمة الذي قد يرأسه المرشح الرئاسي المستبعد حازم صلاح أبو إسماعيل.

ويتمثل الهدفُ الرئيسي لتشكيل تلك الجبهات المتماسكة أيديولوجيًّا في مواجهة الأحزاب القيادية الناشئة لا سيما حزب الدستور بزعامة د. محمد البرادعي والتحالفات المناوئة للتيارات الاسلامية وأهمها جبهة التيار الثالث التي تضم أحزابا ليبرالية واشتراكية أهمها المصريون الأحرار، والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وحزب التجمع، وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وحزب مصر الحرية، وجبهة التيار الشعبي الذي يتزعمه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي وحزب الكرامة ذو التوجه الناصري.

ثالثا: سيناريوهات ما بعد انفراد الرئيس بالسلطة:

انتهت مرحلةُ ازدواج السلطة التي امتدت منذ تولي الرئيس محمد مرسي صلاحياته حتى قراره إلغاء الإعلان الدستوري المكمل، وتحقق بذلك أحد الاستحقاقات الثورية المرتبطة بمدنية الدولة وعودة الجيش للثكنات وإخضاعه للسيطرة المدنية، بيد أن الجدل لم ينقطع حول تداعيات انفراد الرئيس بالسلطة دون توازن سياسي يكبح جماح استخدامه لصلاحياته، أو يراقب إدارته لمؤسسات الدولة. وفي هذا الإطار تبلور اتجاهان رئيسيان حول مستقبل دور الرئيس بعد تصفية دور المجلس العسكري:

1- الاتجاه الأول: يتبنى أنصاره أن الصراع على السلطة تمت تسويته وحسمه لصالح الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين على الأقل حتى إقرار الدستور الجديد، والانتهاء من ترتيبات إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة، ويستدلون على ذلك بضعف مختلف القوى السياسية المعارضة، وانزواء المؤسسة العسكرية، وتركيزها على العمليات العسكرية الدائرة في سيناء لمواجهة الإرهابيين، وتحكم الرئيس بصلاحياته التشريعية والتنفيذية والرقابية في مختلف مفاصل الدولة ومؤسساتها.

2- الاتجاه الثاني: يؤكد مؤيدو هذا الاتجاه أن الصراع على السلطة لم يُحسم بعد، وأن انفرادَ الرئيس بإدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية لا يعدو كونه أحد حلقات الصراع الممتد على السلطة، وذلك للاعتبارات التالية:

أ- يفتقد الرئيس إلى الآن شرعية الإنجاز لحشد الدعم الشعبي لصالحه ولصالح حزبه لا سيما في ضوء استمرار أزمات الطاقة والمواصلات والمرور والنظافة، وتردي الأوضاع المعيشية للمواطنين، على الرغم من مرور ما يقارب 40 يوما على تولي الرئيس مهام منصبه بما يؤدي لامتلاك المعارضة مسوغات انتقاده بحدة لا سيما في ظل عدم اهتمام المواطنين بمآلات الصراع على السلطة قدر اهتمامهم بالقضايا الأكثر أولوية المرتبطة بتحقيق التنمية ورفع الأعباء المعيشية عن كاهلهم.

ب- انفراد الرئيس مرسي بالسلطة سيدفع المعارضين وخاصة المنتمين للتيارات المدنية للتكتل ضد صعود جماعة الإخوان المسلمين وعرقلة انفرادها بالسلطة، بما يعني استمرار الصراع على السلطة بنفس مستوي الاحتدام، وخاصة ما يتعلق بصياغة الدستور وتعبيره عن التوافق الوطني.

ج- استبعادُ المجلس العسكري من معادلة الصراع على السلطة لا يعني إنهاء دور المؤسسة العسكرية في النظام السياسي تماما بالنظر إلى مصالحها الراسخة في الحفاظ على تماسكها ومواردها الاقتصادية، وعدم تسييس عملية تداول السلطة في إطارها، ويكشف استعانة الرئيس مرسي بالفريق عبد الفتاح السيسي قائدا عاما للقوات المسلحة والفريق صدقي صبحي كرئيسا للأركان عن تدوير للمناصب داخل المجلس العسكري ذاته، مع استبعاد القيادات المركزية بما يعكس احتمالية استمرار دور كامن للمجلس العسكري لا سيما فيما يتعلق بمصالح المؤسسة العسكرية.

د- مركزية دور البيروقراطية في إدارة الدولة التي تتمتع حتى الآن بقدر من الحياد السياسي وبمقدورها أن تعرقل تنفيذ برنامج النهضة لا سيما في ظل استمرارها لعقود تحت سيطرة الحزب الوطني المنحل، وتغلغل قيادات متعددة من المنتمين للنظام السابق في هيكلها مترامي الأطراف المتحكم في كافة شئون الدولة.

الخلاصةُ أن إنهاء ازدواجية السلطة وانفراد الرئيس مرسي بالسلطة يؤسس بالفعل للجمهورية الثانية في ظل دور مركزي لجماعة الإخوان المسلمين، وضعف هيكلي يعتري التيارات المعارضة، وإن كان الصراع على السلطة قد يشهد إعادة إنتاج بصعود قوى جديدة تحقق التوازن السياسي لا سيما خلال عملية صياغة الدستور وقبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة التي يمكن اعتبارها محكًّا عصيبًا لمختلف القوى السياسية ودورها في تشكيل مستقبل النظام السياسي.

راغب السيد رويه
16-08-2012, 07:59 AM
تكمن الدلالةُ الأهم في قرارات مرسي في مستوى السيطرة التي حققها الرئيس على المؤسسة العسكرية التي كانت تعتبر الأكثر ممانعة للتغير الراديكالي النابع من القناعات الأيديولوجية لتيار سياسي أو آخر؛ إذ تمثل تلك القرارات تصفية كاملة لدور المجلس العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية، وتأكيدًا للسيادة المطلقة للرئيس على المؤسسة العسكرية بما يتيح المجال لتوقع تحولات جديدة في مؤسسات أخرى لا سيما المؤسسة القضائية بعدما شملت الصحف القومية.

الخلاصةُ أن إنهاء ازدواجية السلطة وانفراد الرئيس مرسي بالسلطة يؤسس بالفعل للجمهورية الثانية في ظل دور مركزي لجماعة الإخوان المسلمين، وضعف هيكلي يعتري التيارات المعارضة، وإن كان الصراع على السلطة قد يشهد إعادة إنتاج بصعود قوى جديدة تحقق التوازن السياسي لا سيما خلال عملية صياغة الدستور وقبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة التي يمكن اعتبارها محكًّا عصيبًا لمختلف القوى السياسية ودورها في تشكيل مستقبل النظام السياسي.


جزاك الله خيرا وبارك فيك

simsim elmasry
16-08-2012, 10:22 AM
نتمنى أن يكون
العمل من الجميع
لصالح مصر
لصالح الجمهورية الثانية
التى نحلم بها جميعا
مللنا من دولة
الحزب الواحد
والفرد الواحد
لانريد تكرارها
حتى ولو كان من قبل
التيار الاسلامى
وفقه الله لمافيه
خير البلاد

http://t0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQYWl04prVPYHU5dhcLl4tQg7m3p2bpN VwfR1yY3QrF1_ak9_w6&t=1

darch_99
16-08-2012, 12:34 PM
اجمالا مقال جيد ويشرح الخريطة الحالية للصراع علي السلطة والحمد لله متفائل بالقادم وجزاكم الله خيرا

love ur life
16-08-2012, 04:40 PM
مشكور ع التوبيك أستاذي العزيز

aymaan noor
16-08-2012, 08:39 PM
تكمن الدلالةُ الأهم في قرارات مرسي في مستوى السيطرة التي حققها الرئيس على المؤسسة العسكرية التي كانت تعتبر الأكثر ممانعة للتغير الراديكالي النابع من القناعات الأيديولوجية لتيار سياسي أو آخر؛ إذ تمثل تلك القرارات تصفية كاملة لدور المجلس العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية، وتأكيدًا للسيادة المطلقة للرئيس على المؤسسة العسكرية بما يتيح المجال لتوقع تحولات جديدة في مؤسسات أخرى لا سيما المؤسسة القضائية بعدما شملت الصحف القومية.

الخلاصةُ أن إنهاء ازدواجية السلطة وانفراد الرئيس مرسي بالسلطة يؤسس بالفعل للجمهورية الثانية في ظل دور مركزي لجماعة الإخوان المسلمين، وضعف هيكلي يعتري التيارات المعارضة، وإن كان الصراع على السلطة قد يشهد إعادة إنتاج بصعود قوى جديدة تحقق التوازن السياسي لا سيما خلال عملية صياغة الدستور وقبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة التي يمكن اعتبارها محكًّا عصيبًا لمختلف القوى السياسية ودورها في تشكيل مستقبل النظام السياسي.


جزاك الله خيرا وبارك فيك


جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

نتمنى أن يكون
العمل من الجميع
لصالح مصر
لصالح الجمهورية الثانية
التى نحلم بها جميعا
مللنا من دولة
الحزب الواحد
والفرد الواحد
لانريد تكرارها
حتى ولو كان من قبل
التيار الاسلامى
وفقه الله لمافيه
خير البلاد

http://t0.gstatic.com/images?q=tbn:and9gcqywl04prvpyhu5dhcll4tqg7m3p2bpn vwfr1yy3qrf1_ak9_w6&t=1


أتفق تماما مع رأيك أستاذى الفاضل
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

اجمالا مقال جيد ويشرح الخريطة الحالية للصراع علي السلطة والحمد لله متفائل بالقادم وجزاكم الله خيرا

جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

مشكور ع التوبيك أستاذي العزيز

جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

aymaan noor
16-08-2012, 11:05 PM
خريطة التنظيمات الجهادية المسلحة في سيناء
علي بكر
باحث في شئون الجماعات الإٍسلامية


أثار الهجوم المسلح الذي وقع على قوات حرس الحدود المصرية في سيناء مساء الأحد، وأسفر عن استشهاد 16 جنديا، وإصابة 6 آخرين، العديد من التساؤلات حول هوية التنظيم الذي قام بالحادث، وأهدافه من هذه العملية وكان الهجوم وقع على نقطة مؤخرة حرس الحدود التي تبعد عن معبر كرم أبو سالم بنحو 2 كلم، وتردد أن منفذي العملية الإرهابية من منطقة المهدية برفح الفلسطينية..

، وقد استولوا على مدرعتين من قوات حرس الحدود المصرية، بعد أن قصفوا نقطة مؤخرة حرس الحدود بصاروخ آر بي جي، ثم أطلقوا وابلًا من الرصاص على باقي القوة المصرية

وبعد أن استولى منفذو الهجوم المسلح على مدرعتين؛ عبرت إحداهما إلى الحدود الإسرائيلية، وتعامل معها سلاح الطيران الإسرائيلي وقصفها، وهربت المدرعة الثانية إلى منطقة المهدية. وتعاني سيناء عقب الثورة المصرية من تدهور أمني، وكان أحدُ تداعيات ذلك الوضع ظهورُ بعض التنظيمات الجهادية في سيناء، والتي أصبحت لها معسكرات تدريب وقواعد آمنة تنطلق منها لتنفيذ عملياتها.
السطورُ التالية تسعى لوصف خريطة الجماعات الجهادية الرئيسية في سيناء، وأي من هذه الجماعات الأكثر نشاطا؟، وتداعيات الهجمات الأخيرة على الوضع الأمني في سيناء ومصر بشكل عام.

أبرز الجماعات الجهادية في سيناء

يوجد في سيناء عدد من الجماعات الجهادية المختلفة، والتي يجمع بينها قاسم مشترك، وهو الإطاحة بالنظام المصري والهجوم على إسرائيل، عن طريق إستخدام ال*** المسلح، ورغم أن التيارات الجهادية في سيناء ليست كثيرة؛ إلا أنها في الوقت نفسه مؤثرة في مجريات الأحداث، وتستطيع أن توجه عددا من الضربات المؤلمة لكل من مصر وإسرائيل. ومن أبرز الجماعات الجهادية المسلحة في سيناء، ما يلي:

1- تنظيم التوحيد والجهاد:

وهو تنظيم جهادي متطرف شديد ال***، يقترب إلى الفكر التكفيري أكثر من اقترابه من الفكر السلفي الذي تعتقده معظم التيارات الجهادية الموجودة على الساحة، وهذا التنظيم هو الذي قام بتفجيرات سيناء الشهيرة، والمعروفة إعلاميًّا باسم تفجيرات طابا وشرم الشيخ في 2004 و2006، كما أن كل أفراد التنظيم ينتمون إلى سيناء.
وارتبط هذا التنظيم ارتباطًا كبيرًا بعدد من الفصائل الفلسطينية؛ حيث إن عناصره تعبر الأنفاق لكي تتدرب على السلاح والمتفجرات في قطاع غزة، كما أن هناك عددًا قليلًا من الفلسطينيين كانوا ينضمون إلى التنظيم وهم الذين قاموا بتدريب أفراده على استخدام المتفجرات. وانحسر نشاط التنظيم إلى درجة كبيرة بعد الضربات الأمنية التي وجهت له من قبل الأمن المصري عقب تفجيرات سيناء.

2- تنظيم أنصار بيت المقدس:

وهو تنظيم جهادي سلفي، يسعى في المقام الأول إلى تهديد إسرائيل بعدد من الوسائل، منها تفجير خطوط الغاز المتجهة من مصر إلى إسرائيل، وإطلاق العديد من الصواريخ على إسرائيل من داخل سيناء، ويتكون هذا التنظيمُ من مصريين وفلسطينيين، وينتمي غالبية أعضائه إلى فكر القاعدة، ويركز التنظيم عملياته على تفجير خطوط الغاز بين مصر وإسرائيل.

وثمة تقاريرُ تُشير إلى أن بعض المنظمات الفلسطينية تدعم تنظيم بيت المقدس، وتمدُّ له يدَ العون بالمال والسلاح، إضافة إلى الخبرة والمشورة والتدريب على العمليات العسكرية، وما شابه ذلك. ويُعد بيت المقدس تنظيمًا حديثًا إذا ما قورن بتنظيم التوحيد والجهاد، كما أن هناك عناصر أخرى تنضم إلى هذا التنظيم بخلاف العناصر المصرية والفلسطينية.

3- تنظيم أنصار الجهاد:

هو أحد نماذج "القاعدة" المنتشرة في العالم، وتمثل الظهور الإعلامي الرسمي لهذا التنظيم عقب بيان مبايعة لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري. وقد ظهر التنظيم على السطح عقب ثورة 25 يناير 2011، وما تبعها من تدهور أمني أصبح معه يطلق على سيناء أنها خارج نطاق السيطرة الأمنية المصرية.

ويتكون التنظيمُ في معظمه من المصريين من أبناء سيناء وغيرهم من المحافظات المصرية، إضافة إلى وجود بعض العناصر السابقة من تنظيم الجهاد الذين خرجوا من السجون في أحداث ثورة يناير مع التنظيم، كما تُشير بعض التقارير.

وقام "أنصار الجهاد في سيناء" بالعديد من العمليات المؤثرة، منها التفجيرات المتتالية لخط الغاز المؤدي إلى إسرائيل عبر محافظة شمال سيناء، وكذلك تفجير إيلات الأخير في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي *** فيها 8 جنود إسرائيليين في أغسطس الماضي.

كما حاول التنظيمُ تدمير وحرق قسم شرطة ثاني العريش، وذلك عندما قامت مجموعة من "الملثمين" قُدر عددها بنحو 200 فرد بالسيطرة على قسم شرطة العريش، واستخدموا في ذلك أسلحة متطورة (آر بي جيه - وقنابل وأسلحة آلية)، وتصدت لهم قوات من الشرطة والجيش، وأسفرت الاشتباكات عن م*** خمسة أشخاص، بينهم ضابطان أحدهما من الشرطة والآخر من القوات المسلحة، إضافة إلى إصابة 19 شخصا بجروح خطرة، وكذلك قام التنظيم ب*** ضابط شرطة بالسياحة، وشرطي آخر أمام مسجد الإسكندرية بالعريش. وقد ألقت أجهزة الأمن المصرية القبضَ على العديد من أعضاء التنظيم بعد اشتباكات ضارية معهم في سيناء في الشهور الأخيرة.

ويسعى "أنصار الجهاد في سيناء" إلى إقامة إمارة إسلامية في سيناء، وأن يكون الإسلام هو المصدر الوحيد للتشريع، وذلك عن طريق طرد الجيش والشرطة من سيناء، والاستيلاء على جميع المقار الأمنية، وكذلك الضغط على الحكومة المصرية من أجل إلغاء الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، والتدخل لفك الحصار عن غزة.

لذا، يعتبر تنظم "أنصار الجهاد هو أكبر التنظيمات الجهادية الموجودة في سيناء، وهو الأقدر على القيام بالعملية التي تمت في رفح وسقط فيها 16 شهيدا من الجيش المصري في عملية نوعية لم تشهدها سيناء من قبل، وتبعث برسالة للأمن المصري بأن التنظيم مصمم على المضي في تحقيق أهدافه في سيناء.

تداعيات التنظيمات الجهادية في سيناء

ثمة تداعيات محتملة على مصر وأمنها القومي جراء تصاعد عمليات الجماعات الجهادية في سيناء، ومن أبرزها ما يلي:

- إن انتشار هذه الجماعات الجهادية في سيناء يؤكد المقولة التي تقول: إن هذه المنطقة خارج نطاق السيطرة الأمنية، وبالتالي فهي أصبحت تمثل تهديدًا للأمن المصري، وأمن دول الجوار، وعلى رأسها إسرائيل.

- إن عدم القضاء على مثل هذه التنظيمات المسلحة قد يفتح الباب لعودة التيارات الجهادية من جديد في مصر.

- ثمة مخاوف من أن يكون هنالك تنسيق بين التنظيمات الجهادية في سيناء، ومثيلاتها الأخرى في المنطقة مثل "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" من أجل الإطاحة بالأنظمة الموجودة في المنطقة، وخاصة الأنظمة الإسلامية التي قامت عقب الثورات العربية في كل من مصر وليبيا وتونس؛ لأنها من وجهة نظرهم "أنظمة تقدم صورة مضللة للإسلام، وهي أخطر على الإسلام من الأنظمة العلمانية" كما تقول هذه التنظيمات.

- لا بديل أمام جماعة الإخوان المسلمين التي اعتلت مشهد السلطة بعد الثورة عن اختيار الأداة الأمنية للتعامل مع الجماعات الأمنية المسلحة، وهو ما بدا من تصريحات الرئيس محمد مرسي التي أكد فيها أن من اقترفوا جريمة رفح سيتم عقابهم، إلا أن ذلك الأمر قد يضعف من شعبية الإخوان لدى التيارات الإسلامية الجهادية بشكل عام.

مصر فوق الجميع
17-08-2012, 12:56 AM
عشنا عهودا فى أمان

يكفى هذا

فهنيئا ياشعب بكل جديد

يمكن يكون هذا هو التغيير المطلوب

aymaan noor
17-08-2012, 06:02 AM
عشنا عهودا فى أمان

يكفى هذا

فهنيئا ياشعب بكل جديد

يمكن يكون هذا هو التغيير المطلوب


هذه التنظيمات ليست وليدة اللحظة أستاذى الفاضل و لكنها متواجدة منذ زمن
و مع الغياب الأمنى و انتشار تهريب الأسلحة بدأ نشاطها يطفو على السطح
و حقيقة تصريح الرئيس مرسى كان واضحا وحاسما للجميع أن من اقترفوا جريمة رفح سيتم عقابهم
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

aymaan noor
17-08-2012, 07:20 AM
تقييم قدرات تنظيم " القاعدة" بعد الربيع العربي
بريان مايكل جنكينز
عرض: نسرين جاويش - باحثة في العلوم السياسية.
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/8ee107fb8e11fa27c5eb0c84c03d7dff_L.jpg
أدت ثورات الربيع العربي إلى صعود الإسلاميين إلى سدة الحكم في معظم دولها، ويأتي على رأسها مصر وتونس؛ وهو ما يمثل عهدًا جديدًا على مستوى الشرق الأوسط بأكمله وعلى السياسات الخارجية لهذه الدول التي شهدت تنافسًا شديدًا ما بين الأحزاب الليبرالية والإسلامية على الوصول للحكم بها، وأدى إلى نجاح الثانية في السيطرة على مقاليد الأمور، وتحول الإسلاميين من المواجهة في ظل النظم الاستبدادية السابقة إلى المشاركة وقيادة النظم الحالية.


ويترتب على تزايد نفوذ الإسلاميين ووصولهم إلى سدة الحكم في هذه الدول إجبار واشنطن على إعادة تقييم المعتقدات السائدة منذ عقود بشأن من هو صديق ومن هو عدو الولايات المتحدة؛ وخاصة مع تزايد حالة التخوف والترقب لدى الأمريكيين من أن تزايد نفوذ الإسلاميين قد يؤدي إلى فتح الطريق أمام الحركات المتطرفة الإسلامية والجهادية، ويُعد أخطرها على الإطلاق هو تنظيم القاعدة الذي يبسط نفوذه على أجزاء كبيرة من شبه الجزيرة العربية والعراق.

وهو ما ينبغي معه تقديم تقييم أكثر دقة عن تأثير الحركات الإسلامية على سياسات دولها تجاه الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة. وهو ما يُثير حقيقةً مَفادها "ليس كل الإسلاميين حلفاء لتنظيم القاعدة"؛ وبالتالي يجب على الولايات المتحدة محاولة دراسة الوضع بتأنٍّ وبنظرة استشرافية لمستقبل علاقاتها الخارجية مع دول الربيع العربي، وكذلك مع الأنظمة الداعمة للتنظيم.

ومن هنا تنبعُ أهمية الدراسة المقدمة من مؤسسة راند عن تنظيم القاعدة في العقد الثالث، والتي ينبغي قراءتها بشكلٍ جيد للوقوف على حقيقة تقييم قدرات تنظيم القاعدة في الوقت الحالي، وفي ظل سيطرة الإسلاميين على مقاليد الأمور في دولهم؛ وما قد يستتبعه من زيادة نفوذ الجماعات الإرهابية المتطرفة من عدمه؛ وبخاصة في ظل الأحداث المرتبكة على الساحة السياسية الحالية في دول الربيع العربي من تزايد الاحتجاجات في تونس والمواجهات مع الجماعات الإسلامية المتشددة هناك؛ مرورا بالأوضاع الأمنية المتردية في سيناء على الحدود مع إسرائيل وقطاع غزة وتزايد نفوذ الإسلاميين في هذه المنطقة الحيوية لأمن الدولة المصرية؛ إلى تزايد العنف والمواجهات ما بين قوات النظام السوري وقوات الجيش السوري الحر.

تنظيم القاعدة والولايات المتحدة الأمريكية

تأسس تنظيم القاعدة رسميًّا في بيشاور بباكستان في عام 1988؛ وبشكل أكثر تحديدًا في أغسطس 1988. وهي منظمة وحركة متعددة ال***يات سنية إسلامية أصولية، تدعو إلى الجهاد الدولي. وقد هاجمت القاعدة أهدافًا مدنية وعسكرية في مختلف الدول، وتم الإعلان عن وجود صلة لها بالهجمات على القوات الأمريكية في الصومال، وكذا في المملكة العربية السعودية في أوائل التسعينيات من القرن المُنصرم. ولكن التنظيم أعلن الحرب رسميًّا على الولايات المتحدة الأمريكية في 1996؛ وأطلق حملته الجادة في 1998.

وفي الحادى عشر من سبتمبر 2001 كانت هجمات سبتمبر التي مثلت ذروة الصراع بين التنظيم والولايات المتحدة ليدخل الصراع بذلك عقده الثاني. وقد تبع هذه الهجمات إعلان الحكومة الأمريكية الحرب على الإرهاب. هذا وتشمل التقنيات التي تستخدمها القاعدة الهجمات الانتحارية والتفجيرات المتزامنة في أهداف مختلفة، والتي يقوم بها أحد أعضاء التنظيم الذين تعهّدوا بالولاء لأسامة بن لادن أو بعض الأفراد الذين خضعوا للتدريب في أحد المخيمات في أفغانستان أو السودان.

ولا يزال تنظيم القاعدة وهجماته يحتل المرتبة الأولى في الأهمية لدى المواطن الأمريكي العادي؛ وكذا معظم المؤسسات البحثية في الولايات المتحدة، فحالة الحرب المستمرة تستنفر كل الجهود. هذا ويريد معظم الأمريكيين معرفة بداية ونهاية هذه الحرب؛ ويريدون إجابات مُحددة لعددٍ من الأسئلة منها: أين موقع الولايات المتحدة في هذه المواجهة مع تنظيم القاعدة؟ من الفائز؟ وما هي النتيجة؟ متي ستنتهي أطول حرب في تاريخ أمريكا رسميًّا؟.

وتتزامن هذه الأسئلة مع عدم وجود توافق في الآراء بين تقديرات المُحللين لحالة تنظيم القاعدة الحالية سوى اتفاقهم على أمر واحد فقط مفاده: أنه يجب النظر إلى حقيقة تنظيم القاعدة باعتباره قضية متشابكة ومحورية يجب تحليلها على مختلف الأصعدة، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال طرح كل القضايا للمناقشة، ومنها: هل ربحت أمريكا القضايا العملية وخسرت في المقابل القضايا الأيديولوجية؟ وهل يشكل انسحاب القوات الأمريكية من العراق خطرًا على الولايات المتحدة؟ وهل الحفاظ على القوات الأمريكية في أفغانستان أمر ضروري؟

وتحاول الورقة البحثية الإجابة على القضايا سابقة الطرح في ضوء التطورات الأخيرة من وفاة أسامة بن لادن؛ مرورا بالربيع العربي؛ وانتهاءً بالانسحاب الأمريكي من العراق؛ ليؤكد بريان أن هذه الورقة البحثية لا تعبر في النهاية إلا عن وجهة النظر الشخصية له.

تنظيم القاعدة ما بين التواري وتشكيل تهديد قائم

تُشير الدراسةُ إلى تعدد تقديرات المحللين لوضع التنظيم وقدرته الحالية، لكنها تركز على وجهتي النظر الطاغيتين على التحليلات، وهما:

الأولى: التنظيم أضعف مما كان عليه إبان هجمات 11 سبتمبر، ويتفق مع هذه المقولة المحللون المسئولون في واشنطن الذين يؤكدون قدرة الولايات المتحدة على القضاء على التنظيم؛ وخاصة مع تأكيدهم أنه سوف يُستنزف اقتصاديًّا في نهاية المطاف.

الثانية: التنظيم لا يزال يُشكل تهديدًا خطيرًا؛ وربما يكون أكثر خطورة مما كان عليه إبان هجمات 11 سبتمبر، ومرجعيتهم في ذلك أن التنظيم يعتمد على اللا مركزية في تنفيذ هجماته، بالإضافة إلى أن محيطه ما زال قويًّا، ويستمد قوته من حلفائه على مستوى العالم، والذين ينتهجون نفس الأيديولوجية في النضال العالمي.

وجديرٌ بالذكر أن المخاوف الأساسية من قدرة التنظيم حاليًّا تتمثل في قدرته على امتلاك قنبلة نووية من عدمه. ففي الوقت الذي تؤكد فيه بعض التحليلات أن التنظيم قادر على امتلاك الأسلحة النووية؛ تذهب التحليلات الأخرى إلى قدرته على امتلاك السلاح البيولوجي، ومن ثم قدرته على شن هجوم بيولوجي وهو الاحتمال الأقوى، والذي يلقي قبولا لدى المحللين السياسيين والعسكريين على حد سواء. ويعضد من هذا الاحتمال ظهور مادتي (البوتولينوم والريسين) السامتين في عدة هجمات إرهابية في مرحلة ما بعد أحداث 11 سبتمبر؛ هذا وتدفع بعض التحليلات باستخدام التنظيم مجموعة بكتيريا الجمرة الخبيثة.

هذا وتؤكد التحليلات أن الخطر الأكبر للتنظيم حاليًّا يأتي من شبه الجزيرة العربية بعد أن تم إضعاف التنظيم في باكستان؛ في حين أن الفروعَ الإقليمية له في العراق وشمال إفريقيا -ولا سيما اليمن- ما زالت في أوج قوتها وبخاصة في العراق؛ حيث تواصل القاعدة حملتها الإرهابية ضد مسئولي الحكومة العراقية، وزعماء القبائل السنية، وأعضاء الطائفة الشيعية في محاولة لإثارة حرب أهلية طائفية بين المسلمين السنة والطائفة الشيعية.

هذا ويسترشد بريان بالعديد من التقارير الأمريكية التي تُشير إلى أن قادة أساسيين من التنظيم ما زالوا على قيد الحياة ويتنقلون ما بين الصومال واليمن والعراق، وهو ما يؤكد قدرة الجهاديين على التنقل بين البلدان الثلاثة؛ وكذا مسئوليتهم عن العديد من المحاولات الإرهابية الأخيرة في الغرب وكذا في إفريقيا.

ويُنهي بريان تحليله لقوة التنظيم حاليًّا بالتأكيد على أن القاعدة لديها العزم على مواصلة حملاتها الإرهابية على الغرب وعلى دول أخرى مثل العراق؛ إضافة إلى توسيع نفوذها في إفريقيا، وهو ما قد يصعب معه مُستقبلًا تمييزُ الجماعات الإرهابية المحلية عن فروع التنظيم بالاستناد إلى أن التنظيم اليوم أصبح يعتمد على اللا مركزية أكثر مما كان عليه الوضع قبل عشر سنوات.

ومع زيادة حلفائها فقد انتقلت القاعدة من توجيه الضربات الإرهابية الإستراتيجية الموجهة مركزيًّا والتي بلغت ذروتها في هجمات 11 سبتمبر نحو الجهادية الفردية والمؤامرات التي غالبا ما يصعب الكشف عنها.

"التنظيم" ما بين اغتيال بن لادن والربيع العربي

مَثَّل اغتيال أسامة بن لادن في أوائل مايو من العام الماضي ضربة قوية للتنظيم كادت أن تضعفه؛ في وقت تعصف فيه الثورات بالعالم العربي ليختلف هدف هذه الثورات مع الأهداف التي يسعي لها التنظيم. ففي الوقت الذي يسعي فيه إلى شن حرب لا تنتهي على الغرب واستعادة الخلافة الإسلامية؛ طالبت الثورات العربية بقدر أكبر من الحرية السياسية والاقتصادية؛ وإن كانت الاضطرابات الناجمة عن هذه الثورات في المنطقة أعطت للتنظيم الفرصة في القدرة على توجيه ضربات تكتيكية.

ويؤكد بريان على أن وفاة أسامة بن لادن لا تعد بأي حال من الأحوال نهاية الحملة الإرهابية للقاعدة، وإن كانت ذات تأثير عميق على مستقبل المشروع الجهادي، نظرا لقيامه بتوفير التوجيه الإستراتيجي للتنظيم؛ وكذا تقديم المشورة التنظيمية على مستوى العمليات.

ومن ثمَّ فإن وفاته كانت بمثابة ضربة نفسية لأعضاء المنظمة بصفته القيادة الأساسية، وكذا بمثابة إضعاف لمصادر المنظمة المالية؛ فليس من المؤكد أن مؤيدي التنظيم من الأثرياء سوف يواصلون الإسهام في التمويل في مرحلة ما بعد بن لادن.

هذا وقد كان بن لادن القائد بلا منازع للتنظيم؛ حتى إن الجهاديين أنفسهم اعتبروا أيمن الظواهري أكثر ملاءمة للعب دور المفوض السياسي بدلًا من القائد الفارس، إضافة إلى أنه يتم التعامل معه من قِبل أعضاء التنظيم كمواطن مصري؛ على العكس من بن لادن الذي تخطى هويته كمواطن سعودي، وتعدى تحديد الأشخاص بالرجوع للهوية الوطنية؛ حيث علت إستراتيجية بن لادن على الانتماءات الوطنية من خلال الإنجازات البطولية التي استطاع تحقيقها. ويستشهد بعض المحللين بأن مرور كل هذا الوقت بعد وفاة بن لادن دون حدوث أي حادث جلل في الغرب يؤكد ضعف القاعدة التشغيلية للتنظيم.

لينتقل بريان بعد ذلك إلى استعراض تأثير الربيع العربي على الساحة السياسية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ مُشيرًا إلى أنه لم يستبين حتى الآن كيف ستؤثر ثورات الربيع العربي على التنظيم وكذا على جهود الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب.

وأكد بريان أن كل التقييمات الحالية ما هي إلا تقييمات مؤقتة، فما زالت الأمور لم تتضح بعد بالشكل الكافي للوصول إلى نتائج وتقييمات بشأن الأوضاع الحالية؛ فهناك بعض الاضطرابات السياسية التي بدأت في مصر وتونس، واشتعال القتال بين الميليشيات المحلية التي نجحت في هزيمة قوات القذافي في ليبيا، وتواصل الاحتجاجات في سوريا، وكذا عدم وضوح الرؤية الخاصة بمستقبل اليمن في أعقاب تخلي علي عبد الله صالح عن السلطة، واستمرار الانقسام ما بين السنة والشيعة في العراق، واستمرار التوترات الطائفية والاحتجاجات السياسية في البحرين.

ويرى بريان أن الحقائق المؤكدة بالفعل على أرض الواقع في هذه الدول هي: مواجهة قوات الأمن في هذه الدول لمزيد من التحديات وأعمال الشغب والعنف الطائفي واستمرار الصراع القبلي، واستمرار الأعمال التخريبية من المؤيدين للنظم القديمة، وهو ما يمثل بيئة صالحة في تحليل بريان لاستغلاله من جانب الإرهابيين لإدخال المنطقة في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار لعدة سنوات قادمة.

وقياسًا على ما سبق فإن هذه الثورات وما صاحبها من احتجاجات وانتفاضات أثبتت تراجع شعبية تنظيم القاعدة مع ما أنتجته من توقعات لدى مواطنيها ذات أسقف عالية من التقدم السياسي والاقتصادي لهذه الدول. ولكن الانتقال من الأنظمة الاستبدادية المصحوبة بضيق مشاركة المواطنين إلى الديمقراطيات التي تتيح مساحة أكبر للمشاركة سوف تمر بطريق طويل وصعب، وسوف يصاحب ذلك حالة من الإحباطات ما بين الفينة والأخرى؛ وهو ما سوف يستغله التنظيم لصالحه في محاولة منه لإعادة نشر فكر الخلافة الإسلامية، ومحاولة تقويض إرادة الشعوب، وتجنيد العديد من الأفراد لصالحه.

قادة التنظيم: النصر بات وشيكًا

"انتصار تنظيم القاعدة بات وشيكًا".. يؤكد هذه المقولةَ منظرو تنظيم القاعدة الذين يقفون على الجانب المقابل للمنظرين الغربيين المدافعين عن ضعف التنظيم وقرب انتهاء قوته. فمن وجهة نظر الفريق الأول أن التنظيم في حالة صراع دائم بدأ منذ عقود وسوف يستمر إلى ما بعد حياة قادة التنظيم الحاليين لإيمانهم بأنه واجب ديني؛ وأن المشاركة في النضال سوف يُنقذهم من الضلال.

ويعضد أصحاب هذه النظرية بالعديد من الأمثلة الحية والظروف الراهنة، فبعد أن عانت أمريكا من هجمات 11 سبتمبر تخبطت في قدرتها على تحديد الهدف وهو ما أدى بها إلى التورط في العراق وأفغانستان؛ إضافة إلى فقدانها حلفاءها من الأنظمة السلطوية بعد سقوطها في أعقاب قيام ثورات الربيع العربي، ومن ثم فإن ما يحتاجه التنظيم في الوقت الحالي هو توجيه ضربات صغيرة تؤدي إلى سيادة حالة من الذعر بين المواطنين الأمريكيين، ومن ثم إضعاف عزيمتهم.

ويؤكدون كذلك على أن "القاعدة" ترى نفسها تخوض غمار صراع وجودي مع الكفار الغربيين الذين يريدون هدم الإسلام؛ على النقيض من ذلك الأمريكيون الذين يرون أنفسهم يخوضون حربًا محدودة بوقت.

هذا ويعترف زعماء القاعدة بالتفاوت العسكري الهائل بين قواتهم والقوات العسكرية للعالم الغربي وعلى رأسه أمريكا، ومع ذلك يؤكدون أن التزامهم الروحي والإيماني سوف يُحقق لهم التفوق في نهاية المطاف فهم "يقاتلون في سبيل الله"، في حين أن الأمريكيين يقاتلون دون عقيدة.

بالإضافة إلى أن أفراد القاعدة لا يقاتلون في سبيل الحصول على مكافآت مادية أو غيرها، وإنما يقاتلون في سبيل الحصول على الجنة، فالموت بالنسبة لهم (إنجاز) لنصرة الإسلام ونيل الجنة وبهدف توحيد العالم العربي والإسلامي بأكمله تحت راية واحدة (الأمة الإسلامية)، فالوحدة أمرٌ ضروري ولازم لتحقيق وجود هذه الأمة، أما الانقسام فلن يجلب سوى الضعف في مواجهة أعداء الإسلام من الغرب.

ويؤكدون انتصارهم الوشيك في ظل التكلفة المادية والبشرية التي تتكبدها الولايات المتحدة في حربها على الإرهاب؛ في الوقت الذي تعاني فيه من العديد من الأزمات الاقتصادية، إضافة إلى زيادة الأصوات الرافضة للحرب وبدء سحب القوات الأمريكية من أماكن عديدة للتوترات، وهو ما يؤكد قوة التنظيم وقرب انتصاره.

أبوبسملة ياسر خليفة الطحاوى
17-08-2012, 07:25 AM
استاذ ايمن

موضوع اكثر من رائع

وتحليلات جميلة جدااااااااااااا

بارك الله فيك

وسلمت يداك

خالص تقديرى

aymaan noor
18-08-2012, 05:25 AM
تصدير الفوضى
دوافع نقل الأزمة السورية إلى دول الجوار الإقليمي
محمد ناجي / باحث متخصص في شئون الخليج
http://rcssmideast.org/media/k2/items/cache/7e58113966c67085953dd45e2ed189c9_L.jpg

دفعت الضربات المتتالية والعقوبات الدولية التي يتعرض لها نظام الرئيس السوري بشار الأسد، منذ بدء الاحتجاجات السورية في مارس 2011، الأخير إلى انتهاج سياسة " نقل الأزمة السورية إلي دول الجوار"، بدءا من تركيا مرورا بالأردن وانتهاءً بلبنان، مع استثناء العراق من ذلك، لكونه أحد أهم حلفاء دمشق، ليس فقط لأنه يمثل "جسر التواصل"

الأساسي لنقل المساعدات الإيرانية، المالية واللوجستية، إلى سوريا، بعد أن قيدت العقوبات الدولية، خصوصا الصادرة عن مجلس الأمن، من قدرة إيران على إيجاد بدائل للإيفاء بالتزاماتها تجاه حليفها السوري.

كما أن العراق يتنبى سياسة مؤيدة للنظام السوري في مواجهة الاحتجاجات، وهو ما انعكس في التصريحات الأخيرة التي أدلى بها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في 13 أغسطس الجاري، والتي قال فيها إن "الدول التي تتدخل في شئون دول أخرى في المنطقة ستحترق"، وأن "الفترة المقبلة ستشهد تهاوي دول"، وهو ما يتماشى مع السياسة الإيرانية التي بدأت في التحذير من أن سقوط نظام الأسد سوف ينتج تداعيات سلبية ،على قوى عديدة في المنطقة وعلى رأسها إسرائيل.

ويتمثل الهدف الأساسي للنظام السوري، ومعه إيران والعراق، من تصدير الأزمة لدول الجوار، في دفع الأطراف المعنية بتطورات الأزمة السورية إلى مراجعة خياراتها التصعيدية تجاهه، وربما إعادة التفكير في "الحل السياسي" للأزمة، باعتباره البديل الذي يمكن أن يجنب الإقليم خطر مواجهة "فوضى غير خلاقة" سوف تؤثر بشكل مباشر ،على التوزانات الاستراتيجية، خصوصا في ظل حالة "الفسيسفائية" التي يتسم بها المجتمع السوري، والتي تجعل من مسألة نقل التوتر الطائفي القائم في سوريا إلى دول الجوار لا تواجه صعوبات كبيرة، وفي ضوء عدم تبلور موقف دولي واضح تجاه الخطوات القادمة التي يجب اتخاذها في مواجهة النظام السوري، وظهور اتجاه داخل الدول الغربية يرى أن سقوطا سريعا لنظام الأسد يمكن أن يكون أشد خطورة من بقاءه، لأن ذلك معناه فتح الباب ،على مصراعيه أمام صراع مذهبي، ربما يكون أكثر ضراوة مما شهده العراق بعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، بشكل يمكن أن يهدد المصالح الغربية، وبالتحديد الأمريكية، ويزيد من حدة المخاطر التي تواجهها إسرائيل، ،على ضوء المفاعيل السياسية والاستراتيجية التي أنتجتها الثورات والاحتجاجات العربية.

تصعيد متعمد مع تركيا

اتخذ التصعيد السوري مع تركيا أشكالا ومراحل عدة، بدءا من قيام القوات السورية بإطلاق نار بشكل متكرر،على مخيمات اللاجئين السوريين على الحدود التركية، مرورا بإسقاط الطائرة الحربية التركية التي دخلت لفترة وجيزة المجال الجوي السوري، وانتهاءً بسحب قوات الجيش النظامي من بعض المناطق الشمالية مثل القمشلي وعامودا والدرباسية وعفرين، والسماح لحزب "الاتحاد الديمقراطي الكردستاني"، وهو الفرع السوري لـ"حزب العمال الكردستاني" بالسيطرة ،على هذه المناطق.

ويرجع تعمد النظام السوري التصعيد مع تركيا في هذه اللحظة تحديدا لاعتبارين: أولهما، التأييد القوي الذي أبدته تركيا للاحتجاجات السورية، والذي حولها إلى رقم مهم في الضغوط الدولية التي يتعرض لها الأول، ونقطة انطلاق لجماعات المعارضة المسلحة التي بدأت في السيطرة ،على مناطق عديدة من سوريا، خصوصا مع توارد تقارير عن تأسيس شبكة، بتمويل قطري سعودي وبرعاية أمريكية، لتزويد المعارضة السورية بالسلاح في أضنة، حيث مقر قاعدة "انجرليك" الجوية الأمريكية التركية المشتركة.

وثانيهما، التوتر الملحوظ في علاقات تركيا مع حليفي النظام السوري: إيران والعراق، بسبب دخول تركيا ،على خط الجهود التي تبذلها العديد من القوى العراقية، خصوصا التحالف الكردستاني و"القائمة العراقية"، لإسقاط حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.

وقد أثار هذا التطور الجديد قلقا واضحا من جانب تركيا، لاسيما أن انسحاب الجيش السوري يمكن أن يحفز حزب "العمال الكردستاني"،على السعي لملء الفراغ وتحويل شمال سوريا إلى "نقطة وثب" يستطيع من خلالها تنفيذ هجمات في الداخل التركي خصوصا مع حلول الذكري الثامنة والعشرين لبدء مواجهاته المسلحة مع أنقرة.
ومن هنا اندفعت تركيا إلى تصعيد لهجتها تجاه النظام السوري باتهامه بتسليم الحدود إلى منظمات إرهابية، وحشد قوات عسكرية كبيرة وإجراء مناورات ،على الحدود استعدادا للرد ،على أية هجمات قد يقوم بها حزب "العمال الكردستاني" عبر الحدود.

لكن حدود الرد التركي تبقي ضيقة، لاسيما لجهة حرص تركيا ،على عدم التحرك منفردة للتصعيد مع النظام السوري، في ظل عدم نضوج موقف أمريكي واضح لاتخاذ خطوات أكثر شدة ضد النظام السوري، ،على غرار فرض منطقة حظر جوي ،على شمال سوريا للسماح بإنشاء ممرات أرضية لإغاثة اللاجئين وحمايتهم من بطش النظام السوري. فضلا عن أن الضغوط الداخلية التي تتعرض لها حكومة رجب طيب أردوغان بسبب سياسته إزاء الأزمة السورية تقلص إلى حد ما من قدرته ،على اتخاذ قرار استراتيجي بالتصعيد مع سوريا. وقد عبر الرئيس التركي عبد الله جل عن هذا الموقف التركي بقوله أنه "لا يمكن لتركيا الانفراد بقرارات إقامة منطقة عازلة أو آمنة".

اشتباكات مع الأردن

فضلا عن ذلك، وقعت اشتباكات عديدة بين الجيشين السوري والأردني، كان آخرها بالأسلحة الثقيلة، ،على خلفية قيام قوات سورية بقصف مناطق أردنية حدودية بقذائف دبابات خصوصا خلال تدفق اللاجئين، ونصب قناصات متحركة على طول الحدود مع الأردن الذي أعلن حالة التأهب للدفاع عن أراضيه.

ويعود هذا التصعيد السوري في الأساس إلى اعتبارين: أولهما، ظهور مؤشرات عديدة ،على انتقال الموقف الأردني من الأزمة السورية تدريجيا من "المنطقة الرمادية"، التي تقوم ،على التماهي مع الاتجاه العام للمواقف الدولية إزاء الأزمة السورية، الذي يتمثل في عدم استعجال إسقاط النظام السوري تجنبا لوقوع فوضي يمكن أن تنتج تداعيات سلبية ،على حالة الاستقرار والأمن الإقليمي، باتجاه الدعوة إلى فرض مزيد من الضغوط ،على النظام السوري من أجل التوقف عن سياسته القمعية تجاه الاحتجاجات، وهو ما بدا جليا في تصريح رئيس الوزراء الأردني فايز الطراونة الذي قال فيه أن "الحوار لم يعد مجديا في سوريا، وأنه لا بد من دور أكثر فاعلية للمجتمع الدولي".

وثانيهما، حرص السلطات الأردنية ،على التنسيق مع "الجيش السوري الحر" فيما يتعلق بأوضاع اللاجئين وحمايتهم من عنف النظام، حيث تحول الأردن إلى نقطة التقاء لعدد كبير من ضباط الجيش ومسئولي النظام المنشقين وكان آخرهم رئيس الوزراء رياض حجاب، الذي سوف ينتقل إلى قطر.

إسقاطات طائفية خطيرة على لبنان

ورغم أنه لم تقع اشتباكات بين الجيشين السوري واللبناني، فإن أصداء الأزمة السورية انعكست بشكل مباشر ،على لبنان، وخصوصا في الشمال، حيث نشبت مواجهة بين مجموعة سنية وأخرى علوية في مدينة طرابلس شمال لبنان، في 28 يوليو الفائت، ويرجع ذلك إلى أن شمال لبنان يقع فيما يسمي بـ"المثلث العلوي" الذي يضم مناطق سورية وأخري لبنانية، بما يعني أن ثمة قواسم ديموجرافية تربط بين شمال لبنان وبعض المناطق في سوريا.

لكن الحدث الأهم الذي ربما يؤدي إلى تفاقم التوتر المذهبي في لبنان تمثل في توقيف الوزير اللبناني السابق ميشال سماحة، واتهامه، إلى جانب رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء ،على مملوك وعقيد في الجيش السوري، بالتخطيط لأعمال إرهابية وتفجيرات في لبنان، الأمر الذي استثمرته قوى "14 آذار" للدعوة إلى وقف فوري للاتفاقية الأمنية مع سوريا ونزع أسلحة الميليشيات المسلحة في إشارة إلى "حزب الله" تحديدا.

وقد دفعت التداعيات المباشرة للكشف عن محاولة إدخال متفجرات إلى داخل لبنان، رئيس الوزراء نجيب ميقاتي إلى توجيه انتقادات قوية للنظام السوري، حيث رفض تحويل لبنان إلى ساحة لتصدير الأزمات الخارجية وتعريض أمن اللبنانيين للخطر، مضيفا: "انتهجنا سياسة النأي بالنفس لقناعتنا بعدم التدخل في شئون الآخرين، ولذلك فإننا لن نسمح لأحد بالتدخل في شئوننا أو بتحويل لبنان مجددا لساحة لتصفية الحسابات وتصدير الأزمات الخارجية إليه".

صعوبات متعددة

لكن المشكلة أن سياسة "تصدير الأزمة إلى الجوار" يمكن أن تفرض تداعيات سلبية ،على النظام السوري وحلفاءه وذلك لجهتين: أولاهما، أن السماح للأكراد بالسيطرة ،على مدن في الشمال السوري يمكن أن يشجعهم ،على المطالبة بحكم ذاتي ،على غرار كردستان العراق، وهو خيار لن يسمح به النظام في هذه اللحظة، إلا في حالة إقدامه ،على تفتيت الدولة إلى جيوب مذهبية وعرقية مع تضاؤل فرصه في البقاء.

وثانيتهما، أن امتداد الصراع إلى داخل لبنان يضيق من حرية الحركة وهامش المناورة المتاح أمام "حزب الله" الذي يبدو مرتبكا بانتظار ما سوف تؤول إليه الأزمة في سوريا، خصوصا أن قوى "14 آذار" استغلت الأزمة لتفعيل دعوتها لنزع سلاح الميليشيات، وهو ما يؤشر في النهاية إلى أن سياسة "تصدير الأزمة إلى الجوار" أو "نشر الفوضي غير الخلاقة" ربما تكون سلاحا ذي حدين بالنسبة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.

راغب السيد رويه
18-08-2012, 07:18 AM
صعوبات متعددة

لكن المشكلة أن سياسة "تصدير الأزمة إلى الجوار" يمكن أن تفرض تداعيات سلبية ،على النظام السوري وحلفاءه وذلك لجهتين: أولاهما، أن السماح للأكراد بالسيطرة ،على مدن في الشمال السوري يمكن أن يشجعهم ،على المطالبة بحكم ذاتي ،على غرار كردستان العراق، وهو خيار لن يسمح به النظام في هذه اللحظة، إلا في حالة إقدامه ،على تفتيت الدولة إلى جيوب مذهبية وعرقية مع تضاؤل فرصه في البقاء.

وثانيتهما، أن امتداد الصراع إلى داخل لبنان يضيق من حرية الحركة وهامش المناورة المتاح أمام "حزب الله" الذي يبدو مرتبكا بانتظار ما سوف تؤول إليه الأزمة في سوريا، خصوصا أن قوى "14 آذار" استغلت الأزمة لتفعيل دعوتها لنزع سلاح الميليشيات، وهو ما يؤشر في النهاية إلى أن سياسة "تصدير الأزمة إلى الجوار" أو "نشر الفوضي غير الخلاقة" ربما تكون سلاحا ذي حدين بالنسبة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.

جزاك الله خيرا وبارك فيك

aymaan noor
20-08-2012, 07:18 AM
رؤية مقارنة
الممارسة السياسية لحزبي " العدالة" في مصر وتركيا
محمد عبد القادر خليل - متخصص في شئون تركيا والمشرق العربي
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/e303e2027514497aaa0603a129a3eb42_L.jpg
ثمة تشابه ظرفي وسياقي بين صعود حزب الحرية والعدالة FJP في مصر إلى سدة السلطة في يونيو 2012 ووصول حزب العدالة والتنمية AKP إلى قمة السلطة في تركيا في نوفمبر 2002. ذلك التشابه تخطى حدود مسمى الحزب المصري المقتبس من نظيره التركي، في ظاهرة امتدت للعديد من الأحزاب ذات المرجعيات الإسلامية على الساحة المصرية، وتختطها إلى ساحات العديد من دول "الربيع العربي".

وقد بات يستدعي ذلك دراسة أسباب وسياق الصعود السياسي في الحالتين، ومقارنة نتائج هذا الصعود سواء أكان على صعيد طبيعة الخطاب والممارسة أو الرؤية والتكوين السياسي أو التوجه الاقتصادي، وذلك بغية رصد أوجه التشابه وتحديد أنماط الاختلاف بين حزبي "العدالة" الحاكمين في كل من مصر وتركيا.

تشابه المقدمات:

عوامل التشابه بين الحزبين متنوعة، منها أن كلا منهما ذو مرجعية دينية، كما أن كلا منهما وصل إلى السلطة بعد عام واحد من تأسيسه، في ظاهرة لم تتكرر عالميًّا إلا في الحالتين، هذا بالإضافة إلى أن كلا الحزبين يسعيان إلى السيطرة على مختلف مؤسسات الدولة.

بيد أن التماثل الأبرز تمثل في أن رئيسي كلا الحزبين سجن لأسباب سياسية، ليصعد بعد ذلك وفق سياق محليٍّ مختلف إلى أعلى منصب سياسي في البلدين، في حدث تخطى سياقه المحلي ليأخذ طابعه الإقليمي والدولي، انطلاقًا من كثافة المتابعة، وطبيعة التأثير، وأنماط التأثر. وفي هذا الإطار يمكن رصد أبرز عناصر التشابه بين الحزبين على النحو التالي:

1- المرجعية الدينية:

الخلفية الدينية مركزية في الحالتين المصرية والتركية. ذلك أن الحزبين مدنيان بمرجعية إسلامية، كما أن كلًّا منهما يشكل تيارًا مُعتدلًا نسبيًّا يوجد على يمينه العديد من الأحزاب الإسلامية الأكثر تشددًا وانشغالًا بقضايا الدين والشريعة. كما أن الطرفين لديهما نظرة إيجابية حيال الخلافة العثمانية، وثمة من في داخلهما ممن لا يزال ينادي بهذه الخلافة، ويعتبرها هدفًا منشودًا. كما أن كلا الحزبين يعتمدان على حركة اجتماعية إسلامية لديها قاعدة شعبية كبيرة يستمدان منها الكثير من الشعبية، وتوفر لهما غطاءً في المواقف الصعبة والأزمات الطارئة. في تركيا حركة فتح الله كولن الداعمة لحزب العدالة والتنمية، وفي مصر جماعة الإخوان المسلمين.

ورغم وجود فوارق ضخمة بين توجهات الحركتين الاجتماعيتين، من حيث أنماط التفكير والتوجهات وطبيعة السياسات والأهداف؛ إلا أن كلا منهما يسعى للتغلغل في مؤسسات الدولة، والوصول إلى مواقع مفصلية داخل بيروقراطيتها. ومع ذلك يبقى تأكيد آخر على أنه في حين تنفصل حركة فتح الله كولن إجرائيا وتنظيميا عن حزب العدالة والتنمية، فإن حزب الحرية والعدالة يعد الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، ومعظم قرارات الحزب تتبلور أولا داخل مكتب شورى الجماعة، وليس داخل أروقة الحزب.

2- القاعدة الشعبية:

استطاع الحزبان أن يحققا نجاحًا ساحقًا في أول انتخابات برلمانية يخوضانها بعد تأسيسيهما مباشرة. ففي الحالة التركية حصل حزب العدالة على 34,2 في المائة من أصوات الناخبين في انتخابات نوفمبر 2002، ثم حصل على 47 في المائة في انتخابات 2007. وفي 12 يونيو 2011، فاز الحزب بالانتخابات التشريعية، وذلك بعد حصوله على 50.4% من الأصوات متقدمًا على حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية؛ إذ حصد الحزب 326 مقعدا من أصل 550 مقعدا في البرلمان.

هذا في حين حصل حزب الحرية والعدالة في مصر على 40.7 في المائة في أول انتخابات برلمانية بعد الثورة، ليحصل بذلك على الأكثرية في مجلس الشعب المصري. ثم فاز بانتخابات الرئاسة بعد حصول مرشحه محمد مرسي على زهاء 51.7 في المائة من أصوات الناخبين.

ولعل السمة المشتركة بين الحزبين أن كلا منهما استطاع أن يحصل على أصوات أغلب المحافظات الكبرى، كما حصل على أصوات الفقراء الذين يشكلون في مصر زهاء 40 في المائة من إجمالي السكان، وبلغوا في تركيا قبيل انتخاب حزب العدالة والتنمية زهاء 38 في المائة من السكان. ومن السمات المشتركة أيضا بين الحزبين أن قاعدتهما الشعبية لا تنحصر في الأوساط المحافظة، فهناك مؤيدون من كافة التيارات السياسية التي تدعم الحزبين، إما لضعف المنافسين، أو لحسن التنظيم، أو لتنامي الدور الاجتماعي، أو لأسباب عقائدية وأيديولوجية.ومع ذلك فإن هذا التنوع يبدو جليًّا وموضوعيًّا أكثر في حالة حزب العدالة والتنمية، مقارنة بحزب الحرية والعدالة سواء على مستوى الحزب أو على مستوى القاعدة الشعبية.

3- البيئة المواتية:

لعبت البيئة المحلية في الحالتين المصرية والتركية دورًا رئيسيًّا في صعود الحزبين إلى السلطة. فقد عانت تركيا قبيل صعود حزب العدالة إلى السلطة من انقسام المعارضة ومن حكومات ائتلافية هشة اتهم رموزها بالفساد السياسي والمالي، وتسببت سياساتها في أزمة اقتصادية تمثلت في انهيار سعر الصرف، وارتفاع معدلات التضخم والبطالة إلى نسب غير مسبوقة، كما بلغت فاتورة الأزمة الاقتصادية أكثر من 20 مليار دولار.
هذا في حين عانت مصر قبيل ثورة 25 يناير من أزمات اقتصادية طاحنة تمثلت في تهميش فئات كبيرة من المجتمع، وتنامي حالة من التذمر وعدم الاستقرار في كافة المجالات، وغياب العدالة الاجتماعية وسوء توزيع الدخل القومي.

وقد أفضت الأحداثُ السياسية والأمنيةُ التي تلت الثورة المصرية إلى مشكلات اقتصادية كتلك التي شهدتها تركيا قبيل وصول حزب العدالة إلى السلطة؛ حيث انخفض الاحتياطي النقدي إلى أكثر من النصف، وتراجع التصنيف الائتماني لمصر، وازدادت معدلات البطالة، وتراجعت الاستثمارات الأجنبية.

وعلى الرغم من أن هذه العوامل شكلت في الحالتين "بيئة ضاغطة"؛ إلا أنها ساهمت في شحذ الدعم والمساندة للحزبين من قبل قطاعات عريضة من المواطنين التي حملت النخب والأحزاب القديمة مسئولية تردي الأوضاع الاقتصادية، وكان نمط تصويتها أقرب إلى "التصويت العقابي" ضد أغلب الأحزاب التقليدية و"النخب القديمة".

4- "الدولة العميقة":

يُشير مصطلح "الدولة العميقة" أو "الدولة الحارسة" إلى شبكة من الأفراد والجماعات المترابطة مع بعضها بعضًا بتحالفات تقوم على وجود مصالح متداخلة ومتشابكة. وهذه الشبكات تمتد في مختلف مؤسسات الدولة سواء كانت عسكرية أو أمنية أو اقتصادية. وقد أطلق هذا المصطلح في تركيا واستعارته بعض الأدبيات المصرية وأطلقته على مؤسسة الجيش والقضاء والإدارة والمؤسسات البيروقراطية القوية، والتي تدير شئون البلاد، بصرف النظر عن الحزب أو الرئيس الذى يحكم. وهذه المؤسسات غير المنتخبة قيادتها هي الأعلى سلطة والأكثر قدرة على رسم وصوغ السياسات مقارنة بالنخب المنتخبة في تركيا ما قبل العدالة ومصر ما بعد الثورة.

وقد استطاع حزب العدالة والتنمية من خلال سياساته البراجماتية أن يُسيطر على هذه المؤسسات، وأن يحيِّد بعضها، كما استطاع ترويض جانب من هذه "الدولة العميقة" حين قدم تجربة مدنية وديمقراطية خرجت من رحم المرجعية الحضارية الإسلامية، وتجاوزت الاستقطاب الإسلامي العلماني الذى استنفر الدولة التركية العميقة على مدار عقود.

هذا فيما تبدو المشكلة في مصر أعمق، وذلك لارتفاع حدة الانقسامات والصراعات السياسية، واستدعاء بعض القطاعات الشعبية إلى الميادين العامة وذلك في إطار المواجهات التي تندلع بين حين وآخر بين قادة حزب الحرية والعدالة ومؤسسات الدولة المختلفة مثل المحكمة الدستورية أو اللجنة العليا للانتخابات أو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهي مشكلات تثمر عن انقسامات مجتمعية خطيرة يمكن أن تفضي إلى فوضى عامة ما لم تضبط إداراتها.

5- المؤسسة العسكرية:

اضطلعت المؤسسةُ العسكرية في الدولتين بأدوار بارزة، واحتلت مكانة مرموقة ارتبطت بالدور المركزي الذي لعبته المؤسستان، سواء في عملية التحرير والاستقلال أو في عملية حفظ الأمن والسلامة الإقليمية للبلدين.
ففي الحالة التركية لعبت المؤسسة العسكرية دورًا رئيسيًّا في صوغ سياسات تركيا المحلية إزاء العديد من القضايا، وكذلك شكلت ملامح السياسة الخارجية التركية خلال العديد من العقود الخالية من عمر الجمهورية التركية الحديثة التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك عام 1923.

وقد لعب الجيش التركي منذ ذلك التاريخ دورًا رئيسيًّا في الحياة السياسية التركية؛ حيث اعتبر نفسه حارس الوطن والجمهورية معًا، فغدا مؤسسة مستقلة عن الدولة لها ميزانيتها الخاصة التي تعدها رئاسة الأركان وليس وزارة الدفاع، وترسل للبرلمان للموافقة وليس للمناقشة، استنادا لذلك تدخل الجيش بالانقلاب خلال السنوات 1960 و1971 و1980، وخلال عام 1997 بانقلاب ناعم على حكومة نجم الدين أربكان، حيث رأى أن سياساتها من شأنها أن تهدد العلمانية الكمالية، فالجيش في تركيا يتدخل في الشئون السياسية من منطلق أيديولوجي. وذلك على العكس من مصر التي لعبت فيها المؤسسة العسكرية أدوارًا بارزة قبل وبعد ثورة 25 يناير، وفق حسابات المصلحة الوطنية، وليس وفق الدوافع الأيديولوجية.

وقد ظلت المؤسسةُ العسكرية المصرية منذ ثورة 1952 هي المؤسسة الأقوى للسلطة في العهود الثلاثة المصرية لناصر والسادات ومبارك. وفي الوقت الذي لعب فيه الجيش التركي دورًا أساسيًّا في الحياة السياسية من خلال مجلس الأمن القومي الذي غلبت عليه الصفة العسكرية قبل وصول حزب العدالة، فإن الجيش المصري اضطلع بدور أساسي في الحياة السياسية والاقتصادية المصرية عبر تولي عناصره عددًا من المناصب المفصلية داخل هيكل الدولة، ومن خلال سيطرته على مؤسسات اقتصادية ضخمة.

واحتل موقع الصدارة بعد ثورة 25 يناير بانتقال سلطة رئيس الجمهورية إليه. ورغم انتقال السلطة إجرائيًّا إلى الرئيس المصري المنتخب فإن المجلسَ الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الدفاع الوطني الذي أعلن عن تأسيسه وفق " لإعلان الدستوري المكمل"، سيظل لهما دورٌ بارزٌ في الحياة السياسية المصرية، كما الحال في تركيا في مرحلة ما قبل حزب العدالة.

6- الوضع الخارجي:

اضطلع المحدد الخارجي بدور أساسيٍّ في وصول الحزبين إلى السلطة، ففي الحالة التركية جاء صعود حزب العدالة والتنمية على خلفية الحرب الأمريكية على الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والاستعداد لغزو العراق، وفي ظل تعهدات الحزب باتباع نهج براجماتي يحقق المصالح الوطنية، ويؤكد على ثوابت العلاقات مع القوى الغربية.

هذه العوامل لعبت دورًا مهمًّا في ترحيب الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية بنجاح الحزب الساحق في الانتخابات؛ بل وسعت هذه القوى إلى الترويج له باعتباره حزبا ذا مرجعية إسلامية، ويحترم قواعد العملية الديمقراطية.

هذا في حين ارتبط صعود الإخوان المسلمين ووصول محمد مرسي إلى سدة الرئاسة في مصر بسياقٍ محلي وإقليمي يتعلق بثورات "الربيع العربي"، وما أفرزته من تحديات أمنية وسياسية واقتصادية، ومن تهديدات للمصالح الغربية في المنطقة، لا سيما مع صعود أحزاب وتيارات الإسلام السياسي، وهو ما دفع الولايات المتحدة وبعض القوى الدولية بمساندة جماعة الإخوان المسلمين والمطالبة بنقل السلطة كاملة إلى الرئيس المنتخب، وربط المساعدات السياسية والاقتصادية بتحول ديمقراطي حقيقي يُفضي إلى دمج تيارات الإسلام السياسي في العملية السياسية، ويترتب عليه انتقالٌ حقيقي للحكم إلى سلطة مدنية منتخبة. والولايات المتحدة حين أقدمت على ذلك فإنها هدفت من ناحية إلى دفع حركة الإخوان إلى الاعتدال في محاولة منها تهدف إلى تعميم النموذج التركي الأردوغاني في العالم العربي، وخصوصا في القاهرة ودمشق.

كما هدفت الولايات المتحدة من ناحية أخرى إلى وضع تجربة حزب الحرية والعدالة في مصر داخل "المختبر"، وخصوصا فيما يخص ثلاث قضايا أساسية هي حقوق الإنسان والديمقراطية والعلاقة مع إسرائيل.
إن التزام سياسات الحزب بالبراجماتية والتعبير عن المصالح الوطنية الثابتة، يدفع الدور الأمريكي ليكون محددًا أساسيًّا في تحديد نمط العلاقات المدنية العسكرية في مصر كما حدث في تركيا بعد فوز حزب العدالة، على نحو قد يحد كثيرًا من قدرة المؤسسة العسكرية على الحركة والمناورة.

اختلاف النتائج:

بدا من المقدمات أن ثمة تشابها كبيرا بين حزب العدالة والتنمية في تركيا وحزب الحرية والعدالة في مصر. أوجه التشابه تعلقت بطبيعة السياق الزمني والوضع المحلي والإقليمي والدولي، أكثر مما ارتبطت بتقارب الأفكار والتوجهات والسياسات. وقد اتضح ذلك في نتائج الممارسة السياسية لكلا الحزبين، وذلك على النحو التالي:

1- الخطاب السياسي:

اتبع حزبُ العدالة نهجًا تصالحيًّا مرنًا مع كافة القوى السياسية، فالخطاب السياسي للحزب ركز على ما يمكن أن يكون محل اتفاق، واستبعد كلَّ ما يثير الخلاف والافتراق مع مؤسسات الدولة والقوى الحزبية والتيارات السياسية، كما بعث الحزب بخطاب تطميني حيال توجهات السياسات التركية، سواء أكانت على الساحة الداخلية أم على مسرح العمليات الخارجي.

وقد اتسقت سياسات الحزب إلى حد بعيد مع تصريحات نخبته ومع ما نصت عليه أدبياته السياسية، فلم يدخل الحزب في صدام حادٍّ مع أي من القوى السياسية المركزية في الدولة، وركز على الأهداف العامة، واستطاع أن يتحول إلى مؤسسة اندماجية تشمل مختلف ألوان الطيف السياسي.

وأعلن الحزب أنه ليس حزبا إسلاميا، وإنما حزب "ديمقراطي محافظ" على النمط الغربي. وفي هذا الإطار كان زعيم الحزب - بعد نجاحه في الانتخابات - قد ألقى محاضرة في مركز دراسات American Enterprise Institute حول "الديمقراطية المحافظة" ومشروع حزب العدالة في تركيا، وقد جاء فيها أن الديمقراطية المحافظة: هي نظام سياسي واجتماعي توفيقي تنسجم فيه الحداثة والتراث من جانب، والقيم الإنسانية والعقلانية من جانب ثانٍ. فهي تقبل الجديد والوافد ولا ترفض القديم والمحلي، وتحترم الآخر وتؤمن بخصوصية الذات.

وترفض الديمقراطية المحافظة الخطاب السياسي والبناء التنظيمي القائم على الثنائيات التي تفرض رؤية سياسية أو أيديولوجية أو عرقية أو دينية واحدة تلغي ما سواها، كما تؤكد أن الدولة يجب أن يتوقف دورها عند تيسير الأمور من خلال الحد من التناقض عبر التوافق بين مختلف التوجهات بتحقيق التفاعل الإيجابي في المجتمع، بما يساهم في إيجاد بيئة يتعايش فيها الجميع دون استقطاب أو استئثار.

في المقابل من هذا فرغم حداثة تجربة حزب الحرية والعدالة؛ إلا أن الحزب لم يستطع حتى الآن أن يطرح خطابا توفيقيا يضم إليه كافة القوى السياسية، ويُنهي حدة الانقسام المجتمعي حول مشروعه السياسي، فقضية بناء الثقة ما زالت تشكل معضلة بين الحزب ومختلف القوى والتيارات السياسية من جانب وبين الحزب وبعض مؤسسات الدولة كالمؤسسة العسكرية ومؤسسة القضاء من جانب آخر.

وفيما يتعلق برؤية الحزب للسياسات التي اتبعها رؤساء مصر الثلاثة السابقون، نجد أنه قد يحمل رؤية تصادمية حيال مؤسسات الدولة في "العصور الثلاثة"، وفي هذا الإطار ندد الرئيس محمد مرسي بما تعرض له الإخوان خلال مراحل تاريخية سابقة، لا سيما خلال فترة الرئيس جمال عبد الناصر.

وفيما يتصالح حزب العدالة والتنمية مع تاريخ تركيا ولا تخلو مكاتب مسئوليه داخل مقرات الحزب أو مؤسسات الدولة من صور مصطفى كمال أتاتورك، تعبيرا عن احترام مؤسس الدولة ومبادئ هذه الدولة العلمانية والقيم الديمقراطية وتداول السلطة؛ فإن إسلاميي حزب الحرية والعدالة يتبنون خيار "دولة مدنية بمرجعية دينية"، وهو ما تعتبره بعض القطاعات تمويها لما يعتقد بشأن عدم تخلي أعضاء جماعة الإخوان عن دعوة إقامة "الدولة الدينية" وإحياء الخلافة الإسلامية، وتطبيق الشريعة حسب فهمهم، ويشار في هذا الإطار إلى أنه على العكس من نظيرهم التركي يعتبر حزب الحرية والعدالة جناحا سياسيا لحركة دينية تعتبر الأهداف الاقتصادية والسياسية والثقافية أهدافًا ثانوية مقارنة بالإرشاد الديني.

وفي حين تراوحت خبرة حزب الحرية والعدالة منذ تأسيسه ومن قبله حركة الإخوان بين الاعتدال والتشدد؛ فإن الخبرة التركية تنامت في اعتدالها، بما يكشف أن تجربة الحرية والعدالة ليست أقرب إلى تجربة حزب العدالة والتنمية وإنما إلى تجربة حزب الرفاه الذي فاز بنحو 20 في المائة من مقاعد البرلمان عام 1996. ذلك أن التشابه بين الحزبين الحاكمين حاليا في كل من مصر وتركيا لا يزال تشابها على صعيد التمثيل العددي، ولا يعكس تشابها مماثلا وموازيا على صعيد التمثيل القيمي والتكوين السياسي.

2- الخبرات السياسية:

ثمة اختلاف كبير بين الخبرة السياسية التي يتمتع بها أعضاء حزب العدالة والتنمية في تركيا وحزب الحرية والعدالة في مصر. فالأول راكم الخبرات السياسية من خلال انضوائه في عدد من الأحزاب التي قادها الزعيم التاريخي للإسلام السياسي في تركيا نجم الدين أربكان. فرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على سبيل المثال كان عمدة إسطنبول، واستطاع أن يحقق خلال ولايته نجاحات كبرى أهلته لرئاسة الوزراء، وما ينطبق عليه انطبق على العديد من أعضاء حزبه الذين ينتمي أغلبهم إلى تيار التجديد داخل الأحزاب السياسية ذات المرجعيات الدينية في تركيا.

هذا في حين قضى العدد الأكبر من أعضاء حزب الحرية والعدالة أغلب فترات عمرهم على ضفاف المعارضة، وخارج الإطار الرسمي للدولة هذا من ناحية، ومن ناحيةٍ أخرى فإن السجل التاريخي لأعضاء حزب الحرية خالٍ من الخبرات التي ورثها حزب العدالة التركي، والتي جعلته يمثل المرحلة الثالثة في صيرورة إحياء إسلامي عميق قامت على خليط مركب من التجريب العملي والنقد الذاتي. لذلك ففيما يملك الإسلاميون في تركيا خبرات الوصول للحكم مرات عديدة؛ فإن قادة حزب الحرية والعدالة يفتقدون تلك الخبرات. ذلك أنها المرة الأولى التي يقف فيها "قيادي إخواني" على قمة الهرم السياسي في مصر.

3- التكوين السياسي:

بينما لا تحظى جماعة الإخوان المسلمين حتى اللحظة بوضع قانوني رسمي، ويأتي أغلب أعضائها من خلفيات مهن كالتدريس والمحاماة والطب والتجارة، فإن حزب العدالة والتنمية يغلب على أعضائه فئات المهندسين ورجال الأعمال والبرجوازية الصناعية. وفيما انضم عدد كبير من أعضاء حركة الإخوان إلى حزب الحرية والعدالة، وأصبح كل من يتبع الحركة تنظيما أو فكرا مؤيدا للحزب؛ فإن هذا ترافق مع نبذ الحزب والحركة عددا من التيارات الإصلاحية سواء على مستوى القيادات التاريخية كمحمد حبيب وعبد المنعم أبو الفتوح وكمال الهلباوي، أو على مستوى القطاعات الشبابية التي انفصل بعضها عن الجماعة وأسس بدوره حزب التيار المصري، الذي يوصف بالاعتدال والوسطية.

ذلك بالمقارنة بحزب العدالة والتنمية في تركيا الذي يمثل التيار الإصلاحي ضمن تيار الإسلام السياسي في تركيا، والذي دفعته خبرات التعاطي مع الوضع السياسي التركي الشائك إلى القبول بالإطار القانوني العلماني-الديمقراطي للدولة التركية، إلى درجةٍ دفعت الإسلاميين المتشددين إلى اتهام أردوغان بأنه "متواطئ مع العلمانية". وقد ارتبط ذلك بعملية "الانتقال النيوليبرالي" الذي عرفته تركيا خلال ثمانينيات القرن العشرين، والذي أدى في نهاية المطاف إلى ظهور طبقة جديدة وسط الناخبين تحولت إلى قوة اعتدالٍ أيديولوجي نادت بتعزيز البراجماتية السياسية والاستقرار السياسي، ثم انفصلت -باعتبارها قوة تمثل الإسلاميين المعتدلين
الذين يتشكلون من طبقة من رجال الأعمال النافذين- عن البرجوازية الأكثر تدينا لتشكل حزب العدالة والتنمية.

4- التوجه الاقتصادي:

استطاعت تُركيا أن تحقق أعلى معدل نمو اقتصادي في العالم في وقت تعاني فيه أغلب دول العالم من مشكلات اقتصادية وتجارية بسبب الأزمة المالية العالمية التي تفاعلت منذ أواخر عام 2007. فقد أصبح الاقتصاد التركي سادس أكبر اقتصاد في أوروبا وسادس عشر أكبر اقتصاد في العالم. وتهدف تركيا إلى بلوغ المرتبة الحادية عشرة خلال العام المقبل. وخلال الفترة ما بين عام 1923 وعام 2003 بلغ إجمالي الاستثمارات الأجنبية في تركيا خمسة مليارات دولار، وخلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية بلغت هذه النسبة سبعة عشر ضعف ما تحقق خلال ثمانين عاما.

وقد اعتمدت تركيا في تحقيق ذلك على إنجاز إصلاح سياسي واقتصادي مستمر، وتوقيع اتفاقية تجارة حرة مع أوروبا عام 1996، ثم توقيع اتفاقيات مماثلة مع أكثر من ستين دولة عبر العالم. كما عمد الحزب التركي إلى تقليص دور الدولة في الاقتصاد، معتبرا أن سيطرة الدولة على الاقتصاد فكرة بائدة.

وعلى العكس من ذلك فإن عددا قليلا داخل حزب الحرية والعدالة يطالب بإجراء إصلاحات اقتصادية ليبرالية، وعدم تدخل الدولة في كل الشئون الاقتصادية، ذلك أن الغلبة لمن يفضلون قيام دولة قوية موسعة تكون مصدرا للتوظيف والضمان الاجتماعي. وعلى الرغم من دعوة برنامج الحرية والعدالة إلى دعم المشروعات الخاصة؛ فإنه يدعو في الوقت ذاته إلى احتفاظ الدولة بدور أكبر في مجال الإنتاج والتخطيط وتنظيم الأسعار. وترتبط الرؤية الاقتصادية بما يمكن أن يطلق عليه "الفكر التجاري الموجه" الذي يستهدف استبدال الواردات والترويج للصادرات، وليس الاقتصاد الليبرالي القائم على حرية انتقال السلع والأفكار والأفراد.

مسارات المستقبل:

إن دعم حزب العدالة والتنمية لحزب الحرية والعدالة وتوجه الأخير إلى تكثيف العلاقات السياسية والتجارية مع تركيا، لا يرتبط فحسب لتشابه المشروعين وتقارب التوجه الأيديولوجي رغم التباينات، وإنما يرتبط كذلك برغبة الحزب التركي في الاضطلاع بدور إقليمي مركزي، والتمدد في ساحات الشرق الأوسط الشاسعة، كما يتعلق ذلك برغبة الحزب المصري في وجود أكثر من "ظهير إقليمي" يدعمه على الصعيد السياسي والاقتصادي، ويضطلع بدور الوسيط بينه وبين القوى الدولية التي ما زالت تنظر إليه بترقب وقلق.

كما أن ذلك يعكس تشابه وليس تماثل بعض السياسات المحلية التي تهدف إلى تحقيق ما يسمى بـ"الهندسة الاجتماعية" أي تعديل "التركيبات الاجتماعية" بوصول نخب أكثر ولاء واتفاقا فكريا وسياسيا مع توجهات الحزبين إلى المواقع المفصلية في الدولة، وذلك عبر مواجهات محدودة ومحسوبة مع النخب التقليدية التي سيطرت على هذه المراكز تاريخيًّا.

كما أن متابعة السياسات والإجراءات والتصريحات التي تخرج من قادة الحزبين توضح أن هناك توجهًا شبه عام لـ"تديين" المجال العام من خلال التركيز على قضايا التدين، وإثارة قضايا تتعلق بحقوق المرآة والأقليات، والدخول في أزمات مع المؤسسات الصحفية، ورجال الفن والثقافة، وهو الأمر الذي يثير هواجس قوى داخلية مختلفة ويتسبب في قلق قوى دولية معنية بالتطورات الحاصلة على الساحتين الداخليتين في البلدين.
هذا في حين تكشف المقارنة بين الحالة المصرية والحالة التركية أن الأولى قد تقع في أخطاء تسرع الرغبة في الوصول إلى ما حققته الحالة الثانية. فسعي الإخوان إلى تحجيم المؤسسة العسكرية لا يأخذ في الاعتبار أن ذلك استغرق سنوات في تركيا، ليتحول مجلس الأمن القومي على سبيل المثال من الصبغة العسكرية حيث كان يضم اثني عشر عضوا بينهم سبعة من العسكريين، إلى الصيغة المدنية حيث الغلبة للوزراء والمسئولين المدنيين. هذا في حين يقع العسكر في مصر في نفس أخطاء التجربة التركية حيث أسسوا مجلس الدفاع الوطني يضم ستة عشر عضوا بينهم اثنا عشر عضوا من خلفيات عسكرية، بما يجعل الإشكالية مركبة.

يرتبط بذلك أيضا اختلاف وضعية الجيشين في النظام السياسي لكل دولة، ففي الحالة التركية يُعتبر الجيش "أيديولوجيا" يتبنى ويحرس العلمانية الكمالية، ويعمل على حمايتها وأحيانا فرضها على المجتمع، أما الجيش المصري فمن غير المعروف عنه أنه جيش "أيديولوجي" ولا يسعى لصبغ المجتمع بصبغة معينة، ومع ذلك فالعامل المشترك بينهما يتعلق بأن كلا المؤسستين في البلدين لديها شكوك كبرى في توجهات تيارات الإسلام السياسي، وما زالت تحتفظ معها بتاريخ من العلاقات الشائكة والمضطربة.

لذلك يبقى تأكيد أنه في الوقت الذي يبدو فيه أن قوة وزخم التيار المناصر لتجربة أردوغان في تركيا تتصاعد مقارنة بكل التجارب السابقة بما فيها تجربة أتاتورك ذاته؛ فإن مصر تعاني في الوقت نفسه من ذات الإشكالية، فلكلا التيارين (الأتاتوركي والأردوغاني) مناصروه ومواقعه التي يمكن أن تتبدل وفق السياقات المحلية والإقليمية والدولية المتغيرة. لذلك فالمعركة التي لم تحسم في تركيا عبر قرابة تسعين عاما؛ ليس من المتوقع حسمها في مصر خلال بضعة شهور.

أ/رضا عطيه
21-08-2012, 01:32 AM
الدولة العميقة

الفرق بين مصر وتركيا مفهوم الدولة العميقة

ياريت كان عندنا دولة عميقة كان يسهل التغيير وتداول السلطة

ولكن حقيقة مالدينا دولة متحولة متنقلة

عقود تجدها فى اليمين ثم فجأة تجدها تحولت للعكس تماما

وزى مابيقولوا (اللى يحكم مصر يبقى عمى )

شكرا جزيلا أستاذنا

راغب السيد رويه
21-08-2012, 04:43 AM
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

love ur life
21-08-2012, 07:04 AM
مشــــكور ع التوبيك

aymaan noor
21-08-2012, 11:22 AM
حين يصبح النصر أخطر من الهزيمة
فهمي هويدي
حين يتقدم الإخوان ويصبحون فى صدارة المشهد السياسى فإن ذلك يعد انتصارا لهم لا ريب، لكنه يظل انتصارا أخطر من الهزيمة.

(1)

إلى ما قبل أيام قليلة، قبل أن يصدر الرئيس محمد مرسى قرارات إقالة وزير الدفاع ورئيس الأركان ويعفى بعض القادة من مناصبهم وينقل آخرين إلى مواقع أخرى، كانت أهم قوتين منظمتين وفاعلتين على الأرض هما المجلس الأعلى للقوات المسلحة والإخوان المسلمون. وبصدور القرارات سابقة الذكر انتهى الدور السياسى للمجلس العسكرى، حيث يفترض أن يعود إلى سابق عهده معنيا بشئون القوات المسلحة ولا شأن له بإدارة البلد وحراكه السياسى، ولا ينتظر له أن يعود إلى القيام بذلك الدور، فى الأجل المنظور على الأقل.

هذه الخطوة كان لها وقع خاص فى تركيا، لأن إخراج العسكر من المشهد السياسى هناك لم يتم إلا بعد صراع مرير استغرق أكثر من أربعين عاما، قام خلالها العسكر بثلاثة انقلابات هزت البلاد (الرابع كان ناعما ووصف بأنه نصف انقلاب). وفى حوار أخير مع بعض خبرائهم المعنيين بالأمر قلت إن المشهد المصرى يختلف عن نظيره التركى فى أمرين جوهريين، أولهما أن عسكر تركيا تصدروا المشهد السياسى عن جدارة واستحقاق. فهم الذين أنقذوا بلادهم من الانهيار بعد الهزيمة القاسية التى لحقت بها فى الحرب العالمية الأولى، وانتهت باحتلال اسطنبول ذاتها. وهم الذين أسسوا الجمهورية، الأمر الذى سوغ لهم الادعاء بأنهم أصحاب فضل على البلد. أما فى مصر فالوضع مختلف، لأن المجلس العسكرى كان مشاركا فى حراسة الثورة ولم يكن صانعا لها، ثم إن رصيده الشعبى تراجع بسبب سوء إدارته للمرحلة الانتقالية، فضلا عن أن قرارات إخراجه من المشهد السياسى جاءت فى أعقاب حدث كشف عن تراخى دور القوات المسلحة وقصور أدائها. الأمر الثانى المهم أن عسكر تركيا نصبوا أنفسهم مدافعين عن العلمانية، أى أنهم كانت لهم رؤيتهم الأيديولوجية التى اعتبروها أساسا للجمهورية، فى حين أن المجلس العسكرى فى مصر انطلق من موقف وطنى فى الأساس وليس موقفا أيديولوجيا، صحيح أن بعض أعضائه كانت لهم تحفظات رافضة للإخوان، لكن تلك كانت رؤى فردية، ولم تعبر عن موقف للمجلس الذى تباينت فيه الآراء بهذا الخصوص.

هناك فرقان آخران يمكن الإشارة إليهما فى هذا السياق. الأول تمثل فى اختلاف الظرف التاريخى الذى أحاط بالتجربتين، فأجواء ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضى التى احتملت قيام العسكر بالدور السياسى مختلفة عن أجواء الألفية الثانية التى لم تعد ترحب بذلك الدور، حتى أصبح الحد من نفوذ العسكر فى تركيا أحد شروط الاتحاد الأوروبى لتأهيلها لعضويته.

الفرق الثانى أن عسكر تركيا ظلوا لعدة عقود فى قلب السياسة، بل كانوا صناعها فى حقيقة الأمر، أما فى مصر فإن الجيش ظل محترفا وخارج السياسة طول الوقت، ولأن دخوله فيها كان طارئا وعارضا، فإن إعادته إلى ثكناته كانت أمرا ميسورا، ولم يكن بحاجة إلى «جراحة» من أى نوع.

(2)

إذا قال قائل إنه من غير الإنصاف تجاهل القوى والجماعات السياسية الأخرى فى مصر فلن أختلف معه. وألفت النظر هنا إلى أننى تحدثت عن المجلس العسكرى والإخوان بوصفهما أهم قوتين منظمتين وفاعلتين على الأرض، وقصدت إطلاق ذلك الوصف حتى لا ألغى القوى الأخرى غير المنظمة أو غير الفاعلة، التى لا أعرف لها حصرا، وقيل لى إنها ناهزت العشرات. وإذا لاحظت أن نظام مبارك أصاب الحياة السياسية بالجدب والعقم. وأن الأحزاب التى تشكلت فى عهده أو أنها اندثرت وإما تحولت إلى كيانات لا حضور لها إلا فى وسائل الإعلام، فسوف تعذر أحزاب ما بعد الثورة لأنها بدأت من الصفر. ولأنها فى طور التشكيل ولم يتبلور مشروعها بعد، فإن التقييم الموضوعى للحالة السياسية يخرجها تلقائيا من عداد القوى الفاعلة والمنظمة. بالتالى فإن غاية ما يمكن أن توصف به أنها أحزاب محتملة، قد تتحول إلى قوى سياسية فى المستقبل، لكنها فى الوقت الراهن تخرج من ذلك التصنيف. علما بأن استيفاءها لعناصر القوة ضرورى لعافية المجتمع ولإنجاح الديمقراطية. وهو ما يسوغ لى أن أقول إن انفراد الإخوان بصدارة المشهد السياسى لا يكفى لوحده لإنجاح التجربة، لأنه يعنى فى أحسن فروضه أن النظام الجديد يمشى بساق واحدة، ولن تتوافر له الساق الثانية إلا إذا استقام عود الأحزاب السياسية الأخرى، وصار للإخوان من ينافسهم ويراقبهم ويتداول السلطة معهم ويقدم نفسه بديلا عنهم.

(3)

حين انفرد الإخوان بصدارة المشهد فإنهم أصبحوا فى موقف لا يحسدون عليه، لأنهم يتعاملون مع وضع تحيط به الأزمات من كل صوب. ذلك فضلا عن الأزمات التى تعانى منها الجماعة من داخلها.

لن أقف طويلا عند أزمة الأوضاع العامة فى مصر التى باتت عناوينها معلومة للجميع، لأن التحديات التى تواجه الجماعة من الداخل هى التى استدعت إلى ذهنى فكرة النصر الذى قد يكون أخطر من الهزيمة، فى مقدمة التحديات التى أعنيها ما يلى:

•إنه من الناحية النظرية لا تخلو العملية من مغامرة. أن تظل الجماعة ــ أى جماعة ــ طول الوقت خارج منظومة جهاز الدولة، ثم تصبح فجأة ودون أية مقدمات فى قلب المنظومة أو على رأسها.

•إن سنوات الحظر والإقصاء أفرزت قيادات مشغولة بالتنظيم والدفاع عن الذات، استجابة للظرف التاريخى المفروض، الأمر الذى جعل القدرة التنظيمية لدى الجماعة أقوى من قدرتها الفكرية والإبداعية. ولأن مرحلة الدفاع عن الذات والانتقال بالدعوة لابد أن تختلف عن مرحلة الانفتاح على الآخر والانشغال بالدولة، فإن ذلك يطرح سؤالا هو: هل العناصر التى قادت المرحلة الأولى يمكن أن تكون قادرة على مواجهة متطلبات المرحلة التالية؟

•ان الإخوان لم يختبروا فى العمل من خلال أجهزة الدولة وأدواتها، وقد صوت الناس لصالحهم انطلاقا من حسن الظن ليس اعتمادا على حسن الأداء، واستنادا إلى الأقوال وليس الإنجازات والأفعال، والاختلاف كبير من هذه الزاوية بينهم وبين حزب العدالة والتنمية فى تركيا مثلا، الذى كان أعضاؤه قد حققوا إنجازات كبيرة فى البلديات قبل أن يخوضوا الانتخابات التشريعية ويفوزوا بأغلبية مقاعد البرلمان.

•ان مشروع الجماعة الذى تبناه الدكتور محمد مرسى وانتخب على أساسه يعانى من ثغرات جوهرية، سبق أن نبهت إلى اثنتين منها هما: أنه افتقر إلى الحلول المبتكرة. وتبنى أفكارا إصلاحية مقتبسة من خبرات التجربة الغربية. ولم نجد فيها ما هو نابع من صميم الخصوصية والتربة المصرية، حتى قلت فيما كتبت أنه لم يكن ليختلف كثيرا إذا ما قدمه الرئيس السابق بعد تنظيف الطاولة، كما يقولون. الثغرة الثانية أن المشروع لم يول قضية العدالة الاجتماعية ما تستحقه من أهمية وأولوية. حتى خشيت أن يكون المستفيد منه هم الأثرياء والقادرون وليس الفقراء والمستضعفين.

(4)

لدى حيثيات أخرى تسلط الضوء على جوانب المسئولية التى يتحملها الإخوان، وتدلل على أنها ليست أكبر منهم فقط، ولكنهم أيضا ليسوا على استعداد كاف لحملها والوفاء باستحقاقاتها. وهو ما يسوغ لى أن أقول بأن صدراتهم للمشهد السياسى سوف تكشف بالضرورة عن كل تلك الثغرات والعيوب. وفى هذه الحالة فإن الصدارة تصبح مصدرا للحرج وكاشفة لحقيقة القدرات وحدودها، والوقوع فى ذلك الحرج وتعرضهم للانكشاف هو ما عنيته باستخدام وصف النصر الذى هو أخطر من الهزيمة. إذ يصبح عبئا على صاحبه وسحبا من رصيده وليس إضافة ترفع من رصيده وتعزز الثقة فيه.

أدرى أن هناك من تمنى هذه النتيجة أو سعى لحدوثها، الأمر الذى يصنف ضمن أساليب الكيد السياسى. التى تعنى بهزيمة الخصم بأكثر من عنايتها بمستقبل الوطن، وتقدم الأولى على الثانية لذلك فإن سؤال الساعة الذى ينبغى أن تعنى الجماعة الوطنية بالإجابة عنه هو: كيف ينجح الوطن؟ وليس: كيف يفشل الإخوان؟.

كنت من أوائل من تمنوا على الإخوان أن يكتفوا بدورهم فى المجلس التشريعى، وأن يكون إسهامهم فى السلطة التنفيذية محدودا فى الظروف الراهنة، إلى أن يصبح المجتمع والطبقة السياسية على استعداد أكبر لاستقبالهم والتفاعل معهم، بعد أن يبددوا هواجس الناس ويطمئنوا الجميع. لكن الرياح أتت بما لم أشته ووقع الفأس فى الرأس كما يقال، الأمر الذى أبقى على الهواجس ولم تفلح الجهود التى بذلت لتبديدها بسبب عمق أزمة الثقة خصوصا بين الإخوان وبين القوى السياسية الأخرى. وقد باتت تلك الأزمة إحدى العقد التى فشل الطرفان فى حلها.

أدرى أن الإخوان بذلوا جهدا فى التقليل من تمثيلهم فى مواقع السلطة التنفيذية. خصوصا فى الحكومة، إلا أن تهمة أخونة النظام مازالت تلاحقهم، حتى تعالت فى الآونة الأخيرة بعض الأصوات الداعية إلى إقصائهم مرة أخرى، وللأسف فإن من تلك الأصوات من حاول إثارة الأقباط وإقحامهم بصفتهم تلك فى الصراع الدائر. ويتضاعف الأسف حين نعلم أن نفرا من غلاة الأقباط تورطوا فى تلك الحملة.

لايزال الأمل معقودا على عقلاء الجانبين لكى يتوافقوا على ضرورة إنجاح التجربة، لكنى أزعم أن مسئولية الإخوان تظل أكبر فى السعى إلى ذلك التوافق، خصوصا بعدما أصبحوا وحدهم فى الواجهة بعد طى صفحة المجلس العسكرى، الأمر الذى حملهم مسئولية مضاعفة. وإذا لم يقدموا من خلال حزب الحرية والعدالة مبادرات جادة فى هذا الصدد، فإن ذلك سيعد برهانا على أن انتصارهم جاء مكلفا لهم كثيرا، حتى غدا أخطر من الهزيمة.

love ur life
23-08-2012, 02:58 PM
شكراً ع التوبيك ;)

الآمبراطور المصرى
23-08-2012, 04:47 PM
ملام حضرتك
استاز ايمن نور واقعى جدا

فالآخوان اصابهم سعار الآنتخابات
وغرور القوة المدمر الذى ادى الى خفض شعبيتهم بصورة واضحة

amrmosa
23-08-2012, 05:49 PM
ملام حضرتك
استاز ايمن نور واقعى جدا

فالآخوان اصابهم سعار الآنتخابات
وغرور القوة المدمر الذى ادى الى خفض شعبيتهم بصورة واضحة
http://a8.sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc7/430258_497539926924671_323784226_n.jpg

modym2020
23-08-2012, 09:33 PM
المقال طويل
لكن
فعلا الان يجب ان نعمل على وجود سلطة رقابية على آداء الحكومة
من خلال الاستفتاء على الدستور
يجب ان يحدد مدة الرئاسة & صلاحيات الرئيس
انتخابات مجلس الشعب من غير الاخوان حتى تتحقق الرقابة

aymaan noor
24-08-2012, 12:32 AM
صعوبات متعددة

لكن المشكلة أن سياسة "تصدير الأزمة إلى الجوار" يمكن أن تفرض تداعيات سلبية ،على النظام السوري وحلفاءه وذلك لجهتين: أولاهما، أن السماح للأكراد بالسيطرة ،على مدن في الشمال السوري يمكن أن يشجعهم ،على المطالبة بحكم ذاتي ،على غرار كردستان العراق، وهو خيار لن يسمح به النظام في هذه اللحظة، إلا في حالة إقدامه ،على تفتيت الدولة إلى جيوب مذهبية وعرقية مع تضاؤل فرصه في البقاء.

وثانيتهما، أن امتداد الصراع إلى داخل لبنان يضيق من حرية الحركة وهامش المناورة المتاح أمام "حزب الله" الذي يبدو مرتبكا بانتظار ما سوف تؤول إليه الأزمة في سوريا، خصوصا أن قوى "14 آذار" استغلت الأزمة لتفعيل دعوتها لنزع سلاح الميليشيات، وهو ما يؤشر في النهاية إلى أن سياسة "تصدير الأزمة إلى الجوار" أو "نشر الفوضي غير الخلاقة" ربما تكون سلاحا ذي حدين بالنسبة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.

جزاك الله خيرا وبارك فيك


جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

aymaan noor
24-08-2012, 12:44 AM
الدولة العميقة

الفرق بين مصر وتركيا مفهوم الدولة العميقة

ياريت كان عندنا دولة عميقة كان يسهل التغيير وتداول السلطة

ولكن حقيقة مالدينا دولة متحولة متنقلة

عقود تجدها فى اليمين ثم فجأة تجدها تحولت للعكس تماما

وزى مابيقولوا (اللى يحكم مصر يبقى عمى )

شكرا جزيلا أستاذنا

جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

مشــــكور ع التوبيك

جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

aymaan noor
24-08-2012, 10:56 AM
استاذ ايمن

موضوع اكثر من رائع

وتحليلات جميلة جدااااااااااااا

بارك الله فيك

وسلمت يداك

خالص تقديرى

جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

aymaan noor
25-08-2012, 11:40 AM
المعذبون عند المعبر
فهمي هويدي
حين تلقت عائلة الحتو فى غزة نبأ وفاة ابنها فادى فى ماليزيا، سافر الأب والأم وشقيق له إلى هناك، لكى يصحبوا جثته ويدفنوه فى تراب بلده. تكلفت الرحلة 16 ألف دولار، قيمة السفر بالطائرة والإقامة وتحنيط الجثة قبل نقلها من كوالالمبور إلى القاهرة للوصول إلى القطاع. بعدما أتموا كل الإجراءات رفضت السفارة المصرية ان تعطيهم تأشيرة دخول للجثة. لأن قرارا كان قد صدر وقتذاك بمنع الفلسطينيين من دخول مطار القاهرة وإغلاق معبر رفح، ضمن الإجراءات التى اتخذت عقب قتل الستة عشر جنديا وضابطا مصريا فى رفح، انتظرت الأسرة يومين وثلاثة وأربعة على أمل أن يسمح لهم بالمرور من القاهرة، وظلت الجثة المحنطة محفوظة فى إحدى الثلاجات، وحين يئسوا من تحقيق مرادهم قرروا ان يدفنوا ابنهم البالغ من العمر 22 عاما فى ماليزيا، وبعد أيام قليلة سمح لهم بالعودة إلى القاهرة لكى يواصلوا رحلتهم إلى غزة. لكن تلك لم تكن نهاية عذاباتهم، لأن الابن احتجز فى المطار لمدة أربعة أيام، فى حين سمح للأبوين بمواصلة السفر برا إلى غزة عن طريق معبر رفح.

لم يجد الأب والأم تفسيرا لمنعهما من دفن ابنهما فى غزة، ولم يفهما لماذا احتجز الابن فى مطار القاهرة. لكنهما اعتبرا أن ما صادفاه كان حلقة فى مسلسل العذاب المفروض على الفلسطينيين، الذى كانت «النكبة» بدايته، أما نهايته فهى مفتوحة إلى أجل لا يعلمه إلا الله. أما تساؤلاتهما فلم ينتظرا لها جوابا، لكنهما ضماها إلى آلاف أسئلة المصير الحائرة التى تملأ الفضاء الفلسطينى، كأنما كتب على الفلسطينى أن يقضى حياته أسير ثلاثية التشرد والعذاب والحيرة.

ما أصاب عائلة الحتو لم يكن حادثا استثنائيا، ولكنه نموذج لمعاناة الفلسطينيين الذين شاء حظهم أن يتكدسوا فى القطاع، وأصبح معبر رفح أحد مصادر تعاستهم. ذلك أنهم فهموا لماذا صاروا لاجئين ولماذا يحاصرهم الإسرائيليون ولماذا هم تحت الاحتلال، لكنهم لم يفهموا سياسة مصر إزاء القطاع، سواء فى الظروف العادية أو الاستثنائية.

بعد قتل الجنود والضابط المصريين فى رفح أغلقت إسرائيل معبر كرم أبوسالم الذى يفترض أن تمر منه البضائع لمدة 24 ساعة فقط، ثم أعادت فتحه قبل ذلك. وتفهم المسئولون فى غزة قرار السلطات المصرية إغلاق معبر رفح لاستيعاب الحدث وملاحقة الجناة. وقيل لهم وقتذاك إن المعبر سيغلق لمدة 48 ساعة فقط. رغم انهم لم يفهموا سبب منع الفلسطينيين القادمين عبر مطار القاهرة من دخول البلاد، وإلزامهم بالعودة على الطائرات التى حملتهم إلى البلدان التى جاءوا منها. وكان بوسع السلطات المصرية أن تسمح لهم بالبقاء فى القاهرة لعدة أيام إلى حين فتح المعبر، بدلا من إعادة تسفيرهم إلى الخارج.

الـ48 ساعة استمرت خمسة أيام، تكدس خلالها المعتمرون الفلسطينيون فى المطارات السعودية، ومنع المرضى من العلاج خارج القطاع، وتعطلت مصالح آلاف العاملين والدارسين الذين لهم ارتباطاتهم بالخارج، ولم يفهم أحد لماذا تقرر بعد ذلك فتح المعبر من جانب واحد، بحيث يسمح بالدخول إلى القطاع دون الخروج منه. إلا أن العذاب تكرر مع دخول العيد، حيث أغلق المعبر تماما، ولم يعد يسمح لأحد لا بالدخول إليه أو الخروج منه، الأمر الذى أربك الجميع وأهدر مصالح ألوف البشر. وبعد انتهاء عطلة العيد، التى لم يغلق خلالها أى معبر جوى أو برى آخر على الحدود المصرية، أعلن مرة أخرى أن المعبر سيفتح من جانب واحد، بحيث يسمح بالدخول إلى القطاع ويغلق الأبواب فى وجوه أصحاب المصالح الذين يريدون الخروج منه.

المحير فى الأمر أن التحقيقات والتحريات الجارية لم تثبت أن لغزة علاقة بما جرى فى رفح. بمعنى أنه لم يكن هناك مبرر لاتخاذ إجراءات العقاب الجماعى بحق أهالى القطاع. وتتضاعف الحيرة حين تلتزم السلطات المصرية بالصمت إزاء هذه المسألة. ورغم أن ثمة اتصالات يومية بين الطرفين الفلسطينى والمصرى، إلا أن المسئولين فى غزة لم يتلقوا أى ايضاح أو تفسير يبرر تلك الإجراءات.

لقد توقعنا أن موقف مصر تجاه قطاع غزة بعد الثورة سوف يختلف عما كان عليه فى عهد مبارك (كنز إسرائىل الاستراتيجى). وهذا التصور تحول إلى يقين حين تولى الدكتور محمد مرسى رئاسة الجمورية واستقبل فى مكتبه رئيس حكومة غزة السيد إسماعيل هنية، ورئيس المكتب السياسى لحركة حماس السيد خالد مشعل. وبعدما تردد عن تفاهمات تمت وصفحة جديدة من الثقة وإحسان الظن فتحت، أصبحنا شبه متأكدين من أن مشكلة معبر رفح بسبيلها إلى الحل، على الأقل من حيث إنه لن يظل مصدرا لتعذيب الفلسطينيين أو إذلالهم. لكن هذا الذى يحدث على الأرض يكاد يغير الصورة تماما، من حيث إنه يثير الشكوك حول صدقية ما قيل عن التفاهمات والصفحة الجديدة مع السلطة فى مصر. ذلك أنه يعطى انطباعا بأن العقلية التى كانت تدير المعبر فى عهد مبارك، هى ذاتها التى تديره الآن.

لا أعرف ما إذا كان الرئيس مرسى الذى استقبل هنية ومشعل، على علم بما حدث عند المعبر أم لا. لكننى لا أتردد فى القول بأنه إذا لم يكن يعلم فتلك خطيئة، أما إذا كان يعلم فإن الخطيئة تغدو أكبر وأعظم.

aymaan noor
25-08-2012, 12:21 PM
معضلة الثورات
خريطة التوترات الطائفية في دول الربيع العربي
د. عصام عبد الشافي - باحث في العلوم السياسية
http://rcssmideast.org/media/k2/items/cache/665e3353c5a0a1298b58f0408e39e998_L.jpg
تتعدد المخاطر المرتبطة بأوضاع التعددية الدينية والمذهبية والعرقية والطائفية في الدول العربية في ظل ارتباطها بعدد من الأبعاد والاعتبارات، من بينها: العنف المصاحب لعملية الانتقال السياسي التي تشهدها بعض هذه الدول، من ناحية، وغياب الحد الأدنى من التوافقات والتفاهمات حول القيم السياسية الرئيسة التي يمكن الاعتماد عليها لتأسيس نُظُم ما بعد الانتقال،

من ناحية ثانية، ونزوع بعض القوى السياسية إلى محاولة إقصاء بعض القوى الأخرى، واستخدام آليات من شأنها ترسيخ التوترات والانقسامات وليس تسويتها، من ناحية ثالثة.وفي ظل هذه الاعتبارات تأتي أهمية البحث في التوترات الطائفية في المنطقة بعد الربيع العربي، سواء من حيث طبيعتها وسماتها ودوافعها وخرائطها وسيناريوهاتها المحتملة.

أولًا: طبيعة التوترات وسماتها الأساسية:

كان التحليل السائد قبل 2011 أن 70% من الصراعات التي تشهدها المنطقة العربية تتركز في عدة بؤر رئيسة مثل العراق، والسودان، ولبنان، والصومال، لكن بعد عام 2011 امتدت الصراعات لتشمل كل دول المنطقة، وإذا كانت الصراعات الداخلية تمثل 32% من حجم الصراعات في المنطقة قبل 2011؛ فإنه بعد 2011 أصبحت هذه الصراعات تمثل نحو 84% في مجمل الصراعات في الإقليم
وقد ساهمت سياسات النخب الحاكمة قبل 2011 في ترسيخ القمع الشديد لكل أشكال الاختلاف الإثني والطائفي غير الموالي للنظام، وتعزيز كل ما هو موالٍ للنظام، وهو ما ترتب عليه أن كل الولاءات القبلية والطائفية والإثنية والجهوية التي كانت سائدة قبل قيام الدولة المستقلة بقيت على حالها، ولم يتم صهرها في بوتقة دولة القانون والمواطنة، وأجبرت تلك الولاءات على العمل تحت الأرض، لكنها ظلت حادة ومشتعلة وخطيرة، وساهمت ثورات 2011 في كشف الكثير من الاختلالات القبلية والطائفية التي تنهش في جسد هذه الدول وتنال من مقدراتها

ثانيًا: دوافع التوترات الطائفية بعد الثورات الشعبية:

وبعد ثورات 2011 لم تعد المشكلات الطائفية مجرد ظاهرة دينية، مضمونها الاختلاف في الاعتقاد؛ وإنما تحولت إلى معضلة اجتماعية، فلم تعد أحد عوامل الصراعات الاجتماعية فقط، وإنما تطورت للدرجة التي أصبح رموزها من الفاعلين الأساسيين في الحراك السياسي والاجتماعي، سواء لمعارضة سياسات النظام، أو من خلال استخدام النظام لبعض هذه الرموز للالتفاف على المشكلات التي تعانيها تلك الأنظمة في تعاملها مع الأقليات والطوائف الدينية والعرقية والاجتماعية، وهنا تبرز عدة مؤشرات:

1- أفرزت ثورات 2011 العديدَ من الانعكاسات الإيجابية التي طالت المسيحيين العرب، فالنظرة العميقة لدور المسيحيين في دول الربيع العربي أكبر دليل على دحض المغالطات المتعلقة بعلاقة مسيحيي الشرق بالقوى الخارجية، واتهامات التخوين والتشكيك في ولائهم. ويعد التحول الكبير في موقف المسيحيين في المنطقة تجاه فكرة التغيير انقلابًا على التوجهات التي تبنوها في الماضي القريب؛ إلا أنها في الوقت نفسه تعكس تخوفاتٍ كبيرةً لدى قطاع كبير منهم في ظل حالة الانفلات الأمني غير المسبوق.

فالمسيحيون في المنطقة تحــولوا نحو دعم الأنظمة الديكتاتورية التي كانت تحكم بلادهم لعقود طويلة من الزمان، لأنهم يرون أن القادم، في ظل المتغيرات الجديدة، سيكون أسوأ بكثير؛ إلا أن الخيارات أمامهم صارت محدودة للغاية، فلم يعد هناك بديل آخر سوى المشاركة بفاعلية على الساحة السياسية والمجتمعية خلال المرحلة المقبلة، حتى يتمكنوا من أداء واجباتهم الوطنية، وكذلك الحصول على حقوقهم كاملة

2- كشفت التحولاتُ السياسية في دول الثورات العربية عن أن قوى العنف والاضطرابات الثورية والقوى المضادة لها، تميل إلى التعبئة والحشد على أساس الانتماء الديني والخلفية الأيديولوجية، وهو ما يؤدي إلى تمدد ثقافة الكراهية والتمييز والخوف بين مكونات المجتمعات العربية، ومحاولة نفي التعددية الدينية والمذهبية، وقد أنتج عنف بعض الجماعات، واستهداف دور العبادة، وتنامي المشكلات الطائفية؛ ثقافةً تمييزية متصاعدة على نحو أدى إلى انقسامات رأسية على أساس الانتماء الديني، مما دفع عددا من الأقليات إلى العزلة أو التفكير في الهجرة إلى الخارج

3- كان التفسير الأرجح لطول مدة بقاء الأنظمة في حالات ليبيا واليمن والبحرين وسوريا، هو أن تكوين تلك الدول هو تكوين قبلي في المقام الأول، أو قبلي طائفي كما في حالة البحرين، وهي حالات مرشحة لصراع ممتد أكثر من كونها دولا تحسم فيها الثورة تغيير النظام. فتغيير النظام في الدول ذات البنى التقليدية يستغرق وقتا أطول، وقد يؤدي إلى تفكيك الدولة وقد لا يؤدي إلى تغيير النظام. فانشطار الدولة يكون أسهل من تغيير النظام، فهو أقل تكلفة وضحايا بدلًا من أن يدخل المجتمع القبلي أو الطائفي في حرب أهلية لتغيير نظامه

4- تمثل الثورتان الليبية واليمنية بيئة خصبة تتصاعد فيها قوة التنظيمات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي أو في القرن الإفريقي، يدعم ذلك فرار أعداد كبيرة من السلفيين الجهاديين من سجون ليبيا وتونس، وتسرب أسلحة من ليبيا باتجاه النيجر ثم شمال مالي، وهو ما يصب في تقوية الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة في منطقة الساحل والصحراء.

وفي اليمن هناك تبادل للدعم بين حركة شباب المجاهدين في الصومال وتنظيم القاعدة في اليمن الذي استفاد من إضعاف الثورة للنظام اليمني بسيطرته على بعض المناطق كزنجبار وأبين، وتزايد الحديث عن نقل مقاتلين من الصومال إلى اليمن مما يزيد من حدة التوترات الطائفية في الدولتين


5- كشفت التحولات السياسية في دول الثورات العربية عن ظهور فاعلين جدد من غير الدول على ساحات هذه الدول، فهناك 15 قوة تقريبا تتنازع في العراق، و8 فصائل رئيسية في السودان، وعدة أطراف في فلسطين، ولبنان، وعدد لا يحصى من الفاعلين في الصومال ، بجانب عشرات القوى في سوريا واليمن وليبيا، وكذلك في مصر، وهو ما أكدته أحداث شبه جزيرة سيناء، والتي دفعت بالقوات المسلحة للتدخل لحسمها، كما تمثل حركة تحرير "كوش" التي تطالب بحق تقرير المصير للنوبة خطرا كامنا على مصر من جهة الجنوب، لا سيما وأن تلك الحركة ترى في الوجود المصري في النوبة استعمارا واضطهادا عرقيًّا.

6- دور العامل الخارجي في تأجيج الطائفية: يقول إيمريك شوبراد، الخبير الإستراتيجي الفرنسي: إن القوى الأجنبية وخصوصا الولايات المتحدة تسعى في ظل الأوضاع العربية الحالية إلى تحقيق ثلاثة أهداف أساسية: إشاعة الفوضى، وتقويض الأمن والاستقرار في الدول العربية، وتمزيق وحدة المجتمعات العربية، وإثارة الصراعات الداخلية بين مختلف قوى المجتمع، وخصوصا على أسس طائفية، وإضعاف استقلال الدول العربية، وقدرتها على التحكم بمقاديرها.

واعتبر أن أمريكا تسعى إلى استغلال الخلافات الطائفية وتأجيجها في المنطقة لأن ذلك يحقق لها هدف إثارة الفوضى وتقويض الاستقرار ويحقق مصالحها الإستراتيجية، وأنه من مصلحة أمريكا أن يبقى هذا الصراع قائما ومستمرا؛ حيث يتيح لأمريكا التدخل باستمرار في المنطقة، واستغلال هذا الصراع لصالح أهدافها الإستراتيجية.

ثالثًا: خرائط التوترات الطائفية بعد الثورات الشعبية:

من واقع دول الثورات العربية، تبرز أخطار التوترات الطائفية في كل من مصر وسوريا وليبيا واليمن والبحرين.

1- مصر:

يُشكل الأقباط (وفق عدة تقديرات) نحو 9% من السكان، ويشكل النوبيون (بمن فيهم الكنوز وجماعات أخرى) 2%، ثم الأرمن والأوروبيون واليهود ويشكلون أقل من 1%، كما توجد عدة قبائل كالبجا والبربر والأفارقة والغجر وهؤلاء جميعا يشكلون نحو 3% من السكان. أي أن مجموع الأقليات والطوائف في مصر لا يتعدى 15% من جملة عدد سكانها البالغ (83) مليونا في نهاية يونيو 2012، وعلى الرغم من تعدد الطوائف في إطار هذه النسبة؛ إلا أن أهم الأحداث الطائفية ارتبطت في معظمها بالأقباط، وكان للنظام السابق دور كبيرٌ في إشعالها، تؤكد ذلك العديد من التقارير حول دور بعض الأجهزة الأمنية في إثارة واستغلال مثل هذه الأحداث لضمان السيطرة على الأوضاع في البلاد.

2- سورية:

تتسم التركيبة الديموغرافية في سوريا بالتنوع، فمن ناحية التوزيع الديني، يشكل المسلمون السنة 77% ، و10% من العلويين، و8% من السكان مسيحيون من طوائف مختلفة، و3% دروز و1% إسماعيليون و0.5% شيعة اثنا عشرية، وتوجد أيضا أقلية يزيدية في منطقة جبل سنجار على الحدود مع العراق. ومن الناحية العرقية، يشكل العرب 93% من سكان سوريا، والأكراد 5% ويقطنون في شمال محافظة الحسكة. وهناك أقليات أخرى مثل الأرمن ويتركزون في حلب، والأشوريون والشركس والتركمان وبعض الأقليات الأخرى.

ويكشف التقسيم النوعي للسكان عن أن 82.5% يتحدثون العربية و68.7% مسلمون سنيون. والمسلمون السنيون الذين يتحدثون العربية يشكِّلون أغلبية عددية قوامها 57.4% من مجموع السكان من حيث اللغة والدين، أما المجموعات المتبقية فهم العلويون 11.5%، والدروز 3%، والإسماعيليون 1.5%، فيما يشكل المسيحيون الروم الأرثوذكس 4.6% وهم أهم الجاليات المسيحية في سوريا التي تبلغ نسبتها 14.1%.

أما الأقليات العرقية الرئيسة فهم الأكراد 8.5% والأرمن 4%، والتركمان 3% وأيضًا هناك الشراكسة. ومعظم الأكراد والتركمان والشراكسة مسلمون سنيون، والأرمن مسيحيون، وبالتالي يمثلون أقلية عرقية ودينية في آن واحد، ومن الأقليات العرقية أيضًا السريان ومنهم الأشوريون والكلدان، ويقدَّر عددهم بنحو 200 ألف نسمة في سوريا، وأغلبهم يتركز في منطقة الجزيرة شمال شرق سوريا، والشركس يُقدَّر عددهم بحوالي 100 ألف نسمة. وفيما يتركز الدروز السوريون في محافظة السويداء وبعض قرى الجولان وفي ريف دمشق، فإن الأرمن يتركزون في مدينة حلب ومدينة القامشلي شمال شرق سوريا

3- ليبيا:

مع نجاح الثورة الليبية ضد نظام القذافي، وقبل استقرار الأوضاع للمجلس الانتقالي الحاكم أعلن عدد من الشخصيات الليبية منطقة "برقة" بشرق ليبيا إقليما اتحاديا فيدراليا، يتمتع بحكم ذاتي، وبرغم أن الموقعين على إعلان برقة أكدوا تمسكهم بوحدة الدولة، إلا أنهم اعتمدوا دستور الاستقلال الصادر في 1951 عندما كانت ليبيا مملكة اتحادية تتألف من ثلاث ولايات هي طرابلس وبرقة وفزان ويتمتع كل منها بالحكم الذاتي، وهو ما طرح احتمالات تقسيم ليبيا بعد الإطاحة بالقذافي.

يدعم هذه الاحتمالات عدة اعتبارات منها: تقوية نفوذ التكوينات الإثنية والقبلية (الطوارق، الأمازيغ) في مواجهة دولها، من ناحية، وزيادة قوة التنظيمات الدينية العابرة للحدود (كالقاعدة) من ناحية ثانية، وتغير طبيعة التدخل الدولي في دول ما بعد الثورات، خاصة في الحالة الليبية، من ناحية ثالثة، ومن ناحية رابعة وجود فجوات تنموية وسياسية وقبلية بين الأقاليم الليبية قد تعرقل من قدرة أي حكومة على لم شملها، فالجنوب الليبي الذي تسيطر عليه قبائل (التبو والطوارق والفزازنة) شهد اشتباكات مع بعض القبائل العربية. كما أن الفجوات بين برقة في الشرق وطرابلس في الغرب، والتي حظيت بالنصيب الأكبر من عوائد النفط تسبب في علاقة صراع بين الطرفين حتى بعد الثورة الليبية.

4- اليمن:

تتميز اليمن بتجانس عرقي وديني أكبر، والأقليات فيها قليلة النسبة لا تتعدى 5% من إجمالي السكان. فالطائفة الإسماعيلية تشكل نحو 2% من عدد السكان، أما اليهود والإيرانيون والهنود والصوماليون فيشكلون معا نحو 3%. ورغم هذه النسبة فإن البلاد معرضة لخطر التقسيم والتشرذم بمعدلات كبيرة في ظل وجود خطر التنظيمات المسلحة، ووجود بعض التيارات الداعية لانفصال الجنوب، وقوة الحركة الحوثية، والتي دخلت في عدة مواجهات مسلحة مع النظام السابق قبل الثورة الشعبية 2011، وتعقد أزمة الحوثيين مع تورط قوى إقليمية في إدارة الأزمة وتحريك أطرافها.

5- البحرين:

يتمثل جوهر المشكلة في البحرين في أن الانقسام الطائفي (السنة والشيعة) أصبح حقيقة مجتمعية، وهو ما انعكس في التخوف من معارضة النظام، لأن معارضة النظام تعني الاصطفاف مع الشيعة، وتأييد أي من سياساته يعني الاصطفاف مع السنة، وأصبح السائد أن 90% من الموالاة سُنة، و90% من المعارضة شيعة. ولم تعد المعارضة للموالاة مرتبطة بنظام سياسي فقط، وإنما امتدت إلى نظام اجتماعي واقتصادي. فالتجار الذين أيدوا المعتصمين يدفعون اليوم ثمن ذلك، كما أن هناك حملة موازية من قبل الشيعة لمقاطعة المحال السنية.

ونظرا لكون المظاهرات تنظم في المناطق ذات الأغلبية الشيعية، فإنها جعلت هذه المناطق مغلقة أمام أبناء الطائفة السنية، مع ملاحظة أن هناك بعض المناطق التي يشعر أبناء الطائفة الشيعية تجاهها بذات المشاعر ويزيد من خطورة التحدي الداخلي في البحرين الدور الخارجي، وخاصة من جانب بعض القوي الإقليمية التي تصطف خلف طرفي الصراع الداخلي دعما لمصالحها ونفوذها الإقليميين.

رابعًا: ملاحظات ختامية:

من واقع هذا الرصد يمكن الوقوف على عدة ملاحظات:

1ـ إن قضية التوترات الطائفية هي أداة تستخدمها بعض القوى التقليدية المتمسكة بمصالحها لتبرير سلبيتها وصمتها في مواجهة هذه التوترات، ويستخدمها المجتمع الدولي لتبرير تخاذله في عدد من الحالات، وهو ما برز واضحًا في سوريا، وتستخدمها بعض النظم السياسية القائمة لتحقيق مزيد من الهيمنة والسيطرة على مقدرات الشعوب وثرواته، وترسيخ فزاعة الحروب الأهلية وتفتت الدولة لضمان الاستمرار والبقاء.

2ـ إن مشاركة الأقليات والطوائف المختلفة في الثورات التي شهدتها بعض الدول العربية كانت أحد أهم العوامل التي أسرعت في إسقاط النظم المستبدة، ومن هنا يجب ترسيخ وتعزيز حقوق الجميع في وطنهم الجديد حتى يكونوا شركاء حقيقيين في بناء حاضر وتقرير مستقبل هذا الوطن.

3- ليست جميع التيارات الثورية استئصالية وإقصائية، ولكنها تتفاوت فيما بينها من حيث نظرتها لحقوق بعض الطوائف والجماعات، الأمر الذي يتطلب بذل جهود مكثفة لتطوير خطاب مدني ديمقراطي بمرجعية حضارية عربية إسلامية ينظم عمل هذه التيارات، ويرشد توجهاتها وسياساتها وأدواتها في بناء الوطن الواحد.

hragaey
25-08-2012, 12:28 PM
استاذ ايمن
تحليل جميل ولكن
الم تسمع المثل القائل
اتقى شر من احسنت اليه

ماذا كانت نتيجة فتح المعابر
دماء الجنود المصريين فى رقابهم

هل تتذكر مقالك عن من وراء حادث قتل الجنود
وحضرتك اتهمت اسرائيل
وتذكر نقاشى معك ان ليس لاسرائيل مصلحة
وانهم جماعات جهادية دخلت عن طريق فلسطين

ماذا اثبتت التحريات
اثبتت صدق كلامى
وان المعابر والانفاق خطر شديد على مصر
دم مصرى بدم حماس كلها

hragaey
25-08-2012, 12:44 PM
قالت صحيفة «الحياة» اللندنية، السبت إنها علمت أن أجهزة الأمن المصرية توصلت إلى تحديد هوية ثلاثة عناصر شاركت في تنفيذ الهجوم الذي استهدف نقطة الماسورة العسكرية في مدينة رفح المصرية في مطلع الشهر الجاري وقُتل خلاله 16 جندياً، فيما دعت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون مصر إلى إبقاء الاتصالات مفتوحة مع إسرائيل بعدما نشرت الحكومة الجديدة في القاهرة قوات في شبه جزيرة سيناء. وقالت مصادر أمنية مصرية لـ «الحياة»، إن 3 من المتورطين في الهجوم اختبأوا في قطاع غزة، وأن اتفاقاً جرى بين الأجهزة المعنية في مصر مع حركة «حماس» المسيطرة على القطاع لتسليمهم، مشيرة إلى أن المطلوبين ينتمون لـ «جيش الإسلام» وجماعات تكفيرية في القطاع. وأكدت المصادر أن الحملات الأمنية التي تنفذها قوات الجيش والشرطة ضد المسلحين مستمرة في كافة مناطق شمال سيناء، للقضاء على البؤر الإجرامية، واعتقال أعضائها للتوصل إلى التنظيمات والجهات الممولة لها. وأضافت المصادر أنه من خلال الطلعات الجوية تم مسح جميع المناطق التي استهدفتها الحملة والمناطق المجاورة لها، وتم تحديد العناصر الإجرامية والبؤر الموجودة بها، وأماكن تخزين الأسلحة والألغام بكل دقة، مشيرة إلى أنه تم تحديد 15 بؤرة إجرامية متمركزة في مناطق مختلفة بصحراء سيناء، تأوي عناصر تخريبية تمتلك سيارات حديثة ذات دفع رباعي. واستبعدت المصادر أن تكون العناصر الإجرامية متمركزة في منطقة جبل الحلال فقط، مشيرة إلى أن معظم أماكن تجمعاتهم واجتماعاتهم أصبحت معروفة ومحددة، وأن استهدافهم بالعمليات العسكرية والحملات يكون من خلال تكتيك معين يستهدف مداهمتهم وإلقاء القبض عليهم أحياء، للوصول إلى مموليهم. وأوضحت المصادر للصحيفة، أن تحتمي بعض العناصر داخل الكتل السكنية في رفح والعريش وبعض المناطق الأخرى، مؤكدة أن ملاحقتهم مستمرة، لافتة إلى أن هناك تعاوناً كبيراً من كافة أبناء قبائل بدو سيناء.

المصري اليوم

love ur life
25-08-2012, 06:57 PM
ميرسي ع التوبيك أستاذي ^_^

aymaan noor
27-08-2012, 02:05 PM
هل تحقق مبادرة مرسي اختراقا في أزمة سوريا؟
http://rcssmideast.org/media/k2/items/cache/5a61d31ed794cb758475f6c89477dfed_L.jpg
إيمان رجب - باحثة متخصصة في الخليج
طرح الرئيس محمد مرسي أثناء مشاركته في قمة مكة التي عقدت في 15 أغسطس 2012، مقترحا خاصا بالصراع في سوريا، يقوم على فكرة تشكيل "رباعية إقليمية" تضم كل من مصر والسعودية وايران وتركيا، يكون هدفها تحقيق التسوية السلمية للصراع هناك. بحيث تقوم كل من مصر والسعودية بدور"المراقب"، و"الوسيط"، إذا تطلب الأمر ذلك،

في حين تقوم تركيا بممارسة الضغوط على المعارضة، من أجل تقديم تنازلات بهدف التقريب بينها والنظام السوري، وتقوم إيران بالضغط على الأسد من أجل تقديم تنازلات من جانبه من أجل التقريب بينه والمعارضة. وبالتالي يتبنى المقترح المصري، الحل الإقليمي، القائم على الحوار كمدخل لتسوية الصراع في سوريا، تسهله وترعاه وساطة إقليمية تقودها الدول الأربع الرئيسية في الإقليم، على نحو يقترب من السيناريو اليمني.

-دلالات طرح المبادرة:

- طرحت مصر هذه المبادرة في الوقت الذي لم يتضمن فيه بيان قمة مكة، أي إشارة إلى الصراع في سوريا، باستثناء ما توصل إليه اجتماع وزراء الخارجية في اجتماعهم الذي سبق القمة، والخاص بتعليق عضوية سوريا في المنظمة. في حين كانت عدة مصادر سعودية، قد أشارت قبل عقد القمة، إلى وجود مبادرة سعودية سيتم طرحها في القمة، تضمن تحقيق الانتقال السلمي للسلطة في سوريا، من خلال تنحي بشار الأسد وخروجه من سوريا، إلى جانب ضمان حقوق الأقليات في سوريا، وتنظيم انتخابات حرة، ودخول قوات دولية، تشارك فيها قوات من دول إسلامية، تشرف على الأمن.

- يبدو أن إيران لم تؤيد هذا المنحى، خاصة وأنها لم توافق على تعليق عضوية سوريا، وهذا يعني استمرار الخلاف السعودي-الإيراني حول الصراع في سوريا. وبالتالي، يمكن القول بأن هذا المقترح هو محاولة للالتفاف على فشل القمة في طرح وتبني المبادرة السعودية التي تم الترويج لها قبل القمة.

- يعكس هذا المقترح نوعا من التنسيق ما بين السعودية ومصر حول الموقف من الصراع في سوريا، خاصة وأنه لم يطرح إلا بعد لقاء الرئيس مرسي بالملك عبدالله بن عبد العزيز، كما أنه يعكس توافق هاتين الدولتين على أهمية مشاركة إيران وتركيا في أي تسوية للصراع في سوريا، وهو توافق "واقعي" بالنظر إلى تعقيدات الصراع السوري، وذلك على عكس الموقف الأمريكي الرافض لمشاركة إيران في أي مؤتمرات خاصة بسوريا.

- يضمن هذا المقترح دورا ما لمصر في الصراع في سوريا، لا يتعارض مع ما استقرت عليه السياسة المصرية طوال الفترة الماضية، والقائمة على أولوية الحل السلمي، ورفض التدخل الدولي. ولكن تشير ردود فعل قوى الإسلام السياسي في مصر، إلى وجود ضغوط من أجل تغيير هذه السياسة، باتجاه تبني الدعوة القطرية القائمة على تسليح المعارضة. حيث إن هناك رفضا سلفيا لمشاركة إيران في هذه المجموعة، نظرا لموقفها الداعم لبشار الأسد، حيث طالب هشام كمال، المسئول الإعلامى للجبهة السلفية باستبعاد إيران من المجموعة، ودعم المعارضة والجيش الحر بالسلاح.

-هل تنجح المبادرة؟

من غير الواضح مدى جدية الرئيس مرسي في تفعيل هذه المبادرة، ولكن من المتوقع أن تترجم إلى تشكيل مجموعة اتصال مصغرة حول سوريا، تلتقي بانتظام لمناقشة الوضع هناك، في صيغة أقرب لمجموعة الاتصال الخاصة بسوريا والمشكلة في إطار الجامعة العربية، وتلك الخاصة بعملية السلام والمشكلة في إطار الأمم المتحدة، وبالتالي قد لا تحقق مبادرة مرسي اختراقا في الصراع السوري، وذلك لعدة عوامل :

- أنه من غير الواضح حجم التأييد الذي حظي به المقترح في قمة مكة، خاصة من قبل الأطراف المشاركين في المجموعة، حيث عرض أثناء الجلسة المغلقة في القمة.

- رغم أن هذا النوع من المقترحات، لم يشكل مشكلة كبيرة لإيران، منذ بدء الصراع في سوريا، خاصة وأنه لا يحمل نظام الأسد مسئولية تسوية الصراع، كما أنه لا يدعو إلى تدخل دولي، وهي من المحظورات بالنسبة لإيران. إلا أن تصريحات القيادات الإيرانية بعد القمة، تشير إلى اتجاه إيران لتبني استراتيجيات "الملفات الإقليمية"، حيث تحدث رامن مهناباراست المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عن ترحيب إيران بأن تشمل مهام هذه المجموعة كافة القضايا الإقليمية الساخنة، وليس سوريا فقط.

- لم تعلن تركيا حتى الآن عن تأييدها لهذا المقترح، وما إذا كانت متمسكة بالحلول الإقليمية للصراع، خاصة وأنها حاليا تتجه للتنسيق مع فرنسا من أجل إنشاء مناطق عازلة، يتم فيها إيواء اللاجئين السوريين، في حال تخطى عددهم 100 ألف لاجيء.

- لا يزال موقف القوى الدولية من هذا المقترح، وتحديدا الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا "حذرا"، فعلى سبيل المثال، رحبت فرنسا بالمقترح المصري، ولكنها أكدت ضرورة تحديد علاقته بالمبادرة المطروحة من قبل الجامعة العربية، وتلك المطروحة من قبل الأمم المتحدة، وبمجموعة عمل "أصدقاء سوريا"، ومجموعة "العمل من أجل سوريا"، خاصة وان هذه المجموعات تشارك فيها الدول المقترحة باستثناء إيران.

- من غير الواضح حجم "الاستياء" القطري من عدم ضمها في الرباعية الإقليمية، حيث لم يتضمن المقترح أي إشارة لقطر، التي تعتبر أكثر الدول الخليجية نشاطا في القضية السورية، كما أنها تحتفظ بعلاقات خاصة مع الأخوان في مصر وغيرها من دول الربيع العربي. وبالتالي، لم يكن متوقعا استبعادها. كما أنه من غير الواضح ما إذا كانت قطر ستتجه للضغط من أجل إفشال هذا المقترح أم لا.

تعبر المبادرة المصرية عن إعادة تشكل الموقف المصري من القضية السورية، وغيرها من القضايا الإقليمية، ونزوعها للتنسيق مع القوى الرئيسية الكبرى في الإقليم، وهذا التوجه سيضر بالدرجة الأولى الدول الأصغر التي استفادت من فراغ القوة الذي أحدثته الثورات العربية طوال الفترة الماضية، وتحديدا قطر، والتي قد يكون رد فعلها غير متوقع، ورغم الطابع الإقليمي لهذه المبادرة، إلا أن نجاحها يتطلب دعما دوليا، خاصة من قبل واشنطن وموسكو وفرنسا، وذلك في الوقت الذي لم تحسم فيه هذه الدول بعد موقفها من تسوية الصراع في سوريا.

aymaan noor
27-08-2012, 02:18 PM
اهتزاز إقليمي
تحديات صعبة تواجه إثيوبيا بعد رحيل زيناوي
http://rcssmideast.org/media/k2/items/cache/ef8bd3de49a270d49d40baf602fbfad5_L.jpg
صلاح خليل - باحث سوداني في الشئون الأفريقية
أثار نبأُ وفاة رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوى ردود فعل متباينة، كما لقي اهتمامًا إقليميًّا ودوليًّا واسعًا، وذلك بسبب المخاوف من نشوب صراع حادٍّ داخل الجبهة الشعبية الثورية الديمقراطية (PRDF) الحاكمة، بالرغم من التأكيدات من داخل الحزب بأن القائم بأعمال رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريم ديسالجن سيظل على رأس الحكومة حتى الانتخابات المقررة في 2015،

وأنه لا توجد أزمة داخل الجبهة في اختياره.

بيد أن ثمة تحديات تواجه إثيوبيا في مرحلة ما بعد زيناوي، لن تقتصر على تفاعلات السياسة الداخلية؛ وإنما ستمتد إلى القرن الإفريقي، لا سيما في ظل التشابك الإثني الذي قد يفجر النزعات الانفصالية في المنطقة.

تحديات داخلية

داخليًّا، فإن غياب زيناوي قد يقود إلى تخفيف قبضة إثنية "التيجراي" وبالتالي الحكومة على السلطة؛ مما يغرى الإثنيات الأخرى خاصة الأورومو والأمهرة، فضلا عن سعي إقليم الأوجادين نحو المزيد من السلطات، أو الانفصال تمامًا عن الدولة الأم، خاصة وأن الدستور يُتيح له هذا الحق. كما أن الاشتباكات القبلية التي بدأت تطفو على السطح في جنوب البلاد والتي أدت إلى تدفق آلاف اللاجئين إلى كينيا؛ قد تتفاقم بسبب اضطراب الأوضاع في أديس أبابا، وقد تتمدد لتغطي مناطق أخرى في البلاد.

هذا بالإضافة إلى حالة التذمر التي بدأت تتزايد مظاهرها في أوساط المسلمين، لا سيما بعد أن شهدت العاصمةُ أديس أبابا في الأشهر الأخيرة مواكب ضخمة يطالب فيها المسلمون بالمزيد من الحقوق، ورفض تدخل الدولة. وهو ما تخشى الحكومة أن تمتد تلك الاحتجاجات إلى بقية الإثنيات والقوميات.

ومما يضاعف من مشاكل الحزب الحاكم في إثيوبيا بعد غياب زيناوي؛ أنه يواجهُ معارضة شديدة من جانب إثنيتي "الأرومو" و"الأمهرة" اللتين تملكان اتصالاتٍ مع المنظمات الحقوقية للضغط على الحكومة في أديس أبابا. فضلا عن أن تيارات انفصالية قوية تتحرك تحت السطح في عدد من الأقاليم الإثيوبية مثل: "الأرومو" و"الأجاودين" و"بني شنغول" بالإضافة إلى بعض القوميات في جنوب إثيوبيا.

وبالرغم من أن زيناوي قاد النمو الاقتصادي لبلاده بمعدلات في خانة العشرات؛ حيث تبنى سياسة تمزج بين الإنفاق الحكومي المرتفع والاستثمار الأجنبي الخاص، مع التركيز مؤخرا على مشروعات الطاقة والبنية التحتية؛ إلا أن الكثير من الإثيوبيين يشكون من أنه على الرغم من بناء علاقات اقتصادية قوية مع قوى اقتصادية مثل الصين؛ فلم يترجم ذلك إلى زيادة في فرص العمل للإثيوبيين، وعلى الرغم من ازدهار الطبقة الوسطى في المدن فإن نحو ثلاثة أرباع السكان ما زالوا يعيشون على أقل من دولارين يوميا.

تحديات خارجية

المخاوف الإقليمية والدولية تنبع من أن زيناوي الذي صعد إلى سدة الحكم في عام 1991 مثَّل حليفًا إستراتيجيا للولايات المتحدة، ولعب أدوارا في القضايا المختلفة في القرن الإفريقي سواء ما يتعلق منها بالصومال أو السودان أو أوغندا.

فالصومال يشكل تحديًا كبيرا للدور الإقليمي لإثيوبيا في القرن الإفريقي، خاصة وأن ثمة احتمالا لتغير المعادلة بعد رحيل زيناوي، فالقوات الإثيوبية تمثل العمود الفقري الداعم لحكومة شيخ شريف في مواجهة حركة شباب المجاهدين، وهو ما قد يدفع الجبهات المتقاتلة في الصومال إلى الاستفادة من فراغ السلطة في إثيوبيا، والضغط على الحكومة.

وبعد رحيل زيناوي؛ قد تستغل أوغندا الفرصة بحكم تحالف موسيفيني مع الولايات المتحدة، لأن تكون اللاعب القوي في القرن الإفريقي وخاصة في مواجهة الحركات المتطرفة كالقاعدة والجماعات في الصومال، حتى لا تتمدد داخل أوغندا، حسب ما أشار موسيفيني نفسه في بعض كتاباته.

وبالرغم من أن البعض يرجح تغير علاقات مصر بإثيوبيا بعد رحيل زيناوي على اعتبار أن رئيس الوزراء القائم بأعمال رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريم ديسالجن له تصريحات هادئة تجاه مصر؛ إلا أن المتوقع أن تكون الحكومة الجديدة أكثر صرامة فيما يتعلق بملف المياه أو سد النهضة الذي يمثل أحد مداخل الشرعية لرئيس الوزراء الجديد، فالالتزام الإثيوبي باللجنة الثلاثية المكونة من (مصر، والسودان، وإثيوبيا) والمختصة بالجوانب الفنية لسد النهضة، هو شفهي وليس مكتوبا، وهو ما يفرض على الجانب المصري إعادة تأسيس العلاقة مع أديس أبابا على أسس جديدة تضمن الاستقرار والمنفعة للجميع.

ولعل القاهرة يمكنها استثمار عودة الدفء للعلاقة بين الكنيستين الأرثوذكسيتين المصرية والإثيوبية والتي ظهرت مؤخرا بعد الزيارات المتبادلة بين الراحلين البابا شنودة ونظيره الأنبا باولوس، والتي عززت توطيد العلاقات بين البلدين والشعبين، فضلا عن المشاركة المتبادلة لوفد الكنيستين في جنازتي شنودة وباولوس.

إضافةً إلى أن الدورَ الإثيوبي في السودان والذي تمدد على حساب الدور العربي والمصري بخاصة؛ سيتأثر كثيرا بغياب زيناوي الذي لعب دورا في المفاوضات بين السودان وجنوبه بعد انفصال الأخير، كما شاركت إثيوبيا بقوةٍ قوامها يفوق الأربعة آلاف جندي في منطقة أبيي، بالإضافة إلى ذلك؛ استضافت إثيوبيا محادثات سلام بين الحركات المسلحة في دارفور والحكومة السودانية، والقضايا العالقة بعد اتفاق نيفاشا بين كل من حكومتي الخرطوم وجوبا.

ولعلَّ العلاقات الإثيوبية – الأريترية التي شهدت مواجهات مسلحة وحروب هي الأكثر تأثرا؛ إذ ثمة توقع بتجدد التوتر بين البلدين بسبب الأزمة الحدودية في (بادمي وزالمبسا)، لا سيما في ظل غياب الرجل القوي زيناوي، بما قد يضرب الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي.

إن هذه المخاوف والتحديات تواجه إثيوبيا في مرحلة ما بعد زيناوي.. فهل تستطيعُ القيادةُ الجديدة للبلاد مواجهة تلك التحديات؟، لا سيما وأن انفجار أي صراعات داخلية في إثيوبيا سيهز الاستقرار الهش
في منطقة القرن الإفريقي، فضلا عن المصالح الدولية المتغلغلة في المنطقة.

راغب السيد رويه
28-08-2012, 05:18 AM
وبالرغم من أن البعض يرجح تغير علاقات مصر بإثيوبيا بعد رحيل زيناوي على اعتبار أن رئيس الوزراء القائم بأعمال رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريم ديسالجن له تصريحات هادئة تجاه مصر؛ إلا أن المتوقع أن تكون الحكومة الجديدة أكثر صرامة فيما يتعلق بملف المياه أو سد النهضة الذي يمثل أحد مداخل الشرعية لرئيس الوزراء الجديد، فالالتزام الإثيوبي باللجنة الثلاثية المكونة من (مصر، والسودان، وإثيوبيا) والمختصة بالجوانب الفنية لسد النهضة، هو شفهي وليس مكتوبا، وهو ما يفرض على الجانب المصري إعادة تأسيس العلاقة مع أديس أبابا على أسس جديدة تضمن الاستقرار والمنفعة للجميع.

جزاك الله خيرا وبارك فيك

راغب السيد رويه
28-08-2012, 05:20 AM
تعبر المبادرة المصرية عن إعادة تشكل الموقف المصري من القضية السورية، وغيرها من القضايا الإقليمية، ونزوعها للتنسيق مع القوى الرئيسية الكبرى في الإقليم، وهذا التوجه سيضر بالدرجة الأولى الدول الأصغر التي استفادت من فراغ القوة الذي أحدثته الثورات العربية طوال الفترة الماضية، وتحديدا قطر، والتي قد يكون رد فعلها غير متوقع، ورغم الطابع الإقليمي لهذه المبادرة، إلا أن نجاحها يتطلب دعما دوليا، خاصة من قبل واشنطن وموسكو وفرنسا، وذلك في الوقت الذي لم تحسم فيه هذه الدول بعد موقفها من تسوية الصراع في سوريا.

جزاك الله خيرا وبارك فيك

love ur life
28-08-2012, 12:22 PM
شكراً ع التوبيك ^_^

aymaan noor
29-08-2012, 11:27 AM
كيف يديرُ الرئيس مرسي العلاقات مع طهران؟
http://rcssmideast.org/media/k2/items/cache/47359a90eed3ee35f2dab5a3c718abb3_L.jpg
رضوى عمار - باحثة سياسية
يتوجه الرئيس المصري محمد مرسي إلى إيران يوم 30 أغسطس الحالي للمشاركة في قمة عدم الانحياز، وذلك في أول زيارة يقوم بها رئيس مصري إلى إيران بعد انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ أكثر من ثلاثين عاما. ومن المعلوم أن إيران التي أشادت بالثورة المصرية واعتبرتها مناهضة للغرب ومستلهمة ثورتها الإسلامية في عام 1979 تضع آمالا عريضةً

بشأن مستقبل علاقاتها مع مصر، خاصة وأن الرئيس المصري ذو خلفية إسلامية. وهو ما تعتبره إيران يحقق تغيرات رئيسة في معادلات القوة القديمة، وبداية نموذج سلوك جديد new behavior modelفي الإقليم.

ويرى البعض أن حضور الرئيس محمد مرسي يعني بشكل أو آخر إيذانا بعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وهو ما يثير التساؤل حول ماهية هذه العلاقات في ظل ما تحمله من تناقضات ومعوقات بل ومخاوف من تأثير مثل هذه العلاقة على مسار التفاعلات في الإقليم، وخاصة تجاه إسرائيل.

العلاقات المصرية الإيرانية ما بين المد والجزر

بدأ التوتر والفتور في العلاقات المصرية الإيرانية مع قرار الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل عام 1978، والذي تم بالفعل عام 1979؛ حيث انتهت العلاقات الدبلوماسية رسميا في يونيو 1979. وازدادت العلاقات سوءا عندما عرض السادات حق اللجوء السياسي على شاه إيران محمد رضا بهلوي وعائلته.
إلا أنه وبعد موت آية الله الخميني، ونهاية الحرب الإيرانية العراقية؛ قللت النخب السياسية الإيرانية من حدة الخطاب الثوري، حيث عمدت إلى تحسين علاقاتها الخارجية في التسعينيات، وهو ما انعكس في استئناف البلدان العلاقات على مستوى بعثات رعاية المصالح في مارس عام 1991 .

وسعى رؤساء إيران هاشمي رافسنجاني، ومحمد خاتمي، والرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد إلى استعادة العلاقات مع الحكومة المصرية. فعلى سبيل المثال، إبان فترة رئاسة الرئيس محمد خاتمي؛ وافق مجلس بلدية طهران عام 2004، على تسمية الشارع الذي أطلق عليه اسم قاتل الرئيس المصري السادات "خالد الاسلامبولي" بـ"الانتفاضة" نسبة للانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي ؛ إلا أن من اللافت للنظر أنه قد تم استخدام ورقة اسم الشارع مرة أخرى الذي أعلنت إيران عن زعمها بتغييره من "خالد الاسلامبولي" إلى "الشهداء" إشارة إلى تكريم شهداء ثورة 25 يناير!

أيضا سعى أحمدي نجاد إلى توطيد أواصر العلاقات مع الرئيس السابق محمد حسني مبارك، وعبَّر إبان انعقاد إحدى القمم في الإمارات العربية المتحدة عام 2007 عن استعداد إيران لعودة العلاقات بين البلدين، وفتح السفارة الإيرانية في القاهرة" ؛ لكن نظام مبارك كان لا يثق في النظام الإيراني، ويراه عنصر تهديد للاستقرار الإقليمي .

ويُمكن القول إن التغير في ديناميكيات العلاقات بين البلدين قد جاء في فبراير 2011 بعد إعلان الرئيس السابق محمد حسني مبارك تخليه عن السلطة، عندما طلبت إيران التصريح بمرور سفينتين حربيتين عبر قناة السويس لأول مرة منذ أكثر من ثلاثة عقود، ووافقت السلطات المصرية الجديدة ، وهو ما عكس اختبارًا للقيادة المصرية الجديدة، ومحاولة لاستشراف موقفها من مسألة العلاقات مع إيران.

ولعل تصريحَ وزير الخارجية المصري السابق، نبيل العربي، في 29 مارس 2011 عن أن مصر تعتبر إيران "دولة من دول الجوار، ولنا معها علاقات تاريخية طويلة وممتدة في مختلف العصور، والحكومة المصرية لا تعتبرها دولة معادية"، ثم إعلانه خلال اجتماعه مع مجتبى أماني، رئيس البعثة الدبلوماسية الإيرانية في مصر، في أبريل 2011، أن القاهرة وطهران لا بد أن تكون لديهما علاقات تعكس الروابط الثقافية والحضارية بينهما، وأن مصر مستعدة لفتح صفحة جديدة في علاقاتها مع دول أخرى، تشمل إيران ؛ قد عبر عن تغير ما سوف تشهده العلاقات المصرية الإيرانية، وإن كان قد علق الأمر فيما بعد على قرار من مجلس الشعب. ورغم ذلك؛ فقد أعرب وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي عن تمنيه "للتوسع في العلاقات" ؛ إلا أنه بعد أن ترك العربي منصبه كوزير للخارجية في مايو 2011 ليصبح أمين عام جامعة الدول العربية لم يطرح مسئول مصري هذه المسألة! وهو ما يُفسر وصف وزير الخارجية الإيراني، علي أكبر صالحي، سياسة مصر تجاه إيران بأنها "سياسة خجولة" ، وعلى أي حال فقد اعتبرت إيران أن علاقاتها مع مصر الجديدة سوف تتغير للأفضل مقارنة بما كان في عهد الرئيس السابق مبارك.

المسألة الإيرانية وسياسة الباب المفتوح لمرسي

يُلاحظ أن تصريحات الرئيس محمد مرسي، المرشح عن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، خلال حملته الانتخابية لم تكن كلها إيجابية تجاه إيران؛ فقد تبنى سياسة الباب المفتوح open-door policyالتي ترحب بكافة أنواع التعاون الدولي التي تشمل إيران لكنها لا تعد بسياسات بعينها.

ففي حوار أجرته معه إحدى الصحف المحلية الكويتية، والذي تم ترجمة أجزاء منه ونشرت في صحيفة "عصر إيران" في 21 يونيو، وعند سؤاله عن علاقة الإخوان المسلمين بإيران وحزب الله؛ رد بأنها "أوهام، افتراءات، ولا أساس لها من الصحة". ورغم ذلك أبدت إيران تفاؤلها بالخطاب الانتخابي للرئيس محمد مرسي الذي أشار إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية والإستراتيجية بين مصر وجميع الدول الإسلامية في العالم بما في ذلك إيران ، كما رحبت بفوزه، واعتبرته المرحلة النهائية لحركة الشعب المصري الثورية للصحوة الإسلامية .

إلا أن العلاقات بين البلدين ما لبثت أن شهدت توترا فور إعلان فوز الرئيس محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية وحتى قبل تسلمه السلطة رسميا، وذلك بعد أن نشر مراسل وكالة أنباء فارس بالقاهرة حديثا منسوبا إلى مرسي تعهد فيه بإعادة العلاقات الطبيعية مع إيران، وتطوير التعاون المشترك المصري الإيراني لأن هذا "سيحقق التوازن الإستراتيجي في المنطقة، وهذا كان ضمن برنامجي.. برنامج النهضة". وذكرت الوكالة أن المقابلة أجريت مع مرسي قبل بضع ساعات من إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة المصرية ، وهو ما نفاه المتحدث باسم الرئيس محمد مرسي، مشيرا إلى أن مكتب الرئيس سيرفع دعوى قضائية ضد الوكالة والتي ردت عليه بإذاعة تسجيل صوتي تم التشكيك في نسبته إلى الرئيس محمد مرسي.

وبإمعان النظر في البرنامج الرئاسي للرئيس محمد مرسي؛ سنجد أنه تناول تطوير علاقات مصر مع الدول الإسلامية، لكن الدولتين اللتين ذكرتا بالاسم هما تركيا وماليزيا، ولا وجود لإيران أو الحديث عن التوازن الإستراتيجي في هذا السياق .

وبصفة عامة يمكن القول إن الرئيس محمد مرسي منذ بداية وصوله إلى سدة الحكم قد سعى إلى النأي بنفسه عن الاندفاع نحو العلاقات مع إيران. وهو ما بدا بشكل جلي في توقيت إعلانه عن قبول دعوة إيران بشأن حضور قمة عدم الانحياز والتي تُسلم فيها مصر رئاسة القمة إلى إيران.

فقد حرصت إيران على توجيه الدعوة خلال المكالمة الأولى للرئيس الإيراني أحمدي نجاد التي هنأ خلالها الرئيس محمد مرسي بفوزه في انتخابات الرئاسة، والتي أكد له خلالها أن إيران لن تضع أي قيود على تقوية العلاقات مع مصر ، ذلك إلى جانب الدعوة الرسمية التي قدمها نائب الرئيس الإيراني، حميد بغاني، إبان زيارته مصر في 7 أغسطس، تلك الزيارة التي أعقبت زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون.

ثم يُلاحظ أن الإعلان عن حضور الرئيس محمد مرسي على رأس الوفد المصري جاء في 18 أغسطس أي بعد لقائه بالرئيس أحمدي نجاد في القمة الإسلامية الاستثنائية في 15 أغسطس، والتي انعقدت بمكة المكرمة تحت رعاية السعودية. وهو ما أعطى انطباعا بأن العلاقات المصرية الإيرانية إذا ما كانت سوف تكون بمباركة السعودية وليس على حساب العلاقات المصرية مع دول الخليج التي اعتبرها مرسي "خطا أحمر"، وهو ما يفسر اختيار السعودية لتكون الوجهة الأولى لزيارات مرسي الخارجية، وتردده بشأن قبول دعوة المسئولين الإيرانيين.

معوقات إدارة ملف العلاقات المصرية الإيرانية

لا شك أن هناك قيودا داخلية تعوق تحرك الرئيس مرسي نحو إيران، مرتبطة بتوجس المجتمع المصري من انخراط الشيعة في المجتمع، خوفا من المد الشيعي، واتساع نفوذه في مصر كما اتضح من ردة فعله على بناء الحسينيات ، ذلك إلى جانب معوقاتٍ أخرى لها بُعد خارجي مرتبط بالظروف الاقتصادية المتعثرة التي تمر بها مصر، والتي تحتاج فيها إلى دعم ومساعدات دول الخليج العربي للخروج منها، وهو ما يضع قيودا على مستوى التطبيع بين الدولتين، أخذا في الاعتبار مخاوف دول الخليج من تطور مثل هذه العلاقات. بالإضافة إلى موقف إيران تجاه الأزمة السورية وهو الموقف الذي يختلف عن الإخوان المسلمين الذين يدعمون الثورة. وفيما يلي نتناول الأبعاد الخارجية للقيود التي تعوق تطبيع العلاقات المصرية الإيرانية:

أولًا: العلاقات المصرية مع دول الخليج

لا شك أن الظروف الاقتصادية ومكافحة الفقر كان أحد المطالب الرئيسة لثورة 25 يناير. وتفرض الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الدولة المصرية والتشكك في تقديم مساعدات أو استثمارات من جانب دول الغرب وخاصة في ظل الأزمة المالية قيودا على التوجهات المصرية في هذا الصدد([17]).

وقد عمدت إيران إلى طرق الأبواب المصرية من خلال الأداة الاقتصادية بعد تعثر محاولاتها للتقارب السياسي في الشهور الأولى التي أعقبت الثورة المصرية؛ فقد صرح وزير الصناعة والتجارة الخارجية المصري، محمود عيسى، أن نظيره الإيراني اقترح خلال فعاليات الاجتماع الوزاري الثاني لمجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية عقد تعاون ثلاثي بين القاهرة وطهران وأنقرة؛ لاستغلال الإمكانات البشرية والموارد الاقتصادية المتاحة لتلك الدول، وذلك خلال المرحلة المقبلة .

كما أعلن رئيس الوزراء المصري السابق، كمال الجنزوري، عن مفاوضات مصرية إيرانية لتنفيذ مشاريع استثمارية إيرانية تقدر بحوالي خمسة مليارات جنيه مصري في جنوب مصر. وطبقا للخريطة الاستثمارية القادمة التي ستشهدها مصر سوف تتدفق الاستثمارات الإيرانية بحوالي 5 مليارات دولار في صورة مشروعات صناعية وتجارية؛ حيث وافقت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة على إقامة 3 مشروعات في محافظات بني سويف والمنيا وسوهاج على مساحة 3 ملايين متر مربع وهي كالآتي: مجمع مصانع لتجميع وصناعة السيارات في بني سويف، ومطاحن للدقيق بطاقة مليون طن قمح سنويا في المنيا، وكذلك مشروع إنتاج وتعبئة أسطوانات البوتاجاز بطاقة لا تقل عن 10 ملايين عبوة شهريا في سوهاج .

من ناحيةٍ أخرى؛ أشار السفير الإيراني مجتبى أماني، إلى مكانة مصر المتميزة داخل إفريقيا، وأن "اتفاقية الكوميسا بين مصر ودول إفريقيا يمكن أن تشكل بوابة للاستثمارات الإيرانية بالاستفادة من الخبراء والإمكانيات المصرية وتصدير منتجات مشتركة من البلدين لإفريقيا" .
وقد كشف مساعدُ وزير الصناعة والمناجم والتجارة الإيراني، حميد صافدل، عن نمو التبادل التجاري بين مصر وطهران. وأن حجم التبادل التجاري مع مصر سجل نموا بأربعة أضعاف؛ حيث قفز من 10 ملايين دولار إلى 51 مليون دولار، ومن 24 ألف طن إلى 58 ألف طن .

إلا أنه ومع كل الإغراءات المالية من إيران (الحوافز) فقد بدا واضحا أن مصر قد استخدمت ملف العلاقات مع إيران كأداة قصيرة الأجل لتنشيط التعاون الاقتصادي المصري الخليجي. فليس من قبيل المصادفة أن تكون السعودية محط أول زيارة خارجية للرئيس محمد مرسي. كما كانت أول جولة خارجية لأول رئيس وزراء مصري بعد الثورة إلى السعودية والكويت وقطر. الأمر الذي قد يرد في جانب منه إلى تخوف صانع القرار المصري من المد الشيعي الإيراني. وهو ما دلل عليه تصريح الرئيس محمد مرسي في أولى زياراته الخارجية إلى السعودية أن استقرار المنطقة يستلزم استقرار مصر والخليج. وأن "السعودية حاضنة الحرمين الشريفين، وراعية مشروع الإسلام الوسطي السني، وأن مصر حامية لهذا المشروع" .

ثانيًا: الأزمة السورية

يلعب الإخوان المسلمون في سوريا دورًا مهمًّا في الأزمة السورية، فهم قطاع فاعل في المعارضة السورية. في حين أن إيران تدعم نظام الأسد. وهو ما يُعتبر بُعدا خارجيا لمواقف الإخوان المسلمين بصفة عامة التي تدعم الثورات الشعبية. ورغم ذلك تحظى مصر الجديدة بقبول ولو كان على حد التصريحات؛ إذ لم يكن موضع اختبار حتى الآن. فقد أكد وزير الخارجية الإيراني، علي أكبر صالحي، أن إيران مستعدة للدخول في حوار مع أي دولة في المنطقة حول الشأن السوري، "وخاصة مصر التي تُعتبر دولة مهمة ومؤثرة في المنطقة"، وأعرب عن أمله في أن تجلس الدولتان لوضع أفكار للخروج من هذه الأزمة ، وقد لقي مقترحُ الرئيس المصري إبان انعقاد قمة مكة الاستثنائية حول تشكيل رباعية اتصال تضم مصر وتركيا والسعودية وإيران، للعمل على حل الأزمة في سوريا، قبولا لدى إيران، والتي طالما استُبعدت من حل الأزمة من قبل الغرب وبعض الدول الفاعلة على مسرح الأحداث في سوريا، وخاصة السعودية التي كانت راعية للمؤتمر.

ثالثًا: الولايات المتحدة الأمريكية

تأتي خطوة مرسي لزيارة إيران قبل توجهه إلى واشنطن سبتمبر المقبل. وترى إيران أن أي تحسن في العلاقات مع مصر سوف يؤثر على النفوذ الأمريكي في المنطقة، وهو ما يفسر حرصها على حضور مرسي القمة، وهو ما أكده تعليق فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، والذي ذكرت فيه موقف الولايات المتحدة المعارض لزيارات دبلوماسيين مصريين رفيعي المستوى لإيران. مشيرةً إلى أن "إيران لا تستحق أن يزورها وفود رفيعة المستوى من مصر والأمم المتحدة، لأنها تحاول استغلال مؤتمر عدم الانحياز لدفع أجندتها الخاصة" .

وفي هذا الصدد؛ لا بد من الأخذ في الاعتبار أن المؤسسة العسكرية المصرية تلعب دورًا مهما في مسار تطور العلاقات المصرية الإيرانية في المستقبل. فالمساعدات العسكرية الأمريكية أفرزت علاقات قوية مع الحكومة الأمريكية وصناعة الأسلحة الأمريكية. وهو ما له تأثير على النخبة الحاكمة والدوائر العسكرية المصرية. بالإضافة إلى الدور الأمريكي في الحفاظ على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التي تنظر لها واشنطن كحجر زاوية للاستقرار في الشرق الأوسط. ويلاحظ أن مرسي قد حرص في العديد من المناسبات على التأكيد على التزام مصر بكافة المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي أبرمتها الدولة المصرية في النظام السابق، ومنها معاهدة السلام مع إسرائيل؛ إلا أنه في نفس الوقت يحرص على إضافة عبارة "طالما لم ينتهكها الطرف الآخر".

وفي الأخير؛ يمكن القول إن إدارة الرئيس محمد مرسي لملف العلاقات المصرية الإيرانية تخضع لسياسة الباب المفتوح، التي تسعى بشكل أو آخر إلى تصفير المشاكل مع كافة القوى الإقليمية والعالمية، في إطار تغليب المصلحة المصرية.

أ/ محمد رجب
29-08-2012, 02:10 PM
شكرا علي التحليل الرائع ولكن د / مرسي أذكي من ذلك وربنا هيوفقه لمصلحة مصر

aymaan noor
30-08-2012, 12:52 AM
الإخوان المسلمون: سنوات ما قبل الثورة
http://www.jadaliyya.com/content_images/3/ikhwanmuslmonkitab.png
يحوي كتاب "الإخوان المسلمون: سنوات ما قبل الثورة" للباحث الراحل حسام تمام (دار الشروق 2012)، مجموعة من الدراسات المتعلقة بجماعة الإخوان المسلمين المصرية وتحولاتها السياسة والاجتماعية قبيل ثورة يناير، ولا تُعنى هذه الدراسات التي تمثل خلاصة فكر حسام تمام ورؤيته في النظر إلى الحركة الإسلامية والإسلام السياسي، لا تعنى بتطور العلاقة بين الإخوان والنظام المصري خاصة في الفترة (2005-2011) والتي تشكل المرحلة الأخيرة لنظام مبارك، بل تهدف إلى رصد وتحليل تفاعلات الجماعة الداخلية والتحولات التي لحقت بها تنظيمياً وأيديولوجياً وتكوينياً، وتصلح النتائج التي خرج بها تمام من مجموع هذه الدراسات والمقالات التي تعكس بصيرته البحثية النافذة لأن تقدم لنا إطاًرا لفهم سلوك الجماعة السياسي في مرحلة ما بعد الثورة والتي انتهت بدخول الجماعة مؤسسات الدولة وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة، ويبقى السؤال الهام الذي نحاول الإجابة عليه: هل ستنعكس هذه التحولات السياسية، وهي بمثابة انتصارات مدوية للجماعة في شكل تحولات بنيوية في داخلها، ربما سيساعدنا الإطار الذي قدمه تمام في كتابه ودراساته على الإجابة على هذا السؤال، ويجدر بالذكر أن منهج تمام في في هذه الدراسات يدمج بين التناول التاريخاني الذي يضع تطورات الظاهرة ضمن مسار تطورها التاريخي، والطرح السوسيولوجي الذي يهتم برصد الظاهرة في سياق تحولاتها الاجتماعية وعلاقتها بالمجتمع الذي تنمو من خلاله، وهو مغاير للاتجاه العام في دراسات الحركة الإسلامية المهتمة بالنصوصية، أي قراءة الحركات من خلال النصوص المعبرة عنها، أو تلك التي تهتم برصد التدافع والصراع بين هذه الحركات والدول، وأغلبها أعمال صحافية تتنازعها التحيزات السياسية.

الإخوان والإصلاح

تبدأ الورقة الأولى في الكتاب في تناول موقف الإخوان المسلمين من قضية الإصلاح الداخلي الذي كان عنوان الحالة السياسية في مصر في الفترة (2004-2007)، وفيها شهدت مصر ربيع الحركة السياسية التي تواكبت مع انفتاح النظام السياسي نحو الإصلاح بفعل ضغوط البيئة الدولية، وهو المناخ الذي شهد التيار الإصلاحي داخل الجماعة والذي قادها نحو التفاعل الإيجابي مع الانفراج الداخلي والضغط الخارجي، وهو ما أدى إلى مشاركتها بفاعلية في الانتخابات التشريعية للعام 2005 وحصولها على ربع مقاعد البرلمان، وقد أدى هذا إلى تصاعد أجواء الإصلاح داخل الجماعة نفسها الأمر الذي يملك أمامه التيار المحافظ إلا الرضوخ ما دام هذا لا يمس البنية الداخلية للجماعة التي يتحكم فيها، ومادام خطاب الإصلاح موجهاً للخارج، أي لبقية الأطراف السياسية والنظام والخارج الدولي، غير أن نكوص ربيع القاهرة، وانقلاب النظام وانحسار الضغوطات الخارجية عليه، أدى إلى نكوص داخل الجماعة نفسها، خاصة مع الضربات التي أخذ النظام يوجهها للجماعة وبدأت بإقصائها تشريعياً من خلال تعديلات 2007، ثم بتوجيه ضربات لها استهدفت قياداتها ومفاصلها عامي 2008، و2010، كل هذا أوحى بعزم النظام بعدم التحاور مع أي طرف واعتزامه عزل الجماعة دون استئصالها، وهو ما أدى إلى تزايد قوة التيار التنظيمي الذي أخذ في ممارسة حملة ممنهجة لنزع الشرعية عن كل الأفكار الإصلاحية التي تم بناؤها خلال النزول السياسي والإعلامي للإخوان إلى ساحة العمل العام، وانعكس هذا في صياغة برنامج الجماعة السياسي الذي تم تقديمه في 2007، وأثبت هيمنة هذا التيار على مفاصل البرنامج، غير أن النظام أفاد من هذا الانغلاق حيث أعطاه فرصة لضرب مزيد من العزلة حولها والتعامل معها داخليا وخارجياً باعتبارها تهديداً للمجال العام، ويرى تمام أن هذه الهيمنة المحافظة التي تتقاطع معها النزعتان السلفية والقطبية لم تظهر إلا في مزيد من الانغلاق التنظيمي دون أن ينال هذا من الخيارات الاستراتيجية التي رسمت مسار العمل العام للجماعة منذ إعادة تأسيسها في السبعينات وهو يقصد بهذه الخيارات تحديداً عدم ممارستها للعنف، وقبولها بالمشاركة السياسية السلمية المتدرجة داخل إطار الدولة.

ويستخلص تمام في هذه الدراسة أن علاقة الجماعة بقضية الإصلاح إنما هي رهينة للتدافع بين الجناحين المحافظ والإصلاحي داخل الحركة وهو الذي يحدد رؤيتها لمجريات الأمور على الساحة المصرية. وهو يتناول في الدراسة الثانية في الكتاب التي أصدرها على أثر الخلاف الذي واكب انتخابات مجلس شورى الجماعة في ديسمبر 2009 الأصول التاريخية لتكون هذين التيارين منذ تأسيس الجماعة حتى الأزمة المذكورة عامذاك. تجادل هذه الورقة بأن الجماعة هي الأقل بين الفواعل السياسية المصرية انشقاًقا، ورغم أن الأدبيات الإخوانية الدعائية تتحدث عن بعدٍ رباني ورسالي في هذا التماسك، غير أن تمام يبحث أسباًبا أخرى لهذا التماسك. والجماعة كغيرها من التنظيمات تعمل في إطار نظام سياسي بالمفهوم الواسع له وتتأثر بدواره من حيث الانفتاح والانغلاق، أي بقدرته على الاستيعاب والفاعل الإيجابي أو باتجاهه نحو الاضطهاد والتضييق، وثم إن الإخوان يضمون داخلهم أطيافاً فكرية وجيلية شاسعة يربط بينها حد أدنى من الأيديولوجية الإخوانية والأهم من هذا رابط تنظيمي قوي، ومع تآكل أيديولوجيا الجماعة اختصر مشروعها في التنظيم وفي دعمه والسعي نحو توسيعه ليسع المجتمع ويتغلغل في الدولة.

بدأ حسن البنا ببناء الجماعة التي اتخذت شكل نسق مفتوح أي حركة اجتماعية ودعوية منفتحة على المجتمع، ثم ما لبث أن ظهر لها تنظيم خاص مغلق وسري، وأودى صدامها بالدولة في عهدي الملكية ونظام يوليو إلى سحب الشرعية من الجماعة ثم السعي نحو استئصالها، وبالتالي لم يبق من الدعوة الأولى إلى التنظيم الصلب بعد أن نجح نظام يوليو في استيعاب المكون السياسي الحركي والدعوي لها في مشروعه الوطني العام، ولم يلبث التنظيم المغلق إلا أن وجد في أطروحات سيد قطب إلا جهازاً تبريريّاً مثل الدافع له للحركة تحت شعار الجيل القرآني الفريد، يقول تمام إن القطبية ميزة بنوية في الإسلام السياسي وبصورة ما استعادة لخطاب حسن البنا وذلك لاستهدافها إعادة إحياء إيمان المجتمع وإقامة الدولة الإسلامية، ثم إنها تقدم إطاراً شموليّاً يستوعب الفرد بكافة جوانب حياته ويربطه بالجماعة التي تتحول بهذا إلى طائفة، وعلى أثر أحداث 1965، عانت الجماعة انشقاقاً فكريّاً وتنظيمياً وهي حبيسة المعتقلات، خاصة مع تبرؤ قيادتها من أطروحات سيد قطب، ومع هذا تركت هذه الأطروحة أثرها على قطاع عريض من الجماعة الذي لم يقبل بها كلياً غير أنه أخذ يستبطنها في في الإعلاء من شأن الثقافة التنظيمية وتغليب مبدأ السمع والطاعة والجندية، وهو بهذا راكم خبرة التنظيم الخاص وخبرة المحنة القطبية. وفي السبعينيات، بدأ التكوين الثاني للجماعة وضخت دماء جديدة في تكوينها باستيعابها التيار الأوسع في الحركة الطلابية المنضوية تحت الجماعة الإسلامية، ورغم انفتاح النظام الساداتي، اختارت الجماعة العمل الدعوي وراحت شيئاً فشيئاً تستعيد وحدتها من خلال الدعوة، وقد تولت قيادات النظام الخاص التاريخية مهمة إعادة التكوين وبالتالي هيمنت أيديولوجية التنظيم ذات الروح القطبية على مفاصل الجماعة، رغم احتوائها على تيار إصلاحي. وفي الثمانينيات تحددت استراتيجية الإخوان بالمشاركة في النظام السياسي وفي إطار الدولة، وشهدت الثمانينيات والتسعينيات صعود الجماعة وامتدادها، ولم تؤثر الانشقاقات البسيطة على بنيتها، بل ظلت الأقل انشقاقاً والأكثر تماسكاً.

يفسر تمام هذه الحالة بعدة أسباب، أهمها مركزية العمل الجماعي ووحدة التنظيم وقوة التأسيس الديني والفكري لهذه الفكرة، حيث دائماً ما يتم استدعاء تراث ديني كامل يحض على الوحدة وعدم الفرقة، وتراث أخواني خاص يأثم الخارجين عليها ويرى فيهم خبثاً أولى بالجماعة أن تطرده، كما أن الجماعة باتساع التيارات الفكرية داخلها وتأرجها بين السلفية المتشددة إلى الليبرالية المتدينة تضمن مرونة فكرية تمنع المنضوين تحتها من الخروج، ويبقى أن التنظيم القوي الصارم الذي يسيطر عليه تيار واحد لا يتعرض للخلخلة والاهتزاز جراء النزاعات الفكرية. والأخطر من هذا هو الطبيعة الشمولية للجماعة التي تستوعب حياة أفرادها ويجد الأخ فيها نفسها وقد غزته الجماعة، "فهو يعيش ويتعلم ويصادق ويتزوج ويجد فرصة للعمل وينشط سياسياً ودعوياً في فضاء إخواني كامل" وهو بهذا يرى العالم من ثقب الجماعة التي دائماً ما تصور باعتبارها حاملة المظلومية الإسلامية التاريخية وهو ما يستدعي التماسك والتلاحم وتهميش الخلافات، ويبقى أن أكثر ما كان يحافظ على تماسك الجماعة هو سياسات النظام الذي كان حريصاً على إبقاء الجماعة كما هي، من قبيل المحافظة على تضخيم الخصم، وعدم الترحيب بأي محاولة انشقاقية، على النحو الذي تعامل به نظام مبارك مع حزب الوسط، وكذلك من قبيل المحافظة على القيادات التنظيمية التي يمكن التعامل والتفاوض معها.

الإخوان والحركات الاحتجاجية

ألقى هذا الانقسام الذي تشهده الجماعة بين التيار الإصلاحي، تيار العمل العام، والتيار المحافظ، تيار التنظيم بظله على موقف الجماعة من الحركات الاحتجاجية التي شهدتها مصر على سوء الحالة الاقتصادية وانسداد أفق العملية السياسية وتصاعد هذه الحركات التي يصعب تتبع "المستوى السياسي" فيها عام 2008، مع الدعوة إلى إضرابات عامة وصلت إلى حد التمرد على سلطة الدولة كما حدث في المحلة الكبرى. انفجرت الحركات الاحتجاجية في مصر في الوقت الذي كيلت فيه ضربات للتيار الإصلاحي داخل الجماعة، وتزايد قبضة التنظيميين، وبينما كان يرى الإصلاحيون إمكانية التلاحم مع هذه الحركات وربما ركوبها لممارسة مزيد من الضغط على النظام الذي سد أفق الحراك السياسي، ربط المحافظون المشاركة بإصلاح سياسي أوسع كلياني تحقق من ورائه الجماعة مكاسب حقيقة، وهو ما لم تكن توفره الحركات الاحتجاجية، وبالتالي لم تستطع الجماعة الالتحام مع مطالب الشارع ورغم قوتها وحضورها لم تكن جزءاً من التيار العام، وربما كان مبعث هذا استعلاء إخواني على مطالب بسيطة لا تراها الجماعة مطالب سياسية حقيقية، وربما جعلت المسحة اليسارية التي صبغت الحركات الاحتجاجية الجماعة تعف الاقتراب منها نظرًا لخصومة أيديولوجية. الأخطر من هذا أن هذا الموقف السلبي للجماعة قد عكس افتقادها لرؤية ميكانزمات التغيير الجديدة في المجتمع المصري والتي لا تخضع لحساب القوى التقليدية بل تتجاوزها، كما أن الجماعة كانت جزءاً من تكوين مشروع الدولة المصرية والتي لم يلق تحولها الاقتصادي والاجتماعي نحو النيوليبرالية إلا الترحيب من الجماعة التي أفادت من هذه التحولات، ويضرب تمام هنا مثالاً في تأييد الإخوان لقانون الإيجارات الزراعية الجديد الذي أتى على البقية الباقية من إرث الإصلاح الزراعي الذي دشنه جمال عبد الناصر.

يقول تمام إن الإرث المحافظ للجماعة قد حدد وجهة تعاملها مع الحركات الاحتجاجية الجديدة والتي لم تكن ثورة يناير إلا تتويجاً لها، ولهذا بقيت الجماعة في البداية بمنأى عن المشهد، ولم تلحق بركاب الثورة إلا متأخراً. والحال أن الثورة قد جاءت والجماعة قد سيطر عليها تيار التنظيم وتوارى التيار الإصلاحي (بعد هزائمه في انتخابات مجلس شورى الجماعة وأعضاء مكتب الإرشاد أعوام 2008، 2009، 2010)، ونظراً لغياب الرؤية الصحيحة لدى قادتها فيما يتعلق بطبيعة الحركة الجديدة في الشارع، فسرعان ما اختارت قيادتها سبل التوافقق مع النظام الذي شاركها أيضاً في عدم فهمه لطبيعة الحركة التي تغيب عنها القيادة والتنظيم وتحكمها العفوية، ولم يكن هذا موقف الجماعة وحدها بل أيضاً بقية القوى السياسية التقليدية التي سارعت أيضاً بالتفاوض مع النظام. ومع فشل التفاوض وانتصار الميدان ومطلبه بإسقاط رأس النظام، لم تتعامل القيادة المحافظة للجماعة مع الواقع بمنطق الثورة الذي تعافه نظراً لطبيعتها المحافظة، بل أخذت تبحث للجماعة عن مكان في النظام الذي خالته جديداً ولم تسع لتغيير أي من قواعده، وبالتالي أصبحت الجماعة أقرب إلى خط السلطة كما يمثله المجلس العسكري الحاكم، وهو ما أوحى بشهر عسل طويل الأمد بين الطرفين في مواجهات قوى الثورة. ورغم وجود انشقاقات في الجماعة كان أبرزها الخروج التاريخي لعبد المنعم أبو الفتوح الوجه الإصلاحي الأبرز، غير أن الجماعة حافظت على تماسكها، بل أن هذا التماسك عززه الشعور بالمهداوية والاقتراب من التمكين بعد رحلة ثمانين عاماً من النضال، لم تسع الجماعة إلى أي تغيير في بنية تكوينها أو فكرها، والأحرى بنا القول أنها لم تكن في حاجة لهذا بعدما انتشت بدوى الانتصارات بداية من الاستفتاء الموصوف الآن بالمشؤوم ونهاية بمعركة الرئاسيات، وبقيت الجماعة ترسخ من بنيتها التي تحيلها إلى طائفة ممتدة الأذرع وموازية للدولة وإن كانت أقل منها.

يتناول تمام ظاهرتين عززتا من "طائفية الإخوان" الأولى هي الترييف، والثانية هي التسلف.

ترييف الإخوان

"جماعة الإخوان المسلمين جماعة مدينية حضرية، وظل الريف عصيّاً عليها" هذه المقولة نالها كثير من التغيير بعدما أصبحت الجماعة أسيرة للترييف أي زيادة نفوذ المكون الريفي بداخلها وترصد هذه الدراسة أثر هذا التمدد على الثقافة التنظيمية والبنية المؤسسة التي قامت عليها الحركة. وقد مثلت الهجرة الريفية إلى المدن المعين الخصب للجماعة من حيث التعبئة والتجنيد والتنظيم، وظل الريف يمثل حالة القيم الأصيلة المعبرة الهوية الحقيقية للمجتمع الذي سعت الجماعة إلى إصلاحه، وكان ظهور الجماعة سعياً نحو إصلاح الخلل بين الحداثة والتقليد، واعتمدت الجماعة في تكوينها الأصيل على طبقة وسطى مدينة في مواجهة النخبة الأرستقراطية المسيطرة على الحياة السياسية. وشهدت الستينات تعثر مشروع التحديث الناصري وهو ما أدى إلى الدخول في أزمات التنمية التي كانت تزايد الهجرة الريفية إلى الحضر أحد عناوينها، وهي الفترة نفسها التي شهدت التأسيس الثاني للجماعية واتجاهها نحو التركيز على التنظيم ومده، فاستقطبت الجماعة هؤلاء القادمين من الريف، ووفرت لهم ملاذاً في مواجهة واقع حضري يسبب لهم حالة من الاغتراب على أثر التحديث السريع، وفي هذا الصدد يرى تمام أن أهم ما بقي دافعاً للالتحاق بالجماعة هو جاذبية كونها تصلح كإطار اجتماعي حاضن للفرد وحماية لهم في عالم يشعر فيه بالغربة، ومن ثم تحولت التركيبة الداخلية للإخوان لصالح المنحدرين من أصول ريفية، فيما جرى استبعاد رمز السبعينات الذين قادوا مرحلة العمل العام ، وقد ظهر هذا الترييف في انتخابات مكتب الإرشاد الذي أعطى وزناً أكبر للمحافظات الريفية على حساب محافظات مدينية، وقد فعلت القيادة الإخوانية هذا والتي يعبر عنها تيار التنظيم استجابة لما جرى من ترييف ويصب في مصلحة هذا التيار الذي يغلب السمع والطاعة.

هذا الترييف له انعكاسات في ثقافة الجماعة، حيث سادت ثقافة ريفية تتوسل قيم الأبوية والإذعان التنظيمي والطاعة المطلقة وانتشار ثقافة الثواب والعقاب والتخويف وأيضاً التماثل والتشابه لدرجة التنميط بين الأفراد المنتمين للجماعة، وارتبط بهذا ظهور شللية أقرب إلى العصبيات التقليدية وتهميش للقواعد واللوائح التي بني عليها التنظيم لصالح مجتمعات النميمة، ولم يعد من المهم أن تجرى الانتخابات عى أسس وقواعد بقدر أن تكون هناك احترام للقيادة ووجوب للثقة فيها، كما أن هذا الترييف قد ارتبط في أحد جوانبه بتغليب المكون السلفي للجماعة، وقد ولى عنها عصر أفندية البنا.

الإخوان وصعود السلفية

شهدت مرحلة ما قبل الثورة اتجاهاً لدى الإخوان نحو النظر في قضايا فقهية لم تكن مطروحة من قبل ضمن أطروحة الجماعة، ظهرت هذه القضايا في وضع البرنامج الإصلاحي وهي متعلقة بولاية المرأة والذمي والرقابة الشرعية على التشريع، وغيرها، يقول تمام إن مناقشة هذه القضايا لم تكن إلا دلالة على اتجاه لاجماعة نحو التسلف، وهو ما يعبر عن تآكل الأطروحة الأصلية للإخوان التي وضعها البنا. ويوضح أن هذا التسلف بدأ على مراحل، فبعد أن كانت الجماعة سلفية بالمفهوم الذي يعتبر امتداداً للسلفية المستنيرة التي عبر عنها الإمام محمد عبده ورشيد رضا، وقد سيطرت على الجماعة في البداية نزعة صوفية واضحة تناسبت مع أهداف الدعوة والتربية ولمست الحس الديني الشعبي، بدأت أولى مراحل التسلف بتأثير السلفية الوهابية على القيادات التي هاجرت إلى الخليج والعربية السعودية عقب الضربات الناصرية (1954-1965)، ثم تلاقى تسلف قواعد الجماعة مع اختراق الوهابية للتدين المصري، واتجاه المجتمع نحوم مزيد من التسلف مع فتح باب الهجرة إثر سياسات الانفتاح الساداتية ثم عودة العوائل التي هاجرت وتأثرت بالوهابية إلى مصر، وقد التقت السلفية آنذاك مع الفكرة القطبية لتخرج عنها سلفية جهادية استباحت العمل المسلح ضد الدولة، فيما استوعبت الجماعة النزوع السلفي واستجابت له ليسود في الثمانينيات جيل من الإخوان السلفيين، وبقيت هذه السلفية كامنة تخضع لحركة مد وجزر فرضتها طبيعة السياق المصري ثم طبيعة الإخوان الباحثين عن هوية تميزهم عن غيرهم، ومع تزايد تدين المجتمع وزيادة الطلب على الدين تماهت القاعدة الإخوانية مع الأطروحة السلفية وصارت أكثر ميلا للمحافظة، وحرصت الجماعة عى أن تضم بين جنباتها الممتدة أعلام للحركة السلفية، وأضحت السلفية رافدًا أصيلا إن لم يكن مهيمناً على الجماعة، كما أصبحت مصادر الدعوة والتثقيف تأتي من رموز سلفية وإخوانية مزدوجة.

وكما انعكس التسلف في تمظهرات ثقافية ودعوية للجماعة، انعكس أيضاً في عملية الفرز والترتيب الداخلي أي تنظيم الجماعة، وقد هيمن تيار التنظيم عليها وهذا التيار تتقاطع معه حالة عالية من التسلف وبقايا الأطروحة القطبية ، ومن هنا جاءت محاصرة الأفكار التي روجت للتيار الإصلاحي الداعي إلى الماركة في العمل العام والالتحام مع بقية القوى السياسية . ويؤكد تمام أن أهم ما تعبر عنه حالة التسلف الإخواني هو أن المنظمومة الإخوانية قد انتقلت عبر نصف قرن من الإطار التوفيقي الجامع إلى الإطار السلفي المهتم بالنقاء العقائدي وما يفرضه من حجاج وصدام، وهو ما يعني أن الإخوان الذين كانوا على تعايش مع الإرث الثقافي والديني للمجتمع أصبحوا على وشك القطيعة مع إرثهم هذا. ومن هنا شهدت الأطروحة الإخوانية عبر ثمانية عقود الانتقال من استعادة الهوية الإسلامية كما عبر عنها البنا، إلى الحديث عن الحاكمية في مواجهة الدولة والمجتمع كما عبرت عنها المرحلة القطبية إلى التركيز على الدفاع عن الأخلاق العامة من داخل مؤسسات النظام حتى انتهت إلى أرثوذكسية سلفية مفارقة للثقافة والمجتمع. وفيما اتجهت قيادة الجماعة منذ إعادة تأسيسها إلى تقوية التنظيم ونشرها داخل طبقات وشرائح اجتماعية مختلفة، أهملت أي تأسيس أيدلوجي، ووجدت في الأطروحات السلفية متكئاً لها يعوضها عن هذا الفقر في الاجتهاد الفكري.

الإخوان والجهاد

نشأت الحركة وداخلها ميول عسكريتارية جسدتها فرق الجوالة، ثم النظام الخاص الذي رغم مشاركتها في الجهاد في فلسطين عام 1948 تحت أعين الدولة، غير أنه سرعان ما أصبح خطراً عليها أدى إلى حل الجماعة للمرة الأولى ثم اغتيال مرشدها بعد تورطه في أعمال عنف واغتيالات سياسية في الداخل. ولم يكن نظام يوليو يقبل وجود مركز شرعي داخل الدولة يمارس العنف، فكان استئصال الجماعة التي ظلت جينات العنف بداخلها، ولم تكن الأطروحة القطبية إلا تنشيطاً لها وهو ما أدى إلى الحملة الثانية التي قادها نظام يوليو في 1965، ورغم نفي قادة التنظيم للأطروحة القطبية في رسالة "دعاة لا قضاة" غير أنها لم تنجح في القضاء على الجينات العنفية داخل الجماعة التي ظلت كامنة، ومع حماس التغيير المسلح الذي قادته الجماعات الجهادية التي قبلت الأطروحة القطبية كليّاً والذي تجسد في اعتيال السادات 1981، ثم تفجر المواجهة العنفية بين الدولة وهذه الجماعات حتى منتصف التسعينيات، فإن الجماعة قد اختارت أن تحسم رفضها لخيار العنف وأن تشارك في العملية السياسية السلمية وكانت المشاركة في انتخابات 1984 بالتحالف مع الوفد الليبرالي تدشيناً لها، وأطلق قيادي الجماعة صالح أبو دقيق في تلك الآونة تصريحاً شهيراً مفاده أن "الجماعة قد طلقت العنف بالتلاتة"، لتنحصر تأثيرات القطبية والنظام الخاص في هيمنة عقلية "التنظيم" على الجماعة التي طرحت نفسها كبديل إسلامي معتدل ورافض للعنف في مقابل الجهاديين، دون أن يعني هذا الطلاق مراجعة شاملة لموقف الجماعة من العنف وقضية الجهاد.

تتقاطع قضية الجهاد مع النزعة الأممية للجماعة، فهي تؤيد جهاد العدو الغازي لأرض الإسلام، دون أن يعني هذا مشاركتها في هذا الجهاد إلا بالدعم الخطابي وربما اللوجيستي الذي لم يكن في تجربة أفغانستان مثلا بعيداً عن أعين الدولة، دون أن تتورط فيه بشكل مباشر على نحو قد يدفعها إلى التورط مع الدولة كما حدث في قضايا "العائدين من أفغانستان" والعائدين من البوسنة. ويبدو اتساع الجماعة للتنوع الأيديولوجي بداخلها قادراً على امتصاص أي نزعة عنفيه، كما أن تمددها داخل المجتمع أفقيّاً ورأسيّاً ووجودها في بعض مؤسسات الدولة، مع قوة التنظيم والتماسك بداخلها، قادر على تحقيق هدفها الأساسي وهو البقاء والاستمرار، ويرتبط الموقف النهائي للجماعة من قضية الجهاد مرتبطاً بتطورات البيئة السياسية المحيطة وما تمنحه من فرص وإكرهات وكذلك بالتركيبة الداخلية التي تنتمي على تنوعها إلى طبقة وسطى تتسم بالحذر.

ربما ساهم انفتاح الأفق ما بعد الثوري أمام الإخوان في تكريس حالة السلمية أكثر ونبذ العنف كاستمرار لخيار الجماعة وتماشياً مع طبيعة الثورة السلمية، غير أن تغلغل الإخوان داخل مؤسسات الدولة قد يحدث انتقالا في السؤال المطروح فالدولة الأمنية الممارسة للعنف لازالت قائمة، فهل ستكون أداة الإخوان في ممارستهم للعنف باسم شرعية الدولة؟ قد يبدو هذا التساؤل غريباً ولكنه جائز خاصة أن الثورة لم تفلح في تغيير طبيعة الدولة أو لم تمتد إلى هذه المؤسسات التي كانت ممارستها السبب الرئيس في اشتعال الثورة، وهذه المؤسسات تتسم بالطبيعة الصماء فهي تعمل لصاحب السلطة، وربما إن حدث هذا ستكون مفارقة تاريخية أن تستخدم هذه الأجهزة لصالح من كانت تمارس عليهم قمعيتها.

الإخوان والدولة

جاءت ولادة الجماعة عقب إلغاء الخلافة باعتبارها الجامعة الأممية الإسلامية، وكثيراً ما بشر البنا بأستاذية العالم، وأخذ ينشئ فروعاً إقليمية للجماعة، ثم إنها كانت جزءاً من الحركة الوطنية المصرية المحلية، وهو ما جعلها تقف على الحافة بين الأممية والوطنية الدولتية. ورغم دخولها في صراع مع الدولة المصرية الملكية، غير أن تحالفها مع الضباط كان بداية المؤشر لدخولها في علاقة مع الدولة المصرية، ثم إن هذا التحالف انتهى إلى صراع كاد أن يستأصلها، نجح فيه نظام يوليو أن يستولى على المشروعية الدينية ويقضى على معارضة الجماعة، وأن يدمج المشروعية الدينة داخل المشروع التحديثي في الوقت الذي اختفى فيه الإخوان من على الساحة. وفي المرحلة القطبية للجماعة، قدم سيد قطب أطروحة أيديولوجية تنزع الشرعية لا المشروعية فقط عن الدولة، وتصمها بالجاهلية، وتضع مشروعاً موازيّاً لمشروع التحديث، يستهدف إقامة المجتمع الإسلامي ودولته الإسلامية، وكونت هذه الأطروحة ركناً راديكالياً داخل الجماعة يظل كامناً. ومع إعادة التنظيم في عهد السادات، عادت الجماعة لتتكامل مع الدولة من باب سد الفراغ الذي أخذت تتركه بانسحابها مع تطبيق الانفتاح والخصخصة، أفاد الإخوان من هذه الأجواء، ودخلت استثماراتهم في المجالات التي نفضت الدولة يدها عنها، بل راحت تدعم النزعة الاستهلاكية التي أحدثها الانفتاح، وعاد من هاجر منهم إلى الخليج ليساهم في بناء الجماعة اقتصادياً، غير أن إصرار الدولة على عدم إعطائها الحق القانوني في الوجودي رغم السماح لها بالتواجد، تركز أكثر على الحفاظ على البقاء، ودفعها الجيل الجديد المتكون من المنتمين إلى جيل السبيعنيات المنفتح على تجربة العمل الطلابي إلى المشاركة السياسية التي وضعتها في مواجهة مع النظام، ورغم هذا الانغماس الوطني ظلت النزعة الأممية كامنة وإن أخذت منحى أيديولوجيا وربما خطابيا، وظهر على السطح التنظيم الدولي للإخوان الذي تم تأسيسه عام 1982، ويجزم تمام أن جزءاً كبيراً من الإخوان لازالوا يفكرون بمنطق الخلافة الإسلامية ويتجاوزون حدود مصر حينما يتعلق الأمر بالقضايا الإسلامية خاصة فلسطين، ويستدعي هنا الإحراج الذي وقعت فيه الجماعة أثناء حرب 2008 على قطاع غزة في قضية حزب الله في مصر التي انحاز فيها الإخوان إلى حماس وحزب الله دون مراعاة لحساسية الأمن القومي المصري، وهو ما جعلها عرضة للتشكيك في وطنيتها.

ومع ذلك تبقى الجماعة وريث غير شرعي لتيار الدولتية المصرية الذي تشرب من القومية الناصرية، التي كان لها أبعادها وجذورها الدينية غير الخفية والمتقاطعة مع الجماعة، والمقصود بهذا الإرث هو مركزية الدولة في الفكرة الإخوانية التي يضعها ضمن الأيديولوجيات التحديثية التي تتصور الدولة باعتبارها أداة التحديث الكبرى التي إن تمت السيطرة على مفاصلها والتحكم بها، يمكن السيطرة على المجتمع وتحديثه، وهو ما جعل أولييفيه روا يقول إن الإخوان والإسلام السياسي عموماً قد تخلوا عن مشروع الدولة الإسلامية مقابلة أسلمة الدولة القائمة عبر الاستيلاء عليها. هذه المركزية الدولتية تتضح في الحجم الذي يوليه الإخوان للدولة برنامجهم الإصلاحي (2007) في الوقت الذي يضمر فيه حديث البرنامج نفسه عن حقوق الفرد، بل ويغيب عنه الحديث عن العقد الاجتماعي، وهو ما يعني أن الإخوان قد استبطنوا في تحالفهم وصراعهم مع الدولة ونظمها ميراث الممارسة السياسية القائم على الإقصاء.

الإخوان والنموذج

هناك مفارقات كبيرة تقف عند استدعاء النموذج التركي كأطروحة فعالة يمكن أن يحتذي بها الإخوان في علاقتهم بالدولة والنظام قبل وبعد الثورة، في الدراسة الأخيرة في الكتاب يرصد تمام هذه المفارقات التي تتسع كثيراً إذا ما قيست بأوجه الشبه بين الحالتين المصرية والتركية والتي لا تعدو الطبيعة السكانية المسلمة السنة الغالبة، والتحالف المؤقت الذي حدث بين الحركة التحررية (الكمالية في تركيا، والناصرية في مصر) وبين القوى الدينية. فبعد كيل النظام الناصري الضربات للإخوان، ثم عودتهم إلى العمل العام في السبعينيات مع الانفتاح والتعددية، بدأ الإخوان في التركيز على بناء التنظيم بعيداً عن الدولة ومن خلال التغلغل في المجتمع وسد الفراغات التي خلفتها الدول، وهو ما جعلهم يكونون شرعية موازية لشرعية وجودها، في الوقت الذي نمت فيه الحركة الإسلامية التركية وتحديداً المللي جورش ثم أحزاب أربكان المتتالية من خلال التعددية السياسية التي أقامها النظام العلماني، وبالتالي كانت شرعية وجود الإسلاميين الأتراك مرتبطة بالدولة التركية التي تبدو أولوية تتجاوز أولوية بقاء الحركة ووجودها أو أولوية الأممية الإسلامية التي لا تزال كامنة عند الإخوان على النحو الذي تم تبيانه في الدراسة السابقة، وفي الوقت الذي أفاد فيه الإسلاميون الأتراك من حرية التواجد في المجال الاقتصادي وقد استطاعوا المساهمة في إخراج تركيا من أزماتها الطاحنة أولا ثم المساهمة في بناء قاعدة اقتصادية قوية لها طبيعة إنتاجية، راح المال الإخواني المستفيد من الانفتاح في تغذية النزعة الاستهلاكية للمجتمع دون مساهمة حقيقة في حل أزماته الاقتصادية.

رغم كل هذه المفارقات وغيرها، يبدو الإخوان أقرب إلى نموذج الحركة الإسلامية التي قادها نجم الدين أربكان قبل خروجه من السلطة عقب الانقلاب الهادئ في 1997، ومع ذلك تبقى تجربة العدالة والتنمية هي محور الحديث ومناط الاستلهام في مصر. يؤكد تمام على أن العدالة والتنمية جاء إلى السلطة كتعبير عن توافق مصلحي اجتماعي واقتصادي يتجاوز "إسلامية الحزب" الغائمة، فمصالح رجال الأعمال والنافرين من الكمالية المتطرفة والمتضررين من الأزمة الاقتصادية، وأصحاب التوجه الأوروبي قد تجمعت مصالحهم عند عتبة الحزب. هذا في الوقت الذي نجح الإخوان في الولوج إلى البرلمان 2000، و2005، على خلفية إصابة القوى السياسية بالشلل وهو ما أدى إلى التشكك وهو ما أودى إلى علاقة شك ضمني وفقدانهم لأرصدة اجتماعية وسياسية وحقوقية، وبينما نأى الحزب عن أي مواجهة مع الدولة التركية، ووضع نفسه دون أي شبهة إسلاموية مع الأحزاب المحافظة وسعى للتوافق مع الأساس العلماني للدول ومن ثم فصل تمامًا بين الدعوي والسياسي، لا تبدو الجماعة قادرة على المساهمة في إصلاح النظام السياسي المصري لفشلها في هذا، وقد نقل الحزب معاركه مع الدولة الكمالية إلى الدائرة الحقوقية المتجاوزة للصراع بين النزعتين الإسلامية والعلمانية، في الوقت الذي يستدعي فيه الإخوان هذا الصراع الاستقطابي في كل صدام مع الدول. لا تستخلص هذه الورقة أي نتائج متعلقة بمدى صلاحية نموذج نجاح الحركة الإسلامية في تركيا لواقع الحركة الإسلامية في مصر خاصة الإخوان غير أنها ترصد المفارقات الضخمة بين النموذجين، من ثم تؤكد ضمناً أن النموذج التركي أبعد ما يكون عن إمكانية تنفيذه على يد الجماعة.

aymaan noor
30-08-2012, 01:44 AM
أزمة اليمين في مصر: من مبارك إلى الإخوان
http://www.jadaliyya.com/content_images/3/ikkkkkkwan.jpg
عمرو عادلي
قد يكون من المبكر القطع بتوجه الإخوان الاقتصادي، وموقفهم النهائي من قضايا العدالة الاجتماعية والنمو والتوزيع ودور الدولة في الاقتصاد إذ أن البرلمان الذي حظيت فيه الجماعة بأكثرية نسبية كان قصير العمر كما أن الرئيس المنتخب محمد مرسي لم يقض أكثر من شهر فحسب في المنصب الجديد. بيد أنه بالإمكان الحديث عن الميول العامة والتصورات الحاضرة لدى جماعة الإخوان فيما يتعلق بالسياسات العامة الاقتصادية والاجتماعية من واقع برنامج حزب الحرية والعدالة التابع للجماعة ومشروع النهضة والبرنامج الانتخابي للرئيس مرسي. ولا شك فإن هذه الوثائق مضافاً إليها ما صدر من قرارات وقوانين ومشروعات قوانين عن البرلمان المنحل ومن الرئيس حديث الانتخاب تكشف لنا بشكل مبدئي ومبكر عن طبيعة الانحيازات الاجتماعية والسياسية التي تراهن عليها قيادات الإخوان في الوقت الحالي، كما تكشف عن التصورات الأولى للتحالف الاجتماعي المنتظر إنشاؤه في سنوات حكم الإخوان القادمة.

واستناداً لما سبق فإن التصورات الإخوانية الاقتصادية والاجتماعية تبدو محافظة بمعنى عدم قيامها على تغييرات جذرية لا في علاقات الملكية (غلبة القطاع الخاص ومد دوره الإنتاجي والتوزيعي) ولا في علاقة الدولة بالسوق ولا كذلك في علاقة مصر بالاقتصاد العالمي ممثلاً في التجارة وانتقالات رؤوس الأموال والالتزام بمشروطية المؤسسات المالية العالمية كالصندوق والبنك الدوليين وهيئة المعونة الأمريكية. وقد عبر خطاب القيادات الإخوانية عن رغبة في استمرار السياسات الاقتصادية على ما كانت عليه قبل الثورة مع التشديد على مكافحة الفساد والمحسوبية، وهو ما يعني استمرار الخط النيوليبرالي العام الذي سلكته الحكومات المصرية المتعاقبة منذ تبني برنامج الإصلاح الهيكلي في مطلع التسعينيات. ويطرح المقال تساؤلاً استشرافياً حول إمكانية إبقاء النخبة الإخوانية الجديدة على نموذج النمو النيوليبرالي ما بعد الثورة. وما هي العوائق التي قد تحول دون هذا الاستمرار مع انفتاح المجال السياسي، وانهيار النظام القمعي، والتمكين الانتخابي لشرائح عريضة من المصريين حديثي التسيس في خضم إلحاح القضايا الاجتماعية والاقتصادية؟

خيار الإخوان: النيوليبرالية كخيار عملي لا أيديولوجي

يحلو لبعض المحللين والمتابعين لمواقف الإخوان الاقتصادية القول بأن للجماعة مواقف تميل لليمين الاقتصادي المحافظ بمعنى الانحياز للمستثمرين ورجال الأعمال، وخاصة رأس المال الكبير والأجنبي، ومساواة التنمية الاقتصادية بمعدلات نمو مرتفعة دون النظر بشكل جدي لآليات التوزيع بجانب عدم النظر بعين العطف على مطالب الحريات النقابية وحقوق العمال. وكلها ملامح تشي بأن للإخوان أيديولوجية رأسمالية على غرار الحزب الجمهوري الأمريكي على حد قول زينب أبو المجد. وقد أرجع البعض هذا التوجه لطبيعة الجماعة المحافظة، والتي لا تتبنى تصورا واضحا عن حقوق المهمشين الاقتصادية والاجتماعية بقدر ما تملك برنامجاً هوياتياً يخص علاقة الإسلام بالمجال العام والدولة. وأبرز هؤلاء المحللون دور رجال الأعمال داخل جماعة الإخوان المسلمين، وخصوا بالذكر أناساً كخيرت الشاطر وحسن مالك باعتبارهما من رجال رأس المال الكبار الذين كونوا ثروات طائلة من خلال الانخراط في أنشطة التجارة والاستيراد من ناحية، والدخول في شراكة مع رؤوس الأموال الأجنبية وخاصة الخليجية من ناحية أخرى مما يخلق لهم مصالح خاصة لاستمرار ذات التحولات النيوليبرالية بل وزيادة اندماج الاقتصاد المصري في تقسيم العمل الدولي. وإذا مدت هذه التحليلات على استقامتها يصبح الإخوان في واقع الحال ورثة مشروع جمال مبارك مع كونهم أكثر قدرة منه على إنجاز المشروع بحكم تمتعهم بتنظيم حزبي قوي يضمن لهم الأغلبية الشرعية عبر الانتخاب واستنادهم للشرعية السياسية/الدينية.

فهل الإخوان تنظيم يميني محافظ بالمعنى الاقتصادي والاجتماعي؟ هل هم النسخة المصرية من حزب المحافظين البريطاني أو الحزب الجمهوري الأمريكي؟ في تصوري أن الإجابة هي بالنفي. فمحافظة الإخوان المسلمين ليست أيديولوجية بقدر ما هي نابعة من حسابات عملية تتعلق بالأساس بمصالح الجماعة وبطبيعة المرحلة من حيث انتقال السلطة والصراعات المرتبطة بها منذ سقوط مبارك.

أولها تتعلق بوضع مصر كدولة ذات غالبية فقيرة في العالم النامي. فما من إمكانية لظهور حزب لرجال الأعمال يتبنى الأيديولوجية النيوليبرالية صراحة قولاً وعملاً ويحظى بأغلبية شعبية. فالأحزاب المحافظة بالمعنى الاقتصادي تقوم على تفكيك مؤسسات دولة الرفاه – وهو ما يغيب أصلاً عن الحالة المصرية وعن أغلب الدول النامية-. وتعتمد في هذا على تأييد واسع من الطبقات الوسطى –والتي لا تشكل الأغلبية إلا في بلدان الشمال الرأسمالية- في مقابل الطبقات العاملة. وفي هذه المجتمعات تحظى أيديولوجية السوق الحر بكثير من المصداقية باعتبارها أفضل سبل تخصيص الموارد الاقتصادية بكفاءة، وباعتبار أن الحرية الاقتصادية شرط أساسي للحرية السياسية.

ومثل هذه التصورات لا سبيل لقبولها شعبياً في بلد غالبية سكانه من الفقراء في الريف والمدن من ناحية، ويرتبط تقليدياً برباط أبوي مع حكامه من ناحية أخرى قوامه اضطلاع الدولة بتوفير سلع وخدمات أساسية تفي بالإعاشة (من عينة الخبز والزيت والكيروسين والسولار) من ناحية أخرى. ويضاف إلى هذا أن حزب الإخوان المسلمين قد وصل للسلطة في أعقاب انهيار نظام مستبد طبق سياسات نيوليبرالية على استحياء لعدة سنوات (2004-2008)، ومع محدودية الإصلاحات هذه فقد أدت إلى تفجير موجة عاتية من الاحتجاجات الجماهيرية التي انتهت بالإطاحة به، ولا تزال الاضرابات والاعتصامات والتظاهرات العمالية مشتعلة في ظل انهيار الدولة الأمنية على نحو يضع قيودا سياسية جمة على تصور نيوليبرالي واسع، وإلا عد من باب الانتحار السياسي لتنظيم يعتمد على نتائج الانتخابات في المقام الأول لتأمين موقعه في السلطة.

مأزق التبرير السياسي للنيوليبرالية

ليس بوسع حزب يسعى للهيمنة على المجال السياسي الجديد في مصر أن يعلن صراحة عن اتباعه أيديولوجية اقتصادية محافظة أو نيوليبرالية. وإنما سيتم دوما تبرير استمرار الإجراءات والسياسات النيوليبرالية ليس بذاتها وإنما بأثرها على الخير العام أي الحديث عن ضرورة استمرار عمل القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية بما يحقق معدلات للنمو وخلق فرص عمل ومن ثم تحسين مستويات المعيشة ورفع الدخول للغالبية من المصريين خاصة الطبقات الوسطى التقليدية في الريف والمدن، والتي لا تزال تملك خيالاً ناصرياً للغاية للعدالة الاجتماعية من حيث ملكية الدولة لوسائل الإنتاج (القطاع العام)، والتزام الدولة بتقديم خدمات عامة مجانية من قبيل العلاج والتعليم مع وضع حد أقصى وأدنى للأجور وهلم جرا.

ومن هنا فإن حزب الأغلبية الإخواني ببرلمانه المنحل ورئيسه المنتخب قد ورث في حقيقة الحال الحزب الوطني لا بشبكاته وفساده ومحاسيبه، ولا بتفككه وترهله واعتماده الكلي على الأجهزة الأمنية، وإنما بأزمته في إنتاج خطاب يبرر التحول الرأسمالي، وبالتالي تفكيك مكتسبات الطبقات الوسطى والعمالية من العهد الناصري، دون أن يفقده هيمنته السياسية. وهذه المفارقة الرئيسية هي التي قد تفسر كم التناقضات التي يحويها الموقف الإخواني المبدئي من مسائل الاقتصاد والعدالة الاجتماعية. والتي تتجلى في برنامجه الحزبي وفي مشروع النهضة وفي العمل البرلماني الإخواني. وهي تناقضات لا تشبه سوى مواقف الحزب الوطني في جمعها لمكونات متضاربة للسياسات والقرارات تتأرجح من الالتزام بالتحرير الاقتصادي والخصخصة وحفز دور القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية وغيرها من ملامح الأحزاب اليمينية إلى بذل الوعود ووضع البرامج وتخصيص الموارد فعلياً لبرامج وسياسات توزيعية تقترب كثيرا من تصورات دولة الرفاه الخاصة بيسار الوسط مما يزيد من نطاق التناقضات الحاكمة للسياسات العامة.

2.1-الوعود التوزيعية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية

بجانب تأكيد البرامج الإخوانية المختلفة على اقتصاد السوق الحر، وعلى استمرار العمل في إطار القطاع الخاص، وتبني نموذج تنموي يعلي من قيم النمو من خلال التصدير وجذب استثمارات أجنبية فإن ثمة ملامح توزيعية واضحة في البرامج نفسها تتمثل في التزامات على الدولة في مواجهة شرائح اجتماعية متعددة. فعلى سبيل المثال نجد في برنامج حزب الإخوان حديثاً عن إنشاء صندوق قومي لمنح إعانة بطالة للمتعطلين وتيسير إجراءات الحصول عليها، وذلك عن طريق تشريع قانون. وهو ملمح يدل وضعه في برنامج الحزب عن وعود توزيعية لفئة عريضة من الشباب العاطل الذي تصل نسبته لقوة العمل إلى ما بين 10 و20%. وبغض النظر عن جدية الطرح من عدمه –خاصة وأنه لم تتم مناقشة أي قانون بهذا الخصوص بعد- فإن ذكر الحزب لهذا الأمر في برنامجه يعني استهدافه لشرائح من الطبقات الوسطى والوسطى الدنيا خاصة في المدن بترتيبات تقترب به كثيراً من أطروحات أحزاب اليسار ويسار الوسط، وهو ما يعني أن قيادات الإخوان المسلمين لا تتبنى تصوراً نيوليبرالياً أو يمينياً محافظاً متسقاً من الاقتصاد ودور الدولة فيه ولا فيه قصر المواطنة على الحقوق السياسية دون الاقتصادية والاجتماعية.

وينطبق الأمر ذاته على بند "تحسين أوضاع العمال والفلاحين" من حيث التعهد بوضع حد أدنى للأجر يضمن حياة كريمة للأسرة المصرية مع "إقرار زيادة سنوية تكفي لمواجهة التضخم". وهو إجراء تماماً كإعانة البطالة لم تقره أي حكومة يوماً في تاريخ البلاد الحديث –بما في ذلك في العصر الناصري-. وهو إجراء يدفع بالحزب، على مستوى البرنامج على الأقل، إلى حكومة أحزاب يسار الوسط التي تراهن على الطبقة الوسطى من العاملين بأجر في القطاع الرسمي، والذين من المنتظر أن يستفيدوا من وضع حد أدنى للأجور علاوة على موظفي الحكومة. وينسحب الأمر نفسه على رفع الحد الأدنى للمعاشات وإقرار زيادات سنوية تكفي لمواجهة ارتفاع الأسعار. ويذهب البرنامج إلى الحديث عن توسيع مظلة التأمينات لتشمل كل المصريين، وهو اتجاه يتمشى مع وضع حد أدنى للأجور وربطه بالتضخم. وكلها ملامح لحزب عمالي وليست لحزب لرجال الأعمال. وهو ما صدر به قرار جمهوري بالفعل رفع المعاشات لكل من العاملين المدنيين والعسكريين بالدولة.

وتتكامل تصورات الرفاه هذه في جانب من برنامج حزب الحرية والعدالة بالتأكيد على "كفالة الدولة للتأمين الصحي كاملاً ودون أدنى أعباء" و"مد مظلة التأمين الطبي لتغطي كافة طبقات الشعب وفيها يدفع الفرد مايستطيع ويحصل على مايحتاج" .وهو بالطبع طرح طموح للغاية، وإن كان ينقصه جدول زمني وبرنامج وخطة يقتضي تطبيقها سنوات طويلة. ويقر البرنامج تصوراً للرعاية الصحية يقوم على زيادة المخصصات المالية للصحة بشكل تدريجي حتى تصل للمعدلات العالمية، وزيادة دخول الفرق الطبية.والمثير للانتباه أن التزام حزب الجماعة بالتأمين الصحي الشامل لم يقف عند ذكره في البرنامج فحسب بل امتد إلى أعمال مجلسي الشعب والشورى كذلك. فنجد أن رئيس لجنة الصحة بمجلس الشورى د. عبد الغفار صالحين النائب السابق عن حزب الحرية والعدالة يصرح بأن "جميع المصريين تحت مظلة التأمين الصحي خلال خمس سنوات فقط". ونجده وقد أفاض بالقول أن الحزب يسعى لوضع "نظام متكامل ما بين 4 إلى 8 سنوات"، وأنه يسعى لتوسيع العلاج على نفقة الدولة ليشتمل على أمراض أخرى بعد قصره على أربعة أمراض فقط. . .ويتعهد كذلك بحل "أزمة الريف الصحية" من خلال إعادة توزيع الموارد المادية والبشرية. ويخلص د.عبد الغفار إلى القول بـ""طبعا تحتاج {الخطة} إلى ميزانية كبيرة، ولكننا لسنا أقل من الدول الإفريقية الأضعف منا اقتصادياً ومواردها أقل...فسنعمل على إعادة توزيع ميزانية الصحة والتعليم، التي هي عصب نهضة الأمم ولا يمكن أن يستمر نفس التوزيع الذي يعظم من ميزانية الأمن على حساب الصحة والتعليم".

ونلمس الاضطراب ذاته في تصورات العلاقة الرابطة بين الدولة ودورها التدخلي في الاقتصاد ونظام السوق الحر فثمة ذكر واضح لدور الدولة في مواجهة الغلاء والقضاء على الفقر والبطالة وتقديم الخدمات العامة الأساسية من مرافق وتعليم ورعاية صحية ونقل ومواصلات. ويتناول البرنامج كذلك بالحديث مطولاً عن دور الدولة التنظيمي في ضبط علاقات السوق من خلال تفعيل قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار. وهو ما تمت مناقشته بالفعل في البرلمان والدفع باتجاهه بتخفيض الغرامات المفروضة على المبلغ عن الممارسة الاحتكارية، بل ويذهب البرنامج إلى الحديث عن "المراقبة الصارمة للأسواق لتحديد مدى الالتزام بالحدود المتفق عليها للسعر" وهو ما يوحي بفرض الدولة لنوع ما من التسعير الجبري، ربما للسلع والخدمات الأساسية.

2.2-الاقتصاد القومي في مواجهة الاقتصاد الرأسمالي

وأما الملمح الثاني للتناقض فيتمثل في تقديم تبريرات قومية لعمل الاقتصاد الرأسمالي. فالقطاع الخاص سواء أكان وطنياً أو أجنبياً لا يبرر على أرضية كفاءة استخدام الموارد أو تفوق نموذج السوق على ما عداه ولا يبرر بالطبع من زاوية حقوق الملكية الراسخة –لغياب مثل هذا التقليد في البلدان غير الرأسمالية بما فيها مصر-، وإنما يبرره العائد الذي يمكن أن يحققه من خلال رفع الدخول وتوليد فرص العمل وتحسين القدرة على الاستهلاك للغالبية من السكان، وخاصة الطبقات المتوسطة في المدن. وعمل الاقتصاد الخاص في إطار أهداف عامة يحمل منطقين متضاربين تمام التضارب بين إطلاق آليات السوق بمقتضى العولمة المتجاوزة للدولة القومية، وبين منطق إخضاع الاقتصاد للأهداف القومية التي تضعها الدولة. ومن هنا تبرز المشكلات فيما يتعلق بالمسلمات الخاصة باستمرار العلاقة بين مصر والعالم وباستمرار الإطار الرأسمالي ودور الدولة كما هو.

وللقارئ المدقق فإن برنامج الحزب ومشروع النهضة يتأرجحان بين مدخلين متضاربين لإدارة الاقتصاد الأول منهما قومي تدخلي "ناصري الهوى" يرى أن وحدة التفاعل الاقتصادي هو "الدولة". ويرى أن تخصيص الموارد يجب أن يخضع لأهداف تضعها الدولة سواء أكانت قومية "كالاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية كالقمح والسكر والزيت واللحوم والقطن" كما يرد في برنامج الحزب، والذي يذهب إلى "ترشيد سياسة الخصخصة وضبطها وفق سياسة واضحة، وخصوصاً بالنسبة للصناعات الإستراتيجية" في تجل واضح للإعلاء من منطق الاقتصاد القومي على اقتصاد السوق. ويتجلى ملمح ناصري آخر بالحديث عن "تشجيع الإنتاج المحلي وترشيد عمليات الاستيراد". وهو تصور يقترب من البرامج السابقة على الانفتاح الاقتصادي في السبعينيات، والتي كانت تعلي من شأن التنمية في مصر بالاعتماد على السوق المحلية ومن خلال التصنيع الذي يحل محل الواردات بديلا عن الاندماج في الاقتصاد العالمي. وحتى لو لم تترجم هذه الأهداف إلى برامج أو سياسات على أرض الواقع بحكم الالتزام الفعلي بآليات السوق وانفتاح الاقتصاد المصري على العالم إلا أن حضورها على مستوى الخطاب دليل وحده على قدر من الازدواجية من حيث الحاجة لسوق تبريرات تتناسب وتصورات قواعدهم المستهدفة.

ويحضرنا هنا بالطبع القول بأن ترتيبات الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية والحدود الدنيا والقصوى للدخل هي أقرب لترتيبات الدولة الأبوية منها إلى دولة الرفاه، حيث إن التصور الأساسي هو قيام الدولة بتوفير هذه الخدمات دون الحاجة لإطلاق حرية تمثيل المصالح الاجتماعية المختلفة في صورة نقابات واتحادات وجمعيات كما هو الحال في دولة الرفاه، والتي تتداخل فيها الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية جميعا باعتبارها مؤسسة للمواطنة. بيد أن حضور مثل هذه التعهدات في البرنامج وفي الخطاب وفي العمل البرلماني الإخواني دليل كاف كذلك على طبيعة ما يتوقعه جزء من القواعد التي صوتت للحرية والعدالة. وهو كما سبق الذكر مخيال ناصري عن العدالة الاجتماعية لم يتغير كثيرا رغم الاضمحلال الشديد الذي أصاب ترتيبات الناصرية منذ هزيمة 1967، وما تلاها من تغيرات كبيرة في السياسات العامة الداخلية وكذا الخارجية. وبما إن الجزء الأكبر من الطبقات الوسطى ذات الحظ من التعليم والتأهيل لم تكسب كثيرا من اندماج مصر في الاقتصاد العالمي منذ الانفتاح في السبعينيات ومروراً بتبني التحول الهيكلي في مطلع التسعينيات ثم إصلاحات نظيف النيوليبرالية منذ 2004. ومع تدهور نصيب هذه الطبقات من الدخل القومي، وتراجع مع تحصل عليه فعلياً من خدمات الدولة العامة من صحة وتعليم ومواصلات أخذت قواعد النظام المستبد للسادات ثم لمبارك في التآكل رويداً رويداً حتى أفضت لمشاهد انتخابية بالغة الدلالة على عزلة النظام المتصاعدة منذ 2000 ومرورا بـ2005 وختاما بـ2010 التي أفضت لانتفاضة يناير 2011.

3-أين تكمن جذور الإشكال؟ الأبوية في مواجهة النيوليبرالية

كانت رؤية السادات ومن بعده مبارك من وراء التحرير الاقتصادي والخصخصة والسماح بحرية حركة رأس المال هو زيادة الموارد المتاحة للنظام نتاجاً لأزمته المالية المستحكمة منذ منتصف السبعينيات. فإذا نظرنا لعهد مبارك (1981-2011) وجدنا أن التصور الغالب على النظام الحاكم كان إتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء اقتصاد سوق تنافسي قادر على توليد نمو اقتصادي مرتفع وخلق فرص عمل بما يعود على قواعد اجتماعية بالنفع تعوض النظام ما خسره من شرعية مع تردي القواعد الموروثة من العهد الناصري. بيد أن نظام مبارك وبعد عقدين من التحول الاقتصادي عجز عن التسويق لشرعيته على أسس غير ناصرية إذ ظل الأصل هو الحفاظ على ما تبقى من الدولة الأبوية ولو كان اسمياً بتعليم ورعاية صحية ومواصلات مجانية وفاتورة دعم للسلع الأساسية تنوء بها خزانة الدولة. وبرز هذا التناقض الشديد في سياسات حكومة نظيف نفسها (2004-2011)، والتي تعد ضمن الأكثر نيوليبرالية في مجالات كالخصخصة وتحرير التجارة واجتذاب رؤوس الأموال، ومع ذلك فإنها سجلت معدلات مرتفعة للعجز في الموازنة وفي نسبة الدين العام للناتج المحلي. وهي مؤشرات تدل على تضخم فاتورة الإنفاق العام باستمرار نتيجة لزيادة الدعم والأجور في محاولة لاحتواء الاحتجاج الاجتماعي الذي انتشر منذ 2005.

فلم فشل مبارك ومن قبله السادات في استخدام اقتصاد حر لدعم الشرعية الأبوية للدولة؟ تكمن الإجابة باختصار في عجز النظام عن إنشاء مؤسسات قادرة على إقامة نظام اقتصاد سوق حر تنافسي. وذلك لأن إنشاء مثل هذه المؤسسات كان يصطدم في مجمله وفي كثير من جوانبه مع ديناميات عمل النظام السياسي وشبكاته القائمة على المحسوبية والنفوذ والعلاقات غير الرسمية والباب الخلفي المفتوح بين السلطة والثروة. فانتهى التحول الاقتصادي في مصر إلى إنتاج نمط من رأسمالية المحاسيب المشوبة بالفساد وعدم المنافسة، والتي عجزت عن خرق ذات النمط السائد من الاعتماد على بيع المواد الخام وتقاسم الريع على أساس الولاءات السياسية. ولم تسهم هذه الصيغة في توليد معدلات نمو حقيقية تشترك فيها قواعد واسعة من السكان. ومن ناحية أخرى فشل النظام السابق في تطوير قواعده الضريبية بحيث ترتبط موارد الدولة بالاقتصاد النامي. ويرجع الفشل الضريبي هذا لظروف سياسية قبل أن تكون إدارية أو فنية مفادها عجز النظام -في ظل غياب أي ظهير شعبي حقيقي له- عن تحصيل الضرائب من الشرائح ذات الثراء النسبي، والتي كانت لتواجه هذه المحاولات بمقاومة ناجعة كونها الفئات الأكثر تعليما وقدرة على التنظيم في مواجهة الدولة. والضرائب كما يعرف الكثيرون تعتمد على تحالف اجتماعي لفئات مستفيدة من عائدها وفي الوقت نفسه قادرة على تأييد سياسات الدولة في تحصيل الضرائب من الأغنياء. وهو بالطبع ما كان غائبا في ظل انسداد شرايين الحياة السياسية وعجز الحزب الوطني عن أداء وظائف كونه حزبا سياسيا تعبويا كما كان مخططا لأسلافه في العهد الناصري. وكانت الخلاصة هي العجز عن صيانة أصول الدولة الأبوية، ومن ثم انحلال عرى التحالف الاجتماعي الذي نشأ في نهاية الخمسينيات كأساس للدولة الحديثة في مصر.

ومن ثم يمكن القول إن التحدي الذي فشل فيه نظام مبارك كان كيفية إطلاق آليات السوق الحر من ناحية، واستخدام عوائدها من أجل صيانة شرعية سياسية ذات طابع توزيعي أبوي من ناحية أخرى. ولا أرى أن هذا التناقض كان منحصرا في نظام مبارك بحكم كونه نظاماً مستبداً بقدر ما إنه تناقض يطال اليمين ويمين الوسط في البلدان النامية ذات الميراث الأبوي مثل مصر. ولا أعتقد أن إطلاق الحريات السياسية سيخفف من هذه التناقضات بل سيذكيها ويزيدها حدة لأن الضغوط التي ستضعها المنافسة السياسية عبر الانتخابات على صانعي القرار ستكون شديدة الوطأة، وإذا أضفنا إليها إطلاق الحريات الاحتجاجية في الإضراب والاعتصام والتظاهر وغيرها فإن وضع متقلدي السلطة يكون أشد سوءاً من عهد مبارك. ولنا في الحالة التركية أسوة. فبعد الإصلاحات النيوليبرالية التي اتخذها النظام العسكري المستبد في مطلع الثمانينيات (1980-1983) مع تعليق الآليات الديمقراطية، وفي ظل تصاعد للقمع السياسي، أعيدت الانتخابات الحرة في 1983 بصورة جزئية وفي 1987 بصورة كاملة. ومع عودة الانتخابات بدأت حكومة تورجوت أوزال المنتخبة في الحياد عن خط السياسات النيوليبرالية في شقها المالي فاتسع العجز في الموازنة وزاد الإنفاق الحكومي وارتفاع الدين العام. وكان ذلك كله لحاجة أوزال لإرضاء الجمهور الواسع خاصة في المدن من الشرائح الوسطى من خلال برامج دعم للإسكان وزيادات في الأجور والمعاشات للعاملين في الدولة. وكانت إستراتيجية أوزال بسيطة وهي الإقبال على مزيد من التحرير الاقتصادي لزيادة الصادرات وجذب رؤوس الأموال الأجنبية وتوليد نمو مرتفع يولد موارد كفيلة لصيانة شبكات التوزيع لأن مصدر الشرعية لدى الغالبية من الأتراك ظل أبوياً استناداً للميراث الكمالي منذ الثلاثينيات. وحالة الهند في التسعينيات لا تختلف كثيراً كذلك في ظل حكم حزب المؤتمر.

وفي ظل غياب أي بديل قمعي واقعي في المدى المتوسط بمصر فإن النخبة الإخوانية الجديدة ستجد نفسها مضطرة للجمع بين نقيضي السياسات الشعبوية الاقتصادية القائمة على التوزيع لصالح الفئات المتضررة من التحرير الاقتصادي من ناحية، مع الإبقاء على الأطر لاقتصاد سوق حر من ناحية أخرى أي وضعية شبيهة بتركيا في الثمانينيات والتسعينيات. ولكن قدرة الإخوان على إدارة هذا التناقض دون خسائر سياسية واقتصادية باهظة، خاصة في ظل تفجر الوضع الاجتماعي في السنوات القليلة الماضية سترتهن بإيجاد علاج ما لأزمة مالية الدولة بحيث تستطيع دولة الإخوان الجديدة من الوفاء بتعهدات صيانة أبوية الدولة دون مزيد من الانهيارات الاجتماعية في صورة إضرابات واعتصامات وتظاهرات كما كان الحال في السنوات الخمس الأخيرة. خاصة وأن ثمة مؤشرات تفيد بأن وتيرة الإضرابات والاعتصامات العمالية قد تضاعفت بعد الثورة في ظل غياب القمع الأمني. وعلى الرغم من أن الأنشطة الاحتجاجية العمالية تفتقر لأي تنظيم نقابي مستقل وكبير قادر على تطوير سياسات عامة أو الضغط على صانع القرار لتبني اتجاه ما فإن استمرارها على هذا النحو المتسارع يعيق مجهودات التعافي الاقتصادي واجتذاب الاستثمارات المحلية والأجنبية كما تمثل ضغطاً شديداً على الخزانة العامة، وهو ما ظهر بالفعل في القرارات الجمهورية الأخيرة التي اتخذها الدكتور مرسي بزيادة المعاشات ورفع البدلات والحوافز علاوة على الاستجابة لغالب مطالب العمال المعتصمين بما يعنيه هذا من زيادة الأعباء على مالية الدولة.

ولكن علاج أزمة ماليات الدولة مسألة ثورية في حد ذاتها من حيث أبعادها الاجتماعية، وتنطوي على إتخاذ تحيزات اجتماعية واضحة لفئات اجتماعية في مواجهة فئات أخرى. وهو ما يبدو أن الإخوان يتجنبونه في التوقيت الحالي حتى لا يوسعوا من نطاق صراعاتهم السياسية من ناحية، ولغياب أية رؤية واضحة عن الإخوان كحزب أغلبية وليس كجماعة فحسب من ناحية أخرى. فما يبدو واضحاً من تحركات القيادات الإخوانية أن الأولوية معطاة للتوصل لاتفاق ما مع العسكر والمصالح القديمة المرتبطة بهم يصوغ الملامح الرئيسية لنظام ما بعد مبارك فيما تغيب رؤية متكاملة عن إدارة الأزمة الاجتماعية في مصر، والتي كانت هي المصدر الرئيسي للحركة الاحتجاجية العارمة التي قضت على نظام مبارك الأمني، وفتحت المجال السياسي في المقام الأول. ولعل في استمرار الحراك الاحتجاجي ما يتناقض بالكامل مع الخيارات القليلة المتاحة للقيادات الإخوانية لإحداث تغييرات اجتماعية واقتصادية في ضوء التزامهم باتفاقات وتعهدات مع العسكر والمصالح القديمة للأجهزة الأمنية والأوليجاركية الاقتصادية، وهو ما ظهر في تسريبات الدستور وفي تشكيل الحكومة الجديدة وتوزيع الحقائب الوزارية بها. والغالب أن النظام السياسي الجديد الجاري تخليقه ستسند إليه مهمة التوفيق بين المصالح القديمة والجديدة، وسيكون غير قادر على الاستجابة للضغوط الاجتماعية التي لا تزال تتعاظم عليه وإن ظلت غير منظمة، وغير مسيسة بعد، وخاضعة للمنطق الأبوي حتى الآن. بيد أنه ما من ضامن أن المجال السياسي الذي انفتح، ولن يكون بمقدور أحد غلقه بسهولة أو مصادرته لصالح القمع الأمني مرة أخرى إلا بتكلفة باخظة- ما من ضامن أن هذا المجال لن يشهد طرحاً للقضايا الاقتصادية والاجتماعية في المستقبل. وقد يكون هذا الطرح شعبوياً على اليمين أو على اليسار، وهو ما تجلى بالفعل في صعود حازم صلاح أبو إسماعيل قبيل استبعاده من الانتخابات الرئاسية، ثم النتائج المبهرة التي حققها حمدين صباحي في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية. والأول ممثل للشعبوية اليمينية فيما الآخر لتلك اليسارية. وبالتالي فإن صياغة نظام سياسي معزول عن إدارة المطالب الاقتصادية والاجتماعية هو بناء قلاع من رمال في متناول موج البحر.

aymaan noor
30-08-2012, 02:39 PM
لا لقرض الصندوق... لا للاستدانة باسم الشعب
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/Dyoun.jpg
فتح عينك ...الدين من جيبك

تزور بعثة صندوق النقد الدولي حالياً مصر لإعادة التفاوض حول قرض جديد تنوي الحكومة الجديدة الحصول عليه. كانت حكومة الجنزوري قد شرعت في التفاوض على قرض قيمته 3،2 مليار دولار. وقد شاركت الحملة المصرية البرلمان وعدد من الحركات السياسية في المطالبة بوقف التفاوض مع الحكومة غير المنتخبة. اما اليوم فقد جاءت البعثة لتعيد فتح التفاوض ولكن على قرض اكبر تبلغ قيمته 4،8 مليار دولار.

ورغم أن الحكومة جاءت بعد تولي البلاد رئيس منتخب الا أن الحملة تجدد رفضها الاقتراض من صندوق النقد الدولي للأسباب التالية:

1- لا توجد أي معلومات عن مدى احتياج الاقتصاد المصري لهذا الحجم الهائل من الدولارات. ولم تناقش أي البدائل أفضل للحصول عليها. خاصة وأن الحكومة حصلت في العام الماضي على قروض خارجية تبلغ حوالي 6 مليار دولار، وذلك دون المرور بالقنوات الديمقراطية من مناقشته والتصديق على شروطه من خلال برلمان منتخب. ( كما اقترضت الحكومات المعينة من قبل العسكر من البنوك المصرية ايضا ارقاما قياسية لم يعرف فيم انفقت).

وفي هذا الاطار تحذر الحملة الشعبية لاسقاط ديون مصر أن تلك الديون الخارجية ينطبق عليها وصف “ديون الاستبداد” وتقع من ثم في دائرة الديون الكريهة التي ينبغي على مصر وقف سدادها.

2- أعلن أعضاء من حزب الحرية والعدالة أن برنامج الاجراءات الاقتصادية التي ستلتزم الحكومة باتخاذها أمام الصندوق سيكون مختلفاً عن البرنامج الذي قدمه اخر رئيس حكومة عينها المجلس العسكري. وتتحفظ الحملة على مايلي:

اولاً: يتناقض هذا مع تصريحات موازية لوزير المالية المعين من قبل الرئيس محمد مرسي والتي قال فيها إن الاتفاق مع الصندوق سيكون على مبادئ الجنزوري.

ثانياً: لم يوضح أي من مسؤولي الحزب أو الرئاسة طبيعة هذه الاجراءات ولا مدى اختلافها عن سياسات الافقار التي اتبعها مبارك باسم محدودي الدخل على مدى 30 عاماً.

وهنا تطالب الحملة الشعبية بالشفافية في كل ما يتعلق بالمفاوضات. كما تؤكد على أنه لا اقتراض بدون وجود برلمان منتخب لمناقشة البرنامج الاقتصادي الذي تقدمه الحكومة حيث أن ممثلي الشعب لابد أن يتأكدوا من أن تلك الإجراءات المقترحة لن تتسبب في المزيد من الإفقار ووقف الحال.

3- حتى الآن تم التشديد على أن الهدف الاساسي من القرض هو سد تقليص عجز الموازنة وليس العدالة الاجتماعية والتشغيل. ويعد هذا الهدف استمراراً لنفس منهج حكومات مبارك التي أدت إلى إفقار المصريين، بل والمزيد من عجز الموازنة. إذ كيف تستهدف الحكومة تقليص العجز وهي ترفع معدلات الاقتراض مما يرتب حملاً إضافياً لسداد الديون، ومن ثم ضغطاً على الموازنة؟

4- البرنامج ينص على تعديل الضرائب على الدخل بدون أي تفاصيل. عدم الشفافية هنا مثير للقلق، إذ أن اختيار من يدفع الضرائب هو في حد ذاته سياسة اجتماعية إما ضد الفقراء أو ضد الأغنياء.

وهذه نبذة عن التحيز ضد محدودي الدخل كما وضح في بعض ما اقترحه وزير المالية الحالي (وهو نفسه وزير مالية الجنزوري) في شهر فبراير الماضي:

اولاً : اللجوء إلى ضرائب المبيعات هو عين الظلم الضريبي. حيث ضريبة المبيعات يدفعها كل من يشتري أي سلعة وهي تساوي بين قدرة الغني والفقير على الدفع. وجدير بالذكر أن معدل الضريبة في مصر أعلى منه في الولايات المتحدة الأمريكية. كما جاء في البرنامج تعديل قانون ضريبة الدخل لتوسيع القاعدة الضريبية. وتعني هذه العبارة عادة المزيد من الاعفاءات الضريبية للمستثمرين والأغنياء بدعوى تشجيعهم على عدم التهرب وهي نفس منهج يوسف بطرس غالي بدلاً من فرض ضرائب تصاعدية الأكثر تحقيقاً للعدالة.

ثانياً : رفع ايجار الأراضي الزراعية: هي خطوة أدت إلى تركز الفقر في الريف (40 %) والقضاء على صغار المستأجرين، عندما طبقت لأول مرة في عهد يوسف والي عام 1996. أضف إلى ذلك ضعف الدعم الموجه إلى المزارعين (250 مليون جنيه) هو نفس المبلغ منذ أكثر من أربعة أعوام (مقابل 4 مليارات للمصدرين).

ثالثاً : رفع الدعم عن الطاقة جاء مبهما في الخطة المقدمة من الحكومة إلى الصندوق: حيث لم تتطرق إلى دعم بنزين 92، 95 كما لم تتطرق إلى بقية أنواع الدعم، ما عدا تحسين توزيع البوتاجاز. كما لم تتعهد الحكومة برفع الدعم عن المصانع كثيفة الاستخدام، حيث 40 مصنعاً فقط، كالاسمنت والحديد يحصلون على نفس المبلغ الموجه لأنابيب البوتاجاز التي تخدم الملايين.

ومرفق بهذا البيان المذكرة الي تقدمت بها الحملة لمجلس الشعب في مارس الماضي، والتي تشمل عدة بدائل لتمويل عجز الموازنة بطريقة تؤدي إلى تحسين توزيع الدخول.

وعليه،

تناشد حملة اسقاط ديون مصر الرئيس المنتخب وحزب الحرية والعدالة وبقية الأحزاب المصرية والحركات السياسية رفض هذا القرض، حيث لم يثبت على مدار التاريخ أن أدى الاعتماد على الصندوق وشقيقه البنك الدوليان إلى نهضة أمة او تقدمها.

أبو إسراء A
30-08-2012, 03:11 PM
كنت أحلم كما يحلم الكثيرون مثلى بمشروع نهضةإقتصادى إسلامى ، تقوم خطوطه العريضة على إصلاح النظام المصرفى لكى يقوم على المضاربة الإسلامية ، أى وجود عائد حقيقى و ليس أرقام فى الهواء سواءا فى البورصة أو المصارف ، و هذا كان سبب الأزمة المالية العالمية و التى لم تتعرض لها البنوك الإسلامية .
و كنت أتمنى أن يتم إصلاح الأجور بتفعيل الحد الأقصى للأجور دون تمييز ، و وضع حد أدنى يتماشى مع مستويات الأسعار ، و عند ذلك يتم إلغاء الدعم على كل السلع ، لأن أغلب الدعم يضيع إما فى التهريب أو الذهاب إلى غير مستحقيه ، و هذا يؤدى إلى إهدار الموارد المحدودة للدولة .

و كنت أتمنى أن تكون النهضة بإمكاناتنا ، و ليست بالقروض التى تتحملها الأجيال القادمة ، و نحن نستطيع
أن نجعل مليارات الدولارات تتدفق إلى الخزانة العامة للدولة بفرض الزكاة ، و فتح ملفات المستشارين الوهميين و الأراضى المنهوبة فى العشرة سنوات الماضية ، و عرض أراضى الدولة للتملك للمصريين بالخارج و للأجانب مع حصولهم على ال***ية المصرية ، و فرض ضريبة تصاعدية على بعض الأنشطة التى تتحمل ذلك .

أما طريق صندوق النقد لكى ندفع أجور أو نشترى سلع فهو طريق محفوف بالمخاطر ، فهو يشبه من أراد أن يعيش مترفا ولكن بالدين ، و الأولى به أن ينفق حسب إستطاعته ، و نحن مع تحقيق العدالة فى توزيع الأجور على كل العاملين فى الدولة نقبل خفض الأجور بشرط أن يكون للجميع ، على يرافقه إصلاح شامل للإقتصاد لا تكرار سياسات إقتصادية فاشلة .

darch_99
30-08-2012, 06:17 PM
ازمة اليمين في مصر: من مبارك إلى الإخوان

تحليل رائع جدا ومعبر بصدق عما يجري واسمح لي السيد الفاضل / الاستاذ ايمن ان اعلق علي بعض ما جاء في هذا المقال وشكرا جزيلا

فإن التصورات الإخوانية الاقتصادية والاجتماعية تبدو محافظة بمعنى عدم قيامها على تغييرات جذرية لا في علاقات الملكية (غلبة القطاع الخاص ومد دوره الإنتاجي والتوزيعي) ولا في علاقة الدولة بالسوق ولا كذلك في علاقة مصر بالاقتصاد العالمي ممثلاً في التجارة وانتقالات رؤوس الأموال والالتزام بمشروطية المؤسسات المالية العالمية كالصندوق والبنك الدوليين وهيئة المعونة الأمريكية. وقد عبر خطاب القيادات الإخوانية عن رغبة في استمرار السياسات الاقتصادية على ما كانت عليه قبل الثورة مع التشديد على مكافحة الفساد والمحسوبية، وهو ما يعني استمرار الخط النيوليبرالي العام الذي سلكته الحكومات المصرية المتعاقبة منذ تبني برنامج الإصلاح الهيكلي في مطلع التسعينيات

ت نعم ان هذا واقع محسوس ولكنه بقدر الله وأظنه والظن غالب هي المرونه التامة في التحول من نظام شاخ في الفساد وتحول من فساد الدولة الي ادارة فساد الدولة واصبح متجذر في عمق الدولة والتاريخ ان التخلص من هذة الدولة تم بمشرط جراح ماهر عبقري دون اسالة نقطة دماء واحدة وهي حالة نادرة في التاريخ ولا اعلم لها مثيل وكذلك مواجهة الطغيان العالمي متمثل في امريكا واسرائيل وغيرهما كان يستلزم المرونه واثبات ان التغير ليس جذري وارسال رسالة طمأنه للجميع علي مصالحهم لانه بغير ذلك لا تأمن العواقب انني من اشد المعجبين بنموذج الشيح حازم صلاح ابو اسماعيل وكنت اتمناه رئيسا الا انه بقدر الله لم يكن والحمد لله علي ما اراد فلو كان الشيخ حازم تري كيف كانت النتائج مواجهة صارمة غير معلومة النتائج الي ابعد الحدود في الداخل والخارج انها مرحلة التحول المرن الذي يمهد الطريق لما بعده ما بعده هو الهدف الذي نرجوه جميعا من الثورة ولكن كم يمتد من الوقت العلم عند الله وكم اتمني ايضا الان ان يصعد الشيخ حازم الي السلطة ولكن بعد انتهاء مدة الرئيس الحالي ولكن الله يقدر ما يشاء

2.1-الوعود التوزيعية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية

اعتقد ان الاخوان ان اعتمدو كما اعتمد النظام السابق علي نظرية القروض من الخارج
فستكون سقطتهم الكبري وسيكونون بمثابة الدبة التي قتلت صاحبها وهي لا تريد ذلك
فاللاسف ان بعض من الاخوان لم يتربو تربية عقيدية سليمة تجعلهم يقفون موقف الاسود امام الامواج الهادرة هم وضعوه مقارنة بين الشرع وبين واقع اليم يحتاج الي دعم وهنا انحازو للعقل علي حساب النقل الشرعي ذلك ببساطة لان تربيتهم الاسلامية لم تكن بالقوة التي لدي ما نسمهم نحن بالسلفيين
النظام العالمي كله قائم علي الربا وحتما هو ساقط وسيسقط معه كل من تبعه وسيتحقق موعود الله بالحرب علي من تعامل بالربا , هناك بدائل قدمها اقتصاديون وخبراء بدبل للقروض الربوية ولكن نحن ننتظر نتيجة الجدل في المجتمع علي هذة القروض وفي نفس الوقت الاخوان في مأزق حقيقي بسبب ضعف حجتهم مع الشعب فيما يخص الناحية ةالشرعية وتستغل بعض الحركات والفئات والاحزاب المعارضة هذة الناحية للهجوم عليهم مع العلم ان هذة الناحية الشرعية هي لا تعنيهم بالاساس لان فكرهم قائم اساسا علي نقض الدين وعدم خلط الدين بالسياسة

ورأيي صراحة ان نجاح السيد الرئيس مرسي في الانتخابات لم يكن نجاح للاخوان في شيء لان نجاحه جاء ليس تأييدا لجماعة الاخوان بقدر ما جاء حبا من الشعب المصربي في استبعاد النظام القديم بكل اركانه وفروعه عن الحكم في لحظة فاصلة ولانه كان الخيار الوحييد لفوز الثورة والا العود بالكامل لنقطة الصفر وفي ظني كانت ستكون قبل الصفر بدرجات كبيرة لانه حيئذ كانت ستفتح السجون والمعتقلات علي مصراعيها وهو ما كان مخطط فعلا وعودة امن الدولة بكل قوة
الا ان الشعب المصري اثبت للعالم كله ان جذوة الثورة لا تزال مشتعلة يمو اعلان نتائج الانتخابات فكان ميدان التحرير يومها يوم من ايام الثماني عشر يوما من حكم مبارك بل والجميع في مصر بل والعالم كله كانت لحظة بحق يجب ان تطلق عليها لحظة مشهودة وان ما نشر عن ان مصر ستكون بحورا من دماء لو يفز مرسي كان ما هو الا استنتاج حقيقي لمخابرات طنطاوي وعنان وليس تصريحا من احاد الاخوان كما يزعمون

اخي السيد ايمن نور اشكرك شكرا جزيلا والسلام عليك

aymaan noor
31-08-2012, 03:47 AM
عندما يصبح تسييس القضاء ضمانة لاستقلاله: أفكار حول التجربة المصرية 1967-2012
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/qaddaa.png
سامر غمرون
أين اختفى قضاة "التيار الاستقلالي" في مصر اليوم؟ سؤال محير يراود أذهان أكثر من متابع للشأن القضائي المصري في الوقت الحاضر. فالمفارقة الغريبة هي أن القضاة الذين صنعوا الحدث القضائي والسياسي عامي 2005 و2006 عندما تحدوا من خلال نادي قضاة مصر نظام حسني مبارك في أوج سلطته باتوا اليوم، بعد سقوط هذا النظام، شبه غائبين عن الساحة القضائية.1 القضاة الأفراد ما زالوا هنا طبعاً، على الأقل سياسيا: فالمستشار حسام الغرياني ترأس مجلس القضاء الأعلى وهو اليوم يترأس اللجنة المكلفة إعداد الدستور والمستشار هشام البسطويسي كان مرشحاً ملحوظاً لرئاسة الجمهورية والمستشار محمود الخضيري عضو فاعل في المجلس النيابي الجديد، الخ. إلا أن التيار نفسه قد اضمحل قضائياً أمام السيطرة المتجددة للتيار المنافس، المعروف سابقاً بمهادنته لنظام مبارك، على نادي القضاة بالكامل منذ عام 2009 حتى اليوم، مع تجدد فوزه في انتخابات النادي الأخيرة بعد الثورة. ويدفع تبعثر القضاة "الاستقلاليين" إلى التساؤل عن مدى وجود تيار جماعي بهذا الاسم في القضاء المصري: فهل اقتصرت أحداث 2005 وسواها على مبادرة بعض القضاة الثائرين على تقاليد مهنتهم وممارسات النظام فقط، فشكلوا ظاهرة جماعية ظرفية محصورة لا غير، أم أنهم جزء من تحرك قضائي أوسع وأكثر قدماً، يمكن توقع انتعاشه مجدداً في المستقبل القريب؟ نسترجع في هذا المقال بشكل خاطف بعض محطات التاريخ القضائي المصري المعاصر للتذكير أولاً بجذور تحرك 2005 الفكرية والتنظيمية، وثانياً لعرض فرضية بحثية تسمح ربما بتفسير تخبطات هذا التحرك الجماعي الذي يقوى أمام الاستبداد ويضمحل – أو يزداد اضمحلالاً - مع سقوط أبرز رموزه.2 إذا كانت قوة نظام مبارك غير كافية لتفسير تغيرات وهج معارضيه القضائيين، فما هو العامل التحليلي الآخر الذي يسمح بذلك؟ وإذا كان سقوط حسني مبارك لا يتعارض – بغرابة - مع انتعاش التيار القضائي الذي كان يهادنه لا بل يدعمه حسب اتهام التيار "الاستقلالي"، فأليس على الباحث أن يعيد التفكير في العلاقة السببية بين هيمنة السلطة التنفيذية وازدهار أو انتكاس معارضتها أو موالاتها القضائيتين، وأن يبحث في مكان غير العلاقة مع السلطة السياسية عن مصادر شرعية وفعالية الكلمة والحركة القضائية؟

من 1969 إلى 2006: مواسم الهجرة إلى الصمت

من المثير للاهتمام أن نرى القضاة الذين اتُهِموا عام 2005 بانتهاك التقاليد القضائية عبر احتلال المساحات الإعلامية والاحتجاجية يحاولون ابراز تراث قضائي مواز ومختلف يضفي شرعية قضائية على ما قاموا به، تضاف الى الشرعية السياسية التي لطالما نعموا بها بمواجهة النظام الاستبدادي. وتراث قضاة 2005 هو تراث "الرفاعية"، نسبة الى المستشار يحيى الرفاعي الذي طبعت نضالاته وصداماته مع النظام مسيرة القضاء المصري "الاستقلالي" منذ الستينات حتى أواخر الثمانينات. ولا يتردد شيوخ قضاة 2005 بربط تحركهم رمزياً بعمل الرفاعي القضائي، رجوعاً لما يعرف "بمذبحة القضاة" عام 1969، حين تعرضت مجموعة من القضاة المصريين ومن بينهم الرفاعي نفسه للاضطهاد والعزل على يد جمال عبد الناصر بعد رفضهم الانضمام إلى "الاتحاد الاشتراكي العربي" وبعد اتخاذهم مواقف نقدية علنية ومكتوبة ربطوا فيها هزيمة 1967 بغياب الديمقراطية داخلياً، لا سيما عبر رئيس نادي القضاة حينها القاضي ممتاز نصار.4 وقد دفع هؤلاء ثمن هذا الخروج الأول عن "تقاليد" الصمت القضائي بضع سنوات، إلى حين تمت إعادة بعضهم في السبعينيات ضمن أجواء الابتعاد عن السياسات الناصرية التي طبعت سنوات حكم السادات. وقد شكلت مذبحة القضاة هذه مدعاة "للهجرة" 5 القضائية الأولى للقضاة "الاستقلاليين" كما ترسمها الذاكرة الجماعية لهؤلاء التي بنيت حول نمطية الهجرات المتكررة والدورية - كل عشرين عاما تقريبا - تبعاً لكل انتفاضة قضائية، وبشكل يذكر بالثنائية الدورية "انتفاضة قضائية – انكفاء قضائي" التي تميز أيضاً الذاكرة القضائية التونسية الحديثة، علماً أن حراك القضاء التونسي وانكفاءه غالباً ما تزامنا مع حراك القضاء المصري وانكفائه (انتفاضة وقمع القضاة الشبان عام 1985، انتفاضة وقمع مكتب جمعية القضاة التونسيين عام 2005): فهل يعكس هذا التزامن آثار انتشار أفكار أو قواعد قضائية على الصعيد العربي أو الدولي في هذه الفترات؟ وبالفعل، فإن الحلقة التالية من المسلسل الاستقلالي المصري كما يراه ويرويه القضاة والناشطون بدأت تتكون في بداية الثمانينيات حول المستشار الرفاعي نفسه، الذي شكل محركاً قضائياً نشطاً من داخل نادي القضاة الذي ترأسه عامي 1985-1986 و1989-1990، وقد أصبح النادي يحتضن آنذاك الحراك الاستقلالي بشكل يؤكد ترسيخ تسييسه- بالمعنى العلمي للكلمة - بعد إقفال كل المساحات الأخرى أمام القضاة، إلى جانب وظيفته الخدماتية التي لطالما حاولت السلطة أسره فيها. وتوج هذا الحراك الاستقلالي الثاني بحدث مهم لم يلق شهرة "مذبحة القضاة" بالرغم من طابعه التجديدي والاستثنائي ألا وهو: مؤتمر العدالة المصري عام 1986. وتميز هذا المؤتمر أولاً بحجمه الضخم (قدمت خلاله حوالى 110 ورقة)، وبطبيعة المشاركة فيه وشموليتها ثانياً، عبر الدور المهم الذي لعبه محامون وجامعيون وإداريون وسياسيون معارضون في أعماله إلى جانب القضاة، وثالثاً، بتنوع وجرأة المسائل التي طرحت فيه إذ تناولت الأوراق المقدمة مختلف المواضيع التي تهم المرفق القضائي، من أكثرها تقنية (بطء المحاكمات ودور الخبراء إلخ...)6 إلى أكثرها تسييساً (استقلالية القضاء، المحاكم الاستثنائية، الخ.). وأكثر ما طبع الذاكرة في هذا المؤتمر المواجهة المفاجئة والمدوية التي حصلت خلاله بين القاضي والحاكم، عبر واقعة ما زال القضاة المصريون المنتمون للتيار "الاستقلالي" يروونها اليوم بشيء من الاعتزاز: فيما كان الرئيس حسني مبارك يحضر شخصياً افتتاح المؤتمر، طالبه رئيس النادي يحيى الرفاعي أثناء إلقاء كلمته برفع حالة الطوارئ والحد من دور المحاكم الاستثنائية، مما أثار لاحقاً حفيظة وغضب الرئيس الذي اكتشف فجأة، بعد بضع سنوات من توليه الحكم، "أن هناك جسماً داخل هيكل الدولة المصرية يسمى الجسم القضائي يستعصي على الفهم من ناحيته، ويستعصي أيضاً على السيطرة".7 وقد أطلقت هذه المواجهة موسم الهجرة القضائية الثاني إذ سرعان ما ضيقت السلطة على هؤلاء القضاة "الاستقلاليين" نهاية الثمانينيات، دافعة بعضهم إلى ترك البلاد في إطار الإعارات القضائية إلى دول أخرى، مع حمل آخرين إلى حصر أنشطتهم العامة. ويمكن هنا مقارنة أساليب قمع جمال عبد الناصر الصاعقة (العزل التام من القضاء) بأساليب القمع التي انتهجها مبارك والتي كانت أقل قسوة من دون أن تكون بالضرورة أقل "فعالية"، إذ استبدلت القوة بالإبعاد الصامت المقونن (إعارة إلى دولة عربية أخرى مع شروط مهنية مغرية). وامتدت الهجرة الثانية إلى نهاية التسعينيات عندما بدأ قضاة، وفي طليعتهم محمود مكي وهشام البسطويسي وزكريا عبد العزيز، بالمشاركة بندوات ومحاضرات أعادت تدريجياً طرح مسألة استقلالية القضاء على بساط البحث في المساحة العامة (ولو بعيداً عن الاعلام في مرحلة أولى) بعد عشر سنوات من الانكفاء.

الانتفاضة القضائية الثالثة :قضاة "الاستقلال" ضد من؟

قيل الكثير حول تحرك القضاة المصريين عام 2005-2006 بشأن مسألة الإشراف القضائي على الانتخابات، إلا أنه نادراً ما تم الرجوع إلى ما قبل هذه المرحلة لرسم معالم نشوء هذا التحرك، كأنما القضاة قد اجتمعوا وقرروا فجأة، على خلفية إهانة قاض في الإسكندرية بداية 2005 أو على خلفية إشرافهم على الانتخابات النيابية أو على الاستفتاء الدستوري الذي جرى في العام نفسه، إشعال مواجهة لا مثيل لها في تاريخ القضاء المصري مع السلطة.8 إذا كان من الواضح أن كتابة القصة ابتداء من ربيع 2005 يحرمنا من العوامل التي تسمح بفهم ظروف تكوين التحركات المهنية القضائية، فلا مجال هنا للدخول في تفاصيل ولادة الجيل الثالث من التيار "الاستقلالي" نهاية التسعينيات. كان مثلاً لترابط الأجيال القضائية ونقل التراث القضائي المشاكس دور أساسي في هذا المجال، من خلال التأثير الفكري والمهني الذي استمر بعض القضاة كيحيى الرفاعي في ممارسته حتى بعد تقاعدهم تجاه قضاة أصغر منهم سناً. كما أنه كان لبعض الفاعلين غير القضائيين، كالمركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة الذي تأسس عام 1997 من ضمن المجهود الهادف إلى استنهاض الخطاب الاستقلالي، دور في تقديم مساحات وموارد لم يكن القضاة "الاستقلاليون" يمتلكونها خلال فترة غيابهم عن النادي، مما سمح لهم بتطوير قدراتهم وصولاً الى استرجاع إدارة النادي عام 2001. ولكن لهذه العوامل تعقيداتها نعرضها في مناسبة أخرى. نكتفي هنا بالإشارة أولاً إلى ضرورة دراسة تحرك 2005 وغيره من الأحداث القضائية ضمن التاريخ القضائي الطويل أو على الأقل المتوسط دون الاكتفاء بالعلاقات السببية البسيطة والمباشرة، وثانياً إلى ضرورة توسيع القراءة المرتكزة على الثنائية التصادمية "قضاة استقلاليين / سلطة تنفيذية" لإدخال عوامل وفاعلين آخرين غالباً ما يتم تجاهلهم في معادلة القضاء المصري والعربي، كقضاة "تيار الحكومة" (كما يحب قضاة التيار "الاستقلالي" تسميتهم بهدف تجريدهم من مشروعيتهم وصهرهم بالسلطة التنفيذية التي يعدونهم ممثلين لها)، أو جمعيات المجتمع المدني المعنية بالشأن القضائي. وبالفعل، فإن دراسة فترات "الهجرة" كالتي امتدت من 1990 إلى 2001 مثلا (سنة استرجاع قضاة التيار "الاستقلالي" مجلس إدارة النادي) تظهر أن ما تصفه الرواية الاستقلالية بفترات ركود أو تبعية لا تستحق التأريخ هي حقيقة فترات يسيطر عليها قضاة آخرون، لا شك أن لبعضهم صلات قوية أو مشبوهة مع الحكومة، إلا أن لغالبيتهم بكل بساطة نظرة مختلفة للمهنة القضائية، لأدبياتها وتقاليدها ووسائل عملها، يمكن نعتها بالمحافظة أو التقليدية أو الحيادية، من دون ان يكون بالإمكان اختزالها بالتبعية للسلطة التنفيذية. وهنا يظهر لنا أن التمييز القائم بين "قضاة استقلاليين" و"قضاة حكومة" هو من إنتاج القضاة "الاستقلاليين" أنفسهم الذين ابتكروا هذه التسميات – وهذا من حقهم - في خضم معاركهم الشجاعة مع السلطة المصرية من باب زيادة مشروعية تحركاتهم غير التقليدية، فاعتمدها بعض الباحثين والصحفيين مباشرة متجاهلين ظروف إنتاجها واستعمالها، وهو خطأ يتحملون هم مسؤوليته التحليلية لا القضاة الغارقون في صراعاتهم المصيرية. فلهذه التسميات – عندما تتحول الى مفاهيم تحليلية - مفاعيل مغرضة على قراءة الواقع القضائي، إذ يصعب عبرها أن نفهم مثلا كل الانقسامات الحادة التي تشهدها الساحة القضائية المصرية، أو لماذا يختار القضاة المصريون في نادي القضاة بعد الثورة ممثلي تيار "التبعية" للحكومة – التي أسقطتها الثورة - على حساب قضاة الاستقلال. وكما يقول بكلمات أخرى المستشار حسام الغرياني نفسه،9 وهو يعد أحد "حكماء" تيار الاستقلال وقد ترأس مجلس القضاء الأعلى في فترة (يوليو 2011- يوليو 2012) قبل تقاعده، فإن القضاة غير المنتمين للتيار الاستقلالي ليسوا بالضرورة أقل استقلالاً، هم فقط قضاة لا يجهدون خارج محاكمهم لإعطاء هذا الاستقلال كل أبعاده (السياسية).

من هنا يظهر جلياً أن المفهوم الأساسي لقراءة التحولات والثوابت القضائية المصرية ليس مفهوم الاستقلال – الذي يبقى شعاراً نضالياً أكثر مما هو مفهوم تحليلي – بل هو مفهوم التسييس، أو بالأحرى البعد السياسي للعمل القضائي.10 فيكون بذلك قضاة "تيار الحكومة" قد اصابوا في تشخيصهم لحراك قضاة "تيار الاستقلال" عندما نعتوه بالمسيّس، وإن أخطأوا في الاتهام. فعبر رفضهم لمحاولات السلطة أسر القضاة في تقنيات القانون والمحاكمة وإبعادهم عن الشأن العام حتى عندما يكون للقضاة دور مباشر فيه (في حال الانتخابات مثلا)، وعبر إصرارهم على إعطاء القضاء مكانته في فلسفة النظام السياسية، وعبر ابتكارهم لوسائل تعبير وتحرك غير مسبوقة قضائياً اعتقدت السلطة أنهم لن يتجرؤا على اعتمادها، فجر ما يعرف بقضاة "الاستقلال" كل معايير العمل القضائي التقليدية، ما أثار ذعر زملائهم القضاة غير المستعدين لخوض هذه الغمار، أكثر ربما مما أخاف السلطة الحاكمة نفسها. فمن غير المستغرب إذا أن يأتي رفض هذا المنهج القضائي الذي يمكن وصفه بما بعد الحداثي من داخل القضاء قبل أن يأتي من السلطة التنفيذية، مما يساهم في تفسير استمرار تهميش قضاة "تيار الاستقلال" حتى مع تحولات النظام السياسي الحالية بعد الثورة. لا يعني كل هذا تحييد السلطة التنفيذية عما يصيب القضاء والقضاة خاصة في الأنظمة الاستبدادية كالتي كانت تحكم مصر وتونس، فممارسات السلطة جد واضحة في هذا المجال، إن عبر التضييق المالي على نادي القضاة عندما كان يسيطر عليه قضاة الاستقلال، أو عبر تقديم امتيازات للقضاة مقابل صمتهم و انكفائهم في محاكمهم، أو عبر الاعتماد على المحاكم الاستثنائية، وغيرها من الممارسات الهادفة إلى تحييد القضاة والحد من قدراتهم الرقابية. قد تسمح فقط هذه الفرضية، إن صحت، بفتح آفاق جديدة للدراسات الاجتماعية المهتمة بالقضاء العربي، فلا تكون مهووسة بسياسات الأنظمة القمعية العمودية لا غير، بل تغدو أكثر حساسية لتحولات التيارات والأفكار داخل المجتمعات المهنية القانونية عامة والقضائية خاصة بحد ذاتها، كما لعلاقات القضاة الأفقية مع مهن وتيارات وتحركات أخرى في مجتمعاتهم. فالمستقبل القضائي يقرأ ربما ليس على أفواه حكام مصر الجدد إلى أي جهة انتموا، بل عبر تصرفات رئيس نادي القضاة الحالي، أحمد الزند، خصم التيار الاستقلالي الأول في السنوات الأخيرة وهازمه على أساس احترام التقاليد القضائية. فنراه اليوم يدعو إلى الإضراب ويخاطب السياسيين في الصحف ويدخل في مشادات إعلامية غير مسبوقة دون أي حرج بين أكثر زملائه. فبغض النظر عن مضمون تحركاته ومواقفه وتقييمها، ألا يشكل هذا الخروج عن التقاليد القضائية الصامتة – بالرغم من انزلاقاته ومبالغاته الحالية والتي لا علاقة لإشكاليتنا بها - أهم انتصارات قضاة 2005 وأهم ما يتركونه للجيل الرابع من "التيار الاستقلالي": ساحة قضائية بدأت تسقط فيها الممنوعات القضائية المفروضة سياسياً من كل الجهات؟

aymaan noor
31-08-2012, 02:58 PM
ازمة اليمين في مصر: من مبارك إلى الإخوان

تحليل رائع جدا ومعبر بصدق عما يجري واسمح لي السيد الفاضل / الاستاذ ايمن ان اعلق علي بعض ما جاء في هذا المقال وشكرا جزيلا

فإن التصورات الإخوانية الاقتصادية والاجتماعية تبدو محافظة بمعنى عدم قيامها على تغييرات جذرية لا في علاقات الملكية (غلبة القطاع الخاص ومد دوره الإنتاجي والتوزيعي) ولا في علاقة الدولة بالسوق ولا كذلك في علاقة مصر بالاقتصاد العالمي ممثلاً في التجارة وانتقالات رؤوس الأموال والالتزام بمشروطية المؤسسات المالية العالمية كالصندوق والبنك الدوليين وهيئة المعونة الأمريكية. وقد عبر خطاب القيادات الإخوانية عن رغبة في استمرار السياسات الاقتصادية على ما كانت عليه قبل الثورة مع التشديد على مكافحة الفساد والمحسوبية، وهو ما يعني استمرار الخط النيوليبرالي العام الذي سلكته الحكومات المصرية المتعاقبة منذ تبني برنامج الإصلاح الهيكلي في مطلع التسعينيات

ت نعم ان هذا واقع محسوس ولكنه بقدر الله وأظنه والظن غالب هي المرونه التامة في التحول من نظام شاخ في الفساد وتحول من فساد الدولة الي ادارة فساد الدولة واصبح متجذر في عمق الدولة والتاريخ ان التخلص من هذة الدولة تم بمشرط جراح ماهر عبقري دون اسالة نقطة دماء واحدة وهي حالة نادرة في التاريخ ولا اعلم لها مثيل وكذلك مواجهة الطغيان العالمي متمثل في امريكا واسرائيل وغيرهما كان يستلزم المرونه واثبات ان التغير ليس جذري وارسال رسالة طمأنه للجميع علي مصالحهم لانه بغير ذلك لا تأمن العواقب انني من اشد المعجبين بنموذج الشيح حازم صلاح ابو اسماعيل وكنت اتمناه رئيسا الا انه بقدر الله لم يكن والحمد لله علي ما اراد فلو كان الشيخ حازم تري كيف كانت النتائج مواجهة صارمة غير معلومة النتائج الي ابعد الحدود في الداخل والخارج انها مرحلة التحول المرن الذي يمهد الطريق لما بعده ما بعده هو الهدف الذي نرجوه جميعا من الثورة ولكن كم يمتد من الوقت العلم عند الله وكم اتمني ايضا الان ان يصعد الشيخ حازم الي السلطة ولكن بعد انتهاء مدة الرئيس الحالي ولكن الله يقدر ما يشاء

2.1-الوعود التوزيعية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية

اعتقد ان الاخوان ان اعتمدو كما اعتمد النظام السابق علي نظرية القروض من الخارج
فستكون سقطتهم الكبري وسيكونون بمثابة الدبة التي قتلت صاحبها وهي لا تريد ذلك
فاللاسف ان بعض من الاخوان لم يتربو تربية عقيدية سليمة تجعلهم يقفون موقف الاسود امام الامواج الهادرة هم وضعوه مقارنة بين الشرع وبين واقع اليم يحتاج الي دعم وهنا انحازو للعقل علي حساب النقل الشرعي ذلك ببساطة لان تربيتهم الاسلامية لم تكن بالقوة التي لدي ما نسمهم نحن بالسلفيين
النظام العالمي كله قائم علي الربا وحتما هو ساقط وسيسقط معه كل من تبعه وسيتحقق موعود الله بالحرب علي من تعامل بالربا , هناك بدائل قدمها اقتصاديون وخبراء بدبل للقروض الربوية ولكن نحن ننتظر نتيجة الجدل في المجتمع علي هذة القروض وفي نفس الوقت الاخوان في مأزق حقيقي بسبب ضعف حجتهم مع الشعب فيما يخص الناحية ةالشرعية وتستغل بعض الحركات والفئات والاحزاب المعارضة هذة الناحية للهجوم عليهم مع العلم ان هذة الناحية الشرعية هي لا تعنيهم بالاساس لان فكرهم قائم اساسا علي نقض الدين وعدم خلط الدين بالسياسة

ورأيي صراحة ان نجاح السيد الرئيس مرسي في الانتخابات لم يكن نجاح للاخوان في شيء لان نجاحه جاء ليس تأييدا لجماعة الاخوان بقدر ما جاء حبا من الشعب المصربي في استبعاد النظام القديم بكل اركانه وفروعه عن الحكم في لحظة فاصلة ولانه كان الخيار الوحييد لفوز الثورة والا العود بالكامل لنقطة الصفر وفي ظني كانت ستكون قبل الصفر بدرجات كبيرة لانه حيئذ كانت ستفتح السجون والمعتقلات علي مصراعيها وهو ما كان مخطط فعلا وعودة امن الدولة بكل قوة
الا ان الشعب المصري اثبت للعالم كله ان جذوة الثورة لا تزال مشتعلة يمو اعلان نتائج الانتخابات فكان ميدان التحرير يومها يوم من ايام الثماني عشر يوما من حكم مبارك بل والجميع في مصر بل والعالم كله كانت لحظة بحق يجب ان تطلق عليها لحظة مشهودة وان ما نشر عن ان مصر ستكون بحورا من دماء لو يفز مرسي كان ما هو الا استنتاج حقيقي لمخابرات طنطاوي وعنان وليس تصريحا من احاد الاخوان كما يزعمون

اخي السيد ايمن نور اشكرك شكرا جزيلا والسلام عليك



جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

aymaan noor
31-08-2012, 08:22 PM
مرسي والتوازن في السياسة الخارجية
باترك سيل
على رغم أنّ الرئيس المصري محمّد مرسي تبوأ منصبه منذ 30 حزيران (يونيو) أي منذ نحو شهرين فقط، فقد قام بمبادرات جريئة في السياسة الخارجية قد تضعه في مواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل. ومن الواضح أنّه مستعدّ لهذه المجازفة. يقضي هدفه على ما يبدو باستعادة قدر من الاستقلال من الوصاية التي تمارسها هاتان القوتان. وفي حال نجح في ذلك، سينال ثناء الأكثرية الساحقة من المصريين.

ويتعلّق ميدان المواجهة المحتملة بالضغوط الدولية الكبيرة على النظامين الإيراني والسوري بهدف إسقاطهما. تسعى الولايات المتحدّة إلى شلّ اقتصاد إيران من خلال فرض عقوبات شديدة عليها كما أنّها تدعم الثوّار السوريين في محاولتهم الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.

يرفض الرئيس مرسي ذلك. فقد تجرأ على مواجهة الولايات المتحدّة وإسرائيل عبر رفض عزل إيران أو تشويه سمعتها. واختار أن يحضر قمة دول عدم الانحياز التي عُقدت في طهران هذا الأسبوع علماً أنه أول رئيس مصري يزور الجمهورية الإسلامية منذ الإطاحة بالشاه عام 1979. وقد كسر الجليد مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد منذ بضعة أسابيع حين التقيا خلال القمة الإسلامية في مكّة. وكان لقاؤهما ودياً جداً.

ومن الواضح أنّ الرئيس مرسي يفضّل حلّ الأزمة السورية عن طريق المفاوضات بدلاً من الحرب، الأمر الذي يشكّل معارضة مباشرة لواشنطن. كما اقترح أن تشكّل القوى الأساسية الأربع في المنطقة، أي مصر والمملكة العربية السعودية وإيران وتركيا مجموعة اتصال للإشراف على حلّ يتمّ التفاوض عليه. بمعنى آخر، هو يطلب من الولايات المتحدّة وحلف شمال الأطلسي أن يبقيا بعيدين عن سورية وأن يتركا القوى المحلية تتولى زمام الأمور. (يفرض تحرّك مرسي معضلة كبيرة أمام الديبلوماسية التركية: هل يجب أن تدعم تركيا التي تشكّل جزءاً من حلف شمال الأطلسي الولايات المتحدّة لنقل الأسلحة والأموال والمعلومات الاستخباراتية إلى الثوّار السوريين أم يجدر بأنقرة الانضمام إلى الجهود الإقليمية الرامية إلى إنهاء النزاع عن طريق المفاوضات؟)

وجّه الرئيس الأميركي باراك أوباما دعوة إلى الدكتور مرسي لزيارة واشنطن في شهر أيلول (سبتمبر) وقد تكون وراء الدعوة رغبة لتوجيه ملاحظات على سياسته. لكن، في معرض التأكيد من جديد على الاستقلال المصري، زار الدكتور مرسي بكين ثم توجّه منها إلى طهران. وقد تكون هذه طريقته ليشير إلى أنّه لن يسمح بأن يتمّ إملاء الأمور عليه.

أما الموضوع الذي يشكّل موضع خلاف جدي فيتعلّق بالملاحق العسكرية الواردة في معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية التي أُبرمت عام 1979 والتي يرغب الرئيس مرسي شأنه شأن معظم المصريين في مراجعتها. حين قامت مجموعة من المسلحين في سيناء في 5 آب (أغسطس) بالهجوم على حاجز للجيش المصري على الحدود بين مصر وقطاع غزة، ما أدى إلى مقتل 16 جندياً مصرياً وجرح آخرين، أرسل مرسي على الفور قوة تضمّ جنوداً وطائرات مروحية ودبابات لمطاردتهم. لكن، تنص الملاحق العسكرية على أنّ مصر يجب أن تحصل على موافقة مسبقة من إسرائيل قبل إرسال الدبابات إلى سيناء، على رغم أنّ هذه المنطقة تخضع للسيادة المصرية. ويبدو أنّ مرسي لم يشعر بالحاجة إلى القيام بذلك.

حين أجريتُ في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي مقابلة مع عمرو موسى، وزير الخارجية المصري الأسبق والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية والذي كان حينها مرشحاً للرئاسة المصرية، دعا إلى مراجعة الملاحق العسكرية. وقال لي: «ستظل معاهدة السلام قائمة إلا أنّ مصر بحاجة إلى قوى في سيناء. فالوضع الأمني يتطلّب ذلك. يجب أن تفهم إسرائيل أنّه يجب مراجعة القيود التي تفرضها المعاهدة». ولا شكّ في أن مرسي يشاطره الرأي.

لم يعجب هذا الحديث إسرائيل. فقد ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» في 22 آب (أغسطس) أنّ إسرائيل «قلقة» بسبب غياب التنسيق وطلبت من القاهرة سحب دباباتها. إلا أنّ إسرائيل تجد نفسها في وضع صعب. فهي تريد أن تحافظ مصر على الأمن في منطقة سيناء التي تعاني الفوضى والاضطرابات، إلا أنها تخشى أن يؤدي نشر القوات المسلحة المصرية إلى تهديد أمنها في يوم من الأيام.

ووجّه دنيس روس الذي يعمل في معهد واشنطن (المتفرّع من مجموعة «ايباك» التي تشكل اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة) انتقادات لاذعة عبر صحيفة «واشنطن بوست» في 19 آب إلى مرسي بسبب إرساله الدبابات إلى سيناء من دون إبلاغ إسرائيل. وقال: «في حال استمر هذا التصرّف، ستتوقّف الولايات المتحدّة عن تقديم الدعم إلى مصر الذي يعدّ ضرورياً للحصول على المساعدة الاقتصادية الدولية ولتعزيز الاستثمار». ويعتبر روس المعروف أنه «محامي إسرائيل» بسبب دفاعه على مدى عقود عن المصالح الإسرائيلية حين كان في الحكومة، أنّه لا يزال يتحدّث باسم الإدارة الأميركية. ويجب أن نأمل أنه على خطأ في هذا الاعتقاد.

أما الخطوات الأخرى التي قام بها مرسي والتي أثارت قلق واشنطن وتل أبيب فهي إقالة مجموعة من الضباط الكبار الذين أقامت إسرائيل والولايات المتحدّة علاقات وثيقة معهم على مرّ السنوات. وتضم هذه المجموعة من فلول نظام مبارك وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي ورئيس الأركان الفريق سامي عنان وقادة القوات البحرية والجوية والدفاع ومدير جهاز الاستخبارات مراد موافي إلى جانب قادة آخرين. وعيّن الرئيس مرسي اللواء عبد الفتاح السيسي وزيراً للدفاع واللواء صدقي صبحي رئيساً للأركان. ويبدو أنّ الرجلين يشاركان الدكتور مرسي رغبته في التحرّر من النفوذ الأميركي والإسرائيلي.

وتقوم أولوية الرئيس مرسي وفريقه على إعادة إحياء الاقتصاد في مصر الذي يبدو في وضع مزرٍ. إذ يجب إطعام 85 مليون شخص. كما يعدّ إنشاء فرص العمل ضرورياً. ويجب إعادة تفعيل خدمات الحكومة. أما المساعدة الخارجية فضرورية. وفي ظلّ الظروف الحالية، ما من خطر يتهدّد معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية لجهة إمكان إلغائها. فلا يسع أي مصري اليوم التفكير في الحرب مع إسرائيل. ولا يبدو الجيش المصري مستعداً للتضحية بالمساعدة السنوية بقيمة 1.3 بليون دولار التي يحصل عليها من الولايات المتحدّة للحفاظ على السلام مع إسرائيل.

إلا أنّ الرئيس مرسي سيسعى بلا شكّ إلى إقامة علاقة جديدة مع الولايات المتحدّة وإسرائيل. ومن الآن فصاعداً، من المرجّح أن تكون مصر أقل تسامحاً إزاء معاملة إسرائيل السيئة للفلسطينيين الذين يقعون تحت الحصار والاحتلال. وسبق أن شدّد على الحاجة إلى معالجة مسألة فلسطين التي طالما تمّ إهمالها. وسيكون أقل استعداداً من سلفه للقبول بطبول الحرب التي تقرعها إسرائيل ضد إيران. وعلى رغم أنه لن يكون قادراً على تحدّي هيمنة إسرائيل العسكرية المموّلة والمجهّزة والمضمونة من الولايات المتحدّة، سيسعى إلى وضع حدّ لاستغلال إسرائيل هيمنتها لا سيّما هجماتها المتكرّرة على الدول المجاورة لها.

ويشعر عدد كبير من المصريين بالذنب حيال معاهدة السلام التي أُبرمت عام 1979 مع إسرائيل. فهم يعرفون أنّه من خلال إبعاد مصر عن المعادلة العسكرية العربية، منحت معاهدة السلام إسرائيل أكثر من 30 سنة من الهيمنة العسكرية التي لم يتمكن أحد من تحديها وحرية ضرب الدول المجاورة لها متى شاءت من دون أن تتعرّض للردّ. وقد جرب لبنان والفلسطينيون والعراق وسورية هجمات إسرائيل.

يطمح الرئيس مرسي بوضوح إلى إعادة التوازن إلى علاقات القوة في الشرق الأوسط. ومن المثير أن نرى كيف سيقوم بهذا العمل الذي يشكل خطراً كبيراً وكيف ستختار الولايات المتحدّة وإسرائيل التصرّف تجاه هذه السياسة المصرية.

aymaan noor
31-08-2012, 08:38 PM
خطاب مرسي في قمة عدم الانحياز"قنبلة عنقودية"
د. الهام حمدان
خطاب السيد الرئيس محمد مرسى فى افتتاح اجتماع رؤساء دول عدم الانحياز خطاب مشكل بامتياز . وجه الإشكال نستطيع تبينه من عرض المناهج المختلفة لتحليل الخطاب .

إذا حللنا الخطاب من وجهة نظر معظم المصريين الذين يرون أن ما يحدث فى سوريا ثورة من ثورات ما أطلقت عليه هيلارى كلينتون الربيع العربى ، فإن مرسى من هذا المنطلق بطل ثورى يقف فى صف ثورة ضد نظام شمولى قمعى يقتل شعبه ، وهكذا يكتسب مرسى شعبية جارفة بصفة خاصة بين الشباب المصرى الثائر ، وتصبح كلمات مرسى عن دماء السوريين التى هى فى أعناقنا جميعا ، وعن أن النظام السورى الذى يقتل شعبه قد فقد شرعيته كلمات من نور تضئ طريق الثورة والثوار مع أن تعبليق الجيش الحر كان : " نريد أفعال لا أقوال " بالطبع مع رضاهم التام . أما من وجهة نظر الخليج فقد كان فتحا مبينا ، فى ظل مخاوفهم من تقارب مصرى إيرانى من ناحية ، أو تخفيف من موقف مرسى تجاه سوريا مجاملة لإيران ، ولا سيما أن الخليج دفع دم قلبه من المليارات لدعم ما يسمى بالجيش الحر وتسليحه .

أما من وجهة نظر السنة فى مصر والخليج وتركيا والعالم فقد صار مرسى بطلا بالدعاء على سدة الشيعة الكبرى للخلفاء الراشدين الذين يلعنهم كل جمعة الإيرانيون .

ومن وجهة نظر الغرب وعلى رأسه أمريكا فقد قرت عيونهم لأن وجهة نظر مرسى حول سوريا كما أعلنها على الملأ هى وجهة نظرهم ، ومن وجهة نظر أتباع نظرية المؤامرة سواء من كتاب الغرب إو العرب فإن خطاب مرسى بداية للحرب المتوقعة بين السنة والشيعة بعد اعتلاء الإسلاميين لعرش الحكم فى كثير من البلاد العربية ، بجانب أن الإخوان المسلمين والسنة تقود الحرب ضد النظام السورى العلوى الحليف عقائديا للشيعة .

ومن وجهة نظر الناصريين واليساريين فى مصر فإن مرسى يضرب قلعة القومية العربية الأخيرة ، المتمثلة فى النظام السورى آخر معاقل المقاومة ضد الصهيونية وضد الهيمنة الأمريكية ، ومقاومة التيارات الإسلامية التى تستبدل بالخلافة الإسلامية القومية العربية ، وأن مرسى ينضم لصف الغرب الداعم لإسرائيل ضد الحقوق العربية .

أما تحليل الخطاب من وجهة النظر الدبلوماسية فقد كسب مرسى أرضية واسعة على مستوى العالم المعادى لإيران وللنظام السورى ، وإن كان قد جافى كل قواعد الدبلوماسية بضرب البلد المضيف على قفاه مرتين الأولى بالدعاء لأعداء المذهب الشيعى (أبو بكر وعمر وعثمان بل وإلحاق على بهم ) ، والثانية بقلب المائدة فى وجه الموقف الإيرانى الذى يعتبر معركة سوريا معركته وأن النظام السورى يضرب لتأييده لإيران بل إن ضرب ذلك النظام أول رصاصة موجهة لإيران ، حتى أن التليفزيون والراديو فى إيران زيفوا ترجمة الخطاب وحذفوا منه وأضافوا إليه ، بينما هلل له أردوغان وبعض الساسة الغربيين . من الناحية الدبلوماسية كانت مصر تسلم رئاسة المؤتمر لإيران ، وكان من المتوقع دبلوماسيا أن يكون الخطاب تشريفيا ومجاملا ، لكن ذلك لم يحدث ، وأصبح التقارب مع إيران فى خبر كان ، مع أن مبادرة الرئيس مرسى التى طرحها فى المؤتمر الإسلامى تدعو لتشكيل لجنة من إيران وتركيا والسعودية ومصر لعلاج المشكل السورى ، فكيف لمثل هذه اللجنة المتصارعة أن تحل صراعا ؟!

أما من وجهة نظر النظام السورى فقد نعى على مصر زعيمة العرب وقاطرتهم -على حد تعبيرهم- أن تتخذ نفس موقف أمريكا التى يتهمونها بإشعال الموقف فى بلدهم .

كيف نحكم على الخطاب ؟ لايمكن لخطاب إشكالى مثل هذا أن يخضع لحكم واحد مع تعدد وجهات النظر ، فقط يمكننا القول أن مرسى توكل على الله وألقى قنبلة عنقودية فى المؤتمر سوف تتوالى انفجاراتها مع الوقت.

alamed
31-08-2012, 11:43 PM
الكلام المكتوب اللى قالهم مرسى وقالبين الدنيا كانه فتح عكا او حرر القدس

ماذا لو قلد الجميع مرسى فى افتتاحه لمؤتمر عدم الاحياز
فبدأ نجاد كلمته: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته
و افتتح ممثل الدومينيكان: بسم الاّب والابن و الروح القدس
و قال رئيس وزراء الهند: السلام على بوذا و على الكارما والنيرفانا
و استهل رئيس وزراء نيبال كلمته: أيتها البقرة المقدسة، لكى التمجيد والدعاء
------------------
*** اعتقد ان حركة عدم الانحياز التى اسسها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ونهرو وتيتو لترسيخ السلام العالمى بين الشعوب والطوائف والتى رفعت اسم عاليا فى العالم اعتقد انه سيتغير اسمها الى حركة الانحياز للفتن واشعال الحروب بين الشعوب فعلا لقد تم تحرير القدس!!!

أنين الأنين
01-09-2012, 12:09 AM
صراحة خطاب مرسى خطاب رائع اثلج صدورنا جميعا
بغض النظر عن موقف الدول الاخرى الا انه بين اننا لسنا نتبع أحدا وان مصر لها موقفها الجديد
المبنى على الكرامه ليس بخصوص سوريا فقط
بل فلسطين واسرائيل وأمريكا وايران قال الحق وأعلن مبادءه واختار مصلحة بلاده
ربما كان شديدا لكنه كان رائعا غالعالم ينتظر موقفنا مما يحدث حولنا
بارك الله فيه ووفقه واعانه على هذه المهام الشاقه
وجزااااكم الله خيرا

Khaled Soliman
01-09-2012, 01:19 AM
لقد تناسى المقال كما تتجاهل الصحف والتقارير الأمريكية تعليق الدكتور مرسى على إستخدامات الطاقة النووية فى إيران وأنه يؤيد موقف إيران فى شأن الإستخدام السلمى للطاقة النووية كما ينكر على إسرائيل إمتلاكها اسلحة دمار شامل مطالباً أن تكون المنطقة كامل المنطقة بلا إستثناء خالية من السلاح النووى وتحاول التقارير الأمريكية جاهدة تفريغ مضمون الخطاب إلى صالحها رغم أن الزيارة فى حد نفسها ضد المصالح الأمريكية
وعليه يجب عدم الإنسياق خلف التحليل الأمريكى لمضمون خطاب الرئيس فلدينا نص الخطاب نستطيع تحليله كلمة كلمة
الرسائل التي ارسلها الرئيس مرسي الي كل الاطراف (http://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=459890)
بارك الله فيكم وجزاكم خيراً أستاذ أيمن

مستر مصطفى الناقه
01-09-2012, 01:26 AM
جزاكم الله خيرا

راغب السيد رويه
01-09-2012, 10:08 AM
جزاك الله خيراوبارك فيك

aymaan noor
01-09-2012, 10:16 AM
معوقات التقسيم
ما هي احتمالات قيام "دويلة علوية" في سوريا؟
http://rcssmideast.org/media/k2/items/cache/fd57315048b2a0e2ee02ed04b0927842_L.jpg
علي حسين باكير - باحث في منظمة البحوث الإستراتيجية الدولية - تركيا
مع توالي الضربات التي يتلقّاها نظام الأسد، وجنوحه أكثر فأكثر للاعتماد على القوّة الجوّية في تدمير المدن السورية، في محاولة للحد من تقدّم الجيش السوري الحر ومن سيطرته على الأرض؛ تبرز مؤشرات الهزيمة،

فالنظام كما يؤكد رئيس الوزراء السوري المنشق مفلس ماليًّا، ومنهارٌ اقتصاديًّا ومعنويًّا، ومتفكك عسكريًّا، ولولا الدعم الروسي والإيراني المفتوح الذي لا يزال يتلقاه لما كنّا نتحدّث عنه الآن.

وأمام هذه المعطيات؛ يكثر الحديث والتحليلات والتكهنات عن إمكانية أن يلجأ الأسدُ إلى خيار أخير في ظل هذه الظروف وفي حال خسر العاصمة دمشق يتضمن الانسحاب إلى المناطق العلوية في مواجهة الساحل السوري، ومحاولة تأسيس دويلة علوية هناك، خاصة وأنَّ هناك بعض المؤشرات التي توحي بأنه قد يتّجه فعلا إلى تحقيق ذلك.

أولا: مؤشرات الدويلة العلوية

1- تفجيرُ حربٍ أهلية طائفية: إذ مع شعور نظام الأسد المتنامي بالانهزام تصبح هناك نية أكبر لإشعال حرب طائفية لدى النظام، فمن شأن هكذا حرب أن تفكك المجتمع، وتخدم هدفه بالادعاء بحماية الأقليات، وبالتالي الاستحواذ أيضا على الاهتمام الغربي. ولذلك فهو عمد في الآونة الأخيرة إلى التحريض الطائفي، وإلى افتعال مشاكل طائفية، وإلى التخويف من السنّة تحت شعارات إرهابيين وراديكاليين وعصابات مسلحة، وفي الوقت نفسه عرض نفسه كحامٍ للأقليات والمدافع عنها كالمسيحية والعلوية، وبالتالي تبرير الإجراءات التي يتخذها تحت هذا الإطار.

فتحت وطأةِ الشعور بمثل هذا التطور؛ سيتم دفع الأقليات إلى التقوقع والتمترس في مناطقهم، مما يسهّل الدفع باتجاه إقامة مناطق معزولة عن بعضها بعضا، وتصبح إمكانية إقامة دويلة علوية من الناحية النظرية على الأقل أسهل تحت مبررات الخوف من انتقام الآخر، التضامن الاجتماعي والطائفي، المصالح المشتركة والبيئة الحاضنة.

2- تحديد خط ديمغرافي طائفي بموازاة الساحل السوري: ولأن المناطق التي من المفترض أن يقيم عليها النظام دويلة علوية لا توجد فيها وحدة طائفية علوية بما فيها المناطق التي تعرف بأنها علوية؛ بدأ النظام بمحاولة رسم حدود جغرافية بناءً على معطيات طائفية عبر تصفية القرى السنيّة عبر مجازر مروّعة، كمجزرة الحولة التي ذهب ضحيتها حوالي 110 أشخاص نصفهم من الأطفال غير البالغين والنساء، وقد تم تقطيعهم أو ذبحهم بالسكاكين والأسلحة الحادة، إضافة إلى الإعدامات رميا بالرصاص بعد تقييدهم بما في ذلك الأطفال. ثم تبعتها مجازر أخرى في الحفة والقبير والتريمسة التي بلغ عدد الضحايا فيها وحدها قرابة 200 شخص، وما تخللها من عمليات يمكن اعتبارها "تطهيرا طائفيا"، عدا دموية حصار حمص وتدمير حلب مع توجهات إلى تطهير ريف حمص واللاذقية من التواجد السني.

3- نقل بعض المعدات والأسلحة: حيث أشارت بعض التقارير الأمنية وأخرى إعلامية إلى أنّ نظام الأسد قام بنقل أسلحة إستراتيجية ومعدات مهمة وذخائر إلى المناطق العلوية التي تشكّل لب المنطقة التي من الممكن أن يتحصّن بها في اللاذقية وطرطوس، كمقدمة لتحصين المنطقة عسكريًّا في وقت لاحق بعد فشل المحاولات الهجومية على المدن الأخرى لدحر الجيش الحر منها. ويعد ذلك مؤشرا على أنّ النظام قد يكون يجهز لمنطقة يتراجع فيها في المربع الأخير من المعركة حتى تشكل ملاذًا آمنًا له، ويفسّر البعض مثل هذه الخطوة -حال التأكد منها- بأنها دليل حقيقي على نيته إنشاء دويلة علوية؛ إذ من دون الأسلحة الإستراتيجية لن تكون أي دويلة علوية قادرة على الدفاع عن نفسها حتى وإن كانت في منطقة جبلية صعبة ووعرة.

4- إنشاء مجمّع يضم قاعدة عسكرية ومطارا في اللاذقية: إذ قامت إيران بالموافقة على صفقة تمت مناقشتها أثناء زيارة مساعد نائب الرئيس السوري للشئون الأمنية محمد نصيف خيربيك لطهران في حزيران من عام 2011. وتتضمن الصفقة مبادرة طهران لبناء مجمع عسكري قرب مطار اللاذقية يكون بمثابة قاعدة عسكرية ضخمة تبلغ تكلفته ملايين الدوارات قام النظام الإيراني بالموافقة على توفير 23 مليون دولار لها، على أن ينتهي العمل بها نهاية عام 2012 وفق الخطة الأساسية آنذاك.

وتهدف القاعدة حال بنائها إلى توفير ممر يسمح لإيران بتزويد سوريا بالأسلحة والمعدات الثقيلة بشكل مباشر عبر البحر دون الاضطرار إلى المرور بطرف ثالث، وهو أمر يخدم أيضًا مشروع دويلة علوية إذا كان هناك شروع للعمل بها؛ إذ ستكون هذه الدويلة في حاجة إلى دعم، وليس هناك أفضل من خط مباشر بين إيران وبينها لتقديم هذا الدعم، وهو ما يقدّمه هذا المجمّع العسكري.

5- التدمير الممنهج للمدن الرئيسية في البلاد: إذ إنّ اتّباع الأسد لسياسة الأرض المحروقة في مهاجمة المدن الرئيسية لا سيما درعا وحمص وحلب ودير الزور إضافة إلى الأرياف وريف دمشق وتدميرها بشكل ممنهج وكلّي عبر استهداف المباني السكنية والمجمعات والأحياء ومناطق تخزين المياه والطعام والمنشآت الحيوية والرئيسية وتخريب المصانع والمتاجر وحرق الحقول والبيادر وأراضي المحاصيل الزراعية، في مقابل تحييد بعض الأماكن عن هذا الدمار الهائل كما في بعض المناطق الكردية والعلوية يعد مؤشرا على إمكانية وجود نية لإقامة هذه الدويلة العلوية على المناطق التي تم تحييدها.

ثانيا: الأطراف المستفيدة من الدويلة العلوية

ويستندُ البعض إلى أنّ هناك مصلحة لدى بعض الدول والأطراف في تشجيع الأسد على الذهاب قدما في هذا الخيار إذا ما فقد دمشق، خاصة وأنّ مصالحها قد تتوافق مع مثل هذا الطرح، ومن هذه الدول:

1- روسيا: على الرغم من أنّي لا أميل إلى التحليل الرائج لدى المتخصصين في السياسة الروسية من أنّ سبب التعنّت في الموقف الروسي إزاء الأزمة السورية ودعمها اللا محدود للنظام السوري إنما يعود في جزء منه إلى الإطلالة التي تمنحها سوريا إياها على البحر المتوسط عبر قاعدة طرطوس البحرية، وإنما يتعلق بالدرجة الأولى بإيران والثانية بصعود الإسلام السياسي السنّي في المنطقة وهو أيضا سبب آخر يعود بدوره إلى السبب الأول.

لكن على فرض أنّ المسألة هي قاعدة طرطوس وأنّ الموضوع يتعلق بالأهمية الجغرافية ومعها بطبيعة الحال الجيو-سياسية والجيو-إستراتيجية للساحل السوري بالنسبة إلى موسكو؛ فإن إنشاء دويلة علوية في هذه الحالة سيكون مصلحة روسية بامتياز. فهذه الدويلة الوليدة ستكون في الأحضان الروسية تماما، وعليه فإن روسيا لن تمتلك موطئ قدم فقط في الشرق الأوسط وفي ساحل المتوسط؛ وإنما ستكون بمثابة قاعدة روسية متقدمة.

2- إيران: وهي بدأت تشعر من خلال دعواتها المتكررة لعقد مؤتمر يضم النظام والمعارضة للتفاهم سياسيا، أنّ النظام السوري في طريقه إلى الانهيار رغم الدعم اللا محدود الذي قدّمته له سياسيا وماليا واقتصاديا وعسكريا وإعلاميا. ولأن إيران أحرقت كل الجسور عبر هذا الدعم المقدم لنظام الأسد مع المعارضة السورية ومع العالم العربي ومع تركيا، ولأنها لن تكون قادرة على تحمل التبعات والخسائر الإقليمية الناجمة عن الزلزال الجيوبوليتيكي الذي سيضرب المنطقة وتاليا مصالحها التي استثمرت فيها أكثر من 30 عاما في العالم العربي؛ فإنه سيكون من مصلحتها البحث عن بدائل لا سيما في حال نشوء نظام سوري جديد غير موالٍ لها.
وفي هذه الحالة؛ فإن من مصلحة إيران الدفع باتجاه إنشاء دويلة علوية إذا كان هناك قرار بذلك لأنها ستخفف من خسائر إيران في المنطقة العربية جيوبوليتيكيا، ناهيك عن أنها ستحافظ على موقع إيران سواء من ناحية كونها إطلالة على المتوسط أو من ناحية كونها امتدادا لنفوذها في لبنان عبر حزب الله وعضدا له وشوكة في خاصرة العرب وتحييدا لأي سوريا قوية.

3- حزب الله: ولا شك أنّه سيحبّذ إنشاء مثل هذه الدويلة لتكون سندا وعضدا له تستبدل النظام السوري في سوريا الأسد بنظام آخر يؤمن له نفس المنافع السابقة؛ إذ من المعلوم أنه إذا انهار نظام الأسد دون إيجاد البديل الذي يكون بمثابة الرئة التي تربط إيران بحزب الله؛ فإن دور الأخير سينتهي بشكله المعهود عاجلا أم آجلا. ولذلك نرى الدفاع المستميت من قبل حسن نصر الله تجاه الأسد ونظامه؛ بل إنّ هناك معلومات تشير إلى أنّ بعض الأوساط في حزب الله لا تتحفظ من الآن على سيناريو إنشاء دويلة علوية في حال فقد الأسد سوريا بأكملها، على الرغم من حديثهم العلني المستمر حول مخاطر التقسيم، وأن الغرب هو من يريد التقسيم، علمًا بأنّهم عمليا -كما الحال في لبنان- يدفعون إلى التقسيم بشكل ممتاز.

ثانيا:معوقات إنشاء دويلة علوية في سوريا

وعلى الرغم مما تم ذكره حتى الآن؛ فإن تقسيم سوريا وتفتيتها وإنشاء دويلة علوية فيها تتبعها دويلة كردية ليس بالأمر البسيط أو السهل أو الممكن التحقيق بهذا القدر من التصوّر، ولعل من أهم الأسباب التي تحول دون تحقيق مثل هذا السيناريو الآن حول إنشاء دويلة علوية:

1- الوضع الديمغرافي: خلافا لما يزال يعتقده كثيرون، فإن الحقيقة القائلة بأنّ المناطق الجبلية المواجهة للساحل السوري لا سيما طرطوس واللاذقية هي مناطق علوية خالصة، فذلك ليس أمرا صحيحا؛ بل إنّ عددا من هذه المدن على هذا الخط ذات أغلبية سنّية الآن كاللاذقية التي تزيد نسبة السنة فيها عن 70%، وحتى مدينة طرطوس تبلغ فيها نسبة السنة وفق بعض التقديرات 45%، أمّا الأرياف فهي مختلطة بالمجمل، وضمن هذا الاختلاط توجد قرى ذات أغلبية سنية وأخرى ذات أغلبية شيعية أو علوية، وبدون التخلص كليا من هذه الفئات السنية سيكون صعبا جدا إن لم يكن في عداد المستحيل إنشاء هذه الدويلة العلوية. فبالرغم من الهجرة السنيّة الواسعة وحجم المذابح التي تحدثنا عنها سابقا والتي تهدف إلى رسم الخط الجغرافي الداخلي لهذه الدولية؛ إلا أنها لم تنجح حتى الآن في تحقيق هدفها.

2- البنى التحتية: لأن طموح عائلة الأسد كان دوما السيطرة على كامل سوريا وليس على منطقة صغيرة فيها أو بضع قرى وبلدات؛ فإن التركيز على دعم المناطق العلوية وتنميتها دون غيرها كان ليطيح بالطموح الكبير، وبدلا من ذلك، فتح آل الأسد المؤسسات الأمنية والعسكرية لأبناء الطائفة العلوية فانتشروا في كل مفاصل الدولة وأجهزتها ومراكزها الحيوية، وأصبح الانتشار العلوي على مستوى الوطن. ولذلك فإن هذه المدن التي من المفترض أن تقام عليها دويلة علوية وفق التصورات الممكنة لا تتمتع بأي بنى تحتية مميزة على الصعيد الاقتصادي أو الخدمات بما يؤهلها لأن تكون جاهزة لإنشاء دويلة، ناهيك عن ثروات طبيعية أو صناعات تضمن ديمومتها. فباستثناء مرفأ طرطوس والواجهة البحرية، لا يوجد شيء معتبر، وإن كان هذا بدوره لا يعرقل إنشاء دويلة إذا كانت هناك نية حقيقية لإقامتها، ولكنه مؤشر على صعوبة تحقيق ذلك.

3- الوضع الجغرافي: إنشاء دويلة علوية يعني أن باقي سوريا ستكون دويلة مغلقة لا منفذ بحريا لها، ومن الصعب بمكان تخيّل أن باقي السوريين سيقبلون بذلك نظرا لما للمنفذ البحري من أهمية إستراتيجية عادة لأي دويلة بريّة، وعليه فقد يتحوّل ذلك إلى دافع إضافي لباقي السوريين لمنع إقامة مثل هذه الدويلة.

4- الوضع الأمني للمنطقة المفترضة: لا تمتلك هذه المناطق أية قدرات دفاعية معتبرة باستثناء طبيعتها الجبلية، وانسحاب الشبيحة إلى هذه الجبال، وما تبقى من العلويين في الجيش السوري إليها أيضا لا يعني أنها محصّنة، فقد يصمدون هناك لفترة من الزمن، لكن من الصعب تصوّر أنّ الجيش الحر والمقاتلين في باقي سوريا سيتوقفون في حال سقوط دمشق وانسحاب الأسد ومناصريه بعدها إلى الجبال؛ بل إنّ ذلك سيدفعهم إلى الزحف نحو ما تبقى من مناطق، فمن يسيطر على كامل سوريا لن يتوقف عند المدن التي من المفترض أن تقام عليها مثل هذه الدويلة العلوية.

5- الموقف الدولي: من المعلوم أنّ إنشاء دويلة جديدة إنما يتطلب دعم المجتمع الدولي وعدد من الدول الفاعلة إقليميا ودوليا. وعلى الرغم من المخاوف المستمرة لدى الرأي العام العربي من وجود مصلحة إسرائيلية وأخرى غربية لتقسيم الدول العربية على الدوام؛ إلا أنَّه وحتى هذه اللحظة لا يوجد دعم غربي لفكرة إقامة مثل هذه الدويلة، ولذلك سيكون من الصعب بمكان إن لم يتغير هذ الموقف أن يتم إنشاء دويلة بدعم من روسيا وإيران فقط بعيدا عن المجتمع الدولي، ناهيك عن أن إنشاء مثل هذه الدويلة سيؤدي إلى نزاعات أخرى لإقامة دويلة مماثلة سواء للأكراد أو لغيرهم في داخل سوريا وفي محيطها الإقليمي، وهو ما يعني أنّ هذه الفكرة ستحارب بشكل قوي، على الأقل إقليميا.

6- الجيش السوري الحر: أدرك مؤخرا أنّ هناك محاولات من قبل بعض الأقليات لاستغلال الأماكن التي لا يتواجد فيها من أجل القيام بمحاولات إدارة ذاتية للمناطق، ولذلك فالجيش الحر يحرص مؤخرا على تأكيد تواجده على كافة الأراضي السورية، وقد قام بإنشاء مجلسين عسكريين مؤخرا، واحد في منطقة اللاذقية، وآخر في الحسكة، لكي يكون حاضرا هناك، وبالتالي يمنع أي عملية استغلال لتجميع قوات موالية للنظام لاحقًا.

aymaan noor
01-09-2012, 01:34 PM
عن الخليج: الحملة الأمنية في الإمارات
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/imarat.jpg
Vijay Prashad
من النادر أن نرى تغطية إعلامية في الغرب عن القمع المنسق الذي يتعرض له الناشطون المطالبون بالديمقراطية في شبه الجزيرة العربية. تعد المملكة العربية السعودية الأولى بين أقرانها في الجزيرة العربية التي ترفض وبقسوة أي اقتراحات باصلاحات ديمقراطية. فقد قامت السلطات السعودية مؤخراً باعتقال رجل الدين، نمر النمر، في القطيف في عملية تم فيها إطلاق النار على قدمه وقتل آخرين في قرية العوامية. وقال وزير الداخلية، الأمير أحمد بن عبد العزيز، أن النمر هو "مثير للفتنة" و" رجل مشكوك في مستواه العلمي وحالته العقلية، وأن الطرح الذي يطرحه يظهر إلى أي مدى يعاني من قصور وخلل عقلي". وبناء عليه، فأنت مختل عقلياً إن حاولت أن تدعو إلى الديمقراطية في المملكة العربية السعودية. وهكذا، فالنمر ليس حالة منفردة. فقد اعتقلت السلطات رائف البداوي، رئيس تحرير الليبراليين السعوديين الأحرار، ونشطاء آخرون مثل محمد الشكوري من القطيف، مركز العنف. يستعمل السعوديون قوانين الكفر بأسلوب ذكي لضرب نشطاء الديمقراطية بقوة. فالنشطاء هم "فئات ضالة"، أي أنهم أشخاص ضلوا طريق الحق، ولا ينفع مع هؤلاء إلا هراوة السلطة لتعيدهم إلى جادة الصواب.

منذ ما يقرب من عام، لم تتوقف السلطات البحرينية عن حملتها الأمنية ضد دعاة الديمقراطية. ومؤخراً، تم اعتقال نبيل رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان وأحد السجناء القدامى في سجون آل خليفة، بتهمة إرسال تغريدة مهينة. في الثاني والعشرين من يونيو، قام ما يقرب من اثنين وعشرين ناشطاً من حزب الوفاق بقيادة زعيمهم، الشيخ علي سلمان، بالتظاهر في شرق المنامة حاملين الزهور. قامت الشرطة بمواجهتهم بالغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت مما أدى لجرح معظم المتظاهرين. لقد تدهورت الأمور في البحرين لدرجة أن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أصدر بياناً يدعو فيه الملك، حمد بن عيسى آل خليفة، لتطبيق توصيات لجنة التحقيقات البحرينية المستقلة التي عينها بنفسه. وفي تطور غير مفاجئ، فقد جلست الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وسبع دول أوروبية أخرى من ضمنها السويد، صامتين ولم يؤيدوا الإعلان.

أما في الامارات العربية المتحدة (وهو اتحاد من سبع إمارات يضم الاماراتين الشهيرتين أبو ظبي ودبي) فقد أخذت الأمور منحى آخر للأسوأ . فقد أظهرت السلطات هناك قسوة في التعامل مع "الإصلاح"، وهي منظمة للاصلاح والإرشاد الاجتماعي. فمنذ مارس في العام الحالي، اعتقلت السلطات الاماراتية خمسين ناشطاً على الأقل، وبضمنهم محامين لحقوق الإنسان مثل محمد الركن، ومحمد المنصوري، إضافة لخليفة النعيمي وهو مدون ومغرد على التويتر. بدأ الهجوم على "الإصلاح" في ديسمبر 2011، حين وصل حماس الربيع العربي إلى المدن المطلية بالذهب، وقامت السلطات على الفور باعتقال القادة الرئيسيين وتجريدهم من ***ياتهم الاماراتية. أصدر الاماراتيون السبعة، كما يطلقون على أنفسهم، بياناً يدعون فيه إلى الإصلاح "في السلطة التشريعية حتى يمكن تحضير الجو لانتخابات برلمانية عامة". لم يحدث شيء من هذا القبيل، وبالتأكيد فإن الضربة الساحقة التي تلقاها الناشطون كانت سريعة و مؤثرة.

في الرابع والعشرين من يوليو، صدر الحكم على الدكتور أحمد يوسف الزعبي، أستاذ القانون في جامعة الشارقة والقاضي السابق، بالسجن لمدة عام بتهمة التزوير. زعمت الحكومة أنه قد انتحل شخصية أخرى (مهنته في الجواز قاض رغم أنه قد تم فصله بعد أن ساند دعوة الاصلاح السياسي عام 2003). تعد الاعتقالات الأخيرة جزءاً من سياسة عامة بعدم التسامح مع التنوع السياسي وضد أي دعوة للإصلاح. في الأول من أغسطس، دعا جو ستروك، من منظمة هيومان رايتس ووتش، الولايات المتحدة وبريطانيا "للتحدث بشكل علني وفي الاجتماعات مع المسؤولين الاماراتيين حول ردود الفعل القاسية على دعوات معتدلة تطالب باصلاحات ديمقراطية متواضعة". في المقابل هناك صمت مطبق من وزيرة الخارجية الأميركية التي قالت في الحادي عشر من فبراير 2011، إن الولايات المتحدة ستساند " المواطنين الذين يعملون لجعل حكوماتهم أكثر انفتاحاً، وشفافية، وتقبلاً للمحاسبة". إلا أن علامة الترقيم على هذا التصريح تشير إلى ملاحظة مفادها : "مواطنو دول الخليج غير مشمولين بهذا".

ديمقراطية الصحراء العربية

كتب مهندس دبي، جون هاريس، في خطته الرئيسية عام 1971 أن النظام السياسي في الامارات العربية المتحدة كان "ديمقراطية صحراوية عربية تقليدية تمنح الحاكم سلطة مطلقة" ( هذا اقتباس من من كتاب أحمد كنه الرائع الصادر في 2011 : دبي المدينة الشركة). إن تعبير "الديمقراطية الصحراوية" أصبح كليشيهاً متداولاً في السبعينات. في عام 1967، نشرت مجلة التايم قصة عن الكويت وصفتها فيها بأنها "ديمقرطية صحراوية"، وهو عنوان أعادت المجلة استعماله في عام 1978 في قصتها عن السعودية. إن فكرة "الديمقراطية الصحراوية" تشير إلى سماح الملكيات الخليجية بتشكيل المجلس، وهو مجلس يقوم باسداء النصح للملك أو الأمير، في نفس الوقت الذي تتعهد فيه الامارة الغنية بالنفط بتوفير دفعات مالية لمواطنيها لمكافأتهم على حسن سلوكهم ( في عام 1985، قال زعيم الحزب الشيوعي السعودي المحظور أن هذه الدفعات جعلت العمال السعوديين أفراداً تحابيهم الثروة). إذا تم خرق هذا الميثاق الأساسي، عن طريق الدعوة إلى مزيد من الديمقراطية على سبيل المثال، فإن الملك أو الأمير سيضطر لاستعمال الخيار الأمني. يبدو وكأن ملوك وأمراء الخليج قد قرأوا برنارد لويس، أستاذ برنستون الجليل، والذي يقول في كتابه (أين الخطأ؟ الصدام بين الحداثة والاسلام في الشرق الأوسط - 2001) إن " كل أعمدة الاستشراق مثل المجتمع القبلي، والتحزب العربي وغيرها تتهاوى".

إن ضباب الثقافة مقبول، ولكنه يعمي الانسان عن تفسيرات أكثر بساطة. فأمراء الخليج ليسوا معنيين بمشاركة شعوبهم في السلطة لأنهم قد يُسألوا أسئلة محرجة عن البذخ الذي تعيش فيه العوائل الحاكمة من دولارات البترول. لا يمكن لأي من النخبة أن يذعن للديمقراطية برغبته الحرة، "أكثر شيء معيب في العالم" كما وصفه إدموند بيرك. كانت هناك آمال طيبة منذ الخمسينات أن "الجيل القادم" من عرب الخليج سيكون أكثر اعتدالاً من سابقيهم، وأن المسافة التي ستبعدهم عن خيامهم ستجعلهم أكثر ليبرالية. يبلغ الملك السعودي، عبد الله بن عبد العزيز، السابعة الثمانين من العمر، ويبلغ ولي عهده، سلمان بن عبد العزيز، سبعة وسبعين عاماً وهو مريض، ولم يظهر أي من الأمراء الشباب حتى الآن أي رغبة في التحرك نحو الإصلاح لأن النتائج ستكون كارثية فيما يخص سيطرتهم على الثروة. تعرف الولايات المتحدة تماماً تفاصيل هذا الوضع، ففي برقية للخارجية الأميركية أرسلت عام 1996 هناك حديث عن أن "الأمراء يبدون أكثر قدرة على تبذير الثروة منهم على الاحتفاظ بها..وطالما ظل أمراء آل سعود ينظرون للسعودية وثروتها النفطية على أنها شركة لآل سعود، فإن الآلاف من الأمراء والأميرات سيرون أنه حق مكتسب بالولادة أن يستلموا دفعات مالية وأن يستمروا بالإغارة على صندوق النقود"، فالإصلاح يشتت تفكيرهم عن سلب الأموال.

كتب السفير الأميركي، جيمس سميث، لوزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، في فبراير 2010، أنه ثبت أن العلاقات السعودية- الأميركية "صامدة"، وقد قيل نفس الكلام فيما يخص العلاقات الأميركية والأوروبية مع دول الخليج الأخرى. النفط بالطبع هو المفتاح، ولكنه ليس الشيء الوحيد، فالسيطرة السياسية من خلال القواعد العسكرية هي على نفس الجانب من الأهمية. فمن بين العديد من القواعد، تعد قاعدة الدعم البحري في البحرين، وقاعدة الظفرة في الإمارات العربية المتحدة، والقاعدة الجوية في العديد في قطر أكثرها أهمية. يمكن للغرب أن يلقي جانباً بأوهام الديمقراطية وما شابهها من أفكار ليخلق تحالفاً واقعياً مع عرب الخليج الذين يشاركون الولايات المتحدة، وحسب تعبير السفير سميث، "رؤية مشتركة للتهديدات التي يمثلها الإرهاب والتطرف، والخطر الذي تمثله إيران". إن أحد أهم الأخطار التي تمثلها إيران هو محاولتها تصدير أسلوبها في الديمقراطية الإسلامية، والتي تمثل لعنة على الملكيات الحاكمة في الخليج. لهذا، فقد وقفت الولايات المتحدة وراء الارستقراطية ضد الديمقراطية.

إن قوة ملوك الخليج تتزايد رغم أنهم أقل إستقراراً، فقد عبر الناس مراحل الميثاق، والحوار وهم يطلبون ما هو أكثر الآن.

يسدل الليل أستاره، ويتحرك رجال المخابرات والمطاوعة (الشرطة الدينية)، هناك إطلاق نار، صرخات تدوي، ثم يسود صمت مطبق.

aymaan noor
02-09-2012, 05:11 PM
تحولات هيكلية
قراءة في خطاب مرسي بقمة عدم الانحياز في طهران
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/c2be3493ce42ee658842d93c6d54529d_L.jpg
محمد عبدالله يونس
مدرس مساعد في كلية الاقتصاد والسياسية جامعة القاهرة
لم يكن خطابُ الرئيس المصري د. محمد مرسي في الجلسة الافتتاحية لقمة دول عدم الانحياز في طهران مجردَ اتباعٍ تقليدي للمراسم الدبلوماسية المتبعة في تسليم رئاسة الحركة؛ وإنما جاء الخطابُ متضمنًا رسائلَ ودلالاتٍ كاشفةً عن تحولات هيكلية في ثوابت وتوجهات السياسة الخارجية المصرية تجاه الإقليم، وما يرتبط بها من رسائل موجهة
للداخل لتدعيم أركان الجمهورية الثانية بسياسة خارجية مستقلة، استنادًا إلى مركزية الدور المصري في منطقة الشرق الأوسط، واستغلالًا للدلالات الفارقة لأول زيارة رئاسية مصرية لطهران منذ عقود في خضم التجاذبات الإقليمية حيال الأزمة السورية أسفرت إجمالا عن انقسامات معقدة وثنائيات استقطابية والتحولات الداخلية الملحقة بالموجات الارتدادية للربيع العربي.

استقطاب إقليمي جديد

أثرت متغيرات عديدة على خطاب الرئيس مرسي بطهران، أهمها الجدل المحتدم إقليميًّا حول دلالات زيارته لطهران، ومدى اعتبارها مؤشرًا على تقاربٍ مصري إيراني، وإعادة تشكيل للتحالفات وتوازن القوى الإقليمي، لا سيما وأن الزيارة تأتي مسبوقة بزيارة الرئيس مرسي للصين، أحد أهم الحلفاء الإستراتيجيين لطهران والداعمين لنظام بشار الأسد في سوريا.

وفي السياق ذاته ارتبطت الخطابات بانتقادات داخلية متصاعدة من جانب رموز التيار السلفي باعتبار زيارة طهران تدعيمًا للمحور الشيعي في المنطقة، في ظل الأبعاد الطائفية للصراع الداخلي في سوريا، والتحالف الوثيق بين النظام العلوي في سوريا والنظام الإيراني، ومن هذا المنطلق بدت الرسائل التي حرص مرسي على إيصالها كالتالي:

- استهل الرئيس محمد مرسي خطابه بالثناء على الصحابة (أبو بكر وعمر وعثمان وعلي) في رسالة موجهة لتأكيد الخلافات المذهبية الدينية بين إيران والدول الإسلامية السنية، وأنها خلافات هيكلية لا يمكن تجاوزها لا سيما في ظل الأبعاد الطائفية والمذهبية في السياسة الإقليمية لطهران، وشبكة علاقاتها المعقدة بالقوى الشيعية في العراق ولبنان وسوريا ودعمها لتسييس الطائفية في المنطقة.

- تضمن الخطابُ إشارة الرئيس مرسي إلى جهود الرئيس عبد الناصر في تأسيس حركة عدم الانحياز، وأنه كان يعبر عن إرادة الشعب المصري، بما يكشف عن انتقال الرئيس مرسي من مرحلة التوظيف الانتقائي أيديولوجيا للتاريخ المصري -المرتبط بالقطيعة التاريخية بين الإخوان والنظام الناصري- إلى توظيف المكانة المصرية التاريخية في استعادة حيوية الدور المصري في دوائر السياسة الخارجية المصرية، لا سيما الدائرة الإفريقية ودائرة دول الجنوب التي شهدت انسحابًا للدور المصري خلال فترة حكم الرئيس السابق مبارك.

- أغفل الرئيسُ المصري الحديث عن ثورة البحرين في إطار إشارته للثورات العربية في مصر وتونس وليبيا واليمن، فيما يحمل دلالات قوية على الموقف المصري حيال الأبعاد المذهبية لتلك التحولات الداخلية، والتأكيد على دعم دول مجلس التعاون الخليجي في مواجهة القوى الشيعية المرتبطة بإيران بعلاقات وثيقة، وهو ما يمكن اعتباره انخراطًا للنظام المصري في المحاور المذهبية المتقاطعة في منطقة الشرق الأوسط، وانحيازًا للمحور السني الذي يضم المملكة العربية السعودية في مواجهة الاستقطاب الإقليمي الذي تقوده إيران.

- تضمن خطاب الرئيس انتقادات حادة لنظام بشار الأسد في سوريا المتحالف مع طهران؛ حيث أكد على دعم الشعب السوري ونضاله ضد النظام القمعي، داعيًا دول عدم الانحياز إلى دعم مطالب الثورة السورية، والانتقال السلمي إلى نظام ديمقراطي يحفظ سوريا من الحرب الأهلية أو التقسيم اعتمادًا على المبادرة المصرية، موجها دعوته لتوحيد صفوف المعارضة السورية بما يعكس تحولا هيكليا في الموقف الرسمي لمصر قبيل تولي الرئيس مرسي مهام منصبه الذي ارتكز على تجنب الانحياز لأي من أطراف الصراع في سوريا، والتركيز على التفاوض لتسوية الصراع دون إدانة أي طرف.

- شدد الخطاب على الركائز التقليدية للسياسة الخارجية المصرية في الدائرة الشرق أوسطية لا سيما القضية الفلسطينية والحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني ومبادرات منع الانتشار النووي في المنطقة وانتقاد الممارسات الإسرائيلية في كلتا القضيتين، بما يعكس استمرارية للسياسة الخارجية المصرية رغم التحولات الهيكلية داخليًّا.

أبعاد التحول وتداعياته

يكشف خطاب الرئيس مرسي عن مراجعة هيكلية لثوابت السياسة الخارجية المصرية في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما تجاه التجاذبات المذهبية والصراعات الداخلية المحتدمة في سوريا بما استتبع تداعيات آنية لتلك التحولات ليس أقلها انتقادات أقطاب نظام الأسد لخطاب الرئيس مرسي، واعتبار وزير الخارجية السوري وليد المعلم الخطاب المصري "تحريضا على سفك الدماء في سوريا" على حد تعبيره.

بينما ارتبطت دلالات الخطاب باستعادة الثقل المصري في توازن القوى الإقليمي والالتزامات المصرية تجاه الأمن في المنظومات الإقليمية الفرعية، لا سيما تجاه أمن الخليج خاصة في ظل المخاوف من تقارب مصري إيراني بدايته زيارة الرئيس مرسي لطهران، في حين ظهر من الخطاب والمبادرة المصرية سعي الرئيس المصري إلى تدعيم محور إقليمي جديد يضم تركيا والمملكة العربية السعودية والأردن يستدعي الأزمة السورية لمراجعة توازنات القوى الإقليمية والدور الإيراني في أزمات الإقليم.

وفي السياق ذاته؛ حملت المشاركة المصرية في قمة عدم الانحياز بطهران رسائل أخرى لمختلف الأطراف الإقليمية والدولية بتأسيس نهج جديد للسياسة الخارجية المصرية يقوم على الاستقلالية، وعدم الاستجابة للضغوط الهادفة إلى تحديد مسارات الحركة الخارجية المصرية وأولويات السياسة الخارجية المصرية، فضلا عن اتجاه مصر للإفادة من توازنات القوى الإقليمية والدولية في تعظيم العوائد الداخلية للسياسة الخارجية المصرية.

كما لم يخل الخطاب من إدراك لانعكاساته الداخلية في تدعيم أركان الجمهورية الثانية بزعامة مرسي، وتثبيت أركان التحالف بين الإخوان والتيارات السلفية الداعمة لرئاسة مرسي، فضلا عن حشد التأييد الشعبي له ولجماعة الإخوان المسلمين قبيل الاستفتاء على الدستور والانتخابات البرلمانية المقبلة استغلالا للتعاطف الشعبي المصري مع الثورة
السورية ونزعة التدين لدى الجماهير المصرية في إطار التوظيف السياسي لقضايا السياسة الخارجية بصورة غائية.

darch_99
02-09-2012, 08:30 PM
جزاك الله خيرا اخي السيد / ايمن نور
مقال جيد جدا وفيه الكفاية ولكن ما اثار انتباهي حقا في هذا المقال وهذا هو الجديد
- تضمن الخطابُ إشارة الرئيس مرسي إلىجهود الرئيس عبد الناصر في تأسيس حركة عدم الانحياز، وأنه كان يعبر عنإرادة الشعب المصري، بما يكشف عن انتقال الرئيس مرسي من مرحلة التوظيفالانتقائي أيديولوجيا للتاريخ المصري -المرتبط بالقطيعة التاريخية بينالإخوان والنظام الناصري- إلى توظيف المكانة المصرية التاريخية في استعادةحيوية الدور المصري في دوائر السياسة الخارجية المصرية، لا سيما الدائرةالإفريقية ودائرة دول الجنوب التي شهدت انسحابًا للدور المصري خلال فترةحكم الرئيس السابق مبارك.



فحقا كلمات رائعة فجزاك الله خيرا ويدل علي ان الرئيس مرسي له نظرة افق واسعة جدا

فبفضل الله هو رجل موفق والسلام

aymaan noor
02-09-2012, 08:54 PM
جزاك الله خيرا اخي السيد / ايمن نور
مقال جيد جدا وفيه الكفاية ولكن ما اثار انتباهي حقا في هذا المقال وهذا هو الجديد


[color=blue]جهود الرئيس عبد الناصر في تأسيس حركة عدم الانحياز، وأنه كان يعبر عنإرادة الشعب المصري، بما يكشف عن انتقال الرئيس مرسي من مرحلة التوظيفالانتقائي أيديولوجيا للتاريخ المصري -المرتبط بالقطيعة التاريخية بينالإخوان والنظام الناصري- إلى توظيف المكانة المصرية التاريخية في استعادةحيوية الدور المصري في دوائر السياسة الخارجية المصرية، لا سيما الدائرةالإفريقية ودائرة دول الجنوب التي شهدت انسحابًا للدور المصري خلال فترةحكم الرئيس السابق مبارك.


[b][size=3]

فحقا كلمات رائعة فجزاك الله خيرا ويدل علي ان الرئيس مرسي له نظرة افق واسعة جدا

فبفضل الله هو رجل موفق والسلام


جزيل شكرى وتقديرى لحضرتك ، و لايختلف اثنان على قيمة الخطاب الذى القاه الرئيس ، و هذا بالطبع لايلغى ضرورة تحليله و نقده من المتخصصين ، فلا عبادة لشخص مهما علا قدره ، ولكن رؤية واضحة و تحليلية لاظهار مواطن القوة والضعف
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

aymaan noor
02-09-2012, 09:11 PM
عن الحلم الاجتماعي والأمن والفساد
http://www.jadaliyya.com/content_images/3/AlyElRaggalArticle.jpg
علي الرجال
يجادل البحث في هذه الجزئية أن الحلم الاجتماعي والخيال السياسي في مصر متمحوران حول الأمن والفزع وبشكل رئيسي حول ثلاثة نقاط. الأولى هي تأمين وظيفة عمل والثانية هي الخدمات العامة للمنطقة من خلال نواب مجلس الشعب. والثالثة هى سلامة الجسد من ممارسات الشرطة أو البلطجية. ولهذا كانت لجان التفتيش الليلية أو في بعض النقاط المهمة في الشوارع المصرية بمثابة الرعب الأكبر لراكبي المكيروباص. أضف إلى ذلك توغل مؤسسة الشرطة في المناطق الشعبية على وجه الخصوص من خلال المخبرين والأمناء. وهنا لا يتعامل المخبر أو الأمين ككونه فرداً في المجتمع. ولكن تتجسد وتحل فيه سلطة المؤسسة الشرطية.

وبما أن الشرطة كانت الجهاز الأكثر أهمية في الدولة في نظام مبارك وكانت تفعل ما يحلو لها ويدها مطلقة في وعلى المجتمع كان المخبر هو الآخر ذو يد طائلة. ولم يكن مستغرباً أن أحد أحلام الفتيات في مصر وبعض الأهالي في المناطق الفقيرة هو الزواج من ضابط شرطة أو مخبر أو أمين شرطة. فقد كان هذا يعني توفير الأمن لها ولأهلها بالإضافة إلى التلذذ بقدر كبير من ممارسة السلطة وتدوير القهر على آخرين. وبالطبع كان البطجي هو الآخر أحد أهم أبطال المشهد اليومي. فتقارير كثيرة تشير إلى استخدام الشرطة وبالأخص جهاز أمن الدولة لجيوش من البلطجية. وهو ما يعني أن البلطجي لم يكن خارجاً على القانون بل كان جزء أصيلاً من تركيبة السلطة في النظام السياسي وهو انعكاس آخر للمؤسسة.

وهكذا يتضح أن إنتاج الفزع واللاأمن كان عملاً ممنهجاً للسيطرة على المجتمع. وبالطبع فإن غياب مشروع تنموي لنظام مبارك ومساحات العشوائيات الواسعة التي شهدها عصره ساعدا على تخصيب التربة الاجتماعية لهذه الممارسات ولخلق حالة من الفزع الاجتماعي الدائم. وقد أوضح فيلم مثل "حين ميسرة" للمخرج خالد يوسف عمق الواقع الاجتماعي والعلاقات المتداخلة مع السلطة والتي تمثلت في علاقة بطل الفيلم الذي تحول إلى بلطجي وتابع لجهاز الشرطة. ولكن لم يخرج الفيلم من إطار خلق الفزع وتنميط سكان هذه المناطق وتصويرهم –حتى وإن لم يرد مخرج الفيلم ذلك- على أنهم تهديد أمني كبير وأنهم ينتظرون اللحظة المناسبة للانقضاض على بقية المجتمع وتجسيدهم كتهديد من ثورة الجياع. وهي النظرية التي أثبتت الثورة المصرية فشلها.

إلا أن هذا النوع من الخوف والفزع قد تجلى بوضوح في معمار وهندسة المدن أو الأحياء الجديدة داخل القاهرة على سبيل المثال. فهذه المدن تتسم بارتفاع أسوارها المذهل وتشديد النزعة الأمنية على المحيط الخارجي وعملية المراقبة والتأمين تقوم على مبدأ استباقي؛ أي أن المراقبة تتم على ما هو خارج أسوار المدينة وليس على داخلها. وكأن المدن الجديدة في القاهرة تحاول حماية نفسها من المدينة القديمة. وهذا يؤدي إلى خلق ثنائية جامدة في المجتمع وفرزه بشكل شديد على أساس أمني وطبقي. وهو الأمر الذي يقود إلى إنقسام المجتمع على ذاته وتعزيز الخوف بين شرائحه المختلفة. بل أكثر من ذلك؛ فهذا النمط من التقسيم يولد قدراً هائلاً من الحقد عند طرف، ومن التوحش عند الطرف الآخر.

ولقد عبرت رواية "يوتوبيا" لـ-أحمد خالد توفيق بشكل خيالي/واقعي عن هذين العالمين والواقع المادي والنفسي لكل منهما. فعلى طريقة فرانز فانون يصف خالد توفيق مدى وحشية العالم المترف وعدم تورعه في استغلال الثروات ونهبها وما يتولد من إنحطاط أخلاقي في مثل هذا المجتمع وعدم اكتراثه بأي منظومة للقيم غير اللذة وشهوة الاستهلاك والهوس المفرط بتأمين الذات من الآخر. ويستعين أفراد العالم الفوقي/المدن الجديدة بحراسات خاصة مما يكون منظومة أمنية مستقلة عن الدولة وبقية المجتمع، إضافة للأمن الذي توفره الدولة لهذه المناطق بحكم أن سكانها هم النخبة الحاكمة. وفي الرواية-مثلما في الحقيقية- تحظى هذه الأحياء بكافة الخدمات. وفي العالم الثاني يصف لنا توفيق، كما نرى على أرض الواقع إذا قارنا حياً مثل التجمع الخامس بعشوائيات القاهرة- عمق تدهور الأوضاع وما ساءت إليه الأمور من فقر وهمجية وحالة الذل والمهانة السائدة في هذا العالم. وفي حقيقية الأمر أن مثل هذا النمط في البناء وهندسة المساحة وهيكلتها يعكس طبيعة استعمارية أمنية عسكرية في بناء المجتمع. فهو عودة مرة أخرى إلى الهيكلة التي تمت في عهود الاستعمار.

فعلى حسب وصف فرانز فانون تقوم تلك المجتمعات على هذا التقسيم بين مساكن السكان الأصلين وبين المستعمر الذي تلتحق به لاحقاً النخبة الوطنية التي يخلقها. وعلى حسب وصف فانون فالسكان الأصلين يبدأن في اشتهاء كل ما يملكه المستعمر حتى نسائهم (Fanon, 2004: 3-4). ولقد عبر أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام بوصف رائع لتلك الثنائية في أغنيتهم التي حملت أسم "هما مين وإحنا مين". وفي هذه الأغنية يتم وصف الاختلاف في المسكن ونوعية النساء والطعام وإيقاع الحياة بشكل عام ومن هم وقود الحرب. وهذه الهندسة للمجتمع تعكس تغول النزعة الأمنية الوقائية لفئة من فئة أخرى من أبناء نفس الوطن. وينتشر في البنية العقلية لكلا الطرفين أمر خطير وهو الخوف المتبادل؛ فالطرف الأغنى عنده شعور دائم بأن المهمشين سيقومون بالانقضاض عليه في أي لحظة لسرقته. وكذلك الطرف الفقير؛ فهو يشعر أن الطرف الغني سينقض لهدم مناطقه في أي لحظة لبناء مشاريع استثمارية على ما تبقى من أرضه ومساكنه المهلهلة. وبسبب هذه الثانئية الأمنية والطبقية تولد حالة شديدة من العداء الكامن في نفسية كل طرف للآخر.

وعلى نطاق مجتمعي أوسع من العشوائيات، تسبب غياب دور الدولة في التوظيف والمحور الاقتصادي بشكل عام وتوحش سياسات الخصخصة بالأخص بتحول جذري في المجتمع حيث تمحور حلم قطاعات واسعة من الطبقات المعدمة وغير المعدمة حول تأمين وظيفة عمل. فالأهالي –من مختلف الطبقات- التي تحملت معاناة كبيرة في تعليم الأبناء أصبحت أمام عبء آخر أكثر ثقلاً من العملية التعليمية ذاتها وهو توظيف هذه الأعداد المهولة من الخريجين. ولقد تخلت الدولة عن هذا الدور بشكل كامل تقريباً مع اكتمال مشروع الخصخصة وتبني السياسات النيوليبرالية مع حلول الألفية. وصارت عملية التوظيف في يد رجال الأعمال إما بشكل مباشر عن طريق التعيين فيما يملكون من مؤسسات وشركات اقتصادية أو من خلال الوساطة في شركات أجنبية ومؤسسات دولية تربطهم بها شبكة علاقات واسعة من المصالح الاقتصادية والاجتماعية. ولقد ضم الحزب الوطني أغلب رجال الأعمال في مصر. أضف إلى هذا هيمنته الكاملة على النظام العام حيث كان يمثل النظام السياسي والاقتصادي والدولة معاً.

ومن هنا نستطيع فهم شيئين. أولاً، حرص مرشحو الوطني من رجال الأعمال على الوصول إلى البرلمان لضمان استمرار مصالحهم الاقتصادية من خلال احتلال البنية التشريعية في الدولة. ثانيًا، نجاح أغلب هؤلاء المرشحين ودعمهم من قطاعات جماهيرية واسعة. فلقد تم اختزال الجانب الاقتصادي في رجال الأعمال وتم اختزال الدولة في الحزب الوطني. فهذا التماهي بين النظام السياسي والدولة والحزب الوطني جعلنا أمام الدولة متجسدة في كيان واحد من بداخلها يحظى ببعض ما يمكن أن تقدمه له الدولة من خدمات. أما من هو خارجها فهو خارج العملية بالكلية وعليه البحث عن منافذ أخرى لا علاقة لها بالدولة. ومن هنا حدث تزاوج بين الحلم الاجتماعي والوعد السياسي. والحقيقية أن الوعود المقدمة من مرشحي الحزب الوطني المنحل لم تكن تمثل وعود مرشحين سياسين على الأطلاق، بل كانت وعود دولة.

ومن هنا نستطيع أيضاً فهم صعوبة منافسة أحزاب أخرى للحزب الوطني باستثناء الإخوان المسلمين. لعدة أسباب. أولاً: تغلغلهم داخل البينة الاجتماعية وتواجدهم الدائم مع الجماهير من خلال مؤسساتهم الممتدة من التعليم إلي الصحة وبساطة الأفكار وقدرتهم على فهم الواقع اليومي المعاش للجماهير. ثانياً: خطابهم الممزوج بين الديني والخدمي. ثالثاً: شبكة المصالح الاقتصادية القادرة على منح خدمات للمواطن بشكل يومي. رابعاً، قدرتهم على الوفاء بالوعد السياسي للجماهير. خامساً: ثقة قطاعات واسعة من الجماهير في هذه الخدمات؛ حيث لا تنقطع بعد الانتخابات ولا ترتبط بالمكسب أو الخسارة السياسية. علي سبيل المثال، المؤسسات الطبية المختلفة المتواجدة في الإسكندرية التابعة للإخوان المسلمين لا تتوقف عن تقديم خدماتها بل تتسم في كثير من الأحيان بالجودة. سادساً، تشابه بنية تنظيم الجماعة ومحاكاته لفكرة وتنظيم الدولة وتملكها لبنية تحتية موازية. وبهذا تستطيع الجماعة مناورة الحزب الوطني حيث لا يتفاعل كلاهما كأحزاب أو حركات ولكن كدول مع فارق الإمكانيات والقدرات وتفوق كل منهم على الآخر في مواقع مختلفة.

ولنتناول سريعاً النقطة الأخيرة وهى علاقة الفساد بتوليد الأمن والفزع. كما أشرنا سابقاً ضرب الفساد بجذوره أفقياً ورأسياً في المجتمع المصري والدولة والنظام السياسي. إلا أن الأمر الأخطر هو تحول الفساد إلي نظام حياة حيث لا يستقيم النظام بدون ممارسة قدر كبير أو صغير منه حسب ما تقتضيه الحاجة. وهو ما يسبب حالة خوف كبيرة في قطاعات واسعة من المجتمع من محاولة انتزاعه. حيث يتسبب انتزاع الفساد لتعرض المنظومة العامة للانهيار والتخبط. وهو الأمر الذي عبر عنه سائق شاحنة نقل ثقيل في حوار دار بينه وبين الباحث في إحدى اللجان الشعبية. كان الرجل ناقماً بشدة على الثورة لدرجة تثير الاستغراب. وحينما تم سؤاله عن وظيفته هل تعرض لمضايقات أمنية واستغلال من قبل أفراد الشرطة، أجاب أنه أمر معتاد ويحدث له بشكل يومي وفي محافظات كثيرة. إلا أنه قبل الثورة كان يعرف كيف يتعامل داخل المنظومة التي ألفها وتملك مفاتيح التعامل معها. وقد قال نصاً: قبل الثورة كنت أحضر الخمسين جنيهاً للأمين أو المخبر في أماكن الكمائن المعروفة وبعد إعطائه له كانت تسير الأمور على مايرام أما الآن فأنا لا أعرف كيف أتصرف. ويشير الدكتور محمد بشير صفار أن الفساد في مصر تحول إلى أحد أهم ميكنزمات إعادة توزيع الثروة. وهكذا يرتبط الفساد هو الآخر بحالة شديدة من الأمننة. لأن حتى انتزاع الفساد لم يعد قضية سياسية أو اقتصادية في المقام الأول ولكن صار أزمة أمنية تهدد مسار الحياة اليومية للمواطن المصري.

لم يتم تطوير الأفكار بخصوص الخلفيات النفسية والاجتماعية للعالمين من خلال قراءة فانون ويوتوبيا فقط. بل تمت في حقيقية الأمر قبل قراءة كل منهما من خلال تجربة عملية للباحث في أحداث منطقة طوسون الشعبية بالإسكندرية. حيث قامت قوات الأمن والمحافظة باجتياح المنطقة والهجوم على الأهالي وسحق منازلهم لصالح بعض المشاريع الاستثمارية. وكان الباحث أحد النشطاء والصحفين المهتمين بتلك القضية وقضى وقتاً طويلاً معها ومع أهالي طوسون ومازالت تربطهم به علاقات طيبة حتى اليوم.

darch_99
02-09-2012, 09:45 PM
مقال مثالي لوصف جزء منالحالة السياسية ايام مبارك

جزاك الله خيرا

ومما ينتبه له في هذا المقال

ولنتناول سريعاً النقطة الأخيرة وهى علاقة الفساد بتوليد الأمن والفزع. كما أشرنا سابقاً ضرب الفساد بجذوره أفقياً ورأسياً في المجتمع المصري والدولة والنظام السياسي. إلا أن الأمر الأخطر هو تحول الفساد إلي نظام حياة حيث لا يستقيم النظام بدون ممارسة قدر كبير أو صغير منه حسب ما تقتضيه الحاجة. وهو ما يسبب حالة خوف كبيرة في قطاعات واسعة من المجتمع من محاولة انتزاعه. حيث يتسبب انتزاع الفساد لتعرض المنظومة العامة للانهيار والتخبط. وهو الأمر الذي عبر عنه سائق شاحنة نقل ثقيل في حوار دار بينه وبين الباحث في إحدى اللجان الشعبية. كان الرجل ناقماً بشدة على الثورة لدرجة تثير الاستغراب. وحينما تم سؤاله عن وظيفته هل تعرض لمضايقات أمنية واستغلال من قبل أفراد الشرطة، أجاب أنه أمر معتاد ويحدث له بشكل يومي وفي محافظات كثيرة. إلا أنه قبل الثورة كان يعرف كيف يتعامل داخل المنظومة التي ألفها وتملك مفاتيح التعامل معها. وقد قال نصاً: قبل الثورة كنت أحضر الخمسين جنيهاً للأمين أو المخبر في أماكن الكمائن المعروفة وبعد إعطائه له كانت تسير الأمور على مايرام أما الآن فأنا لا أعرف كيف أتصرف. ويشير الدكتور محمد بشير صفار أن الفساد في مصر تحول إلى أحد أهم ميكنزمات إعادة توزيع الثروة. وهكذا يرتبط الفساد هو الآخر بحالة شديدة من الأمننة. لأن حتى انتزاع الفساد لم يعد قضية سياسية أو اقتصادية في المقام الأول ولكن صار أزمة أمنية تهدد مسار الحياة اليومية للمواطن المصري.


ما نحن فيه الان هي مرحلة بالتاكيد ستكون افضل من فترة السنة ونصف التي قضينها في ظل المجلس العسكري الذي كان امتدادا طبيعيا لنظام مبارك واظن ان العجلة بدأت تدور ولله الحمد والمنة ويا شعب مصر صبرت ثلاثون عاما من القهر وسنة ونصف اسوأ في مع المجلس العسكري
فلنصبر قليلا لا اقول سنوات بل شهور فقط حتي يتنبن لنا والله ان طلائع الغد تخفي وراءها خيرا كثيرا بإذن الله

باراك الله فيك اخي الحبيب

aymaan noor
02-09-2012, 09:59 PM
مقال مثالي لوصف جزء منالحالة السياسية ايام مبارك

جزاك الله خيرا

ومما ينتبه له في هذا المقال
ولنتناول سريعاً النقطة الأخيرة وهى علاقة الفساد بتوليد الأمن والفزع. كما أشرنا سابقاً ضرب الفساد بجذوره أفقياً ورأسياً في المجتمع المصري والدولة والنظام السياسي. إلا أن الأمر الأخطر هو تحول الفساد إلي نظام حياة حيث لا يستقيم النظام بدون ممارسة قدر كبير أو صغير منه حسب ما تقتضيه الحاجة. وهو ما يسبب حالة خوف كبيرة في قطاعات واسعة من المجتمع من محاولة انتزاعه. حيث يتسبب انتزاع الفساد لتعرض المنظومة العامة للانهيار والتخبط. وهو الأمر الذي عبر عنه سائق شاحنة نقل ثقيل في حوار دار بينه وبين الباحث في إحدى اللجان الشعبية. كان الرجل ناقماً بشدة على الثورة لدرجة تثير الاستغراب. وحينما تم سؤاله عن وظيفته هل تعرض لمضايقات أمنية واستغلال من قبل أفراد الشرطة، أجاب أنه أمر معتاد ويحدث له بشكل يومي وفي محافظات كثيرة. إلا أنه قبل الثورة كان يعرف كيف يتعامل داخل المنظومة التي ألفها وتملك مفاتيح التعامل معها. وقد قال نصاً: قبل الثورة كنت أحضر الخمسين جنيهاً للأمين أو المخبر في أماكن الكمائن المعروفة وبعد إعطائه له كانت تسير الأمور على مايرام أما الآن فأنا لا أعرف كيف أتصرف. ويشير الدكتور محمد بشير صفار أن الفساد في مصر تحول إلى أحد أهم ميكنزمات إعادة توزيع الثروة. وهكذا يرتبط الفساد هو الآخر بحالة شديدة من الأمننة. لأن حتى انتزاع الفساد لم يعد قضية سياسية أو اقتصادية في المقام الأول ولكن صار أزمة أمنية تهدد مسار الحياة اليومية للمواطن المصري.



ما نحن فيه الان هي مرحلة بالتاكيد ستكون افضل من فترة السنة ونصف التي قضينها في ظل المجلس العسكري الذي كان امتدادا طبيعيا لنظام مبارك واظن ان العجلة بدأت تدور ولله الحمد والمنة ويا شعب مصر صبرت ثلاثون عاما من القهر وسنة ونصف اسوأ في مع المجلس العسكري
فلنصبر قليلا لا اقول سنوات بل شهور فقط حتي يتنبن لنا والله ان طلائع الغد تخفي وراءها خيرا كثيرا بإذن الله

باراك الله فيك اخي الحبيب

جزيل شكرى لحضرتك لمتابعتك و آرائك القيمة ،
فلنصبر قليلا لا اقول سنوات بل شهور فقط حتي يتنبن لنا والله ان طلائع الغد تخفي وراءها خيرا كثيرا بإذن الله
إن شاء الله القادم أفضل بإذن الله

جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

aymaan noor
03-09-2012, 03:05 PM
مقوّمات الصمود
الأسباب الخمسة وراء بقاء نظام الأسد
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/98786352ab62965a07c516ba5d449e8a_L.jpg
توني كارون
عرض شيماء ميدان
مترجمة متخصصة في الشئون السياسية والاقتصادية
تتجرع سوريا منذ أن عصف بها الربيع العربي مرارات القهر والعنف، وتشهد ربوعها مجازر تقشعر لها الأبدان؛ كل ذلك لمجرد أن عبّر الشعب السوري عن رغبته في حياة كريمة ينعم في كنفها بالديمقراطية والرخاء والاستقرار. ومع دويّ أصداء المعارضة المناهضة للنظام السلطوي في الربوع السورية وتصاعُد تهديدها بإسقاط الرئيس بشار الأسد؛

لجأ النظام إلى الترهيب والبطش وممارسة أعمال العنف ضد المدنيين السوريين، مما أسفر عن مقتل أعداد هائلة من الأبرياء. غير أن المعارضة لم تخنع وتضعف رغم الجراح التي ألمّت بها على أيدي عصابات الإجرام الأسدية، بل زادها ذلك تماسكًا وقوة.

وفي خضم تفاقم المأساة الإنسانية السورية؛ نددت بعض القوى الغربية والعربية بالانتهاكات البشعة التي تُمارس ضد المدنيين السوريين، مطالبة الأسد بالتنحي حقنا للدماء. ولعل من أبرز ما قام به كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة -على وجه الأخص- هو تضييق الخناق على النظام السوري من خلال فرض عقوبات صارمة عليه، وعزله عن المجتمع الدولي تمامًا. ومن ثم باتت الأنظار موجهة إزاء النظام الطاغوتي الأسدي مترقبة تصدّعه وسقوطه في أي لحظة.

ومن هذا المنطلق؛ تنبع أهمية المقال الذي كتبه الكاتب الصحفي الأمريكي توني كارون والذي نشرته مجلة "تايم" تحت عنوان: "الأسباب الخمسة الكامنة وراء صمود الأسد" في عددها الصادر يوم 30 أغسطس 2012. وتطرّق الكاتب في مقاله إلى الحديث عن مدى صمود النظام في مواجهة أمواج المعارضة العاتية والعوامل التي قد تساهم في تماسك الكيان الأسدي.

صعوبةُ الإطاحة بالنظام

واستهل الكاتب سطوره بالقول إن الرئيس بشار الأسد توعّد يوم الأربعاء الموافق 29 أغسطس 2012 بتطهير سوريا من المتمردين المناهضين لحكمه، مستبعدًا أن يحقق الأسد هذا الهدف. وفي مقابلة نادرة مع التليفزيون السوري، أقر الأسد بأن فوزه الموعود لن يتحقق قريباً، مشيرًا بأسلوب استفزازي إلى أن الوضع الراهن في سوريا بات -من وجهة نظر نظامه- أفضل كثيرا.

وثمة دلائل في الوقت الراهن، على حد قول كارون، على أن المتمردين السوريين ومؤيديهم الإقليميين والدوليين لن يتمكنوا من الإطاحة بالنظام الأسدي بكل سهولة؛ لا سيما في ظل تمتّع النظام بالقوة التي تمكنه من قمع المعارضة، وفي ظل انقسام المجتمع الدولي بشأن سوريا، وعدم استقراره على إستراتيجية مشتركة لإسقاط النظام الطاغوتي، وفي وجود حالة من الفوضى بين صفوف المعارضة تستدعي مزيدا من التدخل الأجنبي. ومن ثمّ يبدو أن الأوضاع مهيّأة تماما ليستمر الأسد في الحكم لبعض الوقت. وفوق ذلك، تُنذر الأوضاع في لبنان المجاور بإمكانية استمرار الحروب الأهلية لسنوات.

أسباب خمسة

وفنّد كارون خمسة أسباب كامنة وراء بقاء النظام الأسدي على قيد الحياة؛ وهي كما يلي:

السبب الأول: كِبَر حجم القوات الأسدية في خضم الصراع الطائفي

ففي حين احتدام الصراع السوري؛ لا تزال قوات الأمن الأساسية التي يعتمد عليها الأسد صامدة وفعّالة بوحشية، بل ولا تزال أكثر إصرارا على دحض المعارضة. وقد لاحظت مجموعةُ الأزمات الدولية (وهي منظمة دولية غير حكومية تتمثل مهمتها في تسوية النزاعات الدموية حول العالم) مؤخرًا أن قبضة النظام باتت أكثر إحكاما وصلابة، وأن الطابع الطائفي للحرب الأهلية بات يغذي إرادتها وعزيمتها؛ لا سيما وأن القوات المتمردة السورية تضم غالبية العرب السنة، في حين تضم القوات الموالية للأسد العلويين، وتعتمد على دعم الأقليات الأخرى مثل المسيحيين والأكراد والدروز.

هذا ويلفت الكاتب إلى أن مجتمع العلويين الذي يكنّ الولاء للأسد، يربط مصيره بمصير النظام؛ فهو يدرك تماما أنه سيواجه قصاصا في حال انتصر المتمردون السنة. وأشار كارون إلى أنه كلما تصاعدت قوة التمرد الذي يقوده السنة ارتفع مستوى شراسة القوات الموالية للأسد، وزاد إصرارهم على قطع دابر المتمردين، بل وازداد دعم العلويين والمسيحيين والأكراد والدروز أيضا لتلك القوات الأسدية.

السبب الثاني: مصادرة النظام للأزمة السورية

يساور القوى الغربية قلق من أن تتعدى الحرب الأهلية الحدود السورية بما سيؤثر سلبًا على المنطقة ككل. ويبدو أن هذا ما يفعله النظام السوري والمتمردون في الوقت الراهن؛ فالمتمردون السنة الذين يقاتلون القوات الموالية للأسد في جنوب شرق سوريا مدّوا جسور التواصل مع العشائر السنية في غرب العراق الذين طالما ناهضوا الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في بغداد. هذا ويتواصل المتمردون مباشرة مع السنة في لبنان، الذي شهد مقتل 17 شخصا وإصابة أكثر من 120 شخصا في اشتباكات عنيفة بين السنة من أنصار المتمردين السوريين وأنصار الأسد العلويين. ومن ثم تتصاعد حدة المخاوف من أن يشعل الصراع في سوريا فتيل الحرب الأهلية اللبنانية التي انتهت في عام 1992.

ومن ناحية أخرى؛ أوقع الأسد تركيا التي تجاهد لمكافحة التمرد الكردي في مشكلة؛ حيث إن اللاجئين السوريين باتوا يتدفقون إليها من كل فجّ، وبلغ معدل اللاجئين السوريين الذين وصلوا إلى حدودها في الأسبوع الماضي 5 آلاف لاجئٍ في اليوم الواحد.

ويُذكر أنه فرّ أكثر من 200 ألف سوري من أرضهم منذ اندلاع التمرد هناك، وتوجّه نصفهم تقريبا إلى تركيا، في حين توجه معظم الباقين إلى الأردن ولبنان والعراق. وحذرت كل من تركيا والأردن من أن قدرتهما على استيعاب تدفقات اللاجئين محدودة للغاية، داعيتين القوى الغربية إلى تكثيف دعمها الإنساني.

واستنادًا إلى ما ذُكر؛ يبدو أن نظام الأسد يصعّد الضغط على جيرانه والقوى الأجنبية لإيجاد وسيلة لإنهاء الصراع السوري، مع العمل في الوقت عينه على تخويفهم من فكرة التدخل العسكري المباشر، وفقا لما يراه كاتب المقال.

السبب الثالث: انقسام المعارضة وافتقارها إلى إستراتيجية واضحة

فعلى حد قول كارون، تفتقر المعارضة إلى قيادة سياسية تستظل بظلها، ويبدو أيضا أن هناك تماسكا عسكريًّا محدودا بين المتمردين. وقد تجلّت خطورة ذلك في المعركة الأخيرة التي شهدتها حلب؛ حيث اعترف المتمردون بفشلهم في ضم غالبية سكان المدينة إلى صفوفهم. ويرى الكاتب أن طريقة عسكرة التمرد نفسها تهدد بتنفير معارضي الأسد من الانضمام إلى صفوف قوات التمرد.

السبب الرابع: تعزيز المنافسات الإقليمية والدولية الإستراتيجية حالة الجمود

فالمجتمع الدولي لا يتحدث بصوت واحد عن سوريا؛ فثمة انقسام فيما بين الصين وروسيا والقوى الغربية بشأن القضية السورية، ما ألقى مسئولية حل الأزمة على عاتق مجلس الأمن، ودفع كوفي عنان، مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لسوريا الذي حذّر من أن الخلاف الدولي حول مستقبل سوريا يثبّط جهوده الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي للصراع، في نهاية المطاف إلى الاستقالة من منصبه.

وثبُت أن الجهود التي تبذلها إدارة أوباما لإقناع الروس والصينيين بتغيير مواقفهم باءت بالفشل، لا سيما مع إصرار بكين وموسكو على ردع القوى الغربية عن إسقاط أنظمة حكم في الشرق الأوسط تقع خارج مدارها الإستراتيجي. ولم تتحول سوريا إلى ساحة معركة للسياسات الدولية الجديدة فحسب؛ بل باتت أيضا ساحة معركة إقليمية، لا سيما مع تعارض موقف المملكة العربية السعودية مع ذلك الخاص بإيران. فالمملكة العربية السعودية تقدّم الدعم للمتمردين السوريين، في حين ترسل إيران عسكريين إلى سوريا لمساعدة الأسد في خوض الحرب.

وما يزيد الطين بلة هو أن روسيا والصين تصران على أهمية إشراك إيران في المناقشات الدائرة حول تسوية النزاع السوري، في حين تعارض واشنطن بشدة لعب طهران أي دور في حل الأزمة.

السبب الخامس: تشابك خيوط نهاية الصراع

ففي فترة ما بعد الأسد، سيكون ثمة حاجة إلى توعية المجتمعات التي دعمت الأسد، وسيستدعي الأمر تحقيق نوع من المصالحة بين مؤيدي ومعارضي الأسد حتى لا يفكر الطرفان في الانتقام من بعضهما مثلما يتوقع الكثيرون. ويرى الكاتب أن تلك المهمة ليست هيّنة على الإطلاق، وستتطلب جهودًا مضنيةً لإنجازها.

وفي النهاية، يأمل الكاتب أن يتعاون الجيش الوطني والشرطة معا من أجل إرساء الاستقرار والأمن في سوريا ما بعد الأسد.

ahmed adel55
04-09-2012, 06:48 AM
ربنا مع العرب

aymaan noor
04-09-2012, 01:17 PM
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/iqtisad.jpg
وائل جمال
على مدى الأسبوعين الماضيين استمر التعتيم على عدد هائل من الأسئلة المحورية فيما يتعلق بالقرض الذي تسعى حكومة الرئيس مرسي للحصول عليه من صندوق النقد الدولي. مازلنا لا نعلم لماذا تم رفع القيمة المطلوبة بـ10 مليارات جنيه كاملة. ومازال البرنامج الاقتصادي الذي سيطرح على مفاوضي الصندوق مجهولاً. واكتفى مجلس الوزراء بإصدار بيان يؤكد فيه أنه «لن يضار مصري منه» دون أن يقول لنا فيم سنستخدمه وكيف سنرده. لكن أنصار القرض قدموا لنا حزمة من الأسباب لتبرير فوائده أو ضرورتة التي تبيح المحظور من أضراره. وهي أسباب مردود عليها.

1ــ الوضع الاقتصادي كارثي

هذه فكرة نسمعها منذ اللحظة الأولى لتنحى مبارك. أعطانا رئيس الوزراء وقتها أشهر معدودة قبل أن تحدث مجاعة. وفى كل مناسبة يخرج لنا أي من يصبح في مكان صنع القرار أرقاماً موروثة عن الدين العام وعجز الموازنة (اللذين عشنا بهما ويعيش بأسوأ منهما اقتصاد الولايات المتحدة عقوداً دون معالجتهما واللذين يجدر الانتباه إليهما لا جدال) للتدليل على الكارثة المحدقة. وبينما لم تتخذ أي حكومة من تلك أي إجراءات مما تستحق أن توصف بالعاجلة أو الطارئة للتعامل مع هذا الوضع الذي لا يقول لنا أحد تفاصيله أبداً، فإن الفكرة دائما مطروحة ضد مليونيات التحرير ومطالبات المواطنين بمد مظلة التغيير لعلاقات العمل وعجلة الإنتاج غير العادلة. لا يكفي أن تخبر الشعب بأن هناك كارثة وتكتفي بذلك. ولو كانت موجودة فما هي عناصرها وأسبابها وماهو برنامجكم للتعامل معها؟

والحقيقة أنه مع اعتراف المراقبين الدوليين بأن الوضع حرج من ناحية التدفقات المالية ووضع الاحتياطى وموارد الدولة...إلخ، إلا أنها لم تصل أبدا للتعامل مع إشارات حكوماتنا المتعاقبة بجدية أن الافلاس محدق. وكانت سمة كل تقارير مؤسسات التقييم الدولي التى تخفض التصنيف الائتماني لمصر تضع فى مقدمة أسبابها ما لم تجرؤ حكومة على إثارته: عدم الاستقرار السياسى الذى يتسبب فيه سوء إدارة المجلس العسكرى للمرحلة الإنتقالية. لهذا أيضا تجاهلت حكومتنا وأنصار القرض التقرير الأخير لستاندارد آندبورز الذى نزعت فيه التقييم السلبي للجدارة الائتمانية طويلة الأجل، فقط بسبب ما قالت إنه «اتمام ترتيب قابل للتنفيذ بين المؤسسة العسكرية والحزب الحاكم مما يمكن من إيقاف التدهور فى ماليات الدولة». وأضاف التقرير أنه «فى رأينا أن عدم الوضوح يبقى فيما يخص أهداف السلطات السياسية ووضعية مؤسسات الدولة. ونحن أيضا نعتقد أن عدم الاستقرار الداخلي يمكن أن يظهر مرة أخرى للسطح عندما تنتهي كتابة الدستور أو مع الانتخابات البرلمانية». هل هناك كلام عن كارثة اقتصادية هنا؟ معضلة شركات التقييم الرئيسية هي السياسة. والآن لدينا رئيس منتخب. وكلما زادت الشفافية ووضحت المعالم الديمقراطية للنظام السياسى الجديد، فإن ذلك هو المفتاح.

2 ــ الفائدة ممتازة ولا توجد شروط

الفائدة فوق الـ1٪ بقليل ولا تقارن بالفائدة على الاقتراض بالجنيه عبر الأوراق الحكومية التي وصلت إلى مافوق 15٪. يغفل من يقولون بذلك أن الفائدة بحسب المعادلة التي يحسب بها الصندوق متغيرة أي أنها تستفيد من الانخفاض التاريخي فى أسعار الفائدة العالمية الآن (جزء من معادلة الحساب). ولكن ماذا بعد 39 شهراً من التوقيع وهي فترة السماح المعلنة حتى الآن؟ هل هناك ما يضمن بقاء هذه المستويات التاريخية فى انخفاضها؟ وماذا عن معالجة الأسباب التى ترفع تكلفة الاقتراض وأبرزها عدم الاستقرار السياسي؟

أيضاً تقدمت لنا رئاسة الجمهورية ببيان يتناقض مع تاريخ وحاضر وواقع الصندوق مع العالم النامي وغير النامي كله قائلاً: القرض بلا شروط. يتناقض هذا مع تجارب ماليزيا وإندونيسيا وعشرات الدول التي تتعامل مع الصندوق على رأسها مصر، وهو أمر مثبت أكاديمياً وسياسياً واقتصادياً: وصفة معممة لفتح الأسواق وتحرير أسواق رأس المال والخصخصة...الخ. بل ويتناقض مع ما يفعله الصندوق مع دول أوروبا المعرضة للافلاس كاليونان وإسبانيا. إذ أنه هو والمانحون من دول أوروبا لهم قول واضح في تفاصيل الموازنات والسياسة الاقتصادية مقابل ما سيدفعونه حتى لو ناقض ذلك مصالح الهيئة الانتخابية من مواطني هذه البلدان. لا قرض بلا شروط.

3ــ لا توجد بدائل والاقتراض ليس مشكلة

يقر بعض أنصار قرض الصندوق بوجود شروط فيطالبون بإعلانها والتفاوض عليها. لكنهم يصرحون أيضا بأن مجال الحركة محدود: المضطر يركب الصعب لأنه لا بديل. ولا أحتاج هنا للتذكير بعشرات الإجراءات المطروحة في برامج المرشحين الرئاسيين ولا بالبدائل العديدة التي طرحتها الحملة الشعبية لاسقاط ديون مصر وحزب مصر القوية وغيرهم، وعلى رأسها إصلاح النظام الضريبي وتعديل فوري فى الدعم الهائل الذي تضخه الدولة للأغنياء وضم الصناديق الخاصة للموازنة...الخ. لأن دعوى الاقتراض من الصندوق لغياب البدائل لا تستقيم مع خطة التقشف الهائلة التي تشملها الموازنة الحالية (لم تعدلها حكومة الرئيس للآن) فى بنود الانفاق على التعليم والصحة والاستثمارات العامة، ولا تستقيم على الاطلاق مع زيادة دعم الصادرات (وما أدراك ماهو دعم الصادرات ومن يحصل عليه من محاسيب نظام مبارك)، والتي أقرها وزير التجارة والصناعة في موازنة يفترض أنها موازنة الثورة الثانية. بل ويفاجئنا هؤلاء بموقف نظري مناقض لموقفهم إذا تحدثت عن أن أهداف التشغيل والتحفيز والعدالة الاجتماعية يجب أن تأتي قبل هدف تحجيم عجز الموازنة، فيناقضون أنفسهم بالدعوة للاقتراض. وهم على حق فى أن الاقتراض ليس سبة فى حد ذاته، لكن ممن وبأي شروط ولحساب من وكيف سيستخدم؟ ولماذا نقترض من الصندوق لسد العجز مؤقتاً، ولا نقترض لبناء مدارس ومستشفيات وخلق طلب وتحفيز الاقتصاد؟ ونذكر الجميع بأن صندوق النقد الدولي ذاته قبل مشروع الموازنة الأولى الذى قدمه د.سمير رضوان وكان ينضوي على عجز يقترب من 12٪ من الناتج المحلي مصحوباً بزيادات في الانفاق الاستثمارى العام وضريبة تصاعدية وأخرى على الأرباح الرأسمالية، قبل أن يرفضها المجلس العسكرى ويعيدها بدعم من المجلس الأعلى لحكام القوت إلى حدود موازنات يوسف بطرس غالي.

4 ــ البدائل ممتازة ولكن

يقبل البعض من أنصار القرض كل الردود السابقة لكنهم يدفعون بأمرين. الأول، هو أن هذه البدائل «الضرورية والمنطقية والسليمة» ستأخذ وقتاً قبل أن تعكس آثارها في ميزانية الدولة الموجوعة. ويتجاهل هذا الرأي أنه على سبيل المثال سيؤدي إلغاء دعم طاقة الأغنياء فى المصانع واليخوت وفنادق ال5 نجوم وسيارات الدفع الرباعي وغيرها إلى رفع عبء أكثر من 15 مليار جنيه فورا عن موازنة الدولة. وماذا لو كنا قمنا بذلك عندما تم الاعلان عنه في حكومة شرف الأولى جنبًا إلى جنب مع تحميل المواطنين أعباء ضريبية عادلة أو تفعيل الضريبة العقارية الجاهزة للتطبيق أو غيرها. ولماذا لا تطبق هذه الإجراءات حالاً لتؤتي أكلها فور الإمكان؟ ولماذا ننتظر أكثر من ذلك؟ كما أنه ومن قال إن قرض الصندوق سيكون متاحاً فوراً. علينا أن ننتظر البرنامج الحكومي الذي سيناقشه الفريق الفني للصندوق لإقراره. ويقول لنا حزب الحرية والعدالة إنه لن يكون برنامج حكومة الجنزوري (قال الصندوق إنه عام ويحتاج عمقاً تفصيلياً) وإن الحزب بصدد إعداد برنامج جديد يتم التفاوض على أساسه. كم شهراً سيستغرق الاعداد والنقاش. ثم نحن نتعامل هنا مع مؤسسة دولية لها تقاليدها وإجراءاتها البيروقراطية حيث يجب أن تقر مستويات إدارية عدة القرض حتى يصل لمجلس إدارته، وهذا أمر يستغرق شهوراً. لو تم الأمر بمنتهى السلاسة فى كل هذه العناصر، فإن الدفعة الأولى لن تصلنا قبل 6 أشهر، أي ليس حالاً وليس فوراً.

الأمر الثاني هو أن الاحتياطي يتآكل مما يؤثر على الجنيه ونحتاج دعماً من عملات أجنبية. والحقيقة أن هذا لا يعالج شيئاً. لقد استمررنا على مدى سنة ونصف نسحب من الاحتياطي لتغطية تهريب الأموال وتغطية تراجع عوائد السياحة وهروب الاستثمارات بلا قيد أو شرط. واقترضنا مليارات الدولارات من دول عربية ومن البنك الدولي والاسلامي. فى المقابل لم تتخذ الحكومة أي إجراءات لتقييد خروج رؤوس الأموال من البورصة، وبعضها تهريب لمال فاسدين ولو بضريبة، ولم تتخذ أي خطوات لتحجيم استيراد مستردة «ديجون» الفرنسية ومنتجات «برادا» وسيارات البي ام دبليو من سلع المترفين التي ترفع قيمة وارداتنا بالعملة الأجنبية. بل لم تطبق حتى نظاماً للكوتة يسمح باستيراد هذه السلع إلى حد معين. ثم يطلب هؤلاء الاقتراض لدعم الاحتياطي دون إشارة – حتى إشارة - لوقف أسباب التسرب ذاته أو حتى محاصرتها.

5 ــ إشارة ممتازة للسوق العالمية والمستثمرين

يحرص حزب الحرية والعدالة في بيانه عن القرض، الذي يقبله فيه من حيث المبدأ، على أن يذكرنا بأن دوافعه ومعاييره ليست «أيديولوجية». وكأن المدافعين عن القرض لا ينطلقون فى ذلك من أفكار مسبقة أيديولوجية.. وجامدة أيضا. أبرز هذه الأفكار هو أنه يعد إقراراً من الصندوق بجدوى برنامجنا الاقتصادي مما يطمئن الاستثمار الأجنبي والمانحين الآخرين. هذا كلام أيديولوجي بامتياز: برنامجنا لا قيمة له فى حد ذاته (وهذا غير صحيح. هل جربنا اعلان برنامج وطني متكامل وشفاف ومحدد المعالم ولم تستجب الأسواق العالمية؟) ونحن نحضره لإرضاء الصندوق وانتزاع شهادته، لأنه لا مخرج لنا سوى في الاستثمارات الخاصة والاستثمارات الأجنبية وفي شعور المستثمرين ناحيتنا. هذا رطان إجماع واشنطن الفاشل الذي دفنته الأزمة العالمية منذ 4 سنوات. لا موقف في السياسة والاقتصاد يخلو من الأيديولوجيا والقناعات المسبقة، وليس هناك سياسة اقتصادية علمية منزهة عن المصالح. مايهم هو أي مصالح؟ ومن تخدم الأيديولوجيا، وهل تصمد أمام اختبار الواقع أم لا.

love ur life
04-09-2012, 02:05 PM
سوريا صبراً .. ف دمائكم تسقي الكرامه العربيه
إن النصر لقريب
اللهم إنصرهم
للأسف أسباب قويه وراء بقاء النظام والكن الله أقوي وأكبر
...

مشكور أستاذي الفاضل للتوبيك

aymaan noor
04-09-2012, 02:41 PM
التساؤلات الغائبة حول استرداد الأموال المصرية المنهوبة
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/32088387da419227f20729e6cf7687d8_L.jpg
د.عبد المنعم سعيد

من الرائع دائمًا أن توجد جهود مضنية من أجل استرداد الأموال "المنهوبة" أي تلك التي جرى أخذها بدون وجه حق، وتهريبها إلى الخارج نتيجة استغلال النفوذ السياسي أو الاقتصادي أو الاحتيال على القوانين واللوائح القائمة
.ومنذ قيام ثورة يناير 2011 أصبح موضوع استرداد الأموال المنهوبة على قائمة الأعمال الوطنية؛ حتى إن لجانًا شعبية تكونت بسرعة من أجل السعي لاسترداد هذه الأموال، تبعتها لجان قانونية ورسمية ودبلوماسية تعمل على تحقيق هذا الهدف.
ومما شجع وحمس الكثيرين للمشاركة في هذا المجهود أن سمة "الفساد" أصبحت من السمات الشائعة حول النظام السابق والتي جرى التأكيد عليها بشكل مستمر، وجرت عليها تقديرات بدأت بالنسبة لرئيس الجمهورية وأسرته فقط إلى حوالي 70 مليار دولار. ورغم أن هذا المبلغ تراجع أحيانا إلى ثلاثة ونصف مليار دولار؛ إلا أنه ظل يصعد ويهبط في أرقام تظل كلها فلكية.

وكان آخر هذه التقديرات ما قدمه في حديث لمحطة سي.بي.سي التلفزيونية د. محمد محسوب، وزير الشئون القانونية، ونائب رئيس حزب الوسط، وعضو اللجنة الشعبية لاسترداد الأموال المنهوبة التي تم تأسيسها في بداية الثورة؛ مفادها أنه جرى نهب ما يقرب من 10 مليارات دولار سنويًّا في المتوسط خلال الثلاثين عاما الأخيرة، أي ما يقدر بحوالي 300 مليار دولار، أو ما يوازي 1.8 تريليون جنيه مصري بأسعار هذه الأيام، أو ما يساوي تقريبًا حجم الناتج المحلي الإجمالي مرة ونصف الآن.

وجاءت هذه التصريحات في معرض حديث الوزير عن تشكيله للجنة جديدة لاستعادة الأموال المنهوبة تتكون من قانونيين، ودبلوماسيين، وممثلين للمجتمع المدني. وهي سمات ثلاثة تكفل القدرة القانونية على إثبات الحق المصري في استعادة هذه الأموال؛ والقدرة السياسية على التفاوض مع الدول لكي تؤثر على بنوكها فتوافق على استرداد هذه الأموال منها؛ والقدرة الشعبية التي توضح للعالم أن اللجنة الجديدة تمثل الشعب المصري وثورته، ومن ثم فإن حسن التعامل مع الموضوع من جانب الدولة المودع فيها الأموال المنهوبة سوف يكون له تأثيره الإيجابي في العلاقات مع مصر وشعبها إذا جرت الموافقة، أو السلبي إذا ما تم الرفض.

هذه الجهود محمودة ولا شك، سواء كانت شعبية، أو من نيابة الأموال العامة، أو من وزارة الشئون القانونية، أو أي من الجهات الأخرى التي تصدت للموضوع. والسؤال هو ما هي الحصيلة النهائية للجهود السابقة، وأهمها في رأيي الجهود التي بذلتها نيابة الأموال العامة تحت رعاية المستشار الجوهري التي قدرت حجم الأموال المنهوبة بما مقداره 100 مليار دولار؟ وقامت هذه اللجنة بالفعل بزيارة العديد من الدول، وحصلت حسب ما ورد في الصحف على موافقات بتجميد هذه الأموال المنهوبة، والاستعداد للبحث في كيفية عودتها إلى مصر.

بعد ذلك فإن الموضوع يبقى عصيًّا على الانتقال إلى مرحلة ما بعد النوايا الطيبة؛ وفي الظن أننا ربما لا نحتاج لجنة جديدة برغم ما نحتاج إلى تعزيز الجهود التي بذلت بالفعل من قبل اللجنة القضائية لأن تعدد اللجان والجهات ربما يؤدي في النهاية إلى اضطراب الجهات المستقبلة للأموال والتي تحتاج للتعامل مع جهة وحيدة يكون لها السلطة والمسئولية للتعامل مع قضايا رد الأموال. هذه اللجنة القانونية استعانت بالفعل بقانونيين محترفين، كما أنها تعاونت مع وزارة الخارجية واستخدمت دبلوماسييها، ومن الجائز أن استخدام ممثلين للمجتمع المدني، أو للثورة المصرية، قد لا تكون له فائدة كبرى لأن الدول لا تتعامل في العادة إلا مع جهات رسمية، ومن ناحية أخرى فإن البريق الذي حصلت عليه الثورة المصرية في بدايتها أخذ في التراجع بعد أن اختفت جماعات الشباب التي أعطتها هذا البريق، وتولى أمر الثورة المصرية جماعات جديدة تحتاج دول العالم -وخاصة الحاصلة على الأموال- إلى التفاهم معها على ترتيبات الأوضاع في الشرق الأوسط.

ولكن المسألة ليست فقط شكل اللجنة التي سوف تقوم بالمهمة، ولكن أيضا موضوع عملها. فما نعرفه حتى الآن عن الأموال المنهوبة لا يزيد عن رقم ما يعبر عن إجمالي هذه الأموال؛ كما نعرف معلومات متناثرة عن ذلك الجزء منها الذي تملكه أسرة الرئيس السابق. ولكن ما لا نعلمه أكثر كثيرا من ذلك، فنحن لا نعرف أرقام حسابات هذه الأموال، أو على الأقل الرأي العام، ولا نعرف ما إذا كانت هذه الحسابات لشركات أو لأفراد، وهل هي موضوعة في حسابات جارية أو توفير أو في صناديق استثمار، وهل هي جماعية أو فردية، وهل يخص بعضها الدولة أو مؤسسات الأمن القومي أو بعض الأفراد ومن هم؟.

وعلى سبيل المثال فقد نشر أن مئات الملايين من الفرنكات السويسرية يملكها الرئيس السابق مع 19 مسئولا آخر، فمن هم، ولماذا كان الحساب مشتركا بين الرئيس وهؤلاء؟ وهناك أمثلة أخرى على أن كثيرا من المصريين يساهمون في شركات أجنبية، ويستثمرون أموالا في أسواق مال دول أخرى، فضلا عن الاستثمارات العقارية، فهل تدخل هذه الأخرى في نطاق البحث، وهل يتطابق ذلك مع قوانين الدول المستقبلة للأموال؟

الأسئلة حول الأموال المنهوبة كثيرة، وبعضها ينبغي البحث عن إجابات له في مصر ذاتها. فهذه الأموال عند خروجها إما أنها خرجت في شكل تحويلات، ومن ثم نستطيع معرفة قدرها واتجاهاتها وغرضها والشخص الناهب لها؛ أو أنها خرجت في شكل نقدي وتم نقلها في حقائب عبر طائرات خاصة.

ولكن مثل ذلك يصعب البحث عنه في الدول الغربية المتقدمة، فمن المعروف مثلًا أن القانون الأمريكي يمنع دخول أكثر من 10 آلاف دولار نقدا مع الأسرة القادمة إلى الولايات المتحدة. ومن ثم فإن نقل الأموال نقدا يستحيل مع هذه الدول، أما إذا كانت هذه الأموال قد ذهبت إلى بنوك دول فاسدة هي الأخرى وتقوم بعمليات ما يسمى غسيل الأموال فإن المعرفة فضلا عن استرداد الأموال ربما يكون أمرا صعبا للغاية. وإذا ذهبت الأموال إلى دول تخصصت في استقبال مثل هذه الأموال المنهوبة مثل جزر "كويمان" أو جزر أخرى في البحر الكاريبي أو ما يقال عنها بنوك "أوفشور" أي تلك التي لا تنتمي إلى أي دولة؛ فإن السعي فيها لن تكون له فائدة كبرى.

لا أدري ما إذا كان قد جرى البحث في كل هذه الاتجاهات، ولكن عرضها يحدد الصعوبات والتحديات التي تقف أمام جهد هذه اللجان. فالأموال المنهوبة لم تذهب إلى دول يمكن التفاوض معها لاستردادها، كما نحاول استرداد القطع الأثرية المنهوبة،
والتي تساعدنا قوانين دولية على استردادها، ولكنها تذهب في اتجاهات شتى تحتاج إلى خبرات كبيرة وصبر عظيم.

darch_99
04-09-2012, 09:45 PM
شكرا علي المقال وهذة التساؤلات ولكن تكفي اجابة واحدة لحل تلك الالغاز واسترجاع جزء كبير من هذة الاموال

يا صاحبي ان بعض رموز النظام ورأس النظام نفسة تحت ايدينا ملقي بالسجن مدانين والله لا اطالب بتعذيبهم ولا تعليقهم ولا اي مما يتصور ان اقوله لكنه فقط فقط الحرمان قليل من المعاملة السيئة ما بالك لو ترك ليلة واحدة في غرفة مسجون عادي جدا متر في متر وجعل معه فأر صغير
حشرات صغيرة ماذا سيفعل خذو كل اموالي خذو كل شييء واتركوني اعيش في هدوء
صدقني ليس هذا ظلم ان هناك حتي اللحظة اسر تئن وفقراء ويتامي وما الي ذلك تعاني ظلمه هو
لان ةالذي تركه مبارك ستظال اثاره سنوات حتي تضمحل وتنهي بالعلاج

اخي هؤلاء في نعيم انزع عنهم النعيم واجعلهم يذوقون طعم السجن حقيقتا وستري نتائج مبهره
وشكرا

راغب السيد رويه
05-09-2012, 01:15 AM
أتفق تماما مع أخى الحبيب / darch_99

ليتهم يذوقوا مرارة السجن والحرمان كما ذاقها الشعب سنوات عجاف


جزاك الله خيرا أخى الحبيب

راغب السيد رويه
05-09-2012, 01:56 AM
4 ــ البدائل ممتازة ولكن

يقبل البعض من أنصار القرض كل الردود السابقة لكنهم يدفعون بأمرين. الأول، هو أن هذه البدائل «الضرورية والمنطقية والسليمة» ستأخذ وقتاً قبل أن تعكس آثارها في ميزانية الدولة الموجوعة. ويتجاهل هذا الرأي أنه على سبيل المثال سيؤدي إلغاء دعم طاقة الأغنياء فى المصانع واليخوت وفنادق ال5 نجوم وسيارات الدفع الرباعي وغيرها إلى رفع عبء أكثر من 15 مليار جنيه فورا عن موازنة الدولة. وماذا لو كنا قمنا بذلك عندما تم الاعلان عنه في حكومة شرف الأولى جنبًا إلى جنب مع تحميل المواطنين أعباء ضريبية عادلة أو تفعيل الضريبة العقارية الجاهزة للتطبيق أو غيرها. ولماذا لا تطبق هذه الإجراءات حالاً لتؤتي أكلها فور الإمكان؟ ولماذا ننتظر أكثر من ذلك؟ كما أنه ومن قال إن قرض الصندوق سيكون متاحاً فوراً. علينا أن ننتظر البرنامج الحكومي الذي سيناقشه الفريق الفني للصندوق لإقراره. ويقول لنا حزب الحرية والعدالة إنه لن يكون برنامج حكومة الجنزوري (قال الصندوق إنه عام ويحتاج عمقاً تفصيلياً) وإن الحزب بصدد إعداد برنامج جديد يتم التفاوض على أساسه. كم شهراً سيستغرق الاعداد والنقاش. ثم نحن نتعامل هنا مع مؤسسة دولية لها تقاليدها وإجراءاتها البيروقراطية حيث يجب أن تقر مستويات إدارية عدة القرض حتى يصل لمجلس إدارته، وهذا أمر يستغرق شهوراً. لو تم الأمر بمنتهى السلاسة فى كل هذه العناصر، فإن الدفعة الأولى لن تصلنا قبل 6 أشهر، أي ليس حالاً وليس فوراً.

الأمر الثاني هو أن الاحتياطي يتآكل مما يؤثر على الجنيه ونحتاج دعماً من عملات أجنبية. والحقيقة أن هذا لا يعالج شيئاً. لقد استمررنا على مدى سنة ونصف نسحب من الاحتياطي لتغطية تهريب الأموال وتغطية تراجع عوائد السياحة وهروب الاستثمارات بلا قيد أو شرط. واقترضنا مليارات الدولارات من دول عربية ومن البنك الدولي والاسلامي. فى المقابل لم تتخذ الحكومة أي إجراءات لتقييد خروج رؤوس الأموال من البورصة، وبعضها تهريب لمال فاسدين ولو بضريبة، ولم تتخذ أي خطوات لتحجيم استيراد مستردة «ديجون» الفرنسية ومنتجات «برادا» وسيارات البي ام دبليو من سلع المترفين التي ترفع قيمة وارداتنا بالعملة الأجنبية. بل لم تطبق حتى نظاماً للكوتة يسمح باستيراد هذه السلع إلى حد معين. ثم يطلب هؤلاء الاقتراض لدعم الاحتياطي دون إشارة – حتى إشارة - لوقف أسباب التسرب ذاته أو حتى محاصرتها.
.


جزاك الله خيرا وبارك فيك

aymaan noor
08-09-2012, 07:20 AM
فاعلية دور جامعة الدول العربية في الأزمة السورية
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/d65085d854a39feae81a41eb458281c5_L.jpg
بروس مادي فايتسمان
في ظل ما يشهده العالم العربي من اضطرابات مصاحبة لموجة الربيع العربي؛ حرصت بعض الأوساط الأمريكية البحثية والرسمية على مراقبة رد فعل جامعة الدول العربية إزاء تدهور الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وجهودها لإرساء الاستقرار هناك.


وفيما يتعلق بهذا الشأن؛ كتب بروس مادي فايتسمان، وهو باحث في مركز موشي ديان لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا بجامعة تل أبيب، مقالا نشرته مجلة "دورية الشرق الأوسط" (Middle East Quarterly) تحت عنوان: "جامعة الدول العربية تظهر على الساحة".

استهل الباحث سطوره بالقول إن ظهور جامعة الدول العربية مجددا على الساحة السياسية كان من النتائج غير المتوقعة للاضطرابات العربية، منوها إلى أنها باتت جزءًا لا يتجزأ من المناورات الدبلوماسية في عدد من المجالات.

ويُذكر أن جامعة الدول العربية منحت الغرب شرعية التدخل العسكري الذي أطاح بمعمر القذافي، ودعمت جهود مجلس التعاون الخليجي الرامية إلى الإطاحة بالرئيس اليمني علي عبد الله صالح، وعملت بدأب لحل الأزمة السورية. ولعل ما دفع النخب العربية الحاكمة -التي تعي تماما مدى التعاطف واسع النطاق إزاء الاحتجاجات- إلى التدخل ولعب دور في وضح حد للاضطرابات؛ هو إدراكها ضرورة تعزيز مصداقيتها، وإرضاء الجماهير، وذلك على حد اعتقاد الباحث.

الخلفية التاريخية لجامعة الدول العربية

يعرض الباحث لخلفية إنشاء جامعة الدول العربية. ويبدأ بتأسيسها في مارس 1945، وتمثّلت أهدافها في تعزيز وتنسيق البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لأعضائها، وفي التوسط في حل النزاعات التي تنشأ بين دولها أو بين دولها وأطراف ثالثة. بيد أنها لم تتمكن إلا من توطيد التعاون بين أعضائها فقط، وعجزت عن تحقيق الجزء الأكبر من تطلعاتها. وأكّدت الشقوق العميقة والمنافسات بين الدول العربية، فقد فشلت الجامعة في وضع إطار مؤسسي قوي، على حد قول الباحث الذي يلفت إلى أن الجامعة -التي مقرها القاهرة والتي يرأسها دبلوماسي مصري رفيع المستوى- كانت بمثابة ذراع للسياسة الخارجية المصرية، وأداة لتعزيز مكانة مصر كقائدة للعالم العربي.

ومع ذلك؛ أدت القممُ التي عقدتها جامعة الدول العربية إلى نتائج هامة، منها: تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1964 باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وتعليق عضوية مصر في الجامعة في عام 1978 بعد توقيعها اتفاقية سلام مع إسرائيل، وإدانة أغلبية ضئيلة من الدول العربية في عام 1990 غزو صدام حسين للكويت.

أما على مدى العقد الماضي؛ فقد تلاشت أهمية قمم جامعة الدول العربية، وكان ذلك ملحوظًا بشكل خاص في قمة 2004 التي استضافها الرئيس التونسي زين العابدين بن علي؛ إذ إن القمة أعلنت آنذاك الالتزام بإصلاح الحياة السياسية كليًّا، وإرساء ديمقراطية حقيقية، وحرية الفكر والتعبير والعقيدة؛ إلا أن الأنظمة العربية عجزت عن مباشرة عملية إصلاح حقيقية، مما مهّد الطريق لانتفاضات 2011.

موقف الجامعة من الأزمة السورية المتفاقمة

قد تمر شهورٌ عديدة قبل أن تُهدم الجسور الواصلة بين الأسد والكتلة السنية العربية المناهضة لإيران. ويُذكر أن أول ما قام به نبيل العربي بعد توليه منصبَ الأمين العام لجامعة الدول العربية هو مقابلة بشار الأسد في دمشق؛ حيث ندد بالتدخل الأجنبي في سوريا، وشجب إعلان الرئيس باراك أوباما فقدان الأسد شرعيته. وعند تلك النقطة، بدت عملية الإصلاح التي تعهد بها الأسد هي أفضل وسيلة لخروج سوريا من محنتها، من وجهة العربي.

بيد أن ثقة العربي في التزام الأسد بالإصلاح باتت تتلاشى شيئا فشيئا. فبعد أسابيع من التنديد بوصف أوباما وبعد يوم من إدانة مجلس التعاون الخليجي النظام السوري؛ أصدر العربي بيانًا رسميًّا أعرب فيه عن قلقه إزاء تدهور الوضع في سوريا، وحث الحكومة على وضع حدٍّ لعمليات قمع المعارضة.

والتقى العربي مع الأسد مجددًا يوم 10 سبتمبر، وخرج وهو متفائل بأن الأسد سيعمل على نزع فتيل الأزمة؛ إلا أن آماله أُحبطت فيما بعد إثر تراخي الأسد عن الإصلاح. ومن ثم تدخلت بعثة وساطة تابعة لجامعة الدول العربية لوضع حد للأزمة السورية، وشملت البعثة رئيس الوزراء القطري، ووزراء خارجية من كل من الجزائر ومصر وعُمان والسودان، ونبيل العربي كذلك. وطالبت هذه البعثة نظام الأسد بما يلي:

أولًا: وضع حد للقتل والعنف.
ثانيًا: الإفراج عن المعتقلين.
ثالثًا: سحب الجيش من المدن.
رابعًا: فتح حوار مع المعارضة برعاية الجامعة.
خامسًا: إتاحة حرية الوصول إلى الصحفيين الأجانب.
سادسًا: قبول دخول بعثة مراقبة متعددة ال***يات تابعة لجامعة الدول العربية إلى سوريا من أجل مراقبة مدى امتثال النظام السوري لخطط الجامعة المطروحة.

بيد أن دمشق تأخرت في الاستجابة لتلك المطالب، مما دفع جامعة الدول العربية يوم 12 نوفمبر إلى تعليق مشاركة سوريا في أنشطتها، تمامًا مثلما فعلت مع ليبيا. وصوت ثماني عشرة دولة لصالح هذا التعليق. وفي ذلك اليوم، أشار الملك عبد الله، ملك الأردن، إلى وجوب تنحي الأسد، وكان هو أول رئيس عربي يطالب بتنحي الأسد.

وفي السابع والعشرين من نوفمبر؛ أعلنت جامعة الدول العربية فرض عقوبات على سوريا؛ وشمل ذلك فرض حظر سفر على كبار المسئولين السوريين، وتجميد الأصول السورية في البلدان العربية، ووقف العمليات المالية مع البنوك السورية الكبرى. ومن ثم وافق النظام السوري رغمًا عنه على دخول طلائع بعثة جامعة الدول العربية إلى سوريا.

من جهته؛ شجب بشار الأسد الإدانات العربية الموجهة ضده، مستنكرًا غفلة الدول العربية عن دور سوريا في تمثيل الهوية العربية. ولعل ما ضيق صدر الأسد هو أن تعليق مشاركة سوريا في أنشطة جامعة الدول العربية يعني حرمانها من عروبتها. وشدد الأسد على أن سوريا وقعت ضحية مؤامرة دولية دبّرتها القوى الإقليمية والعالمية التي أرادت في الماضي زعزعة استقرار سوريا، وتحقيق مصالحها الخاصة.

واستطرد الباحث في مقاله مشيرًا إلى أن جامعة الدول العربية دعت بعد فشل بعثتها الأسدَ إلى تسليم مهامه لنائبه، وإنشاء حكومة وحدة وطنية، ونالت تلك الدعوة دعم الولايات المتحدة وتركيا.

وفي أوائل مارس؛ أوفد الأمين العام للأمم المتحدة سلفه كوفي عنان إلى دمشق بوصفه ممثلًا للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، وذلك في محاولة لإيجاد وسيلة لإخراج سوريا من الظلمات إلى النور؛ إلا أن ذلك لم يُجد نفعا؛ إذ صعّدت القوات السورية هجومها، وارتفعت أعداد الضحايا، مما دفع العربي إلى الدعوة إلى إجراء تحقيق دولي في الجرائم التي تُرتكب ضد المدنيين السوريين ومحاكمة مرتكبيها.

ومن جهتها؛ أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي إغلاق سفارتها في سوريا ودعت المجتمع الدولي إلى "اتخاذ تدابير حازمة وسريعة لوقف عمليات القتل والتعذيب في سوريا، ووضع حد للانتهاك الصارخ لكرامة الشعب السوري وحقوقه المشروعة".

ويخلص الباحث إلى أن نفوذ جامعة الدول العربية ما زال محدودا، وخاصة في الأزمة السورية؛ على الرغم من إشادة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون بتحركات الدول الأعضاء، ورغم آمال الليبراليين العرب بشأن إمكانية مساهمة الجامعة في تعزيز كينونة المواطنين العرب في كافة أنحاء المنطقة.

aymaan noor
08-09-2012, 07:27 AM
موقف واشنطن وحلفائها من التدخل العسكري في سوريا
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/16db9b88d9515580a78d5965b066ac2d_L.jpg
عرض شيماء ميدان، مترجمة متخصصة في الشئون السياسية والاقتصادية
باتت فكرةُ التدخل العسكري في سوريا على خلفية الأحداث الدموية التى تشهدها يوميًّا، تلوح في الأفق وتشغل حيزا كبيرا من فكر مراكز الفكر والرأي الأمريكية بتنوعاتها المختلفة، لا سيما القريبة من الإدارة الأمريكية الحالية. وفي ظل تفاقم المأساة الإنسانية السورية؛ لم يعد أحد قادرًا على النأي بنفسه عن تلك الأحداث المريرة،

وعدم اتخاذ موقف إيجابي أو سلبي، ولا يعتبر التدخل العسكري مسألة هيّنة على الإطلاق لما قد يكون له من عواقب وخيمة على سوريا وجيرانها، وعلى القوى الغربية ذاتها، لذا لا يزال ثمة تردد كبير بشأن تنفيذ تلك الفكرة.

وفي محاولة لدراسة فكرة التدخل العسكري هذه بعمق وما قد تئول إليه؛ أجرى معهد "أمريكان إنتربرايز" بالتعاون مع "معهد دراسات الحرب" الأمريكي و"مركز سابان الأمريكي لسياسات الشرق الأوسط" التابع لمؤسسة بروكينجز في السابع والعشرين من شهر يونيو الماضي يوم محاكاة للأزمة السورية للوقوف على استشراء الفوضى على خلفية الحرب الأهلية السورية.

تقوم فكرةُ المحاكاة على تقسيم المشاركين إلى ثلاث مجموعات يمثلون الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وتركيا باعتبارهما القوتين الإقليميتين الفاعلتين في الأزمة السورية، وتهدف إلى مناقشة ومعرفة التفاعل بين الحكومة الأمريكية والحليفين التركي والسعودي الفعالين والمؤثرين في الأزمة السورية لأسباب عدة، منها تأثرها بالعنف الحادث في سوريا. وتأخذ المحاكاة في الاعتبار التطورات المحتملة خلال الفترة من أغسطس الحالي إلى إبريل القادم.

وقد أعدّ كل من كينيث بولاك، وهو زميل بارز في مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط، وفريدريك كاجان، وهو باحث بمعهد أمريكان إنتربرايز، وكيمبرلي كاجان، وهي رئيسة معهد دراسات الحرب الأمريكي، وماريسا سوليفان، وهي نائب مدير معهد دراسات الحرب؛ تقريرًا يستخلص دروس هذه المحاكاة، ويحلل مجرياتها.

جُل ما تسعى المحاكاة إليه هو دراسة ما إذا كانت الدوافع الإنسانية وحدها كافية للتدخل الغربي في سوريا، مثلما حدث في ليبيا. غير أن ردود فعل الفرق (الأمريكية والسعودية والتركية) المشاركة أظهرت أن تهديد التبعات الإستراتيجية لتفاقم الأزمة هو ما قد يدفعها إلى تنفيذ فكرة التدخل العسكري؛ فقد يتمخض عن الأزمة السورية تهديدات مثل: الإرهاب، وتدفق اللاجئين، والمشاكل الاقتصادية، وتشدّد الشعوب المجاورة، والقتال عبر الحدود.

دور تركيا الحاسم

أثبتت المحاكاة أن الولايات المتحدة لن تتمكن من القيام بأي شيء حيال سوريا بدون مشاركة تركيا، لذا تركّز السياسة الخارجية للولايات المتحدة على هذا البلد على وجه الخصوص. وقد وجدت كل من الولايات المتحدة وتركيا والمملكة العربية السعودية نفسها مضطرة إلى التفكير مليًّا في فرض مناطق حظر طيران في سوريا، ومساعدة المعارضة السورية، ومباشرة عمليات عسكرية محدودة أو تدخلات متعددة الأطراف.

وفي المقابل؛ بدا أن الولايات المتحدة تتفوق على المملكة العربية السعودية في ميزان فرض الرؤية والمصالح. فقد أوْلَى الفريق السعودي اهتماما بمسألة تزايد عمليات نقل السلاح إلى سوريا عبر لبنان، وبالوضع اللبناني عموما. غير أن السعوديين وجدوا أنفسهم عاجزين عن تكريس هذا الاهتمام عمليًّا بدون دعم الولايات المتحدة. وقد اقترحت المملكة العربية السعودية جعل الأردن بمثابة مكمِّل لتركيا أو بديل عنها؛ إلا أن الولايات المتحدة لم تولِ أي اهتمام لهذا الخيار.

وجدير بالذكر أن تركيا ترغب في إنهاء الصراع الدائر في سوريا، وإرساء الاستقرار هناك في أسرع وقت، بيد أن قدراتها لا تكفي وحدها لإحلال السلام وتعزيز الاقتصاد هناك. لذا ترى تركيا أن مساعدة الغرب والعالم العربي لا غنى عنها في حسم الوضع في سوريا. ومن ثم باتت الفرق الثلاثة لا ترى مفرا من التعاون المشترك مع بعضها بعضا.

وعندما تجاوزت مجريات المحاكاة الانتخابات الرئاسية الأمريكية ودخلت في مطلع عام 2013، انصبّ تركيز الفريق الأمريكي على حسم الصراع في سوريا. ونظرا لعدم رغبتها في تحمل التكاليف المالية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية للتدخل العسكري وحدها؛ صبّت الولايات المتحدة تركيزها على إقناع الأتراك بالتدخل بدلا منها. غير أن تركيا لا ترغب هي الأخرى في تحمل وطأة التدخل العسكري وحدها نظرا لضعف إمكانياتها. وما يعقّد الأمور أكثر هو اتّكال المملكة العربية السعودية على كل من الولايات المتحدة وتركيا في مهمة إسقاط نظام الأسد وإنهاء العنف في سوريا.

من جهتها؛ ترغب تركيا في تأمين دعم من حلف الناتو إذا ما قررت التدخل عسكريًّا في سوريا، كما ترغب في تأمين تحكمها بالعمليات العسكرية. وفي المقابل، ترغب الولايات المتحدة في تقليص دور تركيا والناتو خوفا من ذهاب تركيا بعيدا عن الأهداف الأمريكية. أما المملكة العربية السعودية، فخيبة أملها كبيرة في الجمود الناتج عن هذا التضارب الذي أسفر عن تفويت فرص عديدة للاتفاق على التدخل العسكري.

تواضع القدرات السعودية

على النقيض مما ذُكر أعلاه، أشارت المحاكاة في نقطة ما إلى أن المملكة العربية السعودية قد تلعب دورا أكثر حزما في السيناريوهات المعروضة؛ حيث إن الفريق السعودي كان نشطا للغاية في محاولته تحقيق مصالحه الخاصة، بيد أن الفرق الأخرى المحيطة به لم تقدم له الدعم اللازم للقيام بذلك.

ويعزو ذلك إلى أن الأدوات المتاحة للسعوديين ليست جذابة أو حاسمة في حد ذاتها. فالقدرة على توفير الدعم والتمويل للمعارضين والمتمردين السوريين ليست كافية لإحداث تغيير حاسم في سوريا في المدى القريب، بل ويمكن أن يفضي هذا التمويل السعودي إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في سوريا.

ومن ثم خلص الفريق الذي يجسد الرؤية السعودية في المحاكاة إلى أن المملكة العربية السعودية مستعدة لتقبل مستويات عالية من عدم الاستقرار وغير مهتمة بطبيعة الحكم الذي يأتي طالما يكون سنيّا.

سيناريو انهيار سوريا

قدمت المحاكاة سيناريو انهيار الدولة السورية يعقبه دخول العراق في جولة أخرى من الحرب الأهلية. وبحلول نهاية المحاكاة، وصل العنف في العراق إلى مستويات مماثلة لتلك التي كان عليها في عام 2006. وأظهرت المحاكاة أن الفرق الثلاثة تفاعلت بشكل متباين تماما مع هذا السيناريو؛ حيث إن المملكة العربية السعودية فضّلت الفوضى العراقية على الوضع الراهن لأنها ترى أن مصلحتها الإقليمية متمثلة في تقويض النفوذ الإيراني. لذا كان الفريق السعودي على أتم الاستعداد لمساعدة المعارضة السورية حتى ولو كان من شأن هذه الإجراءات تقويض الاستقرار في العراق.

أما تركيا، فرأت أن مصالحها في العراق تقتصر على تطور الأحداث في إقليم كردستان الذي حوّلته إلى درع واقٍ لها ضد تطور الأوضاع داخل العراق. وقد تضمّن سيناريو المحاكاة استغلال الأكراد العراقيين للأوضاع، وإعلان استقلال إقليمهم ما لم يحسم الفريق التركي موقفه منه.

أما الفريق الأمريكي، فكان غير مهتم إلى حدٍّ كبير بتطورات الأوضاع في العراق ولبنان، ولم يفعل شيئا يُذكر في ذلك السيناريو، مما يعكس رغبة الفريق الأمريكي الحالية في عدم تكرار تجربة التدخل العسكري في أي بلد مرّ فيه من قبل بتجربة مريرة.

وأخيرا، انتهت المحاكاة عند شهر أبريل لعام 2013 بانهيار الدولة السورية وغرق لبنان والعراق في الصراعات الطائفية. وقد كان الفريق الأمريكي راضيا في هذا السيناريو عن تحقيق أهدافه قريبة المدى في سوريا، متجاهلا تبعات ذلك على مصالحه الإقليمية والدولية الأخرى. ورأى معظم المراقبين أن المصالح الأمريكية في كافة أنحاء المنطقة كانت مهددة أكثر مما كانت عليه في بداية المحاكاة، وأن قدرة الولايات المتحدة على تأمين مصالحها على المدى الطويل كانت غير واضحة تماما في هذا السيناريو الأخير.

خلاصة المحاكاة

أشار كاتبو التقرير إلى الملامح الأساسية لخلاصة المحاكاة، وهي كالآتي:

أولًا: لا يعتبر تفاقم الأزمة الإنسانية السورية سببا كافيا لدفع أي من القوى الدولية للتدخل العسكري في سوريا.

ثانيًا: لا ترغب الولايات المتحدة الأمريكية في تحمل عبء فاتورة التدخل العسكري في سوريا أو إعادة إعمارها. ولا تريد أيضا الاضطلاع بأي إعادة لتجربتي العراق وأفغانستان.

ثالثًا: لتركيا دور رئيسي في المعادلة لأنه لا يمكن تطبيق الخيارات المطروحة بدون الانخراط التركي. بيد أن تركيا لا ترغب في تحمل تكاليف ما بعد الحرب السورية وحدها.

رابعًا: يعتبر تأثير المملكة العربية السعودية على الوضع السوري ضعيفا نظرا لاقتصار أجندتها الإقليمية عموما على ردع النفوذ الإيراني، حتى لو كان الثمن زعزعة الاستقرار في سوريا ولبنان والعراق.

خامسًا: السيناريو الكارثي الذي قد يحدث هو انهيار الدولة السورية، وعودة العراق إلى مستويات العنف والحرب الأهلية التي شهدها في عام 2006، وانغماس لبنان في حرب أهلية جديدة.

سادسًا: القرار النهائي بشأن مسألة التدخل العسكري يتوقف على مدى تأزُّم الوضع في سوريا.

أ/رضا عطيه
08-09-2012, 07:42 AM
لن تدخل أمريكا سوريا

إلا بعد أن نمهد لهم الطريق بجيوشنا
كما حدث فى العراق

نحن شعوب لانتعلم من ماضينا

شكرا جزيلا

darch_99
08-09-2012, 11:14 AM
جزاك الله خيرا علي هذا التحليل

اعتقد والله اعلم ان امريكا تريد التدخل لكنها تنتظر اللحظة المناسبة الا وهي مرحلة قطف الثمار
لكنها مترددة كالعادة منذ الاطاحة بمبارك في كثير من الملفات ولان لها اعتبارات اخري مثل التكلفة المادية العسكرية واعتبارت تتعلق بقواتها العسكرية المتانثرة هنا وهناك , إن امريكا لم تكن غافلة عن المشهد ولا غائبة فهي تقوم حاليا بتدريب نظام حكم في انقرة لاستلام الحكم بعد انتهاء بشار
هناك مجموعات وافراد من سوريا متواجدة علي الاراضي التركية يتم تدريبهم وتلقينهم اصول السياسة والحكم تمهيدا لتنصيبهم بدلا من المجلس السوري الوطني (هذا تخطيط)

والمسألة ليست تواضع قدرات السعودية العسكرية فتلك سذاجة لا تنطلي الا علي المغفلين
فلو ارادت امريكا التخلص من نظام بشار فورا لفتحت الحدود علي مصراعيها لتدفق السلاح بكافة انواعه ولانتهي الجيش السوري الحر من بشار ولاصبح بشار اليوم ماضيا لكن لو فعلت ذلك من سيستلم الحكم (الجيش السوري الحر) فتلك مصيبة عظمي لها ما بعدها من تغير موازين القوي الحقيقي في المنطقة لصالح المعسكر السني السني (مصر- سوريا) ضد اسرائيل

وهذا دليل علي ان الدول العربية لازالت تسوقها الالة الامريكية كيفما شاءت عدا( مصر) التي خرجت من التبعية )لانها لو كانت تملك قرارها لفتحت الحدود لعبور السلاح والمال والرجال بكل علانية ولكن بعض الدول تعمل ذلك علي اسحياء ومن قبيل مساندة الجيش السوري الحر بالقدر الذي يبقيه حيا ومصارع جيد وليس بالقدر الذي ينهي المسئلة فورا

لكن هذا هو تخطيطهم ولكن في المقابل هناك تقدير العزيز العليم يخادعون الله وهو خادعهم
وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون وستأتي الدائرة عليهم بموعود الله ان شاء الله

وشكرا لك

darch_99
08-09-2012, 11:40 AM
جزاك الله خيرا

ولكن اخي الكريم هذا المقال اقرب الي درس تاريخ منه الي تحليل فالمقال يسرد الاحداث علي الترتيب ثم هو في النهاية يستخلص بجرة قلم عدم فاعلية جامعة الدول العربية

وقد اتفق معه تماما في هذة النقطة لكن هذا قبل ان يأتي الرئيس مرسي الي المشهد لتتغير اشياء كثر فأخر اجتماع لوزراء جامعة الدول العربية والذي رأسه مرسي

بدا الامر مختلفا كلاما ونبرة وحدة وقرارات تترجم الي الواقع فعلا وان كانت لا ترقي طبعا الي امال التدخل المباشر الا انه يعد مؤثر قويا علي بداية جديدة في التعامل مع الاحداث بفاعلية اكبر كثيرا مما كان علية الحال ايام مبارك

وشكرا لك

أ/رضا عطيه
08-09-2012, 12:22 PM
جزاك الله خيرا علي هذا التحليل

اعتقد والله اعلم ان امريكا تريد التدخل لكنها تنتظر اللحظة المناسبة الا وهي مرحلة قطف الثمار
لكنها مترددة كالعادة منذ الاطاحة بمبارك في كثير من الملفات ولان لها اعتبارات اخري مثل التكلفة المادية العسكرية واعتبارت تتعلق بقواتها العسكرية المتانثرة هنا وهناك , إن امريكا لم تكن غافلة عن المشهد ولا غائبة فهي تقوم حاليا بتدريب نظام حكم في انقرة لاستلام الحكم بعد انتهاء بشار
هناك مجموعات وافراد من سوريا متواجدة علي الاراضي التركية يتم تدريبهم وتلقينهم اصول السياسة والحكم تمهيدا لتنصيبهم بدلا من المجلس السوري الوطني (هذا تخطيط)

والمسألة ليست تواضع قدرات السعودية العسكرية فتلك سذاجة لا تنطلي الا علي المغفلين
فلو ارادت امريكا التخلص من نظام بشار فورا لفتحت الحدود علي مصراعيها لتدفق السلاح بكافة انواعه ولانتهي الجيش السوري الحر من بشار ولاصبح بشار اليوم ماضيا لكن لو فعلت ذلك من سيستلم الحكم (الجيش السوري الحر) فتلك مصيبة عظمي لها ما بعدها من تغير موازين القوي الحقيقي في المنطقة لصالح المعسكر السني السني (مصر- سوريا) ضد اسرائيل

وهذا دليل علي ان الدول العربية لازالت تسوقها الالة الامريكية كيفما شاءت عدا( مصر) التي خرجت من التبعية )لانها لو كانت تملك قرارها لفتحت الحدود لعبور السلاح والمال والرجال بكل علانية ولكن بعض الدول تعمل ذلك علي اسحياء ومن قبيل مساندة الجيش السوري الحر بالقدر الذي يبقيه حيا ومصارع جيد وليس بالقدر الذي ينهي المسئلة فورا

لكن هذا هو تخطيطهم ولكن في المقابل هناك تقدير العزيز العليم يخادعون الله وهو خادعهم
وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون وستأتي الدائرة عليهم بموعود الله ان شاء الله

وشكرا لك


ولماذا عدا مصر ؟؟؟؟؟

أظن الوفود التى عانقت قاعة المرشد على انفراد منذ عام إلى الأن والقادمة لمصر اليوم ورحلة الرئيس القادمة لمصر تقذف بهذا الوهم والمتوهمين فى البحر الميت

أ/رضا عطيه
08-09-2012, 12:28 PM
تحتاج لخطبة من مرسى كخطبتة فى إيران ستصبح شمعة منورة

love ur life
08-09-2012, 03:29 PM
مشكـــور للتوبيك
جزاك الله خير
^_^

الآمبراطور المصرى
09-09-2012, 05:08 PM
http://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=462549

aymaan noor
10-09-2012, 10:31 PM
تحولات العلاقات المصرية - الإماراتية من التأرجح إلى التعاون
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/0d422469a7bfe49699e19d8d898530d7_L.jpg
محمد عز العرب
كشفت زيارةُ وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد إلى القاهرة، في السادس من سبتمبر الجاري؛ عن إمكانية التحول من التأرجح إلى التعاون في مسار العلاقات الإماراتية المصرية، لا سيما في مرحلة

ما بعد ثورة 25 يناير 2011، وأن الأزمات الإعلامية التي عرفتها علاقات البلدين على مدى الشهور القليلة الماضية قابلة للاحتواء، لا سيما وأنه لم تصدر تصريحات ولم تتخذ مواقف رسمية داعمة لتغريدات الفريق ضاحي خلفان قائد شرطة دبي المهاجمة لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، غير أنه ساد التخوف الإماراتي من طبيعة العلاقة مع القاهرة مع وصول د. محمد مرسي إلى كرسي الرئاسة.

مؤشرات التحول

لا يحكم العلاقات بين الإمارات ومصر التوجهات الأيديولوجية، وإنما المصالح الوطنية، سواء في السياسة أو الأمن أو الاقتصاد، بما لا يجعلها "مباراة صفرية". لذا كانت زيارة الشيخ عبد الله بن زايد إلى القاهرة "عاكسة" وليست "منشئة" لتغير آخذ في الحدوث في طبيعة العلاقات المصرية الإماراتية؛ حيث سبق هذه الزيارة عدد من المؤشرات التي تصب في اتجاه تطوير العلاقات، على النحو التالي:

- إرسال إشارات طمأنة مصرية بعدم التدخل في الشئون الداخلية الإماراتية. وكان آخر هذه الإشارات حينما ألقى الرئيس محمد مرسي في افتتاح أعمال الدورة 138 لمجلس جامعة الدول العربية بالقاهرة في 5 سبتمبر الجاري كلمة قال فيها: "لن نقبل التدخل في شئون دولة عربية شقيقة أو المساس باستقرارها وسيادتها"، وهو ما يحمل رسالة محددة لدول الخليج، وبصفة خاصة الإمارات، بعدم التدخل في شئونها الداخلية، فضلا عن انتفاء التفكير بمنطق تصدير الثورة المصرية خارج حدودها الوطنية، سواء للإمارات أو لغيرها.

- توقف الخارجية المصرية عن التعقب الإعلامي لتصريحات خلفان؛ فقد أكد المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية الوزير المفوض عمرو رشدي في عدد من التصريحات لوسائل الإعلام على أن الوزارة لا تعلق إلا على المواقف أو التصريحات الصادرة عن شخصيات مسئولة، وهو ما يحمل إشارة ضمنية بعدم رغبة القاهرة في التضخيم من تصريحات ضاخي خلفان، حتى لا يُحدث تأزيما في مسار العلاقات بين البلدين.

- إرسال الإمارات مبعوثين رسميين للتهدئة مع مصر. فقد تسلم الرئيس مرسي رسالة خطية من الشيخ محمد بن راشد، رئيس وزراء الإمارات وحاكم دبي، في 1 أغسطس 2012، تضمنت مسألة محددة وهي "أن العلاقات المصرية الإماراتية شديدة العمق لا يؤثر فيها عارض"، قابلتها رسالة مصرية موازية مفادها "أن أمن الخليج العربي هو أمن مصر، وأن مصر لا تتدخل في الشئون الداخلية لأي دولة".

- إلقاء تصريحات إماراتية باعثة على التغيير إزاء مصر. حيث أعرب وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد في تصريحات بثتها وكالة أنباء الإمارات "وام" بتاريخ 4 يوليو 2012، عن "تفاؤله بأن فترة الرئيس مرسي ستشهد إنجازات ملموسة في العلاقات الثنائية ومحطات مهمة في مختلف المجالات.

- توقيع مذكرة تفاهم ثقافية بين الإمارات ومصر. بدأ مسار العلاقات الثنائية يمتد إلى الأداة الثقافية باعتبارها واحدة من المحددات الرئيسية لتقارب "نخاع الشعوب". ففي 4 يوليو الماضي، أبرمت مذكرة للتعاون الثقافي بين وكيل وزارة شئون الرئاسة الإماراتية لقطاع الشئون المحلية سعيد المقبالي والشيخ عبد التواب عبد الحكيم وكيل الأزهر، لتمويل ودعم المشروعات والبرامج التي ينفذها الأزهر بتكلفة إجمالية تبلغ 155 مليون درهم إماراتي. وبموجب المذكرة يتم تمويل إنشاء مكتبة جديدة للأزهر تليق بمكانته وما تحتويه مكتبته من نفائس المخطوطات والمطبوعات. كما تتضمن الاتفاقية تمويل مشروع سكن لطلاب الأزهر بما يتناسب واحتياجات النمو في أعداد الطلبة الدارسين في الأزهر.

- تعزيز الاستثمارات الإماراتية المباشرة في مصر. يبلغ حجم الاستثمارات الإماراتية في مصر، وفقا لأحد التقديرات، 5 مليارات دولار (18.4 مليار درهم)، ومن المتوقع زيادتها بعد استقرار الأوضاع الداخلية في مصر. وقد كشف أحدث تقرير صادر عن البنك المركزي المصري أن دولة الإمارات كانت على رأس الدول العربية التي ضخت استثمارات مباشرة في السوق المصري خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام 2012، حيث بلغت استثماراتها نحو 176.9 مليون دولار، في حين بلغت الاستثمارات السعودية خلال نفس الفترة 79.6 مليون دولار، وبلغت استثمارات الكويت 17.3 مليون دولار، وبلغت استثمارات قطر في مصر 13.2 مليون دولار، وهو ما يجعل الاستثمارات الإماراتية تتفوق على غيرها، فضلا عن قيام بعض رجال الأعمال من النخبة الجديدة مثل خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بزيارة للإمارات، في أغسطس الماضي، حيث التقى بالعديد من المستثمرين الإماراتيين. ومن ثم، لم يكن غريبا تطرق زيارة الشيخ عبد الله لإقامة المشروعات المشتركة وزيادة تدفق الاستثمارات الإماراتية إلى مصر.

أسباب التحول

هناك العديد من الأسباب التي تفسر هذا التحول في طبيعة العلاقات بين الإمارات ومصر، وهي:

أولها: تبديد التخوف من نقل التجربة الثورية إلى الإمارات. فقد انطلق هذا التخوف لدى الإمارات من وجود خبرات سابقة تشير إلى أن بعض الدول قد تمثل تهديدًا للآخرين بعملها على تصدير الأفكار والقيم الثورية المعادية للأسس والقواعد المبني عليها نظمها السياسية أو الاجتماعية، وهو ما يُعتبر تهديدًا جوهريًّا لأمنها واستقرارها.

ثانيها: ضمان دعم واحدة من أهم الأطراف الداعمة لتحقيق الأمن الخليجي؛ إذ إن التوترات المستمرة التي تشهدها منطقة الخليج تشير إلى أن "أمن الخليج" لا يزال يمثل مشكلة حادة، سواء لأطرافه الأساسية أو الدول المشاطئة له، أو القوى الدولية المرتبطة به، أو القواعد العسكرية المرابطة على أراضيه.

ثالثها: تجنب ترك مصر في عزلتها الخليجية بما يؤدي إلى الاتجاه لتقوية العلاقات بين مصر وبعض القوى الإقليمية المناوئة في الكثير من توجهاتها لدول الخليج، وفي مقدمتها إيران، لا سيما فيما يتعلق بمؤازرة مصر للرؤية الخليجية المعارضة للسلوكيات الإيرانية إزاء الأرض المحتلة (الجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، وزرع خلايا التجسس في الكويت، وتحريك الشيعة في شرق السعودية، والتهديد باستقلال البحرين، كما أن ترك مصر بمفردها في ظل تعثر المرحلة الانتقالية قد يغري بعض الدول الخليجية وتحديدًا قطر بالمنافسة مع السعودية فقط على تطوير شبكة المصالح مع مصر، على نحو ما دعا البعض للحديث عن "قطرنة" السوق المصري.

تحديات التحول

هناك العديد من التحديات التي قد تعرقل التحول الحادث في العلاقات بين الإمارات ومصر، والتي تتعلق في أغلبها بالمجتمعات في البلدين، على نحو ما توضحه النقاط التالية:

- بروز أصوات متشددة داخل جماعة الإخوان المسلمين في مصر، تحاول التدخل في الشئون الداخلية لدولة الإمارات، بين الحين والآخر، وخاصة فيما يتعلق بتوجيه انتقادات حادة لتعامل الأجهزة الأمنية مع أعضاء جمعية الإصلاح، لا سيما في ظل شعورها بأنها يقف وراءها "مراكز للقوى" في السلطة الحاكمة. يقابل ذلك أيضا أصوات متشددة داخل دولة الإمارات والتي تعتبر أن التغير الحادث في الساحة الداخلية سوف يمتد إلى العلاقات المصرية الخليجية ومنها الإمارات، وهو ما يتعين الحذر من الاقتراب منه تخوفا من امتدادات العدوى الثورية.

- تصاعد الحاجز النفسي بين شعبي مصر والإمارات، بعد اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011؛ حيث ساد توجهٌ لدى قطاعات من الرأي العام في العديد من الأقاليم المصرية بأن دول الخليج، حكومات وشعوبا، ومنها الإمارات؛ تساند نظام حسني مبارك، مع الأخذ في الاعتبار أن المجتمعات هي التي تصدر الثورات وليست الأنظمة مثلما كان الوضع في فترات سابقة، وهو ما يدفع بعض أنماط من العمالة المصرية لتنفيذ توجهاتها الثورية على الأرض الإماراتية.

- انفجار الأزمات الصغيرة التي تحدث بين الإمارات ومصر، والتي تترك تأثيرات سلبية على العلاقات الرسمية، وخاصة فيما يتعلق بحلقة الجاليات المصرية في الإمارات، والتي تتفاقم بمرور الوقت من خلال تأثيرات أجهزة الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، على نحو ما تشير إليه "أزمة العمالة المصرية التي لم يتجدد عقودها" أو "ترحيل الدعاة المصريين من الإمارات". وفي هذا السياق، من المحتمل أن يضغط اتجاه متشدد داخل بعض الإمارات السبع لاعتماد الخيار الصدامي في اتجاه العلاقات مع مصر، وتتحول النظرة الإماراتية إلى حالة "الإخوان فوبيا"، وتتكرر الأزمات لأصغر الاسباب، على نحو يعيق علاقات مستقرة بين الإمارات ومصر.

سياسات تطوير التحول

لا يمكن للعلاقات بين الإمارات ومصر أن تسير في اتجاه المباراة الصفرية التي تتضمن فائزا وخاسرا؛ بل يفترض تبديل إطارها ليصبح تنافسيًّا تعاونيًّا لمصلحة الطرفين الإماراتي والمصري، وفي هذا السياق، يمكن تطوير العلاقات بين الإمارات ومصر، وفقا للمصالح التي تدر منافع للجانبين، على النحو التالي:

- تأسيس حوار إماراتي مصري حول القضايا المتعلقة بأمن الخليج، وهو ما برز مؤخرا في دعوة الشيخ خليفة بن زايد للرئيس محمد مرسي لزيارة الإمارات، لا سيما مع الحديث المتكرر للرئيس المصري عن أن "أمن الخليج خط أحمر"، بما يؤدي لضمان عدم اختلال موازين القوى لطرف إقليمي بعينه، وتحديدا إيران، بعد سعيها لامتلاك قدرات نووية، وتوسيع دورها وتدخلها في الشئون الداخلية لدول الخليج بصفة مستمرة. وفي هذا السياق، يمكن لدول الخليج دعوة الرئيس محمد مرسي لحضور القمة الخليجية المقبلة في ديسمبر 2012، لسماع الرؤية المصرية بشأن الحد من التهديدات التي تواجه أمن الخليج، في مرحلة ما بعد الثورات الشعبية.

- عقد جلسات حوارية غير رسمية مباشرة تجمع رموز جماعة الإخوان المسلمين في مصر مع بعض الشخصيات الإماراتية ذات الثقل السياسي، بما يخلص في النهاية إلى فك الارتباط الحركي وليس الفكري بين التنظيم الأم للإخوان المسلمين في مصر وفروعه بدول الخليج، وخاصة جمعية الإصلاح في الإمارات، الأمر الذي قد يفتح الباب لتغيير حقيقي في العلاقات الإماراتية المصرية.

- الحد من التصريحات الإعلامية التي يطلقها بصفة غير منتظمة الفريق ضاحي خلفان ضد الإخوان، لأنها تعكس توجه فصيل سياسي متشدد داخل الإمارات إزاء الدولة المصرية الجديدة، وليس تجاه جماعة الإخوان المسلمين، خاصة وأنها تعبر عن أفكار –حتى ولو كانت شخصية- لأحد ممثلي الحكومة الإماراتية، ولا شك أن إيقاف مثل هذه التصريحات يعالج بدرجة كبيرة التوتر الحادث في مسار العلاقات الثنائية.

وهنا، لا بد من توجيه التحذيرات السياسية بعدم الإدلاء بالأحاديث الصحفية أو المداخلات التلفزيونية من بعض رموز النظام السابق المقيمين في الإمارات، وبصفة خاصة الفريق أحمد شفيق المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية الماضية؛ لأنها تعطي انطباعًا لدى قطاع من الرأي العام المصري بأن دولة الإمارات ملجأ لفلول نظام مبارك، حيث سبق شفيق في اللجوء لأبو ظبي، نائب رئيس الجمهورية السابق اللواء عمر سليمان، وكذلك الحال بالنسبة لتواجد وزير التجارة والصناعة السابق رشيد محمد رشيد فيها لبعض الوقت، فضلا عن تناثر إشاعات صحفية حول طلب رئيس المخابرات العامة السابق اللواء مراد موافي من السلطات المصرية السماح له بالسفر إلى أبو ظبي لشغل منصب بارز في أحد الأجهزة السيادية، غير أنه تم النفي الرسمي لصحة هذا الخبر.

- الإسراع بإعادة تشكيل مجلس الأعمال المصري الإماراتي، بما يدعم التعاون بين قطاعات الأعمال في البلدين وتوسيع قاعدة الشركات الممثلة بالمجلس من الجانبين في مختلف القطاعات التجارية والصناعية والخدمية.

- تفعيل بروتوكولات التعاون الموقعة بين كل من اتحاد غرف التجارة والصناعة في الإمارات من جانب واتحاد الصناعات المصرية والاتحاد العام للغرف التجارية وجمعية رجال الأعمال المصريين من جانب أخر، بما يقلل المعوقات التي تواجه الشركات الإماراتية المستثمرة في مصر والشركات المصرية المستثمرة في الإمارات.

- اعتماد حزمة مساعدات مالية إماراتية لمصر، على شاكلة صندوق خليفة بن زايد لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مصر، بهدف توفير فرص عمل لقطاع واسع من الشباب، وهو ما قد يتم تخصيصه للتعليم أو للصحة أو للإسكان وغيرها، بما يؤدي إلى تغيير الصورة الذهنية عن الإمارات إزاء "مصر الجديدة"، لاسيما وأن التصورات الإعلامية عادة ما تكون محملة بقدر من الخيال فيما يتعلق بسوء العلاقات المصرية الإماراتية في مرحلة ما بعد الثورة.

وفي هذا السياق؛ فإن إستراتيجية "الاشتباك المصلحي" هي الأكثر فعالية فيما يتعلق بالعلاقات الخليجية المصرية، عبر رسم مسارات جديدة للمصالح الوطنية في أبعادها المختلفة، وتقليص التهديدات التي تواجه هذه المصالح، بما يعود بالمنافع، ويقلل من التكاليف بالمفهوم الاقتصادي للجانبين.

aymaan noor
10-09-2012, 10:39 PM
الأردن: بريق إخواني وعدائية سلفية
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/Urdun.jpg
محمد الفضيلات
يشكل المسلمون 97 في المئة من عدد سكان الأردن البالغ عددهم، وفق أرجح الإحصائيات، ستة ملايين نسمة. يصفُ 90 في المئة منهم أنفسهم بـ "المتدينين" أو "المتديّنين إلى حدّ ما"، بحسب استطلاع أجراه مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية ضمن مشروع قياس الرأي العام العربي "الباروميتر العربي" للعام 2011.

يرى 52 في المئة من المستجيبين للاستطلاع أن الممارسات الدينية هي "ممارسات خاصة يجب تفريقها عن الحياة الاجتماعية والسياسية"، في مقابل معارضة 41 في المئة من المستجيبين للعبارة ذاتها. بعيداً عن لغة الأرقام، يُلتمس دور الدين كلاعب رئيسي في البنية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الأردني، ويتباين أثره وفقاً للتباين بين التيارات الإسلامية المتنافسة.

"الإخوان المسلمون"، تيار "عائلي" محكوم بنشأته"

لا يزيد عدد المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن على 15 ألف مبايع يتوزعون على35 شعبة منتشرة في جميع المحافظات الأردنية. رقمٌ يؤهل الجماعة لتكون التيار الديني الأكبر في البلاد. غير أن أثر التيار يمتد إلى أكبر من الرقم المعلن، إذ أحصي – بشكل غير رسمي - جمهور يزيد على المئة ألف من غير المنظمين، يستفيدون في غالبيتهم من الخدمات التي تقدمها الجماعة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، فيما يتفق آخرون معه سياسياً. تعود نشأة الجماعة في الأردن إلى عام 1945، حين اتصل المراقب الأول لها، السوري الأصل عبد اللطيف أبو قورة، بالمؤسس حسن البنا في مصر بمبادرة فردية.

وظهر الفلسطينيون في فترة التأسيس كواجهة للجماعة حيث احتلوا غالبية المناصب القيادية فيها، وكانوا كوادرها الأوائل. ما زاد من انتماء الفلسطينيين للجماعة كان مشاركتها في حرب فلسطين في العام 1948 بـ"سريّة أبو عبيدة عامر بن الجراح" التي كان قوامها 120 رجلاً بقيادة المراقب أبو قورة.

غير أنّ العام 1953، الذي شهد اندماج الجماعة في فلسطين مع الجماعة في الأردن، أرّخ لإضفاء صفة التيار "الفلسطيني" على جماعة الإخوان المسلمين. فالتنظيم في الأردن كان أقل عدداً وتنظيماً، لعجزه عن اختراق المجتمع المتمترس خلف القيم العشائرية، والأقل حداثة وانفتاحاَ من المجتمع الفلسطيني في حينها.

وبعد 67 عاماً على نشأة الجماعة التي تقلب عليها خمسة مراقبين، بينهم مراقب واحد من أصول فلسطينية، لا تزال هذه محكومة بنشأتها، فينظر إليها كممثل وقائد للأردنيين من أصول فلسطينية. وما يعزّز تلك النظرة، حضور الجماعة في التجمعات السكانية التي يقطنها الأردنيون من أصول فلسطينية، لا سيما في العاصمة عمّان ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي توصف بـ"الحدائق الخلفية للإخوان".

تخترق جماعة الإخوان المسلمين الطبقات الاجتماعية، فينتمي إليها الفقراء والمعدمون إلى جوار الأثرياء والبرجوازيين. في المجتمعات الفقيرة، يبدو أثر الجماعة أكثر وضوحاً، إذ ساهم ما تقدمه "جمعية المركز الإسلامي"، الجناح الخيري للجماعة، من المعونات والتبرعات العينية والنقدية، في اجتذاب المزيد من المنتمين للجماعة أو المناصرين لها. وتُلزم الجماعة أبناء الأسر المستفيدة من الخدمات، بالحضور إلى مؤسساتها التي يتلقون فيها "تربية إخوانية"، حيث يتم إعدادهم كمبايعين مفترضين مستقبلاً.

وبحسب برقية صادرة عن السفارة الأميركية في عمان بتاريخ 1 تشرين الاول /أكتوبر2009، سرّبها موقع ويكيليكس بتاريخ 30 آب/أغسطس 2011، فإنّ "جمعية المركز الإسلامي"، التي أنشئت عام 1963 واستولت عليها الحكومة الأردنية في 2006، تقوم برعاية أكثر من 20 ألف يتيم، وتدير 55 مدرسة، ولديها أكثر من 3500 موظف. وقدّرت الوثيقة موجودات المركز، وفقاًً لتصريحات شخصيات إسلامية، بأكثر من مليار ونصف المليار دولار.

ينخرط الإخوان المسلمون الأردنيون في العمل بمختلف مؤسسات الدولة، فيما توفر الجماعة لأعضائها ممن لا يجدون فرص عمل في الجهاز الحكومي، فرصاً في مؤسساتها التي تمنحهم أولوية التوظيف. لذلك، يكاد يصبح ممكناً الجزم بأنه ليس بين أعضاء الجماعة من هو عاطل عن العمل.تُعلي الجماعة في الأردن، كغيرها في أماكن أخرى لانتشارها، من أهمية التماسك الداخلي، فتجنح نحو العائلية من خلال التعارف والتزاوج بين أبناء الجماعة، فتكون أكثر ترابطاً ومناعة ضد الانشقاقات.

التيار السلفي: أكثر صخبا، أقل تأثيراً

لم يكن المجتمع الأردني على تماس مع الدعوة السلفية قبل ثمانينيات القرن الماضي، تاريخ استقرار الشيخ ناصر الدين الألباني في العاصمة عمّان، حيث أخذ التيار من خلاله زخماً وأصبح له العديد من الأتباع والمريدين، من دون وجود إحصائيات لأعدادهم التي تقل بكثير وفقاً لتقديرات غير رسمية، عن عدد الإخوان المسلمين.

تمحورت الدعوة السلفية في عهد الألباني الذي كان بمثابة الأب الروحي والمسيطر على التيار، حول "تصحيح عقائد الناس وتنقيتها" ممّا علق بها من"بدع"، ما دفعهم للاشتباك مباشرة مع الثقافة الدينية التي كانت سائدة في المجتمع، فخاضت هذه الدعوة معارك مع التيار الصوفي وجماعة الإخوان المسلمين.
لم يتبلور التيار السلفي في عهد الألباني الذي توفي في العام 1999 بشكل تنظيمي، ما سهّل انقسامه بعد وفاة الشيخ إلى تيارين متناحرين، هما السلفية المحافظة التي واصلت التمسك بأفكار الألباني، والسلفية الجهادية التي ينظّر لها أبو محمد المقدسي.

ومثلما شكّل الفلسطينيون أساساً لنشأة جماعة الإخوان المسلمين، فقد كانوا الأساس أيضاً في نشأة التيار السلفي. غير أن التيار السلفي تخلّص سريعاً من عقدة النشأة التي رافقت "الإخوان"، مثلما تخلّص من وصفه كتيار للأردنيين من أصول فلسطينية بما أنه أصبح محسوباً على الشرق أردنيين، خاصة بعد ظاهرة "الشرق أردني" أبو مصعب الزرقاوي الذي تتلمذ على يد أبي محمد المقدسي، وقتل في العراق في العام 2006 على يد القوات الأميركية، حيث كان يقود تنظيم "القاعدة".

يتوزع التيار السلفي في الأردن على ثلاثة أجيال. تشكَّل الأول الذي يؤرخ له بثمانينيات القرن الماضي من الهامشيين والفقراء، وتشكَّل الجيل الثاني الذي يؤرخ له بتسعينيات القرن الماضي داخل السجون، من ذوي السوابق الإجرامية المدنية التائبين، ما أضفى عليه صفة التشدد والعدوانية، قبل أن نصل إلى الجيل السلفي الثالث الذي بدأ بعد العام 2001 وضمّ فئات من المثقفين والأساتذة الجامعيين والأثرياء.
مع بروز التيار الجهادي وموقفه المتشدد إزاء الدولة، غاب السلفيون عن المؤسسات الرسمية، إذ يرفض أتباع هذا التيار العمل في الجهاز الحكومي في دولة يصفونها بـ "الكافرة"، بالتالي فغالباً ما يفضلون العمل في القطاع الخاص الذي يتناسب ومنطقهم العقائدي، أو إنشاء مشاريع خاصة بهم، فيما تستشري البطالة بينهم بشكل واضح من دون معرفة مصادر عيش العاطلين عن العمل.

يتمثّل التيار السلفي بعدد قليل من الجمعيات على غرار "جمعية الكتاب والسنة" التي تتلقى دعماً سخياً من السعودية، ويتمحور عملها في إيصال التبرعات للفقراء، من دون أن تتمكن حتى الآن من نشر الدعوة السلفية وسط الخلاف بين التيارات السلفية المتنافرة. ويحدّ من فاعليتها تضييق الدولة على أنشطتها.

يبدو أثر التيار السلفي بمختلف تسمياته جلياً في المجتمع الأردني، بما أن الصخب الذي يثيره حضور أتباعه الموصوفين بالصِداميين، لا سميا الجهاديين منهم، بات "ماركة مسجلة" باسمهم، حتى أنه يكفي خروجهم في اعتصام علني حتى تندلع مواجهات بينهم وبين عناصر الأمن، وهو ما يكفي لإثارة الخوف في قلوب المواطنين.

كما يترك تمسكهم المتشدد بإطالة اللحى، وارتداء الثوب القصير فوق كعبَي القدمين، والحديث باللغة الفصحى، وتحريم الأغاني والموسيقى والاختلاط بين ال***ين، نفوراً اجتماعياً يعززه الخوف منهم حتى لدى المتديّنين من المواطنين. خوفٌ يعبر عنه الأردنيون بسؤال غالباً ما يتكرر على ألسنتهم: "ماذا لو حكَمنا السلفيون".

تيارات خارج الصراع

الساحة الدينية في الأردن ليست حكراً على جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي، إذ تنضمّ إلى جوارهما الطرق الصوفية التي تتربع في المركز الثالث من حيث الانتشار، إضافة إلى "جماعة التبليغ والدعوة"، والتيار الشيعي وغيرهم. غير أنّ الإخوان والسلفيين يحتلون المساحة الأوسع في حوارات المجتمع الأردني، فيما تواصل الطرق الصوفية التي تلاقي انتشاراً بين أثرياء الأردن، نشاطها بصمت دون دخول معترك الاستحواذ على جمهور المسلمين، مثلها مثل "جماعة التبليغ والدعوة". ويفضّل أتباع التيار الشيعي الذين تقدِّر احصائيات غير رسمية عددهم بـ 3 آلاف، البقاء في الظل مع تنامي كراهية خطيرة ضدهم نتيجةً العوامل السياسية والإقليمية المعروفة.

أبو إسراء A
11-09-2012, 07:11 AM
ذكر نشأة السلفية فى الأردن فى الثمانينات يفتقد إلى التحقيق العلمى ، فالسلفية منهج قديم بقدم الإسلام نفسه ، و ظهورها كمدرسة كان فى القرن الثالث الهجرى بظهور مدرسة أهل الحديث و الأثر فى مواجهة مدرسة المعتزلة التى قدمت العقل على النقل ، و فى العصر الحديث تبلورت السلفية فى القرن الثامن عشر الميلادى على يد محمد إبن عبد الوهاب ، و قبلها فى القرن السابع الهجرى على يد ابن تيمية ، فهل كانت الشام بمنأى عن السلفية كل هذه القرون ؟ !

يقول الكاتب :
(كما يترك تمسكهم المتشدد بإطالة اللحى، وارتداء الثوب القصير فوق كعبَي القدمين، والحديث باللغة الفصحى، وتحريم الأغاني والموسيقى والاختلاط بين ال***ين، نفوراً اجتماعياً يعززه الخوف منهم حتى لدى المتديّنين من المواطنين. خوفٌ يعبر عنه الأردنيون بسؤال غالباً ما يتكرر على ألسنتهم: "ماذا لو حكَمنا السلفيون".)
تجد تحامل من الكاتب على سلفيى الأردن فى هذا الكلام ، و هو تحامل فى غير محله فما ذكر لا يخرج عن كونه سنن عن النبى صلى الله عليه و سلم ، أو أمور محرمة تركها السلفيون .

راغب السيد رويه
11-09-2012, 08:52 AM
الساحة الدينية في الأردن ليست حكراً على جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي، إذ تنضمّ إلى جوارهما الطرق الصوفية التي تتربع في المركز الثالث من حيث الانتشار، إضافة إلى "جماعة التبليغ والدعوة"، والتيار الشيعي وغيرهم. غير أنّ الإخوان والسلفيين يحتلون المساحة الأوسع في حوارات المجتمع الأردني، فيما تواصل الطرق الصوفية التي تلاقي انتشاراً بين أثرياء الأردن، نشاطها بصمت دون دخول معترك الاستحواذ على جمهور المسلمين، مثلها مثل "جماعة التبليغ والدعوة". ويفضّل أتباع التيار الشيعي الذين تقدِّر احصائيات غير رسمية عددهم بـ 3 آلاف، البقاء في الظل مع تنامي كراهية خطيرة ضدهم نتيجةً العوامل السياسية والإقليمية المعروفة.



جزاك الله خيرا وبارك فيك

أبو إسراء A
11-09-2012, 03:00 PM
صالساحة الدينية في الأردن ليست حكراً على جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي، إذ تنضمّ إلى جوارهما الطرق الصوفية التي تتربع في المركز الثالث من حيث الانتشار، إضافة إلى "جماعة التبليغ والدعوة"، والتيار الشيعي وغيرهم. غير أنّ الإخوان والسلفيين يحتلون المساحة الأوسع في حوارات المجتمع الأردني، فيما تواصل الطرق الصوفية التي تلاقي انتشاراً بين أثرياء الأردن، نشاطها بصمت دون دخول معترك الاستحواذ على جمهور المسلمين، مثلها مثل "جماعة التبليغ والدعوة". ويفضّل أتباع التيار الشيعي الذين تقدِّر احصائيات غير رسمية عددهم بـ 3 آلاف، البقاء في الظل مع تنامي كراهية خطيرة ضدهم نتيجةً العوامل السياسية والإقليمية المعروفة.



جزاك الله خيرا وبارك فيك

الكاتب لبس بقصد أو بدون قصد بمقولة التيار الشيعى بالأردن ، فلا يعرف تيار شيعى بالأردن ، فهذه الدولة خالية من الشيعة ، و لكن يوجد قليل من المتشيعة ، و ليسوا تيارا ، فكلمة تيار مبالغة .


من المعروف أن عبد الله بن سباء اليهودي
هو اول من جاء بمذهب الشيعه وليس علي رضي الله عنه .

aymaan noor
16-09-2012, 12:14 AM
انتفاضةُ رغيف الخبز أم صراعٌ على السّلطة؟
http://www.jadaliyya.com/content_images/3/idrab.jpg
هاني المصري
الذي يجري في الضفة الغربيّة، ومن يقف وراء الاحتجاجات الواسعة والشعارات الحادّة والاضرابات العامّة؟. هل بدأ الربيعُ الفلسطينيُّ في مواجهة الغلاء ومن أجل الرواتب، كما قال الرئيس أبو مازن، أم أنّ ما يجري مجرد ارتدادات طبيعيّة لزلزال الغلاء العالمي، أم أنّ الأمر صراعٌ على السلطة استغلّ الغلاء والضرائب والبطالة والفقر؟. هل ما يجري "بروفة" لانتفاضة قادمة ضد السلطة أو ضد الاحتلال؟. هل نسي ابن الضفة الاحتلال والعدوان والاستيطان ولم يعد يحركه سوى الهموم المعيشيّة؟.

حتى نستطيع الإجابة عن هذه الأسئلة، لابد من ملاحظة الالتزام المطلق من السلطة بحريّة التعبير والمظهر الحضاري الذي سلكته الشرطة والأجهزة الأمنيّة إزاء الحراك الاقتصادي، حيث دافع الرئيس ورئيس حكومته عن حق الشعب الفلسطيني في التحرك ولم تعترض الشرطة وأجهزة الأمن ولم تحرك ساكنًا، حتى عندما قام بعض المتظاهرين بقطع الطرق وحرق الإطارات والاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة، وبالرغم من أن الشعارات المرفوعة والهتافات التي تتردد طالت بحدة غير مسبوقة برحيل الحكومة ورئيسها ووصفته بأشد الصفات.

ولوحظ أن أوساطًا فاعلة من "فتح" شاركت بفعاليّة، إن لم نقل إنها المحرك الرئيسي للأحداث، ما اعتبره البعض تجديدًا وإصلاحًا في "فتح"، فيما اعتبره البعض محاولة لركب الموجة لحصد الأصوات عشيّة الانتخابات المحليّة، فيما اعتبره آخرون "محاولة نضاليّة" لإلغائها نظرًا للصعوبات التي تواجهها "فتح" في تشكيل القوائم الانتخابيّة، خصوصًا في المدن الرئيسة، ووجود منافسة شديدة لـ"فتح" داخليّة وخارجيّة، وتشكيل عشرات القوائم الخارجة عن القرار المركزي بالرغم من تهديدات اللجنة المركزيّة بفصل كل من يرشح نفسه بشكل فردي.

بالرغم من البعد الاقتصادي المحرك للأحداث، وأن هناك الكثير مما يمكن عمله لتصحيح الخلل والأخطاء للسياسة الاقتصادية والاجتماعية للسلطة، وتخفيف حدة الأزمة عن الفئات الفقيرة والعاطلة عن العمل، إلا أنه لا يمكن تفسير ما يجري إلا بوصفه أحد تجليات الأزمة العامة التي تضرب بأطنابها كل المستويات والقضايا، وأحد أسبابها الخشية الفلسطينيّة بصورة عامة، وخشية الرئيس و"فتح" بصورة خاصة، من تداعيات الربيع العربي، وما رافقه من صعود للإسلام السياسي، خصوصًا في مصر، وما أدى إليه ذلك إلى المزيد من تهميش القضيّة الفلسطينيّة وتحفيز إسرائيل للإسراع في تطبيق المخططات التوسعيّة والاستيطانيّة والعنصريّة، وسط تأكد انهيار "عمليّة السلام"، وغياب أي أفق سياسي لإحيائها على المدى المنظور، وفي ظل الانقسام الفلسطيني المدمر، وانتقاله شيئًا فشيئًا إلى مناطق أخرى وإلى الضفة الغربيّة وقطاع غزة وداخل صفوف "فتح" و"حماس".

إن جذر الأزمة يعود إلى غياب أي رؤية أو خطة أو إستراتيجيّة لدى السلطة أو القيادة أو "حماس" بعد وقف المفاوضات، وانهيار "عمليّة السلام"، وتعليق المقاومة، بحيث أصبح الصراع على القيادة والتمثيل والسلطة يطغى على أي شيء آخر.

وما زاد الطين بلة أن السلطة تبدو مشلولة من دون شرعيّة ولا أفق سياسي، ولا تجد ما تقوله أو تفعله. فخطة بناء المؤسسات وإثبات الجدارة كطريق لإنهاء الاحتلال وصلت سقفها الزمني وفشلت، ولم تجددها السلطة أو الحكومة ولم تطرح خطة جديدة. وشعار تقليص الاعتماد على المساعدات الخارجيّة وصولًا إلى الاستغناء عنها كليًّا في العام 2013 تهاوى في ظل صرخات السلطة التي تتردد حاليًّا لاستدعاء المساعدات الخارجيّة لإنقاذها من الأزمة الاقتصاديّة والماليّة المتفاقمة. وخطة مقاطعة الاستيطان سحبت من التداول مع أنها أحرزت خطوات ملموسة. وغدت المقاومة الشعبيّة شعارًا أكثر ما هي خطة، وأصبحت عبارة عن مظاهرات محليّة في القدس وبعض مناطق (ج) تصطدم مع الاحتلال، ومظاهرات داخل المدن لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تؤثر على الاحتلال شيئًا.

أما خطة التدويل، فتخطو فيها السلطة خطوة إلى الأمام وتعود اثنتين إلى الوراء، فبعد الخطاب التاريخي للرئيس في الأمم المتحدة، الذي كان من المفترض أن يكون البداية وليس النهاية، عدنا إلى نقطة الصفر وأضعنا عامًا كاملًا. وأخذنا نتحدث الآن عن التحضيرات والتشاور مع الدول والمنظمات الإقليميّة، وعن تحديد التوقيت المناسب لعرض مشروع القرار على التصويت للحصول على عضويّة مراقبة لدولة فلسطين من دون إستراتيجيّة متكاملة، ووسط الخشية من التهديدات الأميركيّة والإسرائيليّة بمعاقبة السلطة إذا أقدمت على هذه الخطوة، وبالرغم من أن المقدمات لا تشير إلى توجهنا فعلًا إلى مجابهة مع حكام واشنطن وتل أبيب، وإذا كنا كذلك، فلماذا لا نصارح الشعب بعدم قدرتنا على المجابهة، وما الذي أوصلنا إلى هذا المصير؟، أو لماذا لا نستعد للمواجهة ونحضر الشعب لها، هذا الشعب المستعد للتضحية إذا كان هناك هدف يستحق التضحية وليس من أجل سلطة تبدو فاقدة الاتجاه، وهي أحد الترتيبات التي أقامها الاحتلال لإعفائه من مسؤولياته؟.

السلطة إما أن ترحل أو تعيد النظر في شكلها ووظائفها والتزاماتها؛ لتصبح أداة في يد المنظمة والمشروع الوطني، فلا يكفي تقديم "كبش فداء" إذا كان رئيس الوزراء أو غيره. فالمطلوب تغيير نهج وسياسات وأشكال عمل وأشخاص وعودة إلى المقاومة.

إن خطاب السلطة وأوضاعها وتوتر الأوضاع الداخليّة بين "فتح" و"حماس" والأزمة الاقتصاديّة تجعل الشعب يخشى التدويل وأي مجابهة، لأنه يقف عاريًا من دون مقومات صمود ولا أسلحة، ويواجه أزمة اقتصاديّة وسياسيّة واجتماعيّة شاملة، فكيف إذا نفذت الإدارة الأميركيّة والحكومة الإسرائيليّة تهديداتهما إذا قدمت السلطة طلب الحصول على العضويّة المراقبة أو إذا فعّلت طلبها للحصول على العضويّة الكاملة.

الحصول على العضويّة المراقبة لوحده لا يعني شيئًا، خصوصًا أن المنظمة حصلت على العضويّة المراقبة منذ عشرات السنين، وإنما يجب أن يكون صدى لمعارك أخرى تجري أساسًا في فلسطين المحتلة، فالدولة لن تقام في نيويوك، وإنما في وديان وجبال وسهول فلسطين، وعندما يصبح الاحتلال مكلفًا جدًا لإسرائيل، وليس كما هو الآن "احتلال خمس نجوم".

ولا يكتمل تفسير ما يجري في الضفة من دون وضعه في سياق الصراع الجاري والمتزايد في الأشهر الأخيرة على السلطة في الضفة وعلى البرنامج الذي يجب اعتماده، بين الرئيس و"فتح" من جهة ورئيس حكومته من جهة أخرى، حيث يضيق أبو مازن ذرعًا أكثر وأكثر من سلام فيّاض، ويبدو أنه يريد التخلص منه ولكنه يخشى العواقب، لأن هذا ليس قرارًا اقتصاديًّا فقط.

كان يبدو أن الفرصة توفرت للتخلص من فيّاض بعد "إعلان الدوحة"، ولكنها ضاعت بانهياره، ويبدو الآن توافر فرصة أخرى، ولكنها معرضة للضياع وسط عناد فيّاض وتمسكه بمنصبه بالرغم من استعداده للاستقالة إذا كانت استقالته هي الحل، فكما قال إنه ليس عنوان الأزمة، وهو ليس موظفًا، وإنما مكلف بمهمة لم تنته، وإنه سيرحل إذا أقاله من عيّنه أو إذا وجد أن الشعب يريد رحيله، وهذا لن يظهر إلا بعد إجراء انتخابات يعبر فيها الشعب عن إرادته الحرة.

كأن لسان فيّاض يقول: إذا أردتم التخلص مني فليطلب الرئيس ذلك بصراحة، أو لتسحب "فتح" الغطاء عني. إن هذا الموقف الذي يتعرض له فيّاض منذ توليه رئاسة الحكومة في عهد الانقسام يسيء إليه ويصعب تفسيره.

فلقد ظهر فيّاض باعتباره العقبة الرئيسيّة أمام إنهاء الانقسام، بالرغم من أنه مجرد عقبة من ضمن قائمة طويلة من العقبات، وكان عليه أن يستقيل استقالة نافذة منذ فترة، على الأقل منذ توقيع اتفاق القاهرة؛ ليدلل على أنه ليس العقبة أمام الوحدة.

ويظهر الآن أكثر وأكثر بوصفه مفروضًا من الخارج، فإذا كان الرئيس لا يريده، وكذلك "فتح" و"حماس"، وليس لديه حزب سياسي قوي يدعمه، فعلى ماذا يستند فيّاض، ولماذا يعاند؟!

الاستغناء عن فيّاض لا يتطلب إطلاق ثورة اقتصاديّة أو توظيفها بعد اندلاعها، بل يمكن أن يقيله الرئيس أو يطلب منه الاستقالة، أو يبادر هو بالاستقالة، لأن الوضع الفلسطيني حرج جدًا، ولا يحتمل المزيد من الصراع على السلطة، ولا محاولة حل الأزمة العامة بحلول جزئية أو تقديم كبش فداء.

من حق فيّاض أن يطمح للعب دور سياسي مستقل ومختلف عن الرئيس و"فتح"، ولكنه لا يستطيع فعل ذلك من موقع منصبه كرئيس للحكومة التي تعتبر حكومة الرئيس وتحظى بشرعيّة ودعم من "فتح".

في كل الأحوال، أُحَذِّرُ من الانزلاق إلى الفوضى بفعل بعض الأطراف الفلسطينيّة أو بانفلات الأمور، وتدخل أطراف أخرى. فهناك فرق حاسم بين حرية التعبير والنضال المطلبي أو الثورة ضد الاحتلال وبين الفوضى، وجربنا واكتوينا بنار الفوضى والفلتان الأمني مرارًا وتكرارًا، وليس هناك داعٍ لتجربة جديدة تأكل الأخضر واليابس، لأن المعطيات المتلاحقة تشير إلى مخطط يرمي إلى إعادة صياغة السلطة لكي تقبل بالمعروض عليها، ولو ارتضى الأمر أن تبقى على حافّة الهاوية حتى تخضع، أو تغيير الرئيس وقياداتها، وإلا فلتذهب إلى الجحيم. هل نعي خطورة ما نواجهه ونستعد لمواجهته بشعب واحد ومؤسسة جامعة وقيادة واحدة ومشروع وطني شامل؟

aymaan noor
18-09-2012, 08:27 AM
انتفاضة الدفاع عن الرسول بين لوع جماعة الإخوان ومقاومة الاستعمار
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/%D9%85%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D 8%A9.jpg
Mohamed Waked
لا يسع من يتابع تطورات الأحداث المترتبة على الفيلم المسيء للرسول في مصر والعالم العربي إلا أن يشعر بحسرة شديدة على ما آلت إليه أحوالنا، بعدما كشفته عبثية الأحداث من تدني مستوى الوعي المهيمن في البلاد ومحدودية قدرات القائمين على الأمور فيها. وقد استفاض الكثير من الزملاء في تحليل ردود الأفعال على هذا الحدث بالفعل. منهم من أشار إلى أن مجريات الانتفاضة التي أعقبت الفيلم ساهمت في نشر فيلم تافه يعيب في الرسول في كل أرجاء العالم تحت إدعاء مناهضته. فلا أظن أننا شاهدنا فيلماً راج بهذا الشكل في خلال العقد الأخير، بما في ذلك الأفلام الجيدة والمثيرة، فما بالنا بمقاطع فيديو شديدة البلاهة. ومن هنا فلابد وأن منتجي هذا الفيلم المفترض يشعرون بالإمتنان الشديد لانتفاضتنا الغاضبة بعدما أسهمت في نشر فيلمهم التافه على أوسع نطاق ممكن. فلولا انتفاضاتنا لما شاهد هذه المقاطع أكثر من عشرة أفراد، كانوا سيضحكون عليه في النهاية.

أما الآن فيعتبر الكثيرون من مواطني الدول غير الإسلامية من قاموا بإنتاج هذا الفيلم من أبطال حرية الرأي والتعبير الذين يناضلون ضد قوى الظلام. ومن هنا يتضح للأسف أن ردود الأفعال العربية هي التي تتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية والدينية على نشر فيلم أبله على هذا النطاق الواسع، وما اشتمل عليه من إساءة للرسول، وتمكين فيلم عبيط من إضفاء قدسية "الحريات" على مضمون تافه. كذلك تعرض عدد من الكتاب من قبلي إلى ما أنطوت عليه ردود الأفعال من أسواء دعاية ممكنة للإسلام والرسول، ساعدت في النهاية من زيادة النفور من الدين الإسلامي في العالم، وليس العكس كما ظن القائمون عليها.

كما ارتكزت معظم ردود الأفعال الغاضبة على بديهيات شديدة العنصرية تجيز معاداة دول وشعوب كاملة على أساس ما يقوله عشرة أفراد أو أكثر قليلاً. ولم يقتصر ذلك على إدانة المجتمع الأمريكي بأسره، وتحميله مسؤولية أفعال عشرة أشخاص سفهاء، وإنما تجاوزت ذلك إلى التعميم على كل ما هو أبيض أو غربي أو مسيحي. فعلى سبيل المثال لا الحصر، عندما لم تجد القوى الإسلامية في إيران مؤسسات أمريكية تتظاهر أمامها قامت بالتظاهر أمام سفارة سويسرا في طهران. في حين حاولت القوى الإسلامية في السودان حرق سفارتي بريطانيا وألمانيا احتجاجاً على فيلم مسيء للرسول يفترض أنه نشر في أمريكا. ونجحت بالفعل في إشعال النيران في السفاراتين. وناب مسيحيو مصر جانب من هذا التعميم بالطبع، وصل ذروته في قيام المتظاهرون الذين شاركو في مليونية التحرير أمس الأول بكتابة شعارات شديدة العنصرية والتدني على سور كنيسة الدوبارة، التي طالما ساعدت كل المتظاهرين وقدمت لهم العون في أثناء كل الاعتصامات، مسلمين ومسيحيين، ولذلك عرفت بإسم كنيسة الثورة.

دور الإخوان

وعلى الرغم من أهمية ما تقدم، يظل الدور الطفولي الذي لعبته جماعة الإخوان في هذه الملحمة هو أهم ما فيها. فقد لعبت الجماعة دوراً أساسياً في تأجيج مشاعر الغضب ودفعها نحو التظاهر أمام السفارة قبل أن تتراجع وتدين المتظاهرين، ثم تبرر اعتقالهم في وقت لاحق. وأدى تخبطها الشديد إلى إلحاق الضرر بها وبنا جميعاً. فلا يوجد شك أن الجماعة خسرت الكثير من جراء تخبطها وأخطائها ومن ورائها الدولة المصرية، حتى وإن ظنت أنها كسبت المعركة الطائفية المحلية. وعلى الرغم من تعدد مستويات الخطأ الذي ارتكبته الجماعة في حق نفسها، وتجلياته، إلى أن أحداً لم يتوقف عند تدعياته بالشكل الكافي.

فأول ما يلاحظ هنا أنه يحق طبعاً للجماعة من حيث المبدأ أن تدعو للغضب ضد فيلم يسيء للرسول. لكن جرت العادة أن الابتعاد عن التعميم العنصري يفيد القضية أكثر من التعميم العنصري الذي يوسع الحرب إلى نطاق حضاري أكبر من اللازم. وحتى لو قبلنا بالحق في التعميم في هذه الحالة من باب "فاض بنا الكيل،" تبقى إشكالية تقديم نفس الحق للجانب الآخر على طبق من ذهب. وهنا يبرز سؤال أساسي: كيف ستتعامل الجماعة مع التعميم المضاد ضد كل المسلمين الذي يجيده اليمين الغربي؟ هل طورت رؤية معينة للتعامل مع ذلك؟ وهل لديها خطط محددة؟ أم ستترك الأمر للظروف؟ وهل تريد هذه المواجهة أصلاً؟

وعلى نفس المنوال، طالبت قيادات الجماعة الغرب بتغيير قوانينه بما يمنع ازدراء الأديان، وفي هذا قبول بالتدخل في شؤون الآخرين ينتهي بضرورة قبول الجماعة هي الأخرى ببديهية فرض قييم ثقافية غربية على القوانين المصرية--فهل هي مستعدة لقبول ذلك؟ أم ستناضل من أجل قصر التدخل في شؤون الآخرين فيما يخص الدين وحده؟ وكيف ستفرض تحديد التدخل في نطاق ازدراء الأديان فقط؟ هل لديها كروت ضغط غير مهاجمة السفارات؟ وهل تعي شكل الخريطة العالمية أصلاً، التي لا تحصر الأديان في شيء أسمة الديانات السماوية؟ بمعنى، هل ستمنع إزدراء بوذا و"الأصنام" الهندوسية في مصر؟

مثل هذه التساؤلات تفرضها الاستحقاقات المنطقية لموقف الجماعة. لكن كالعادة تزول هذه الاستحقاقات في ميزان القوة--فهل ميزان القوة في صالح الجماعة؟ أم كان أجدى بها أن تتجاهل الفيلم وتتركه يموت تحت تفاهة مضمونه؟ الإجابة العقولة الوحيدة في هذه الظروف هي أن نهج التحدي الذي انتهجته الجماعة هو، بغض النظر عن المنطق واستحقاقاته، مقبول فقط من منطلق مقاومة الاستعمار، الذي لا يرهن الفعل المقاوم إلى منطق ميزان القوة. فمنطق المقاومة هو المنطق الوحيد الذي يفسر مهاجمة سفارات ألمانيا وبريطانيا في الخرطوم بشكل مقبول وشرعي تماماً، على أساس أن لهذه التحركات الغاضبة مشروعية واضحة منبثقة عن عداء هذه الدول لشعب السودان ودعمها لاستعماره والاستحواذ على ثرواته. لكن أي منطق آخر غير منطق المقاومة سيجر الجماعة نحو الاستحقاقات المنطقية سالفة الذكر، وهي استحقاقات ينظمها الواقع العالمي لصالح الجانب الأقوى طبعاً، الذي هو أمريكا.

هذا إذن هو مربط الفرس ويفرض علينا سؤالاً بديهياً: هل تنوي الجماعة مقاومة أمريكا؟ فإذا كانت تنوي ذلك يصبح ما فعلته مقبولاً تماماً ويجب مساندته دون أي قيد أو شرط، أما إذا كانت تلعب لعبة "لوع" مع أمريكا فتكون قد خسرت كثيراً ويجب علينا توخي الحذر مما تفعله. وللأسف تؤكد كل المؤشرات على أنها تلعب لعبة "لوع" سخيفة تظن أن خطابها المزدوج سيكون قادراً على التغطية عليها، كما سيتضح بعد قليل.

مقاومة أمريكا

لا يوجد دليل على عدم نية الجماعة مقاومة أمريكا أقوى من تزامن حملة الإخوان لمناهضة أمريكا المفترضة مع زيارة وفد أمريكي أمني للتفتيش على حدود مصر مع غزة والتأكد من هدم الأنفاق. وتضمن ذلك قيام الأمريكان بالإعلان عن تركيب أجهزة متطورة لرصد تحركات القوات المصرية في سيناءـ وبرر وزير الدفاع الأمريكي ذلك قائلاً، "نحن فقط نريد التأكد من اننا نعرف كيفية تمركز هذه القوات (المصرية) لكى نصبح أكثر كفاءة وفاعلية فى مكافحة الإرهابيين." وفي هذا السلوك المهين (الذي أسسه نظام مبارك) تجاوز شديد على السيادة المصرية، تلتزم به جماعة الإخوان لما عليها من استحقاقات منبثقة عن التدخل الأمريكي لضمان نقل السلطة كاملة إليها. وتبع زيارة وفد التفتيش الأمريكي تحركات قلقة في غزة للمطالبة بعدم هدم كل الأنفاق إلا بعد إيجاد بدائل لإيصال الغذاء لغزة، ما يكشف نجاعة مجهودات هدم الأنفاق التي تشرف عليها أمريكا (على الرغم من أن بعض القوى تظن أن ما يحدث بخصوص هدم الأنفاق هو فيلم غير حقيقي). كما تزامن التصعيد ضد أمريكا والاحتشاد أمام سفارتها من أجل نصرة الرسول مع تصريح حزب النور، شريك الإخوان في التصعيد الأخير، بوجوب احترام اتفاقية السلام مع اسرائيل وقبوله للحوار معها من حيث المبدأ.

وعليه، كانت قيادات الإخوان تصعد ضد أمريكا في نفس ذات الوقت التي كانت تقوم فيه بضمان مصالح أمريكا طبقا لترتيبات حسني مبارك الخاضعة. في حين كانت قيادات السلف تصعد ضد أمريكا في نفس الوقت الذي كانت تطلق فيه مبادرات حسن نوايا تجاه إسرائيل. وتزامنا جانبا السلوك المزدوج معاً على نحو دقيق وكاشف، حيث خرجت الدعوة بالتظاهر ضد سفارة أمريكا في نفس يوم الإعلان عن التفتيش والقبول بالحوار مع اسرائيل.

نحن إذن لسنا بصدد مشروع مقاومة حقيقي، ولا يوجد على ما يبدو أي مجال لذلك. بل نحن أمام مشروع "لوع" تظن الإخوان أنها تستطيع من خلاله الضغط على أمريكا من أجل تحقيق مكاسب تفاوضية تضمن لها استقلالية نسبية، ذلك من جانب، وتسترضي من جانب آخر المشاعر الإسلامية حتى لا تفقد جماهيريتها في ظل وجود جماعات إسلامية على أتم استعداد للمزايدة عليها في هذا المجال. وهكذا فرضت عليها خيارتها الجؤ إلى خطاب مزدوج فشل في النهاية في إرضاء طرفي المعادلة: الشعب المصري والأمريكان.

هنا تبرز نقطاتنا هامتان، الأولى أخلاقية والثانية استراتيجية. أولاً، هل يحق للجماعة أن تقود الناس إلى هذه المواجهات وما تخللها من سقوط ضحايا وإصابات وأضرار مادية في حين أنها "لم تكن تنتوي" المواجهة أصلاً؟ ألم يكن عليها أن تخبر الناس بحقيقة رهاناتها؟ وهل تستطيع السيطرة على ما دشنته من تحرك أو تلوم من صدقوها؟ وثانياً، كيف تضمن الجماعة اتباع هذا النهج المزدوج دون أن تخسر الجانبين؟

منهجية "اللوع" وحدودها

بشكل تفصيلي، شاركت الجماعة بشكل مباشر وحثيث مع حزب النور ورموز الدعوة السلفية في تأجيج ردود الأفعال الغاضبة على الفيلم المسيء. بل هم الذين بدأوا هذه الحملة. حيث سخرت قنوات هذه الفصائل التلفزيونية كل طاقتها لشحن العواطف ذات الصلة وحشدها إلى التظاهر لنصرة الرسول أمام سفارة الولايات المتحدة الأمريكية يوم الثلاثاء الماضي. وهكذا دشنت فعاليات غاضبة خرجت في النهاية تماماً عن سيطرتها وتوقعاتها بعد أن صدقتها الجماهير. بمعنى آخر، لم تفكر هذه الجهات في "صرف العفريت" قبل تحضيره.

كما شاركت في هذه الحملة قيادات كبرى بالجماعة بشكل مباشر، مثل خيرت الشاطر وعصام العريان ومحمد البلتاجي، وهي من قيادات المستوى الأول، وما يقولونه يمثل الجماعة. وعليه فما نتابعه الآن من دراما حزينة تخللها استشهاد مواطنين، وإصابة ثلاثمائة، واعتقال ثلاثمائة آخرين، أتت نتاج حسابات خاطئة تماماً من أعلى قيادات الإخوان، لا من تصرف عاطفي لكوادر وسطى أو قواعد الجماعة.

على سبيل المثال، أشاد خيرت الشاطر في البداية بالمظاهرات ضد أمريكا بشكل لا يتحمل تأويلاً مغايراً، ما أنطوى على دعوة للمتابع بضرورة المشاركة فيها. في حين صرح عصام العريان أن "مطالبنا اليوم محاسبة من وراء الفيلم واتخاذ اجراءات دولية قانونية لمنع اﻹساءة لكل اﻷديان والمقدسات، الدين ليس اقل من محرقة الهولوكست." وهذا يعني أنه عرف نفسه على أنه جزء من المظاهرات حينما استخدم لفظ "مطالبنا اليوم،" وفي الضمير المستخدم إدعاء واضح بملكية التظاهرات.

وعلى الرغم مما في ذلك من افتراضات من نوع المطالبة في التدخل في شؤون الدول الأخرى، وما يتبع ذلك من استحقاقات مضادة، إلا أنه في حد ذاته حق هؤلاء لو كانوا ينوون المقاومة كما قلت من قبل. إما إذا كان ما يفعلونه مجرد محاولة للضغط لا المقاومة فيضرها ما أنطوت عليه هذه التصريحات من مغالطات شديدة لا تليق بمقام قيادات على مستواهام.

على سبيل المثال لا الحصر، تنتشر بالمجتمعات الغربية الأفلام والمقالات التي تسخر من المسيحية بمعدل مئات أضعاف المقالات التي تسخر من الأديان الأخرى. وعليه فمبدأ معاملة الدين الإسلامي بالمثل (في هذه الحالة تحديداً) لا معنى له سوى الإكثار من السخرية من الإسلام. وكان أجدى بهم التركيز على التمييز ضد الملسمين واحتلال أراضيهم والنفاق الجاري بخصوص الإسلام في الدول الغربية، لا التطرق لمبدأ إزدراء الأديان من حيث المبدأ. كذلك تنطوي هذه المقولات على افتراض أنه يحق لدولة مثل مصر أن تفرض على دولة مثل أمريكا أن تشرع ما يلزم لمنع إزدراء الأديان كما يحدث في مصر، وهو افتراض غير واقعي بالمرة. وعلى نفس المنوال، إنطوت تصريحات العريان، وهو مستشار الرئيس للشؤون السياسية، عن جهل شديد بمؤسسة الهولوكوست. فأولاً، لا علاقة للقوانين الخاصة بالهولوكوست بالدين اليهودي. بل هي قوانين تجرم إنكار الهولوكوست على خلفية مآساة إبادة يهود أوروبا التاريخية. بمعنى آخر، هي قوانين نابعة من التجربة التاريخية للدول التي تعمل بها. وعليه فلا مجال للمقارنة بين الفيلم والهولوكوست أصلاً، والقيام بذلك يدعو للضحك. والأهم من ذلك هو أن هذه القوانين يعمل بها في عدد محدود جداً من الدول الأوروبية التي تورطت في محرقة اليهود، وليس من بينها أمريكا. وعليه فكأن العريان يطالب أمريكا بتطبيق شيء تطبقه بالفعل، استناداً لمقارنة غير منطقية. وبكل تأكيد سيصعب على الجمهور الأمريكي فهم ما يعنيه أصلاً. كذلك لا يوجد شك أن العريان نفسه لا يستطيع تطبيق مطلبه، حيث من غير الوارد أن يطبق قانون يمنع إنكار الهولوكوست في مصر، وعليه فماذا لو ردت أمريكا: "ماشي، نمنع ازدراء الرسول وتمنعوا التشكيك في الهولوكوست،" هل سيستطيع تطبيق ذلك؟

والأهم هو أن الجماعة اتفقت مع الأحزاب والمنظمات السلفية على التظاهر أمام السفارة الأمريكية يوم الثلاثاء الماضي، لكنها لم تشارك في المظاهرة وغابت رموزها عنها. هذا ما دفع نادر بكار إلى التصريح بأن الجماعة أخلفت وعدها لهم بعد ما وجد التيار السلفي نفسه وحيداً أمام السفارة ومعه فقط مجموعات صغيرة من أفراد الألتراس. وبدأ بعدها التيار السلفي فوراً في لوم الألتراس على اقتحام السفارة وحرق العلم الأمريكي والتنصل مما حدث. هكذا بدأت مشكلات الحديث المزدوج تتكشف.

ثم تعفف الرئيس مرسي عن إدانة اقتحام السفارة الأمريكية في القاهرة بشكل حاسم في أول الأمر، فعقد من علاقته مع أمريكا أكثر. فما كان من أوباما إلا أن رد عليه بعنف قائلاً، إن مصر ليست حليفة وليست عدوة. وهو أول تصريح أمريكي يضع مصر في مصاف "غير الحلفاء" منذ أربعة عقود. بمعنى آخر، أدى خطاب الإخوان المزدوج لرد فعل أمريكي مبني على تصديق أمريكا لجانب من جانبي خطاب الإخوان المزدوج، أو الجانب الذي يهم أمريكا.

وفي أعقاب تصريح أوباما قام الرئيس مرسي بالتنديد باقتحام السفارة بشكل حاسم وتلى ذلك تراجعات متسرعة من الجماعة بعدما تبين لهم خطورة اللعبة التي يلعبونها. حيث تراجعت الجماعة أولاً عن تأييد مليونية الجمعة في التحرير، على الرغم من أنها هي التي دعت لها، وحمل مانشيت جريدة الحرية العدالة يوم الخميس التأكيد على أن الجماعة ستتظاهر أمام المساجد الكبرى في حين أن قوى ثورية ستذهب إلى التحرير، على الرغم من أن معظم القوى الثورية لم تشارك في هذه التظاهرات أصلاً. فما كان من حزب النور إلا أن أصدر بياناً هو الآخر تراجع فيه عن مواقفه السابقة وطالب فيه المتظاهرين بالابتعاد عن السفارات على الرغم من أن نادر بكار كان من نجوم المظاهرة التي اقتحمت السفارة. وتوالت الفتاوى بحرمة التعرض للسفارات الأجنبية.

بعدها نشر الشاطر اعتذار ضمني في جريدة النيويوك تايمز، أهم جريدة أمريكية، باللغة الإنجليزية. وقام البلتاجي في نفس اليوم بالتنصل من التظاهرات قائلاً: "أحداث السفارة ينفق عليها نزلاء طره وينفذها النخانيخ،" وهو نوع من التنصل من الحدث ينطوي على تجريم القائمين به. وتابعه رئيس الوزراء بالتأكيد على تجريم المتظاهرين، مدعياً أن بعض المتظاهرين حصلوا على أموال لمهاجمة السفارة من جهات محرضة لا تريد لمصر الاستقرار، دون أن يفصح عنها. وفي ذلك تجريم مماثل للمتظاهرين يذكرنا بما كان يقال في حق الثوار في العهود السابقة على حكم الإخوان، وإعادة احياء لحدوتة "الطرف الثالث" الذي لا يعلن عنه أبداً. وأدى التنصل من هذه المظاهرات في النهاية إلى اقتراح خمسة مشروعات لقوانين تحد من حق التظاهر والإضراب، تبعه قيام الجمعية التأسيسية لوضع الدستور بإعادة النظر في المواد الخاصة بحق التظاهر. في حين بدأ بعض الكتاب الكبار، مثل فهمي هويدي، ينادون بضرورة مواجهة الصحف التي ابرزت العنصر الطائفي والإسلامي المتشدد في المظاهرات، مقترحين القيام بالرقابة على الصحف.

وهذا يعني أن الإخوان دفعوا في النهاية إلى شيء غير الذي بدأوا به تماما، بعد أن فرض عليهم ميزان القوة والاستحقاقات المنطقية لموقفهم الملاوع أن يواجهوا الشعب، لا أمريكا. ويبدو أن الإخوان لا يعون أنه لا يمكن لأحد أن يتحكم في مجريات التعبئة الشعبية والتسخين السياسي، "فدخول الحمام مش زي خروجه." ولا يفهمون أنه لا يمكن لهم أن يحتفظوا بخطاب مزدوج دون خسارة الجانبين، وهذا ما ظهر في رد فعل السفارة الأمريكية التي أكدت لهم أنها تتابع ما يقولونه بالعربي، من جانب، ومن جانب آخر في حجم الإصابات والاعتقالات التي واكبت الحدث. والأهم من ذلك هو أنه لا يحق للإخوان أن يدفعوا آخرين في مسار سيدينوه ويتبرأوا منه بعد يوم من اتخاذه لما في ذلك من عدم أمانة. ولن تجني الإخوان أي فائدة من جراء ذلك، فطريقة إدارتها للأمور أدت إلى فشلها في احتواء الجانبين فقط لا غير.

وفي النهاية، لا يحق للإخوان أن تلعب بخطاب مقاومة زائف لتبرير موقف مهادن من الاستعمار على الأرض. وما حدث يعني فقط أنها وضعت نفسها في موقف حرج سيتبعه تقديم المزيد من التنازلات للاستعمار، وليس العكس. ومن جانب آخر سيؤدي إلى قيامها بمواجهة القوى السياسية التي لن تمتثل لتقييد حقوق التظاهر والإضراب وحرية الرأي والتعبير--بعد أن أدى تخبط الجماعة لإجبارها على للتضييق على هذه الحقوق. فالخطاب المزدوج ليس خطاباً ذكياً وإنما يؤدي في النهاية إلى خسارة مزدوجة. ومن الأفضل للجماعة أن تحسم موقفها من مقاومة المشروع الأمريكي بشكل علني، حتى لا تخرج من أزمة محرجة لتدخل أزمة أكثر إحراجاً. وفي النهاية سندفع نحن ثمن هذا اللوع.

aymaan noor
18-09-2012, 08:39 AM
دلالات العنف ضد الدبلوماسيين في الشرق الأوسط
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/d382bd8ae87d9139df6458192532657c_L.jpg
السفير د. عزمي خليفة
هل يسير التاريخ في اتجاهه للإمام؟ أم أنه يتحرك في شكل حلزوني ليكرر الأحداث كل فترة، حتى وإن كان يكررها تارة في شكل مأساة، وتارة أخرى في شكل ملهاة؟.هذا التساؤل شغل عددًا من المفكرين عبر التاريخ، ولكنه اكتسب بُعدًا خاصًّا مؤخرًا نتيجة ثورات الربيع العربي التي استدعت للذاكرة فكرةَ سلاسل الثورات في العالم، لاستجلاء القوانين الحاكمة لهذه السلاسل من الثورات

، ونتيجة عودة الإرهاب لاستهداف الدبلوماسيين والبعثات الدبلوماسية من خلال اغتيال القنصل الأمريكي في بنغازي بليبيا، ومن قبله اغتيال دبلوماسي جزائري في مالي التي أضحت معقلًا للقاعدة في المغرب العربي وشمال إفريقيا إلى جانب ليبيا والجزائر.

بدايةً، من المستبعد الأخذ بوجهة النظر التي ترى أن التاريخ يسير في شكل حلزوني لأن تكرار الأحداث -وإن تشابهت- لا يلغي تطور الخبرة الإنسانية في أسلوب التعامل معها، كما أنه لا يلغي أيضًا تطور الزمن نفسه، وما يطرأ عليه من تغييرات تكنولوجية وعلمية تغير من جوهر الحدث، فالمرء لا يمكنه الاستحمام في نهر واحد مرتين؛ وإلا فإننا نحكم على الحاضر والمستقبل بمرجعية الماضي، وهو ما ينطبق على الموجة الحالية من الاحتجاجات الجماهيرية والإرهاب الموجه إلى الدبلوماسيين والبعثات الأمريكية، فالعالم قد تغير عن الثمانينيات، والمعالجة أيضًا ستتغير عن ذي قبل.

أولًا: التاريخ وأحداث العنف ضد الدبلوماسيين:

رغم أن تركيز الاحتجاجات الجماهيرية والإرهاب ممثلا في القاعدة على البعثات الدبلوماسية الأمريكية في مجمل دول الشرق الأوسط ردًّا على الفيلم المسيء للرسول الكريم والذي أنتج وصور في الولايات المتحدة بمشاركة من بعض المسيحيين المصريين بالمهجر؛ إلا أن من المهم الإشارة إلى أمرين هامين:

الأول: أن العنف كظاهرة موجهة ضد الدبلوماسيين والبعثات الدبلوماسية ليس بظاهرة جديدة؛ فقد سبق وانتشرت الظاهرة في عصر الحرب الباردة؛ أي في نهاية عقد الستينيات وبداية السبعينيات من القرن العشرين، وقامت بها منظمات متطرفة في أيديولوجيتها اليمينية واليسارية على السواء، وإن اتفقت على مهاجمة دبلوماسيي وبعثات الغرب، احتجاجًا على سياسات بعض دوله، ومن هذه الأحداث اغتيال السفير الفرنسي ثم ملحق إداري للسفارة الفرنسية في بيروت عام 1982 في حادثتين منفصلتين، واغتيال مسئولين أتراك في لوس أنجلوس وبوسطن وجرح ثالث في أوتاوا، واغتيال الملحق العسكري الأمريكي في باريس عام 1982 بعد عدة أشهر من نجاة القائم بالأعمال الأمريكي من محاولة اغتياله.

هذه الموجة من الإرهاب شملت أيضًا عددًا من الدبلوماسيين المصريين مثل انفجار سيارة مفخخة أسفل منزل سكرتير ثاني السفارة ببيروت حمدي لوزا، وإصابة السفارة بصاروخ، والعنف الذي أصاب السفارة في أوغندا وأدى إلى نهب منازل بعض الدبلوماسيين المصريين، وأحداث العنف التي شملت بعض الدول الإفريقية وانعكست سلبًا من الناحية الأمنية على عددٍ من الدبلوماسيين المصريين والبعثات الدبلوماسية إلى درجة وفاة عدد من الدبلوماسيين المصريين مثل السفير صلاح الدين كمال في الصومال، والسكرتير ثاني أحمد نمير خليل في باكستان، وأخيرًا السفير إيهاب الشريف في العراق.
الثاني: أن الجديد في ظاهرة العنف الموجه ضد الدبلوماسيين والبعثات الدبلوماسية يتمثل في ازدياد عدد هذه الأحداث، وخطورة ما تؤدي إليه من تبعات ونتائج، مما يؤدي إلى تغييرات في طبيعة العمل الدبلوماسي تؤثر سلبًا على جوهر الوظيفة الدبلوماسية.

فمن ناحية تطور عدد الحوادث الإرهابية ضد الدبلوماسيين والبعثات الدبلوماسية، يمكن الاشارة إلى بعض المؤشرات التي تأتي في مقدمتها:

1- كان عدد هذه الأحداث عام 1970 قد وصل إلى 213 حادثا شمل دبلوماسيين من 31 دولة، ووصل عام 1980 إلى 409 حوادث ضد دبلوماسيين من 60 دولة.
2- زادت نسبة الأحداث الإرهابية الموجهة للدبلوماسيين من مجمل أحداث الإرهاب من 30٪ عام 1975 إلى 54٪ عام 1980.
3- ما بين الفترة 1968 إلى 1982 قتل 381 دبلوماسيا، وجرح 824 آخر في أحداث إرهابية حول العالم.
4- أن عدد الدول التي فقدت ضحايا دبلوماسيين وصل عام 1982 إلى 108 دول.

أما من ناحية تطور نوعية العمليات الاحتجاجية والإرهابية التي وجهت ضد الدبلوماسيين ومؤسساتهم فإنها تتطور بتطور التكنولوجيا والتقدم العلمي، ولذا فإن العمليات الحديثة تستند إلى قوةٍ تدميريةٍ ودقة تصويب أكبر، فعمليات 11 سبتمبر 2011 ما كان يمكنها النجاح بنفس الدرجة قبل ظهور الكمبيوتر وانتشاره وما طرحه من تطبيقات للاتصال السريع منخفض التكاليف، والبعيد عن الرقابة، وحادث احتجاز الرهائن الأمريكيين في طهران ما كان يمكن أن ينجح بنفس الدرجة لولا تطور الإرسال التلفزيوني عبر القارات، وهو ما أدى إلى زيادة عمليات اقتحام السفارات، واحتجاز رهائن بنسبة 50٪ خلال العامين التاليين.

ثانيًا: ملامح الموجة الجديدة من العنف ضد الدبلوماسيين

الموجة الحالية من الهجمات الإرهابية والاحتجاجات الجماهيرية بدأت في ظل أوضاع مختلفة عن تلك التي سادت في ظل الموجة السابقة والتي يمكن إجمال أهم ملامحها فيما يلي:

1- أن التحولات الدولية الحالية تتسم بالسرعة الفائقة التي تجعلها أقرب إلى السيولة، وهو ما جعل البعض يصف النظام الدولي بالأحادية القطبية، في حين وصفه البعض باللا قطبية، بينما وصفه آخرون بالتعدد القطبي، وإن كان التصور الأقرب هو النظام الشبكي القائم على اختلاف التحالفات باختلاف بنود الأجندة الدولية مع تبادل المصالح.كما أن هذه التحولات تتسم بالشمول والعمق والفجائية؛ فلم يتصور أحد عام 1990 انهيارَ الاتحاد السوفيتي، كما لم يتصور أحدٌ في مطلع عام 1989 اجتياح الجماهير لسور برلين في غضون أشهر، وهي تغييرات أدت إلى نتائج غاية في الأهمية.

2- أن التحولات الإقليمية في الشرق الأوسط لم تكن أقل أهمية عن مثيلاتها الدولية؛ فلم يتصور أحد أن رياح الربيع العربي ستهب من تونس نتيجة إهانة مواطن شاب على يد شرطية، كما لم يتصور أحد أن يسقط نظام مبارك في مصر خلال 18 يوما، وإن كانت الدلائل قد رجحت إحداث تغييرات هامة بالنظام باختفاء الشرطة يوم 28 يناير، وأكدت زواله بعد معركة الجمل في 2 فبراير عام 2011.
3- أن البيئة السياسية تغيرت تمامًا في الشرق الأوسط، فالتيارات الإسلامية -وعلى رأسها الإخوان، والتي كانت مطاردة من السلطة وقابعة في السجون- أضحت تتولى السلطة، وثبت خواء وضعف تنظيمات التيارات الليبرالية، وتأكد أن الحركات الشبابية تفتقد إلى القيادة والخبرة السياسية.

4- أن تغيير البيئة السياسية في الشرق الأوسط أدى إلى تغيير الخريطة الإستراتيجية التي تعكس جوهر التحالفات السياسية، وقد عكس هذا التغيير مؤشراتٍ عديدةً مثل التأرجح الخليجي تجاه مصر، وتوتر العلاقات المصرية الإماراتية نتيجة تصريحات قائد شرطة دبي ضاحي خلفان، والحذر السعودي في التعامل مع مصر، وزيارة الرئيس مرسي لإيران، وتأرجح القرار المصري بشأن زيارة الرئيس مرسي للولايات المتحدة.

5- الخلل الذي أصاب التنظيمات الجهادية الإسلامية التي انتشرت بالشرق الأوسط فور انطلاق نسمات الربيع العربي. فالقاعدة أصابها قدرٌ من الضعف نتيجة اغتيال زعيمها أسامة بن لادن؛ غير أنها سرعان ما عوضته بالأخذ بنظام اللا مركزية في التخطيط والتنفيذ والتجنيد والتمويل، وإنشاء خلايا عنقودية مغلقة على نفسها، وهو ما مكنها من إنشاء تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في اليمن، مواجهٍ لتنظيم شرق إفريقيا في الصومال، وتنظيم القاعدة للمغرب العربي وشمال إفريقيا، وفتح جبهة جديدة في العراق وسوريا بمنطقة الشام.

في ظل هذه التغييرات الدولية والإقليمية؛ بدأت الموجة الجديدة من الاحتجاجات الجماهيرية وأعمال الإرهاب التي راح ضحيتها القنصل الأمريكي في بنغازي ردًّا على الفيلم المسيء للرسول الكريم، وهي سلوكيات جعلت العمل الدبلوماسي من الأعمال التي تتسم بالخطورة العالية، وخاصة في ظل تحوله من عمل مكتبي داخل الأبراج العاجية إلى العمل المجتمعي الثقافي المفتوح، وهو ما يطرح تساؤلًا حول الأسلوب الأمثل لمواجهة هذه المخاطر.

ثالثًا: مواجهة العنف ضد الدبلوماسيين في المستقبل

لقد تم الجمعُ بين عملين مختلفين هما الاحتجاجات الجماهيرية، وهو سلوك مشروع في ظل ضوابط قانونية الخروج عليها يعرض المحتج للمساءلة القانونية، وبين أعمال الإرهاب المدانة محليًّا ودوليًّا، والجامع بينهما هو التأثير السلبي على العمل الدبلوماسي؛ إلا أن من المهم للتعرف على الاتجاهات المستقبلية التي تحكم الإرهاب والاحتجاجات الجماهيرية أن نفصل بينهما.

فمن المؤكد أن الإرهاب في كل أشكاله مدانٌ، أما الاحتجاجات الجماهيرية ضد الدبلوماسيين ومؤسساتهم فإنها تخضع لنوعين من القوانين، هما القوانين المحلية التي تنظم التعبير عن الرأي والتظاهر، أما النوع الثاني من القوانين فهي القوانين الدولية التي تعارف عليها المجتمع الدولي لحماية الدبلوماسيين والبعثات الدبلوماسية، والتي لم تكن متكاملة خلال الموجة الأولى في السبعينيات والثمانينيات والتي يمكن حصرها جميعا فيما يلي:

1- اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961 والتي تنص في مادتها الثانية والعشرين على حرمة مباني البعثة الدبلوماسية، ومن ثم عدم أحقية سلطات الدولة المضيفة دخول هذه المباني -في الأحوال العادية- إلا بإذن من رئيس البعثة، كما تلزم هذه المادة الدولة المضيفة بالعمل على حماية البعثة ضد أي اعتداء، أو ضرر، أو ما يحط من كرامتها، كما أن المادة 24 من نفس الاتفاقية تؤكد حرمة أرشيف ووثائق البعثة أينما كانت.

2- اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية عام 1963 التي تنص في مادتها الحادية والثلاثين على حرمة مباني البعثة القنصلية، وعدم أحقية سلطات الدولة المضيفة في دخول هذا المباني إلا بإذن من رئيس البعثة، كما نصت صراحة في الفقرة 3 من نفس المادة على إلزام الدولة المضيفة بحمايتها ضد أي اعتداء أو ضرر أو ما يعكر صفوها أو المس بكرامتها، وهو نص صريح ينطبق على المظاهرات، كما تنص المادة 33 من الاتفاقية على حماية أرشيف ومكتبات القنصلية.

3- اتفاقية منع الجرائم المرتكبة ضد الاشخاص المتمتعين بحماية دولية، بمن فيهم الموظفون الدبلوماسيون، والمعاقبة عليها لعام 1973 والتي تستند إلى مبدأ إما محاكمة أو تسليم الشخص الذي ارتكب خطأ جسيمًا ضد الدبلوماسيين أو ضد أشخاص يتمتعون بالحماية الدولية (مادة 7)، ويتعين على الدول تحديد الولاية على الجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية، وتنص المادتان 4 و5 من الاتفاقية على تعاون الدول في مجال منع الجرائم وتبادل المعلومات.

4- في ضوء استمرار خرق اتفاقية فيينا عام 1961 وعام 1963 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 168/35 عام 1980 الخاص بإجراءات رصد للحوادث ضد السفارات والموظفين الدبلوماسيين، وهو ما استغلته الدول المختلفة لتحقيق هدفين؛ أولهما تسجيل الخروقات ضد بعثاتها الدبلوماسية وموظفيها الدبلوماسيين بالخارج، وثانيهما تقديم معلومات عن حوادث وقعت في أراضيها ضد البعثات الدبلوماسية الأجنبية وأعضائها، سواء أكانت هذا الأحداث قد تم تسجيلها أم لا من قبل الدولة المعنية ذاتها.

هذه الوثائق إذا ما تم استخدامها بأسلوب متكامل يمكن أن توقع أضرارًا بالغة على الدول التي تعجز عن حماية البعثات الدبلوماسية على أراضيها، وهو ما ينبغي التحسب له من ناحية، وهو ما يمكن أن يفسر -ولو جزئيًّا- تحرك بعض قطع الأسطول الأمريكي تجاه ليبيا في الآونة الأخيرة، وكذا تصريح الرئيس الأمريكي أوباما بأن مصر لم تعد دولة حليفة ولا عدوة، وتصريحه بضرورة التزام مصر بحماية البعثات الدبلوماسية الأمريكية والدبلوماسيين، وقرار إرسال مشاة البحرية الأمريكية لحماية مقر السفارة الأمريكية بالخرطوم، فكلها مؤشرات على تغيير الرؤية لمهاجمة الدبلوماسيين والبعثات الدبلوماسية، والاتجاه نحو معالجة الموضوع بأسلوب مختلف، وهو ما يفرض على الحكومة المصرية التزاما بضرورة حماية البعثة الأمريكية في كل من القاهرة والإسكندرية، فالأمر قد خرج من إطار المجاملات والمعاملة بالمثل إلى إطار قانوني أكثر إلزامًا، مما يتطلب وضع حدٍّ للتحركات التي يقوم بها بعض أنصار تيار الإسلام السياسي التي تعكس التلاعب بالمشاعر الدينية للمحتجين، خاصة وأن الإسلام لم يأمرنا برد الإساءة بإساءة مثلها، ويكفي ما قام به الرئيس مرسي من تكليف السفارة المصرية في واشنطن باتخاذ الإجراءات القانونية.

والخلاصة أننا أمام أزمة قد تتطور في اتجاه غير مأمون العواقب، وفقًا لإجراءات قانونية ارتضاها المجتمع الدولي، وما زالت الحكومة المصرية وحكومات دول الربيع العربي خاصة وباقي حكومات دول الشرق الأوسط عامة غير مدركة لجوهر التغييرات التي طرأت عليها، وما زالت مستمرة في خلط الدين بالسياسة، والذي يمكن أن يؤدي مستقبلا إلى عواقب هي في غنًى عنها في المرحلة الحالية التي تتسم بالهشاشة وضعف قبضة السلطة على مقدرات الدولة، وخاصة في المجال الأمني بمعناه المجتمعي.

الاستاذ محمد سرور
19-09-2012, 12:38 AM
هى مصر بقت كلها اخوان علشان يتم فرد موضوع كامل يتحدث عن دور الاخوان فى الموقف الراهن بخصوص الفيلم
كنت اتمنى من كاتب المقال ان يكون حياديا بعرض موقف جميع القوى السياسية من الفيلم
ام ان كاتب المقال واضع على عينه نظارة مكتوب عليها الاخوان المسلمون ولا يرى غيرهم

aymaan noor
19-09-2012, 03:00 PM
حرب الأفكار
كيف تكافح واشنطن الجماعات المتطرفة؟
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/c9e8d9069e929f4898939a62f1adcffd_L.jpg
دوجلاس فيث، وليام جالستون، أبرام شولسكي
عرض شيماء ميدان، مترجمة متخصصة في الشئون السياسية والاقتصادية
مع تصاعد الهجمات ضد السفارات الأمريكية من قبل قوى التيار الإسلامي في دول الربيع على الفيلم المسيء للرسول (صلى الله عليه وسلم)؛ عادت إلى الأذهان الأمريكية هجمات الحادي عشر من سبتمبر، التي كانت سببًا في اعتقاد الأمريكيين أن الإسلاميين المتطرفين يخوضون حربًا ضد الولايات المتحدة. فقد جرى تسخير الجيش، والاستخبارات، ومؤسسات تطبيق القانون، والوسائل المالية والدبلوماسية لغرض مكافحة هذا التطرف.

ورأى بعض كبار المسئولين الأمريكيين منذ البداية أن الحرب على الإرهاب يجب أن تتضمن جهودًا مضنية لمكافحة الأيديولوجية التي تشكّل حافزا لأعداء الولايات المتحدة الإسلاميين المتطرفين؛ بل ورأى بعض المسئولين أيضًا أن لا بد من شن حرب تستهدف الأفكار المتطرفة من أجل ردع الإرهاب، وعليه جرى تداول مصطلح "حرب الأفكار" في الأوساط الأمريكية.

ومع ذلك؛ لم تبذل إدارة بوش ولا إدارة أوباما أي جهود جادة من هذا القبيل. وأشار معلّقون من مختلف الأطياف السياسية إلى أن جهود الحكومة الأمريكية على مدى العقد الماضي لم تكن كافية لمواجهة الأيديولوجيات المعادية، وكان ذلك هو ما خلصت إليه دراسات أُجريت داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية. فالعمل العسكري وتطبيق القانون لا يكفيان وحدهما لمكافحة الإرهاب الجهادي، ولن تتمكن الولايات المتحدة من تحقيق النصر إلا إذا حالت دون أن يصبح الناس أعداء إرهابيين لها.

وفي هذا الصدد؛ أعد كل من "دوجلاس فيث" الذي عمل مساعدا لوزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رمسفيلد ويشغل حاليا منصب مدير برامج الشرق الأوسط بمعهد هدسون، و"وليام جالستون" الخبير في السياسة والشئون الاجتماعية بمعهد بروكينجز، و"أبرام شولسكي" وهو زميل كبير بمعهد هدسون؛ دراسة نشرها معهد هدسون تحت عنوان: "تنظيم الحكومة الأمريكية لمكافحة التطرف القائم على العنف". وفي ضوء هذه القضية؛ استضاف معهد هدسون يوم الأربعاء الموافق 5 سبتمبر 2012 هؤلاء الخبراء ومعلِّقيْن سياسيَّين وهما جيمس جلاسمان، الذي شغل منصب نائب وزير الخارجية لشئون الدبلوماسية العامة إبان إدارة بوش، وويل مارشال، مدير معهد السياسات التقدمية، في حلقة نقاش حول رد فعل الحكومة الأمريكية على الحركات الإسلامية العنيفة.

ملخص الدراسة

يشير الخبراء في تقريرهم إلى أن الربيع العربي عزز الهواجس الأمريكية بشأن التطرف الإسلامي، وأن الانتخابات المصرية والتونسية تنذر بالكثير؛ فالأغلبية الإسلامية في مصر وتونس ستحدد على مدى السنوات القليلة المقبلة مصير ديمقراطية البلدين، ومدى تعارض سياستهما مع المبادئ والمصالح الأمريكية.

ومن ثم لن يكون بِيَد الولايات المتحدة سوى التشجيع على نوع من النقاش الإسلامي الداخلي المتبادل الذي قد يصعّد حدة الانقسامات بين المتشددين والقوى العازمة على تشكيل سلامها وتعدديتها وديمقراطيتها.

فثمة بعض الدلائل على أن الإخوان المسلمين في مصر قد يكونون أكثر ارتياحًا بشأن تشكيل ائتلاف حاكم مع الأحزاب الليبرالية عنه مع السلفيين، الذين فاجأت قاعدتهم الانتخابية القوية مراقبي المشهد المصري المخضرمين.

وفي تونس؛ عقب فوز الإسلاميين في الانتخابات الشعبية، قالت وزيرة الخارجية الأمريكية: "هناك البعض في تونس وفي أماكن أخرى ممن يتساءلون عما إذا كان من الممكن أن تنسجم الأحزاب الإسلامية مع الديمقراطية. حسنا، لدى تونس فرصة للإجابة على ذلك السؤال بالإيجاب، ولإثبات عدم وجود أي تعارض".

ومن وجهة نظر الخبراء، من مصلحة الولايات المتحدة أن تبذل كل ما في وسعها لتكون النتيجة إيجابية، على أن يكون ذلك من خلال "حرب الأفكار". فمواجهة الأيديولوجية المعادية من خلال حملة أفكار إستراتيجية ستؤتي ثمارها في مجال الأمن القومي، وفقا لما يراه الخبراء.

وتوضح الدراسة أن إضعاف الإسلامية المتطرفة وحمل المنظمات الإسلامية على نبذ التطرف سيعزز مكانة الولايات المتحدة في العالم، وسيحسن فرص تحقيق الأهداف الرئيسية للسياسة الخارجية هناك. وسيكون لتقصير الولايات المتحدة في هذا المجال عواقب وخيمة نظرًا لكون التطرف الإسلامي معضلة رئيسية للأمن القومي.

ووفقًا لإستراتيجية إدارة أوباما المتعلقة بالأمن القومي؛ يعتبر خطر أسلحة الدمار الشامل هو الخطر الأكبر الذي يواجهه الشعب الأمريكي، لا سيما الخطر الذي يشكله سعي المتطرفين لحيازة أسلحة نووية. ولا يعتبر الإرهاب النووي إلا جانبًا من جوانب خطر أكبر يشكله التطرف الإسلامي، ولا يزال الوصف التالي للتهديد المذكور في إستراتيجية إدارة بوش لمكافحة الإرهاب صحيحًا من وجهة نظر الخبراء:

"إن العدو الإرهابي الرئيسي الذي تواجهه الولايات المتحدة اليوم عبارة عن حركة عابرة للحدود تابعة لمنظمات متطرفة وشبكات وأفراد. والشيء المشترك بينهم هو استغلال الإسلام، واستخدام الإرهاب لأغراض أيديولوجية".

وكانت إدارة أوباما قد قالت: "إننا في حرب مع شبكة محددة هي تنظيم القاعدة، ومع الإرهابيين التابعين لها الذين يدعمون جهود مهاجمة الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا"، بيد أن هذا التعريف للعدو ليس دقيقا مثل تعريف إدارة بوش المذكورة سالفا، على حد قول الخبراء.

ففي قضية الميجور "نضال حسن" مثلا، وهو طبيب قتل 13 شخصا بمن فيهم زملاؤه من الجنود في الجيش الأمريكي في فورت هود في نوفمبر 2009؛ لا يبدو أن ثمة دليلا يربط الجاني تنظيميًّا بالقاعدة. ومن ثم، يرى الخبراء أن ثمة حاجة إلى تعريف دقيق للتطرف الإسلامي، تعريف يصف الرؤى وليس مجرد التنظيمات التي ينبغي استهدافها ومكافحتها.

أهداف الدراسة

بالنظر إلى الطريقة التي واجهت بها الحكومة الأمريكية التحدي الإرهابي الإسلامي، والتي انطوت على مهاجمة الشبكات الإرهابية في الخارج، وتعزيز الإجراءات الأمنية في الداخل؛ يتجلّى أنه كان ثمة فشل عام في مواجهة مركز الجاذبية الأيديولوجي للتهديد الإرهابي. وتحدد الدراسة السُبل التي يمكن أن تعزز بها الولايات المتحدة جهودها لمعالجة هذا الفشل، وتغيير البيئة الأيديولوجية الموجودة في العالم الإسلامي، كما تطرح الدراسة نوع المنظمات الحكومية وغير الحكومية التي ينبغي تأسيسها للقيام بهذا المجهود.

وقد تناولت الدراسة النقاط الأساسية التالية:

أولًا: مشكلة الإرهاب ليست مشكلة "قاعدة" فحسب، ولا يمكن حلها بتركيز الجهود على منظمة واحدة وعناصرها، فجوهر المشكلة أيديولوجي أيضا.

ثانيًا: الأيديولوجية العدائية هي نسخة متطرفة أو راديكالية للإسلاموية. فالإسلاموية التي يشار لها أيضًا بالإسلام السياسي، هي أيديولوجية سياسية تؤكد قدرتها على حل المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية أكثر من تأكيدها على الجوانب الروحية للإسلام. ففي نُسخها المتطرفة والراديكالية، تبشّر الإسلاموية بكون الغرب معاديا لا محالة للإسلام، وينبغي محاربته.

ثالثًا: لا ينبغي أن تنطوي مكافحة التطرف الإسلامي على مجرد دبلوماسية عامة أو اتصالات إستراتيجية أكثر ما تنطوي على تشجيع على النقاش في أوساط المسلمين، والتأثير عليهم بطريقة تعزز تفسيرًا للإسلام لا يشرّع الإرهاب أو يُشير إليه ضمنًا؛ أي أن جوهر المسألة لا يتعلق بما يقوله المسئولون الأمريكيون للمسلمين، بل بما يقوله المسلمون في أوساطهم.

رابعًا: لا بد من وجود مكاتب وموظفين وترتيبات بيروقراطية تتيح للحكومة الأمريكية تطوير إستراتيجيات لمكافحة التطرف الإسلامي وأيديولوجيات معادية أخرى.

خامسًا: ستتطلب الإستراتيجية المطروحة تعاونا بين عدد من الإدارات والوكالات المختلفة، بما في ذلك البيت الأبيض ووزارة الدفاع ووكالات الاستخبارات. ولا بد أن يقود الرئيس تلك الجهات كافة.

توصيات الدراسة

توصي الدراسة الأمريكية بما يلي:

أولًا: إنشاء مركز جديد لأبحاث مكافحة الإرهاب.

ثانيًا: تعزيز قدرات وزارتي الدفاع والخارجية.

ثالثًا: إنشاء كيان جديد في "المكتب التنفيذي" للرئيس يركّز على مكافحة الأيديولوجيات العدائية. على أن يُسمى الكيان الجديد مثلا "لجنة مكافحة الأيديولوجية الإرهابية".

رابعًا: لعب المكتب البيضاوي دورا قياديا لكافة الجهات العاملة على مكافحة التطرف.

الأفكار المثارة بالحلقة النقاشية

وفي حلقة النقاش التي استضافها معهد هدسون؛ ألقى كل من دوجلاس فيث، ووليام جالستون، وأبرام شولسكي، وجيمس جلاسمان، وويل مارشال؛ كلمة حول تلك الدراسة. إذ قال فيث إنه لا بد من مواجهة الأيديولوجية العنيفة في العالم الإسلامي، جنبا إلى جنب مع الدفاع عن الوطن، وتعطيل الشبكات الإرهابية في الخارج. وأشار إلى أن الهدف من "الحرب على الأفكار المتطرفة" هو الحيلولة دون أن يصبح الناس أعداء للديمقراطية في المقام الأول.

ومن جهته؛ قال شولسكي إن النقاش يدور حول الإسلاموية المتطرفة وليس حول دين الإسلام في حد ذاته، مشيرًا إلى أن الإسلاموية عبارة عن نظام سياسي، لذا لا ضير في انتقاده. هذا ونوّه شولسكي إلى أن متغيرات الإسلاموية الحديثة تختلف في الواقع عن الفكر الإسلامي التقليدي والممارسات الإسلامية التقليدية، مؤكدًا أن الإسلاموية العنيفة تبدأ بـ"عداء أساسي إزاء الغرب". ومن وجهة نظر الخبير، سيدور السؤال الرئيسي في الأشهر القبلة حول ما إذا كانت الحكومات الجديدة التي نشأت في أعقاب الربيع العربي ستتبنى تلك الأيديولوجية المعادية للغرب.

من جانبه؛ قال جالستون في حلقة النقاش إن أحداث 11 سبتمبر تدل على أن "التاريخ الأيديولوجي لم ينته"، مشيرًا إلى أن الحكومة الأمريكية أخطأت في اعتقادها أن الحرب الباردة أنهت بدورها المعاداة الأيديولوجية للديمقراطية الغربية. ولفت إلى أن وكالة الإعلام الأمريكية التي كانت مسئولة في القرن العشرين عن تعقُّب ومواجهة التهديدات الأيديولوجية الخارجية حُلّت بعد وقت قصير من سقوط الاتحاد السوفيتي، ومن ثم ضاعت العديد من مهارات الوكالة. ومن ثم حض جالستون الولايات المتحدة على تعلّم هذه المهارات وتوظيفها لمحاربة الإسلاموية المتطرفة، مقترحًا فتح قسم في مجلس الأمن القومي متخصص في مكافحة الإرهاب، على أن يكون ذلك القسم مدعومًا من منظمة غير حكومية جديدة.

أما جلاسمان فاستهل كلمته بانتقاد الإدارة الأمريكية الحالية لاعتبارها "الحرب على الأفكار" بمثابة لعنة، وقال: "الفوز في الحرب على الإرهاب يتطلب الانتصار في حرب الأفكار.. والإدارة الأمريكية الحالية ترى أن العدو هو تنظيم القاعدة، ولا تدرك أن المشكلة الحقيقية كامنة في الأيديولوجية، وهي شيء ستعجز الطائرات بدون طيار عن استهدافه". هذا وأشار جلاسمان إلى أن التهديد يأتي من جماعات عابرة للحدود تستغل الإسلام، معربا عن تأييده لقول معدّي التقرير إنه يجب إعادة هيكلة الحكومة الأمريكية لمواجهة هذا الواقع.

ويرى جلاسمان أنه سيكون من الأفضل تشكيل إدارة جديدة داخل وزارة الخارجية، لا سيما وأن الدولة لديها ميزانية، وعندها استعداد للعمل. واستطرد قائلا: "لقد حان الوقت لشن هجوم مضاد".

وأخيرًا طرح مارشال -عندما جاء دوره في الحديث- الأسباب الكامنة وراء عدم اتخاذ الولايات المتحدة أي خطوة في الآونة الأخيرة لمواجهة الأيديولوجيات المتطرفة، مفندًا تلك الأسباب كما يلي:

أولًا: ليس للصراع قادة محددون، ومن ثم لا يوجد أشخاص معينة ينبغي استهدافها.

ثانيًا: عدم رغبة الولايات المتحدة في افتعال اشتباك مع 1.5 مليار مسلم.

ثالثًا: عدم وجود سوى عدد قليل من المتعصبين.

وأعرب مارشال عن قلقه من أن يضرب التطرف الإسلامي على وتر حساس في الصلب الإسلامي من خلال استغلال المظالم التاريخية ضد الغرب، والترويج لأهداف تروق للفقراء والضعفاء. وفي حين إشارته إلى أن ظاهرة التطرف لا علاقة لها بمعاداة الولايات المتحدة، لم ينفِ مارشال أنه غالبا ما يكون ثمة دافع كبير للانتقام من الولايات المتحدة والغرب. وعليه رأى أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تكف عن ارتداء لباس الضعف الذي تظهر به أحيانا، وعن الاعتذار عن سياستها في أماكن مثل إسرائيل.

هذا وأضاف مارشال قائلا إن إستراتيجية "حرب الأفكار" تتضمن تغيير الواقع الإقليمي الهش اقتصاديا، وتسليط الضوء على الهجمات الإرهابية الإسلامية ضد المسلمين للتأثير على الرأي العام، وإعادة كتابة قواعد الحرب لتوضيح أن الإرهاب وقتل الأبرياء أمر غير قانوني تحت أي ظرف من الظروف. وردا على عدة أسئلة طرحها الحضور إبان حلقة النقاش؛ أكد الخبراء كافة أن دين الإسلام ليس هو العدو.

aymaan noor
19-09-2012, 03:18 PM
حروب الهوية
الصراع السني-الشيعي بالمنطقة بعد الحكم بإعدام الهاشمي
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/3f670763861139bf2201e7bc224257d4_L.jpg
إيمان رجب - باحثة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية
تشير التطورات التي تقع في منطقة المشرق إلى استعدادها للانجرار إلى صراعٍ سني-شيعي، تنطلق شرارته من العراق وسوريا، وتمتد تأثيراته إلى باقي إقليم الشرق الأوسط؛ حيث يُشير الحكم الغيابي الصادر بالإعدام ضد طارق الهاشمي

، نائب رئيس الوزراء العراقي، والذي هو أحد قيادات الحزب الإسلامي العراقي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين؛ إلى إصرار حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي على تصعيد صراعها مع منافسيها السنة في العراق، في ضوء موقفهم من الصراع الدائر في سوريا.

كما تشير العديد من التحليلات الخاصة بالتداعيات المحتملة لسقوط نظام الأسد، إلى أن الصراع السني-الشيعي هو الخطر الرئيسي المترتب على ذلك، والذي لن يقتصر مداه على داخل سوريا؛ بل سيشمل منطقة المشرق على نحو يعيد رسم ميزان القوى فيها، كما سيمتد إلى إقليم الشرق الأوسط؛ حيث تشبه سوريا "عش الدبابير" hornet's nest، الذي يصعب السيطرة عليه بعد انفراط عقده.

وقد حذر من هذا الصراع "نصر فالي" الأكاديمي الأمريكي؛ حيث صور في أحد مقالاته مؤخرا الصراع في سوريا بأنه صراع بين الأغلبية السنية والأقلية العلوية الحاكمة. ورغم أن فالي من الأكاديميين الذين عادة ما يحللون الأوضاع في الشرق الأوسط من منظور الانقسام السني–الشيعي، على نحو قد يكون مبالغًا فيه؛ إلا أن تأكيده على هذا البعد من الصراع شاركه فيه هذه المرة "يوشكا فيشر" وزير الخارجية الألماني السابق، إلى جانب عدد من المفكرين والسياسيين الأمريكيين. كما تحولت هذه القضية إلى قضية رئيسية في العديد من المؤتمرات الدولية التي عقدت في الإقليم خلال الشهرين الماضيين، والتي ناقشت تداعيات سقوط الأسد على الصراع السني-الشعيي في الشرق الأوسط.

- العراق كان البداية:

ارتبط التحذير من الصراع السني-الشيعي طوال العقد الماضي بالعراق، والذي كان القاعدة التي انطلق منها هذا الصراع؛ إذ يعتبر العراق الترمومتر barometer الذي يتم من خلاله قياس حجم التوتر في الإقليم، فضلا عن نمط الصراعات السائد فيه، وكان أول من حذر منه الأردن، حين أطلق الملك عبد الله (ملك الأردن) تصريحه الشهير الخاص بالهلال الشيعي، وما تبعه من تحذير القيادات السعودية من نشر التشيع في المنطقة.

إذ كان سقوط نظام صدام حسين بمثابة الصمام الذي تم فكه، فظهرت صراعات طائفية لم يشهدها العراق من قبل، تحولت سريعًا إلى حرب طائفية بلغت أوجها خلال العامين 2005 و2006، ثم تراجعت شدتها ولكنها لا تزال موجودة حتى اليوم؛ حيث يعتبر هذا الصراع مسئولًا عن سقوط ما يتراوح بين 7-10 قتلى في العراق أسبوعيًّا. وطوال هذه الفترة كان للإقليم نصيبه منها، وخاصة دول الخليج التي تتشابه في تركيبتها الإثنية مع التركيبة العراقية، فعلى سبيل المثال؛ تفاقم الصراع بين السنة والشيعة في البحرين منذ 2003، وكانت تتم إدارته حتى اندلاع احتجاجات 14 فبراير 2011 من قبل النظام وقوى المعارضة بأدوات سلمية في أغلبها.

وقد أعادت قضية طارق الهاشمي المخاوفَ من انتقال الصراع بين السنة والشيعة في العراق إلى المنطقة، وخاصة بعد جولته التي شملت قطر والسعودية، واستقر بعدها في تركيا؛ حيث أعادت هذه القضية المخاوف من التقسيم "الناعم" للمنطقة بين فريقين، فريق القوى السنية الذي تقوده تركيا، ويضم دول الخليج، والقائمة العراقية، ومسعود بارزاني في العراق، وفريق القوى الشيعية الذي تقوده إيران ويضم سوريا والمالكي والقوى المتحالفة معه.

وقد أخذ البعدُ الإقليمي لهذا الصراع يتشكل مع انتقاد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان سياسات المالكي بعد الأزمة التي تفجرت بينه وحكومة إقليم كردستان حول عقود النفط؛ حيث رأى أن سياسات المالكي "تذكي التوترات الطائفية في العراق"، ورأى أنها تقوم على "الاستئثار بالسلطة، والاستبداد السياسي، والتمييز ضد شركائه السنة والأكراد في العملية السياسية". ثم انعكس هذا الموقف التركي في سلوك سياسي تمثل في استقبال أنقرة لطارق الهاشمي، أحد القيادات السنية في القائمة العراقية، ورفضها تسليمه للعراق. كما حاولت دولُ الخليج بدورها التأثيرَ على قضية الهاشمي من خلال طرح قطر أثناء القمة العربية التي عقدت في مارس الماضي مسألة تسوية القضية بعيدًا عن القضاء، ثم استقبالها والسعودية طارق الهاشمي بعد صدور مذكرة التوقيف ضده، مبررة ذلك بكونه يشغل منصب نائب الرئيس العراقي.

- سوريا هي العراق:

يرتبط الحديث عن سوريا كمؤجج للصراع الطائفي في المنطقة بأكثر من عامل، يتمثل العامل الأول في وجود أقلية علوية تسيطر على الحكم في سوريا، وأغلبية سنية وكردية بعيدة عن السلطة. فالصراع الدائر حاليًّا جوهره إعادة اقتسام هذه السلطة بينهم على نحو يضمن لكل هذه الطوائف نصيبا ما منها يمكنها من حماية وجودها كجماعة إثنية.
كما تشهد سوريا بدء تكتل الطوائف في مناطق جغرافية محددة، على نحو يسمح بتشكل الدولة العلوية على السواحل الشمالية الغربية، وربما الدولة الكردية، ويكون لكل منها استقلاله في إدارة شئونه وموارده، على شاكلة إقليم كردستان العراق، وهذا ما يسمى بالدول غير المكتملة السيادة states Phantom.

ويتعلق العامل الثاني، بأن عملية تعبئة العناصر المقاتلة في صفوف المعارضة السورية أصبحت تستند إلى منطق "الجهاد في سبيل الله"، وليس استنادًا للمطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية كما حدث في مصر وتونس على سبيل المثال، وهذا يفسر حملات الدعوة للجهاد في سوريا، والتي تديرها الجماعات السلفية في دول الخليج ودول الثورات العربية.
ومتابعة تفاصيل العمليات العسكرية في سوريا تُشير إلى أن إعادة توزيع السلطة لن تكون عملية قصيرة أو سهلة، وقد يترتب عليها إقرار الطائفية على النحو الذي أقر في العراق بعد احتلاله في 2003، ولكن هذه المرة بدون حل الجيش السوري النظامي؛ حيث تسعى واشنطن من خلال معهد USIP للتوصل لصيغة محددة تضمن توزيع السلطة بعد الأسد بطريقة سلمية، ولكن لم تتضح ملامحها بعد.

وما يدعم هذا التحليل، تعيين الأخضر الإبراهيمي خلفا لكوفي أنان، كمبعوث أممي وعربي إلى سوريا؛ حيث يشير تاريخه إلى أنه قدم نموذجين لتسوية الصراعات، النموذج اللبناني في 1989، والنموذج العراقي بعد الاحتلال في 2003، وفي كلا النموذجين كان هو رجل المحاصصة الطائفية التي ولدت حالةً من عدم الاستقرار المزمن الذي امتدت تداعياته إلى الإقليم. وكلا النموذجين يلقيان صدى في الحالة السورية، وخاصة في ضوء الحديث عن إقامة الدولة العلوية في سوريا، كمخرج لتسوية الصراع هناك.

- مصر طرف "جديد" في الصراع:

كانت مصر بدرجة كبيرة ليست طرفًا مباشرًا في هذا الصراع، مقارنة بالسعودية على سبيل المثال، فطوال عهد الرئيس السابق مبارك، ورغم مواقفها المتحفظة إزاء نفوذ إيران في العراق، وما صدر عن مبارك من تصريحات حينها خاصة بولاء الشيعة لإيران؛ إلا أنها تجنبت تحديد هوية مصر على أنها "سنية" في مواجهة إيران "الشيعية"، وكان يؤكد دوما على مستوى الخطاب السياسي على رفض مصر سياسات المحاور التي تصنف دول الإقليم استنادًا لانتمائها المذهبي، وحرِصَ على اعتماد المصالح والاعتبارات السياسية في تحديد سياسة مصر الخارجية.

ويلاحظ تحول الموقف المصري من هذا الصراع بعد فوز الرئيس مرسي في انتخابات الرئاسة المصرية؛ حيث تحولت مصر إلى طرف مباشر في الصراع السني-الشيعي في المنطقة، وهذا ما يؤكده حديث الرئيس مرسي أثناء زيارته للسعودية في 12 يوليو 2012 عن أنه "إذا كانت السعودية هي الراعية لمشروع أهل السنة والجماعة، ذلك المشروع السني المعتدل، فإن مصر حامية لهذا المشروع، وما بين الراعي والحامي نسب وصهر"، وكذلك كلمته التي ألقاها في قمة عدم الانحياز في طهران في أغسطس 2012؛ حيث ضمن كلمته "الترضية" عن الخلفاء الراشدين، في سابقة من نوعها عند مقارنة هذا الخطاب بخطاباته السابقة، وفي إشارة إلى اختلافه مذهبيًّا مع إيران، التي بحكم انتمائها للمذهب الشيعي تدأب على سب الصحابة، وهو بذلك تفوق على قادة دول الخليج. وفي هذا الموقف، تغير واضح في موقف مصر، على نحو يؤشر إلى انجرارها إلى صراعات الهوية التي تعاني منها المنطقة.

وهذا التحول قد يكون مفهومًا بالنظر إلى طبيعة النخبة الجديدة الحاكمة في مصر؛ حيث ينتمي الرئيس مرسي إلى جماعة الإخوان المسلمين، المعروفة بمواقفها المعادية للشيعة، كما أن حزبه "الحرية والعدالة" قد تحالف أثناء الانتخابات البرلمانية التي عقدت في نوفمبر 2011 وأثناء انتخابات الرئاسة مع الأحزاب والقوى السلفية التي تتبنى موقفا متشددا تجاه الشيعة، وتجاه الدول التي تعبر عن مشروعهم السياسي مثل إيران، حتى إن حزب النور أكبر الأحزاب السلفية في مصر قد عارض زيارة الرئيس مرسي لإيران.

- الخطر يكمن في كيفية إدارة الصراع:

تعتبر منطقة الخليج والمشرق من المناطق التي وجد فيها الصراع بين السنة والشيعة منذ عقود، ولم تكن المسألة مرتبطة بوجوده من عدمه، وإنما بكيفية إدارته من قبل النُّظم الحاكمة. ويمكن التمييز بين ثلاثة أنماط لتعامل هذه النظم، مع الصراعات المذهبية والإثنية، وهي كالتالي:

- نمط الإقصاء الممنهج، ويقوم على تصوير الأقلية على أنها مصدر تهديد حقيقي للدولة، ولأمن النخبة الحاكمة، فيتم إقصاؤها من العملية السياسية، وهذا نجده قائمًا في حالة شيعة السعودية اليوم، وفي حالة السنة في العراق أثناء ولاية نوري المالكي.

- نمط الدمج الانتقائي الحذر، بحيث يتم دمج الأقلية في المناصب السياسية والعسكرية دون منحهم صلاحيات أو سلطات حقيقية، وهذا نجده في حالة البحرين حتى ما قبل احتجاجات فبراير 2011، وفي حالة السنة في سوريا.

- نمط الانفتاح الحذر، بحيث يتم الانفتاح على أبناء الأقلية، والتعامل معهم كمواطنين، مع وجود مناصب محددة لا يتولونها، وهذا ما يعبر عنه وضع الشيعة في حالة الكويت مثلا، وبدرجة ما وضع المسيحيين في سوريا.

وهذه الأنماط لم تعالج هذا الصراع، وإنما أطالت أمده، وجعلته قابلا للانفجار بمجرد تراجع شرعية صيغة تقاسم السلطة القائم عليها، وهذا الوضع ينطبق على سوريا؛ حيث إن النظام الحالي يقوم على تحالف العلويين مع شريحة من المسيحيين والدروز والسنة، وتغير صيغة الحكم ستعني عمليًّا الإضرار بمصالح هؤلاء جميعا، مما قد يفجر "حرب الكل ضد الكل".

- صراع يتخطى حدود سوريا:

إن الحديث عن امتداد "تأثيرات" الصراع السني–الشيعي في سوريا إلى الخليج ومصر ليس من قبيل المبالغة، ومرتبط بمجموعة من التطورات التي شهدها الإقليم خلال الفترة الماضية، والتي تشمل:

- مساندة السنة العراقيين للمعارضة السورية؛ حيث تُشير عدة تقارير إلى قيام القبائل السنية في الأنبار بتقديم الدعم اللوجستي للمقاتلين السوريين، بينما يساند ائتلاف رئيس الوزراء نوري المالكي، وغيره من القوى السياسية الشيعية نظام بشار الأسد.

- تزايد نشاط الجماعات السلفية في شمال لبنان، وتشير عدة تقارير إلى حصولها على دعم سعودي من أجل ممارسة الضغوط على حزب الله، من أجل التخلي عن دعم الأسد.

- تشكل ظاهرة "المهاجرون إلى سوريا" على غرار المهاجرون إلى العراق التي عرفتها المنطقة منذ ما يقرب من عقد؛ حيث سافر نواب من جمعية الأصالة البحرينية المعروفة بتوجهاتها السلفية-الوهابية إلى سوريا لمساندة الجيش السوري الحر، في الوقت الذي تندد فيه المعارضة البحرينية التي يغلب عليها المكون الشيعي بالتضييق على نظام الأسد، وكذلك سفر قيادات سلفية كويتية لدعم المقاتلين في سوريا، وانتقال عدد من المجاهدين المصريين إلى سوريا.

- تنظيم العديد من الجمعيات الخيرية السلفية والوهابية والإخوانية في البحرين والسعودية والكويت العديد من حملات التبرعات للشعب السوري وللمعارضة السورية، مع عزوف الشيعة في هذه الدول عن المشاركة في هذه الحملات، وذلك إلى جانب حملات الدعوة إلى الجهاد التي تبثها القنوات الدينية الممولة من السعودية مثل قناة "المجد" الفضائية.

- حرص السعودية وقطر بالتعاون مع تركيا على تقديم الدعم للمعارضة السورية المسلحة، والتي يغلب على تكوينها الطابع الإسلامي-السني من خلال قاعدة سرية في أضنة؛ حيث توجد القاعدة العسكرية الأمريكية إنجرليك بتركيا.
إن امتداد هذا الصراع إلى خارج الحدود السورية نتيجة انسياق دول المنطقة وراء خطابات دينية "متطرفة"، ودعمها نشاط الجماعات الدينية المتطرفة العابرة للحدود؛ يعني عمليا عودة سياسات وربما حروب الهوية إلى الواجهة، كمحرك للتفاعلات الإقليمية. فمن ناحية، تعتبر إيران هي المتضرر الرئيسي من سقوط الأسد؛ حيث يعتبر الأسد هو "مخلب" إيران في المشرق، وسقوطه سيفسح المجال لانتقال الصراع المكشوف بينها وتركيا في العراق، إلى ساحة جديدة، ستتنوع فيها أدوات إدارته، وسيكون أحدها الورقة الطائفية.

وتكشف إدارة تركيا لصراعها مع إيران في العراق أنها لن تتردد في استخدام هذه الورقة، فعلى سبيل المثال؛ انتقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان سياسات المالكي بعد الأزمة التي تفجرت بينه وحكومة إقليم كردستان حول عقود النفط، كما سبقت الإشارة، وهذا يعني أن المشرق سيصبح مقسما مذهبيًّا، وسيتحول إلى المنطقة "الساخنة" التي تقود عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، على نحو يحاكي وضع البلقان في أوروبا خلال النصف الأول من القرن العشرين.

ومن ناحية ثانية؛ سيفجر الوضع في سوريا مشاكل داخلية في دول الخليج قد تعظم من أزمة الشرعية فيها، وخاصة البحرين والسعودية، فاستنادا لأحد السياسيين السنة في البحرين "سيتحدد بصورة كبيرة كيفية تعامل النظام مع المعارضة الشيعية، وحجم التنازلات التي يمكن أن يقدمها لهم، بما سينتهي إليه الوضع في سوريا؛ حيث إن إسقاط نظام الأسد سيكون بمثابة الضوء الأخضر للنظام البحريني للقضاء على المعارضة، بينما استمرار سيطرة العلويين على الحكم، ستعني ضرورة تقديم تنازلات للمعارضة الشيعية"، وهذا يستدعي تأثيرات صعود الشيعية في العراق بعد الاحتلال على وضع الشيعة في البحرين. ويمكن الحديث عن ذات التأثيرات في حالة السعودية.

ومن ناحية ثالثة؛ من المتوقع أن تصبح مصر والسعودية طرفا مباشرا في هذا الصراع، وستساند الأخيرة باقي دول الخليج، ويطرح احتمال عدم التنسيق بينها وتركيا، وربما مصر، فتح جبهة جديدة للصراع السني-السني.
ومن ناحية رابعة؛ ستكون هناك محاور وتحالفات "جديدة" قائمة على الانتماء المذهبي؛ حيث تقود إيران المحور الشيعي ووكلاؤها في المشرق من الفاعلين من غير الدول، وعدد من الدول المصطنعة phantom states، وتقود السعودية وربما مصر وتركيا المحور السني وباقي دول الخليج.

إن المشكلة التي ستواجهها دول الخليج، وتركيا وبدرجة ما مصر، مرتبطة بكيفية إدارتها هذا الصراع في حال تفاقم امتداده إلى الإقليم، وهل ستسعى إلى احتوائه، أم ستكون طرفا مباشرا فيه، وتكمن مخاطر الانخراط في هذا الصراع بأنه قد يعمل ضد مصالح هذه الدول، بما في ذلك المصالح الإستراتيجية، وهو أمر قد يحتاج إلى تقييم جدي من قبل هذه الدول، قبل الانسياق وراء أي خطابات دينية "متطرفة".

aymaan noor
19-09-2012, 03:28 PM
إحلال نخبوي
آليات الرئيس مرسي لمواجهة شبكات الدولة العميقة
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/8c4e7ddecfb739ef5c33c55621b27630_L.jpg
محمد عبد الله يونس - مدرس مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة
تكشف مراجعة قرارات الرئيس مرسي في الآونة الأخيرة عن نهج متصاعد لترسيخ أركان الجمهورية الثانية ومواجهة شبكات المصالح والتحالفات المؤسسية المحافظة التي تعترض إحداث تغيير جذري في معادلات السلطة

لا سيما منذ تصفية دور المجلس العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية، وانفراد الرئيس مرسي بالصلاحيات التشريعية والتنفيذية، واستكماله بنيان مؤسسة الرئاسة، وتغيير قيادات الصحف القومية استغلالًا لاختصاصات مجلس الشورى، وفي هذا الإطار تُثار تساؤلات متعددة حول أبعاد وتداعيات عملية إعادة الهيكلة المؤسسية الممتدة.

وفي هذا الصدد فإن اهتمام الرئاسة بالسيطرة على مؤسسات الدولة عبر الإحلال النخبوي وتغيير القيادات تتواكب مع تكلس مؤسسات الدولة وانهيار أبنيتها وقدراتها على التغلغل والتوزيع والضبط القانوني في نموذج للتضخم المؤسسي المتصاعد، بما يثير مزيدًا من التساؤلات حول جدوى التركيز على تدوير النخب والقيادات المؤسسية كمدخل ملائم لتحقيق الاستحقاقات الثورية الأكثر إلحاحًا، ومدى جدواها كآلية للإصلاح المؤسسي مع بداية الجمهورية الثانية.

أولًا: مؤشرات إعادة هيكلة المؤسسات:

لم تنقطع عمليات إعادة هيكلة المؤسسات وتغيير قياداتها وكوادرها منذ تصفية دور المجلس العسكري وإنهاء الإعلان الدستوري المكمل في إطار تصفية ما يعرف بشبكات "الدولة العميقة" التي يعتبرها البعض عقبة أساسية تعرقل تنفيذ الاستحقاقات التي تعهد الرئيس بها خلال فترة المائة يوم الأولى من توليه السلطة، وفي هذا الصدد تضافرت مؤشرات متعددة تؤكد الاتجاه العام لمؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان المسلمين لاستكمال عملية إحلال النخب، وتغيير القيادات في مختلف مؤسسات الدولة، ومن أهم تلك المؤشرات ما يلي:

1- الرقابة على الجهاز الإداري:

ويندرج في هذا الإطار إقالة الرئيس مرسي لرئيس هيئة الرقابة الإدارية محمد فريد التهامي، وإحالته إلى نيابة الأموال العامة للتحقيق معه في اتهامات بالتستر على فساد رموز النظام السابق، وتعيين محمد وهبي هيبة رئيسا، والسيد بدوي حمودة نائبًا لرئيس الهيئة، وأيضًا تعيين المستشار "هشام جنينة" رئيسًا للجهاز المركزي للمحاسبات بدرجة، وهو من رموز تيار استقلال القضاء، ويلقى قبولًا لدى مختلف القوى الثورية.

ولم تقتصر سياسة إحلال القيادات على الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات فحسب؛ وإنما لوحظ أنها باتت نهجا عاما لوزارة قنديل في التعامل مع قيادات الصف الأول بالوزارات والهيئات الحكومية، وهو ما يستدل عليه بقرارات الإقالة أو النقل التي شملت عددًا من كبار القيادات بوزارات الطيران المدني والبترول والكهرباء والأوقاف في وتيرة متصاعدة منذ نهاية دور المجلس العسكري في إدارة الدولة.

2- إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية:

لم يكن إلغاء الإعلان الدستوري المكمل وإحالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان وعدد من قيادات المجلس العسكري للتقاعد سوى بداية عملية إحلال واسعة في صفوف قيادات المؤسسة العسكرية، والتي كان أحد مؤشراتها الهيكلية إجراء وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السياسي تغييرات واسعة في صفوف قيادات الجيش باستبعاد 70 من كبار القيادات، أغلبهم من المساعدين والمستشارين الذين عينهم المشير طنطاوي، إضافة إلى غالبية قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة وأبرزهم اللواء إسماعيل عتمان، واللواء محسن الفنجري، واللواء عادل عمارة، واللواء مختار الملا، فيما يمكن اعتباره استكمالًا للتغيرات الهيكلية التي تشهدها المؤسسة العسكرية منذ إقالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان وقيادات المجلس العسكري.

3- تغيير قيادات الإدارة المحلية:

ويتمثل هذا المؤشر في حركة المحافظين الأخيرة التي شملت تغيير 10 محافظين من بينهم أربعة محافظين على الأقل من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، أبرزهم سعد الحسيني محافظا لكفر الشيخ، ومحمد علي بشر محافظا للمنوفية، ومصطفى عيسى كامل محافظًا للمنيا، بالإضافة إلى ثلاث محافظين من العسكريين المتقاعدين في شمال سيناء والسويس والبحر الأحمر، فيما يعتبر أحد مؤشرات إعادة الهيكلة في مؤسسات الحكم المحلي وثيقة الصلة بتقديم الخدمات للمواطنين بما يفترض أن ينعكس على وتيرة تطبيق برنامج الرئيس، ومستوى الرضا العام.

4- مراجعة دور المؤسسة القضائية:

على الرغم من قرار وزير العدل المستشار أحمد مكي نقل تبعية التفتيش القضائي من وزارة العدل إلى المجلس الأعلى للقضاء لتعزيز استقلالية المؤسسة القضائية عن السلطة التنفيذية؛ فإن دور وزير العدل لا يزال محوريًّا في إدارة أركان المؤسسة القضائية، لا سيما في ظل عمليات إعادة الهيكلة والمراجعات السياسية التي طالت مؤسسات عديدة في الدولة المصرية، أهمها المؤسسة العسكرية والصحافة القومية.

وفي هذا الصدد جاء تجدد الجدل حول السماح بسفر المتهمين الأمريكيين في قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني بمثابة مدخل جديد لمراجعة دور المؤسسة القضائية، وإعادة النظر في آليات تدخل السلطة التنفيذية في اختصاص السلطة القضائية تعزيزًا لاستقلاليتها من جانب، وتعزيزا لقوة تيار استقلال القضاء في مواجهة التيارات المحافظة داخل المؤسسة، أو ربما إيذانًا بموجة جديدة من تغيير القيادات تطال المؤسسة القضائية.

ثانيًا: لماذا الإحلال النخبوي؟

لا تنفصل عمليات إعادة الهيكلة وتغيير القيادات التي تشمل مؤسسات الدولة المصرية عن تمكن مؤسسة الرئاسة من فرض سيطرتها على مفاصل الدولة، والاستحواذ على الصلاحيات التشريعية والتنفيذية والرقابية التي تكفل إدارة المرحلة الانتقالية حتى تمام صياغة الدستور الجديد، والاستفتاء عليه، تمهيدًا لتنظيم الانتخابات التشريعية وما يرتبط بتلك المرحلة من تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس بأبعاده المختلفة.

وتستند عمليات الإحلال النخبوي واسعة النطاق ومراجعة ممارسات القيادات في أحد أبعادها للشرعية الثورية واستحقاقات ثورة 25 يناير التي اتفقت مختلف القوى السياسية التي أفرزتها الثورة على عدم تمكن المجلس العسكري وحكومتي عصام شرف وكمال الجنزوري من استيفائها بصورة كاملة، وهو ما أتاح لمؤسسة الرئاسة تحجيم رءوس شبكات المصالح المنتمية للنظام السابق في مؤسسات الدولة، وخاصة بعد أن أضحت في غاية الضعف بتصفية دور المجلس العسكري.

ويتمثل السبب الثالث لموجة استبدال القيادات المتصاعدة في سعي الرئاسة لاستعادة الاستقرار عبر ترتيبات تدريجية تسعى لاجتذاب التأييد الشعبي والرضاء العام وهو ما يبدو في الدور الطاغي لمؤسسة الرئاسة في إدارة عمليات استبدال القيادات في مقابل تراجعٍ نسبي لدور مجلس الوزراء؛ حيث صدرت حركة المحافظين الأخيرة من مؤسسة الرئاسة بمشاركة محدودة من مجلس الوزراء، وتم تغيير رئيس هيئة الرقابة الإدارية بقرار رئاسي أيضا بما يعكس تشكل نمط للعلاقات بين الطرفين يستلهم تجارب النظم الرئاسية التي يتراجع في إطارها دور مجلس الوزراء في مقابل دور مركزي لمؤسسة الرئاسة.

ثالثًا: إحلال القيادات كمدخل للإصلاح المؤسسي:

يبدو استبدال القيادات كمدخل لحسم الصراع السياسي، وتفكيك شبكات المصالح، وضبط ممارسات القيادة أكثر منه آلية للإصلاح الإداري والمؤسسي؛ إذ إن التكلس والوهن قد أصاب مؤسسات الدولة المصرية لا سيما الجهاز الإداري كنتاج عقود من السلطوية السياسية التي مارسها النظام السابق لدمج مؤسسات الدولة لدعم بقاء النظام. وبانهيار آخر أركان النظام بدأت تلك المؤسسات في التفكك تحت وطأة المطالب المتصاعدة لأعضائها، وتردي أدائها لوظائفها المختلفة.

ولذا فإن الإصلاح المؤسسي يبدأ من مراجعة أوضاع المؤسسات وممارساتها، والإجراءات الحاكمة لعملها، والارتقاء بقدرات كوادرها على أداء الوظائف، وجودة ما تؤديه للمواطنين وللدولة من وظائف وخدمات تحقيقا لرضاء عام حقيقي يدعم أداء الدولة، ومن الضروري التركيز على معالجة قدرات مؤسسات الدولة على التغلغل، والوصول إلى كافة أرجاء الإقليم، لا سيما بسط السيطرة الأمنية على الأطراف الحدودية، وقدرتها على استخراج وتجميع الموارد المالية من مختلف الموارد بكفاءة، وأخيرًا قدرة مؤسسات الدولة على توزيع المنافع على المواطنين بصورة تحقق حدًّا أدنى من العدالة الاجتماعية.

ويرتبط ذلك بتدعيم إجراءات الرئيس لاستبدال القيادات، والتصدي للفساد بضبط منظومة تفاعلات المؤسسات السياسية بمؤسسات الدولة لا سيما الجهاز الإداري والمؤسسة القضائية، وتحقيق التوازن بين استقلالية وحياد مؤسسات الدولة من جانب، وتوجيهها لتحقيق الرضاء العام الأكثر حيوية بالنسبة للرئاسة في هذه المرحلة.

aymaan noor
22-09-2012, 10:04 PM
"من المآسي المضاعفة للنزوح:فتيات سوريات للزواج "بثمن بخس
http://www.jadaliyya.com/content_images/3/lagion.jpg
"إعلان .. إعلان: فتيات سوريات للزواج. للاتصال على الارقام التالية: (...)"، نصٌ ترويجي عُلِّق على جدران الطرقات والاعمدة، بعد أيام قليلة من وصول اللاجئات السوريات الى محافظات الاردن الشمالية هرباً من الاضطرابات التي تجتاح بلادهن. اختفى الاعلان سريعاً، غير ان الحديث عن توفر لاجئات سوريات للزواج غدا "طبقاً رئيسياً" على موائد الاردنيين. الزواج من السوريات يبدأ بحض فقير لا يملك القدرة المالية على الارتباط، ويمتد ليصبح تفاخر عازب بقدرته على الزواج من أربع لاجئات دفعة واحدة، فيما يرى فيه المتزوجون وسيلة مناسبة لاستفزاز زوجاتهن، عبر تهديدهن بجلب "ضرة" سورية.

ما عليكَ سوى الذهاب الى المفرق (68 كيلومتراً شمال شرق عمّان)، او الرمثا (95 كيلومتراً شمال عمّان)، حتى تحصل على زوجة سورية بكلفة تبدأ بمئة دينار (140 دولارا) ولا تزيد على الخمسمائة دينار (703 دولارات). عبارة تتكرر على ألسنة الأردنيين، في وقت يبلغ متوسط تكاليف الزواج في بلدهم خمسة عشر ألف دينار (21 ألف دولار). الدافعُ المعلن للزواج من اللاجئات هو "الستر على نساء المسلمين" بزواج شرعي ينتشلهن من الفقر والعوز ومرارة الحياة في مخيمات اللجوء. غير ان الدوافع التي كانت حافزاً لأول حادثة زواج من لاجئة سورية، لم تمنح الزواج، الذي تم بوساطة جمعية إغاثة، فرصة الصمود لأكثر من شهرين، لتتضح اسباب اخرى حفزت عليه، من أهمها الثمن البخس الذي تكلَّفه الزوج، والمتعة التي وفرتها اللاجئة العشرينية للعريس الخمسيني، الذي تزوجها سراً وتنازل عنها عند افتضاح أمره. واقعة دفعت بجمعيات الاغاثة لإغلاق أبوابها أمام طالبي الزواج، وهم كثر. ولقطع الطريق على الراغبين بـ"الزواج سراً" من اللاجئات، عممت وزارة الداخلية الأردنية على كافة المحاكم الشرعية، التي أبلغت بدورها جميع الأذنة الشرعيين بأن "أي عقد زواج خارج المحاكم الشرعية سيعتبر غير نافذ قانونياً ويتحمل الزوج المسؤولية القانونية في ذلك".
الصخب الاجتماعي لا ينعكس على الأرقام الرسمية التي تبقى متواضعة، حيث توثِّق لما دون مائتي حالة زواج لأردنيين من لاجئات سوريا منذ شباط/ فبراير 2011. في وقت زاد عدد اللاجئين السوريين في الاردن على أكثر من 100 الف لاجئ حتى مطلع أيلول/ سبتمبر 2012، غالبيتهم من النساء.

ناشطون سوريون انتفضوا على الغمز واللمز الذي تتعرض له اللاجئات وأطلقوا حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "لاجئات لا سبايا". ترفض الحملة تحويل السوريات اللاتي انتفضن لأجل كرامتهن الى بضاعة رخيصة في سوق النخاسة تحت مسميات الزواج والستر. وهي رصدت عدداً محدوداً من حالات الزواج، لكنها عجزت عن التواصل مع اللاجئات المتزوجات او أسرهن، حسب صفحتها على الفيسبوك. القائمون على الحملة وجهوا رسالة لتوعيه اهالي اللاجئات من مخاطر الزواج المغلف بعناوين دينية وشرعية واجتماعية. ورسالة ثانية لشباب الدول التي لجأت اليها السوريات ممن يعتقدن أن الزواج منهن طريقة للمساعدة، دعتهم فيها لتجريم وتعييب هذا النوع من الزواج. بل أكثر من ذلك، طالبتهم بوصم كل من يقبل على الزواج من اللاجئات بخيانة الدين والقيم الانسانية.

ظاهرة الزواج من اللاجئات السوريات في الأردن جرت محاصرتها وفضح دوافعها، وهي ليست اكثر إقلاقاً من ظاهرة الاستغلال ال***ي للاجئات تحولن للعمل في المنازل. وهذه تغلف بالسرية التامة ويطبق عليها الصمت، ولا يعرف عنها إلا ما تكرره الشائعات. يا للبؤس! فبعد فقدان المنزل والأمان في الوطن، ها النساء، صغيرات وكبيرات، يتحملن فعلا عبء الحروب بشكل مضاعف.

[عن ملحق "السفير العربي" لجريدة "السفير" اللبنانية]

aymaan noor
22-09-2012, 10:17 PM
هل تورطت " أنصار الشريعة" بقتل السفير الأمريكي في ليبيا؟
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/f5207093f4bafcb21c0c017e46b49f6e_L.jpg
ماري فيتزجيرالد
عرض شيماء أحمد محمود، مترجمة في الشئون السياسية والاقتصادية
في وقتٍ لا يزال فيه الغموض يلف ملابسات مقتل السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز في الهجوم الذي طال القنصلية الأمريكية في بنغازي احتجاجًا على الفيلم المسيء للرسول محمد، صلى الله عليه وسلم؛ أُلقيت مسئولية الهجوم على كتيبة أنصار الشريعة، وهي ميليشيا صغيرة من المتشددين تتخذ من بنغازي مقرًّا لها، وتشكلت في مطلع هذا العام بقوام 250 عنصرًا.

وفي هذا المضمار؛ أجرت "ماري فيتزجيرالد" مراسلة قسم الشئون الخارجية في صحيفة "آيريش تايمز" الأيرلندية؛ حوارًا هاتفيًّا مع قائد كتيبة "أنصار الشريعة" محمد الزهاوي، وقائد اللجنة الدينية في الكتيبة الشيخ ناصر الطرشاني. وقد نشر موقع مجلةُ "فورين بوليسي" في الثامن عشر من سبتمبر 2012 التقريرَ الذي أعدته المجلة حول هذه المقابلة تحت عنوان "أنصار الشريعة: لم نكن نحن". وعلى حد قول الصحفية؛ أُجريت المقابلة الهاتفية قبل ساعات من لقاء الزهاوي والطرشاني مع رئيس أركان القوات المسلحة الليبية يوسف منقوش في ليلة السابع عشر من سبتمبر الجاري.

اتهامات لأنصار الشريعة.. والجماعة تنفي

في أعقاب الهجوم الذي أودى بحياة السفير الأمريكي وثلاثة أمريكيين آخرين في الأسبوع الماضي؛ برزت دلائل حول تورُّط كتيبة "أنصار الشريعة" في هذا الاعتداء؛ إذ أقرّ شهود عيان برؤية رايات الكتيبة أثناء الهجوم وأُناس مدججين بالسلاح يدخلون ويخرجون بحذر من مقر الكتيبة. وقال مسئولون ليبيون عديدون، بمن فيهم رئيس المؤتمر الوطني الليبي محمد مقريف: إن المهاجمين كان من ضمنهم رجال مدججون بالسلاح ينتمون إلى فئة من "أنصار الشريعة" كانت على اتصال بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي. وقد ألقى البعضُ اللومَ على الكتيبة لتنفيذها سلسلة من الهجمات الأخرى، بما ذلك تدنيس قبور الجنود البريطانيين في ليبيا، وتدمير الأضرحة الصوفية في المنطقة. وفي هذا الإطار، يشكو مسئولون أمنيون من أن كتيبة "أنصار الشريعة" رفضت الجهودَ المبذولة لدمج مقاتليها مع القوات الحكومية في ليبيا الوليدة.

في الجانب المقابل ، فإن الزهاوي والطرشاني ينفيان أي علاقة لأنصار الشريع مع تنظيم القاعدة، ويؤكدان أن الجماعة ما هي إلا كتيبة تأسست في وقت سابق من هذا العام وتضم 250 رجلا.
وقال الزهاوي: "قاتَلَت عناصرنا على الخطوط الأمامية إبان الحرب الليبية لإسقاط القذافي ، وكانت تلك العناصر في ذلك الوقت تابعة لكتائب متفرقة.. غير أن مجموعة منّا قررت العمل معًا لإنشاء كتيبة منفصلة تحت اسم "أنصار الشريعة"، وذلك بهدف دعم الشريعة الإسلامية بوصفها المرجع الرئيسي في ليبيا".

ونفى الزهاوي والطرشاني تورُّط أي من أعضاء الكتيبة في الهجوم على القنصلية الأمريكية، وأشارا إلى أنه لم يكن أحد منهم ضمن الـ50 شخصا الذين أعلن المسئولون الليبيون اعتقالهم. وبرر القياديان الهجوم بأنه "رد" على الفيلم المسيء للرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، غير أنهما أعربا عن عدم تأييدهما لهذا التصرف. فقال الطرشاني: "لا نحبّذ شيئًا من هذا القبيل كحل للمشكلة، هذا خطأ، وقتل السفير لم يكن متعمَّدا لأنه توفي نتيجة اختناق. ويبدو أن الناس لم يكونوا على علم بوجوده في الداخل".

ورأى الزهاوي والطرشاني أن الاتهام الموجّه ضد "أنصار الشريعة" له دوافع سياسية، فقال الطرشاني: "نطلب ممن يتهمون عناصرنا بالضلوع في الهجوم أن يتقدّموا بأدلة دامغة تثبت ذلك.. وأولئك الذين يتهموننا أو يلقون اللوم علينا هم من خصومنا من العلمانيين الذين لا يرغبون في رؤية بصمة أنصار الشريعة في بنغازي".

وردًّا على سؤال حول روايات لشهود عيان بشأن حمل المهاجمين راية إسلامية سوداء؛ قال الطرشاني إن تلك الرايات لا تخص الكتيبة وحدها، وإن ثمة العديد من الكتائب التي تستخدمها أيضًا، "ومن ثم لا يعد ذلك دليلًا". ونفى عضوا الكتيبة معرفتهم الجهة المسئولة عن تنفيذ الهجوم، ولكنهما أشارا بأصابع الاتهام إلى بقايا نظام العقيد الراحل معمر القذافي. فقال الزهاوي: "لا يمكننا استبعاد ضلوع الموالين للقذافي في ذلك، فكل شيء ممكن في هذه الحالة".

استقلالية أنصار شريعة بنغازي

وفقًا للزهاوي والطرشاني، ليست كتيبة بنغازي هي الكتيبة الوحيدة التي تحمل اسم "أنصار الشريعة"، فثمة كتيبة أخرى تحمل هذا الاسم في درنة، وهي مدينة تبعد 156 ميلا شرق بنغازي، ولهذه الكتيبة تاريخ طويل من المعارضة الإسلامية للقذافي. ومع ذلك، نفى القياديان وجود أي تواصل بين كتيبتهم وكتيبة درنة، أو أي رموز أخرى تحمل نفس الاسم.

وردًّا على سؤال حول ما إذا كانت لكتيبة "أنصار الشريعة" علاقة بأبي سفيان بن قمو، وهو معتقل سابق في جوانتنامو قاد جماعة من المقاتلين إبان الثورة الليبية في العام الماضي؛ أجاب الطرشاني قائلا: "لا إطلاقا، هو من جماعة "أنصار شريعة" أخرى. نحن نشترك في الاسم ولكن ليس في العمل".

شجب الزهاوي والطرشاني الرأيَ القائل بأن كتيبة "أنصار الشريعة" لا تحظى بقبولٍ حسنٍ عند معظم الناس في بنغازي. بيد أن الصحفية شككت في هذا الادعاء، قائلة للقيادييَّن: إنه تواترت أنباء حول قيام عناصر من الكتيبة في شهر يونيو 2012 بقيادة شاحنات صغيرة محمّلة بأسلحة ثقيلة على طول الواجهة البحرية للمدينة بهدف الدعوة إلى التنفيذ الفوري لأحكام الشريعة، وعليه خرج السكان المحليون في مظاهرة مناهضة لعناصر الكتيبة، ورشقوهم بالحجارة.

أثناء حديث الصحفية معهما؛ حاول الزهاوي والطرشاني مواجهة الاعتقادات القائلة بأن "أنصار الشريعة" عبارة عن ميليشيات مسلحة ذات ميول غريبة بالنسبة للمجتمع الليبي. فقال الزهاوي: "نحن نساهم في الحفاظ على أمن بنغازي"، مشيرًا إلى أن رجاله عملوا على حراسة مستشفى الجلاء، وهي أكبر مستشفيات المدينة. وأكد الزهاوي أن طبيبًا من أطباء مستشفى الجلاء أشاد له بجهود عناصر الكتيبة في تأمين المنشأة، وقال له إن تلك العناصر أكثر انضباطًا وموثوقية من تلك المكلّفة بمهمات التأمين.

وفي إشارة إلى جهود كتيبة "أنصار الشريعة" الأخرى، قال الطرشاني إن الكتيبة فتحت عيادة طبية تقدم العلاج المجاني للفقراء، وأنشأت مركزًا لإعادة تأهيل مدمني المخدرات. وفي هذا الصدد؛ أضاف الطرشاني قائلا: "نحن نحاول أن نضعهم على الطريق المستقيم حتى يتمكنوا من عيش حياة طبيعية داخل المجتمع".

موقف غامض إزاء الحكومة الليبية الجديدة

ترى الصحفية ماري فيتزجيرالد أن ثمة دلائل تشير إلى أن أنصار الشريعة ما زالوا لا يميلون للحكومة الليبية الجديدة. فعندما سألت الصحفية القياديين عما إذا كانا معترفين حقا بالحكومة الليبية الجديدة المنتخبة ديمقراطيًّا، فكّر الزهاوي والطرشاني مليًّا ، ثم قالا إنها سيُبديان رأيهما النهائي بعد الانتهاء من صياغة الدستور الجديد، مضيفان: "لا يعني ذلك أننا لا نعترف بالحكومة، ولكنها لا تزال حكومة مؤقتة من وجهة نظرنا لأننا لم ننته من صياغة الدستور بعد".

وعندما سألته الصحفية عن رأيه في ما إذا صدر دستورٌ لا يتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية إلى حدٍّ ما، قال الزهاوي: "كل العلامات تشير إلى أن الدستور الجديد سيكون إسلاميا بمعنى الكلمة، وكلنا لا نرغب في إعلان وجهة نظرنا مقدّما"، مضيفا: "فلننتظر صياغة الدستور الجديد وبعدها سنتحدث"،ومن ثم وصفت الصحفية إجابات القياديين في هذا الصدد بـ"الغامضة".

تشير المراسلة في تقريرها إلى أن الزهاوي والطرشاني واثقان من أن القيادة الليبية لن تتحرك ضدهما، ناقلة عن الطرشاني قوله: "نحن نستبعد احتمال مهاجمة قوات الأمن الليبية لنا لأن مسئولي الأمن المحليين يعرفون جيدا أننا أبرياء، وأن لا علاقة لنا بالهجوم الذي شُنّ ضد القنصلية الأمريكية". غير أن الطرشاني لا يستبعد تمامًا احتمال شن القيادة الأمريكية هجومًا مضادًّا، حسبما جاء في التقرير.

وفي نهاية المقابلة؛ وجّه الزهاوي رسالة إلى الولايات المتحدة قائلا: "لسنا سعداء بما حدث للقنصلية والسفير.. وفي الوقت نفسه نطلب من الحكومة الأمريكية أن تنظر في أسباب حدوث ذلك. فهناك أشخاص في الولايات المتحدة يحاولون تخويف المسلمين، والإساءة إلى دينهم".

aymaan noor
22-09-2012, 10:26 PM
كيف ستتعامل واشنطن مع الصحوة السلفية؟
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/78d607068cd064420401737e12f83bae_L.jpg
دانيل بيمان وزاك جولد
عرض: محمد بسيوني عبد الحليم، باحث في العلوم السياسية.
كثيرًا ما كانت توصف العلاقة بين النظام المصري السابق والتيارات السلفية بأنها تعاقد غير معلن، أهم بنوده السماح لهذه التيارات بالعمل وفقا لمساحات محددة مقصورة على الجانب الدعوي والخيري، دون الدخول في الساحة السياسية، والمنافسة على مفاصل السلطة.

وبالتوازي مع هذا التوجه من النظام الحاكم، وبعد سنوات من العنف المتبادل بين الدولة وبعض الجماعات الإسلامية التي اصطلح البعض على تسميتها بالسلفية الجهادية؛ حاولت السلفية طرح نفسها كتيارٍ فكري يهدف إلى إعادة تقديم فكر السلف الصالح في فهمهم للإسلام، وفي نمط حياتهم، ومحاولة الإصلاح من خلال نشر هذا الفكر في الأطر المجتمعية القاعدية، وعبر عددٍ من الجمعيات مثل الجمعية الشرعية، وجماعة أنصار السنة المحمدية. وانطلاقا من هذه الرؤية تم التعامل بدرجة كبيرة من الحذر مع الواقع السياسي، وعمدت التيارات إلى الانكفاء على ذاتها؛ بل وفي بعض الأحيان إلى مهادنة النظام السلطوي، لا سيما وأنها أدركت أن الدخول في صدام معه لن يكون في صالحها.


ومع اندلاع ثورة 25 يناير 2011؛ شهدت الساحة السياسية أوضاعا مغايرة، أهمها بزوغ تيار الإسلام السياسي، وخروج التيارات السلفية من إطارها التقليدي، في حالة أشبه ما تكون بانتهاء القطيعة بين السلفية والمشاركة السياسية، وخاصة مع تأسيس عددٍ من الأحزاب السلفية، كحزب النور، والأصالة، وحصدها ما يقرب من ربع مقاعد مجلس الشعب عشية أول انتخابات بعد الثورة.

وفي هذا الصدد تأتي أهمية المقالة المعنونة بـ"الصحوة السلفية" لكل من "دانيال بيمان" و"زاك جولد" المنشورة بدورية "المصلحة القومية The National Interest" في عددها عن شهري يوليو - أغسطس. فالمقالة تأتي في سياق عام يسيطر على مراكز الفكر الغربية في أعقاب ثورات الربيع العربي التي طالت العديد من الدول العربية، وما صاحبها من تصاعد قوى الإسلام السياسي، مما دفع العديد من المحللين إلى البحث عن مقاربات جديدة للتعامل مع معطيات الواقع التي تتشكل في العالم العربي، وتداعيات هذه المعطيات على المصالح الأمريكية ومصالح حليفتها إسرائيل.


النظم الحاكمة والإسلاميون


بدت العلاقة بين النظم الحاكمة والإسلاميين خلال العقود الماضية علاقة معقدة، تراوحت بين التعايش والصدام، فإبان فترة الحكم الناصري تبنت الدولة النهج التصادمي والقمع تجاه الإسلاميين، ولم يكن هناك أي مجال للتعايش بينهم، ومع وصول الرئيس السادات إلى سدة الحكم دخلت العلاقة بين الطرفين منعطفا جديدا.

وتشير المقالة إلى أن هناك عدة متغيرات تداخلت في معادلة العلاقة بين نظام السادات والإسلاميين؛ إذ إن النفوذ السلفي تصاعد بصورة واضحة منذ سبعينيات القرن المنصرم مع عودة أعداد كبيرة من العاملين المصريين من الخليج، وبصورة أخص من المملكة السعودية، متأثرين بأفكارٍ سلفيةٍ من هذه الدول. كما أن تقديرات الرئيس السادات استقرت على أن التهديد الحقيقي له هو التيار الناصري المهيمن على الدولة آنذاك؛ ومن ثم سعى إلى التحالف مع الإسلاميين في مواجهة الناصريين، ولكن هذا التحالف لم يستمر، فقد عمد النظام إلى تقليص نشاط الإسلاميين على خلفية تزايد نبرة المعارضة لسياسة النظام بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل والتقارب الشديد مع الولايات المتحدة.

فالانتقال من التحالف إلى الصدام انتهى باغتيال الرئيس السادات من جانب بعض المحسوبين على تيار الراديكالية السلفية -بحسب المقالة- لتدخل العلاقة بين نظام مبارك والإسلاميين إلى سياق آخر؛ إذ إن النظام فرض رقابة شديدة على التيار الإسلامي، وسعى إلى التضييق على حركته.

وتضيف المقالة أن العلاقة بين نظام مبارك والتيارات السلفية كانت ذات ماهية مختلفة عن العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين، فقد ركزت التيارات السلفية على الجانب الدعوي والخيري، في محاولة منها لأسلمة المجتمع من القواعد، وفي المقابل رحب النظام بالنشاط السلفي طالما أنه في الإطار الدعوي ولم يتجاوزه إلى السياسي، بينما تعامل النظام بصورة أكثر تشددًا مع جماعة الإخوان الأكثر تسييسا.


السلفيون وثورة يناير


تنتقل المقالة إلى تحليل تفاعل التيارات السلفية مع ثورة الخامس والعشرين من يناير؛ حيث انقسمت التيارات السلفية في موقفها من الثورة والمطالبة بإسقاط النظام إلى ثلاثة اتجاهات. ففي بداية المظاهرات أدان العديد من قادة السلفية هذه الاحتجاجات ومطالبتها بإسقاط النظام، وفي المقابل ومع التعامل العنيف من جانب النظام مع المتظاهرين بدأ بعض القيادات السلفية يوجهون الانتقادات للنظام، فيما التزم فريق ثالث من السلفيين الصمت تجاه الأحداث برمتها.

فقد كشفت الثورة عن فرص وتحديات أمام التيارات السلفية؛ حيث سعت هذه التيارات إلى المشاركة في الحياة السياسية، والتفاعل إيجابيا مع الفرص التي أتاحتها الثورة، واندفعت نحو تشكيل أحزاب؛ بل إن قطاعا واسعا من القيادات السلفية اعتبرت أن الفرصة سانحة لإمكانية تطبيق مشروعهم الفكري من قمة هرم السلطة، بعد أن كانت رؤيتهم تستند بالأساس على أسلمة المجتمع من القواعد؛ ومن ثم شاركت الأحزاب السلفية في انتخابات مجلس الشعب على اعتبار أن الدخول للبرلمان سيساعدهم في الحفاظ على وضعية الإسلام في نظام الحكم المصري عبر المشاركة في وضع الدستور، فضلا عن السعي نحو تدعيم القوانين التي تستند للشريعة.

وهنا توضح المقالة أن التحديات الرئيسية التي أفرزتها أوضاع ما بعد الثورة تتمثل في مواقف التيارات السلفية من قضايا الديمقراطية، ووضع المعارضة غير الإسلامية، وحقوق الأقليات، والمرأة، وهي المواقف التي تبدو في كثير من الأحيان متناقضة وغير متسقة، ناهيك عن دخول الساحة السياسية بعض الأحزاب كحزب البناء والتنمية، الذراع السياسي للجماعة الإسلامية، بما يستدعي تاريخ الجماعة، وتورطها في عمليات إرهابية خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات، قبل شروعها في مراجعات فكرية لمنهجها تخلت بموجبها عن العنف؛ ليضفي المزيد من التعقيد على المشاركة السلفية في الحياة السياسية.


الولايات المتحدة والصحوة السلفية


منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 والعلاقة بين الولايات المتحدة وتيارات الإسلام السياسي أقل ما يمكن أن توصف به أنها علاقات عدائية، ومع وجود أنظمة حاكمة تحافظ على المصالح الأمريكية لم يكن هناك ما يدفع الإدارة الأمريكية للدخول في حوارات مع هذه الحركات.

وهذه الصورة النمطية تبدلت مع ثورات الربيع العربي، وتصدرت قوى الإسلام السياسي المشهد في عدد من الدول العربية وما صاحبه من مطالبات للإدارة الأمريكية بفتح قنوات للتواصل مع تيارات الإسلام السياسي.

فقد أثار الصعود السلفي في مصر العديد من التساؤلات من قبيل: ما هي المطالب المتبادلة لكلا الطرفين من السلفيين والإدارة الأمريكية؟ وما هي تداعيات هذا الصعود على المصالح الأمريكية بالمنطقة؟ وما أهم القضايا المطروحة على أجندة أي حوار مستقبلي بين الطرفين؟.. وهي التساؤلات التي تناولها بيمان وجولد عبر ثلاثة محاور رئيسية:

أولًا: الرؤية المتبادلة، فقطاع واسع من التيارات السلفية يرى السياسات الأمريكية بالمنطقة متحيزة بصورة كبيرة لإسرائيل، وموجهة بصورة عدائية للدول الإسلامية؛ إذ إن الحرب الأمريكية على الإرهاب لم ينتج عنها سوى قتل المدنيين المسلمين في العراق وأفغانستان، والانتهاكات الصارخة في معتقل جوانتانمو، وسجن أبو غريب. وفي المقابل ظلت الولايات المتحدة فترة طويلة تصنف العديد من التيارات السلفية على أنها حركات إرهابية متشددة.

وهذه الرؤية يمكن أن تكون لها انعكاسات واضحة على التعاون الأمني والاستخباراتي بين الإدارة الأمريكية والنظام المصري الجديد؛ إذ إن وجود التيارات السلفية في المشهد السياسي سيؤدي إلى تراجع ملف مكافحة الإرهاب، والشراكة المصرية الأمريكية في مواجهة تنظيم القاعدة.

كما أن المواقف والرؤى السلفية يمكن أن تفرز مناخا جديدا بالمنطقة يجعل مهاجمة الولايات المتحدة وإسرائيل والدول الغربية الأخرى أكثر احتمالية؛ بل وتصطبغ هذه الهجمات بصبغة شرعية تضفي على مَن ينفذون هذه العمليات صفات بطولية.

وفي هذا السياق؛ تذكر المقالة أن التحدي الأكثر وضوحا ينبع من ظهور الجماعة الإسلامية على الساحة السياسية؛ إذ إن الإدارة الأمريكية تدرج الجماعة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية؛ وبالتالي فإن دخول الذراع السياسي للجماعة البرلمان وإمكانية مشاركتها في تشكيل الحكومات القادمة يعني أن منظمة إرهابية -وفقا للتصنيف الأمريكي- تشارك في الحكم، بما يمثله من معضلة حقيقية أمام الإدارة الأمريكية وكيفية التعامل مع هذه الحكومات.

ثانيًا: أمن إسرائيل؛ حيث إن نظام مبارك لعب دورًا رئيسيًّا في الحفاظ على أمن إسرائيل عبر سلسلة من الإجراءات والسياسات لضبط الحدود بين الطرفين، والتعاون الأمني والاستخباراتي، ولكن مع تقويض نظام مبارك أمست الصورة أكثر تعقيدا.

فتحليل موقف التيارات السلفية يستدعي مستويين؛ أولهما: مستوى المدركات؛ حيث تُعتبر إسرائيل تهديدا لأمن المنطقة، وليست قوة احتلال يتعين إيقاف أي محاولات لتطبيع العلاقات معها، فيما يستدعي المستوى الثاني: التصريحات المعلنة من قيادات سلفية والتي عبرت في الغالب عن احترامها لمعاهدة السلام مع إسرائيل.

وتضيف المقالة أن الصحوة السلفية ستكون لها تداعيات سلبية على الملفات العالقة مع إسرائيل؛ فمن ناحية قد يصبح النظام أكثر حساسية تجاه أي تعاون أمني مستقبلي مع إسرائيل، ومن ناحية أخرى فإن النظام قد يغض طرفه تجاه أي عمليات عدائية تجاه إسرائيل تتخذ من سيناء منطلقا لها، وعطفا على هذا ستجد حركة حماس في صعود التيار الإسلامي عنصرا داعما في أي مفاوضات مستقبلية، خصوصا وأن التيارات السلفية ستصبح أكثر معارضة لأي تنازلات تُقدم لإسرائيل.

ثالثًا: احتواء إيران، وهو ما سعت له الإدارة الأمريكية خلال السنوات الأخيرة وساعدتها في ذلك النظم القائمة في المنطقة بما في ذلك نظام مبارك حتى بدا الإقليم في طور تشكل جديد عقب ثورات الربيع العربي.

وفي هذا الصدد فإن استجلاء الموقف السلفي من العلاقات مع إيران يستلزم الإشارة إلى ملاحظتين مركزيتين. أولهما: أن الأفكار السلفية التي ترى في إيران دولة مذهبية تطمح إلى نشر التشيع في الدول السنية يمكن أن تشكل كابحا لأي محاولات للانفتاح على إيران، وإقامة تحالف معها. ثانيهما: امتزاج المواقف السلفية من إيران والولايات المتحدة وإسرائيل سيقضي على أي محاولات لدخول النظام المصري -أو على أقل تقدير سيجعله باهظ الثمن- في تحالفٍ عسكري تقوده الولايات المتحدة وإسرائيل مستقبلا ضد إيران.

وتخلص المقالة إلى أن الإدارة الأمريكية لديها رؤية للدولة المصرية؛ فهي ترغب في نظام ديمقراطي ليبرالي يحافظ على حقوق الأقليات والمرأة، كما أن لها مصالح وقضايا شائكة لا تريد بأي حال من الأحوال أن يؤثر عليها الحضور السلفي المتعاظم، ولذا فمن الأجدى للإدارة الأمريكية الشروع في حوار وتفاعل مع التيارات السلفية بصورة تمكن الإدارة من التعبير عن رؤيتها ومصالحها، وفي المقابل تتعرف أكثر على رؤية هذه التيارات. فيتعين أن تدرك الولايات المتحدة أن الأوضاع في مصر أصبحت مغايرة، ولم يعد بالإمكان حصولها على كل ما تريد دون دفع المقابل.

Ayman M.Ebrahim
22-09-2012, 11:35 PM
لا اله الا الله
و حسبنا الله و نعم الوكيل فى بشار و زبانيته

darch_99
23-09-2012, 12:20 AM
الشكر والتقدير للسيد / ايمن نور

صراحة مقال اضحكني ثم ابكاني

قرات المقطع الاول فضحكت ولكن ما ان اكملت المقال كله حتي هالني كمد وحزن والم وتخيلت هذا في نساء مصرنا في بناتنا وزوجاتنا واهلينا فاحسست بالغضب الشديد لكنه غضب مع عجز عن الفعل ادي الي بكاء اللهم عجل بنصرك علي هذا المجرم الذي شرد شعبا مسلما ابيا حرا اللهم نصرك الله وعدت

وجزاكم الله خيرا

راغب السيد رويه
23-09-2012, 01:22 AM
لا حول ولا قوة إلا بالله


جزاك الله خيرا وبارك فيك

aymaan noor
24-09-2012, 06:08 AM
السياسة الخارجية المصرية تجاه إسرائيل وفلسطين
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/d383d2a7f18b38f50f531c6f6759cc5a_L.jpg
خالد الجندي
ينتاب المسئولين الفلسطينيين والإسرائيليين حالةٌ من القلق منذ صعود القوى الإسلامية إلى سدة الحكم في مصر؛ فإسرائيل تدرك تمامًا مدى معاداة الإخوان لها، وباتت لا تستبعد أن يضرب الإخوان بمعاهدة السلام المبرمة مع مصر في عام 1979 عرض الحائط.

وكان سقوط مبارك وتولّي الإخوان الحكم في مصر مزعجًا بنفس القدر للمسئولين الفلسطينيين في رام الله؛ فهم يدركون مدى مؤازرة الإخوان لحركة حماس في غزة. ومن ثم يمكن القول إن انتخاب محمد مرسي ليكون أول رئيس مدني منذ تشكيل الجمهورية المصرية قبل ستين عاما لم يجلب سوى القلق لتل أبيب ورام الله.

وفي هذا الصدد؛ كتب خالد الجندي - وهو زميل زائر في مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينجز - في دورية "عروض القاهرة للشئون الدولية The Cairo Review of Global Affairs" التي تصدرها الجامعة الأمريكية بالقاهرة دراسة تحت عنوان: "مصر وإسرائيل وفلسطين". وأشار الباحث في مقاله إلى أنه من غير المحتمل أن نرى في مصر في أي وقت قريب استمرارًا لسياسات مبارك، أو تحولًا جذريًّا في العلاقة بين مصر وإسرائيل والفلسطينيين، منوهًا إلى أن من المرجح أن تعتمد التغييرات الجذرية في موقف مصر الإقليمي على المدى الطويل على مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية، بما في ذلك النجاح النسبي للإصلاحات السياسية والاقتصادية الجارية، واتجاهات العلاقة المصرية الأمريكية، والتطورات على الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية، والديناميات الإقليمية الأخرى.

تداعيات السياسة الخارجية

كان الغيابُ الفعلي للشعارات المناهضة لإسرائيل والمعادية للولايات المتحدة في الانتفاضة المصرية في ميدان التحرير دليلًا على أن الثورة لا علاقة لها لا بإسرائيل ولا بالولايات المتحدة. ومع ذلك؛ لا يمكن فصل الانتفاضة المصرية والمرحلة الانتقالية تماما عن إسرائيل والولايات المتحدة، حتى لو كانت الثورات الشعبية لا تنم عن أية مخاوف تتعلق بالسياسة الخارجية. فالتغيرات المرتبطة بالتحول السياسي الجاري في مصر سيكون لها تأثير عميق على العلاقات بين مصر وكلا البلدين في السنوات القادمة.

ويُشير الباحث إلى أن الدعم للفلسطينيين والعداء تجاه إسرائيل متأصلان بعمق في الثقافة السياسية المصرية والوعي الوطني. فإلى جانب التعاطف مع محنة الفلسطينيين؛ غذّت التضحيات المصرية بالدم والمال في الماضي العداء تجاه إسرائيل؛ إذ أسفرت أربعة حروب مع إسرائيل في الماضي عن مقتل عشرات الآلاف من المصريين، وعن إهدار مليارات الدولارات. وحتى بعد مرور ثلاثة عقود من السلام الرسمي؛ لا يزال ينظر معظم المصريين إلى إسرائيل على أنها عدو وتهديد للأمن القومي، ليس للفلسطينيين فحسب؛ بل للعرب كافة.

ولم يبذل نظامُ مبارك شيئًا يُذكر لكبح تلك المشاعر العدائية، فهو لطالما حرص على إثارة الكراهية ضد إسرائيل كوسيلة لتعزيز شرعيته الداخلية. ورغم أن معظم أشكال التعبير السياسي كانت إما محظورة أو خاضعة لقيود مشددة تمامًا؛ كان نظام مبارك يتسامح عمومًا مع الأنشطة المعادية لإسرائيل والمؤيدة لفلسطين، طالما أن تلك الأنشطة لا تنتقد النظام نفسه. بيد أن هذا التوازن تعذّر تبريره إلى حدٍّ كبير مع مستهل القرن الحادي والعشرين، وظهور ما يسمى بـ"الحرب على الإرهاب".

وبعد هجمات 11 سبتمبر 2001؛ جعل مبارك مصر بمثابة حجز الزاوية لاثنين من الركائز الأساسية للسياسة الأمريكية؛ وهما مكافحة الإرهاب وعملية السلام العربية الإسرائيلية. وبلغ التنسيق الأمني وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة مستويات غير مسبوقة عقب فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية في عام 2006. وفي ظل تعزيز مبارك مكانته عند الولايات المتحدة وإسرائيل؛ ظهرت تصورات بأن نظام مبارك يمثل امتدادًا للسياسة الأمريكية والإسرائيلية.

وقد أثار قمع إسرائيل لانتفاضة الأقصى التي اندلعت في سبتمبر 2000، والغزو الأمريكي للعراق في عام 2003؛ حفيظة المصريين وغيرهم من العرب. واستشرت مبادرات تضامنية مع فلسطين، ومبادرات مناهضة للتطبيع، وحملات مقاطعة لإسرائيل، ومظاهرات حاشدة ضد إسرائيل والولايات المتحدة في النصف الثاني من العقد ردًّا على حرب لبنان وحصار غزة والحرب الإسرائيلية على غزة (التي أُطلق عليها عملية الرصاص المصبوب). وعلى حد وصف الباحث؛ كانت هذه الأحداث ملهمة لجماعات مثل "حركة كفاية" و"حركة 6 إبريل". وعند مرحلة ما؛ أصبحت الأنشطة السياسية الفلسطينية حافزًا لحركة الاحتجاج التي أفضت في نهاية المطاف إلى اندلاع ثورة 25 يناير في عام 2011.

وكانت الولايات المتحدة تتوقع من مبارك أن يصعّد ضغوطه على القيادة الفلسطينية للمشاركة في المفاوضات، وأن يكف عن المصالحة مع حماس. وبإغلاق معبر رفح الذي كانت تمر عبره المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة؛ أضحى نظام مبارك متورطًا في الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع. وقد كان يُنظر إلى سلوكيات مبارك في المنطقة على أنها مجرد تنفيذ لأوامر الولايات المتحدة وإسرائيل؛ بل وكان القادة الإسرائيليون يعتبرونه بمثابة جائزة إستراتيجية. ومن ثم يرى الباحث أنه لم يكن ثمة شيء أكثر ضررا على مكانة مبارك من غزة وقضيتها.

إسرائيل وفلسطين ومصر الوليدة

واصلت المشاعر المؤيدة للفلسطينيين والمعادية لإسرائيل تحريك السياسة المصرية في أعقاب الانتفاضة؛ إذ وقع اقتحام للسفارة الإسرائيلية في القاهرة يوم 9 سبتمبر 2011 احتجاجًا على مقتل حرس الحدود المصرية الإسرائيلية إبان عملية إسرائيلية ضد المسلحين في سيناء. وأوحى ذلك الهجوم الذي دفع إسرائيل إلى إجلاء سفيرها وطاقم السفارة من مصر للإسرائيليين والأمريكيين والفلسطينيين على حد سواء بأن التغيير قادم لا محالة. ومن جهتها، أدانت جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب السياسية الأخرى الهجوم على السفارة، واصفين إياه بأنه عمل غير لائق بدولة متحضرة.

وبعد ذلك؛ صوت البرلمان المصري في مارس 2012 على طرد السفير الإسرائيلي من القاهرة، فيما ينم عن توافق نادر في الآراء حول السياسة المصرية، وعن عزم الطبقة السياسية في مصر على الوقوف ندا لإسرائيل. وقد أعلن البرلمانيون أن "مصر الثورية لن تكون شريكا أو حليفا للكيان الصهيوني، الذي نعتبره العدو رقم واحد لمصر والأمة العربية".

وعلى الرغم من اللهجة الصارمة النابعة من القاهرة؛ لم تتغير السياسة المصرية تجاه إسرائيل والفلسطينيين إلا قليلا منذ الإطاحة بمبارك في فبراير 2011؛ حيث إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة صرح بدعمه التزامات مصر الدولية -بما في ذلك معاهدة السلام مع إسرائيل- وكذلك فعلت الأحزاب السياسية المصرية، العلمانية منها والإسلامية. هذا وتواصل مصر دعم عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، ولا تزال داعما أساسيا للسلطة الفلسطينية التي مقرها رام الله.

وكانت التطورات الجديدة التي طرأت على مصر منذ الإطاحة بمبارك هي إبرام اتفاق مصالحة بين فتح وحماس في إبريل 2011، وتزايد الفراغ الأمني في سيناء. والأهم من ذلك؛ استمر التنسيق الأمني بين مصر وإسرائيل على مدى تحول مصر السياسي، على الرغم من ارتفاع حدة التوتر على جانبي الحدود. ومن ثم يمكن الزعم بأن التوجُّه العام للسياسة الخارجية لا يزال مشابها لذلك الذي كان موجودًا في عهد مبارك، وفقا لما يراه الجندي.

ولربما يكون التغيير الأكثر وضوحا في مصر الحديثة -من وجهة نظر الباحث- هو تصاعد أهمية الرأي العام، الذي يعتبر في الوقت الراهن بمثابة قوة في السياسة الداخلية. فقد كان صوت الرأي العام مسموعًا إلى حدٍّ كبير في الفترة الانتقالية؛ بل ومن المرجح أن يكون للمصريين العاديين تأثيرٌ أوضح على الساسة في الوقت الراهن.

احتمالات استمرار السياسة الخارجية القديمة

قد يُعيد الإسلاميون توجيه السياسة الخارجية في الوقت المناسب، بيد أن ثمة عدة أسباب وراء توقُّع استمرار السياسة الخارجية القديمة عن تغييرها في السنوات القليلة القادة، بغض النظر عمن يحمل مقاليد السلطة.

السبب الأول: هو انشغال المصريين بالقضايا الداخلية، ما يحول دون متابعتهم أجندة السياسة الخارجية في الوقت الراهن.

السبب الثاني: هو أن مصير البرلمان وصياغة الدستور لا يزال مجهولا إلى حد كبير.

السبب الثالث: هو أن من المرجح أن يستمر الصراع بين الإسلاميين والقوى الثورية لبعض الوقت. ومن المحتمل أن تستمر حالة عدم الاستقرار بسبب ترنُّح الاقتصاد المصري.

ومن ثم ستعجز مصر عن التفكير في السياسة الخارجية لبعض الوقت، وستفضل إعطاء الأولوية للقضايا الداخلية الملحّة، مثل الأمن والاقتصاد، وذلك وفقا لما يراه الجندي.

تعديل كامب ديفيد

من المرجح أن تركّز السياسة المصرية تجاه إسرائيل وفلسطين في السنوات المقبلة على ثلاث نقاط هي:

أولًا: ستحافظ مصر على معاهدة السلام مع إسرائيل، ولكن ستسعى إلى إدخال بعض التعديلات في نهاية المطاف؛ فهو شيء طالبت به معظم الأحزاب السياسية المصرية، العلمانية والإسلامية، بالفعل. ومن المرجح أن تكون التعديلات متعلقة بالوضع في سيناء، وخاصة لتفاقم المشاكل الأمنية هناك.

ثانيًا: من المرجح أن تركّز السياسة المصرية على تحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية بدلا من التركيز على عملية السلام. فمن المرجح أن نرى تركيزا أقل على المفاوضات مع إسرائيل، على أن نرى تركيزا أكبر على ردع العنف الإسرائيلي الفلسطيني وعلى تعزيز المصالحة الفلسطينية الداخلية.

ثالثًا: من المرجح أن تركّز مصر في السنوات القادمة على مواصلة التنسيق الأمني مع كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.

وفي النهاية؛ يُشير خالد الجندي إلى أن انفراج الأزمة القائمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين يتطلب إرادة سياسية كبيرة واستقرارا في مصر، منوها إلى أن من المستبعد أن يتحقق أيٌّ من ذلك بحلول نهاية عام 2012 أو أوائل عام 2013.

aymaan noor
24-09-2012, 06:20 AM
هل تعصف رياح الربيع العربي بالأردن؟
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/6c16f95e5837b7a15cc22a32eb72fad8_L.jpg
أحمد زكريا الباسوسي
يبدو أن رياح الربيع العربي تتصاعد في الأردن بعد سلسلة من الأزمات المتلاحقة في الأونة الأخيرة ، بما يفرض على الحكومة نهجا سياسيا مغايرا ، لاسيما مع اتساع وتيرة الاحتجاجات على الأوضاع السياسية والاقتصادية، والتي وصلت إلى حد المطالبة بإسقاط النظام في بعض التظاهرات، وتغيير نظام الحكم إلى الملكية الدستورية.

ومع تحقيق الثورات في البلدان العربية الأخرى نجاحات نسبية؛ شجع ذلك القوى السياسية الأردنية لا سيما الجبهة الوطنية للإصلاح وجماعة الإخوان المسلمين والأحزاب اليسارية على وضع مزيدٍ من الضغوط على النظام الأردني. التقرير التالي يرصد الأزمات في يواجهها النظام الأردني في الأونة الأخيرة، ومحاولة الحكومة امتصاص المد الثوري.

أولا: المطالبة بالملكية الدستورية

دأبت القوى السياسية الأردنية منذ اللحظات الأولى على دفع النظام لإقرار مبدأ الملكية الدستورية كأساس لنظام الحكم في المملكة. ولهذا قادت عدة أحزاب إسلامية ويسارية أردنية معركة تعبئة الشارع للمطالبة بالملكية الدستورية، يأتي في مقدمتها حزب جبهة العمل الإسلامي، وحزب النهضة الذي لا يزال تحت التأسيس. إذ ترى تلك الأحزاب أن الإصلاح الحقيقي لن يتحقق إلا من خلال البدء
بإصلاحات دستورية حقيقية تجعل الشعب مصدر السلطات، وهو ما لن يتحقق إلا بإقرار الملكية الدستورية كنظام لحكم المملكة.

وفي هذا السياق؛ تم تشكيل ما يسمى بـ"هيئة متابعة المبادرة الوطنية للملكية الدستورية" من القوى السياسية المختلفة الداعمة للمطلب، والتي سارعت بعرض مطالبها على الملك، والتي تلخصت حول الآتي:
- إعلان الملكية الدستورية صراحا ليكون نظام الحكم الرسمي في المملكة.
- أن يصبح مجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان منتخبا، ويمتلك كامل السلطات والصلاحيات بما فيها الموافقة على الالتزامات والتعهدات الدولية للمملكة الأردنية. وعليه تحمل كامل المسئوليات كمسئول أمام الشعب الذي قام بانتخابه.
- أن يتم تشكيل الحكومة عبر الأغلبية البرلمانية المنتخبة، على اعتبار أن كافة النظم المتقدمة لا يجوز أن يتولى السلطة التنفيذية فيها من ليست له صفة تمثيلية.
ولهذا؛ فقد نظمت الهيئةُ عدة اعتصامات ومظاهرات كان أبرزها تلك التي كانت أمام مجلس الأمة في العاصمة عمان، والكرك، وإربد، والتي نادت في مجملها بضرورة إعادة السلطة للشعب عبر تطبيق الملكية الدستورية.

وعلى صعيدٍ آخر؛ ترفض قوى حكومية وسياسية أخرى هذا المفهوم لعدة أسباب؛ أولها: أن المملكة منذ استقلالها تأسست على مبدأ الدستورية، وأنها مطبقة بالفعل بوجود برلمان يمتلك العديدَ من السلطات، وصلاحيات للملك كرئيس لدولة ملكية دستورية. ولهذا فقد وصفت تلك القوى هذا التوجهَ بأنه مُعادٍ للملك، وهو لا يعبر عن حقيقة حالة الشارع الأردني الذي يدعم الملك بشكل كبير وفقًا لرؤيتهم.

ثانيها: الوضع الاستثنائي للتركيبة السكانية الأردنية، إذ وصل عدد الأردنيين من أصل أردني ما يقرب من 2 مليون نسمة، بينما الأردنيون من أصل فلسطيني وصل إلى ما يربو من 3 ملايين نسمة؛ حيث نتج عن ذلك اختلال في التركيبة المجتمعية الأردنية، ومن ثم أصبح الأردنيون من أصل أردني أقلية. وبالتالي، فإن سيطرة الأغلبية على الحكم في البلاد من شأنه أن يزيد من سيطرة الأردنيين من الأصول الفلسطينية. وهو ما يرتبط عقائديا ويرسخ لفكرة إسرائيل وبعض القوى الأردنية المتحالفة معه حول توطين الفلسطينيين في الأردن بديلا عن وطنهم الأصلي. وبالتالي فإن مسالة الملكية الدستورية ستظل المطلب الرئيسي للقوى المعارضة في محاولة لتقليص سلطات الملك عبد الله في مواجهة اتساع نطاق البرلمان بغرفتيه النواب والأعيان.

ثانيا : إشكالية قانون الانتخابات

تفاقمت أزمةُ الصراع حول الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها قبل نهاية العام في الأردن إلى الحد الذي دفع الملك عبد الله إلى توجيه كلمة لجماعة الإخوان المسلمين التي تقود معارضة الانتخابات، مفادها أنهم ليس أمامهم إلا المشاركة في عملية الانتخابات، أو البقاء في الشارع إلى الأبد.فمجرد تصديق الملك عبد الله على قانون الانتخابات المعدل الذي صدر عن البرلمان الأردني، والذي تم بمقتضاه زيادة عدد المقاعد المخصصة للقائمة إلى 27 مقعدا بدلا من 17 مقعدا في النسخة الأولى من القانون، ذلك بالإضافة إلى 108 مقاعد للدوائر الفردية، و15 مقعدا للكوتة النسائية ليرتفع بذلك عدد المقاعد إلى 150 بدلا من 140 مقعدا؛ دفع قوى المعارضة الأردنية من بينها جماعة الإخوان المسلمين والجبهة الوطنية للإصلاح والحركات الشبابية والشعبية وحزب الوحدة اليساري إلى الاعتراض عليه، ووصل الأمر إلى حد إعلانها مقاطعة العملية الانتخابية برمتها، كمحاولة لثني النظام عن إجرائه هذه الخطوة، أو على أقل تقدير تعديل قانون الانتخابات.

ومع اشتداد الخلاف بين النظام والمعارضة، طرحت جماعة الإخوان المسلمين ثلاثة مقترحات كبديل عن الطرح الُمشار إليه في القانون؛ أولها: إجراء الانتخابات على أساس القائمة الوطنية الكاملة، بحيث يرشح كل حزب أو تكتل 120 نائبًا، ويقومُ الناخبُ بالتصويت مرة واحدة، ثانيها: إجراء الانتخابات بالنظام المختلط؛ إذ يسمح للناخب بالتصويت على قائمة وطنية مفتوحة يكون لها 50 % من مقاعد البرلمان، في حين يصوت الناخب داخل الدائرة الخاصة به، شرط أن يصوت بعدد المقاعد المخصصة لتلك الدائرة. وثالثها: إجراء الانتخابات على أساس التصويت بعدد المقاعد المخصصة للدائرة، ويتم إلغاء القائمة الوطنية.

لكن يبدو أن الأزمة ستظل مسيطرة على الأجواء لا سيما مع تمسك كل من الطرفيين بوجهة نظره، وفشل كافة محاولات الوساطة بين القصر الملكي وجماعة الإخوان المسلمين إلى الحد الذي وصفها العديد من المراقبين بأنها وصلت لطريق مسدود بعد أن وضع العاهل الإخوان بين خيارين فقط؛ إما المشاركة أو البقاء بالشارع. وجاء رد فعل الجماعة على لسان الرجل الثاني بها زكي بن أرشيد بأن الجماعة ستختار البقاء في الشارع أفضل.

ثالثا: أزمةٌ اقتصادية طاحنة

تُعتبر الأزمةُ الاقتصادية التي تضرب الأردن من أبرز عوامل الاحتقان التي تشعل الشارع الأردني؛ إذ تستغلها القوى السياسية لحشد الرأي العام ضد النظام؛ حيث تشير عدة مؤشرات إلى تدهور الوضع الاقتصادي، ويأتي في مقدمته ارتفاع العجز المالي للموازنة بنسبة غير مسبوقة وصلت إلى 9.3% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يوازي 2 مليار دينار، بزيادة تقدر بمليار دينار عما كان متوقعا. ذلك فضلا عن ارتفاع العجز في الدين العام بما يقرب حوالي 17.5 مليار دينار.

وفي محاولة لمواجهة تلك الأزمة؛ اتخذت الحكومة الأردنية قرارًا برفع أسعار المحروقات، لا سيما البنزين 90 بنسبة 7% والسولار بنسبة 10%، وهو الأمر الذي أدى لتأجيج الاحتجاجات في المملكة، فقد تم على إثره تنظيم عدة اعتصامات لعل أبرزها اعتصام أمام مبنى المحافظة في الكرك، ومسيرات حاشدة في كل من معان جنوب عمان والعقبة، منددين بالقرار الذي اعتبروه سلبيًّا إلى حدٍّ كبير. مما دفع الملك عبد الله إلى أمر رئيس الوزراء فايز الطروانه بتجميد القرار أو على أقل تقدير تأجيله، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي الرافض للقرار.

ولعل تأثيرات هذا القرار لم تكن لتؤثر بهذا الشكل البالغ إلا لكونها الحزمة الثانية من رفع الأسعار؛ فقد أعقبت تلك الزيادة بما يقرب من شهر زيادة أخرى بلغت 12,9% لأسعار البنزين منخفض الجودة، والذي يعتمد عليه غالبية السكان في الأردن.

تضع ارتفاع معدلات البطالة هي الأخرى ضغوطًا كبرى على النظام في الأردن؛ حيث تُظهر التقديرات ارتفاعَ معدلات البطالة إلى 12.1% خلال عام 2012 وفقا للتقديرات الحكومية، تلك النسبة التي يراها العديد من الاقتصاديين أقل من الواقع بكثير؛ إذ وصلت إلى 25% في التقديرات غير الرسمية. إذ يستحوذ على النصيب الأكبر منها أي قرابة الثلث من الشباب في الفئة العمرية من 15- 24 عاما، وما يربو من 11 % من الفئة العمرية من 25-39 عامًا.

تكمن الإشكالية الحقيقية في أزمة البطالة أنها قابلة للاشتعال والتحول السريع إلى أزمة سياسية؛ بما قد يعصف بالنظام، لما لها من تداعيات مباشرة على قدرة المواطن على توفير احتياجاته الأساسية للحياة الكريمة، أخذًا في الاعتبار أن البُعد الاقتصادي قد لعب دورًا كبيرًا كأحد العوامل الرئيسية للثورات في مختلف بلدان الربيع العربي.

رابعا: تدهور العلاقات مع السلفيين

على الرُّغم من أن العلاقات بين النظام الأردني والجماعات السلفية كانت جيدة إلى الحد الذي جعل العديد من المراقبين يصفون السلفيين بأنهم الابن المدلل للدولة؛ إلا أنها قد دخلت في مرحلة التوتر في الآونة الأخيرة، وذلك بسبب الخلاف حول قضيتين محوريتين:

القضية الأولى: حدوث اشتباكات متكررة بين السلطات الأمنية الأردنية وأتباع التيار السلفي، كان آخرها الاشتباكات بالحجارة والغازات المسيلة للدموع التي شهدتها مدينة معان بين ثلاثمائة من أنصار التيار وقوات الأمن إثر الاعتداء على مبنى المخابرات؛ حيث اعترض السلفيون على عدم قيام الحكومة الأردنية بواجبها في السعي للإفراج عن معتقلين أحدهما في السجون العراقية والثاني في السجون اليمنية. وهو ما استدعى تدخل كبار القيادات السلفية لاحتواء الموقف، والحد من تداعياته السلبية ليس فقط على الوضع الأمني في المملكة، وإنما تأثيراته السيئة على العلاقات بين الدولة وبين التيار السلفي بوجه عام.

القضية الثانية: الخلاف حول شرعية مشاركة أتباع التيار السلفي الأردني في الحرب في سوريا ضد نظام بشار الأسد، حيث ترفض الحكومة مشاركة السلفيين في سوريا استنادا إلى إمكانية قيام نظام الأسد بعمليات انتقامية داخل الحدود الأردنية للرد على ذلك. بينما بدأت بعض القوى السلفية في التأكيد على وجود مائة من أنصار التيار يقاتلون تحت قيادة تنظيم جبهة نصرة أهل الشام في سوريا. وهو الأمر الذي أثر على طبيعة العلاقة بين الطرفين.

ولعل هذا التدهور الذي أصاب العلاقات بين النظام والجماعات السلفية قد أصبح حجر عثرة في مواجهة النظام الذي بدأت مختلف القوى السياسية تنفض من حوله، وتتركه منفردًا في مواجهة رياح التغيير العاتية التي ضربت أواصر المملكة الأردنية منذ قرابة عام ونصف.

خامسا: تعديلات قانون الإعلام والنشر

انفجرت موجةٌ جديدة من الاعتصامات إثر تصديق الملك عبد الله على تعديلات قانون الإعلام والنشر التي أقرها مجلس الأعيان، والذي فتح مجال الرفض لفكرة تقييد حرية الإعلام وتداول المعلومات؛ حيث أقر القانونُ ضرورةَ التزام المواقع الإلكترونية بالتسجيل في دائرة المطبوعات والنشر والحصول على ترخيص، ويشترط أن يرأس تحرير كل موقع إخباري عضو في نقابة الصحفيين؛ حيث زعمت الحكومةُ أن الهدفَ من القانون هو تعزيز المسئولية المهنية، ورفع مستوى الأداء الإعلامي بالمواقع الإلكترونية الإخبارية.

ولم يُقنع هذا التفسير الإعلاميين الذين دخلوا في اعتصام مفتوح اعتراضًا على القانون؛ إذ فسروه على أنه قانون مقيد لحرية الإعلام والتعبير، وأنه يأتي في إطار سياسة تكميم الأفواه وحجب المعلومات عن الشعب، لا سيما في الظروف التي تمرُّ بها البلاد من عدم استقرار، خاصة وأن الإعلام الإلكتروني قد لعب دورا محوريًّا في نشر الموجات الثورية في بلدان الربيع العربي، وبالتالي فإن الحكومة تسعى للسيطرة عليه لكي تأمن شره.

ولا تكمن الإشكالية الحقيقية في القانون ذاته؛ وإنما في استعداء النظام الأردني لفئة الإعلاميين، في الوقت الذي يحتاج فيه النظام إلى كل من يدعمه في مواجهة القوى السياسية المتربصة به، والتي تسعى بشتى الطرق لإحراجه. ويبدو أن هذا القانون قد ساهم بشكل ملحوظ في زيادة مستوى الاعتراض على السياسات الحكومية من فئة مؤثرة إلى حد كبير، نظرا لقدرتها على تشكيل الرأي العام الشعبي وتوجيهه.

الخلاصة أن النظام الأردني يواجه أزمات صعبة ، فإما أن ينجح في احتواء أثرها، وإما أن ينزلق بلا رجعة. ولعل كلمة السر في مسألة الاحتواء تكمن في مدى قدرة النظام على احتواء مطالب المواطن العادي غير المسيس في الشارع الأردني عبر وضع حلول جذرية للأزمات الاقتصادية المتواترة التي تؤثر على حياته اليومية بشكل مباشر، ولعل ثمة ميل لدى النظام الأردني لاستيعاب حركة الشارع وعدم الدخول في صدام مباشر معها، وبدا ذلك في تجميد قرار رفع أسعار المحروقات.

aymaan noor
24-09-2012, 06:31 AM
الطائفية في العراق
فنر الحداد
[فنر الحداد باحث في معهد الشرق الاوسط في جامعة سنغافورة و باحث زائر في جامعة لندن.]
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/sectarianismfanar.jpg
[غلاف كتاب فنر الحداد "الطائفية في العراق". الصورة من المؤلف]
- كيف تبلورت فكرة الكتاب وما الذي قادك نحو الموضوع؟

‪-‬ قبل الإجابة على هذا السؤال يجب النظر الى تطور الأحداث على مدى ستة عشر سنة، من 1991 ولغاية 2006 وما جرى خلالها. في الحقيقة كان البحث في بداية الأمر عن ذاكرة أحداث 1991: كيف لشعب أن يختلف هذا الإختلاف الجذري في الذاكرة بين التمجيد والتخوين؟ كيف لتمرد ضد نظام مستبد يفتقر لقاعدة شعبية (خاصة في آذار 91 بعد كوارث حرب الخليج) أن يولد انقساماً اجتماعياً بهذا العمق؟ وماذا كان أثر هذا الانقسام في الذاكرة على العلاقات الاجتماعية في ظل الحصار والتفتت الاجتماعي عامة في تلك الحقبة. عندما بدأت التطرق لهذه الاسئلة وجدت أن جوهر الموضوع هو الانقسام الطائفي والهوية الطائفية. أصبح البحث في ما يسمى "الطائفية"،وهو مصطلح مطاطي يكاد أن يخلو من أي معنى أو دقة علمية، أمراً ملحاً خاصة في عام 2006 والحرب الأهلية الطائفية مشتعلة في العراق.
باختصار، حاولت فهم الهوية الطائفية في العراق، وأهم من ذلك حاولت فهم ديناميكية العلاقات الطائفية، بمعنى آخر التفاعل الاجتماعي بين المكون السني والمكون الشيعي في المجتمع العراقي. اهتمامي ليس بالطائفية السياسية فحسب، وإنما بدور ومكان الهوية الطائفية في العلاقات الاجتماعية. من المشاكل العديدة التي ترافق الحديث عن الطائفية في العراق أن هذا الموضوع لا يزال يعاني من كونه نوعاً من التابو - خاصة في فترة ما قبل السقوط. الأمر الآخر والمنبثق من هذا الإشكال هو أن ندرة النقاش الجاد والمحايد في هذه الأمور خلق نوعاً من الجهل الذي جعل الكثيرين - ومنهم الباحثين - ينظرون إلى موضوع الطائفية من منظور المحصلة الصفرية: ففي غالب الاحيان إما ان نسمع الرأي الاختزالي الذي يكاد ينبثق عن وطنية عراقية أو تضامن مع الشعب العراقي والذي يشتهر بالمصطلح الاستهلاكي (كلنا إخوان) أو (إحنا ما عدنا شيعة وسنة)، خلاف ذلك الرأي نجد البعض الآخر، وخاصة في الغرب، يضخمون من شأن الهوية الطائفية في العراق تاريخياً واجتماعياً وسياسياً, بمعنى آخر يتصورون ويصورون كل ما هو عراقي على أنه طائفي. في ظل هذا الاستقطاب العاطفي في الآراء كان أملي بأن يكون كتابي خطوة نحو نقاش موضوعي بعيد عن التبسيطات المسيسة والعاطفية. موضوع الهوية الطائفية ليس موضوع صراع أزلي كما يروج دعاة التقسيم، و لا موضوع مؤامرات خارجية تمزق شعب متكاتفاً كما يؤمن بعض الوطنيين العراقيين والمتضامنين معهم، خاصة من اليسار.

- ماهي الأفكار والأطروحات الرئيسية التي يتضمنها الكتاب ؟

قبل الاجابة على هذا السؤال يجب أن نحذر من أن أي فكرة أو أطروحة عن أي هوية جامعة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار نقطتين أساسيتين. أولا: ما يقال عن الجماعة الفلانية مثلاً (الشيعة) أو (السنة) لا يمكن فعلاً أن يشمل جميع الشيعة ولا جميع السنة، وعلى المتابع أن يدرك دور المتغيرات العديدة المتعلقة بالهوية الطائفية (مثلا الطبقة، التحصيل الدراسي، درجة الايمان، المكان الجغرافي، من مكان الى آخر، وبين الريف والمدينة، البيئة السياسية, الوضع الاقتصادي. . . الخ). النقطة الثانية: هي أن الهوية (طائفية أم غيرها) ليست ثابتة لا من حيث المحتوى ولا من حيث الأهمية. لا يمكن الحديث بدقة أو عقلانية عن (شيعة) و (سنة) بشكل عابر للزمان والمكان، فأهمية هذه المسميات ومحتواها للفرد المنتمي إليهما في حالة تذبذب مستمر تجاوباً وبشكل يعكس السياق الاجتماعي والفكري في لحظة أو حقبة معينة. مثلاً، لا يمكن أن نمزج مضمون الهوية الشيعية العامة أو الوعي الجمعي السني أو حتى رسوخ الهوية الشيعية/السنية في المجتمع العراقي في ستينيات القرن الماضي مع الفترة الحالية. إن المزج بين الحقبتين يولد إشكالاً يتمثل في يتجاهل دور المحتوى السياسي المتغير في بروز هذه الهوية أو تلك. لذا نجد الكثير من العراقيين يصرون على عدم أهمية الهوية الطائفية في المجتمع العراقي بناء على ذكرياتهم من ستينيات أو سبعينيات القرن الماضي, ويتم هذا الإصرار بشكل مطلق وعابر للزمان والمكان والسياق ما يجعل من المستحيل فهم الهوية الطائفية من غير اللجوء إلى نظريات المؤامرة او صب اللوم على أيد خارجية. كذلك القطب المضاد والذي يصور الشيعة والسنة على أنهم في عداوة أزلية لا تسمح لأي حل غير إعادة رسم حدود العراق و المنطقة برمتها حيث لا يميزون بين فترة وأخرى مفترضين أن الهوية شيء ثابت وراسخ وما جرى بعد الـ2003 من تخندق واقتتال طائفي هو دليل على واقع العلاقات الطائفية الحقيقي الأبدي في العراق أو غيره!
حاولت في كتابي أن احلل المتغيرات المتعلقة بالهوية الطائفية لكي نفهم كيف تتقدم وتتراجع أهمية الهوية الطائفية بين فترة وأخرى. أو، بمعنى آخر، كيف لنا أن نفهم ما يبدو ظاهراً متناقضاً بين التزاوج والتعايش والحرب الاهلية؟ ومن هذه المتغيرات العوامل الاقتصادية والتأثيرات الخارجية ومنافسة الرموز ‪(‬symbols‪)‬ ومن خلالها النزاع حول تحديد الهوية الوطنية. وباعتقادي إن أكبر تعقيد في فهم الهوية الطائفية هو في علاقتها مع الهوية الوطنية حيث الرؤية الشائعة تصر على أن الهويتين، الطائفية والوطنية، متناقضتان وأن الهوية الطائفية تتسم بالتخلف والعداء والرجعية، وتدور في فلك مستقل عن الهوية الوطنية. وهذه النظرة تعزز المحصلة الصفرية التي تصر على أننا إما إخوان (وطنيون) او أعداء (طائفيون)! وهذا هو أحد أهم محاور الكتاب والذي يتلخص بعنوانه الفرعي: (رؤى مضادة للوحدة). النزاع الطائفي أو المنافسة الطائفية في العراق لا تجري على حساب الوطنية وإنما باسمها. المنافسة تتمحور حول الوطنية - وبمعنى أدق محتوى الوطنية - أكثر من الدين أو الخلافات الفقهية والفلسفية. ولذلك نجد أن هدف هذه النزاعات ليس تقسيم العراق ولا خلق دول (شيعية) و (سنية) كما يتوقع الكثير - (ومنهم نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن!). الهدف باختصار هو ترقية الرواية والرموز الخاصة بالطائفة إلى مستوى الرواية المركزية الوطنية، وبالتالي التأكيد على رؤية الجماعة - مثلا شيعية العراق وعراقية التشيع! لذلك فان الإشكال ليس في غياب الحس الوطني وإنما في تعدد الرؤى للوطنية الواحدة. في رأيي إن أسلم طريقة للتغلب على هذه النزعات هي من خلال إشاعة وطنية تتسم برمزية عابرة للطائفة. ومن خلال مثل هذه الوطنية يصبح من الممكن حصر رمزية الهوية الطائفية في المساحة الخاصة والمجال الديني. من مستلزمات هذه الفكرة أن تكون الدولة في نظر الشعب أقرب ما يمكن إلى الحياد الطائفي. ولكن للأسف فإن تاريخ العراق الحديث وحتى يومنا هذا يجعل من العراق نقيض الحياد الطائفي. والموضوع حقيقة لا يقتصر على السياسة بل يتعلق بتصورات الناس. مثال على ذلك: في الحقبة الصدامية عانى الشيعة، كما كل اطياف الشعب العراقي، ألوان الاستبداد والاضطهاد، ولكن كم من هذا الاضطهاد الذي عانى منه الشيعة كان مبنياً على الهوية الطائفية؟ هل كان العنصر الأساس في الحرمان والتمييز الهوية الطائفية أم الهوية المناطقية والعشائرية؟ وأيا كان السبب في ذلك فان الشيعة كانوا ينظرون إلى أنفسهم على أنهم ضحية الاضطهاد الطائفي، وبالتالي فهم معرضون للمبالغة في دور هويتهم الطائفية في الصعوبات التي واجهوها. وهذه الظاهرة ليست ذاتية فحسب، بل هي تعبر الذات وتؤثر في مفاهيم الآخر والمراقبين عامة. ولذلك يصبح التمرد في الجنوب (تمرداً شيعياً) ولكن تمرد الدليم بعد حادثة بيت مظلوم يسمى (تمرداً عشائرياً). أما اليوم فقد تبدلت الادوار بالكامل حيث السنة هم من يشعرون الآن بأنهم ضحية الاضطهاد الطائفي، وبناء عليه يرون عنصراً طائفياً في تقصيرات وتعسف الدولة. و في الحالتين - الشيعة بالأمس والسنة اليوم - توجد هناك مبررات عديدة للشعور بالاضطهاد الطائفي، ولكن في الحالتين يأخذ هذا التعليل للاضطهاد والتمييز صبغة شمولية وهذه ظاهرة شائعة بين كثير من الجماعات المهمشة عالمياً. اليوم الوضع في العراق يشجع مثل هذه النظرة نتيجة الدور المحوري للهوية الطائفية في تأسيس العراق الجديد وبالتالي مزج المصلحة السياسية مع الهوية الفرعية وأيضا نتيجة تبني الدولة الصريح للهوية الشيعية التي تعزز شعور السنة بالتهميش.
لتوضيح هذه الامور يركز الكتاب على فترة الحصار و ولادة العراق الجديد حتى نهاية الحرب الأهلية عام 2008. وخاتمة الكتاب تذكر بما أتى ذكره في المقدمة: حيث لا يوجد شيء ثابت في الهوية، و العلاقات الطائفية هي أقرب إلى عملية أو ديناميكية مستمرة ومضطربة تستجيب للتغيرات في المناخ الإجتماعي والإقتصادي والسياسي.

- ماهي التحديات التي جابهتك أثناء البحث والكتابة؟

- ثمة صعوبة في أي بحث يتعلق بالامور الحسية. فكيف لنا أن نقيس الانتماء أو المشاعر أو الهوية؟ لذلك أي حديث عن الهوية يجب أن يبدأ بالتاكيد على مطاطيتها. بخصوص الهوية الطائفية في العراق، وجدت أن الحساسيات والنرجسيات التي غالباً ما ترافق مواضيع الهوية مضاعفة نتيجة التسييس. وبينما هذا شئ طبيعي في العراق و العراقيين نتيجة مآسي السنين التسع الأخيرة والتي تتعلق بالهوية الطائفية، فإني وجدت نفسي أمام هذه التعقيدات ليس فقط في العراق، وإنما خارج العراق ومع غير العراقيين ايضاً. ومازلت إلى حد الآن أواجه اتهامات باني (طائفي) أو منحاز إلى هذه الطائفة أو تلك فقط لأني أبحث في موضوع الهوية الطائفية. مع العراقيين، ومع غيرهم من الذين يمكن وصفهم "الملكي أكثر من الملك" أجد أن الحديث عن انقسام طائفي بحد ذاته وبغض النظر عمّا إذا كان هذا الانقسام إيجابياً أو خبيثاً او متقلباً، يستفز البعض - ومن هناك تأتي الاتهامات بالطائفية أو حتى الاستشراق. برأيي أن هناك حساسية غير عقلانية مقابل أي حديث عن هويات فرعية عراقية وأعتقد بان هذا ناتج عن أمرين: أولاً: إرث النظام السابق الذي حارب التعبير عن الهويات الفرعية وبالتالي حولها إلى نوع من التابو, وثانياً: كردة فعل ضد بعض الأطراف، لا سيما الإدارة الأمريكية، التي ضخمت أهمية الهوية الطائفية وصورت العراقيين على أنهم شيعة وسنة فحسب. ورغم أني أؤكد على حماقة مثل هذا التبسيط لأي مجتمع، أرى في نفس الوقت أنه يتوجب علينا أن لا نرادف هذا التضخيم لمكان الهوية الطائفية في العراق بتبسيط قد يصل أحيانا إلى نفي وجود مسألة طائفية تستحق الدراسة والتحليل. في الحقيقة لا يوجد مجتمع في العالم متجانس كلياً، والبشر خبراء في التقسيم! فاذا تجانسنا مذهبياً، سنتعدد عرقياً، وإذا تجانسنا عرقياً، سنتعدد عشائرياً. . . إلخ. التعددية ليست مشكلة ولا تهديد بحد ذاتها، ماهية التعددية وكيف تنظم في الحياة العامة وما هي الانعكاسات السياسية للتعددية هي التي تحدد طبيعتها.

- كيف يتموضع هذا الكتاب في الحقل الفكري/ال*** الكتابي الخاص به وكيف سيتفاعل معه؟

- حاولت قدر الامكان أن أدخل قاعدة نظرية للحديث عن الهوية الطائفية. لا أعتقد أنه من الممكن معالجة هذا الموضوع فقط على أساس تاريخ العراق والتجربة الشخصية. لذلك اعتمدت على عدة نظريات من عدة فروع في العلوم الاجتماعية، منها الهوية، سيكولوجيا الجماعات، الوطنية، علوم سياسية وعلم الصراعات الإثنية. حاولت كذلك أن أقارب بين الحالة العراقية ودول أخرى واجهت صعوبات في التعامل مع التعددية فوجدت أن ديناميكيات نزاعات الجماعات من دولة إلى أخرى متشابهة رغم بعض الخصوصيات. بالنسبة إلى حقل دراسة العراق وتاريخه الاجتماعي أتمنى أن يكون الكتاب بداية نقاش موضوعي عن الهوية الطائفية بعيداً عن التخندق والنرجسيات الضيقة. كذلك بالنسبة إلى العلوم السياسية والهوية، آمل بأن أكون قد قدمت نظرة تحليلية وموضوعية للحالة العراقية قد يستفيد منها الباحث المختص بهذه الامور بغض النظر عن تركيزه الجغرافي.

- ماهو موقع هذا الكتاب في مسيرتك الفكرية؟

- إن هذا الكتاب يمثل لي خطوة على طريق ربما يكون طويلاً في دراسة مشاكل الهوية والتعددية بالرغم من تركيزه على الحالة العراقية التي وجدتها تصلح لتكون مثالاً لحالات تعاني منها شعوب أخرى.

- من هو الجمهور المفترض للكتاب وما الذي تأمل أن يصل إليه القراء؟

- طبعاً المختصون هم أول جمهور مفترض ولكن أتمنى أن يصل الكتاب إلى جمهور أوسع لا سيما إن موضوع الهوية الطائفية لا يزال يشغل حديث الناس ويثير جدالات حادة واحياناً غير عقلانية. بودي طبعاً أن يصل الكتاب إلى العراقيين ولذلك أتمنى أن يترجم الكتاب إلى العربية في المستقبل.
إذا كان لي أن أوصل نقطة (ربما تكون يتيمة) إلى القارئ فهي أن الهوية الطائفية ليست ثابتة، لا من حيث الأهمية ولا البروز ولا المحتوى ،و بناء على ذلك لا يجوز التعميم ولا يجوز الكلام عن (الشيعة) و (السنة) كأنهم ظاهرة ثابتة عابرة الزمان والمكان.

- ماهي مشاريعك الأخرى/المستقبلية؟

- أعمل حالياً على كتابي الثاني والذي سيتطرق إلى موضوع انقسام الذاكرة في العراق، وهو موضوع متعلق بالهوية. والكتاب سيعالج أحداث 1991 وتغيرات الخطاب الرسمي تجاه تلك الأحداث. وأتوقع أن يكون الكتاب جاهزاً للنشر في 2015. قبل ذلك سأستمر بالعمل في حقل الذاكرة والهوية، بالتحديد أتوقع نشر بحث قريباً عن ذاكرة الحرب الأهلية وآخر عن إصلاح المناهج الدراسية.
منقول

aymaan noor
24-09-2012, 06:34 AM
فصل من الكتاب
التعددية الثقافية الطائفية في العراق
فنر الحداد
[فنر الحداد باحث في معهد الشرق الاوسط في جامعة سنغافورة و باحث زائر في جامعة لندن.]
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/sectarianismfanar.jpg
[غلاف كتاب فنر الحداد "الطائفية في العراق". الصورة من المؤلف]
ترجمة: رضا الطاهر

تشكل العلاقات الطائفية في العراق ميدان جدل مثير للنزاع والاستقطاب. فمنذ عام 2003 يغالي مؤيدو تقسيم العراق (والمتعصبون في كلا طرفي التقسيم الشيعي ـ السني) في التوترات بين السنة والشيعة العراقيين. وفي الطرف الآخر من الطيف يقلل الوطنيون والمدافعون عن وحدة العراق، داخل وخارج المؤسسة الأكاديمية، من أهمية الهوية الطائفية في العراق، ويصلون، في بعض الحالات، الى حد نكران وجودها قبل عام 2003. وربما نتيجة لذلك أصبح مصطلح الطائفية مصطلحاً مداناً وسلبياً على نحو يتعذر الغاؤه. وعندما يسألون العراقيون عن الطائفية في العراق فانهم غالباً ما ينتفضون وهم يردون بنكران دفاعي. وقد يكون هذا نتيجة سنوات من نكران وجود قضية طائفية في العراق علناً على الأقل. ومايزال التعامل مع الموضوع، باعتباره شيئاً محرماً من الأفضل تجنبه أو كشيء يجري التذمر بشأنه خلف أبواب مغلقة، سمة للنفسية العراقية. وفضلاً عن ذلك فان الأفكار التي يحملها مصطلح الطائفية قد تكون مرتبطة بالنتائج الكارثية للانفتاح المفاجيء وغير المسبوق الذي عومل به الموضوع في أعقاب حرب 2003 وتحديد الهوية الطائفية الصريح والمتحمس لأقسام كبيرة من سكان العراق في الفترة بين عام 2003 وعام 2009. وسيؤدي الى جدل مثمر بصورة أكبر اذا ما تخلينا عن مصطلح النزعة الطائفية لصالح العلاقات الطائفية. انه أكثر دقة، ذلك أنه يرغمنا على تصوير المسألة باعتبارها مسألة علاقات بين جماعات اجتماعية، وبالتالي تطبيق آلية متحركة بدلاً من آلية متصلة ساكنة. وعلاوة على ذلك فانه سيكون منطلقاً جيداً باتجاه تغيير تمس الحاجة اليه في مقاربتنا لموضوع النزعة الطائفية / العلاقات الطائفية في العراق. وفي دراسته للعلاقات بين الجماعات في حيدر آباد عبر سودهير كاكار عن أسفه لاعتماد المؤرخين وأخصائيي العلوم السياسية على "المعطيات التجريبية الموضوعية وليس الذاتية …". ولكن على الرغم من المخاطر المتأصلة فانه في الذاتي والتجريبي، على وجه الدقة، يتعين علينا أن نركز جهودنا، ذلك أن قضية العلاقات الطائفية مرتبطة، في الجوهر وعلى نحو وثيق، بادراكات المرء والآخر وبنية مركبات الأسطورة ـ الرمز المتنافسة التي غالباً ما تفصل عن الواقع التاريخي.
لقد عاش الشيعة والسنة في ما يعرف اليوم بالعراق لفترة زادت على ألف عام. وخلال أغلب تلك الفترة كانت الجماعات قادرة على أن تحيا بتعايش سلمي على الرغم من تفجر العنف بين حين وآخر. والحقيقة أنه يجري الجدل بأن أحداث النزاع الطائفي الخطير لم تحصل الا في أعوام 1508 و1623 و1801، وكانت نتيجة مباشرة لعوامل اقليمية وليس عراقية. غير أننا عندما نقول هذا ربما ينبغي التأكيد على أن التعايش ليس مرادفاً للتسامح. فقد فند المؤرخ الأسباني جوزيف بيريز فكرة التسامح والتعايش الديني في أسبانيا العصور الوسطى: "التسامح يشترط غياب التمييز ضد الأقليات واحترام وجهات نظر الآخرين. وفي ايبيريا القرن الثامن حتى القرن الخامس عشر لم يكن لمثل هذا التسامح وجود". وفضلاً عن ذلك لم يكن التسامح، كما هو معرف أعلاه، متوفر في معظم تاريخ العراق. ومع ذلك يتعين التأكيد على أن هذا لا يستدعي بالضرورة مظهر عنف. بل إن الدلالة تتمثل في أنه، بدون التسامح، يسهل تسييس واستغلال الانقسامات الطائفية كوسائل تعبئة عدوانية هجومية.
وفي العراق عاش الشيعة والسنة، على العموم، في سلام ولكن بدون تفكيك الحدود الطائفية. وعلى سبيل المثال فان الاندماج الاجتماعي والزواج المختلط بين السنة والشيعة، وهو ما يجري غالباً الثناء عليه باعتباره دليلاً على ضعف النزعة الطائفية في العراق، هو ظاهرة في القرنين العشرين والحادي والعشرين. وإذا ما اقتبسنا من تحليل كاكار للعلاقات بين الهندوس والمسلمين مرة أخرى، فقد كان السنة والشيعة في ما قبل القرن العشرين "أكثر من غرباء، ليسوا أعداء في الغالب، ولكنهم أقل من أصدقاء".
وفي الحقيقة فان بعض الأمثلة المستخدمة للتقليل من شأن الاختلافات الطائفية في العراق هي، في الواقع، مؤشر على هوة واسعة تفصل بين الاثنين. وغالباً ما يجري الاستشهاد بـ "التحالف" بين السنة والشيعة في الاعداد لثورة العشرين كدليل على النزعة الوطنية العراقية التي تتجاوز الاختلاف الطائفي. غير أنه بينما يمكن أن يكون هذا صحيحاً بالنسبة لأحداث أيار 1920، فان حقيقة أن الأحداث التي شكلت أساساً لتعليقات من المراقبين البريطانيين والعراقيين مؤشر على كونها شيئاً جديداً غير مألوف. وفي الواقع كانت نزعة وطنية عراقية متجاوزة للهوية المستندة الى الطائفة تولد وتستمر على الوجود في العراق. غير أنه اعتماداً على الظروف يمكن للنزعة الوطنية العراقية أن تتراجع ويجري تخطيها بأشكال أضيق معتمدة على الطائفة من تحديد هوية الجماعة كما كان جلياً في الكثير من عراق مابعد 2003. ويخطئ من يأخذ أحداث 1920 أساسا في تقييم التاريخ الأوسع للعلاقات الطائفية على انها مؤشر للوئام والاندماج بين الطائفتين، كذلك يخطئ من، على سبيل المثال، يأخذ التحذير الذي وجهه قسم من علماء السنة في بغداد الى السلطات العثمانية من تحول العشائر الجنوبية الى الاسلام الشيعي أ لرسم صورة للانقسام اليائس والعداوات الأبدية.
وربما أدت تجربة الدولة القومية العراقية الى مفاقمة مخاطر التوترات الطائفية. ويمكن أن تكون الحجة الأكثر بساطة متمثلة في أنه في عام 1921 أصبح العرب السنة والشيعة أصحاب حق أساسيين في العراق الجديد: وبالتالي فان توزيع الوظائف والموارد يمكن أن يؤثر، بل أثر بالفعل، على نظرات الناس الى أنفسهم والى الآخرين، وأضافت المعرفة السياسية والنضج السياسي حساً بالتأهيل بين الجماعتين، ساعد، في بعض الأحيان، على تعقيد العلاقات الطائفية في ظل غياب توزيع عادل لموارد الدولة. والأمثلة على حالات التفاوت الاقتصادي والسياسي (الفعلية أو المحسوسة) المرتبطة بالاختلاف الطائفي أمثلة وافرة: وعلى سبيل المثال أفاد القنصل العام البريطاني في تقرير له في شباط 1951 من البصرة بأن وجهاء السنة كانوا يتذمرون من أن الشيعة كانوا يعززون هيمنتهم على القطاعات الحيوية للدولة بينما السنة، كما تشكى أحد الوجهاء "منقسمون على نحو يبعث على اليأس ويتعين عليهم أن يراقبوا وثوب محدثي النعمة الشيعة الى المقدمة في جميع مجالات الادارة". وكان لمثل هذه المخاوف أن تبدو، بلا ريب، مضحكة بالنسبة للكثير من الشيعة الذين هم أنفسهم غالباً ما يتذمرون من كونهم محدودي التمثيل في ادارة الدولة. ويمكن رؤية هذا في ميثاق الشعب في آذار 1935: فهذه الوثيقة البالغة الأهمية، المقدمة الى الملك غازي، وقعت من جانب زعماء عشائريين ودينيين من الفرات الأوسط ومحامين شيعة في العاصمة، وطالبت بتمثيل أفضل للشيعة في الحكومة ودعت الى تمثيل التشريعات الشيعية في السلطة القضائية، اضافة الى الاصلاح الانتخابي والزراعي وحرية الصحافة. وعلاوة على ذلك فان "قضية النصولي" في عام 1927 تظهر كيف أنه من السهل اشعال المشاعر الطائفية عندما ينظر الى القصة التاريخية للطائفة باعتبارها تتعرض الى هجوم. وفي هذه الحالة نشر أنيس النصولي، وهو مدرس سوري يعمل في العراق، كتاباً اعتبر من جانب كثير من الشيعة هجوماً على آل بيت النبي.
ويمكن للأحداث التي وصفت أعلاه أن تستخدم لتأكيد الانقسام الطائفي في العراق وأهمية المشاعر الطائفية في تشكيل النفسية العراقية. غير أنه في جميع الأحداث التي ذكرت أعلاه، وأحداث أخرى غيرها لا تحصى، فان الثنائية الشيعية ـ السنية التبسيطية بعيدة عن أن تكون مقنعة. وعلى سبيل المثال فان ميثاق الشعب كان وثيقة مثيرة للخلاف بين شيعة الفرات الأوسط أنفسهم: فقد رفض جزء كبير من زعماء العشائر التوقيع على الوثيقة على أساس أنها تضع المصلحة الطائفية فوق المصلحة الوطنية. وإنهم، في الحقيقة، مضوا في توقيع وثيقة مضادة تدور حول ذلك الموضوع. كما أنه من الجدير بالذكر أن توقيع واحدة من الوثيقتين كان مرتبطاً، الى حد كبير، بعلاقة المرء بالحكومة القائمة وموقفه منها. أما بالنسبة لقضية النصولي فانه بينما استقطبت الرأي في أقسام من السكان العراقيين العرب، فان ايريك ديفيز استخدم هذا الحدث لتوضيح مخاطر اللجوء الى ثنائية شيعية ـ سنية أحادية البعد عبر لفت انتباهنا الى انقسام عام بين الوجهاء الذين عبأوا المواقف ضد النصولي والطلاب الذين أفلحوا في تجاوز الانقسام الطائفي وأعلنوا عن الدفاع عنه بغض النظر عن الطائفة. والشيء الذي يمكن استخلاصه من هذه الحالات هو، أولاً، أن المشاعر الطائفية موجودة، بالفعل، في العراق، ويمكن، في السياق المناسب، إثارتها بطريقة المجابهة. وهذا يتسم بامكانية التحول الى عنف، وهو ما لم يتحقق الا نادراً لحسن الحظ. ومن ناحية ثانية فان نجاح التعبئة الطائفية يعتمد على جملة عوامل منفصلة عن العلاقات الطائفية. وهذا ما وصفه المنظرون، أساساً، بالطبيعة المتعددة المستويات للنزاع الأهلي: تحت "الانقسام الرئيسي"، وفي هذه الحالة التوتر الشيعي ـ السني، هناك مجموعة من العوامل المحلية الثانوية التي تؤثر على علاقات المرء أو الجماعة مع الطرف الآخر. وأخيراً فان الاستخدام السياسي للهوية الطائفية نفذ دائماً في اطار عراقي. فلا التعددية الطائفية للعراق ولا العراق ككيان سياسي جرى تحديه. بل إن تقاسم السلطة والتنافس من أجل الهيمنة داخل العراق هو أصل المشكلة.
ومما يثير الدهشة أن يأتي أحد التوصيفات الدقيقة للعلاقات الطائفية في العراق من السفير البريطاني في العراق عام 1950 السير هنري ماك. فقد تحدث السير هنري بتفصيل عن الطبيعة المتغيرة للعلاقة بين السنة والشيعة، وما رآه كتوترات ناشئة ارتباطاً بتحديات الشيعة لهمينة السنة غير المشكوك فيها حتى ذلك الحين. وقد أثار هذا، بالمقابل، المخاوف بين النخب السنية "من امكانية التفوق عليهم من جانب الأغلبية" مما يسبب "رد فعل بالقوة المتزايدة". وما هو جلي من رسالة السير هنري هو أنه في عام 1950 كان تسييس الهوية الطائفية قد تصاعد. ولا ينبغي أن يفسر هذه باعتباره حقيقة أبدية، ولا يشكل بالضرورة جزءاً من اتجاه متصاعد. بل إنه يجب أن ينظر اليه باعتباره تصويراً للوضع في عام 1950 حتى على الرغم من أن أحداثاً سابقة ربما تكون قد أثرت على الآليات التي جرى وصفها في الرسالة. وعندما تكون الهوية الطائفية وثيقة الصلة سياسياً بالموضوع، أو عندما تتصاعد التوترات الطائفية لأي سبب كان، تبرز المخاوف من الآخر والآراء السلبية المقولبة التي كانت ساكنة منذ زمن بعيد. ومن هنا التكرار، عبر قرون، للاتهامات ذاتها وقضايا الخلاف ذاتها بين الشيعة والسنة. ومن أجل توضيح الأمر يقدم السير هنري مثالاً على المخاوف السنية التي يمكن أن نجدها بسهولة على الانترنت في الوقت الحالي أو في محادثات غير رسمية:
جرى توضيح لاعقلانية موقفهم (السنة) بصورة مناسبة من جانب وكيل وزارة الخارجية (العراقية) عندما أبلغ أحد موظفينا من أن الشيعي لا يمكن الثقة به اطلاقاً لأن دينه يسمح له بالمراوغة مع الحقيقة (وهي اشارة الى ممارسة التقية).

إن بروز مثل هذه المشاعر بعيد عن أن يكون ثابتا أو مستمراً، ولكنها تشكل جزءاً من ذخيرة الأساطير المضادة التي يمكن الاستناد اليها في أوقات التوتر الطائفي المتصاعد. وكمثال على ذالك، فقد جرى ابلاغي، في مقابلة مع دبلوماسي سني عراقي سابق من عهد صدام، بأن "المشكلة" مع الشيعة هي أنهم يجدون من السهل جداً أن يكذبوا بسبب مبدئهم المسمى التقية. غير أن هذا لم يمنع من أجريت معه المقابلة من اقامة صداقات وعقد وزواج مختلط مع عوائل شيعية. فاحدى بناته متزوجة من شيعي. ومن الناحية الجوهرية فان ما قاله الرجل هو أن لدى الشيعة نزوعاً للخداع، ومع ذلك فان هذا لم يمنعه من تزويج ابنته من شيعي. والافتراض الطبيعي الذي يمكن للمرء اتخاذه هو أن مثل هذه المشاعر والآراء المقولبة السلبية هي، في العادة، معلقة وغير ذات صلة بموضوع العلاقات الشيعية ـ السنية ما لم تثرها الأحداث أو الظروف أو المؤسسة الأكاديمية الميالة للبحث والتحقيق. وهذا هو السبب الذي يجعل الرأي العراقي بشأن موضوع العلاقات الطائفية يكشف أحياناً عن ميول شيزوفرينية تقريباً: فالكثير من العراقيين يمكن أن يؤكدوا، على نحو متصلب، عدم ارتباط الهوية الطائفية في العراق بالموضوع، ومع ذلك فانهم يشاركون في أكثر النزاعات هجومية في ما يتعلق بالآخر.
ويتعين تحديد استثناءات بالنسبة للمتطرفين الطائفيين الذين لابد أن يفترض المرء أنهم يشكلون أقلية عددية. فالتاريخ العراقي يبلغنا أنه "في العادة"، وبالنسبة للأغلبية الساحقة من العراقيين العرب، تعتبر أهمية الهوية الطائفية ثانوية مقابل الأشكال الأخرى من تحديد هوية الجماعات، على الأقل النزعة الوطنية العراقية. ومن سوء الحظ فانه عندما تشتد التوترات الطائفية، لأي سبب كان، يمكن للمتطرفين الطائفيين كسب اتباع، وإن كانوا في الغالب أتباعاً مؤقتين. ويقدم السير هنري خلاصة لطبيعة العلاقات الشيعية ـ السنية في العراق ماتزال صحيحة على الرغم من الاستثناءات مثل عام 1991 او عام 2006 " ... يبقى الصراع (بين الطائفتين) مخفياً جزئياً، وهو ما يشعر كلا الطرفين بسببه بالخجل على نحو غامض ويود الطرفان رؤية حل له بدون صدام سياسي سافر".
وقبل الانتقال الى عراق مابعد 2003، لابد من الاشارة الى نقطة أخرى هامة بخصوص العلاقات الطائفية في العراق وهي ذات صلة بالطبقة. وغالبا ما يصاغ خطابنا حول الآليات الشيعية ـ السنية في العراق من جانب عراقيين من فئات اجتماعية ـ اقتصادية وثقافية معينة. وقد جرى تجاهل تأثير الطبقة، بدلالاتها الثقافية وكذلك الاقتصادية، على العلاقات الطائفية، الى حد كبير. وبينما يعتبر صحيحاً وجود أحياء بغدادية قليلة مكونة حصراً من طائفة واحدة، يمكن القول أن المناطق المختلطة الى حد كبير هي المناطق التي تسود فيها الطبقة الوسطى. وليس بعيداً عن المنطق أن نفترض علاقة سلبية بين الحراك الاجتماعي ـ الاقتصادي وتحديد الهوية الطائفية. ومن المألوف أن نسمع نكراناً للنزعة الطائفية من جانب عراقيين في كل مناحي الحياة. غير أنه بعيداً عن هذا الاعلان الدوغماتي عن الوحدة الشاملة، فانه من السليم الافتراض بأن الأواصر التي تربط الشيعة والسنة أقل بكثير في مناطق الطبقة العاملة منها في مناطق الطبقة الوسطى. وبالتالي فان سكان مناطق بغدادية مثل مدينة الصدر أو الشعلة أو الفضل أقل تجانساً بكثير من سكان مناطق ميسورة مثل زيونة أو الجادرية أو اليرموك. وتضم الكرادة، التي غالباً ما توصف باعتبارها شيعية، مناطق عدة بعضها أكثر تجانساً من الأخرى حيث نجد علاقة اجتماعية ـ اقتصادية جلية بين الطبقة والتجانس الطائفي. وهذا ليس خاصاً بالعراق أو القرن العشرين: ففي تعليقه على العنف الطائفي في الولايات العربية للامبراطورية العثمانية في القرن التاسع عشر، يرى بروس ماسترز أن "... نخبة العرب المسلمين المدينية في ذلك الوقت ألقت باللوم على "الغرباء" ـ البدو، الأكراد، الفلاحين، والدروز ـ ذلك أنه لم يكن لرؤيتهم للعالم أن تعترف بأن مواطنيهم المدينيين الأفقر يمكن أن يرتكبوا مثل هذه الانتهاكات مهما كانت اثارة المسيحيين لهم كبيرة". والعجز نفسه عن ادراك العداء والعنف الطائفي جلي لدى كثير من العراقيين اليوم للأسباب نفسها. ففي صيف عام 2006، حيث استمر العنف الشيعي ـ السني في بغداد على التفاقم على نحو منفلت، قال دبلوماسي عراقي سابق (شيعي هذه المرة) بابتسامة تنم عن دراية: "لابد أن يبدأ الأمر في غرفة النوم !" والتنويعات على هذا الموضوع التي تؤكد شيوع الزواج المختلط كمتراس ضد الحرب الأهلية تنويعات مألوفة، ولكنها تضع قيمة أكبر بكثير لممارسة مقيدة الى حد كبير بالطبقة والجغرافيا. وفي كل الأحوال فقد فشل الزواج المختلط في سياقات أخرى كما هو الحال في البلقان.
وهناك لازمة أخرى شائعة تتمثل في أن العراقيين كانوا، في الماضي، لا يعرفون من هو شيعي ومن هو سني، وفي بعض الحالات لا تفهم مصطلحات الشيعي والسني الا على نحو هزيل. وربما كان هناك شيء من الحقيقة في ذكريات عراق ماقبل 1990. ومع ذلك فان إحدى الموضوعات الرئيسية لهذا البحث تتمثل في أن بروز الهوية الطائفية يتغير اعتمادا على الظروف. غير أن مثل هذه الذكريات لا تعكس تجاوزاً للاختلاف الطائفي بقدر ما تعكس قلة الارتباط بموضوع الهوية الطائفية في فترة معينة من تاريخ العراق. إن تجاهل طائفة الآخر ليس رمزا للانسجام الطائفي، وانما يلقي ضوءاً على حقيقة أن القضية عوملت كشيء محرم من الأفضل تجنبه. وفي دراسته العميقة للهوية العراقية جادل سليم مطر بأن الحاح الدولة العراقية والشعب العراقي على المبالغة في تأكيد هوية العراق الموحد على حساب فهم الاختلافات الطائفية كان له تأثير ضار على التلاحم الاجتماعي. وكان الفهم الذي عوملت به المسائل الطائفية يعني أن القضايا الطائفية كانت تطرح في اطار طائفة وليس في اطار حوار شامل، ومن باب المفارقة أن هذا أدى الى تقوية نزعة الجماعات بدلا من تعزيز الوحدة. وهكذا فان المعرفة المحدودة التي كانت لدى العراقيين لفهم بعضهم بعضاً جرى الحصول عليها الى حد كبير عبر الحكمة الموروثة وليس عبر البحث المعرفي. ونتيجة لذلك فان الشكوك بين الجماعات موروثة من جيل الى جيل مع قليل من الفعل المضاد لتأثيرها في صياغة آراء الآخر. وفضلاً عن ذلك أود أن أضيف بأن وعي المرء بطائفته وطائفة الآخر والأهمية المعلقة على الاختلافات بينهما مرتبطة، على نحو وثيق، بالقدرة على استيعاب الظلم الاجتماعي. في عراق ماقبل 2003 كان الشيعة أكثر احتمالاً في الحديث عن قضية طائفية بالمقارنة مع مواطنيهم السنة، لأن كثيراً منهم كانوا يعتقدون بأن هناك آصرة مباشرة بين هويتهم الطائفية واضطهاد الدولة (الفعلي أو المحسوس). فالسنة لم يصوروا النزعة السنية / الهوية السنية كبؤرة هجوم من جانب الدولة أو أي شخص آخرـ وفي ذلك السياق، وفي انعكاس لما كان جار في ذالك الزمان، جرى تصور ايران باعتبارها تهديدا للنزعة القومية العربية أكثر منها تهديداً للاسلام السني. وشعر الشيعة، في الجانب الاخر، بأن حريتهم في التعبير عن هويتهم الشيعية كانت تواجه قمع الدولة، وأنه كان يجري التمييز ضدهم لصالح العراقيين السنة. ومن هنا فان العراقيين الشيعة أكثر احتمالاً بكثير في التعبير عن "قضية طائفية" في عراق ماقبل 2003. ولا حاجة بنا الى القول إن الأدوار انقلبت منذ عام 2003، حيث بات الشيعة أكثر احتمالاً لنسيان ونكران التمييز الطائفي الذي ترعاه الدولة. واذا ما أخذنا بالحسبان أن الهوية الطائفية جرت تغذيتها عبر الاضطهاد والتمييز المحسوس بين الشيعة لفترة أطول بكثير مما بين السنة، فان هذا المنطق يفرض أن الهوية الطائفية الشيعية ربما مصاغة على نحو أكثر تماسكاً وتتسم بهيكل أغنى من الرموز والأساطير ـ وبكلمات أخرى فان الهوية الشيعية العراقية تتسم بمركب أسطورة ـ رمز أكثر قوة بكثير من نظيرتها السنية.

aymaan noor
24-09-2012, 09:10 AM
الدعوة السلفية بمصر و حزب النور في مواجهة النجاح
طارق عثمان
مقدمة
تعتبر القوى السلفية في مصر ، واحدة من أهم الحركات الاجتماعية الفاعلة ، في البيئة المابعد ثورية ، مجتمعيا عامة ( العمل الدعوي و العمل الخيري / الخدمي )، وسياسيا خاصة .

و تتشكل القوى السلفية ، من مروحة عريضة من الكيانات المنطلقة من الفكر السلفي كأيديولوجيا ، ولكن لا يجمعها كيان تنظيمي واحد ، تنتظم من خلاله ممارساتها المجتمعية و السياسية .

فثمة مفارقة تتمثل في عدم تشكل كيان سلفي واحد ،بالرغم من وحدة وصلابة المنطلق الفكري السلفي ، وذلك يرجع في جزء منه إلى طبيعة الفكر السلفي نفسه ، بينما الجزء الأكبر ، يرجع للشروط السوسيوتاريخية التي رافقت تشكل الظاهرة السلفية في مصر .

هذا وقد مثلت الثورة المصرية في 25 يناير 2011 ، تحديا كما مثلت فرصة للقوى السلفية ؛ أما عن الفرصة، فقد مكنتها من تحقيق درجة عالية من الحضور المجتمعي ؛ إذ انفتحت البيئة المابعد ثورية للسلفيين ، بعد حالة من الحظر الذي فرضه النظام السابق عليها ( وعلى باقي الحركات الإسلامية الفاعلة ضده أو قل التي لا تسانده صراحة ) ، فزاد حضورها الإعلامي بدرجة عالية ، و انفتحت على شرائح مجتمعية ، كانت منعزلة عنه فيما قبل الثورة ، وتوج هذا الحضور بالمشاركة السياسية ؛ إذ انخرطت القوى السلفية ، في المشهد السياسي بعمق ، وكونت عدة أحزاب سلفية ، خاضت أول انتخابات بعد الثورة ، لتحقق نجاحا مبهرا؛ إذ مثلت ثاني أكبر كتلة برلمانية ، بعد حزب " الحرية و العدالة " الذراع السياسي ، لجماعة الإخوان المسلمين . وذلك قبل حل مجلس الشعب ،بقرار من المحكمة الدستورية العليا في 2012
هذا النجاح الذي حققته القوى السلفية ، قد فرض عليها أيضا الكثير من التحديات ؛ و التي تدور في مجملها حول القدرة على التكيف ، مع البيئة الجديدة ، وتتوزع على مستويات فكرية ، و ممارسية. وتتعلق بالقدرة على بلورة خطاب ملائم لكل من الكيان السلفي نفسه ، و باقي مكونات المجتمع .

و بالتركيز على الداخل السلفي ، الذي يتشكل (كما أسلفنا) من كيانات سلفية متفرقة ، لا يجمعها تنظيم واحد ، و إنما تشترك في المنطلق الفكري السلفي ( مع بعض الخلاقات التفصيلية في حزمة من المسائل الشرعية ، ولكنها خلافات تظل داخل إطار الفكر السلفي ) ، نجد أن " الدعوة السلفية " هي الكيان السلفي الأكثر وضوحا وحضورا ، من بين باقي القوى السلفية ، قبل و بعد الثورة ، و إن كان هذا الحضور ، قد تُوج بتفوقها السياسي ، بعدما أسست حزب " النور " الذي يعتبر ثاني أكبر قوى سياسية ، بعد حزب " الحرية و العدالة" >

وفي خضم تطورات البيئة السياسية المصرية ، طفا على السطح بعض المؤشرات على وجود أزمة داخل حزب النور ؛ حيث قدم مسئولو الحزب ، بمحافظة الغربية استقالات جماعية ، وكذلك قدم أمين الحزب بالقاهرة استقالته ، في أغسطس 2012 ، تأتي هذه الاستقالات قبيل الانتخابات الداخلية للحزب ، وقبل الانتخابات البرلمانية الثانية ، المزمع إجراءها ،بعد الانتهاء من صياغة الدستور ، و الاستفتاء عليه ، في أواخر سبتمبر 2012 . والتي من المرجع أن تكون أكثر تعقيدا ، مقارنة بالانتخابات الأولى ، نظرا لعوامل كثيرة ، تتعلق بتغيرات تفاصيل المشهد السياسي ، وترتبط بممارسات القوى السياسية خلال الفترة المنصرمة . مما يشعر بوجود أزمة داخل حزب النور ، (والدعوة السلفية ) ، تمثل تحديا لها في الفترة المقبلة .
من هنا تأتي أهمية هذه الرؤية : إذ تحاول مقاربة هذه الظاهرة ، ببيان أسبابها ،و أثرها ومآلاتها على الحزب و الدعوة . محاولة أن تجيب عن السؤال المركب الآتي : ما هي المتغيرات التي دفعت إلى حصول هذه الظاهرة ، و ما مدى عمقها ، وحدود تأثيرها على الدعوة والحزب ؟ ويتفرع عن هذا السؤال الرئيس ، أسئلة فرعية لعل أهمها : ما هي الخصائص التي تتميز بها " الدعوة السلفية " عن غيرها من الكيانات السلفية ؟ و ما هي طبيعة العلاقة بين " الدعوة السلفية " و حزب " النور " ؟
وتنطلق المقالة من مقولة أساسية تمثل فرضية تحليلية ، يمكن صوغها كالآتي :
" بيئة مابعد الثورة أحدثت تغيرات مجتمعية عامة ، انعكست على داخل الحركات الإسلاموية ، لتحدث خلخلات فكرية ، وممارسية في بنيتها ، مما يتطلب السعي نحو التكيف مع هذه المتغيرات ، وبدون السعي نحو عملية التكيف هذه ، تحدث توترات في بنية هذه الحركات ، وظاهرة الانشقاقات ما هي إلا تمظهر لهذه التوترات "
أولا: الدعوة السلفية : سمات الخصوصية
في هذا القسم نبتغي توضيح أهم الخصائص التي تتسم بها الدعوة السلفية ، و تجعلها متميزة عن باقي الكيانات السلفية ،وتعطيها خصوصيتها كحركة مجتمعية سلفية ، وهذه الخصائص مرتبطة و متداخلة فيما بينها ، وأسهمت في بلورتها كحركة ، و أعطتها الكثير من الامتيازات ، كما تسبب بعضها في إصابتها ببعض السلبيات التي أثرت على فعلها المجتمعي ، لعل أهمها ما يلي :
1- سمة التنظيم :
الخصيصة الأبرز للدعوة السلفية ، تتمثل في كونها كيان منظم ، بدرجة عالية ، مقارنة بباقي القوى السلفية . ويرجع ذلك إلى تبني الدعوة السلفية لمبدأ العمل الجماعي التنظيمي ، منذ لحظة التأسيس ، مخالفة بذلك أغلب الكيانات السلفية . أثمرت هذه التنظيمية في بلورة كيان مجتمعي قوي، له أرضيته الصلبة بين المنتمين للفكر السلفي ، هذه التنظيمية هي من مكنت الدعوة السلفية من تحقيق حضور عالي ، في بيئة مابعد الثورة ، و مكنها أيضا من تأسيس حزب سياسي ، في وقت وجيز ، وبدرجة عالية (نسبيا ) من الكفاءة ، مقارنة بغيرها من الكيانات السلفية .
ولكن تنظيمية الدعوة السلفية ، تنظيمية ناقصة ؛ بمعنى أنها ليست تنظيما "صلبا "، كتنظيم جماعة "الإخوان المسلمين " ، له هيكلية شديدة الرسوخ ، ممتدة عبر المجتمع كله ، يتموضع فيها كل المنتمين للجماعة ، بطريقة محددة و واضحة ، تسمح للتنظيم أن يتحكم فيهم بدرجة عالية من الصرامة ، مما يضمن نوع من الوحدة الممارسية ، بين مكونات التنظيم ، كما يضمن الوحدة الفكرية بينها . هذا الشكل من التنظيم لا يتوفر في حالة الدعوة السلفية ؛ إذ يمثل تنظيما " لينا " ؛ حيث يتصف بالآتي :
- التنسيق و الترتيب لضبط العمل الدعوي ، يكون في أعلى درجاته بين الرموز و القيادات ، إذ يمثلون مركز الدعوة ، و مرجعيتها ، ومعهم طبقة عالية من التلاميذ القريبين منهم . ولكن هذا التنسيق و الترتيب ، يتضاءل كلما ابتعدنا ، عن هذا المركز الرمزي و القيادي ( المشايخ وطلابهم الكبار ) ، وكذلك المركز الجغرافي ( الإسكندرية ) .
- الارتباط بين رموز الدعوة ، والمنتمين لها ، ارتباط فكري في الأساس ، أكثر منه ارتباط تنظيمي ، بالمعنى الحرفي للتنظيم . وهذا الوضع يمثل ثغرة كبيرة ، داخل كيان الدعوة ؛ إذ حصول خلافات فكرية ، بين الرموز و الأتباع ، أمر وارد في ظل بيئة متغيره و متقلبة ، مما يضعف من تنظيمية كيان الدعوة ، ويهدده بالتفكك كلما زادت هذه الخلافات .
2- تبلور المرجعية :
ممارسة العمل الدعوي بطريقة منظمة ،على مدار فترات طويلة ، يثمر بفضل التراكمية ، تبلور لمرجعية الرموز الدعوية ؛ فمذ تأسست المدرسة السلفية في الجامعة و إلى الوقت الراهن ، ورموز الدعوة تمارس عملها التعليمي و التربوي ، بدرجة من التنسيق و الترتيب ، أثمر مع الوقت تشكيل مرجعية هذه الرموز ، داخل التيار السلفي عامة ، حيث تراكم نتاجها العلمي ، و خرجت من تحت أيديها طبقة من التلاميذ، مرتبطين بتلك الرموز .

فالدعوة السلفية من بين الكيانات السلفية ، التي يشار إلى رموزها ككتلة واحدة ، معروفة و محددة ، باسم شيوخ الدعوة السلفية ( محمد إسماعيل ، ياسر برهامي ، سعيد عبد العظيم ، و أحمد فريد ) مما أسهم في امتياز الدعوة السلفية ، عن غيرها من الكيانات السلفية ، ببلورة مرجعية خاصة بها ، تنعم بالتقدير داخل الدعوة السلفية خاصة ، وتمد للحركة السلفية عامة .

3- توازن الخطاب الدعوي :
امتاز الخطاب الدعوي للدعوة السلفية ،عن غيره من الخطابات الدعوية السلفية ، بكونه خطابا متوازنا ؛ وتتبدى هذه السمة في أكثر من مستوى ؛ فمن حيث المضمون يراعي الخطاب الجانب العلمي ( طلب العلم الشرعي ) ، مع الجانب التربوي ( التذكية ) .

كذلك يمتاز هذا الخطاب بكونه يتعرض للقضايا المجتمعية ، التي تشغل الرأي العام ، إذ تبدي رأيها في كل المجريات ، و تتفاعل مع قضايا الأمة بوجه عام .

أيضا امتاز هذا الخطاب بالتوازن في تناول النظام السابق بالنقد ؛ فلم يقف في أقصى اليمين المؤيد للنظام ، كحال التيار القوصي ، و لم يقف في أقصى اليسار المعارض للنظام السابق ، كحال جماعة الإخوان و التيار الحركي من السلفيين

4- المركزية الجغرافية :
تتسم الدعوة السلفية ، بكونها متركزة في محافظة الإسكندرية ، حيث المنشأ و التطور ، فكل رموز الدعوة يعيشون فيها ، حيث يلقون دروسهم العلمية ، و يتواصلون مع طلابهم .
وثمة سبب آخر غير كون الإسكندرية ، هي موطن النشأة ، والرموز ، تسبب في إنتاج هذه المركزية ؛ تمثل في تضييق النظام السابق على حركة الرموز الدعوية ، خارج الإسكندرية .
تسببت هذه المركزية في ، ضعف حضور الدعوة السلفية خارج محافظة الإسكندرية ( يتفاوت هذا الحضور من محافظة لأخرى ) ، وحتى هذا الحضور الضعيف ، لا يتسم بارتباط وثيق وقوي ، مع المركز في الإسكندرية ،بدرجة كافية لضبط التنظيم السلفي .
تناولنا أبرز الخصائص ، التي أسهمت في تشكل كيان الدعوة السلفية ، ومكنتها من بناء أرضية مجتمعية قوية ، ساعدها على الحضور بدرجة عالية ، في البيئة المابعد ثورية . وعليه ننتقل لدراسة علاقة الدعوة بحزب النور .
ثانيا : الدعوة و الحزب : طبيعة العلاقة
نبتغي في هذا القسم أن نرصد طبيعة العلاقة بين الدعوة السلفية ، وذراعها السياسي حزب النور ، من خلال المحاور التالية :
1- الدعوة السلفية و المتغيرات : مسار التفاعل
فيما قبل الثورة ، تبنت الدعوة السلفية ، موقفا رافضا للمشاركة السياسية ( كباقي القوى السلفية ) وذلك من منطلقين : الأول يتعلق بأبعاد عقدية ؛ حيث تعتبر رموز الدعوة أن الديمقراطية ، كفلسفة حكم ، تتعارض مع مبدأ حاكمية الشريعة .

أما الثاني فينصرف إلى كون الدعوة السلفية ، لم تكن ترى في المشاركة السياسية في ظل النظام السابق ، سبيلا ناجعا للإصلاح المجتمعي ، حيث أن هذه المشاركة ستدفعهم للتنازل عن الكثير من الثوابت التي لا يسوغ التنازل عنها ( قضايا المرأة ، و الأقباط كمثال ) ، وفي نفس الوقت لن تُحصِل منها أية مصالح سياسية ، أو دعوية ، حيث أن النظام السابق يقوم بتزوير الانتخابات ومن ثم كانت تعزف عن المشاركة السياسية .

عندما اندلعت ثورة 25 يناير 2011 ، لم تعلن الدعوة السلفية عن مشاركتها فيها في البداية ، و إنما تفاعلت معها بإصدار البيانات ، التي تدعوا لحفظ الدماء و الأمن ، و دعت شباب الدعوة ، إلى حماية المنشئات العامة . ولكنها لم تدع إلى النزول إلى الميادين ، و المشاركة الصريحة في الثورة .
ثم مع تطور الاحداث وبداية سقوط نظام مبارك ، لم يسع الدعوة ، غير تأييد الثورة ( كحال أغلب المجتمع ) ، إذ كان المجال العام مزاجه ثوري بامتياز .

و وجدت الدعوة نفسها ، في وسط بيئة مجتمعية جديدة ، تسمح لها أن تنخرط فيها بحرية ، و أمان ، فوسعت حضورها الدعوي ، منطلقة من المركز ( الإسكندرية ) إلى باقي محافظات مصر ، حيث عقدت مؤتمرات شعبية لرموزها ، في معظم محافظات مصر ، تعلق فيها على الأحداث ، وتبدي رأيها في تطورات المشهد السياسي و المجتمعي .

كان أمام الدعوة ، في ظل هذه التغيرات ، تحدي الجواب عن سؤال الممارسة السياسية ؛ هل ستشارك في العملية السياسية أم لا ؟ و لو قررت المشاركة هل ستكتفي بالوقوف خلف الإخوان المسلمين ، وحزبهم السياسي ، أم ستؤسس حزبا سياسيا ؟
كان جواب هذا السؤال ، أن قررت الدعوة ، الانخراط بعمق ، في العملية السياسية ، وأسست حزب " النور " وتبعها في ذلك القرار ، أغلب الكيانات السلفية الأخرى ، وكونت أحزاب سياسية ( الأصالة – البناء و التنمية -...) .
ولكن هذا القرار ، لم يكن مدعوما بتغطية تنظيرية كافية ، لتبرير عملية التحول الحاد هذه في الموقف من المشاركة السياسية ، مما أثار بعض التوترات بين المنتمين للمنهج السلفي عموما ، ولكن سرعة الأحداث ، وتطورات المشهد السياسي ، دفعت لتأجيل علاج هذه المشكلة ، في مقابل التفاعل مع التطورات ، التي فرضت الكثير من التحديات عليها.

2- الدعوة و الحزب : الأصل و الرافد
لفهم علاقة الدعوة بحزب النور ، يلزم فهم رؤيتها للعمل السياسي . ترى الدعوة السلفية ، أن مشروع الإصلاح المجتمعي الصحيح ، ينطلق من كون إصلاح الفرد ( ثم المجتمع ثم الأمة ) ، يكون بضبط اعتقاده و عبادته و ممارساته ، بالمنهج الشرعي ، هو أساس الإصلاح ، و أية مناهج إصلاحية ، لا تراعي هذا المنطلق ، تكون مناهج ناقصة . و عليه تكون الدعوة (بوصفها ممارسة رسالية وتربوية وتعليمية ، عبر الانخراط المجتمعي للدعاة / العلماء ، بين الناس بمختلف الآليات من دروس في المساجد ، وندوات ، و التوجيه عبر الوسائل الإعلامية المختلفة ) هي الأصل في الإصلاح . ومن ثم لابد أن تكون أية وسيلة إصلاحية ، تخدم هذا المنطلق و تتساوق معه .
و الممارسة السياسية (في نظر الدعوة) ، لا تخرج عن هذا السياق ؛ بمعنى أنها تمثل أداة من أدوات الإصلاح، فهي فرع / رافد من المنطلق الأساسي المتمثل في الدعوة . ومن ثم يجب أن تكون هذه الأداة خادمة للدعوة ، وتنعكس مخرجاتها إيجابيا على الدعوة ، و إلا تفقد مشروعيتها الإصلاحية ( هذا يفسر جزئيا الإعراض عن السياسية قبل الثورة ) .
رؤية الدعوة هذه للعملية السياسية ، تفسر طبيعة علاقتها بالحزب ؛ فالحزب جزء لا يتجزأ عن الدعوة السلفية ، و أداة من أدواتها الإصلاحية ، ومن ثم فطرح الانفصال بين الحزب و الدعوة ، طرح لا يمكن تحققه .
وقد تمظهرت هذه العلاقة في بنية الحزب ، و ممارساته المجتمعية كالآتي :
- تركيبة الحزب ، وبنيته الهيكلية ،وكوادره ، من داخل الدعوة السلفية . وهذا أمر لم يكن منه مفر ؛ فلولا الأرضية المجتمعية، التي وفرتها الدعوة للحزب ، ما كان له أن يتأسس أصلا .

و لم يكن هناك كوادر سياسية مجهزة خصيصا للعمل السياسي ، بعيدا عن العمل الدعوي ، إذ لم تكن المشاركة السياسية ، مطروحة قبل الثورة

- رموز الدعوة و مراجعها ، هم من روجوا وسوقوا للحزب ( بحضور مؤتمراته في كل المحافظات ) . و أعطته الشرعية بين المنتمين للدعوة السلفية ، كما شجعت من ليس لهم ارتباط تنظيمي بالدعوة السلفية من السلفيين عموما ، أن يشاركوا في الحزب .
- خطاب الحزب ( في مراحله الأولى ) كان دعويا، أكثر منه سياسيا ؛ إذ كان يركز على مسائل تخص هوية مصر الإسلامية ، و وضعية الشريعة الإسلامية في دستور مصر .
هذه هي علاقة الحزب بالدعوة السلفية ، الحزب جزء من الدعوة ، لا يمكنه أن يعيش بدونها ، فهي تمثل قاعدته المجتمعية ، وتعطيه المشروعية .

وعليه فأطروحات مثل الفصل أو التمييز بين الدعوي و السياسي ، في ممارسات الدعوة السلفية ، أطروحات من العسير التعاطي معها . ولكن متغيرات البيئة المجتمعية فيما بعد الثورة عامة ، و التي انعكست على داخل القوى السلفية خاصة ، قد تُجبر الدعوة على التعاطي مع هكذا أطروحات .

ثالثا : انشقاقات داخل الحزب : الأسباب و المآلات
نبتغي هنا أن نحلل المتغيرات ،التي أنتجت ظاهرة الانشقاقات داخل الحزب و مآلاتها .
1- في الأسباب :
كيف يمكن مقاربة هذه الظاهرة ؟ هل يمكن اعتبارها نتاج خلافات شخصية بينية ،كتلك المعرض لها أي حزب سياسي ؟

يبدو للباحث أن هذه المقاربة قاصرة عن التحليل ؛ إذ أن مادة هذه الخلافات تكون في الغالب ، الصراع على السلطة ، و الخلافات الفكرية ، تلك المادة متضائلة جدا في حالة حزب النور ؛ لكون حزب النور ، بوصفه حزب منطلق من المرجعية الإسلامية ، يضمن بدرجة عالية غياب هذه المادة ؛ فالمنخرطين فيه لم يتقصدوا من المشاركة السياسية ، محض الوصول إلى المناصب السياسية ، و إنما المشاركة السياسية وسيلة للإصلاح ، و صورة أخرى من صور الدعوة ( في صورتها الشاملة ) .

و أيضا المرجعية الإسلامية ،تقلل من احتمالات حدوث خلافات فكرية . ومن ثم فإن مادة نشوب النزاعات الشخصية البينية ، ضئيلة بدرجة كافية لعدم الاكتفاء علي هذه المقاربة ( السطحية ) في تحليل هذه الظاهرة ، قد تكون موجودة بدرجة ما ، ولكن لا تعطي التحليل الكامل ، ومن ثم ينبغي تقديم مقاربة أكثر عمقا ، تفسر هذه الظاهرة .

يجادل الباحث بأن المقاربة الأعمق لتفسير هذه الظاهرة ، لابد أن تأخذ في الاعتبار ، التغيرات السوسيولوجية التي أحدثتها الثورة على الحالة السلفية عموما ( و الدعوة السلفية محل الدراسة خاصة ) ؛ فوجود الدعوة السلفية ، في بيئة سياسية ، على هذه الدرجة من التشابك و التعقيد ( لكونها بيئة ثورية ) بهذا الحضور العميق ، بعد حالة من القطيعة ، مع المجال السياسي العام ، سينعكس على البنية الفكرية ، و الممارسية للمنخرطين منها في هذه البيئة . ويضاف إلى هذا الاعتبار ، الطبيعة التكوينية للدعوة السلفية ، هذين الاعتبارين يمثلان مركبا يفسر هذه الظاهرة بدرجة أكثر عمقا كالآتي :

1-الروح الثورية : النزوع الاستقلالي و أولوية السياسي
بالرغم أن كوادر الدعوة السلفية ، لم تشارك في الفعل الثوري في 25 يناير ( في المجمل ، ولا ينفي هذا وجود بعض المشاركات الفردية ) ، إلا أن المزاج الثوري الذي ساد الفضاء المجتمعي العام ، منذ الثورة و إلى الراهن ، قد انتقل إلى داخل التيار السلفي عامة ، و أحدث تغيرات في سلوكها ، لعل الآتي هو أهم تمظهراتها :
أ‌-النزعة الاستقلالية :
انخراط الرموز الدعوية ، في العمل السياسي ، و اشتباكها مع الأحداث ، قد نتج عنه ( وهذا طبيعي ) وقوعها في اتخاذ قرارات و مواقف سياسية ، يمكن اعتبارها " مثيرة للجدل سياسيا " . ترتب على ذلك نزع " هالة القداسة " عن هذه الرموز ، و التي اكتسبتها من العمل الدعوي . فبالنسبة للشباب السلفي ، المجال الدعوي يختلف تماما عن المجال السياسي ؛ فالرموز لهم التقدير ، و المرجعية في الشأن الدعوي و الشرعي ، بوصفهم علماء شرعيين ، ولهم خبرة دعوية انبنت عبر السنين الطويلة .

أما في المجال السياسي فالأمر مختلف ؛ فالرموز و المرجعيات لا تملك هذه الخبرة ،التي توفرت لهم في المجال الدعوي ، بل على العكس قد يكون الشباب ، أكثر انخراطا بالواقع وتفاعلا مع المشهد السياسي ، من الرموز الدعوية ، ومن ثم لا مبررات لتقديس آراء الرموز السياسية ، كما هو الحال في الآراء الدعوية .

هذه الحالة نتج عنها نزعة استقلالية ، عند المنتمين للدعوة السلفية ، تمظهرت في صور عدة ؛ أهمها : الاعتراض على الكثير من مواقف الدعوة السياسية ، خلال الفترة الانتقالية . هذا المتغير ( النزوع الاستقلالي ) ، يمثل عاملا مفسرا أساسيا لظاهرة الانشقاقات في الحزب ؛ إذ أعطت هذه النزعة المنتمين للحزب ، دفعة نفسية ،تمكنهم من إعلان استقالتهم ،بكل جرأة و وضوح ، عندما توفرت لديهم ما يعتبروه مسوغا لها . وزرعت بداخلهم الرغبة في الحصول على درجة عالية من الحضور و التمثيل الشخصي .

ب‌- أولوية السياسي على الدعوي :
البيئة المابعد ثورية ، بيئة ذات مزاج سياسي بامتياز ؛ حيث تتفاعل كل شرائح المجتمع ، مع المشهد السياسي ، ومنها الشريحة السلفية ، والتي حققت نجاحا كبيرا ، في مستوى الحضور السياسي ؛ فهي بمثابة الفاعل السياسي الأهم ، بعد جماعة الإخوان المسلمين ، و منخرطة في أجهزة الدولة التشريعية ( تم حل مجلس الشعب ) و التنفيذية ( رفضت المشاركة في حكومة ، هشام قنديل ، ولكن رئيس حزب النور يشغل منصب مساعد رئيس الجمهورية " محمد مرسي" ) هذا التمثيل السياسي الكبير ، للدعوة السلفية ، وفي ظل عدم الفصل بين العمل الدعوي و العمل السياسي ، يجعل الأولوية للعمل السياسي ، على حساب العمل الدعوي ، بحكم الواقع . و يجعل الدعوة السلفية تُعرف بوصفها حركة سياسية أكثر من كونها حركة دعوية .
هذه الأولوية السياسية ،تجعل حسابات المشتغلين ، بالعمل السياسي داخل الدعوة ، سياسية أكثر منها دعوية ، وهنا تتسع الفرصة لاختلاف الآراء و المواقف السياسية .

ومع النزعة الاستقلالية ، يسهل على المنتمين للحزب أن ينشقوا عنه ، حال توفرت المسوغات لذلك .

هذان الانعكاسان للحالة الثورية العامة ، على الداخل السلفي ( الدعوة السلفية حالة الدراسة ) يمكنهما أن يفسرا جزئيا ظاهرة الانشقاقات داخل الحزب . ولكن كما أسلفنا ، أن مقاربتنا مركبة ، تأخذ في الاعتبار بالإضافة إلى هذا المتغير العام ، طبيعة الدعوة السلفية كتنظيم كالآتي :
1-2- طبيعة التنظيم و العلاقة بالحزب
السبب الثاني الذي يمكنه تفسير ظاهرة الانشقاقات ( بالإضافة لمتغير الروح الثوري ) ، يتمثل في طبيعة تنظيم الدعوة السلفية ، و علاقتها بحزب النور ، كما فصلناه سابقا ، في المحاور السابقة من المقالة ، وهنا نبين كيف أن طبيعة التنظيم و علاقته مع الحزب ، تسهم في تفسير ظاهرة الانشقاقات كالتالي :
أ‌- طبيعة التنظيم :
ثمة أوصاف لتنظيم الدعوة السلفية سوغت حصول هذه الانشقاقات ، لعل أهمها :
- مركزية التنظيم :
تمركز التنظيم الجغرافي ، و الرمزي ، في محافظة الإسكندرية ، يجعل من المناطق الهامشية ( ما سوى الإسكندرية ) ، و التي يضعف بها الارتباط بالمركز ، حيث الرموز و منشأ الدعوة ، أكثر عرضة للانشقاقات ؛ إذ تشعر مكونات الدعوة/ الحزب ، في مناطق الهامش ، أنها شبه منفصلة عن المركز ، و أن قيادات الحزب ( و الدعوة ) و مسئوليه الكبار من المركز وليس الهامش ، مما ينمي شعور التهميش عند هذه المكونات ، و مع توفر الخلافات ( أمر لا مفر من حصوله ) تقبل هذه المكونات على الانشقاق ، ويساعدها على ذلك النزعة الاستقلالية كما أسلفنا .
مما يزيد الأمر تعقيدا كون الدعوة السلفية و الحزب ، في محاولة الحفاظ على النجاحات التي حققتها ، تود أن تضمن ولاء و تبعية مسئولي الحزب/ الدعوة ، في مناطق الهامش لها ، ومن ثم تختار أشخاص بعينها ( على مقربة من الرموز المرجعية في الإسكندرية ) توليهم المسئولة ، وتهمش آخرين ، ذاك الذي يغذي دوافع الانشقاق .
- ليونة التنظيم
كون تنظيم الدعوة السلفية ، كما أسلفنا ليس بهذه الدرجة من الصلابة ، التي يجعل من التنظيم هيكلا محكما عبر المجتمع كله ، يُمكن المركز من التحكم في الهوامش بدرجة صارمة ، جعل من حصول هذه الانشقاقات ، أمر ممكن .
ب‌-العلاقة مع الحزب
غياب أية فواصل للتمييز بين الدعوة و الحزب ، جعل مشاكل كل منهما ينتقل للآخر ؛ فمن يتولى المسئولية الحزبية ، في منطقة ما ، هم من يتولى الدعوة فيها .

و هذا أمر لم يكن منه مفر ، لكون المسألة السياسية لم تكن مطروحة من الأساس ،قبل الثورة ، ومن ثم لم تتمكن الدعوة من بلورة كوادر سياسية تابعة لها ، تختص بالعمل السياسي ، دون الدعوي ( قارن بالوضع في جماعة الإخوان المسلمين ) . هذه العلاقة توفر بيئة خصبة لحصول مشاكل ، مع تعقد المشهد السياسي ، مما يساعد على حصول ظاهرة الانشقاقات .

2- في المآلات :
هل ننظر لظاهرة الاستقالات هذه ،على أنها حدث طبيعي ،في الممارسة السياسية الحزبية أخذ أكثر مما يستحق من اهتمام ؟ أم أنها بمثابة بداية لانهيار الحزب ؟ الحقيقة أن كلا النظرتين فيهما نوع مبالغة غير واقعية .

و الذي تجادل به هذه المقالة أن ظاهرة الانشقاقات هذه عبارة عن انعكاس لمتغيرات، أنتجتها البيئة الثورية و السياسية التي تعيش فيها الدعوة / الحزب ، ساعد عليها طبيعة البنية التنظيمية للدعوة السلفية ، وكذلك علاقتها بالحزب . وهي بمثابة إنذار سياسي للدعوة و الحزب على السواء ، يتطلب التفاعل معه و السعي بجدية لمعالجته .

أما عن مستقبل الظاهرة فبطريقة كلاسيكية ،يمكن سرد ثلاث مآلات لظاهرة الانشقاقات :
- أن يتم احتواء هذه الانشقاقات ، و عودة المستقيلين للحزب
- عجز الحزب عن احتواء هذه الاستقالات ، ومن ثم تؤثر على حضور الحزب في أماكن الاستقالات ، مما يضعف الحزب عامة .ولكن لا تمتد هذه الظاهرة لأماكن أخرى
- أن تتطور الانشقاقات ، لتمتد إلى مناطق الهامش كلها ( ما سوى الإسكندرية ) ، مما يهدد كيان الحزب برمته .
وما يعنينا هنا ليس تحديد الحجم الحقيقي لهذه الظاهرة ، ولا الجزم بمآل محدد ستصير إليه ، بقدر ما نريد أن نسوق أهم الخطوات ،اللازم خطوها من قِبل الدعوة و الحزب لعلاج الظاهرة ، بغض النظر عن حجمها و مآلها ،
ولعل أهمها ما يلي :
1- على الدعوة السلفية أن تعالج مكامن الخلل في طبيعتها التنظيمية ، و المتمثلة في : مركزية التنظيم و ليونته ؛ ويبدو أن سبيل معالجة هذا الخلل يتمثل في : تكوين هيكل تنظيمي صارم ( مثل جماعة الإخوان المسلمين ) إذ هو القادر على تجاوز هذا الخلل.
2- على الدعوة السلفية أن تسعى إلى الفصل بين الكيان الدعوي و الكيان السياسي ، المتمثل في الحزب ، على كل المستويات التنظيمية و الخطابية و القيادية ، وبدون هذا الفصل يُرجح أن تسوء الأمور ، وينبغي التنبيه أن محاولة علاج الأزمة بطريقة معاكسة لمبدإ الفصل هذا ؛ أي بمحاولة الدعوة السلفية أن تفرض سيطرتها على الحزب ، ظنا منها أن هذا سيزيد من درجة التماسك في كليهما ، هو خروج من الأزمة إلى أزمات أشد ،بله كونه يسهم في الحل !
3- على الدعوة السلفية أن تدرك حجم التغيرات، التي انعكست على المنتمين لها ( والسلفيين عامة ) ،بسبب الانخراط في العمل السياسي ، و أن بيئة ماقبل الثورة ، مختلفة تماما عن بيئة مابعد الثورة ، ومن ثم عليها أن تطور آليات تواصل وتفاعل مع المنتمين للدعوة ( خاصة الشباب ) ، تتلاءم مع حجم هذه التغيرات ، لحفظ كيان الدعوة و كيان الحزب .

خاتمة
حاولت هذه المقالة ، أن تقدم مقاربة تحليلية لظاهرة الاستقالات الجماعية ، من حزب النور .

فانشغلت في القسم الأول ببيان الخصائص التي تميز الدعوة السلفية ، عن غيرها من الكيانات السلفية الفاعلة مجتمعيا . وفي القسم الثاني حاولت أن ترصد طبيعة العلاقة بين الدعوة السلفية ، وحزب النور . بينما في القسم الأخير قدمت تحليلا لأسباب و مآلات الظاهرة . وثمة نتائج خلصت بها المقالة لعل أهمها ما يلي :

- تعتبر الدعوة السلفية ، الكيان الأكثر حضورا ، في بيئة مابعد الثورة ، من بين باقي الكيانات السلفية . يرجع ذلك إلى امتياز الدعوة السلفية ، بعدد من السمات التي أهلتها لذلك ، لعل أهمها : التنظيمية ، و تبلور المرجعية ، و اتزان الخطاب الدعوي .
- العلاقة التنظيمية بين الدعوة السلفية ، وحزب النور ، شديدة التداخل و الاشتباك ، مما أثمر بيئة خصبة لظهور كثير من التوترات ، داخل كل منهما من ناحية ، وبينهما من ناحية أخرى .
- البيئة الثورية ، التي تعيش فيه الدعوة السلفية ( والسلفيين عامة ) ، و الانخراط في مشهد سياسي بالغ التعقيد ، طوال الفترة الانتقالية ، أنتج الكثير من التغيرات الفكرية ، و الممارسية داخل الكيانات السلفية . لعل أهمها تنمية النزوع الاستقلالي عند المنتمين للتيار السلفي ، عن الرموز و المرجعيات الدعوية ، و إعطاء الاهتمام للعمل السياسي ، أكثر من الدعوي .
- ثمة سمات في تنظيمية كيان الدعوة السلفية ، ساعدت على تعرضها ، لظاهرة الاستقالات ، لعل أهمها ليونة التنظيم ، و مركزيته .
- ستمثل الانتخابات القادمة ، اختبارا شديد الحساسية ، للدعوة السلفية ، وحزب النور ؛ حيث ستزداد خريطة القوى السياسية المنطلقة من المرجعية الإسلامية عامة ، و السلفية خاصة ، تعقيدا ، مما سيؤثر على القاعدة المجتمعية ، التي بنت عليها الدعوة السلفية نجاحها ، في الانتخابات السابقة . أيضا الفترة السابقة وما تضمنته من أداء سياسي لحزب النور والدعوة السلفية ، ستكون محل تقييم و نقد ، من قبل المجتمع عامة و السلفيين خاصة ، مما سيؤثر في التفضيلات و الاختيارات السياسية للمجتمع و السلفيين .
- كان حزب النور ، في الفترة السابقة ، بمثابة المعبر الأكثر حضورا ، عن الفاعل السياسي السلفي ، ولكن في الفترة المقبلة لن يعود حزب النور ، وحده في المشهد ، و إنما سيزداد حضور الفواعل السياسية السلفية الموجودة أصلا و ستتشكل فواعل جديدة ( لعل أهمها سيكون حزب الشيخ حازم أبو إسماعيل ) . مما سيعدد من الاختيارات أمام القاعدة السلفية ، ولن يكون الاختيار محصورا في حزب النور .
- الانتخابات الداخلية للحزب المزمع إجراءها ، ستمثل تحد للدعوة و الحزب ، لتنظيم العلاقة بينهما ، هل ستسيطر الدعوة على الحزب ( المرجح حدوثه ) ، أم ستسعى في سبيل ترسيخ مبدأ الفصل بين التنظيم الدعوى والسياسي ، مما سينعكس على أداء الدعة والحزب ، في الفترة المقبلة .
- من المرجح ألا تمثل ظاهرة الاستقالات ،أزمة خطيرة على كيان الحزب و الدعوة في المدى القريب . ولكن خطورتها فيما تمثله من تمظهر لأزمات بنيوية في تركيبة وممارسة الحزب و الدعوة .

جمعه النفرى
24-09-2012, 09:41 AM
أسأل الله عز وجل أن يمكن لدينه وهو ولى ذلك والقادر عليه

الاخ الكبير جدا
24-09-2012, 10:04 AM
السلفين ما زالوا في مرحلة تصالح مع شريعتهم
ندعو الله ان يهديهم سبل فهم الاوليين

aymaan noor
24-09-2012, 02:41 PM
الإساءة للإسلام: مناسبة جديدة للصدام بين الشرق والغرب
معتز بالله عبد الفتاح
هل تكون مفاجأة لحضراتكم لو قلت لكم إن العالم فوجئ بأن هناك فيلماً مسيئاً للرسول وأنه استهجن ما يفعله بعض المسلمين أكثر من استهجانه للفيلم نفسه؟ وهل يكون من قبيل المفاجأة أيضاً أن العالم لم يكن يعلم بهذا الفيلم إلا بعد الاحتجاجات التى بدأت فى مصر وليبيا وتونس ومنها انتقلت إلى السودان واليمن وباكستان وبنجلاديش ثم إلى عدد من العواصم الأخرى غير الإسلامية على نحو جعلنا نقوم بدعاية مجانية لفيلم يسىء لنا. وأزعم أنه لو كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حياً لتعجب مما يفعله أتباعه به وبدينهم.

على سبيل المثال: صحيفة Japan Times كتبت تعليقاً يشير إلى أن العالم استيقظ فجأة ليس على جريمة سبّ النبى محمد، وإنما على الدعاية المجانية التى قام بها الكثير من المسلمين لمن يسبون النبى الذى يؤمنون برسالته.

وكلام الصحيفة دقيق، حيث إن الفيلم كان متاحاً على الإنترنت منذ يوليو الماضى، ولم يكن قد شاهده أكثر من تسعة آلاف مواطن حتى تحول بعد ثلاثة أيام من موجة الاحتجاجات إلى أن شاهده أكثر من ثلاثة عشر مليون شخص. بل إن صحيفة الصنداى تليغراف البريطانية أشارت إلى أن أغلب الناس لم تكن تعرف أن هناك فيلماً يحمل إساءة إلى النبى محمد والمسلمين إلا عندما عرضه أحد الدعاة المصريين فى برنامجه وطالب بالقصاص من صانعيه. وفى زعمى أن هذه هى الجريمة الكاملة: يصنع أحدهم سُمَّاً ويضعه فى زجاجة على باب المنزل، يأخذ طفل السم فيضعه فى الطعام ظناً منه أنه يحسن صنعاً، ليقتل كل من فى البيت.

وهو ما قالته الصحيفة اليابانية: «لم نكن لنلتفت لهذا الفيلم، لولا أنه ارتبط بهذا الكم من الاحتجاجات».

من الدين إلى السياسة

لكن هذا الفيلم فتح باباً لنقاش أوسع فى دوائر بيوت الخبرة ومراكز التفكير الغربية لتعقد ندوات على عجل لتسأل سؤالاً بالغ الأهمية: هل ساعدنا عدوَّنا فى الوصول إلى السلطة؟

بل إن صحيفة التايمز البريطانية سألت نفس السؤال بعد يومين من اغتيال السفير الأمريكى وثلاثة من مساعديه فى ليبيا: هل تحول «الربيع العربى» إلى «خريف عربى»؟ هل ساعدنا أعداءنا كى يصلوا إلى السلطة فى بلدان الربيع المتحول إلى خريف دامٍ فى بلدان العرب؟

وتشير مجلة فورين بوليسى الأمريكية إلى أن المنطقة تزداد يمينية؛ واليمينية فى الشرق الأوسط عادة ترتبط بالمزيد من الحَرْفية والتطرف فى تفسير النصوص الدينية وصولاً إلى استخدام العنف للدفاع عن هذه التفسيرات، بل ربما تكون مقدمة لتكوين نظم فاشية دينية من وجهة نظر المجلة. إن الخوف يتصاعد حين تربط هذه المراكز والصحف بين نتائج الانتخابات والخوف من أن تنقلب المعادلة: بدلاً من أن تكون الولايات المتحدة عدوة للشعوب وصديقة للحكومات مثلما كان فى السابق، ستتحول الولايات المتحدة إلى عدوة للشعوب وعدوة للحكومات أيضاً.

ولم تبعد صحيفة اللوموند الفرنسية عن نفس المنطق فى التناول لتوضح أن ردود الفعل العربية والباكستانية لم تكن بعيدة عن فتوى إيرانية جديدة ترفع جائزة قتل سلمان رشدى إلى 3.3 مليون دولار بعد الأحداث التى أطلقها الفيلم المسىء للإسلام بما يعنى أن العالم الإسلامى لا يفوّت فرصة لكى يرفع شعارات دينية فى مواجهة الغرب.

كل ما سبق هو رصد لما كان، والسؤال الآن هو كيف يمكن لنا العبور مما نحن فيه إلى واقع أفضل؟

أولاً، لا بد أن نتجنب مزالق «تفخيخ» العلاقات بين دولنا والعالم الخارجى. هم بحاجة إلينا ونحن بحاجة إليهم أيضاً، وهناك من لا يريد لهذا الاعتماد المتبادل أن يتم، وإنما أن تظل صورة العداء المتبادل هى السائدة بين الطرفين. وقد سبقت الإشارة إلى أن مقولة نُسبت إلى أحد قيادات جهاز المخابرات السوفيتى فى مطلع الخمسينات حين أشار: «غباء هتلر تمثل فى أنه أراد أن يحارب الجميع: الفرنسيين، الإنجليز، الأمريكان، الروس. قمة الذكاء أن نجعل أعداءنا يحاربون بعضهم بعضاً دون أن نحاربهم نحن». وقد التقطت أجهزة المخابرات الأمريكية هذه الإشارة وكتبت تقريراً مصغراً تحت عنوان: «تفخيخ علاقات الولايات المتحدة بحلفائها: ماذا يمكن أن نفعل؟»

وقُدم التقرير آنذاك للرئيس أيزنهاور الذى قام بتكليف مجموعة من الاستخبراتيين وأساتذة العلاقات الدولية للبحث فى كيفية مواجهة المؤامرات السوفيتية. وبعد عدة محاولات كان القرار أن يرتفع مستوى العلاقة بين الولايات المتحدة وحلفائها كى تصبح علاقة «تحالف استراتيجى»، والسر فى هذا أن تكون عمليات التنسيق بين أجهزة صنع القرار من القوة والسرعة بحيث يصعب تفخيخها أو النيل منها.

إذن، فكرة التفخيخ جزء من العلاقات الدولية، وله طرقه التى يحسنها هؤلاء. والعلاقات العصية على التفخيخ يكون الحل معها بتوثيق العلاقات لتصبح «تحالفاً استراتيجياً» وهو ما يبدو أنه اهتز بشدة فى أعقاب هذه الاحتجاجات على فيلم وصفته هيلارى كلينتون أنها أو حكومتها حتى لم تكن تعلم بوجوده.

ثانياً، خسائر الغضب غير المنضبط عادة تكون كبيرة ولها تداعيات طويلة المدى؛ فمن المثير للتأمل أن أعمال الشغب التى تعرضت لها السفارة الأمريكية فى القاهرة حصلت عندما كان وفد تجارى أمريكى يعقد مؤتمراً صحفياً ختامياً فى مصر. وكان هدفه إقناع مديرى الشركات الأمريكية بأن مصر جاهزة للاستثمارات. هل ستأتى هذه الاستثمارات بنفس القدر وبنفس السرعة؟ أشك.

وبالمثل، فإن السفير الأمريكى كريستوفر سيفنز الذى لفظ أنفاسه الأخيرة فى مستشفى بنغازى كان ينوى زيارة المستشفى ذاته بعد أقل من اثنى عشر ساعة بهدف تشجيع شراكة بينه وبين المستشفيات الأمريكية.

ثالثاً، مثل هذه الأحداث الدامية والغضب غير المنضبط يخلق صورة ذهنية عصية على التغيير، فالصورة الذهنية الناصعة عن الثورة المصرية مثلاً بدأت تتراجع؛ حيث كان الافتراض أن الثورات التى شهدتها بلدان الربيع العربى كانت تسعى إلى تمكين الشعوب من السلطة لكن هذا السيناريو بات فى خطر بسبب وجود صورة أخرى وهى احتمال انزلاق تلك البلدان إلى «حكم الدهماء» فى غياب قيادة قوية.

رابعاً، مثل هذه الأحداث تكون عادة اختباراً لمدى قدرة القيادات السياسية على حسن إدارة الأزمات والتفاعل مع المستجدات؛ فالصورة الذهنية التى تكوّنت عن الدكتور مرسى قبل أحداث الاحتجاج أمام السفارة الأمريكية والتى كانت تنقلها عدسات التليفزيونات الغربية على الهواء مباشرة مثل مباريات الكرة، هذه الصورة الذهنية تغيرت لحد ما مع الهجوم على السفارة الأمريكية بسبب ما وصفته دوائر غربية بأنه «رد فعل اتسم بالفتور» لأنه أدان الفيلم التحريضى قبل أن ينتقد العنف الذى تعرضت له السفارة الأمريكية فى القاهرة علماً بأن الشرطة كان من واجبها أن تحول دون وقوع العنف أصلاً، وأنه أدان الفيلم فقط خلال زيارة إلى بروكسل كان يهدف من ورائها إلى الحصول على قرض بقيمة مليار دولار أمريكى.

خامسا، لا بد من التفرقة بين الأسباب الأصيلة والأسباب المباشرة للغضب. إن دوامة الاحتجاجات العنيفة المناهضة للغرب بين العرب والمسلمين ليست نابعة فقط من الحملة الدعائية التى حاول الفيلم والرسوم الكاريكاتورية بثها ضد الإسلام وأهم رموزه. إن هذه الدوامة لها علاقة بعقود من الإمبريالية الغربية والدور السلبى الذى لعبته دول الغرب فى دعم حكومات مستبدة والاحتلال الإسرائيلى من ناحية، والمهارات التنظيمية لبعض القوى المتطرفة دينياً فى المنطقة. وعليه فإن المنطقة لم تزل مهددة بموجات من العنف ينبغى غلق الطريق عليها عبر العودة إلى أصول المشكلات وعلى رأسها الصراع العربى الإسرائيلى. ويبدو أن أوباما له رغبة حقيقية فى فتح هذا الملف حال فوزه بالانتخابات الجديدة بأن يرفع دعم بلاده لإسرائيل إذا لم تستجب لاستحقاقات السلام وحل الدولتين. وهو ما يقتضى منا أن نساعده فيه وأن نحثه عليه للتخلص من أصل الداء.

سادساً، المسلمون ليسوا بدعاً من شعوب الأرض، فبالعودة إلى عدد الأفلام التى أُنتجت عن الأنبياء والأديان الأخرى والتى لاقت رفضاً من أتباع هذه الديانات يتأكد أن السعى لإهانة الرموز الدينية ستستمر، ولكن علينا ألا نحولها إلى مناسبة لإثبات صحة الأكاذيب التى تقال عنا. ولنتذكر فيلم «الإغواء الأخير للمسيح The Last Temptation of Christ» و«حياة براين Life of Brian» وكلاهما يسخر من نبى المسيحية، وكذلك فيلم «مياه Water» وهو فيلم كندى يروى قصة أرامل هندوسيات وحظى بانتقادات واسعة من الهندوس لأنه ينتقد بعض التقاليد الهندوسية. وستستمر هذه النزعة لدى البعض ممن يرون أن دورهم تقديم صورة مغايرة عن الأديان التى يؤمن بها آخرون.

سابعاً، ليس كل ما ينتجه الغرب من أعمال درامية أو تعبيرية هو جزء من مؤامرات حكومية تقوم بها الدول ضد الأديان؛ هذه المجتمعات تحكم بدساتير تحض على حرية الرأى وحرية التعبير وحرية الانتقاد (حتى لو كان جائراً) تجاه الشخصيات العامة الأحياء منهم والأموات. والأنبياء والقيادات والزعامات كلها عند هؤلاء شخصيات عامة يمكن التقول عليها بما يشاء الفرد. وكلما كان رد فعلنا عنيفاً تجاه مثل هذه الأعمال، فهذا سيفتح شهيتهم للمزيد. لذا فإن الجهد الأساسى الذى ينبغى أن تقوم به الدول العربية والإسلامية هو تمرير معاهدة دولية تحترم الأديان ورموزها الأساسية وأن تطالب الدول المختلفة بالتوقيع ثم التصديق عليها.

هذه لن تكون آخر مواجهة بين الشرق والغرب بسبب محاولات البعض تفخيخ العلاقة بين الطرفين، ولكن من الحمق ألا نستفيد من أخطائنا.

aymaan noor
25-09-2012, 10:50 AM
توصيات أمريكية لتطوير العلاقات بين واشنطن وأنقره
فريق عمل تابع لمجلس العلاقات الخارجية
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/d632334130a2b9d194362b7d857b88bf_L.jpg
عرض شيماء أحمد محمود، مترجمة متخصصة في الشئون السياسية والاقتصادية
تتمتع العلاقة الأمريكية مع تركيا بإمكانية تطويرها لتصبح شراكة دبلوماسية واقتصادية متينة، فالتغييرات الكبيرة التي شهدتها تركيا على مدى السنوات العشر المنصرمة تجعلها مؤهّلَة لتعاون أقوى مع الولايات المتحدة. وبالنظر إلى وضعها الاقتصادي؛ نجد أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في تركيا أهّلها لتكون ضمن أقوى عشرين اقتصادا في العالم، فضلا عن تطلع تركيا وسعيها الحثيث للانضمام إلى صفوف أقوى عشر اقتصاديات في العالم في غضون السنوات العشر المقبلة.

وتلعب تركيا أيضًا دورا أكبر على الساحة الدبلوماسية؛ حيث إنها تشارك بنشاط في المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، وتبحث لإيجاد دور أكبر للإسلام في الحياة السياسية، وتبعث بنداءات صارمة للأسد تطالبه فيها بالتنحي، فضلا عن دعمها المعارضة السورية، وتوفيرها ملاذاتٍ آمنة للاجئين السوريين. ومن ثمّ لم تصبح سياسة تركيا متوافقة مع سياسة الولايات المتحدة فحسب؛ بل مع سياسة المجتمع الأوروبي والدولي أيضا.

وفي هذا الصدد؛ أصدر مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، وهو من المؤسسات الفكرية الهامة داخل الولايات المتحدة الأمريكية، تقريرا تحت عنوان: "العلاقة الأمريكية-التركية: شراكة جديدة مع تركيا"، شدّد فيه على ضرورة بذل جهود مضنية لتطوير العلاقة التركية-الأمريكية على النحو الذي يكفل تأسيس علاقات إستراتيجية بين البلدين. وأعدّ التقرير فريق عمل برئاسة وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت، ومستشار الأمن القومي السابق ستيفن هادلي، والخبير في شئون السياسة العربية في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي ستيفن كوك.

تطور العلاقات التركية-الأمريكية

على مدى ستة عقود؛ عملت أنقرة بشكل وثيق مع واشنطن؛ إذ قاتل الجنود الأتراك جنبًا إلى جنب مع الجنود الأمريكيين في كوريا في أوائل عام 1950، وكانت تركيا شريكا حيويا لحلف شمال الأطلسي (الناتو) إبان الحرب الباردة الطويلة.

بيد أنه توترت العلاقة التركية الأمريكية في عام 1960 إبان إدارة جونسون، وفي أوائل عام 1970 عندما حظرت الولايات المتحدة بيع الأسلحة الأمريكية لتركيا في أعقاب الغزو التركي لجزيرة قبرص، ذلك الغزو الذي شنته تركيا ردًّا على الانقلاب اليوناني الذي وضع القبارصة الأتراك الأقلية في خطر. وما صعّد حدة التوتر آنذاك بين الولايات المتحدة وتركيا هو سعي المجتمع الأمريكي والأرميني لإقناع الكونجرس الأمريكي والإدارات المتعاقبة باستصدار قانون يعترف بالمذابح التركية التي ارتُكبت ضد الأرمن في عام 1915.

وولّد الغزو الأمريكي للعراق أيضًا توترات بين واشنطن وأنقرة، نتيجة عجز الجمعية الوطنية الكبرى التركية عن تمرير تشريع يخوّل للقوات الأمريكية استخدام الأراضي التركية لفتح جبهة شمالية ضد صدام حسين، ونتيجة حالة عدم الاستقرار في العراق التي تزامنت مع مرحلة ما بعد الغزو مع استئناف حزب العمال الكردستاني هجماته ضد تركيا.

هذا وقد أُثيرت تساؤلات في أوساط صناع القرار الأمريكيين حول مدى التزام تركيا بالتحالف الغربي عندما أبرمت أنقرة مع البرازيل وإيران اتفاقًا بشأن تشغيل مفاعل الأبحاث الطبية في طهران، وعندما صوتت في وقت لاحق ضد فرض مجلس الأمن عقوبات على النظام الإيراني.

ورغم هذا التوتر الذي اعترى علاقة البلدين؛ لا تزال أنقرة ذات أهمية جيوستراتيجية لواشنطن. فعلى سبيل المثال؛ تحولت تركيا من كونها عاملا مزعزعا للاستقرار في العراق إلى كونها شريكًا هامًّا في عملية إعادة إعمار العراق وتنميته اقتصاديا وتأمين أراضيه. وعملت أنقرة وواشنطن بشكل تعاوني على احتواء الانتفاضات في العالم العربي، لا سيما في ليبيا وسوريا. هذا ووافقت تركيا على استضافة رادار إنذار مبكر لحلف شمال الأطلسي، ما تعتبره واشنطن عنصرا هاما للأمن الأوروبي.

ومن ثم يرى الفريق المعد للتقرير أن الولايات المتحدة وتركيا لديهما، إلى حد كبير، أهداف مشتركة تتعلق بمسائل ذات أهمية مشتركة، وعليه يحض الفريق الحكومتين الأمريكية والتركية على تعميق عملية التشاور بينهما، فهذا من شأنه أن يسهّل على الدولتين التعامل مع المشكلات والأزمات، وأن يخفف من حدة الخلافات بينهما.

العلاقات الاقتصادية.. الحلقة الأضعف

لا يزال الاستثمار والتجارة يمثلان حلقة ضعيفة في العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا؛ فقد بلغ حجم التجارة الثنائية 15 مليار دولار فقط في عام 2010، ولا تزال تلك التجارة الثنائية تعتمد بشكل مفرط على مبيعات الطائرات دون غيرها. ومن ثم بات الطرفان يوليان مزيدا من الاهتمام للعلاقة الاقتصادية. فإبان زيارة الرئيس أوباما لتركيا في عام 2009، تعهد هو والرئيس التركي عبد الله جول بتعزيز الدعامة الاقتصادية لعلاقتهما.

وفي إطار تعاونهما الاقتصادي والتجاري الإستراتيجي؛ شكّلت الولايات المتحدة وتركيا في أكتوبر 2010 لجنة اقتصادية ومجلس أعمال تركي-أمريكي. وفي ديسمبر 2011، عزز نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن مصالح واشنطن في العلاقات الاقتصادية مع تركيا عندما سافر إلى إسطنبول لحضور قمة ريادة الأعمال العالمية التي استضافتها تركيا.

ويُشير التقرير إلى أن تركيا تعتبر واحدة من الأسواق التي تتطلع الولايات المتحدة إلى مضاعفة صادراتها إليها بحلول عام 2015؛ فقطاع ريادة الأعمال النشط يجعل تركيا شريكا مثاليا لمبادرات ريادة الأعمال. ويحض الفريق المعد لهذا التقرير الولايات المتحدة وتركيا على استكشاف سبل جديدة لتعميق علاقتيهما الاقتصادية بشكل لا يفيدهما ماليًّا فحسب، بل بشكل يحصّن علاقتيهما في أوقات التوتر أيضا.

تحوُّل تركيا: الإصلاحات الأخيرة

شهدت تركيا على مدى العقد المنصرم تحولات جذرية، وبات اقتصادها في الوقت الراهن يحتل المركز السابع عشر بين أكبر عشرين اقتصادا في العالم؛ بل وتتطلع أيضًا لتجعل اقتصادها ضمن أكبر 10 اقتصاديات في العالم بحلول عام 2023. ويوضح التقرير فيما يلي الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي أُجريت في تركيا:

أولًا: الإصلاحات السياسية

كان للإصلاحات التي أجرتها أنقرة للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي تأثير كبير على السياسة التركية. ففي عام 2003-2004 مرّرت الجمعية الوطنية الكبرى التركية ما لا يقل عن سبع حِزم إصلاح تشريعي شامل ومجموعة متنوعة من التعديلات الدستورية برعاية حكومتي حزب العدالة والتنمية. وطرأت تغييرات أيضًا على الاقتصاد، والقضاء، وحقوق الأقليات، والسياسة الخارجية، وحقوق الإنسان. وفي محاولة لتوسيع نطاق الحريات والحقوق الشخصية، وضعت تركيا قانون عقوبات جديد، وحظرت عقوبة الإعدام، ورفعت الحظر عن البث الإذاعي والتعليم باللغة الكردية.

ثانيًا: الإصلاحات الاجتماعية

وافق الرئيس التركي عبد الله جول في عام 2008 على إصلاح دستوري تاريخي يسمح للطالبات بارتداء الحجاب في الجامعات، رغم اعتراضات قوية من النخبة العلمانية التركية. وكان قرار إلغاء الحجاب في الجامعات التركية قد فُرض للمرة الأولى في أعقاب الانقلاب العسكري في عام 1980، غير أن تطبيق قانون الحظر تفاوت على مدى السنوات. وبات الأتراك أكثر حرية في التعبير عن معتقداتهم الدينية بطرق لم تكن متاحة لهم من قبل، ما يمثل تحسنا عاما في الحريات الشخصية والسياسية في تركيا.

ثالثًا: الإصلاحات الاقتصادية

ساهم النمو الاقتصادي القوي في تركيا على مدى العقد الماضي في تغيير المجتمع التركي تغييرًا جذريًّا، وفي توطيد الهيمنة السياسية لحزب العدالة والتنمية. وقد تحول الاقتصاد التركي إلى قصة نجاح أوروبية وعالمية؛ فقد نما الناتج المحلي الإجمالي في عام 2010 إلى 736 مليار دولار، مقارنة بـ231 مليار دولار سجلها قبل ذلك العام.

واعتبارا من عام 2002 وحتى عام 2007؛ نما الاقتصاد التركي بمعدل تجاوز 6% سنويا. هذا وتضاعفت الصادرات التركية بأكثر من ثلاثة أضعاف، وتراجع معدل التضخم من ما بين 60% - 80% التي سجلها في عام 1990 إلى ما بين 6% - 10% في العقد الماضي.

وفي عام 2010؛ توسع الناتج المحلي الإجمالي في تركيا بنسبة 9%، مما أهّلها لتكون ضمن الاقتصاديات العشر الأسرع نموا في العالم. وعلاوة على ذلك، نما الاستثمار الأجنبي المباشر الذي بلغ 684 مليون دولار في عام 1990، إلى 9.1 مليار دولار في عام 2010.

تركيا والشرق الأوسط

يبدو أن القيادة التركية الإقليمية الناشئة ستضع أنقرة في موقف قوي للمساعدة في التأثير على المسار السياسي في بلدان مثل تونس ومصر وليبيا وسوريا، وغيرها من البلدان. ويرى معدو التقرير أن تركيا تعتبر نموذجا جيدا للدولة الإسلامية المتحضرة، لذا فهي في وضع جيد لتقدم درسا للعرب الذين يناضلون من أجل تحقيق أهدافهم الثورية.

وفيما يتعلق بالقضية السورية، تطالب تركيا الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي حقنا للدماء، وتشارك في الجهود الرامية إلى عزل النظام السوري السلطوي والضغط عليه من خلال عقوبات صارمة، وتدعم جهود مبعوث الأمم المتحدة الرامية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية.

ويشير التقرير الأمريكي إلى أن تركيا يمكن أن تكون محرّكا للنمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما وأنها تتمتع باقتصاد متين وقطاع مصرفي متطور. كما يمكن أن توفر تركيا الاستثمارات، والأدوات اللازمة لتطوير البنية التحتية، والمساعدة التقنية لكل من مصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن، كلٌ من أجل إنعاش اقتصادهم الهش.

توصيات التقرير

يوصي فريق عمل مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي في تقريرهم بما يلي:

أولًا: ينبغي أن تضع الولايات المتحدة في اعتبارها أنها تتعامل مع تركيا جديدة تماما، وأن العلاقات الثنائية بين واشنطن وأنقرة تشهد تغييرًا جوهريًّا.

ثانيًا: ينبغي أن تدرك الولايات المتحدة أن حزب العدالة والتنمية ذا التوجه الديني لا يتعارض مع الديمقراطية أو التقدم أو مع الليبرالية الاقتصادية.

ثالثًا: ينبغي أن تتعاون تركيا والولايات المتحدة على مساعدة البلدان العربية المضطربة، وعلى وضع حد لإراقة الدماء في سوريا، وعلى ردع إيران النووية، وعلى الحفاظ على التقدم الاقتصادي والسياسي في العراق، وعلى إرساء الاستقرار والأمن والسلام في باكستان وأفغانستان. كما يتعين عليهما العمل معا على تشكيل شرق أوسط أكثر ديمقراطية وازدهارا.

رابعًا: ينبغي أن تقدم الولايات المتحدة التمويل، والضمانات، والتأمين ضد المخاطر السياسية للشركات التركية التي تؤازر الشركات الأمريكية الراغبة في الاستثمار في الشرق الأوسط.

خامسًا: ينبغي أن تشارك الولايات المتحدة في الجهود الرامية إلى منح تركيا مقاعد في السلطة التنفيذية لصندوق النقد الدولي.

سادسًا: ينبغي أن يشجع المسئولون الأمريكيون حكام الولايات الأمريكية ورجال الأعمال على القيام ببعثات تجارية إلى تركيا من أجل تعزيز العلاقة التجارية بين البلدين.

سابعًا: يتعين على الولايات المتحدة وشركاء أنقرة الآخرين تقديم الدعم والمشورة لتركيا من أجل تنشيط برنامجها الإصلاحي السياسي.

ثامنًا: يجب أن يضع صناع القرار الأمريكيون في اعتبارهم أن العلاقة بين الأكراد والدولة التركية ربما هي القضية هي الأكثر حساسية التي تواجه تركيا، وأن أوباما أمامه فرصة لتلطيف الأجواء لا سيما وأن له علاقة طيبة بأردوغان وهيبة عند الأكراد.

تاسعًا: ينبغي أن تشجع واشنطن رئيس الوزراء أردوغان على إجراء محادثات مع حزب السلام والديمقراطية الذي يتمتع بأكثر من ثلاثين مقعدا في البرلمان، ويسيطر تقريبا على كافة البلديات الرئيسية في جنوب شرق البلاد. فالمحادثات بين الحكومة والحزب ستحظى بترحيب لأن العديد من الأكراد يعتبرون حزب السلام والديمقراطية متحدثا باسمهم وشريكا في الجهود الرامية إلى الاعتراف الرسمي بهم.

عاشرًا: ينبغي أن تعمل الولايات المتحدة مع القيادة الكردية في أربيل لمضاعفة جهودها الرامية إلى وضع حد للكفاح المسلح الذي يشنه حزب العمال الكردستاني ضد تركيا.

aymaan noor
25-09-2012, 10:57 AM
الخروج من قواعد أوسلو
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/inqsam.jpg
بعد المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس محمود عباس، وقال فيه: إنّ المصالحة تعني الانتخابات، وأنه لا حوار آخر مع "حماس" إلا إذا سمحت للجنة الانتخابات باستئناف تسجيل الناخبين في قطاع غزة، وبعد رد فعل "حماس" الشديد الذي وصف عباس بـ"رأس الفتنة"، وأنّ لا مصالحة من دون التخلص منه؛ بات واضحًا أكثر من أي وقت مضى أن المصالحة بعيدة المنال.

تأسيسًا على هذا الاستنتاج، لم يعد مُجديًا استمرار الجهود والمبادرات والتحركات الرامية إلى دعم وتطوير مسار المصالحة الوطنيّة، أو تركيز العمل على تطبيق الاتفاقات المبرمة، بل لا بد من البحث عن مسار جديد مختلف نوعيًّا.

بعد تأمل طويل وعميق؛ توصّلت إلى قناعة بأن جذر الفشل في تحقيق المصالحة يعود أولًا وأساسًا إلى البحث فيها بحد ذاتها بمعزل عن حل المأزق الشامل الذي تواجهه القضيّة الفلسطينيّة، وأداةُ تجسيدها الشعبُ الفلسطينيُ وحركتُه السياسيةُ بشقيها الوطنيّ والإسلاميّ.

إن مسار البحث عن المصالحة أخفق لأن الشغل الشاغل للأطراف المتنازعة وتلك الساعية لحل النزاع الداخلي تمحور على توزيع "كعكة السلطة"، واستبعاد المنظمة أو التعامل معها كمجرد ملف من ملفات خمسة يتم الاقتراب منه أحيانًا واستبعاده غالبًا.

لقد أصبح تشكيل الحكومة ولجنة الانتخابات واللجنة الأمنيّة، أي المحاصصة في السلطة، هو الأمر الذي يحتل الأولويّة، في حين أن ما يجب أن يحظى بالاهتمام هو وضع السلطة في النظام السياسي، ومكانتها، ووظائفها، وشكلها، والتزاماتها، ومدى الحاجة إلى استمرارها بالشكل الذي ولدت فيه بعد أن اتّضح أن مسار المفاوضات الثنائيّة واتفاق أوسلو وما ترتب عليه من ملاحقَ والتزاماتٍ، لا يقود إلى إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير، بل أدى إلى جعل الحل الانتقالي المؤقت، الذي كان من المفترض أن ينتهي باتفاق نهائي في أيار في العام 1999، حلًا مفتوحًا إلى أجل غير مسمى.

هذا على الرغم من أن إسرائيل - وأقول إسرائيل، وليس حكومة نتنياهو أو حكومة بعينها، بل مجمل الحكومات الإسرائيليّة التي تعاقبت على الحكم منذ توقيع اتفاق أوسلو-؛ تجاوزت اتفاق أوسلو بالرغم من مزاياه الهائلة لها، لأنه باعتقادها أعطى الفلسطينيين أكثر مما يستحقونه، أو أكثر مما يستطيعون الحصول عليه استنادًا إلى قوتهم الذاتيّة ومصادر دعمهم العربيّة والدوليّة. لذا أخذت إسرائيل منذ اغتيال إسحاق رابين تعيد صياغة أوسلو بما يحقق مصالحها وأهدافها ودون مراعاة مصالح الفلسطينيين.

في هذا السياق، ارتدت إسرائيل عن أوسلو مع تمسكها بالالتزامات الفلسطينيّة فيه، وبدأت عمليّة أخرى، خصوصًا بعد فشل قمة كامب ديفيد في العام 2000، حيث استهدفت فيها تعميق الاحتلال، وتوسيع الاستيطان، واستمرار العدوان، والحصار، وبناء جدار الفصل العنصري، وتعميق فصل القدس عن بقيّة الأراضي المحتلة عام 1967، وفصل الضفة عن القطاع، والأراضي (ج) عن أراضي (أ) و(ب)، وفعلت كل ما يمكن فعله لقطع الطريق على قيام دولة فلسطينيّة، والسعي لبقاء السلطة كسلطة حكم ذاتي منقوص على الأرض، ووكيل أمني للاحتلال، وترتيب دائم من دون أفق للتحول إلى دولة حقيقية.

لذلك كله يكون الأمر الحاسم، الذي يستحق أن تكون له الأولويّة لدى الفلسطينيين، التخلص من الحل الانتقالي طويل الأمد متعدد المراحل، الذي يتم فيه ضياع الأرض والقضيّة والإنسان بالتدريج وخطوة خطوة، ومع نهاية مؤكدة وهي تصفية القضيّة الفلسطينيّة بوصفها قضيّة تحرر وطني، وتحولها إلى قضيّة إنسانيّة تتعلق بتقديم مساعدات أو بـ"حل النزاع" بين سلطة الحكم الذاتي وسلطة الاحتلال، من أجل توسيع صلاحياتها في الحكم الذاتي في إطار واضح وثابت من السيادة الإسرائيليّة على ما فوق الأرض، وتحتها، والحدود، والأجواء، والبحار.

إن فشل الجهود والمبادرات لتحقيق المصالحة يعود إلى التزامها بالحفاظ على الوضع الراهن المحكوم باتفاقات والتزامات مجحفة بالفلسطينيين.

إن هذا المنهج جعل إسرائيل هي المتحكمة بالمصالحة، فهي التي وضعت الشروط للاعتراف بـ"حماس" أو بأي حكومة تشارك فيها "حماس" أو تشارك في تشكيلها وإعطائها الشرعيّة من خلال منحها الثقة في المجلس التشريعي الذي تحظى فيه بالأغلبيّة.

هذه الشروط (شروط الرباعية الدولية) تتضمن: الاعتراف بإسرائيل، ونبذ العنف والإرهاب، والالتزام بتطبيق الاتفاقيات التي وقعتها المنظمة مع إسرائيل، خصوصًا فيما يتعلق بالتنسيق الأمني، وتطبيق اتفاقيّة باريس التي تتضمن تبعيّة الاقتصاد الفلسطيني بالكامل للاقتصاد الإسرائيلي.

على هذا الأساس، أصبح التركيز على أن يحظى أي اتفاق للمصالحة بموافقة المجتمع الدولي، أي الولايات المتحدة وإسرائيل.

وعلى هذا الأساس أيضًا تم التركيز على مسألة تشكيل الحكومة، وتغيرت من حكومة وحدة وطنيّة تشارك فيها الفصائل إلى حكومة مستقلين، ومن حكومة تحظى بثقة المجلس التشريعي إلى حكومة تحظى بثقة من الرئيس فقط؛ للتأكيد على أنها حكومته، وتتبنى برنامجه الذي يتضمن الموافقة على الشروط الإسرائيليّة.

وفي هذا السياق، نلاحظ أن التركيز على تشكيل الحكومة وإجراء الانتخابات وتوحيد الأمن؛ جعل مسار المصالحة محكومًا عليه بالفشل، لأن هذه الملفات تتحكم بها إسرائيل تمامًا، ونجاحه يعني أن "حماس" وكل الأطراف الفلسطينيّة أصبحت في "بيت الطاعة" الإسرائيلي، وأعطت الشرعية لاتفاق أوسلو بالرغم من تجاوز إسرائيل له.

فإسرائيل تستطيع السماح بتشكيل الحكومة أو إجراء الانتخابات أو توحيد الأمن أو منع ذلك، بحيث توافق على كل هذه المسائل إذا جاءت في سياق عمليّة تفيد إسرائيل وتعمق احتلالها، وتمنعها إذا أدت إلى الإضرار بها أو لم تحقق مصالحها وأهدافها.

تأسيسًا على ما تقدم، فإن مفتاح الخلاص الوطني هو البحث عن إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة وتحقيق المصالحة في سياق إحياء المشروع الوطني وإعادة تشكيل المنظمة على أساس تمثيلي على أساس الانتخابات ومشاركة سياسية حقيقية، بحيث تكون قولًا وفعلًا هي الممثل الشرعي والوحيد، وتقدم القيادة الواحدة التي تقوم بوضع طاقات الشعب الفلسطيني، وموارده، وكفاءاته، وخياراته، وقواه، وفعالياته، في مجرى واحد قادر على تحقيق قضيته الوطنيّة، من خلال إنهاء الاحتلال وإنجاز الحريّة والعودة والاستقلال، وضمان حقوق الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده.

إن ملف المنظمة هو الملف الذي يستحق أن يحظى بالأولويّة، لأنه يعني الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، ولأن الاتفاق عليه ممكن من دون فيتو إسرائيلي، ويفتح الطريق للاتفاق على الملفات الأخرى بسهولة. فالاحتلال لا يستطيع منع الاتفاق الفلسطيني على إحياء المشروع الوطني وأداة تجسيد منظمة التحرير، بينما استطاع منع تشكيل الحكومة وإجراء الانتخابات إذا لم تلبِ الشروط الإسرائيليّة.

طبعًا، إن التركيز على ملف المنظمة سيغضب إسرائيل، ويمكن أن يترتب عليه إجراءات إسرائيليّة ضد المنظمة وقادتها وتحركاتهم، وهذا لا يغير من حقيقة أن استعادة المنظمة لدورها الفاعل هو المدخل الوحيد لإحياء القضيّة الفلسطينيّة مهما كان الثمن، والذي يجعل المصالحة ممكنة وتصب في صالح الفلسطينيين، وليس تقاسم حصص بين الفصائل وبعض الشخصيات الوطنيّة في إطار السلطة التي أصبح رئيسها يردد أنها أصبحت "بلا سلطة".

إن المصالحة، التي تعني إنهاء الانقسام، ممكنة فقط إذا جرت في سياق إحياء المشروع الوطني، وعندها يكون المواطن الفلسطيني مستعدًا لئن يخسر راتبه ويُضحي ويعاني من أجل قضيّته الوطنية ومستقبل أولاده ووطنه، أما الآن، فهو غير مستعد لئن يخسر راتبه وأمنه واستقراره مقابل مصالحة بين "فتح" و"حماس"، أي مقابل توزيع "كعكة السلطة"، فهذا أمر لا يستحق العناء.

إن الاستمرار في الاحتكام لقواعد اللعبة التي بدأت منذ توقيع اتفاق أوسلو لن يؤدي إلى تحرير الأرض أو الإنسان، ولا إلى الديمقراطيّة والتنمية، ولا إلى المصالحة، ولا إلى أي شيء آخر، وإنما في أحسن الأحوال سيؤدي إلى تحسين شروط حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال. لذا لا بد من الخروج من اللعبة كليًا والبحث عن مسار جديد قادر على تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني وأمانيه ومصالحه الفرديّة والعامة.

الخروج يمكن ألا يتم مرة واحدة، وليس من الضروري أن يكون بإلغاء اتفاق أوسلو رسميًّا، وإنما بتجاوزه عمليًا على أرض الواقع مثلما عملت إسرائيل، وهو ممكن وضروري لشق مسار جديد يربط الفلسطينيين بما يجري حولهم من متغيرات وثورات، وقادر على حماية القضيّة الفلسطينية وصولًا إلى انتصارها.

aymaan noor
26-09-2012, 02:47 PM
إلى أين تتجه علاقات واشنطن والقاهرة بعد الفيلم المسيء للرسول؟
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/63955aa9869cf7707ada1662dbfb31e2_L.jpg
رضوى عمار
تمر العلاقات المصرية – الأمريكية حالياً، بثان أزماتها بعد ثورة 25 يناير، بسبب الهجمات "الشعبية" على السفارة الأمريكية بالقاهرة، والتي جاءت كرد فعل على فيلم "براءة المسلمون" الذي أنتج في الولايات المتحدة، وتعتبر هذه ثاني أزمة في العلاقات بين البلدين حيث كانت الأولى تتعلق بوضعية منظمات المجتمع المدني الأمريكية العاملة في مصر،

ومنها: المعهد الوطني الديمقراطي والمعهد الجمهوري الدولي، اللذان يتبعان بصفة رسمية الحزبان الديمقراطي والجمهوري، وبيت الحريات، والمركز الدولي للصحفيين. لكنها تعتبر الأولى بعد فوز محمد مرسي، مرشح حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، في انتخابات الرئاسة المصرية.

علاقات مرتبكة:

يشير تصريح الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في رده على التعامل المصري مع الاحتجاجات أمام السفارة الأمريكية، في 12سبتمبر من أنه لا يمكن اعتبار الحكومة المصرية "حليف، كما أنها ليست عدو، هي حكومة جديدة تحاول البحث عن طريق"، إلى واقعية الإدارة الأمريكية في التعامل مع مصر حاليا، وإدراكها أن العلاقات معها خلال هذه الفترة لن تكون خالية من الأزمات أو التوترات.

منذ ثورة 25 يناير ، كان هناك تردد أمريكي حول كيفية التعامل مع مصر، التي ظلت طوال عهد الرئيس مبارك "حليف استراتيجي" لواشنطن في المنطقة، وقد كان تشكل نوع من التوافق داخل الإدارة الأمريكية على قبول نتائج التغيير الثوري في مصر أيا كانت، والتعامل معه كأمر واقع، بما في ذلك سيناريو سيطرة الأخوان المسلمين على الحكم في مصر. وطوال المرحلة السابقة على انتخابات الرئاسة المصرية، سعت واشنطن لبناء علاقات "بناءة" مع الأخوان في مصر، وكان لهذه الجهود أهميتها في علاج الأزمة الأولى التي نشبت مع واشنطن ، والتي عرفت إعلاميا بأزمة المنظمات الأمريكية.

حيث ثمنت واشنطن دور الأخوان المسلمين في احتواء أزمة المنظمات، حتى أن بعض أعضاء الكونجرس، ذكروا أن بيان حزب الحرية والعدالة الذي أبرز أهمية دور المنظمات غير الحكومية وإيجاد تشريعات تدعم هذا الدور في 20 فبراير 2012 لعب دور في هذا الصدد.

وقد أكدت هذه الأزمة أن الأخوان المسلمين، هم شريك آخر لواشنطن في مصر، الى جانب المجلس العسكري، وهو ما يبرر اتجاه واشنطن لتوفير الدعم المالي والاقتصادي لمصر، بعد انتخابات الرئاسة، ووعدها بخفض الديون المصرية، حيث:

- سمحت إدارة أوباما في مارس 2012 بتقديم 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية لمصر، رغم هواجس أعضاء بارزين في الكونجرس حول دور الجيش المصري في عملية التحول الديمقراطي.

- عملت واشنطن على إنهاء إجراءات تخفيف الديون المصرية بمقدار 1 مليار دولار، وأرسلت بعثة من الشركات الأمريكية عالية المستوى لدفع العلاقات التجارية.

- زيارة روبرت هرماتس وكيل وزارة الخارجية للنمو الاقتصادي لمصر للتفاوض على حزمة المساعدات، والذي قال أنها سوف تخفف عن مصر جزء من الضغط المالي المباشر دعماً لخطة الإصلاح الحكومية المصرية. وإعلانه عن الدعم الأمريكي لقرض الـ4.8 مليار دولار التي طلبها الرئيس محمد مرسي من البنك الدولي.

- اقتراح إدارة أوباما تمويلاً قدره 800 مليون دولار للسنة المالية 2013 التي تبدأ في أكتوبر الأول، لمساعدة دول أخرى شهدت ثورات رغم أن كثير من تلك الدول نددت بالولايات المتحدة.
ولكن دفعت أزمة الفيلم المسيء، تيارات داخل الإدارة الأمريكية لإعادة النظر في كيفية التعامل مع مصر، حتى أن بعضها طالب باتباع سياسة الإكراه Coercion diplomacy، التي اتبعها جونسون اتجاه مصر في أثناء حكم عبدالناصر منتصف الستينات، من خلال المطالبة بقطع المعونة الأمريكية عن مصر، ووقف المساعدات الاقتصادية لها. حيث:

- طالب السيناتور راند بول Rand Paul(R-KY) أن توقف واشنطن كل المساعدات الأجنبية إلى مصر وليبيا استجابة لأحداث في بنغازي والهجمات على السفارة الأمريكية في القاهرة.

- قدم في 13 سبتمبر الجاري ، مشروعين للكونجرس، الأول يقرر تقديم تقرير إلى الكونجرس بشأن الهجمات على السفارة الأمريكية في ليبيا ومصر واليمن، ليساعد أعضاء الكونجرس على تقرير الدول التي تستحق المساعدة الأجنبية، ويطالب الثاني بتعليق المساعدات لمصر وليبيا حتى يؤكد الرئيس للكونجرس أن الحكومتان قدموا الحماية الواجبة للسفارات والقنصليات الأمريكية.

وفي المقابل، تعاملت الخارجية الأمريكية بحذر، حيث صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، في 14 سبتمبر، خلال مراسم استقبال جثث الدبلوماسيين الأمريكيين الذين قتلوا في بنغازي بأنه "لم تبدل شعوب مصر وليبيا واليمن وتونس استبداد دكتاتور باستبداد الغوغاء" وأنه "يجب على الناس العقلاء والقادة العقلاء في هذه البلاد أن يفعلوا كل ما بوسعهم لاستعادة الأمن ومحاسبة المسئولين عن هذه الأعمال العنيفة". كما أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية جورج ليتل أن وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره المصري عبد الفتاح السيسي في 14 سبتمبر، للتأكيد على أهمية ضمان سلامة وأمن البعثة الأمريكية، وقد أفاد بتأكيد السيسي التزام مصر بتأمين المنشآت الدبلوماسية الأمريكية والموظفين الأمريكيين.

استنفار "إخواني" :

كانت ردود فعل الحكومة المصرية على التصريحات الأمريكية، أكثر أهمية من ردها على الاحتجاجات أمام السفارة الأمريكية، في فهم أبعاد الحرص المصري على الاحتفاظ بالعلاقات مع واشنطن بدون مشاكل على الأقل خلال المرحلة الحالية. حيث كثفت القاهرة اتصالاتها بواشنطن في محاولة لاحتواء الأزمة، على مسارين، الأول رسمي على مستوى مؤسسات الدولة، والآخر غير رسمي على مستوى حزب الحرية والعدالة.

فعلى المستوى الرسمي، صرح الرئيس مرسي في 12 سبتمبر، بتكليفه السفارة المصرية في واشنطن باتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد منتجي الفيلم المسيء للنبي محمد، كما أكد أيضاً على "حق التظاهر السلمي في حدود القانون"، وأن الدولة ستتصدى "بكل حزم لأي محاولة غير مسئولة، للخروج عن القانون." كما شدد ياسر علي المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية في 16 سبتمبر ، على أنه لا هوادة في حماية البعثات الدبلوماسية ولا تفريط ولن تتوان الدولة المصرية في ذلك.

كما أجرى وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو اتصالاً بوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في 15 سبتمبر أكد من خلاله رفض القاهرة الفيلم، وأنه يندرج ضمن أعمال إثارة الكراهية ضد الشعوب ، ويتنافى مع القوانين والأعراف الهادفة إلى تنمية علاقات السلام والتفاهم بين الشعوب والدول، وأكد أن السلطات المصرية مصرة على القيام بواجباتها "كاملة في حماية السفارات والبعثات الدبلوماسية الموجودة على الأراضي المصرية، وأنها لن تسمح بالاعتداء على الممتلكات الأجنبية في مصر في شكل عام".

إلى جانب ذلك، أكد رئيس الوزراء هشام قنديل في مقابلة أجرتها معه بي بي سي العربية، في 17 سبتمبر ، أن أعداد من المتظاهرين تلقوا أموالاً للاحتجاج أمام السفارة الأمريكية، وأن هناك تعقب لهؤلاء الأشخاص للوصول للفاعل الرئيس المحرك لهؤلاء المتظاهرين.

وعلى المستوى غير الرسمي، سعى حزب الحرية والعدالة وجماعة الأخوان المسلمين، للتأكيد على عدم مسئولية الإدارة الأمريكية عن الفيلم، وتأكيد مسئولية أقباط المهجر عنه، وهذا ما أكده بيان حزب الحرية والعدالة الصادر في 11 سبتمبر، حيث قدم محامي جماعة الإخوان المسلمين بلاغ إلى النائب العام في مصر ضد عدد من الأقباط المنتجين للفيلم المسيء للرسول (موريس صادق، عصمت زقلمة، مرقص عزيز، تيري جونز).

وتراجعت الجماعة عن دعوتها إلى تنظيم وقفات أمام مساجد الجمهورية في الجمعة التالية على الأحداث 14 سبتمبر والاقتصار على التواجد الرمزي في ميدان التحرير، كما اتجهت لمخاطبة الرأي العام الأمريكي من أجل تفسير ما جرى في مصر.

حيث أكد بيان الحزب في 13 سبتمبر، على أن التعبير السلمي ضد الفيلم المسيء للنبي حق بل واجب على الشعب المصري بمسلميه ومسيحيه، كما طالب بـ "إصدار اتفاقية دولية تجرم الإساءة للمقدسات والرموز والديانات السماوية واعتبار من يخالف ذلك يهدد الأمن والسلم الدوليين ويعرضه إلى عقوبات رادعة".

إلى جانب ذلك، صرح عصام العريان، القائم بأعمال رئيس حزب "الحرية والعدالة" ، خلال لقاء صحفي عقده في قاعة مؤتمرات الأزهر يوم 16 سبتمبر تلقيه اتصالاً من البيت الأبيض أشاد فيه بموقف الحزب في أحداث السفارة الأمريكية ووصفه بـ"الجيد والمحترم". وقال أن "البيت الأبيض ثمن دورنا كحزب في التعامل مع الحدث". وأكد حرص الحزب على توطيد العلاقة بالجانب الأمريكي وتفادي توتير العلاقات معه مع الوضع في الاعتبار الاحترام المتبادل والأسس المشتركة بيننا".

كما أرسل خيرت الشاطر، رسالة إلى الشعب الأمريكي نشرتها جريدة نيويورك تايمز الأمريكية في 13 سبتمبر بوصفه نائب المرشد، أعرب فيها عن تعازيه إلى الشعب الأمريكي، وأكد فيها عدم "تحمل الحكومة الأمريكية أو مواطنيها المسئولية عن أعمال فئة قليلة أساءت إلى القوانين التي تحمي حرية التعبير"، وأمل أن تكون " العلاقات التي سعى الأمريكيون والمصريون لبنائها خلال الشهرين الماضيين تستطيع أن تتجاوز هذه الأحداث".

حرص متبادل:

لا يزال هناك حرص أمريكي على الاحتفاظ بعلاقات قوية مع مصر، وهذا ما يفسره توضيح المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني، للتصريح الخاص بأوباما حول مصر، حيث ذكر أن كلمة "حليف هي مصطلح قانوني. والرئيس من الناحيتين الدبلوماسية والقانونية كان يتحدث بطريقة صحيحة، وهي أننا ليس لدينا معاهدة تحالف مع مصر".

كما يقابل التيارات التي تدعم باتجاه تبني دبلوماسية الإكراه، تيارات أخرى يبدو أنها لا تزال هي المؤثرة حتى الآن، والتي تفضل تبني دبلوماسية الترغيب Appeasement Diplomacy، وهذا ما تعبر عنه نانسي بيلوسي زعيمة الأقلية في الكونجرس، حيث اعتبرت أن النجاح الاقتصادي مهم لاستقرار الدولة وهو ما تبرز أهميته في استقرار الإقليم والعالم والسلام العالمي. ويرى هذا التيار أن القطع المفاجئ للتمويل قد يدفع حكومة مرسي الجديدة لقطع العلاقات مع الشركاء الغربيين لصالح قوى إقليمية أقل تسامحاً، وأن نجاح أو فشل مصر في التحول نحو الديمقراطية سيكون عامل محدد في مستقبل التغيير الذي تنشده الثورات العربية في الإقليم برمته.

ويقابل ذلك حرص جماعة الأخوان المسلمين في مصر على عدم توتر العلاقات الأمريكية مع مصر، خاصة وأن الدعم الذي تقدمه واشنطن للجماعة، وحرصها على نجاح تجربتها في الحكم في مصر، توفر لها قدر كبير من الشرعية الداخلية، فضلا عن الشرعية الإقليمية، فحتى الآن لم تتبن واشنطن موقفا رافضا لي من تحركات مرسي الخارجية، بما في ذلك مبادرته الخاصة بالرباعية الإقليمية حول سوريا.

ولكن هذا الحرص المتبادل، لا يعني ارتخاء العلاقات بين الجانبين، حيث من المتوقع أن تثور توترات وأزمات أخرى في الفترة المقبلة، وسيظل التحدي مرتبط بكيفية إدارتها.

aymaan noor
27-09-2012, 02:22 AM
ديمقراطية منقوصة:
المعضلات الثلاث أمام حكم حزب النهصة الإسلامي في تونس
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/dbe05350458c15fa6c802fb686391131_L.jpg
سارة فيووَر
اهتم الباحثون المتخصصون في شئون الشرق الأوسط لسنوات طويلة بدراسة مسألة التوافق بين الديمقراطية والسياسات الإسلامية في العالم العربي. ورأى بعض المحللين أن السماح للحركات الإسلامية بالمشاركة في العملية السياسية سيجعلها أكثر لينًا، فبتلك المشاركة تكون الحركات الإسلامية مسئولة أمام ناخبيها في إطار التحول الديمقراطي الذي يحتاجه الشرق الأوسط العربي.

في حين رأى آخرون أن منح الحركات الإسلامية فرصة المشاركة في العملية السياسية سيجعلها تتخذ من صناديق الاقتراع وسيلة للوصول إلى السلطة، وبمجرد وصولهم سينقضون على الديمقراطية وآلياتها التي أوصلتهم إلى سدة الحكم. وفي هذا الصدد؛ أعدت "سارة فيووَر" دراسة نشرها مركز كراون لدراسات الشرق الأوسط التابع لجماعة برانديز في شهر سبتمبر الجاري تحت عنوان "الإسلام والديمقراطية في سياق التطبيق العملي: حكم النهضة في الأشهر التسعة المنصرمة".

وتشير الدراسة إلى أن الربيع العربي تمخّض عنه وضعٌ لا تُشارك فيه الأحزاب الإسلامية في العملية السياسية فحسب؛ بل باتت فيه أيضًا هي الجهات الفاعلة المهيمنة. وتحلل في هذا السياق حكم حزب النهضة، وهو حزب إسلامي فاز بأغلبية الأصوات في الانتخابات البرلمانية في العام الماضي، فيما يتعلق بثلاثة مصادر رئيسية للضغط السياسي الذي يواجهه الحزب، ومصادر هذا الضغط أولا في العلمانيون التونسيون وممثلوهم في الحكومة وثانيا في السلفيون الذين يطالبون بتطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد وأخيرا الاتجاهات الفكرية المتباينة داخل الحزب.

انفراد الحكم الإسلامي في تونس

في بعض الحالات؛ لم يكن الإسلاميون الذين صعدوا إلى سدة الحكم قادرين على ترجمة انتصاراتهم الانتخابية إلى حكمٍ فعال، وذلك لأنهم وجدوا أنفسهم مقيَّدين بالمؤسسات "غير الديمقراطية غالبًا" التي خلفتها الأنظمة السابقة. ومن أمثلة تلك المؤسسات النظام الملكي في المغرب، والمجلس العسكري الذي كان يحكم مصر حتى وقت قريب.

أما في تونس؛ فاختلف الوضع كثيرًا؛ حيث تمتع حزبُ النهضة الإسلامي بحرية كبيرة في الإدارة إبان الانتقال السلمي من الحكم الاستبدادي إلى الديمقراطية. وفي حين أن من السابق لأوانه الجزم بأن ثورة الياسمين التونسية ستُرسي فعلًا ديمقراطية مزدهرة في تونس؛ تقدم الحالة التونسية فرصة لدراسة العلاقة بين الإسلام والديمقراطية على المستوى الفعلي عنه على المستوى النظري.

ويُشير التقرير إلى أن حزب النهضة الإسلامي أبدى عند تعاطيه مع الضغوط الثلاثة المذكورة أعلاه التزامًا بالمكونات الرئيسية للديمقراطية؛ بما في ذلك الفصل بين السلطات، والمشاركة في الانتخابات، وتولِّي المناصب. غير أن للحزب سياسات أخرى من شأنها أن تحد من حرية التعبير عن الرأي في المسائل الدينية، وأن تقوّض القوانين الليبرالية في مجال حقوق المرأة، مما يشير إلى أن الحزب يصنع ديمقراطية في إطار مجتمعي يقيّد فيه الدين العديد من جوانب الحياة العامة، وإلى أن الدولة تفضّل إكساب المواطنين هوية عربية إسلامية دون الاكتراث بحقوقهم كأفراد.

الربيع العربي التونسي

على عكس نظائرها في مصر وليبيا واليمن؛ مهدت الانتفاضة التونسية انتقالًا سلميًّا إلى حدٍّ كبيرٍ بعيدًا عن التسلط. ففي أعقاب احتجاجات يناير 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي؛ مهدت سلسلة من الحكومات المؤقتة الطريقَ لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي (أو البرلمان)، والتي اعتُبرت أول انتخابات حرة ونزيهة منذ الاستقلال. وقد حصل حزبُ النهضة الإسلامي الذي كان محظورا إبان النظام السابق على 41% من الأصوات، وفاز بـ89 مقعدًا من أصل 217 مقعدا في البرلمان. وفي ديسمبر شكّل الحزب الإسلامي ائتلافًا مع اثنين من الأحزاب العلمانية، وهما: حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" اليساري الوسطي الذي فاز بـ29 مقعدا في البرلمان، و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" الذي فاز بـ20 مقعدا. ومنح هذا الائتلاف رئاسةَ الوزراء لحمادي جبالي، الأمين العام لحركة النهضة، وانتخب منصف المرزوقي، رئيس "حزب المؤتمر من أجل الجمهورية"، رئيسًا للجمهورية. كما رشح الائتلاف مصطفى بن جعفر، أمين عام حزب التكتل، لرئاسة المجلس الوطني التأسيسي.

وقد صدر قانون مؤقت في ديسمبر 2011 يقسّم السلطة بين تلك الكيانات الثلاثة، ولا يزال يُعمل بهذا الدستور المصغّر لحين صياغة البرلمان دستورًا جديدًا. وإدراكا منه أنه سيعجز عن الانتهاء من صياغة الدستور الجديد قبل يوم 23 أكتوبر 2012 كما هو مقرر؛ أعلن المجلس الوطني التأسيسي مؤخرا أنه سيفرغ من صياغة الدستور بحلول فبراير 2013.

وعلى الرغم من الصعوبات الاقتصادية المستمرة والإحباط بشأن تباطؤ وتيرة التغيير؛ يتمتع حزب النهضة الإسلامي بالشرعية التامة لصياغة دستور جديد، ولقيادة تونس في المرحلة الانتقالية. وتري الدراسة تلك الشرعية هيّأت الظروف لحكم الحزب الإسلامي.

مصادر الضغط

يواجه حزب النهضة الإسلامي التونسي ضغوطًا يشكّلها العلمانيون، والسلفيون، والانقسامات الأيديولوجية الموجود داخل الحزب.

أولا: العلمانيون

كان حزب "التجمع الدستوري العلماني" يهيمن على الحياة السياسية في تونس في عهد بن علي، وكانت المعارضة السياسية محدودة للغاية آنذاك. غير أن الشعب ضاق ذرعا في عام 2011 من الفساد والبطالة، وشن على إثر ذلك احتجاجاتٍ ضد النظام السلطوي. ومن ثم شهدت تونس تناميًا في عدد الأحزاب العلمانية المسجَّلة، وفي عدد منظمات المجتمع المدني أيضًا.

وعارض العلمانيون ونظراؤهم في المجتمع المدني إصلاحات حزب النهضة المقترحة في أربعة مجالات هي: الربط بين الدين والدولة في الدستور الجديد، وحرية التعبير، وحقوق المرأة، وشكل النظام السياسي هل هو نظام برلماني أم نظام رئاسي.

الدين والدولة: بعد وقت قصير من تشكُّل المجلس الوطني التأسيسي في نوفمبر؛ أثارت مسألة اعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي لصياغة دستور تونس الجديد ردود فعل متباينة؛ حيث أيّد البعض الفكرة على اعتبار أن الشريعة الإسلامية هي هوية التونسيين، في حين رفضتها الأحزاب اليسارية لكون الدستور لجميع فئات الشعب.

ولحسم ذلك الجدل الدائر حول هوية الدولة؛ صرحت حركة النهضة الإسلامية التي تقود الحكومة الائتلافية الحالية المؤقتة في تونس اليوم في السادس والعشرين من مارس المنصرم بأنها لن تطالب بأن يكون الإسلام مصدرًا أساسيًّا للتشريع في الدستور الجديد. وأوصت الهيئةُ التأسيسية للحركة بالاحتفاظ بالفصل الأول من دستور 1959 باعتباره محل إجماع جميع فئات المجتمع التونسي. وينص هذا الفصل من الدستور على أن "تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها".

حرية التعبير:قوّض تشتت الأحزاب العلمانية في تونس من قدرتها على الانقلاب ضد حزب النهضة الحاكم، الذي اتخذ قرارا مؤخرا بشأن تقييد حرية التعبير. ويُذكر أن فكرة تجريم ازدراء الأديان في تونس جاءت بعدما اندلعت أعمال شغب في 11 يونيو على خلفية ظهور رسوم مسيئة للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم). وأصدرت كتلة من نواب النهضة بيانًا رسميًّا يوم 12 يونيو يدعو إلى تجريم ازدراء الدين، كما اقترحت كتلة أخرى من نواب الحزب الإسلامي في الآونة الأخيرة مشروع قانون من شأنه أن يجرّم "الإهانة، والألفاظ النابية، والسخرية، والتمثيل" بالله والنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وأن يعاقب كل من ينتهك المقدسات بالسجن والغرامة.

حقوق المرأة:فرض حزب النهضة الإسلامي بعض القيود على الحريات الشخصية للمرأة، مما أثار انتقادات لاذعة من الجماعات النسائية والعلمانية التونسية. فعلى الرغم من تعهُّد الحزب بالالتزام بقانون الأحوال الشخصية الذي يعترف بالرجال والنساء كمواطنين على قدم المساواة؛ اقترح أعضاء من الحزب وضع مواد دستورية تنتقص من وضع المرأة التونسية. وأعرب النشطاء عن غضبهم إزاء نص في مسودة الدستور يعتبر المرأة هي "المكمل للرجل"، مطالبين بسريان مفعول قانون 1956 الذي يمنح النساء المساواة الكاملة بالرجال. واتهمت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان لجنة الحقوق والحريات التابعة للمجلس الوطني التأسيسي بضرب مكاسب المرأة التونسية، والإخلال بمبدأ المساواة بين ال***ين، عند تصويتها على الفصل الثامن والعشرين من الدستور. وأعربت الرابطة عن رفضها القاطع لصيغة هذا الفصل، الذي فيه "انتقاص من كرامة المرأة، ودورها في المجتمع".

شكل النظام السياسي:ثمة خلاف بين حزب النهضة الإسلامي والأحزاب العلمانية حول النظام السياسي الذي ينبغي أن تعتمده البلاد، هل نظام برلماني أم رئاسي؟. حيث يفضل حزب النهضة الإسلامي النظام البرلماني، في حين تفضل معظم الأحزاب العلمانية النظام الرئاسي أو شبه الرئاسي. وفي سياق ذلك؛ هددت بعض قيادات حزب النهضة في المجلس التأسيسي باللجوء إلى الاستفتاء الشعبي في حالة فشل التفاوض حول طبيعة النظام السياسي المقبل للبلاد.

وجدير بالذكر أن النظام البرلماني المعدّل أو النظام الرئاسي المعدّل يمكّن من انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب، في حين أن النظام البرلماني يمكِّن رئيس الحكومة من السيطرة على الحياة السياسية، ولا يسمح لرئيس الدولة إلا بسلطات محدودة. ويتيح هذا النظام البرلماني لأعضاء المجلس التأسيسي (البرلمان) بعد إجراء الانتخابات البرلمانية القادمة إمكانية انتخاب رئيس الدولة من الحزب الحاصل على أغلبية الأصوات، مما ينبئ بسيطرة حركة النهضة على كل من السلطة التشريعية الممثلة في مؤسسة الرئاسة، والسلطة التنفيذية الممثلة في رئاسة الحكومة.

ثانيا: السلفيون

تشكّلت في تونس جماعاتٌ سلفية، منها ما لها ميول سياسية، وأخرى لها ميول اجتماعية. فحزب جبهة الإصلاح، وحزب التحرير، مصنَّفان ضمن الأحزاب ذات الميول السياسية، أما جماعةُ أنصار الشريعة فذات ميول اجتماعية، وترفض المشاركة في العملية السياسية.

وكان حزب النهضة الذي يهيمن على الجمعية الوطنية التونسية قد أعلن في مارس الماضي تأييده للإبقاء على المادة الأولى في الدستور التونسي التي تنص على أن "تونس دولة حرة، مستقلة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها". وقد فُسّر الإبقاء على هذه المادة على أنه رفض لمطالب الإسلاميين بجعل الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للتشريع في الدستور الجديد، ومن ثم أطلق السلفيون احتجاجات تندد بذلك.

ثالثًا: الانقسامات الأيديولوجية داخل حزب النهضة

سعى حزبُ النهضة بعد الانتفاضة التونسية إلى تصوير نفسه كحزبٍ متماسك. ومقارنة مع نظرائه من الأحزاب العلمانية؛ أظهر حزب النهضة الإسلامي المزيدَ من الانضباط وحسن التنظيم. بيد أن الانقسامات بدأت تظهر داخل الحزب، بما يمكن أن يؤثر على قدرته على المضي قدما. فعلى سبيل المثال؛ ظهرت خلافات داخل الحزب حول قضايا تتعلق بالمشاركة السياسية والعلاقة بين القانون الديني والدنيوي.

وعلى الرغم من كون المشاركة المفتوحة في الانتخابات وتولّي المناصب شرطين أساسيين لإرساء أي ديمقراطية؛ اقترحت حكومةُ الباجي قائد السبسي الانتقالية استثناء كبار أعضاء حزب التجمع الدستوري الديمقراطي من المشاركة في الانتخابات. بيد أنه عقب احتجاج المئات من نشطاء حزب التجمع على ذلك الاقتراح؛ نقّح السبسي اقتراحه مستبعدًا فقط أولئك الذين خدموا في الهيئات التنفيذية للحزب خلال السنوات العشر الأخيرة من حكم بن علي. ومن ثم بات هذا الاقتراح قانونًا.

ديمقراطية غير ليبرالية

أكد حزبُ النهضة الإسلامي مرارًا على التزامه بنظام ديمقراطي يقوم على مبادئ إسلامية، وعلى أن هذا النظام متوافق مع حماية الحريات الفردية الأساسية. وفيما يتعلق بالممارسات الديمقراطية مثل المشاركة الواسعة في الانتخابات وتولّي المناصب والفصل بين السلطات؛ أظهر الحزبُ بالفعل التزامًا قويًّا. بيد أن مساعي الحزب الإسلامي لتقييد حرية التعبير وحقوق المرأة تتنافى تماما مع زعم الحزب أن الديمقراطية الإسلامية تتلاءم مع نظام قائم على حماية الحقوق الفردية. ومن وجهة نظر فيووَر؛ يفضّل حزب النهضة بناء مجتمع تسترشد فيه الحياة العامة بالهوية الدينية، بدلا من حماية الحريات الفردية التي قد تتعارض مع تلك الهوية.

ووفقًا للدراسة؛ أظهر حزبُ النهضة عدة مؤشرات هامة على حرصه على إرساء الديمقراطية؛ إلا أن تقويضه للحريات الفردية يُثير تساؤلات كثيرة. ودارت بالفعل مناقشات بين مراقبي السياسة العربية في العقود القليلة المنصرمة حول ما إذا كان الإسلاميون سينتهجون نهجًا ديمقراطيًّا بمعنى الكلمة إذا ما أُتيحت لهم فرصة للحكم.

وأخيرًا؛ تُشير فيووَر في دراستها إلى أن حزب النهضة سيواصل صياغة الدستور الجديد، وسيباشر التحضير للانتخابات التشريعية في ربيع عام 2013، بيد أنه سيواجه في الوقت عينه ضغوطًا سياسية من المعارضة العلمانية، وتحديات اقتصادية من فقر وبطالة وتفاوت بين الأقاليم. ويتوقف نجاح الحزب في إعادة تحديد العلاقة بين الدين والدولة في تونس على الطريقة التي سيواجه بها تلك الضغوط.

aymaan noor
27-09-2012, 02:26 AM
الثقافة وطن ومقاومة
إدوارد سعيد
عرَّف قاموس وبستر المقاومة بأنها فعل المقاومة أو المعارضة أو القدرة على أي منهما، ولأن الفعل –أي فعل- إنساني لا يتأتى واقعاً دون مسير قيمية متخيلة له تحدد فضاءه المؤدى و نتائجه المرغوبة، ويمثل تمظهراً أداتياً للقيمة المحددة، وكذلك لأن التعريف القيمي للوجود الإنساني (فرداً أو/و جمعاً) ينتجه الإدراك الثقافي للذات، تغدو المقاومة فعلا ثقافياً بإمتياز.


وكما ذهب البعض من المنظرين –على غير قلة- إلى وصف السياسة "بأنها في جوهرها خطاب ثقافي، أي أنها مجموعة متكاملة من الرموز والمعاني التي نشترك في معرفتها جميعاً، يعاد تشكيلها وإعادة ترتيبها على الدوام فيما يعرف بالخطاب السياسي"، أي أن السياسة و المقاومة هما في النهاية بنيتين ثقافيتين متوازيتين لا تنفصلان -كما يدعي الخطاب النيوليبرالي المعولم-، ولا يمكن الإبقاء على أحداهما دون الأخرى، أو فرض أبجديات محددة من إحداهما.

وهذا بالضبط ما يمكن من خلاله جعل المقاومة الثقافة قادرة على أن تكون خطاباً مضاداً، يقوم على تحويل المواجهة بين الواقع كما إصطنعه المستعمِر وقيام المستعمَر بدحض هذا الواقع و هدمه، وبالتالي فالمقاومة هي أحد أهم وسائل التغيير الثقافي و السياسي وإدراك الذات و الآخر و المحيط.

وهو بالضبط ما يجعل المقاوم مثقفاً ويفرض على الثقافة أن تصبح مقاومة في مواضع مقابلة السلطة والقهر والظلم والإستعمار، عن طريق تفكيك البنية الخطابية التي تنتجها تلك الثقافة للتمكن من تخيل الآخر، ومن ثم في مراحل سيطرتها عليه، تفرض عليه أدوات تخيله وإدراكه لذاته وبالتالي ينتهي الأمر به مجرد مرآة للمستعمر، لا يملك تحديد ذاته و تعريفها من دونه.

لا تنفصل المقاومة في إرث سعيد عن المثقف، بل تكاد تكون وجهه الأقدر على تحديد دوره إتجاه ذاته وعالمه ، ولنا في سعيد نفسه أعظم مثال، فهو الذي عاش بين فضائين متباينين في آن: (مثقف أكاديمي) و(منفي فلسطيني عن وطنه)، وكان لهذا البون بين الفضائين وإجتماعهما الحدي في تجربة سعيد العامل الأساس الذي شكل نص هويته ونص كتاباته. تلك النصوص التي لا يمكن تطبيق منطق زميله هومي بابا فيما أسماه "الثقافة الهجينة" ، أو "الفضاء الثالث" ، وهو ما لا ينطبق على مثقفنا إذ أنه لم ينفصل عن الفضائين البينيين معاً إنما دمجهما بما لا يخل بأي منهما معاً أو على حدة. إذ أن حالة الحوار بين هاذين الفضائين النظيرين والمتفارقين هي ما أكسبت هويته قوتها الدافعة وتأثيرها الفكري المنتج، لقد صاغ المنفى مفاهيم سعيد فيما يتعلق بالثقافة والفكر والأدب فكانت "نزعة الاحتفاء بعالم الحس" و"نزعة العالم الدنيوي" و"روح الهواية" هي ما يراه لزاماً فكرياً يمكنه من تحرير فكرة المكان الأدبي من قيد المنفى بالمنطق النصي في الخطاب، والتخلص من ثبوتية وعليائية الصلابة الأكاديمية:

"المثقف يمثل رسالة فردية، طاقة لا تنضب، قدرة تلين لتشتبك بوصفها صوتاً ملتزماً واضح المعالم وجدير بالاعتراف به، مع عدد كبير من القضايا التي تتصل في نهاية الأمر بالتنوير و التحرر و الحرية".

إن جل مايحتاجه المثقف ليمس القيمة الحرة في البنية الثقافية ويحررها –بحسب سعيد- نزعتان "نزعة الإحتفاء بعالم الحس" و"نزعة الإحتفاء بعالم الدنيا" ، وهي عناصر تجعل للنص كجزء من الخطاب مكانه في العالم المحسوس إذ يتمثله ويدركه الخطاب، يحس ويلمس ويوصف، ومنه ينطلق المثقف لتفكيك مناطق الحلول و التجاوز السلطوي فيه، ومن هنا كانت أهمية المقاومة الثقافية في التعامل مع الثقافة الرسمية كجزء من عوامل تشكيل الخطاب السياسي الرسمي، أي أن المثقف/المقاوم يجب أن يتحرك بين نبراسين:
1.الهواية، إذ تتيح له فضاءاً حراً لا هرمياً ، يبتعد به عن الصلابة.
2.الصدق في الإلتزام بالقضايا المتعلقة بتحرير القيم المطلقة، وبالتالي:

"الحقيقة الأساسية لدي، فيما أعتقد، هي أن المثقف فرد وهب ملكة تمثيل أو تجسيد رسالة أو رؤية أو فلسفة أو رأي أو موقف (من شيء ما)، مع الإفصاح عن ذلك لجمهور ما. وهذا دور له تأثيره القوي، ولا يمكن أن يؤديه المرء مالم يتوفر لديه إحساس بأنه شخص من شأنه أن يقوم علناً بإثارة أسئلة محرجة، و التصدي لجمود الفكر التقليدي والفكر اليقيني الجازم القائم على التسليم من غير تمحيص...، ومالم يكن من الصعب على الحكومات تحييدهم بضمهم إليها... ، ومالم يكن مبرر وجوده هو تمثيل ما دأبت الثقافة السائدة على نسيانه أو حجبه عن الأنظار، سواء كان أشخاصاً أو قضايا. بقوم المثقف بهذا كله مستندا إلى أساس من الكليات و المباديء العالمية التي تصدق على البشر أجمع [ولا يمكن استحواذها باسم الحقيقة المطلقة: الكاتب“]

وبالتالي فعلى المثقف أن يقوم ببناء وعي نقدي يرفض ويفكك ويعري ويحلل الخطاب السلطوي وتمثيلاته، ليس هذا فحسب بل يتغلب على صعوبة التداول، بجعل الفكرة ممكنة ومتاحة ومدركة "الشروط الواجب إستيفائها لتكون المعرفة ممكنة" عن طريق الطعن في "سيادة المنهج التقليدي الثابت"، ومن ثم كانت عبقرية قراءة سعيد للخطاب الإستعماري من منطلقه الثقافي والمعرفي، فيما عرف بالقراءة الطباقية، وهي قراءة مستوحاة من مفهوم يعود إلى موسيقى كنسية غربية ظهرت في القرون الوسطى عرفت باسم لاتيني يعني "النغمة مقابل النغمة" أو "النغمة ضد النغمة"، وصارت تعرف اليوم باسم الطباق الموسيقي أو "تصاحب الألحان المتقابلة"، إذ تأثر سعيد بعازف البيانو جلين جولد.

بعبارات أخرى، الوعي بتراكبية النص تقودنا لقراءته قراءة طباقية، تفكك دواخل النص وما يتوارى خلفه، فندرك الألحان أو الأصوات والمعاني التي تصاحب اللحن/المعنى/الصوت الإستعماري السلطوي، ويمكن بها كشف متضادات العلاقة وتذرر و طمس أو حتى إستحواذ القيمة حينها.

والقراءة الطباقية تنتج من جمع بين الفكرة الدالة المتكررة (الموتيف) والصفة الفارقة (الإختلاف)، وهما الأساس لأقامة علاقة طباقية بين السرد الاستعماري ومنظور ما بعد الاستعمار. وبهذا ينشأ سرد يحتوي على نقطة دفينة في مقابل كل نقطة معلقة (سائد/متنحي أو عليا/دنيا)، ونتمكن من النزول من سطح النص إلى أعماقه بحثا عن وجود الآخر الواقع تحت سلطة خطاب و تخيل الأاقوى، وبالتالي تفشي النزعة الإستبعادية النافية في الثقافة المعتمدة، بل وأكثر من ذلك يكشف و يستشرف مواضع مرآوية المستعمَر والمستعمر في أدب المابعد كولونيالي، والخلط التحرري القائم على استعارة منطق الأقوى لتعريف الذات.

لذا فمن الضرورة أن يكتسب الوعي النقدي فاعلية ذاتية بانفصاله عن الثقافة السائدة وحلوله في موضع مناوئ مستقل يمكنه من الشروع في "اكتشاف وتعليل مغزى العبارات التي تتألف منها النصوص" تلك النصوص التي عادة ما تكون حجر الأساس في تخيل و إدراك الآخر.

فمن معالم المثقف المقاوم لدى سعيد قدرته على الإطاحة بثبوتية وصلابه وتعالي الثقافة عن العالم الآني المحسوس، فالمفهوم السعيدي المحتفي بعالم الدنيا يطعن على السلطة المقيدة المعنية بالجزئي الصلب في الخطاب الأكاديمي ببنية الهيراركية المتعالية، ممهدا الطريق إلى فكرة الاحتفاء بعالم الحس (وفي أدبيات أخرى : القراءة العلمانية) حيث لا يكون النص الأدبي مجرد حلقة جديدة تحل في موقع محدد ومتعالي عن الواقع، إنما هو مرتبط بعالم المادة والأشياء بما يتضمنه من روابط ثقافية و سياسية و إجتماعية وسلطوية بين محتويات مصوصه. وبذلك يكشف سعيد عن علاقات النسب التي يكون فيها النص طرفاً، ويعري كذلك علاقات الإنتساب أو الممالأة التي يدخل النص نفسه فيها.

وبهذا يتمكن المثقف من الرد النصوصي على نص السلطة الاستعمارية المعتمد حيث أن "الخنوع الذليل للسلطة في عالم اليوم هو واحد من أفدح الأخطار التي تحيق بالحياة الفكرية التي يراد لها أن تكون مفعمة بالنشاط ومراعية للمثل الأخلاقية العليا" وذلك عن طريق الوعي المجتمعي وعقل نقدي مقابل السلطة ومؤسساتها المعرفية و الخطابية وبالتالي السياسية.

فالمثقف/المقاوم ينبغي أن يمثل "... التحرر و التنوير، ولكن ليس بوصفهما مفهومين تجريديين أو إلهين يتعين على البشر عبادتهما على الرغم من إنقطاع صلتهما بالحياة و البون الشاسع الذي يفصلهما عن البشر. أما تمثيلات المثقف – الأفكار التي يوم بتمثيلها وكيفية تقديمه هذه التمثيلات لجمهور ما- فإنها ترتبط بتجارب أو خبرات تقع على نحو مستمر في داخل مجتمع ما، ويجب أن تظل جزءاً لا يتجزأ من هذه الخبرات: خبرات الفقراء، المحرومين من حقوقهم، من لا صوت لهم، المحرومين من التمثيل ، من لا حول لهم ولا قوة".

النص في نظر إدوارد سعيد منتج ثقافي له تفاصيله المكانية الملموسة و المحسوسة ، فهو ليس بناءاً خاملاً بل له تاريخه الإجتماعي و السياسي والثقافي أي أن له وجوده المادي "المتشابك مع ظروف وزمان ومكان ومجتمع" وهو ما ينتج عنه "قدر من الاتصال المباشر بين المؤلفين ووسيلة التواصل اللغوي حين يكون من موجودات العالم"، وعلى عكس ما ذهب إليه البنيوين و الواقعيون، يرى سعيد أن النص هو جزء من العالم الذي تشكل منه أو أستنبط منه. وعندما يتورط النص في علاقة ممالأة مع التاريخ والثقافة والمجتمع فإنه يتخلص حتماً من قيد ما يسمى بالأدب الأوروبي المعتمد ويرجع إلى نسيج ثقافته، وبالتالي فإن "إعادة إنشاء شبكات الممالأة تؤدي لإبراز الخيوط التي تربط النص بالمجتمع والمؤلف والثقافة أي تحويل النص إلى شيء محسوس"، وتعزيز مادية النص هو مفتاح باب قراءة الأدب الإنجليزي مثلاً بشكل طباقي للتيقن من مدى مشاركة تلك النصوص في تنفيذ مشروع سياسي متسع وكاسح، عن طريق إعمال الخيال الخطابي المدرك للآخر وعلاقة الذات منه ، وبالتالي قراءة هوياتية: هوية المجتمعات الخاضعة للإستعمار ، وهوية ثقافة الإمبراطورية الاستعمارية، وهو ما يمكن تطبيقه على الحالة الفلسطينية، وتمثلات الفلسطيني بعد أوسلو مثلاً.

فالقراءة الطباقية مثلا تسلط الضوء على المساحات الفارغة في المكان الآخروي في الخطاب الإمبريالي فانتيجا لجين أوستن تصف إستغلال المساحات الواسعة من سطح الكرة الأرضية بإضفاء حضور على تلك الغيابات أو "الفضاءات النائية، التي قد يكون بعضها غير معروف"، وعلى هذا فتلك ليست مجرد إشارة إلى "روح المغامرة التجارية التي تدفع المرء لحيازة أراض وبسط سيطرته عليها فيما وراء البحار من أجل تحويلها إلى مصدر للثروة في الإقليم الذي جاء منه. كما أنها ليست واحدة من الإشارات الكثيرة التي تشهد على وجود حس تاريخي ينضج بسلوكيات قويمة وأخلاق كريمة بل يضم كذلك صراعات بين أفكار، ومنازعات مع فرنسا في عهد نابليون ومعرفة بتغيرات إقتصادية واجتماعية مزلزلة كانت تقع في حقبة ثورية من حقب تاريخ العالم".

ومن النماذج الأخرى للقراءة الطباقية التي ذكرها سعيد في كتابه "الثقافة و الإمبريالية" ، أوبرا “عايدة” لفيردي والتي يكاد يكون فيها الإرتباط تاماً بين الأعراف الثقافية والأعراف السياسية ، فأوبرا “عايدة” تثير أسئلة مركبة عن "علاقتها باللحظة التاريخية والثقافية الغربية التي كتبت فيها" ، وأسئلة كذلك عن تفردها و"موضوعها وإطارها الزماني والمكاني وفخامتها ومؤثراتها البصرية والصوتية التي تلهب العواطف على نحو غريب، وموسيقاها المتطورة إلى حد الإفراط والوضع الأسري المقيد الذي تصوره، وإختلافها عن بقية نماذج فيردي"، فسعيد يطالب بقراءة أوبرا “عايدة” قراءة طباقية لأنها تجسد "سلطان النسخة الأوروبية من تاريخ مصر في لحظة من لحظات تاريخها في القرن العشرين، وهو تاريخ يجعل من القاهرة في السنوات 1869 إلى 1871 موقعاً ملائماً إلى حد غير إعتيادي" إذ أن القراءة الطباقية لتلك الأوبرا تمكننا من الكشف عن "بنية الإحالة و الاتجاهات العقلية في النص وشبكة علاقات المملأة والروابط والقرارات وعلاقات التعاون والتواطؤ، وكلها يمكن قراءتها بوصفها السبب في مجموعة من الملامح المفزعة التي جاء نص الأوبرا البصري والموسيقي متسماً بها" فقصة أوبرا “عايدة” التي تدور حول بطل مصري يقهر الإثيوبيين ولكنه يتهم بالخيانة ويحكم عليه بالإعدام، تستحضر في الذهن التنافس بين القوى الامبريالية في الشرق الأوسط. لقد شجعت بريطانيا تحركات الخديوي إسماعيل في شرق أفريقيا، إذ رأتها الوسيلة المناسبة لعرقلة المشروعين الإيطالي والفرنسي في الصومال وإثيوبيا. ولذا فمن وجهة نظر فرنسية نجد أن أوبرا عايدة "تصور الأخطار التي يمكن أن تترتب على نجاح الخطة المصرية في إثيوبيا"، لذا فهي تعري وتوضح مدى ممالأتها للخطاب الإستعماري و تجردها عن العالم الذي خلقها.

ولنا في رواية ألبير كامو "الغريب" مثال آخر ، إذ يرى سعيد أنها "ترتبط من وجهة نظر تاريخية بعلاقة ممالأة أو تبعية للمشروع الإستعماري الفرنسي نفسه.. وكذلك معارضة استقلال الجزائر معارضة سافرة". إذ ينبغي النظر إلى الرواية "بوصفها عنصراً من العناصر التي تندرج في جغرافية الجزائر كما شكلتها فرنسا بطريقة منهجية منظمة".
إن المقاومة عملية ذات شقين:
1.إسترداد الأرض المغتصبة .
2.المقاومة الأيديولوجية، والذي يتكون من "إصرار على رؤية تاريخ المجتمع كاملاً متسقاً غير منقوص ثم البحث عن نهج بديل في رؤية التاريخ البشري... يقوم على إزالة الحواجز بين الثقافات وأخيراً الدخول إلى الخطاب الأوروبي والغربي من أجل الاختلاط به، والعمل على إحداث تحولات فيه ودفعه إلى الاعتراف بالتاريخ المهمش أو المقموع أو المنسي".

أي أن المقاومة الثقافية هي عمل مزدوج ، ليس تحرراً ذاتياً فقط، إنما هو أيضاً إدراك للهوية الذاتية، ومحددات القيمة فيها، وهنا لا بد لنا أن نشير لتأثر إدوارد سعيد بفرانز فانون إذ يقول:
"إن الجهد الذي يبذله البشر من أجل اقتناص الذات والتدقيق في عناصرها ، وكذلك التوتر الدائم الذي تسببه لهم حريتهم، هما العاملان اللذان من خلالهما يتمكنون من خلق الظروف المثالية في عالم إنساني".

ولعل تلك السطور تعري في ذاتنا العربية عموماً ، والفلسطينية خصوصاً الحاجة الملحة والضرورية والحيوية لنرى تمثلاتنا الثقافية الذاتية في خطابنا العربي و الفلسطيني، وإلى أي درجة وصلت من المرآوية الصهيونية باعتبارها علاقة (مستعمِر و مشتعمَر)، ينطبق عليها ما إنطبق على غيرها، وإلى أين ستذهب بنا تلك السياسيات الثقافية الغير مقاومة، إلى أي حد سردنا هو علاقة ممالأة فاضحة للإسرائيلي؟

aymaan noor
29-09-2012, 09:11 AM
أزمة السفارات نموذجا
تأثير القضايا الخارجية على السباق الرئاسي الأمريكي
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/873514e130e46a244b5aae0b135db01f_L.jpg
د. محمد علاء عبد المنعم
عضو هيئة التدريس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وأستاذ زائر بالجامعة الأمريكية بواشنطن.
فرضت الهجماتُ على السفارات الأمريكية في عدد من دول الربيع العربي -التي شهدت تنامي نفوذ الحركات الإسلامية بالشرق الأوسط- إثر عرض مقاطع من الفيلم المسيء إلى الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) نفسها على سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية. ورغم أن اهتمام المرشحين الجمهوري "ميت رومني" والديمقراطي "باراك أوباما" جاء عابرًا؛ نظرا لأولوية قضايا أخرى

يتقدمها الوضع الاقتصادي والبطالة والدين العام؛ إلا أنها كانت مناسبة لطرح المرشحين لرؤيتهما فيما يتعلق بالتعامل مع المنطقة. كما مثلت الأحداثُ ساحة للجدل حول خبرة المرشحين في مجال السياسة الخارجية، وهيأت مساحة للنقاش حول مستقبل الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط والساحة الدولية بشكل عام.


مكانة السياسة الخارجية في السباق الانتخابي

وتتمثل أهمية مناقشة أحداث استهداف السفارات الأمريكية وتأثيرها على مجريات الانتخابات الأمريكية في ظل النقاش المحتدم بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري؛ في أن قضايا السياسة الخارجية لم تكن بمعزل عن التأثير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية، برغم الأولوية التي عادة ما تحظى بها القضايا الداخلية وخاصة الاقتصادية. وكان هذا جليا في أزمة الرهائن الأمريكيين في إيران عام 1979؛ حيث حظيت بأولوية خاصة في السباق الرئاسي بين الرئيس الديمقراطي "جيمي كارتر" ومنافسه الجمهوري "رونالد ريجان"، حتى إن البعض جزم بأن حملة "ريجان" عقدت صفقة مع أطراف إيرانية لتأجيل الإفراج عن الرهائن حتى تنصيب الأخير، لينسب إليه الفضل في الإفراج عنهم. وجاء السباقُ الانتخابي بين الرئيس الجمهوري "جورج بوش" الأب و"بيل كلينتون" ليعيد الثقل للعامل الداخلي، وجاء شعار حملة بيل كلينتون "إنه الاقتصاد.. أيها الغبي" "It’s the economy, stupid" تأكيدا لهذا المعنى.

واستمرت أولوية الوضع الداخلي في السباق الانتخابي في حملتي المرشح الجمهوري "جورج بوش" الابن والديمُقراطي "أل جور" عام 2000. غير أن الأمر تغير في انتخابات 2004 بين "بوش" الابن والمرشح الديمُقراطي "جون كيري"، وذلك في إطار احتدام تداعيات ما عُرف وقتها بالحرب على الإرهاب. وجاء تسجيل مُصور لأسامة بن لادن ليزيد مخاوف الأمريكيين من الإرهاب الدولي، وهو ما استغله الحزب الجمهوري في دعايته ضد الديمُقراطيين، الذين وصفوا منافسيهم من الحزب الديمقراطي بأنهم رفقاء على الإرهاب Soft on terror.

وشهدت انتخاباتُ 2008 التي حقق فيها الرئيس "باراك أوباما" فوزًا مستحقًّا على منافسه الجمهوري "جون ماكين" تواجدًا قويًّا لقضايا السياسة الخارجية بالنظر للتداعيات الاقتصادية والسياسية لتواجد القوات الأمريكية في أفغانستان والعراق، إضافة لقضايا ذات صلة بحقوق الإنسان، وخاصة سجن أبو غريب وجوانتانامو، وهي القضايا التي تم تناولها باعتبارها تهديدًا للقيم الأمريكية.

وقد جاء الرئيس "باراك أوباما" للحكم بخطة طموحة للسياسة الخارجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ارتكزت على السعي للوصول لحل للقضية الفلسطينية، وإحداث حالةٍ من التفاهم والتواصل، وفتح دوائر للحوار مع شعوب الشرق الأوسط، بهدف تخفيف حدة الكراهية المتنامية ضد الولايات المتحدة. إلا أن هذا التوجه حصد من الفشل أكثر من النجاح في رأي الكثيرين. فالقضية الفلسطينية مُتعثرة، والعلاقات الأمريكية - الإسرائيلية شهدت توترات علنية، كما أن إيران ما تزال تواصل برنامجها النووي، مع استمرار عجز الولايات المتحدة عن إيجاد حل للأزمة السورية، واستمرار حالة العداء الشعبي للسياسة الأمريكية في المنطقة، والتي جاءت الاعتداءات على السفارات الأمريكية في مصر وليبيا واليمن وغيرها من دول الشرق الأوسط شاهدًا عليها.

وفي هذا الإطار؛ ذهبت بعض الأصوات للقول بأن الوقت قد حان لانسحاب الوجود الأمريكي من الإقليم، وخاصة مع سحب أغلب التواجد الأمريكي من العراق، والانخفاض المتوقع لأسعار البترول مع ظهور الغاز الصخري "Shale Gas". وعلى الجانب الآخر رفضت أصواتٌ هذا الطرح. وأوجدت أحداث السفارات حالة من النقاش الانتخابي والسياسي.

رد متوازن من حملة أوباما:

يمكن وصف رد فعل الإدارة الأمريكية على أحداث استهداف السفارات الأمريكية بأنه جاء متوازنًا إلى حدًّ كبير؛ حيث ركز أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون على الإشادة بضحايا الهجوم على السفارة الأمريكية في ليبيا، وتأكيد قدرة الولايات المتحدة على التصدي للإرهاب، والتشديد على التعاون مع السلطات الليبية لتحقيق تحول ديمُقراطي، ومعاقبة المسئولين عن الهجمات. كما لم يخلُ خطاب الإدارة من توضيح أن التعاون مع دول المنطقة يتطلب موقفًا حاسمًا من الأنظمة العربية الجديدة، وهو ما ظهر في لقاء تليفزيوني مع الرئيس أوباما في 13 سبتمبر أشار خلاله أن النظام المصري بعد انتخاب مرسي لا يُعد حليفًا، كما لا يُعد عدوًّا، وأن الأمر يتوقف على المواقف التي يتخذها النظام المصري.

وقد جاء أول رد فعل على الأحداث من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، التي أدانتها بشدة، وأشارت إلى أنها اتصلت بالرئيس الليبي لتنسيق الجهود من أجل حماية الأمريكيين بليبيا، وأنه أدان الأحداث، وقدم تعازيه في الضحايا. وجاء بيان الرئيس الأمريكي أوباما ليدين الأحداث، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة ترفض ازدراء الأديان؛ إلا أن هذا لا يعد مبررًا لأي نوع من العنف. كما أشاد بالسفير الأمريكي في ليبيا "كريس ستيفنز" والذي لقي حتفه خلال الهجمات على السفارة الأمريكية.

ويُعد هذا الموقف خروجًا عن بيان أصدرته السفارة الأمريكية بالقاهرة قبل الهجمات أدانت فيه ما أسمته بالمحاولات غير المسئولة من قبل البعض لجرح المشاعر الدينية للمسلمين. وهو البيان الذي سحبته الوزارة من موقع سفارتها بالقاهرة، وأكد الرئيس أوباما عقب الهجمات أنه لم تتم إجازته من قبل وزارة الخارجية.

وعلى هذا فقد جاء الرد الرسمي لإدارة أوباما متسقًا مع ما هو معهود في ظل مثل هذه الظروف الطارئة، من التأكيد على القيم الأمريكية، وما قدمه الضحايا، والتأكيد على محاسبة المسئولين، ورفض تسييس القضية.

ومن هنا كان رد الفعل العنيف على محاولات رومني لتسييس الأحداث، وهي المحاولة التي رفض المشاركة فيها عدد من أقطاب الحزب الجمهوري، وإن أيده فيها فريق من المحافظين الذي وجد فيها فرصة لنقد خط أوباما في مجال علاقاته الخارجية بدول الشرق الأوسط، ولطرح نظرتهم فيما يتعلق بالربيع العربي.

محاولة رومني لتسييس الأحداث

سارع المرشح الجمهوري "ميت رومني" لمحاولة تسييس الهجمات على السفارات الأمريكية، ومحاولة استغلالها في السباق الانتخابي، وهو خروج عن التقاليد الأمريكية في مثل هذه الظروف، التي تفرض الالتفاف حول الدولة rally around the flag، وهو ما لا يسمح بمهاجمة الإدارة التي تمثل وحدة الأمة الأمريكية، وقدرتها على مواجهة عدوها الخارجي.

كما يُعد هذا الموقف خروجًا على خط حملة رومني نفسه، الذي ركز باستمرار على القضايا الاقتصادية. فقد سارع المرشح الجمهوري بعد أقل من 7 ساعات على الهجمات في ليبيا إلى انتقاد موقف إدارة الرئيس أوباما، ووصفه بأنه موقف مشين بما فيه من اعتذار عن القيم الأمريكية وحرية التعبير، مشيرًا إلى بيان السفارة الأمريكية بالقاهرة، والذي رفض فصله عن موقف الإدارة، مؤكدًا أن الرئيس أوباما ووزارة الخارجية مسئولان عن أي تصريح يخرج من أية سفارة أمريكية.

وأشار "رومني" في أول مؤتمر صحفي تعقيبًا على الأحداث إلى أن الربيع العربي يمثل فرصة لأن يكون الشرق الأوسط منطقة سلام ورخاء؛ إلا أنه يحمل تهديدًا إذا نجحت قوى العنف والتطرف في السيطرة على الإقليم.

وفي مقابل هذه الانتقادات؛ سارع الرئيس أوباما وفريقه إلى توجيه انتقادات لاذعة للمرشح الجمهوري، فوصفه الرئيس أوباما في مقابلة تليفزيونية إلى أن لديه ميلا "لإطلاق النار قبل التصويب has a tendency to shoot first and aim later" في إشارة لهجومه الذي بدا متسرعًا وسابقًا حتى لخروج تقارير وافية عن الأحداث في ليبيا. وانتقد المتحدث باسم حملة أوباما موقف رومني، وأعرب عن دهشته من استخدام المرشح الجمهوري لهذه الأحداث المأساوية لأغراض الدعاية الانتخابية.

وقد أحجم عدد من قيادات الحزب الجمهوري عن مجاراة "رومني" في انتقاداته لأوباما؛ فقد رفض السيناتور الجمهوري، والمرشح السابق في انتخابات الرئاسة "جون ماكين"، التعقيبَ على موقف الإدارة. وأكد على ضرورة ألا تتخلى الولايات المتحدة عن ليبيا في هذه الظروف حتى لا تقع فريسة لقوى التطرف، وهو ما عبر عنه أيضًا في بيان رسمي طالب فيه مجلس الشيوخ برفض تقليص المساعدات الأمريكية لليبيا.

وكانت بعضُ التصريحات من الجمهوريين أشد إيلامًا؛ فقد علق "ستيف لومباردو" المسئول السابق في حملة رومني عام 2008، قائلا إن حملة رومني كان ينبغي عليها أن تكون أكثر تفهمًا فيما يتعلق بالتعامل مع الأزمات الخارجية. فهذه الأزمات في رأي لومباردو، تشهد التفاف الأمريكيين حول قيادتهم السياسية، على الأقل في المدى القصير. وهو ما لا يسمح بتوجيه انتقاد لموقف الإدارة. ولم يخلُ تصريح "بيجي نونان" التي شاركت في كتابة خطب الرئيس السابق ريجان، من قدر من السخرية؛ حيث قالت إن رومني فشل في إضافة قيمة لحملته منذ بدأ هجومه على موقف إدارة أوباما تجاه الأحداث التي وقعت منذ بضع ساعات.

إلا أن هجوم رومني لم يُفقده تأييدَ عدد من الجمهوريين؛ فقد شبه ممثل الولايات المتحدة السابق لدى الأمم المتحدة "جون بولتون" وهو واحد من أنصار رومني، الأحداث بأزمة الرهائن الأمريكيين في إيران عام 1979، واتهم أوباما بالعجز عن فهم مدى خطورة هذه الهجمات. وكررت "سارة بالين" المرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس وإحدى قيادات المحافظين، الهجوم التقليدي على سياسة أوباما الخارجية؛ حيث يصفه المحافظون بأنه يسعى دائما لتفادي الخلاف ويحاول باستمرار إرضاء أعداء الولايات المتحدة.

وفي المحصلة الختامية؛ يبدو أن الجدل حول الهجمات على السفارات الأمريكية في طريقه للخفوت. ولكن قضايا السياسة الخارجية ستظل مطروحة، وخاصة مع سعي الجمهوريين لاتخاذ خط مميز عن خط أوباما، وهو ما سيظهر حين تبدأ المناظرات بين المرشحين.

هل تحسم السياسة الخارجية الانتخابات؟

رغم أهمية قضايا السياسة الخارجية في مؤتمرات الحزبين الجمهوري والديمُقراطي، خاصة فيما يتعلق بالأمن القومي الأمريكي؛ إلا أن هذه القضايا لا تحظى باهتمام خاص لدى الناخب الأمريكي. وتشير استطلاعات الرأي، على سبيل المثال، إلى أن ثلثي الأمريكيين لا يرون مبررًا لتواجد القوات الأمريكية في أفغانستان. هذا بالإضافة إلى أن بعض الأصوات المحافظة ترى ضرورة تقليص الدور الخارجي للولايات المتحدة. وعلى سبيل المثال؛ تبنى عدد من النواب المحافظين مشروع قانون يطالب الإدارة بتقديم تقرير عن الهجمات على السفارات الأمريكية في مصر وليبيا واليمن قبل التصديق على المعونات المقدمة لهذه الدول. وطالب النائب الجمهوري راند بول بتقليص المعونات الموجهة إلى مصر وليبيا وباكستان.

لكن الاتجاه السائد يرى ضرورة استمرار الولايات المتحدة في دعم دول الربيع العربي، والتواجد في إقليم الشرق الأوسط للمحافظة على مصالحها، ومواجهة ما يعرف بقوى التطرف، وهو الاتجاه الذي تؤيده قوى من الجانبين الديمُقراطي والجمهوري. وقد بدا هذا التوجه في تصويت مجلس الشيوخ بأغلبية كبيرة (81-10) لصالح استمرار المعونات الموجهة لمصر وليبيا.

وفي المقابل؛ تسعى حملة رومني لصياغة خط مميز لسياستها الخارجية، خاصة وأن استطلاعات الرأي تشير إلى تقدم أوباما بفارق واضح في هذا المجال. وتدرك حملة رومني أن عليها العمل على هذا المحور إذا أرادت إحراز تقدم حقيقي في المنافسة الانتخابية، لا سيما وأن محاولة رومني لتسييس أزمة السفارات أساءت إليه باعتباره قليل الخبرة أكثر مما أفادت. وحتى الآن يبدو أن اقتراب الجمهوريين ينبني على السعي لنوع من إعادة إحياء لسياسات الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان، وذلك لدرء أي شبهة صلة بسياسات بوش الابن في المجال الخارجي، والتي كلفت الولايات المتحدة الكثير.

وقد أطلق "تيم بولنتي" المرشح لمنصب وزير الخارجية إذا فاز رومني، مصطلح Reganesqueعلى هذا المنظور للسياسة الخارجية، والذي يعتمد، على حد وصفه، على "قوة المبادئ والقيم"، وهو توصيف غير واضح على أحسن تقدير.

وسيبقى الشرق الأوسط مطروحًا على قائمة المنافسة الانتخابية، وخاصة فيما يتعلق بالأمن القومي الأمريكي. ورغم أنه لن يكون من أولويات الناخب الأمريكي، إلا أن حدثا عارضا قد يقلب الحسابات رأسا على عقب، لا سيما وأن الملف النووي الإيراني مهيأ للتطور، فإذا حدث مثلا أن أقدمت إسرائيل على عمل منفرد ضد إيران، فإن هذا سيؤدي بالضرورة إلى انقلاب في موازين الصراع الانتخابي الأمريكي.

aymaan noor
29-09-2012, 09:16 AM
من الدّولة الكاملة إلى الدّولة المراقبة إلى الانتظار المفتوح
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/palestineright.png
هاني المصرى
من المقرر أن يلقي الرئيس أبو مازن، يوم الخميس المقبل، خطابًا جديدًا أمام الجمعيّة العامة للأمم المتحدة، سيشرح فيه الرواية الفلسطينيّة للصراع الجاري منذ أكثر من مائة عام. سيكون الخطاب هذا العام باهتًا، لأنه يأتي بعد إضاعة عام كامل من الانتظار واستمرار السعي لاستئناف المفاوضات العبثيّة، لأن الخطاب التاريخي، الذي ألقي في العام الماضي، بعث الأمل في نفوس الفلسطينيين، لكنّه جاء نهاية وليس كما كان مفترضًا أن يكون بداية لشق مسار جديد، بعيدًا عن نفق المفاوضات الثنائيّة العبثي المسدود.

لقد سبق خطاب العام الماضي استعدادات ضخمة، سياسيّة وجماهيريّة وإعلاميّة وقانونيّة، كان عنوانها "استحقاق أيلول"، وسط زخم من اعتراف الدول بالدولة الفلسطينيّة، بينما كان "كرسي الدولة" يطوف العالم كله؛ مؤكدًا على الحق الفلسطيني في تقرير المصير.

أما في هذا العام، فستذهب القيادة الفلسطينيّة إلى الأمم المتحدة مترددة، قدمًا إلى الأمام والأخرى إلى الوراء، فهي تعاني من آثار الانقسام، والأزمة الاقتصادية، وفقدان الاتجاه، وآثار "الربيع العربي"، وحائرة بين إلغاء أوسلو، وحل السلطة، واستقالة الرئيس، والدولة الواحدة، وإجراء انتخابات عامة، والعودة إلى المفاوضات، وتتحدث عن التوجه إلى الأمم المتحدة، وكأن الأمر يطرح الآن للمرة الأولى، لذلك بدلًا من الذهاب وفي يدها مشروع قرار لعرضه للتصويت فورًا، تتحدث عن الشروع في صياغة مشروع القرار بعد الخطاب، وعرضه على الدول والكتل الإقليميّة والدوليّة خلال أسابيع؛ ليعرض بعد ذلك للتصويت عليه بعد الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة القادمة حتى لا تصطدم مع الرئيس الأميركي في آخر عهده.

ليس مقبولًا على الإطلاق عدم صياغة مشروع القرار وتأجيل طلب التصويت عليه، بالرغم من مرور عام على السقف الزمني لاستحقاق أيلول، ومرور أعوام على بداية طرح مسألة التدويل التي ابتدأت في العام 2009، خصوصًا حين جاءت حكومة نتنياهو إلى سدة الحكم، واتضح للقاصي والداني، للمتفائل والمتشائم، عدم وجود أفق لحل سياسي مرضٍ أو عادل أو متوازن، على المدى المنظور على الأقل، هذا الموقف يمكن تفسيره، لأن البيت الفلسطيني منقسم على نفسه، وفي وضع سيء للغاية، ولم يتم استغلال الفترة الماضية للاستعداد لمواجهة التداعيات المحتملة لخطوة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، خصوصًا لجهة تنفيذ التهديدات الأميركية والإسرائيلية.

على القيادة الفلسطينيّة حتى تستعيد مصداقيتها التي فقدتها، من خلال تجنب المواجهة في العام الماضي بعدم تفعيل الطلب الذي قدمته إلى مجلس الأمن للحصول على العضويّة الكاملة، بحجة عدم وجود الأصوات التسعة المطلوبة لعرضه للتصويت، ومن خلال عدم الانتقال فورًا إلى الجمعيّة العامة للحصول على العضويّة المراقبة، بالرغم من وجود مطالبة فلسطينيّة وعربيّة ودوليّة بذلك، سواء من دون تقديم الطلب إلى مجلس الأمن أو بالتزامن معه أو بعده؛ أن تفسر، أو أن تعترف بالخطأ الكبير الذي ارتكبته، وتتحمل المسؤوليّة عنه أمام شعبها والعالم كله.

إذا لم تعترف القيادة بالخطأ، فالخشية من أن الأسباب التي أدت إلى إضاعة عام مضى في البحث عن نجاح الجهود المبذولة لاستئناف المفاوضات العقيمة، وهي تجنب المواجهة مع الإدارة الأميركيّة والحكومة الإسرائيليّة، وربما بعض الدول الأوروبيّة؛ لا تزال قائمة، ويمكن أن تؤدي إلى:

إما إلى تأجيل المواجهة مرة أخرى، إلى ما بعد إعطاء فرصة جديدة للرئيس باراك أوباما، إذا فاز بفترة رئاسيّة ثانية، بحجة عدم الاصطدام معه في بداية فترته الثانية، وإضاعة فرصة بحجة أنه سيكون فيها متحررًا من الضغوط والقيود من إسرائيل ومجموعات الضغط المؤيدة لها أثناء فترة رئاسته الأولى.

أو عدم الاصطدام بالرئيس الجديد ميت رومني في فترة رئاسته الأولى، إن فاز، خصوصًا بعد مضيه بعيدًا أثناء حملته الانتخابيّة في دعم إسرائيل، لدرجة إطلاقة تصريحاتٍ عنصريّةً ومعاديّةً للفلسطينيين.

أو المضي قدمًا نحو التوصيت على مشروع القرار، مهما تكن نتيجة الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة، دون تسليحه بمضمون إستراتيجي، حيث يبدو وكأنه محاولة لتحسين فرص استئناف المفاوضات. ويؤكد ذلك تصريحات الرئيس "أبو مازن" وصائب عريقات، وغيرهما، بأن حصول فلسطين على العضويّة المراقبة يساعد على السلام، ويفتح طريق العودة لاستئناف المفاوضات، التي ستكون مفاوضات بين دولة إسرائيل ودولة فلسطين الواقعة تحت الاحتلال.

عن أي سلام يجري الحديث! وما الذي يدعو للعودة إلى مفاوضات أدت إلى كارثة، ويمكن أن تؤدي إلى كارثة أكبر، إذا استؤنفت من دون تغيير الظروف والمبادئ والمرجعيّة والإطار والأطراف التي تجري وتشارك فيها؟ وعن أي مواجهة يجري الحديث، والوضع الفلسطيني لا يسرّ صديقًا؟

إن التدويل إذا نُظِر إليه بوصفه مجرد محاولة فلسطينيّة جديدة لإثبات الجدارة، وحسن السلوك والنوايا، وإنجاح الجهود لاستئناف المفاوضات؛ فسيؤدي في النهاية إلى تقزيم القضيّة الفلسطينيّة، ويساعد على استكمال تهميشها تمهيدًا لتصفيتها.

فالتدويل ضمن السياق المذكور، سيؤدي إلى صياغة مشرورع قرار ضعيف يحاول أرضاء أميركا والدول الأوروبيّة الكبرى، خصوصًا ألمانيا؛ للحصول على تأييدها أو تحييدها، وذلك من خلال التعهد بأنه الحد الأقصى، وإعادة إنتاج كل التنازلات التي حدثت سابقًا، وإيراد كل العبارات والمضامين التي حملتها "مسيرة السلام" منذ انطلاقها في مؤتمر مدريد للسلام في العام 1991 وحتى الآن.

يمكن أن نرى في مشروع القرار أحاديث عن حل قضيّة اللاجئين على أساس "معايير كلينتون"، أو "حل متفق عليه"، وإعادة إقرار "مبدأ تبادل الأراضي الذي يقسم الضفة الغربية والقدس الشرقية"، وعبارات من نوع "دولة فلسطينيّة مترابطة وقابلة للحياة *****ة السلاح"، و"تحافظ على أمن وسلامة إسرائيل وتنبذ الإرهاب"، و"تمتنع عن إقامة تحالفات معاديّة لإسرائيل"، و"تلتزم بأفضل العلاقات الطبيعيّة معها".

إذا حصل ذلك، لا سمح الله، تكون الطّامة الكبرى، ويصبح بعدها عدم التوجه للأمم المتحدة أفضل من هكذا توجه.

أهميّة التدويل أنه يجب أن ينطلق من قناعة عميقة باستحالة التوصل إلى إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينيّة مستقلة عاصمتها القدس، مع أو من دون حل القضيّة الفلسطينيّة حلًا عادلًا على أساس القرار 194؛ بالعودة إلى طريق المفاوضات الثنائيّة برعايّة انفراديّة أميركيّة، وفي ظل قيام اللجنة الرباعيّة بدور "شاهد الزور"، بعيدًا عن القانون الدولي وقرارت الأمم المتحدة، وعن الدور الفاعل للمؤسسة الدوليّة والأطراف المؤثرة والمعنيّة بما يجري في المنطقة.

الحصول على العضويّة الكاملة مهم جدًا، والحصول على العضويّة المراقبة مهم أيضًا، ولكنه لن يغير الموقف للمفاوض الفلسطيني، لأن الأمر الحاسم هو ما يجري على الأرض، وهو يبعد حل الدولتين ولا يقرّب حل الدولة الواحدة.

فالأرض الفلسطينيّة المحتلة عام 1967 كانت ولا تزال هي أرض محتلة وفقًا للشرعيّة الدوليّة، وهذا لم يؤد إلى تفاوض مثمر، أو إلى تغيير في الموقف الإسرائيلي. وكذلك، فإن منظمة التحرير حصلت على العضويّة المراقبة منذ العام 1974، ولم يغير هذا الأمرُ الواقعَ على الأرض.

تأسيسًا على ما سبق، لا يمكن أن يؤدي التدويل إلى تغيير الموقف جذريًا، إلا إذا جاء ضمن تصور متكامل وإستراتيجيّة جديدة. إستراتيجيّة جديدة تكرس المكاسب السابقة ومكانة منظمة التحرير، وتؤمن بضرورة تغيير موازين القوى على الأرض، بحيث يصبح الاحتلال مكلفًا لإسرائيل ومن يدعمها؛ عندها يمكن إنهاء الاحتلال الذي من دون إنهائه لا يمكن إقامة دولة مستقلة حقًا، حتى لو بنينا مؤسسات دولة مثاليّة وحصلت على شهادة العالم كله بالجهوزيّة الفلسطينيّة لإقامة الدولة.

يجب أن ترتكز الإستراتيجيّة التي تريد التغيير أساسًا إلى تدويل القضيّة الفلسطينيّة بمختلف أبعادها، وتجميع جميع الموارد والثروات وأوراق الضغط والقوة الفلسطينيّة والعربيّة والدوليّة، وهذا لا يكون إلى بإعادة القضيّة إلى جذورها، بوصفها قضيّة شعب شرّد، وواقع تحت الاحتلال، ويعاني بجميع أجزائه من كل أشكال الاستعمار والاضطهاد والعنصريّة. وهذا يقتضي إحياء القضيّة الفلسطينيّة والمشروع الوطني والمؤسسة الجامعة والقيادة الواحدة على أساس الحقوق الطبيعيّة والتاريخيّة والقانونيّة، وبما يضمن وحدة القضيّة والشعب والأرض، وهذا يتطلب أساسًا التركيز على خطاب الحقوق: حق تقرير المصير؛ وحق والعودة؛ وإنهاء الاحتلال؛ والحقوق المدنية والمعيشيّة لشعبنا داخل إسرائيل والشتات.

إن مثل هذا التفكير الإستراتيجي أصبح متطلبًا وطنيًا، لا مناص منه بعد أن قضت إسرائيل على حل الدولة الفلسطينيّة على حدود 1967، وعلى اتفاق أوسلو الذي تنصلت منه، مع أنها تريد الإبقاء على الالتزامات الفلسطينيّة فيه.

ليس مطلوبًا من الفلسطينيين الإعلان رسميًا عن إلغاء اتفاق أوسلو ردًا على ذلك؛ حتى لا يتحلموا المسؤوليّة عن جريمة ارتكبتها إسرائيل، ولكن عليهم إدراك أنه الجذر الأساسي لما وصلوا إليه، ومن دون تجاوزه عمليًا، خطوة خطوة وصولًا إلى التخلص منه نهائيًا؛ لا يوجد حل عادل أو متوازن أو مرضٍ، بل سيؤدي استمرار السياسة الانتظارية إلى المزيد من الضياع للفلسطينيين وقضيتهم، وصولًا إلى تصفيتها نهائيًا.

aymaan noor
30-09-2012, 03:39 PM
حدود ومآلات التغير في العلاقات المصرية الإسرائيلية
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/05a977f75c8bd421cf67e35678973f79_L.jpg
محمد عبد الله يونس
مدرس مساعد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة
تشهد العلاقاتُ المصرية الإسرائيلية موجةً حادةً من الانحدار المضطرد قضت على الاستقرار النسبي لإحدى ركائز منظومة الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط. إذ يمكن اعتبار الهجوم الذي استهدف وحدة عسكرية إسرائيلية قبالة العلامة 46 الحدودية في 21 سبتمبر الجاري بمثابة مؤشر جوهري على التحولات الهيكلية في ثوابت العلاقات المصرية الإسرائيلية

في ظل تصاعد وتيرة التوترات خلال الفترة الممتدة بداية من انهيار نظام مبارك وانتهاء بتصفية دور المجلس العسكري، وانفراد الرئيس مرسي بصلاحيات إدارة الدولة حتى انتهاء المرحلة الانتقالية، بما يُثير تساؤلات مهمة حول حدود ومآلات التغير الراهن في العلاقات المصرية الإسرائيلية.

أزمات متصاعدة

لم يكن الهجومُ على القوات الإسرائيلية الذي تبنته جماعة أنصار بيت المقدس، وأسفر عن مقتل ضابط إسرائيلي وثلاثة من منفذي الهجوم، تطورًا مفاجئًا في وتيرة الأوضاع الأمنية المتردية على الحدود المصرية الإسرائيلية؛ إذ يُعتبر أحد مظاهر انسحاب الدولة المصرية من الأطراف تحت وطأة أزمات الداخل المتصاعدة، بما أدى إلى تطور نوعي في قدرات التنظيمات المسلحة على الحدود المصرية الإسرائيلية كان أبرز مؤشراته:

- الهجوم على مديرية أمن شمال سيناء ونقاط مراقبة أمنية في 16 سبتمبر باستخدام أسلحة ثقيلة نوعية، على الرغم من تأكيدات المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة استمرار العملية نسر، وتمكنها من قتل 33 من العناصر المسلحة، وتدمير 31 نفقًا حدوديًّا ردًّا على هجوم التنظيمات الإرهابية في 5 أغسطس على قوات حرس الحدود المصرية في رفح قرب معبر كرم أبو سالم، وراح ضحيته 16 مجندا من عناصر القوات المسلحة.

- اقتحامُ عناصر مسلحة لمقر قوات حفظ السلام في طريق الجورة في شمال سيناء في 14 سبتمبر احتجاجًا على الفيلم المسيء للرسول، بما أسفر عن إصابة 3 جنود من كولومبيا، وإحراق عدة مركبات، والاستيلاء على معدات وأسلحة من الموقع.

- تفجيرات خط الغاز الواصل لإسرائيل والأردن التي وصل عددها حوالي 15 تفجيرًا منذ بداية الثورة المصرية حتى 22 يوليو الماضي، وتكرار إطلاق الصواريخ من سيناء على أهداف داخل الحدود الإسرائيلية التي كان أبرزها في 17 يونيو و4 إبريل 2012.

- يرتبط هذا التصاعد في التوترات الأمنية الحدودية باتساع الهوة الفاصلة بين مصر وإسرائيل لا سيما منذ تفجر الاحتجاجات الشعبية، واقتحام المتظاهرين للسفارة الإسرائيلية عقب قتل القوات الإسرائيلية لخمس مجندين من قوات حرس الحدود المصرية، ثم الأزمةُ الثانية في العلاقات بإعلان مصر إنهاء تصدير الغاز لإسرائيل في إبريل 2012 كأحد مؤشرات التراجع في مسار التطبيع المصري الإسرائيلي.

مؤشرات التراجع:

تشهدُ العلاقاتُ المصريةُ الإسرائيلية انفصالًا غير مسبوق بين استمرار التنسيق الأمني والعسكري الوثيق والتباعد السياسي والاقتصادي المتصاعد بين الدولتين لا سيما منذ انتهاء الدور السياسي للمجلس العسكري الذي كان يعتبر أحد عناصر التوازن في منظومة التفاعلات بين الدولتين، وفي هذا الإطار تكشف مؤشرات عديدة عن موجة جديدة من التراجع في العلاقات المصرية الإسرائيلية تشمل:

- الضغوط الإسرائيلية على مصر لسحب الدبابات والأسلحة الثقيلة من المنطقة الحدودية، والالتزام بمقتضيات اتفاقية السلام، على الرغم من الدعم المبدئي الذي أبدته إسرائيل للعملية نسر للقضاء على التنظيمات المسلحة في سيناء، تعبيرًا عن المخاوف مما يصفه المحلل الإسرائيلي أليكس فيشمان "ضبابية مستقبل العلاقات بين الدولتين" في عهد الرئيس مرسي.

- القلق الإسرائيلي المتصاعد من تراجع التنسيق السياسي مع مصر الذي عبر عنه بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي في 16 سبتمبر بتأكيده انقطاع الاتصالات السياسية مع مصر منذ تولي الرئيس مرسي لمنصبه، وأن الأخير "لا يرغب حتى في النطق بكلمة إسرائيل" تعبيرًا عن عدم قبول العلاقات على الرغم من التنسيق العسكري الوثيق.

- اعتبار وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك "الإرهاب في سيناء الخطر الحقيقي على أمن إسرائيل" وهو ما انعكس في تسريبات إسرائيلية لدراسة عن القيام بعمليات عسكرية استباقية لتحييد التهديدات الإرهابية في سيناء، وتأكيدات الجنرال تسفي فوجل نشر كتيبة ****ال الإضافية على الحدود مع مصر، إضافة إلى التدابير الأمنية الأخرى التي شملت نشر كتيبة استطلاع موجهة على الحدود، إضافة إلى عمل وحدة "ريمون" لمكافحة الإرهاب، والتي تعمل في المنطقة الجبلية المعقدة، وإعادة وحدة المستعربين على الحدود، واستكمال الجدار الفاصل على الحدود، ونشر بطاريات صواريخ القبة الحديدية الاعتراضية في يونيو الماضي.

- نشر وزارة الدفاع الإسرائيلية للخطة "عوز" في 24 أغسطس التي تتحسب لاحتمالات مواجهة عسكرية مع مصر بتأهيل القوات على اعتبار مصر جبهة مواجهات عسكرية، والاستعداد لنشر زوارق الصواريخ الجديدة ساعر-5 في البحر الأحمر لاستهداف قناة السويس، وتطوير منظومات التسلح، وزيادة الإنفاق العسكري.

- تراجع التطبيع الاقتصادي بقرار شركة الخطوط الجوية الإسرائيلية "العال" إيقاف رحلاتها من القاهرة لأول مرة منذ توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979 بسبب تراجع حاد في معدل الانتقال بين الدولتين، بالإضافة إلى ما كشف عنه تقرير المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء من تراجع الصادرات الإسرائيلية لمصر بنسبة 73% خلال شهر يوليو الماضي، كما انخفضت الواردات المصرية لإسرائيل خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 70% بحيث لم تتجاوز 44.6 مليون دولار.

- تصاعد وتيرة سياسة شد الأطراف الإسرائيلية لتطويق الدور المصري في إفريقيا، وهو ما يستدل عليه بجولة أفيجدور ليبرمان في دول منابع النيل في 2 سبتمبر الجاري، وخاصة إثيوبيا وكينيا وأوغندا لتعزيز التعاون في مجالات الزراعة والمياه، وتوقيع اتفاقية بين إسرائيل وجنوب السودان في يوليو الماضي للتعاون في مجال البنية التحية والري بمبادرة من وزير البنية التحتية الإسرائيلي عوزي لانداو.

تفجر القضايا الخلافية:

لم يقتصر التراجع في العلاقات على مؤشرات التوترات الآنية، وإنما تضمن إثارة مختلف القضايا الخلافية في العلاقات المصرية الإسرائيلية في الوقت ذاته، تعبيرًا عن مراجعة شاملة لركائز السلام
المصري الإسرائيلي، بحيث امتدت إلى ما يلي:

1- مراجعةُ اتفاقية السلام: تصاعد السجال بين مستشار الرئيس مرسي محمد عصمت سيف الدولة الذي أكد ضرورة تعديل اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية لا سيما الملحق الأمني الذي يضع قيودًا على انتشار القوات المصرية في المنطقتين "ب" و"ج" من سيناء انطلاقًا من مقتضيات السيادة المصرية، وانفرادها بتحديد شئون أمنها، ووزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان الذي أكد عدم وجود أدنى احتمالية لتعديل اتفاقية كامب ديفيد، وإشارته "مشكلة مصر الأمنية في سيناء لا تعود إلى حجم قواتها؛ بل إلى عزيمتها على محاربة العناصر الإرهابية".

وتأكد رد الفعل الإسرائيلي بتصريحات عاموس جلعاد، رئيس القسم الأمني والسياسي في وزارة الدفاع الإسرائيلية؛ بأن معاهدة السلام مع مصر لن يتم تعديلها إلا بالتوافق بين الطرفين. في المقابل دعا عضو الكنيست "روني بار أون" لبحث إمكانية تعديل الملحق الأمني لاتفاقية السلام مع مصر استغلالا لمكاسب التفاوض مع الحكومة الجديدة في مصر، واقتناص اعتراف جماعة الإخوان المسلمين
بإسرائيل.

2- أمن الحدود: أدى تصاعد تهديدات الجماعات المسلحة في سيناء لإثارة الضغوط الإسرائيلية على مصر لاستعادة ضبط الحدود في إطار الالتزام باتفاقية السلام في ظل اتهامات إسرائيلية لمصر بتعمد تراخي الإجراءات الأمنية لاعتبارات سياسية في إطار العلاقات الوثيقة بين الإخوان المسلمين وحركة حماس والضغوط المصرية لإجبار إسرائيل لتعديل اتفاقية كامب ديفيد، بما أدى لتحويل سيناء لبؤرة تهديدات أمنية على حد تعبير إيهود باراك.

وفي السياق ذاته؛ أثار طرح مصر مزايدة عالمية للبحث عن الغاز والبترول في المياه الإقليمية الاقتصادية مخاوف جديدة من احتكاكات مع أنشطة الاستكشاف الإسرائيلية في المناطق الحدودية بما يصعد الجدل حول ترسيم الحدود المائية بين الدولتين.
3- تعديل اتفاقية الكويز: استمرارًا لمراجعة العلاقات أكد حاتم صالح وزير الصناعة والتجارة المصري في 24 سبتمبر أن الحكومة المصرية أعادت التفاوض حول تخفيض المكون الإسرائيلي من 11% إلى 8% ضمن المنتجات في إطار اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز) وهو المطلب الذي لم يتحدد مصيره بعد انتظارًا للموقف الإسرائيلي والأمريكي.

4- التوازن العسكري: تصاعد القلق الإسرائيلي من واردات الأسلحة المصرية لا سيما استيراد مصر لغواصتين من طراز 209 من ألمانيا، وفشل حملة الضغوط الدبلوماسية على الحكومة الألمانية لعدم المصادقة على الصفقة تحت ذريعة الأوضاع التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على الرغم من امتلاك إسرائيل غواصات من طراز دولفين الأكثر تطورا. في المقابل ضغطت مصر لفرض إجراءات السلامة النووية على المنشآت الإسرائيلية خلال مؤتمر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 18 سبتمبر، وأعادت طرح مبادرتها لإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وتلازم ذلك مع مخاوف إسرائيلية عبر عنها شاؤول يشاي نائب رئيس مركز الأمن القومي الإسرائيلي السابق من اتجاه مصر لإحياء برنامج نووي عسكري اتساقًا مع المواقف المعلنة لقيادات وكوادر جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس مرسي.

5- القضية الفلسطينية: يمثل ربط الرئيس المصري بين استمرار اتفاقية كامب ديفيد وإقامة الدولة الفلسطينية في حديثه لصحيفة نيويورك تايمز يوم 23 سبتمبر تحولًا جديدًا في ثوابت السياسة الخارجية المصرية؛ إذ إن تأكيد مرسي على أن احترام اتفاقية السلام يتوقف على تطبيق نصوصها الخاصة بمنح الحكم الذاتي للشعب الفلسطيني يرتبط بالتغير في الموقف المصري حيال الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، وفك الحصار المفروض عليه في إطار العلاقات الصاعدة بين مصر وحركة حماس التي تعتبرها تهديدًا لأمنها.

مستقبل غامض

على الرغم من تأكيدات مصر وإسرائيل على حيوية استمرار اتفاقية السلام بين الدولتين؛ إلا أن التراجع المضطرد للعلاقات وتآكل ركائزها المستقرة يجعل السلام الهش بين مصر وإسرائيل رهنًا
بمحددات عديدة، أهمها:

1- مدى التحولات السياسية في مصر والتوظيف الانتخابي لدعوات مراجعة العلاقات المصرية الإسرائيلية وتقليصها لأدنى المستويات في ظل تحكم الشارع في مواقف القوى السياسية قبيل انتخابات برلمانية فاصلة.

2- نطاق التحولات في السياسة الخارجية المصرية واحتمالات تغير مسار العلاقات مع الأطراف الإقليمية المعادية لإسرائيل، لا سيما إيران، والتوترات الآنية في العلاقات المصرية الأمريكية.

3- استعادة مصر السيطرة الأمنية في سيناء في إطار تصاعد التفاهمات بين الطرفين حول انتشار القوات المسلحة المصرية وفق قواعد جديدة تحقق التوازن بين مقتضيات الأمن للدولتين.

4- تغير توجهات الرأي العام في الدولتين لتبني مواقف أكثر إيجابية حيال اتفاقية السلام: حيث كشف استطلاع رأي للمعهد القومي الإسرائيلي في يونيو الماضي أن 42% من الجمهور الإسرائيلي يؤكدون أن اتفاقية السلام مع مصر ستتعرض لتفريغها من مضمونها، وفي المقابل كشف استطلاع مركز جالوب لاستطلاعات الرأي في 24 سبتمبر عن أن 42% من الجمهور المصري يرفض استمرار اتفاقية السلام مع إسرائيل في مقابل 48% يقبلون استمرار السلام دون تطبيع للعلاقات.

5- إمكانيةُ تجاوز الجمود في عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية في ظل سياسة الاستيطان المتصاعدة، والمواقف الحدية لليمين الإسرائيلي المسيطرة على الائتلاف الحاكم في إسرائيل.

وإجمالا فإن العلاقات المصرية الإسرائيلية لن تعود إلى سابق عهدها قبيل سقوط نظام مبارك، ومن المرجح أن تشهد مزيدًا من التراجع والجمود مع تصاعد مزيدٍ من القضايا الخلافية، واستمرار التعنت الإسرائيلي الذي يعوق تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بما يدفع الساسة للاستجابة لضغوط الرأي العام، وتقليص العلاقات لأدنى مستوياتها دون المساس بركائز السلام بين مصر وإسرائيل.

aymaan noor
30-09-2012, 03:45 PM
تحديات الانتخابات الرئاسية الايرانية المقبلة
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/Iranian_presidential_election_2009_protests,_Oslo_-_2009-06-22_at_15-03-57_-_2009-06-22_at_15-03-57.jpg
Mohammad Ali Kadivar
يبدو أن الانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران والمزمع عقدها في عام 2013 ستؤدي إلى تعميق الانقسامات في صفوف المعارضة الايرانية؛ بينما بدأت أطراف من المعارضة التداول حول المشاركة في الانتخابات، يرفض بعضها مبدأ المشاركة فيها ،على سبيل المثال قال سعيد حجاريان، وهو أحد المنظرين للمعارضين في الداخل إن الانتخابات هي "فرصة للتنظيم والعمل" وفي الوقت نفسه رأى الصحفي والناشط البارز مرتضى كاظميان أنها ستشمل منتسبي النظام فقط ولن تسمح السلطة لأي من القوى الديمقراطية المشاركة فيها.

المناقشات حول الفرص والقيود المتعلقة بإنتخابات عام 2013 تعكس أيضا الإنقسام الكبير بين المعارضين حول الإستراتيجيات ومستقبل النظام السياسي والديمقراطي في البلد. في ‌الواقع موضوع المشاركة أو المقاطعة هو معضلة مشتركة لغالبية المعارضين للأنظمة الاستبدادية التي تفرض إنتخابات غير حرة و غيرعادلة لإضفاء الشرعية على حكمها. كما تستخدم هذه الأنظمة أحياناً الانتخابات كأسلوب لتجزئة المعارضة والقضاء عليها وروسيا وماليزيا وغانا تشكل أمثلة لهذه الأنظمة التي يطلق عليها "الاستبدادية التنافسية".

رافقت الانتخابات الرئاسية في إيران على مدى العقدين الماضيين ضغوطات على التحالفات القائمة كما شكلت فرصاً لإيجاد تحالفات جديدة بين القوى السياسية المنتمية للنظام وكذلك للمعارضين. إنشق في انتخابات عام 1997 "اليمين الجديد" الذي يمثله الرئيس السابق أكبر رفسنجاني ورجاله عن "اليمين التقليدي" وأقام تحالفاً مع اليسار منذ ذلك الوقت و دعم ترشيح محمد خاتمي في الانتخابات الرئاسية السابقة. وبعد فوز خاتمي الذي طرح خلال حملته الإنتخابية شعار المجتمع المدني وسيادة القانون والحرية وتلبية مطالب الشعب وخاصة طموح الطبقة الوسطى الناشئة وأعلن كذلك دعمه للشباب والنساء، بدأت مرحلة جديدة أطلق عليها "حركة الإصلاح".

وتفكك هذا التحالف الكبير في عام 2005 كما أن الإصلاحيين قدموا ثلاثة مرشحين للانتخابات وشكلت الحركة الطلابية ركناً مهماً لدعم ترشيح خاتمي في عام 1997 .وتفكك التحالف آنذاك لأن المتشددين في النظام الإيراني قاموا بعمليات تصعيد وقمع طالت عدداً كبيراً من الاصلاحيين. أما في عام 2000 فقد دعت الفصائل المختلفة الإصلاحية الى وضع استراتيجيات مختلفة للتعامل مع المتشددين.

ذكر العديد من المحللين والصحفيين الإصلاحيين أنه إذا كانت الفصائل الإصلاحية قد حافظت على تحالفها واتفقت على اثنين من المرشحين لكان قد تفوق مرشحوها على أحمدي نجاد مع فارق أقل من مليون صوت. وفي عام 2009 لم تكن الهوة حول المشاركة أو المقاطعة عميقة كما كانت في عام 2005 ، لأن السنوات الكارثية الأربع من رئاسة نجاد قد شكلت قناعات كافية لدى القوى السياسية المختلفة حول ضرورة وصول ممثل لهذه القوى إلى مبنى الرئاسة. وكان للمعارضة مرشحان لكنها لم تشكك في استراتيجية المشاركة في الانتخابات.

أما فرص المنافسة وتعامل المتشددين المهيمنين على مفاصل الحكم فسيحددان أطر الانتخابات وأثرها على التحالفات الإصلاحية الأخيرة. إذ كما هو متوقع سيشجع مرشد الجمهورية الإسلامية ويسمح بمشاركة بعض الإصلاحيين السابقين مثل محمد رضا عارف، نائب الرئيس خاتمي 2001-2005 حيث لم يؤيد الحركة الخضراء ولكن رغم هذا يعمل حكام النظام على إيجاد تحديات كبيرة أمام الإصلاحيين ونشطاء الحركة الخضراء وهذه الإستراتيجية تؤدي من جانبها إلى إحداث انشقاق بين المعارضة و تعمل لبلورة الانقسامات السابقة في المعارضة و المتمثلة بالمقاطعة أو المشاركة كما حصل في الانتخابات الأخيرة.

وبناء على ذلك يعمل قادة الإصلاحيين مثل الرئيس السابق محمد خاتمي على تقييم استراتيجية المتشددين في الانتخابات ، كما ذكر خاتمي في أحد لقاءاته العامة بأنه يجب أن نعمل لإيجاد مناخ سياسي مناسب من اجل اقامة انتخابات شعبية.

الأخبار غيرالرسمية الواردة من المنتديات والإجتماعات للأعضاء الأصغر سناً وأكثر تطرفاً في المعارضة وخاصة أولئك الذين ينضوون تحت راية الحركة الخضراء تشير إلى أنهم ليسوا متحمسين للمشاركة في الانتخابات. ويدعو بعضهم كحد أدنى إلى الإفراج عن موسوي وكروبي قبل النظر في خوض الإنتخابات. ويرى بعضهم أن عميلة التزوير والإحتيال والقمع الذي تلى انتخابات 2009 لم تترك مجالاً للمشاركة في أي انتخابات حيث أن المشاركة ستضر بالحركة الشعبية. ووفقاً لذلك انتقد موقع "جرس" وهو أحد المواقع الرئيسية للحركة الخضراء، الدعوة للمشاركة في الانتخابات " الشكلية " في عام 2013 و وصف تلك الدعوات بأنها تتناقض مع طبيعة الحركة الخضراء التي تكافح لإقامة انتخابات حقيقية .هذا النقاش الداخلي يكشف أحد الاختلافات الاستراتيجية الكبيرة بين الإصلاحيين 1997-2005 و الحركة الخضراء التي ظهرت بعد إنتخابات 2009.

رغم أن الإصلاحيين كانو متشائمين بالنسبة لحشد الجماهير وفضلوا العمل من خلال المؤسسات السياسية القائمة ، كانت الحركة الخضراء ترى بأن الحشد الجماهيري سيكون أفضل وسيلة لدفع التطلعات الديمقراطية للشعب الإيراني. القدرات المدهشة للحركة الخضراء في جلب مئات الآلاف من الناس إلى شوارع طهران طغت على الاستراتيجيات الإصلاحية السابقة وأدت إلى تهميشها لفترة من الزمن. ومع ذلك نجحت السلطة في قمع الحركة الخضراء كما مهد إنخفاض نشاطها منذ عام 2010 إلى إمكانية العودة إلى الاستراتيجيات الإصلاحية المهمشة التي تركز على العمل من خلال المؤسسة السياسة الحالية.

يبدو أن القادة الإصلاحيين باتوا يدركون مدى أضرار الانقسام بين أطياف المعارضة، وعلى هذا الأساس رفض عبد الله نوري، وهو من أبرز قادة الاصلاحيين الفصل بين الحركة الإصلاحية والحركة الخضراء، واقترح تشكيل مؤسسة تمثل جميع الإتجاهات المختلفة داخل المخيم الإصلاحي. وكان نوري وزيراً للداخلية في حكومة خاتمي قبل إقالته من منصبه خلال استجوابه في البرلمان المحافظ آنذاك. وسجن في وقت لاحق بسبب الإنتقادات اللاذعة التي نشرها في صحيفته وهذه الخلفية السياسية لنوري تمكنه من استقطاب الأعضاء الراديكاليين في الحركة الخضراء.

تشير النسبة العالية لمشاركة الناخبين في إنتخابات عام 2009، وبلغت نسبتها وفقاً للتقارير الرسمية إلى 85 ٪، تشير إلى تراكم المطالب التي لم تتحقق في المجتمع الإيراني وتتعلق معظمها بالحريات السياسية والاجتماعية و التطورالاقتصادي. أما القمع السياسي الذي أخذ منذ عام 2009 منحى تصاعدياً إلى جانب العقوبات الإقتصادية، وإرتفاع معدلات التضخم أدى إلى تراكم المطالب الشعبية، وفي المقابل تشكل هذه التوجهات تحدياً خطيراً للنظام، أما المعارضة فتحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى صياغة إستراتيجية وخطاب مناسب لتمثل مطالب المجتمع الإيراني والمشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها يشكلان جزءا أساسياً من هذه الاستراتيجية التي تناقشها في الأشهر المقبلة ومع ذلك تحتاج المعارضة لتنفيذ أي استراتيجية - سواء المقاطعة أو المشاركة – تحتاج أولاً الى الحفاظ على خطوط موحدة و متماسكة.

حـيرم
30-09-2012, 04:14 PM
هذه التحديات لاترقى حتى الى السمع الايرانى ولا تمد للواقع الايرانى باى صله
لان المرشد هو الذى يبدل الاشكال كيفما يشاء وتبقى الشعارات الى اجل غير مسمى
تغيير الاشكال والسياسه واحده

darch_99
30-09-2012, 11:20 PM
السيد الفاضل ايمن نور

هذا مقال جيد لوصف الحال بين مصر واسرائيل لكن وهذا هو المهم والذي لم يذكرة المقال
ان السيد الرئيس مرسي واسرائيل (انا متعمد ذكر الرئيس في مواجهة اسرائيل ولم اقل مصر ولهذا سبب) كل منهم يفهم الاخر جيدا ولكن الجماعات الجهادية السلفية او التكفيرية ان صح التعبيير
لا تفهم وليست لديها رؤية استراتيجية ولان الفهم نعمة كبيرة من الله كما قال تبارك وتعالي
(ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما) (http://www.thanwya.com/vb/w)

وهؤلاء الجهاديون التكفيريون لايفهمون وعندهم نقص في العلم وهم لا يحكمون وايضا ليس لديهم حكمة في التعامل مع الامور

والسؤال الذي يطرح نفسة بعد هذة الديباجة ما الذي يفهمه مرسي وتفهمة اسرائيل جيدا ولا يفهمه هؤلاء الجهاديون ؟

ان مرسي يسعي جاهدا الي توازن القوة بينه وبين اسرائيل وعلي الاقل الحفاظ علي الحد الادني من قوة الردع في الوقت المنظور ليس بسبب الخوف من قيام حرب في هذة الاونه ولكن لردع اسرائيل عن اتخاذ قرارات تمثل امر واقع (سياسة البلطجة) وعمل حساب لمصر ولسياستها عند اتخاذ اي قرار يضر بالامن القومي المصري وليصبح التصريح المصري في السياسة الدولية له قدره ويؤخذ ماخذ الجد وليس كأيام المخلوع علية من الله ما يستحق وعلي سبيل المثال مشاريع استخراج الغاز من البحر المتوسط او التغول في سيناء ولإثبات قدرة مصر العملية علي التصدي لاي عدوان يقع عليها مهما كان بسيطا كما كان يحدث ايام المخلوع , يبقي في الوقت المنظور تقوية قوة الردع المصرية اما علي المستوي الاستراتيجي فقوة الردع المصري في الوقت المنظور هي خطوة ليس الا تتبعها خطوات اخري في تقوية الجيش المصري ويمثل هذا تكتيكا استرتيجيا لخلق امر واقع جديد من خلال تفاهم وتفاعل العالم في هذة الاونه لظروف التسليح المصري لتحقيق الامن في المنطقة واستغلال ذلك في تقوية الجيش الي ابعد حد استعدادا
لأي حرب قادمة طارئة وهي حتما ستقع والجهاديون لايفهمون انهم ذخر استراتيجي مهم سنحتاجهم يوما ما
لكن هم بافعالهم تلك غير المسؤله يؤخرون التسليح والتدريب والتطوير بجهلهم وبغبائهم بل ويؤخرون نهضة مصر فيجميع المجالات بسبب الضغط العسكري عليهم واستفار قوة الدولة للقضاء عليهم وبالتالي تشتت القوة المصرية إن التزامهم بقرارات رئيسهم والتزامهم الهدوء يؤكد للعالم كله قدرة الرئيس المصري علي السيطرة وبالتالي الا طمئنان الي الاستثمار وجذب رؤوس الاموال الي مصر مما يسرع في نمو الاقتصاد وايضا يساهم ذلك في تقوية الجيش المصري في هدوء وصمت كل هذا يفهمة مرسي وتفهمه اسرائيل
ولكن هؤلاء لا ينظرون الا تحت اقدامهم ويا ليتهم فهموا الشرع والشريعة علي مراد الله ولكنهم بغبائهم يضرون ولا ينفعون فدمائهم تضيع وقوتنا تتشتت والنتائج في صالح اعدائنا . هذا واسئل الله ان يبصرهم بنور الحق انه ولي ذلك ومولاه والقادر عليه
وجزاك الله خيرا اخي ايمن

aymaan noor
01-10-2012, 09:46 AM
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم

aymaan noor
02-10-2012, 08:57 AM
لماذا ترفض الصين التدخل العسكري في سوريا؟
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/7ab716354432ee12f19b58c60471093b_L.jpg
مايكل سواين
مع تصاعد الحديث داخل الأوساط الغربية والأمريكية عن التدخل العسكري في سوريا على غرار التحالف الدولي في ليبيا الذي أنهى الأزمة الإنسانية الليبية؛ بدأت الكتابات الغربية تولي أهمية لبحث مواقف الدول الكبرى من التدخل العسكري في سوريا.

وفي محاولة لدراسة الموقف الصيني من التدخل العسكري نشرت دورية مراقبة قيادة الصين China Leadership Monitorفي عددها عن شتاء 2012 دراسة لـ"مايكل سواين"، الخبير في شئون السياسة العسكرية والأمنية في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي تحت عنوان "وجهة النظر الصينية بشأن النزاع السوري". ويسلط سواين في مقاله الضوء على موقف الصين من الاضطرابات السورية المستمرة، ومن فكرة التدخل العسكري الأجنبي.

الموقف الصيني بين التعنّت والرضوخ

لاحظ العديدُ من مراقبي السياسة الخارجية الصينية في السنوات الأخيرة تغيرًا طفيفًا في موقف بكين التقليدي تجاه التدخل الأجنبي في الشئون الداخلية للدول الأخرى. فعلى مدار التاريخ؛ أيدت جمهورية الصين الشعبية بقوة ما تعتبره "المبدأ الصيني المقدس لسيادة الدولة"، وهو مبدأ معاداة التدخل الخارجي التعسفي أو المفرط (ولا سيما التدخل العسكري).

وقد تعزَّز موقفها ذلك بمعارضتها الشاملة المعلنة لاستخدام القوة في حسم القضايا السياسية الدولية، وبتشديدها على أن الضغوط القسرية الخارجية (مثل العقوبات) الرامية إلى تقويم سلوكيات الحكومات السلطوية لا تحقق النتائج المرجوَّة بقدر ما يحققه الحوار الخاص والحوافز الإيجابية في تلك الحالات.

وبالإضافة إلى ذلك؛ قاومت القيادة الصينية التدخلات الأجنبية في الشئون الداخلية للدول ذات السيادة، لا سيما عندما تقودها الولايات المتحدة والغرب بشكل عام، انطلاقًا من دوافع قلق من أن مثل هذا التدخل الرامي إلى تغيير النظام يمكن أن يشكّل سابقة قد تُستخدم يوما ما ضد بكين. لذا تتلافى بكين المشاركة في الجهود التي تبذلها الدول الأخرى والهيئات الدولية للتدخل عسكريًّا في الحروب الأهلية أو في حالات الاضطرابات الداخلية التي تشبّ في الدول الأخرى (ولا سيما في الدول النامية).

ومع ذلك؛ وقع الموقف الصيني الحازم بشأن التدخل الأجنبي تحت ضغط في السنوات القليلة المنصرمة بسبب القلق الدولي المتصاعد حول عدد من الحوادث التي استخدمت فيها الحكومات الاستبدادية العنف ضد شعوبها؛ ومن تلك الحوادث الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا في عام 1994، وعمليات القتل الجماعي للمدنيين في منطقة دارفور السودانية في 2003-2004، وكذلك مجموعة واسعة من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والأمنية الأخرى التي امتدت عبر الحدود الوطنية.

ومن وجهة نظر بعض المحللين؛ ساهمت مثل هذه التطورات في وضع قواعد تؤكد على حق المجتمع الدولي في التعدّي على استقلالية الدولة القومية لحماية أو تعزيز الاعتبارات الأخرى. وخير مثال على ذلك هو مبدأ "مسئولية الحماية" (Responsibility To Protect)الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2005 على خلفيات أحداث يوغوسلافيا السابقة، ورواندا، والصومال، وغيرها، وهذا المبدأ لا يعترف بحق السيادة.

وإذا حظيت مثل هذه القواعد بدعم الدول النامية الرئيسية مثل الهند والبرازيل وإندونيسيا، يمكن أن تواجه بكين ضغوطًا شديدة لدعم سياسات التدخل الأجنبي العسكري. وفي الواقع، تعترف بكين في قرارة نفسها بأن الأزمات الإنسانية أو المشاكل الأخرى التي تحدث فيما تصفها بـ"المناطق المتداعية" يمكن أن تشكّل تهديدات سياسية ودبلوماسية واقتصادية خطيرة للدول الأخرى، بما في ذلك الصين.

ونتيجة لذلك؛ أظهرت بكين مؤخرًا علامات قبول للتدخلات المعتمدة دوليًّا في بعض الحالات، وذلك لأسباب ترتبط بالوقاية من جرائم العنف الجماعي. وأحدث مثال على هذا التغير في الموقف الصيني هو دعم بكين لتدخل قوات حلف شمال الأطلسي عسكريًّا في ليبيا للحيلولة دون قتل "نظام القذافي الديكتاتوري" للمدنيين الأبرياء. وعلى النقيض من الحالة الليبية، استخدمت القيادة الصينية حق النقض (الفيتو) مرارا ضد قرارات مجلس الأمن الدولي المتخذة بحق سوريا، ولم تُعط أي مؤشر على قبول أي نوع من التدخل العسكري الأجنبي هناك.

موقف الصين الرسمي

رغم سعي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات على نظام بشار الأسد "السلطوي" من أجل إخراج سوريا من الظلمات إلى النور؛ نأت بكين بنفسها عن الجهود الرادعة للنظام السوري، وقررت اتخاذ موقف سلمي. فقد عارضت القيادة الصينية، جنبا إلى جنب مع القيادة الروسية، كافة العقوبات الأمريكية والأوروبية الصارمة المفروضة ضد نظام بشار الأسد، وانتقدت المساعي التي تمهّد للتدخل العسكري في سوريا.

وفي الوقت نفسه؛ حثت كل من بكين وموسكو المجتمع الدولي مرارًا على تشكيل جبهة موحدة تدعو كافة الأطراف إلى معالجة المشاكل عن طريق الحوار، ودعمتا جهود جامعة الدول العربية للتوصل إلى حل سياسي سلمي. هذا وأعربت بكين عن دعمها لقراري مجلس الأمن رقم 2042 و2043 اللذين يُلزمان الحكومة السورية بوقف استخدام الأسلحة الثقيلة في الأماكن السكنية بكافة أشكالها، ولخطة التسوية السياسية التي قدمها كوفي عنان، المبعوث الخاص السابق للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا.

ويُذكر أن الصين أوضحت موقفها بشأن الاضطرابات السورية من خلال مصادر تتألف أساسا من تصريحات لمسئولين كبار في الشئون الخارجية، وسفراء جمهورية الصين الشعبية لدى الأمم المتحدة، جنبا إلى جنب مع مختلف المتحدثين باسم وزارة الخارجية الصينية.

وبررت الصين موقفها بالقول إنها تحرص على الالتزام بالقواعد الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية، بما في ذلك مبادئ المساواة في السيادة وعدم التدخل في الشئون الداخلية للآخرين، حفاظا على مصالح كافة البلدان (الصغيرة والمتوسطة الحجم على وجه الخصوص).

وقد أكدت مصادر موثوقة مرارًا وتكرارًا أن الصين تسعى دائمًا إلى التوصل إلى حل عادل وسلمي ومناسب للأزمة، وأنها تفضّل استخدام وسائل سياسية وليست عسكرية، فهي ترى أن استخدام القوة لحل المشاكل الدولية يعقّد الأمور أكثر، ويعرقل الجهود الرامية إلى التوصل إلى تسوية سياسية، ويؤجج الاضطرابات.

وتعليقًا على الإجراءات القسرية التي تُتخذ ضد النظام السوري، قال مسئولون صينيون في محافل عديدة إن مثل هذه الإجراءات تنتهك القواعد الأساسية المتعلقة بالسيادة، وتقوّض جهود الوساطة الحالية التي تهدف إلى التوصل إلى حلٍّ سياسي.

وعلاوة على المذكور أعلاه؛ ترى الصين أنه لا ينبغي تطبيق قاعدة "مسئولية الحماية" إلا في الحالات الاستثنائية التي ترى الأمم المتحدة أنها تهدد السلم والاستقرار الدولي، أي في الحالات التي تنطوي على الجرائم الدولية الأربع: الإبادة الجماعية، جرائم الحرب، التطهير العرقي، الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.

وجهات النظر الصينية غير الرسمية

بشكل عام، تتفق تحليلات المراقبين الصينيين، بما في ذلك الصحفيون والأكاديميون في المقام الأول، مع موقف بكين الرسمي المذكور أعلاه. بيد أن العديد من هذه المصادر "غير الرسمية" تقدم المزيد من التفاصيل بشأن موقف الصين إزاء الأزمة السورية وأسباب معارضتها لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية. ولربما الأهم من ذلك هو أن هذه المصادر غير الرسمية توجّه انتقادات صريحة للسلوك الغربي عن تلك المصادر الرسمية.

فتُشير المصادر الصينية غير الرسمية إلى أن بكين تتخذ موقفًا حياديًّا في القضية السورية نظرًا لعدم وجود هذا النوع من المصالح الإنسانية والاقتصادية المباشرة التي كانت موجودة في الحالة الليبية، لافتة إلى أن الصراع الليبي كان ينطوي على قتل جماعي، في حين أن الصراع السوري لا ينطوي إلا على حرب أهلية وجمود سياسي.

وفي انتقاداتها الموجهة للغرب؛ تُشير تلك المصادر إلى أن الجهود المبذولة للإطاحة بالأسد بالقوة من شأنها أن تؤجج الصراع وتشِيع الفوضى، لا سيما في ظل ضعف الجيش، ووجود انقسامات عرقية. هذا واتهم بعض المحللين الغرب باستخدامه "التدخل الإنساني" كذريعة للإطاحة بالحكومات التي يعتبرها بمثابة تهديد لمصالحه الوطنية. وبالمثل، يرى بعض المراقبين أن الولايات المتحدة تسعى إلى إسقاط الحكومة السورية من أجل القضاء على حليف إيران الوحيد في المنطقة، ما من شأنه أن يصعّد الضغط على طهران.

وبناء على المذكور أعلاه، يتجلّى أنه ليس شرطًا أن يكون كافة المواطنين الصينيين مؤيدين أو معارضين لموقف بلدهم من القضية السورية.

استنتاجات

بالنظر إلى موقف الصين الحيادي إزاء القضية السورية؛ خلص الخبير سواين إلى ما يلي:

أولًا: ترى الصينُ في مسألة التدخل في شئون الدول بابًا لو انفتح على سوريا فقد لا يستثنيها يومًا.

ثانيًا: تحترم الصين استقلالية الدول وسيادتها، وتفضل عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى، حفاظًا على مصالح كافة الدول.

ثالثًا: تؤمن بكين بأن التدخل العسكري غير مسموح به إلا في الحالات الاستثنائية التي تنطوي على قتل جماعي مثلا.

رابعًا: ترى الصين أن القوى الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة، ترغب في الإطاحة بحكومات ذات سيادة لتحقيق أهداف جغرافية وإستراتيجية.

خامسًا: لا تؤمن بكين بفعالية الإجراءات القسرية في الحالة السورية؛ لما سيكون له من عواقب وخيمة. فذلك من شأنه، من وجهة نظرها، أن يعيق الجهود الرامية إلى التوصل إلى تسويات سلمية للمشاكل السياسية، وأن يؤجج الصراع هناك.

aymaan noor
02-10-2012, 11:12 AM
احتمالات نجاح الإبراهيمي في التوصل لتسوية الأزمة السورية
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/ea82697ed9755e975f3c7d735db2070c_L.jpg
محمد بسيوني عبد الحليم
تطرح الثورة السورية نموذجًا مغايرًا في سياق ثورات الربيع العربي، فبعيدًا عن الأُطُر التقليدية التي حكمت الثورات المصرية والتونسية والليبية، بل وحتى اليمنية؛ غدت سوريا ساحةً لصراع ممتد شهد تداخل أطراف عدة جعلت خريطة الأزمة تبدو أكثر تشابكًا؛ إذ إن ثنائية الفرص والتحديات أصبحت العنوان الأبرز للثورة السورية، فهناك أطراف إقليمية رأت في الثورة

فرصة سانحة لإعادة ترسيم وتشكيل حدود دورها في المنطقة، وأصبح هذا الأمرُ هو محركها الجوهري في التعامل مع الثورة، وبالتوازي مع هذا أفرزت الثورة تحديات أفقدت عدة أطراف توازنها، خصوصا وأنها تدرك أن تلك الثورة من شأنها أن تُرسي أوضاعًا إستراتيجية جديدة تهدد مصالح ظلت راسخة في المنطقة لعقود طويلة.

وانتقلت كافةُ هذه المعطيات إلى داخل منظمة الأمم المتحدة لتفضي في النهاية إلى انقسامات واضحة داخل مجلس الأمن، ومن ثم سعت المنظمة الدولية إلى البحث عن بديلٍ عبر تعيين الأخضر الإبراهيمي -خلفا لكوفي عنان- كمبعوث دولي مشترك في محاولة لطرح مقاربة سياسية للصراع، بما يفرض عددًا من التساؤلات تتلخص في احتمالات نجاح الإبراهيمي في التوصل إلى تسوية.

الأمم المتحدة وسوريا.. البحث عن بديل

خلال العقودِ الأخيرة أصبح خطابُ البراجماتية هو المهيمن على سياسات الدول، وهو الأمر الذي انعكست تجلياته على الأمم المتحدة، فعندما تأسست هذه المنظمة عقب الحرب العالمية الثانية كانت بمثابة تعبير عن توازنات القوى آنذاك، وكان الهدف الأسمى من تأسيسها -وفقًا لميثاقها- الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، ومواجهة انتهاكات حقوق الإنسان، وقد طُرح مفهوم التدخل الدولي كآلية لتحقيق هذه الأهداف، ولكن سرعان ما تبددت هذه الفكرة؛ إذ إن اعتبارات المصلحة للدول الخمس صاحبة حق الفيتو في مجلس الأمن باتت هي العنصر الحاكم في التدخل الدولي في الأزمات، وليس الاعتبارات الإنسانية.

وتجددت هذه الإشكالية إبان التعاطي مع الأزمة السورية، فقد بدت الانقسامات واضحةً داخل مجلس الأمن مع الاعتراض الروسي والصيني على أي قرار يتبنى الخيار العسكري لتسوية الأزمة، وبالتالي أصبح الخيار البديل المطروح يتمثل في حلول سياسية عبر مبعوث دولي؛ حيث قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 فبراير 2012 تعيين مبعوث خاص مشترك بين الأمم المتحدة والجامعة العربية، وفي 23 من الشهر ذاته تم اختيار كوفي عنان لهذه المهمة، وسعى مجلس الأمن إلى دعم مهمة المبعوث الدولي عبر استصدار القرار رقم 2042 في إبريل الماضي، والقاضي بإنشاء بعثة مراقبة تابعة للأمم المتحدة لرصد وقف أعمال العنف المسلح من جانب كافة الأطراف داخل سوريا.

وفي هذا الصدد؛ انطوى تعامل الأمم المتحدة مع الأزمة على دلالتين رئيسيتين، أولاهما التباطؤ في التعامل مع الأوضاع فيما كان الصراع يتطور بوتيرة متسارعة جاوزت فكرة الحل السياسي، وبالتالي كانت المحصلة النهائية فشل مهمة المبعوث الدولي كوفي عنان، وتقديم استقالته، وإنهاء مهمة بعثة المراقبة.

وتعكس الدلالة الثانية محاولة استدعاء النموذج اليمني وتطبيقه على الحالة السورية، وهو الأمر الذي لا يدعمه واقع الثورة السورية؛ إذ إن الصراع في اليمن لم يكن ممتدا، كما أن التركيبة القبلية والانشقاقات في صفوف النظام وعدم توافر غطاء إقليمي أو دولي داعم لعلي عبد الله صالح ساهم في التوصل إلى صيغة سياسية يتنحى بموجبها عبد الله صالح، ويتم إنهاء الأزمة، بيد أن هذه المعطيات المفضية إلى الصيغة ذاتها غير واردة حاليًّا في الحالة السورية.

المبعوث الدولي.. مهمة شبه مستحيلة

عندما ذكر الأخضر الإبراهيمي في أعقاب توليه مهمته كمبعوث دولي أن المساعي الدبلوماسية لإنهاء الصراع في سوريا شبه مستحيلة، كان يلقي الضوء على الأبعاد الرئيسية في الأزمة؛ إذ إن إطالة أمد الصراع أفضى إلى إدخال عدة متغيرات في المعادلة، بحيث باتت معها المساعي السياسية بلا طائل فعلي.

وعطفًا على ما سبق، تُصبح مهمة الإبراهيمي مجرد محطة من محطات الصراع دون التعويل عليها كثيرا في إيجاد مخرج حقيقي في المدى القريب، لا سيما وأن ثمة عوامل تدفع نحو ترجيح هذا السيناريو تتمثل في الآتي:

أولًا: قبول أطراف الصراع بالحلول السياسية عبر آلية التفاوض مرهون بإدراك متبادل أن استمرار الصراع يعني خسائر لكلا الطرفين، وعدم إمكانية الاستمرار في المسار العسكري، وهو أمر غير مطروح في الحالة السورية على أقل تقدير في الوقت الراهن، فنظام الأسد مستمر في عملياته العسكرية، ويحاول إضفاء صبغة الإرهاب على قوى المعارضة كآلية لتبرير عملياته العسكرية، بل لم يسعَ النظام حتى إلى تقديم بادرة للمجتمع الدولي تعكس قبوله بالحل السياسي، ففي حين كان يلتقي الأسد بالمبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي في دمشق يوم 15 من الشهر الجاري كانت العمليات العسكرية للجيش النظامي مستمرة لتُسقط المزيد من الضحايا.

ثانيًا: طولُ أمد الصراع والآثار المترتبة عليه، من مقتل أكثر من عشرين ألف سوري واعتقال واختفاء الآلاف فضلا عن تحويل أكثر من مليون وخمسمائة ألف مواطن إلى لاجئين في مدن سوريا بالإضافة إلى ما يزيد عن 200 ألف لاجئ بدول الجوار؛ جعل الخيار العسكري هو الخيار الأنسب للمعارضة السورية، فهي ترى أن النظام السوري فاقد للشرعية، وأن قبول الحلول السياسية مشروط بخروج الأسد من المشهد، وهو ما يرفضه النظام فضلا عن ضمانات سيسعى أركان النظام للحصول عليها في أي تسوية سياسية قد لا تقبلها المعارضة.

ثالثًا: تماهي الحدود بين أزمات الإقليم والأزمة السورية ليضفي المزيد من التعقيد، فمحور إيران-حزب الله لديه مصالح وقضايا عالقة مع الغرب، ويستخدم الطرفان الصراع في سوريا والدعم للنظام كغطاء لهذه القضايا، وكورقة ضغط، ومن ثمَّ فإن طرح حل سياسي للأزمة السورية يتعين أن يكون ضمن منظومة حلول تشمل الملف النووي الإيراني، والعلاقة الغربية مع حزب الله، وملف الصراع العربي الإسرائيلي، أو بصورة أدق كسر العزلة الغربية المفروضة على إيران وحزب الله، خصوصا وأن إيران على استعداد لدعم الأسد إلى ما لا نهاية؛ فقد صرح القائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري مؤخرا "أن عناصر من فيلق القدس التابع للحرس الثوري موجودون في سوريا ولبنان كمستشارين، وأن إيران قد تتدخل عسكريًّا في حال تعرض سوريا لهجوم".

وعلى الجانب الآخر؛ سعى معسكر تركيا وقطر والسعودية إلى تقديم الدعم للمعارضة، وتسليحها، بصورة كرست من عسكرة الصراع، وجعل القبول بالحلول السياسية في أدنى الحدود، وبين هذا وذاك يطمح كل طرف إلى تحقيق مصالحه بما يفرض على الإبراهيمي التعاطي مع استحقاقات عدة ومتباينة في آن واحد قد لا يكون في استطاعته الاستجابة لها، لا سيما وأنه لن يحظى بالدعم الغربي المطلوب.

رابعًا: استمرارُ الدعم الروسي الصيني لنظام الأسد يعني استمرار الانقسام الدولي، وهو ما ينسحب بالتبعية على مجلس الأمن، فموسكو تقدم غطاءً دوليا للنظام السوري، وتتبنى وجهته في التعامل مع الصراع، وبالتالي تفرض على أي تسوية سياسية شروطا مسبقة تمثل عنصرا ضاغطا على المبعوث الدولي.

خامسًا: تبني الإدارة الأمريكية نهجا انتقائيًّا في التعامل مع الثورات العربية، وهنا تبدو الحالتان الليبية والسورية متناقضتين، فالإدارة الأمريكية ضغطت من أجل إنهاء حكم القذافي عسكريًّا عبر غطاء من مجلس الأمن وحلف الناتو؛ حيث كانت حسابات المصلحة هي العنصر الحاكم، بينما تطرح الحالة السورية نموذجًا مختلفًا؛ إذ إن واشنطن سعت في البداية إلى التفاعل مع الصراع على أنه أزمة محدودة سيستطيع النظام التعامل معها، ومع امتداد الصراع بدأت تحاول الضغط على نظام الأسد، ولكنها محاولات بدت في كثير من الأحيان على استحياء، خصوصًا وأنها لا تريد إسقاط الأسد بصورة تخلف فراغا هائلا داخل سوريا يؤدي إلى أوضاع كارثية تمتد آثارها إلى دول المنطقة وفي مقدمتها حليفتها إسرائيل.

فالمُنطلقات الأمريكية تفرض على مهمة الإبراهيمي عدة تحديات، أبرزها أن الإدارة الأمريكية لم تكن من البداية مرحبة بفكرة المبعوث الدولي وقدرته على تسوية الصراع، يُضاف إلى ذلك قرب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية بصورة قد تقيد التحركات الأمريكية ومعها تحركات الإبراهيمي.

خلاصةُ القول: إن مهمة الإبراهيمي يكتنفها الكثير من الغموض، فخطة العمل التي سيتعامل بها مع أطراف الصراع غير واضحة المعالم، فضلا عن تداخل أطراف خارجية بصورة تجعل مهمة الإبراهيمي مجرد حل مطروح الهدف من ورائه إتاحة المزيد من الوقت أمام الدول الغربية لطرح بديل عن نظام الأسد.

aymaan noor
02-10-2012, 11:16 AM
دستور الثورة..الوصاية مستمرة
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/amr_photo.jpg
القراءة الأولية لمسودة باب الحقوق والحريات فى الدستور الجديد تظهر أن القيود الثلاثة المفروضة على حريات الأفراد والجماعات المشكلة لقوام هذه الأمة والتي نشأت فى خضم عملية بناء الدولة الحديثة عبر زمنيّ الاستعمار والتحرر الوطني مازالت حاضرة فى ذهن كتّاب دستور الثورة. نعني بهذه القيود أشكال ثلاثة رئيسية من الوصاية: الوصاية على الحق فى التنظيم والحركة المستقلة للجمهور العام وما يتطلبه ويقتضيه من حريات، الوصاية على ضمير الأفراد ومايستتبع ذلك من تقييد لحريات الاعتقاد والعبادة وأخيراً الوصاية على الجسد والسلوكيات العاطفية وال***ية، وخصوصاً جسد المرأة المُعتقل بشكل حصري داخل مجال الأسرة البرجوازية والمُنظَّم بقوانين تعتمد على تفسيرات متشددة للتراث الإسلامي. تكشف هذه المسودة والحال كذلك عن انفصال شبه تام مابين روح هذه الثورة وقيمها، والتي سعت إلى إعادة تأسيس للدولة الحديثة وجماعتها الوطنية على أسس مختلفة جذرياً عن سابقتها، وبين الطبقة السياسية الجديدة -وخصوصاً جناحها الإسلامي- والتي مازالت مخلصة للموروث من ركائز هذه الدولة. بعبارة أخرى، ينبع الالتباس فى موقف غالبية الفصائل الإسلامية، أو الإخوان على وجه التحديد، بخصوص الحريات الخاصة والعامة من إخلاصهم لمشروع الدولة الوطنية الحديثة وثوابته وليس العكس. ومن ثم فالنضال ضد ميل التيار الإسلامى للتضييق على الحريات فى الدستور الجديد يجب أن يبدأ بنقد ما استقر داخل مؤسسات الدولة المصرية الحديثة ووعى نخبها القانونية والسياسية من خطابات.

الدولة الحديثة وقيودها الثلاثة:

نشأت الدولة الحديثة منذ البداية متشككة في الحركة المنظمة لعموم المصريين رابطة إياها بميل فطري للشغب والتخريب. هذا التشكك في قدرة "العوام" على الحركة المنظمة لطالما كان حاضراً عبر عصور ماقبل الدولة الحديثة، فقد وسم علاقة الأرستقراطيات العسكرية التي تعاقبت على حكم المصريين منذ الفتح الإسلامي وما قبله والتي لم تر فى سكان هذا البلد- وبالتناغم مع حقائق هذا العصر- الأهلية اللازمة للعب أي دور محوري فى ممارسة شئون الحكم. كذلك شكّل هذا التشكك عصب النظرية الإسلامية السنية التقليدية في الشرعية والسيادة بشكل عام والتي اشتهرت بكراهة الخروج على الحاكم وإقرار الأمر الواقع- أي سلطة ما عُرف بأمراء التغلب- على أي محاولة لاستدعاء العوام إلى الشأن السياسى مقرنةً هذه المحاولات "بالفتنة". عاد هذا التشكك ليلعب أدواراً مختلفة في دعم مشروع التحديث الرأسمالي الذى قادته أرستقراطيات عسكرية ومدنية من نوع آخر ارتأت لنفسها مهمة تمدين المصريين وتحويلهم لمواطنين كاملي الأهلية منتظمين في علاقة مجردة مع الدولة على النمط المعروف في المجتمعات الرأسمالية الأوروبية. استتبعت مهمة التحديث تلك أنماطاً من الوصاية على الأشكال المختلفة من الإجتماع الأهلي لضمان استنبات علاقات الملكية والسوق الرأسمالي ومؤسسات الحكم الحديثة وتحصينها ضد أي شكل من أشكال التمرد المنظم، بل والتعالي الممنهج على تلك الهبّات باعتبارها تعبيرات مختلفة عن ميول غريزية لرفض التحديث والتقدم. وبالتالي لم تر تلك النخب أي إمكانية لمشاركة شعبية واسعة فى مشروع التحديث إذ يستحيل على تلك الجمهرة إدراك جوهر هذا التحديث ابتداءاً. ومن ثم فالمشاركة فى الشأن العام وفقاً لهذه الرؤية يجب أن تمر عبر عملية من التعليم والتمدين تعيد انتاج التمييز بين النخب الجديدة المتعلمة وعموم السكان. باختصار، ولدت النخب الجديدة متشربة بوعي يمكن وصفه "بالاستعماري" فى علاقتها بالجمهور المشكل للأمة المتخيلة.

وفى ارتباط وثيق بمشروع الدولة الحديثة ذاك تَشكَّل مشروع الإصلاح الإسلامي -على يد نخبة أزهرية معروفة ولاحقاً على يد نخبة قانونية جديدة يُعتبر الأستاذ السنهوري أبرز أعلامها بالطبع- ليقدم نظرية فى السيادة والشرعية تحل محل النظريات الموروثة من عصور ما قبل الدولة الوطنية الحديثة وليلعب أدوراً مساعدة في الضبط الإجتماعي وصناعة الهوية الوطنية الجديدة. أوكلت النظرية السنية التقليدية للحاكم الفرد، أو أمراء التغلب كما سبق الذكر، مهمة التشريع فى المسائل التى صمتت عنها الأحكام الشرعية الصريحة توظيفاً لمفهوم "التعذير" على أن يلتزم فى ذلك باجتهاد العلماء والقضاة. ولكن مع تعقُّد مهمات الحكم وتنوع تبعاتها وتشكل شبكة متداخلة من المصالح فى حاجة لتمثيل دخلت نظرية "السياسة الشرعية" تلك في أزمة حقيقية مع منتصف القرن التاسع عشر. تمثل إسهام هذا المشروع الإصلاحي فى فتح الطريق لتحل الأمة محل الحاكم الفرد فى التشريع أي تتحول لمصدر السلطة والتى تُمارس فى هذه المساحة التي تركتها الشريعة ومن ثم تأسس تناظر بين مهمة التشريع ومهمة الإجتهاد الفقهية. تمارس الأمة هذه السلطة عبر مجموعة من الترتيبات المؤسسية الديمقراطية كالفصل بين السلطات وتوازنها وما يرتبط بها من حقوق مدنية وسياسية كحق الانتخاب والمساواة أمام القانون وتأسيس الأحزاب إلى جانب الحق المقيد فى التنظيم. ويتم تسكين الأقباط داخل هذا التصور عبر توظيف متطور لفكرة "الذمة" يتحول بمقتضاه الأقباط لطائفة أولى بالرعاية أو كطائفة في علاقة تحالف وثيق واستراتيجى مع الأغلبية المسلمة على أرضية العداء للاستعمار الغربي.

يدشن هذا التصور مهمة أيديولوجية للدولة الحديثة تتمثل فى نشر وحماية هذه الطبعة الإصلاحية من الإسلام وإلا انهارت نظرية الشرعية التي تتأسس عليها الدولة نفسها سواء لصالح نظريات إسلامية مغرقة فى تطرفها تنفى وجود هذه الأمة المصرية الجديدة نفسها أو لصالح تصورات مغرقة فى علمانيتها لا تعترف بهذا المفهوم المحافظ للوطنية. وفى هذا السياق تحول الأزهر تدريجياً منذ أول قانون منظم لأعماله عام 1910، و مروراً بتعديلات 1927، لأحد مؤسسات الدولة المنوط بها تعريف هذه الطبعة من الإسلام وصونها وكذلك فرض تصوراً واحداً مهيمناً داخل حقل الممارسات الدينية. وفي سياق مماثل، نشأت الكنيسة القبطية كمؤسسة عامة منوط بها تعريف حدود الإيمان المسيحي وأمور الأحوال الشخصية فى ضوء التصور الطائفي الذى حكم علاقة الدولة بالأقباط. وفى هذا السياق أيضاً وُلدت ممارسات الرقابة على الضمير وحريات الاعتقاد وأشكال التعبير والإبداع المختلفة بوصفها ضمانة لوحدة الأمة واستقرارها.

وأخيراً، حاول هذا المشروع التحديثي مد ولايته على الأجساد المشكلة لقوام هذه الأمة وضبطها. اقتضى ذلك فى الممارسة العملية التدخل لضبط جسد المرأة وسلوكها فى المجال العام- خصوصاً تلك المنتمية للطبقات الأدنى- ومحاولة تطويعها للعب أدوار محددة سلفاً داخل مشروع التحديث ذاك. فالانتماء لـ"جسد" هذه الأمة والتمتع بما يتيحه هذا الانتماء من حقوق لم يكن ليتم بشكل تلقائي ولكنه يقتضي عملية تمدين كما سبق الذكر. ولمّا كان مفهوم الأمة نفسه معرفاً فى علاقة وثيقة مع الإسلام، فكانت صفة المدنية تلك تقتضى التشرب بفهم معين للإسلام قدمه مشروع الإصلاح الإسلامى يلهم السلوك اليومي وترتكز عليه الدولة فى ممارسة مهماتها. أي أن صناعة الفرد بالمعنى الحديث للكلمة –محور الممارسات الديمقراطية نفسها- اقتضت صناعة طبعة من الإسلام تلائم هذا الفهم للتحضر. فتم توظيف التصورات الأرثوذكسية مثلاً المناهضة لممارسات التصوف والبدع كالموالد فى سياق حرب الدولة الحديثة مع الخرافة أو انشغالها بمسائل الصحة العامة وجرى الاعتماد على ذات الفهم الأرثوذكسي لمواجهة كثير من الممارسات العرفية كالثأر أو الممارسات القَبَلية الحاكمة للمواريث في مناطق مختلفة كالصعيد مثلاً والتي تخالف الفهم الثابت للشريعة فى هذا الصدد وذلك بهدف دعم حكم القانون وسلطة الدولة المركزية. هذا بخلاف الدور الذى أوكل للإسلام، والدين بشكل عام، فى دعم مفهوم محافظ للأخلاق والآداب العامة استخدم فى سياق عملية تمدين السكان.

يتجلى هذا النزوع المحافظ بخصوص الجسد والسلوك العام فى كتابات النخب المعنية بمسألة "تحرير المرأة"، كقاسم أمين مثلاً، والتى عكست تململاً من التفسيرات المتشددة للإسلام أو الممارسات العرفية فيما بتعلق بوضعية المرأة ولكنها كذلك عكست تأففاً من السلوك المنقلت لنساء الطبقات الأدنى فى شوارع القاهرة والذى يستوجب تدخلاً لتنظيمه فى إطار مشروع الإسلام الإصلاحي. ومن هنا ظهرت الأسرة "كخلية" للمجتمع المنشود تنتظم على نمط الأسرة البرجوازية وتستفيد بدورها من الإسلام المُحدَّث الذي سبق وشرعن للدولة الحديثة نفسها. هنا انتزعت المرأة بعضاً من الحريات والحقوق، ولكن نطاق هذه الحريات ظل مرتهناً بتفسير المؤسسة الدينية الرسمية المحافظة. ثم امتدت الوصاية على أشكال السلوك ال***ي المختلفة خصوصاً فى مجال الحياة الخاصة للعوام والتي تهدد تماسك وعفة هذه الأسرة الجديدة.

عن "النظام العام":

ما نريد التشديد عليه أن نظرية الشرعية الجديدة، بنت مشروع الإصلاح الإسلامي، قد وُلدت فى ارتباط وثيق بتصور محافظ عن الأخلاق العامة وتشكك أصيل فى قدرة المصريين على الفعل الجماعي المنظم، وأن كلٍ من هذه العناصر الثلاثة يعتمد فى وجوده على الآخر. فى هذا السياق، قدَّم مفهوم "النظام العام" المستعار من الأدبيات القانونية الفرنسية فى ذاك الوقت التعبير القانوني عن هذه العلاقة الدقيقة بين تلك العناصر الثلاثة. فبخلاف عدد من الأدورا التى لعبها هذا المفهوم فى صياغة التصور القانوني عن الجماعة الوطنية الجديدة، أصبح كذلك من المنوط به تحديد ما يشبه قائمة بالأفعال وأوجه السلوك المخلة بتماسك عناصر هذه العلاقة الدقيقة، وهي القائمة التى امتدت لتشمل طيف واسع جداً من الممارسات يبدأ بتشكيل جماعات متطرفة بالمخالفة للقانون مروراً بالتبشير يديانات غير سماوية أو معتقدات فاسدة ولا ينتهي بأشكال من السلوك ال***ي المخل بالآداب العامة.

عبّر هذا الفهم للنظام العام عن نفسه في عدد من النصوص الدستورية والتشريعية بدايةً بإعلان حالة الطوارئ مع فرض الأحكام العرفية خلال فترة الحرب العالمية الأولى وما تلاها إلى جانب أشكال مختلفة من تجريم الإجتماعات بعدد من نصوص قانون العقوبات وكذلك تجريم حزمة من أشكال الاحتجاج الجماعي وعلى رأسها الحق فى الإضراب. إقرار الحق فى التنظيم فى مرحلة لاحقة مع كتابة أول دستور مصري ظل مرتهناً بمجموعة من الشروط تضمن "تحضُّر" المحتجين أنفسهم، أي صورة من الاحتجاج *****ة المخالب. على سبيل المثال، رهنت المواد 15 و20 من دستور 23- أيقونة الفقهاء الدستوريين المصريين- حريات إصدار الصحف والإجتماع بما أطلقت عليه "ضرورات الحفاظ على النظام الإجتماعي". قدمت هذه المواد الحجة اللازمة لقمع الحركة النقابية الوليدة وحلّ الحزب الشيوعي المصري فى عام 1924. كذلك شهد دستور 23 نفسه تقييداً لحرية ممارسة الشعائر الدينية "باعتبارات النظام العام والعادات المرعية فى الديار المصرية" (مادة 13). ثم شهدت السنوات التالية أولى المواجهات مع كافة المعتقدات التى تم اعتبارها من قبل الأزهر أو الكنيسة خارجة علن الفهم العام المستقر للإسلام أو المسيحية كالبهائية- والتى بدأت معاناتها مع النظام القانوني المصري منذ منتصف العشرينيات تقريباً- أو جماعة شهود يهوه المسيحية مثلاً والتى لم تحظ قط باعتراف الكنيسة القبطية. كذلك ظهرت القوانين المتعاقبة التي أسست للرقابة على أشكال الإبداع المختلفة لتقر جميعها بحظر ما تراه هى إجتراءاً على الرموز أو المعتقدات الدينية، فظهرت مبكراً ممارسات الرقابة على المبدعين أو المفكرين بدءاً من لائحة الرقابة على "التياترات"، أي المسارح، فى عام 1911 ومروراً بحزمة من القوانين التي مازالت مقيدة لحرية الإبداع حتى اليوم. كذلك عرف قانون العقوبات تجريماً لما سمى "بالفجور" و "التحريض على الفسق" فى سياق الحرب على الدعارة، والتي قادتها وجوه معروفة من نساء الطبقات الأرستقراطية بالتحالف مع بعض رجال الدين للحفاظ على نظام العائلة بل والصحة العامة للمواطنين. هذا بخلاف التوسع فى تطبيق هذه المواد لمواجهة أشكال مختلفة من العلاقات والسلوك كالمثلية ال***ية أو العلاقات العاطفية التي لا تنتظم فى إطار الأسرة النووية.

وهكذا تبدو الثنائيات التى يجري تداولها فى الجدل العام بشأن الدستور باعتبارها من قبيل البديهيات غير مؤسسة على سند تاريخي يعتد به. أحد أشهر تلك الثنائيات تتمثل فيما تلح عليه القوى اللييرالية وبعض القوى اليسارية من تمييز بين الدولة الحديثة العلمانية والمشروع الإسلامي الذى يشكل نكوصاً عليها - أو المقابلة ما بين إسلام الأزهر المعتدل أو إسلام الدولة التحديثية وإسلام الحركات الإسلامية السياسية- وهو تمييز لا يستقيم أخذاً فى الاعتبار أن الدولة الحديثة كانت هي من قامت برعاية طبعة محافظة من الفكر الإسلامي معادية لحرية العقيدة وهذه الطبعة قدمت بدورها الجذر الأيديولوجي لفكر الإسلام السياسي فى مرحلة لاحقة. كذلك تتجاهل الثنائية التى يروج لها قسم آخر من مثقفى اليسار ما بين الحريات الشخصية بوصفها شأناً برجوازياً خالصاً وبين الحريات العامة كحرية التنظيم بوصفها مطلباً شعبياً حقيقة أن هذه "البرجوازية" نفسها كانت من ضمن القوى التي قادت حملة تقييد الحريات الشخصية في سياق إخضاع الطبقات الأدنى لسطوة الدولة الحديثة وتصورها عن الأخلاق العامة.

صفقة يوليو:

استمرت أنماط الوصاية الثلاثة تلك حاضرة على الصعيدين الدستوري والتشريعي حتى ثورة يوليو والتى زادت عليها مزيداً من القيود الاستثنائية في مقابل رشوتها الإجتماعية الموسعة، وهي الرشوة التي شملت بالإضافة للحقوق الإقتصادية والإجتماعية مزيداً من الحقوق الشخصية للمرأة من داخل نفس الإطار العام لمشروع الإصلاح الإسلامي. فأبقت الثورة على القيود على الحق فى التنظيم بل وزادت عليها عدداً من المحاذير على الحريات النقابية. وهي المحاذير التى أفضت عملياً إلى مصادرة استقلال النقابات العمالية وحظر تعدديتها مع تأسيس الإتحاد العام لعمال مصر عام 1957. كذلك أبقى نظام يوليو على ما هو متعارف عليه من قيود على حرية الاعتقاد بل ووظف الهواجس المتعلقة بالخطر الصيهوني والمواجهة مع الاستعمار لفرض مزيد من القيود كما هو الحال مع حل المحافل البهائية 1960 تحت دعوى وجود علاقة ما بين الطائفة البهائية التي دفن مؤسسها فى مدينة عكا والدولة العبرية! وأبقى نظام يوليو على أسس العلاقة الطائفية مع الكنيسة، بل وأفضى التضييق على كافة أشكال التنظيم- والتي شكلت حاضنة معقولة للاندماج الوطني- إلى تضخم دور الكنيسة فى حياة الأقباط وتحولها لمؤسسة إجتماعية شاملة لكافة أوجه الحياة مع بداية السبعينيات. ثم كانت المحصلة الطبييعية لهذا الميل هو النص على الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسى للتشريع في سياق مزايدة النظام على الحركات الإسلامية.

إلا أن الثورة أسست كذلك للخروج على نظرية الشرعية الدستورية السابق الإشارة إليها عن طريق ماهو معروف من إجراءات دستورية وتشريعية كادت أن تصادر المجال السياسي لصالح دولة بوليسية موازية كالإعلان شبه الدائم لحالة الطوارئ وإلغاء الأحزاب السياسية والتوسع في دور أجهزة الأمن السياسى والمؤسسات القضائية الاستثنائية وتقليص صلاحيات المؤسسات التشريعية. هذه الإجراءات على وجه التحديد دون غيرها هي التي أثارت حفيظة النخبة القضائية والقانونية الأمينة على ميراث الدولة التحديثية. أي أن نظام يوليو قد خرج على إجماع النخبة التحديثية فيما يتعلق بمسألة الشرعية والحريات السياسية والمدنية ولكنه لم يمس الإجماع الخاص بالقيود الثلاثة السابق ذكرها.

نجح النضال الحقوقى والسياسى على مدى العقدين الماضيين من خلال تفاعله مع النخبة القضائية فى انتزاع بعض المكاسب المتعلقة بالحقوق السياسية والمدنية على النحو الذي يستعيد قدراً من حيوية المجتمع التي صادرتها ثورة يوليو. إلا أن هذا النضال نفسه قد اصطدم بأسس إجماع هذه النخبة القضائية أي تلك الشروط الثلاثة. فشهد العقد الماضي مثلاً إعادة التأكيد من قبل مجلس الدولة على القيود الورادة على حرية الاعتقاد في أكثر من موضع خصوصاً فيما يتعلق بحريات أتباع الديانات غير السماوية أو بحرية التحول الديني. كذلك شهدت محاولات رفع وصاية الدولة التحديثية عن الجسد الأنثوي مقاومة عنيفة من داخل أروقة الدولة ومؤسساتها القضائية. على سبيل المثال صوّت مجلس الدولة نفسه عام 2010 بالإجماع تقريباً على رفض تعيين المرأة قاضية بين صفوفه وأبدت تلك النخب تحفظاً وتململاً فى مواجهة كافة الإصلاحات التشريعية التي تضمن قدراً من الحرية للمرأة فيما يتعلق بجسدها أو حركتها داخل المجال الخاص كما هو الحال مع تعديلات قوانين الأحوال الشخصية كقانون الخلع عام 2002 أو قانون الطفل عام 2008. وأخيراً كان القيد على الحق فى التنظيم أكثر تلك القيود قابلية للمنازعة تحت وطأة النضالات المتصاعدة لقطاعات واسعة من المصريين وفى القلب منهم الطبقة العاملة الحضرية. ولكن ظل الاعتراف من قبل المشرع والقضاء خجولاً ومقتصراً على الحق في استقلالية العمل النقابي مع الاستمرار في أشكال مختلفة من تجريم الإضراب.

دستور الثورة؟

ومع سعى التيار الإسلامي لوراثة هذه الدولة الحديثة، والذي يشكل هذا التيار نفسه أحد إفرازاتها وتعبيراتها كما ألمحنا، كان من الطبيعي أن يعيد انتاج قيودها الثلاثة مضافاً إليها قيوداً تتعلق باعتبارات ضمان استمرار سيطرته السياسية والانتخابية. في هذا السياق، ظهر باب الحقوق والحريات العامة معبراً عن هذه المعادلة الجديدة.

فعلى صعيد الحق في التنظيم، أقرت المادة 33 من المسودة بالحق في الإضراب وكفلت المادتين 18 و19 للمواطنين حق تكوين الجمعيات والأحزاب والنقابات بمجرد الإخطار، ولكنها رهنت ممارسة هذا الحق بما أسمته "احترام السيادة الوطنية"! الإشارة لما يسمى "باحترام السيادة الوطنية" تمثل بدعة على التراث الدستوري المصري ولم يرد ذكر أي شيء مشابه في الدساتير السابقة. من البديهي أن تحترم هذه المنظمات السيادة الوطنية ولكن من يحدد مقتضيات هذا الاحترام وطبيعة الأفعال التي تشكل إخلالاً به؟ ألا يمكن حل مجالس إدارة هذه المنظمات النقابية مثلاً إذا ما قادت حملة دولية ضد ممارسات الحكومة المصرية وإخلالها بالمعايير الدولية للعمل المحددة بمواثيق منظمة العمل الدولية؟ ألم يسوق نظام مبارك نفسه هذه الحجة ضد عدد من منظمات المجتمع المدني النشطة في حقل الدفاع عن الحقوق الإقتصادية والإجتماعية وانتهى الأمر لإغلاق دار الخدمات النقابية و العمالية عام 2007 عقب مشاركتها في إحدى جلسات استماع منظمة العمل الدولية بجنيف؟ (هذا بخلاف الحجة الجاهزة التى استخدمتها كافة الأنظمة المتعاقبة على حكم هذا البلد فى مطاردة منظمات المجتمع المدني وهي "تلقى تمويلاً أجنبياً"). ألا تفتح عبارة "السيادة الوطنية" تلك الباب لمطاردة هذه الهيئات فى المحاكم خصوصاً أن المادة تمنح القضاء حق حلّ مجالس إدارة هذه المنظمات بل وحلّ تلك المنظمات نفسها؟

وتبعاً للتقاليد الدستورية والتشريعية المصرية، امتد التقييد إلى أوجه النشاط المرتبطة بالحق فى التنظيم والإجتماع كحرية تداول المعلومات أو تأسيس الصحف. فتتيح المادة 20 حرية الحصول على المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق أياً كان مصدرها ومكانها، وتلزم الدولة "بتمكين مواطنيها من التمتع بهذا الحق دون معوقات وبما لا يتعارض مع الأمن القومى للبلاد أو ينتهك حرمة الحياة الخاصة". مرة أخرى من يحدد معنى "الأمن القومي" هنا؟ كم من مواقع الإنترنت قد تُحجب ابتداءاً تحت نفس الدعوى؟ بل إن قطع خدمة الانترنت كما حدث في الأيام الأولى للثورة قد يصبح إجراءاً مُحصَّن دستورياً. مرة أخرى قانون تنظيم الإتصالات هو المعنى بتحديد هذه المعلومات التي ينبغي حجبها وكيفية هذا الحجب على سبيل الحصر وليس باستخدام صياغات فضفاضة. وكذلك أبقت المادة العاشرة المنظمة لحرية الصحافة على عقوبات كإغلاق الصحف وسحب رخصتها القانونية على الرغم من إلغاء نظام مبارك نفسه لهذه العقوبات في عام 2006. فقد نصت المادة 10 من المسودة على أن "حرية الصحافة والطباعة والنشر وسائر وسائل الإعلام مكفولة والرقابة على ما تنشره محظورة، ولا يكون إنذارها ولا وقفها ولا إلغاؤها إلا بحكم قضائي، ويجوز الاستثناء في حالة إعلان الحرب أن تفرض عليها رقابة محددة". اشتراط الحكم القضائي هنا لا يغير من الأمر شيء إذ أن العقوبة يجب أن تقتصر على الصحفي أو المسؤول التحريري أو الإداري دون إغلاق الصحيفة. هذا بخلاف المماطلة غير المفهومة أيضاً فى النص بشكل صريح على حظر عقوبة الحبس في جرائم النشر، وهو الحظر الذي ورد فى المادة 12 من أحد مسودات باب الحريات العامة واختفى بشكل غامض فى المسودة الأخيرة!

وعلى صعيد حرية الضمير والاعتقاد، أعادت المادة الثامنة التأكيد على القيود الموروثة عبر القرن الماضي. فجاءت المادة الثامنة لتحيي تقليداً بائساً كان قد اختفى من دستور 71 وهو تقييد حرية ممارسة الشعائر الدينية "باعتبارات النظام العام"، بل ولتذهب خطوة إضافية وتقصر حرية إقامة دور العبادة على أتباع الديانات السماوية فقط فى صياغة تفرّغ حرية الاعتقاد من مضمونها بل وتطلق يد الأجهزة الأمنية فى مطاردة الناس والتفتيش في حياتهم الخاصة بحجة التأكد من عدم تحويل البيوت مثلاً لدور عبادة لأديان غير سماوية كما حدث أكثر من مرة مع أتباع البهائية أو الأحمدية أو الطائفة الشيعية.

وأخيراً أعادت المادة 36 تأسيس الموقف التقليدي من المرأة والمجال الخاص بالمجمل إذ ألزمت الدولة "باتخاذ كافة التدابير لترسيخ مبدأ مساواة المرأة مع الرجل فى مجالات الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية وسائر المجالات الأخرى بما لا يخل بأحكام الشريعة الإسلامية. وتضمن الدولة "التوفيق بين واجباتها- أي المرأة- نحو الأسرة وعملها في المجتمع". هذه المادة منقولة حرفياً من دستور 71- وزادت عليها أحكام الشريعة الإسلامية- وتتضمن نفس أوجه القصور والتناقض، إذ ما الداعي للنص على أحكام الشريعة مرة أخرى هنا طالما أن المادة الثانية موجودة؟ والأهم، ماهو مبرر افتراض التعارض بين حقوق المرأة وواجباتها نحو الأسرة؟ كم تشريع قد يُجهض ابتداءاً بسبب هذه المادة الغريبة؟ وكم تشريع انتزع للمرأة بعضاً من حقوقها سيصبح عُرضة للطعن بعدم الدستورية؟

هكذا يولد "دستور الثورة" فى عزلة شبه كاملة عن قيم هذه الثورة وروحها. وهذا الانفصال بين المجال السياسي الجديد وبين ما يموج به هذا البلد من نضالات تستهدف أشكال الوصاية الثلاثة تلك على وجه التحديد – بغض النظر عن هوية رعاتها السياسيين- لا يمكن أن يضمن الحد الأدنى من الاحترام لهذا الدستور والذى سيبقى منتجاً غريباً مفروض على الناس حتى ولو تمت تمريره وفقاً "لإرادة شعبية".

darch_99
02-10-2012, 11:22 AM
شكرا لك سيدي الفاضل علي هذا المقال واسمح لي ان اعلق علي بعض الاستنتاجات

ثالثًا: تؤمن بكين بأن التدخل العسكري غير مسموح به إلا في الحالات الاستثنائية التي تنطوي على قتل جماعي مثلا.

نفاق وكذب وما الحالة السورية الان تختلف كثيرا عن الحالة الليبية انذاك بل واسوء

رابعًا: ترى الصين أن القوى الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة، ترغب في الإطاحة بحكومات ذات سيادة لتحقيق أهداف جغرافية وإستراتيجية.

هذا هو القول الفصل وهذا سبب عدم رضائها في التدخل الغربي في سوريا لكي لايكون لامريكا والغرب نفوذ سياسي وعسكري بالقرب من الصين ذاتها وكذا ايضا ارتباطها بشكل او باخر بالدوله الشيطان ايران فهي لها مصالح معها

اما لو كان التدخل العسكري عريي واسلامي خالص فهي لن تمانع في ذلك لان حجة النفوذ الغربي سوف تنطفي وهي لن تخسر دول عربية واسلامية كثيرة بسبب هذا الموقف

aymaan noor
02-10-2012, 11:33 AM
هل كان الربيع العربي جديراً بذلك كله؟: غطرسة السلطة التي تذهب بالعقل
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/cnnsc.jpg
Bassam Haddad
إنها البداية فحسب

كنا على وشك ركوب الطائرة من واشنطن إلى إسطنبول، عندما ظهرت هذه الصورة على الشاشة عند البوابة: عنوان على قناة سي إن إن: "هل كان الربيع العربي جديرا بذلك العناء كله ؟"

اعتاد المرء، عموماً، أن يرى ويسمع تعليقات "خاصة" حول المنطقة في وسائل الإعلام الرئيسية. ولكن، بين الفينة والأخرى، يطل برأسه علينا أمر شديد الإثارة، يبعث فينا الدهشة. ولعل هذا العنوان واحد من تلك التقارير، التي باتت تعبّر عن المزاج الغالب لما تقدمه ليس فقط الـ سي إن إن، ولكن معظم القنوات الرئيسية الأخرى، بعد ردود الفعل العنيفة على الفيلم المسئ لنبي الإسلام.

لا شك أن الفيلم كان مهيناً وبائساً، وأن ردود الأفعال العنيفة والقتل الذي نتج عنها كانت مثيرة للغضب وتبعث على الأسى أيضاً (بغض النظر عن شرح الدوافع.) هذه مسائل يتفق عليها معظم المراقبين الواعين والموضوعيين. ولكن، فجأة، يطل علينا هذا العنوان العبقري المرتَجَل، غير المتبصر والبربري عرضاً: "هل كان الربيع العربي جديرا بذلك العناء كله؟"

ثمة أسباب لا تُحصى تجعل من هذا الأمر موضوعاً إشكالياً. وعلى الرغم من وجود ستة أو سبعة آلاف سبب وجيه، قد يترتب علينا التوقف عندها، إلا أن الرحلة تسمح برصد عدد قليل فقط من ردود الفعل، مخافة أن يضيع على المرء المزيد من العناوين الهمجية. وإليكم بعض ردود الأفعال المحتملة توخياً للدقة.

هل أنتم جادون حقا؟

القشة الأولى والأخيرة

بعد ما يقرب من مائة ألف قتيل منذ كانون الثاني/ يناير 2011 عندما بدأت الانتفاضات، وبعد عقود من القمع الوحشي، الذي كان مدعوماً بإصرار وممولاً بشكل جزئي من القوى الغربية (وتحديداً الولايات المتحدة)، نتساءل عن قيمة تحطيم هكذا أغلال، وكأن الأمر لا يعدو أن يكون استثمارا سيئاً في سوق أسهم الفيسبوك. "ألم يكن علينا أن نحافظ على دعم هذه الدكتاتوريات المحببة."

السلطة هي جوهر القضية

لكن الكثير يعتبر ذلك مجرد كلام أكاديمي. فالمهم هنا هو من "ذا" الذي يستطيع فعلياً إنتاج هذه الأفكار، ويكون بوسعه فعلياً أن يبادر إلى القيام بشيء حيالها. إن غطرسة القوة التي تتولد منها مثل هذه الأفكار والكلمات هي الحدث الأساسي. وعرضاً نقول، إن المقدرة على نبذ التاريخ وتحديد المسؤولية والعقلانية، لصالح عاطفة غير ناضجة وضيق أفق فكري وفقدان للذاكرة التاريخية وقصر نظر من الناحية الأخلاقية، لا يمكن أن يتأتى إلا عن سلطة غاشمة. ولا يمكن أن تتم المطالبة بالتغيير إلا من هذا المصدر بالذات، وكأن تلك السلطة هي من استهلت الانتفاضات العربية (فيما الحقيقة، أن الانتفاضات العربية قامت ضد عملاء أمريكا، رغم قوة أمريكا، باستثناء سوريا، التي تثبت القاعدة).

طلب السوق

وقد تجلّى لي السياق الطبيعي للنقطة السالفة، عندما أدركت أنه فقط في صالة انتظار في المطار، كان ثمة مئات من الركاب ينظرون إلى الشاشة (أو أنهم استطاعوا أن يلمحوهاعرضاً)، وليس من المستبعد أن تؤثر تلك العبارة بخفتها عليهم. والمعروف أنه إذا كانت الـ سي إن إن ووسائل الإعلام الرئيسية تجيد شيئاً على الإطلاق، فإنما تجيد فهم مشاهديها وطلب السوق.

دراسة سلوك الحيوان

ومن جانب آخر، ثمة جانب لا ينبغي التغاضي عنه، وهو أن البعض يستمتعون بالفرجة في هذه القضية. فـ"الربيع" العربي (وهي بالمناسبة تسمية خاطئة لأسباب لا يتسع المقام لذكرها هنا) هو مشهدي بحد ذاته. لكنه ليس أي مشهد: إنه مشهد نقوم فيه "نحن"، الديمقراطيين والعالم "المتطوّر"، بمراقبة "الآخرين" وهم يحاولون اللحاق بنا، على الرغم من جهودنا الكثيرة لدعم طواغيتهم. وحتى الأسبوع الفائت، كانت الفرجة متعاطفة، بل أبوية ورعوية. لكن بعد الأحداث الأخيرة، تحولت هذه الفرجة وما تلاها من ردود الأفعال اللاحقة حيال العنف الذي أدى إلى مقتل سفير الولايات المتحدة في ليبيا، إلى شيء آخر، حيث أعادت صياغة كامل المشهد وفقاً لذاكرتنا الصوريّة المتخمة، وأسلوبنا المعتاد في ملاحظة الأمور والذي ننطلق فيه من المركز نحو الأطراف: مشهد من الذهول والمكائد التي يمكنها، تحت ظروف معينة، أن تتحول بسرعة إلى شيء مرتبط بالهمجية. هل كان الأمر حقيقة يستحق إطلاق هذه الكائنات من أقفاصها؟ انظر في النهاية ماذا يفعلون. الآن فقط بتنا ندرك بأن قتال المرء في سبيل كرامته قد لا يستحق العناء، بسبب ما قامت به ثلة من المتعصبين.

ثقوب سوداء ضخمة

تذكرنا هذه الأساليب كيف – بكبسة زر – يتم النظر إلى البشر في هذه المنطقة كأناس بلا أهمية، وكيف يبدو التاريخ غير ذي شأن بالنسبة لمن بيدهم القوة في بعض الأماكن. فمن جهة، يتم اختصار الانتفاضات العربية إلى مجرد مسار لتحقيق الديمقراطية. فتغدو الديمقراطية هي الحدث، وتكون الشعوب ثانوية. فإن لاءمت هذه العملية مصالحنا، كانت جيدة، وإلا فإنها ليست بفكرة صالحة تماماً، بغض النظر عن عشرات ملايين الأشخاص الذين سيتأثرون بذلك. أي أن مصير الشعب بأكمله معلق في كفتي ميزان. ولكن لنستدرك ههنا أننا نتحدث عن مستوى الرؤى والادعاءات التي ليس لها دائماً نتائج سيئة، لحسن الحظ. لكنهم لا يتوانون لحظة عن تأليف مجلدات من الكلام حول كيفية النظر إلى المنطقة وشعوبها، وعن كيفية دراستها والاستيلاء عليها. علينا أيضاً أن نلاحظ كيف يتم تقييم التاريخ، بكل ما يحمله من مسؤوليات، عبر التغطية الصحافية للمنطقة ولآخر الأحداث التي تشهدها. يقتصر هذا الحدث على إلقاء الضوء على هذا الإغفال، ولكنه لا يخلقه. ومن الواضح أن مسؤولية السياسة الخارجية للولايات المتحدة في إدامة وتمويل العنف في المنطقة، ليست وحيدة، بل يضاف إليها مسؤولية الإعلام الذي يدعم السلطة بدل أن يضبطها. لحسن الحظ أن أندرسون كوبر قد ضُرب* في القاهرة، لتكتشف قناة سي إن إن أن عليها الوقوف مع الشعب المصري ضد الديكتاتور في مصر، الذي تلقى الدعم من إدارة الولايات المتحدة لفترة تقارب الأربعة عقود، الأمر الذي غطته قناة سي إن إن إعلامياً وكأنه حدث في سويسرا. (بالطبع كنت أمزح حين قلت "لحسن الحظ").

والآن إلى الجد

هل تستحق حركة الحقوق المدنية فعلاً كل هذا العناء؟ هل تستحق حركة حقوق المرأة فعلاً كل هذا العناء؟ هل يستحق إنهاء العبودية فعلاً كل هذا العناء؟

الربيع العربي باعتباره برنامجاً تلفزيونياً

إذا كان تفكيك الحكم الاستبدادي وكل ما يرتبط به لا يستحق كل هذا العناء، فما الذي علينا فعله؟ إن قسوة اختيار هكذا بدائل هي أكثر ملائمة لتقرير ما إذا كان الانتقال من AT&T إلى فيرايزون يستحق العناء. إذا كانت بعض النتائج بشعة، هل نكف عن إتمام العملية كلها؟ هل نحن، ببساطة، نتابع برنامجاً تلفزيونياً بعنوان: "الربيع العربي"؟ فإذا ما فسُد البرنامج بسبب تعرض الممثل المفضل لدينا للخطر، فإننا نغير القناة... وننتظر إلى أن تحين المرة التالية التي يجب أن نتنافس فيها مع المنطقة التي تشتمل على مصدر الطاقة الأهم وشركائنا الأعلى قيمةً والأكثر ديكتاتورية وعنصرية. برنامج آخر، أزمة أخرى، نقطة سوداء أخرى يتم تشكيلها، فذلك كله ينتظرك على مسرح قريب منك.

قيمة حياة عربية

إذاً، كل ما حدث طيلة الأشهر العشرين الماضية كان جيداً، ولكن تحول فجأة بعد الأحداث التي شهدها الأسبوع الماضي ليغدو موضع شك وتساؤل. لا شك أن القتل الذي تم في هذا الأسبوع بشع وأحمق (ناهيك عن أنه غبي وقصير النظر)، لكن، ماذا لو كان أولئك القتلى مسؤولين عرب؟ هل كان ذلك سيستدعي أسئلة من أحد؟ القيمة المعطاة لحياة العرب، سواء في الحربين على العراق، والعقوبات الخانقة عليه، أو في حربي إسرائيل على لبنان وغزة، متدنية بما لا يقاس، إن لم تكن بلا قيمة تماماً.

التضخيم

يمكن أن نتصور أن الأمور قد تغدو من السوء بمكان يجعل المرء يتأمل الفكرة "هل يستحق الأمر ذلك كله فعلاً؟" أولاً، لا تشكل أحداث الأسبوع الماضي مثل هذا التدهور، بل هي بعيدة عن ذلك. ثانياً، بكل الأحوال، لعل موت عشرات الآلاف بعد هجوم الناتو، مقارنة بعدد قليل قبل التدخل، هو جوهر المسألة، لكن من كانوا يموتون حينها، هم بالطبع الأشخاص الذين لا ينبغي أن يموتوا، كما أن الناتو امتلك الأسلحة الأقوى في المشهد كله. لذلك، لا ترقى هكذا معايير إلى مستوى الحدث.

لكن فجأة، لم يعد التقرير خاصاً بليبيا، أو بالغوغاء التي نهبت وحرقت، بل تعداه إلى جملة الانتفاضات، أي إلى ما يسمى بالربيع العربي. لمَ نهيئ للتفكير بالمغامرة بالعودة إلى ما كان عليه الوضع سابقاً في بضعة بلدان؟ لـ"ننسف الأمر برمته". فالأمر سيان، على كل حال، ولا أهمية لظروف الحالات الفردية ومسارها (باستثناء سوريا، ربما، لأن الأسد، من وجهة النظر الأمريكية، "يجب أن يرحل" ولأسباب تتعدى الحكم الاستبدادي).

الطبيعة الظاهرية غير المؤذية لليبرالية

وأخيراً، فإنه ليس من الصحيح القول إننا لا نستطيع أن نتساءل فيما إذا كان كل ذلك يستحق العناء، كما أسلفنا. فكما هو معلوم، فإن الكثيرين ممن فقدوا أطرافهم وأحباءهم في ليبيا وسورية قد طرحوا هذا التساؤل، وكذلك فعل الذين يرون، ربما، بأن بلدهم يتداعى. إذاً، فالأمر يعتمد على من يفكر فيها، وماذا يملك من معلومات، وما التجارب التي مر بها، وعلى أية أسس يعتمد في تفكيره، وأين/كيف ينبغي عليه طرحها. أما أن تفعل ذلك، بشكل عابر، على قناة سي إن إن، آخذاً بعين الاعتبار كل ما تم أخذه هنا بعين الاعتبار، فإن ذلك ضرب من الوحشية الليبرالية التي لم تؤذ حياة شخص واحد، بل طالت بلداناً بأكملها بالأذى، دون أن تكون هذه اللبرالية قد أهينت أو هوجمت أو حت هُدِّدت (والعراق هنا المقصود هنا). لكن قرار شن تلك الحرب تم اتخاذه داخلياً، وتم التصويت عليه في غرفة مكيفة، من قبل أشخاص أنيقين، ويتحدثون عن القيم الليبرالية، ولا يأبهون، ربما، إذا ما قام أحدهم بإهانة نبيهم أو إلههم.

...
.

aymaan noor
02-10-2012, 10:50 PM
شكرا لك سيدي الفاضل علي هذا المقال واسمح لي ان اعلق علي بعض الاستنتاجات



نفاق وكذب وما الحالة السورية الان تختلف كثيرا عن الحالة الليبية انذاك بل واسوء



هذا هو القول الفصل وهذا سبب عدم رضائها في التدخل الغربي في سوريا لكي لايكون لامريكا والغرب نفوذ سياسي وعسكري بالقرب من الصين ذاتها وكذا ايضا ارتباطها بشكل او باخر بالدوله الشيطان ايران فهي لها مصالح معها

اما لو كان التدخل العسكري عريي واسلامي خالص فهي لن تمانع في ذلك لان حجة النفوذ الغربي سوف تنطفي وهي لن تخسر دول عربية واسلامية كثيرة بسبب هذا الموقف


جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

darch_99
02-10-2012, 11:25 PM
شكرا سيدي الفاضل علي هذا المقال فجزاك الله خيرا



http://iis-db.stanford.edu/staff/4569/4569-small_Bassam_Haddad.jpg
جامعة جورج ميسون






د. بسام حداد
باحث زائر بمشروع الإصلاح الاقتصادي والسياسي بالعالم العربي





بسام حداد هو مدير برنامج دراسات الشرق الأوسط بجامعة جورج ميسون، ويدرِس في كلية الشؤون العامة والدولية في جامعة جورج ماسون، كما أنه أستاذ زائر بجامعة جورجتاون. ويشغل منصب المحرر المؤسس لمجلة الدراسات العربية، وهي مجلة بحث موثقة، كما أنه المنتج و المخرج بالشراكة للوثائقي الحائز على جائزة الفلم الوثائقي "بخصوص بغداد" و أيضا المخرج لسلسلسة من المسلسلات حول العرب والإرهاب لاقت استحسان النقاد ، والتي أخرجت على أساس بحوث ومقابلات ميدانية واسعة النطاق.

وهو مؤلف كتاب الاقتصاد السياسي للنظام الأمني : أعمال الشبكات التابعة للدولة في سوريا (منتظر: 2011 ، مطبعة جامعة ستانفورد). و قام بسام مؤخرا بإخراج فيلم عن المهاجرين العرب المسلمين في أوروبا ، تحت عنوان "خطر الآخر" .بالأضافة إلى عمله في لجنة تحرير مجلة ميدل إيست ريبورت، وكونه المؤسس بالشراكة لموقع جدليّة
حقيقة المقال لفت نظري في اكثر من موضع

وبعد عقود من القمع الوحشي، الذي كان مدعوماً بإصرار وممولاً بشكل جزئي من القوى الغربية (وتحديداً الولايات المتحدة)،

لسنا نحتاج الي فهم هذا ولكن يعتبر هذا اعتراف و توثيق للعقلية الغربية

نتساءل عن قيمة تحطيم هكذا أغلال، وكأن الأمر لا يعدو أن يكون استثمارا سيئاً في سوق أسهم الفيسبوك. "ألم يكن علينا أن نحافظ على دعم هذه الدكتاتوريات المحببة."


وكأن العقلية الغربية نادمة علي كل ما قدمته من اجل دعم الربيع العربي من وجهة نظره

(فيما الحقيقة، أن الانتفاضات العربية قامت ضد عملاء أمريكا، رغم قوة أمريكا، باستثناء سوريا، التي تثبت القاعدة).

دلالة قطعية علي فهم الغرب العميق للقضية كما نفهمها نحن الاسلاميون وتلك نقطة الصراع الاساسية بيننا وبين ةبني جلدتنا , () لان سوريا كانت في الحضن الايراني ولا زالت حتي اللحظة

على الرغم من جهودنا الكثيرة لدعم طواغيتهم.

لاتعليق

هل كان الأمر حقيقة يستحق إطلاق هذه الكائنات من أقفاصها؟ انظر في النهاية ماذا يفعلون. الآن فقط بتنا ندرك بأن قتال المرء في سبيل كرامته قد لا يستحق العناء، بسبب ما قامت به ثلة من المتعصبين.

وكأنهم هم من وراء قيام ودعم هذه الثورات والحقيقة غير ذلك فلقد قامت هذة الثورات رغما عنهم وفوجئو بها بأعترافهم ولان هذه الثورات امر واقع فكان لابد من التعامل بل والتعاون ليكون لهم موطيء قدم مستقبلا فيها

ذكرنا هذه الأساليب كيف – بكبسة زر – يتم النظر إلى البشر في هذه المنطقة كأناس بلا أهمية، وكيف يبدو التاريخ غير ذي شأن بالنسبة لمن بيدهم القوة في بعض الأماكن. فمن جهة

أظن والله اعلم يقصد الجنرالات خلف الكواليس الذين يتخذون القرار بشأن شن الحروب

فتغدو الديمقراطية هي الحدث، وتكون الشعوب ثانوية. فإن لاءمت هذه العملية مصالحنا، كانت جيدة، وإلا فإنها ليست بفكرة صالحة تماماً، بغض النظر عن عشرات ملايين الأشخاص الذين سيتأثرون بذلك. أي أن مصير الشعب بأكمله معلق في كفتي ميزان

يعني لو الديمقراطية هتجيب ناس زي البرادعي وحمدين اهلا وسهلا ولو هتجيب الاسلاميين يبقي لاء ولو راح فيها عشرات الملايين ويكون القرار فيها معلق بقرار ميزان العقلية الامريكية الجنرالات خلف الكواليس

ومن الواضح أن مسؤولية السياسة الخارجية للولايات المتحدة في إدامة وتمويل العنف في المنطقة

إدامة وتمويل العنف يعني الخراب المستعجل الذي ياكل الاخضر واليابس

حسن الحظ أن أندرسون كوبر قد ضُرب* في القاهرة، لتكتشف قناة سي إن إن أن عليها الوقوف مع الشعب المصري ضد الديكتاتور في مصر، الذي تلقى الدعم من إدارة الولايات المتحدة لفترة تقارب الأربعة عقود، الأمر الذي غطته قناة سي إن إن إعلامياً وكأنه حدث في سويسرا. (بالطبع كنت أمزح حين قلت "لحسن الحظ").

الباشا بيتريق نوع من استدراك الاخطاء التي وقعوا فيها وكان يجب عدم الوقوع فيها من وجهة نظره

لكن، ماذا لو كان أولئك القتلى مسؤولين عرب؟ هل كان ذلك سيستدعي أسئلة من أحد؟ القيمة المعطاة لحياة العرب، سواء في الحربين على العراق، والعقوبات الخانقة عليه، أو في حربي إسرائيل على لبنان وغزة، متدنية بما لا يقاس، إن لم تكن بلا قيمة تماماً.

نحن من وجهة نظهرهم بلا قيمة بلا ثمن وليس لنا حق الحياة

كن فجأة، لم يعد التقرير خاصاً بليبيا، أو بالغوغاء التي نهبت وحرقت، بل تعداه إلى جملة الانتفاضات، أي إلى ما يسمى بالربيع العربي. لمَ نهيئ للتفكير بالمغامرة بالعودة إلى ما كان عليه الوضع سابقاً في بضعة بلدان؟ لـ"ننسف الأمر برمته". فالأمر سيان، على كل حال، ولا أهمية لظروف الحالات الفردية ومسارها (باستثناء سوريا، ربما، لأن الأسد، من وجهة النظر الأمريكية، "يجب أن يرحل" ولأسباب تتعدى الحكم الاستبدادي).


يجب ان يرحل لان بشار في الحضن الايراني الروسي الصيني وليس الامريكي

فإن ذلك ضرب من الوحشية الليبرالية التي لم تؤذ حياة شخص واحد، بل طالت بلداناً بأكملها بالأذى، دون أن تكون هذه اللبرالية قد أهينت أو هوجمت أو حت هُدِّدت (والعراق هنا المقصود هنا). لكن قرار شن تلك الحرب تم اتخاذه داخلياً، وتم التصويت عليه في غرفة مكيفة، من قبل أشخاص أنيقين، ويتحدثون عن القيم الليبرالية، ولا يأبهون، ربما، إذا ما قام أحدهم بإهانة نبيهم أو إلههم.


لا وجميع البلدان العربية والاسلامية لكن العراق بلد بارز في هذه المهمة

هاكم كبيركم اليها الليبراليون يفضحكم

وشكرا جزيلا جزيلا لك سيدي الفاضل / ايمن نور

aymaan noor
03-10-2012, 02:07 PM
شكرا سيدي الفاضل علي هذا المقال فجزاك الله خيرا

http://iis-db.stanford.edu/staff/4569/4569-small_bassam_haddad.jpg
جامعة جورج ميسون

د. بسام حداد
باحث زائر بمشروع الإصلاح الاقتصادي والسياسي بالعالم العربي



بسام حداد هو مدير برنامج دراسات الشرق الأوسط بجامعة جورج ميسون، ويدرِس في كلية الشؤون العامة والدولية في جامعة جورج ماسون، كما أنه أستاذ زائر بجامعة جورجتاون. ويشغل منصب المحرر المؤسس لمجلة الدراسات العربية، وهي مجلة بحث موثقة، كما أنه المنتج و المخرج بالشراكة للوثائقي الحائز على جائزة الفلم الوثائقي "بخصوص بغداد" و أيضا المخرج لسلسلسة من المسلسلات حول العرب والإرهاب لاقت استحسان النقاد ، والتي أخرجت على أساس بحوث ومقابلات ميدانية واسعة النطاق.

وهو مؤلف كتاب الاقتصاد السياسي للنظام الأمني : أعمال الشبكات التابعة للدولة في سوريا (منتظر: 2011 ، مطبعة جامعة ستانفورد). و قام بسام مؤخرا بإخراج فيلم عن المهاجرين العرب المسلمين في أوروبا ، تحت عنوان "خطر الآخر" .بالأضافة إلى عمله في لجنة تحرير مجلة ميدل إيست ريبورت، وكونه المؤسس بالشراكة لموقع جدليّة
حقيقة المقال لفت نظري في اكثر من موضع

وبعد عقود من القمع الوحشي، الذي كان مدعوماً بإصرار وممولاً بشكل جزئي من القوى الغربية (وتحديداً الولايات المتحدة)،

لسنا نحتاج الي فهم هذا ولكن يعتبر هذا اعتراف و توثيق للعقلية الغربية

نتساءل عن قيمة تحطيم هكذا أغلال، وكأن الأمر لا يعدو أن يكون استثمارا سيئاً في سوق أسهم الفيسبوك. "ألم يكن علينا أن نحافظ على دعم هذه الدكتاتوريات المحببة."


وكأن العقلية الغربية نادمة علي كل ما قدمته من اجل دعم الربيع العربي من وجهة نظره

(فيما الحقيقة، أن الانتفاضات العربية قامت ضد عملاء أمريكا، رغم قوة أمريكا، باستثناء سوريا، التي تثبت القاعدة).

دلالة قطعية علي فهم الغرب العميق للقضية كما نفهمها نحن الاسلاميون وتلك نقطة الصراع الاساسية بيننا وبين ةبني جلدتنا , () لان سوريا كانت في الحضن الايراني ولا زالت حتي اللحظة

على الرغم من جهودنا الكثيرة لدعم طواغيتهم.

لاتعليق

هل كان الأمر حقيقة يستحق إطلاق هذه الكائنات من أقفاصها؟ انظر في النهاية ماذا يفعلون. الآن فقط بتنا ندرك بأن قتال المرء في سبيل كرامته قد لا يستحق العناء، بسبب ما قامت به ثلة من المتعصبين.

وكأنهم هم من وراء قيام ودعم هذه الثورات والحقيقة غير ذلك فلقد قامت هذة الثورات رغما عنهم وفوجئو بها بأعترافهم ولان هذه الثورات امر واقع فكان لابد من التعامل بل والتعاون ليكون لهم موطيء قدم مستقبلا فيها

ذكرنا هذه الأساليب كيف – بكبسة زر – يتم النظر إلى البشر في هذه المنطقة كأناس بلا أهمية، وكيف يبدو التاريخ غير ذي شأن بالنسبة لمن بيدهم القوة في بعض الأماكن. فمن جهة

أظن والله اعلم يقصد الجنرالات خلف الكواليس الذين يتخذون القرار بشأن شن الحروب

فتغدو الديمقراطية هي الحدث، وتكون الشعوب ثانوية. فإن لاءمت هذه العملية مصالحنا، كانت جيدة، وإلا فإنها ليست بفكرة صالحة تماماً، بغض النظر عن عشرات ملايين الأشخاص الذين سيتأثرون بذلك. أي أن مصير الشعب بأكمله معلق في كفتي ميزان

يعني لو الديمقراطية هتجيب ناس زي البرادعي وحمدين اهلا وسهلا ولو هتجيب الاسلاميين يبقي لاء ولو راح فيها عشرات الملايين ويكون القرار فيها معلق بقرار ميزان العقلية الامريكية الجنرالات خلف الكواليس

ومن الواضح أن مسؤولية السياسة الخارجية للولايات المتحدة في إدامة وتمويل العنف في المنطقة

إدامة وتمويل العنف يعني الخراب المستعجل الذي ياكل الاخضر واليابس

حسن الحظ أن أندرسون كوبر قد ضُرب* في القاهرة، لتكتشف قناة سي إن إن أن عليها الوقوف مع الشعب المصري ضد الديكتاتور في مصر، الذي تلقى الدعم من إدارة الولايات المتحدة لفترة تقارب الأربعة عقود، الأمر الذي غطته قناة سي إن إن إعلامياً وكأنه حدث في سويسرا. (بالطبع كنت أمزح حين قلت "لحسن الحظ").

الباشا بيتريق نوع من استدراك الاخطاء التي وقعوا فيها وكان يجب عدم الوقوع فيها من وجهة نظره

لكن، ماذا لو كان أولئك القتلى مسؤولين عرب؟ هل كان ذلك سيستدعي أسئلة من أحد؟ القيمة المعطاة لحياة العرب، سواء في الحربين على العراق، والعقوبات الخانقة عليه، أو في حربي إسرائيل على لبنان وغزة، متدنية بما لا يقاس، إن لم تكن بلا قيمة تماماً.

نحن من وجهة نظهرهم بلا قيمة بلا ثمن وليس لنا حق الحياة

كن فجأة، لم يعد التقرير خاصاً بليبيا، أو بالغوغاء التي نهبت وحرقت، بل تعداه إلى جملة الانتفاضات، أي إلى ما يسمى بالربيع العربي. لمَ نهيئ للتفكير بالمغامرة بالعودة إلى ما كان عليه الوضع سابقاً في بضعة بلدان؟ لـ"ننسف الأمر برمته". فالأمر سيان، على كل حال، ولا أهمية لظروف الحالات الفردية ومسارها (باستثناء سوريا، ربما، لأن الأسد، من وجهة النظر الأمريكية، "يجب أن يرحل" ولأسباب تتعدى الحكم الاستبدادي).


يجب ان يرحل لان بشار في الحضن الايراني الروسي الصيني وليس الامريكي

فإن ذلك ضرب من الوحشية الليبرالية التي لم تؤذ حياة شخص واحد، بل طالت بلداناً بأكملها بالأذى، دون أن تكون هذه اللبرالية قد أهينت أو هوجمت أو حت هُدِّدت (والعراق هنا المقصود هنا). لكن قرار شن تلك الحرب تم اتخاذه داخلياً، وتم التصويت عليه في غرفة مكيفة، من قبل أشخاص أنيقين، ويتحدثون عن القيم الليبرالية، ولا يأبهون، ربما، إذا ما قام أحدهم بإهانة نبيهم أو إلههم.


لا وجميع البلدان العربية والاسلامية لكن العراق بلد بارز في هذه المهمة

هاكم كبيركم اليها الليبراليون يفضحكم

وشكرا جزيلا جزيلا لك سيدي الفاضل / ايمن نور

جزاك الله خيرا استاذى الفاضل على تعليق حضرتك القيم وبارك الله فيك

aymaan noor
03-10-2012, 02:17 PM
عن أزمة حزب النور وتحديات الحركة السلفية في مصر
Oct 02 2012




تلاحقت الأزمات داخل حزب النور بشكل أثار دهشة الكثير من المتابعين الذين وقفوا متعجبين أمام مشهد الإنقسامات التنظيمية داخل الحزبو التي أثمرت عن إزدواجية وتصارع على مقاعد رئيس الحزب وتشكيل الهيئة العليا للحزب بين فريقين يتنازعان الشرعية وتبودلت الإتهامات من كلا الطرفين بخصوص المخالفات اللائحية المتعلقة بإجراء الإنتخابات الداخلية للحزب ثم تجميدها لاحقاً والمخالفات السياسية بخصوص ما ثبت من قيام بعض قيادات حزب النور والدعوة السلفية بإجراء إتصالات مع الفريق أحمد شفيق قبل جولة الإعادة من إنتخابات الرئاسة 2012، في تعارض واضح مع قرار الحزب بدعم الدكتور محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة والتيار الإسلامي في المجمل في هذه الجولة. وبرغم سخونة هذه العناوين أتصور أنها مثل قمة جبل الثلج العائم التي لا تظهر إلا أقل القليل من طبيعة الأزمة وخلفياتها. يتحدث البعض عن الأزمة بوصفها صراع بين السياسيين و المشايخ داخل الحركة السلفية وهو وصف تعوزه الدقة والعمق في تشخيص طرفي الخلاف وأسبابه وسياقاته. وفي تقديري إن الإنقسام الحاصل داخل حزب النور هو إختلاف مهم حول حاضر ومستقبل العمل السلفي السياسي بين رؤى فكرية وتنظيمية متناقضة قد تبحث عن مبررات إجرائية لكنها تبقى تعبيراً عن إشكاليات أعمق خاصة بالعمل السياسي للتيار السلفي في مصر عقب ثورة يناير 2011 والتحولات التنظيمية والفكرية والمؤسسية التي صاحبت عملية التسييس. وأتصور أن السرعة التي دخل بها السلفيون إلى المجال السياسي كانت عائقاً أمام إجراء المراجعات الفكرية والتنظيمية اللازمة ليس فقط لحل الإشكالية المستعصية الخاصة بكيفية تنظيم العلاقة بين الدعوي والحزبي ولكن أيضاً- وبشكل أكثر أهمية- كيفية بلورة النموذج الإسلامي المتميز في المشاركة السياسية وهو الإستحقاق الأبرز على خريطة حركة إسلامية مشروعيتها تستند على مدى تميزها الأخلاقي والقيمي ورأسمالها الإجتماعي وقدرتها على إحداث التغيير القيمي والثقافي المنشود. وإذا ما كان التحدي الأبرز أمام جماعة الإخوان المسلمين هو تحدي توزيع المغانم والمواقع السياسية على اعضاء وجمهور الإخوان بشكل يحفظ التماسك والإنضباط التنظيمي و ا يخل بالصورة الطهرانية للجماعة في آن واحد، فالتحدي الخاص بالحركة السلفية هو كيفية تقديم نموذج إسلامي متميز للعمل السياسي. نموذج يحافظ علي الطبيعة المجردة للفكرة الإسلامية تاريخياً (أي عدم إختزالها في جماعات و مؤسسات متعينة) ويكون كفء سياسياً وإنتخابياً وقادراً على التكيف مع الواقع المتغير وفي نفس الوقت يستطيع إستيعاب السيولة الداخلية داخل التيار السلفي بكل تبايناته وإختلافاته مع الحفاظ على كلاسيكية المنهج السلفي المتميز في آن واحد. وهو ما تبدو الحركة السلفية المصرية بذراعها الرئيسي حزب النور بعيدة عن تحقيقه حتى الآن مما قد يفتح الباب أمام بروز قوى سلفية حزبية جديدة قد تكون أقدر على مواجهة هذه التحديات.

وعلي عكس جماعة الإخوان المسلمين- التي هي في الأساس تنظيم مغلق تشكل في صورة حزبية عملياً قبل بداية العمل السياسي الحزبي الرسمي في أعقاب ثورة يناير 2011 بوقت طويل للغاية- كان النشاط السلفي في مصر أقرب لمفهوم التيار السلفي وليس الجماعة السلفية. بمعني أنه فضاء واسع من التحركات والأنشطة والإتجاهات والأفراد والمبادرات والمرجعيات يتحركون بشكل مستقل في مجالات عمل مختلفة دعوياً وخيرياً وإجتماعياً وثقافياً. ويعلم المتخصصون في الشأن الإسلامي أن خريطة التيار السلفي قبل الثورة قد ضمت فواعل متعددة مثل الدعوة السلفية (المعروفة أيضا بالسلفية العلمية أو سلفية إسكندرية) بنشاطها العلمي والدعوي والإجتماعي الواسع في الإسكندرية ومحافظات الدلتا ، والجمعيات السلفية المتعددة بتاريخها العريق مثل جمعية أنصار السنة المحمدية و الجمعية الشرعية بأنشطتها الخيرية والوعظية وأخيراً السلفية الحركية المتبلورة حول أشخاص مرجعيات سلفية من العلماء و المشايخ والوعاظ علي إمتداد المحافظات المختلفة و تحتفظ بإستقلالها عن الدعوة السلفية (مثل المشايخ أسامة عبد العظيم ومحمد عبد المقصود وفوزي السعيد وغيرهم). وعندما ظهرت للوجود فكرة الدخول إلي ساحة العمل السياسي في أعقاب ثورة يناير كان هناك منذ البداية إختلاف حول طبيعة الحزب السلفي أصلا وكيفية إدارة علاقته بالتيار السلفي بكل تبايناته الداخلية ومع الوقت تبلورتين رؤتين متمايزتين. الرؤية الأولي ترى أن نجاح حزب النور لن يأتي إلا عبر التمدد الأفقي بشكل يستوعب جميع الإتجاهات الجماعات والإجتهادات المختلفة داخل التيارات السلفية ومن ثم ضرورة بناء حزب يدار بشكل ديمقراطي ويفتح باب الحراك التنظيمي والسياسي أمام جميع قواعده مع إختلاف إتجاهاتهم بينما تري الرؤية الأخري أن حزب النور لابد أن يحتفظ بهوية عقائدية و فكرية واضحة ليحافظ علي تمايزه وإنضباط منهجه في العمل وهذا يستلزم الفرز واشتراط الولاء للمنهج المؤسس للحزب وهو منهج الدعوة السلفية بالإسكندرية تحديداً ومن ثم بناء الحزب رأسيا في هيراركية واضحة وآلية منضبطة ونخبوية لصناعة القرار بشكل فوقي عبر مجموعة محددة من أهل الثقة والولاء على غرار جماعة الإخوان المسلمين

وتحتفظ كلا الرؤيتين بحجج وأسانيد منطقية لإثبات صحة موقفها، فالرؤية الأولي تري أن الحزب السلفي المفتوح علي الجميع هو أمر ضروري في ضوء طبيعة التعددية داخل التيار السلفي كما أسلفنا و في ضوء التحولات المتسارعة داخل التيار السلفي- عقب الثورة- والتي تفرز جماعات و نزعات ونشاطات سلفية مختلفة و جديدة كل يوم و الكثير منها غير منظبط تنظيميا ولا يدين بالولاء للمرجعيات القديمة (مثل مؤيدي المرشح الرئاسي السابق حازم أبو إسماعيل والجبهة السلفية و غيرها من الجماعات المتفاوتة في القوة والإنتشار والشعبية) وتجربة الإنتخابات البرلمانية في 2011 أثبتت أن نجاح حزب النور في الإنتخابات لم يتأت إلا عبر حشد القواعد السلفية المختلفة علي إمتداد البلاد بشكل مرن وفضفاض و لم يقتصر فقط على جمهور الدعوة السلفية فحزب النور إعتمد علي كتلة ثابتة من المؤيدين قد لا تزيد علي 25% فقط من حجم التأييد الذي حصل عليه في الإنتخابات بالإضافة إلى كتلة غير ثابتة قد تصل إلي 75% وهي كتلة جوالة من المكن أن تتنقل من تأييد حزب سلفي لحزب آخر حسب ما يستجد.... بالإضافة إلى هذا ففكرة التنظيم الضيق المغلق (وهو مفهوم جماعة الإخوان بالأساس) صارت متقادمة- من وجهة نظر هذه الرؤية- وغير مواكبة لمتغيرات الساحة عقب ثورة يناير بالإضافة إلي أنها غير متوافقة مع طبيعة المنهج السلفي. فهناك المحاذير الشرعية الخاصة بفكرة البيعة للتنظيم والتي طالما كانت محل إنتقاد عند جمهور السلفيين و مصدر خلاف شرعي مع الإخوان و هناك أيضاً أولوية القناعة المؤسسة على الدليل - لا على السمع و الطاعة- في المنهج السلفي الذي من المفترض أنه لا يقدس القيادات عكس المنهج التربوي والتنظيمي للإخوان (في هذه النقطة من الصحيح أن الدعوة السلفية تعتمد في قوتها على إحترام الجمهور السلفي لمرجعياتها لكن يظل عامل التقديس أقل بكثير من الحالة الإخوانية).. من ثم فلابد أن يكون هناك فصل مؤسسي وإداري وسياسي بين الحزب كمؤسسة تتعامل مع مجال سياسي واسع و رحب و متعدد و متأول بطبيعته، وبين مؤسسة الدعوة السلفية بضوابطها وإلتزاماتها الصارمة والضيقة مع بقاء الأخيرة كحاضنة إجتماعية ودعوية .

على الجانب الآخر ترى الرؤية الثانية أن موقفها صحيح شرعياً و أقرب لتحقيق المصلحة، فإنه و إن كان نجاح حزب النور في الإنتخابات قد إعتمد بالفعل علي حشد مختلف الجماعات السلفية إلا أن عبء تأسيس حزب النور إضطلعت به الدعوة السلفية بشكل أساسي لأن مجلس أمناء الدعوة السلفية بمشايخه المرموقين (محمد إسماعيل المقدم وياسر برهامي وأبو إدريس وسعيد عبد العظيم وأحمد فريد وأحمد حطيبة) قد إحتل موقع الصدارة في دعوة جمهور التيار السلفي للإنخراط في العمل السياسي - في أعقاب الثورة- وفي تأصيل هذه المشاركة شرعياً و فقهياً (بالإضافة إلي تأصيل شرعية المشاركة في الممارسة الديمقراطية والحياة الحزبية) وقد إستلزم هذا فقها جديداً للضرورة و الموائمات يتميز عن فقه الضرورة الإخواني بخضوعه للضوابط الشرعية بشكل أكثر صرامة. وبصرف النظر عن مدي دقة إجتهادات علماء الدعوة السلفية في هذا الصدد إلا أنه الثابت أنها حظت بقدر عال من القبول من جمهور التيار السلفي في مصر بعد الثورة هذا بالإضافة إلي المجهودات التي بذلت في العمل الميداني عبر المؤتمرات الشعبية و اللقائات على إمتداد المحافظات في الشهور القليلة التي سبقت الإنتخابات البرلمانية. بالإضافة إلى هذا فالدعوة السلفية ظلت دائماً هي الفصيل السلفي الأكثر تنظيماً برغم التضييق الأمني في عصر ما قبل الثورة. فجمعية أنصار السنة المحمدية على سبيل المثال وإن كان وجودها الشعبي لا تنكره عين لكن سيطرتها المركزية والتوجيهية الإدارية على المساجد ظلت محدودة للغاية ومن ثم فشبكات الدعوة السلفية التي تأسست منذ أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات قدمت رصيداً تنظيما لا بأس به لحزب جديد يبدأ سياسياً من الصفر. إذن فالدعوة السلفية بتنظيمها ومشايخها ومرجعياتها كانت هي المكون الصلب لحزب النور من المنطقي أن تستمر في لعب هذا الدور. أيضاً – ومن منظور هذه الرؤية- هذا أقرب لتحقيق المصلحة لأنه وبرغم كل ما يقال عن مشاكل تنظيم جماعة الإخوان إلا أن التنظيم القوي والمنضبط للإخوان يبقى هو الرصيد الإنتخابي والسياسي الأهم للإخوان.

وعبر محطات عديدة شملت أداء حزب النور في مجلس الشعب المنتخب وملف العلاقات مع المجلس العسكري أثناء الفترة الإنتقالية ثم موقف الحزب من إنتخابات الرئاسة، عبر هذه المحطات كان التمايز بين الرؤيتين يزداد مع الوقت ويتبلور في صورة إختلاف واضح في الآراء و المواقف بين فريقين من القيادات داخل كيانات الحزب. وقد تحلق الفريق المتبني للرؤية الأولي حول الدكتور عماد عبد الغفور رئيس الحزب وضم وجوها سياسية شابة نشطت في المجال العام عقب الثورة مثل محمد نور ويسري حماد بالإضافة إلى بعض القيادات داخل الهيئة العليا للحزب مثل الدكتور بسام الزرقا و آخرين وإن كان هذا الفريق في معظمه من أبناء الإسكندرية أيضاً ومن المتأثرين بالدعوة السلفية (عماد عبد الغفور نفسه كان من مؤسسي الدعوة السلفية في السبعينات) ألا أنه أبدي ضيقا من تدخلات بعض مشايخ مجلس أمناء الدعوة السلفية في سياسات الحزب بشكل يراه لا يلتزم بقواعد العمل المؤسسية وآليات صناعة القرار داخل الحزب وقد ظهر هذا في قرار تأييد الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح في إنتخابات الرئاسة على سبيل المثال وفي النشاط السياسي المكثف لبعض مشايخ الدعوة وعلى رأسهم الشيخ ياسر برهامي نائب رئيس مجلس أمناء الدعوة السلفية ومسؤول ملف الحزب وخاصة أن مواقف الشيخ برهامي السياسية المعلنة كانت في غالبيتها تنطلق من منطق الفتوي والدعوة والحلال والحرام وليس من منطق العمل السياسي وما يتطلبه من موائمات ومرونة و تأول وإختيارات بين تفضيلات متعددة. وقد أوقع هذا الحزب في مشاكل عديدة مع الفرقاء السياسيين. لكن كانت المحطة الأهم والتي فتحت الباب لتحول الإختلاف إلى صراع مفتوح هي مرحلة التحضير للإنتخابات الداخلية للحزب التي كان مخططاً لها أن تقام في سبتمبر 2012 فقد بدأت الشكاوي تتري من وجود محاولات واضحة من قيادات للحزب محسوبة على الرؤية الثانية لإقصاء الأصوات المخالفة وتوجيه الإنتخابات بغرض إعادة هيكلة الحزب لملء مواقع القوة و التأثير فيه على مستويات الإدارة الوسطي والقاعدية بالكوادر التي تدين بالولاء للرؤية الثانية وقياداتها ومشايخها. ونتيجة لهذا حدثت إستقالات عديدة من أمناء المحافظات وبالأخص في محافظتي الغربية والجيزة و ثارت علامات إستفهام عديدة حول ممارسات لجنة العضوية للحزب والتي قصرت حق الترشح للإنتخابات عليى عدة آلاف في حزب تصل عضويته إلى مايقرب من مائتي ألف عضو وكذلك أثير الكلام حول ضرورة إعادة بناء مؤسسات الحزب بشكل أكثر ديمقراطية و يراعي تمثيل قواعد الحزب في جميع المحافظات بدلاً من تركز مقاعد الهيئة العليا و مناصب القيادة في يد أبناء الإسكندرية كما هو الحال حالياً. وهنا قرر عماد عبد الغفور رئيس الحزب وقف الإنتخابات حتى النظر في هذه الأمور ولم تقبل الهيئة العليا للحزب (والتي يميل أغلب أعضائها لتبني الرؤية الثانية) هذا القرار بقيادة المهندس أشرف ثابت ويونس مخيون وجلال المرة و نادر بكار وآخرين وقررت المضي قدماً في إجراء الإنتخابات وقد أقيمت بالفعل في عدة محافظات. وقد قدم كل فريق ما يؤيد موقفه إستنادا إلي اللوائح المنظمة لعمل الحزب و تصاعدت الأمور حتي إنتهت إلى ما إنتهت إليه من إقالات متبادلة و إزداوجية في كيانات صناعة القرار داخل الحزب من رئاسة وهيئة عليا..

ويتحدث البعض عن إختلاف في المواقف أيضاً إزاء مسألة التحالف مع الإخوان في الإنتخابات القادمة فبينما لا يري الفريق الأول بأساً في هذا يفضل الفريق الثاني المنافسة بشكل مستقل عن الإخوان لكن تبقى هذه في تقديري مسألة عرضية والخلاف اللائحي أيضاً مسألة شكلية لأنه في حقيقة الأمر لا توجد قواعد إجرائية وتنظيمية دقيقة لحسم الصراع بين التيارين بكل سيولته. وقد تنجح محاولات المصالحة من مجلس أمناء الدعوة السلفية (بما لهم من ثقل روحي و إحترام و تقدير و خاصة أن بعضهم مثل الشيخ إسماعيل المقدم -وهو المرجعية الشرعية الأهم للدعوة السلفية- والشيخ سعيد عبد العظيم قد إحتفظ بإختلافاته مع طريقة الشيخ ياسر برهامي) في تخفيف حدة النزاع و لم الشمل مرة أخري لكن هذا سيكون بشكل مؤقت لأن الخلاف لم يكن خلافاً شخصياً أو صراعاً على القيادة بين الدكتور عماد عبد الغفور من جانب والمهندس أشرف ثابت أو الشيخ ياسر برهامي من جانب آخر وإنما هو خلاف في الرؤى من ثم فالخلاف مستمر طالما لم يتم حسم الإشكاليات الخاصة بالنموذج السياسي السلفي بشكل يحافظ على ثوابت المنهج السلفي ويستوعب المتغيرات المتلاحقة داخل الشارع السلفي السياسي والإجتماعي.

وماذا عن المستقبل؟

وماذا عن المستقبل ونحن على مشارف إنتخابات برلمانية قادمة؟ يتحدث البعض عن التأثير السلبي لأزمة حزب النور الأخيرة علي قدراته الإنتخابية وما إذا سيكون هذا لصالح الإخوان أم لصالح القوى المدنية لكن أعتقد أنه من المبكر بعض الشئ الحديث عن هذا فالأمر يرتبط بمدى نجاح جهود المصالحة الحالية في رأب الصدع ولو مؤقتاً داخل حزب النور لخوض الإنتخابات بشكل موحد وتأجيل حسم المتناقضات لما بعدها كما يرتبط أيضاً بمدى قدرة الأحزاب السلفية الجديدة (التي يزمع مؤيدو حازم أبو إسماعيل والجبهة السلفية تأسيسها لدخول الإنتخابات) علي بناء قواعد تنظيمية على الأرض قادرة على حشد الأصوات الإنتخابية ومنافسة شبكات حزب النور والدعوة السلفية على إجتذاب الصوت السلفي بالإضافة إلي مدى تطور قدرات حزب البناء والتنمية (الذراع السياسية للجماعة الإسلامية) في معاقله الجهوية في الصعيد وأخيراً يتعلق مصير الأصوات الإسلامية أيضاً بمدى ثبات أو تراجع شعبية جماعة الإخوان المسلمين أثناء الشهور القادمة الحاسمة بصفتها المنافس الإسلامي الأقوى وهذه العوامل سيكون لها الحسم في تحديد حصص الإسلاميين و لعبة توزيع الكراسي الموسيقية بين القوي الإسلامية المختلفة. أما مدى ثبات أو تراجع التصويت للكتلة الإسلامية ككل بقواها المختلفة فسيعتمد على قدرة القوي المدنية على المنافسة بالإضافة إلى حجم التصويت الإحتجاجي ضد الإسلاميين وهو ما لن يتضح إلا قبل الإنتخابات بوقت وجيز

لكن تبقى المسألة الأهم والمفصلية في تحديد مستقبل السلفيين هي مدى قدرة عقول و تنظيمات وحركيات الإسلاميين السلفيين علي إبتداع النموذج الخاص بهم في الممارسة السياسية والذي يختلف عن النماذج التي عرفتها الانظمة السلطوية العربية بحداثتها الإستبدادية وعن النماذج المنغلقة للقوى الإسلامية الأخرى التي طالما كانت محل إنتقاد من السلفيين ولكنه أيضاً نموذج قادر على التموقع داخل الجماعة الوطنية المصرية والتعامل مع عالم وآليات ومفردات السياسة الحديثة داخلياً و خارجياً. فكيف يستطيع السلفيون بناء علاقة صحية وفعالة بين التيار السلفي والحزب السلفي و كيف تتم هيكلة هذا الحزب بشكل مفتوح يستطيع به التعبيرعن إتساع و تعددية التيار السلفي من جهة لكنه يحافظ على قدر من الكفاءة التنظيمية والإنضباط المؤسسي اللازمين لمنافسة الإخوان والحفاظ علي موقع السلفيين في المجال السياسي الحديث التكوين في مصر من جهة أخري؟ وإلى أي حد سيتمكن السلفيون من التوسع في إستخدام فقه الضرورة في شرعنة الجديد والمستحدث – الذي تحتمه أحكام الواقع السياسي المحلي و الدولي- مع التمسك بالمنهج السلفي الكلاسيكي؟ وكيف يستطيع السلفيون الحفاظ على التمايز الأيديولوجي المطلوب مع الإخوان في ضوء ما يحدث فعلياً من تقارب في المواقف السياسية وفي ضوء سعي الإخوان لإستقطاب قطاع من السلفيين عبر إرضائهم بمواقع وإمتيازات عديدة ورضاء هؤلاء السلفيين بإعادة تشكيل الساحة بعد حصول كل فريق علي حصة ؟ كيف يواجه السلفيون ضغوط الفصائل الإسلامية الأكثر تشدداً وراديكالية على يمين الجسم السلفي الرئيسي الذي إنحاز للعمل السلمي والبناء التدريجي (من باب الواقعية وأن "نواميس الكون لا تخرق") وخاصة إذا ما فشلت السلفية السياسية وممثلها الحالي حزب النور في تحقيق نجاحات عقائدية ملموسة من المنظور السلفي مثل تطبيق معايير إسلامية أكثر صرامة، مثلاً فيما يخص الخمور والسياحة وباء "الإقتصاد الإسلامي" وضمان "إسلامية الدولة" في الدستور الجديد والوجود القوي في الحكومة بشكل يمكنه من تصحيح الأمور إسلامياً ولو بعد حين ؟ الجدير بالذكر هنا أن إحتمالية الفشل في تحقيق ما سبق لن تؤدي فقط إلى زيادة الوزن النسبي للقوي الإسلامية المتشددة على يمين السلفية ولكنها قد تؤدي أيضا إلي يأس جماهير السلفية من العمل السياسي و إنصرافهم عن السياسة والتفرغ للدعوة مرة أخرى في ضوء ما يرونه من "عدم جاهزية الواقع المصري لحكم الشريعة والإسلام" وهو إتجاه قد بدأت بوادره في الظهور مؤخراً عند البعض منهم.

وأخيراً كيف سيتمكن السلفيون من مواجهة التأثير السلبي للتسييس المفرط علي العمل السلفي الدعوي ورصيده القيمي في الوجدان الشعبي؟ وهذا السؤال له أهميته الخاصة في ظل أن الثقة الشعبية في السلفيين وشبكاتهم الحاضرة على المستوي المحلي تبقى مصدر قوة رئيسي للسلفيين إنتخابياً وفي ضوء تضخم الإنشغال بالمجال السياسي هل سيستطيع السلفيون التمسك بفرضية الحركة الإسلامية الأصلية عن العمل السياسي بوصفه نقل السياسة من السياسي إلى الدعوي والأخلاقي والإجتماعي؟

كل هذه الأسئلة ستتحدد إجاباتها في ضوء المتغيرات والمستجدات المستقبلية- و يجب أن لا نغفل هنا دور العامل الدولي والإقليمي في التفاعل مع المد السلفي- ومن الوارد أن نشهد صعود أطر حزبية جديدة تحل محل حزب النور إذا ما عجز عن الإستجابة لهذه التحديات لكن من المؤكد أن الحركة السلفية - والإسلامية في العموم- تسطر فصولاً جديدة في تاريخها الطويل.

tota sabahy
03-10-2012, 02:26 PM
ربنا يصلح الحال يــــــــــــــــــــــــــــــــارب

أ/رضا عطيه
03-10-2012, 05:31 PM
الضرب تحت الحزام

من حلفاء الأمس والتى أثبتت الأيام أن شعارهم ليس شكرا لمن ساندهم ولكن إقصاءا وتدميرا وفتنا

وأيضا ممن يدعو السلفية وانشقوا لقيام حزب جديد ويتوعد بالأغلبية لعلمة بقوة السلفيين فى مصر

للأسف كلاهما الأخطر على مستقبل مصر وكان عليهما ذبح كل طيب فى البلد

aymaan noor
04-10-2012, 01:54 AM
الأبعاد الاقتصادية لسياسة تركيا تجاه دول الربيع العربي
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/778faba3e3dc8c6c6db24b403da494ae_L.jpg
محمد عبد القادر خليل
باحث بوحدة العلاقات العربية والإقليمية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، متخصص في شئون تركيا والمشرق العربي
اعتمدت التحولاتُ الحاصلة في السياسة الخارجية التركية خلال العقد الماضي على تحقيق الاستقرار الداخلي على الصعيد السياسي والاقتصادي، فصُناع السياسة التركية يرون أن المزاوجة بين التنمية السياسية وتعزيز القدرات الاقتصادية في الداخل منحت تركيا مزايا كثيرة، مكنتها من تطوير وتنفيذ سياسات نشطة ومؤثرة في محيطها الإقليمي، كما في المناطق البعيدة مثل إفريقيا وآسيا.

وترى قيادات حزب العدالة أن الاقتصاد غدا المحرك الرئيسي للسياسة الخارجية، وأن العلاقات الاقتصادية لم تعد تخضع للاعتبارات السياسية، وإنما العكس، وهو ما يجعل السمة البارزة لسياسة تركيا الخارجية خصوصية التصور الاقتصادي؛ حيث قاد زعماء الحزب احتياجَ تركيا لتوسيع أسواقها التصديرية من جانب، وحاجاتها الضخمة من الطاقة من جانب آخر؛ لتقوية أواصر علاقات تركيا مع دول كان لها في الماضي معها علاقات محدودة.

ترتب على ذلك أن ارتفعت حصة التجارة الخارجية بين تركيا ودول الشرق الأوسط من 6 في المائة عام 2002 تمثل زهاء 3.9 مليار دولار، إلى 16 في المائة عام 2010 تمثل زهاء 23.6 مليار دولار. وقد انخفضت حصة الصادرات التي تعتمد على الموارد الطبيعية والمنتجات ذات التكنولوجية المنخفضة من 63 في المائة في عام 2002 إلى 44 في المائة عام 2010. هذا فيما ارتفعت حصة المنتجات متوسطة وعالية التكنولوجيا من 37 في المائة عام 2002 إلى 44 في المائة عام 2010.

التداعيات الاقتصادية للربيع العربي

ومع اندلاع ثورات "الربيع العربي" تخوفت تركيا من أن تتأثر استثماراتها الضخمة في المنطقة بالتغيرات التي تشهدها بعض الدول العربية. وقد اعتبرت أن مشكلات سياسية وأمنية من شأنها أن تفضي إلى مشكلات اقتصادية قد تقلص من حجم الصادرات التركية لدول المنطقة، بما قد يسفر عن زيادة الأعباء المالية التي قد تؤثر سلبًا على معدلات نمو الاقتصاد التركي.

لقد بدا القلق التركي واضحًا، سواء حيال الاستثمارات التركية أم إزاء معدلات التبادل التجاري بين تركيا ودول "الربيع العربي". فقد كان الهدف الرئيسي للسياسة الخارجية التركية خلال السنوات العشر الأخيرة تعظيم الصادرات التركية إلى دول الشرق الأوسط، فخلال هذه السنوات استطاعت أنقرة أن تضاعف حجم تجارتها مع هذه الدول زهاء خمسة أضعاف. لذلك فقد انتقد الكثير من رجال الأعمال ممن لديهم استثمارات ضخمة في دول "الربيع العربي" المواقف التركية، معتبرين أن السياسات التركية من شأنها أن تضر بالاستثمارات التركية في المنطقة العربية.

وقد تصاعد القلق التركي حيال اتفاقات التجارة الحرة التي أبرمتها مع عدد من الدول العربية، ومنها الاتفاقية الموقعة مع كل من مصر وليبيا، وكذلك اتفاقية إقامة منطقة مشتركة بين لبنان وسوريا والأردن وتركيا، وهي الاتفاقية التي علقت بعد ذلك بسبب الموقف التركي من أحداث الثورة السورية.

وتخوفت تركيا كذلك من ارتفاع أسعار النفط عالميًّا بسبب أحداث المنطقة الملتهبة، لما لذلك من تأثيرات على ارتفاع معدل العجز في الميزان التجاري، بالنظر لاعتماد تركيا على استيراد أكثر من 90 في المائة من احتياجاتها النفطية من الخارج. وتكشف المقارنة بين حجم الصادرات والواردات التركية عن تضاعف حجم العجز في ميزان التجارة الخارجية من 5.5 مليارات دولار في إبريل 2010 إلى 9 مليارات دولار في إبريل 2011.

هذا في وقت يعاني فيه الاقتصاد التركي من صعوبات بسبب ارتفاع الطفرة الاستهلاكية المدفوعة بالائتمان إلى ذروتها، وتجاوز العجز في الحساب الجاري نسبة 10 في المائة، وهو وضع كان محدِّدا رئيسيا في أن يتوقع صندوق النقد الدولي انخفاض نسبة النمو الاقتصادي إلى 2.2 في المائة خلال عام 2012.

وعلى الرغم من الحذر الذي أبدته تركيا في التعامل مع أحداث المنطقة؛ فإن من الواضح أن مواقفها التي لم تنسجم كليا مع محددات مواقف العديد من دول مجلس التعاون الخليجي، ساهمت في تعطل توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع دول الخليج، وذلك بسبب طلب الأخيرة توقيع الاتفاقية دون إبداء أي أسباب، وهي اتفاقية كان من المقرر توقيعها في ديسمبر 2011، ومن المرجح توقيعها بنهاية هذا العام بعد تحسن العلاقات بسبب تبني مقاربة واحدة حيال تطورات الأزمة السورية.

كما ساهمت الأحداثُ التي شهدتها دول "الربيع العربي" في تراجع إجمالي صادرات تركيا إليها بنسبة 13 في المائة. ففي حين كان نصيب مصر وسوريا وليبيا وتونس واليمن 6.48 في المائة من إجمالي الصادرات الخارجية التركية في عام 2010؛ تراجعت هذه النسبة إلى 4.74 في المائة نتيجة تداعيات "الربيع العربي". وقد تراجع إجمالي الصادرات التركية خلال عام 2011 إلى هذه الدول العربية الخمس من 7 مليارات و272.5 مليون إلى 6 مليارات و323 مليون دولار.

التحركات التركية والأهداف الاقتصادية

وقد عكست زيارةُ رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى دول الربيع العربي في سبتمبر 2011، على رأس وفد وزاري عالي المستوى وبرفقة 280 من رجال الأعمال؛ الأهمية الاقتصادية لعلاقات تركيا مع الدول العربية، حيث سعت تركيا للمساهمة في إعادة أعمار دول "الربيع العربي" وإمداد هذه الدول بخدمات الاتصالات، والمشاركة في قطاع التشييد والبناء. كما سعت تركيا إلى مضاعفة الاستثمارات التركية في مصر، بما يوفر فرص عمل أكبر أمام العمالة المصرية التي يوجد منها بالفعل قرابة 50 ألف مصري يعملون في الشركات التركية بمصر.

وفي هذا الإطار تشير التقديرات التركية إلى احتمال تزايد استثمارات تركيا في مصر من 1.5 مليار دولار إلى 5 مليارات خلال العامين المقبلين، وأن تزيد المبادلات التجارية من 3.5 مليارات دولار إلى 5 مليارات دولار قبل نهاية عام 2012، وإلى 10 مليارات دولار بحلول عام 2015، وهو أمر من شأن تحققه أن يزيد من الروابط السياسية والاقتصادية بين البلدين، وقد يدفع بتحقق نبوءة رئيس الوزراء رجب طيب أوردغان بأن تكون أنقرة مفتاح القاهرة لأوروبا، وأن تكون القاهرة مفتاح أنقرة لإفريقيا.

وقد أبرم رجالُ الأعمال الأتراك خلال زيارتهم لمصر برفقة رئيس الوزراء التركي اتفاقيات تجارية تقدر بزهاء 850 مليون جنيه، كما ازداد إقبال رجال الأعمال الأتراك على الاستثمار في كل من مصر وتونس، باعتبار أنهما الدولتان اللتان شهدتا استقرارا نسبيًّا، بما أدى إلى عودة الارتفاع لقيمة الصادرات التركية إلى مصر بنهاية عام 2011 بنسبة 23 في المائة، وإلى تونس بنسبة 12.3 في المائة مقارنة بعام 2010. هذا في الوقت الذي تراجع فيه حجم الصادرات التركية إلى ليبيا بنسبة 63 في المائة، وإلى اليمن بنسبة 15 في المائة، وإلى سوريا بنسبة 14 في المائة، مقارنة بعام 2010 بسبب الوضع الأمني في هذه الدول.

السياسات التجارية التركية الجديدة

تأثرت المواقف التركية حيال الثورات العربية بمصالح تركيا الاقتصادية في المنطقة التي شهدت تطورات مهمة على صعيد العلاقات الاقتصادية التركية العربية بفعل فاعلية إستراتيجية تركيا الخاصة بعمليات "البحث عن أسوق جديدة" وازدهار سياسات التصدير بديلا عن أية "برامج أيديولوجية"، وذلك فيما أطلق عليه "السياسات التجارية" الجديدة لأنقرة.

وقد انعكس ذلك في مواقف تركيا المتغيرة من ثورات "الربيع العربي"؛ حيث ساندت مبكرا كلا من الثورة المصرية والتونسية، وذلك بسبب انخفاض حجم الاستثمارات التركية في الدولتين مقارنة بليبيا على سبيل المثال. ففي ليبيا وحدها يوجد زهاء 25 ألف مواطن تركي. كما يشكل السوق الليبي السوق الثاني للمتعاقدين الأتراك في الخارج بعد روسيا، ويوجد في ليبيا زهاء 120 شركة تركية.

وقد أفضت الجهود التي بذلتها أنقرة من أجل إعادة تمتين العلاقات مع النظم العربية الجديدة في دول الربيع العربي إلى تطورات اقتصادية إيجابية خلال عام 2012؛ حيث شهدت الأشهر الثلاثة الأولى من العام انتعاشة في الصادرات التركية إلى دول الربيع العربي، بعد فترة من الركود في العلاقات التجارية، حيث سجلت الصادرات التركية إلى البُلدان الثلاثة زيادة بنسبة 84 بالمائة، لترتفع من 899 مليون دولار في العام الماضي إلى 1.6 مليار دولار.

وذكرت وكالةُ الأناضول للأنباء أنه بالمقارنة بين الربعين الأولين من عامي 2011 و2012، ارتفعت قيمة الصادرات التركية إلى ليبيا من 264 إلى 526 مليون دولار، وإلى تونس من 139 إلى 208 مليون دولار، وإلى مصر من 496 إلى 917 مليون دولار.

ومن المتوقع أن تشهد العلاقات الاقتصادية التركية الليبية طفرة كبرى خلال الفترة المقبلة، لا سيما بعد إعلان الحكومة الليبية أنها ستقدم فرصا استثمارية بقيمة 100 مليار دولار للشركات التركية، كما أُعلن عن منح الشركات التركية استثمارات في قطاع التشييد والبناء وصلت قيمتها إلى 15 مليار دولار. وتسعى تركيا في هذا الإطار إلى مضاعفة حجم الصادرات التركية لكل من مصر وليبيا، وذلك بعد تدشين خط "RORO" الملاحي بين ميناءَيْ مرسين التركي والإسكندرية المصري، والذي يعتبره الأتراك أن من شأنه أن يجعل من مدينة الإسكندرية بوابة تركيا للدول العربية وإفريقيا.

مساعدات تركية لدول الربيع العربي

قامت تركيا بالاتفاق مع مصر في سبتمبر 2012 على تقديم تمويل قدره 2 مليار دولار، وذلك بغرض المساعدة في تقوية احتياطي العملات الأجنبية لدى البنك المركزي المصري، وكذلك دعم البنية الأساسية لخطط الاستثمار للحكومة المصرية، والتي سوف تساهم بدورها في تنمية الاقتصاد الكلي وتنمية فرص نمو الاقتصاد المصري. وقد قامت شركات تركية باستثمارات تقدر بمليار ونصف في مصر خلال عام 2012.

كما اتفقت الدولتان على تشكيل لجنة عليا مشتركة برئاسة رئيسي الوزراء في البلدين من أجل تعميق التعاون المشترك في كافة المجالات، وخصوصًا في مجالات التصنيع ونقل الخبرة التركية في مجال السياسة النقدية، ودعم وتذليل فرص الاستثمار والتعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين.

وفيما يتعلق بتونس؛ فقد وقعت تركيا مع الحكومة التونسية في يناير 2012 أربع اتفاقيات تعاون، بينها اتفاقية قرض بقيمة نصف مليار دولار مخصص لإنعاش الاقتصاد التونسي. كما وقعت الدولتان مذكرات تفاهم بشان إقامة منطقة تجارة حرة، وتبادل المنتجات الزراعية. ويُتيح هذا الاتفاق الأخير لتونس رفع حصتها من صادرات التمور المعفاة من الأداء الجمركي إلى تركيا لتبلغ خمسة آلاف طن سنويا. كما ستتولى تركيا تدريب شبان تونسيين في مجال التجارة الخارجية والسياحة.

وقد دشنت تركيا في بدايات عام 2012 "منتدى تركيا وتونس وليبيا"، بهدف دعم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدول الثلاث، لا سيما وأن تركيا تهدف إلى إنشاء منطقة تجارة حرة بجنوب تونس وعلى بعد 100 كيلو متر من الأراضي الليبية. وتهدف تركيا كذلك إلى تدشين مشروعات كبرى مع الحكومة الليبية التي تمتلك قرابة 110 مليارات دولار مجمدة في البنوك في جميع أنحاء العالم، كما تبغي تنويع مجالات استثماراتها في ليبيا من خلال المشاركة في مشروعات البنية التحتية، ودعم التعاون في مجالات الطاقة؛ حيث تتجه تركيا للاعتماد بشكل أكبر على استيراد احتياجاتها النفطية من ليبيا.

وفي هذا الإطار؛ تسعى الحكومة التركية إلى إنهاء المشكلات التي تعاني منها الاستثمارات التركية في ليبيا والبالغة زهاء 18 مليار دولار، لا سيما وأن هناك مستحقات للعديد من الشركات التركية لدى الحكومة الليبية تقدر بزها 1.4 مليار دولار، ولم تحصل عليها بسبب الاضطرابات الأمنية والوضع السياسي في البلاد منذ اندلاع الثورة الليبية. كما تسعى تركيا أيضا إلى ضمان ودائع شركاتها في البنوك الليبية والتي تقدر بحوالي 100 مليون دولار. كما تهدف لضمان التعويضات المناسبة للشركات التركية التي تعرضت لخسائر وأعمال نهب بسبب الفوضى الأمنية التي تعاني منها البلاد.

هذه المؤشرات في مجملها توضح أن العقلية الاقتصادية كانت حاكمة في تحركات التركية حيال دول الربيع العربي، فعلى الرغم من أن الخسائر التركية على الصعيد الاقتصادي بدت ضخمة مع اندلاع الثورات العربية؛ إلا أن قدرة تركيا على التواصل مع النخب الجديدة الصاعدة عبر صناديق الانتخابات منحها شرعية المطالبة بالمشاركة في مشروعات تجارية واقتصادية كبرى في هذه الدول التي لم تكتف بدعم علاقاتها التجارية والاقتصادية مع تركيا، وإنما أرسلت وفودا رسمية وغير رسمية من أجل الاستفادة من الخبرات الاقتصادية والتجارية التركية.

aymaan noor
04-10-2012, 01:58 AM
الدولة العميقة

الفرق بين مصر وتركيا مفهوم الدولة العميقة

ياريت كان عندنا دولة عميقة كان يسهل التغيير وتداول السلطة

ولكن حقيقة مالدينا دولة متحولة متنقلة

عقود تجدها فى اليمين ثم فجأة تجدها تحولت للعكس تماما

وزى مابيقولوا (اللى يحكم مصر يبقى عمى )

شكرا جزيلا أستاذنا

جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

راغب السيد رويه
04-10-2012, 02:34 AM
جزاك الله خيرا وبارك فيك

aymaan noor
06-10-2012, 10:58 AM
*** الثورة بين الشرعية والانحراف: سوريا وضرورة التصحيح
Oct 05 2012


إن تشظي المعارضة السياسية والمعارضة المسلحة في سوريا أمام نظام مازال رغم كل التصدعات والضربات القاسية التي أصابته متماسكا يتطلب من كل سوري ـ ناشط سياسي أو مقاتل أو منحاز أو صامت ـ وقفة مع الذات وإعادة نظر في مسار التغيير في سوريا الذي وصل إلى مرحلة تفوقت بخطورتها كل تصوراتنا وتوقعاتنا .. لهذا فإن كل مواطن سوري يعتبر مسؤولا بشكل مباشرعن تراكم الدمار وال*** والآلام واستباحة الدماء إن لم يقوم على الأقل بإعادة النظر بكل عوامل النجاح والفشل ..

لن أضيع الوقت والجهد في الحديث عن المعارضات السياسية السورية في الداخل والخارج لأنها جميعاً تحتاج إلى غرفة عناية مشددة .. فعجزها الفاضح ناتج عن ظرف موضوعي داخلي وخارجي وعن ترهل ذاتي رجعي .. وافتقارها لآليات وبرامج سياسية للثورة جعلها تتحول إلى تكتلات مفرغة المضمون الثوري غير واعية لمهامها الحقيقية ومستحقات هذه المهام وعاجزة عن تحليل الواقع ومشكلات الثورة لبرمجة مراحلها وتحديد تكتيكات نضالها من اجل توسيع إمكانيات الثورة .. ومايعبر عن عجزها هذا هو خطابها السطحي الهزيل الذي توقف عند حدود وصف جرائم السلطة والندب والردح في الإعلام والانبطاح أمام التدخل الخارجي .. فكان لهذا العقم السياسي والفكري آثاره الكارثية على مسار الثورة مثل تصاعد الخطاب الديني المتشدد وترسيخ المخاوف لدى قطاعات مجتمعية واسعة في المجتمع مما أدى إلى تمسكها بدورها كمتفرج على مآلات الصراع . إن غياب التنظيم السياسي والخطاب السياسي الثوري الذي كانت ومازالت الثورة بأمس الحاجة إليه كان سببا رئيسيا في حدوث انحرافات متعددة الأشكال والمرجعيات في مسار الثورة .. إذا لنترك المعارضات السياسية السورية في فلكها .

فهل حال المعارضة المسلحة في سوريا أحسن حالاً من المعارضة السياسية؟ وهل هي معارضة مسلحة ثورية أم أنها قوات مقاتلة ذات أهداف خاصة؟ ماهي مشكلاتها وماهي عوامل نجاحها ؟

إن الثورة ماهي إلا داية مجتمع جديد في مرحلة الولادة. ولكن للثورة منطقها وقوانينها وشرط نجاحها الأول لايكمن في سلميتها أو تسلحها وإنما في الإجماع الشعبي الواسع على الحد الأدنى من أهدافها وعلى تفكيك أوعلى الأقل تحييد أجهزة ال*** للسلطة الحاكمة. بحيث تصل هذه الأجهزة إلى درجة الانحلال الذاتي تحت ضغط الحراك الشعبي الثوري. وعليه فإن تسلح الشعب في مخاض الثورة إن كان خياراً محتوماً فعلينا أن نقبل فيه على طريقة هيغل بأن يكون ال*** فيه مساراً لحظيا في صيرورة الثورة. وهذا يتطلب معرفة قوانين وقواعد العمل المسلح ونلتزم بعوامل نجاحه وإلا فسيكون العمل المسلح هو مقدمة لسقوط الجميع في جحيم الضياع.

جدوى التسلح الشعبي أو تسلح المعارضة تكمن إذاَ في القدرة على نزع أوتفكيك سلاح السلطة. فإن لم ينجح الجناح المسلح من المعارضة في رسم استراتيجية مدروسة لهذا الغرض وبالتالي إن فشل في تحقيق هذه المعادلة فهذا سيؤدي بشكل حتمي إلى حرب أهلية. حينها سيتعين على الشعب دفع ثمن غال جداً جداً حتى لو "نجحت الثورة". ولعلنا نستحضر كمثال على هذا الأمر الكفاح المسلح للفلاحين في تامبوف أو جنود البحرية الروسية في كرون شتادت ضد حكومة السوفييت 1920 اللذان انتهيا بالفشل بعد ماكان الثمن الإنساني باهظا جداً. إذا تفكيك وتحلل الأجهزة ال***ية التي تعتمد على السلاح للسلطة الحاكمة هو شرط ضروري لنجاح الثورة التي تهدف إلى بناء مجتمع جديد مبني على علاقات سلطة غير استبدادية وأكثر عدلاً وليس لنجاح المعارضة في إسقاط السلطة الحاكمة فحسب .

هذا يأخذنا إلى منطقة المسؤوليات التي تقع على المعارضة المسلحة في سوريا التي لم يعد مقبولاً أن تكتفي بحمل السلاح والاشتباك مع جيش السلطة النظامي بدون عقل عسكري يخطط أو استراتيجية عسكرية مدروسة ومنظمة وملزِمة للأطراف المتعددة الحاملة للسلاح. فكل من يتخذ موقفاً في زمن الثورة. سواء كان موقفاً عسكرياً أو سياسياً أو مايسمى بالحيادي هو مسؤول بالكامل عن تبعات ومتطلبات موقفه. فأين هي الكتائب المسلحة التي سأحرص على تجنب تسميتها بالجيش الحر لعدم انصهارها جميعا تحت راية عسكرية واحدة وخطاب عسكري واحد. أين هي من تحمل مسؤولياتها أمام شعبها صاحب الثورة ودافع الثمن الكبير؟

سوف ننطلق من الفرضية أن المعارضة السورية المسلحة هي معارضة وطنية ذات مهام محددة فلا يفترض بها أن تكون بائعة خطابات سياسية في سوق الإعلام ولا أن تصبح حانوتاً أخلاقياً تبيع وتشتري بالقيم الأخلاقية المستهلكة من شتم للنظام وتربية عقابية لأسراه ولا يفترض أن تلعب كذلك دور خليفة الله على الأرض حتى تفرض على الناس المتنوعين خطاباً دينياً متشدداً فقط لأنها تحمل السلاح.

إن المعارضة المسلحة لها مهام أخرى. مهام ووظائف محددة وواضحة. وهي مهام عسكرية لا سياسية ولادينية. ولا يمكن أن تحقق طموحات الشعب إلا إذا ارتبطت بمعارضة سياسية لها سلطة تعلو على سلطة السلاح. فإن لم تستطع المعارضة المسلحة أن تقوم بهذه المهام وتتحمل مسؤوليتها فعلينا كشعب وكحراك ثوري أن نصححها أو نرفضها إن اقتضى الأمر كما رفضنا المعارضات السياسية الكثيرة التي فشلت بالقيام بمهامها السياسية. فلا يجوز الخوف ولا التردد في نقد المعارضة المسلحة السورية. لأن لا أحد ولا طرف فوق مصالح الشعب وإرادته أو فوق الثورة وقد رفع الشعب في حراكه السلمي شعار: الثورة فوق الجميع. ومن لايستطيع تقبل نقد المعارضة المسلحة أو مواجهة مشاكلها فهو إما جاهل بطبيعة الأشياء أو أن الخوف الذي طردته رياح الثورة عاد إليه بسبب هيمنة السلاح أو أنه لايريد للثورة أن تنجح بل أن تنحرف.

لنطرح إذا على المعارضة المسلحة في سوريا وقياداتها المتعددة وعلى أنفسنا الأفكار التالية ولنحاول البحث عن موقع القوات المقاتلة من الحراك الشعبي الثوري حتى نعمل جميعا على إنقاذ الوطن :

أولا ـ يُفترض في الجناح المسلح من الثورة أن يكون بالدرجة الأولى ثورياً. أي أن يكون انتماءه لأمه التي أنجبته وهي الحراك الثوري الشعبي وبالتالي أن يعبر عن دوافع وطموحات هذه الأم التي هي سبب وجوده أي الثورة الشعبية. وهذا يعني أن تكون أهداف الثورة الأصلية في التحرر والتحرير من عبودية وطغيان السلطة الحاكمة وبناء عهد جديد من العدل والحرية والكرامة لجميع أبناء المجتمع.

ثانيا ـ بما أن الثورة في سوريا ضمت فئات واسعة من الشعب بطوائفها وقومياتها المتعددة في شقها السلمي والمدني فإنه لايحق للجناح المسلح حتى لو كانت أغلبيته من طائفة محددة أن ينتج خطاباً اقصائياً لمكونات المجتمع السوري المختلفة والتي مازالت تشارك حتى اليوم بنسب مختلفة وبأشكال متعددة على الصعيد المدني. لأن المعارضة الوطنية الحقيقية سواء كانت مسلحة أو غير مسلحة تدافع عن حقوق وحرية جميع المواطنين بمختلف انتماءاتهم وبغض النظر عن مشاركتهم بالثورة أو عدمها وتتحدث بلغة الوطنية التي تكون فوق كل الانتماءات الدينية أو القومية أو السياسية. لأن الحرية التي يناضل من أجلها الشعب لا يمكن اجتزاؤها من عمقها الإنساني الشامل. فالحرية التي ينشدها من يبحث عن العدل والكرامة واسترداد الحقوق تنقلب لضدها وتتحول لاستبداد جديد إن لم تشمل الجميع.

ثالثا ـ إن المعارضة المسلحة تتخذ شرعيتها من شعبيتها وحاضنتها الاجتماعية. وإلا فتصبح عبئاً وقمعاً جديداً للثورة والشعب. فحينما يصبح مصدر قوتها هو ذاته مصدر قوة السلطة الحاكمة أي السلاح فقط تفقد شرعيتها حتى لو كانت معارضة. ومن أهم معايير شرعية المعارضة المسلحة هو صدقها وشفافيتها ونزاهتها وصراحتها مع الشعب. فكل ماهو خارج إطار الأسرار العسكرية التي يجب أن تُحجب عن النظام الحاكم يجب أن يكون حقيقياً أي صادقاً أمام الشعب. لم تكن المعارضة السياسية السورية حقيقية ولاصادقة في كثير من الأحيان. فهل كانت المعارضة المسلحة السورية متقدمة على رديفتها السياسية؟ هل قدمت إعلاماً وأخباراً وتحليلات ومواقف صادقة ونزيهة بعرض الايجابي والسلبي للشعب السوري التي تدافع عنه.

رابعا ـ إن المقاومة المسلحة ليست أمرا طارئا على تاريخ الثورات ولكن لها قوانينها واستراتيجيتها .. ومن أشكال المقاومة المسلحة البارتيزان أو مايسمى بحرب العصابات وهو الشكل الذي تتبعه المعارضة المسلحة في سوريا ومثل هذا النوع من القتال المسلح يظهر في حالة عدم التكافؤ بالسلاح بين الطرفين. وهو يبدأ كحرب عصابات تعتمد على الكر والفر في داخل القرى والمدن. لكن حينما يفتقد البارتيزان لقيادة عسكرية وطنية موحدة معززة بخطاب عسكري وطني فوق كل الانتماءات التقسيمية للمجتمع وعندما يعجز عن وضع استراتيجيات وتكتيكات القتال التي ينفذها كل المقاتلين حينها تتحول المعارضة المسلحة الثورية إلى مجموعات قتالية تستمر بقوة السلاح ولاترى هدفا لها إلا قهر النظام بأي وسيلة مما يدفعها إلى القيام بعمليات تخريبية وتدميرية للمجتمع والدولة معا وفقدان شرعيتها الشعبية اللازمة.

فما هي قواعد حرب العصابات أو البارتيزان؟

تعمل البارتيزان كما كتب أستاذ القانون للدولة كارل شميت كشكل من أشكال المقاومة المسلحة والتي تمارسها المعارضة المسلحة في سوريا على زعزعة كيان السلطة. وتكمن خطورتها في أنها تخلق لنفسها وبنفسها شرعيتها عندما تنهار الدولة أو قبل انهيارها وتشرع لنفسها الحق والقانون والنظام الخاص بها. إن هذا الشكل من المقاومة المسلحة يجعل البلاد في حالة طوارئ دائمة ومهددة بالفوضى وزعزعة الأمن . في ظل حرب البارتيزان أو ما يسمى بحرب العصابات ضد جيش السلطة الحاكمة ينهار النظام برمته في البلاد ـ النظام ليس بالمعنى السياسي للكلمة وإنما بالمعنى الحرفي لها ـ وهذا ما تشهده سوريا اليوم. فلا وجود للقانون اليوم أمام ال*** الذي يفرضه القتال المسلح. وهذا يفرض واقعاً جديداً على الثورة وهو أن القتال المسلح سيحتكر إلى درجة كبيرة تحديد مصير الحراك الشعبي والقوى الشعبية المدنية الثورية في غياب القيادة السياسية التي يجب أن ينضوي تحت مبادئها. وهذا من طبيعة وتبعات المقاومة المسلحة. والتراجع الهائل لدورالحراك المدني السلمي الثوري في سوريا يؤكد ذلك.

بدأت المعارضة المسلحة باسم الجيش الحر في سوريا كجزء من الشعب المقهور بصفته الطرف الأضعف والمدافع عن النفس تحت وطأة *** وهمجية النظام ونشوؤه كان أمراً طبيعيا رغم العوامل الخارجية التي كانت داعمة له. إلا أن عسكرة الصراع تصاعدت إلى حد اللامعقول بين جيش نظام الأسد المتغول وجويش غير منظم بلا رأس عسكري ثوري. وتحول دور السلاح من الدفاع عن النفس إلى كيان المعارضة المسلحة غير المتماسك. وهذا سيدفع بحسب طبيعة الأشياء إما إلى معركة حاسمة بين الطرفين إذا زادت قوة المعارضة وضعفت صلابة الجيش النظامي أو إلى تحول المعارضة المسلحة إلى قوام يشبه العصابات بدون معركة حاسمة وتستمر المعركة التدميرية للإنسان والبلاد إلى فترة طويلة يهلك فيها الجميع.

إذا أردنا أن نتجاوز مستوى المراهقة السياسية التي تمارسها المعارضات السورية في تقييمها وتحليلها للجيش الحر أو القتال المسلح في سوريا وإذا تعاملنا مع واقع المعارضة المسلحة بمسؤولية وطنية ونضج سياسي وتحليل عقلاني بعيد عن اللغة العاطفية والشعبوية فعلينا أن نحلل بعمق واقع عسكرة الثورة ونضع أيدينا على مشكلاتها ونطرح بلاخوف ولاتردد قراءتنا لنسبة نجاح القتال المسلح من عدم نجاحه وتعبيره عن الثورة أو انحرافه عنها. ماعدا ذلك نكون حفنة من متسلقين سياسيين لا نكترث إلا للتعبئة الشعبوية والتسلق الانتهازي.

إن الاستراتيجية العسكرية والطريقة التي يقوم عليها القتال المسلح للمعارضة في سوريا اليوم لاتدعو إلى التفاؤل. ففي الوقت الذي مازال جيش النظام وأجهزته ال***ية تعمل بتماسك إلى حد كبير رغم كل الهزات الارتجاجية التي أصابته وفي الوقت الذي يطور النظام من آليات سيطرته على المعارضة المسلحة والتي وصلت إلى حدود العقاب الجماعي لسكان كل منطقة تتواجد فيها كتائب مسلحة بتدمير الذات الإنسانية للمواطن السوري بتهديد الشروط الوجودية لعيشه نرى أن المعارضة المسلحة لم تطور استراتيجيتها العسكرية ولا خطابها العسكري ولا تكتيكاتها الحربية. فلا هي استطاعت أن توحد القيادة العسكرية والخطة العامة ومنظومة الأمر والتنفيذ العسكرية ولا هي تعطي الفرصة لمن تؤهلهم كفاءاتهم ومعرفتهم العسكرية لأن يقدموا خطاباً عسكرياً جدياً بدل الخطاب السياسي الديني والطائفي الذي يهيمن على لغة الكثير من المقاتلين ولااستطاعت أن ترسخ صورة سلوكية وأخلاقية عامة تترك الانطباع أن هؤلاء المقاتلين هم مقاتلون من أجل حرية الشعب السوري بأكمله دون زيادة أونقصان حتى تستحق بجدارة لقب جيش تحرير شعبي على طريق تحقيق الحرية والكرامة والعدل لكل السوريين بكل طوائفهم وقومياتهم وولاءاتهم. مؤيدين للمعارضة المسلحة أو خائفين منها.

وضع منظري الكفاح المسلح الثوري مثل ماوتسي تونغ وتشي غيفارا تصورات عامة عن قوانين القتال المسلح ضد سلطة استبدادية حاكمة باعتبار أن المرحلة الأولى من الكفاح المسلح تُبنى على الدفاع الاستراتيجي القائم على إضعاف الخصم بشرط أن يكون هذا الكفاح المسلح مدعوماً من الشعب يتكامل فيه عمل الهجوم التكتيكي مع الاستراتيجية الدفاعية ضمن خطة توازن مع الخصم. في المرحلة التالية تبدأ عمليات تحول تدريجي من الشكل اللانظامي المبعثر للمعارضة المسلحة إلى الشكل النظامي. وفي المرحلة النهائية تبدأ الأشكال غير النظامية للوحدات القتالية بالانحلال ويتخذ الجسم العسكري لنفسه شكلاً نظامياً في هيكليته وهرميته وإصدار الأوامر وطرق التنفيذ مشابها للجيش النظامي. ولابد من توفرشرط لازم وحاسم وهو تطبيق سياسة صارمة فيها أقصى الانضباط بقيم الثورة وأهدافها. وعمليات الانضباط هذه تشمل تجنب أعمال النهب والخطف والانتقام التي حدثت في سوريا ومازالت على أيدي قسم من حاملي السلاح.

على المعارضة المسلحة أن تتذكر دائما الحكمة الغيفارية بأن حرب العصابات تستمد قوتها وشرعيتها من المد الشعبي الكبير وعليها أن تكون دائما خط الدفاع الأول للشعب. شرعيتها تتآكل عندما تكون لفئة دون أخرى من الشعب أو مشبعة بايديولوجية أو مرجعية دينية لاتشمل كل أبناء الشعب. فالخطاب الانتقامي والطائفي هو أحد أبرز ظواهر انحراف الثورة السورية وعلينا مواجهتها بجرأة ووعي حتى لانخسر التغيير الثوري برمته في نهاية المطاف.

فمن أين تستمد المعارضة المسلحة المسماة بالجيش الحر أو بأسماء أخرى شرعيتها الشعبية حينما تقوم بالاغتيالات الطائفية أو تمارس ال***** والإذلال والإعدام الميداني على أسراها من الأمن أوالجيش وهذا بالتحديد ماكنا نصفه بالهمجية حين كان ومازال يصدر عن النظام المجرم. من أين تستمد شرعيتها الشعبية حينما تتحدث عن حرب بين السنة والشيعة أو العلوية كما يريدها لنا من يسمون أنفسهم بأصدقاء سوريا أو أصدقاء النظام. ما الذي يميز خطاب المعارضة المسلحة عن خطاب النظام حينما يتحدث أحدهم عن سنة وشيعة وعلوية ويتكلم الآخر عن سلفية واسلامية وارهابيين. إن الخطابين هما تحت سقف الوطنية التي تجمع الجميع وتساوي الجميع في الحقوق الانسانية. إن الخطابين يدعوان بشكل غير مباشر إلى حرب تقسيمية أهلية بعيدة المدى عراقية المنحى. كيف يمكن للشعب أن يعتبر أن المعارضة المسلحة هي الذراع العسكرية للثورة التي كان أحد مبادئها : واحد واحد واحد الشعب السوري واحد والتي كانت تقدم أرواح أبنائها من أجل بناء دولة مدنية لاإمارة دينية ولا دولة إخوانية. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أيضا تأثير الخارج في تصدير الخطاب والفكر الديني المتشدد أو السلفي الغريب عن الخطاب الديني المعتدل للمجتمع السوري إلى صفوف الكتائب المقاتلة فيزداد حينها تهديد انحراف الثورة عن سقفها الوطني الذي يضم الجميع. ويصبح العدو ليس النظام السوري الطائفي والمستبد فحسب وإنما ربما العلويون أوالشيعة أو غير ذلك من التصنيفات أيضا .

هناك فرق أيضا في ضرب أهداف عسكرية محددة للنظام تعمل على إضعاف أجهزته ال***ية وبين ضرب مؤسسات الدولة بدافع من الجهل والانتقام .. فضرب مؤسسات الدولة ودعائمها يعني المساهمة في عوامل الفقر والفوضى وغياب الأمن لسنوات طويلة بعد سقوط النظام وهذا سيكون في صالح الدول التي تنتظر شركاتها عقود العمل مع سوريا بعد النظام حتى تجمع أرباحها على عظام شهدائنا وجهل معارضتنا. إن لم تميز المعارضة المسلحة بين إسقاط السلطة والنظام وبين تهديم كيان الدولة ومؤسساتها فعلى الدنيا السلام ورحمة الله على الثورة.

ما يحدث اليوم في سوريا حرب إبادة ليس مصدرها النظام فقط الذي بات يحرق كل شيء من أجل بقائه وإنما أيضا المعارضة المسلحة التي تريد أن تطيح بالنظام ولكنها بدأت تطيح بالمجتمع دون أن تشعر . لا يمكن مساواة *** وإجرام ودموية النظام ب*** المعارضة المسلحة أبدا. فالنظام السوري يظل المسؤول الأول والأخير عن كل الدمار الذي يحدث للناس والمجتمع. ولكن الطرفان ـ الحاكم والمحكوم ، الظالم والمظلوم ـ يحطمان اليوم أسس الدولة وبنيتها التحتية شيئا فشيئا ويهددان وحدة البلاد الوطنية. النظام يفعل هذا عن عمد وإرادة والمعارضة السياسية المسلحة تفعل هذا عن غير قصد وعن جهل بقواعد المقاومة المسلحة. ولكن النتيجة واحدة حتى هذا اليوم تدمير المجتمع وجزء من مؤسسات الدولة التي هي ملك للشعب. لنعمل جميعاً نحن السوريون الناشطون والراكدون، السياسيون والعسكريون لنعمل جميعاً بالفكر والممارسة على تصحيح مسار الثورة على الصعيد السياسي والعسكري والمدني ونرسخ أن الوطنية والمواطنية للجميع فوق الانتماءات الدينية أو القومية أو الرهانات الخارجية حتى ننقذ الوطن والثورة. المطلوب منا جميعاً التفكير ثم التفكير ثم التفكير بكل عمل سياسي أو عسكري نتبناه ضد هذا النظام الخائن الذي يسبقنا بالتفكير والتخطيط لإبادة المواطن السوري والمجتمع معاً.

رحييق
06-10-2012, 11:09 AM
التفكير والتفكير ثم التفكير للوقوف في وجه هذا االنظام المتسلط
الذي فقد كل معان الانسانية والوطنية
نحتاج أن نكون أيدا واحدة
نحتاج أن نلم الشمل ووداعا للتحزب
نحتاج أن نجتمع على كلمة واحدة رأي واحد
هدف واحد لانقاذ اخواننا بإذن الله
مادام في مصلحة وطن عربي يهمنا جميعا
...
حفظك الله يا سوريا وكل بلادنا العربية والإسلامية
..
جزاك الله خيرا أستاذي والدي الغالي مستر أيمن

aymaan noor
06-10-2012, 02:41 PM
التفكير والتفكير ثم التفكير للوقوف في وجه هذا االنظام المتسلط
الذي فقد كل معان الانسانية والوطنية
نحتاج أن نكون أيدا واحدة
نحتاج أن نلم الشمل ووداعا للتحزب
نحتاج أن نجتمع على كلمة واحدة رأي واحد
هدف واحد لانقاذ اخواننا بإذن الله
مادام في مصلحة وطن عربي يهمنا جميعا
...
حفظك الله يا سوريا وكل بلادنا العربية والإسلامية
..
جزاك الله خيرا أستاذي والدي الغالي مستر أيمن

جزيل شكرى و تقديرى لمرورك الكريم دكتورة رحيق
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

aymaan noor
07-10-2012, 05:50 AM
تداعيات التصعيد العسكري بين تركيا وسوريا
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/e4c07973dbc8eb2f7380bdedc4201087_L.jpg
إيمان أحمد عبد الحليم - باحثة في الشئون العربية
اضطرت تركيا خلال الأشهر الماضية إلى التزام ضبط النفس إزاء الحوادث التي وقعت على حدودها مع سوريا، والتي تطورت في غير ذي مرة إلى اشتباكات امتدت بتداعياتها إلى الداخل التركي. ولكن بعد سقوط قذيفة "مورتر" مساء الثالث من أكتوبر (2012) على حي سكني في إحدى مناطقها الحدودية الجنوبية من الجانب السوري أسقطت خمسة مدنيين أتراك

قتلى (امرأة وأطفالها الأربعة) مع إصابة آخرين؛ اضطرت أنقرة إلى الرد على ما أسمته "القشة الأخيرة" بشن هجوم عسكري على أهداف سورية، وذلك في أخطر تصعيد عسكري عبر الحدود منذ الانتفاضة السورية التي بدأت قبل 18 شهرا، مما أثار المخاوف من توسع المصادمات بين الطرفين إلى حرب شاملة، غير أن ردود الأفعال اللاحقة بدا واضحًا معها الحرص على ضبط النفس نظرًا للتداعيات الخطيرة التي يمكن أن تترتب على نشوب حرب إقليمية كبرى في المنطقة.

دوافع تركيا للرد على التهديد السوري:

حاولت تركيا ضبط النفس في تعاملها مع الأوضاع في سوريا رغم تفوقها العسكري الواضح، ورغم الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الجيش السوري النظامي في إطار تعقب الثوار والمدنيين الهاربين عبر الحدود السورية - التركية، وذلك خشية التداعيات التي يمكن أن تترتب على نشوب حرب كبرى مع سوريا، غير أن تكرار الهجمات السورية على الحدود دفع أنقرة أخيرًا إلى اتخاذ موقف مغاير بالرد عسكريًّا على سقوط قذيفة "المورتر" داخل أراضيها، لا سيما وأن ذلك الهجوم من الجانب السوري لم يكن الأول، ولكن سبقه وقوع عدد من الحوادث جاء من بينها الآتي:

- شهدت الحدودُ السورية - التركية في التاسع من إبريل (2012) حادث إطلاق نار من سوريا تجاه مجموعة من نحو 100 سوري لمنعهم من الدخول إلى تركيا، مما أدى إلى إصابة 4 سوريين وتركيين اثنين في مخيمٍ لللاجئين مُقَامٍ في منطقة "كيلتس" الحدودية، وهو ما أثار حفيظة الجانب التركي، ودفع بأنقرة إلى رفع وتيرة استعداداتها العسكرية على الحدود.

- أسقطت نيرانُ المدفعية السورية في التاسع والعشرين من يونيو (2012) طائرة استطلاع تركية فوق مياه البحر المتوسط، مما أدى إلى مقتل طياريها الاثنين، وذلك بعد أن اخترقت الطائرة المياه الإقليمية بسبب سرعتها الزائدة ودون سابق إنذار، الأمر الذي ضاعف من أسباب التوتر في العلاقات بين البلدين، واضطرت معه تركيا إلى تعزيز قواتها ودفاعاتها الجوية على امتداد حدودها البالغ طولها 900 كيلومتر بعد أن هددت بالرد عسكريًّا ضد سوريا، ولكنها لم تحظَ بالدعم الدولي اللازم لتنفيذ العملية العسكرية داخل الأراضي السورية.

- تعرض البلدات الحدودية التركية لطلقات سورية طائشة في ضوء المواجهات الدائرة بين القوات السورية النظامية و"الجيش السوري الحر"، الأمر الذي يؤدي إلى وقوع إصابات بين المدنيين الأتراك؛ كما أن منطقة "أكاكالي" التي وقع فيها الحادث الأخير كانت قد تعرضت خلال الشهر الأخير لسقوط عدد من قذائف الهاون ألحقت أضرارًا بعدد من المنازل، وهو ما اضطرت معه تركيا إلى التحذير في 29 سبتمبر –قبل أربعة أيام فقط من حادث "أكاكالي"- من إمكانية قيامها بعمل عسكري ضد أهداف سورية إذا تكرر الهجوم بقذائف الهاون على أراضيها، وذلك مع نشر الجيش التركي مدافع وصواريخ مضادة للطائرات في جوار مركز حدودي مع سوريا يشهد مواجهات بين المقاتلين المعارضين والقوات النظامية.

رد تركيا على التصعيد في المناطق الحدودية:

مع اعتبار أنقرة الحادث الذي وقع في منطقة "أكاكالي" بمثابة "القشة الأخيرة"، وتشديدها على مواجهة التهديدات التي تتعرض لها على الحدود مع سوريا؛ فقد سعت للحصول على إدانة دولية واسعة لما تتعرض له من اعتداءات اضطرت معها إلى الرد عسكريا على عدد من الأهدف السورية.

1. الرد التركي العسكري: ردت تركيا على سقوط قذيفة "المورتر" على المنطقة الجنوبية الشرقية بمهاجمة مواقع سورية أسقطت معها عددا من القتلى في صفوف الجيش السوري النظامي. وقد أوضح بيان صدر عن رئاسة الوزراء التركية بهذا الشأن أن: "القوات المسلحة التركية الموجودة على الحدود السورية قامت بالرد الفوري والمباشر على الهجوم الغاشم الذي وقع اليوم جنوب شرق تركيا، وفقًا لقواعد الاشتباك"، وأضاف البيان أن أجهزة الرادار التركية أظهرت الأهداف السورية التي أصابتها قوات المدفعية التركية الموجودة على الحدود، لافتا إلى أن عملية الرد جاءت في إطار قواعد الاشتباك وقوانين المجتمع الدولي، وذلك مع تشديد البيان على أن "تركيا لن تصمت بعد اليوم على الاستفزازات التي يقوم بها النظام السوري، والتي يهدد بها أمنها القومي بين الحين والآخر".

2. الحصولُ على إذن من البرلمان لتوسيع العمليات: حيث سعت الحكومة التركية إلى الحصول على موافقة البرلمان على نشر قوات تركية داخل الأراضي السورية، وأرسلت إليه بمذكرة جاء فيها أن "الأعمال العدوانية" من قِبل الجيش السوري أصبحت تمثل تهديدًا خطيرًا للأمن التركي. وقد صوّت البرلمان في الرابع من أكتوبر على مد العمل بتفويض مداه خمسة أعوام للجيش التركي لتنفيذ عمليات عبر الحدود، وقد كان مقررًا من قبل التصويت على هذا النص الذي كان يُقصد به في الأصل السماح بشن ضربات على قواعد المقاتلين الأكراد في شمال العراق، ولكن التصويت سمح بتوسيع نطاق مثل هذه الضربات لتشمل تنفيذ عمليات داخل سوريا في حالات الضرورة.

إذ إن المذكرة التي وقعها أردوغان وأرسلها إلى البرلمان للمصادقة عليها تقول أيضًا إنه رغم التحذيرات المتكررة والمبادرات الدبلوماسية؛ شن الجيش السوري عملا عدوانيًّا ضد الأراضي التركية مما مثل "تهديدًا خطيرًا"، وأضافت المذكرة أنه "في هذه المرحلة برزت الحاجة لاتخاذ الإجراءات اللازمة للتحرك سريعًا دون تأخير ضد المخاطر والتهديدات الإضافية"، وقد صوّت البرلمان على المذكرة بأغلبية
320 صوتا ومعارضة 129 صوتا.

3. محاولة الحصول على دعم حلف الناتو والمجتمع الدولي: ففي أعقاب الهجوم السوري الأخير؛ طلبت تركيا العضو في منظمة حلف شمال الأطلسي، وللمرة الثانية، انعقاد الحلف بموجب المادة الرابعة من المعاهدة المؤسسة للحلف التي تخول أي دولة عضو طلب مشاورات عاجلة إذا "تعرضت وحدة أراضيها أو استقلالها السياسي أو أمنها للتهديد"، وقد عقد الحلف بناء على هذا الطلب اجتماعًا طارئًا على مستوى السفراء في بروكسل مساء الرابع من أكتوبر. وجاء في البيان الذي أصدره مجلس الحلف في أعقاب الاجتماع، أن الناتو يدعم تمامًا تركيا، ويطالب سوريا بالتوقف الفوري عن أي أعمال عدوانية ضد أنقرة، مشددًا على أن "الأعمال العدوانية السورية على الحدود مع تركيا هي انتهاكٌ سافر لأحكام القانون الدولي، وتهديدٌ لا شك فيه لأمن أحد الحلفاء". وقد أكد الحلف ما جاء في البيان السابق الصادر عنه يوم 26 يونيو (2012)، حيث أعلن بعد إسقاط الدفاع الجوي السوري طائرة الاستطلاع التركية أنه سيتابع بانتباه التطورات حول سوريا.

وذلك في حين بعثت تركيا برسالة إلى مجلس الأمن تشكو فيها سوريا، وتتهمها بالانتهاك الصارخ للقانون الدولي، والإخلال بالسلم والأمن الدوليين، مطالبة المجلس باتخاذ "الإجراء اللازم" لوقف العدوان السوري، وضمان احترام سوريا لسيادة تركيا، وسلامة أراضيها. وقد أدان المجلس في الرابع من أكتوبر "بأقسى العبارات القذائف التي أطلقتها القوات السورية" على البلدة الحدودية التركية، وطلب أعضاء المجلس الـ15 في بيانهم بـ: "وقف مثل هذه الانتهاكات للقوانين الدولية فورا وعدم تكرارها"، مطالبين كذلك "الحكومة السورية بالاحترام الكامل لسيادة جيرانها وسلامة أراضيهم"، وداعين إلى
"ضبط النفس".

الاتجاه نحو تجنب التصعيد:

على الرغم من استخدام تركيا للمرة الأولى القوة العسكرية ردا على الهجوم السوري الأخير، ومحاولتها حشد المجتمع الدولي إلى جانبها؛ فالملاحظ أن تركيا عادت سريعا عن تهديداتها بتوسيع عملياتها في سوريا، في تشابه وموقفها السابق من قبل عندما أسقطت المدفعية السورية إحدى المقاتلات التركية، حيث هددت بالرد ولكنها تراجعت محذرة من تكرار الهجوم، وبعد الهجوم الذي وقع في "أكاكالي" فقد استجابت تركيا للاعتذار شبه الرسمي الذي صدر عن وزير الإعلام السوري عمران الزعبي عندما صرّح بأن السلطات السورية تحقق في مصدر قذيفة "المورتر"، باعثًا بتعازيه إلى الشعب التركي قائلا: إن بلاده تحترم سيادة الدول المجاورة. وفي إشارة إلى ضرورة تجنب التصعيد العسكري دعا الوزير السوري إلى توخي العقلانية والمسئولية، مشيرًا إلى انتشار "مجموعات إرهابية" مسلحة على الحدود الطويلة بين سوريا وتركيا.

واستجابة لذلك عاد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ليؤكد أن بلاده "لا تنوي خوض حرب مع سوريا"، وذلك في أعقاب موافقة البرلمان التركي على تنفيذ عمليات عسكرية في سوريا. وقال أردوغان في مؤتمر صحفي مشترك في أنقرة مع نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي: "كل ما نريده في هذه المنطقة هو السلام والأمن، تلك هي نيتنا ولا ننوي خوض حرب مع سوريا"، وأضاف أن"إحدى أفضل الوسائل لمنع الحرب هو الردع الفاعل"، موضحا أن تصويت البرلمان التركي يهدف إلى تحقيق هذا الردع.

وفي حين يُفهم أن تجنب تركيا في السابق خوض حرب مع سوريا سواء للرد على الانتهاكات التي تعرضت لها أو لدعم المعارضة السورية بعد أن اقتربت أعداد اللاجئين لديها إلى ما يقارب 90 ألف لاجئ كان نابعًا من حرصها على صورتها لدى الرأي العام العربي، متجنبة إثارة حساسيات فترة الحكم العثماني لدى الشعوب الإسلامية، وحتى يتسنى الحصول على سند قانوني للقيام بمثل هذا الهجوم؛ فإن موقفها الأخير كان لافتا للبعض، ولا سيما مع ازدياد المطالبات الإقليمية والدولية بأهمية حسم الموقف في سوريا وإزاحة نظام الأسد، فضلًا عن أن الهجوم الذي تعرضت له تركيا يعطيها المبرر اللازم للقيام بعمل عسكري ضد الجيش السوري النظامي، ولكن موقف تركيا الذي أحبط مثل هذه التوقعات إنما يعود إلى تحديات لا تزال تواجهها في حال شنت هجوما واسعًا داخل الأراضي السورية، من بينها الآتي:

1. ضعف الدعم الدولي: ففي حين أدان العديد من زعماء العالم الهجوم الذي تعرضت له تركيا؛ فإنهم اتفقوا على مطالبة دمشق بضبط النفس. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن الرد العسكري التركي على الهجوم السوري بقذيفة هاون يمكن تفهمه لكن يجب تفادي تصعيد الموقف، وكذلك فقد دعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أنقرة إلى "الاعتدال" في ردها على تعرض إحدى قراها الحدودية للقصف، رغم إدانتها الشديدة للهجوم السوري على تركيا، وهو ما كان الموقف ذاته للاتحاد الأوروبي، ولكل من روسيا والصين وإيران، الدول الداعمة لنظام الأسد.
وبعد أن طلبت تركيا من مجلس الأمن اتخاذ "الإجراء اللازم" لوقف العدوان السوري؛ فقد حث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تركيا على ترك كل قنوات الاتصال مع سوريا مفتوحة. وحتى الولايات المتحدة التي اعتبرت أن رد تركيا على إطلاق قذائف سورية على أراضيها "ملائم" و"متكافئ" فقد دعت مع ذلك إلى تفادي التصعيد بين الدولتين، الأمر الذي أصاب أنقرة بخيبة الأمل لغياب الإجماع الدولي بشأن كيفية إنهاء الصراع.

وحتى بالنسبة لحلف الناتو الذي تعتبر تركيا عضوا فيه، فقد تجنب في اجتماعه الإشارة إلى المادة الخامسة من الاتفاقية المنشئة للحلف، والتي تعتبر أن الهجوم على أي من الأعضاء يعتبر هجوما واقعا على كل دول الحلف، مع تصريح أحد الدبلوماسيين بهذا الشأن أن "الحديث عن الاستعانة بالمادة الخامسة لاتفاقية واشنطن التي تقضي برد عسكري من جانب كل الحلفاء على العدوان ضد أحدهم سابق لأوانه"، لتخفق أنقرة للمرة الثانية بعد إخفاقها في يونيو الفائت في إقناع الناتو بأن يعتبر الاعتداء السوري هجوما واقعا على كل دول الحلف؛ حيث يتخوف الناتو من أن يؤدي التدخل في سوريا إلى نشوب حرب إقليمية واسعة قد تتدخل فيها إيران وحزب الله دعما لنظام الأسد، الأمر الذي يضر على الجانب الآخر بمصالح الدول الغربية في المنطقة، والتي يأتي على رأسها ضمان إمدادات النفط.

2. المعضلة الكردية: إذ تتحسب تركيا من أن يؤدي التدخل العسكري الواسع في سوريا إلى تأجيج المشكلة الكردية التي تحتل الأولوية في أجندات الحكومات التركية المتعاقبة، وذلك مع وجود مخاوف تركية من دعم يقدمه نظام الأسد لمسلحي حزب العمال الكردستاني باعتبار ذلك شكلا من أشكال الانتقام من أنقرة، مع السماح للحزب بإعادة فتح قواعد في سوريا يمكنه من خلالها مهاجمة الأراضي التركية. وعموما فإن التزام الأحزاب الكردية بالحياد إزاء التطورات الجارية في سوريا دفع أنقرة إلى الاشتباه في ولائهم للأسد، وذلك مع وجود مخاوف من أن يكون من شأن أي عملية عسكرية ناجحة في سوريا دفع نظام الأسد لدعم انفصال الأكراد، ودون إغفال أن سوريا كان لها دور رئيسي في تطور حزب العمال الكردستاني الذي خاض خلال الفترة الأخيرة مواجهات مسلحة مع الجيش التركي على المناطق الحدودية مع العراق.

3. اعتراضات الداخل التركي: فقد تصاعدت أصوات المعارضة داخل تركيا بوجه حكومة رجب طيب أردوغان بسبب موقفها من النظام السوري، ولقناعتهم بأن ذلك الموقف هو الذي دفع دمشق وطهران لدعم الانفصاليين الأكراد، وتشجيعهم على تنفيذ المزيد من الهجمات ضد تركيا. وبينما رحب غالبية الشعب التركي بالرد السريع لجيشهم على نيران المدفعية السورية فقد عبروا عن قلقهم من انزلاق بلادهم إلى حرب شاملة يمكن أن تمتد آثارها عبر الحدود، وقد خرج حوالي خمسة آلاف شخص إلى شوارع إسطنبول مساء الرابع من أكتوبر بدعوة من أحزاب يسارية رفضا لاحتمال اندلاع حرب مع سوريا، ولتتحول مظاهرتهم لتكون ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم والذي يواجه كذلك علاقات معقدة مع المؤسسة العسكرية يتشكك معها في حصوله على الدعم الكامل من قِبل الجيش لأي قرار قد تتخذه الحكومة التركية للدخول في مواجهة شاملة مع النظام القائم في دمشق.

وفي ضوء ما سبقت الإشارة إليه؛ فإنه قد لا يسع تركيا إلا الرد المحدود على أي طلقات أو قذائف تتعرض لها المناطق الحدودية شبيه بالرد على هجوم "أكاكالي" وشبيه بالرد اللاحق الذي نفذه الجيش التركي مساء الخامس من أكتوبر باتجاه الأراضي السورية ردا على سقوط قذيفة هاون على منطقة ريفية في الجانب التركي، وذلك مع استمرار أنقرة في تقديم الدعم التقليدي للمعارضة السورية؛ حيث تستضيف عددًا من الشخصيات والجماعات السورية المعارضة أبرزها "المجلس الوطني السوري" الذي أُعلن عن تأسيسه في مدينة إسطنبول التركية العام الماضي، وسماحها بإقامة قاعدة لـ"الجيش السوري الحر" المكون من المتمردين الذين انشقوا عن الجيش السوري، والذي أعلن مؤخرًا نقل قيادته المركزية من تركيا التي استقر فيها منذ أكثر من عام إلى "المناطق المحررة" داخل سوريا.

darch_99
07-10-2012, 07:42 AM
مقال رائع وتحليل ممتاز فشكرا لك و بارك الله فيك

aymaan noor
07-10-2012, 11:33 AM
مقال رائع وتحليل ممتاز فشكرا لك و بارك الله فيك

جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

aymaan noor
09-10-2012, 10:08 AM
هل يُنهي بروتوكول أديس أبابا الصراع بين شمال وجنوب السودان؟
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/274936c4b649c88ffad7944bfc7a744a_L.jpg
أحمد زكريا الباسوسي
سادت حالة من التفاؤل لدى غالبية الأوساط السياسية داخل السودان وخارجها بعد توقيع كلٍّ من رئيس السودان عمر حسن البشير، ورئيس جنوب السودان سلفا كير؛ برتوكولا جديدًا للتعاون بين البلدين في 26 سبتمبر الماضي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا؛ حيث تضمن البروتوكول ثماني اتفاقيات شاملة لمختلف مجالات التعاون،

لعل أبرزها اتفاقية الترتيبات الأمنية، والاتفاقية التجارية والنفطية، والاتفاقية الإطارية للتعاون البنكي والمصرفي بين البلدين، واتفاقية أحوال المواطنين السودانيين.

جاء هذا البروتوكول نتاجًا لسبع جولات من المفاوضات، كانت آخرها جولة أديس أبابا، والتي استمرت أربعة أيام عقد خلالها الرئيسان البشير وسلفا كير ست جلسات من المباحثات بحضور لجنة الوساطة الإفريقية برئاسة ثابو مبيكي الرئيس الجنوب الإفريقي الأسبق.غير أن هذا البروتوكول لم يتناول الوضع الخاص بكل من منطقة أبيي ومسألة ترسيم الحدود، باعتبارهما من النقاط الخلافية الكبرى بين الطرفين، والتي كان من شأنها أن تنسف عملية التفاوض من جذورها في حالة الخوض فيها. وبالتالي فضل الطرفان تأجيلها بهدف التوصل لاتفاق مبدئي يفتح الباب أمام مزيدٍ من التعاون والتفاوض بشأن القضايا شديدة الخلاف.

الأبعاد الرئيسية للبروتوكول

عالج البروتوكول باتفاقياته الثماني عدة أبعاد للخلاف بين السودان وجنوب السودان. ولعل أبرز تلك الأبعاد ما يلي:

أولًا: البعد الأمني: ألزم البروتوكول الطرفين بضرورة نبذ العنف، ووقف الأعمال العدائية، عبر إقامة منطقة *****ة السلاح على الحدود بين البلدين، وسحب كل بلد منهما قواتها، وتفعيل بعثة المراقبين المشتركة وفقا للخريطة الإدارية والأمنية التي قدمتها الوساطة سابقًا، وذلك دون إضافة أي إجراءات خاصة بمنطقة 14 ميلا.

لكن على الرغم من ذلك؛ يبدو أن مسألة تطبيق الترتيبات الأمنية سوف تكون محفوفة بالمخاطر، لا سيما المنطقة *****ة السلاح بتحديد خط 14 ميلا، وذلك بعد الاعتراضات التي أبداها "ملونق أوان" حاكم ولاية بحر الغزال، وأحد أبرز قيادات الحركة الشعبية العسكرية، وصلت إلى حد مطالبة كافة شباب المنطقة بالانضمام لحركته الرافضة للبروتوكول؛ إذ أكد أوان على أن البروتوكول قد قدم تنازلات غير مقبولة.

ثانيًا: البعد الاقتصادي والنفطي: نص البروتوكول -ضمن حزمة الإجراءات- على إعادة ضخ نفط الجنوب مرة أخرى بعد اتفاق الطرفين على رسوم الشحن الجديدة. وقد دفع للتوصل إلى هذا الاتفاق الأزمةُ الاقتصادية الحادة التي تعاني منها الدولتان، وعملت على تقديمهما تنازلات بشأن صادرات النفط بشكل كبير؛ فقد فقدت دولة شمال السودان ما يقرب من 75 % من مواردها النفطية بسبب انفصال الجنوب الغني بالنفط، وهو ما جعل السودان يعول على تحصيل مبالغ كبيرة لسد العجز في الموازنة، مقابل استمرار ضخ الجنوب صادراته النفطية عبر أنابيب دولة الشمال، وهو ما لم يستمر طويلا بعد رفض جوبا دفع رسوم الشحن التي حددتها الخرطوم، وهو ما وضع الجنوب أيضًا في مأزق اقتصادي بعد توقف صادراته النفطية.

التداعيات المحتملة للبروتوكول

سادت حالةٌ من الانقسام حول البروتوكول في كلا البلدين، ويمكن تلخيص هذه الحالة في اتجاهين:

الاتجاه الأول: يُشدد على أن البروتوكول على الرغم من أنه لم يضع نهاية للأزمات العميقة –لا سيما أبيي والحدود- إلا أنه ستكون له تداعيات جيدة في مسار تحسين العلاقة بين الطرفين، باعتباره خطوةً مهمة لبناء جسور الثقة بين البلدين، مما يمهد الطريق لحل الأزمات الأخرى العالقة في مرحلة قادمة. جاء ذلك متسقًا مع تصريحات المسئولين الحكوميين في الدولتين، وعلى رأسهم الرئيس البشير وسلفا كير، فضلا عن تصريحات عدد من الوزراء، وخاصة وزير الاستثمار السوداني مصطفى عثمان إسماعيل، وكبير مفاوضي جنوب السودان باقان أموم، والذي صرح بـ"أن هذا الاتفاق يفتح فرصًا جديدة لدفع الحوار حول القضايا المتبقية إلى الأمام". ذلك فضلا عن اعتبار البعض أن هذا الاتفاق يُعد أقصى ما يُمكن تحقيقه في الوقت الحالي نتيجة غياب الثقة، وتشكك كل طرف في نوايا الآخر.

الاتجاه الثاني: يؤكد على أن البروتوكول لن يساهم في إقرار السلام الكامل، وذلك لثلاثة أسباب رئيسية:

1. عدم القناعة بأن الاتفاق سيكون مقدمة لحل الأزمات الأخرى، على اعتبار أنه لم يكن الاتفاق الأول من نوعه، فقد تم الدخول في عدة مسارات تفاوضية مشابهة منذ اتفاق السلام الذي تم توقيعه عام 2005، والذي قاد إلى انفصال الجنوب وصلت لإجراءات مماثلة. لكن على الرغم من كل تلك الاتفاقيات؛ فإن الصراع في تصاعد مستمر وصل في كثير من الأحيان إلى القصف الجوي والحرب
الصريحة. فالعبرة في النهاية بإرادة التطبيق، والالتزام الحرفي ببنود البروتوكول، وليس التوقيع والاتفاق فحسب.

2. أن الاتفاق يفتقد الإرادة السياسية الحقيقية، باعتباره جاء تحت ضغوط دولية لا سيما قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2046، والذي تضمن تحذيرات شديدة اللهجة لكل من الطرفين، وأوامر واضحة لهما منها: إنهاء الأعمال العدائية، ووقف التصريحات الإعلامية العدائية والداعية لتصعيد الحرب، ووقف الهجمات والتحركات عبر الحدود، ووقف عمليات القصف الجوي، وسحب جميع قواتهما من المناطق الحدودية ومن ضمنها أبيي، وعودة الطرفين فورًا إلى طاولة المفاوضات تحت إشراف اللجنة التنفيذية الرفيعة المستوى التي شكلها الاتحاد الإفريقي.

3. أن البروتوكول لم يقدم حلولا للإشكاليات الكبرى التي تعكر صفو العلاقات بين البلدين، فلا تزال القضايا الكبرى عالقة. ويأتي في مقدمتها قضية ترسيم الحدود، والتي تمتد إلى ما يقرب من 1800 كليومتر، وهي تعتبر ركيزة من ركائز الصراع، فمنذ اتفاق عام 2005؛ كان يفترض ترسيم الحدود وفقًا لحدود 1956؛ إلا معظم الخرائط المتوافرة تحمل الكثير من التناقض. ذلك بالإضافة إلى التنازع على منطقتي أبيي وحقل هيجليج النفطي. وهي قضايا لم تُحل بعد، مما يعني أنها ستظل مصادر مستمرة للصراع. وبالتالي فإن هذا البروتوكول سيظل عاجزًا عن تحقيق السلام طالما ظلت تلك القضايا على حالها.

darch_99
09-10-2012, 10:31 AM
شكرا لك سيدي الفاضل علي المقال

هل يُنهي بروتوكول أديس أبابا الصراع بين شمال وجنوب السودان؟

والاجابه قطعا و بكل وضوح وبالتاكيد هي لا لماذا ؟

لان هذا الاتفاق جاء تحت ضغوط اقتصادية صعبة لكل من الدولتين .
والحقيقة ان ان دولة جنوب السودان اقيمت اصلا من اجل هدف تفتيت السودان ضمن مخطط تقسيم المقسم في الوطن العربي فالهدف المؤقت الان هو تقوية جنوب السودان اقتصادية وبالتالي وعلي المدي القريب والبعيد عسكريا وسياسيا والسبب المباشر في قيام ودعم جنوب السودان هو اسرائيل وامريكا يعني هو اتفاق مرحلي لا اكثر هدنه تطول او تقصر الهدف التقاط النفس فقط ليس الا , وفي حالة واحدة فقط سوف تعود جنوب السودان يوما وتلتئم مع شمالها
في حالة القضاء وانهيار دولة اسرائيل واختفائها من الوجود

وشكرا

aymaan noor
09-10-2012, 02:46 PM
شكرا لك سيدي الفاضل علي المقال



والاجابه قطعا و بكل وضوح وبالتاكيد هي لا لماذا ؟

لان هذا الاتفاق جاء تحت ضغوط اقتصادية صعبة لكل من الدولتين .
والحقيقة ان ان دولة جنوب السودان اقيمت اصلا من اجل هدف تفتيت السودان ضمن مخطط تقسيم المقسم في الوطن العربي فالهدف المؤقت الان هو تقوية جنوب السودان اقتصادية وبالتالي وعلي المدي القريب والبعيد عسكريا وسياسيا والسبب المباشر في قيام ودعم جنوب السودان هو اسرائيل وامريكا يعني هو اتفاق مرحلي لا اكثر هدنه تطول او تقصر الهدف التقاط النفس فقط ليس الا , وفي حالة واحدة فقط سوف تعود جنوب السودان يوما وتلتئم مع شمالها
في حالة القضاء وانهيار دولة اسرائيل واختفائها من الوجود

وشكرا

جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

محمد محمود بدر
09-10-2012, 03:14 PM
جزاكم الله خيرا موضوع اكثر من رائع

Good Engineer
09-10-2012, 04:08 PM
دمتم بحفظ الله

aymaan noor
10-10-2012, 01:27 PM
مستقبل إدارة الثروات في الشرق الأوسط
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/600eb6612b31632f6c618c9c012d873d_L.jpg
بريان مايكل
حظى موضوع إدارة الثروات باهتمام أصحاب الأموال وكذلك المؤسسات المصرفية التي تقوم بدور الوسيط في تنمية الأموال لأصحابها من خلال تقديم المشورة، وحِزَمٍ من المشروعات. وتقوم الخدمات التي تقدمها مؤسسات إدارة الثروات على تأسيس علاقات مباشرة مع العملاء ذوي رؤوس الأموال والثروات بغية تقديم خدمات لهم، تتضمّن إدارة ثرواتهم بشكل يحقق المكاسب.

ولكن مع الأزمة المالية العالمية والربيع العربي تصاعدت الشكوك، وضعفت الثقة بين المستثمرين في خدمات إدارة الثروات، لذا باتوا يطالبون في الوقت الراهن بمستويات عالية من الشفافية وبتفسيرات للتقارير الصادرة عن حساباتهم الخاصة، وذلك بهدف توضيح قيمة ممتلكاتهم واستثماراتهم والمخاطر الكامنة في توظيف تلك الثروات. ومع حرص أثرياء الشرق الأوسط على إيداع وتنمية أموالهم في الخارج؛ باتت الشركات المالية المحلية تعمل على جذب تلك الأموال إلى الداخل.

وفي هذا الصدد؛ كتب بريان مايكل - زميل زائر لمركز دراسات القانون المقارَن والعام – تقريرا نشره معهد دراسات الشرق الأوسط في شهر يوليو الماضي تحت عنوان "هل صناعة إدارة ثروات الشرق الأوسط نعمة أم نقمة؟".

ويشير التقرير إلى أن حرص أثرياء الشرق الأوسط الشديد على تأمين ثرواتهم وإنمائها جعلهم هدفًا جذابًا ليس لشركات إدارة الثروات في الخارج فحسب؛ بل لشركات الشرق الأوسط أيضًا العاملة في هذا المجال.

ففي ظل ميل أثرياء الشرق الأوسط إلى وضع أموالهم في الخارج والاستثمار في الأصول الأكثر ثباتًا مثل العقارات والسلع وتوسيع استثماراتهم في الشركات الأجنبية؛ تسعى بنوك الشرق الأوسط حثيثا لتعلُّم كيفية توفير خدمات إدارة الثروات على النمط الغربي من أجل جلب تلك الأموال إلى الداخل. بيد أن تطوير صناعة إدارة الثروات في الداخل تتطلّب قبول المنافسة الأجنبية، وتغيير القوانين المصرفية، وإنماء الشركات المحلية ذات الأسهم الجذابة.

ويستعرض الجزء الأول من التقرير اتجاهات إدارة الثروات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويوضح الجزء الثاني أسبابَ نجاح تركيا في إنماء صناعة إدارة الثروات وطنيًّا ودوليًّا، ويشرح الجزء الثالث من التقرير سُبُل جلب الأموال إلى الداخل من خلال إصلاح القانون المصرفي والمالي، وجعل البنوك المحلية أكثر كفاءة. أما الجزء الأخير فيبيّن الكيفية التي يمكن أن تزيد شركات إدارة الثروات الأجنبية بها أصولها.

اتجاهات صناعة إدارة الثروات

بداية يشير مايكل إلى أن معظم الثروة في المنطقة تكمن في تركيا والمملكة العربية السعودية، تليهما مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة، ثم بقية البلدان الأخرى،فتوفر الثروات في المنطقة يعطي لشركات إدارة الثروات والشركات المصرفية الخاصة فرصة فريدة من نوعها لخدمة الأثرياء.

ويعزو التقرير نمو صناعة إدارة الثروات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى احتفاظ الأسهم العالمية ببريقها إلى حدٍّ ما، وإلى ارتفاع عائدات الاستثمارات النفطية، لاسيما مع ارتفاع أسعار النفط على مدى السنوات الخمس المنصرمة.

ولعل هذه التغيرات الهائلة في مصادر الثروة دفعت وسطاء الغرب التجاريين إلى الإقبال على أسواق الشرق الأوسط بدلا من انتظار مجيء أثرياء المنطقة إليهم في أوروبا. وبحلول عام 2012، باتت البنوك العالمية الكبرى توفّر خدمات مصرفية وخدمات إدارة الثروات في الشرق الأوسط.

وتشير الإحصائيات إلى أن ما يقرب من 70% من أثرياء الشرق الأوسط يرسلون أموالهم إلى الخارج، بيد أن الأكاديميين لا يعرفون وجهة هذه الأموال بالضبط.

وتشير التقديرات إلى أن عدد الأثرياء نما إلى حدٍّ كبير في منطقة الشرق الأوسط، وأن حجم الثروة نما بنسبة 10% تقريبًا في عام 2009، وبنسبة 5% تقريبًا في عام 2010.

وقد لاحظ مراقبو صناعة إدارة الثروات أن معظم الأموال تذهب إلى سويسرا والمملكة المتحدة، بيد أن بيانات صندوق النقد الدولي لم تُظهر حتى الآن هوية من يستثمر هذه الأموال و***يته.

ووفقا للبيانات المتاحة، يضع المستثمرون الإماراتيون والقطريون والأتراك أكبر كمية من محافظهم الاستثمارية في سويسرا. ومع ذلك؛ عجز صندوق النقد الدولي عن تحديد حجم هذه الأموال؛ ربما لنقص البيانات لديه.

وتشير البيانات المتاحة رغم محدوديتها إلى أن شركات إدارة الثروات تسعى جاهدة للعمل مباشرة في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأن البنوك الأجنبية وجّهت أنشطتها على نحو متزايد إلى أسواق الشرق الأوسط.

وفي مستهل العقد، شكّلت البنوك الأجنبية نسبة 10% فقط من إجمالي السوق من حيث الأصول، في حين شكلت البنوك الخاصة بالخليج حوالي 27% من الأصول. ولكن بحلول نهاية العقد، حققت البنوك الأجنبية تقدمًا كبيرًا وشكلت نسبة20% من السوق، ما يوحي بأن تلك البنوك الغربية تسعى لنيل حصة أكبر من محفظة الشرق الأوسط.

وتشير الدراسة إلى أنه إذا تمكنت شركات إدارة الثروات الأجنبية ولاسيما الشركات السويسرية والبريطانية من تغطية السوق المحلية بصورة كلية، ستظل شركات إدارة الثروات المحلية متخلفة للغاية.

ووفقا لتقديرات مؤسسة ميريل لينش، رفعت بنوك الخليج أصولها بنحو 25% في النصف الثاني من عام 2000، وارتفعت الأصول المُدارة من قِبل البنوك الخاصة ومدراء الثروات بنحو 12%، ونمت الثروة في المنطقة ككل بنسبة حوالي 10%.

وفي دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر - وهما سوقان على درجة عالية من التطور المالي- نمت الأصول المصرفية بنحو 35%. أما في تركيا والمملكة العربية السعودية فقد نمت الأصول المصرفية بما يقرب من ضعف معدل النمو المقدّر للثروة في المنطقة.

ولم تقدم القطاعات المصرفية المتخلفة في المنطقة تفسيرا واحدا لسبب تردّي وضع البنوك المحلية، على حد قول الباحث مايكل الذي يرى أن ذلك قد يعزو إلى عجز تلك البنوك عن المنافسة، وعدم وجود فرص استثمارية مربحة في منطقة الشرق الأوسط.

ووفقا لدراسةHasan and Dridi 2010، تضاءلت ربحية البنوك في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في حين نمت محافظها الاستثمارية. كما أشارت تلك الدراسة إلى أنه كان ثمة تفاوت كبير بين أحجام المحافظ الاستثمارية للبنوك والربحية من عام 2007 وحتى عام 2009.

وعلاوة على ذلك، أوضحت دراسةMako and Sourrouille 2010 التي أُجريت مؤخرا أن المملكة العربية السعودية لم تستثمر سوى 71 مليون دولار في منطقة الشرق الأوسط في عام 2009، في حين استثمرت دولة الإمارات العربية المتحدة 92 مليون دولار في المنطقة.

مقارنة بين استثمارات تركيا والسعودية

يخدم الاقتصادان التركي والسعودي على حد سواء مصالح النخبة الحاكمة؛ إلا أن مصالح النخبة التركية تركّز في المقام الأول على الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية المحلية التي تولّد ثروة، في حين تميل مصالح النخبة الحاكمة السعودية إلى استثمار مكاسب الموارد في الخارج.

وفيما يتعلق بصناعات التكنولوجيا الفائقة، التي جعلت العديد من الأمريكيين والأوروبيين من أصحاب الملايين، فاقت الصادرات التكنولوجية التركية نظيرتها السعودية في عام 2007، وعليه تجاوزت نسبة النفقات التركية نظيرتها السعودية؛ بل وفاقت براءات الاختراع التركية أيضًا عدد براءات الاختراع السعودية، مما أحدث فجوة كبيرة بين الثروات التركية ونظيرتها السعودية.

ومع ذلك؛ بدا القطاع المصرفي السعودي أكثر قوة من نظيره التركي في عام 2010، وذلك لأن البنوك السعودية كانت تتمتع آنذاك بخصوم وودائع كبيرة. هذا وفاقت نسبة ادخار السعوديين معدّل ادّخار الأتراك في عام 2010؛ إذ ادّخر السعوديون 43% من إجمالي ناتجهم المحلي، في حين ادّخر الأتراك 14% فقط من إجمالي ناتجهم المحلي. وفي أغلب الأحوال، تذهب تلك الوفورات طريقها إلى سويسرا والمملكة المتحدة.ويُشير الباحث في دراسته إلى أن تطوير خدمات إدارة الثروات في تركيا يبدو واعدا أكثر بكثير مما هو عليه في المملكة العربية السعودية.

نصائح لتطوير إدارة الثروات في الشرق الأوسط

ينصح الباحث القطريين والليبيين واللبنانيين بأن يشجعوا المستثمرين المحليين على استثمار أموالهم في الداخل بدلا من استثمارها في الخارج، وينصح قطاعاتهم المصرفية بالتركيز على الاستثمارات طويلة الأمد ونتائجها.

كما يحض مايكل على تشجيع الأثرياء على إعادة أموالهم من الخارج، وإدخال تغييرات على قانون الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط. بيد أنه ينبغي استخدام الأموال بمجرد عودتها من الخارج في إنماء اقتصاد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ومن ناحية أخرى؛ ينصح مايكل الشركات الأجنبية العاملة في مجال إدارة الثروات بما يلي:

أولا: الاهتمام بالأصول الموجودة في الخارج بدلا من الدخول مباشرة إلى أسواق الشرق الأوسط.

ثانيا: التركيز على تعظيم الأصول الخاضعة للإدارة بدلا من زيادة حجم العملاء.

ثالثا: التركيز على أسواق الدرجة الثانية، لأن تركيا والسعودية -على وجه الخصوص- لهم بالفعل منافسون أشداء.

يرى الباحث أن إدارة الثروات في الشرق الأوسط تمثل نعمة ولكن نقمة محتملة للمؤسسات المالية والمحلية؛ فمستقبل إدارة الثروات في الشرق الأوسط سيتوقف على ما إذا كان بإمكان صنّاع السياسة والمصرفيون تطوير خدمات إدارة الثروة المحلية التي تزيد الاقتصادات المحلية وتزيد محافظ الأثرياء وعددهم. كما أن صانعي السياسة سيحتاجون إلى تشجيع المؤسسات المالية المحلية لتصبح أكثر قدرة على المنافسة، وذلك من خلال تغيير القوانين المصرفية وإنماء الشركات المحلية التي تعتبر أسهمها جديرة بالشراء.

ويختتم الباحث دراسته بقوله إنه ينبغي ألا يخاف مدراء الثروات الأجانب من تطوير المؤسسات المحلية وأنشطتها، وأن يساهموا في إنماء أسواق الشرق الأوسط من خلال توفير خدمات مصرفية خاصة في المنطقة.

aymaan noor
10-10-2012, 01:33 PM
التحول أم الانهيار؟:
ورشة عمل: سيناريوهات ما بعد التغيير في اليمن
معهد تشاتام هاوس
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/71ab1197965a26d2e4379f8b23c36ebb_L.jpg
في إطار اهتمام مؤسسات الفكر والرأي الغربية بتطورات الأوضاع في اليمن، واستشراف السيناريوهات المستقبلية للتطور السياسي والاقتصادي اليمني، عقد المعهد الملكي البريطاني للشئون الدولية (تشاتام هاوس) ورشتا عمل تحت عنوان "اليمن: السيناريوهات والمؤشرات".


لخصت ورشتا العمل مستقبل اليمن في أربع سيناريوهات رئيسية مدة كل سيناريو خمس سنوات مقسَّمة إلى مرحلتين. تبدأ المرحلة الأولى من عام 2012 وحتى فبراير 2014، أما المرحلة الثانية فتبدأ من بعد عام 2014.

وتستند هذه السيناريوهات الأربعة إلى الخيارات المتاحة أمام المسئولين اليمنيين والتي تعتمد على إعادة تشكيل التسوية السياسية إما على موارد اقتصادية جديدة لتحل محل إنتاج النفط المتضائل أو على إصلاحات فعالة للاستفادة من الموارد المتاحة بكفاءة أكبر.

ويري المشاركون في ورشتي العمل أن هذه السيناريوهات الأربعة ليست بمثابة تنبؤات، ولكنها تمثل سردًا "معقولًا" لمستقبل اليمن. ويقولون أن ثمة احتمال قوي أن يكون كل من هذه السيناريوهات امتدادا للآخر، بيد أن ذلك سيتوقف على تطور الأحداث.

السيناريو الأول: التقدم الى الأمام

يعتمد هذا السيناريو على الاستثمار السعودي والخليجي في الاقتصاد اليمني لضمان استقرار البلاد وضمان استمرار التسوية السياسية. فيشير المشاركون في ورشتي العمل إلى أنه من المتوقع أن توافق دول مجلس التعاون الخليجي في المرحلة الأولي من السيناريو (من عام 2012 وحتى فبراير 2014) على آلية للاستثمار في اليمن، وسيكون ذلك مدعومًا إلى حدٍّ كبير بتمويلات سعودية. فدعم الاقتصاد اليمني، وما سيترتب عليه من تثبيط للهجرة اليمنية، سيكون أفضل بكثير من المخاطرة بانهيار الاقتصاد اليمني.

ومن المتوقع نمو الاستثمار في قطاعات المعادن، جنبا إلى جنب مع الاستثمار في البنية التحتية مثل الطرق، واستثمار 15 مليار دولار، ودعم الميزانية التي تعاني من عجز قدره مليارا دولار، مما قد يساعد في تحقيق تقدم حقيقي في خفض معدل البطالة. ومن المرجح أن تتراجع أسعار السلع الغذائية الأساسية في هذه المرحلة دون مستويات عام 2011، وعليه قد تتحسن مستويات المعيشة.

وعلاوة على هذا، سيسعى الرئيس عبد ربه منصور هادي تدريجيًّا لبناء قاعدة من الدعم الشعبي، وسيولي أهمية لقضايا المرأة، مما سيُفسح المجال تدريجيًّا للتحالف مع رجال دين محدثين بغية التناقش بشأن قضايا خلافية مثل الزواج المبكر، وتنظيم الأسرة، وتعليم الفتيات.

ويتوقع المشاركون أن يشرف هادي على صياغة الدستور الجديد، وعلى بناء هيكل اتحادي لا مركزي يتمتع في إطاره الحوثيون والجنوبيون بحكم ذاتي كبير. ولكن في حالة تعزيز الحوثيين سيطرتهم على الأراضي في الشمال، سيتأجّج صراعهم مع جهات فاعلة خارجية، مما يعني تحسنا طفيفا في الوضع الإنساني للنازحين هناك.

وقد يهدد التوتر بين الحوثيين وحزب "التجمع اليمني للإصلاح" بتقويض الحوار الوطني، غير أنه من المتوقع أن ينجح مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر في إقناع الحوثيين بعدم الانسحاب من المحادثات.

ويرى المشاركون في ورشتي العمل أن هادي سيكون قادرًا على تأمين الدعم الخارجي الذي سيحتاج إليه؛ فهو بارع في جذب استثمارات بالمليارات من دول الخليج من خلال إقناعه لها بأن عدم دعم اليمن ستكون له عواقب وخيمة على الكل.

كما أنه سيكون قادرًا على إقناع الولايات المتحدة بأن الإفراط في الاعتماد على هجمات الطائرات بدون طيار ليست هي الطريقة المُثلى لمكافحة الإرهاب. حيث يفضل هادي اللجوء إلى التحالف مع زعماء جنوبيين وجماعات قبلية لقطع دابر أنصار الشريعة وغيرها من الجماعات الأصولية المسلحة.

وفي المرحلة الثانية التى تبدأ من مارس 2014 وحتى عام 2017 يتوقع المشاركون إرجاء الانتخابات المقررة في عام 2014 لمدة 12 شهرا لإتاحة الوقت لاستكمال الحوار الوطني، وسيكون هذا الإرجاء مفهوما ومقبولا على الصعيدين المحلي والدولي. ويتوقعون أن يعود رجال القبائل الذين شاركوا في احتجاجات صنعاء -بوصفهم مدنيين- إلى قراهم وهم يحملون فكرة المشاركة السياسية.

ومن المحتمل أن يوفر الاستثمار في مجال الإعمار فرص عمل للعمال الريفيين غير المهرة، وأن تبث مشاريع التنمية الأمل في نفوس اليمنيين. ومن الوارد أن تتحسن مستويات المعيشة، غير أن الإغاثة الإنسانية ستظل ضرورية لتلافي الوقوع في أزمة.

وعندما تُجرى الانتخابات في عام 2015، سيتولى رئيس جديد ورئيس وزراء تنفيذي قيادة حكومة تكنوقراطية فعالة. ومن المتوقع أن تُعزَّز قدرة مجلس النواب تدريجيا للعمل بوصفه هيئة تشريعية، وأن يصبح تمكين المرأة مقبولا. هذا ومن المحتمل أن يجد العمالُ حديثو التدريب فرص عمل أفضل في دول الخليج، ما من شأنه أن يعزز التحويلات المالية. ومع تحسن النظام القضائي والوضع الأمني ستنمو الاستثمارات نموًّا ملحوظًا.

ومع ذلك، قد يظل الانتعاش الاقتصادي هشا بحلول عام 2017، وقد يظل الاستثمار محفوفا بالمخاطر ويحتاج إلى تعهدات مكتوبة بضمانات سياسية من دول مجلس التعاون الخليجي على وجه الأخص. وقد يتحسن الوضع الأمني إلى حد كبير، غير أن القتال المحلي قد يظل قائما ويتم احتواء التهديد الأصولي بدلا من القضاء عليه.

السيناريو الثاني: تباطؤ عملية الإصلاح

يرى المشاركون في ورشتي العمل أن وتيرة الإصلاحات ستكون مطردة في هذا السيناريو، ولكنها ستتباطأ إثر افتقار الحكومة إلى القوة والدعم اللازمين لإنجاز ذلك. ومن المحتمل أن تُفضي محاولات الإصلاح الاقتصادي والأمني إلى تفاقم التوترات داخل النخبة الحاكمة، مما سيؤجج الصراع، على حد اعتقاد المشاركين.

وخلال المرحلة الأولي من السيناريو يتوقع أن تتوحد نخب النظام حول الحافظ على فاعلية أعمالها، وأن تعمل في سبيل ذلك على إقناع المجتمع الدولي بمواصلة تمويلها من أجل احتواء التهديد الأمني المزعوم من القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

ويري المشاركون في هذا السيناريو أن يظل هادي "رئيسا غير مسيطر"، أي أن بقايا النظام ستظل موجودة في هذه المرحلة. وعلى الرغم من الجهود التي سيبذلها، سيعجز هادي عن بناء قاعدة دعم من شأنها أن تؤازره للتغلب على فلول النظام السابق.

وستَحول الانقسامات في الجنوب دون فرض هادي سلطته هناك، في حين أن أنصار صالح قد ينجحون في استمالة وتعزيز الحركة الحوثية التي تقاوم كلا من حزب الإصلاح، والسلفيين، و"المتطرفين من السنة"، وعلي محسن صالح الأحمر، وهو قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية في اليمن وكان يعد من أبرز رجال الرئيس علي عبد الله صالح.

وفي حين كون علي محسن في الوقت الراهن أقوى داعم عسكري لهادي، يتوقع المشاركون أن تفسد بقايا مؤيدي صالح جهود هادي الرامية لتعيين قادة جدد في مختلف مؤسسات الجيش، وعليه قد تواصل التأثير على الأحداث العسكرية في جميع أنحاء البلاد.

وعندما تتصاعد أعمال العنف، ستوسع الولايات المتحدة عمليات الطائرات بدون طيار، بل وقد تفكر في القيام بعمليات برية سرية. ومن شأن هذه العمليات أن تزيد من حجم العداء للولايات المتحدة، مما قد يعزز دعم المتطرفين المسلحين، وكذلك الدعم الخارجي لأجهزة الجيش والأمن اليمنية.

وعلى الرغم من أن الحكومة ستكون قد تمكنت من الوصول إلى بعض الموارد في تلك المرحلة، ستظل الظروف المعيشية في حالة تردٍّ، ولكن بوتيرة أبطأ.

هذا ومن المرجح أن يواصل الاقتصاد الكلي تدهوره، مع إغلاق المصانع وانخفاض الإنتاج الغذائي بسبب الفوضى في الأسواق الريفية، وشُح وقود الديزل اللازم لتشغيل معدات الري. ولن يكون العمل الحضري المريح متاحا بسهولة كما كان من قبل، ما من شأنه أن يقوض دخل الأسرة الثابت.

ويستبعد المشاركون في ورشتي العمل أن يكون اليمن قد فرغ من الحوار الوطني وصياغة الدستور مع مستهل عام 2014، ويرون أن ذلك سيفضي بدوره إلى إرجاء الانتخابات لمدة عامين.

وخلال المرحلة الثانية من السيناريو ستظهر التوترات السياسية والاقتصادية. ويري المشاركون أن النخبة الحاكمة قد تتمكن من احتواء الموقف لفترة أطول في ظل التدهور البطيء، وأن فشلها سيحدث انتكاسة سريعة لليمن. ويضيفون أن الشعب سيقبل إرجاء الانتخابات على مضض، وقد يدفع هذا الإرجاء الجميع إلى تقييم مواقفهم.

ومن المتوقع أن ينقسم المجتمع الدولي بشأن اليمن في هذه المرحلة؛ فالولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية قد تركزان على مكافحة الإرهاب، في حين أن المانحين الأوروبيين قد يركزون على التنمية.

السيناريو الثالث: المناورة في عملية الإصلاحات

من المتوقع أن تعرقل بقايا مؤيدي صالح عملية صنع القرار، التي باتت متأخرة وغالبا غير منتظمة. ووسط مخاوف متصاعدة حول استقرار الحكومة، من المحتمل أن تنقسم حكومة الوحدة الوطنية "المشلولة" حول الإصلاحات الاقتصادية في نهاية عام 2012، وأن يساور الدول المانحة قلق يدفعها إلى تعليق بعض البرامج، وعليه تتفاقم الأزمة الإنسانية.

وقد يعلن هادي، الذي تعهد بتطبيق الجدول الزمني لإصلاح القطاع الأمني والعسكري، في مطلع عام 2013 عن تشكيل قيادة مركزية جديدة تحت سيطرة وزارة الدفاع. وفي ربيع عام 2013، قد تندلع أعمال عنف متفرقة بين القوات الموالية لصالح وتلك الموالية للحكومة، ما ينذر بحرب شاملة خطيرة.

وفي هذه المرحلة؛ ستتدخل الأمم المتحدة وتطالب كافة الأطراف بالانصياع لقرار مجلس الأمن رقم 2014. ومن المتوقع أن يقرر هادي المناورة في عملية الإصلاحات من أجل الحفاظ على الاستقرار، وذلك اعتبارًا من منتصف عام 2013، وعليه تُرجأ الإصلاحات العسكرية والاقتصادية حتى بعد انتخابات 2014.

السيناريو الرابع: تفاقم الأوضاع

في فترات مختلفة من الأزمة، يمكن لسيناريو المناورة في عملية الإصلاحات إلى أن يؤدي إلى تفاقم الأوضاع، مع استشراء القتال وتزايد الفوضى، ومن ثم يعلن الحوثيون الاستقلال، ويعزز أنصار الشريعة سيطرتهم على العديد من المحافظات الجنوبية، ويُغتال هادي في نهاية المطاف.

استنتاجات ختامية

على أساس السيناريوهات الأربعة التي اقترحها المشاركون في ورش العمل، خلصوا إلى الاستنتاجات التالية كمسار محتمل لليمن:-

أولا: عجز اليمن خلال السنوات القادمة عن معالجة مشاكله الأساسية سيؤدي إلى عدم استقرار الأوضاع، الأمر الذي سيؤدي لتفاقم الأزمات الداخلية.

ثانيًا: سيكون الاستثمار في اليمن مطلوبا عن أي وقت مضى لتحسين الأوضاع الإنسانية. وستكون أن المملكة العربية السعودية هي المصدر المحتمل للاستثمار على نطاق واسع في هذا البلد، على الرغم من أن المستثمرين من اقتصاديات ناشئة مثل تركيا وماليزيا يمكنهم لعب دور هامٍّ أيضا في إنماء اليمن.

ثالثًا: يتطلب نجاح الإصلاحات تحولا جوهريا في عقلية النخبة الحاكمة، فعليها أن تعترف بأن التغيير واسع النطاق أمر ضروري لإنشاء نموذج عمل أكثر استدامة.

رابعًا: تشير كافة السيناريوهات لإرجاء انتخابات مارس 2014، على الرغم من اختلاف الأسباب. ولا ينبغي اعتبار هذا الإرجاء مؤشرا على الفشل.

خامسًا: يلعب المجتمع الدولي دورا حاسما في بعض السيناريوهات. وصبّ التركيز على التنفيذ السريع للخطة الانتقالية الخليجية يمكن أن يدفع اليمن نحو سيناريو "المناورة في عملية الإصلاحات". كما يمكن للتركيز الكبير على مكافحة الإرهاب أن يدفع باليمن نحو سيناريو تباطأ عملية الإصلاح

aymaan noor
11-10-2012, 09:57 AM
خيارات غير مجدية
كيف يفكر أبو مازن في الخروج من المأزق الفلسطيني؟
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/157c6c6cd616f458d56a6caf427711f8_L.jpg
تال بيكر
بعد فشل الجهود الدولية والعربية في تسوية الصراع الفلسطيني– الإسرائيلي، يواجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن مأزقا داخليا ، خاصة في الضفة الغربية التي تتصاعد فيها الاحتجاجات، جراء تردي الأوضاع الاقتصادية وانخفاض شعبيته في استطلاعات الرأي.

وفي هذا السياق، كتب "تال بيكر" – الباحث بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الموالي إلى اللوبي اليهودي داخل الولايات المتحدة الأمريكية - تحليلا نشره المعهد في سبتمبر 2012 يشير فيه إلى أن الخيارات السياسية التي يقترحها عباس للخروج من المأزق الذي يواجهه لا تُجدي نفعًا في الغالب، إذ يرى بيكر أن عباس مقتنع تمامًا بأن كل خيار أسوأ من الآخر.

ولا يحلل هذا المقال عقلية عباس ورؤيته للمأزق الفلسطيني فحسب، بل يحذر أيضًا من خطر الانزلاق إلى العنف المستمر في فلسطين، ويشدد على ضرورة بذل كل ما يلزم لتحسين الوضع الراهن المضطرب. ويري بيكر في تحليله أن الرئيس أبو مازن يجد نفسه أمام خمسة خيارات غير مجدية من وجهة نظره، والتي يطرحها فيما يلي:-

الخيار الأول: المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية

من وجهة النظر الفلسطينية، أهملت الحكومة الإسرائيلية المفاوضات مع القيادة الفلسطينية إلى حد كبير. ويذكر بيكر أنه من "السذاجة" أن تلقي القيادة الفلسطينية كل اللوم على حكومة نتنياهو لفشل المفاوضات. ويشير الكاتب الأمريكي إلى أن ثورات الربيع العربي، فضلا عن تراجع شعبية السلطة الفلسطينية بشكل عام وعباس خاصة من العوامل التي تلعب دورًا في إبطاء عملية السلام. فالبيئة الإقليمية المضطربة، والزعيم غير المحبوب سياسيًّا؛ يجعلان مسألة التوصل إلى اتفاق بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بعيدة المنال. ويذكر بيكر أنه إذا لبّى نتنياهو الشروط الفلسطينية المتعلقة بالمفاوضات، وأظهر مرونة على طاولة المفاوضات؛ سيفسر عباس ذلك الأمر، بطريقة تتنافى مع الواقع، فهو عادة ما يكون مقتنعا في قرارة نفسه بأن التوصل إلى حل وسطي مع إسرائيل سيجعله خائنًا في أعين الجماهير الفلسطينية والعربية.

ورغم تردده وشكّه الشديدين؛ لا يقدر عباس على أن يتخلى عن خيار المفاوضات لأنه لا يزال يراه خياًرا مجديًا في المستقبل، لاسيما في فترة ما بعد الانتخابات الأمريكية. كما أنه على قناعة بأن تخليه عن المفاوضات ستكون له عواقب وخيمة؛ فإسرائيل والولايات المتحدة قد تتحدان ضده مما يهدد شرعيته السياسية. ولهذا يفضّل عباس – كما يرى بيكر - إلقاء اللوم على إسرائيل قدر الإمكان لصرف النظر عن الصراع النفسي الذي يعيش فيه، وليتلافى توجيه المجتمع الدولي أي لوم له. وإذا وجد نفسه محاطًا بضغوط من كافة الاتجاهات؛ ينخرط الرئيس أبو مازن في بعض أشكال الحوار، مثل الجولات الخمس من المحادثات التي جرت في عَمان في وقت سابق من هذا العام.

الخيار الثاني: تفكيك السلطة الفلسطينية

على مدار العام الماضي، سمع بعض الدبلوماسيين من مسئولين فلسطينيين خلال الاجتماعات أن الفلسطينيين قد لا يكون أمامهم خيار سوى تفكيك السلطة الفلسطينية، أو التنصل من اتفاق أوسلو، إذ يرى البعض أن مثل هذا الخيار قد يوفر ضغطا كبيرا على إسرائيل.

بيد أنه على الرغم من قصور السلطة الفلسطينية ، إلا أنها كما يشير بيكر فقد صبغة شرعية على فكرة إقامة دولة فلسطينية، ووفرت قدرًا كبيرًا من الحكم الذاتي والاستقرار الاقتصادي والنظام للشعب الفلسطيني، ناهيك عن دورها كمصدر لقوة كبار المسئولين الفلسطينيين. ومن ثم قد يُنظر إلى مسألة تفكيك السلطة على أنها عمل من أعمال التخلي عن الشعب الفلسطيني ، وبالتأكيد ليس هذا ما تسعى إليه القيادة الفلسطينية.

الخيار الثالث: المصالحة بين فتح وحماس

يتصدر خيار المصالحة بين فتح وحماس عادة عناوين الصحف عقب كل اجتماع يعقد بين الحركتين ، بيد أن الشقاق بينهما ما يزال قائمًا. وتفضل مجموعة من عناصر فتح وحماس المصالحة ، على الرغم من تباين دوافعهم. فبعضهم يرى أن شرعية السياسة الداخلية والوحدة ضروريتان لتحقيق الأهداف الفلسطينية في الصراع مع إسرائيل. ومع ذلك، لم يفتر العداء القائم بين الحركتين؛ فلكبار قادة كل حركة أهداف خاصة تخدم مصالحهم.

ومن جهته؛ يشعر عباس بالقلق من فكرة الوحدة بين فتح وحماس، لما سيكون لذلك من آثار سياسية واقتصادية وخيمة. فعباس لا يزال مترددًا بشأن قطع العلاقات والتواصل مع واشنطن، ولديه أمل في أن يضخ الرئيس أوباما أموال طائلة لتعزيز عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية إذا أُعيد انتخابه.

ويرى الكاتب أن من شأن أي صفقة مع حماس أن تهدد وضع الرئيس أبو مازن وقد تجعله منبوذا أمام الولايات المتحدة أو إسرائيل. ويستبعد بيكر حدوث مصالحة بين حركتي فتح وحماس في الوقت القريب. ولا يعني ذلك أن الجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة ستنحسر؛ بل ستظل المساعي كما هي، وسيظل قادة حماس وفتح يعربون طوال الوقت عن رغبتهم في التوصل إلى تسوية. بيد أنه ينبغي على المراقبين المخضرمين أن يميزوا بين ما يُقال وما يُنفّذ على أرض الواقع.

الخيار الرابع: اللجوء إلى الأمم المتحدة

لا يزال خيار السعي إلى الحصول على عضوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة مفتوحا لعباس، وليس من المستبعد بلوغه. ويبدو أن هذا هو الخيار الوحيد الذي سيهتم به عباس في الوقت الراهن، غير أنه من المحتمل ألا يمضي قدما نحو ذلك إلى حين انتهاء الانتخابات الأمريكية. فيفضل أبو مازن في المرحلة الحالية عدم الدخول في مواجهة مع الإدارة الأمريكية في فترة الانتخابات التي غالبًا ما تتسم فيها ردود فعل الإدارة بالشدة.

فقد عارضت الولايات المتحدة في السابق توجُّه الفلسطينيون إلى الأمم المتحدة العام الماضي للحصول على طلب عضو في المنظمة الدولية، الأمر الذي حال دون عرض الطلب على التصويت في مجلس الأمن خشية استخدام واشنطن حق الفيتو. ويرى عباس أن ردود الفعل الأمريكية على تقديم الطلب بعد الانتخابات ستكون أخف منها في فترة الانتخابات.

الخيار الخامس: العصيان المدني ضد إسرائيل

دعت منظمات المجتمع المدني الفلسطينية لسنوات إلى شن عصيان مدني ضد إسرائيل بوصفه أفضل طريقة لجذب الدعم الدولي للقضية الفلسطينية؛ فهم يرون أن ظهور الجنود الإسرائيليين في مواجهة مع متظاهرين فلسطينيين سلميين أو وجود اعتصامات حول المستوطنات سيكون أفضل وسيلة لإعادة مسألة دعم فلسطين إلى جدول الأعمال الدولي، مما سيشكل ضغطًا كبيرًا على إسرائيل.

بيد أن عباس لا يعتبر ذلك هيّنا على الإطلاق، فقد يفلت زمام العصيان المدني وتظهر عناصر مسلحة ومتشددة بين المتظاهرين تصعّد من حدة الأمور، وعليه قد تتحول المظاهرات السلمية إلى مواجهات عنيفة تعجز القيادة الفلسطينية عن احتوائها. ومن شأن ذلك أن يغذي الاضطرابات في الشارع الفلسطيني الثائر بالفعل، وأن يضعف الاقتصاد الفلسطيني الهش أصلا، وأن يضع السلطة الفلسطينية في خطر.

aymaan noor
14-10-2012, 10:03 AM
الجزء الأول
أزمة اقتصادية ليس لها حل اقتصادي
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/appal1.jpg
رجا الخالدي
في أعقاب الاحتجاجات الشعبية الأخيرة والتي كانت معظم شعاراتها تركز على مطالب اقتصادية واجتماعية ومحاسبة القائمين عليها، صدرت أربعة تقارير دولية تناولت الأوضاع الاقتصادية والمالية الفلسطينية من مختلف جوانبها، وأُعدت جميعها قبل اندلاع الموجة الأخيرة من التذمر/الغضب الاقتصادي الفلسطيني الذي تمحورت أولى ظواهره في بداية السنة حول مسألة تعديل النظام الضريبي. وبينما أجمعت تلك الجهات الدولية على مدى تردي أداء الاقتصاد عموما والآثار الضارة اللازمة لمالية لسلطة الوطنية الفلسطينية خاصة، تجرأ المنسق لخاص للأمم المتحدة (الأونسكو) بتسمية الأمور باسمها حيث عنوَن تقريره: "الجهود الفلسطينية لبناء الدولة المهددة والنهوض من أجل إنقاذ حل الدولتين"، مما يعكس درجة ليست قليلة من القلق الدولي تجاه المخاطر الكامنة في اللازمة الاقتصادية الحالية.

وطبعا يشير هؤلاء المراقبين الدوليين (بدرجات متفاوتة من الوضوح أو الخجل) بأن السبب الأساسي للأزمة الاقتصادية ما زال العقبات التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي امام النشاط الاقتصادي، لكن "الحكمة التقليدية" الصادرة عن البنك وصندوق النقد الدوليين ما زالت تردد منذ عدة سنوات بأن على السلطة الفلسطينية القيام بالمزيد من الإصلاح المالي والمؤسسي والسياساتي اذا كانت ستواجه الأزمة، وتجري المزيد من عمليات التمهيد ل"بناء الدولة"، وكأن قلة الإصلاح أو سوء إدارة السياسات والضعف المؤسسي هي ما تحول دون تحقيق التحرر الوطني والاستقلال والسيادة.

هذا الادعاء الذي استوطن في العقل الفلسطيني الرسمي ولدى "اهل الخبرة" الاقتصاديين منذ أول "خطة إصلاح وتنمية" في 2007 وصولا إلى إنجاز خطة "إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة" في 2011، رفع سقف التوقعات السياسية والمعيشية لدى مختلف الطبقات الاجتماعية مما ساهم في تشجيع الانتعاش بصورة لا بأس به في النمو الاقتصادي بين 2009-2011. لكن ما لم يستطع تحقيقه هذا "الوهم والسراب" الإصلاحي (كما اسماه جو ناصر من البنك الدولي)، هو تغيير دائم في "جودة الحياة" أو في احتمالات التنمية بشكل أشمل، ناهيك عن مساهمته في تراجع الحالة السياسية الفلسطينية والمشروع التحرري الفلسطيني من خلال اشاعة ثقافة من "اللا سياسي" بانتظار بلوغ الحل السياسي .

من الطبيعي ان المواطن المتعَب من عبء الغلاء والمديونية والضرائب وغيرها من ظواهر الاقتصاد الفلسطيني المعولم، يضع أمام حكومته ونظام الحكم مسؤولية حل هذه المشاكل (هكذا عودناه خلال السنوات الماضية بأن السلطة تتكفل بتأمين احتياجاته)، وفي نفس السياق فإنه من الطبيعي ان يحمّل المواطن الاحتلال وآلياته (اتفاقيات اوسلو وخاصة بروتوكوله الاقتصادي) مسؤولية استمرار متاعبه، فلا تناقض أو تخبط بين هذا وذاك، حتى لو أنها لم تعبر حتى الآن عن مطلب واسع النطاق أو رؤية بديلة متماسكة، أو حراك منظم يمضي في ذلك الاتجاه نحو نهايته المنطقية، لكن يبدو ان المواطن "العادي" بات يستوعب جيدا ما كان يعيه من قبل (ربما مع استعداده لصرف النظر عنه)، حول التشابك بين اوسلو - رمز إدامة الاحتلال وتأجيل الاستقلال، وباريس - رمز التبعية الاقتصادية لإسرائيل والويلات المعيشية المختلفة، ورام اللة - رمز الوعد غير المحقق والحياة البديلة العابرة، وسلطة أصبحت بعيدة عن آمال حركة التحرر الوطني التي أنشأتها.

ويتميز التقرير الصادر عن منظمة "الأونكتاد" والمعنية بالتنمية الاقتصادية الفلسطينية، في رسالته المتكررة لمن لم يفهم بعد الحقيقة الأساسية والثابتة، أنه لا يمكن تحقيق التنمية في ظل الاحتلال، وأنه ليس من حل اقتصادي للأزمة الاقتصادية الخانقة والمزمنة، دون سيادة واستقلال. يغني هذا التقرير المختصر والمليء بالأرقام والتحليل القارئ عن الحاجة لمراجعة أي تقرير آخر، لما يتضمنه من دقة وشمولية في وصفه للحقائق الاقتصادية على الأرض كما هي، وفي تحليله الأمين لأبعاد التنمية في ظل الاحتلال وفي توصياته الواقعية. وتكمن الأهمية الخاصة لرؤية الأونكتاد في أنها وضعت الأمور الاقتصادية في سياقها الصحيح ودون مراوغة. ويبين ان انسداد الأفق الاقتصادي الفلسطيني لا يعود إلى فشل سياساتي أو مؤسساتي اقتصادي فلسطيني كما يروج البعض، بل هو نتيجة طبيعية للآثار الضارة المتراكمة منذ عقود لمواجهة شعب اعزل مع ما يسميها الأونكتاد بـ "مؤسسة توسعية من النوع الاستيطاني/الاستعماري"، يحرسه احتلال عسكري متفوق، وتموله إحدى اكبر القوى الاقتصادية في المنطقة: إسرائيل، وتحميه القوة العظمة الأولى، الولايات المتحدة الأميركية. "فإنهاء الاستيطان والاحتلال شرط لا غنى عنه لترسيخ التنمية المستدامة، وما لم يحدث تحوُّل جذري في ميزان القوة الاقتصادية والسياسية بين الاحتلال الإسرائيلي والشعب الفلسطيني، سيظل الانتعاش الاقتصادي الحقيقي في الأرض الفلسطينية المحتلة بعيد المنال ."

يمكن من خلال استعراض العناوين الرئيسية لتقرير الأونكتاد، إجراء قراءة شاملة ومؤلمة للوضع الاقتصادي رغم مساعي السلطة الوطنية ضمن ما هو متاح لها للتخفيف من وطآه "الاحتلال الاقتصادي" والفقر والبطالة و فقدان القوة الشرائية للأسر الناجمة عنه، وأبرزها:

1. نمو خادع واستمرار الخسائر الاقتصادية الفلسطينية: حيث صُوّر الانتعاش الاقتصادي الفلسطيني للأعوام الـ3 الماضية من قبل المجتمع الدولي وإسرائيل على أنه بديل للانتعاش في المسار السياسي المتعثر، واليوم يؤكد الأونكتاد وصلنا إلى نهاية أسطورة النمو الخادع فعلا وغير القابل للدوام؛

2. القيود المفروضة على التنقل وتراجع المعونة والأزمة المالية عوامل تقوض النمو: حيث اصبح الشغل الشاغل للشعب الفلسطيني وقيادته كيفية مواجهة تلك الأزمة المالية والاقتصادية، بدل من صب جهودها في دحر الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، التي لا بد من وجودها فعليا وليس افتراضيا لصياغة وتنفيذ أيه سياسات اقتصادية لصالح شعب طال عذابه المعيشي والإنساني؛

3. ارتفاع معدلات البطالة وتدني الإنتاجية والأجور الحقيقية: بسبب الحاقه بالاقتصاد الإسرائيلي ضمن ببروتوكول باريس الاقتصادي، فإن الاقتصاد الفلسطيني يواجه نفس ضغوطات التحرير التجاري والاقتصادي والمالي العالمي دون القدرة لاستخدام تلك الأدوات السياساتية الاقتصادية والتجارية والنقدية المتوفرة لإسرائيل أو "لأية دولة متوسطة الدخل" كما عمّدها البنك الدولي في 2011.

4. تآكل الدخول الحقيقية وتزايد الفقر بسبب التضخم: وخير شاهد على خطورة هذه الظواهر أن المواطن الفلسطيني لم يعد يتقبل بأن تفرض عليه ما هي بمثابة "ضريبة احتلال"، وكما جاء في شعار رفعه عجوز فلسطيني في الخليل: "ألا يكفينا احتلال بل علينا تحمل غلاء فاحش أيضا؟"

5. استمرار الأزمة المالية رغم الإصلاحات التي تجريها السلطة الفلسطينية: ولا يخفى على احد ما رُوّج منذ عام 2011 حول الجاهزية المؤسسية الفلسطينية لإدارة اقتصاد معاصر، فها نحن بعد عام على رفض مجلس الأمن الموافقة على طلب انضمام دولة فلسطين المحتلة للأمم المتحدة، يبدو أنه ليس هناك إصلاح كاف لضمان إصلاح العقول والقوى السياسية التي ما زالت تعتقد بأن الشعب الفلسطيني يمكن ان يقبل العيش دون نيل حقوقه الوطنية و صون كرامته الإنسانية.

6. تزايد الهشاشة المالية بسبب انعدام اليقين بشأن الدعم المقدم من الجهات المانحة: وهو عنوان هام للمانحين والذين تكرموا منذ فترة بالمساهمة في دعم السلطة الفلسطينية، ومن الطبيعي انهم اصبحوا اكثر مترددين من أيه فترة ماضية بشأن استمرار تمويلهم لنظام مالي ووظيفي اصبح يخفف عبء الاحتلال على القوة القائمة بالاحتلال، بينما يزيده ثقلا على كاهل المواطن الفلسطيني.

7. استمرار العجز التجاري والتبعية الاقتصادية لإسرائيل: وهنا بيت القصيد، حيث يبدو اليوم غير مقبول سياسيا وشعبيا وقانونيا ان يبقى الاقتصاد الفلسطيني أسير لاتفاقية اقتصادية مقيدة واتحاد جمركي مشوه أبرمت اتفاقيته قبل 18 سنة لخدمة مرحلة انتقالية وسلطة حكم ذاتي مدتها 5 سنوات، على ان تخلفها اتفاقية اقتصادية عادية بين دولتين. ومن الطبيعي اليوم ان يطالب الشعب الفلسطيني بالخروج من التبعية المتمثلة بهذه الاتفاقية على اسرع وجه ممكن، ومن واجب قيادة هذا الشعب التجاوب مع المصالح الوطنية العليا ودراسة جميع البدائل "غير الطبيعية" التي من شأنها إيقاف النزيف والتدهور الاقتصادي المتواصل.

8. وفيما يتعلق بالعقبات الرئيسية أمام التنمية الفلسطينية، لقد لخصت الأونكتاد بأسلوب بسيط وشفاف حقيقة ما يواجه الشعب الفلسطيني عندما تؤكد انه: "مثلما أظهر الرصد المنهجي لاقتصاد الأرض الفلسطينية المحتلة بمرور السنين، وعلى الرغم من أي مظاهر توحي بالعكس، ترتبط جميع العقبات الرئيسية التي تواجه الاقتصاد الفلسطيني بالاحتلال أكثر من ارتباطها بالسياسات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية التي هي سياسات محدودة النطاق بطبيعتها".

9. تقترح الأونكتاد رؤية واقعية وتوجه استراتيجي هام في استنتاجها بأنه: "في ظل هذه ا لظروف القاسية التي تؤثر في الوصول إلى الأصول الوطنية والموارد الطبيعية الاستراتيجية، يظل بناء الدولة مفهوم بعيد المنال. وفي الظروف الراهنة، ينبغي أن تركز جميع الجهود على منع المزيد من التعدي على الاقتصاد والمجتمع الفلسطينيين من خلال الاستيطان والاحتلال، بل والعمل على عكس اتجاه هذا المسار بالفعل."

الحقيقة أن الأزمة الاقتصادية وحدها ليست أخطر أزمة بل اصبحنا نواجه أزمة سياسية وأزمة ثقة، بل أزمة وجود السلطة الفلسطينية، ما يمكن تسميتها "بالعاصفة المثالية" (perfect storm) ، التي قد تطيح بكل شيء أو بقلبه رأسًا على عقب. وما قاله جليا رئيس الوزراء حول نفاذ البدائل السياساتية المالية والاقتصادية ضمن قيود اتفاقية باريس إنما هو صحيح: لم يعد ممكن إدارة نظام حكم يتحمل (ويُحمّله المجتمع الدولي) كل مسؤوليات الدولة دون التمتع بالصلاحيات والمؤسسات السيادية، بل في اطار احتلال عسكري إسرائيلي لا محدود، واليوم في غياب أي حل اقتصادي للأزمة المزمنة، تواجه م.ت.ف خيارات غير جذابة: أما الدخول في "صراع اجتماعي" مع شعبها، على ان تسعى لضبط الأمور وتهدئة الخواطر وتصحيح بعض التشوهات هنا وهناك، أو ان تخوض "حرب اقتصادية" مع خصمها الاحتلالي لتحل محل "السلام الاقتصادي" الإسرائيلي المرفوض جماهيريا، لكن دون القدرة على معرفة التكاليف المحتملة لذلك أو احتسابها... أو ان تغلق الأبواب والنوافذ بانتظار مرور "العاصفة"...

وبينما يدور الجدل الآن حول جدوى التخلص من باريس دون التخلي عن اوسلو برمتها وحول مخاطر لجوء م.ت.ف إلى لتبرئ من إدارة السلطة الذاتية في الضفة الغربية (بعد ان فقدت السيطرة على إدارة السلطة في غزة) ، يبقى هناك سؤالان يهمان كل مواطن يتساءل عن مستقبله المعيشي:

- اذا اعتبرنا ان اتفاقية باريس هي فعلا "اصل البلى"، فهل يمكن التخلص منها دون تفكيك اوسلو وألياتها ومؤسساتها؟

- وقبل الشروع بتفكيك أي شيء، أليس من الضروري أولا تصوير ما يراد من نظام اقتصادي وتجاري بديل والعمل على بلورة برنامجه؟

aymaan noor
15-10-2012, 09:53 AM
عقوبات غربية مؤثرة
هل ينهار الاقتصاد الإيراني بعد الهبوط الحاد للريال؟
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/f5ddf7bd97d01d87f4a7985398aea709_L.jpg
د. محمد السمهوري
خبير اقتصادي بالمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية
في تسارعٍ مفاجئٍ وغير مسبوق، فقد الريال الإيراني حوالي 40% من قيمته السوقية مقابل الدولار الأمريكي خلال أول يومين من شهر أكتوبر الحالي، حيث وصل سعر الصرف إلى 37,000 ريال إيراني للدولار الواحد، بعد أن كان في نهاية شهر سبتمبر 24,600 ريال للدولار. القيمة الجديدة لسعر صرف الريال الآن تزيد عن ثلاثة أضعاف القيمة الرسمية التي يحددها البنك المركزي الإيراني عند 12,260 ريال للدولار.

هذا الانهيار الحاد لسعر صرف العملة الإيرانية ربطه الكثيرون من المحللين بالعقوبات الاقتصادية الصارمة التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على قطاعي النفط والمال الإيرانيين، والتي دخلت حيز التنفيذ بداية شهر يوليو الماضي، حيث اعتبروا ما حدث مؤشرًا قويًّا على نجاعة العقوبات الغربية في زعزعة الاقتصاد الإيراني، ومن ثم زيادة الضغوط على الحكومة الإيرانية لتغيير موقفها الراهن من برنامجها النووي.


ومع التسليم بكبر حجم التدهور الذي حدث في قيمة الريال مؤخرا، وبالآثار السلبية الاقتصادية والاجتماعية المحتملة لمثل هذا الانهيار السريع والمفاجئ للعملة المحلية، إلا أنه لا يزال من المبكر -بناءً على ما هو متوافر من أرقام حول الاقتصاد الإيراني نفسه، وحول التأثير الذي تركته العقوبات الغربية على قطاع النفط حتى الآن- الاستنتاج بقرب حدوث انهيار للاقتصاد الإيراني، يدفع بالحكومة الإيرانية إلى تغيير موقفها في محادثاتها مع مجموعة (P5+1) حول برنامجها النووي.

1- تساؤلات حول انهيار سعر صرف الريال الإيراني

بدأ التدهور الكبير في سعر صرف الريال الإيراني أمام الدولار الأمريكي يوم الإثنين، الأول من شهر أكتوبر 2012، بعد حدوث انخفاض في قيمته بنسبة 18%. أعقب ذلك في اليوم التالي انخفاض آخر بنسبة 9%، ليصل سعر صرف الدولار بعدها إلى 37,000 ريال إيراني للدولار، بعد أن كان سعره في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2012 لا يتعدى 24,600 ريال فقط.
هذا الانهيار الكبير في قيمة العملة الإيرانية أدى إلى ظهور اضطرابات واحتجاجات في منطقة بازار طهران الرئيسي -حيث توجد محلات الصرافة وتجار العملات- ضد الحكومة وسياستها الاقتصادية، مطالبة باستقالة محافظ البنك المركزي الإيراني. الرئيس الإيراني أحمدي نجاد من ناحيته، في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء 2 أكتوبر، أعلن عن وجود "حرب نفسية" تشنها الدول الغربية ضد إيران، وأشار إلى حدوث تلاعب ومضاربات حول سعر صرف الريال من قِبل كبار تجار العملة في طهران، واعترف لأول مرة بالتأثير السلبي الذي تتركه العقوبات الغربية (الأمريكية والأوروبية) على صادرات النفط الخام الإيراني، وعلى الاقتصاد الإيراني بوجه عام.

أسئلة كثيرة يثيرها هذا الانخفاض الحاد والمفاجئ في قيمة الريال، تتعلق بشكل رئيسي بالسبب وراء التدهور الذي حدث في سعر الصرف، وما إذا كانت العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على إيران قد بدأت تأتي بنتائجها المرجوة منها، ومدى تأثير هذا التدهور في قيمة العملة الإيرانية على الاقتصاد الإيراني ككل، وعلى موقف الحكومة الإيرانية بالنسبة لبرنامجها النووي الذي كان الدافع الرئيسي وراء فرض العقوبات.

2- التغيرات في سعر صرف الريال خلال الفترة 2011-2012

لوضع التغيرات الحادة الأخيرة في سعر صرف الريال الإيراني في سياقها المناسب، وللتعرف على مغزاها، وتحليل تأثيرها، والتبعات التي يمكن أن تترتب عليها، من المهم القيام –سريعًا- بتتبع ما حدث لسعر صرف العملة الإيرانية خلال السنتين الماضيتين، ومحاولة فهم هذه التغيرات في ضوء التطورات السياسية والاقتصادية المتعلقة بإيران خلال تلك الفترة الزمنية، ثم الاستفادة من هذا العرض في محاولة تفسير الانهيار الأخير للريال، والاستنتاجات التي يمكن أن نستخلصها بالنسبة لما يمكن أن يحدث للاقتصاد الإيراني في المستقبل المنظور، وانعكاسات ذلك كله على موقف حكومة إيران من برنامجها النووي.

قبل القيام بذلك، قد يكون من المفيد بداية الإشارة بشكل عام إلى أن التراجع في قيمة أسعار صرف عملة بلد ما، يجد أساسه الاقتصادي في ثلاثة أسباب:

أ- حدوث عجز مستمر في ميزان مدفوعات الدولة محل الدراسة نتيجة وجود صافي تدفق سالب في المدفوعات الخارجية من النقد الأجنبي.

ب- حدوث ارتفاع متواصل في المستوى العام للأسعار محليًّا مقارنةً بمستويات التضخم لدى دول الشركاء التجاريين الرئيسيين للدولة.

جـ - وجود سوء أداء في الإدارة الاقتصادية (المالية والنقدية) للدولة يؤدي إلى اهتزاز في سعر صرف العملة. وفي الحالة الإيرانية اليوم، فإن هذه العوامل مجتمعة، على ما يبدو، موجودة، بنسبة أو بأخرى، مما أدى بالريال الإيراني إلى أن يفقد أكثر من 80% من قيمته التي كان عليها في نهاية العام المنصرم.

بالعودة إلى التغيرات التي حدثت في قيمة (سعر صرف) الريال الإيراني مقابل الدولار الأمريكي خلال السنتين الماضيتين، فإنه يمكن التمييز بين أربع مراحل، أو فترات مختلفة مرت بها هذه التغيرات، كما يوضحها الرسم البياني أدناه.
رسم بياني توضيحي

فترات التغير في سعر صرف الريال الإيراني خلال العامين 2011-2012
(المحور الرأسي يقيس عدد الريالات الإيرانية لكل دولار أمريكي)
http://www.rcssmideast.org/images/ssss.jpg
المصدر: صندوق النقد الدولي، أعداد مختلفة من "إحصائيات التمويل الدولية". (ملاحظة: أسعار صرف شهر أكتوبر مأخوذة من وكالات الأنباء العالمية).

المرحلة الأولى (ديسمبر 2010 – ديسمبر 2011): في بداية الفترة، كان سعر الصرف الرسمي للريال مقابل الدولار الأمريكي، كما حدده البنك المركزي الإيراني، هو نفس السعر الذي كان سائدًا خارج الإطار الرسمي (أي السعر الذي يتم التعامل به في أسواق الصرافة وعند تجار العملات)، حيث كان سعر الصرف يساوي 12,260 ريال للدولار الواحد في كلا السوقين. خلال هذه الفترة، بدأ التباعد التدريجي، الضئيل والبطيء بين السعرين، كما هو واضح في الرسم البياني، حتى وصل سعر الصرف غير الرسمي (السوقي) في نهاية الفترة إلى 13,500 ريال للدولار، في حين بقي سعر الصرف الرسمي كما هو.

المرحلة الثانية (يناير 2012 – مايو 2012): خلال هذه الفترة، استمر سعر صرف الريال الإيراني مقابل الدولار في الانخفاض، ولكن بوتيرة أسرع هذه المرة، حتى وصل سعره في نهاية شهر مايو 2012 إلى حوالي 17,000 ريال للدولار، في الوقت الذي ظل فيه سعر الصرف الرسمي على حاله. من المهم التذكير هنا بأن بداية هذه الفترة، أي شهر يناير 2012، شهدت اتخاذ قرارات من الولايات المتحدة ومن الاتحاد الأوروبي بشأن عزم الطرفين على القيام بتطبيق عقوبات اقتصادية على إيران تدخل حيز التنفيذ في منتصف العام، وتشمل قطاع صادرات النفط، وقطاع معاملات إيران المالية مع العالم الخارجي. الفترة نفسها أيضًا شهدت فشل جولتين من المفاوضات، في 14 إبريل و23 مايو، في إسطنبول وبغداد على التوالي، بين إيران وبين مجموعة (P5+1) حول برنامج إيران النووي. كما شهدت هذه الفترة أيضًا بداية حدوث تراجع في صادرات النفط الإيراني نتيجة قيام بعض المستوردين الرئيسيين، وبالذات في دول الاتحاد الأوروبي ودول شرق آسيا (حيث تذهب، على التوالي، 20% و60% من صادرات نفط إيران)، بالتقليل التدريجي من وارداتهم من النفط الإيراني استعدادا للالتزام لاحقا بالعقوبات الغربية.

وبالتالي يمكن القول إن استمرار تدهور سعر الصرف غير الرسمي للريال بوتيرة أكبر من المرحلة الأولى، كان انعكاسًا للتطورات على الصعيد السياسي من ناحية، ونتيجة حدوث انخفاض حصيلة إيران من النقد الأجنبي من ناحية ثانية، وتأثير ذلك على ميزان مدفوعاتها. هذه التطورات أدت بأسواق الصرافة وتجار العملة في إيران بأخذ تبعاتها في الحسبان عند تقييمهم لسعر صرف الريال مقابل الدولار.

المرحلة الثالثة (يونيو 2012 – سبتمبر 2012): شهدت هذه الشهور الأربع اتساعًا أكبر وأسرع في الفجوة بين السعر الرسمي والسعر غير الرسمي للريال الإيراني مقابل الدولار الأمريكي. ففي حين ظل السعر الرسمي على حاله عند 12,260 ريال للدولار، وصل سعر صرف الدولار إلى 24,000 ريال، أي ضعف السعر الرسمي تقريبا. خلال هذه الشهور الأربعة حدثت ثلاثة تطورات سياسية واقتصادية تركت تأثيرها السلبي والمباشر على قيمة الريال الإيراني.

فعلى الصعيد السياسي، استمر تعثر المحادثات بين إيران ومجموعة الـ(P5+1) بعد فشل اجتماع ثالث لهما عُقد في موسكو بين 18 و19 يونيو، وفشل اجتماع آخر على مستوى الخبراء الفنيين في مدينة إسطنبول في 3 يوليو. وعلى الصعيد الاقتصادي، دخلت العقوبات الأوروبية على إيران حيز التنفيذ في بداية شهر يوليو، والتي تمنع دول الاتحاد الأوروبي الـ27 من استيراد النفط الإيراني، وتحظر على شركات التأمين الأوروبية تغطية الناقلات التي تحمل النفط الإيراني. كما دخلت حيز التنفيذ في بداية الشهر نفسه أيضًا العقوبات الأمريكية على إيران والتي تمنع الدول التي تتعامل مع البنك المركزي الإيراني وتلك التي لا تقوم بتخفيض وارداتها بشكل كبير من النفط الإيراني، من التعامل مع البنوك الأمريكية ومع قطاع المال في الولايات المتحدة.

كما شهدت هذه الفترة أيضًا استمرار التراجع في صادرات النفط الإيراني وفي حصيلة إيران من عائدات النفط من النقد الأجنبي، حيث تشير التقديرات الدولية إلى انخفاض صادرات إيران من النفط الخام بحوالي 40% (من 2.5 مليون برميل يوميًّا إلى 1.5 مليون فقط)، وخسارتها نتيجة ذلك ما يقرب من 32 بليون دولار أمريكي.

كل هذه التطورات نتج عنها زيادة في حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في إيران خلال أشهر هذا الصيف بدرجة أكبر من تلك التي شهدتها الأشهر الست الأولى من السنة، وانعكست بدورها سلبيًّا على سعر صرف الريال الإيراني، وهو ما يفسر لنا استمرار الانخفاض في قيمته بمقدار أكبر من الانخفاض الذي شهدته الفترة السابقة. فإذا أضفنا إلى جانب ذلك تأثير استمرار تدهور قيمة الريال الإيراني على المستوى المحلي العام للأسعار، وتأثير الأخير بدوره على القوة الشرائية للعملة الإيرانية وعلى قيمتها مقابل العملات الأخرى، تكون لدينا صورة شبه كاملة لأسباب التغيرات التي حدثت في سعر صرف الريال.
المرحلة الرابعة (أكتوبر 2012): ما سبق من شرح يمكن أن يستخدم لتفسير استمرار حدوث "انخفاض عادي"، حتى ولو كان بوتيرة متزايدة، في السعر غير الرسمي لصرف الريال الإيراني، لكنه بالتأكيد ليس كافيا لفهم الانهيار الذي حدث فجأة في قيمة الريال وأدى إلى أن يفقد 40% من قيمته أمام الدولار الأمريكي في السوق السوداء خلال يومين فقط! العقوبات وحدها يمكن أن تفسر حدوث تغير تدريجي في سعر الصرف، ولكن ليس انهيارا سريعًا في قيمة الريال في فترة قياسية من الزمن، لأن سوق سعر الصرف غير الرسمي كان قد أخذ تأثير هذه العقوبات في الاعتبار من قبل، ولا يوجد جديد في الأمر يبرر ما حدث.

هناك من يُرجع هذا التدهور الكبير والسريع في سعر الصرف إلى قرار البنك المركزي الإيراني في نهاية شهر سبتمبر الماضي باستحداث "نظام متعدد لأسعار الصرف"، يتم بموجبه توفير الدولار الأمريكي للمستوردين الإيرانيين، بأسعار صرف مختلفة حسب نوعية السلعة المستوردة. فالسلع الأساسية الضرورية المستوردة (من غذاء ودواء)، حسب النظام الجديد، يحصل مستوردوها على "سعر تفضيلي" يساوي السعر الرسمي للدولار عند 12,260 ريال. بينما يدفع مستوردو السلع غير الضرورية سعرًا للدولار يقل 2% عن سعر السوق، في حين يحصل الآخرون على الدولار من البنك المركزي الإيراني حسب سعر السوق. هذا النظام الجديد لـ"أسعار الصرف الرسمية" الذي استهدف على ما يبدو ترشيد استعمال النقد الأجنبي الموجود لدى البنك المركزي الإيراني أدى إلى حدوث ردة فعل عكسية في أسواق تبادل العملات في طهران التي رأت فيه مؤشرًا على وجود نقص كبير لدى البنك المركزي من احتياطات النقد الأجنبي، مما دفع السوق إلى رفع سعر الدولار في خلال يومين فقط، من 24,000 ريال للدولار إلى 37,000 ريال.

هذا التفسير الأوّلي للهبوط الحاد الذي حدث مؤخرا في قيمة الريال الإيراني يبدو معقولا في ضوء ما تم شرحه قبل قليل من عدم وجود تغيرات جذرية سلبية على الصعيد الاقتصادي أو السياسي في إيران تستوجب حدوث تغيرات حادة في سعر الصرف، وهو الشيء الذي على ما يبدو دفع بالبنك المركزي الإيراني يوم 6 أكتوبر إلى أن يضع سقفًا أعلى لسعر الصرف غير الرسمي للدولار لا يتجاوز مبلغ 26,000 ريال، وأن يعطي تعليماته لأسواق الصرف ولتجار العملة بألا يتم بيع الدولار الأمريكي في السوق بأعلى من هذا السعر.

3- ماذا يعني انهيار قيمة الريال الإيراني ؟

يتطلب التحليل الاقتصادي لما حدث، والبحث عن المعنى من ورائه، الغوص بدرجة أكبر من مجرد قبول للتفسير الذي رأى في انهيار قيمة الريال بالسرعة التي حدث فيها مجرد ردة فعل من قبل المتعاملين في السوق غير الرسمي لأسعار الصرف في بازار طهران. وفي هذا الجزء الأخير من الورقة، سنحاول القيام بذلك.

ففي ضوء ما تم شرحه حتى الآن عن التغيرات التي حدثت في قيمة الريال الإيراني خلال السنتين الأخيرتين، وفي ضوء ما هو متاح ومعروف من معلومات وبيانات حول الاقتصاد الإيراني بشكل عام، يمكن التوصل إلى ثلاثة استنتاجات مركزية فيما يتعلق بتفسير التغيرات الحادة التي حدثت في سعر صرف الريال الإيراني خلال أول يومين من الشهر الحالي:

أولا: أن هناك اتجاهًا عامًّا لحدوث انخفاض مستمر في قيمة الريال الإيراني كما تعكسه تداولات أسوق الصرف غير الرسمية في طهران. هذا الاتجاه "النزولي" بدأ منذ بداية عام 2011، كما هو واضح من الرسم البياني، واستمر حتى اليوم. أغلب الظن أن هذا الانخفاض في قيمة العملة الإيرانية سيستمر أيضًا في المستقبل المنظور على الأقل، وذلك بسبب استمرار العوامل السياسية والاقتصادية التي أدت إلى حدوثه في المقام الأول.

ثانيًا: أن هذا الانخفاض في القيمة غير الرسمية للريال الإيراني، وكما هو واضح من التغيرات التي حدثت في السنتين الأخيرتين، حدث بوتيرة متزايدة ومتسارعة عبر الزمن، كما يتمثل في حجم الفجوة دائمة الاتساع بين السعرين الرسمي وغير الرسمي لصرف الريال. هذه الفجوة (أي حجم الانخفاض في قيمة الريال) كانت تقدر في نهاية الفترة الأولى (شهر ديسيمبر 2011) بحوالي 1,240 ريال، زادت في نهاية الفترة الثانية (شهر مايو 2012) إلى 4,740 ريال، ثم إلى 11,740 ريال في الفترة الثالثة (شهر سبتمبر 2012)، إلى أن وصلت مؤخرا (في 2 أكتوبر الحالي) إلى 24,740 ريال. ومرة أخرى، فإن هذه الوتيرة المتزايدة والمتسارعة في تدهور قيمة الريال من المتوقع أن تستمر في المستقبل المنظور بسبب استمرار وجود العوامل التي أدت إلى وجودها في المقام الأول، أي زيادة تعقيد الأوضاع السياسية والاقتصادية في إيران عبر الزمن.

ثالثًا: أن مصادر القوة الذاتية التي شكلت في الماضي القريب، ولا تزال حتى الآن تشكل إلى حد ما، عناصر يمكن للاقتصاد الإيراني الاعتماد عليها في تغلبه على الآثار السلبية للعقوبات الاقتصادية الغربية والتخفيف من حدّتها، آخذة في الضعف التدريجي مع مرور الزمن. المقصود هنا على وجه التحديد ثلاثة عوامل تتمثل في وجود فائض في ميزان المدفوعات يقدر هذا العام بحوالي 31 مليار دولار، وفي انخفاض نسبة الدين المحلي إلى الناتج المحلي الإجمالي (9% فقط)، ووجود احتياطي من النقد الأجنبي يقدر بحوالي 103 مليارات دولار تكفي لتغطية 18 شهرا من الواردات.

هذا الضعف التدريجي والمتوقع في هذه العناصر بسبب زيادة الضغوط السياسية الخارجية وتأثير حزمة العقوبات الاقتصادية الدولية، وما لم تحدث تطورات (إيجابية) في الاتجاه المضاد، سوف تعكس نفسها في تدهور مستقبلي ومستمر في قيمة العملة الإيرانية.

الخلاصة:

بناءً على ما سبق يمكن القول، وبدرجة معقولة من الثقة، إنه في الوقت الذي لا يمكن فيه الجدل كثيرًا حول التأثير السالب للعقوبات الأوروبية والأمريكية على الاقتصاد الإيراني بشكل عام، وعلى قيمة الريال الإيراني بشكل خاص، سواء منذ وقت اتخاذ القرار بفرض هذه العقوبات في بداية العام الحالي أو منذ دخولها حيز التنفيذ في بداية شهر يوليو؛ إلا أن محاولة تفسير ما حدث من انهيار مفاجئ لقيمة الريال مؤخرا بهذه العقوبات وحدها هو تفسير مبالغ فيه، ومن الصعب الأخذ به.

الأكثر خطأ وخطورة هو أن يتم قراءة ما حدث بشكل غير متعمق، وأن يتم الاقتناع بهذا التفسير "المُريح" من قبل الأطراف التي قامت بفرض هذه العقوبات، وتقوم نتيجة ذلك باتخاذ توجهات سياسية متشددة، يمكن أن تؤدي إلى إطالة أمد النزاع مع إيران بدلا من التوصل إلى اتفاق بشأنه.

aymaan noor
15-10-2012, 09:59 AM
الأردن يبحث عن نفسه: الحكم والإصلاح والبعد الإسرائيلي
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/jordanisrael.jpg
لبيب قمحاوي

يعاني الجسم السياسي الأردني من حالة إنهاك واستنزاف متفاقمين. فالحكم يعيد اجترار نفسه ضمن نفس المجموعة من المسؤولين الذين أصبحوا عبئاً على النظام أكثر من كونهم سنداً له. وبواقع الممارسة، عزل النظام نفسه عن قاعدته الشعبية خصوصاً المتعلمة والمثقفة والناشطة سياسياً مما جعله يدور في حلقة مفرغة. واستعاض الحكم عن أسلوب الحوار كوسيلة للتواصل مع قاعدته الشعبية بأسلوب إدارة القطيع حيث يتم استعمال سطوة الدولة لفرض وجهة نظر الحكم أو للحصول على تأييد شعبي مصطنع لسياسات أو قرارات حكومية لا تحظى أصلاً بشعبية أو قبول. وقد ساهم أولئك المسؤولين في تفاقم الوضع نتيجة قناعاتهم بأن الشعب لا يملك حولاً و لا قوة، وأنهم بالتالي فوق الشعب وفوق القانون وأن ما هو غير مباح يمكن أن يُستباح.

لقد خلق الشعور بفقدان قنوات الاتصال والتواصل بين الحكم والشعب حالة من الإحباط الشعبي الذي أخذ يعبر عن نفسه بهبات من الغضب حيناً والاحتجاجات أحياناً، تطورت بالنتيجة ومع حلول الربيع العربي إلى المطالبة الشعبية ببرامج إصلاح متشعبة، استندت إلى قاعدة صلبة من إجماع وطني على محاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين واسترجاع المال العام. ولكن نظراً لحالة الانغلاق التي يعيشها النظام ضمن إطار تلك الأقلية الحاكمة المنغلقة على نفسها، يبدو أن النظام اعتبر هذا المطلب وكأنه لائحة اتهام ضده. وتضافرت قوى مؤسسة الحكم لمقاومة هذا المطلب إما دفاعاً عن النفس أو دفاعاً عن الافتراض الخاطىء بأن في هذا المطلب إدانة للجميع. وابتدأت المسيرة المؤلمة التي صبغت العلاقة الغامضة بين الحكم والشعب وتراوحت بين المسايرة والاسترضاء والاحتواء إلى الالتفاف على مطالب الإصلاح إلى أن انتهت بانتصار قوى الشد العكسي ضمن مؤسسة الحكم وتُوِّجَ هذا الانتصار بالإعلان عن تشكيل أسوأ حكومة شهدها الأردن منذ ما يزيد عن عقدين من الزمن وهي حكومة فايز الطراونة. وعادت قوى الانغلاق لتمارس سياساتها العرفية بشكل علني وابتدأت عملية البطش بحرية الرأي والتعبير وكذلك بقيادات الحراكات الشبابية وقادة الرأي العام في الأردن. ويبقى السؤال الكبير يلوح في ذهن الكثيرين، إذا كان الحكم في هذا المزاج العدواني ، فمن سيشفع للشعب الأردني ومن سيقف إلى جانبه في مواجهة هذا العدوان القادم من مؤسسة الحكم على حقوقه الدستورية خصوصاً وأن الجميع راغب في المحافظة على سلمية الحراك الشعبي ومطالب الإصلاح؟

عندما ينحدر مستوى أداء بعض أدوات الحكم في تعاملها مع المعارضة إلى حد الردح والكذب والشتيمة ، كما تجسده بعض الصحف المحسوبة على النظام وكذلك تصريحات بعض المسؤولين، فماذا يتبقى؟ وماذا عن البديل الحضاري المتمثل في الحوار وقبول الرأي الآخر والانحناء أمام رغبة الأغلبية؟ إن تشويه الحقائق والتلاعب بها لن يؤدي في نهاية الأمر إلا إلى خلق أوهام كاذبة لدى الحاكم، وغضب مكبوت أو معلن لدى المحكوم. وهكذا، فإن الإدعاء الرسمي الأردني بأن المعارضة ومطالب الإصلاح محصورة بالحركة الإسلامية هو إدعاء غير صحيح ويهدف إلى خلق انطباع عام داخلي وخارجي بأن الرهان هو بين الحكم والاستقرار من جهة والحركة الإسلامية وأسلمة الدولة الأردنية وبالتالي الفوضى من جهة أخرى. لعبة شيطانية لا تخفى على أحد. ومع ذلك فإننا لسنا بصدد تفنيد مناورات واتهامات ومخططات حكومية تستهدف التضليل والإلهاء ، بقدر ما نحن بصدد الغوص في عمق الحقيقة بهدف استكشاف ومعرفة ما نحن مقبلون عليه، وما هو مخبأ للأردن والأردنيين. القليل جداً قد يعلم كنه ما نحن بصدد الحديث عنه، ولكن الأغلبية الساحقة قد حُجبت عنها الحقيقة وخضعت لعملية تضليل رافقت مسيرة الدولة منذ نشأتها وحتى الآن.

لقد تمكنت الدولة الأردنية منذ نكبة فلسطين من العيش ببحبوحة فاقت إمكاناتها الحقيقية. بحبوحة مصطنعة أبقت هذه الدولة قادرة على الاستمرار ولكن دون السماح لها بترف العيش الرغيد. معادلة محسوبة بدقة حتى لا تتجاوز هذه الدولة الخطوط الحمراء المرسومة لها، والمهمات الثقيلة الملقاة على كاهلها. فالفقر الزائد قد يدفع إلى الثورة والترف الزائد قد يوهم الضعيف بأنه قادر والصغير بأنه كبير. وهكذا، فقد عاش الأردن منذ نشأته معتمداً على مساعدات خارجية أضعفت من استقلاليته السياسية ورهنت مواقفه برضا الدول المانحة. وتم بناء الاقتصاد الأردني على أساس أنه اقتصاد رعوي والمنظومة الاجتماعية باعتبارها منظومة رعوية بهدف إبقاء معظم السكان مرهونين للحكم. ومن هنا نرى أن معظم ميزانية الدولة الأردنية تذهب إلى الرواتب ، ورخاء الشعب أو معاناته هي أيضاً مرهونة للحكم وسياساته وقراراته الاقتصادية. وقد وَلَّد هذا الواقع شعوراً عاماً بأهمية استمرار الحكم واستقرار الدولة حتى يبقى النظام الرعوي قادراً على تلبية الحد الأدنى من المطالب الحياتية للشعب. وقد شجع هذا الواقع العجيب الحكم على اعتبار ما تملكه الدولة مِنَّة من الحاكم وهو صاحب الفضل في كل شيء. وترجم هذا الواقع نفسه في استبدال السياسات الحكومية بالمكرمات، وأصبح الشعب ينظر إلى الحكم وليس إلى الحكومة في كل ما يريد وما لا يريد. ولا عجب أن يعتبر الحكم، انطلاقاً من ذلك، أن مطالب الإصلاح هي اقرب إلى نكران الجميل منها إلى الحق الطبيعي للشعب. وأصبح تعامله مع تلك المطالب أيضاً بمنظور المكرمات مما يتنافى وأبسط مطالب الإصلاح الحقيقي.

المشكلة التي تجابهها المعارضة الأردنية الآن هي في كون القضايا الإصلاحية التي تطرحها كقضايا داخلية تجيء في أدنى سلم الأولويات بالنسبة للعالم الخارجي في علاقته مع النظام الأردني . وقد ساهم في تكريس ذلك موقف الشعب الأردني من معاهدة وادي عربة وانحسار التأييد لها بشكل متواصل منذ التوقيع عليها وحتى الآن.

إن وجود الدولة الأردنية واستمرارها كان مرتبطاً منذ البداية بالقضية الفلسطينية والمصالح الإسرائيلية. والمطلوب من الأردن إقليمياً أهم لمعظم دول العالم مما يريده الأردنيون لأنفسهم من إصلاحات داخلية. وما يريده الأردنيين من إصلاحات لنظامهم السياسي لن يحظى بأي دعم خارجي إذا كان ثمن ذلك إضعاف قدرته على القيام بالواجبات المناطة به فيما يتعلق بإسرائيل وبرنامج التسوية النهائية. فالمشكلة التي تجابه الأردن، في الحقيقة، هي في كون القضايا المتعلقة بالإصلاح وحقوق المواطنين في الأردن تأتي في أدنى سلم الأولويات بالنسبة للعالم الخارجي في علاقته مع الأردن. فما يهم العالم الخارجي فيما يتعلق بالأردن هي استمرار قدرته على الاستجابة لمتطلبات الأمن الإسرائيلي والمصالح الإسرائيلية التي تتلخص في النهاية في حل سلمي للمشكلة الإسرائيلية وفي تنظيف تبعات هذا الحل سواء أكان دور الأردن فيه كمنطقة عازلة أو كجسر موصل للتطبيع، أو كوعاء يستوعب ذيول وتبعات ذلك الحل.

وفي كل الأحوال، فإن الدعم لمثل هذا الدور لا يأتي من القاعدة الشعبية العريضة للأردنيين، ولا من المعارضة الأردنية، ولكن من الحكم والمؤسسات التابعة له. لقد ناضل الشعب الأردني لما يزيد عن ستين عاماً لتعديل المسار المرسوم للدولة الأردنية بشكل يعيد رسم الدور المناط بها لمصلحة الشعب، ولكن يد الحكم كانت دائماً أقوى. فقد ارتبط بقاء الحكم ببقاء الدولة، وارتبط بقاء الدولة بقدرتها على القيام بالواجبات المناطة بها.

المعادلة إذاً واضحة، فقدرة النظام في الأردن على الوفاء بالتزاماته أو بما هو مطلوب منه تجاه إسرائيل وأمنها ومصالحها وإلزامه بذلك هو أكثر أهمية من إلزامه باحترام حقوق الإنسان الأردني. وهكذا، فإن ما يعتقده معظم الأردنيين بأن ما نحن بصدده من مطالب إصلاحية هو شأن أردني قد يثبت خطأه في نهاية المطاف. ما نحن بصدده هو، في الحقيقة، أكبر من الأردن. فالأردن وُلِد وكتابه بيساره وأمره محسوم. وعلاقة القوة التي تحكم أطراف المعادلة السياسية فيه ما زالت حتى الآن خاضعة لتلك المعادلة. وقد استوعب النظام الأردني ذلك، ومن هنا فإن تعامله مع الشعب يأتي بفوقية واضحة أساسها قناعته بأن معادلة القوة التي تحكم بقاءه وترغب في استمراره أقوى من معادلة القوة الداخلية التي تسعى إلى تحجيمه ووضع قيود على سلطاته المطلقة. وبين هذا وذاك، فإن على الشعب الأردني أن يسعى لتغيير واقعه نحو الأفضل، خصوصاً وأن مطلبه الإصلاحي الرئيسي باستبدال النظام الرئاسي الملكي بالنظام النيابي الملكي هو مطلب عادل ودستوري.

إن بقاء النظام هو خيارٌ أردنيٌ حقيقيٌ، ولكنه أيضاً خيارٌ غربيٌ مرتبطٌ بالدور المرسوم للأردن. وعلى الأردنيين العمل على إيجاد معادلة توفق بين بقاء النظام كخيار أردني والإصلاح السياسي كمطلب أردني وفك الارتباط بين الأردن والدور المرسوم له كهدف أردني.

فالأردن إذا كان بنظر البعض حالة طارئة فهذه هي مشكلة من يؤمن بذلك ، إلا أن الشعب الأردني ليس كذلك وهو مكون أصيل وجزء حقيقي من تاريخ وتراث المنطقة لا يجوز إهماله والتعامل معه باعتباره كماً لا قيمة له. وتحويل قضايا الشعب الأردني ومطالبه العادلة إلى حالة اعتداء على الشرعية أمرٌ مرفوضٌ ولا يمكن القبول به. فالشرعية أساسها الشعب حسب الدستور الأردني الذي ينص على أن "الأمة هي مصدر السلطات". والدولة الأردنية يجب أن تكون تجسيداًً لإرادة الشعب الأردني أمينة على تلك الإرادة أولاً وأخيراً وليست أمينة على قرار وزير المستعمرات البريطاني قبل ما يقارب من مائة عام. إن الوفاء المطلوب هو لإرادة الشعب ومصلحته وهذا هو أساس الشرعية الحقيقية. والشعب الأردني الذي رافق تأسيس الدولة وابتدأ كمجموعات من أصول مختلفة قد أصبح الآن شعباً واحداً متجانساً ومتلاحماً له وطن يدافع عنه ويعيش في كنفه، وعليه واجب إنقاذه من الإرث التاريخي الذي فرضه الاستعمار على الدولة ورافقها منذ تأسيسها.

aymaan noor
16-10-2012, 10:15 AM
تحديات ما بعد الثورات
كيف سيتعامل الرئيس الأمريكي القادم مع الشرق الأوسط؟
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/4251dec72b18ac89643edfb7a8300016_L.jpg
شادي حميد، تمارا ويتس
تفرض التطوراتُ التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط إثر ثورات الربيع العربي التي اجتاحت معظم -إن لم يكن كل- بلدان المنطقة نفسها على أجندة مرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في ظل تأثير التطورات والتغيرات التي تشهدها دول المنطقة على المصالح الأمريكية بالمنطقة.

وقد تزايد هذا التأثير مع اغتيال السفير الأمريكي في ليبيا جون كريستوفر ستيفنز على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها المنطقة ضد الفيلم المسيء للرسول، صلى الله عليه وسلم، وحضور قضايا الشرق الأوسط في المناظرات التلفزيونية بين الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" -الساعي إلى الفوز بولاية ثانية- ومنافسه الجمهوري "ميت رومني"، وكذلك بين نائب الرئيس "جون بايدن" ومنافسة "بول راين".

وهو الأمر الذي فرض على مراكز الفكر والرأي الأمريكية تقييم السياسات الأمريكية لإدارة باراك أوباما تجاه المنطقة، وتعاملها مع ثورات الربيع العربي، واستشراف مستقبل السياسات الأمريكية تجاه المنطقة التي تشهد مخاضًا سينم عن تطورات وتغييرات في شكل المنطقة وتوجهاتها وسياساتها، مما يؤثر على المصالح والأمن القومي الأمريكيين.

في هذا السياق؛ عقدت مؤسسة بروكينجز حلقةً نقاشيةً يومَ الثلاثاء الموافق 25 سبتمبر 2012 لبحث التحديات التي سيواجهها الرئيس الأمريكي القادم في منطقة الشرق الأوسط، وكيفية التعامل معها، وجاءت الحلقة تحت عنوان "الحملة الانتخابية لعام 2012: الصحوة العربية".

تمحورت الحلقةُ النقاشية في الأساس حول مناقشة الورقة التي أعدها شادي حميد (الباحث بالمؤسسة) والتي يطرح فيها بعض السياسات التي ينبغي على الرئيس الأمريكي القادم انتهاجها إزاء الشرق الأوسط، والتعليق على ورقة حميد الذي أعدته تمارا ويتس (مدير مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط بمؤسسة بروكينجز) التي تناشد فيها الرئيس القادم التعاملَ مع تداعيات الشرق الأوسط بمرونة، وكذا تعليق أستاذ التنمية الدولية "راج ديساي" على ورقة حميد أيضًا، والتي يوصي فيها الرئيس الأمريكي القادم بالتركيز على التنمية الاقتصادية في المنطقة من أجل دفع الديمقراطية، وإعادة بناء النفوذ الأمريكي.

سياسة الإدارة الجديدة تجاه المنطقة

ذكر حميد في ورقته أن مشاكل الشرق الأوسط لن تُحلَّ خلال الأعوام الأربعة القادمة. وعلى الرغم من بعض النماذج التي تدعو للتفاؤل مثل تونس، فإن وضع المنطقة بشكل عام لا يُنبئ بأي تحسن كبير في المدى القريب، بل من المحتمل أن يزداد الوضع سوءًا قبل أن يتحسن. وبهذا يصبح السؤال الرئيسي الذي سيواجه الرئيس الأمريكي القادم هو إلى أيِّ حدٍّ ينوي التخفيف من مشاكل المنطقة، والمساعدة في توجيهها للخروج من أسوأ المسارات إلى أفضلها.

ويُشير إلى أن مرشَّحَيِ الرئاسة "باراك أوباما" و"ميت رومني" أثناء الانتخابات التمهيدية اتخذا مواقف متباينة جدا. فثمة فجوة كبيرة بين الديمقراطيين والجمهوريين فيما يتعلق بالشرق الأوسط، فالحزبان مختلفان حول السياسة المفترض انتهاجها في المنطقة.

ويرى حميد أن هوية الرئيس القادم لن تحسم المسألة كما ينبغي، نظرًا لوجود تعارض في وجهات نظر الحزبين، ومن ثم يدعو الإدارة القادمة سواء أكانت من الديمقراطيين أم الجمهوريين إلى التفكير جديًّا بشأن كيفية التعامل مع منطقة الشرق الأوسط على أساس مجموعة جديدة من المبادئ.

ويقول إن الولايات المتحدة لم تعد قادرةً بعد الآن على تنحية تطلعات العرب العاديين جانبا حتى إذا كانت تلك التطلعات متعارضة مع مصالحها الخاصة، فكلمة الشعوب بعد الربيع العربي باتت هي الكلمة المسموعة.

ويُذكر أن الولايات المتحدة كانت قبل الربيع العربي تتجاهل أو ترفض المشاعر المعادية لها، وجُل ما كانت تهتم به هو موقف الحكومات التي كان معظمها يؤيد السياسة الأمريكية في المنطقة. ويضيف: في السنوات القادمة قد تجد الولايات المتحدة نفسها عاجزة عن تطبيق سياسة التجاهل هذه.

فمع كراهية عشرات الملايين من العرب للولايات المتحدة، واعتبارهم إياها قوةً تدميرية في المنطقة، ستجد الحكومات الديمقراطية الجديدة نفسها مضطرة للتحرك ضد المصالح الأمريكية لكسب التأييد الشعبي، ومن ثم سيكون على الولايات المتحدة التعاطي مع ذلك بحكمة، حسبما يرى حميد.

ولا شك أن مشاعر الكراهية المتأججة لدى العرب لن تنطفئ بين عشية وضحاها، ولكن يمكن للولايات المتحدة العمل على المدى الطويل في بناء علاقات جديدة قائمة على المصالح والقيم المشتركة مع الحكومات الديمقراطية الجديدة في المنطقة.

ووفقًا لحميد، ينبغي على الرئيس الأمريكي المقبل العمل على زيادة المخصصات المالية الأمريكية المخصصة لتمويل جهود الإصلاح بالمنطقة، والتي تُعد بدورها حافزًا واضحًا للدول العربية لإجراء الإصلاحات اللازمة، على ألا يقل هذا التمويل عن 5 مليارات دولار. كما ينبغي أن يكون تلقّي المساعدات مشروطًا بتلبية مجموعة من المعايير الواضحة التي تُعتبر مقياسًا للديمقراطية. ولطمأنة الدول المتشككة في نوايا الولايات المتحدة والدول المانحة يقول حميد يمكن إرسال رسالة واضحة مضمونها هو أن "الديمقراطية لا يمكن فرضها، ولكن يمكن دعمها بقوة وفعالية".

وعن الدول المتحولة للديمقراطية، مثل مصر وتونس وليبيا، يؤكد على ضرورة أن تتضمن المعايير الأمريكية لدعم تلك الدول عدم التدخل العسكري في الشئون المدنية، واستقلال القضاء، ودعم حرية الصحافة وحمايتها. أما في حالة الأنظمة الملكية الليبرالية مثل الأردن والمغرب والكويت، فيجب أن تُركّز هذه المعايير على إتاحة الساحة السياسية للجماعات المعارضة، وعلى الانتقال التدريجي للسلطة إلى المؤسسات المنتخبة بإرادة الشعب.

ثلاثة تحديات في انتظار الإدارة الجديدة

من جانبها ترى "تمارا ويتس" أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستواجه ثلاثة تحديات رئيسية بالمنطقة، تتمثل تلك التحديات في الآتي:

التحدي الأول: استثمار الموارد بطريقة تيسِّر إرساء الاستقرار والديمقراطية في الشرق الأوسط، بما يخدم المصالح الأمريكية بالمنطقة أيضًا.

التحدي الثاني: تبنّي حوار مفتوح على نطاق واسع مع الأصوات العربية الثائرة.

التحدي الثالث: التوفيق بين القضايا المتعلقة بالمشكلات الأمنية في المنطقة من ناحية، والديمقراطية والإصلاح من ناحية أخرى، لا سيما في ظل الاهتمام المتزايد بالملف النووي الإيراني بالمنطقة.

وفي ورقتها، تحض ويتس الإدارة الأمريكية على الحفاظ على الحوار مع الجماعات السياسية ذات المرجعية الدينية؛ حيث ترى أن الفشل في الحفاظ على الحوار من الممكن أن يضر بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية، لا سيما أن هذه الجماعات ستظل جزءًا هامًّا من المشهد السياسي في السنوات القادمة.

وتذكر أنه لا ينبغي على الأمريكيين في الوقت الراهن افتراض النجاح الدائم للإسلاميين على المدى الطويل، ففوز مجموعة منهم في انتخابات ما بعد الثورة لا يعني بالضرورة انتصارهم في ظل بيئة تنافسية تعددية. ومن ثم يتعين على الإدارة القادمة ألا تنشغل بالتعامل مع الفائزين، وإنما عليها إرساء أسس من الاحترام المتبادل لبناء علاقات تعاونية قائمة على المصالح المشتركة عندما تتضح الصورة النهائية. والأهم من ذلك كله أنه ينبغي على الحكومة الأمريكية تلافي الوقوع في فخ "استبدال مجموعة من النخب الإقليمية" بمجموعة أخرى.

الربيع العربي يقلب الموازين

وفقًا لـ"راج ديساي" برعت الولايات المتحدة على مر سنوات طويلة في تجاهل الديمقراطية في الشرق الأوسط من أجل "دعم الحكام السلطويين الذين عملوا على إرساء الاستقرار في سوق النفط، ووقعوا المعاهدات مع إسرائيل، وقمعوا الجماعات الإسلامية، وشاركوا في أعمال مكافحة الإرهاب".

وفي عهد الرئيس بوش، وبصرف النظر عن العراق، تسامحت بعض الدول العربية مع الأنشطة الأمريكية المؤيدة للديمقراطية طالما أنها لا تشكل تهديدًا للأنظمة الحاكمة القائمة. وفي عامي 2009 و2010، خُفّض تمويل مثل هذه الأنشطة في بعض دول الشرق الأوسط.

وفي هذا الصدد يُشير حميد إلى أن الربيع العربي قلَب تلك الموازين؛ إذ أظهرت الانتخابات التونسية والمصرية أن الناخب التونسي والمصري من ذوي الفكر المعتدل باتا أكثر عداءً للولايات المتحدة وإسرائيل، وأكثر مناصرة للإسلاميين. لذا كان يجب على إدارة أوباما التصدي لواقع تفضيلات هؤلاء الناخبين والتي إذا تمت ترجمتها بلغة السياسة فقد تهدد السلام أو الاستقرار في المنطقة.

بيد أن إدارة أوباما وجدت نفسها مضطرة للدخول في مناورة سياسية معقدة تدعم فيها المواطنين التونسيين والمصريين والليبيين، وتُثبت فيها في الوقت عينه "دعمها للديكتاتوريات في الأردن والمملكة العربية السعودية والبحرين".

وأعرب ديساي عن معارضته لاقتراح حميد المتعلق بمنح الحكومات القائمة أو حكومات الظل قروضًا صغيرة في حالة موافقتها على تبني إصلاحات ديمقراطية وفق معايير معينة.؛ فقد يثير مثل ذلك التمويل ثلاثة مخاوف من وجه نظر ديساي تتمثل في:

أولًا: الخوف من عدم دعم دول الربيع العربي للمؤسسات الدولية. يرى ديساي أن من المستبعد حاليًّا أن تجد المؤسسات الدولية التي تقودها الولايات المتحدة أي مؤيدين لها وسط المناخ العربي السياسي المضطرب؛ فالشعوب العربية لن تنسى أبدًا أن النظام الأمريكي دعم الأنظمة السابقة ماليًّا لفترة طويلة، ولن تنسى كذلك الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في فترة التقشف خلال الثمانينيات والتسعينيات أثناء هبوط أسعار البترول؛ إذ عانت الدول العربية آنذاك من تباطؤ الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية، ما دفعها إلى إنهاء تعاقدات بعض العاملين طويلة الأجل، وإلى تقليل حجم الفائدة العامة العائدة على الشعب. ومن المستبعد أن يهدأ هذا الاحتقان قريبًا، على حد قول ديساي.

ثانيًا: الخوفُ من عدم استيفاء الشروط. في الوقت الراهن، تُدار عمليات الإصلاح من قبل بعض المؤسسات، مثل مؤسسة تحدي الألفية الأمريكية (Millennium Challenge Corporation)، وهي مؤسسة غير متعددة الأطراف، وتوفّر منحا بناءً على ما إذا كان المتلقّي يحقق مستوى معينًا من الإدارة الحكومية الجيدة، ومؤسسة شراكة الحكومة المنفتحة (Open Government Partnership)، وهي مؤسسة تطوعية متعددة الأطراف لا تقدم قروضًا إلا في حالة استيفاء شروط معينة. ومن وجهة نظر ديساي؛ سيكون من الأفضل للولايات المتحدة توسيع مجال عمل برامج المؤسستين في الشرق الأوسط، بدلا من إنشاء مؤسسة جديدة.

ثالثًا: الخوف من عدم نجاح الأنشطة المروِّجة للديمقراطية. يرى بعض المحللين أنه ليس ثمة تأثير يُذكر للمساعدات المشروطة بتطبيق الديمقراطية. فبعض المناطق، مثل أوروبا الشرقية، لم تتحول ديمقراطيًّا بشكل رئيسي إلا بالتحفيز والتشجيع. فأوروبا الشرقية لم تتحول تحولا جذريًّا إلا بعد أن عُرض عليها عضوية الاتحاد الأوروبي، ومن ثم يمكن القول إن غياب مثل هذا الحافز الخارجي في حالة العالم العربي يجعل نجاح الأنشطة المروّجة للديمقراطية هناك أمرًا مستبعدًا.

الحلقة النقاشية.. تقيم السياسات الأمريكية

افتتح حميد الحلقة النقاشية بتحليل موقف الرئيس الأمريكي أوباما تجاه العالم العربي قبيل اندلاع الثورات العربية، مشيرًا إلى أن أوباما ركّز في فترة رئاسته على إعادة بناء العلاقات الهشة مع الأنظمة العربية المستبدة الموجودة، بيد أنه تمكّن في نهاية المطاف من احتواء الوضع الراهن الجديد.

وفيما يتعلق بالمعونات الأمريكية، قال حميد إن المساعدات المقدَّمة للمنطقة تضاءلت منذ اندلاع الثورات، ولفت إلى أن الولايات المتحدة "غير متناسقة" المواقف حيال دول المنطقة، ما عزز التصور في الشرق الأوسط بأن أوباما "ذو شخصية ضعيفة، ولا يمكن الاعتماد عليه" على حد وصفه. واستطرد حميد قائلا إن إحجام تركيا أو دول الخليج عن اتخاذ إجراءات بشأن سوريا من دون دعم الولايات المتحدة يدل على أن الولايات المتحدة ما زال "لا غنى عنها" في المنطقة.

ومن جهتها، أشارت ويتس إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه أوباما هو "الميزانية"؛ فبدون تنظيم موارد مالية أكبر من خلال الكونجرس، سيستحيل إنشاء خطط طويلة الأجل وبرامج للمنطقة في مرحلة ما بعد الربيع العربي. وتمثّل التحدي الثاني، على حد قولها، في مواصلة الإسلاميين انتصاراتهم في البلدان التي لا تحظى الولايات المتحدة فيها بشعبية. وقالت ويتس: "من الصعب جدًّا على الولايات المتحدة بناء علاقات مع هذه البلدان خلال الفترة الانتقالية التي تمر بها، فالولايات المتحدة قد تَعْلق بين القوى المتنافسة".

أما ديساي فقال إنه يجب على أوباما توضيح التحديات التي سوف تواجهها المنطقة على المدى البعيد والقصير، من أجل حشد دعم لمساعدات أمريكية أكبر للشرق الأوسط. وفي حال لم توفر الولايات المتحدة المزيد من المساعدات المالية؛ ستقع مصر في أزمة مالية في غضون أشهر، وستمر البلدان المنتقلة إلى الديمقراطية بأوقات عصيبة في ظل سعيها للحفاظ على الاستقرار، وتعزيز التجارة، وتوفير فرص عمل. على حد قول ديساي.

ويحث أستاذ التنمية الدولية الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في حلقة النقاش على تجنب علاقات الشراكة المباشرة مع الحكومات، والتركيز بدلا من ذلك على تقديم المساعدات مباشرة للقطاع غير الرسمي. وأعرب عن أمله في أن تتوقف الولايات المتحدة عن التطلع إلى الحكومات كأوصياء على الشعب، والبدء في التعامل المباشر مع المواطنين أنفسهم.

وخلال المناقشات حددت ويتس المصالح الأمريكية في المنطقة خلال السنوات القادمة. فقالت إنه رغم كون مكافحة الإرهاب أولوية أساسية من الأولويات الأمريكية، سيظل التدفق الحر لموارد الطاقة من الخليج العربي محط اهتمام الولايات المتحدة.

من جانبه، قال حميد إن الدعم الأمريكي للأنظمة المستبدة في المنطقة "وُجِّه بشكل سيئ جدًّا" لعقود، مما سبب الكثير من الاضطراب اليوم. واتفق ديساي مع الرأي القائل بأن أربعين عاما من "الاستقرار" في المنطقة مرّت في جو من الركود الاقتصادي والاستياء الشبابي. واختتم كل من ويتس وديساي حلقة النقاش بالتشديد على ضرورة العمل مع القاعدة الشعبية والمؤسسات الشبابية، ودعم الاستقلالية الفردية وتكافؤ الفرص.

محمد محمود بدر
16-10-2012, 11:46 AM
لو حضرتك نفتكر ان كل انتخابات نسأل نفس السؤال
وعمر الرئيس الامريكى ما عبر البلاد العربية مع ان الجاليه العربية والاسلاميه فى امريكا لا يستهان بها لكن ليس لهم وزن نسبى فى الاصوات اهم حاجه عندهم اسرائيل
شكرا للموضوع وجزاك الله خيرا

aymaan noor
16-10-2012, 03:01 PM
ثلاثة أشهر من حكم الرئيس مرسى: مواجع اقتصادية لا تنتهى
عالية المهدى
أستاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد و العلوم السياسية
جامعة القاهرة
تبارى المحللون فى تقييم أداء السيد الرئيس خلال المائة يوم الاولى من حكمه. نظروا إلى وعوده الانتخابية العديدة واستمعوا إلى تصريحاته فى خطاب الاستاد حول حجم الإنجاز أو الاخفاق.

وأنا لن اتطرق لهذا الموضوع حيث سبقنى اليه الكثيرون ولن اضيف اليه كثيرا. فمتى انتفت معايير او مقاييس الحساب التى نستخدمها فى مقارنة الوضع قبل وبعد المائة يوم تصبح التصريحات والمقارنات عبارة عن هزل فى مجال الجد.

ولكنى سوف اتطرق لموضوع مسكوت عنه الا قليلا جدا طوال المائة يوم السابقة، وهو ماذا انجز الدكتور مرسى وحكومته فى المجال الاقتصادى؟

●●●

يتضح من متابعة التصريحات الرئاسية والوزارية واللقاءات الاعلامية المختلفة ان القضية الاقتصادية تحتل مكانة دنيا فى سلم اولويات الرئاسة والحكومة وسوف ادلل على ذلك من خلال مجموعة من الظواهر والملاحظات.

فالتركيز الاساسى للرئاسة حتى الان كان فى مجال السياسة الخارجية من خلال الزيارات لكل من الصين ونيويورك وفرنسا وايطاليا وتركيا واوغندا. هذا التركيز وان كان له شق اقتصادى متمثلا فى محاولة جذب استثمارات، الحصول على قروض او مساعدات، فإن الشق السياسى فى هذه الزيارات يبدو واضحا من خلال الرغبة قى تعريف المجتمع الدولى برئيس الجمهورية الجديد وتوجهاته واثبات الدور المصرى الجديد.

وعلى الرغم من اصطحاب الرئيس لعدد كبير من رجال الاعمال فى عدد من جولاته وزياراته فما زالت النتائج الاقتصادية لهذه الزيارات غير واضحة المعالم بعد. وقد يكون ذلك امرا متوقعا ومن ثم فان الحكم على بدايات ظهور تأثير سوف يكون جليا فى مكونات ميزان المدفوعات فى نهاية عام 2012. فعجز ميزان المدفوعات فى نهاية 2011 بلغ 11.5 مليار دولار مقارنة بفائض قدره 3.4 مليار دولار فى نهاية 2010. ومن ثم فان اى تحول اقتصادى ايجابى فى صورة زيادة فى الاستثمار الاجنبى المباشر او غير المباشر (فى تعاملات سوق المال) سوف تظهر نتائجه فى ميزان المدفوعات فى صورة انخفاض العجز به او تحوله إلى فائض، وهو ما نأمل به.

●●●

فاذا انتقلنا إلى دور الحكومة، فسوف نلاحظ ان التركيز الحكومى ينصب فى المقام الاول على قضيتين اقتصاديتين اساسيتين لا ثالث لهما وهما اولا، كيفية التعامل مع دعم الطاقة وترشيده او الحد منه بهدف ضغط عجز الموازنة العامة، وثانيا كيفية الحصول على قروض سواء من الصندوق او غيره لسداد عجز الموازنة العامة. وهذا التفكير فى ادارة امور البلاد الاقتصادية هو تفكير يمكن ان يوصف بأنه تفكير «محاسب» لا تفكير «اقتصادى». وهو مثل تفكير التاجر الذى يتعامل مع ايراداته ( التى يفترض ثباتها) ونفقاته المتزايدة او الضخمة وكيف يسعى بسرعة لسد عجزه.

وإذا كان هذا التفكير يعد مقبولا من التاجر او الصانع فهو ليس مقبولا من صانع السياسة الاقتصادية. فالسياسة الاقتصادية لاى دولة اكبر كثيرا من ان تختزل فى موازنة عامة مختلة. فالنظرة المستقبلية غائبة والتخطيط للمستقبل يكادا يكونا قاصرين على كيفية التعامل مع الاشهر القليلة القادمة. اما استخدام السياسة الاقتصادية بادواتها المتعددة بجانب السياسة المالية فهو امر مازال غائبا. فدور كل من السياسة النقدية والتجارة الخارجية وحوافز الاستثماروسياسات التشغيل.. إلخ. يكاد يكون غائبا من الصورة والاهتمام الحكومى كله منصب على السياسة المالية وحدها.

●●●

فما هى اوجه القصور الماثلة امامنا والمسكوت عنها او المهملة والتى تدل على مكانه الاقتصاد فى سلم اولويات الرئيس والحكومة؟

1ــ بداية نجد ان الرئيس حين فكر فى تكوين الفريق الرئاسى ضم اليه مجموعة من المتخصصين فى مجال التحليل السياسى، الاجتماع، القانون، الإعلام.. تخصصات متعددة باستثناء الاقتصاد. وهو امر إن دل على شيء فإنما يدل على مكانة الاقتصاد المتدنية فى اولويات الرئيس.

2 ــ ان اللجنة التأسيسية ليس بها اى متخصص فى مجال الاقتصاد. وقراءة مقترح المادة 30 فى مسودة الدستور، وهى احدى المواد الاساسية المعنية بطبيعة النظام الاقتصادى للبلاد، دليل على ذلك. فقد جاء المقترح فى صورة هزلية غير واضحة المعالم. ولما كان الدستور هو ابو القوانين، الذى يرسم معالم النظام الاقتصادى الاجتماعى للبلاد ويضع الاساس لصياغة القوانين الاقتصادية فى الفترة التالية، فليس من المتوقع ان يمثل الدستورفى صورته الحالية اساسا سليما يرتكن اليه فى المستقبل عند صياغة القوانين الاقتصادية.

3 ــ ان برنامج المائة يوم للرئيس افتقد لاى هدف متعلق بتحقيق زيادة معينة فى التشغيل أو الإنتاج أو الاستثمار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من تبؤه للحكم وهو ما يؤكد نفس التوجه المذكور.

4 ــ إن حديث السيد رئيس الوزراء يخلو تماما من أى أهداف معلنة عن المستهدف تحقيقه من تشغيل خلال العام المالى 2012/2013 وكيفية تحقيقه ودور كل من القطاع الخاص والعام والانشطة الاقتصادية المختلفة فى بلوغ هذا الهدف. كما يخلو من تحديد دور كل من المشروعات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة على حدا فى تحقيق المستهدف.

5 ــ كما يخلو خطابه من تحديد اهداف خاصة بكمية ونسبة زيادة الاستثمار والتصدير والناتج ودور كل قطاع نشاط اقتصادى فى بلوغ هذه الاهداف خلال فترة محددة ولتكن العام المالى 2012/2013.

6 ــ إن خطاب السيد رئيس الوزراء والسيد وزير التخطيط لا يوضح لنا معدل التضخم المستهدف الوصول اليه خلال العام المالى الحالى.

لهذه الاسباب لابد وان اتساءل: هل الأداء الاقتصادى أو النشاط الاقتصادى بابعاده المختلفة يقع فى دائرة اهتمام صانع السياسة بالفعل ام ان الامر يعد قاصرا على قضيتى الدعم والحصول على قروض؟

●●●

أعتقد أن صانع السياسة الاقتصادية مازال يفتقر الكثير فيما يخص النظرة المستقبلية الدقيقة، الرؤية واضحة المعالم والخطة الشاملة متكاملة الابعاد التى تستخدم الادوات والاليات الكثيرة المتاحة لها.

فالأمراض الاقتصادية التى تنهش فى جسد الوطن كثيرة ولن يستقيم الأمر إذا ما اهمل علاجها. فالعجز فى الموازنة العامة هو الأسهل فى المعالجة من وجهة نظرى بالمقارنة بمشكلات مثل تفاقم معدلات البطالة، ارتفاع عجز ميزان المدفوعات، تراجع الإنتاج فى عدد من القطاعات الأساسية مثل الصناعة والسياحة والخدمات وتردى نوعية وجودة المرافق الأساسية من كهرباء ومياه وصرف صحى والطرق والكبارى.

لهذا فإن مراجعة التوجه الاقتصادى الحالى والسياسات المخططة والمزمع اتباعها تصبح ضرورة ملحة فى الايام القادمة.

aymaan noor
16-10-2012, 03:06 PM
فى مسألة البحث العلمى.. نكون أو لا نكون
عالية المهدى
أستاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد و العلوم السياسية
جامعة القاهرة

قامت ثورة يناير2011 وكان أحد أهم أهدافها النهوض بالبلد وتنميته ورفع مستوى المعيشة وزيادة العدالة الاجتماعية. ولعل الركيزة الأساسية للنهوض بأى دولة على أسس سليمة هى الاهتمام بالبحث العلمى، فالقصور فى هذا المجال يؤثر بالضرورة فى معدلات التنمية والتطوير للدولة. وبالنظر إلى ما خصصته مصر من نسبة من الناتج المحلى الإجمالى للبحث العلمى على مدار فترة الخمسين سنة الماضية نجد أنه كان نذرا يسيرا لا يسمح بتحقيق مستوى تنمية حقيقية تذكر لمصر.

وبالنظر إلى أحدث الإحصاءات المتاحة دوليا نجد أن ما خصصته مصر (فى عام 2009 مثلا) للبحث العلمى من قيمة الناتج المحلى الاجمالى كان نسبة 0.21٪ أى خمس الواحد فى المائة. وهذه النسبة هى الأقل على مستوى دول حوض البحر الابيض المتوسط ومن أقل النسب فى العالم. فالنسب فى دول البحر المتوسط تأتى كالتالى: المغرب (0,6 ٪)، تونس (0,9 ٪) تركيا (0,7 ٪) اليونان (0.6 ٪) إسبانيا (1.3 ٪) فرنسا (2.2 ٪). أما إسرائيل فحدث ولا حرج. فنسبة مخصصات البحث العلمى فيها بلغت 4.2٪ فى 2009 وهى النسبة الأعلى فى العالم.

وبصفة عامة فإن ذكر النسبة وحدها قد لا يكون كافيا، بل يجب أن نأخذ فى الاعتبار ايضا كلا من مستويات الناتج المحلى الإجمالى ومتوسط نصيب الفرد من مخصصات البحث العلمى لأن كلا من المتغيرين السابقين يعبر عن حجم المخصصات واهتمام الدولة بمجال البحث والتطوير. وكل ما سبق يوضح واقع مصر المزرى فى الإطار المقارن بباقى دول العالم. فقد أصبح وضع مصر لا يقارن سوى بدول مثل السودان واثيوبيا وغيرهما من دول شديدة الفقر والتدنى فى مستوى التنمية البشرية والتطوير التكنولوجى.

●●●

وفى ظل هذا الوضع المؤسف خرج علينا السيد وزير المالية ـ فى أول حكومة تأتى مع أول رئيس منتخب ديمقراطيا ـ بقرار وزارى عجيب الشأن يقضى بخصم نسبة 20٪ من إجمالى الموارد الشهرية لجميع الصناديق الخاصة بما فى ذلك الصناديق الخاصة بالمراكز البحثية بالجامعات شأنها فى ذلك شأن الصناديق الخاصة بالمحليات وغيرها، وذلك بدون تمييز بين أنواع الصناديق المختلفة وأوجه إنفاقها عملا بمنطق: «آهى كلها صناديق والسلام».

الحقيقة لا أعرف تحديدا مع من تشاور السيد وزير المالية قبل اتخاذ هذا القرار؟ هل تشاور مع السادة رؤساء الجامعات ووافقوا على ذلك؟ أم تشاور مع السادة أعضاء نوادى هيئة التدريس؟ أم تشاور مع السيد وزير التعليم العالى أو السيدة وزيرة البحث العلمى؟ هل وافق الجميع على هذا القرار؟ أم أنه كان قرارا بدون مناقشة وفرض أمر واقع على الجميع؟

●●●

ولعله من المفيد ونحن ـ كأساتذة جامعة ـ نواجه هذا القرار الشائك أن نثير أمام السيد وزير المالية والسيد رئيس الوزراء أى السادة صناع القرار عدة تساؤلات خاصة بهذا الموضوع:

1 ـ هل السيد وزير المالية يشعر أننا استكفينا بما نخصصه من موارد للبحث العلمى وقمنا بتغطية جميع احتياجات مصر للبحث والتطوير ووصلنا لمرحلة التشبع، ومن ثم فقد قرر سيادته خفض موارد البحث العلمى بهذا الشكل الباتر المدمر؟

2 ـ هل يعلم السيد وزير المالية أن موارد كل هذه المراكز والوحدات البحثية يتم تنميتها بالجهود الذاتية لمديرى المراكز وأساتذة الجامعة دون الاعتماد على أى دعم من الموارد الرسمية للجامعة أو لوزارة التعليم العالى، بل إن هذه الموارد تأتى فى معظمها إما من مصادر محلية خاصة أو عامة أو من مصادر أجنبية وتخصص لمشروعات بحثية بعينها؟

3 ـ هل يعلم السيد وزير المالية أن كثيرا من هذه المشروعات البحثية يكون الحصول عليها من خلال مسابقات بحثية عالمية ولا يفوز بها سوى أفضل العروض البحثية من الناحية العلمية والمالية؟

4 ـ هل يعلم السيد وزير المالية أنه بجانب اقتطاع نسبة الـ20٪ (التى كانت قبل القرار 5٪ فقط) فإن هناك أيضا ضريبة كسب العمل التى تتراوح ما بين 10٪ و20٪ يدفعها كل باحث من مكافأته عن المشاركة فى البحث العلمى؟ كما أن هناك نسبة 3٪ تخصص للجامعة و3٪ تخصص للكلية التى يتبعها المركز البحثى أى أن ميزانية اى مشروع بحثى تحمل بإجمالى نسبة 41٪ كخصومات وضرائب من إجمالى إيراد أى مشروع دون أن يتم البدء فى الإنفاق على البحث ذاته؟

5 ـ هل يعلم السيد وزير المالية أن معظم ـ إن لم يكن كل ـ المشروعات البحثية التى تسحب منها الآن 20٪ كان قد تم التعاقد عليها قبل صدور هذا القرار الوزارى مما سيؤثر على إمكانية استمرار الإنفاق على هذه المشروعات البحثية ومن ثم إمكانية إنهائها كما هو متفق عليه مع الجهة الممولة؟

6 ـ هل يعلم السيد وزير المالية أنه بهذا القرار سوف يقضى على مراكز الاشعاع القليلة المتبقية بالجامعات المصرية لتتحول مصر إلى دولة غير قادرة على البحث والتطوير والإضافة إلى الرصيد العلمى للبشرية؟

7 ـ هل يعلم السيد وزير المالية أنه لن يحصل من المراكز البحثية على موارد مالية سوى هذه المرة ومرات قليلة تالية وبعد ذلك سينضب المعين وتغلق المراكز لأنها لن تصبح قادرة على التنافس مع مراكز القطاع الخاص فى ظل الأعباء المالية التى أصبحت مكبلة بها. كما أنها لن تصبح قادرة على التنافس مع المراكز البحثية الدولية لنفس الأسباب.

فعلا لو كان احد يريد الإضرار بالبحث العلمى فى مصر لما اتخذ أفضل من هذا القرار.

●●●

كنت أتوقع ان تزيد الدولة من مخصصات البحث العلمى فى ظل مشروع نهضة مصر لا أن تقضى عليها تماما. إن هذا القرار لا يعبر فقط عن إفلاس مالى للدولة ولكنه يعبر عن إفلاس فكرى وضياع رؤية لأولويات الاقتصاد والمجتمع بوجه عام.

لذا فإننى أرجو من السيد وزير المالية مراجعة قراره على الأقل فيما يخص المراكز والوحدات البحثية بالجامعات لأنها بالفعل تلعب دورا بناء فى خدمة المجتمع ومد المؤسسات العامة والوزارات بالمشورة العلمية الجادة التى يحتاجها صناع القرار ورجال الصناعة وغيرهم.

aymaan noor
18-10-2012, 01:03 AM
لماذا صمدت الملكيات وانهارت الجمهوريات أمام الربيع العربي؟
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/0692a4e584defe6544ca2abbf7dd2502_L.jpg
إليوت أبرامز
يتساءل كثيرٌ من المراقبين والمتابعين لأوضاع المنطقة حول السر الكامن وراء إطاحة ثورات الربيع العربي بالأنظمة الجمهورية، بينما صمدت الأنظمة الملكية على الرغم من الاحتجاجات التي شهدتها عدد من الملكيات بالمنطقة.

لم يرفع المتظاهرون في الملكيات التي شهدت احتجاجات شعارات من قبيل "الشعب يريد إسقاط النظام" مثل التي رفعها المتظاهرون ضد الأنظمة الجمهورية السلطوية، في حين أن ملكيات مثل السعودية والإمارات وقطر والكويت لم تصل إليها رياح الثورة. والملكية الوحيدة في الخليج العربي التي وصلت إليها آثار الربيع العربي بقوة وعنف واضحين هي مملكة البحرين، بيد أن شعار "إسقاط النظام" لم يكن مطروحًا.

وفي محاولةِ الإجابة على التساؤل لماذا لم تشهد الملكيات العربية ثورات تهدد عروشها كالتي شهدتها أنظمة جمهورية عصفت بحكم بن علي في تونس، ومبارك في مصر، والقذافي في ليبيا، وعلي عبد الله صالح في اليمن، كتب إليوت أبرامز (زميل دراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، وشغل منصب نائب مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش) مقالًا نشرته مجلة كومينتاري (Commentary Magazine) في أكتوبر الجاري تحت عنوان "الأنظمة الديكتاتورية متلاشية ونظيرتها الملكية باقية".

يُشير أبرامز في مقاله إلى أن الملكيات العربية تتمتع بحنكة تجعلها أكثر استقرارًا وازدهارًا من الجمهوريات العربية "الزائفة"؛ فالأنظمة الملكية هي التي تتقدم إلى الأمام، وتستجيب لمطالب شعوبها، في حين تقتل الأنظمة الجمهورية شعوبها لتتشبث بالسلطة.

ديكتاتورية الجمهوريات

يبدأ أبرامز مقالته بالإشارة إلى أنه خلال العقود الخمسة المنصرمة، بدأت الشعارات التي كانت الجمهوريات العربية تتبناها تفقد بريقها تدريجيًّا؛ حيث اكتشفت الشعوب زيف تلك الوعود التي رضيت مقابلها بالتنازل مؤقتًا عن حرياتها. ووجدت هذه الشعوب نفسها قابعة وخانعة تحت حكم أنظمة عسكرية وبوليسية شمولية تُحصي أنفاسها، وتصادر كل شيء في حاضرها، وتعمل على مصادرة مستقبلها بتوريث الحكم للأبناء؛ حيث شرع الرؤساء (في سوريا الأسد، وعراق صدام، ويمن صالح، وليبيا القذافي، ومصر مبارك، وتونس بن علي) في إعداد أولياء عهودهم للمُلك الجمهوري.

وعملت هذه الأنظمة الجمهورية الديكتاتورية التي كادت أن تتحول إلى ملكيات من خلال سعيها للحفاظ على استمراريتها، على قمع الحريات، ونهب الثروات، واجتثاث كل عناصر المقاومة المدنية في مجتمعاتها، حتى لم يعد للمجتمعات أية قنوات قانونية ومدنية لتصريف غضبها، مما نتج عنه تراكم كبير للاحتقانات في كل مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ويسلط أبرامز الضوء على الحالة المصرية، مشيرًا إلى أن الانتخابات الرئاسية في مصر في عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك كانت غالبًا موضع شك؛ فلم يُسلّم الكثيرون بنتائج الانتخابات، ولا حتى بنسبة المشاركة فيها. وكما يرى، بذل مبارك كل ما يلزم لإبقائه هو وحاشيته في السلطة، وحرص نظامه كل الحرص على تكميم أفواه المعارضة، والإطاحة بكل من يُثير حنق الشعب ضد رئيسهم.

ويُذكر أنه بعد انتخابات 2005 الرئاسية، حُكم على المنافس الرئيسي لمبارك في الانتخابات الرئاسية "أيمن نور" بالسجن لمدة خمس سنوات لتجرُّئه على الرئيس ونظامه.

وعلى حد وصف الباحث، كان تزوير مبارك لانتخابات 2010 بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. فقد طفح كيل الشعب المصري آنذاك حينما بدأ يشتم رائحة الفساد والتزوير، وعليه اندلعت احتجاجات عنيفة في غضون شهرين من الانتخابات لإسقاط النظام.

وفيما يتعلق بوجهة نظر مبارك بشأن طبيعة الحكم في العراق، يَذكر أبرامز أن مبارك قال له ذات مرة أثناء تحاورهما: "الديمقراطية لا تصلح مع العراقيين، والشعب العراقي بحاجة إلى رجل عسكري يحكمهم.. أنت لا تفهمهم مثلي".

ويرى أبرامز أنه لم يكن من المستغرب أن يقول مبارك ذلك، فهو ذاته حكم بلده بطريقة عسكرية تُلزم الشعب بالخنوع وتنفيذ الأوامر، على حد قول الباحث الذي يعتقد أن الرئيس المصري السابق كان يؤمن بضرورة لَجم المجتمعات العربية حتى لا تقع في خضم الاضطرابات والفوضى.

ويشير الكاتب إلى أن ثورات الربيع العربي التي استشرت في منطقة الشرق الأوسط في عام 2011 هدفت إلى تلقين الديكتاتوريين درسًا حول كون الشعوب العربية شعوبًا عزيزةً تأبى التسلّط والاستعباد، ولا تقبل بأية بدائل للديمقراطية. ومن المثير للدهشة أن مبارك، والرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، والزعيم الليبي معمر القذافي، لم يقدموا أيّة تنازلات عند اندلاع الاحتجاجات، بل واجهوها بالعنف والقمع. فجُل ما كانوا مقتنعين به هو أنهم لم يُخطئوا في حق شعوبهم، وأنهم حكموا بلادهم بالطريقة الصحيحة. ولعل ما أثبت صحة وجهة نظرهم هو استشراء العنف والاضطرابات في بلادهم منذ الربيع العربي، على حد قول أبرامز الذي لا يستبعد أن تعم الفوضى البلدان العربية، وأن تقوى شوكة "الأنظمة الإسلامية" في السنوات القادمة.

وقد كانت مشكلة حكام الجمهوريات -كما يرى الباحث- هي غرورهم، واقتناعهم التام في قرارة أنفسهم بشرعيتهم، إلا أنهم لم يدركوا أن قمعهم لشعوبهم، وحرمانهم من رغد العيش؛ قوّض من تلك الشرعية. ويذكر التاريخ أن هؤلاء الحكام اعتبروا كل ناقد أو ناشط سياسي أو منشق عدوا لدولتهم. ومن ثَمَّ يمكن القولُ إن حكام الجمهوريات العربية "حكموا بلادهم بالقوة والإكراه".

مقارنة بين الأنظمة الملكية والجمهورية

ويُشير أبرامز إلى أنه عند عقد مقارنة بين مصير الرؤساء العرب ومصير الملوك العرب الثمانية الحاليين وجد أنه لم تُطِحْ ثورة بملك من هؤلاء الملوك؛ فالأنظمة الملكية تختلف عن غيرها الجمهورية في نواحٍ كثيرة.

وتجدر الإشارة إلى أن النظام الملكي مُستَمَد من قيادة قبلية؛ فآل سعود مثلا هم أول من أسس ما كانت تُعرف بـ"الدولة السعودية الأولى" في عام 1744، وآل صباح يحكمون الكويت منذ 1718، وسلالة العلوي تحكم المغرب منذ 1631. وعادةً ما تكون العائلات الملكية من جذور إسلامية شريفة؛ فالعائلات المالكة في الأردن والمغرب مثلا من الأشراف القرشيين، كما أن ملك المغرب يتلقب بـ"أمير المؤمنين"، ويُلقب ملك المملكة العربية السعودية بـ"خادم الحرمين الشريفين".

ونادرًا ما كان ينتهج ملك من هؤلاء الملوك سياسةَ العنف التي انتهجها مبارك أو بن علي أو القذافي، مما يعني أن النظام الملكي يتميز بالمرونة والحكمة. ووفقًا لأبرامز، تتميز الأنظمة الملكية بامتصاص الصدمات؛ فهي بارعةٌ في احتواء شعوبها، وتلبية الحاجات اللازمة لإرساء الاستقرار والازدهار.

وإضافة إلى ذلك؛ نادرًا ما تمثّل مسألة التوريث مشكلة في الملكيات، لا سيما وأنها مسألة مشروعة هناك منذ قديم الأزل. وعلى النقيض من ذلك، نجد أن ترجيح البعض عزم مبارك على توريث الرئاسة لابنه جمال أثار حفيظة الشعب المصري، لعدم اقتناعهم أساسًا بحكم الأب، ومن ثم جاءت الإطاحة بالرئيس وعائلته.

وفي الأنظمة الملكية، نجد أن الملوك يُجْرُون الإصلاحات بحكمة وحذر شديدين، أما في الأنظمة الجمهورية فنجد أن الرؤساء يخافون المضي قُدُمًا في الإصلاحات السياسية خشية فقدان زمام الأمور، لذا عادةً ما يحرصون على تقييد الحريات، وعلى قيادة البلد بطريقة تخدم مصالحهم الخاصة حتى لو كان ذلك على حساب مصلحة الشعب نفسه، فضلا عن إقصاء الأنظمة الجمهورية لليبراليين، ولكل من يقف لها ندًّا ويشكل لها تهديدًا.

وتجدر الإشارة إلى أن الوضع الاقتصادي لعب دورًا في تميُّز الأنظمة الملكية عن تلك الجمهورية؛ فدولُ الخليج تتمتع بوفرة مالية تسمح لها بتحمل تكاليف التنمية المطلوبة. وحجم الدخل القومي، ومستوى دخل الفرد في هذه الدول، ومستوى احتياطياتها المالية ومخزوناتها من المصادر الطبيعية، لا سيما النفط والغاز؛ يعطيها مساحة واسعة للحركة والإبداع في مجال التنمية. فضلا عن تحقيق هذه الدول قفزات كبيرة في مجال البنية التحتية، والتعليم، ومستوى المعيشة، والخدمات.

ويلفت أبرامز إلى أن رؤساء مثل بن علي، والأسد، والقذافي، ومبارك برعوا في خداع الغرب بادعائهم أنهم يمضون قدما في الإصلاحات؛ فالصورة التي رسموها لأنفسهم اختلفت كثيرًا عن الواقع، بدليل أن شعوبهم ثارت عليهم، وقررت الإطاحة بهم.

وفي حالة مبارك، قد تكون شيخوخته حالت دون نجاحه في إدارة بلده في الفترة الأخيرة، ولكن لا يعد ذلك مبرِّرا من وجهة نظر الباحث، مستشهدًا بخبرة بلدان مختلفة مثل تشيلي وتايوان وإسبانيا، ففيها تنحى الديكتاتوريون كبار السن، أو طوّروا أنظمتهم إلى نظم ديمقراطية بدون أي ثورات دموية تضطرهم إلى ذلك.

استغلال الإسلاميين للربيع العربي

يقول الباحث إنه بعد تعرض القنصلية الأمريكية في ليبيا لهجوم عنيف راح ضحيته السفير الأمريكي كريس ستيفنز، وبعد استشراء "الجماعات الإسلامية المتشددة"، أُثيرت تساؤلات حول ما إذا كان الربيع العربي قد لعب دورًا في تقوية شوكة "الإرهابيين".

في إطار الإجابة على هذا التساؤل يشير أبرامز إلى أن الأنظمة الديكتاتورية حرصت دائمًا على تضييق الخناق على الجماعات الإسلامية حتى لا يكون أمامها مجال للتدبير والتخطيط، وزرع ما أسماه الباحث بـ"الأفكار المتطرفة" في عقول الناس. لذا كانت الأنظمة العربية السابقة تراقب المساجد دائمًا لكونها المكان المفضل لتواجد الإسلاميين.

وعليه يرى أبرامز أن سقوط "الحكام المستبدين" جعل للإسلاميين متنفَّسا، وشجّعهم على الانخراط في المجتمع، واعتلاء المناصب. والخوف كل الخوف من طمع الإسلاميين في السلطة، واحتفاظهم بها بشكل دائم، وإنشائهم ما أسماه الباحث "جمهوريات إسلامية أكثر تطرفًا"؛ فالطغاة لم يخلفوا وراءهم جماعة إخوان مسلمين فحسب، بل خلفوا أيضا تعطُّشا حقيقيًّا لحكم ديمقراطي شرعي. فالعيش عقودًا من الحياة في جمهوريات وهمية جعل السكان العرب يتطلعون بقوة إلى العيش في جمهوريات حقيقية.

ويرى إليوت أبرامز أن الإسلاميين الذين صعدوا إلى سدة الحكم لن يتنازلوا عن سلطتهم بسهولة، بل سيُحكِموا قبضتهم عليها تماما مثلما فعل الطغاة، وعليه قد يفقدون شرعيتهم في وقت ما. فكما قال المفكر الفرنسي أولفييه روي: "لقد ثبت بالتجربة أن شعوب الشرق الأوسط حين تتاح لها فرصة المشاركة في انتخابات حرة، تتقاطر حشودا حتى عندما تكون تحت طائلة التهديد (كما حدث في العراق وأفغانستان). لذلك ما من سبيل أمام الحركات الإسلامية في عموم المنطقة إلا أن تعمل وتتحرّك في حلبة ديمقراطية، ليست هي المؤسسة لها، وهي تتمتع بالشرعيّة في أعين شعوبها".

يوصي أبرامز في نهاية مقاله الولايات المتحدة بالدفاع بقوة عن العملية الديمقراطية، وجعل المساعدات مشروطة بالإصلاحات، وليس بإجراء انتخابات حرة بصفة دورية فحسب، وحماية حقوق الأقليات والنساء، وسيادة القانون، وبالطبع حماية السفارات الأمريكية من الهجمات، ودعم كافة الأطراف المعتدلة التي تقاوم التطرف.

aymaan noor
18-10-2012, 01:07 AM
الربيع يستدعى أسئلة المصير العربى
فهمي هويدي
شهدت القاهرة خلال الأيام القليلة الماضية اجتماعا غير مألوف لمجموعة من المثقفين العرب لمناقشة سبل الخروج من أزمة الأمة العربية وكيفية لملمة عقدها الذى انفرط


(1)
لولا الربيع العربى ما قدموا إلى مصر التى لم تكن ترحب بهم فى عصر الانكفاء، وبعضهم ظل يرد على عقبيه ولا يسمح له بالخروج من مطار القاهرة. ولولا «الربيع» لما مدوا ابصارهم إلى محيط الأمة متجاوزين حدود أقطارهم التى ظل خطاب تلك المرحلة يلح على أنها أولا وأخيرا، وما كان لهم أيضا ان يشدوا الرحال إلى القاهرة إلا بعدما تسلَّموا الرسالة التى دوت فى الآفاق فى العام الماضى، معلنة ان الشعوب العربية إذا كان وعيها قد غيب وتشوه إلا أنها لم تمت، وأن حلمها المؤجل لا يزال بعيدا حقا، لكنه ما عاد مستحيلا. خصوصا أن الذى وقع وقلب المعادلة رأسا على عقب كان يعد من المستحيلات عند كثيرين.

فى فضاء قاعة اجتماعاتهم ظلت الأسئلة الموجعة تتردد طوال الوقت. لماذا فشلت خطوات التكامل العربى، فمجلس الوحدة الاقتصادية تشكل عام 1957 (قبل نحو 65 عاما) وتزامن مع تأسيس السوق الأوروبية المشتركة، وما زلنا نقف عند نقطة الصفر فى حين أنهم وسعوا من نطاق السوق وأقاموا فوقه الاتحاد الأوروبى. ويستحى المرء أن يقول إن اتفاقية الدفاع العربى المشتركة وقعت فى عام 1950، بعد حرب فلسطين مباشرة، ولم يتم تفعيلها إلا بعد مضى ستين عاما، حين غزت العراق الكويت فى سنة 1990، الأسوأ من ذلك ان الاتفاقية لم تر النور إلا فى ظل الضوء الأمريكى الأخضر، ثم لم نر لها أثرا بعد ذلك. حتى سقطت من الذاكرة سواء حين اجتاحت إسرائيل لبنان فى عام 1982 وحين احتلت الولايات المتحدة العراق فى سنة 2003، الأنكى من ذلك والأتعس أن الدول العربية التى وقعت فيما بينها الاتفاقية المذكورة أصبحت تعيش تحت مظلة الحماية الأمريكية، حتى ذكر تقرير عرض على مجموعة المثقفين العرب ان الولايات المتحدة أقامت قواعد عسكرية أمريكية على أراضٍ أكثر من ثلث الأقطار العربية.

(2)
فى اليوم الذى بدأت فيه مشاورات المثقفين العرب (الثلاثاء 2/10) كانت جماعة الحراك الجنوبى فى اليمن قد دعت إلى اجتماع فى عدن للمطالبة بانفصال الجنوب وانسحابه من الوحدة التى تمت مع الشمال فى سنة 1990 يومذاك أيضا كانت دول الاتحاد المغاربى الخمس (تونس والمغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا) قد انتهت من ترتيب القمة الناجحة مع الدول الأوروبية الخمس المقابلة لها (إيطاليا وفرنسا وإسبانيا ومالطة والبرتغال) ــ وهو ما يعرف بقمة 5+5. وقد أصدر رؤساء الدول العشر فى أعقاب مؤتمرهم الذى عقد فى مالطة بما أكد على «التراث الهائل المشترك من الثقافة والحضارة والتاريخ وتطلعات شعوب المنطقة لشراكة لتحقيق الديمقراطية والاستقرار والأمن والازدهار».

أصابتنى العبارة حين وقعت عليها بالغيظ والحسد. وكان تعليقى الوحيد عليها ان ما بيننا فى العالم العربى (روابط الدين واللغة والتاريخ والجغرافيا) أوسع وأمتن مما بين الدول المغاربية الخمس وبين نظيراتها الأوروبيات التى تقابلها على الشاطئ الآخر من البحر المتوسط.

مشاهد الانفراط والانقراض التى يعانى منها العالم العربى كانت أيضا حاضرة فى وعى الجميع. لم تكن بعيدة عن الأذهان، من فاجعة انفصال جنوب السودان عن شماله، إلى التشققات التى أصابت العراق حتى أصبح شماله مهيأ للانفصال لصالح الأكراد، إلى التداعيات المؤرقة التى يمكن أن تترتب على سقوط النظام السورى واحتمالات تقسيم البلد بين السنة والشيعة والأكراد، وهو ما ستكون له أصداء أخرى فى لبنان والعراق والأردن على الأقل، ذلك إذا مرت التحرشات العسكرية بين سوريا وتركيا بسلام. وكذلك التهديدات الإسرائيلية الموجهة ضد إيران. ومعلوم أن ****** إسرائيل لفلسطين من الإشارات المبكرة لضمور العالم العربى التى يعد احتلال الجولان من تجلياتها أيضا.

كما كان مشهد انفراط العالم العربى وتشرذمه مائلا أمام الجميع، فإن فصل الخيبات الوحدوية أو التكاملية العربية لم يكن بعيدا عن الاذهان (الوحدة السورية المصرية نموذجا) و(التكامل بين مصر والسودان نموذج آخر)، بحيث لم يبق للعرب من التجارب الوحدوية سوى حالات ثلاث هى: دولة الإمارات العربية ــ بمجلس التعاون الخليجى ــ الاتحاد المغاربى. وهى لا تمثل تكاملا حقيقيا، ولكنها تختلف فى درجة هشاشتها.

(3)
هل قدر العالم العربى أن يعيش مشتتا ومتنابذا؟ ولماذا نجحت محاولات التكامل فى أوروبا وآسيا ولم تحدث فى العالم العربى؟ كان رأيى ولا يزال ان العالم العربى له خصوصيات تميزه عن أى منطقة أخرى فى العالم، وهذه الخصوصيات أسهمت بشكل كبير فى استهدافه والعمل على إبقائه ممزقا، لأن اجتماعه أو تكامله يهدد مصالح ويقلب استراتيجيات أطراف أخرى ذات مصلحة، على الصعيدين الدولى والإقليمى. ذلك أن موقعه الاستراتيجى بين الشرق والغرب وكونه يمثل بوابة لأفريقيا، يجعله مطمعا للدول الكبرى المهيمنة. وهى ذات الدول التى تطلعت لاختراقه واحتلاله منذ القرن الثامن عشر، ثم سعت إلى اقتسامه وإعادة رسم خرائطه من خلال اتفاقية «سايكس بيكو» التى عقدت فى أعقاب الحرب العالمية الأولى.

وإذا كان الموقع الاستراتيجى يشكل مطمعا مبكرا، فإن ظهور النفط فى المنطقة العربية شكل عنصر جذب آخر دفع الدول الغربية إلى محاولة تثبيت هيمنتها عليها واعتبارها ضمن مصالحها الحيوية التى تتشبث بفكرة الحفاظ عليها والدفاع عنها.

وإذا كان النفط قد ظهر فى العالم العربى فى ثلاثينيات القرن الماضى، فإن تأسيس دولة إسرائيل و******ها لفلسطين فى الأربعينيات بتوافق غربى بالدرجة الأولى، أضفى وضعا استثنائيا لخصوصية العالم العربى، لا مثيل له فى أى مكان آخر بالعالم. ذلك أنه لكى تبقى إسرائيل وتستمر كان لابد من إضعاف وتطويع العالم العربى الذى رفضت شعوبه جريمة ال****** وحاربت لأجل صدها وايقافها منذ اللحظات الأولى. ولأن إضعاف العالم العربى ومصر فى المقدمة منها، يصب فى المصلحة المباشرة لقوى الهيمنة الدولية وإسرائيل، فقد كان منطقيا ومفهوما ان تقف تلك الدول فى صف معارضة أى تكامل عربى على مستوى، سياسى واقتصادى أو ثقافى، لهذا السبب أعربت الدول الغربية عن عدم رضاها عن الوحدة المصرية السورية، ولم يهدأ لها بال إلا حين تم الانفصال. ولهذا السبب تواجد الخبراء الإسرائيليون إلى جانب الملكيين الذين حاربوا الجيش المصرى الذى ذهب تأييدا للثورة فى اليمن، كما تواجدوا مع الجنوبيين فى السودان. ووقفوا إلى جوارهم حتى انفصلوا عن حكومة الخرطوم، وهناك أكثر من دراسة إسرائيلية تحدثت عن جهود «الموساد» لتأليب الأقليات العرقية والدينية فى العالم العربى (الأكراد مثلا) لتفكيكه وإضعافه.

(4)

هذا التحليل يظل منقوصا إذا لم نتحدث عن أزمة الداخل فى العالم العربى ذلك انه حين يعقد منذ تأسيس الجامعة العربية فى عام 1945 خمس وثلاثون مؤتمرا للقمة لبحث كافة هموم الأمة العربية وعلى رأسها قضية فلسطين، ثم يصبح حالنا على النحو الذى تعرفه، فمعنى ذلك انه لا توجد إرادة عربية حقيقية للتغيير أو التقدم. يعزز ذلك أن لدينا كمًّا من المجالس والاتفاقيات والمعاهدات يغطى كل صور التكامل العربى المنشود، فى السياسة والأمن والثقافة والتجارة والعمالة والسياحة والإدارة والطاقة الذرية... إلخ، حين يحدث ذلك أيضا فهو يعنى أن أزمة الأمة العربية هى أزمة إرادة أيضا. بكلام آخر فإنه إذا كانت العوامل الخارجية تشكل عائقا ضد التكامل المنشود فإن عجز سلطة القرار العربى يشكل عائقا آخر لا يقل خطورة.

عند هذه النقطة لا مفر من التوقف عند دور الاستبداد فى إعاقة النهوض بالأمة العربية، الأمر الذى أدى إلى إضعاف المجتمعات العربية وتشويهها، وإصابتها بلعنة «فساد العمران» التى تحدث عنها ابن خلدون فى مقدمته، هذا للتشخيص دفع أحد الفلاسفة الذين اشتركوا فى حوارات القاهرة الأخيرة إلى القول بأن التجربة أثبتت فشل جامعة الحكومات العربية. وأن رياح الربيع التى هبت على العالم العربى تهيئ فرصة مواتية لتأسيس ما أسماه جامعة الشعوب العربية. ورغم أن الفكرة لم تطرح للمناقشة التفصيلية، إلا أنها كانت بمثابة دعوة لإحياء دور الشعوب فى تقرير المصير العربى، بعد أن ظل ذلك الدور حكرا على حكومات لم تمثلها يوما ما.

إذا وسعنا دائرة النظر فى مشكلات الداخل فسوف نلاحظ أن غياب الديمقراطية يمثل سببا جوهريا لها، ولكننا سنجد أن الخلافات المحتدمة بين المثقفين، خصوصا الذين يمثلون التيارين العلمانى والإسلامى، تمثل عائقا آخر لا يهدد التقدم ويهدد الاستقرار فحسب، ولكنه أيضا يصرف الانتباه عن قضايا المصير التى تشكل تحديدا وجوديا للطرفين.

(5)
فى تقديمه لمذكرات جمعية «أم القرى» التى ضمنها خلاصة حوارات مؤتمر نهضة الأمة الذى انعقد فى مكة المكرمة سنة 1316هجرية ــ 1898 ميلادية كتب عبدالرحمن الكواكبى يقول:
«لما كان عهدنا هذا عهدا عمّ فيه الخلل والضعف كافة المسلمين. وكان من سنن الله فى خلقه أن جعل لكل شىء سببا، فلابد لهذا الخلل الطارئ والضعف النازل من أسباب ظاهرية غير سر القدر الخفى عن البحر. (لاجل ذلك) دعت الحمية بعض أفاضل العلماء والسراه والكتاب السياسيين للبحث عن أسباب ذلك، والتنقيب عن أفضل الوسائل للنهضة الإسلامية».

هذا الكلام ينطبق على حوارات لقاء المثقفين العرب الذى انعقد فى القاهرة، والذى كان الدافع إليه هو ذاته ما دفع الكواكبى قبل 114 عاما إلى تحرى أسباب الضعف والخلل الذى أصاب الأمة الإسلامية، وإن تشابهت فى الدوافع وفى الكتمان الذى أحاط بالحوارات، وفى الحرص على تمثيل شعوب الأمة، إلا أنهما اختلفتا فى كون حوارات الكواكبى تحدثت عن أحوال الأمة الإسلامية أما ما شهدته القاهرة كان موضوعه أزمة الأمة العربية. وفى حين ان الكواكبى دعا المجتمعين إلى إجراء حواراتهم «بصورة خفية فى دار بأطراف مكة، استؤجرت باسم بواب داغستانى روسى، لتكون مصونة من التعرض»، فإن الاجتماعات التى عقدت بالقاهرة تمت فى قاعة بأحد الفنادق، بعيدا عن أعين وسائل الإعلام وآذانها. وتمت العملية كلها بترتيب من اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لمغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة (اسكوا) التى ترأسها الدكتورة ريما خلفا مساعدة الأمين العام، وتتخذ من بيروت مقرا لها.

ثمة فرق آخر بين ما عرضه الكواكبى وهذا الذى قدمته، يتمثل فى ان شيخنا الكبير عرض خلاصة ما تحدث به ممثلو العالم الإسلامى، فى حين أن ما كتبته هو من وحى المناقشات التى أجراها المثقفون الذين جاءوا إلى القاهرة من أطراف العالم العربى. والذى تحدث به هؤلاء وهؤلاء، يظل من قبيل أجراس التنبيه التى تتردد فى فضاء الأمة، وتنتظر من يستجيب إليها.

aymaan noor
18-10-2012, 01:12 AM
اليهودي الجيد: سياسات الهوية في التراث المؤسساتي الأمريكي اليهودي
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/goodjes.jpg
Samantha Brotman
من هو اليهودي "الجيد" في التراث الأمريكي المعاصر؟ ما هي العلاقة بين الصهيونية وبين الهوية اليهودية؟ كيف يتعامل اليهود المعادون للصهيونية، أو يقاومون، سوء استخدام إيمانهم في الفكر الصهيوني؟ وهل يمكن للإجابات عن هذه الأسئلة أن تحقق تطوراً في قضية العدالة في إسرائيل وفلسطين؟

يبدو أن الصهاينة يكسبون معركة السيطرة على سياسة الهوية اليهودية في الولايات المتحدة. وكنتيجة لهذا، فإن النقاش العام حول ما الذي يصنع يهودياً "جيداً" أو "سيئاً" يجبر بعض التقدميين من اليهود المعادين للصهيونية، وبضمنهم أنا، على أن نعبر عن معارضتنا للسياسة الإسرائيلية كموقف نابع من فهمنا للديانة اليهودية. بالنسبة للبعض، يشكل النص المقدس والإيمان الأسس لمعارضتهم لإسرائيل، وإنه لمن المهم فعلاً أن نناقش إسرائيل بمصطلحات دينية. وحسب تعبير الناشط الإسرائيلي الولادة، جلعاد أتزمون، " إذا كانت إسرائيل تعرّف نفسها كدولة يهودية، وتتزين دباباتها وطائراتها بالرموز اليهودية، فإنه من حقنا أن نسأل: من هم اليهود؟ ما هي اليهودية؟ وما هو التهوّد؟"1 لهذا السبب فإن النقاش حول إسرائيل وعلاقتها باليهودية والقانون اليهودي يُعد نقاشاً مهماً. ولكن، بالنسبة للكثير من اليهود الأمريكيين فإن توظيف الخطاب الخاص بالأخلاق اليهودية هو ببساطة وسيلة للدفاع عن هويتنا في مواجهة خطاب مستمر يروج لفكرة أن الصهيونية هي الحل للمعاناة اليهودية. إن الرد على هذا الضغط يمكن أن يشتت التفكير عن مواجهة نقاط أكثر قوة تحتاج لأن نثبتها وتتعلق بالتاريخ، والعدالة الاجتماعية، والقانون الدولي. وحين نهمل هذه النقاط في نقاشنا ضمن المجتمع اليهودي فإننا نجد أنفسنا أمام ثقافة يهودية مؤسساتية يهيمن عليها في الغالب الفكر الصهيوني وانعدام التسامح تجاه أي معارضة لإسرائيل. إن العمل خارج الطرح المتعارف عليه هو عمل على هامش الحياة اليهودية العامة، وإذا أردنا أن نغير الوضع الحالي، فإنه يجب على القادة اليهود الدينيين والاجتماعيين في نهاية المطاف أن يكونوا مرتاحين لانتقاد إسرائيل بدون تعريض مكانتهم داخل التراث اليهودي المؤسساتي للخطر. يحتاج كل ما سبق إلى إعادة دراسة مؤلمة للهوية اليهودية.

إن الروايات المهيمنة حول النزاع العربي-الاسرائيلي تحاول أن تختزل تاريخاً معقداً إلى قصة بدائية عن الكراهية بين العرب واليهود. إن النسخ المبسطة من التاريخ تدمج مصطلحي اليهودية والصهيونية، مقرنة الهوية اليهودية بدعم الدولة اليهودية. مع ذلك، فإن أي قراءة متعمقة للتاريخ تكشف لنا أن التقسيم إلى "عرب" و"يهود" هو شيء معقد ومركب في حد ذاته،2 وأن المجتمعات اليهودية المختلفة في أنحاء العالم تعيش منذ زمن طويل مقسمة بناء على اعتبارات لغوية، ووطنية، وطبقية، وأيديولوجية. وبشكل مشابه فقد كانت الحركة الصهيونية دوماً عامل تقسيم بين المجموعات اليهودية وفي داخلها. إن دولة إسرائيل لم تولد من رحم رغبة يهودية مجهولة في بناء أمة واحدة، إنما كانت نتيجة حشد معقد من الحقائق السياسية والاجتماعية، والتي روجت في النهاية للمطامح الصهيونية السياسية رغم المعارضة اليهودية الواسعة النطاق، بل العداء لفكرة الوطن القومي.

صهيون يفرّق

في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، برز التيار الصهيوني في أوروبا الغربية ضد التيار اليهودي العلماني العام الذي كان يدعو للقيم الليبرالية ويروج للتجارب التاريخية في نزع الصفة الوطنية واستيعاب الجميع. لهذا، فقد تخوف الكثير من اليهود عندما واجهوا الصهيونية في بدايات القرن العشرين من أن هذه الحركة قد تحبط كل ما أنجزوه من تقدم في مجتمعاتهم المختلفة.3 لقد كان لدى الكثيرين في المجتمعات اليهودية المحافظة مخاوفهم الخاصة على اختلاف أسبابهم. بالموازاة مع رفضهم للاستيعاب العلماني للجميع، رفض هؤلاء اليهود فكرة الدولة محتجين أن دولة يهودية مستقلة قبل ظهور المسيح المخلص يخالف القانون اليهودي. هذه الحركة لا تزال موجودة ( نيتوري كارتا Neturei Karta على سبيل المثال)، وهي معروفة اليوم بفضل صور الرجال اليهود الملتحين الذين يتظاهرون ضد اسرائيل في العديد من مدن العالم.

لم يقتصر التشكيك في الحركة الصهيونية على اليهود الأوربيين، فقد أثرت ظروف عديدة بقوة على ردود أفعال اليهود تجاه الصهيونية. كتبت أبيجال جاكوبسون عن "الصهاينة القدامى"، أو المجتمع اليهودي الأصلي في فلسطين، وتصف المناقشات ضمنه في الوقت الذي بدأ فيه المهاجرون اليهود الأوروبيون بالاستيطان في فلسطين حين هددت الحرب العالمية الأولى بتغيير المشهد السياسي لهم. بالنسبة لليهود العثمانيين، لم تكن اليهودية مسألة استيعاب، أو ديانة، أو هوية وطنية لليهود، بل كانت مسألة ولاء للامبراطورية العثمانية، ومناقشة لوضعهم في مجتمع يواجه حقائق زمن الحرب. ومن المثير أن إثبات الولاء للامبراطورية بالنسبة لليهود العثمانيين وُجد أحياناً بشكل متزامن مع الصهيونية. رغم أن اليهود العثمانيين الصهاينة، كما توضح جاكوبسون Jacobson، واليهود العثمانيين بشكل عام، كانوا أكثر ميلاً تجاه التعايش المشترك بين اليهود والمسيحيين والمسلمين من نظرائهم الأشكناز.4 لقد قمت باستعراض هذا التاريخ هنا حتى أوضح نقطة مهمة: إن الطرق التي استقبل بها اليهود الصهيونية كانت تتأثر دوماً بما يحيط بهم من بيئات سياسية واجتماعية متغيرة. بالنسبة لأنصار الصهيونية، فإن الفوز بتأييد نظرائهم المتدينين كان أمراً معقداً نتيجة الرؤى المختلفة للصهيونية التي تبنتها المجموعات اليهودية المتعددة حول العالم.

كراهية النفس اليهودية

حاول الصهاينة في مسعاهم لكسب تأييد اليهود في مختلف الظروف السياسية والاجتماعية، أن يخاطبوا ما اعتبروه الهموم اليهودية العالمية المشتركة. لهذا، فإنه ليس من المفاجئ أن المفهوم النفسي والاجتماعي لكراهية النفس اليهودية بدأ يتكون في أوروبا بالتزامن مع تأسيس الأيديولوجيا الصهيونية. طرح اليهود من أنصار مفهوم كراهية النفس "أن الاستيعاب كان عاملا مخرباً لليهود، وهو الذي أنتج كراهية النفس، وأن الحل بالنسبة لليهود هو التأكيد على هويتهم اليهودية بشكل أساس من خلال مشروعهم الوطني."5 إن هذا المسار، الذي يساوي بين رفض الصهيونية وكراهية النفس، يبقى جزءاً من الواقع المعاصر الذي يحيط بالصهيونية والهوية اليهودية (أنظر منشور الجمعية الأمريكية اليهودية). إن القلق الحقيقي الذي ينتجه هذا التوجه يُضاف إلى قلق أكبر فيما يخص معاداة السامية والوجود اليهودي. هذا القلق هو جزء أساسي من السبب في كون الصهيونية جزءاً ثابتاً من "الهوية اليهودية" التي تسعى الكثير من المنظمات اليهودية إلى دعمها والحفاظ عليها.

تراث المؤسسات اليهودية الأمريكية

غني عن القول إن الحركة اليهودية المضادة للصهيونية في أوائل القرن العشرين قد فشلت، ولكن "الكثير من بقاياها لا يزال صداها يتردد في التوترات التي تلحق بالمهجر الإسرائيلي.6 وبينما اختلف وجه اليهودي المعادي للصهيونية فإن الرد الصهيوني يبقى هذا الموضوع الذي لا ينتهي عن "اليهودي الجيد." يقولون إن معنى أن تصبح "يهودياً جيداً،" هو أن تؤمن اليهود يمتلكون تاريخاً فريداً من المعاناة وأن إسرائيل أنشئت كخلاص من هذه المعاناة. إن الاعتقاد هو أن العلم الإسرائيلي، الذي تتوسطه نجمة داود، ينتمي للكنيس، وللمؤسسات اليهودية الاجتماعية، ولقمصان المخيمات الصيفية. إن الكثير من التفاصيل الدقيقة في التاريخ الصهيوني قد فُقدت، حيث أن الكثير من الشباب الأمريكي اليهودي قد فهموا تأسيس دولة إسرائيل على أنه ذروة تاريخهم الديني. هذه الآراء يتم تجسيدها وتدعيمها في الكنيس، وجماعات الشباب اليهودي، والمنظمات الاجتماعية، والتراث الشعبي في عموم الولايات المتحدة.

تمتلك واحدة من أبرز منظمات الشباب اليهودي، وهي منظمة بني برث B’Nai Brith Youth Organization (BBYO)، مهمة إلهام الشباب "أن يعيشوا الحياة اليهودية وهم يخلقون تغييرا في هذا العالم". هذا هو وجه بني برث، وربما هو السبب في التحاق الشباب اليهودي بالمنظمة. ولكن الجزء الآخر من مهمة بني برث هو تمكين "المراهقين من استكشاف مساحات القيادة، والخدمة، والتفاعل المجتمعي، والتثقيف فيما يخص إسرائيل والقيم اليهودية."2 إحدى المهام الرئيسة لبنات بني برث- القسم النسائي لبني برث، الذي كنت عضوة وقائدة له في المدرسة الثانوية- هو "أن نساعد المراهقين اليهود على تطوير التزامهم لدولة إسرائيل و كلال إسرائيل (كل إسرائيل)."3 هذه الجوانب من مهمة بني برث وبرنامجها ليست واضحة تماما للمراهقة التي تريد أن تختلط اجتماعيا مع رفيقاتها، أو لوالديها الذين يتلهفون على تسهيل تعرف أبنائهم بيهود آخرين. إن الجوانب الخاصة بإسرائيل في جماعات الشباب اليهودي مثل بني برث دقيقة ومؤثرة في نفس الوقت.

على سبيل المثال، فإن الأغنية الدولية لبني برث تُغنى في أغلب اللقاءات والمؤتمرات من قبل أعضاء بنات في بني برث. وكلمات الأغنية هي كما يلي:

نحن نتعهد لك يا بني برث بحبنا، وبشبابنا، وبولائنا

نغني لك بأصوات فرحة، وتصل أصواتنا إلى السماء

من صهيون جاء الأبيض والأزرق

ليعطي هذه الألوان، داكنة وصادقة

وتجتمع بناتنا حولها لترفع رايتنا عالياً

عادة ما تغني البنات اللواتي نفذ صبرهن هذه الأغنية، فهن مستعجلات على إنهاء عملهن المؤسساتي والالتقاء بالشباب الجدد. ورغم ذلك، فالرسالة واضحة: حتى تكون شاباً يهودياً يجب أن تكون موالياً لإسرائيل. الفخر، والحب الأخوي، والهوية اليهودية، والصهيونية، تُجمع سوية لتُقدم وبلا تمييز لمراهقة يهودية قد لا يشجعها أحد على أن تسال أسئلة حيوية عن هويتها وعن الصهيونية.

وبالتأكيد فإن بني برث ليست هي المنظمة الشبابية الوحيدة في الولايات المتحدة، رغم أنها نموذج واضح (لاحظ البرامج المماثلة في كل من هيلل Hillel، NFTY، ويهودا الصغير Young Juda). هناك منظمات أقل تسييساً، بل إن بعضها ليست صهيونية بشكل صريح (مثل الصوت اليهودي للسلام Jewish Voice for Peace). ولكن تبقى حقيقة أن التراث اليهودي المؤسساتي المهيمن- في المراكز الاجتماعية، والمخيمات الصيفية، وجماعات الشباب، والكنيس التي تحدد مسار الحوار فيما يخص العلاقة بين اليهود وإسرائيل- هو تراث صهيوني. هناك جدل يحيط بموضوع ما إذا كان الشباب اليهودي الأميركي يصبح يوماً بعد آخر أقل أو أكثر ارتباطاً بإسرائيل، ولكن هناك مؤشرات ضعيفة على أن التراث المؤسساتي يتغير. أن تكون ناقداً لإسرائيل يجعل من الصعب عليك أن تكون عضواً، ناهيك عن أن تكون قائداً، في هذا التراث وتجربتي الشخصية شاهد على هذا الكلام.

لقد خصصت جزءاً كبيراً من حياتي للمجتمع اليهودي كقائدة في منظمات مثل بني برث BBYO، وهلل Hillel. لقد استفدت كثيراً من انخراطي في الحياة العامة اليهودية. ولكني كبالغة بدأت أطرح أسئلة حساسة لقادة المجتمع اليهودي حول السياسة والتاريخ في الشرق الأوسط. كنت آمل أن تساعدني أجوبتهم في التعامل مع ما كنت أطلع عليه آنذاك عن المعاناة الفلسطينية مع العالم اليهودي الذي كنت قد بدأت أعرفه. عوضاً عن هذا، فقد جعلتني أسئلتي هدفاً للشكوك، ولم أعد أشعر بنفس الراحة والفخر في موقعي ضمن المجتمع اليهودي. وفي أوقات متعددة، بدا لي مغرياً أن أعيد تأكيد هويتي اليهودية عن طريق إرجاع معارضتي لإسرائيل إلى المبادئ اليهودية. بعملي هذا لم أكن أساعد نفسي على أن أعود مرة أخرى إلى الحياة اليهودية العامة. بالمقابل، فقد حاولت أن أضيف صوتي إلى الشجارالخاص بحركة التضامن الفلسطينية الكبرى. هذه الحركة المتنوعة تقودها مجموعة من الأشخاص المتحمسين والمخلصين في كل أنحاء العالم، ولكنها قويت أكثر بفلسطينيي المهجر. في غضون ذلك، فإن المؤسسات اليهودية الأميركية السياسية والاجتماعية الرئيسة لا يزال يقودها يهود، وهم إما صهاينة أو أشخاص غير راغبين في الحديث ضد الصهيونية. وبهذا، يستمر أسلوب الحديث بطريقة "نحن" و"هم".

إن احتمالية تأثير اليهود غير الصهاينة أو المعادين للصهيونية على التراث المؤسساتي اليهودي لا تزال قائمة وحقيقية، ولكن بشرط ألا يستمر اليهود في تخوفهم من أن تتعرض هويتهم للمساءلة بسبب آرائهم السياسية. إن التدريب على نقد إسرائيل إنطلاقاً من الأخلاق اليهودية ليس هو الطريق الوحيد لحماية صفة الفرد في كونه "يهودياً جيداً". إن إبراز التاريخ الغني للمعارضة اليهودية للصهيونية في بريطانيا، والامبراطورية العثمانية، والولايات المتحدة هو الخطوة الأولى في هذا الاتجاه. في السابق، كان التراث المؤسساتي اليهودي يضم بين صفوفه، بل وكان يمثل أيضاً عن طريق منظمات ترى أن المشروع الصهيوني خطر على العالم اليهودي.7 وكون أن هذه المنظمات قد تراجعت بفعل زيادة عدد المنظمات الصهيونية وتزايد سرعة نشاط الحشد الصهيوني لا يعني أننا يجب أن ننسى التاريخ، أو أن هذا التاريخ قد مات في زماننا الحاضر. إن استحضار هذه الصورة الكاملة للتاريخ اليهودي في الذهن قد يجعل اليهود المنتقدين لإسرائيل يشعرون بثقة أكبر في طرح نقدهم. أن تكون "يهودياً جيداً" سوف لن يعني أنك تقف مع إسرائيل، ولكنك تقف مع العدالة الاجتماعية، حتى مع الفلسطينيين بشكل خاص. هذا هو بالطبع ما يعنيه أن تكون "يهودياً جيداً" بالفعل.

أ/رضا عطيه
18-10-2012, 01:46 AM
جزاكم الله خير

صفاء عزمى
18-10-2012, 04:18 AM
اطئمنوا الثورات جاية لان نظم ملكية حرامية وفسقة اولهم السعودي

محمد محمود بدر
18-10-2012, 01:03 PM
جزاك الله خيرا

أ/رضا عطيه
18-10-2012, 01:19 PM
اطئمنوا الثورات جاية لان نظم ملكية حرامية وفسقة اولهم السعودي

هذا السعودى

فمارأيك فى الإيرانى واللبنانى وخاصة فى جنوبه ؟!!!!!!!!!!
شكرا

aymaan noor
19-10-2012, 02:18 PM
المال السياسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/d521b3285331148964fc0a459a826ae3_L.jpg
عمرو عبد العاطي
باحث متخصص في الشئون الأمريكية
تتميز الانتخابات الأمريكية بأنها الانتخابات الأكثر تكلفة في العالم؛ حيث يستخدم المتنافسون في الانتخابات الرئاسية أو في انتخابات الكونجرس بمجلسيه (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) مبالغ طائلة من الأموال لتمويل حملاتهم الانتخابية. تدوم هذه الحملات لأشهر عدة يسعى المرشحون خلالها لتقديم أنفسهم ووجهات نظرهم للناخب الأمريكي من جهة، واستخدام الحملات الإعلانية لإضعاف مركز منافسهم من جهة أخرى. وهو الأمر الذي يرتب أن يلعب المال وممولو الحملات الانتخابية دورًا مؤثرًا في الانتخابات الأمريكية، مما يؤثر بشكل واضح على أجندة المرشحين.

وينظم القانونُ الأمريكي منذ عقود طويلة تمويلَ الانتخابات الأمريكية، وكيفية مراقبة إنفاق أموال التبرعات الانتخابية؛ إلا أن تغيرًا هامًّا قد طرأ على ذلك بصدور حكم قضائي فتح آفاقًا جديدةً للإنفاق السياسي من جانب الشركات الكبرى والاتحادات والمنظمات التي لا تبغي الربح بدون قيود، وعدم خضوعها للقوانين المنظمة لتمويل الانتخابات. وهو ما عظم من دور ما يعرف في الأوساط الأمريكية، الصحفية والإعلامية، بـsuper political action committee ، أو «سوبر باكس» super PACsفي الانتخابات الرئاسية هذا العام؛ حيث تسمح لها الأحكام القضائية الصادرة مؤخرًا بجمع مبالغ غير محددة من الأموال من المانحين، مما سيجعل الانتخابات الرئاسية لعام 2012 الأكثر كلفة في تاريخ الانتخابات الأمريكية.

بداية ظهور السوبر باكس (Super (PACs

ظلت لجانُ العمل السياسي (PACs) (وهي منظمات تنشأ لتجميع تبرعات الأفراد والمؤسسات التابعة لجماعات مصالح أمريكية معينة، وتوجيه هذه التبرعات لمساندة المرشحين الداعمين لها)؛ جزءًا من النظام السياسي الأمريكي لزمن طويل، وهي تخضع لقيود قانونية على حجم المبلغ الذي يمكن للمواطنين الأفراد واللجان التبرع به للمرشح الذي يفضلونه، وقد ظهرت هذه اللجان بالأساس للحد من سطوة المال على الانتخابات والسياسة الأمريكية، وذلك عن طريق توثيق التبرعات المالية للمرشحين السياسيين، وتحريم بعض أنواع التبرعات، وخاصة تبرعات الشركات الكبرى المالية المباشرة للمرشحين السياسيين، وكذلك تشجيع المرشحين السياسيين على التقليل من تكاليف حملاتهم الانتخابية. فعلى تلك اللجان تسجيل أنفسها قبل العمل لدى هيئة الانتخابات الفيدرالية Federal election commissionالمخولة للإشراف عليها، وتنفيذ قوانين تمويل الحملات الانتخابية.

وقد زاد عدد لجان العمل السياسي، وتعاظم دورها بصورة متزايدة خلال السنوات الأخيرة؛ فقد ارتفع عددها من 608 لجان في عام 1976 إلى ما يقرب من 4600 لجنة عمل سياسي في عام 2006. ويسمح قانون تمويل الحملات الانتخابية الأمريكية لهذه اللجان بجمع تبرعات فردية لا تزيد عن 5000 دولار من الشخص الواحد ليؤكد دعما لمرشح ما أو تأييدا لقضية معينة.

جاء قرار المحكمة العليا الصادر في يناير من عام 2010 في قضية «المواطنون المتحّدون ضد اللجنة الفدرالية للانتخابات ،» ليؤكد على أن «الشركات الكبرى لها نفس حقوق الأشخاص الطبيعيين .» وبأنه لا يحق للحكومة تحديد المبالغ التي تستطيع هذه الشركات إنفاقها لدعم أو انتقاد المرشحين السياسيين. وفي مارس 2010 قضت محكمة استئناف فيدرالية أن بإمكان لجان العمل السياسي قبول الهبات غير المحدودة طالما أنها لا تُنسّق مع حملة انتخابية أو حزب سياسي ولا تكون موجهة منهما. وأدى الحكمان القضائيان إلى ظهور ما بدأ يعرف داخل الأوساط الأمريكية ب «سوبر باكس» التي يُسمح لها بجمع مبالغ غير محدودة من الأموال من المانحين.
http://www.rcssmideast.org/images/1.bmp
ومع أن هذه المنظمات لا يحق لها أن تمنح الأموال مباشرة للحملات الفردية أو التنسيق مع المرشحين أو مع الأحزاب السياسية؛ فإن باستطاعتها استخدام ما تشاء من الأموال التي
تتمكن من جمعها للترويج لمن تؤيده من المرشحين ولمهاجمة خصومه السياسيين. وقد تكونت Super Pacsموالية لكل من الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» الساعي إلى الفوز بفترة رئاسية ثانية، ومنافسه الجمهوري «ميت رومني» حيث تنافسا على جمع وإنفاق أكبر قدرٍ من الأموال.هذا وقد بدأ استخدامُ «المال السياسي » على نطاق واسع في الانتخابات الرئاسية لعام 2004 ؛ حيث أنفقت منظمات وكيانات تابعة للحزب الديمقراطي أكثر من 200 مليون دولار لانتخاب السيناتور «جون كيري» رئيسًا للولايات المتحدة في مواجهة منافسه الجمهوري «جورج دبليو بوش ».

وفي عام 2010 أنفقت مجموعة من المنظمات الممولة من قبل التيارات اليمينية المحافظة نحو 300 مليون دولار لمساعدة المرشحين الجمهوريين للسيطرة على مجلس النواب، والفوز بمقاعد إضافية في مجلس الشيوخ. وقد نجحوا في ذلك. ولكن الجديدَ هذا العام أن تلك المنظمات واللجان تعمل بصورة قانونية بعد قرار المحكمة العليا الأمريكية، وقد شهد هذا العام تزايد أعدادها، وتعاظم دورها وتأثيرها في مجريات الحملات الانتخابية للمرشحين من الحزب الجمهوري المتنافسين للفوز ببطاقة الحزب الجمهوري للمنافسة على منصب الرئيس في السادس من نوفمبر المقبل.

مصادر أموال السوبر باكس وأوجه إنفاقها:

يتعاظم دور السوبر باكس مع ارتفاع تكلفة الحملات الانتخابية للمرشحين لمنصب الرئيس؛ حيث يحتاج المرشح الرئاسي لأموال طائلة لتغطية احتياجات حملته الانتخابية من توظيف هيئة موظفين بحملته ومكاتب وتنظيم رحلات إلى الولايات المختلفة، وأحيانا خارج الولايات المتحدة، وإجراء الأبحاث، والإعلان من خلال وسائل الإعلام المختلفة: الصحف والراديو والتلفزيون وشبكة الإنترنت، وتنظيم العديد من أنشطة الظهور في الأماكن العامة وجمع التبرعات. ويواجه المرشحون لمنصب الرئيس مهمة صعبة تشتمل على تنظيم حملات الانتخابات التمهيدية في كل ولاية على حدة، ثم تنظيم حملات انتخاب عامة في سائر أنحاء البلاد، إذا ما تم ترشيحهم من قبل أحزابهم.

يعتمد العديدُ من مرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية على دعم لجان العمل السياسي؛ في ظل رفضهم قبولَ أموال حكومية لتمويل حملاتهم؛ حيث إن الحد المفروض على الإنفاق في مقابل هذا الدعم يعتبر منخفضًا جدًّا، وعلى الرغم من أن السوبر باكس قانونا ممنوعة من التنسيق مع المرشحين إلا أن القائمين على إدارتها يرتبطون بعلاقات قوية بالمرشح الذي تدعمه تلك اللجان. فالمجموعة التي دعمت «ريك بيري» الذي دخل سباق التنافس على الترشح للرئاسة عن الحزب الجمهوري ساهم في تأسيسها «ميك تومي» الرئيس السابق لمكتبه عندما كان حاكم ولاية تكساس. والمجموعة التي دعمت «نيوت جينجريتش» «WinningOur Future» كان يعمل بها «ريك تايلر» مساعد «جينجريتش» لفترة طويلة. ويعمل «تشارلي اسبايس» أمين صندوق المجموعة التي تدعم المرشح الجمهوري «ميت ورمني» وقد عمل أيضاً في الحملة الانتخابية الرئاسية لـ«رومني » عام 2008 .
http://www.rcssmideast.org/images/3.bmp
يُعد المرشحُ الجمهوري «ميت رومني» هو أكثر مرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية دعمًا من قبل السوبر باكس نظرًا لتاريخه كرجل أعمال، وإلى اختياره منافسه السابق «بول راين» لينافس معه على بطاقة الحزب الجمهوري كنائب للرئيس، ويرتبط «راين» بعلاقات قومية بالتجمعات الاقتصادية المحافظة، فض عن خبرته المالية وصداقته بطبقة رجال الأعمال الأمريكية. وحسب العديد من التقارير وهيئة الانتخابات الفيدرالية فإن دعم السوبر باكس للمرشح الجمهوري «رومني» زادت بمليون دولار خلال شهر يوليو من العام الجاري. وتسعى إحدى لجان السوبر باكس «استعادة مستقبلنا» التي يديرها أحد مساعدي «رومني» إلى زيادة أموالها من التجمعات الاقتصادية والأشخاص الأغنياء لدعم «رومني». وتساهم التجمعات الاقتصادية والشركات ب 3.1 ملايين دولار في الشهر، بينما الأفراد ب 4.3 ملايين دولار.

لا تقدم السوبر باكس أموالها للمرشحين الذين تدعهم بصورة مباشرة، ولكنها تستخدمها إما في تقديم الدعم غير المباشر للمرشح أو مهاجمة الخصوم في الانتخابات الرئاسية أو الكونجرس بمجلسيه طالما لا تنسق بصورة مباشرة مع الحملات الانتخابية أو الأحزاب السياسية.

وفي هذا السياق؛ يُشير تقرير بصحيفة «لوس أنجلوس تايمز » أن 80 لجنة من السوبر باكس أنفقت حتى الثاني والعشرين من أغسطس 2012 ما يقرب من 194.4 مليون دولار، وأن 74 % منها تستخدم في إعلانات تهاجم مرشحا معينا. فعلى سبيل المثال، أنفقت إحدى لجان السوبر باكس الداعمة لرومني ما يقرب من 18 مليون دولار على إعلانات تهاجم منافسه الديمقراطي «أوباما ».
http://www.rcssmideast.org/images/2.bmp
ومن ناحية أخرى؛ فقد أنفقت لجان السوبر باكس التي تدعم «رومني » ما يزيد على 40 مليون دولار لاستهداف منافسيه على الترشح للرئاسة من الحزب الجمهوري. وكان هذا الدعمُ جليًّا في الانتخابات التمهيدية بولاية أيوا؛ حيث إن كثير من الإعلانات التلفزيونية والدعاية الإعلامية للمرشح الجمهوري «رومني» قامت بها الجماعات المؤيدة له بعيدا عن أموال حملته الخاصة. فقد أنفقت حملة «رومني 28.7 » ألف دولار على الحملات التلفزيونية في ولاية أيوا، وفي المقابل أنفقت السوبر باكس التي تدعم «رومني 780 » ألف دولار على الإعلانات التلفزيونية في أيوا.

مؤيدو ومعارضو السوبر باكس

انقسمت الأوساط الأمريكية بين مؤيد ومعارض لعمل السوبر باكس ودورها في الانتخابات الأمريكية. فجماعات «احتلوا وول ستريت» التي تنشط في الولايات المتحدة الأمريكية تعارض إعطاء الشركات الكبرى نفس حقوق الأشخاص الطبيعيين مع استثنائهم من السقف الموضوع على التبرعات الانتخابية. في حين يرد آخرون على تلك الاعتراضات بأن الدعم المالي لمرشح أو قضية من اختيارهم هي شكل من أشكال حرية التعبير التي ينص عليها الدستور الأمريكي بتعديلاته.

تذهب جملة من الاعتراضات إلى أن قرار المحكمة العليا خلال عام 2010 أدى إلى نقض العديد من الأحكام في تشريعات إصلاح تمويل الحملات الانتخابية، مثل قانون ماكين – فانجولد، والتي كانت تهدف إلى الحد من الإنفاق على الحملات الانتخابية، وإضفاء الشفافية حول مصادر التمويل السياسي، وبالتالي سمح بأن يكون للمال دور كبير في الانتخابات الأمريكية.

ويرى الكثيرون أن المبالغ الطائلة من المال السياسي، والتي تأتي أساسًا من دوائر المال والأعمال، يثير تساؤلات كبيرة حول نفوذ هذه الدوائر على السياسات العامة، ويجعل أجندة المرشحين بعيدة كل البعد عن احتياجات الناخب الأمريكي العادي. وذلك يضر، في التحليل الأخير، بالديمقراطية الأمريكية، ويجعلها ديمقراطية تعبر عن مطالب ورغبات الأغنياء فقط.

aymaan noor
19-10-2012, 02:23 PM
جزاكم الله خيرا و بارك الله فيكم

aymaan noor
20-10-2012, 09:08 PM
أبعاد وتداعيات موجة الاحتجاجات الفئوية في مصر
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/4e0d2946bafc44e656cf2886c0b75bb2_L.jpg
محمد عبد الله يونس
ارتبط تصاعد وتيرة الحراك الاجتماعي في دول الإقليم بموجة عاتية من الاحتجاجات الفئوية لا تستهدف إسقاط النظم الحاكمة بقدر ما تمثل ثورة على مؤسسات الدولة مع احتدام التناقضات بين المطالب المجتمعية المتصاعدة والقدرات الاستيعابية المحدودة لتلك المؤسسات، في خضم أزمات تخصيص الموارد، وتوزيع المنافع الاجتماعية، واستنزاف الموازنة العامة

، وفي هذا الصدد لم يكن الحراك الاجتماعي مقصورًا على دول الربيع العربي؛ إذ شمل دولا عديدة، لا سيما الكويت والمغرب مع ارتفاع معدلات التضخم، والأردن والضفة الغربية عقب رفع أسعار الوقود، بيد أن موجةً جديدةً من الاحتجاج الاجتماعي قد تفجرت في مصر في الآونة الأخيرة، بما يثير تساؤلات متعددة حول خصائصها وأسبابها كبادرة لظاهرة إقليمية صاعدة، وإلى أي مدى يمكن للنظام الحاكم احتواؤها.

خصائص موجة الاحتجاجات الفئوية

تتشابه موجة الحراك الشعبي الأخيرة مع مقدمات الثورات العربية؛ إلا أن تركيزها ينصب على مطالب اجتماعية واقتصادية كنتاج لعقود من اختلال التوازن الاجتماعي، وانسداد الأفق، والتهميش، بما أدى إلى فوران مجتمعي في ظل سياق سياسي مواتٍ عقب زوال القيود السلطوية، وفي هذا الإطار تمثلت الخصائص العامة لموجة الاحتجاجات الفئوية فيما يلي:

1- اتساع النطاق: حيث شهدت مختلف القطاعات الحكومية والأهلية والخاصة في الآونة الأخيرة احتجاجات فئوية بدرجات متفاوتة، بداية من اعتصام المضيفين الجويين في مطار القاهرة، وتعطيل حركة الملاحة الجوية في 7 سبتمبر الجاري، مرورًا بإضراب موظفي الجامعات المصرية في 15 سبتمبر، بالتوازي مع إضراب واسع النطاق في هيئة النقل العام في العاصمة، وإضراب أوسع نطاقًا للمعلمين في المدارس الحكومية، واعتصام بعضهم أمام مبنى مجلس الوزراء، وانتهاء بإضراب سائقي الأجرة، وموظفي وزارة الآثار في 17 سبتمبر، واعتصام طلاب وأساتذة جامعة النيل احتجاجًا على نزع ملكيتها.
http://www.rcssmideast.org/images/e1.png
2- سرعة الانتشار: يأتي السكون المرحلي في الاحتجاجات الفئوية متبوعًا بانفجارها بصورة أكثر حدة؛ حيث رصد المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في إحصائية صادرة في 20 سبتمبر تصاعد عدد الاحتجاجات خلال الفترة المنقضية من شهر سبتمبر إلى 300 نشاط احتجاجي في أعلى معدل منذ بداية العام الحالي، وامتدت الاحتجاجات إلى قطاعات سيادية مثل احتجاج ضباط الصف بالقوات المسلحة، وقطعهم الطريق الدائري في 12 سبتمبر، واعتصام مجندي سجن قنا، واحتجاج العاملين بهيئة الطاقة الذرية بمفاعل أنشاص والعاملين بالمصانع الحربية في 16 سبتمبر الجاري.

3- التركز في القطاع الحكومي والحضر: تركزت غالبية الاحتجاجات الفئوية في القطاعين الحكومي والأهلي في النصف الأول من شهر سبتمبر نتيجة اتساع نطاق المطالب الاقتصادية والاجتماعية مع امتداد الاحتجاجات إلى قطاعات جديدة مثل طلاب الجامعات الخاصة الرافضين لرفع المصروفات وملاك سيارات الأجرة المعترضين على دفع مخالفات المرور.
http://www.rcssmideast.org/images/e12.png
وعلى مستوى التوزيع الجغرافي فإن محافظة القاهرة ومحيطها الجغرافي شهدت العدد الأكبر من الأنشطة الاحتجاجية، تليها المحافظات الحضرية؛ غير أن ذلك لم يمنع امتداد آثارها وبصورة متفاوتة في الكثافة والحدة إلى محافظات أخرى.
http://www.rcssmideast.org/images/e123.png
4- تصاعد احتمالات العنف: انعكس الاحتقان الاجتماعي وإحباط ثورة التوقعات الثورية في تصاعد وتيرة العنف الذي يتخلل الاحتجاجات الفئوية، فإحصاءات وزارة الداخلية الصادرة في 21 سبتمبر الجاري أكدت تصاعد أعمال العنف الاحتجاجي خلال 48 يوما مضت إلى 80 حالة قطع طرق، و60 حالة تعطيل سكك حديدية، والقبض على 642 من مثيري الشغب الاحتجاجي، واتضحت مؤشرات العنف في تهديد المعتصمين بإحراق شركة بتروجيت، واقتحام وزارة الزراعة من جانب العمال المؤقتين، وإغلاق بعض الجامعات من قبل المعتصمين والاشتباك مع الأمن.

أسباب تصاعد الاحتجاجات الفئوية

ترتبط الموجة الاحتجاجية المتصاعدة في مصر بمطالب ثابتة من مختلف القطاعات تتمثل في تعديل جداول الأجور والعوائد المالية، وتثبيت العمالة المؤقتة، وتعيين بعض الكوادر، وتطهير المؤسسات من قيادات النظام السابق، بيد أن الأسباب الرئيسية الدافعة للاحتجاجات تمثلت فيما يلي:

1- تردي أداء الاقتصاد: تؤكد مختلف المؤشرات الاقتصادية أن الاقتصاد المصري يمر بمرحلة عصيبة في الفترة الأخيرة؛ حيث ارتفع عجز الميزان التجاري بنسبة 47.9% خلال العام الجاري، وتراجع معدل نمو الاقتصاد المصري إلى 2.2%، مع تصاعد معدلات البطالة بنسبة 13%، ومعدلات التضخم بنسبة 9%، وارتفاع عجز الموازنة العامة إلى 170 مليار جنيه بنسبة 25% بما أدى إلى تراجع قيمة الجنيه المصري إلى أدنى مستوياته منذ 7 سنوات.

2- إعادة الهيكلة الاقتصادية: أدى اتجاه الحكومة المصرية لاقتراض 4.8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي لطرح برنامج لإعادة الهيكلة الاقتصادية، وتقليص الإنفاق الحكومي، بما أدى إلى ارتفاع مفاجئ في الأسعار، وخاصة أسعار الوقود والسلع الغذائية بنسب تتراوح بين 15% و45% و120%، وارتبط ذلك بأزمات نقص في مختلف السلع الحيوية في ظل تأخر وفاء الرئيس مرسي بتعهدات برنامجه الانتخابي في أول مائة يوم بالرئاسة، لا سيما القضاء على أزمات المرور والطاقة وارتفاع الأسعار.

3- استغلال السياق السياسي: ارتبط امتداد المرحلة الانتقالية وعدم حسم معادلات السلطة بإقرار الدستور، وتأجيل إجراء الانتخابات البرلمانية بإدراك المواطنين لوجود فرصة سياسية مرتبطة بإعادة صياغة العقد الاجتماعي الحاكم لعلاقة الدولة بالمجتمع وسقوط القيود السلطوية والاستجابة الحكومية للاحتجاجات الفئوية على مدار المرحلة الانتقالية، بما شجع قطاعات أخرى في الانخراط بالحراك الشعبي حتى لا تتعرض للتهميش أو الغبن الاجتماعي في ظل ثورة الآمال والتوقعات كأحد خصائص حالة اليوتوبية الثورية المسيطرة على المجتمع.

4- الاستقطاب السياسي: انعكس احتدام التناقضات السياسية بين التيارات المدنية المعارضة ونظيرتها الإسلامية قبيل الانتخابات التشريعية في دعم أنشطة الاحتجاج الاجتماعي، والتنديد باستخدام القوة في التصدي لها، فاحتجاجات الموظفين في بعض الجامعات ارتبطت بتحفيز الاشتراكيين الثوريين والحزب الشيوعي، كما شارك الحزب الاشتراكي المصري في تنظيم احتجاجات الفلاحين بالنوبارية، واعترضت مختلف الأحزاب المدنية على فض اعتصام جامعة النيل بالقوة، وفي السياق ذاته فإن الحراك النقابي يُعد أحد محفزات تصاعد الاحتجاجات الفئوية، فالنقابة المستقلة للمعلمين تقود تنظيم الإضرابات المتوالية، وعلى النهج ذاته تقوم جمعية "أطباء بلا حقوق" بتنسيق الإضرابات الجزئية للضغط على الحكومة لتعديل هياكل الأجور.

مستويات تأثير الاحتجاجات الفئوية

أدى تصاعد وتيرة الاحتجاجات الفئوية إلى استنزاف موارد مؤسسات الدولة وعجزها عن أداء وظائفها، فاعتصام المضيفين الجويين بمطار القاهرة ترتب عليه خسائر تقدر بحوالي 50 مليون جنيه، فضلا عن أن الاستجابة الحكومية المتتالية لمطالب رفع الأجور أدت إلى تصاعد الإنفاق الحكومي إلى 533 مليار جنيه مع ارتفاع الرواتب في الموازنة إلى 136 مليار جنيه بنسبة 25% بما ترتب عليه ارتفاع عجز الموازنة، وتراجع قيمة الجنيه المصري، وتأزم أوضاع الاقتصاد.

وإدراكًا لخطورة الاحتجاجات الفئوية وتقويضها ركائز مؤسسات الدولة، تغير نهج الحكومة في التعامل معها، وهو ما بدت مؤشراته في استخدام القوة لفض خمسة اعتصامات يوم 17 سبتمبر، أهمها اعتصام سائقي النقل العام في المظلات، وطلاب جامعة النيل والمعلمين أمام مقر رئاسة الوزراء، بينما تمثلت الآلية الثانية في تجاهل الاحتجاجات الفئوية، ورفض الاستجابة لها، وهو ما بدا في رفض وزير المالية تحمل أي زيادة جديدة في رواتب المعلمين؛ إلا أن التسويات المؤقتة الآنية لا تزال النهج المسيطر على أداء الحكومة، وخاصة الوعود بدراسة المطالب، والتفاوض بشأنها.

وإجمالا تحكم سيناريوهات عديدة مآلات الاحتجاجات الفئوية في مصر. أولها يتمثل في الاستمرار في نهج الاستجابة الجزئية والحلول المؤقتة بما سيؤدي إلى مزيدٍ من العجز المالي، وتفجر مزيد من الاحتجاجات. وثانيها يتمثل في تجاهل الاحتجاجات بما سيؤدي إلى تحولها نحو العنف، وربما موجة ثورية جديدة. ويتمثل السيناريو الثالث في استخدام العنف، وعودة القيود السلطوية، بما سيحقق استقرارا هشًّا يُنذر بتفجر جديد للأوضاع. أما السيناريو الرابع والأمثل فيتمثل في حشد قطاعات المجتمع خلف برنامج تنموي واضح يتضمن تسوية كاملة للمطالب المجتمعية، ومد قنوات فعالة لاستقبال مطالب المحتجين، والتعامل معها بكفاءة.

darch_99
21-10-2012, 12:39 AM
السيد المحترم / ايمن نور

هذا المقال اتفق في كثير منه وقد اختلف في بعضة لكن من اكثر ما لفت انتباهي هذة الجملة

وثانيها يتمثل في تجاهل الاحتجاجات بما سيؤدي إلى تحولها نحو العنف، وربما موجة ثورية

قد يكون الكلام والنتائج منطقي ووارد لكن الذي كتب هذا المقال يحلل ويدلنا فقط علي ما قد يحدث ولم يتقدم بحل تلك الاشكاليات واليوم وانا في طريقي الي بيتي خطرت علي بالي افكار وقلت فيلا نفسي لماذا لا تنفذ وما المانع لو نفذت ستريح القاهرة من 50 % من مشاكلها المرورية
انني دائما ابحث عن الحل , لا ابحث عن تحليل وطرح الاشكاليات فقط خاصة التي تؤدي بنا الي ثورة اخري .

والشكر الجزيل لحضرتك

أ/رضا عطيه
21-10-2012, 03:50 AM
إنها ليست إحتجاجات

ولكنها احتياجات

فلايحتج فى هذا الزمن إلا المرفه

أما البسطاء فالحاجة هى التى تدفعهم للمذلة وطلب المعونه من حكامه
ويكتب له النوم على رصيف مجلس الوزراء بقميصه الأبيض ليعود لأولاده بلا جديد سوى تحول القميص الأبيض إلى رصاصى !!!!!!!!!!!!!!
حسبنا الله ونعم الوكيل
ما أشبه اليوم بالبارحه
ويسيئون إلى قادة ثورة يوليو والتى أنجزت للشعب البسيط قبل أن تنجز لقادتها
بينما نحن الأن فى فرح بلدى - المقاعد فيها للكبار - والجلوس على الأرض ويا أسفاااااه لأصحاب الأرض


جزاكم الله خيرا

aymaan noor
21-10-2012, 09:40 AM
السيد المحترم / ايمن نور

هذا المقال اتفق في كثير منه وقد اختلف في بعضة لكن من اكثر ما لفت انتباهي هذة الجملة

وثانيها يتمثل في تجاهل الاحتجاجات بما سيؤدي إلى تحولها نحو العنف، وربما موجة ثورية

قد يكون الكلام والنتائج منطقي ووارد لكن الذي كتب هذا المقال يحلل ويدلنا فقط علي ما قد يحدث ولم يتقدم بحل تلك الاشكاليات واليوم وانا في طريقي الي بيتي خطرت علي بالي افكار وقلت فيلا نفسي لماذا لا تنفذ وما المانع لو نفذت ستريح القاهرة من 50 % من مشاكلها المرورية
انني دائما ابحث عن الحل , لا ابحث عن تحليل وطرح الاشكاليات فقط خاصة التي تؤدي بنا الي ثورة اخري .

والشكر الجزيل لحضرتك


جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

aymaan noor
21-10-2012, 09:46 AM
لماذا تخشى بغداد سقوط النظام في دمشق؟
حميد الكفائي
هناك قلق شديد في العراق منذ بدء الأزمة في سورية من احتمالات سقوط النظام السوري، وهو ليس محصوراً في الأوساط الرسمية فحسب بل حتى في الأوساط الشعبية. والمخاوف العراقية حقيقية وليست أوهاماً كما يتصورها البعض لأن لها ما يبررها. فإن كانت المجموعات الإرهابية المعادية للعراق انطلقت من سورية العلمانية التي يحكمها «العلوي» بشار الأسد خلال 2003-2010،

وقتلت آلاف الأبرياء مدنيين وعسكريين، سنّة وشيعة وأكراداً ومسيحيين وتركماناً، وخرّبت المدن والمؤسسات والكنائس والجوامع والمصانع والشوارع، ولم يسلم منها حتى سوق الطيور في بغداد، فلماذا لا تستمر هذه الجماعات وتزداد شراسة في ظل حكم ديني متشدد قد يمدها بالعون المادي والمعنوي واللوجستي ويشاركها العداء لحكومة «الروافض» في بغداد؟

هذا التساؤل العراقي الكبير لم يجد له أحد جواباً يجعل العراقيين يغيّرون موقفهم، المتفرج في أحسنه وربما المساند للنظام السوري أو الراغب في بقائه والخائف من تبعات سقوطه. وقد يقول قائل إن الموقف العراقي المتأرجح هو بسبب تأثر العراق بالموقف الإيراني. إلا أنه، وعلى رغم أن هذا الرأي لا يخلو من وجاهة، باعتبار أن العراق يريد أن يتعاون مع جارته الشرقية لدعم الاستقرار في العراق أولاً والمنطقة ككل، فالحقيقة أن العراقيين خائفون جداً على مستقبل بلدهم وأمنه واستقراره ووحدته الوطنية من البديل السوري المقبل، وكل ما فعله بشار بهم من تسهيل لعبور المسلحين وتسليحهم وتنسيق نشاطاتهم، يمكن نسيانه أو تناسيه إن فكروا بما يمكن أن يفعله نظام سنّي متشدد يعلنها «حرباً لا هوادة فيها على الروافض». وعلى رغم أن هذا السيناريو مستبعد، لأن أي نظام جديد في سورية سيسعى في سنواته الأولى للتصالح مع البلدان المجاورة، إلا أنه سيكون من دون شك مفككاً وضعيفاً، ما يشجع الجماعات المسلحة التي تعادي النظام العراقي على استغلال هذا الضعف للانطلاق منه نحو العراق.

ثمّ إن العراق لا يرغب في الاصطدام بروسيا والصين اللتين تؤيدان بقاء النظام السوري لأسباب استراتيجية تتعلق بمصالحهما في الشرق الأوسط وبخشيتهما من الهيمنة الغربية على المنطقة، باعتبار أن الغربيين بدأوا يتعاونون مع الأحزاب الإسلامية ولا يمانعون في صعودها إلى السلطة إذ رأوا أن هذا هو الخيار الأفضل لهم، لأن هذه الأحزاب تتمتع بشعبية تمكِّنها من تمثيل بلدانها تمثيلاً أفضل وتجعل قراراتها ذات ثقل أكبر، كما إنهم يعلمون أن المستقبل للعقلانية وإرساء علاقات اقتصادية تدعم الاستقرار وتزيد تعاون الدول الناشئة مع الدول الغربية المتفوقة اقتصادياً وتقنياً. وقد رأينا أن العراق اضطر إلى التعاون مع روسيا عسكرياً لسهولة وسرعة الحصول على المعدّات العسكرية حتى المعقدة منها، كالطائرات والدبابات المتطورة. أما اقتناء السلاح الأميركي فيستغرق سنين طوالاً بعد إبرام الاتفاق مع الأميركيين، لأن هناك موافقات أخرى، أميركية ودولية، يجب أن تحصل عليها الإدارة وتعهدات يجب أن تقدمها الحكومة العراقية بعدم استخدامه ضد هذه الدولة أو تلك، إضافة إلى أن صناعته تستغرق وقتاً أطول إذ تصنعه شركات خاصة، على خلاف السلاح الروسي الذي تصنِّعه الدولة.

وهناك من يفسر الموقف العراقي بأنه انحياز طائفي إلى النظام السوري، وعلى رغم أن هذا الرأي لا يخلو من وجاهة، فالحقيقة أن مواقف الدول، كل الدول، باستثناء تلك التي تدار بعقليات منغلقة، تُتخذ على أساس المصالح دون غيرها وقد تساهم المشتركات الدينية والقومية والثقافية، خصوصاً عند الطبقات الحاكمة، في تقريب بعض الدول إلى بعضها، لكن ذلك لن يكون فوق المصالح أو قبلها. وإن نظرنا إلى سورية ما قبل 2011، لرأينا أن علاقتها بالعراق كانت متوترة على رغم العلاقات الطائفية المزعومة. فسورية بشار الأسد حاولت قصارى جهدها إضعاف «حكم الشيعة» بين 2003 و2010 ولم تكترث للقرب الطائفي. ثمّ إن العلويين غير الشيعة ولا يمكن اعتبارهم جزءاً من الشيعة على رغم أن جذورهم شيعية كما جذور طوائف أخرى.

الغائب عن السياسة العراقية الحالية تجاه النظام السوري أن الأخير لن يستطيع الصمود طويلاً بعد تلقيه ضربات موجعة من القوى المعارضة، وهو آيل إلى السقوط حتى وإن تمكن من البقاء لعام آخر أو أكثر. وعدم وجود سياسة عراقية واضحة للتعامل مع سورية ما بعد الأسد ليس في مصلحة العراق. صحيح أن العراق عَرَضَ أن يجمع الحكومة والمعارضة معاً في مؤتمر في بغداد، لكن المزيد من الانفتاح على قوى المعارضة السورية مطلوب من أجل تعميق التفاهم حول المشتركات بدلاً من أن تبقى قوى المعارضة معادية للعراق وتعتبره مسانداً للنظام السوري، وهو الذي عانى منه في السابق. يجب أن تعلم الطبقة السياسية العراقية أن جزءاً مهماً وكبيراً من الشعب السوري يرفض النظام الحالي كلياً ويريد تغييراً كالذي حصل في العراق وتونس ومصر وليبيا واليمن. إنهم يريدون نهاية لحكم ديكتاتوري بُني على أساس الحزب القائد وتوريث الرئاسة من الأب إلى الابن في تجربة هي الأولى من نوعها في العالم العربي. النظام السوري الحالي دام ما يقارب الخمسين عاماً، بينما تجاوز حكم عائلة الأسد 42 عاماً، لكنه لم يحقق أياً من الأهداف التي سعى رسمياً من أجلها، فلا حرر فلسطين أو الجولان ولا حقق الوحدة العربية ولا الاشتراكية، وهو بالتأكيد لم يحقق الحرية. من حق الشعب السوري أن يطمح في نظام أفضل منه، نظام ديموقراطي عصري يمثل الشعب بكل تنوعاته وبعدالة تعكسها صناديق الاقتراع. وفي الوقت نفسه، فإن بعض قوى المعارضة السورية بحاجة إلى أن تتخلى عن تشددها الديني والمذهبي وتتبنى بجد سياسات معتدلة تتقبل الآخر وتحترم خياراته وآراءه. فالعالم لم يعد يقبل بقوى متشددة تسعى لفرض رؤاها وعقائدها على الآخرين بالقوة. ولم تعد القوة الذاتية، بكل أشكالها، المسلحة أو الجماهيرية، وحدها كافية لانتصار أي طرف سياسي على آخر، بل هناك حاجة لقبول وطني ودولي بالقوى السياسية والأفكار التي تعتزم إدارة البلد وفقها. فإن كانت إقصائية ومتشددة، فإنها لن تسود حتى وإن تمتعت بشعبية كبيرة لأن العالم سيقف ضدها ويطيح أصحابها في نهاية المطاف.

لا حل إذاً سوى الديموقراطية والوسطية والتعايش مع الآخر المختلف.

aymaan noor
21-10-2012, 09:50 AM
إنها ليست إحتجاجات

ولكنها احتياجات

فلايحتج فى هذا الزمن إلا المرفه

أما البسطاء فالحاجة هى التى تدفعهم للمذلة وطلب المعونه من حكامه
ويكتب له النوم على رصيف مجلس الوزراء بقميصه الأبيض ليعود لأولاده بلا جديد سوى تحول القميص الأبيض إلى رصاصى !!!!!!!!!!!!!!
حسبنا الله ونعم الوكيل
ما أشبه اليوم بالبارحه
ويسيئون إلى قادة ثورة يوليو والتى أنجزت للشعب البسيط قبل أن تنجز لقادتها
بينما نحن الأن فى فرح بلدى - المقاعد فيها للكبار - والجلوس على الأرض ويا أسفاااااه لأصحاب الأرض


جزاكم الله خيرا

جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

aymaan noor
21-10-2012, 11:14 PM
حل جماعة الإخوان ..ضرورة وطنية
خالد الحروب
أكاديمي فلسطيني
فترض المرحلة الحالية والقادمة في الكثير من البلدان العربية، إن لم يكن كلها، حل «الإخوان المسلمين» بشكلها الذي عُرفت به على مدار العقود الماضية وانتقالها إلى حزب سياسي واضح الملامح (وليس إنشاء حزب تابع لها مع الإبقاء عليها كما هي في اكثر من حالة). ودفعاً لأي التباس ليس المقصود هنا الدعوة إلى التخلص من الإسلاميين، لا بشكل مباشر أو مبطن

، لأن في هذا نزعة إقصائية غير ديموقراطية أولاً، ولأنه غير ممكن عملياً حتى لو أراد خصومهم القيام بذلك. بل المقصود هو تغيير شكل اندماج الإسلاميين في التسيس الوطني، وانخراطهم فيه، والاندراج في الآليات والوسائل السياسية المتوافرة الآن في الحقبة الديموقراطية، والتخلي عن الآليات والوسائل التي تبناها الإسلاميون في حقبة ما قبل الديموقراطية. هناك ثلاث ضرورات تبرر وتستدعي الدعوة إلى حل جماعة الإخوان المسلمين وتحولهم إلى أحزاب سياسية وطنية في بلدانهم تشتغل ضمن السيادة الوطنية، وتخضع لما تخضع له بقية الأحزاب السياسية: الأولى ضرورة وطنية، والثانية ضرورة إقليمية ودولية، والثالثة ضرورة تنظيمية. هذه السطور تتناول جوانب الضرورة الوطنية التي تتطلب في حقبة الربيع العربي وما بعدها تخلي الإخوان المسلمين عن الصيغة الغائمة التي وسمت شكل حراكهم السياسي والثقافي خلال العقود الماضية، وفي مقالين لاحقين سوف يتم تناول جوانب الضرورتين الأخريين.

في مرحلة الديموقراطية والانتخابات، أو حيث تتيح الظروف القيام بذلك أو جزء منه (كما في مصر وتونس وليبيا والمغرب والأردن واليمن والجزائر والسودان وموريتانيا) يمثل الحزب السياسي الآلية الأساسية والوحدة المركزية للعمل السياسي، وهو الترجمة العملية والسياسية لأية أيديولوجيا تطرح نفسها على المجتمع كمنقذ ومخلص له من مشكلاته. الحزب السياسي هو الذي يعرض على الجمهور برنامجه السياسي والذي على أساسه يطمح لأن يقود المجتمع والبلاد، ومن خلاله يستطيع الجمهور أن يحكم على الأيديولوجيا أو البرنامج السياسي الذي يتبناه الحزب. بقية الآليات والجمعيات وأشكال المجتمع المدني تعمل على تعزيز الحياة الديموقراطية والحد من تغول السلطة، والتأثير في الأحزاب، وتأييد قضايا محددة، وسوى ذلك، لكنها ليس هي الآليات التي يتم توسلها للوصول إلى السلطة. في المرحلة الحالية، عربياً، يشكل الإخوان المسلمون حزباً يشارك في العمل السياسي ثم يختبئون خلفه، ويتركون مسافة «آمنة» بينهم وبينه ليتبرأوا من أخطائه، ويتبنوا نجاحاته في الآن ذاته. هذا يعني التهرب من المحاسبة والمسؤولية عن الأخطاء التي هي سمة العمل السياسي والتعلم منها (بل التخلي عنها وعدم الإقرار بالمسؤولية)، وبالتالي محاولة البقاء في مربع «التطهر السياسي» وهو ما يعكس توتراً داخلياً وعدم حسم في الخيارات. لكن الأهم من ذلك، من زاوية «الضرورة الوطنية»، هو استمرار تلك المنطقة الغامضة والرمادية بين الحزب والجماعة حيث تضيع المسؤوليات ويصعب تطبيق المحاسبة ومعرفة نسبة الأخطاء إلى فاعليها ضمن سيرورة البناء الوطني.

المشكلة في الإبقاء على الشكل التقليدي لـ «جماعة الإخوان المسلمين» في وضع سياسي ديموقراطي مفتوح يسمح للإخوان المسلمين بالتحول إلى حزب سياسي يبقي على الشكوك العميقة إزاء النيات الحقيقية للجماعة. المسوغ الوحيد الذي قد يمنح شرعية لبقاء «الجماعة» بعد إنشاء «حزب» لها هو أن تتحول وظائفها كلياً إلى أشكال أخرى لا علاقة لها بالسياسة، أي أن تصبح جمعية من جمعيات المجتمع المدني، تؤيد الحزب الذي أنشأته وتخضع له، لا أن يخضع لها. طالما ظلت علاقة الحزب بالجماعة (مثل حزب العدالة والتنمية في مصر، أو جبهة العمل الإسلامي في الأردن) علاقة تبعية، علاقة الابن بالأب، فإن تقدم ونجاح العملية السياسية على المستوى الوطني بشكل عام يظل بطيئاً ومحفوفاً بالشكوك. ومن اهم الجوانب المقلقة إن لم نقل الخطيرة في علاقة الحزب بالجماعة وانعكاسات ذلك على الواقع الوطني والعلاقة مع بقية الطيف السياسي يتمثل في السلطة الروحية والسياسية للمرشد العام للإخوان المسلمين في مصر، أو المراقب العام للجماعة في كل بلد يكون لها فيه حزب، أو لرئيس الحركة (كما في تونس مثلاً، حيث سلطة الغنوشي مقابل سلطة الحكومة التي تسيطر عليها «النهضة»). ففي كل هذه الحالات ثمة ازدواجية في قيادة «التيار الإسلامي» المشارك في العملية السياسية بحيث لا تطمئن الأحزاب الأخرى إلى مدى عمق التوافقات التي تصل إليها مع الحزب الرسمي، بخاصة مع حرص الجماعة والحزب على الإبقاء على «مسافة آمنة» بين الإثنين. أحد جوانب خطورة فكرة «المرشد العام» أو «الأب الروحي»، كما هي حالة محمد بديع في مصر، أو راشد الغنوشي في تونس، أو حسن الترابي في السودان، تكمن في توفيرها بيئة ينزلق فيها التسيس الإسلامي نحو النموذج الإيراني الذي يرقّي «آية الله» إلى رتبة عظمى فوق الجميع وإلى مرتبة تكون محصنة أو شبه محصنة ضد النقد السياسي بسبب اختلاطها واحتمائها بالديني بشكل أولي ونهائي.

الإبقاء على «جماعة الإخوان المسلمين» في خلفية «الحزب» الذي يمثلها يكبل هذا الحزب ويكبح إبداعاته، والأهم على مستوى «الضرورة الوطنية» يحرم الأوطان والاجتماع السياسي فيها من ترسيخ وتكريس التوافقات والتنازلات التي تستقر عليها الأطراف والأحزاب ومن ضمن ذلك التنازلات البراغماتية التي يقدمها «الحزب الإسلامي» نفسه نتيجة احتكاكه بالواقع الوطني وبالمشكلات على الأرض. تظل «الجماعة» في هذه الحالة تشكل «خط رجعة» للحزب وهذا لا يساعد مرة أخرى على تأسيس البنى الديموقراطية والبناء عليها، لأن الشكوك تظل عميقة، والتنازلات المقدمة من الإسلاميين يمكن التراجع عنها، أو حتى سحبها من قبل الجماعة الأم. وما لا يقل عن ذلك سوءاً هو إنتاج خطابين إسلامويين في السياسة متوازيين، واحد ينطق به الحزب، وآخر تنطق به الجماعة. ولأن خطاب الحزب يكون اكثر تسيساً وبراغماتية بخاصة إن وصل إلى الحكم فإن ذلك سوف يُرى من قبل الجماعة على انه تقديم تنازلات تدمر صورة «الجماعة» مما يضطرها لتبني خطاب متشدد بهدف تعويض خسارات الخطاب المعتدل للحزب. والشواهد على هذه المسألة اكثر من أن تُحصى، وتكفي الإشارة هنا إلى موقف المرشد العام في مصر من إسرائيل، وموقف الدولة المصرية التي يقودها حزب الإخوان من اتفاقيات كامب ديفيد والعلاقة مع إسرائيل. وهذا كله ناتج من تمسك الجماعة بالاشتغال بالسياسة التي هي وظيفة الحزب، وتمسكها في أن تظل فوق الحزب. معنى ذلك، وعلى مستوى «الضرورة الوطنية»، أن الخيوط التي تبقى تشد الحزب، حزب الجماعة، إلى جماعته الأم عبر السيطرة والتبعية والتردد إزاء اتخاذ مواقف ريادية أو توافقية على المستوى الوطني، تشل كتلة الوسط الوطني وتعيق من تشكلها، وهو التشكل الذي ربما يمثل الركيزة وحجر الأساس لأي تسيس وطني عميق وناجح ويؤسس لديموقراطيات راسخة.

على الإسلاميين في كل البلدان التي يمارسون فيها حرية تشكيل الأحزاب والمشاركة في الانتخابات بل والفوز فيها أن يملكوا الجرأة لإنهاء الازدواجية السياسية التي يمارسونها في أوطانهم، ويعملوا إما على حل الجماعة الأم التي تقف خلف الحزب الذي يشكلونه، أو الواجهة السياسية التي يختبئون خلفها. وهذا يدمجهم بشكل تام في النسيج السياسي الوطني، ويطمئن الأطراف إزاء نواياهم، فضلاً عن انه يطورهم ويعمق من تجربتهم، ويجعلهم يواجهون الواقع بشكل مباشر ويُنهي سيكولوجيا الهروب إلى الخلف، إلى دفء الأيديولوجيا والشعارات، عندما يواجهون معضلات بالغة الصعوبة، وحيث تبقى الفكرة المدمرة التي تقول «إننا نمر في مرحلة ظرفية» هي المسيطرة على التفكير السياسي الإسلاموي، وتدمر معها كل جسور الثقة مع الآخرين الذين من حقهم أن يظلوا يتساءلون عن «المرحلة النهائية» التي تستولي على العقل السياسي الإسلاموي. الحزب السياسي، حزب الإخوان المسلمين، هو الذي سوف يكشف للإسلاميين وعبر غنى وربما عبقرية السياسة أن العالم والمجتمعات والبلدان تمر من مرحلة ظرفية إلى مرحلة ظرفية أخرى، وأنه ليس هناك «مرحلة نهائية» إلا في عقول الطوباويين، وأن كل ما هو مطلوب هو إدارة هذه المراحل الظرفية بأكبر قدر من النجاح، أي خدمة الناس، وبأقل قدر ممكن من الخسائر.

aymaan noor
21-10-2012, 11:53 PM
الدروس العشر
الثورات العربية من الانتفاضة إلى الديمقراطية

جان بيير فيليو
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/7a6409a35f8223f856dc99651cb33cb1_L.jpg
عرض: محمد مسعد العربي - باحث بمكتبة الإسكندرية.

أثارت انتفاضات الربيع العربي الرغبة لدى الكثيرين من الأكاديميين الغربيين في إعادة اكتشاف السياسة والمجتمع في المنطقة العربية؛ إذ إن هذه الثورات قد مثلت تحديًا لدى الأكاديميات الغربية، وفيما يتعلق بمسلماتها حول دراسة المجتمعات العربية.

ومن بين الأعمال المبكرة التي حاولت استكشاف هذه الظاهرة كتاب الأكاديمي الفرنسي جان بيير فيليو "الثورة العربية: عشرة دروس مستفادة من الانتفاضة الديمقراطية".

انتهى فيليو من هذا العمل الهام في إبريل 2011، أي بعد أشهر معدودة من بدء شرارة الربيع العربي بالانتفاضة في تونس ديسمبر 2010 وهروب بن علي (يناير 2011)، ثم بوصولها إلى مصر واندلاع انتفاضة يناير وسقوط حسني مبارك (فبراير من العام ذاته) ثم انتقال شرارة الثورة إلى اليمن وليبيا والبحرين وسوريا على التوالي، ونشوب اضطرابات في الأردن وغيرها من البلدان العربية.

وربما تكون الأحكام التي خرج بها الكتاب تمثل حكمًا متسرعًا على ظاهرة لا تزال تتشكل، غير أن فيليو أفاد كثيرًا من خبرته في دراسة المنطقة العربية؛ حيث يعمل أستاذًا لدراسات الشرق الأوسط في جامعة باريس، وجامعة كولومبيا الأمريكية، وله العديد من الكتب والمقالات حول المنطقة. فقد جاء الكتاب ليمزج بين الدراسة الأكاديمية والحس الصحفي، والتوصيات السياسية.

يحاول فيليو في كتابه أن يعيد ترتيب قواعد فهم المنطقة العربية، باستخلاصه لدروس يقدم بها إطارًا نظريًّا لتفسير الظاهرة الجديدة في العالم وهي الثورة العربية التي طغى مسمى "الربيع العربي" عليها.

وترتكز هذه الدروس التي تشكل فصول الكتاب العشر رصدًا للتحولات التي ألمت بالمجتمع والسياسة في العالم العربي، وخاصة في الفترة ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر؛ حيث شكل عالم ما بعد الثانئية القطبية، وتبلور العولمة، والهجرة، والانفجار المعلوماتي، وكذلك الحرب على الإرهاب، وغيرها من العوامل التي ساهمت في صناعة هذه التحولات.

ويرى فيليو أن الثورة العربية تمثل ختامًا لفترة تاريخية بدأت بأحداث 11/9 وتركت علامات سيئة على العالم العربي، وبالتالي يستند فيليو في رصده هذا إلى فرض أساسي وهو اعتبار أن العالم العربي جزء من النظام العالمي، ولا يشكل استثناء في مسار التحول الديمقراطي.


نقد الاستثنائية العربية


بنقد "الاستثنائية العربية Arab Exceptioalism" والتي روجت لها كثيرًا الأكاديميات ومراكز صنع القرار الغربية، ومفادها أن الثقافة العربية تعد استثناءً في التحول نحو الديمقراطية لأمور تتعلق بثقافة العرب ودينهم وطبيعة تكوينهم الفكري. ويقول فيليو: "خلال العقود الماضية، دائمًا ما أشير إلى العرب باعتبارهم حالة فريدة فيما يتعلق بالنقاش العالمي حول الديمقراطية، هذه المعاملة الخاصة للعرب لم تكن تشريفًا لهم؛ بل باعتبارهم شيئًا خارج المألوف، ضائعًا يهيم بين المحيط الأطلنطي والخليج حيث يفترض أن يكون هؤلاء العرب جزءا من جماعة أكبر هي الأمة".

وكثير من الأعمال حاولت أن تفسر لماذا ترزح البلدان العربية دون غيرها من دول العالم تحت حكم الدكتاتوريات، يؤكد فيليو في أول فصلين أو درسين يستمدهما من الثورة العربية أن الثقافة العربية أو الدين الإسلامي لا يعدان سندًا في تفسير هذا، كما تستند الرؤية الاستشراقية في تفسيرها للحكم الدكتاتوري في العالم العربي. ويؤكد أن الانتفاضات "الديمقراطية" تثبت أن العرب لا يشكلون استثناءً، فهم كغيرهم يريدون الحرية، والديمقراطية، والعيش الكريم.

ويرى أن "الثورة" تتحقق بهذا المعنى رغم أنها لم تكتمل على الأرض، فالانتفاضات التي اندلعت حتى وقت الانتهاء من الكتاب كان بعضها في حالة مخاض، بينما اكتفت في مصر وتونس بخلع رأس الدولة دونما الاتجاه إلى إحداث تحولات عميقة في بنية الدولة والمجتمع. ويرى أن نشوب هذه "الثورة" يعد دليلا قاطعًا على عدم قدرة المسلمات الأكاديمية على التنبؤ بما تمور به المنطقة من تحولات.

شكَّل نقد الاستثنائية العربية محور الفصل أو الدرس الأول، فيما أكد في الفصل الثاني أن فهم المسلمين -ومنهم العرب- لا يمكن فقط بإدراكنا أنهم مسلمون، فهناك اختلافات شاسعة داخل هذا الكيان المصمت الذي يراه الغرب واحدًا، ويقول إنه ربما من النتائج السيئة التي عززتها أحداث سبتمبر هو حالة تنميط الآخر، خاصة المسلم؛ حيث تمت المطابقة بينه وبين الجهادي الإسلامي. وينكر هذا التنميط الكثير من الحقائق والعوامل التي ساهمت في تشكيل الشعوب التي تصادف وكانت مسلمة، كما أنها تجعل شن الحرب على الجهاديين أولوية عاجلة بدلا من المساهمة في الإصلاح الاقتصادي والسياسي لهذه الشعوب.

يبرهن فيليو على أن الشعوب العربية والإسلامية قد مرت بتحولات وانتقالات كبرى عبر تاريخها منذ عهد الحرب العالمية الأولى والثورة العربية الكبرى حتى وقتنا الحالي، فقد كان حلم تقرير المصير، ثم التوحد القومي، والتحرر الوطني، ثم تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية أحلامًا تقود هذه الشعوب في نضالها. كما يبرهن على أن حالة الثورة ليست واحدة، فنحن إزاء كيانات متميزة حتى في انتفاضاتها فقد كانت انتفاضات سلمية إلى حد بعيد في تونس ومصر وإن شابها قليل من سفك الدماء، على العكس الذي شهدته ليبيا وسوريا والبحرين.

يعود فيليو ليقول إنه إذا كان هناك استثناء عربي، فإنما يتمثل في "الشباب العربي"، وهو وقود هذه الثورة، وهو يرسم صورة ديمغرافية للعالم العربي، فيقول يجب أن نتذكر أن متوسط العمر في العالم العربي هو 22 (مقارنة ببقية العالم 28)، وأن 60% من السكان هم تحت سن 25، وأن معدل البطالة بين الشباب العرب يتراوح بين 20-40% أي ضعف المعدل العالمي، ويجب أن تتوفر بحلول عام 2025م 50 مليون فرصة عمل لتستوعب طاقات الشباب في سوق العمل.

وربما كانت البطالة وتردي الأحوال المعيشية هي الشرارة التي أطلقت شرارة الثورة بإحراق الشاب التونسي محمد البوعزيزي نفسه. فيلاحظ فيليو هنا أن هذا كان أبعد ما يكون عن صورة الانتحاري الإسلامي النمطية؛ بل كان أقرب إلى مثال الشاب التشيكي جان بلوش الذي أحرق نفسه أمام الدبابات الروسية في ربيع براغ 1968. غير أن المطالبة بالعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية سرعان ما اشتبكت بالمطالبة بالحرية والديمقراطية السياسية.

ويدعو فيليو صانعي السياسات في الغرب إلى معرفة هذه الحقائق. وهذا هو الدرس الثالث حيث "الغضب هو قوة الشباب"، يقول فيليو بلهجة بلاغية إن غضب وقوة الشباب العربي هو وقود المستقبل، وإن حركات الشباب هي بمثابة ردة الفعل القصوى التي يقوم بها أكثر الأجيال تعرضًا للخطر دفاعًا عن مستقبلها في مواجهة قمع تطلعاته، وخصخصة دولته، وتجريف مستقبله.


جيل عربي جديد معولم وديمقراطي


ارتبطت بالحالة الشبابية للثورة العربية، كونها ارتبطت بانفجار الفضاء الإعلامي؛ حيث ارتبط وعي الشباب العرب بالإعلام المنفتح عبر القنوات الفضائية والميديا الاجتماعية "تويتر وفيس بوك والجزيرة" والذي ربطهم أكثر بالعالم وما يجري فيه، وارتفع بسقف تطلعاتهم مقارنة بآبائهم، ودفعهم إلى التحرر من السلطة الأبوية المتجسدة في نظم سياسية ديكتاتورية مغلقة، وهنا لعبت الشبكات الاجتماعية والقنوات الفضائية دورًا أكبر في تحريك الشباب العربي، وأثبتت دورها في الحركة السياسية، وإحداث التحول الاجتماعي. وهذا هو الدرس الرابع.

من أهم ما يميز تصميم الشبكة أنها بلا مركز، ومن هنا جاء الارتباط بين تأثير الشبكة العنكبوتية والشبكات الاجتماعية على طبيعة الثورة العربية، فهي ثورة بلا قيادة بامتياز، فقد بدأت شرارة الثورة في تونس بلا قيادة وبطريقة عفوية، واستمرت هكذا حتى مع انتقالها إلى بقية الأقطار "بلا قيادة مركزية وغرف عمليات".

ويرى فيليو أن انعدام القيادة هذا ربما كان شرط استمرارية هذه الثورات، وليس مجرد اختيار سياسي، وخاصة مع عدم اصطباغها بلونٍ أيديولوجي معين، وفي هذا يقع الدرس الخامس، أن بإمكان الحركات التي لا تملك قيادة أن تنتصر.


الديمقراطية والإسلام


هذه الحالة الثورية السائلة قد تستمر، غير أنها يجب أن تتحول إلى "ديمقراطية" لئلا تفضي إلى فوضى عارمة تسهل الانقلاب على الثورة، وهذا هو الدرس السادس أن بديل الحكم الديمقراطي المستقر الفوضى العارمة. وهنا يأتي دور الحديث عن القوى السياسية في المنطقة العربية، وعلى رأسها الإسلاميون.

يقول فيليو إن الانتفاضات العربية كانت مجردة من الشعارات الدينية، وقد اتضح للثوار أنه ليس للدين والأيديولوجية القدرة على حشد الجماهير بقدر ما فعل المناداة بالإصلاح السياسي، والقضاء على الفساد، والتشغيل على أساس الوطنية. ويرى أن عدم هيمنة الخطاب الإسلامي على الثورة ربما يعود إلى تصاعد معدلات الفردانية في التدين، والتي عززت من الحس الخلقي الفرداني، في الوقت الذي لم تعد هناك قوة للحشد الكلي، ولكن يبقى أن القوى الإسلامية عليها أن تضطلع بمسؤوليتها، وأن تقتنص الفرصة التاريخية بمشاركة غيرها من القوى السياسية العلمانية في التأسيس لحكم ديمقراطي مستقر، فالدرس السابع هو أن على "الإسلاميين أن يختاروا".

وربما كان من أهم ما أشارت إليه "الثورة العربية" هو أنها أظهرت بديلا للتغيير بعيدًا عن الأتوقراطيات الحاكمة، وتنظيم القاعدة، والذي برهنت حركة الشباب على إفلاسه الفكري، وأنها لم تكن إلا انحرافًا بعيدًا كل البعد عن حقائق العالم العربي.

وبالتالي يرى في الدرس الثامن أن النضال السلمي للشباب سيجعل الإسلام الجهادي شيئًا عفا عليه الزمن. وبين كل هذه التحولات تبقى القضية الفلسطينية عاملًا هامًّا في دفع عملية التحول الديمقراطي ككل في المنطقة، وستؤدي التسوية الشاملة إلى إسقاط ذرائع تأجيل الديمقراطية لدى كثير من الأنظمة العربية، فالدرس التاسع هو أن فلسطين هي "تعويذة" كثير من التحولات.

وأخيرًا يأتي الدرس العاشر الذي يستخلصه فيليو، وهو أن الثورة العربية لن تخلق "أثر الدومينو" يتجاوز كونها انتفاضات قد أظهرت وجود مجال عام عربي يسعى إلى مزيد من الحريات والفرص الاقتصادية واحترام حقوق الإنسان والحقوق المدنية. غير أن هذا يقع في حدود كولونيالية أثبتت على مر الأيام مرونتها، وأنها لن ترسم مرة أخرى نتيجة لهذه الروح الديمقراطية التي تجتاح المنطقة، وربما ستبقى الدول البترولية خاصة العربية السعودية بعيدة عما يحدث حولها.

تعد القراءة التي قدمها جان بيير فيليو في كتابه قراءة جيدة ومحكمة في الإطار النظري الذي شكلته لفهم أبعاد الثورة العربية، غير أن هناك أوجه قصور فيها، لعل أهمها أنها لم تهتم ضمن الدروس التي حاولت استخلاصها بالدور الخارجي والغربي تحديدًا في ترسيخ الديمقراطية العربية الناشئة، وربما كان هذا أهم ما يميز الدكتاتوريات العربية عن نظيراتها في شرق أوروبا؛ حيث كانت تجد دعمًا غربيًّا على عكس دعم الغرب للتحول الديمقراطي في شرق أوروبا قبيل وبعيد سقوط الاتحاد السوفييتي، أما الحكام العرب فقد كانوا يمارسون حكمهم بدعم غربي كامل، وهو ما يضع عبئًا على الحكومات الغربية يتمثل في ضرورة دعمها للديمقراطيات الناشئة، وهو ما لا يستفيض بشأنه فيليو فيما عدا بعض الإشارات اللاذعة التي وجهها إلى دور واشنطن السلبي في المنطقة.

ومن ناحية أخرى فإن الإطار الذي استخلصه إنما يعتمد على قراءة الأحداث بشكل مفصل في مصر وتونس، وهما حالتان متشابهتان وربما كان سيضيف لإطاره ويعدله لو تريث ليرى ما آلت إليه الأمور في بقية الانتفاضات التي كانت في منتصف أو في بداية طريقها عند الانتهاء من الكتاب في اليمن والبحرين وسورية وليبيا.

aymaan noor
22-10-2012, 10:52 AM
ميليشيات الإخوان الإلكترونية: تحميل الأيديولوجيا على الفيسبوك
http://www.jadaliyya.com/content_images/3/Capturefb558.JPG
Linda Herrera and Mark Lotfy

أثناء مرحلة الإعادة للانتخابات الرئاسية في يونيو 2012 كانت هناك "ميمة" تدور على الفيس بوك تحتوي على صورة لحسن البنا الذي أسس جماعة الإخوان المسلمين في 1928 وكان نصها "على فكرة أنا مش إخوان وبختلف معاهم في مواقف كتير ولكن بحترمهم" التوقيع تحت المقولة كان منسوباً لحسن البنا، هذه الميمة إن أردت أن تترجمها في كلمة واحدة فهي تبغي أن تقول إننا قد كشفناكم أو بالعامية "فقسناكم" فهي ميمة تقطع بحقيقة أن الإخوان المسلمين قد تنكروا وقاموا بإختراق وسائط التواصل الاجتماعي (الإنترنت ). وحتى إن كنا لا نملك الأدلة لأن هذا الإختراق يخلو من أي شفافية ولم يتم دراسته بشكل مفهوم أو مرتب، فميمات مثل هذه (انظر الشكل السابق) تنبه المواطنين في الواقع الإفتراضي أن عليهم الحذر وهم يتحركون على الانترنت.

لقد أصبح الفيس بوك من أهم مواقع الصراع الأيديولوجي التي يرغب الإخوان من خلالها السيطرة على العقول وفرملة الروح الديموقراطية السائرة في مصر. حيث ترغب الجماعة في تضييق مساحات الجدال وإسكات أصوات المخالفين وهي لتحصل على ذلك تتحرك كما يقول المفكر الجنوب أفريقي" بانتو ستيفي بيكو" الناشط الحقوقي ضد التمييز العنصري إن "السلاح الأقوى أو السلاح الأكثر فعالية في يد المستبد هو عقل الذين يستبد بهم."

منذ البداية، من ثماني عقود مضت والإخوان المسلمون وضعوا في أولوياتهم العمل داخل المؤسسات التي تتعامل أيديولوجياً وثقافياً مع الأطفال والشباب، فحسن البنا في النهاية كان معلماً في مدرسة وبالتالي فهو يعلم جيدا إن "من إمتلك الشباب إمتلك الدولة".

الإخوان قد كثفوا جهودهم في إتساق في مجالات التعليم والإعلام والتي يسميها عالم الإجتماع الفرنسي لويس آلثوسر "أجهزة الدولة الأيديولوجية"، وحتى في أكثر الفترات التي كانت فيها الجماعة مضطهدة ومحظورة احتفظت الجماعة بتواجدها داخل المدارس المصرية ومعاهد الدروس الخصوصية والمجموعات الخاصة لتدريب المدرسين داخل وخارج كليات التربية واتحادات الطلبة في الجامعات والنوادي الصيفية الرياضية والتجمعات الرياضية بعد اليوم الدراسي ، وكلها كانت مفاتيح لتخصيب الأرض أمام الإخوان لتكون صالحة لنمو الجماعة ونشر الأيديولوجية الإخوانية.

منذ بداية التسعينات والانفتاح الجديد الناتج عن تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات إستطاع الإخوان الدخول الى عالم الفضائيات التلفزيوني وحصلوا على مكانة متميزة واستطاعوا السيطرة على قناة متميزة "الجزيرة" ، وكما وضحت أحد التقارير الخاصة بالصحفي والمعلق السياسي سلطان القاسمي "إن العلاقة الغرامية بين قناة الجزيرة العربية والإخوان المسلمين كانت واضحة منذ إنشاء القناة" ، كانت قناة الجزيرة العربية منذ إنشاءها الناطق بأسم الجماعة والمهلل لها.

مع صعود الإنترنت وإنتشاره في عام 2000، كان للإخوان مشاركة فورية في هذا التاريخ من خلال الموقعين العربي والانجليزي "الإخوان ويب". حينما أعلن الرئيس محمد مرسي حكومته في أغسطس 2012 كانت هناك مفاجأة صغيرة تنتظرنا وهي أن الوزارات التي تتعامل مع الشباب والتعليم والإعلام أي وزارات التعليم والشباب والإتصالات والإعلام جميعها أصبحت في يد الاخوان المسلمين بعيداً عن الوعود الكثيرة بحكومة الانقاذ والتوافق. الغريب أن وزير التعليم إبراهيم غنيم لم يندرج في التقارير الإعلامية ضمن الوزارات الإخوانية برغم أن تاريخه القصير يثبت بوضوح أنه تم إنتخابه ممثلاً لجماعة الإخوان وإنه ذو ولاء كامل لهم ومساعدة الإخوان له أثناء الإنتخابات الرئاسية لجامعة السويس.

إن جهود الإخوان لإختراق الإنترنت خاصةً الفيس بوك إزدادت جزئياً بعد الإزدياد السريع في عدد المشاركين فهناك 11 ونصف مليون عضو في الفيس بوك في مصر، مليونين منهم إشتركوا في الستة أشهر الأخيرة فقط، مع ملاحظة أن أعمار المشاركين في الفيس بوك تتراوح بين 13 إلى 34 سنة. وبعيداً عن إزدياد المشاركين فإن الفيس بوك يعد ترمومتراً للمعارضة السياسية منذ أن كان له دور الريادة في 25 يناير وفي الأشهر التالية لبداية الثورة، حيث ظهرت المساحة التي كان يتجادل فيها النشطاء ويتناقشون حول الثورة التونسية وإمكانية إحداث ذلك في مصر والتي تفاهموا فيها حول قرارهم تجاه الإستفتاء في 11 مارس حيث إتخذت جمهورية الفيس بوك الثورية موقفاً مختلفاً عما حدث خارجها، وخرجت جميع إستفتاءات الفيس بوك بأكثر من 70% بالتصويت بـ"لا" برغم أن التصويت ب"لا" لم يحقق رسمياً أكثر من 22.7% و هذا ليس بغير مؤثر كما يعتقد البعض.

وبعد فترة ليست بقصيرة أصبح الفيس بوك مرادفاً لـ"صوت الثورة" وكان من الشائع وقتها أن يسأل سائق التاكسي أحد الشباب "هو الفيس بوك بيقول إيه النهاردة ؟" ، وأحيانا بأسلوب آخر يسأل أحد المتقدمين سناً في المقاهي مجموعة من الشباب "هو انتوا اتفقتوا على إيه على الفيس بوك في موضوع اـ.... ؟" وهذا جعل الناس في الشارع تقول بعد الإستفتاء "جاءت النتيجة بنعم لكن الثورة كانت ترغب في قول لا". هنا بدأت جماعة الإخوان تتعامل مع الفيس بوك بحذر كفضاء مستقل، فكما كثفت الجماعة جهودها للسيطرة على ميدان التحرير كثفت أيضاً جهودها لتتحكم في أي جدل يدور على الفيس بوك.

إن تواجد الإخوان على الإنترنت غامض ويصعب رصده بدقة حيث أن معظم النشاط الإلكتروني هو نشاط تمويهي يخلو من الشفافية.

يبدو أن الجماعة تستخدم خمسة درجات أو أساليب للتعامل الإلكتروني

أولاً: التواجد الرسمي مثل الصفحة أو الجروب الرسمي لحزب الحرية والعدالة أو الصفحات التي تعلن من عنوانها الإنتماء المباشر للجماعة أو أفكارها. ثانياً: الصفحات التي تظهر في البداية مستقلة ثم يظهر ولائها للإخوان المسلمين شيئاً فشيئاً في تصاعد موسيقي إلى أن تصل للولاء الكامل لتكون الصفحة في نهاية المطاف صفحة إخوانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ونعطي مثال لذلك وهي شبكة رصد وهي شبكة إخبارية تقترب اليوم من مليوني Like حيث حينما أُنشأت صفحة رصد في 25 يناير 2011 في بداية الثورة المصرية كان منشئو الصفحة (Admins) مجهولون عن عمد وكانت الصفحة تظهر كوحدة ذات إنتماءات مستقلة، وفي سلوك إحترافي بدأت الصفحة تكشف هويتها تدريجياً إلى أن أصبحت الصفحة إحدى الصفحات المنتمية للإخوان المسلمين في كل شيء ما عدا الاسم، والمثير أن شبكة رصد كانت تنمو ككيان إقليمي له فروع في ليبيا وسوريا وتركيا وفلسطين. ثالثاً: الصفحات المتعاطفة مع الإخوان والتي يقوم فيها الأدمن ببوستات وتعليقات داعمة للإخوان المسلمين، ولكنها دائماً تنكر أي إنتماء للجماعة. رابعاً :صفحات مستترة ذات إنتماء كامن، هي التي تظهر غير مهتمة بالسياسة أصلاً ولكن عند اللحظات الهامة أو الحرجة مثل الانتخابات أو المظاهرات الحاشدة أو الأحداث السياسية الفارقة تظهر فجأة داعمة للإخوان بشكل كامل. خامساً: الميليشيات الإلكترونية المجندة، وهي تستخدم بروفايلات (profiles) حقيقية وزائفة تتحرك عبر صفحات وجروبات تتداخل في الحوارات الدائرة على الفيس بوك لتوجه الأراء في إتجاه الإخوان المسلمين، على سبيل المثال بروفايل "مصري مصري" وبروفايل "هند عربية"

في الفترة ما قبل الإنتخابات الرئاسية في مرحلة الإعادة بين مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي والوزير السابق في نظام مبارك أحمد شفيق كانت صفحات الفيس بوك مشتعلة بالجدل السياسي، وكان الكثير من متخذي الموقف المؤيد لمحمد مرسي يظهرون كما لو كانوا ينقلون الأسطر من نص معد لهم مسبقاً. الجمل المتشابهة كانت تظهر بكثافة عالية جداً من المنتمين إلى جميع المجالات من المعروف أنهم ذوي اهتمامات سياسية بل ومن الغير مهتمين بالسياسة، وكان من أشهر العبارات المنتشرة على الفيس بوك "أنا مش إخوان بس بحترمهم" "أنا بكره الإخوان المسلمين ولكن بدعم محمد مرسي عشان أخلص من شفيق" "أنا عارف إنهم يسعون لمصالحهم الخاصة بس مننساش إنهم كانوا معانا في ميدان التحرير" "ماتخليش كراهيتك للإخوان تعميك" "الإخوان أنانيين بس مش فاسدين" وهكذا... ، والغريب إنه على مستوى الصحافة اليومية لم يشير أحد أو يسلط الضوء على الميليشيات الإلكترونية ماعدا الصحفي والكاتب محمد سلماوي.

أحد الأعضاء السابقين للإخوان المسلمين والذي لازال على علاقة مقربة للجماعة أوضح أن "الحملة الإلكترونية لمحمد مرسي كانت شديدة القوة على الفيس بوك وتويتر، أستطيع أن أجزم أن كل صفحة كبرت أو صغرت على الفيس بوك كان يتم إختراقها من الإخوان المسلمين" وهو يؤكد أن قادة الاخوان يقومون بتوزيع ملفات من الاسئلة والإجابات لشباب الإخوان المشتركين على الإنترنت تحت عنوان "شبهات وردود" هذه النصوص تغذي الأعضاء بالنقاط التي يجب التحدث عنها وكيفية مواجهة الإنتقادات لتكون هذه النصوص على شكل قوالب كلامية ليقوم أعضاء الإخوان بحفظها في عقولهم أو نقلها لاستخدامها وقت الحاجة، والملفت للنظر إنه حينما تخرج أحد نقاط النقد خارج القوالب التي قام الأعضاء بإستلامها وبالتالي نموذج الإجابة الإخواني يتعثر إستخدامه، تسعى حينها الميليشيات الإلكترونية بكل السبل إلى دفع الطرف الآخر المنتقد أو المجادل إلى إطار النص النموذج لكي يستطيعوا إستخدامه، وإن فشلوا في ذلك فلا يجدوا إلا الأساليب المعتادة مثل الدعاء للطرف الآخر بأن يهديه الله سبحانه وتعالى الى الحق.

على سبيل المثال إنه على أحد الصفحات الداعمة للثورة والمنتقدة للإخوان المسلمين "حلمت بالميدان قبل أن يسكنه الملايين" أظهرت كيف تعمل الميليشيات الإخوانية الإلكترونية أو"لجان النسخ واللصق".

في أحد البوستات (posts) التي كانت تناقش سلبيات الرئاسة الإخوانية (محمد مرسي) وقرارتها الغير متفقة مع أهداف الثورة، هناك شخصان علقوا تعليق متطابق ونرى في النموذج التالي تامر فؤاد وأشرف عبيد يستخدمون نفس القالب النصي بلا أي تعديل ولو طفيف، يقولون "بإختصار شديد لكل من يفكر في ثورة ضد الإخوان ... الإنتخابات مكنش فيها تزوير وأغلبية الشعب إختارت مرسي ... إديله فرصة نشوف حيعمل ايه ... إنتوا سكتوا 30 سنة ... إصبروا عليه سنة واحدة وإتكلموا بعدها ... على فكرة والله أنا مش إخوان بس بقول كلمة حق.

وهذه أمثلة لما يفعله شباب الإخوان وهم يرصون الإجابات التي نقلوها من القوالب المعدة مسبقاً أو من قاعدة البيانات حيث ترى تلك القوالب في جميع أنحاء الفيس بوك والتويتر.
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/fck_images/talking%20points.jpg
النقاط المتكلمة - من صفحة "حلمت بالميدان قبل أن يسكنه الملايين"]
وهكذا لا يفوت الإخوان المسلمين فرصة لإحتكار الشباب وإيقاعهم تحت سيطرتهم وسيادتهم في إطار تلك الألعاب الميكافيللية المتجلية في نشاطهم على الإنترنت، فبالتالي بعد صعود الإخوان كقوة مهيمنة على مصر فنحن نحتاج إلى بعض الفحص والتدقيق في سلوكهم و أسلوبيتهم على الإنترنت .

نعرض هنا إحدى عشرة آلية أو خاصية سلوكية تستطيع أن تتعرف من خلالها على الميليشيات الإلكترونية الإخوانية على الفيس بوك. نلقي الضوء على كيفية عمل المكائد أو الألعاب الأيديولوجية الإلكترونية على الإنترنت ونعتبر هذا ركيزة أساسية للإحاطة به ومواجهته لمن يرغب في ذلك.

• الإستيلاء على لغة الثورة ( و تغيير تعريف المصطلحات لحساب الجماعة ):

في التراث الشعبي مثل شهير" الزن عالودان أمر من السحر" ، يقول العالم الأمريكي "جورج لاكوف" الباحث في علوم الإدراك واللغويات أن التكرار اللغوي له قوة تغيير العقول في بحثه عن صعود اليمين المحافظ في الولايات المتحدة الامريكية، حيث أظهر أن كلمة "الحرية" حينما يكرر المحافظون استخدامها بكثرة بغير معناها التقدمي المعروف يكون القصد تحريف المفهوم في العقل الجمعي، بنفس الطريقة يسعى الإخوان المسلمون للإستيلاء على لغة الثورة فالكلمات التي لها دلالة قوية مثل الديموقراطية – النظام القديم أو حتى كلمة ثورة نفسها تم الإستيلاء عليها من الإخوان، فتقوم الميليشيات الإلكترونية للجماعة ليس فقط بتجريد هذه الكلمات من أي دلالة تقدمية أو تحررية بل تختزلها إلى مفاهيم تستوجب الدعم المستميت لمشروع الإخوان بلا أي نقد أو تساؤل.

فنأخذ على سبيل المثال مفهوم "الديموقراطية"، بعد فوز الإخوان في الإنتخابات البرلمانية والرئاسية عملت الجماعة بإستماتة على إختزال مفهوم الديموقراطية في صندوق الإنتخابات، فلقد إنتصرت الديموقراطية في يوم الإنتخابات وعلينا أن نعطي إختيار الديموقراطية فرصة كاملة دون أن نقف في طريقه، وفي الواقع هم يعنون أنه على المواطنين الإلتزام بالصمت التام وأن يمتنعوا عن أي رد فعل وعلى قاطني الشارع السياسي أن يوقفوا الحراك حتى يوم الدورة القادمة في الإنتخابات بعد أربعة سنوات وخلال الأربع سنوات من حق الإخوان أن يتحركوا بالدولة في أي إتجاه يبغونه أياً كان.

بين يدي المليشيات الإلكترونية الإخوانية مفهوم "الثورة" لم يعد يتعلق بالكرامة أو الحرية أو العدالة الاجتماعية بل أصبح يعني تغيير الأفراد المسؤولين من النظام القديم في الدولة بآخرين من الإخوان، وحتى كلمة "فلول" نفسها التي تشير إصطلاحياً إلى الباقين من النظام القديم تم تجريدها من معناها الأصلي وإستبدالها بتعريف جديد، فكلمة فلول تطلق على أي شخص ينتقد الإخوان المسلمين .

ونرى هنا أحد الصفحات المعادية للفلول "اتنين فلول وواحد طعمية".الصفحة تم إنشاؤها في يوليو 2011 وهي تعيد تعريف كلمة فلول بعيداً عن تعريفها الأصلي وتعلن بوضوح أن الفلول هم كل من يعادي الاخوان. بالإستيلاء على المعجم السياسي وإعادة صياغة التعريفات بحسب هوى الإخوان المسلمين، تستطيع الجماعة إرباك الشباب والناس عامةً والتلاعب في أطرهم المعرفية وإشغال عقولهم بما يتناسب مع مصلحة الجماعة. وقد تعددت الصفحات بل البروفايلات بعنوان "قوتنا في وحدتنا" الذي أصبح شعار حملة مرسي في الإنتخابات وهو الشعار الذي أطلقه محمد البرادعي بعد الثورة داعياً الجميع للإلتفاف حول مصلحة المواطنين في سلوك يتخطى الأيدولوجيات مستشهداً بحال التيارات السياسية في التحرير ولكن الشعار بعد الإستيلاء عليه إختلف معناه إلي قوتنا في وحدتنا وإلتفافنا حول الإخوان في الإنتخابات ليحصلوا على السلطة أو إلتفافنا حولهم بعدها ليبقوا في السلطة، وعلى التيارات السياسية جميعاً أن تذوب داخل مشروع الجماعة.

2- الإنكار والتنكر :

من صفحة الميدان هو الحل:

(هو أنا لازم أقول إنى مش إخوانى كل شوية ولا الصفحة تبع الإخوان
أنا بشرب سجاير والله علبتين فى اليوم كمان
ومش بصلي فى الجامع تقريباً غير الجمعة بس
وبلبس جينز :)
ارحمونا بقى !!!!!!!!!!!!!!!!)

إن كان لك خبرة شخصية في التعامل مع الإخوان المسلمين فمن المعتاد من أعضاء الجماعة أنهم بالإضافة لإنكارهم الإنتماء للجماعة، يتنكرون لها بتأكيدهم على أنهم يشربون السجائر أو أنهم لا يصلون سوى يوم الجمعة أو أنهم يصاحبون الفتيات أو يشربون الخمر أو يستمعون للموسيقى، هذا السلوك مرتبط بفكرة التقية التي تعني حرفياً الحفظ أو الإخفاء وهي مدرسة إسلامية ظهرت أولاً عند الشيعة، والتقية هنا هي أن يخفي الفرد إنتماءاته وقناعاته وآراءه وإستراتجياته، وهم يستخدمونها هنا لكي يجعلوا أي دعم يقدمونه أو مواجهة للإنتقادات يستميتون فيها والهجوم تظهر كما لو كانت تخرج من شخصية محايدة كي تكون أكثر تأثيراً وإقناعاً.
صفحة الفيس بوك "الميدان هو الحل" تقدم نفسها كصفحة مدنية مستقلة لمجموعة من الشباب، تنشر أحياناً صور لممثلات وأخبارهم ولا مانع من أن تقوم بإنتقادات ضعيفة لشخصيات من الإخوان ولكنها في الأوقات الحرجة قبل الإنتخابات مثلاً نجد أدمن الصفحة يضع كل طاقته لدفع المشاركين في الصفحة لدعم مرشح الإخوان بل وبعدها لدعم قرارات مرسي المصيرية.

هل كانت الصفحة إخوانية منذ البداية ولكنها تنتظر إلى أن يصل عدد الأعضاء إلى عدد كبير وذو جدوى وعندها تُستخدم الصفحة لدعم الإخوان وقت اللزوم؟ ، لا يمكن القطع بذلك ولكن سلوك الأدمن يثير الشكوك في إستقلالية الصفحة وفي الصفحات الشبيهة التي تتحول إلى أدوات إخواني عن جدارة في اللحظات الفارقة.

• الإحتفاء الإجلالي المصطنع بحرية الصحافة ( أو صناعة دراما الواهب الأعلى للحرية ):

عند عودة محمد مرسي في 16 يوليو 2012 من أثيوبيا عاد في موقف بطولي إلى القاهرة، في أثناء رحلة عودته مر الرئيس مرسي على السودان وأعلن أن توقفه كان بغرض التفاوض حول عودة الصحفية المصرية شيماء عادل، وعادت الصحفية الشابة بالفعل مع الرئيس مرسي على طائرته الخاصة، قامت وقتها الوكالة الإخبارية الإخوانية على الفيس بوك "شبكة رصد" بتقرير يصف كيف مرسي يحترم الصحافة ومن يحترم الصحافة هو بالتأكيد يحترم المواطنين، وأنه بإنقاذه شيماء يفتح مرسي تاريخاً جديداً في عهد الصحافة المصرية.
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/fck_images/Morsi.jpg
[مرسي يعود منتصرا مع شيماء - من شبكة رصد]

وأستطاع ان يضع مرسي نفسه في دور واهب الحرية للصحافة حينما يتدخل بقراراته الرئاسية العلوية للإفراج عن الصحفين المحبوسين في قضايا حرية الرأي وهو الموقف الذي حدث في القضية الشهيرة ضد إسلام عفيفي رئيس تحرير جريدة الدستور، أُتهم عفيفي بإهانة الرئيس والقضية لازالت قائمة ولكن عفيفي أفرج عنه بقرار جمهوري من واهب الحرية.

هذا النوع من التحركات من الرئيس مرسي يستطيع أن يمتص غضب المنتقدين ويأخذ الأضواء بعيداً عن أي إنتهاك لإستقلال وحرية الاعلام برغم أنه في الفترة نفسها تناثرت ملفات القضايا بعنوان "تهمة إهانة الرئيس" مثل قضية توفيق عكاشة وعبد الحليم قنديل المحرر في جريدة "صوت الأمة".

4- التسخيف من المعارضة :

الإخوان المسلمين مثل أي فصيل سياسي سلطوي يتعامل مع منافسيه بالتسخيف منهم وإخفاس حقهم، فكان جزء من عمل مليشيات الإخوان هو أن ينشروا ميمات معادية لبعض رموز الثورة أو القادة الذين لا ينتمون للجماعة ويعدوا خصوم لها مثل محمد البرادعي وحمدين صباحي وأحياناً مع إعلاميين مثل إبراهيم عسيى، هذه الميمات لا تحتوي على أي حوار حقيقي أو جدل سياسي جاد حول المواقف السياسية وكل الغرض منها هو التقليل من شأن هذه الشخصية العامة وإظهارها كشخصية حمقاء وغير رشيدة، ومن خلال التكرار المبالغ فيه لهذه الميمة يأمل الإخوان أن تتحقق الرسالة الخفية المرجوة وهي ألا تؤخذ هذه الشخصية بشكل جدي بعد ذلك، نأخذ على سبيل المثال صفحة إخوانية تحمل عنوان "حمدين صباحي واحد خمنا" المرشح الرئاسي الناصري الذي كاد أن يصير رئيساً لمصر في الإنتخابات الأخيرة، الصفحة الإخوانية تستخدم عنوان يسخر من شعار حملة حمدين وهو "حمدين صباحي واحد مننا"

http://arabic.jadaliyya.com/content_images/fck_images/hamdeen-balloons.jpg

من خلال الخلفية المستخدمة والبالونات الملونة بالإضافة لصورة حمدين التي يبتسم فيها وهو مغمض العينين، فالرسالة المرغوب توصيلها هي أن صباحي مثل طفل أحمق وغير رشيد، لهذا هو لا يصلح أن يؤخذ بجدية ليكون رجل دولة، نلاحظ أن الإخوان هذا هو أسلوبهم الرئيسي في الهجوم بإستخدام التسخيف والتكرار فقط ليس أكثر، حيث أنهم يفتقدوا أسلحة هامة في الهجوم وهي النقد المنطقي من جهة أو روح الدعابة من جهة أخرى وهذا لأن الجماعة في طبيعتها جماعة أصولية لا يعتمد تشكيل عقلية الفرد بداخلها على تنمية العقل النقدي الذي يواجه خصومه بالنقد الممنهج والجدل الممنهج الثري، الشخصية العقلانية الناقدة لا تصلح ان تكون عضواً في كيان الإخواني لأنها لن تكون مطيعة ومنساقة لأوامر القادة بل ستكون معطلة ومجادلة و ستؤثر علي تحرك الكيان بكفاءة، أما عن روح الدعابة فهي تحتاج إلى مساحة شاسعة من الحرية والإبداع ومساحات يخوض فيها الأصولي بحذر لأنه لم يعتدها، فالضحك عند الأصولي له حدود والنكات لها رقابة وضوابط، وفي حالتنا الإخوانية هذه ما أبوخ الإفيهات إن تحولت إلى قوالب محفوظة عليها رقابة و قيود ينحصر دور المليشيات الالكترونية فيها على النسخ واللصق.

5- صناعة البطل/ المجاهد/ الخليفة :

الأسلوب العكسي لتشويه المعارضة وتصويرها كشخصيات لا تستحق المنافسة وغير جديرة بالإهتمام هو أن تُظهر من هم في صفك كأبطال ومجاهدين وقديسين، كل بطل يحتاج إلى عدو يحتاج إلى قوى الشر التي سيقف أمامها مظهراً شجاعته وبسالته الفائقة، لا يهم إذا كان من سيقوم بدور الوغد هو بالحقيقة يستحق العداوة أم لا، ولا يهم إذا كان ما يدور بين البطل والوغد هو صراع أم صفقة، كل ما يهم هو إقناع الجماهير بأمجاد البطل.

صفحة "المنوفية على الفيس بوك: لشباب المنوفية فقط"
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/fck_images/Morsi-poem-monofiya.png

هي صفحة تعلن عن نفسها كصفحة للشباب المستقل فقط، ولكنها في الواقع تظهر كصفحة مؤيدة لمرسي والإخوان بقوة، حيث نشرت الصفحة بورتريه لمرسي مع أشعار تمجد أعماله البطولية وذلك أثناء بداية توليه الرئاسة حينما أراد أن يعيد البرلمان بقرار جمهوري، وقد صورته الصفحة كقرار يمثل ضربة قاصمة للعسكر، وذلك من خلال قصيدة من المديح مكتوبة خصيصاً لهذا الحدث.

مرسي يُمجد على أنه القائد السياسي، البطل الهمام الذي يتخلص من العسكر موحد عناصر الأمة بكل أطيافها وفي الحقيقة إننا لم نرى يوماً صراع حقيقي بين العسكر والإخوان، بل كانوا منذ اللحظات الأولى أصدقاء وداعمين لبعضهم البعض منذ حديث طنطاوي مع شباب الإخوان في التحرير حتى مقابلة عمر سليمان حتى أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، لم يتعرض الإخوان من العسكر لأي إنتهاك أو إعتداء طوال عام ونصف برغم تعرض كل الفصائل لذلك، ولكن حينما يشعرفريق الإخوان والعسكر بالضعف يضطر الإخوان لتصنع ضرب العسكر كما يفعل المصريين في مشاجرات الشوارع، فحينما يكون أحد الأفراد ممن في صفوفك في "العركة" مصدر لضعفك أو حينما تشعر أنكم تكادوا أن تُهزموا تنقلب على زميلك في تمثيلية تروق للطرف الآخر في أغلب الأحيان وتجعله يتوقف عن مهاجمتك وأحياناً يمدح تصرفك.

وفي صفحات أخرى يُقدم مرسي مثل خليفة، فهو الرئيس التقي الورع ذو صلة لا تنقطع بالله سبحانه وتعالى، ومن أشهر الفيديوهات التي أستخدمتها تلك الصفحات هو فيديو بعنوان "الرئيس محمد مرسي يبكي في الحرم" وهو فيديو يظهر المشاعر الدينية المتأججة للرئيس مرسي أثناء أداءه للعمرة خلال رحلته للمملكة العربية السعودية، وتلك الصورة المقدسة للرئيس مرسي يسعى الإخوان المسلمون بدون شك لترسيخها في العقل الجمعي شيئاً فشيئاً ، وحينما تقبل الجماهير المصرية الرئيس مرسي كأيقونة دينية تكون الأيديولوجية الإخوانية تم تحميلها بشكل كامل والسيطرة على الدولة ستكون محكمة لا تحتاج إلى تأمين .

6- قطع الطريق أمام النقد وتشويهه :

المليشيات الإلكترونية تقطع الطريق أمام أي نقد مستقبلي بإستخدام أدوات حرفية مثل "تخيل أن - ياريت يحصل– ماذا لو" ، وهم يدعون أنهم يتخيلون سيناريوهات مستقبلية يكون الهدف من إختلاقها تمهيد الرأي العام للقرارات والأفعال التي ستصدر بالفعل مستقبلاً من الجماعة (مرسي) وتشويه أي رد فعل مضاد أو نقد سيواجه القرارت المستقبلية.

نأخذ على سبيل المثال صفحة "امسك فلول" التي يزيد عدد اللايكات فيها عن 334 ألف لايك

حينما تم إنشاءها ظهرت كحملة شبابية مستقلة ضد رجال النظام القديم، لكن منذ أن دعمت مرسي في إنتخابات الإعادة خرجت هويتها الحقيقية إلى السطح وصارت داعمة للجماعة على طول الخط، ولاشك لدينا الآن أنها إحدى صفحات الاخوان المسلمين.

أدمن الصفحة نشر هذا الكارتون الفلولي والذي من المفترض ان يكون توصيفاً ساخراً للصوص مبارك من النظام القديم وهم يُعاقبون على جرائمهم، ولكن النص الملحق بالكارتون كان له تفسير بديل للصورة نستطيع أن نقول أنه تفسير إخواني متميز.
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/fck_images/6-imsik-folool-cartoon.png
["امسك فلول كارتون"

الخطاب الإخواني هنا صخب وواضح جداً وشديد اللذاعة، المتحدث هنا يسعى لضرب وسد الطريق على أي نقد مستقبلي يمنع الجماعة من الحصول على السلطات الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية، أي أن الجماعة نفسها تعمل على تعطيل النقد المستقبلي وتحضير الأرضية لبناء دكتاتورية الحزب الواحد.

هناك شيئاً آخر نلاحظه في هذا البوست، فلقد وضع المتحدث هنا "أبو العز الحريري" أحد أهم الأعضاء المؤسسين لحزب التحالف الشعبي في نفس الكفة خلسة مع الشرطة التي قتلت الثوار في 28 يناير، بل سعى أن يقنع القارئ خلسة أن ضرب الإخوان لأبو العز الحريري يحمل القيم الثورية ذاتها التي يحملها ضرب الثوار للشرطة ونضالهم ضدها في 28 يناير، وأن أبو العز الحريري أحد المعارضين المعروفين لنظام مبارك هو مثله مثل رجال الأمن قتلة الثوار الذين كانوا يعذبون الثوار في السجون وأقسام الشرطة، وهذا بالطبع لأن أبو العز الحريري أحد معارضي الإخوان.

7- اللعب بكارت الإسلاموفوبيا :

صفحة "جروب الصور الطريفة والغريبة"

ظهرت في الأصل كصفحة مستقلة للتسلية تعرض الصور الغريبة مثل قرد يلبس نظارة – أطفال يقومون بتصرفات ملفتة – صور كارتونية مضحكة، هذا الجو المسلي جذب 97 ألف لايك، ولكن الصفحة بدأت تنشر رسائل سياسية ودينية أحياناً، تدعم تكوين حكومة إسلامية أحياناً، تتغزل في خطابات مرسي أحياناً، وحينما قام زائري الصفحة بالتشكك في قدرة الإخوان على قيادة الدولة إلى حالة مدنية دستورية سليمة بدأ الأدمن يتهم المشاركين في الصفحة بالإسلاموفوبيا.

الحقيقة أن تهمة الإسلاموفوبيا من الغريب أن يستخدمها الإخوان في غير موقعها بهذا الشكل ولا يتم تفنيد الإتهام، حيث أن الإسلاموفوبيا تتعلق بخوف غير المسلمين من المسلمين كنتيجة للفزع الذي أنتشر بعد قيام بعض المسلمين بعمليات إرهابية ونسب أفعالهم الإجرامية للأسف إلى الإسلام، مما أدى لظهور عند بعض غير المسلمين خاصةً في الغرب فوبيا من التعامل مع المسلمين خاصةً عند هؤلاء الذين لم تتح لهم الفرصة أن يتعرفوا على الإسلام طوال حياتهم.

بالتالي فالذي يتهم الآخرين بالإسلاموفوبيا في مصر فكما لو كان يتهم المسلمين بالخوف من الإسلام والمسلمين أو ربما يتهم الأقباط المصريين بالخوف من الإسلام والمسلمين، وهذا كله يتنافى مع المنطق، فكيف لمسلم أن يخشى الإسلام والمسلمين أو كيف لقبطي عاش مع المسلمين ألف وربعمائة عام أن يخاف هو الآخر، ولكن هذا يتفق مع منطق واحد هو أن المتحدث أي الإخواني يعتقد إنه مسلم والآخرون ليسوا كذلك بل ويعتقد أن القبطي يخشى الإسلام لأنه يظن واهماً إنه كإخواني يُدخل الإسلام الى مصر. ولا عجب أن في أحد تصريحات صفوت حجازي أنه قد أشار لفرحته العارمة بتعيين أول مذيعة محجبة في التليفزيون المصري ودخول الإسلام مصر.

8- جذب الأنظار بعيداً عن الأحداث الجارية إلى مواقع أخرى لا تتوفر عنها المعلومات الكافية:

في 28 يونيو 2012 بعد إعلان نتيجة الرئاسة وفوز مرسي بأربعة أيام بدأت مجموعات على الفيس بوك حملات توعية مكثفة عن إضطهاد المسلمين في "بورما"، حركة 6 أبريل وضعت على عاتقها حمل هذه القضية بل وبدأت تنظم المظاهرات أمام سفارة بورما في 28 يونيو، وأُستخدمت صفحة "مباشر 6 أبريل" (156,883 لايك) للتوعية عن إضطهاد المسلمين هناك.


[ذبح المسلمين على يد رهبان بورما

ولكن لماذا بورما ولماذا في هذا التوقيت؟

نستطيع فقط أن نخمن أن هناك ثلاث أسباب رئيسية تدفع المليشيات الإخوانية الإلكترونية لتحويل تركيز وإنتباه المجموعات الثورية إلى قضية بورما.

أولاً: بورما تجذب إنتباه الشباب المسيس بعيداً عن القضايا الوطنية من إصلاح التعليم والإصلاح الاقتصادي والقضايا العمالية والعمل على بناء أحزاب سياسية جديدة قادرة على المشاركة والمعارضة السياسية بقوة وتجعل الشباب يركز في قضية خارجية فهمها متعثر تتسم بنقص المعلومات والحقائق الملفقة.

فننظر مثلاً إلى هذه الصورة التي إنتشرت بشكل شاسع على الإنترنت في مصر والسعودية في يونيو 2012 بعنواين تراجيدية حول الرهبان في بورما وذبحهم للمسلمين، تكتشف بقليل من البحث أن تلك الصورة ليست لضحايا مسلمين مقتولين على يد الرهبان بل هي صورة نُشرت في أبريل 2010 على موقع "أهل التبت" الذي يصور رهبان التبت وهم يدفنون ضحايا زلزال الصين في 2010.

ثانياً :إن قضية إضطهاد المسلمين في بورما تنشط فكرة الهوية السياسية الإسلامية التي يرغب الإخوان أن يتوحد حولها الشباب في المنطقة كبديل للثورة والحرية.

ثالثاً: إن قضية بورما تصلح كبديل جيد للقضية الفلسطينية التي إستخدمها الإخوان المسلمون لسنوات طويلة للسيطرة على الشباب وتحريكهم دون أي صدام حقيقي مع النظام المصري، والآن حينما حصل الإخوان المسلمون على السلطة والقوة فإستخدام قضية فلسطين سيحول بينهم وبين ترسيخ العلاقات الدبلوماسية والإقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل، وبالتالي فإن بورما تصلح كوسيلة مؤقتة لدعوات الغضب والوحدة الإسلامية كما أنها تخدم رغبة أمريكا في تكوين معسكر إسلامي مناهض وكاره للمعسكر الشرقي للصين وايران.

9- أنسنة السياسي :

عبر التاريخ والناس الذين خلف الناس الذين هم في السلطة يسعون دائما لدفع أفراد المجتمع للتركيز على الصفات الإنسانية للقادة السياسين بدلاً من مواصفاتهم وسلوكهم السياسيين. الإخوان كأفراد في الجماعة هم في النهاية أشخاص مخلصين وطنيين أتقياء (يعرفوا ربنا) وكل ما يريدوه هو الخير لهذا الوطن، وإن أخطأ الإخوان المسلمون فهذا لأن كل إنسان في العالم له أخطاءه لا أكثر، فنحن بشر وتلك الأخطاء بالتأكيد لن تكون بسبب إستغلال النفوذ أو سياسيات غير نزيهة أو أغراض بعيدة. هذه الإستراتيجية لإظهار الصفات الإنسانية والمستضعفة للقادة السياسين تخلط السياسي بالإنساني وتشخصن السياسة وتخويها من مضمونها.

فلنأخذ البوست التالي في صفحة "آخر أخبار ميدان التحرير" التي نشرت كلمات محمد سعد أبوالعزم تحت عنوان "حب مصر وكراهية الإخوان المسلمين"

(نعم ... من حقك أن تعارض الإخوان، وتنتقد أداء نوابهم وقيادتهم، فمن قال إنهم لا يخطئون؟ من قال إن كل ما إتخذه الإخوان من قرارات كان صحيحاً؟ هم بدون شك تجمع بشرى يجتهد فيصيب ويخطئ، ولكن المؤكد أنهم فصيل وطني له رؤيته فى إصلاح البلاد؛ التى قد يختلف البعض معها، وقد سجلت تحفظاتي عدة مرات على بعض تلك القرارات)

تلاعب آخر على المشاعر الإنسانية كان يحدث على الفيس بوك والإنترنت عامةً وهو الذي كان يركز على أن متطلبات المرحلة أكثر من أن يحتملها محمد مرسي كإنسان، فهو يضطر ألا ينام من أجل مصر، وهو ما ترتب عليه بالتالي إننا علينا أن نقلل من متطلباتنا حتى نخفف من عليه الضغوط ، وأن نكون مقدرين لما يفعله وليس ناقدين لمن لا ينام.

وهذه أحد البوستات الشبيهة في صفحة "شباب وفتيات مصر في السعودية"

حينما كانت تستجدي عطف الناس وتكتب

"أنا بتمنى أعرف هو الرئيس مرسي امتى بيبقى عنده وقت ينام"

10- أن تشيع عن نقطة ضعفك أنها نقطة قوتك :

صفحة "إحنا آسفين لأننا منظمين"
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/fck_images/8-We're%20Sorry%20We're%20Organized.png

تظهر كيف يتباهى الإخوان المسلمون بما يعتبرونه أحد أهم فضائلهم، فالصفحة تقدم الشكل التنظيمي للإخوان على أنه كنز الجماعة، والإخوان المسلمون هو تنظيم غير شفاف وغير ديموقراطي لا يمكن بأي شكل مقارنته بالنظام الديموقراطي العادل الذي تحلم به مصر الثورة، فشباب الإخوان ينفذون الأوامر الموجهة لهم من صناع القرار وهم مجلس شورى الإخوان، لا يحق لهم أن يسألوا وإن سألوا فعليهم أن يسألوا الأسئلة المجهزة مسبقاً في قوالب الشبهات والردود، والأعضاء يعلون في المراتب داخل الجماعة بحسب ولائهم للقادة داخل هذا البناء فالكفاءة هنا معادلة للولاء للقائد وهو ما يتنافى تماماً مع القيم الإجتماعية والسياسية الجديدة التي تطرحها الثورة.

والحقيقة أن الهيكل التنظيمي وأسلوب الإدارة والتنظيم داخل الإخوان هي أكبر نقطة ضعف لديهم، فكيف لتنظيم ديكتاتوري أن يؤسس الديموقراطية في مصر، ولكن أستطاع الإخوان أن ينشروا ميمة أن أسلوبهم التنظيمي ميزة ونقطة قوة يكاد الجميع أن يصدقها برغم عجز الإخوان عن تكوين حزب سياسي أصلاً ذو قرار منفصل عن مجلس شورى الجماعة.

وحتى اليوم يجتمع الرئيس بمجلس شورى الإخوان ويتحدث المرشد العام الذي لم يحصل رسمياً على أي منصب سياسي داخل الدولة أو داخل حزب الحرية والعدالة عن خططه لمستقبل مصر، ويقوم شباب الإخوان بتأمين المباراة بدلاً من الشرطة وكأنه جهاز أمني موازي للجهاز الأمني الرسمي. ولازال الكثيرون يصدقون أن فضيلة الإخوان أنهم منظمون.
11- شيطنة الانترنت :
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/fck_images/9-Facebook%2520devil.PNG
شيطنة الفيس بوك
سيظل الإنترنت لا يمكن السيطرة عليه أو توقع ما سينتج عنه بغض النظر عن الجهود المستميتة للإخوان، فيضطر الإخوان أحياناً للعب على المخاوف الدينية لإثناء الشباب عن الفيس بوك وتويتر. أحد أشهر المتحدثين بأسم الإخوان في الإعلام وهو صفوت حجازي قارن الفيس بوك وتويتر ب"اللات والعزى" آلهة الوثنين في مكة في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام حيث أكد في نهاية حديثه التليفزيوني في يوليو 2012 ان الإنترنت هو مسيلمة الكذاب.

والحقيقة أن هذا الوصف فيه مفارقة لأنه يصلح لوصف أساليب المليشيات الإلكترونية الإخوانية للسيطرة الأيديولوجية. ومن جهة أخرى فالمليشيات الإلكترونية بلغة أقل حدة كانت تثني الشباب من إهدار طاقتهم على الفيس بوك وتويتر، ولا ننسى إنتقادتهم المستمرة والقوية لمحمد البرادعي وتويتاته التي تنتشر عبر وكالات الأنباء والجرائد والمواقع الإلكترونية بل يتناقلها عدد لا يحصى من حسابات الفيس بوك و الذي ينتقيها البرادعي بذكاء ولا يكثر منها، وبالتأكيد أن هذا الإنتقاد الإخواني لمحمد البرادعي ونشاطه على تويتر ليس هدفه أن يدفع البرادعي بأن يقوم بأعمال أكثر اتصالاً بالشارع بل هدفه إثناءه عن أن يكون شخصية فعالة على التويتر والإنترنت وربما انسحابه من التويتر يفتح لهم مساحات أرحب.

فإن الإنترنت يكون فعالاً حينما يكون جهاز يستطيع الإخوان من خلاله تحميل أيديولوجياتهم ويكون شيطاناً حينما يعجزوا عن ذلك. لذا فلا عجب أن الإخوان يحلمون بفيس بوك يسمونه إسلامي أو بلفظ أوضح فيس بوك إخواني يقوموا بإنشاءه بدعم من الخليج يحركون من خلاله الشباب في المنطقة و يروجون له بأفكار براقة عن الأخلاق و القيم الدينية.

الأيديولوجية لم يتم تحميلها بشكل كامل ... هل تريد إلغاء الأمر؟

للأفضل أو للأسوء...للنفع أو للضرر سيستمر الفيس بوك في كونه منبر حرج، مساحة يدور فيها الجدل الحاد والتشاور المتروي حول مستقبل بديل قابل للتحقق، ملايين من المستقلين سواء مواطنين إلكترونين أو نشطاء إلكترونين يتشاركون في هذا الفضاء مع جماعة تبحث عن القوة لها مليشيات إلكترونية تحركها بالأمر تسعى لتحميل أيديولوجياتها وأن تشكل على هواها اللغة السياسية والعمليات العقلية داخل عقول المستخدمين.

الجماعة ذات البناء القمعي تقدم نفسها كجماعة تحررية، فإن الجماعة التي تعتمد على التخفي والتلاعب تقدم نفسها كجماعة تحرص على الشفافية والديموقراطية. أقرت العديد من السياسات المريبة للنظام القديم في محاولاتها للإصلاح.

تُحدثنا عن مشروع إبداعي خلاق وتقتل الشخصية والإبداع الفردي في شبابها، فيتحول شبابها ليس في الفيس بوك فقط بل في الواقع إلي بروفايلات خاوية من الخصائص والمعلومات (info)، يملؤها القادة بالقوالب حسب الحاجة. فأكثر ما يحزنني حين يدخل أحد الشباب الإخواني بأحد القوالب التي تلقى أوامر نشرها ويكون داخل القالب أنه يعمل في كذا أو لديه خبرة في كذا أوتربى في كذا، وهذا القالب يتنقله الآلاف من المفترض أنهم أفراد مختلفين، فقد أُبطلت شخصيتهم لصالح القادة لم يُبطل عقلهم النقدي وإبداعهم فقط. وعدت بالكثير ولم تقدم سوى الخطاب، ولكن حينما يصبح خطاب ما ممتداً ومنتشراً بغزارة يصبح انتقاده شديد الصعوبة. على المواطنين العادين في الفضاء الإلكتروني الرافضون لتحميل الأيديولوجية أن يعملوا بشكل فردي أو جمعي لمقاومة هذا التحميل وألا ينخدعوا بالبروفايلات الكاذبة والقوالب الموجهة المعدة مسبقاً. وفي الحقيقة هناك الكثير من المستخدمين لديهم وعي كامل بكثير مما ذكرنا لتكتيكات وربما أكثر وعليهم أن يستمروا في فك شفرات تكتيكات الخطاب التي تستجد على الساحة الإلكترونية أول بأول، عليهم أن يرفضوا أي تضييق على المساحات المادية والإفتراضية في الفضاء الإلكتروني التي كانت يوماً ما مجالاً للروح السقراطية الجمعية التي تشارك فيها الجميع بالأسئلة الأساسية الهامة، الوطنية والسياسية والإنسانية لأن إنطفاء تلك الروح التي بدأت بها الثورة يقطع الطريق أمام تحقيق أهدافها.

إن الطليعة الإلكترونية تستخدم فضاءات الإنترنت بأساليب إبداعية مرحة منفتحة سياسياً وتوعوياً، تكشف الحقائق للجماهير في وجه السلطة وتحرك الإبداع في العقول. هناك صفحات كثيرة مثل صفحة "كارلوس لاتوف" أو "الحملة القومية ضد السرسجية" أو "أنا إخوان أنا مقطف بودان" وصفحات أخرى، كل هذه الصفحات لم تعد كافية الآن للتعامل مع التسونامي الاخواني على الفيس بوك وعلى المجتمع ككل.

الذين لازالوا مستمرون في النضال من أجل الديموقراطية والكرامة والعيش ... الذين لايزالوا يدافعون عن أهداف الثورة، يحتاجون إلى فهم أكثر فهماً وتدقيقاً لتحركات وتكتيكات الإخوان الأيديولوجية، فقط من خلال الإقتراب من الإنترنت والإعلام الرسمي والغير رسمي بأعين مفتوحة واعية ومحللة، وعليهم أن يكتبوا بأيديهم السيناريو المستقبلي الخاص بهم نحو حريتهم وحريات ذويهم. عليهم اليوم أن يبدعوا نموذجهم الخاص للوطن بدلاً من أن يعيشوا كمواطنين محملين بقوالب مكتوبة في عقولهم تقودهم نحو مصالح جماعة بعينها.

الترجمة الانجليزية للمقال (http://www.thanwya.com/vb/showthread.php?p=4925797#post4925797)

أ/محمد ابراهيم
22-10-2012, 11:07 AM
اخى العزيز استاذ ايمن
ان كان الاخوان قد عملوا كل ما تم كتابته
فهو ذكاء فوق الوصف يحسب لهم ولا يحسب عليهم
يدل على تنظيمهم بطريقه غير عادية
كنت فى الفترة الماضية متأرجحاً هل انتخبهم مرة اخرى ام لا ؟
ولكن بعد هذا المقال ولشدة الذكاء والتنظيم
قررت ان شاء الله انتخبهم فى الانتخابات القادمة
لانى لا اعتقد انه سيكون هناك ذكاء وقدرة تنظيميه اكثر من ذلك
شكراً لك اخى الحبيب

محمد محمود بدر
22-10-2012, 11:25 AM
ماشاء الله موضوع فى قمة الروعة واعمق واجمل وصف وتحليل قرأته منذ زمن بعيد عن الوضع الراهن وتحليل نفسى واجتماعى فوق العادة
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
والله يكون فى عونك فى اللى هاتسمعه من الاخوان

aymaan noor
22-10-2012, 11:28 AM
اخى العزيز استاذ ايمن
ان كان الاخوان قد عملوا كل ما تم كتابته
فهو ذكاء فوق الوصف يحسب لهم ولا يحسب عليهم
يدل على تنظيمهم بطريقه غير عادية
كنت فى الفترة الماضية متأرجحاً هل انتخبهم مرة اخرى ام لا ؟
ولكن بعد هذا المقال ولشدة الذكاء والتنظيم
قررت ان شاء الله انتخبهم فى الانتخابات القادمة
لانى لا اعتقد انه سيكون هناك ذكاء وقدرة تنظيميه اكثر من ذلك
شكراً لك اخى الحبيب

جزيل شكرى و تقديرى لحضرتك أستاذى الفاضل محمد ابراهيم
بالفعل هو ذكاء كبير و يدل على قدرة فائقة على التنظيم و ادارة الدعاية الانتخابية و هو مايشهد به الجميع للأخوان
أما عن انتخابهم مرة أخرى ، فهذه هى الديموقراطية الحقيقية أن ينتخب كل شخص من يراه الأصلح
فشر هذه المقالات ليس الهدف منه التأييد أو الهجوم و لكن المعرفة و التحليل ليختار بعد ذلك كل شخص مايتوافق مع فكره و رؤيته للأمور

جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

aymaan noor
22-10-2012, 11:30 AM
ماشاء الله موضوع فى قمة الروعة واعمق واجمل وصف وتحليل قرأته منذ زمن بعيد عن الوضع الراهن وتحليل نفسى واجتماعى فوق العادة
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
والله يكون فى عونك فى اللى هاتسمعه من الاخوان

جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

aymaan noor
22-10-2012, 12:32 PM
تساؤلات لا بد منها: الجزء الثاني
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/appa2.jpg

لا يكفي فتح بروتوكول باريس، بل حان الوقت لطي صفحته

ما تم التعبير عنه مؤخرا من احتجاج شعبي وسياسي تجاه الأوضاع المعيشية المتردية، نجح أيضا على صعيد الشارع الفلسطيني، ولأول مرة، في إبراز الصِلة بين تلك الأوضاع والهيمنة الإسرائيلية على الاقتصاد الفلسطيني من خلال آليات "بروتوكول العلاقات الاقتصادية"، الموقعة بين إسرائيل و م.ت.ف. في باريس عام 1994. ولم تغفل الشعارات التي رفعت والتحليل والتعقيب المكثف منذ ذاك الحين بأن بروتوكول باريس كان الملحق الأول لاتفاقيات أوسلو، وأن استمرار سريانها مرتبط بنتائج الجدل الدائر حول مستقبل الأطر المؤسسية والأمنية والسياسية لأوسلو، بل حول نظام الحكم الذاتي نفسه. وقد يُنظر إلى جميع هذه الاتفاقيات على أنها رزمة واحدة متكاملة ومكملة لبعضها، غير قابلة للتجزئة. وانعكس ذلك بوضوح في سياسات السلطة الفلسطينية منذ 2007 على الأقل، حيث كان العنوان العريض للمرحلة السابقة "الوفاء بالالتزامات الموقعة" وإظهار حسن النوايا والجاهزية المؤسسية، على أمل التجاوب بالمثل من طرف "القوة القائمة بالاحتلال."

وبينما توصل الرأي العام الفلسطيني أخيرًا إلى أن بروتوكول باريس يبدو "أصل البلى" الاقتصادي (مع الاستدراك بأن أوسلو هي "الورطة الكبرى")، فإن التجربة التنفيذية التاريخية والأخيرة لها دلت على أن البروتوكول يحد بشكل شبه مطلق قدرة الساسة الاقتصاديين الفلسطينيين على منع حدوث المزيد من التدهور الاقتصادي، ناهيك عن أنها تقوض وتلجم أيّة احتمالات تنمية (وليست فقط احتمالات النمو) فعلية. وهذا الاستنتاج الشعبي يأتي ليؤكد ما يردده عدد من الخبراء والمؤسسات الفلسطينية والدولية منذ سنوات، مما يجعل من المنطقي التساؤل الذي انتهيت بطرحه في مقال سابق (رابط للمقال الأول) أي إذا كان من الممكن التخلص (أو الخروج) من بروتوكول باريس دون تفكيك أوسلو وألياتها ومؤسساتها.. فهل من بدائل سياساتية اقتصادية خارج اطار باريس يمكن جديا وفي الواقع السياسي الراهن الاحتماء بها واعتمادها بغية معالجة التحديات الاقتصادية الآنية والمستقبلية، دون الإطاحة باتفاقية أوسلو أو التبريء من التزاماتها المتشابكة؟

قبل محاولة الإجابة، لا بد من استذكار بعض أهم ملامح بروتوكول باريس التي تقيد حتمًا احتمالات التنمية والاستقلال والسيادة الفلسطينية، حتى بين دولتي إسرائيل وفلسطين العتيدة، ثم أن أوضح لماذا لا تجدي محاولة إصلاح البروتوكول اليوم، بعد كل ما تعرض له من تآكل وانتهاك وتجاهل من قبل إسرائيل حتى الوصول إلى مرحلة، وكما جاء في قصة الأطفال الغربية حول البيضة المكسورة ،"لن يستطع كل رجال وكل خيول الملك إعادة تركيب هامبتي دمبتي ثانية".

***

عندما قررت م.ت.ف. قبول ترتيبات أوسلو للحكم الذاتي الانتقالي السياسية والمدنية والأمنية، كان عليها إبرام اتفاقية مناسبة لتنظيم العلاقات الاقتصادية بين كيان الحكم الذاتي والقوة القائمة بالاحتلال. بالرغم من كل ما يحتوي البروتوكول من أوجه قصور في تصميمه وشروطه، بما في ذلك الادعاء في مقدمته أنه يهدف لوضع الأسس الصلبة لاقتصاد فلسطيني مزدهر في الضفة الغربية وغزة، التي تشكل وحدة جغرافية اقتصادية واحدة، لا ينفع اليوم مواصلة هذا الجدل الذي لم يتوقف بين الخبراء والسياسيين منذ ما يزيد عن 15 سنة، ونكتفي بالقول أنه إذا كان البروتوكول الخيار الوحيد لتنظيم العلاقات الاقتصادية لإدارة شؤون سلطة فلسطينية ناشئة، فان تلك المرحلة انتهت منذ حين، ويعيش الشعب الفلسطيني اليوم ظروف سياسية وميدانية مختلفة تمامًا، بل تحديات وجدانية ليست اقل ضاغطة من تلك التي أجبرت قبل 20 سنة الدخول في عملية سلام ولّدت أوسلو.

يتمحور بروتوكول باريس حول عدة مجالات للعلاقات الاقتصادية ربطت مصير الاقتصاد الفلسطيني بمتطلبات الاقتصاد الإسرائيلي الأكبر والأقوى. وأهم قنوات هذا "الارتهان" وأضراره الموثقة للاقتصاد الفلسطيني، الأمس واليوم وغدًا، هي:

1. اعتماد النظام التجاري الإسرائيلي (مع بعض الاستثنائيات) من تعرفة جمركية وضرائب غير مباشرة ومواصفات، الذي قد يخدم مسار إنماء الاقتصاد الإسرائيلي المصنّع والمتقدم علميًا والمنفتح تجاريًا وماليًا على أسواق العالم، لكنه غير ملائم لعملية بناء قاعدة إنتاجية متينة أو لحماية المصالح الحيوية لشعب يكافح لتحرير أرضه المحتلة، حيث ينطوي على انفتاح تجاري مبكر ومفرط يؤدي إلى طمس احتمالات بناء "صناعات وليدة" ويدمر الزراعة التقليدية ويزيد من التبعية لإسرائيل ومساره الاقتصادي ؛

2. شروط انسياب التدفقات التجارية بين مناطق السلطة الفلسطينية وإسرائيل وسائر الأسواق الأخرى، والتي تقيدت بالموانئ والمخلصين ووسائل النقل الإسرائيلية والتكاليف الإضافية المترتبة على ذلك، وبالرغم من كل التطور المحقق في القدرة المؤسسية والفنية المكتسبة لدى الجمارك الفلسطينية وقطاع الشحن والتخليص الفلسطيني، في إدارة التدفقات التجارية الحدودية بكفاءة عالية، فإنها ما زالت أسيرة ل"عنق الزجاجة" الإسرائيلية ولا وجود لهم لا على الحدود الدولية ولا داخل الموانئ، بينما لم يعد احد يتحدث عن ميناء غزة البحري (أو مطارها الدولي) المنصوص حرفيًا علي إنشائه في أولى اتفاقيات أوسلو، إعلان المبادئ لعام 1993 ؛

3. تسيير التبادل التجاري الزراعي بين الطرفين على أسس "التنافس الحر"، والذي تحول فعلا إلى عملية إغراق للسوق المحلية بالمنتجات الزراعية الإسرائيلية المشبعة بالإعانات العامة ودعم للأسعار وشبكات للتسويق، مما يقوض تماما فرص التنمية الزراعية والمجتمعات الريفية؛

4. شروط دخول العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل، والتي تحددت سقفها دائمًا بحسب مقتضيات الأمن واحتياجات سوق العمل الإسرائيلي دون مراعاة احتياجات السوق الفلسطيني، مع أن تأمين فرص عمل في إسرائيل اعتبرت من اهم مبررات قبول صيغة "الاتحاد الجمركي" ومن أهم "المكاسب" من تنفيذ البروتوكول حتى عام 2000؛

5. اعتماد العملة الإسرائيلية للتداول والتقييد بالسياسة النقدية والاقتصادية الكلية الإسرائيلية في فصل من بروتوكول باريس لا يذكر عادة عند مناقشة سلبياته المذكورة أعلاه. وكان هناك مبرر في 1994، و ما زال، للتعامل مع هذا الموضوع بمزيد من الحذر وحس رفيع من المسؤولية المهنية والوطنية. لكن نظرًا لما يسببه هذا الارتهان النقدي من تشوه في عدد من المؤشرات الاقتصادية الكلية (نسب الفائدة والتضخم وأسعار صرف العملة والأجور والقوة الشرائية عامة)، وعلى ضوء أهمية اعتماد سياسة نقدية مستقلة (أو ذاتية) لإرساء قواعد حقيقية لاقتصاد يتمتع بحيز من السياسات والسيادة، فان استثناء هذا الموضوع من الحوار الاقتصادي الحالي غير معقول، خاصة وأن السلطة استنفذت جميع "الأسلحة" الضريبية والتجارية المتبقية في "جعبة" بروتوكول باريس لمواجهة الأزمة.

وعندما قرر الرئيس أبو مازن، في أعقاب خطابه أمام الأمم المتحدة في 2011، ان يتم فحص قيود بروتوكول باريس والبدائل المتاحة، كان ربما يرى ماذا ستواجه هذه الاتفاقية من نقد وإلقاء اللوم اذا لم تتحسن الظروف السياسية والاقتصادية. وها نحن بعد عام من ذلك، وتم تجديد القرار ب"فتح" باريس دون تحديد ما هي الملفات التي ستفتح ولأي هدف تماما. وفي نفس الوقت أعلن رئيس الوزراء سلام فياض عن عدد من الاتفاقات (لم يكشف عن جميع تفاصيلها أو نصوصها كما جرت العادة في الماضي) لتحسين آليات التعاون الجمركي ولتسهيل انسياب التجارة بين الضفة الغربية وإسرائيل. كما كتب في هذه الصفحات مؤخرا كبار المفاوضين في باريس (وأوسلو)، السيد احمد قريع، بأنه إذا كان هناك خلل في الأداء الفلسطيني في موضوع البروتوكول، فإن ذلك لا يتعلق بتصميمه بقدر ما هو نتيجة الضعف في التنفيذ الفني والمؤسسي والتفاوضي الفلسطيني، وبالتالي على الجانب الفلسطيني اليوم أن يحسن الاستفادة القصوى منه.

ومع أهمية ما تشير لها هذه التطورات، من استدراك لصناع القرار لخطورة الوضع الحالي والإلحاح في إتمام تعديلات كانت من بين المطالب الاقتصادية الفلسطينية منذ أكثر من عقد من الزمن، فإن المشكلة الكبرى اليوم أنه يبدو أن القرار الاقتصادي يتجه نحو إصلاح البروتوكول، بغية المزيد من التشابك مع اقتصاد القوة القائمة بالاحتلال.

يبدو أن الرهان هو أن إسرائيل قد تقبل اليوم تنفيذ ما رفضته قبل 2000، عندما كانت م.ت.ف. في وضع اقتصادي وسياسي وتفاوضي اقوى ولم تكن إسرائيل قد أحكمت بعد قبضتها الاستعمارية وطوقها حول مناطق نفوذ السلطة الفلسطينية. وهذا في لحظة تُرفع شعارات، ليس لتجديد سريان باريس أو إطالة أمد السيطرة الاقتصادية الإسرائيلية، بل مناهضة للاتفاقية ومطالبة بفك الارتهان لاقتصاد إسرائيل، ناهيك عن تجاهل رأي غالبية الخبراء، الذي يؤكد على ضرورة التخلص من الاتحاد الجمركي والاتحاد النقدي اذا كان سيقام يوم ما اقتصاد فلسطيني "قابل للحياة" لدولة فلسطينية مستقلة.

***

مع ان بروتوكول باريس موقّع عليه من قبل طرفين، فإن السلطات الإسرائيلية تعاملت معه وعدلت من إجراءات تنفيذه دائما حسب متطلباتها الأمنية ومزاجها السياسي، وأبدا ليس حسب نصوصه أو حتى روحه. بمعنى آخر، لم يكن يومًا البروتوكول المرجعية الأساسية أو الضرورية لترشيد القرار الاقتصادي الاسرائيلي بشأن الأراضي المحتلة، بل كانت مخططات توسع المستوطنات والطرق وشبكات الطاقة والجدران الفاصلة والحواجز والمعابر وكل بنية الاستعمار هي المرجعية والدليل التي لا ترى إسرائيل سواها. من جانب آخر مع مرور السنين والانخفاض المتواصل في سقف التوقعات والمطالبات الفلسطينية، فإن البروتوكول أصبح المرجعية الاقتصادية الفلسطينية الوحيدة، التي لا يرى صانع القرار الفلسطيني سواها، وكأنه منقوش في الصخر أو أنه لا توجد نماذج اقتصادية بديلة في العالم، سوى تلك الصيغة البائتة والمتقادمة والمجحفة بحق الشعب الفلسطيني ومقدراته وقدراته الكامنة.

ومع مواصلة الجدل حول مستقبل باريس وأوسلو (بل مدريد نفسه وعملية السلام برمتها)، سيكون من المفيد دراسة جميع الإمكانيات من النواحي القانونية والوظيفية والسياسية، ليس لتعديل أو تصحيح بروتوكول باريس أو للتنفيذ "الأمين" له، إنما باتجاه الخروج تدريجيا ومنطقيا من اعتباره المرجعية الوحيدة. وذلك حيث يمكن بالتراضي مع إسرائيل ودون تفاوض، أو بالسعي السياسي والديبلوماسي والميداني تحقيق كل ما هو ضروري لتأمين الأمن الاقتصادي للمواطن ولحماية الاقتصاد الممزق من الحرب من المزيد من التدهور، بغض النظر عن نصوص باريس.

ومن خلال برنامج سياساتي يضع نصب عينيه المحاور الأساسية للارتهان الاقتصادي ("نقاط الوجع") والحلول البديلة لمعالجتها (اليوم وليس بعد الاستقلال)، يصبح من الممكن تصوّر علاقة اقتصادية مختلفة مع الاقتصاد الإسرائيلي يبتعد عن قيود بروتوكول باريس. من المؤكد انه كما يعكس البرتوكول الاطار الاقتصادي الوحيد المسموح احتلالياً الاسترشاد به فلسطينياً، فان أوسلو (أم باريس) يبقى الاطار الوحيد المسموح لإدارة مناطق الحكم الذاتي في الضفة الغربية. ومَن كان يطالب منذ زمن بتفكيك أوسلو أو اصبح اليوم ينادي بذلك، على حق بالادعاء بان أوسلو يقتضى باريس وأنه ليس هناك ما يبرر باريس اقتصادياً سوى أوسلو. لكن ذلك لا يفرض بالضرورة أنه لا حياة لأوسلو دون باريس.

من هذا المنطلق اذًا، ومع الاعتراف بأهمية معالجة جذرية للازمة الاقتصادية، وضرورة تغيير الاطار التنظيمي الاقتصادي الحاكم (الذي بحد ذاته يكون بمثابة تغيير سياسي)، وصعوبة (بل خطورة) التخلص من أوسلو (أو باريس) بين ليلة وضحاها، وانطلاقا ايضاً من عدم قدسية أية اتفاقات تهدد "الأمن الاقتصادي القومي"، يصبح من الواجب فتح الطريق أمام حوار وطني عاجل وشامل للتدارس في السياسات التجارية والضريبية والنقدية المناسبة لمواجهة تحديات اليوم، وأن يطوى ملف باريس هذه المرة، لكي تعمل العقول الحرة وقادة الرأي الشابة والمخضرمة على رسم احتياجات وأولويات وآليات مرحلة صمود قد تطول، وبانتظار هبوب رياح أي تغيير سياسي أو اختراق ديبلوماسي قد تخلط الأوراق كلها، وتجعل كل هذا الجدل نافل وغير ضروري!

في الحلقة القادمة والأخيرة: ما هو متوفر كبدائل عن اطار باريس، وكيف يتحقق وعلى ارض الواقع باقل خسارة؟

aymaan noor
22-10-2012, 12:35 PM
تساؤلات لا بد منها: الجزء الثالث


اذا كان الابتعاد عن الاتحاد الجمركي منطقياً، هل توجد بدائل فعلية له؟
هنالك عدة أسباب تجعلني غير واثق من توفر الاستعداد أو المقدرة السياسية لدى السلطة الوطنية الفلسطينية للتعامل اليوم مع بروتوكول باريس حسب ما تقتضي المصلحة التنموية الفلسطينية الاستراتيجية، وهي ذات الأسباب التي ستدفع أصحاب القرار الاقتصادي الفلسطيني على الأرجح للعمل على تعبئة الجهود لإجراء إصلاحات اقتصادية وتجارية داخل اطار باريس، وليس خارجه. وفي نفس السياق، يجب ألا نستغرب اذا ولدت مثل هذه الجهود "الترميمية" للبروتوكول بعيدا عن المس ب"أم الاتفاقيات" أوسلو، حشداً بل تزاحماً بين اطراف عديدة قد تجد مصلحتها في إدامة الإطار الاقتصادي الحاكم، أو لديها قناعة اقتصادية بضرورة وحتمية الحفاظ على الاتحاد الجمركي مع إسرائيل. وعلى ضوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية والمخاطر المحدقة باطار أوسلو ومؤسساته، فانه من المؤكد ان ورش العمل ودراسات الخبراء والمعاهد والمانحين والمشاورات بين المسؤولين الاقتصاديين سوف تنطلق مجددا، في سعي لبعث الحياة، بل الأيمان، في اطار بروتوكول باريس وإطلاق "عملية إصلاح" له، قد تمهد لمرحلة "انتقالية" جديدة، شبيها بتلك السنوات ال3 التي مضت من "جهود بناء الدولة".

وبالرغم من المطالبة الشعبية المناهضة لآثار بروتوكول باريس، وللإجماع العلمي الواسع بان الاتحاد الجمركي لا يشكل افضل الصيغ للعلاقة التجارية الحالية والمستقبلية، بل هو الأسواء في جميع الأحوال، فان الإمعان في الترويج لإمكانية "تطوير" باريس أو تنفيذه بأمانة ("كما هو منصوص عليه") وليس حسب المزاج الأمني أو الاقتصادي الإسرائيلي، لا يبشر على بجاهزية السلطة الفلسطينية للبحث جديا بأية بدائل عما هو قائم و"موقع عليه"، ليس اليوم ولا غدا، وحتى ولو أحضرت لها مائة رأي ومبرر اقتصادي مغاير.

ومع ان م.ت.ف. طالبت إسرائيل في مفاوضات كامب ديفيد عام 2000 باستبدال الاتحاد جمركي ب"منطقة تجارة حرة"، وأيدها في ذلك خبراء البنك الدولي الذين اكدوا في دراسة نشرت عام 2002 "ان البروتوكول بعباراته الغامضة، يشكل عقداً غير مكتمل وغير قابل للتطبيق، تم تنفيذه لصالح إسرائيل". لكن هذا لم يعد اليوم هو الموقف الفلسطيني الرسمي، حيث أكد رئيس الوزراء سلام فياض للمفوض التجاري الأميركي في 2010، انه يفضل شخصيا الانتقال نحو نظام تجاري اكثر متحرر من ذلك المتضمن في باريس ودون منح أفضليات تجارية لأي طرف، لكنه ليس "متحمسا لتغيير ما هو قائم"، وبإمكانه "التعايش مع البروتوكول". ومع انه لا يتم تنفيذه كما يجب، فان من الممكن حسب رأيه إجراء تحسينات لبعض جوانبه حيث انه إطار "أفضل بكثير مما يدعيه البعض".

ويبرز هنا التخوف من الدخول في منطق التفاؤل المطلق لشخصية فولتير الشهيرة، ذلك الفيلسوف "بانغلوس" الذي كان يصر على انه "في عالمنا هذا، وهو الأفضل بين كل العوالم، فان كل شيء على افضل حال". وقد يستسلم لهذا المنطق كل من صانع القرار الاقتصادي الذي لا يرى الاقتصاد سوى من منظار باريس وأوسلو، والجمهور الفلسطيني الأوسع الذي يراوده في آن واحد التذمر من الوضع المعيشي والقلق تجاه أي تغيير في الوضع القائم. لكن اذا اصبح "إنقاذ باريس" هو العنوان الفعلي للفترة القادمة، رافضا بذلك التعلم من دروس العقدين الماضيين وتفادياً المواجهة مع تحديات اليوم وغدا الاساسية، سينطوي مثل هذا التوجه على تجاهل بقية حكاية "بانغلوس"، الذي واجهه تلميذه "كانديد" بالإجابة "اذا كان عالمنا الأفضل بين كل العوالم، فكيف هي فعلا تلك العوالم؟" وهذا هو محور ما سأجيب عليه في هذا المقال لدى دراسة البدائل الممكنة "لعالم" باريس الاقتصادي.

***

من المتعارف عليه في علم الاقتصاد وفي التجارب التنموية المختلفة من أوروبا إلى أمريكا اللاتينية، هنالك اربع نماذج للعلاقات التجارية بين الدول يتم الانتقال من واحدة للثانية في مراحل متعاقبة من الاندماج الاقتصادي المتزايد.

المعاملة التجارية غير التمييزية: أو ما يعرف أيضا بمعاملة الدولة الأكثر رعاية، وهي صيغة العلاقة التجارية القائمة فعلاً بين معظم دول العالم، في أولى مراحل علاقاتها التجارية المتبادلة، واعتماد هذه المعاملة هو الشرط الأساسي لقبول انضمام أية دولة أو منطقة جمركية منفصلة لمنظمة التجارة العالمية؛

منطقة التجارة الحرة: لتحقيق المزيد من الفوائد المحتملة من الاندماج التجاري والاقتصادي، يمكن تحرير جميع التدفقات التجارية السلعية والخدمية بين دولتين (مجاورتين عادة) أو اكثر وإعفائها من التعريفة الجمركية والرسوم، مع حق كل طرف بالاحتفاظ بترتيبات تجارية وجمركية مختلفة مع دول أخرى. ومن الأمثلة الناجحة نسبيا لهذه الصيغة "منطقة التجارة الحرة لشمال أمريكا – نافتا" بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك؛

الاتحاد الجمركي: وهو نموذج اكثر متقدم للاندماج، ينطوي ليس على تحرير كامل للتجارة بين مجموعة من الدول المشاركة فحسب، بل على اعتماد تعرفة جمركية موحدة تجاه كافة الدول الأخرى، و"الاتحاد الأوروبي" اصبح المثال الأكثر تقدما لمثل هذه الصيغة، بالإضافة "للاتحاد الجمركي لجنوب افريقيا" كمثال لاتحاد جمركي بين اقتصاد كبير ومتقدم وأخرى اقل نمواً.

الاتحاد الاقتصادي: و في ارقى شكل من الاندماج الاقتصادي فان مثل هذا الاتحاد - الجمركي والنقدي والضرائبي - بين اقتصاديات مماثلة أو متقاربة، يكون بمثابة تسليم سيادة الدول الاقتصادية إلى هيئة جماعية عليا تراعي مصالح جميع الأعضاء ضمن نفس المعايير السياسية الاقتصادية الكلية. و"منطقة اليورو" (المتأزمة اليوم) هي مثال على محاولة لم تنجح حتى الآن في إكمال جميع عناصر الوحدة الاقتصادية اللازمة للحفاظ على الاتحاد الاقتصادي، وخاصة الضريبية والمالية، مما يهدد بتفكيك الاتحاد النقدي اذا لم تنجح الدول الأعضاء بإنجاز المزيد من التوحيد لسياساتهم المختلفة، بما يراعي مصالح جميع أعضائها الكبار والصغار.

وإذا كان بروتوكول باريس يوصف عادة بانه "شبه اتحاد جمركي" (غير مكتمل بسبب تصميمه المنحاز للمصالح الاحتلالية وتضمنه استثناءات مختلفة)، فان العلاقة الاقتصادية الفلسطينية الفعلية مع إسرائيل أشبه ب"اتحاد اقتصادي" (غير مكتمل أيضا). وعلى ارض الواقع ليس هناك بين البحر والنهر سوى نظام اقتصادي واحد، أي النظام التجاري والضرائبي والنقدي والكلي الإسرائيلي. وضمن هذا الواقع القانوني والظرف الميداني الراهن، فان بروتوكول باريس لا يعتبر عقداً بين طرفين بقدر ما هو وثيقة ترشيدية إسرائيلية لبعض الاستثناءات عن أنظمة الاتحاد الاقتصادي التجارية والضريبية، والمسموح اعتمادها لدى سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية إذا رغبت بذلك. والجدير بالملاحظة أيضا أن قرار المم المتحدة 181 لتقسيم فلسطين عام 1947 نص في ملحقه الأول على إقامة اتحاد اقتصادي بين الدولتين اليهودية والعربية. ومع انه لم يتم تنفيذ بنود القرار الرئيسية في إقامة دولتين، إلا انه نُفذ ملحقه الاقتصادي على نحو مشوه، بعيدا عن هدفه الأصلي بتحقيق التقارب والاندماج الاقتصادي، حيث لم يولد هذا "الاتحاد" سوى التباعد والانفصال في مسارات النمو العربية واليهودية، وذلك هو النتاج الحقيقي ل 6 عقود من الاستعمار الاستيطاني الصهيوني.

***

هكذا يبدو (لي على الأقل) مشروعاً التساؤل لماذا يتجه الرأي السياسي و"العلمي" اليوم نحو إعادة اختراع أو إحياء نموذجاً للعلاقة التجارية مع القوة القائمة بالاحتلال لم يكن يوماً هو الخيار الاقتصادي الفلسطيني أو الإطار المناسب لتقوية اقتصاد تحت الاحتلال؟ بينما هنالك نماذج بديلة بإمكانها إتاحة فرص أكثر جدوى للعلاقة التجارية ليس مع إسرائيل فحسب، بل مع سائر الشركاء التجارية. وهنا ايضاً نلاحظ تكرار نفس الخطاء المنهجي في عملية صياغة السياسة الاقتصادية الفلسطينية الذي تكرس في الماضي، حيث كان السؤال المطروح يتمحور دائما حول ما هي أفضل الصيغ للعلاقة التجارية مع إسرائيل، بينما السؤال الجوهري الوحيد (والمغفل دائما) يجب ان يكون شكل النظام الاقتصادي والتجاري المطلوب لفلسطين مع العالم اجمع، وبالتالي ما هي انسب صيغة للعلاقة مع إسرائيل؟

وبينما قد يبقى الخيار الوحيد المسموح اليوم ضمن أوسلو هو الإبقاء على الاتحاد الجمركي المعلن (رغم تشوهه عدم تكافئه)، فانه حان الوقت للاعتراف علنا بان كيانيه الاقتصاد الفلسطيني أصبحت أسيرة لاتحاد اقتصادي اضطراري يملي شروطه محافظ بنك إسرائيل المركزي ووزران المالية والتجارة والدفاع الإسرائيلية، و تنحصر دور السلطة الفلسطينية في إدارة مناطق نفوذها المحدودة دون أية كلمة لها في رسم السياسات المالية والنقدية والتجارية الكلية التي تحد بشكل مطلق من قدرة "صانع القرار" الفلسطيني من صنع أي قرار فعلي.

على ضوء هذا كله، فان الخيارات ليست بالضرورة محدودة لدرجة جعل خيار البقاء على الاتحاد الجمركي هو الوحيد أو "أفضل العوالم" وطالما تفكر السلطة بفتح الملف الاقتصادي مع إسرائيل، يمكن وضع عدة خيارات أخرى على الطاولة والتي خضعت جميعها إلى الدراسة المقارنة من قبل جهات عديدة منذ سنوات:


خيار الانفصال التجاري والنقدي الشامل عن إسرائيل من خلال اعتماد المعاملة التجارية غير التمييزية والعمل على بلورة المفهوم القانوني والمؤسسي لمنطقة جمركية منفصلة والتعريفة الفلسطينية التنموية والتواجد/السيطرة على الحدود التجارية الدولية؛

خيار تحويل الاتحاد الجمركي إلى منطقة تجارة حرة بين المناطق الفلسطينية وإسرائيل، تشمل ربما 30% من الواردات الفلسطينية السلعية الحالية، ونسبة أعلى من الصادرات السلعية والخدمية (خاصة في حال تضمن ذلك صادرات الأيدي العاملة الفلسطينية)، مع إمكانية تطوير التجارة مع الدول الأخرى بعيدا عن النظام الجمركي الإسرائيلي وحسب المقتضيات التنموية الإستراتيجية؛

وأخيرا وليس آخرا، هناك خيار تحسين شروط الاتحاد الاقتصادي الفعلي المهيمن (وغير المعلن)، حيث يمكن للسلطة الفلسطينية ولمبررات اقتصادية، ان لم تكن أيضا سياسية، دراسة خيار تحميل السلطة القائمة بالاحتلال بالامتثال لواجباتها القانونية في رعاية مصالح الشعب الفلسطيني في جميع قراراتها وسياساتها النقدية والتجارية والضريبية، خاصة وان عبء تنفيذها تقع على عاتق السلطة الفلسطينية وآثارها الاجتماعية البعيدة تؤثر مباشرة على معيشة ما يزيد عن 4 مليون فلسطيني.

هكذا، عندما نتوقف لحظة للتفكير قليلاً قبل التسليم لمنطق "بانغلوس" الراضي على ما هو قائم كونه افضل من أي بديل آخر، نرى ان العوالم الاقتصادية الأخرى ليست بالضرورة سيئة "كما يدعيه البعض"، بل ربما هي فعلا افضل من العالم الوحيد الذي عرفناه منذ 20، بل منذ 60 سنة.

أشرف عبد الشافى
22-10-2012, 12:54 PM
مقال يصلح ان يكون كتاب قرأت بعضه ومللت من قراة الباقى وهذا لامرين اولا خير الكلام ماقل ودل وذلك للوصول الى ماتريده من عرض فكرتك والاطاله دليل على العجز لانه امل للاقناع ثانيا ماتعرضه عن فصيل وصل الى الحكم بالشرعيه يجب اعطائه الفرصه كامله وليس التشويش عليه حتى لايحقق هدفه وهذه هى الديمقراطيه والمعارضه يجب ان تكون بنائه وليس تشويه الاخريين فمصر تحتاجنا جميعا مؤيد محترم ومعارض اكثر احتراما والا سيظل معارض مش كده ولا ايه

Mr.Ahmed EL-hady
22-10-2012, 02:51 PM
موضوع جميل جدا

جزاك الله خيرا

لكن حسن التنظيم لا يدل علي حسن السلوك او حسن النوايا كما قال الاخ العزيز محمد ابراهيم

هم منظمون وليس بالضروره في صالح البلد.....هم تنظيم منغلق علي نفسه في قمة التنظيم ولكن تنظيمهم لحساب انفسهم ومصالحهم فقط....لم نري اي كفاءه حتي الان منهم علي الساحه ولم يفيدو البلد في اي شئ حتي الان!!

كل ما نسمعه الدكتور فلان والمهندس علان..... اين الافكار العبقريه الاخوانيه التي سمعنا عنها ايام الانتخابات؟

تنظيمهم لأنفسهم فقط.

وشكرا مره تانيه يا مستر أيمن علي الموضوع الرائع

aymaan noor
22-10-2012, 08:14 PM
الإخوان و«الرأسمالية المتوضئة» (1)
عمار علي حسن
الأحد 21-10-2012 08:03

فارق كبير بين النص الإسلامى والممارسة الحياتية، بين الإسلام والمسلمين، وبالتبعية بين ما تخطه جماعة الإخوان على الورق من تعاليم ووصايا وأفكار وتصورات وبين السلوك العملى الذى يتماهى مع التقاليد السائدة تارة، والبحث عن المنفعة أو المصلحة طوراً، علاوة على الظروف الحياتية التى تضغط على أعصاب قيادات «الجماعة» وتجعلهم يذهبون فى أحيان كثيرة صوب دروب بعيدة عما يحملونه فى رؤوسهم من تصور عن «مجتمع مثالى» يقوم على العقيدة الصافية والأخلاق الحميدة، وينزع إلى إقامة المشروع الذى بشَّر به مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا، والذى يخرج عنه الإخوان حالياً بشكل فاضح وواضح.

هذا الفصام انعكس على الرؤية الاقتصادية للجماعة بعدما أوصلت أحد قادتها إلى سُدة الرئاسة فى مصر، وكذلك على العلاقات البينية أو البنية الداخلية للإخوان، التى تعانى من تفاوت طبقى، تذكيه حالة التريف التى تعززت فى العقود الأخيرة وغيرت إلى حد ما من تركيبة جماعة لم تفارقها سماتها «المدينية» لسنوات طويلة، فى المنشأ والمسار.

وتتم إحالة كل هذا إلى سند دينى وسط تأويل مفرط للنص أو اتكاء على الظروف التى تجعل «الضرورات تبيح المحظورات»، والتى قادت فى الحقيقة إلى تركز «ثروة الإخوان» التى جمعوها من تبرعات أعضائهم العاملين وهبات الموسرين فى الخليج وأرباح مشروعاتهم فى مناطق مختلفة من العالم فى أيدى قلة، وظفتها فى شراء الولاءات وتوجيه دفة الجماعة لتبتعد بمرور الوقت عن طريق حسن البنا وتنزلق إلى طريق سيد قطب، رغم أن قادة الجماعة الأقدمين تبرأوا منه، وقالوا إنه لا يمثل جماعتهم أبداً.

نعم نادى سيد قطب بتوفير حد الكفاية وكتب من أجل هذا كتابه الأثير «العدالة الاجتماعية فى الإسلام»، لكن ذلك كان فى مرحلته الثانية التى لم يلبث أن فارقها وتنصل مما ألفه خلالها تماماً، ورغم أنه كتب «معركة الإسلام والرأسمالية» فإن قضيته لم تكن مواجهة الرأسمالية الاستعمارية المتوحشة برؤية تنزع إلى الانتصار للطبقات الفقيرة بقدر ما كانت تواجه رأسمالية الغرب برأسمالية تتكئ على النصوص الإسلامية، إما بتأويل مغرض للقرآن الكريم أو بانتقاء لأحاديث نبوية أو التقاط لمواقف من سير الأقدمين.

أما حسن البنا، ورغم تأكيده على الملكية الخاصة، فإن رؤيته الاقتصادية انطوت على ثلاثة مطالب أساسية، تبدو مصر فى حاجة ماسة إليها فى الوقت الراهن، وهى: استقلال النقد واعتماده على رصيد ثابت من موارد الأمة ومخزونها لا من البنوك الدولية، وحماية الجمهور من عسف الشركات المحتكرة وإلزامها حدودها، بما يؤدى إلى الحصول على كل منفعة ممكنة للناس، وتنظيم الضرائب الاجتماعية على أساس النظام التصاعدى بحسب المال لا بحسب الربح، وأولها الزكاة، ومحاربة الكنز وحبس الأموال عن التداول، والاستعانة بها فى المشروعات الاقتصادية وكذلك الخيرية، وأخيراً تحسين حال الموظفين الصغار برفع مرتباتهم وعلاواتهم وتقليل مرتبات الموظفين الكبار.

كان البنا فى هذه الأيام يقود مجموعة من صغار الموظفين والحرفيين، الذين كوّنوا النواة الأولى لجماعة الإخوان، ولذا كان ملتفتاً إلى رقة حالهم، وراغباً فى تحسين أحوالهم. لكن بمرور الزمن راحت الجماعة تجذب قطاعات من «البرجوازية الصغيرة» وتتمسك بشروط صارمة لمن ينضم إليها، منها ضرورة أن يكون له عمل يتكسب منه، ثم انفتح باب واسع لتراكم رأسمالى جاد، من التبرعات والهبات والاستثمارات، وباتت الجماعة مصدراً لخلق طبقة من رجال الأعمال، منحتهم الجماعة فرصة لتدوير أموالها فى تكتم بعيداً عن ملاحقة ومطاردة الأنظمة الحاكمة التى كانت تستهدف الإخوان. (نكمل غداً إن شاء الله تعالى)

aymaan noor
22-10-2012, 08:16 PM
الإخوان و«الرأسمالية المتوضئة» (2)
عمار علي حسن
الإثنين 22-10-2012 07:30

انتهت دراسة استقصائية معمقة أعدها باحثون فى مركز النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية تحت إشراف الخبير الاقتصادى الكبير عبدالخالق فاروق، إلى خلاصات غاية فى العمق حول سمات «الرأسمالية الإخوانية»، منها أن بعض الإخوان يمتلكون «إمبراطوريات مالية صغيرة» لا يقل رأس مال الواحدة منها عن خمسمائة مليون جنيه، إلى جانب إمبراطوريات أكبر فى الخارج يبلغ رأسمالها مليارات الدولارات. وينكر الإخوان هذا بالطبع، ويسربون أحياناً أرقاماً متواضعة عن حجم ثروات بعض رجال أعمالهم فى مصر مثل خيرت الشاطر وحسن مالك.

وأغلب هذه القدرات الرأسمالية الإخوانية غير تنموية، لأنها تقوم بالأساس على التجارة التى يقول كبار رأسماليى الإخوان دوماً الحديث المنسوب إلى الرسول الكريم «تسعة أعشار الرزق فى التجارة» من دون مراعاة السياق الذى قيل فيه هذا القول، حيث لم يكن هناك مورد رزق أمام عرب شبه الجزيرة سوى البيع والشراء فى موسم الحج، وليس بالطبع الزراعة والصناعة. وفى هذا عدم إمعان للنظر أو التدبر فى القرآن الكريم الذى يقدم نموذجاً للنبى يوسف، عليه السلام، الذى أنقذ مصر من المجاعة بزراعة القمح، وليس باستيراده من الخارج كما يجرى الآن.

وينصرف جزء كبير أيضاً من هذه الأنشطة إلى التوزيع والخدمات، وليس بالقطع إلى استصلاح الأرض وفلاحتها، وتشييد المصانع، وتعزيز اقتصاديات المعرفة. وقد كان الإخوان فى مصر معذورين فى توجههم هذا قبل ثورة يناير، نظراً لأوضاعهم الأمنية التى لم تمكنهم من إظهار قدرتهم الرأسمالية فى أنشطة اقتصادية كبيرة وراسخة وظاهرة، لكن لا يبدو، حتى الآن، ما يدل على أنهم سيغيرون هذا التوجه، ويجلبون رءوس أموالهم المستقرة فى الخارج ويستثمرونها فى الداخل.

ومن هذه السمات أيضاً أن بعض رجال أعمال الإخوان شركاء لبعض نظرائهم ممن ينتمون إلى نظام حسنى مبارك. وهذه الشراكة قامت فى الغالب الأعم على «محلل» أو «شريك وسيط» من خارج مصر، لا سيما من بلدان دول مجلس التعاون الخليجى. ويسعى رجال أعمال الإخوان حالياً إلى اختراق مؤسسات الدولة بسرعة هائلة، فمن بينهم اثنان فى التشكيل الوزارى، وبعضهم يحيط برئيس الدولة ويداوم فى قصر الرئاسة أو يقع من بين المستشاريين السريين للرئيس، وبعضهم مستشارون لوزراء، وهو النهج ذاته الذى سلكه نظام مبارك.

وحول رجال الأعمال الكبار فى جماعة الإخوان هناك طبقة تالية من التجار الصغار، الذين أفادهم الممسكون بأموال «الجماعة» من خلال إقامة مشروعات صغيرة ومتوسطة لهم، على هيئة متاجر ومطاعم وورش، فى سبيل تدوير رأس المال، الذى يفقد قيمته أو قوته الشرائية بمرور الوقت نظراً لارتفاع معدل التضخم، وكذلك جلب المنفعة لقطاعات أعرض من «الجماعة»، التى تحولت بمرور الوقت إلى كيان اجتماعى له قوام خاص، عليه أن يواجه التضييق عليه بتصريف أموره داخلياً، جنباً إلى جنب مع امتلاك الأموال التى تخدم الأدوات والآليات التى تنتهجها «الجماعة» فى سعيها الدائم والدائب نحو التمكن من المجتمع والدولة. (ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)

aymaan noor
22-10-2012, 11:45 PM
مقال يصلح ان يكون كتاب قرأت بعضه ومللت من قراة الباقى وهذا لامرين اولا خير الكلام ماقل ودل وذلك للوصول الى ماتريده من عرض فكرتك والاطاله دليل على العجز لانه امل للاقناع ثانيا ماتعرضه عن فصيل وصل الى الحكم بالشرعيه يجب اعطائه الفرصه كامله وليس التشويش عليه حتى لايحقق هدفه وهذه هى الديمقراطيه والمعارضه يجب ان تكون بنائه وليس تشويه الاخريين فمصر تحتاجنا جميعا مؤيد محترم ومعارض اكثر احتراما والا سيظل معارض مش كده ولا ايه

موضوع جميل جدا

جزاك الله خيرا

لكن حسن التنظيم لا يدل علي حسن السلوك او حسن النوايا كما قال الاخ العزيز محمد ابراهيم

هم منظمون وليس بالضروره في صالح البلد.....هم تنظيم منغلق علي نفسه في قمة التنظيم ولكن تنظيمهم لحساب انفسهم ومصالحهم فقط....لم نري اي كفاءه حتي الان منهم علي الساحه ولم يفيدو البلد في اي شئ حتي الان!!

كل ما نسمعه الدكتور فلان والمهندس علان..... اين الافكار العبقريه الاخوانيه التي سمعنا عنها ايام الانتخابات؟

تنظيمهم لأنفسهم فقط.

وشكرا مره تانيه يا مستر أيمن علي الموضوع الرائع

جزاكم الله خيرا و بارك الله فيكم

aymaan noor
22-10-2012, 11:50 PM
مقال يصلح ان يكون كتاب قرأت بعضه ومللت من قراة الباقى وهذا لامرين اولا خير الكلام ماقل ودل وذلك للوصول الى ماتريده من عرض فكرتك والاطاله دليل على العجز لانه امل للاقناع ثانيا ماتعرضه عن فصيل وصل الى الحكم بالشرعيه يجب اعطائه الفرصه كامله وليس التشويش عليه حتى لايحقق هدفه وهذه هى الديمقراطيه والمعارضه يجب ان تكون بنائه وليس تشويه الاخريين فمصر تحتاجنا جميعا مؤيد محترم ومعارض اكثر احتراما والا سيظل معارض مش كده ولا ايه

موضوع جميل جدا

جزاك الله خيرا

لكن حسن التنظيم لا يدل علي حسن السلوك او حسن النوايا كما قال الاخ العزيز محمد ابراهيم

هم منظمون وليس بالضروره في صالح البلد.....هم تنظيم منغلق علي نفسه في قمة التنظيم ولكن تنظيمهم لحساب انفسهم ومصالحهم فقط....لم نري اي كفاءه حتي الان منهم علي الساحه ولم يفيدو البلد في اي شئ حتي الان!!

كل ما نسمعه الدكتور فلان والمهندس علان..... اين الافكار العبقريه الاخوانيه التي سمعنا عنها ايام الانتخابات؟

تنظيمهم لأنفسهم فقط.

وشكرا مره تانيه يا مستر أيمن علي الموضوع الرائع

جزاكم الله خيرا و بارك الله فيكم

aymaan noor
22-10-2012, 11:55 PM
التغيير قادم إلى دول الخليج... عاجلاً أم آجلاً
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/512px-Persian_Gulf_Arab_States_english.PNG
عمر الشهابي
مدير مركز الخليج لسياسات التنمية
يظن الكثيرون أن أنظمة دول الخليج العربية في منأى عن التغيرات التي طالت ومازالت تطال الدول العربية الأخرى. يرتكز هذا الظن في الأساس على العائدات النفطية الهائلة المتوافرة لديها، والدعم الأمني والسياسي الغربي لها، وتحكّمها المطلق في كل الأجهزة العسكرية والأمنية المحلية.

هذا بالإضافة إلى عدد مواطنيها القليل نسبياً، والركود النسبي في مستوى النشاط السياسي في بعض أقطاره (باستثناء البحرين والكويت وعمان). وإن دلت الاحتجاجات التي وصلت إلى ضفاف دول الخليج على شيء، فهي تبين مقدرة الأنظمة على السيطرة على زمام الأمور والقدرة التكيفية الهائلة لديها عند مواجهة أية تحركات محلية مهما بلغ حجمها.

صحيح أن لدى دول الخليج خصوصيات قد تجعلها حالات فريدة على المستوى العالمي، لكن يخطئ من يظن أنها في معزل عن التغيير. بل هذه الخصوصيات إن لم يتم التطرق إليها جذرياً وسريعاً، قد تجعل التغيير يأخذ منحنى حاداً ومتفجراً من الصعب التنبؤ به أو بمداه وتبعاته، لكن التطورات على أرض الواقع تنذر بأن التغيير قادم لا محالة.

تم تناول خصوصيات حالة دول مجلس التعاون بإسهاب من قبل أطراف عدة مسبقاً، وهي ليست بالطرح الجديد على الساحة. هذا على رغم أن الدخل والبذخ الذي تراكم في الطفرة النفطية الأخيرة قد خلق عند البعض وهماً زائفاً بأن هذه الخصوصيات قد تم تخطيها أو أنها لم تعد مهمة. لقد لخص الباحث على الكواري بشكل أنيق ومسهب هذه الخصوصيات عندما سمّاها بـ «أوجه الخلل المزمنة الأربعة» التي تواجه دول المنطقة. أولها الخلل السياسي، الذي يكمن في الاستئثار شبه المطلق من قبل النخبة الحاكمة بالقرار السياسي والحكم.

ثانيها هو الخلل الاقتصادي، حيث تتواصل الاعتمادية شبه المطلقة على العائدات من النفط كمرتكز اقتصاديات المنطقة. ثالث أوجه الخلل المزمنة هو الخلل السكاني، المتمثل في الاعتماد المكثف على الوافدين للإنتاج ولتحريك اقتصاد المنطقة، حتى وصل الحال إلى أن شكل الوافدون غالبية السكان في أربع من دول المجلس الست. وأخيراً هناك الخلل الأمني المستفحل، وهو الاتكالية الحادة على القوى الغربية لتزويد الحماية والدعم السياسي والأمني والعسكري لدول المنطقة.

تترابط أوجه الخلل المزمنة الأربعة وتغذي بعضها البعض في تفاعل وجدلية مستمرة، فالعوائد الهائلة من النفط هي السبب الرئيسي لاهتمام الغرب بالمنطقة. النفط أيضاً هو المورد الرئيسي الذي منح متخذي القرار الاستقلالية المادية محلياً، والتي خلصتها من الاعتماد على شعوبها اقتصادياً، وسمحت بترسيخ دولة ريعية يتكون غالبية سوق العمل فيها من الوافدين. كل هذه العوامل مجتمعة أدّت إلى تكون ما سماه الباحث الإماراتي محمد عبيد غباش بـ «سلطة أكثر من مطلقة، مجتمع أقل من عاجز».

يشكل «كوكتيل» أوجه الخلل المزمنة هذه خلطة فريدة عالمياً في حدتها وترابطها. هذه «الخصوصية» أدت بالكثيرين إلى تحليلها كنقاط قوة للأنظمة السياسية، ساعدت في ترسيخ دعائم حكمها واستمراريتها وقدرتها البقائية.

فالاستئثار شبه المطلق بالسلطة والدعم الغربي والموارد المادية الجبارة وضعف المواطنين (والوافدين) من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية يجعل إمكانية التغيير شبه معدومة.

ما بودي طرحه في هذه السلسلة من المقالات هو التالي: ربما كانت أوجه الخلل المزمنة مصدر استقرار في دول وأنظمة الخليج على مدى العقود القليلة الماضية، إلا أنها ستكون مصدر اضطرابات وتغيرات حادة في المستقبل وليس ببعيد جداً. فتسميتها بأوجه خلل مزمنة لا يأتي من فراغ، فهذه التسمية لا تعني فقط أن الشعوب هي من تحس بتبعات أوجه الخلل المزمنة بينما الأنظمة محصنة منها، بل هي أوجه خلل مزمنة تحديداً لأنها تجذّرت في مجتمعات المنطقة، وإن استمرت في التراكم فهي تنذر بتغيرات جذرية وحادة ستشمل بتبعاتها كل مكونات المجتمع. وهدفنا في هذه السلسلة من المقالات هي تسليط الضوء على هذه العوامل الجذرية التي انغرست في مجتمعات دول المجلس التعاون والتبعات المتوقعة منها.

ما بينته التطورات على مدى السنوات القليلة الماضية هو تقلص قدرة الأنظمة الحاكمة في التحكم والسيطرة على مجريات الأمور في نطاقها الأوسع، وخصوصاً أن أعمدة أوجه الخلل المزمنة قد تم إرساؤها بشكل معمق، بحيث أصبح من الصعب جداً التطرق إليها من دون مجهود جبار، وحيث باتت الحلول الترقيعية والتدريجية عقيمة. فالاعتمادية شبه المطلقة على العوائد المتدفقة من النفط ترسخت بشكل جذري في مجتمعات الخليج، وكذلك الاعتمادية على الوافدين لتحريك الاقتصاد، والمنطق نفسه ينطبق على بقية أوجه الخلل المزمنة. هذه العوامل لا يمكن مواجهتها إلا ببرنامج إصلاح جذري لمجتمعات واقتصاديات الخليج، وحالياً لا توجد مؤشرات على حصول ذلك.

من الصعب جداً التنبؤ بكيف ومتى سيكون هذا التغيير وأي شكل سيأخذ، فحدّة أوجه الخلل المزمنة في دول المجلس تجعل «الكوكتيل» قوياً ومركباً ومن الصعب التكهن بطريقة تفاعله. ولكن استمرار أوجه الخلل المزمنة على حالها بلا تغيير يبدو أمراً مستبعداً. فالتغيرات والتضادات على أرض الواقع نادراً ما تسير في خطوط مستقيمة مرسومة، حيث تتفجر بطرق وأشكال مفاجئة غير معدة مسبقاً.

احتمال كبير أن التغيير الجذري سيحل بالخليج عند انحسار أهمية النفط عالمياً، وبناءً على أن عمر النفط في دول الخليج مازال يمتد لنصف قرن على الأقل، (فالدرب لسه طويل). قد يكون الأمر كذلك، ولكن التفاعلات المتراكمة على أرض الواقع تنذر بأن التغيير قد يأتي قبل ذلك بكثير، وغير معلوم أي منحنى سيأخذ لأنه حتى الكلام في هذه الأمور يعتبر حالياً من الممنوعات والمحرمات السياسية. تبعات هذه الأمور مصيرية لكل أبناء المنطقة، ولا يمكن تركها على بركة تقدير متخذي القرار فقط. لذلك أصبح من الملِحّ والواجب على أبناء المنطقة مناقشة الواقع والنظر إلى المستقبل بتحليل منهجي صريح من دون أية مجاملات. وهذه السلسلة من المقالات هي محاولة لفتح النقاش في هذا الإطار.

aymaan noor
23-10-2012, 12:02 AM
محكمة جنايات القاهرة وقضية موقعة الجمل
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/haniSC.jpg
Hani Sayed

ملاحظة حول قرار محكمة جنايات القاهرة في قضية "موقعة الجمل"

حكمت محكمة جنايات القاهرة ببراءة 24 متهماً في قضية "موقعة الجمل". "موقعة الجمل" (2-3 فبراير 2011) تشير إلى الهجوم على متظاهري التحرير من قبل أشخاص مستخدمين من قبل النظام السابق بلباس مدني، والذي أدى إلى مصرع 14 متظاهراً. استخدم المهاجمون جمالاً و أحصنة في محاولة لدهس المتظاهرين، بالإضافة إلى كوكتيل المولوتوف واحياناً بعض الأسلحة النارية. المتهمون ال24 كلهم من أقطاب النظام السابق. تلعب "موقعة الجمل" في مصر بعد ثورة 25 يناير دوراً محورياً في الخيال السياسي الجمعي و خاصة في تمثيل أي فعل جماهيري وتحديد علاقتنا به . فهي في الواقع أول ظهور إعلامي في التحرير لما يسمى البلطجية كفاعل سياسي سيدخل بعد الثورة أكثر من مرّة على الساحة العامة ( رمزياً و بالمعنى الحرفي) دائماً من اجل تخويف أو اسكات بعض النشطاء نهائياً، تمييع المشهد السياسي للمراقب الوطني والدولي، و بشكل عام كأسلوب من أساليب الاستبداد في ترهيب و قمع حراك ثوري جماهيري. و منذ موقعة الجمل أصبح "البلطجي" المقابل السياسي والأخلاقي لثوار التحرير. الخطاب السياسي السائد الذي يدور حول حراك الجماهير يفترض التمييز بين "البلطجي" و "الثائر" كبنية أساسية تحدد موقفنا الأخلاقي والسياسي من أي حراك شعبي. لم يكن استخدام بلطجية كأدوات للقمع في "موقعة الجمل" أسلوباً جديداً على النظام البائد. و كذلك فإن وصف المتظاهرين بأنهم بلطجية كان دائما موجود في خطاب الاستبداد. و لكن موقعة الجمل أعطت البلطجية في المخيلة السياسية للمصريين نقطة علام تاريخية. في "موقعة الجمل" تحول البلطجي من فئة موجودة فقط كأسطورة من أساطير الاستبداد إلى أشخاص حقيقيين يمكن ملاحظة أفعالهم و نتائجها على التلفزيون بنقل حي و مباشر. "موقعة الجمل" هي التي سمحت في الواقع لتهمة البلطجية أن تستمر إلى ما بعد الثورة و سقوط مبارك الشخص دون نظامه.

لن أدخل أكثر من ذلك في بنية الخطاب السياسي بعد 25 يناير حول تمثيل حراك الجماهير في الشارع، سوى لإعادة التأكيد على مركزية التمييز بين "البلطجية" و "ثوار التحرير" وعلى الأهمية الرمزية لموقعة الجمل في ترسيخ هذا التمييز. بالنسبة للكثيرين كان هذا التمييز مقبولاً بعد الثورة لأنه في الواقع يعتمد على منظومة قيمية أفرزتها الثورة والتي تبدأ من رفض النظام القديم وسياساته وممارساته. التمييز بين "البلطجي" و "الثائر" كان له مضمونه القيمي بالنسبة للثوار والمراقب المنحاز والذي سهل تداوله وانتشاره بعد الثورة لأننا أيضاً كنا نفترض أن "البلطجية" هم أدوات نظام مبارك. وأصبح التمييز بين البلطجي والثائر أحد ساحات الصراع السياسي الرمزي مع السلطة ليس فقط على المستوى الوطني بل أيضا في صراعات سياسية محلية في المعمل والجامعة. و من هنا فعندما تحكم محكمة جنايات القاهرة ببراءة ال24 متهماً من أقطاب النظام القديم وعدم مسؤوليتهم عن القتل والشروع بالقتل لمتظاهري التحرير، ثوار 25 يناير الحقيقيين، في "موقعة الجمل"، فان أثر ذلك سيتجاوز بشكل نوعي موضوع حق الشهيد وتحقيق العدالة بمحاسبة المجرم. حكم محكمة جنايات القاهرة في قضية "موقعة الجمل" سيسبب شرخاً بنيوياً في الخطاب السياسي و كيفية تمثيل الفعل الجماهيري فيه. الشعور بخيبة الأمل، الشعور بفقدان الأمل، الغضب، الشعور بالظلم المجحف المستوطن في صلب المجتمع، و حتى الشعور بعدم التوازن وفقدان نقاط علام في منظومة قيمنا السياسية كلها محتملة واستجابة إنسانية للعنف الرمزي الذي يمثله هذا القرار. بشكل أبسط الحكم ببراءة ال 24 متهم من الممكن أن يمغمغ التمييز بين "البلطجي" و "الثائر": كيف نصف ما حصل في مظاهرات 12 أكتوبر و ما هو الخط الفاصل بين البلطجي و الثائر و من يتحكم في هذا التصنيف؟ الغموض في منظومة القيم التي تسمح لنا أن نميز بين الثوري والفاشي، بين "الفلول" و سياسي له وجهة نظر مختلفة، سيبعد السياسة عن فئات كثيرة من المجتمع و يحد من قدرة النخب السياسية الفاعلة على تعبئة فئات من الشعب غير منظمة في حركات سياسية أو حزبية لأي عمل سياسي.

السؤال الذي لا بد طرحه في هذه الظروف من دون تأخير هو كيف وصلنا الى هنا؟ من السهل جداً ان ندخل في متاهة فساد القضاء، و ارتباطه بفلول النظام البائد. من السهل أيضا حتى أن ندخل في تفسيرات نحاول فيها وبكل جد و مثابرة أن نثبت أن قرار محكمة الجنايات هو تعبير عن الإرادة السياسية لــ "الدولة العميقة"، وأن نستغل هذه اللحظة الأليمة لكي نجدد العزم على إحداث تغيير جذري في مؤسسات الحكم، و على أن نواجه الدولة العميقة بثورة عميقة. و في ذات الوقت من الصعب على أي منا أن يؤكد أو ينفي هذه التفسيرات فهي بالفعل غير مستبعدة. و من الصعب أيضاً أن نختلف مع أي فعل سياسي من اجل تغيير جذري في مؤسسات المجتمع والحكم.

ولكنني كقانوني لم أجد قرار محكمة جنايات القاهرة في هذه القضية مفاجئاً أو حتى مخيباً للآمال . ما زلت أُقيّم هذا الحكم سياسياً كصفعة في وجه كل من وقف أمام الطغيان لعقود طويلة، و أخلاقياً على انه ازدراء معلل بلغة القانون لحقوق الشهداء و أحزان عائلاتهم. لم أجد الحكم مفاجئاً ومخيبا للآمال لأنني كقانوني منحاز سياسياً لليسار لا أرى من القانون إلا حدوده و ما يمكن توقعه بأحسن الظروف من محاكم الجنايات عندما تنظر في قضايا من نوع قضية "موقعة الجمل". بمعنى أن النتيجة، من منظور قانوني يساري، ستكون مخيبة للآمال و مدانة سياسياً و مرفوضة أخلاقياً حتى لو كان حكم محكمة الجنايات الإدانة لرموز النظام السابق. و من نفس المنظور فان استجابة السلطة التنفيذية لمصر بعد الثورة بإقالة النائب العام هي عرض لنفس المرض و مخيبة للآمال لأننا لا بد أن نتوقع من سلطة منتخبة بعد ثورة أكثر من ذلك بكثير.

القوانين الجزائية الوضعية، منذ الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر، تفترض أن المسؤولية الجنائية 1) فردية؛ و 2) موضوعها أفعال مادية موصوفة مسبقاً بالتحديد في قوانين العقوبات. قضية "موقعةالجمل" و كذلك القضايا الجنائية المتعلقة بمجزرة ماسبيرو، قتل المتظاهرين في ثورة 25 يناير و كذلك قضايا الفساد ضد رموز النظام السابق، والقضاياالجنائية المتعلقة بمجزرة بور سعيد، لها طبيعة خاصة من ناحيتن. أولها إزدواجية الموضوع، فهي من جهة إجراءات قضائية تنتهي بتحديد مسؤولية أفراد عن أفعال مادية محددة. و هي من جهة أخرى إطار رمزي لمحاسبة طبقة سياسية كاملة عن جرائم من المستحيل حصرها أو حتى تصنيفها. ثانيها هو علاقة الكناية بين الموضوعين. والكناية بلاغة هي تعبير ينصرف فيه قصد قائله ليس إلى المعنى الحرفي لكلماته بل إلى معنى آخر ملازم ومسكوت عنه. أي أنه في سياق حديثنا هذا، جوهر القيمة الرمزية لهذه القضايا ليس المسؤولية الفردية عن أفعال مادية محددة، بل مدى قدرة هذه القضايا على أن تكون كناية مقبولة سياسياً لمحاسبة طبقة سياسية كاملة على عقود من القهر والاستبداد. في مثل هذه القضايا سيكون أي حكم قانوني قاصر ومخيب للآمال في أحسن الظروف. مسؤولية الفرد عن أعمال محددة لايمكن أن تختصر مسؤولية نظام عن عقود من الطغيان. ليس للغة القانون والمخيلة القضائية أي أدوات معرفية أو مفردات كافية تسمح لهما بأن ينتجان أحكاماً قادرة على أن تربط مسؤولية فرد عن أفعال مادية محددة والمسؤولية السياسية لنظام و رجاله. بل على العكس من ذلك فقد كانت مباشرة مثل هذه القضايا الجنائية، في أغلب الأحيان، محاولة لنخب سياسية انتقالية للهروب من استحقاقات العدالة والمسؤولية السياسية والأسئلة الصعبة التي لا بد لكل منّا ان يواجهها، إلى المسؤولية القانونية حيث يمكن التعايش مع وهم أننا نستطيع أن نتحكم بمسار الأمور بعد أن نفتح ”صندوق باندورا“.

التناقضات التي تفرزها هذه الإشكالية أكبر بكثير من أن يمكن تجاوزها بإجراءات تجميلية. القضاء الجنائي يفترض كشرط لعدالة المحاكمة أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته. والثقة العامة بعدالة المحاكمة لا بد أن تعني من ضمن ما تعنيه قبولنا أن أحد النتائج المحتملة للمحاكمة هو براءة المتهم. و هذا ما هو غير محقق في مصر بعد الثورة. لا بد لمسؤولية أقطاب نظام مبارك المباشرة عن انتهاكات دمرت حياة مئات الأولوف من المصريين أن تكون نقطة البداية في أي من هذه المحاكمات و ليست إحدى استنتاجاتها المحتملة. فإذا لم يكن كذلك فكأن الثورة لم تكن. و بالتالي فإن الإصرار على التعامل مع النظام البائد عن طريق المسائلة الجنائية يفترض ضمنا أننا نطلب من القضاء أن يكون غير عادلاً و أن تكون المحاكمة شكلية وأن تكون الضمانات الإجرائية التي تكفل للمتهم عدالة الإجراءات في نهاية الأمر مسرحية. هذه الصورية هي أسلوب النظام البائد في التعامل مع حكم القانون و ليس، كما هو سائد في المجال العام اليوم، تطبيق فعلي لشعارات سيادة القانون.

هذا لا يعني أن المساءلة الجنائية لمن اقترف جرائم بحق متظاهر أو معتقل أمر هامشي. بل على العكس من ذلك تماماً. المشكلة هي عندما نصور المسائلة الجنائية على أنها معادلة للمسائلة الشعبية السياسية وتحقيق للعدالة. السياسة في مصر بعد الثورة لا يمكن أن تتعامل مع العدالة على أنها علاقة بين جلاد و ضحيته. كل مصري طرف في هذه العلاقة. و ليس من المقبول أن يتعامل السياسيون في مصر مع مسألة العدالة كموضوع تقني على هامش السياسة يمكن حله بتبديل مناصب بينما تسير الآلة السياسية قدما بمشاريع اقتصادية وانتخابات و دستور. العدالة في مصر بعد الثورة، بل في جميع ثورات ما يسمى بالربيع العربي، هي المسألة التي يجب أن تبدأ منها كل السياسة.

aymaan noor
23-10-2012, 11:57 AM
الربيع العربي: الصحة والرعاية في المرحلة الانتقالية
Adam Coutts, Sharif Ismail, and Mark Dempsey
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/khayma.jpg
أدّت الانتفاضات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مؤخرًا إلى بروز عدد من التغيرات السياسية التي طالت جميع بلدان المنطقة تقريبًا وزرعت التفاؤل والأمل بإحداث إصلاح إجتماعي وإقتصادي مهمّ في هذه البلدان. وفي حين تمّ التركيز في شكل خاص على التداعيات الأمنية والاقتصادية لهذه التغيرات، كان لهذه التحوّلات آثار كبيرة على صحة ورفاه السكان إلى جانب تأثيرها على نظم الحماية الإجتماعية. يُعاني عدد كبير من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من نقاط ضعف كبيرة وقصيرة الأمدّ من حيث الصحة بسبب الانتفاضات. وتتضمّن نقاط الضعف أولًا عدد القتلى والجرحى الذين وقعوا خلال الانتفاضات والذي سجّل نسبة كبيرة – أقله في سوريا- والذي لا يزال يشهد ارتفاعًا. كما تفاقمت مشكلة تهجير السكان لا سيّما في البلدان المجاورة لسوريا. وفي هذا السياق، تفيد التقارير إلى نزوح ما يزيد عن 500 ألف شخص من سوريا يعانون من تداعيات التهجير مثل الاضطرابات الناتجة عن إجهاد ما بعد الصدمة لا سيّما لدى الأطفال. ويشكّل الضرر اللاحق بنظم الصحة العامة أحد أكبر المخاطر القصيرة الأمدّ. على الرغم من استبعاد تدهور هذه النظم في البلدان التي لا تزال مستقرة، من المرجّح أن تتدهور هذه النظم في ليبيا وسوريا، كما تظهر الدلائل المتاحة الخاصة بتداعيات تدهور هذا النوع من الخدمات على صحّة السكان في العراق نتائج غير مطمئنة.

لا تزال البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تُعاني من نقاط ضعف مختلفة طويلة الأمدّ في مجال الصحة وكان عدد كبير من نقاط الضعف هذه ظاهرًا قبل بدء الانتفاضات ولكنّها تبلورت وأصبحت جليّة بعد اندلاعها. تشهد المنطقة انتشارًا واسع النطاق لمستويات البطالة المرتفعة لا سيّما في صفوف الشباب. وقد ازدادت مستويات البطالة ارتفاعًا بسبب الوضع الغير المتكافئ للمرأة التي تعاني من ارتفاع معدّلات الأميّة وتراجع مستويات مشاركتها السياسية والاقتصادية على الرغم من أنّ المرأة لعبت دورًا رياديًا في قيادة الانتفاضات. ولسوء الحظّ، لا يتمتّع عدد كبير من هذه البلدان بالقدرة الوافية للإستجابة إلى هذه الأزمة بسبب الإهمال الطويل الأمدّ لنظم الرعاية التي من شأنها أن تحمي السكان من تداعيات التقلّب الاقتصادي المدمّر الناجم عن عملية الانتقال السياسي. إلى جانب هذه التحديات، تعاني هذه البلدان من إرث العنف الحالي المتجذّر تاريخيًا والذي لا يزال عدد ضحاياه غير واضح.

من جهة أخرى، بلغ إجمالي النفقات على الرعاية الصحية في عدد من بلدان المنطقة مستوى إجمالي النفقات الصحية في البلدان ذات الدخل المرتفع ولكن مع اختلاف في العائدات على الإستثمار في الصحة. وقد أدّى هذا الواقع إلى حجب برامج الإصلاح المحدودة وغياب الاستثمار الحكومي المستدام في الصحة والعناية الصحية. عامةً، تُظهر بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مستويات منخفضة في الإنفاق الحكومي على الصحة إلى جانب تراجع معدلات التغطية الصحية، كما اعتادت هذه البلدان على الإنفاق من الأموال الخاصة. وفي هذا السياق، من المعروف أنّ قدرة الصحّة العامة في عدد كبير من بلدان المنطقة ضعيفة. ويعزى سبب هذا الضعف جزئيًا إلى النقص المزمن في الاستثمار: فبين العام 1990 و2006 إستثمرت الحكومات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ما بين 1.7 في المائة (بيانات صندوق النقد الدولي) و2.8 في المائة (بيانات منظمة الصحة العالمية) من إجمالي الناتج المحلي في الصحة ما أدّى إلى عزل هذه المنطقة عن باقي بلدان العالم بسبب انخفاض الإنفاق على الصحة على الرغم من أنها دول ذات دخل متوسّط مرتفع.


تمّ تأسيس وتطوير نظم الصحة والرعاية الضعيفة هذه طوال السنين العشرين الماضية عندما كانت بلدان المنطقة تشهد انتقالًا سريعاً إلى إقتصادات السوق. وكان ذلك الانتقال مبنياً على تخفيضات غير دقيقة في الإنفاق الإجتماعي العام إلى جانب التخصيص الغير المصحوب بآليات الحماية الإجتماعية. وتمّ التركيز على التقدّم التكنولوجي في الرعاية الصحية عوضًا عن الوقاية في الصحة العامة والإصلاح على مستوى الحوكمة وإدماج الصحة كجانب أساسي من جوانب الأمن الإنساني.


تواجه الحكومات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديات كبيرة من حيث الاستجابة في الشكل الملائم إلى نقاط الضعف المذكورة في زمن التغيير المستمر. ستؤدّي عملية إعادة ترتيب الأولويات في الإنفاق الحكومي لمصلحة الصحة العامة إلى فرض تخفيضات على الإنفاق في مجالات أخرى بما فيها قطاع الدفاع. ونظراً إلى أنّ ستّ دول من بين البلدان العشرة الأكثر إنفاقاً على الترسانة العسكرية هي دول عربية (بالنسبة المئوية من إجمالي الناتج المحلي)، سيكون هذا التغيير في الإنفاق التحدّي الأكثر صعوبة – والأكثر ضرورة- بين جميع التحديات. وتبيّن نتائج الأبحاث التي طالت عمليات الانتقال الإجتماعي والسياسي في بلدان أخرى من العالم (بما فيها أوروبا الشرقية منذ العام 1989) أنّه من الضروري أن تولي الحكومات العربية الأولوية إلى المجالات التالية:


1- ضمان استثمار الموارد الملائمة لتنمية نظام الصحة العامة على الرغم من بروز عدد كبير من أولويات الإنفاق الأخرى.
2- الحؤول دون فرض تغيير إجتماعي إقتصادي لمصلحة الإصلاح الجذري.
3- التعامل مع المصالح الراسخة التي قد تختار القيام بعمليات إنتقالية لتحقيق إصلاحات الليبيرالية الجديدة في قطاع تطغى عليه صفة خدمة الخير العام.
4- تعزيز الشفافية والرقابة من خلال اعتماد نظم مراقبة متينة.

يعقد المكتب الإقليمي لشرق المتوسّط التابع لمنظمة الصحة العالمية جلسةً الشهر القادم في القاهرة بشأن "تعزيز النظم الصحية: التحديات والأولويات والخيارات للعمل في المستقبل". وستتمّ مناقشة معظم التحديات والوقائع المذكورة في هذا البحث إلى جانب اقتراح عدد من التوصيات في مجال الإصلاح مع التركيز على المشكلة الأساسية وهي أنّ " انخفاض الإنفاق الحكومي على الصحة ليس ناجمًا عن قيود المالية العامة وحسب بل هو ناتجٌ أيضًا عن عدم إعطاء الأولوية الكافية للصحة". وبالتالي، تدعو الحاجة إلى تغيير هذه المقاربة بالتحديد في أقرب وقت ممكن.


وأخيراً، يكمن السؤال الأساسي في معرفة ما إذا كانت حكومات الربيع العربي الجديدة قادرة على معالجة هذه المخاطر الطويلة الأمد التي تهدّد استقرار البلدان من خلال خدمة مصالح الشعوب التي ضحت أحياناً بحياتها أو ما إذا اختارت أن تسعى في نهاية المطاف إلى خدمة المصالح المترسّخة في سبيل تحقيق أرباح مالية شخصية. وبالتالي، ستحدّد المقاربة التي تعتمدها تلك الحكومات آفاق ومستقبل الصحة والرعاية في المنطقة للعقود القادمة.

aymaan noor
24-10-2012, 12:30 AM
نتنياهو: فلسطين وكالة من غير بواب!
نبيل عمرو

هذا العنوان هو قول متداول في مصر، يقال أكثر من مليون مرة في الساعة الواحدة، مثلا حين يتجرأ طفل ويختلس حبة مانجو من عربة أو حانوت، وحين يسطو متنفذ على أملاك عامة، بدءا من الاعتداء على متر أرض من الأراضي الحكومية، وليس انتهاء عند اقتباس عشرات المليارات من حقوق الآخرين.
هِيّ وكالة من غير بواب؟!

عندنا في فلسطين لا يستخدم هذا القول كثيرا، لأن هنالك شعورا جمعيا بأن الإسرائيليين يتعاملون مع البلد كله كوكالة من غير بواب، وأن طريقة عمل الطبقة السياسية فيها كرست ذلك، ولكل جمهورية من جمهوريات فلسطين معادلة.
جمهورية الضفة غير المستقلة وغير المستقرة، يتعامل الإسرائيليون معها من خلال استباحة أرضها، وحقوق أهلها، حتى إن نتنياهو بصدد دعوة كل إسرائيلي للاستيطان في أي مكان في الضفة، وذلك بعد أن تم تصنيف الاستيطان فنيا بين مستوطنات عشوائية يجري تفصيل قانون لها، ومستوطنات سياسية يمكن التفاوض عليها بغية إبقائها، ومستوطنات يراد لها أن تتجمع كي تتكرس كجزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل، ومستوطنات يحظر مجرد الحديث عنها أي تلك المقامة على أراضي القدس وبيت لحم، ومستوطنات لا يصح التخلي عنها لمكانتها الاقتصادية، وأخرى لأنها واقعة على حوض المياه الرئيسي، وأخرى لأنها ورد ذكرها في التوراة، وأخرى وعد باراك بإقامتها على رؤوس الجبال لحماية مطار بن غوريون!! وهكذا.
وحين أعلن نتنياهو أنه بصدد إقرار قانون يجيز الاستيطان في أي مكان في الضفة الغربية، قال خصومه الانتخابيون إنه يقوم بمجرد حملة انتخابية للحصول على أصوات المستوطنين الذين يعدون بمئات الألوف في الضفة والقدس، وكان يمكن تصديق أن الأمر مجرد دعاية انتخابية لو أن الحكومة الحالية في إسرائيل تتحدث عن الاستيطان أكثر مما تفعل. أما معارضوه فهم في الأساس مع الاستيطان، إلا أنهم يحذرون المبالغة في تبنيه وإعلانه، ليس هذا فحسب، فقد استفاق الفلسطينيون ذات صباح على واقعتين لهما دلالات مباشرة؛ الأولى حين زُرعت عند الحاجز المسمى بحاجز بيت أيل والذي لا يعبره إلا حملة بطاقات الـvip، شجرة زيتون رومية للإيحاء بأن الاحتلال باق إلى الأبد، وقد يجدون للزيتون شجرة عائلة تظهر أن أحد اليهود الأوائل هو من زرعها في هذا المكان.
وعلى مقربة من الشجرة استبدلت يافطة مكتب التنسيق والارتباط التي تجسد بقايا أوسلو بيافطة كُتب عليها «الإدارة المدنية لمنطقة يهودا والسامرة»، أي الإدارة التي تجسد الاحتلال، وتعامله المباشر مع الفلسطينيين كسلطة عليا تقدم لهم الخدمات، قافزة من فوق سطح السلطة التي استحدثت وزارة لهذا الغرض.
المأساة.. أن كثيرين من أقطاب السلطة لا يعرفون بذلك، والذين يعرفون يتظاهرون بأنهم لا يعرفون.
هذا في جمهورية الضفة، أما جمهورية غزة فالتعامل معها وصل إلى حد وضع جدول يبين كم سعرا حراريا يحتاج المواطن الغزي كي يبقى على قيد الحياة، فتتولى إسرائيل السماح بدخول هذه السعرات على هيئة شاحنات محدودة الحمولة والعدد، تعبر حاجز كارني أو كرم أبو سالم، وإذا ما أحب الغزيون الاستزادة فأمامهم الأنفاق، فما يدخل عبرها هو الترف الزائد عن اللزوم الذي يؤدي إلى استفحال البدانة!
نعم إنها وكالة من غير بواب، يدخل إليها الإسرائيليون ويبقون أو يخرجون دون اعتراض، وكل هذا مؤجل البت فيه فلسطينيا إلى ما بعد الذهاب إلى الأمم المتحدة والعودة منها.
وحين يسقط من التداول شرط وقف الاستيطان لاستئناف المفاوضات، ويحل محله اعتراف العالم بدولة غير عضو في الأمم المتحدة، سوف يجلد الإسرائيليون الفلسطينيين بسوط صنعوه بأيديهم. سيضاعفون الاستيطان، ولن يلومهم أحد، ثم يعاقبون الفلسطينيين على مجرد الذهاب للأمم المتحدة.
هذا هو الوضع الآن، وإلى أن نصل إلى اليوم الأخير من الحملات الانتخابية في إسرائيل سنسمع أكثر مما نسمع ونرى الآن، وليس لنا في هذا الأمر إلا الله الذي هو للجميع، والأمم المتحدة التي تحولت إلى حائط بكاء لا يشفع ولا ينفع.

محمد محمود بدر
24-10-2012, 12:34 AM
لك الله يا فلسطين فالعروبة والقومية وناصر ماتوا
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا على الموضوع

aymaan noor
24-10-2012, 12:37 AM
تركيا والسيناريو الروسي - أردوغان يحكم سيطرته علي السلطة
محمد عبد القادر خليل
باحث في مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام
http://democracy.ahram.org.eg/Media/NewsMedia/2012/10/21/2012-634864402969950197-995_resized.jpg
كشف المؤتمر الرابع لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا في أواخر سبتمبر 2012، ما يتمتع به زعيم الحزب رجب طيب أردوغان من طموح سياسي سواء على الصعيد الشخصي أو الحزبي أو الوطني، فبين حضور أكثر من 20 ألف شخص، وأكثر من 120 ضيف أجنبي استطاع أردوغان تنصيب نفسه سلطانا عثمانيا لفترة أخرى كرئيس لحزب استطاع أن يجدد دماءه بتصعيد عدد من قياداته الشابة، وأن يؤكد في ذات الوقت أن مرحلة الانتقال من رئاسة الوزراء إلى رئاسة الدولة والإقامة في قصر جاناكيا قد أشرفت، وذلك في ظل الاتجاه لإقرار دستور جديد تتحول بمقتضاه تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي.

وقد استطاع "الباشبكان" أردوغان البالغ من العمر ثمانية وخمسون عاما خلال خطبته التي امتدت لساعتين وجاءت في ضاحية "بلجت" بالعاصمة أنقرة أن يصوغ معالم ثلاث خطوط تتقاطع لتشكل معا طموح الرجل لشخصه وحزبه ودولته، حتى عام 2023، والذي يمثل الذكرى الأولى لتأسيس الجمهورية التركية الحديثة، والتي يأمل أن يكون رئيسها حين تحل هذه الذكرى.

الطموح الشخصي

تعد السمة الرئيسية للحركات الأساسية والأحزاب السياسية الرئيسية في تركيا أنها تعرف بقياداتها وزعاماتها. هذه قاعدة أساسية أوضحتها حركة صعود وهبوط الأحزاب السياسية التركية تاريخيا، كما أنها حقيقة عكستها تجربة حزب العدالة والتنمية نفسه، والذي تأسس في 14 أغسطس عام 2001 ووصل إلى الحكم في العام التالي مباشرة (3 نوفمبر 2002)، بسبب عدد من العناصر الأساسية أهمها كاريزمية ومهارات زعيمه، الذي قال خلال مؤتمر حزبه أنه لن يذهب إلى منزل عائلته الريفي الصغير في مدينة ريزا المطلة على البحر الأسود للانزواء والجلوس على مقعد هزاز في استراحة محارب متقاعد، وإنما يتطلع للاستمرار في العمل السياسي وفي المنصب الذي يختاره له حزبه.

وعلى الرغم من أن أردوغان لم يحدد صراحة موقفه من ترشحه لمنصب الرئاسة إلا أن كافة المحيطين به يجمعون على أن تحول تركيا إلى النظام الرئاسي سيعني انتقال أردوغان إلى القصر الرئاسي ليجلس مكان صديقه عبد الله جول، غير أنه سيمسك حينها بصلاحيات واسعة تمكنه من حكم تركيا حتى عام 2025، حيث من المقرر أن تجرى الانتخابات الرئاسية في نهايات عام 2014، ويحق للرئيس بمقتضى التعديلات الدستورية التي أجريت على الدستور التركي أن يبقى في الحكم لفترتين متتاليتين، وذلك بعد أن أضحى ينتخب مباشرة من قبل المواطنين وليس من قبل أعضاء الجمعية الوطنية التركية.

وقد أعلن أردوغان أثناء المؤتمر الذي عقد في أواخر سبتمبر 2012، أن حزبه رغم امتلاكه الأغلبية البرلمانية إلا أنه دعا العديد من أحزاب المعارضة لتقديم رؤاها السياسية حيال الدستور الجديد للبلاد، مشيرا إلى أن هذا الدستور سيدعم مسيرة التحول الديمقراطي في تركيا وسيقوم على الحرية وسيسمح بالتنوع. ويهدف أردوغان من الدستور الجديد التغلب على العقبة القانونية التي تحول دون قدرته على الاستمرار في الحكم، حيث تمنعه القوانين المحلية من الترشح لولاية أخرى كرئيس للوزراء في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في عام 2015.

كما يهدف أردوغان من الدستور الجديد إنهاء مرحلة حظر الأحزاب السياسية في تركيا، وتكليل نجاحات زعامة الحزب في إحداث قطيعة سياسية مع مراحل الانقلابات العسكرية، بما يضمن للحزب وقيادته دوام السيطرة على الحياة السياسية التي يتطلع لأن تتسم بدورها بقدر أكبر من الاستقرار المضمون والمصان بمقتضى نصوص الدستور الجديد.

الطموح الحزبي

يرتبط بطموح أردوغان الشخصي في أن يصبح رئيسا للجمهورية أن تستمر سيطرته على حزب العدالة والتنمية دون منازع، لذلك فقد استطاع أن يضمن رئاسة الحزب للمرة الثالثة وأن يحصد مع قائمته للمكتب التنفيذي التي اختارها بمفرده وتتألف من خمسين شخصية، على نحو 1421 صوت من أصل 1424. إذ اعتبرت ثلاثة أصوات لاغية، وهو ما يعني أنه فاز بنسبة 99.99 في المائة من سباق لم ينافسه فيه أحد.

وقد فوض المؤتمر أردوغان بصلاحيات اختيار مسئولين جدد لقيادة الحزب في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، حيث لا تسمح اللائحة الداخلية للحزب بتولي أعضاء الحزب مناصب أو الترشح للبرلمان أكثر من ثلاث دورات وبإجمالي خمسة عشرة سنة، بما يعني أن هناك تعديل حكومي مرتقب، كما أن قائمة الحزب لخوض الانتخابات البلدية في 2013، والبرلمانية في 2015 ستشهد تغيرات كبرى، لذلك فقد رفع المؤتمر الرابع للحزب شعار "إعطاء فرصة للقيادات الشابة داخل الحزب".

ويسعى أردوغان من وراء إلى ذلك تجديد دماء الحزب الحاكم عبر عمليات الإحلال والتبديل على مستوى القيادات، على نحو من شأنه أن يجنبه مآلات الأحزاب التركية التي سرعان ما اختفت من الساحة السياسية بسبب غياب أو تغيب قياداتها أو ترهل هياكلها أو شيخوخة نخبتها عمريا أو فكريا.

يأتي ذلك في ظل الرغبة في استمرار البقاء في الحكم، وذلك بعد أن نجح حزب العدالة في السيطرة على السلطة منفردا لثلاث دورات برلمانية متتالية، بل وازدادت شعبيته بعد كل انتخابات، حيث فاز الحزب بنسبة 34 في المائة في انتخابات 3 نوفمبر 2002 وبنسبة 42 في المائة في انتخابات مارس 2004 وبنسبة 40 في المائة في انتخابات 22 يوليو 2007. كما أجرى الحزب تعديلات دستورية نجح في إقرارها في 21 أكتوبر 2007 ثم في يوليو 2010.

وقد حقق أردوغان ذلك من خلال ضمان التماسك الداخلي لحزبه، وذلك على الرغم من أنه يضم كافة ألوان الطيف السياسي، من حيث العلمانيين والمتدينين، والمحافظين والليبراليين، والمحجبات والسافرات. وهذه المقومات حاول أردوغان توظيفها لتحقيق غايتين أساسيتين:

أولاها، أن يتحول حزب العدالة والتنمية من حزب قائم على شخصية الزعيم إلى مؤسسة تستطيع البقاء والنجاح، وذلك من خلال سياسات عديدة منها "عمليات التكتل والاندماج" التي يسعى إليها أردوغان بهدف ضم الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية تحت قيادة حزب العدالة والتنمية.

وثانيتها، يتمثل في أن يضمن قدرة الحزب على الفوز بالاستحقاقات الانتخابية الثلاث التي سيواجهها خلال السنوات الثلاث القادمة (انتخابات بلدية ورئاسية وبرلمانية)، وهى الاستحقاقات التي من شأنه أن تحدد مآل طموح أردوغان في الوصول إلى منصب رئاسة الجمهورية التركية.

الطموح الوطني

أوضح أردوغان في المؤتمر الذي عقد تحت شعار "شعب عظيم يمتلك قدرة عزيمة.. هدفنا عام 2023"، أن تركيا شهدت خلال فترة حكم الحزب عدد من الإنجازات الكبرى والمشروعات الاستثمارية العملاقة التي تم تدشينها خلال السنوات الماضية، والتي أهلت تركيا لأن تجني ثمار الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي، على نحو جعلها تطمح لأن تغدو إحدى القوى الاقتصادية العالمية خلال السنوات العشر المقبلة، وذلك بعد أن أصبحت تركيا القوة الاقتصادية السادسة عشر على مستوى العالم والسادسة على مستوى الدول الأوروبية، كما يستهدف الحزب أن تغدو تركيا القوى الاقتصادية العاشرة عالميا بحلول عام 2023. وذلك بعد أن حقق طفرات اقتصادية مهمة تمثلت في ارتفاع الدخل القومي التركي خلال عشر سنوات من 230 مليار دولار إلى 774 مليار دولار. ووصول نسبة النمو الاقتصادي إلى 8.5 في المائة بدلا من 5.3 في المائة. وزيادة الدخل القومي للفرد سنويا من 3500 دولار إلى 11 ألف دولار.

كما ارتفعت قيمة الصادرات التركية من 36 مليار إلى 135 مليار ومن المتوقع أن تصل إلى نحو 144 مليار دولار بنهاية عام 2012. وانخفضت نسبة البطالة بالتوازي مع ذلك من 9.8 في المائة بدلا من 10.2 في المائة. وارتفع عدد السياح من 13 مليون سائح إلى 31.5 مليون سائح سنويا، بإيرادات تقدر بـ23 مليار دولار. هذا فيما ارتفع إجمالي الاحتياطي الأجنبي من 27 مليار إلى 110 مليار دولار، وانخفض حجم الدين التركي من 23.5 مليار دولار إلى زهاء 1.3 مليار دولار، ومن المقرر أن يتم تصفيته بالكامل في أبريل 2013، بل وتتجه الحكومة التركية إلى إقراض صندوق النقد الدولي بمبلغ خمسة مليار دولار.

وبالتوازي مع ذلك فقد شهدت تركيا مشروعات بنية تحتية ضخمة على مستوى الطرق والأبنية التعليمية والجامعات والمستشفيات، فضلا عن إعادة صوغ البنية التشريعية الخاصة بالاقتصاد والتجارة والصناعة، بما أفضي إلى وصول حجم الاستثمار الأجنبي في تركيا لنحو 283 مليار دولار.

هذه التطورات في مجملها وضعت تركيا في مقدمة الدول الناهضة والقادرة على المنافسة دوليا وإقليميا، دون أن يكون ذلك على حساب قوة الدولة الناعمةSoft Power ، حيث شهدت تركيا خلال السنوات العشر الخالية نهضة كبرى في الفنون والآداب والسينما والدراما، التي باتت عنوانا لحضورها القوى على مستوى المنطقة العربية.

وقد دفع ذلك أردوغان لأن يتحرك على الساحة الإقليمية بثبات وفاعلية، على نحو جعل من مؤتمر الحزب منصة إقليمية وذلك بعد حضور عدد من القيادات منهم الرئيس المصري محمد مرسي ورئيس إقليم شمال العراق مسعود برزاني ورئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي، وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، الذي وصف أردوغان بـ"زعيم الأمة الإسلامية"، بما جعل المؤتمر وفق بعض أحزاب المعارضة التركية يشبه اجتماعات قادة الإخوان المسلمين.

وقد حاول أردوغان أن يضفي الطابع الإقليمي على المؤتمر الذي حضره عدد من رموز الإخوان في سوريا، وذلك حينما أكد على ثوابت تركيا حيال العديد من القضايا الإقليمية، وعلى رأسها الموقف من الثورة السورية، حيث طالب كل من إيران والصين وروسيا بتغير مقاربتهم حيال الثورة السورية مشيرا إلى أن التاريخ لن يسامح من وقفوا إلى جانب الأنظمة الوحشية. كما أكد أردوغان أن تركيا ستعمل على دعم القضية الفلسطينية في مواجهة السياسات الإسرائيلية، التي ترفضها تركيا، على نحو يدفعها إلى عدم تطبيع العلاقات معها إلا بعد الاعتذار ودفع التعويضات لضحايا قافلة الحرية وإنهاء الحصار الاقتصادي على غزة.

وقد استغل أردوغان وجود عدد من زعماء الأحزاب والجماعات الإسلامية العربية في المؤتمر ليؤكد أن تركيا أصبحت نموذج لدول العالم الإسلامي، وذلك بعد أن وصف قادة حزب العدالة أنفسهم بأنهم "ديمقراطيين محافظين" يعنيهم ضمان كافة الحقوق الأساسية لكافة المواطنين، مضيفا أن هذا الموقف تجاوز حدود تركيا وأصبح نموذجا يقتضى في العديد من البلدان الإسلامية.

استنتاجات وملاحظات

يمكن القول إن أردوغان استطاع أن يحقق نجاحات كبرى وأن يبقى في الحكم لمدة عشر سنوات، وهو إنجاز لم يتحقق منذ نصف قرن، كما أنه بات يسعى لأن يبقى حزبه في الحكم لأكثر من عقد آخر من الزمان، من أجل أن يبلغ مرحلة التأسيس الثاني للجمهورية التركية المعاصرة، ومع ذلك فإن مؤتمر الحزب قد كشف عن عدد من الملاحظات الأساسية:

أولاً: على الصعيد المحلي:

- شهد مؤتمر الحزب مقاطعة من أغلب أحزاب المعارضة، التي رأت أن حزب العدالة بقيادة أردوغان يتحول إلى الصيغة الديكتاتورية وليس الديمقراطية، في ظل رغبته في تحويل البلاد إلى النظام الرئاسي للتحايل على القوانين والقيود التي تحول دون بقاءه في السلطة أكثر من ثلاث دورات.

- اعتبرت العديد من الاتجاهات أن عدم إعلان أردوغان عن خليفته والقائد الجديد للحزب، يعني أن عبد الله جول قد أصبح بالفعل الرئيس القادم للحزب، إلا أن إعلان أسمه ينتظر عملية التسليم والتسلم للسلطة على الطريقة الروسية، والهدف من ذلك حسب بعض الاتجاهات المعارضة يتمثل في عدم الرغبة في خلق دافع للتظاهر من قبل المعارضة مبكرا وقبل إقرار الدستور الجديد.

- أثبت المؤتمر أن حزب العدالة لم يستطع حتى الآن تجاوز آفة الأحزاب التركية من حيث تمركزها حول قيادة تاريخية، حيث أنه من المرجح أن يظل أردوغان حتى بعض ترك رئاسة الحزب الزعيم الفعلي له، وذلك في ظل سيطرته الكاملة على عملية صنع القرار داخل الحزب.

ثانياً: على الصعيد الإقليمي:

- ركز مؤتمر الحزب الحاكم في تركيا بالأساس على العلاقات مع دول العالم الإسلامي ومنطقة الشرق الأوسط، ولم يتم التطرق بحديث حقيقي حيال موضوع العضوية الأوروبية، بما يعني أن الحزب لا يرى أن الأوضاع التي يمر بها الاتحاد الأوروبي تمنح تركيا دافعا للإلحاح لنيل العضوية الأوروبية.يؤكد ذلك أن حزب العدالة والتنمية يرى أن مستقبل تركيا يرتبط بقيادة منطقة الشرق الأوسط وليس بالانخراط في تفاعلات مع بعض القوى العالمية والدولية التي يمكن التنسيق معها إزاء كل ما يخص مصالح تركيا من دون اندماج كامل قد يعزل تركيا عن منطقة حيوية مصالحها معها باتت أعمق وأكثر تشعبا.

- رسخ المؤتمر القطيعة بين الحكومة العراقية والقيادة التركية، وذلك بعدما رفض الرئيس العراقي نوري المالكي تلبية دعوة رئيس الوزراء التركي لحضور المؤتمر، وذلك بسبب السياسات التركية حيال إقليم شمال العراق، لاسيما بعد زيارة وزير الخارجية التركية مدينة كركوك من دون تنسيق مسبق مع الحكومة الاتحادية. هذا بالإضافة إلى تباين المواقف حيال الثورة السورية، فضلاً عن أن حضور نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي والمحكوم عليه بالإعدام غيابيا من قبل القضاء العراقي، قد أفضى إلى توتر علاقات تركيا مع العديد من القوي السياسية العراقية، التي اعتبرت أن تركيا باتت تتدخل في الشئون الداخلية لبغداد دون أن تراعي القواعد السياسية والدبلوماسية إزاء إحدى دول الجوار.

- أوضح المؤتمر عمق الخلافات التركية مع إيران، حيث أنه لا مسئول إيراني حضر المؤتمر الذي شهد هجوما تركيا كبيرا على السياسات الإيرانية فيما يخص موقفها من الثورة السورية، وهو الأمر الذي ينذر بتصاعد التوتر بين تركيا وكل من العراق وسوريا وإيران، لاسيما في ظل ما تشهده الحدود التركية - السورية من تصاعد للتحركات العسكرية وتزايد لعمليات القصف الصاروخي المتبادل على جانبي الحدود التركية - السورية.

وفي الإجمال يمكن القول إن أردوغان قد يكون الرئيس القادم لتركيا، وأنه قد يتبادل المواقع مع رئيس الجمهورية الحالي عبد الله جول في تكرار لسيناريو فلاديمير بتويتن - دميتري ميدفيديف. بيد أن تحقق ذلك سيظل مرتبط في التحليل الأخير بتزايد احتمالات تصاعد المواجهات الداخلية مع أحزاب المعارضة، التي باتت ترى أن الحزب الحاكم بات يتبع في سياساته الداخلية إستراتيجية "تكميم الأفواه"، وذلك بعد التضييق المستمر على حرية الصحافة، ويتبنى سياسات خارجية تعتمد إستراتيجية "خلق الأعداء"، وذلك بعدما شهدت علاقات تركيا مع أغلب الدولة المجاورة لها حالة من التوتر والعداء. ‬

aymaan noor
24-10-2012, 12:44 AM
السلفية التقليدية والسلفية الجهادية (http://democracy.ahram.org.eg/News/384/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D9%84%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D 8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9.a spx)
http://democracy.ahram.org.eg/Media/NewsMedia/2012/10/21/2012-634864401503696798-369_resized.jpg
في هذه الدراسة المقارنة سندافع عن فرضية أساسية وهي أنه بين السلفية التقليدية والسلفية والجهادية لا يجب البحث عن فرق لاهوتي بين المجموعتين، فإذا استثنينا قضيتي نصرة الجهاد العالمي والانخراط فيه والموقف من أهل الذمة، فإن كلا الاتجاهين يتشابهان في أولوية الإصلاح العقدي، ومنه ذم البدع وتربية الناس على العبادة الصحيحة.

أولا: أوجه التشابه بين السلفية التقليدية والسلفية الجهادية :

فمن بين أوجه التشابه الكثيرة بين السلفية التقليدية والسلفية الجهادية السمات التالية:

1ـ الاعتناء بمسألة التوحيد:

إن التيمة الأساسية في إيديولوجيا الحركات السلفية سواء كانت تقليدية أو جهادية هي التوحيد، ويعني إفراد الله بالعبادة دون سواه، فالمجتمع انعكاس، أو ينبغي أن يكون انعكاسا لهذا التوحيد الإلهي، فإذا كان التوحيد صفة أساسية للذات الإلهية، فإنه في المجتمع تحتاج إلى تحقق وبناء، وترجمة التوحيد على مستوى المجتمع لا يتم إلا عن طريق تحقيق مجموعة من مشاريع الوحدة: منها وحدة العقيدة، ووحدة الشعائر...

أن الحقل الدلالي الذي يفتح عليه مفهوم التوحيد لا يقف عند هذا الموقف الأصولي في الاعتقاد والذي مضمونه:" الاعتقاد بالله كما وصف به نفسه من غير تعطيل أو تـأويل"، وإنما يمتد ليشمل ضوابط للممارسة الدينية، فإذا كان الإسلام يقيم العقيدة على مقولة التوحيد، فإن السلوك والممارسة ينضبطان بهذا المبدأ انضباطا مطلقا لا مجال فيه لإشراك غير الله في العبادة بأي طريقة سواء كانت صلاة أو تقربا أو دعاء.

إن انتقال الكلام عن التوحيد من مجال المعتقدات إلى مجال الممارسة، جعلت السلفيين ليسوا فقط أصحاب رؤية عقدية بالمعنى الحصري للكلمة، وإنما أصحاب مواقف وردود على واقع الممارسة التعبدية في المجتمع، وهذا ما يجعل من السلفية نوعا من البروتستانتية الإسلامية بتأكيدها على انه لا حكم لغير الله، ورفض لكل تهاون في مسألة الوحدانية وما يرتبط بها من أخلاقيات.

و من خلال مفهوم التوحيد يصبح الإيمان عند السلفية وحدة كمية قابلة للقياس،بحيث يمكن في كل وقت وحين اختبار سلوكيات المؤِمن وممارساته التعبدية والنظر فيما إذا كانت موافقة ومجسدة لمبدأ التوحيد،وفي ذلك مسافة كبيرة من المفهوم الصوفي للإيمان الذي يفسر بمنطق عاطفي روحاني وليس باعتباره مكونا فيزيائيا يعتمد على المعطيات الحسية.

2ـ تصلب الخطاب:

هناك مبدءان يشكلان منبع هذا التصلب: الأول ، رفض الشرك والإصرار على التوحيد الذي يجب أن يخضع له كل سلوك بشري، بحيث يشكل مبدأ التوحيد الخلفية التي تقاس عليها شرعية كل التصرفات والمواقف والأفعال والمقولات حتى ولو لم تكن بالضرورة دينية. فأي نوع من التفكير والفعل لا ينطلق من التوحيد هو نوع من عبادة الذات. وبذلك تضع السلفية المسلم أمام طريقين لا ثالث لهما فإما أن يكون سلفيا أو لا يكون مسلما بإطلاق. والثانى ؤية الصارمة جدا والملتزمة بحرفية القرآن وفق التقليد الحنبلي ، والذي يجعل كل شيء يعود إلى منطوق القرآن والسنة.

وبهذا تكون السلفية محاولة نشطة لتكوين أورثوذوكسية واحدة لكافة السكان، نوع من الإصرار على تأسيس مذهب فقهي متجانس مع العقيدة، وثورة على التقاليد الدينية الكلاسيكية واعتماد الإسلام النصوصى الذي يحيل على القران والسنة كمناط كل تفكير وسلوك.

يؤدي الانطلاق من هذين المبدأين إلى اتصاف السلفية بطابع عام، يجعلها نمطا فكريا أحادي الطبيعة، مجموعة من المقولات القاطعة والحاسمة المكتفية بذاتها التي لا حاجة لها إلى منبه خارجي يوقظ وعي الذات السلفية، بل بمجرد الارتداد إلى تعاليم السلف.

ولهذا التصلب انعكاسات هامة، إذ أنه سمة تستغرق مختلف الأنشطة السلفية بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن مظاهر ذلك أن معظم دروس الطائفة موجه نحو التحذير من البدع والطوائف المتبنية لها بشكل ينتج عنه هجوم شرس على مجموعة من صيغ الإسلام:

- الإسلام الشعبي متمثلا في ما ترسب في المجتمع المغربي من عادات دينية، مثل الاحتفال بعيد المولد النبوي وزيارة المقابر ومظاهر الاحتفال الصوفية وتقديس الأولياء، وغيرها من المظاهر التى ينافى إسلام السلف حسب المذهب السلفي.

- الإسلام الحركي متمثلا في الحركات الإسلامية، لما قامت علية من "انحرافات عقدية ومخالفات لمنهج الدعوة القائم على أولوية مهمة الإصلاح العقائدي والتربوي وهامشية الإصلاح السياسي مقارنة مع هذه المهمة العبادية".

-الإسلام العالم "الذي يسلك منهج التوفيق في كل الأمور الدينية بما فيها العقائدية والعبادية بشكل أضاع معه رسالة الدعوة".

- الإسلام الرسمي لتعصبه لمذهبية واحدة دون سائر المذاهب.

3ـ الآباء المؤسسون:

يشترك السلفيون أيضا في القول بضرورة الأخذ عن السلف الصالح المشهود له بالخيرية، و ذلك باستعمال ما كان من كلامهم الذي هو الفهم الصحيح للكتاب والسنة، وهكذا فالطريق إلى الوصول على المعنى الصحيح هو الرجوع إلى ما كان عليه الأولون والأخذ بفهومهم للنص الديني.

ويتنج عن المكانة التي يحتلها السلف الصالح عند السلفيين الإصرار على واجب التعامل معهم كناقلين لمعرفة مقدسة، وفي نفس الوقت فإن السلف هي الجماعة المنتجة للآليات التي يجب التعامل بها مع تلك المعرفة، فلا وجود لآية من كتاب الله أو حديث نبوى فاتت الصحابة والتابعين أو تركوها بدون تفسير واضح.

فبإحالتها على السلف، لا تقصد الإيديولوجيا السلفية مجرد الارتداد على أسماء يحتفظ لها التاريخ بمكانة اعتبارية، بل تريد السلفية تأكيد تساميها وتفوقها على ما يخالفها من أفكار عبر التاريخ الإسلامى.

كما يطعن السلفيون في ما يشكل سلفا بالنسبة لاتجاهات الفكر الديني الأخرى ومن أبرزها ما ينعتونه "بالمدرسة العقلية" التي تمثل لديهم خطا فكريا متواصلا امتد من الغزالي وتجسد عند الأفغاني ومحمد عبده، ووجد ترجمته في خطاب الحركات الإسلامية المعاصرة، واصفين سلف وخلف هذه المدرسة بالحمق والطيش لما نشأت عليه من عقائد فاسدة، وما مارسته من توفيقية فكرية كان هدفها التصالح مع الغرب.

وتتجسد المكانة التي يتبوؤها السلف في المساحة التي تحتلها مقولاتهم في المتن السلفي بحيث تستغرق هذه الأخيرة مقولات هؤلاء معظم مساحات الكتب الحديثة الصادرة عن السلفيين قدمائهم ومعاصريهم، فما أن يقدم المؤلف لموضوعه حتى يبدأ في استعراض أقوال السلف ممن أفاضوا في المسألة محل البحث، فيكون المؤلف عبارة عن تجميع مقولات كثيرة يراد لها أن تقوم مقام الحجة بالنسبة للمؤلف، بحيث لا يظهر دور هذا الأخير إلا بعد صفحات متعددة من الإحالات ليسجل فضل هؤلاء وعبقريتهم التي لم تترك له مجالا للإضافة أو التحسين، وإنما مجرد المحاججة بأقوالهم على ما يخالفها من تفسيرات.

4 ـ النصوصية:

تشترك السلفيات على اختلاف أنواعها باتسام خطابها بالنصوصية: يكمن اعتبار السلفية نمطا من الفكر يقتصر على استخدام المصطلح الإسلامي الأصلي، ويتخذ من قيم الإسلام ومبادئه المعيار الوحيد في النظر والحكم، ومن النص النقلي مرجعه النهائي في التدليل والإثبات، دون ان يستوحي عناصر فكرية مستقلة من خارج الأصولية الإسلامية للاستعانة في تبريره الفكري ودفاعه العقدي.

يضخم السلفيون من دور النص، ويتجاهلون دور العامل الإنساني الذي يقوم بتفسير النص، ويرون أن النص ينظم معظم جوانب الحياة، ومن يحدد معناه هو قراءة من الصحابة ، أما الآخرون ، فتنحصر وظيفتهم في تلقي النص وتطبيقه. ففى النموذج السلفي، لا علاقة لذاتيات الطرف المفسر غير الصحابي بفهم الأحكام الإلهية أو تنفيذها ، فهذه الأحكام موجودة بالكامل وبوضوح في حرفية فهم السلف للنص، وبالتالي لا دور للتأملات الأخلاقية والجمالية الخاصة بالطرف المفسر ولا دور لتجاربه، بل لا حاجة إليها أصلا.

إن تركيز السلفية على النصوص يجعل منها إسلاما أورثوذوكسيا مستغرقا في دقائق الشريعة وإذعان لسلطان مستمد من الشريعة وحدها. والنتيجة، عدم قدرة الخطاب السلفي على تطوير خطاب منظر للعقيدة حيث يخلو من مفاهيم ونظريات المقعدة هذا المبحث، لصالح مجموع مواقف عقائدية متصلبة لا تبني ذاتها و لا تبرر وجودها إلا من خلال احتكار الفهم الصحيح للنصوص، و التميز بذلك عن الاتجاهات العقائدية الأخرى.

ونظرا لهذه النصوصية، يرفض الخطاب السلفي استخدام السببية الاجتماعية كعنصر في التحليل، بحيث ينظر إلى المجتمع على أنه ككيان توحده العقيدة وليس كجسم تربطه مصالح اجتماعية وعلاقات إنسانية ، وإذا صادف أن أشير إلى بعض مظاهر الحركية المجتمعية في سياق الحديث، فإنها تفعل ذلك في معرض التبرير أو التنديد بدون أدنى تحليل للأسباب و الدوافع.

5 ـ الشكلانية:

تظهر شكلانية الخطاب على مستوى السلوكيات التعبيرية للخطاب السلفي وهو ما يتبين من خلال طرق السلفيين إدارة الدروس اليومية في أسلوبهم في الحوار والمجادلة والحجاج.

ففي الدروس اليومية تعضد الشكلانية بواسطة التكرار الطقوسي للمواضيع وشرحها شروحات مستفيضة، فهناك كلمات محورية يدور حولها جميع الدروس، كما أن نفس المواضيع تكون حاضرة باستمرار داخل كل الدروس الملقاة، ويهدف هذا التكرار إلى توحيد الدلالة عند المستمعين، أي انها مواضيع منغلقة سيميائيا على نفسها بشكل يجعل النمطية تتسرب إلى الدروس، بحيث لا تقدم للمتلقي المستقل الحافز لمعاودة الحضور إليها.

وإذا كانت الخصائص السابقة هي سمة لكل الخطابات الأيديولوجية، فإنها تبلغ أقصى درجاتها عند السلفيين، بحيث يؤدي السرد المتكرر والمتواصل للوثوقيات والبديهيات الدينية إلى إبعاد المتلقي عن كل محاولة للنقد أو إصدار أحكام خارج محددات الإيديولوجيا

يختلف أسلوب الحجاج الذي يستخدمه السلفيون في مواجهة المتناظرين معهم، وذلك حسب مستوى المعارف العقائدية المتوفرة لدى هؤلاء، هكذا تتراوح الإستراتيجية الحجاجية السلفية بين نوعين، النقد الشديد في حالة التمكن العقائدي، أو المشاركة النقاشية في حال الإيمان العقائدي المتردد أو غير الواعي. ففي الحالة الأولى، توصي منهجية الدعوة بالتوقف عند مرحلة عرض الأدلة المضادة les contre arguments) ) وغيرها من المضادات الدفاعية، دون الدخول في جدل قد يؤثر في الداعية السلفي نفسه في حالة التمكن العقائدي للمتجادل معه. أما في الحالة الثانية، فيكون المجهود الدعوي أكثر انبناء لأنه لا يتوقف عند مستوى هدم المرتكزات العقائدية السابقة، بل يروم إلى إعادة بناء مذهبية جديدة. فعلى الداعية السلفي أن لا يترك المتلقي إلا وقد تمت أعلن هدايته، أو عندما يضمن انخراطه اللغوي(adhésion verbale) على الأقل .

وقد بنى السلفيون المغاربة منهجهم في الجدل بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، بما يوفق الظرفية الجديدة، فقد أوصى المغراوي أتباعه بمنهج دعوي جديد يقتصر على الإخبار بالسنة فإن قبلت منهم فهو ذاك وإلا سكتوا، على عكس رموز السلفية الجهادية الذين روجوا أنفسهم إعلاميا بعد تلك الأحداث.

6- الموقف من الطقوس العبادية:

هنا يستعمل السلفيون مفهوم البدعة لتعني المحدثات التي لا أصل لها في القرآن وسلوك الصحابة.

يوظف السلفيون مفهوم البدعة كثيرا عند حديثهم عن وسائل الدعوة، وخصوصا عندما يريدون تمييز منهجيتهم الدعوية عن تلك السائدة لدى الحركات الإسلامية، فإذا كان الكثير من الفاعلين في هذه الحركات يرون أن هذه الوسائل اجتهادية، بما يعني حرية الداعي في اختيار ما يراه مناسبا من الوسائل التي تحقق الصلاح و الهداية للمدعوين، يقول السلفيون أن وسائل الدعوة مبنية كلها على التوقيف ، ذلك أن حال الأمة الإسلامية لا يصلح عندهم إلا بما صلح بها الأولون وأصلحوا، فالطريق إلى إصلاح الناس هو السبيل الذي درج عليه النبي ودرج عليه صحابته. وهذه السبل هي على سبيل التحديد: الخطب المشروعة كخطبة الجمعة والعيدين، والحلقات العلمية، والإفتاء، والجهاد في سبيل الله، والنصيحة لائمة المسلمين وعامتهم. أما غيرها من الوسائل التي تستعملها الحركات الدعوية الأخرى فهي بدعية، كالسماع المجرد ، وتلحين القصائد، والتغني بها ، والتمثيل والمسرحيات، وغيرها مما اعتاد عليه الإسلاميون عند إقامتهم أنشطتهم الدعوية. والخلاصة أنه لا يجوز بحال اتخاذ وسائل دعوية غير شرعية لا دليل عليها في السنة ولا سوابق لها عند الصحابة.

7- طرق التلقين:

من خلال تتبع نشاط الحركات السلفية باختلاف أنواعها، يتبين اعتمادها على ميكانيزم التلقين كوسيلة للانتشار والتعبئة، لكن المعطيات توضح بجلاء اختلافا في مستويات الانفتاح والانغلاق الذي يواكب هذه العملية ، فداخل جمعية محددة ونظرا للتركيز على المذهبية واعتبارها مركز العملية التعليمية، تتم عملية التلقين في فضاء تواصلي مغلق، حصري، ودائري، في حين يسود داخل جمعيات أخرى قدر من التسامح وحرية وإن كان ذلك لا يتعدى حدود المذهبية بل يبقى داخل أسوارها.

وعلى كل حال، و بالرغم من اختلاف طرق بث المضمون الديني في كلا النوعين من السلفية، فإنهما يتفقان على أن الهدف النهائي هو تلقين الإيديولوجيا السلفية بحيث يمكن اعتبار المعرفة والعقيدة شيئا واحدا على أساس أنهما يحملان رؤية أحادية في تفسير العالم وإعطاء معنى موحدا للعالم والأشياء..

يعتبر التماهي من بين اللآليات السيكولوجية التي تستعين بها الحركات السلفية في عملية التلقين الإيديولوجي، ولا يتحقق هذا التماهي عند المجموعات السلفية بمجرد الأداء الجماعي والموحد للطقوس الدينية، بل بسلوكيات أخرى منها ما ليس منحدرا من التعاليم الدينية بالضرورة، ففي البداية، يستعمل السلفيون المقابلات الرمزية التي تعوض الأسماء الحقيقية للأتباع ( أبو حفص- أبو سهل...)في علامة على تفضيل الانتماء على الطائفة على الانتماءات الاجتماعية الأخرى، كما يعد الالتزام بالسمتhabitus) ) السلفي شرطا أساسيا لقبول الفرد في التنظيم، فمن القواعد المهمة التي يجب أن يظهرها الدعاة، الحرص على التمسك بالسنة ظاهرا وباطنا، في علاقاتهم الخاصة والعامة على السواء، يجب أن يكونوا صورة يتحرك من خلالها القرآن. ففي التصور السلفي لا تملي العقيدة السلوك التعبدي المثالي فحسب، وإنما آداب الحياة بما فيها تفاصيل الأكل واللباس والهيئة (الرائحة الطيبة والتجمل الموافق للسنة..) فكل ذلك عوامل مساعدة في الدعوة،مما يمكن معه اعتبار السلفية ذات نزعة تدينية استعراضية.

ومما يقوي التماهي بين أعضاء الجماعة، ما تخضع الحياة الجماعية في مقرات الحركات السلفية من قواعد صارمة تنسحب على جميع نواحي الحياة، فهناك شكليات تنسحب على تفاصيل الحياة اليومية بشكل يجعل الأتباع مراقبين باستمرار، و بشكل يبعد التابع الجديد رمزيا على الأقل، عن وسطه القديم ويقربه من محيطه الجديد داخل الجماعة السلفية.

وبقدر ما يولد التماهي مصدرا للاعتبار الذاتي وشعورا بالاعتزاز من خلال الانتماء إلى جماعة سلفية، بقدر ما يولد ذلك نوعا من الكبرياء والتعالي وقدرا من التعصب لمعايير الجماعة وتقاليدها. والنتيجة: تحقيق التمايز عن العالم الخارجي وتوجيه العدوانية الرمزيه تجاهه من طرف التنظيمات السلفية التقليدية والمادية من طرف السلفية الجهادية ، وبشكل عام تبقى الجماعة السلفية ايا كان نوعها بالنسبة للمنتمين إليها المصدر الوحيد لكل قيمة واعتبار.

ثانيا: أوجه الاختلاف بين السلفية التقليدية والجهادية:

كما أن الاشتراك في الانتماء إلى مذهبية دينية واحدة يحدث تماسكا أخلاقيا واجتماعيا كبيرا، فإن الاختلاف الذي يحدث في فهم أحد عناصر هذه المذهبية يحدث تباينا بين الأطراف المتبنية لهذه المذهبية حيث تشحن المذهبية بمساهمات جديدة أقل أو أكثر تصلبا ، هذا إذا لم تصبح، تحت ضغط الأحداث، متسمة بقوة البراغماتية.أو بالمزيد من الراديكالية السياسية.

1-السلفية والسياسة:

فإذا كانت جميع السمات السابقة مشتركة عند كل الحركات السلفية، فإن ما يفرق بينها هو الشرط الموضوعي المتمثل في الموقف من السلطة السياسية تحديدا، ويكاد هذا الشرط يشكل المفصل المميز بين بقاء الخطاب عند حدود العنف الرمزي أو تلك التي تجاوز ذلك نحو تبني العنف المادي. لكن يجب الانتباه إلى ذلك حتى ولو لم يكن هناك عنف مادي عند المسماة تقليدية أو معتدلة، حتى ولو لم تكن الحلول التي يتبناها هذا التيار ثورية بالمعنى المادي، إلا انها كذلك من الناحية الرمزية، فالشعور بابتعاد المجتمع عن الدين الصحيح يؤدي إلى تفاديه للعيش على شكل طوائف منعزلة من حيث وجودها الرمزي.

في مقابل تضخم البعد السياسي في خطاب السلفية الجهادية فى المقابل نجد خطاب السلفية التقليدية يزدرى السياسة ويبعدها من اهتماماته، لكنه إذا كان من المستحيل، الحديث عن خطاب سياسي لدى الاتجاهات السلفية التقليدية، فإن الامتثالية السياسيةConformisme politique) ) تشكل مبدأ ناظما لفعلها السياسي، إذ تختصر السلفية فعلها السياسي في هذا المبدأ، وتبعد من خلاله كل حديث مفصل عن السياسة بكل ما يتفرع عنه من قضايا.

على المستوى النظري، تظهر هذه الامتثالية في منع الاشتغال على الإشكاليات السياسية بحيث تعتبر السلفية التقليدية أن من ترف العلم صياغة نظريات سياسية ثم التحدث في شأنها وصياغة احتمالات بصددها مثل: لمن الحق في إزالة الحاكم غير الخاضع لحكم الشريعة؟ فالخوض في ذلك يجانب منهج السلف الصالح الذين لا يتحدثون في القضايا إلا عند وقوعها, وهذا هو أسلوب الدعوة الذي يجب أن يتبع، وليس التنظير وبناء الأحكام على تصورات خيالية.

ومن المبادئ المؤسسة للامتثالية عند السلفية التقليدية الشعار القائل "لا نكران ولا هجران ولا خروج". والمعنى، أن التمرد والخروج على ولي الأمر فيه مفاسد كثيرة ولا خير فيه للأمة الإسلامية..مهما بلغ ظلمهم وجورهم.

من الواضح إذن، أن جزءاً من الحورارت السلفية المعاصرة تكتفي بترديد الإيديولوجيا التقليدية التي روجها العلماء القدامى، عندما قالوا بوجوب الطاعة الكاملة وعدم شرعية الإعلان عن الجهاد على السلطان وجر الأمة إلى الفتنة وخدمة العدو، ليبقى مجال التحرك السياسي الوحيد المتوفر هو النصيحة، من خلال المشورة مع إبدائها بمراعاة للضوابط الشرعية، بعيدا عن لغة الإلزام أو التشهير، فالبلاغ يقيم الحجة ويبرئ الأمة.

إن إنكار العمل السياسي مقابل العمل الذي يعتبر عند السلفيين شرعيا ومنطقيا في آن واحد: نبدأ بالعقيدة ثم بالعبادة ثم بالسلوك تصحيحا وتربية، أما التحرك السياسي قبل تحقيق التصفية و التربية، فلن تكون له سوى نتائج سيئة.

2ــ الموقف من الجهاد:

يؤدي ازدراء الجهاد من لدن السلفية التقليدية إلى الإشتغال بالنشاطات خيرية ويتحملون نفقات الأطفال في المدارس القرآنية ويجمعون العاطلين في المساجد للصلاة، ويعملون على إعادة تنظيم وجودهم بتقليد المثال النبوي حرفيا، فهم يبعدون هؤلاء عن الجنوح والسلوكيات الاحتجاجية كما يبعدونهم عن السلفية الجهادية.

لقد جرت الامتثالية المطلقة للتيارات السلفية التقليدية للسلطة على نفسها هجوما من أقطاب السلفية الجهادية بحيث ينعتونهم بالمهادنين والمعطلين بفريضة الجهاد حتى أن بعضهم يصرون على تسمية اتجاههم الدعوي باسم أهل السنة والجماعة تمييزا للخط السلفي التقليدي.

لكنه عند الحركات الجهادية ، لا يعبر الجهاد سوى عن عمل فردي بمعنى انه غير مؤطر أيديولوجية محددة يصبح معها عملا جماعيا مؤسساتيا، فبالرغم مما يعطيه من الجهاديون من أهمية وأولوية للجهاد، فإنه يبقى واجبا شخصيا (فرض عين) على كل فرد وفي كل وقت، في حين أن التقليد الجماعي ومنه التقليد السلفي التقليدي يعتبره واجبا جماعيا (فرض كفاية)، أي أنه ينحصر ضمن حدود جغرافية زمنية، ويتوجب على كل جماعة تتعرض لتهديد عدواني، وعليه فإن السلفية الجهادية تتصور العنف الذى يمارس باسم الإسلام، أنه عبادة فرد لا تعبر مطلقا عن إرادة الجماعة.

وبما انه جهاد فردي، فإنه لا يعتمد على أي خطة استراتيجية ولا يرسم أي أهداف سياسية، والدليل أنه لم يرسم أية خطة لما بعد 11سبتمبر 2001 . فعلى عكس عنف الإسلاميين الكلاسيكيين الذي يبقى دوما قابلا للمفاوضة، بعكس العنف السلفي الذي لا يسعى إلى تطبيق برنامج محدد ولا يرتجي نتيجة ملموسة، بل يختار أتباعه الموت لما يحمله من معان ورموز. لذلك فالتفاوض معهم مستحيل.

3ــ التنظيم:

يعبر الخط السلفي التقليدي عن نفسه عبر عدة جمعيات تحمل أسماء متعددة مثل جمعية الدعوة وجمعية الإمام مالك جمعية الحافظ بن عبد البر، ولكن بعض شيوخ السلفية الجهادية يرفضون تأسيس الجمعيات ويعتبرون ذلك طريقة بدعية في ممارسة الدعوة ويتجهون نحو ممارسة النشاط في خلايا صغيرة ( الميلودي زكرياء)، أو إلى ممارسة الدعوة عبر الانخراط في المنظمات الأهلية كالوداديات السكنية (أبو حفص)، في حين دفع رفض السلطة الترخيص لجمعية أهل السنة والجماعة بفاس بالفيزازي إلى الحراك في جمعية الدعوة إلى الله التي يوجد مقرها بنفس المدينة.

بالرغم من إغلاق العديد من دور القرآن ومنع كثير من الجمعيات الدينية من ممارسة نشاطها عقب الأحداث، فقد تمكن العمل السلفي التقليدي من مواصلة التعبير عن نفسه، و يبدو أن السلفية التقليدية قد وضعت في حسابها ما قد يعرفه المجال الديني من تقلبات، واحتمال تغير هذه السياسة الرسمية وبالتالي تغير موقف السلطات إزاءها. لذلك، فإن إغلاق دور القرآن التابعة رسميا لجمعية الدعوة، لم ينجم عنه اجتثاث فروعها المتمثلة في دور القرآن التابعة لجمعيات مستقلة اسميا، ولكنها تابعة للخط السلفي التقليدي. ، وبهذا الشكل يتخذ تنظيم جمعية الدعوة وضعية نسق فرعي sous système) ) داخل المجتمع، مما يجعلها قادرة على مواجهة متطلبات المراحل القادمة واحتمالات تصادمها مع المصالح المتغيرة هذا عكس السلفية الجهادية التي اجتثث فروعا واعتقل زعماؤها بسرعة بعد أحداث 16 مايو.

ومن خلال المظاهر التنظيمية التي نجحنا في رصدها تبين أن نتيجة عامة وهي أن تنظيم الطوائف الدينية هو في حد ذاته عامل محدد لما للحركة من إمكانات التطور وانتداب الأتباع. بحيث أن تلك الهيكلة التي تطبع تنظيمات السلفية التقليدية يسعفها في تقوية مستوى الاستقطاب والحفاظ على المستقطبين على صفوفها في حين أن عدم تحقق السلفية الجهادية تنظيميا لا يسعفها في ذلك، إذ أن كل ما تحصل عليه من المستقطبين هو الإقرار اللفظي بالانتماء دون أن يتجسد ذلك بالانخراط في تنظيم معين.

كما ان انعدام تنظيم محدد وجلي في صفوف التيارات الجهادية منعنا من دراسة مسألة القيادة في حين أن وجود هذا التنظيم عند التيارات التقليدية مكن من ذلك فقد انتهينا من خلال دراسة هذا الجانب، إلى وجود نوعين من القيادة: قيادة مركزية اوتوقراطية تغيب فيها تراتبيات السلطة، ثم القيادة الاندماجية التي تقوم على نظام الاعتماد المتبادل، تكون القيادة فيه تعاونية يعمل فيها القائد كخادم للجماعة، فالكل يشارك كأقران في صنع القرارات. كما يتحمل الكل المسؤولية الناجمة عن تلك القرارات.

4- سوق الاستقطبات:

من خلال عينة قام بها الباحث فى دراسة له تبين أن سن الأتباع المنتمين إلى الجمعيات السلفية التقليدية والسلفية الجهادية متقارب جدا، بحيث يتراوح سن الأفراد ما بين 17 و28 سنة.

ومن ناحية المستوى التعليمي، يتضح أن أغلب أتباع السلفية سواء كانت تقليدية أو جهادية قد تلقوا تربية دينية، من أهم مظاهرها إما ارتياد المدارس الدينية العتيقة أو مؤسسات دور القرآن.

بالنسبة لمستويات أفراد العينة من التعليم العصري فكثيرا ما يلاقي السلفيون التقليديون والجهاديون صعوبة في تتمة مسارهم الدراسي مع ملاحظة أن ارتياد دور القرآن وغيرها من المعاهد السلفية كان عند البعض حلا لأزمة عاشوها مع التعليم النظامي ممثلا في الرسوب المتكرر.

إن المعطيات التي توفرت بوساطة البحث الميداني توضح أن أغلب الحساسيات السلفية ليس لها سوى حظ يسير من التربية المؤسساتية، فأتباعها إما عاطلون عن العمل أو شباب يافعون فقراء أو أرباب أسر حائرون يواجهون أبناء فقدوا سلطتهم التقليدية عليهم، ويعبرون عن احتجاجهم بتعاطي الكحول والمخدرات والانحراف قبل أن يتحولوا بفعل الدعاية السلفية إلى مبشرين ووعاظ هدفهم إرجاع البقية إلى جادة الدين.

إذن، ليس الاستقطاب من داخل القاعدة الاجتماعية خاصا بالسلفية الجهادية وحدها ، لكنه أمر ملازم للحركات السلفية التقليدية ذاتها، بحيث إن ولوج العديد من الأشخاص إلى جمعية الدعوة يجد تفسيره في نجاحها في إخراج البعض منهم من الإدمان كان يفسد أخلاقهم، إلى وضعية أرقى تمكنهم من انتزاع اعتراف اجتماعي جديد، الشيء الذي كون انطباعا بجدوى وفعالية هذه الجمعيات ، و أعطاها نوعا من المصداقية لدى الرأي العام، زاد منه ما قامت به من ربط بين عمل الوعظ والإرشاد وحركة إدماج الشباب في مقاولات اقتصادية صغيرة، مما وفر لبعض أتباعها مداخيل مالية.

ظهر من البحث أيضا أن بعض الجمعيات التقليدية الأكثر اشتغالا بتعليم العلم الشرعي مثل جمعية الحافظ ابن عبد البر التي تقوم بإعادة تأهيل أتباعها وتوفر لهم إمكانية استئناف مشوارهم الدراسي ذلك أنها تؤهل هؤلاء لاجتياز باكالوريا التعليم الأصيل، بحيث يمكن اعتبار المعهد جسرا يعبر منه طلبة المدارس العتيقة إلى الكليات النظامية.

تكمن محفزات الانتماء لهذا النوع من الجمعيات إذن في أنها تمكن الطالب من "استدراك" ما فات أتباعها وإعادة إدماجهم في مستويات متقدمة وقريبة من مستوى السنة الأخيرة من الباكالوريا، بحيث يمكن لأتباع الجمعية الترشح لهذا المستوى بعد سنوات قليلة من الدراسة في المعاهد السلفية التقليدية.

من الناحية الاقتصادية، بين التصنيف السوسيومهني لأفراد العينة أن العاطلين والممارسين لمهن هامشية وموسمية يأتون في مقدمة أتباع الحركات السلفية، فهم ينتمون في العادة إلى مدن الصفيح أو المدن الهامشية ، فغالبيتهم باعة متجولون و مستخدمون وعمال ثم ممارسون لمهن صغيرة كالبقالة وبيع الخضر .. وهكذا دواليك حتى نصل إلى الخياط، والإسكافي، وبائع ماء الإعشاب، وبائع السمك، وسائق سيارة الأجرة، والميكانيكي، والكهربائي..إنها مهن يومية لا تتيح لأصحابها انخراطا قويا في العالم، وبالتالي فهي مجال مهم للنشاط التعبوي للحركات السلفية، التي يمكن اعتبارها حركة تمارس التعبئة على مستوى القاعدة المجتمعية.(un mouvement de masse)

يتعلق الأمر إذن بشعور بدونية اقتصادية واضحة، لكنه وإذا ما كانت الحركات الجهادية تواجه هذه الدونية الاقتصادية بتعبئة أتباعها بالدعوة إلى نصرة الجهاد أو إلى القيام به، فإن الحركات السلفية التقليدية تواجهه بالوعظ الديني، وبذلك فهي تقوم، في واقع الأمر، بإخفاء الأسباب الحقيقية التي رجحت الإقبال عليها، إنها تقوم بمكافحة الفقر بالمعاني الجمعية التي تتشكل من خلال العيش داخلها ، فليس من مصلحة الحركة أن يعي أتباعها طبيعة الحرمان الذي كان في مصدر انتمائهم لها، لأنها ستضطر عندئذ إلى وضح حلول عقلانية ودنيوية للتغلب على الحرمان مما سيقضي عليها كحركة دينية، فالحل الديني الذي يتمثل في حالتنا بخطاب الوعظ هو في الحقيقة تعويض عن الشعور بالدونية الاقتصادية أكثر منه مجهودا للتغلب عليها. ومن ناحية أخرى قادت دراسة الصلاة العائلية والقرابية للمناضلين السلفيين الجهاديين إلى استنتاج تمايز في طرق التعبئة بين السلفية التقليدية والجهادية. ففيما يتعلق بحركة الجهاد السلفي، فإن للعائلة والصداقة دورا كبيرا في مواصلة تعبئة المجندين، حيث يتم الالتحاق بالحركات الجهادية عبر ثلاث مراحل: مرحلة الانخراط الاجتماعي في الجهاد بدافع الصداقة أو القرابة ، ثم الترسيخ التدريجي للقناعات وللعقيدة حتى قبول إيديولوجية الجهاد السلفي، فالدخول الرسمي في الجهاد الذي يبدأ من خلال العثور على قناة تقود إليه، أما الأوضاع المزرية النسبية والاستعداد الديني القبلي والانجذاب الإيديولوجي فتبقى من العوامل الضرورية، ولكنها ليست كافية من أجل إقناع الفرد باتخاذ قرار الاندماج في الجهاد.

aymaan noor
24-10-2012, 07:25 PM
نمط جديد للعلاقات بين واشنطن والإخوان في دول الثورات العربية
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/ea91bb19891b6c623322a2cb25533741_L.jpg
عفراء أحمد البابطين
باحثة في الشئون السياسية - دولة الكويت

رغم اندلاع ثورات "الربيع العربي" في تونس ومصر وليبيا واليمن، ونجاحها في إسقاط أنظمتها، لا تزال هذه الدول تمر بمرحلة ممزوجة بالفوضى وعدم وضوح شكل وأسلوب ومنهج أنظمة الحكم الجديدة. فوصول جماعات الإسلام السياسي إلى سدة الحكم في بعض هذه الدول، وتنامي نفوذها السياسي في دول أخرى؛ بدأ يطرح تساؤلات عدة حول كيفية إدارة تلك الجماعات لدولها، وحول طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها القوة الأكثر تأثيرًا في المنطقة، وهذه الجماعات.

وتشيرُ عدة وقائع سياسية إلى أن هناك قبولًا أمريكيًّا لجماعات الإسلام السياسي، وتحديدًا جماعة الإخوان المسلمين، على خلاف ما كان سائدًا منذ عقود من الزمن؛ حيث كانت الجماعة تنتقد الولايات المتحدة الأمريكية لدعمها الديكتاتوريات القائمة آنذاك في الدول العربية، ومن الجهة المقابلة، كانت الولايات المتحدة تخشى هذه الجماعة وغيرها من جماعات الإسلام السياسي، وتعتقد أنها غير قادرة على تبني قواعد الديمقراطية والالتزام بها؛ حيث لم تر فيها "حليفا إستراتيجيا" يحافظ على المصالح الأمريكية في المنطقة.

إن هذا التحول السريع في العلاقات بين الولايات المتحدة وجماعة الإخوان المسلمين، لم يكن ليحدث لولا التغيرات السياسية الأخيرة في المنطقة، فلطالما كانت واشنطن مترددة في دعم مشاريع دعم الديمقراطية في العالم العربي خوفا من تصاعد الوزن السياسي لجماعات الإسلام السياسي في ظل ضعف التيارات الليبرالية في المنطقة، ولكن بعد أن تغير المشهد السياسي نتيجة الثورات العربية وإسقاط معظم النظم السلطوية الحاكمة؛ تغيرت رؤية واشنطن لهذه الجماعات.

وفي هذا الإطار؛ تحاول هذه الورقة تحليل أبعاد ودوافع هذا التحول في العلاقة بين الولايات المتحدة وجماعات الإسلام السياسي، وتحديدًا جماعة الإخوان المسلمين، باعتبارها الجماعة الأكثر تأثيرًا في المشهد السياسي العربي؛ حيث تحولت العلاقات بين الجانبين من انعدام الثقة المتبادلة، إلى ما يشبه "الشراكة" بينهما. كما تحلل الورقة العوائق والإشكاليات التي يمكن أن تكتنف هذه العلاقة الجديدة خلال الفترة المقبلة، وكيف ستتم إدارتها.

دوافع التحول في العلاقة:

لقد تراجعت مكانة الولايات المتحدة الأمريكية عالميًّا، وهو أمر يمكن تَلَمُّسُهُ من خلال إخفاقها في المجالين الاقتصادي والعسكري؛ حيث تراجعت قوة الولايات المتحدة أمام الصين وروسيا بصورة كبيرة مقارنة بفترات سابقة، وتُعتبر أزمتا إيران وكوريا الشمالية والصراع في سوريا مثالا واضحا على ذلك؛ حيث لم تستطع الولايات المتحدة أن تفرض هيمنتها ولا قوتها المعتادة على الصين أو روسيا لحل هاتين الأزمتين، وخاضت حروبًا ودخلت في تصفيات سياسية وأمنية كبيرة للحد من ظاهرة الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، ومن ذلك حربها ضد حكم طالبان في أفغانستان؛ حيث لا يزال الوضع مرتبكًا وضبابيًّا هناك دون تحقيق نجاح يذكر. كما فشلت الولايات المتحدة في حربها على العراق؛ حيث أخفقت في تحويل العراق إلى "نموذج" للديمقراطية في الوطن العربي. لذا فإن الفشل في حل تلك القضايا أرهق الإدارة الأمريكية، ووضعها في حرج كبير، ناهيك عن أنها في الفترة الأخيرة لم تستطع أن تضع حلولا لإنهاء الصراع في سوريا.

ويمكن القولُ، إن رغبة الولايات المتحدة في تجاوز هذا الوضع، وتحقيق اصطفافات سياسية تضمن أمنها الإستراتيجي، ومصالحها في المنطقة؛ لم يُبقِ أمامها من خيارٍ بعد قيام ثورات الربيع العربي إلا مساعدة الشعوب العربية في تحقيق الديمقراطية والحرية وضمان الشفافية ومكافحة الفساد لكي تنشأ من خلالها بيئة مستقرة تخدم مصالحها. وبالتالي، وجدت الولايات المتحدة نفسها "مضطرة" للتقرب من جماعة الإخوان المسلمين، كإحدى قوى الإسلام السياسي، والتي حققت انتصارًا شعبيًّا في أغلب دول الثورات العربية.

وهذا التقاربُ الاضطراري قد يحل محل النمط القديم الذي ميز السياسات الأمريكية؛ حيث كانت تصنف تيارات الإسلام السياسي عامة، على أنها جماعات وأحزاب وحركات متطرفة وإرهابية غير قادرة على دعم الديمقراطية. وبذلك فإن الولايات المتحدة تنتهج مسعى جديدًا يهدف إلى دعم هذه الجماعات التي أصبحت واقعًا سياسياً؛ حيث أصبحت هي من يحكم، ويرعى مصالح شعوبها عبر القانون والدستور الذي من المفترض أن يحمي حقوقَ الإنسان، ويدعم حرية الفكر والتعبير، ويضمن حماية الأقليات، ويدعم حقوقَ المرأة.

البحث عن شراكة "حقيقية"؟

منذ اندلاع ثورات "الربيع العربي"، احتفت الولايات المتحدة بتونس كونها أول دولة تصنع "الربيع العربي الديمقراطي"، ففي خطاب الرئيس باراك أوباما لتونس أشار إلى أن "قصة تقرير المصير بدأت مع الشاب التونسي محمد البوعزيزي، الذي أحرق نفسه وأدى الى اندلاع ثورة حتى غادر الديكتاتور". وتحليل خطاب الإدارة الأمريكية تجاه ما يحدث في الشرق الأوسط، وخصوصا بعد أحداث "الربيع العربي"؛ توضح التحول السريع والتقبل المسبق لنتائج الثورات العربية، سواء كانت حكومات إسلامية أم غيرها؛ حيث قدمت الولايات المتحدة كل ما تحتاجه مصر وتونس من دعم معنوي ودبلوماسي، سواء على مستوى خطابات الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أو تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون.

فبعد ثورة الياسمين التونسية؛ انتقد الكثير من المحللين السياسيين عدمَ قدرة الحكومات التونسية -وخاصة حكومة محمد الغنوشي وقائد السبسي- على تسويق الثورة التونسية في واشنطن، على نحو يوفر ما تحتاجه تونس من دعم اقتصادي، وفي هذا الخصوص، يرى رضوان المصمودي أن الحكومتين التونسيتين بعد الثورة "أضاعتا كثيرا من الفرص للحصول على الدعم الاقتصادي الكافي لإنجاح الانتقال الديمقراطي، فالدعم السياسي الأمريكي لتونس موجود، وساهم في حماية الثورة من كثير من أعدائها في الداخل والخارج، ولكن الدعم الاقتصادي بالخصوص ما زال دون المطلوب، وأن الشراكة بين البلدين لم تبلغ المستوى المأمول". وبالتالي، تحتاج تونس إلى الدعم الاقتصادي الأمريكي بقدر حاجتها للدعم السياسي والدبلوماسي.

أما في حالة مصر؛ فبعد أن كان الرئيس السابق حسني مبارك من أقوى حلفاء واشنطن الإستراتيجيين في المنطقة، نظرا لما لمصر من مكانة وقوة ووزن في منطقة الشرق الأوسط؛ لم تختلف الرؤية الأمريكية حول الثورة المصرية وحق الشعب المصري في الانتفاض وتغيير النظام عن حالة تونس وليبيا واليمن آنذاك. ومتابعة التطورات اللاحقة، تكشف عن مدى التقارب والقبول الأمريكي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، بدءًا من حصول حزب الحرية والعدالة على 45% من مقاعد مجلس الشعب المصري، حتى وصول الرئيس محمد مرسي إلى سدة الحكم في مصر. ويبدو أن الجانب الأمريكي يراهن على قدرة الإخوان المسلمين على تبني مبادئ الديمقراطية، والحفاظ عليها، والالتزام بها، كونها أصبحت مطلبًا شعبيًّا يجعل من الصعب أن تحيد عنه جماعة الإخوان، وخصوصا بعد أحداث "الربيع العربي".

وهذا الوضع يفرز إشكالية جديدة في شكل وطبيعة علاقة واشنطن مع دول الثورات العربية، فالحكومات العربية الجديدة تسعى لتوطيد العلاقات مع واشنطن بشرط عدم الاصطفاف وراء القرار السياسي الأمريكي كما كان يحدث في السابق، فعندما ثارت الشعوب العربية على أنظمتها، لم تكن الشئون الخارجية لدولها -وتحديدًا في حالتي تونس ومصر- منفصلة عن الشئون الداخلية. حيث إن نظرية "التابع والمتبوع" ونظرية "الولاء المطلق" للولايات المتحدة، وكسب لقب الحليف أو الصديق الإستراتيجي، لم تعد من اهتمامات هذه الشعوب في الوقت الراهن، حيث تريد هذه الشعوب من الولايات المتحدة شراكات اقتصادية وتكنولوجية وعلمية حقيقية، على أسس تقوي من اقتصاد دولها، وتحول دون اعتمادها على المعونات والمساعدات المالية.

أربعة معوقات متصورة:

من الضروري القول إن الولايات المتحدة لم تخرج عن المألوف في تصريحاتها تجاه الثورات العربية، فطالما كانت واشنطن طرفا أساسيا في محادثات السلام في الشرق الأوسط، وفي التأثير في عملية التغيير السياسي في المنطقة العربية، ولها من العلاقات والمصالح في دول الشرق الأوسط ما يجعلها قوة مهمة لا يمكن إغفالها. لكن الواقع السياسي الجديد يؤكد أنه إذا كانت الولايات المتحدة مهتمة باستمرار علاقاتها "الجيدة" مع الدول العربية، فلا بد لها من تغيير إستراتيجياتها احترامًا لرغبة الشعوب العربية، وتأكيدًا منها على حرية التعبير والتداول السلمي للسلطة.

ولكن هذا لا يعني أن تغير واشنطن إستراتيجياتها تجاه المنطقة بما يضر مصالحها، وينشئ بيئة جديدة تضر بها، سواء من خلال الإرهاب أو أي صورة أخرى. فهناك أولويات محددة في سياسة الولايات المتحدة في المنطقة، وأية انحرافات في سياسات جماعة الإخوان المسلمين على نحو يضر بالمصالح الأمريكية سيشكل عوائق وكوابح يمكن أن تسبب ارتباكًا في تلك العلاقة الجديدة. ويمكن أن نوجز تلك الأولويات الأمريكية تجاه المنطقة في أربع قضايا رئيسية.

تتمثل القضية الأولى، في أمن إسرائيل، والذي يُعتبر قضية جوهرية للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه المنطقة. فالولايات المتحدة لا يمكن أن تطور علاقتها مع جماعة الإخوان المسلمين بدون ضمانات فعلية لحماية أمن إسرائيل، ويعد الهجوم الذي وقع مؤخرا في سيناء، وأودى بحياة 16 من قوات حرس الحدود المصرية؛ أول اختبار حقيقي لجماعة الإخوان في هذه القضية، ورغم أهمية قرارات الرئيس مرسي التي اتخذها بعد هذه العملية، والخاصة بإحالة وزير الدفاع المشير طنطاوي ورئيس الأركان سامي عنان للتقاعد؛ إلا أن ما يهم واشنطن هو أن يلتزم بالمعاهدات الدولية، وخصوصًا معاهدة السلام مع إسرائيل، وأن يقف في وجه الجماعات الإرهابية؛ حيث لا يمكن أن تتوطد العلاقات بين الجانبين دون تأمين فعليٍّ للحدود والمعابر بين غزة والحدود المصرية، والتي تعتبر الضامن لأمن إسرائيل.

وتتعلق القضية الثانية بالعلاقات مع إيران؛ حيث إن شكل وطبيعة علاقة جماعة الإخوان المسلمين مع إيران ستؤثر على شكل وطبيعة علاقتها مع واشنطن، وتتطلب البراجماتية من الطرفين أن يستوعب كل طرف مصالحه في المنطقة، فبلا شك، لا تريد واشنطن أن تكون لإيران مساندة عربية، كما أنها لا تريد أن يكون لإيران قوى ونفوذ في الدول العربية، كما أن عزل إيران على المستوى الدولي يشكل إحدى أولويات واشنطن في المنطقة. وبالتالي، فإن اتجاه الجماعة للتقارب أو التحالف سياسيًّا مع إيران، سيكون عائقا لاستمرار حالة القبول الأمريكي لها.

وتنصرف القضية الثالثة إلى مدى قدرة جماعة الإخوان المسلمين على تطبيق وتنفيذ مبادئ الديمقراطية في دولها، فوصول جماعة الإخوان إلى الحكم -من ناحية- يفرض عليها استيعاب كافة شرائح المجتمع، وتقبل الرأي الآخر، وتوسيع قاعدة الحقوق والحريات، وإذا ما فشل الإخوان في تحقيق ذلك، سيكون من الصعب عليها الحفاظ على استمرار الدعم الشعبي لها، وبالتالي فإن الإخفاق في ذلك سيكون عائقًا كبيرًا أمام الولايات المتحدة؛ حيث أصبح تعزيز فرص الحكم الديمقراطي يشكل اليوم نقطة الالتقاء بين الجانب الأمريكي وجماعات الإسلام السياسي، فالسياسة الأمريكية كانت ولا تزال تبني ائتلافاتها وعلاقاتها وتحقق مصالحها من باب المزاوجة بين المصالح والقيم والقوة. ومن ناحية أخرى، لا تستطيع جماعة الإخوان أن تحيد عن مطالب الشعوب العربية في الكرامة والإنسانية، وحكم القانون، والحد من السلطات المطلقة للرئيس.

وتتعلق القضية الرابعة بعلاقة الإخوان المسلمين بجماعات الإسلام السياسي الأخرى، فرغم إطلاق واشنطن "الحرب العالمية على الإرهاب" بعد أحداث 11 سبتمبر، والتي تمخض عنها إسقاط حكم طالبان في أفغانستان، وإضعاف تنظيم القاعدة؛ إلا أن الإدارة الأمريكية لديها منظور متكامل حول كيفية التعامل مع الجماعات الإسلامية المتشددة.

وقد بدأ العديدُ من المحللين السياسيين بعد ثورات الربيع العربي ووصول الإخوان المسلمين للحكم، في طرح تساؤل في غاية الأهمية: هل يمكن أن تكون مصر وتونس دولتين حاضنتين للجماعات الإسلامية المتشددة؟، وقد أجاب راشد الغنوشي عن ذلك مدللا: "إن الثورة المصرية والتونسية السلمية فتحت طريقًا ثالثًا للتغيير في العالم، بعيدًا عن العنف والانقلابات المسلحة، في وقت نؤكد فيه أن الجماعات الإسلامية المتشددة التي نشأت في القاهرة لن تعود، وأنها نشأت بسبب القمع الذي من الطبيعي أن يكفر الشخص بجلاده، بعدما تعرضوا للتعذيب والجلد في السجون، كما أن هذه الثورة لن تصنع فرعونًا جديدًا لمصر طالما استمر الشعب في ثورته السلمية، وكذلك في ظل عصر فضاء وإعلام مفتوح يرصد ويتابع خطوات وتحركات الرئيس".

ويمكن القول، إن العلاقة الأمريكية الجديدة مع جماعة الإخوان المسلمين يجب أن تعمل في ظل تطبيقات فعلية للحد من انتشار واتساع نفوذ الجماعات الإسلامية المتشددة، فإذا كانت جماعة الإخوان قد حققت انتصاراتٍ شعبيةً أوصلتها إلى مراحل متقدمة جدًّا في الحكم؛ فإنه أصبح مُلِحًّا أن تقنع واشنطن بأن الإسلام كفكر ومنهج حياة لا يتعارض في صميمه ومضمونه مع التجربة الديمقراطية التعددية، ويرفض العنف والتشدد في الدين.

لكن معطيات الواقع تفرض احتمال أن يصطدم الإخوان المسلمين يوما بالولايات المتحدة بشأن حركة المقاومة الإسلامية حماس، فحركة حماس التي تتوافق فكريا مع جماعة الإخوان المسلمين، قد تكون بمثابة "الشوكة" في العلاقة بين الجانبين؛ حيث تطالب الولايات المتحدة حماس بالاعتراف بإسرائيل، ونزع سلاح المقاومة، وإثبات "حسن السير والسلوك" في إدارة العلاقات الدولية، ويبقى التساؤل مرتبطا بمدى قدرة جماعة الإخوان في مصر وتونس على مواجهة الولايات المتحدة، وتثبيت حق حركة حماس في المقاومة، واستخدام السلاح ضد الاحتلال الإسرائيلي، كما هو الحال مع حزب الله اللبناني، وغيره من الحركات والفصائل والتنظيمات التي تدعو إلى مقاومة إسرائيل علنًا وتتبنى العمليات العسكرية ضدها.

خاتمة:

إن أول ما يتبادر إلى الذهن عند تحليل القبول الأمريكي لجماعة الإخوان المسلمين وغيرها من جماعات الإسلام السياسي، أن هذه العلاقة يمكن أن تتحول إلى شراكة فعلية حقيقية مبنية على احترام وجهات النظر، وقواسم اقتصادية وعلمية وتكنولوجية مشتركة، تحقق التنمية الإنسانية العربية أولا، وتعزز من أمن واستقرار المنطقة ثانيًا.

ولا يعني هذا القبول الأمريكي تغيرا راديكاليا في توجهات واشنطن، وخصوصا فيما يتعلق بتعزيز الحريات والكرامة الإنسانية، والمطلوب من الحكومات العربية الجديدة أن تقوم بتعزيز حرية التعبير، وتطبيق العدالة والتسامح الديني والإثني، واحترام الملكية الخاصة، واحترام المرأة، وسيادة القانون، والتداول السلمي للسلطة، فهذا بدون شك سيدفع إلى بناء أرضية مشتركة بين الطرفين يتم فيها تجاوز كل الإشكاليات الأيديولوجية والفكرية بينهما.

ومن جهة أخرى؛ يجب أن تتحمل الحكومات العربية الجديدة مسئولياتها، وأن تبتعد عن الأزمات التي يمكن أن تخلق جوا من التصادم مع واشنطن، في بيئة لم تحقق حتى الآن الاستقرار المأمول والاقتصاد المريح لشعوبها. فالمهادنة والتروي والدبلوماسية الحكيمة يمكن أن تصب في صالح تلك الشعوب، وتحقق إنجازات كبيرة على المديين المتوسط والبعيد.

وأخيرًا ومن باب الواقعية السياسية، فإن الاستقلالية في القرار وفي عمل وإدارة حكومات دول الثورات قد يعطي زخما داخليا، ولكن على مستوى العلاقات الدولية فهناك تشابك كبير في المصالح العالمية، وإذا ما أرادت جماعات الإسلام السياسي أن تشارك في العمل الدولي وتكون شراكات حقيقية مع الولايات المتحدة وغيرها من القوى الدولية، فعليها أن تستوعب جيدا مصالحها ومصالح تلك القوى، وأن توجد قواسم مشتركة معها، وأن تعمل من أجل تقليل حدة الاختلافات الأيديولوجية، كما عليها أن تسعى لتحقيق علاقات سياسية ودبلوماسية دائمة، بحيث تطور ثوابت وركائز للعلاقات مع هذه القوى، لتضمن استمرار المخرجات الجيدة من تلك الشراكة للأجيال القادمة.

aymaan noor
25-10-2012, 08:41 PM
[CENTER]تداعيات التصعيد بين الحكومة الكويتية والمعارضة الإسلامية
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/d6e0c71ca3722c71ddd73a242718257f_L.jpg
أشرف عبدالعزيز عبدالقادر
احث في الشئون الخليجية
جاء الخطاب الأخير الذي ألقاه أمير دولة الكويت (الجمعة 19 أكتوبر 2012) ووجه فيه نحو تعديل آلية التصويت في الانتخابات البرلمانية القادمة التي سوف تجرى في الأول من ديسمبر 2012( ليكون لكل ناخب صوت واحد فقط بدلا من أربعة أصوات)، ليزيد من وتيرة التصعيد ويرفع من سقف المواجهة مع المعارضة التي يهيمن عليها التيار الإسلامي بشقيه السلفي والإخواني

، حيث اعتبرتها المعارضة تكتيك جديد لجأت إليها الحكومة للتقليل من فرصها في الانتخابات البرلمانية القادمة، خاصة بعد أن رفضت المحكمة الدستورية الكويتية الطعن الحكومي بشأن إدخال تعديلات على نظام الدوائر الانتخابية المعمول بها حاليا، وإبقاء المحكمة عليه (نظام الخمس دوائر).

هذه التطورات تثير عدة تساؤلات رئيسية، يحاول المقال التطرق إليها، منها: ما هي الأبعاد الرئيسية للتصعيد الجاري بين الحكومة الكويتية والمعارضة التي يسيطر عليها التيار الإسلامي؟، وما هي تداعياته على المشهد السياسي الكويتي قبيل الانتخابات البرلمانية القادمة؟

أولاً: الصعود السياسي للمعارضة الإسلامية وآليات تعامل الحكومة الكويتية معه:

لم تكن الكويت استثناءً من "المزاج العام" الذي خيم على المنطقة العربية، في أعقاب ما عُرف بـ "ثورات الربيع العربي"، والذي صب بوضوح في مصلحة الإسلاميين بتياراتهم المختلفة، وهذا ما عكسته نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في فبراير الماضي 2012، وحصد فيها التيار الإسلامي على 27 مقعدا، ليشكل مع بعض النواب الآخرين كتلة أغلبية معارضة سيطرت على 34 مقعدا من مقاعد البرلمان البالغة 50 مقعدا.

ومثلما حدث في دول عربية أخرى، بعد أن نجح التيار الإسلامي في تشكيل كتلة الأغلبية المعارضة في برلمان 2012 المبطل، اتجه إلى الانفراد بتحديد أولويات الأجندة التشريعية دون التشاور مع الكتل السياسية الأخرى، كما اتجه إلى العمل على أسلمة القوانين، على نحو ما عكسه إصرار التيار السلفي على تعديل المادة الثانية والمادة 79 من الدستور، بما يفرض على البرلمان عدم سن أي تشريع، إلا إذا كان "موافقا للشريعة الإسلامية"، وكذلك وما أثير بشأن "قانون الحشمة" الذي لم يخرج إلى النور، وغيرها من القضايا في الاتجاه ذاته.

هذا بالإضافة، إلى استخدام أداة الاستجواب بشكل مكثف في مواجهة عدد من أعضاء الحكومة بما في ذلك رئيس الحكومة الشيخ جابر المبارك، مما خلق نوع من التأزيم غير المسبوق في العلاقة بين الحكومة والبرلمان، لاسيما في ظل امتلاك المعارضة الإسلامية الأغلبية اللازمة لتمرير تلك الاستجوابات.

هذه الأجواء خلقت لدى الحكومة الكويتية إدراكا بخطورة سيطرة هذه الأغلبية الإسلامية المعارضة على البرلمان، فاتجهت إلى التعامل مع هذا "الخطر" وفق آليتين:

 الآلية الأولى: استغلال بعض الثغرات الإجرائية القانونية التي وقعت قبيل إجراء انتخابات فبراير 2012، والدفع بها لدى المحكمة الدستورية الكويتية التي حكمت بالفعل ببطلان إجراء هذه الانتخابات وبالتالي بطلان مجلس 2012، والحكم بعودة مجلس 2009 الذي يشكل فيه التيار الإسلامي أقلية ويسيطر عليه أغلبية موالية للحكومة، وهو ما تم بالفعل..

 الآلية الثانية: التقدم بطعن لدى المحكمة الدستورية العليا من أجل إعادة النظر في نظام الدوائر الانتخابية المعمول به (نظام الخمس دوائر) والمطالبة بتغييره أو إدخال تعديلات عليه.
ولكن هاتين الأليتين ثبت حدود فاعليتهما، خاصة بعد رفض الطعن الذي تقدمت به الحكومة الكويتية إلى المحكمة الدستورية بشأن إعادة النظر في نظام الدوائر الانتخابية في الكويت، واضطرار أمير الكويت إلى حل مجلس الأمة لعام 2009 بعد أن باءت جميع محاولات الحكومة لعقد جلسة واحدة لهذا المجلس بالفشل، نتيجة اتفاق نواب كتلة الأغلبية على عدم حضورها.

ثانياً: أزمة تعديل آلية التصويت في الانتخابات

يبدو أن الحكومة الكويتية تنظر إلى المواجهة الحالية مع المعارضة على أنها معركة "مصيرية" أو "معركة بقاء ووجود"، وقررت بذل كل ما يمكن فعله من أجل عدم تكرار مشهد انتخابات 2012 مرة أخرى، ولكن الملاحظة العامة على سلوك الحكومة هنا، هي حرصها على الأبعاد القانونية والدستورية لجميع تصرفاتها، بدءً من الدفع نحو الإبطال القانوني لمجلس 2012 اعتماداً على بعض الثغرات القانونية في تنفيذ مرسوم حل المجلس السابق له (مجلس 2009)، مروراً بالمحاولة لتعديل نظام الدوائر الانتخابية المعمول به حالياً عبر المحكمة الدستورية، وصولاً إلى تعديل آلية التصويت في الانتخابات، وفق نص المادة 71 من الدستور والتي تجيز للأمير إصدار مراسيم بقوانين أثناء حل مجلس الأمة لمعالجة أي سلبيات قد تستوجبها الضرورة.

ورغم أن أمير الكويت برر في خطابه الأخير تعديل آلية التصويت في الانتخابات القادمة، بالرغبة في "تلافي سلبيات نظام التصويت الحالي الذي أدى إلى نتائج تجافي العدالة والتمثيل الصحيح لأطياف المجتمع الكويتي في البرلمان، وإبراز التحالفات المصلحية البعيدة عن مصلحة الوطن، بالإضافة إلى الإقصاء الدائم للعديد من الشرائح الاجتماعية عن التمثيل البرلماني، الأمر الذي انعكس سلبا على أداء مجلس الأمة، وتسبب في انحرافه في أداء مهامه ومسؤولياته"، إلا أنه يمكن القول أن التحرك الحكومي في هذا السياق ربما يكون مدفوعا بعدد آخر من الاعتبارات، منها:

 تقييم الحكومة الكويتية الخاص وإدراكها للسوابق غير المعهودة –على مدار تاريخ الكويت السياسي- في أداء وسلوك المعارضة الإسلامية وتحديدا منذ سيطرتها على البرلمان في فبراير 2012، ورفع لهجة التصعيد عبر التصريحات التي باتت تطول شخص الأمير ذاته والذي ظل محصناً من النقد لعقود طويلة ربما ترجع إلى بداية تأسيس دولة الكويت.

 أخذها على محمل الجد التحذيرات التي صدرت من مسئولين إماراتيين بشأن وجود مخطط لدى جماعة الإخوان المسلمين في منطقة الخليج للسيطرة على الحكم، وأن البداية ستكون من دولة الكويت، وربما دعم من ذلك المطلب الذي طرحته بعض القوى السياسية الكويتية مؤخراً وفي مقدمتها الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الكويت، بشأن "الإمارة الدستورية"، التي تتشكل فيها الحكومة من الأغلبية في البرلمان، ويكون رئيسها من خارج الأسرة الحاكمة.

 إدراكها لوجود دعم خليجي لتحركاتها ضد أي محاولات لتغيير نظام الحكم في الكويت، وحالة التدخل الخليجي في البحرين تعد سابقة مهمة في هذا الشأن.

 رهانها على كسب تأييد شعبي لتحركاتها تجاه المعارضة الإسلامية تحديداً، اعتماداً على السلبيات التي شابت أداء التيار الإسلامي خلال الفترة القصيرة التي قضاها في مجلس 2012 (أربعة أشهر)، لاسيما ما يتعلق بتبنيه عدة قضايا توحي برغبته في تحويل الكويت إلى دولة دينية، وتجاهل الأولويات والشعارات التي رفعها خلال الحملات الانتخابية ودغدغ بها مشاعر الناخبين كإقرار قانون مكافحة الفساد، والمضي قدماً في خطط التنمية المعطلة منذ فترة طويلة. لذلك لم يكن غريبا أن يصدر بالتزامن مع مرسوم تعديل آلية التصويت في الانتخابات، مرسوم آخر يستهدف مكافحة الفساد.
المعارضة من جانبها اعتبرت نفسها المستهدف الرئيسي من وراء هذا التعديل، الذي اعتبرته محاولة من الحكومة للتحكم في مخرجات العملية الانتخابية، واتخذت ردود فعلها الأولية مظهرين رئيسيين:

الأول: الاتجاه نحو مقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة، وقد تكون المقاطعة القادمة هي الأكبر من نوعها طوال الحياة البرلمانية، في مشهد يعيد إلى الأذهان مقاطعة الكويتيين لانتخابات المجلس الوطني عام 1990

الثاني: النزول إلى الشارع وحشد الجماهير، وتعتبر المظاهرات التي دعت إليها المعارضة بالتنظيم والتنسيق مع بعض التجمعات الشبابية يوم الأحد 21 أكتوبر 2012 (مسيرة كرامة وطن) مؤشر أولي لذلك، حيث شارك في تلك التظاهرات عشرات الآلاف (قدرتها بعض المصادر بمائة ألف متظاهر)، وشهدت مصادمات عنيفة مع قوات الأمن أدت إلى إصابة عدد من المتظاهرين واعتقال عدد آخر منهم، كما تم إعلان حالة الاستنفار العام في صفوف الجيش والحرس الوطني.

ويمكن القول أن المعارضة تراهن في هذا النوع من التحرك على عدد من الاعتبارات، يتمثل أبرزها في:

 أن "المزاج الثوري العام" في المجتمع الكويتي ما يزال قائماً، تعبر عنه التظاهرات المختلفة التي نظمتها كتلة الأغلبية المعارضة بالتنسيق مع بعض الحركات والتجمعات الشبابية حتى قبل خطاب الأمير الأخير، ويدعم هذا "المزاج" عدم صدور أحكام نهائية قاطعة بشأن قضية الإيداعات المليونية المتهم فيها عدد من نواب مجلس 2009 بالحصول على مبالغ مالية كبيرة لقاء مواقف مساندة للحكومة في البرلمان وقرار النيابة مؤخراً بحفظ التحقيقات فيها، وهي القضية التي اكتسبت زخماً شعبياً كبيراً وكان لها دور كبير في الأغلبية التي حصل عليها التيار الإسلامي في برلمان 2012.

 التنظيم الجيد الذي يميز تحركات التيار الإسلامي وقدرته على جذب مستويات عالية من الحشد والتأييد الشعبي، في مواجهة ضعف وهشاشة التيار الليبرالي الذي يفتقد إلى قاعدة شعبية نتيجة تحالفاته الدائمة مع الحكومات الكويتية المتعاقبة ودعم مواقفها في البرلمان.

 الرهان على اتساع نطاق المعارضة للحكومة بعد الخطاب الأخير
لأمير الكويت، لتشمل قوى سياسية أخرى كانت اقرب لتأييد الحكومة في بعض مواقفها.

ثالثا: الإخوان المسلمون في الكويت ومطلب الإمارة الدستورية

بُعد آخر مهم من أبعاد التصعيد والمواجهة بين التيار الإسلامي والحكومة الكويتية يتعلق بمطلب الإمارة الدستورية الذي تم الحديث عنه بشكل مكثف منذ شهر يوليو الماضي أي بعد حوالي شهر من قرار المحكمة الدستورية الكويتية بحل مجلس 2012.

هذا المطلب تدعمه بشكل أساسي الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) الممثلة لإخوان الكويت، وبعض نواب المعارضة المحسوبين عليها أو المتحالفين معها، وقامت الحركة بمحاولات لدعم هذا المطلب وحشد أكبر تأييد ممكن له، من خلال تشكيل ما سمي بـ "الجبهة الوطنية لحماية الدستور" التي أعلن عن تأسيسها في التاسع من شهر سبتمبر الماضي 2012 بمشاركة عدد من الكتل السياسية المتحالفة مع حركة حدس. ووضعت الجبهة ضمن أهدافها الثمانية الملزمة للمشاركين فيها والراغبين في الانضمام إليها، هدف " استكمال التطور الديمقراطي نحو نظام برلماني كامل" وهو الوجه الآخر لمطلب الإمارة الدستورية.

ولكن ما تواجهه حركة حدس من تحديات في هذا الشأن، يكمن بالأساس في عدم تحول هذا المطلب إلى "مطلب شعبي"، فضلاً عن عدم وجود توافق فيما بين الكتل السياسية بشأنه، حيث ترفضه الكتل السياسية الممثلة للتيار الليبرالي التي لم تشارك في الجبهة الوطنية لحماية الدستور، كما يعد التيار السلفي من أهم التيارات القوية التي ترفضه، حيث يعتبر أن اختيار شخص رئيس الوزراء هو صلاحية مطلقة لأمير البلاد لا يجوز التدخل فيه، وهو ما يبرر رفض التيار السلفي المشاركة في الجبهة الوطنية لحماية الدستور أيضاً.

لذلك، يمكن القول أن هذا المطلب يحمل نوع من المواجهة المؤجلة، لافتقاده التأييد الشعبي والسياسي حتى الآن، ولكن التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة السياسية الكويتية قد تدفع جماعة الإخوان إلى التصعيد السياسي حول هذا المطلب، والعمل على تحويله إلى مطلب سياسي وشعبي، باعتباره أحد آليات الضغط والتصعيد في مواجهة التحرك الحكومي نحو تعديل آلية التصويت في الانتخابات البرلمانية.

خاتمة:

في ضوء ما سبق، يمكن القول أن المرحلة الحالية في الكويت، تشهد نوع من "المواجهة المفتوحة" على كل الاحتمالات بين كل من الحكومة والقيادة السياسية من جهة، والمعارضة التي يسيطر عليها التيار الإسلامي من جهة أخرى. هذه المواجهة لها بعدين رئيسيين، أحدهما يعكس المواجهة الحالية ويتعلق بأزمة تعديل آلية التصويت في الانتخابات البرلمانية القادمة، والآخر يحمل نوع من المواجهة المؤجلة يتعلق بمطلب الإمارة الدستورية، الذي تدعمه بشكل أساسي جماعة الإخوان المسلمين في الكويت. وسيكون لهذين البعدين، تداعيات مباشرة على مجمل المشهد السياسي في الكويت، لاسيما بعد أن أصبح الشارع لاعب أساسي في مجمل التفاعلات الدائرة في هذا المشهد

aymaan noor
26-10-2012, 10:59 AM
روسيا و«المساومة الكبرى» في سوريا (http://www.assafir.com/Article.aspx?EditionId=2293&ChannelId=55065&ArticleId=2716&Author=%D9%87%D8%A7%D9%86%D9%8A+%D8%B4%D8%A7%D8%AF %D9%8A#.UIouOO6KfOc.facebook)
هاني شادي
كاتب وصحافي مصري مقيم في موسكو
يرجع الموقف الروسي المتحفظ والحذر من الربيع العربي إلى أسباب وأبعاد عدة، منها ما يتعلق بالجيوسياسة في منطقة الشرق الأوسط ومحاولة التنافس مع الولايات المتحدة والغرب، ومنها ما يتعلق بالداخل الروسي وطبيعة النظام السياسي في روسيا. ويتشابك الخارج والداخل في الموقف الروسي من الثورات العربية، في معادلة روسية برغماتية تختلط فيها بقوة المصالح والهواجس. فبعد انهيار الاتحاد السوفياتي دعت روسيا وما زالت إلى بناء عالم متعدد الأقطاب في محاولة للحفاظ على مصالحها بسبب اقتراب حلف الناتو من حدودها، ومرابطة طائرات هذا الحلف في دول البلطيق على مقربة من العاصمة الروسية، والتهديدات التي تراها محتملة على أمنها من جراء الدرع الصاروخية. سارعت القيادة الروسية مع وصول بوتين إلى سدة الحكم في عام 2000 إلى ترتيب أوراقها على الساحة الدولية والشرق الأوسط . فكان أكثر زعيم روسي في عدد زيارته إلى البلدان العربية أثناء ولايته الرئاسية الثانية (2004 ـ 2008 ) حيث زار مصر والجزائر والمغرب والمملكة العربية السعودية والإمارات وقطر والأردن وليبيا والأراضي الفلسطينية. وأكمل ميدفيديف هذه الزيارات بزيارة سوريا في العام 2010 إلى جانب بعض الدول العربية الأخرى من بينها مصر والجزائر.
وكان الهدف من وراء هذه الزيارات فتح الطريق أمام الشركات الروسية العاملة في مجال الطاقة ومشاريع البنية الأساسية للعمل في هذه البلدان وبيع الأسلحة الروسية لها. وبالفعل تمكنت القيادة الروسية من زيادة حجم التبادل التجاري مع البلدان العربية من أقل من ملياري دولار في عهد الرئيس الروسي الأول بوريس يلتسين في تسعينيات القرن الماضي إلى حوالي 8 مليارات دولار في 2010. ومع أن المبلغ المذكور لا يعد كبيراً مقارنة بحجم التبادل التجاري لروسيا مع دولة مثل تركيا الذي يتجاوز الأربعين مليار دولار، إلا أن موسكو شعرت بالخطر عندما اندلع الربيع العربي.
في مقاله الذي نشرته صحيفة «موسكوفسكييه نوفوستي» الروسية في عددها الصادر 27 فبراير الماضي تحت عنوان «روسيا والعالم المتغير»، يفصح بوتين بوضوح عن هواجسه من تأثير الربيع العربي على المصالح الاقتصادية الروسية في البلدان العربية. فيقول «إن الشركات الروسية تفقد مواقع عملت من أجلها خلال عشرات السنين في أسواق البلدان التي اجتازت «الربيع العربي» ويتم تجريدها من عقود مربحة كبيرة في هذه الأسواق، مثلما حصل في العراق في وقت سابق، وتحتل هذه المواقع شركات الدول التي كانت لها اليد الطولى في تغيير أنظمة الحكم.. وقد يخطر على بال المرء أن الأحداث المأساوية لا يقف وراءها الحرص على حماية حقوق الإنسان بقدر ما تقف وراءها رغبة أحد ما في إعادة اقتسام الأسواق.. على أي حال فإننا لا يمكن أن ننظر نظرة هادئة إلى هذا، ونعتزم العمل مع السلطات الجديدة في البلدان العربية على استعادة مواقعنا الاقتصادية في وقت سريع». إلى هنا ينتهي الاقتباس من مقال بوتين الذي يعكس بوضوح أن الموقف الروسي من الثورات العربية يتعلق في ما يتعلق بأسواق فقدتها أو قد تفقدها روسيا بسبب هذه الثورات، وأنها تسعى حالياً للبحث عن طرق لاستعادة هذه الأسواق، بما في ذلك التعامل مع الحركات الإسلامية الصاعدة في المنطقة والتي عبر بوتين مراراً وتكراراً عن خشيته منها على شمال القوقاز. وربما يفسر هذا جزئياً تشدد روسيا تجاه الثورة السورية، فالأمر يبدو وكأنه يتعلق بحصول موسكو على ضمانات كافية للبقاء في السوق السورية وغيرها من البلدان العربية.
في هذا السياق دأبت روسيا على تعداد خسائرها بسبب الربيع العربي عبر وسائل إعلامها. ففي مقال نُشر في صحيفة «نيزافيسمايا» الروسية ذائعة الصيت يكتب ايغور ناؤموف «إن تغيير وخلع الانظمة الحاكمة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا يحمل ضرراً كبيراً للاقتصاد الروسي.. ومن ثم ستتحمل ميزانية الدولة الروسية خسائر بمليارات الدولارات». ويفسر كاتب المقال موقف موسكو من الأزمة السورية بحجم استثمارات الشركات الروسية في الاقتصاد السوري التي يقدرها بـ20 مليار دولار في مشاريع البنية الأساسية والطاقة والسياحة. ويضيف إلى هذه الخسائر بعض العقود العسكرية المحتملة التي تم بحثها مع النظام السوري بمبلغ 4 مليارات دولار، بجانب شطب روسيا لأربعة مليارات دولار أخرى من ديون سوريا كانت مستحقة للاتحاد السوفياتي. ويختتم الكاتب الروسي مقاله هذا بالتحذير من أن ما حصل مع روسيا في العراق في 2003 وخسرت موسكو بموجبه أكثر من 30 مليار دولار (حسب تقديراته) يتكرر اليوم معها في ليبيا وسوريا وبعض البلدان العربية الأخرى بسبب الثورات العربية. ويضيف بعض المراقبين الروس، إلى أسباب تشدد روسيا في موقفها من الثورة السورية، وجود قاعدة عسكرية بحرية روسية في طرطوس. ولكن هذه «القاعدة» في حقيقة الأمر هي مجرد مركز لصيانة السفن وتزويد الأسطول العسكري الروسي بالوقود عند مروره عبر البحر المتوسط. وفي السنوات الماضية كثر الحديث عن تحويل هذا المركز إلى قاعدة عسكرية فعلية للأسطول العسكري البحري الروسي، ولكن لم تُتخذ خطوات عملية في هذا الموضوع حتى يومنا الحاضر.
ويمكن القول ومن دون مبالغات كبيرة إن الربيع العربي أثر بدرجة ما على الداخل الروسي . ففي آذار/ مارس 2011 أوضح استطلاع للرأي أن 49 % من الروس الذين شاركوا في الاستطلاع عبروا عن استعدادهم للخروج إلى الشارع للاحتجاج ضد السلطات الرسمية بسبب الأوضاع الاقتصادية والسياسية في روسيا. وبالفعل بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي والتي شابها التزوير، انطلقت احتجاجات شعبية لم يسبق لها مثيل في موسكو ومدن روسية أخرى منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي. وطالبت هذه الاحتجاجات بإجراء انتخابات نزيهة وتنحي بوتين عن السلطة وعدم عودته إلى الكرملين. ولكنه عاد إلى عرش الكرملين مرة أخرى عبر انتخابات رئاسية في الرابع من آذار/ مارس الماضي، تقول عنها المعارضة الشعبية إنها كانت مزورة أيضاً. وبالرغم من تراجع حدة الاحتجاجات الشعبية، إلا أن مخاوف موسكو من تأثير الربيع العربي عليها ما زال قائماً.
إن طبيعة النظام السياسي الذي تشكل في روسيا مع صعود فلاديمير بوتين إلى سدة الحكم في عام 2000 تعتبر، في رأينا، عاملاً هاماً في تفسير الموقف الروسي المتحفظ من الربيع العربي. فهذا النظام يعتمد ما يسمى «الديموقراطية الموجهة» التي تسمح بتداول السلطة العليا في البلاد داخل النخبة الحاكمة الضيقة. ومثال اختيار بوتين لميدفيديف ليخلفه في رئاسة روسيا في الانتخابات الرئاسية لعام 2008 لدليل واضح على ذلك. كما أن عودة بوتين من جديد للكرملين تعكس بوضوح هذا الأمر الذي بدأ الكثير من الروس يشعرون بالتململ منه.
بجانب ذلك يخشى الكرملين أن يؤثر صعود الاسلاميين في بلدان الربيع العربي على منطقة القوقاز الروسي وعلى المسلمين الروس عموما الذين تقدر أعدادهم اليوم بأكثر من 20 مليون مسلم. ويسود اعتقاد لدى الكرملين بأن الصعود الاسلامي في البلدان العربية قد يُنعش النزعة الانفصالية في القوقاز الروسي من جديد حيث حذر بوتين مراراً من هذا الأمر منذ بداية الربيع العربي. إن الخوف من انتقال «عدوى» الربيع العربي إلى روسيا عامة أو إلى القوقاز خاصة دفعت ببعض المحللين الروس للحديث عن «تحالف أميركي ـ إسلامي سني» ضد روسيا، وهو ما يلقى رواجاً في بعض الدوائر الرسمية والإعلامية الروسية.
بعد عودته إلى الكرملين من جديد لولاية رئاسية ثالثة، لمدة ست سنوات قادمة قد تطول حتى عام 2024 يتردد السؤال: هل سيتخلى بوتين عن بشار الأسد ونظامه؟ يقول بوتين في مقاله المنشور بتاريخ 27/2/2012 «لا يجوز لأحد أن يحاول تنفيذ السيناريو الليبي في سوريا.. ويجب أن يبذل المجتمع الدولي جهوده في سبيل تحقيق المصالحة بين السوريين». وكانت موسكو قد سارعت إلى دعم خطة كوفي أنان ذات النقاط الست، وشاركت بفاعلية في اجتماع مجموعة العمل المتعلقة بسوريا في جنيف في الثلاثين من يونيو الماضي. ورداً على تفسير وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لمقررات لقاء جنيف بشأن ضرورة تنحي الأسد، يقول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: «عندما يقول المسؤولون الغربيون انه لا يمكن فعل اي شيء في ما يخص الحوار السياسي ما دام الرئيس بشار الأسد في السلطة، فهذا يعني دعوة للراديكاليين في المعارضة السورية الى مواصلة العمل المسلح ومواصلة استفزاز النظام ليرد بالسلاح». ويعلن لافروف من دون مواربة أن موسكو لن تؤيد اتخاذ إجراءات ضد النظام السوري في مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع. ولكن هذا لا يمنع لافروف نفسه (في إطار البرغماتية) من التصريح أكثر من مرة بأن بلاده لا تدافع عن بشار الأسد أو تتمسك به وإنما تدافع عن القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة الذي يحفظ سيادة الدول.
إن روسيا تدرك جيداً العجز الحالي للولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى عن القيام بعمل عسكري ضد نظام بشار الأسد، ولذلك نعتقد أنها ستواصل سياستها البرغماتية في انتظار إجراء «مساومة كبرى» مع الغرب تحافظ من خلالها على مصالحها الحالية والمحتملة في أي ترتيبات جديدة في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط في إطار ما تدعو إليه مع الصين من ضرورة بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب بغض النظر عن سقوط آلاف الضحايا.

محمد محمود بدر
26-10-2012, 12:38 PM
رحم الله سوريا واعانها على الظالم بشار

darch_99
26-10-2012, 03:21 PM
السيد / ايمن نور جزاك الله خيرا مقال معبر عن الواقع ورائع حقا وخلاصة هذا المقال الرائع
1- روسيا تتخوف من قرب ووجود ونفوذ السياسة الامريكية والعسكرية في هذة المنطقة
2- التأثير الاقتصادي السلبي علي روسيا وخسائرها بسبب الربيع العربي

من هذين المنطلقين يمكن بكل بساطة انهاء هذة المجازر في سوريا في اقرب مما نتخيل عبر
تمئنة روسيا بشكل حقيقي ان دول الربيع العربي لن تكون منطلقا للنفوذ الغربي والامريكي

2- تمئنه روسيا من دول الربيع العربي وخاصة سوريا الان بأنه في حال انتهاء حكم بشار لن تتاثر المصالح الروسية بل يمكن ان تزيد المصالح الاقتصادية معها وبشكل افضل في حقبة ما بعد بشار

وارجو ان تصل هذه الكلمات القليله الي صانع القرار في الجيش السوري الحر ومؤسساته السياسية لان هذة الكلمات قد تكون مربص الفرص والبداية الحقيقة للتخلص من هذا النظام الجزار الذي يشكل راسه بشار فقطع هذة الرأس بوعي هذة الكلمات جيدا ثم الدخول في مفاوضات الطمانه لروسيا وبال وعقد الصفقات بسرية تامة والتي أقلها عدم دعم نظام بشار والتخلي عنه وهم اي الجيش الحر كفيلون بالباقي وهذة الصفقة تتضمن الضغط علي نظام الملالي في ايران بالتخلي ايضا عن هذا ىالجزار وتركه يواجه مصيره
كل ذلك مقابل ان الابقاء علي المصالح الروسية ودعم تنميتها مستقبلا بعد رحيل الجزار بشار

وجزاك الله خيرا اخي ايمن

aymaan noor
27-10-2012, 12:30 PM
رحم الله سوريا واعانها على الظالم بشار

السيد / ايمن نور جزاك الله خيرا مقال معبر عن الواقع ورائع حقا وخلاصة هذا المقال الرائع
1- روسيا تتخوف من قرب ووجود ونفوذ السياسة الامريكية والعسكرية في هذة المنطقة
2- التأثير الاقتصادي السلبي علي روسيا وخسائرها بسبب الربيع العربي

من هذين المنطلقين يمكن بكل بساطة انهاء هذة المجازر في سوريا في اقرب مما نتخيل عبر
تمئنة روسيا بشكل حقيقي ان دول الربيع العربي لن تكون منطلقا للنفوذ الغربي والامريكي

2- تمئنه روسيا من دول الربيع العربي وخاصة سوريا الان بأنه في حال انتهاء حكم بشار لن تتاثر المصالح الروسية بل يمكن ان تزيد المصالح الاقتصادية معها وبشكل افضل في حقبة ما بعد بشار

وارجو ان تصل هذه الكلمات القليله الي صانع القرار في الجيش السوري الحر ومؤسساته السياسية لان هذة الكلمات قد تكون مربص الفرص والبداية الحقيقة للتخلص من هذا النظام الجزار الذي يشكل راسه بشار فقطع هذة الرأس بوعي هذة الكلمات جيدا ثم الدخول في مفاوضات الطمانه لروسيا وبال وعقد الصفقات بسرية تامة والتي أقلها عدم دعم نظام بشار والتخلي عنه وهم اي الجيش الحر كفيلون بالباقي وهذة الصفقة تتضمن الضغط علي نظام الملالي في ايران بالتخلي ايضا عن هذا ىالجزار وتركه يواجه مصيره
كل ذلك مقابل ان الابقاء علي المصالح الروسية ودعم تنميتها مستقبلا بعد رحيل الجزار بشار

وجزاك الله خيرا اخي ايمن



جزاكم الله خيرا و بارك الله فيكم

aymaan noor
28-10-2012, 11:54 PM
رؤية أوباما ورومني لقضايا الشرق الأوسط
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/c75601cf4b798b9bb038a5b73c93d358_L.jpg
ستيف كليمونز
تعددت الكتابات والدراسات التي تستشرف آفاق السياسات التي قد تنتهجها الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه منطقة الشرق الأوسط، وتزايد الاهتمام في ظل تأثير التطورات والتغيرات التي تشهدها المنطقة على المصالح الأمريكية.

ومن تلك الدراسات الاستشرافية المهمة دراسة "ستيف كليمونز" التي أصدرها معهد "تشاتام هاوس" في أكتوبر الجاري تحت عنوان "السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط بعد انتخابات 2012". وتركّز دراسة كليمونز (وهو صحفي بقسم الشئون الخارجية بمجلة "ذي أتلانتيك" الأمريكية، وأحد مؤسسي الفريق الخاص بالشرق الأوسط في مؤسسة "أمريكا الجديدة" البحثية الأمريكية المتخصصة في التحليلات السياسية الداخلية) على التحدي الذي سيشكله الشرق الأوسط لصناع القرار الأمريكيين في الإدارة الأمريكية الجديدة، وعلى الطريقة التي سيتعامل بها الرئيس المقبل مع قضايا المنطقة التي ستتقدم أجندة السياسة الخارجية للإدارة خلال السنوات الأربع القادمة.

فترة أوباما الثانية

يستهلُّ الباحثُ دراسته بالإشارة إلى أنه عندما تولى باراك أوباما منصبه الرئاسي في يناير 2009؛ كانت الولايات المتحدة بالفعل في حالة حرب مدتها ثماني سنوات في الشرق الأوسط. فقد كان مستوى التواجد العسكري الأمريكي كبيرًا في العراق وأفغانستان؛ حيث تحركت القوات الأمريكية لتضييق الخناق على عناصر تنظيم القاعدة.

وعلى الرغم من أن الخُطَب التي ألقاها أوباما عند توليه رئاسة الولايات المتحدة حظيت بثناء العالم، ولا سيما العالم العربي؛ رأى البعض فيما بعد أن الرئيس الأمريكي فشل في جعل تطلعاته ملموسة النتائج. ورغم ما تحظى به القضية الفلسطينية - الإسرائيلية من أهمية؛ لم تتحرك إدارة أوباما تحركًا حقيقيًّا نحو مسار السلام، كما أنه لم يكن ثمة تقدم أمريكي ملحوظ في ردع إيران عن تطوير برنامجها النووي، حسبما يرى الباحث.

ويُذكر أن أوباما رفض التدخل العسكري في البلدان العربية الأخرى المضطربة على غرار الحالة الليبية، فهو -على حد اعتقاد الكاتب- مقتنع تمامًا في قرارة نفسه بأن وضع كل بلد يختلف عن الآخر، وأن لكل أزمة حلا خاصًّا بها.

ويرجّح كليمونز أن تفتقر فترة ولاية أوباما الثانية إلى التماسك والرؤية الاستراتيجية التي تحدَّث عنها عند توليه منصبه. ورغم عدم وضوح نوايا أوباما بشأن التعامل مع القضية الإسرائيلية – الفلسطينية؛ فإن الباحث لا يستبعد أن يسعى الرئيس الأمريكي -حال فوزه في الانتخابات- إلى تشجيع الإسرائيليين والفلسطينيين على الجلوس على طاولة المفاوضات.

ويتوقع أن يتعامل أوباما بحذر مع الصراع السوري وحالة الإخفاق والاضطرابات التي تمر بها اليمن، ومصر، وتونس. كما يُرجِّح أن تعمل الولايات المتحدة في عهد أوباما على زيادة عدد الشركاء الدوليين الحريصين على تهدئة اضطرابات الشرق الأوسط، وأن تقلِّص جهودها المبذولة لكسب القلوب والعقول في المنطقة لحين استعادة الدول المتداعية توازنها.

ويرى الباحثُ أن مقتل السفير الأمريكي "كريستوفر ستيفنز" في ليبيا، وأحداث الشغب التي شهدتها البلدان ذات الأغلبية المسلمة من جرّاء ظهور فيلم مسيء للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)؛ ستجعل أوباما يخطو بعناية شديدة في منطقة الشرق الأوسط. ويتوقع أن تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون مع مصر والأردن ولبنان واليمن وبلدان أخرى في المنطقة لمساعدتهم في تعزيز اقتصاداتهم، ومحاولة توفير فرص عمل من خلال زيادة الاستثمارات.

ومن المرجح أن يهتم أوباما في فترة رئاسته الثانية بالملف الإيراني، نظرًا لأن برنامج طهران النووي يهدد بتقويض مساعي الرئيس الأمريكي الرامية إلى مقاومة انتشار أسلحة الدمار الشامل، على حد قول كليمونز الذي يلفت إلى أن الولايات المتحدة ستحرص في عهد أوباما على توطيد علاقتها مع المملكة العربية السعودية التي تقف ندًّا للجمهورية الإسلامية.

ولا يستبعد الباحثُ أن تتواصل إدارة أوباما مع قادة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من حركة الإسلام السياسي المتنامية؛ فمن المرجح أن يحرص الرئيس الأمريكي على توطيد علاقته بالرئيس المصري محمد مرسي لتشجيعه على الانخراط في النظام الدولي.

وأخيرًا، يتوقع الباحث أن يُولي أوباما في فترة ولايته الثانية اهتمامًا أكبر بآسيا باعتبارها محركًا استثنائيًّا للنمو؛ فاقتصادات منطقة آسيا والمحيط الهادئ تمثّل نحو نصف تجارة العالم ونصف إنتاج العالم من السلع والبضائع والخدمات.

رئاسة رومني والتغير في السياسات الأمريكية

يشير الباحث إلى أن المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية "ميت رومني" ينتمي لحزب يتبنى التحالفات الطويلة، والاستثمارات القوية في الجيش، وتحديد أولويات الأمن القومي. وعلى حد وصف كليمونز، يتخذ رومني موقفًا أكثر تشددًا ضد الأعداء والمنافسين.

ويُذكر أن المرشح الجمهوري تحدث مرارًا وتكرارًا عن أن أمن إسرائيل وتعزيز مصالحها في الشرق الأوسط سيكون بمثابة انطلاقة لاستراتيجيته المتعلقة بالأمن القومي في المنطقة، فضلا عن كشفه عن ميله الشديد نحو تفضيل المصالح الإسرائيلية على تلك العربية. وعلى هذا الأساس، يمكن أن تختلف الاستراتيجية الإقليمية في عهد رومني عن تلك الخاصة بالرؤساء السابقين.

وقد قال المرشح الجمهوري في وقت سابق من هذا العام إنه لا يرى فرصة حقيقية لدفع عملية السلام بين إسرائيل وفلسطين إلى الأمام، ومن شأن هذا النهج -من وجهة نظر الباحث- أن يغيّر طريقة التعاطي مع قضايا الشرق الأوسط بشكل غير مسبوق. ومن هذا المنطلق، يمكن القول إن المرشح الجمهوري سيعتبر إيران النووية عدوًّا للمصالح الأمريكية والإسرائيلية، وستكون تلك المسألة محور اهتمامه وفقًا للدراسة.

وعلى الرغم من أن ملامح السياسة الخارجية التي سيشكّلها رومني ما زالت مجهولة إلى حد ما؛ فإن كليمونز يتوقع أن يكون رومني مؤمنًا في قرارة نفسه بأن اعتماد الولايات المتحدة على نفط الشرق الأوسط سينخفض انخفاضًا حادًّا في الوقت الذي تحدث فيه طفرة في الإنتاج الأمريكي. ومن شأن هذا التحول الذي سيجعل من الولايات المتحدة "قوة عظمى محتملة للطاقة العالمية" بدلا من كونها مستوردًا صافيًا للنفط والغاز أن يقلل من شأن المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول المنتجة للنفط، على حد اعتقاد كليمونز.

ويبدو أن رومني سيفضل وضع استراتيجية تحفظ أمن إسرائيل، وتوطّد العلاقات بينها وبين الولايات المتحدة، كما أن من المحتمل أن يعمل المرشح الجمهوري على بناء قيادة عسكرية واقتصادية لإسرائيل تمكِّنها من مواجهة منافسيها في الشرق الأوسط، فضلا عن إمكانية تخليه عن فكرة إقامة دولة فلسطينية. هذا وقد يتخذ رومني -على حد قول الباحث- موقفًا صارمًا ضد إيران، ويواصل فرض عقوبات قاسية عليها.

ولا يستبعد الباحث أن يحافظ رومني في فترة رئاسته على الاستخدام المكثف للطائرات بدون طيار، والقدرات العسكرية الأخرى التي من شأنها ردع الإرهاب وشبكات تنظيم القاعدة.

تأثير سياسات الإدارة الجديدة على المنطقة

يرى الباحث أن المجتمع الدولي قد يضطر إلى إعادة تقويم التحالفات والعلاقات الأمريكية في عهد رومني، لا سيما أنه يُضخّم من حجم التهديدات مثل تلك التي تشكّلها إيران، ويدافع عن حلفاء مثل إسرائيل. وقد تتحرك مشاعر معادية ضد الولايات المتحدة في عهد أوباما إذا خفّض الالتزامات الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط، وصبّ كل تركيزه على النمو الآسيوي.

ومن المرجح أن يثير دعم رومني لإسرائيل عسكريًّا حفيظةَ الدول المجاورة مثل مصر والأردن، الملتزمتيْن بمعاهدة السلام مع إسرائيل، حسبما يرى الباحث الذي يلفت أيضًا إلى أن هذا الدعم من شأنه أن يثير سخط الأحزاب السياسية الإسلامية.

ويعجز كليمونز عن توقُّع رد فعل رومني في هذه الحالة، لا سيما إذا ساهمت الاضطرابات في تجنيد الإرهابيين، وتعزيز أنشطتهم. بيد أنه لا يستبعد أن يدعو المرشح الجمهوري إلى تعزيز الإنفاق على الميزانية الدفاعية الأمريكية، وإلى استخدام القوة لمحاربة الإرهابيين، والدفاع عن مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.

ومن المرجح أيضًا أن تكون الولايات المتحدة أقل انخراطًا في الشرق الأوسط في عهد أوباما. أما في عهد رومني، فستتخذ الولايات المتحدة على الأرجح موقفًا أكثر حزمًا ضد المنطقة، وفقًا لما يراه الباحث.

وقد تضعف الشراكة بين بلدان الشرق الأوسط والولايات المتحدة إذا ما خفّضت اعتمادها على نفط وغاز المنطقة. وفي الوقت نفسه، قد تقرر الصين وروسيا تعزيز دوريهما الإقليميين لتحِلّان محل الولايات المتحدة لدى دول المنطقة. ومن ثم يرى كليمونز أن الشرق الأوسط سيجد إما معاملة ليّنة وتعاونا في عهد أوباما، أو معاملة جافة وعدوانية في عهد رومني.

aymaan noor
29-10-2012, 07:47 PM
نظرة داخل البيت السلفي
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/salfi.jpg
Oct 28 2012
إسلام محمد عبد البارى
معلوم أن المحن تٌوحد ضد الخطر المشترك أما وقت الرخاء فيظهر فيه الخلاف بين المصالح أو الأيدلوجيات أو الأولويات وحتى على مستوى التيار الواحد أو الأحزاب الكبرى التي تتأسس في ظروف استثنائية عقب الثورات أو الاحتلال تجد الاجتماع بسبب الظرف الاستثنائي ومع مرور الوقت يحدث انفصال بين الأجنحة المختلفة التي سرعان ما تنفك عن أحزاب أصغر كما حدث مع الوفد في أواخر العشرينيات من القرن الماضي حين انفصل عنه حزبا الهيئة السعدية والأحرار الدستوريون.

لذا لا يعد ما يحدث داخل حزب النور من معركة ساخنة بين جبهتين تكاد أن تشطره نصفين مفاجأة حيث يعبر عن تطور طبيعي في الحركة السياسية السلفية وانعكاس لحركة اجتماعية متباينة ولكن ربما يقابله البعض باستغراب نتيجة لوقوعه فريسة لإطار التنميط stereotyping حيث يتحدث من خلاله صورته الذهنية عن السلفيين والتي يغلب عليها التسطيح بغض النظر عن مدى دقة هذه الصورة وارتباطها بالواقع فهم مجرد ألآت لا تفكر وتأتمر فقط بأوامر المشايخ أو هم ناس يمثلون الطهر السياسي لا يمكن أن تصدر منهم مخالفات أو يحدث بينهم شجار سواء كانت هذه النظرة بصدق أو لكي يستغل ذلك في الدعاية المضادة وتصويرهم في صورة أنهم من خدعوا الناس بالدين رغم أن السلفيين ليسوا بدعاً من القوم بل يسري عليهم ما يسري على غيرهم في الحياة السياسية.

يعاني المحللون السياسيون غالباً أثناء البحث في الشأن السلفي نتيجة نقص المعلومات عن التيار السلفي ككل بخلاف نظيرتها جماعة الأخوان المسلمين التي صنفت العديد من المؤلفات عن تاريخها وأدبياتها سواء بأيدي أبنائها أو من يعارضوها وحتى الجماعات الجهادية التي حظيت بقدر لا بأس به من التغطية الإعلامية نتيجة لنشاطها ضد الحكومات السياسية المختلفة.

لذا يقع هؤلاء الخبراء إما في خطأ دراسة الجماعة في قوالب جاهزة خاصة بدراسة الإخوان أو المجموعات الجهادية و بالتالي لا تناسب السلفيين. لن نفهم أبعاد الأزمة قبل النظر لظروف نشأة التيار السلفي في مصر وحركتهم السياسية قبل الثورة .

ترجع نشأة التيار السلفي في مصر إلى عهد بعيد حيث واكب ظهور الحركة الوهابية في الجزيرة حركة سلفية في مصر وظهرت أسماء سلفية كبيرة في هذا الوقت كرشيد رضا ومحب الدين الخطيب بل إن ظروف نشأة الإخوان تدل أنها نشأت كجماعة وسط بين تيار سلفي ممثل في جماعة أنصار السنة وبين الجماعات الصوفية التي كانت تسيطر على جزء كبير من المشهد الديني في مصر وقتها.

هذا التيار السلفي منذ تواجده على الساحة قد نشأ كتيار قام على فكرة تعظيم الدليل ولا يوجد إمام أو قائد تُتبنى أقواله في جميع المسائل إلا النبي صلى الله عليه وسلم وهو ما يعبر عنه في أدبياتهم بالقول المأثور"كل يُؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم " فلا قدسية للأشخاص ولا يوجد من تٌلغي قرارك لقراره مما أوجد مشكلة في مسألة الالتزام الحزبي بخلاف جماعة منظمة مثل الإخوان ينبني أمرهم على مسألة الطاعة والبيعة.

هذه صورة مقبولة جدا في الدين ولكن في السياسة فنجاح أي تيار في السياسة مهما كان صغر حجمه يتوقف على مدى نجاحه في تحقيق هذا الالتزام الحزبي وأن يتحول لكتلة ضاغطة مؤثرة حيث أن تحركه ككيان واحد يجعل الجميع يحسب له حساباً ويستطيع أن يدافع عن مصالحه وفكره.

وكل هذا يتطلب من الفرد طبعاً تعظيم قيمة الجندية والالتزام بالقرار الجماعي على حساب القرار الفردي وبالطبع لا يعني ذلك إلغاء الأفراد ولكن لأن القرار يتم بعد مشاورات وتأن فإن مسؤوليته جماعية ويتم الدفاع عنه بمجرد اتخاذه من قبل جميع أفراد الكتلة حتى الذين عارضوه وهو ما افتقده غالباً التيار السلفي.

فقد اختلف التيار السلفي في توجهاته السياسية بين من يرى الحكام هم ولاة أمر شرعيين تجب طاعتهم ولا يجوز الخروج عليهم ومن يرى عقم المشاركة السياسية من الأساس لأن الأنبياء إنما بٌعثوا ليؤسسوا دعوة لا دولة وأن الجماعات والأحزاب هي سبب تفرق الأمة ومن تبنى العمل الجماعي كسبيل للتمكين ومن يسمى بالسلفية الجهادية بالإضافة لدعاة الفضائيات الذين يشتركون في المنهج ولا ينتمون تنظيمياً لأي فريق مما سبق مما أوجد فرقاً في ديناميكية العمل الجماعي والتنظيم والهيكلة بل حتى المحاولات التي قام بها البعض قديماً لتوحيدهم اصطدمت بعقبتين وهما الضغوط الأمنية ورفض الكثير الانضواء تحت راية عمل جماعي موحد بدعوى عدم الحزبية.

الجزء السلفي الذي تبنى العمل الجماعي أسس ما يسمى المدرسة السلفية في بداية السبعينات التي تحولت فيما بعد لاسم الدعوة السلفية والتي نشأت في الإسكندرية قبل أن تنتشر في باقي أرجاء مصر. الدعوة السلفية رغم تبنيها خيار المقاطعة السياسية إبان فترة النظام السابق لقناعتها بأن ما يحدث إنما هو محض تمثيلية لتجميل وجه النظام وأن سبيل التغيير هو إصلاح المجتمع من قاعدته فاهتموا بالعمل الدعوي والاجتماعي على حساب العمل السياسي واختاروا التوسع الأفقي وسط الجماهير وهو ما ظهر من انتشار متبعي مبادئهم في مختلف الأنحاء

لذا لم يظهر لهم نشاط في الانتخابات قبل الثورة حتى خلط البعض بينهم وبين من يحرمون السياسة ويرون عدم الخروج على الحكام إلا أنهم اعتادوا ممارسة السياسة عن طريق مقالات ومؤتمرات يوضحون فيها وجهة نظرهم في مختلف القضايا كقضية تحكيم الشرع ومؤتمرات السكان وحرب العراق ولبنان وغزة وغيرها.

لذا كانت المعاملة الأمنية للدعوة تتجه نحو التعرض للملاحقة الأمنية المستمرة والتضييق في مجالات العمل الدعوي بعيداً عن الإعلام للتحجيم داخل الإسكندرية ووضع سقف للعمل محدد من قبل جهات الأمن مع بخلاف الأخوان التي كانت مواجهتهم الأمنية موسمية ترتبط بالانتخابات. مع حدوث الثورة اختارت الدعوة عدم المشاركة ككيان في أحداث 25 يناير حماية للثورة من الإبادة إذا ظهرت بصورة دينية مع مشاركة الأفراد بصورة فردية واكتفت بأداء الدور تجيده من خلال حماية الجبهة الداخلية عبر اللجان الشعبية والأسواق.

بعد الثورة انصبت جهود الدعوة في اتجاهين الأول: هو إعادة ترتيب البيت من الداخل حيث تم تشكيل الجماعة بطريقة مؤسسية لها مجلس إدارة ومجلس أمناء وآخر للشورى ووضع لائحة للعمل ونظام لترقي الكوادر مع إشهار ذلك في العلن وتحولت الدعوة لجمعية خيرية مشهرة تحت اسم جمعية الدعاة بعد تعنت وزارة التضامن في إشهارها باسم الدعوة السلفية وكان ذلك الإشهار تحسباً لوجود دولة القانون عما قريب حيث يتم التضييق على أي عمل خارج عن مظلة القانون. الثاني: هو إحداث حالة من التقارب مع السلفيين الآخرين الذين لا ينتمون للدعوة مع الاحتفاظ بالدعوة السلفية كمركز للعمل السلفي دون الاندماج في كيانات أخرى.

على الجانب السياسي ونتيجة لحالة السيولة السياسية عقب الثورة ومع ظهور خطاب علماني قوي داخل وسائل الإعلام وظهور تخوفات على هوية البلد الإسلامية في ظل تصريحات مقلقة للسلفيين عن تغيير المادة الثانية من قبل مسؤولين رسميين مثل د.يحيي الجمل وبلوغ الاستقطاب داخل المجتمع أقصى حالاته لاسيما فترة الاستفتاء على التعديلات الدستورية ظهرت إشكالية هل يتم تشكيل حزب للسلفيين أم يتم الاكتفاء بأن يكون السلفيون لوبي ضاغط داخل المجتمع وحدث نوع من استطلاع الرأي على مختلف المستويات لاتخاذ هذا القرار.

استقر الأمر على تشكيل الحزب بسبب عدم الثقة في قدرة الأخوان على تمثيل وجهة النظر السلفية نظراً للخلافات الفكرية بينهما وأيضاً عدم رغبة السلفيين في اختزال المشروع الإسلامي في فصيل واحد لو تم ضربه انهار المشروع بالكلية أضف إلى ذلك تحولهم إلى عامل ضغط على الأخوان لعدم تقديم تنازلات في قضية الهوية أمام ضغوط العلمانيين مع وضع في الاعتبار أنه مازالت نظرة السلفيين للأمر أن الأصل هي الدعوة وهي طريق التغيير والتمكين وليس السياسة وبالتالي لا يمكن إلغاء الدعوة لصالح الحزب بل الحزب مجرد درع واقٍ لحماية الدعوة وإضفاء صبغة أكثر إسلامية على المجتمع من خلال التشريعات. رغم أن عبء إنشاء الحزب وقع بالكلية على الدعوة وكوادرها إلا أن الفترة الأولى من تشكيل الحزب شهدت صيغة أن حزب النور إنما هو حزب مقرب من الدعوة وليس ذراعاً سياسياً لها حسب تصريحات قياديين مثل المتحدث الرسمي للدعوة وبالتالي ضم الكثير من السلفيين ممن لا ينتمون للدعوة حتى في الهيئة العليا.

ظهر أول صدام بين الطرف المحسوب على الدعوة والطرف المضاد لها داخل الحزب على خلفية التصريحات التي تخرج من الحزب ويتم انتقادها علانية من الدعوة مثل تصريحات د.محمد يسري سلامة حينما كان يشغل منصب المتحدث الرسمي عن أدب نجيب محفوظ وعلى الجانب الآخر تصريحات الدعوة في قضايا تثير جدلاً مثل تغطية التماثيل بالشمع ويرى أفراد الحزب أنهم يتحملوا عبء الدفاع عنها بدون داعٍ وأن الأفضل لمشايخ الدعوة أن يلتزموا الصمت فيها خاصة أن مواقف الدعوة السياسية المعلنة كانت في غالبيتها تنطلق من منطق الفتوى والحلال والحرام وليس من منطق العمل السياسي وما يتطلبه من موائمات ومرونة واختيارات بين تفضيلات متعددة في حين ترى الدعوة أنها لابد لها من الجهر برأيها في كل قضية لأنهم دعاة بالأساس يبينون للناس ما يرونه حقاً وبالتالي غاية ما يمكن حدوثه لعدم حدوث تعارض أن يبين حزب النور الحكم الشرعي كاملاً ثم يبين أن لا يستطيع تطبيقه في الوقت الحالي لمحاذير معينة خصوصاً وأن الجميع متفق على أن التنازل لا يمكن إلا من خلال فتوى شرعية.

عندما خشيت الدعوة من انفلات التوجهات داخل الحزب أرادت ضبط الأمور داخل الحزب وهو ما عده الطرف الآخر محاولة الهيمنة على الحزب وإن كان ذلك عبارة عن تحصيل حاصل حيث أنه رغم آلية القرار منفصلة في الحزب عن الدعوة إلا أن غالبية أعضاء الحزب هم أبناء الدعوة وبالتالي هم المتحكمون في مفاصله لذا تسيطر رؤية الدعوة على الحزب.

الاتهام بمحاولة السيطرة على الحزب تهمة اختص بها الشيخ ياسر برهامي والدائرة المقربة حوله دوناً عن باقي مشايخ الدعوة وهي تهمة قديمة يتهمه بها دائماً خصومه من السلفيين بأنه المسيطر أيضاً على الدعوة وهي تهمة بالأساس راجعة للسمات الشخصية للشيخ وطبيعة دروسه التي دائماً ما تتناول القضايا الفكرية والأشخاص والجماعات المناوئة للفكر السلفي بالنقد مما أكسبه عداوات عديدة على أصعدة مختلفة أضف إلى ذلك قربه من الشباب نتيجة لأنه في الفترة منذ عام 1994 يتحمل معظم العبء الإداري لإدارة أنشطة الدعوة السلفية في مصر كلها بحيث أن جميع المجموعات التي تقوم بالأعمال ترتبط به شخصياً مما أوجد بطانة كبيرة متعصبة له.

لاشك أن العمل في الدعوة يقوم بشكل مؤسسي إلا إن الواقع يؤكد أن شبكة علاقات الشيخ ياسر الممتدة مع العاملين والقوى الأخرى دون عن باقي أعضاء مجلس إدارة الدعوة أدى لوجود تأثير كبير له على معطيات أي قرار يتم اتخاذه في الدعوة مما أكسبه سمعة بأنه الرجل القوي داخل الدعوة ومن يتحكم بالأمور خلف الستار داخل الحزب وهو وصف يفتقد الدقة وبشدة.

نفس هذه التهمة –سيطرة الشيخ ياسر- كانت لها آثار على قضية أخرى سببت مشكلة كبيرة لحزب النور ألا وهي موقف الدعوة والحزب من تأييد المرشح حازم صلاح أبو إسماعيل حيث سيطر هاجس لدى الكثير –ربما روج له أيضا بعض مناصري الشيخ حازم – أن الخلاف شخصي بينه وبين الشيخ ياسر لرفضه الانصياع لسيطرة الشيخ ياسر أثناء أحداث محمد محمود الشهيرة مما فتح أضعف كثيراً موقف الحزب وفقد الكثير من مؤيديه وكان هذا أيضاً سبباً لزيادة الشقاق بين طرفي الأزمة داخل الحزب ولا يعني هذا أن الدعوة لم تكن ترغب في ترشيح الشيخ حازم إلا أن القرار النهائي لم يكن في يد مجلس الإدارة بل ما تسفر عنه نتيجة التصويت في مجلس شورى الدعوة.

هذه الأزمة بالذات أظهرت خطأ ما يتحدث البعض عنه من أن الأزمة بوصفها صراع بين السياسيين و المشايخ داخل الحركة السلفية وهو وصف تعوزه الدقة والعمق في تشخيص طرفي الخلاف وأسبابه وسياقاته حيث كانت خيارات المشايخ سياسية بحتة حيث رأوا أن الشيخ حازم ليس هو الخيار الأنسب سياسياً فيما كانت خيارات الجمهور تميل للمرشح الذي يجيد خطابهم دينياً فقط.

ولأن جمهور حزب النور الذي لا يقتصر على سلفي الإسكندرية فقط يختلف عن جمهور الدعوة السلفية من ناحية ارتباطه بالمشايخ فهم لا يحملون لهم نفس القدر من التبجيل لذا حاز مشايخ الدعوة على قدر عالي من السخط بسبب اعتقاد مؤيدي التيار الإصلاحي أنهم وإن كانوا فقهاء إلا أن تقديراتهم السياسية سيئة وأيد ذلك تحفظ هذا الجمهور على موقف المشايخ السياسي من الثورة منذ البداية.

لعل فقدان الثقة في القيادة هو أسوأ ما يصيب الجماعات تكوينية الاختيار هي التي تكون فيها الرابطة التي تجمع الأفراد بالقادة هي مسألة الثقة بالقيادة ولأن الجماعات الدعوية هي من هذا القبيل حيث تكون الثقة هنا هي في التزام القائد بمبادئه وهذا ما افتقده قطاع كبير من جمهور النور الذي فقد الثقة في قيادته.

رغم أن خيارات المشايخ كانت هي الأوفق سياسياً إلا إن الحزب دفع ثمنها من شعبيته وتجلت أزمة السلفيين في الرئاسة في عدم قدرة القيادة على إقناع الأتباع بالمرشح في ظل حالة من تشتت التيار السلفي في مصر بعد أزمة أبو إسماعيل مما أدى لعزوف الكثيرين عن الانتخابات ورغبة البعض في ترشيح محمد مرسي مرشح الأخوان مقابل د.أبو الفتوح الذي تسانده الدعوة وحزب النور.

بالطبع لا أحد يستطيع أن يعفي الخطاب الإعلامي للحزب والدعوة من المشاركة في تحمل جزء من هذا الخطأ حيث يوجد ما يشبه أن يكون عجزاً متكرراً عن استباق الأزمات فلا تخرج التصريحات إلا بعد حدوث الأزمات فمثلا كان من الممكن تلافي قدر كبير من الشقاق الذي حدث من ظن الكثير أن الحزب والدعوة يأخذان موقفاً معادياً من الشيخ حازم صلاح أو أنهم يؤيدون خيرت الشاطر إذا تم التصريح للجميع منذ البداية بآلية الاختيار وأن كليهما سيخضع لفرص متساوية في التصويت الحر المباشر داخل مجلس الشورى العام للدعوة والحزب.

إذن هناك فريق منذ البداية ضد سيطرة المشايخ أتبع ذلك أزمة ثقة في المشايخ عقب انتخابات الرئاسة من قبل قطاع كبير من الأتباع فهل يتوقع إلا انفجار أزمة كبيرة عند أول بادرة خلاف وهي مسألة الانتخابات الداخلية للحزب التي بدأ الخلاف على موعدها وعلى أن من تم دعوته لحضورها هم أتباع الدعوة فقط رغم أن الدعوة كانت مفتوحة وتم إعادة الانتخابات للمتخلفين ومع ذلك لم يستطع تيار الإصلاح حشد أنصاره أن هذه الأزمة تم تصعيدها بشكل غير متوقع من قبل هذه الجبهة بسبب إحساسهم بضعف حجم مؤيديهم فاختاروا خيار شمشون بهدم المعبد على رؤوس الجميع وليكن شعار المرحلة علي وعلى أعدائي.

الخلاف الإداري حول اللائحة أو هل رئيس الحزب يتعامل بصيغة انفرادية أم لا؟ ما هو إلا ستار لخلاف منهجي بالأساس وإلا فإن الجبهة تعلم يقيناً أن حزب النور بدون الدعوة السلفية لن يعدو أن يكون رقماً على الهامش مثل الأحزاب الصغيرة كالأصالة حتى أن الجبهة التي تزعم أنها تريد الانفصال عن الدعوة حين اختارت من يحكم بينها وبين المؤيدين للدعوة اختارت مجلس أمناء الدعوة كحكم بين الطرفين! الانتخابات ليست قطعاً هي السبب الرئيس فيما حدث من انشقاق ولكنها رأس جبل الجليد الذي تكون عبر شهور في حزب النور وسنوات في التيار السلفي ككل بدلاً من أن تستغل في الدعاية الإيجابية للحزب كأول حزب يقوم بعمل امتحانات تثقيفية لأعضائه كشرط لترقيهم فيما يعد سابقة في الحياة السياسية.

خسائر السلفيين لاشك أنها فادحة من هذه الخلافات مثل عدم قدرة السلفيين على إدراك قيمة أن يتحولوا إلى كتلة مؤثرة ضاغطة ففي الوقت الذي يثني فيه السلفيون على غيرهم أياً كان الغير سواء أخوان أو حتى ألتراس بسبب تجمعهم وعدم تفرقهم تجد الكثير منهم يرفض رفضاً باتاً الانتظام في عمل جماعي منظم وتجد البعض لم يدرك مدى إنخفاض وزن السلفيين وتأثير قدرتهم التفاوضية نتيجة تفرقهم وهو ما يلقي بالظلال على القضية الأخطر وهي هل سيأبه أحد لمطالب السلفيين حول الدستور؟ وهل سيخشون من قدرتهم على حشد الجماهير لمنع أي مواد تغير هوية البلد أو تجمد قضية تحكيم الشريعة على سبيل المثال؟كذلك لا أحد يدري ما أثر ذلك على منافستهم في الانتخابات القادمة عما قريب.

أيضاً مازال حزب النور يعاني من القصور في الأداء الإعلامي حيث لا توجد قنوات اتصال بينه وبين القواعد إلا عن طريق المساجد مما جعل قادته لا يستطيعون حشد أتباعهم حول رؤيتهم وخسارتهم مزيد من الأتباع لمصلحة الأحزاب الإسلامية الجديدة وأصبحت نتيجته المتوقعة رهناً بمدى قدرته على مواجهة ضغوط الفصائل الإسلامية الأكثر تشدداًً وراديكالية على يمين الجسم السلفي الرئيسي وخاصة إذا ما فشلت السلفية السياسية وممثلها الحالي حزب النور في تحقيق نجاحات ملموسة من المنظور السلفي مثل ضمان هوية الدولة في الدستور الجديد.

الفشل في تحقيق ما سبق لن تؤدي فقط إلى زيادة الوزن النسبي للقوى الإسلامية المتشددة على حساب النور ولكنها قد تؤدي أيضا إلى يأس جماهير السلفية من العمل السياسي و انصرافهم عن السياسة والتفرغ للدعوة مرة أخرى في ضوء ما يرونه من ”عدم جاهزية الواقع المصري لحكم الشريعة الإسلامية“ وهو اتجاه قد بدأت بوادره في الظهور مؤخراً عند البعض منهم. لعل في هذه الخلافات دروسًا لأولئك الرموز التي هدمت أو أضعفت كيانها بنفسها لعلها تفيق قبل وقوع كوارث عما قريب.

darch_99
29-10-2012, 08:20 PM
شكرا لك سيدي الفاضل
مقال واصف جامع للحالة هو كاتب المقال كان قاعد معانا ولا ايه

aymaan noor
30-10-2012, 03:21 AM
شكرا لك سيدي الفاضل
مقال واصف جامع للحالة هو كاتب المقال كان قاعد معانا ولا ايه

جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

aymaan noor
30-10-2012, 02:40 PM
سياسة الاستئثار واقتلاع الجذور
عمر الشهابي
Oct 27 2012
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/forrosie.jpg
مركز الملك عبدالله المالي، الرياض، المملكة العربية السعودية. من أرشيف روزي بشير.

استهوتني قصة المشاريع العقارية الضخمة والمدن الجديدة التي سيطرت على النشاط الاقتصادي في دول الخليج العربية، لأنها تجسد في طياتها كل أوجه الخلل المزمنة التي تواجهها المنطقة. فيتجسد الخلل السياسي والاستئثار بالسلطة في الفساد الذي استشرى في صفقات الأراضي وعمليات ردم البحر (الدفان) الذي تطلبته هذه المشاريع، بالإضافة إلى انعدام دور غالبية المواطنين في التخطيط والموافقة على هذه المشاريع.

أما الخلل الاقتصادي المتجذر في المنطقة؛ فيبرز في الكميات الهائلة من الأموال التي أتت أساساً من الريع النفطي لتنصب في هذه المشاريع (حوالي 1.2 تريليون دولار)، والتي هي بدورها أيضاً نوعٌ آخر من الريع «العقاري». هذا بالإضافة إلى التركيبة المتشعبة من الشركات الاستثمارية والمطوِّرين العقاريين والبنوك التي تشكلت حول هذه المشاريع.

في المقابل؛ يتجلى الخلل السكاني المزمن في هذه المدن الجديدة الموجهة في الأساس لشعبٍ جديد ليسكن فيها، حيث تغيّرت رؤية ومعاملة متخذي القرار؛ إلى ظاهرة تدفق الوافدين من النّظر إليها كظاهرة عرضيّة لابد منها، هدفها سد متطلبات الإنتاج، إلى تبني استقطاب الوافدين كهدف أساسي ينبغي تبنيه لزيادة الطلب الاقتصادي عليه في دول المجلس.

تبين هذه المدن الجديدة بشكل جلي أن أوجه الخلل المزمنة في المحاور السياسية والاقتصادية والسكانية مترابطة وتغذي بعضها بعضاً في جدلية مستمرة، حيث لا يُمكن فصل هذه المحاور عن بعضها بعضاً والنظر إليها منفردة. وهذا التشعب المتعمق بين العوامل السياسية والاقتصادية والسكانية الحادة ينذر بخلطةٍ متفجرةٍ من الصعب التنبؤ بتبعاتها، بل إنه من شبه المستحيل على صنّاع القرار أن يتحكّموا في مسارها في خطط مرسومة مسبقاً.

طبيعة هذه المشاريع العقارية تشير إلى مسارين: إما أن تنجح هذه المشاريع العقارية، وبذلك تتحول الى مدن جديدة ضخمة يقطنها الملايين من السكان الجدد. في المقابل، قد تفشل المشاريع العقارية فشلاً ذريعاً، وتتحول إلى مبانٍ خاويةٍ ينبذها الناس، وتكون في نهاية الأمر مشاريع فيل بيضاء white elephants وعملية نصب كبرى مصيرها أن تكون مدن أشباح.

كلا الخيارين لايزال مطروحاً، ومن الممكن أن يحدث الاثنان على مر الزمن. فكثير من هذه المشاريع قد تم إيقافها في خضم الأزمة المالية العالمية. في المقابل؛ فإن الكثير من هذه المدن الجديدة؛ قد تم بناؤها فعليّاً وأصبحت مأهولة، كمنطقة المارينا في دبي وأمواج في البحرين. والقول بأن رؤوس الأموال والمتنفذين بها ستقف مكتوفة الأيدي وسترضى بأن تبقى هذه المشاريع شاغرةً؛ يعبر عن فهم ضيق لمنطق رؤوس الأموال وتحركاتها. وكما رأينا، فقد سمحت البحرين لملاك العقار الدولي بالتصويت في الانتخابات البلدية للعام 2010، كما مدّدت الإمارات مدة الإقامة المرتبطة بشراء العقار من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات في العام 2011. كما تدل تصريحات المسئولين عن هذه المشاريع على أنهم يتطلعون إلى إعادة المشاريع التي تم إيقافها متى ما سنحت الفرصة، هذا بالإضافة إلى نية لبناء مشاريع عقارية ضخمة جديدة.

النقطة الرئيسية هنا؛ هي أنه من المستحيل أن يتواصل الخلل السكاني في التراكم من دون أن تكون له تبعات جذرية مصيرية على المنطقة في المستقبل غير البعيد. بعض هذه التبعات تمت مناقشتها بإسهاب، بما فيها ازدياد أعداد الوافدين في سوق العمل، وتهميش دور المواطنين إنتاجيّاً وعدديّاً، بالإضافة إلى تشوّه الهوية العربية في المنطقة وازدياد حدة التعصب xenophobia بين صفوف بعض المواطنين. في المقابل؛ ستتواصل حالات الاضطهاد التي يتعرّض لها الكثير من العمالة الوافدة وتدني حقوقهم على المستوى الاقتصادي والسياسي، والتي بإمكاننا تلخيص هذه الإفرازات في حالة شديدة من «الاغتراب» التي يعيشها المواطنون والوافدون معاً.

أما بالنسبة إلى ظاهرة المشاريع العقارية؛ فلها معطياتٌ تختلف كمّاً ونوعاً عن ظاهرة توافد العمالة الأجنبية. ولعل الخاصية الأهم؛ هي بروز ظاهرة «المجتمع المغلق» أو ما يمكن تسميته «بالمدينة داخل المدينة». حيث يتم خلق مجتمع من «الكانتونات» المنفصلة، تعيش كل مجموعة منها في منأى تام عن باقي الأطراف، لا يربطها ببعضها أي انتماء قومي أو ثقافي أو سياسي، ولا يكون هدفها الجامع سوى النمو الاقتصادي وتحريك رؤوس الأموال تحت إطار اللغة الانجليزية الحاضنة. هنا تصبح المدينة مفهوماً بالإمكان بناؤه وتجديده وإعادة تركيبه بشكل سريع بناءً على أهواء متخذي القرار والخبراء المنفذين للمشروع. والحالة الأساسية التي تميّزها؛ هي التغير المستمر في ملامح وعمران وحتى سكان المدينة، فلا البيوت ولا النخل ولا حتى البحر في مأمن من الهدم والاقتلاع والدفن. كل هذا قد يحصل في سنين بل أشهر معدودة، فلو قُدّر لأحدٍ أن يشد الرحال إلى الخارج طلباً للعلم؛ لما عاد بإمكانه التعرف على المدينة أو سكانها عند عودته من الدراسة.

فالمدينة في الخليج لم تعد تعكس وتعبّر عن رغبات ونمط حياة أهلها وساكنيها، فهم عامةً مهمّشون ومن دون أي دور فعال في تحديد ملامحها العمرانية والاجتماعية. فها هم يشاهدون العمارات تعلو من حولهم وليس في يدهم إلا أن يراقبوا ويتأقلموا، فقد لا يكونون هم حتى من ساكني منطقتهم الحالية في المستقبل القريب. وهكذا تم هزّ واقتلاع الجذور التي كانت تربط السكان بمدنهم، وفي المقابل أمست المدينة مفهوماً متقلباً قد يتبدل هو وساكنوه في غضون أيام معدودة. وهكذا أصبح ما يحدّد شكل وحتى جغرافية المدينة ليس سكانها، والذين يتغيرون بنفس سرعة تغير المدينة، بل المردود المادي وتطلعات متخذي القرار.

aymaan noor
30-10-2012, 02:57 PM
[CENTER]عائلات البيزنس الإخــــــوانية تحكم مصر

ثروت الخرباوى
لثلاثاء 30 أكتوبر 2012 - 12:28 م

https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-prn1/527310_425965967468928_106644772_n.jpg

لا أظن أن مثلًا ينطبق فى الدنيا على جماعة الإخوان مثل المثل القائل «أن تسمع بالمعيدى خير من أن تراه»، فإذا اعتبرنا أننا على مدار العقود الماضية ظللنا نسمع عن جماعة الإخوان، وكنا لسوء تصريفنا نسمع عنهم منهم (كما يقولون هم اسمع منا ولا تسمع عنا»، فإننا سنبصم بالعشرة أن هذه الجماعة مقدسة وربانية ومتجردة ولا تبحث عن المصالح الخاصة بل كل همها منصرف إلى الله والرسول ثم من بعدهما الوطن، وهذا على أساس أنهم يعرفون معنى الوطن.

ولكن شاءت الأقدار أن ينزل الأخ «المعيدى» صاحب المثل الوارد فى بداية هذا التحقيق إلى أرض الميدان، ثم إذا به يقفز على حكم البلاد قفزة مُضَرِيَّة، فأصبحنا نراه برلمانا فوزارة فرئيسا، بعد أن كنا نسمع عنه كشبح مختبئ فى الكواليس، فإذا به شديد الشبه بالمثل العربى القائل «شهاب الدين أضرَطُ من أخيه»، ولعلك أدركت أن شهاب الدين هو جماعة الإخوان، وأن أخاه هو الحزب الوطنى، هذا مِثل ذاك لا فارق بينهما إلا فى الاسم، أما الفعل والمحتوى فهو هو.

منظومة الحكم عند نظام مبارك، ولدى الحزب الوطنى، اعتمدت على شبكة من النسب والمصاهرات والعلاقات والتربيطات، وهذا هو الميثاق السرى الذى يقوم عليه الحكم الاستبدادى، فالحاكم المستبد لا يبحث عن الكفاءة ولكنه يبحث عن الولاء، لا يبحث عن أصحاب العقول، ولكنه يبحث عن حاملى الطبول، لذلك فإننا لو بحثنا فى أسماء الوزراء والمسؤولين فى عهد مبارك المستبد فسنجد أنهم كونوا فى ما بينهم شبكة متكاملة تعتمد على المصاهرة والقرابة والمصالح والشراكة، ولكن اللافت أن هذه الشبكة لم تتشكل أركانها إلا فى السنوات الأخيرة من حكم مبارك، بمعنى أن مبارك لم يصل إلى درجة إنشاء شبكة حكم تتواصل فى ما بينها من خلال المصاهرة والقرابة والعلاقات التجارية إلا بعد عشرين عاما من حكمه، لم يفعل ذلك إلا عندما استشعر ضعف نظامه وأنه لكى يبقى ويصلح فيه الإرث والتوارث يجب أن يعتمد على أصحاب الولاء، ومَن غير الأصهار وشركاء المال يتوافر فيهم الولاء الكامل؟ فالمركب الذى يُقِلّ الجميع إذا غرق فسيغرق بالجميع، ومن شأن الأقارب وأصحاب المصالح الذين ركبوا سفينة الحكم أن يتعاضدوا فى ما بينهم من أجل الاستمرار. ومع ذلك لم تفلح جهودهم فى الاستمرار، وعند الغرق فرت فئرانهم من السفينة المعطوبة. ولكن شهاب الدين، نقصد جماعة الإخوان، كعهدنا بها فعلت فى الشهور الأولى من جلوسها على كرسى الحكم ما فعله مبارك فى أواخر سنواته، حيث أنشأت منظومة حكم تعتمد فى المقام الأول وأيضا المقام الأخير على شبكة من المصاهرات والقرابة والشراكات المالية، وليصبح الحكم الإخوانى قائما على بزنس العائلات، وبزنس المال.

الاستبداد الذى ظهرت عليه جماعة الإخوان حتى وهى مضطهَدة وخارج دائرة الحكم هو الذى دفعها قطعا لمزاولة خطيئة أى مستبد جاهل تَسيَّد عليها وعلينا، وفى كتاب «طبائع الاستبداد» لعبد الرحمن الكواكبى يشرح كيف يتحول الذى عانى من الاستبداد عندما يحكم إلى حاكم يمارس نفس سلوك الحاكم الذى استبد به وقهره.

وقد يعتبر البعض أن كل ما سلف يدخل فى نطاق الكلام النظرى، مقهور يحكمه مستبد، إذا ما وصل هذا المقهور إلى الحكم مارس نفس سلوك المستبد وطبق أفكاره ورؤاه، وقلده فى كل شىء حتى فى إنشاء شبكة المصالح.

والآن سنخرج من الكلام النظرى لندخل على العملى فورا، وعند جُهَيْنَةَ الخبر اليقين.

على خطى الحزب الوطنى تسير جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية، حزب الحرية والعدالة، بعد صعودهما إلى السلطة، لتتحول المصاهرات وصلات الدم والقرابة والنسب، والشراكة التجارية والبيزنس والمصالح المشتركة إلى بوابة سحرية للترقى فى مؤسسات الدولة بعد سيطرتهم عليها، تماما كما كان الوضع داخل الجماعة والتنظيم الإخوانى.

وزراء، ومحافظون، وأعضاء فى الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى، وقيادات فى المؤسسات التنفيذية تحقق إحكام السيطرة على مفاصل الدولة، وصولا إلى رئيس الجمهورية، د.محمد مرسى، بفريق رئاسى وهيئة استشارية، تجمع بينهم الصفقات السياسية والاقتصادية والعائلية، التى تمتد جذورها إلى الشبكة الأضخم والأهم داخل الجماعة.

عائلة الرئيس لها نصيب فى مقعدين فى السلطة، بالرئيس محمد مرسى نفسه، وزوج شقيقته، وحما ابنته أيضا الدكتور أحمد فهمى الذى تحول إلى أحد نجوم الحياة السياسية فى مصر بعد الثورة، والصعود السياسى للإخوان المسلمين، بعد فوزه، بترشيح الجماعة له على منصب رئيس مجلس الشورى بفضل صلة المصاهرة «المركَّبة».

سكرتير الرئيس أيضا المهندس المصرى كندى ال***ية، خالد القزاز، هو شريك خيرت الشاطر نائب المرشد العام، حسب أحد أشهر الفيديوهات الإخوانية على موقع «يوتيوب»، وأحد أهم كوادر حملته الانتخابية التى ورثها مرسى بعد ذلك، وأيضا أبرز مهندسى العلاقات الخارجية فى جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، حيث تلقى تعليمه فى كندا وأقام هناك لسنوات طويلة، وشغل بعد ثورة 25 يناير منصب «منسق العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة»، كما كان أحد أعضاء الوفد الإخوانى الشهير الذى سافر إلى واشنطن بالتزامن مع ترشيح الشاطر رئيسا للجمهورية، والتقى إعلاميين وسياسيين وأكاديميين أمريكيين وعقد ندوات مفتوحة، واجتماعات مشتركة مع شخصيات وجهات أمريكية منها مسؤولين كبار بمجلس الأمن القومى الأمريكى، ثم ويليام بيرينز وجيفرى فيتمان مساعدَى وزيرة الخارجية الأمريكية، وقام بزيارات لمقر البنك الدولى وغرفة التجارة الأمريكية، وتحدث أيضا فى مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية مرتين، فى نيويورك وواشنطن، وكذا فى معهد «بروكينجز»، ومؤسسة «كارنيجى».

الأهم من ذلك، أن خالد القزاز، للمصادفة، هو نجل المهندس عدلى القزاز، كلمة السر الجديدة فى وزارة التربية والتعليم، بعد أن عُيّن مؤخرا مستشارا للوزير لـ«تطوير التعليم»، وسط هالة من الغموض، وعدم وجود أى صلة سابقة بالعملية التعليمية داخل الوزارة، وكذا انعدام المعلومات تقريبا، عن الوافد الجديد الذى لا يعرف عنه أحد شيئا، باستثناء بعض المعلومات المتناثرة لرئاسته لما يطلق عليه «التحالف المصرى لتطوير التعليم»، وعضويته فى مجلس إدارة جمعية أصحاب المدارس الخاصة، ورئاسته السابقة لمنطقة القاهرة للكرة الطائرة قبل سنوات طويلة، والأهم من كل ما سبق أنه صاحب «المقطم للغات»، المدارس الإخوانية الأشهر التى تلقى شهرة وإقبالا واسعا بين العائلات الإخوانية الكبرى، إلى درجة يُضطرّ معها بعض الأسر إلى نقل محل الإقامة إلى المقطم فى سبيل إلحاق أبنائهم بهذه المدرسة، التى تحولت بعد ذلك إلى مقر لعقد الدورات التدريبية لشباب الجماعة فى فصل الصيف، بينما كان السكرتير الحالى للرئيس المهندس خالد القزاز، يشارك فى إلقاء محاضرات التنمية البشرية فيها بنفسه، ثم بعد ذلك إلى غرفة عمليات سرية للإخوان فى أثناء الانتخابات البرلمانية، ثم فى الانتخابات الرئاسية وذلك تحت إشراف خيرت الشاطر نفسه، الذى كانت هذه المدرسة كلمة السر فى علاقته بالقزاز الابن والأب أيضا حيث كان نجل الشاطر ويدعى «حسن» تلميذا فى المدرسة فى أثناء المحاكمة العسكرية الأخيرة لوالده وعدد من قيادات الإخوان، عندما قررت المدرسة إعفاءه من المصاريف كاملة، وقد حفظ خيرت الشاطر الجميل لعدلى وولده خالد فنقلهما نقلة نوعية، ومن بعد شقة كانت الأسرة تسكنها أصبحت تسكن قصرا مشيدا على هضبة المقطم تتحاكى الأساطير عنه.

لم يقف رد الجميل عند ذلك الحد، فردّ الجميل الذى يترتب عليه الولاء والوفاء امتد إلى شخص آخر من عائلة القزاز هو الدكتور حسين القزاز.. الضلع الثالثة من «لوبى» عائلة القزاز داخل قصر الرئاسة، وأحد أبرز أعضاء الهيئة الاستشارية للرئيس محمد مرسى، والمستشار الاقتصادى لحزب الحرية والعدالة، وأحد أهم المؤسسين للجانب الاقتصادى فى «مشروع النهضة» كما روج له الشاطر، وأيضا العضو الاحتياطى بـ«تأسيسية الدستور»، والأهم أنه مسؤول التنظيم الدولى للإخوان فى الولايات المتحدة الأمريكية، وكذا ضابط الاتصال بين الإدارة الأمريكية وجماعة الإخوان المسلمين، عبر عقود من الهجرة لسنوات طويلة إلى أمريكا، فى «لوبى» عائلى ثلاثى الأضلاع الآن مخترق للدولة، بمؤسساتها التنفيذية والتشريعية.. بصلات دم ومصالح مشتركة بين قصر الرئاسة والهيئة الاستشارية وصولا إلى «التأسيسية» و«التربية والتعليم».

فى القصر الرئاسى أيضا يتصدر الدكتور عصام الحداد (المصرى إنجليزى ال***ية) المشهد، مساعدا لرئيس الجمهورية للشؤون الخارجية، وبطل أول صورة رسمية لمرسى داخل مكتبه الرئاسى، وواحد من خمسة رجال لم يفارقوا محمد مرسى منذ انتخابه رئيسا للجمهورية، فهو شريك الشاطر ورجله المقرب، ومسؤول العلاقات الخارجية فى حزب الحرية والعدالة، بعد أن وقع عليه اختيار الشاطر ليكون المشرف على حملته الانتخابية ثم حملة مرسى من بعده، ليصبح الحداد بعدها شريكا فى كل لقاءات الشاطر مع السفراء والمسؤولين والمندوبين الأجانب داخل مصر وخارجها، وذلك بحكم خبرة وعلاقات خارجية واسعة وإقامة لسنوات طويلة فى بريطانيا كان خلالها أحد قيادات التنظيم الدولى للإخوان هناك، بعد أن كان مسؤولا عن إخوان البوسنة والهرسك وكذا مستشارا للرئيس الشيشانى السابق على عزت بيجوفيتش.

فالحداد رجل الأعمال الإخوانى الشهير وصاحب المجموعة العربية للتنمية «إنتربيلد» لتنظيم المعارض، ونائب جمعية تنمية الأعمال «ابدأ» التى يترأسها حسن مالك، هو الصاعد أيضا بسرعة الصاروخ فى الجماعة بمجرد خروج خيرت الشاطر من السجن عقب الثورة، إذ قام الشاطر بإدخاله مكتب الإرشاد بالتعيين لا بالانتخاب فى الرابع من فبراير الماضى، فى نفس التوقيت الذى تم فيه تصعيد فيه شقيقه رجل الأعمال الإخوانى السكندرى أيضا المهندس مدحت الحداد، أبرز رجال أعمال الجماعة بعد خيرت الشاطر وحسن مالك، وصاحب عدد كبير من الشركات فى مجالات المقاولات، والاستثمار العقارى، والتصدير والاستيراد، إلى جانب تنظيم المعارض مثل الشركة العربية للتعمير، والشركة العربية للاستيراد والتصدير، والجمعية التعاونية للأعمال الهندسية.

الحداد أيضا هو والد المهندس الشاب جهاد الحداد المسؤول عن ملف العلاقات الخارجية وكبير مستشارى مشروع النهضة الذى روّج له الشاطر، والموجود منذ اللحظة الأولى إلى جوار مرسى أيضا فى قصر الرئاسة، فى الوقت الذى لا يعلم فيه له أحد حتى الآن أى صفة رسمية تبرر وجوده فى هذا المكان، بينما يتمتع الحداد الابن أيضا بنفوذ عائلى خرافى داخل الجماعة بحكم مصاهرته لعضو مكتب إرشاد آخر هو د.محمود أبو زيد، إذ تزوج جهاد الحداد ابنته، بينما كانت ابنته الثانية فاطمة أبو زيد عضوا فى لجنة وضع الدستور الأولى، هذا ناهيك بصلة نسب أخرى بين جهاد الحداد وعضو مكتب إرشاد ثالث هو محمد إبراهيم زوج خالته، الأمر الذى وضع جهاد الحداد بشكل مباشر فى بؤرة الدائرة المقربة من خيرت الشاطر، ويتوقع معه بقاؤه بجوار الرئيس بزعم تنفيذ مشروع النهضة، مشكلا لوبيًا عائليا آخر داخل قصر الرئاسة مع والده، بينما لم يتحدد حتى هذه اللحظة الوضع الجديد فيه كذلك لوليد الحداد، أحد أبرز الكوادر الشابة لحزب الحرية والعدالة الذى يجرى «تلميعه» إعلاميا حتى الآن على قدم وساق، تمهيدا لتصعيده سياسيا فى أقرب وقت.

فى القصر الرئاسى أيضا يسكن ثلاثة من أهم كوادر التنظيم الدولى للإخوان، تربط بينهم المصلحة الواحدة والبيزنس المشترك والشراكة الوطيدة مع الشاطر، الرجل الحديدى فى الجماعة.. الأول هو الدكتور أحمد عبد العاطى مدير مكتب رئيس الجمهورية، والمنسق العام السابق للحملة الانتخابية لخيرت الشاطر ثم لمحمد مرسى من بعده.. أحد كوادر التنظيم الدولى للإخوان المسلمين، ومسؤول طلاب الإخوان تنظيميا على مستوى العالم، والأمين العام السابق أيضا لـ«الاتحاد الإسلامى العالمى للمنظمات الطلابية».. شريك الشاطر فى واحدة من أهم شركاته هى شركة «الحياة للأدوية» التى كان يدير فرعها فى الجزائر ويستقبل العمالة الإخوانية من المصريين للعمل فيها بتكليف من الشاطر، ثم فى أثناء فترة هروبه من حكم بالسجن أيضا فى قضية ميليشيات الأزهر، قبل أن تقوم الجماعة بتسليمه قبل أسابيع فقط من إعلان دفعها بمرشح لرئاسة الجمهورية، لتتم إعادة محاكمته وتسفر عن حصوله على حكم بالبراءة فى القضية وخروجه من باب المحكمة العسكرية فى نفس اليوم، ليتولى بعد ذلك منصبه مباشرة فى الحملة الانتخابية.

والثانى هو المهندس أسعد الشيخة، نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية، ورجل الأعمال الإخوانى البارز الذى ظهر فى المشهد الشهير للرئيس فى ميدان التحرير ممسكا لمرسى بالميكروفون لمدة 10 دقائق فى أثناء إلقائه خطاب ميدان التحرير.

الشيخة الذى كان محكوما عليه بالسجن 5 سنوات فى قضية ميليشيات الأزهر، هو أيضا شريك خيرت الشاطر فى شركة «إم سى آر للمقاولات» وكذلك شركة «مصر للمقاولات»، وهو أيضا أحد الذين تولوا إدارة شركة «الحياة للأدوية» فى الجزائر مع أحمد عبد العاطى، الذى تم تسليمه وحصل معه على البراءة فى جلسة واحدة، بالإضافة إلى الشريك الرابع، والثالث فى لوبى الحلفاء الجدد داخل قصر الرئاسة، الدكتور محمد محمود حافظ، المتهم السابق أيضا فى نفس القضية، وعضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، المشهور بـ«شبيه خيرت الشاطر» وأيضا «الراجل اللى واقف ورا محمد مرسى»، فقد ظهر معه فى كل تحركاته منذ فوزه فى الانتخابات الرئاسية.

فى حركة المحافظين الجديدة وقع الاختيار أيضا على عضو مكتب الإرشاد المهندس محمد على بشر، ليكون رأس حربة الجماعة محافظا للمنوفية، وذلك وفق حسابات الإخوان وخطتهم المحسوبة جيدا لغزو المحافظات التى تلقوا منها الصفعة التصويتية فى انتخابات الرئاسة. صحيح أن بشر هو أحد القيادات المعروفة بميولها الإصلاحية، غير أن هذه الميول لم تتجاوز فى أى لحظة من اللحظات المناوشات الأليفة التى لا تتعدى الخط الأحمر للمعارضة المسموح بها فى مكتب الإرشاد، فى نفس الوقت الذى لم يخرج فيه بشر أيضا من حسابات شبكة المصالح العائلية فى الجماعة بحكم صلة النسب مع واحد من أهم وأبرز أعضاء مجموعة «الصقور» فى الجماعة، هو الدكتور محمود حسين أمين عام الجماعة، الذى تزوج نجله المهندس ياسر سارة ابنة بشر.

فى نفس الوقت الذى لا تزال ترتبط فيها المصالح التنظيمية والمالية لمحافظ كفر الشيخ الجديد أيضا المهندس سعد الحسينى بشكل كامل بالجماعة، فى ما يعتبر من أبرز أهل البيزنس والسلطة فى الإخوان، فهو صاحب شركة «المدائن للإنشاءات الهندسية»، التى ُتعتبر إحدى أضخم شركات المقاولات فى الدلتا.

رجل الأعمال الإخوانى الأشهر حسن مالك، أحد قطبى الإمبراطورية الاقتصادية للجماعة ورئيس جمعية تنمية الأعمال «ابدأ»، ورئيس لجنة «تواصل» المنوط بها تحقيق الاتصال بين رجال الأعمال ومؤسسة الرئاسة، التى أظهرت نفوذا لا حدود له فى كل سفريات الرئيس محمد مرسى، وتحديد شخصيات رجال الأعمال فى الوفود المصاحبة له خلال الفترة الماضية، هو واحد من أهم أعضاء الشبكة العائلية للإخوان فى السلطة والجماعة، فزوجته هى جيهان عليوة شقيقة رجل أعمال إخوانى آخر هو محمد سعد عليوة صاحب شركة «الحجاز لتوظيف الأموال» فى التسعينيات، وأنجب منها مالك أبناءه السبعة: معاذ وخديجة وعمر وأنس وحمزة وعائشة وأحمد، ويشاركونه جميعا فى إدارة إمبراطوريته الاقتصادية، كما هو الحال أيضا مع بنات خيرت الشاطر، إذ أسست إحدى بناته مجموعة مدارس «جنى دان».

فضلا عن أن مالك أيضا هو حلقة الوصل بين عائلتين من أشهر العائلات الإخوانية هما عائلتا أبو الفتوح والزعفرانى، إذ تزوجت شقيقته الأولى بالدكتور خالد الزعفرانى القيادى الإخوانى السابق وابن عم إبراهيم الزعفرانى عضو مجلس شورى الجماعة السابق أيضا، والثانية بأحمد أبو الفتوح الشقيق الأصغر للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح.

وبخلاف الإمبراطورية الاقتصادية المشتركة كذلك بين الشاطر ومالك بمجموعة من الشركات تصل إلى 70 شركة منها شركة «مالك لتجارة الملابس الجاهزة والمنسوجات وخيوط الغزل»، ويدخل كل من أشقاء مالك والشاطر أيضا شريكا فيها، نجد عزة أحمد توفيق زوجة خيرت الشاطر بنفسها أيضا شريكا منفردا مع حسن مالك فى شركة «سيوة لاستصلاح الأراضى»، ويأتى من بعدها بهاء الشاطر، الساعد اليمنى لشقيقه خيرت فى إدارة مشروعاته الاقتصادية، إذ كان بهاء الشاطر هو مدير معارض السلع المعمرة بنقابة المهندسين، الخطوة الأولى التى انطلقت منها الإمبراطورية الاقتصادية للشاطر ومالك بعد ذلك، فكان يلجأ كل من الشاطر ومالك إلى تسجيل بعض الشركات باسم بهاء تحايلا على نظام مبارك، كما هو الحال فى شركة «المستقبل» المملوكة لمالك والشاطر والمسجلة باسمه، فى تجسيد حىّ لعمق المصالح المشتركة والعلاقات العائلية فى منظومة النفوذ الاقتصادى والسياسى داخل الجماعة.

أيضا تُعتبر عائلة خيرت الشاطر، وزيجات بناته، على وجه التحديد، نموذجا إخوانيا صارخا للحرص على حماية المصالح التنظيمية والسياسية والاقتصادية بروابط الدم وعلاقات المصاهرة.. فزوج شقيقة الشاطر الصغرى هو الدكتور محمود غزلان الذى صعد إلى طبقة الحكم فى الجماعة، بعد زواجه بفاطمة الشاطر، وإنجابه منها أبناءه محمد وياسر وأنس وعبد الرحمن ويحيى، ويقترب بعد هذه الزيجة من دائرة نفوذ تنظيمية بلا حدود، ويتحول إلى أحد رجال أعمال الجماعة البارزين، بعد أن أصبح ضمن «طبقة الصفوة» الذين قررت الجماعة على مدار سنوات أن تكتب أموالها بأسمائهم هربا من الملاحقة القانونية، فدخل غزلان شريكا مع خيرت الشاطر فى شركة «الواحة «، أحد المشروعات الزراعية الكبرى التى تم استغلال فيها خبرة غزلان كأستاذ فى كلية الزراعة جامعة الزقازيق، حيث امتلكت هذه الشركة مزارع ضخمة لتربية الأبقار وإنتاج الألبان فى الكيلو 110 طريق مصر-الإسكندرية الصحراوى، بخلاف مجال المبانى والمقاولات الذى ظهر فيه اسم محمود غزلان بثقل، خصوصا فى شراكته مع رجل الأعمال الأشهر عبد الرحمن سعودى فى شركة «التنمية العمرانية» التى كان غزلان عضو مجلس إدارتها.

تزوجت رضوى صغرى بنات خيرت الشاطر بعبد الرحمن على أحد القيادات الشابة بقسم نشر الدعوة بالجماعة، بينما تزوجت ابنته سمية إخوانيا بارزا آخر هو الدكتور الصيدلى خالد أبو شادى الذى يشغل منصبا قياديا فى قسم نشر الدعوة والتربية ويحقق نجاحا منقطع النظير فى مجال الدعوة، بحيث لا يخلو بيت إخوانى من مؤلفاته الدعوية وسيديهات الإنشاد والأذكار الخاصة به، كما تلقى ندواته إقبالا منقطع النظير بين الشباب الإخوانى، وهو ابن القيادى التاريخى بالجماعة أحمد أبو شادى.

عائشة أيضا زوجة الدكتور محمد الحديدى مسؤول الإخوان المسلمين فى ألمانيا لسنوات، ونجل صالح الحديدى أحد أعمدة النظام الخاص فى الإخوان. سارة كذلك هى زوجة للإخوانى الشاب المهندس حازم ثروت، وحفصة زوجة للدكتور مصطفى حسن ومريم زوجة أحمد على درويش.

غير أن الزهراء كُبرَى بنات خير الشاطر تحديدا، هى خيط البداية فى شبكة العلاقات المالية والتنظيمية المهمة له داخل الجماعة، فزوجها المهندس أيمن عبد الغنى مدير أعمال الشاطر، والمتهم معه فى قضية ميليشيات الأزهر، هو حاليا نائب رئيس قسم الطلبة بجماعة الإخوان المسلمين، وكذلك شقيق كل من الدكتور محمد عبد الغنى عضو مجلس شورى الجماعة، ومسؤول القسم السياسى السابق بالجماعة، وكذلك الدكتور عمر عبد الغنى مسؤول مكتب إدارى جنوب القاهرة.

أيمن عبد الغنى هو نفسه أحد رجال الأعمال الإخوان، فهو شريك للقيادى فى حزب الحرية والعدالة ورجل الأعمال الإخوانى أحمد شوشة فى شركة «إليجى» بالجزائر، ناهيك بأن شوشة أيضا هو شريك خيرت الشاطر فى شركة «المدائن للمقاولات والإنشاءات»، والذى ظهر على الساحة السياسية التنظيمية مؤخرا بعد الإفراج عنه كعضو بمكتب إدارى شرق القاهرة.

فى نفس التوقيت الذى تم التصعيد فيه لباقى شركاء خيرت الشاطر ورجاله الذين أصبحوا بعد ثورة 25 يناير نجوما فى المشهد السياسى الإخوانى، كالدكتور حسام أبو بكر شريك الشاطر وصاحب شركة «هيونداى للمصاعد» الذى تم تصعيده إلى عضوية مكتب الإرشاد بعد الثورة مباشرة.

الدكتورعصام العريان القائم حاليا بأعمال رئيس حزب الحرية والعدالة ومستشار رئيس الجمهورية نفسه كذلك، وإن لم يتزوج من جماعة الإخوان المسلمين، فزوجته فاطمة فضل، هى شقيقة د.صلاح فضل الذى كان أحد المحكوم عليهم فى قضية الفنية العسكرية، إلا أن ابنته أيضا قد تزوجت الدكتور أحمد مصطفى أحد القيادات الإخوانية الشابة بنقابة الأطباء.

الجميع باسثناءات معدودة وعلى مدار أكثر من ثمانية عقود هى عمر الجماعة، يصعد إلى طبقة الصفوة الحاكمة من بوابة علاقات النسب والمصاهرات التنظيمية.

منها صعد د.محمد بديع المرشد العام نفسه بعد خروجه من سجون عبد الناصر، بعد زواجه بسمية ابنة القيادى الإخوانى التاريخى محمد الشناوى الطيار السابق وعضو النظام الخاص فى عهد البنا الذى تحول بديع بفضله إلى أحد أخلص رجال مصطفى مشهور الذى كان صديقا حميما للشناوى.

ومن خلالها لحق به الدكتور محمود عزت نائب المرشد العام، الذى حالفه الحظ بزواج شقيقته وفاء عزت طالبة الثانوى وقتها بعضو النظام الخاص أيضا وأحد أبرز كوادر الإخوان وقتها محمد مهدى عاكف، رغم فارق السن الكبير بينهما، 20 عاما كاملة، وكذلك شقيقته الثانية التى تزوجت قياديا إخوانسل آخر هو محمود عامر الذى أصبح فى ما بعد رئيس مكتب إدارى المنزلة.

كذلك تحمل وفاء مشهور، عضو مجلس الشورى عن حزب الحرية والعدالة، على كتفيها أيضا تاريخا من علاقات النسب والمصاهرة فى الإخوان، فهى ابنة مصطفى مشهور المرشد الخامس للجماعة، وزوجة الدكتور محمد عبد الجواد، أحد بُناة التنظيم الدولى، وعضو مكتب الإرشاد السابق بجماعة الإخوان المسلمين.

فى دائرة شبكة العلاقات والمصاهرات والمال كلام مباح وكلام يعتبره الإخوان غير مباح، ومن الكلام غير المباح الحاج عباس السيسى رحمه الله وقرابة بعض الشخصيات الجديدة فى الحكم له، وصلة العمل التى ربطت رئيس الوزراء الحالى هشام قنديل بخيرت الشاطر فى الثلث الأول من التسعينيات، وما خفى كان أعظم وأسوأ وأفظع وأشد إفزاعا.

Ayman M.Ebrahim
30-10-2012, 03:43 PM
يااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اه!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!1

darch_99
30-10-2012, 04:45 PM
السيد / ايمن نور تحية طيبة وبعد
اسعد الله اوقاتك وكل عام وانت بالصحة والسلامة

في هذا المقال لي وجهة نظر وحتي تتضح الصورة من البداية فإنني لا ادافع عن الاخوان ولي موقف منهم لكن تبيانا للصورة بشكل اوضح سنتكلم قليلا عن من هو ثروت الخرباوي وما هي حدود علاقته بالاخوان .

نبذه عن الكاتب ثروت الخرباوى (http://rebooks.me/tag/%D8%AB%D8%B1%D9%88%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D9%88%D9%89/) :

هو محامى مصرى و أحد أبرز الأعضاء السابقين فى جماعة الإخوان المسلمين (http://rebooks.me/tag/%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86/) فى مصر , بدأ حياته السياسية عضواً فى حزب الوفد ثم أنضم لجماعة الإخوان المسلمين (http://rebooks.me/tag/%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86/) , أختلف مع الإخوان بسبب حبس مختار نوح القيادى بالجماعة فى قضية النقابات المهنية و كان هذا الخلاف هو السبب فى أنفصاله عن الجماعة أو بمعنى آخر و أوضح تم طرده لأختلافه مع الجماعة عام 2002 م .
فى رأيى أن من الخطأ أن نأخذ كلمات ثروت الخرباوى (http://rebooks.me/tag/%D8%AB%D8%B1%D9%88%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D9%88%D9%89/) على أنها صحيحة , لأنه تم طرده , فأصبح لديه ثأر , فأخذ يتهم جماعة الإخوان المسلمين (http://rebooks.me/tag/%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86/) بأفساد نقابة المحامين

.................................................. ............................

اول شيء ينتبه له جيدا ان كل هذا تم في اربعة شهور فقط بعد استلام مرسي للسلطة منهم شهر ونصف في يد المجلس العسكري طبعا شيء غير معقول لا منطقي لكن هذه الشبكة كانت موجودة بالمصالح الاقتصادية لم تظهر فجاة واعتقد يا سعادة الخرباوي انه لم تصل الي ذلك بشكل غير قانوني بل بالقانون وهو الطبيعي بعد عقود من السجن والسحل والاعتقالات والا ان كنت تملك مستند واحد فقط تدين به احد إذا اخرجه وافضح من حصل وسرق ونهب او استخدم سلطة ليست من حقه استخدامها والا لم تظهر من ذلك شيئا فأصمت خيرا لك من ان يقع عليك القانون الالهي من تتبع عورة أخيه المسلم تتبَّع الله عورته، ومن تتبَّع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته

ثانيا : سأعلق علي نقطة واحدة فقط في المقال وكفي حتي تتبين الصوره اكثر فقط

عائلة الرئيس لها نصيب فى مقعدين فى السلطة، بالرئيس محمد مرسى نفسه، وزوج شقيقته، وحما ابنته أيضا الدكتور أحمد فهمى الذى تحول إلى أحد نجوم الحياة السياسية فى مصر بعد الثورة، والصعود السياسى للإخوان المسلمين، بعد فوزه، بترشيح الجماعة له على منصب رئيس مجلس الشورى بفضل صلة المصاهرة «المركَّبة».


هو حضرتك يا سعادة الخرباوي باشا ما كنتش عايش معانا ولا اية السيد احمد فهمي رئيس مجلس الشوري قبل ما يبقي محمد مرسي رئيس جمهورية بأربعة شهور كاملة يعني محمد مرسي ليس له اي فضل في وصول احمد فهمي للمنصب دة خالص بل احمد فهمي كان يفوق محمد مرسي بكثيير الذي كان يدوب رئيس حزب الحريه والعدالة يبقي فين فضل المصاهرة المركبة من محمد مرسي لــــ أحمد فهمي ولكن هي إرادة الله التي جعلت محمد مرسي رئيس جمهورية ويفوق احمد فهمي بمناصب ولو كان فيه فضل لاحد علي احد يبقي فضل احمد فهمي علي مرسي مش العكس لكن الحاصل والواقع لا فضل لاي منهم علي الاخر سوي ان الله اراد هذا الواقع .

وشكرا لك سيدي الفاضل

darch_99
30-10-2012, 05:45 PM
مفاجأة : الخرباوي يتبرأ من تحقيق "بيزنس الإخوان" (http://www.almesryoon.com/permalink/43154.html)

تبرأ المحامي ثروت الخرباوي - أحد المنشقين عن الإخوان - من تحقيق نشرته جريدة التحرير بإسمه يتحدث عما سماه عائلات الإخوان التي باتت تحكم مصر.

وأثار هذا التحقيق جدلا واسعا علي صفحات التواصل الاجتماعي حيث ندد الناشط محمد عادل - المتحدث السابق بإسم حركة 6 إبريل - بهذا التقرير قائلا أنه من الخطأ ان تقوم الجريدة بنشر صلة قرابة بين اعضاء الاخوان من قبل الثورة لتشير إلي ان هناك أسرة جديدة باتت تحكم مصر .

وبناء علي قال الخرباوي علي تويتر : تحقيق بيزنس الإخوان المنشور في موقع التحرير لا يخصني ولكنه تحقيق لأستاذة صحفية بالتحرير اسمها ولاء والي أنا فقط كتبت مقدمة منفصلة للموضوع.

الآمبراطور المصرى
30-10-2012, 06:00 PM
مفاجأة : الخرباوي يتبرأ من تحقيق "بيزنس الإخوان" (http://www.almesryoon.com/permalink/43154.html)

تبرأ المحامي ثروت الخرباوي - أحد المنشقين عن الإخوان - من تحقيق نشرته جريدة التحرير بإسمه يتحدث عما سماه عائلات الإخوان التي باتت تحكم مصر.

وأثار هذا التحقيق جدلا واسعا علي صفحات التواصل الاجتماعي حيث ندد الناشط محمد عادل - المتحدث السابق بإسم حركة 6 إبريل - بهذا التقرير قائلا أنه من الخطأ ان تقوم الجريدة بنشر صلة قرابة بين اعضاء الاخوان من قبل الثورة لتشير إلي ان هناك أسرة جديدة باتت تحكم مصر .

وبناء علي قال الخرباوي علي تويتر : تحقيق بيزنس الإخوان المنشور في موقع التحرير لا يخصني ولكنه تحقيق لأستاذة صحفية بالتحرير اسمها ولاء والي أنا فقط كتبت مقدمة منفصلة للموضوع.

تويتر لايعتد به كمصدر

darch_99
30-10-2012, 06:05 PM
تويتر لايعتد به كمصدر

المصدر جريدة المصريون الرابط في عنوان الخبر

وشكرا

وعموما الرابط للمرة الثانية

http://www.almesryoon.com/permalink/43154.html

aymaan noor
30-10-2012, 07:22 PM
الخرباوي يتبرأ من تحقيق "بيزنس الإخوان"
http://www.almesryoon.com/thumbnail.php?file=__________________________24894 3179.jpg&size=article_medium
تبرأ المحامي ثروت الخرباوي - أحد المنشقين عن الإخوان - من تحقيق نشرته جريدة التحرير بإسمه يتحدث عما سماه عائلات الإخوان التي باتت تحكم مصر.

وأثار هذا التحقيق جدلا واسعا علي صفحات التواصل الاجتماعي حيث ندد الناشط محمد عادل - المتحدث السابق بإسم حركة 6 إبريل - بهذا التقرير قائلا أنه من الخطأ ان تقوم الجريدة بنشر صلة قرابة بين اعضاء الاخوان من قبل الثورة لتشير إلي ان هناك أسرة جديدة باتت تحكم مصر .

وبناء علي قال الخرباوي علي تويتر : تحقيق بيزنس الإخوان المنشور في موقع التحرير لا يخصني ولكنه تحقيق لأستاذة صحفية بالتحرير اسمها ولاء والي أنا فقط كتبت مقدمة منفصلة للموضوع.
جريدة المصريون (http://www.almesryoon.com/permalink/43154.html)

جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

aymaan noor
30-10-2012, 07:30 PM
الخرباوي: ''الإخوان'' تسير على خطى ''نظام مبارك'' (http://www.masrawy.com/News/Egypt/Politics/2012/october/30/5419820.aspx)
10/30/2012 5:53:00 PM

http://productnews.link.net/general/news/30-10-2012/n/ds_L_20121030175659.jpg
كتبت – راتان جميل:
قال ثروت الخرباوي، المحامي الشهير، والقيادي المنشق عن جماعة الإخوان، إن منظومة الحكم عند نظام مبارك اعتمدت على شبكة من النسب والمصاهرات والعلاقات، وأن الحاكم المستبد لا يبحث عن الكفاءة ولكنه يبحث عن الولاء، قائلاً: ''الحكم الاستبدادي لا يبحث عن أصحاب العقول، ولكنه يبحث عن حاملي الطبول''.
وأضاف عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي ''تويتر'': ''ومع ذلك فإن مبارك لم يبدأ في الاعتماد على شبكة الأقارب والأصهار إلا بعد عشرين عاما من حكمه''.
وأشار الخرباوي إلى أن المركب التي تقل الجميع إذاغرقت فستغرق بالجميع، ومن شأن الأقارب وأصحاب المصالح الذين ركبوا سفينة الحكم أن يتعاضدوا فيما بينهم من أجل الاستمرار، ومع ذلك لم تفلح جهود شبكة الأقارب في الإبقاء على حكم مبارك فعند الغرق فرت فئرانهم من السفينة المعطوبة .
وكانت حالة من الجدل قد ثارت اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب كتابة الخرباوي مقدمة تحقيق بعنوان ''بيزنس الإخوان''، نشرته جريدة ''التحرير''، يشير فيه إلى أن جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية، حزب الحرية والعدالة، بعد صعودهما إلى السلطة، تسير على خطى الحزب الوطنى، لتتحول المصاهرات وصلات الدم والقرابة والنسب، والشراكة التجارية والبيزنس والمصالح المشتركة إلى بوابة سحرية للترقى فى مؤسسات الدولة بعد سيطرتهم عليها، تماما كما كان الوضع داخل الجماعة والتنظيم الإخوانى.
وأن وزراء، ومحافظون، وأعضاء فى الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى، وقيادات فى المؤسسات التنفيذية، باتت تحكم سيطرتها على مفاصل الدولة، وصولا إلى رئيس الجمهورية، د.محمد مرسى، بفريق رئاسى وهيئة استشارية، تجمع بينهم الصفقات السياسية والاقتصادية والعائلية، التى تمتد جذورها إلى الشبكة الأضخم والأهم داخل الجماعة.
وقال الخرباوي: '' تحقيق بيزنس الإخوان المنشور في موقع التحرير لا يخصني ولكنه تحقيق لأستاذة صحفية بالتحرير أسمها ولاء والي، أنا فقط كتبت مقدمة منفصلة للموضوع''.
وأكد الخرباوي أن المعلومات الموجوده بالتحقيق صحيحة ومعروفة لكل الإخوان ولكثير من غير الإخوان، مضيفًا أنه لن يكتب مقدمة لموضوع معلوماته غير صحيحة.

ابو محمد ع م
30-10-2012, 07:37 PM
أما الفعل والمحتوى فهو هو
لا ليس هو هو لان الاخوان لايوجد لديهم توريث للسلطة ورجال اعمالهم ووزرائهم ليسو حرامية ولا اخذو ارض الدولة مجانا ولم ياخذو اى شئ من الدولة استغلالا للمنصب انا لست اخوانى و اعارض الاخوان ولكن الحق يقال ومن حق اى مصرى ان يتاجر طا لما لدية المال و الفكر و الخطط ولا ياخذ حق الدولة

Moaz99
30-10-2012, 09:21 PM
يقول الدكتور معتز عبد الفتاح:

هناك - الان في مصر - من لا يرى في مصلحته

أن نرى الأمور بحجمها الحقيقي:

فيرتدى العدسة المحدبة أحياناً،

والعدسة المقعرة أحياناً اخرى ،

فيرى الجمل نملة،

ويرى النملة جملاً أحياناً. ( انتهى )

---------------------------------------------

الطامة الكبرى

انهم يريدون ان يقنعونا بهذا الحول الفكري

وللآسف أن هناك من بيننا من يصدقهم .

-------------------------------------------------------

ولكن

على رأي جدتي - الله يرحمها - :

" الزن ع الودان أمر من السحر "

اللهم احفظ مصرنا من كل اصحاب العدسات المقعرة والمحدبة .

علوة حامد
30-10-2012, 10:32 PM
في سؤال بيلح علي منذ فترة:

كل هذه الاكاذيب التي ينشرها خصوم الاخوان ضدهم ولم نسمع يوماً أن جماعة الاخوان

تقوم بحملة مضادة وتنشر اكاذيب ضد خصومها

تفتكر ايه السبب ؟

.....................................

...................................

https://fbcdn-sphotos-g-a.akamaihd.net/hphotos-ak-prn1/s480x480/559612_436659983062130_2136918468_n.jpg

محمد محمود بدر
30-10-2012, 11:53 PM
شكرا على الخبر

ACTIVIST
31-10-2012, 05:38 PM
شكرا على التقرير المفصل

aymaan noor
01-11-2012, 11:01 AM
السلفيون وما يفعلون (http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=01112012&id=68cce83f-6969-490c-b66e-891a6c4cf2f3)
فهمي هويدي
الخميس 1 نوفمبر 2012 - 9:45 ص
أخشى أن يتحول السلفيون إلى عبء ليس فقط على الثورة المصرية، ولكن على الإسلام ذاته أيضا. ذلك أن منهم أناسا يزايدون على غيرهم من المسلمين ويحسبون أنهم الفرقة الناجية الأكثر تدينا وتطهرا. ويتصورون أن ذلك يؤهلهم لأن يصبحوا أوصياء على المجتمع. وهم بذلك يسحبون من رصيد الثورة التى رفعت عنهم الإصر والحظر، ويشوهون الإسلام الذى ينسبون أنفسهم إليه، إذ باسمه يروجون للكآبة ويشيعون بين الناس القلق والخوف.

هذا الأسبوع تدخل نفر منهم لمنع حفل غنائى فى محافظة المنيا أقامه فريق يضم مسلمين وأقباطا. بدعوى أنه حفل تبشيرى يتوسل بالغناء والموسيقى الذى يحرمونه. حدث ذلك بعد يوم واحد من ظهور مجموعة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى قرية الزعفران بمحافظة كفر الشيخ، وتوزيعها منشورا توجيهيا يتدخل فى أزياء الناس وحياتهم الخاصة ويحذر من أنهم سيلجأون إلى تغيير المنكر باليد إذا اضطروا إلى ذلك. وهو ما تزامن مع دعوة بعض السلفيين إلى مليونية جديدة لتطبيق الشريعة بدعوى أن الجمعية التأسيسية للدستور تخلت عنها. وقبل إطلاق هذه الدعوة بأيام كان لنفر منهم معركة مع الممثلة إلهام شاهين وصلت إلى القضاء، وجاء بعضهم إلى المحكمة حاملا صورا لها من فيلم «سوق المتعة» تعزز اتهامهم لها بالترويج لل*****ة وقلة الأدب. ثم قرأنا فى الصحف أن أحد رموزهم (عرفنا أنه مدير الأكاديمية السلفية بمدينة المنصورة) ألقى خطابا ضافيا فى التنديد بالشيعة والطعن فى أفكارهم وكتاباتهم التى تهين الصحابة وتشين أهل مصر وتحرم الطبخ فى الأوانى الفخارية!

صحيح أنهم ذهبوا إلى أبعد من ذلك وأتعس فى تونس والجزائر، حيث لجأوا إلى العنف واستخدموا السلاح ضد السلطة وضد معارضيهم. إلا أن ذلك يعد اختلافا فى درجة التعاسة والحمق وليس فى نوع أى منهما.

من حق أى واحد أن يتساءل عما إذا كان أولئك المزايدون والحمقى فى مصر جماعة واحدة أم أنهم يمثلون تيارات متباينة داخل المربع السلفى، الذى أصبح يضم أكثر من حزب وأكثر من جبهة وعددا غير معلوم من الشيوخ أو المراجع الذين يستقطبون الأنصار والمريدين. ولأننا لا نعرف على وجه الدقة طبيعة أو حدود خرائط ذلك المربع، فقد أصبح ما يفعله أى سلفى منسوبا إلى الجميع. بل منسوبا إلى الإسلاميين (عنوان الصفحة الأولى بجريدة الشروق يوم الثلاثاء 10/10 كان كالتالى: أمن المنيا يلغى حفلا غنائيا بضغوط من الإسلاميين).

لقد قيل لى إن الدكتور ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية استنكر تصرف الشباب فى المنيا، وقال إنهم ليسوا على دراية بالضوابط الشرعية التى تحكم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. ونشرت الصحف أن الدعوة السلفية تبرأت من مجموعة كفر الشيخ التى نصبت نفسها راعية للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وقال أحد أركان الدعوة السلفية إن الشخص المشتبك مع السيدة إلهام شاهين ليس من السلفيين، وانهم يتبرأون مما لجأ إليه ويعتبرون الأسلوب الذى اتبعه يفتقد إلى اللياقة ويخل بأبسط مبادئ الموعظة الحسنة والدعوة إلى الله.

بقيت عندى ثلاث ملاحظات هى:

إننى استغربت أن تلجأ أجهزة الأمن فى محافظة المنيا إلى إلغاء الحفل الغنائى لمجرد اعتراض بعض السلفيين وأعضاء الجماعة الإسلامية عليه. ذلك أن ما أقدم عليه هؤلاء يعد عدوانا على حريات الناس، وتلك «جناية» من الناحية القانونية، ونص المادة 56 مكرر من قانون العقوبات يعاقب بالسجن كل من أنشأ جماعة أو هيئة استخدمت منع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها أو قامت بالاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التى كفلها الدستور والقانون. وهذا الكلام ينطبق أيضا على الذين حاولوا التحكم فى حريات الناس وسلوكياتهم فى كفر الشيخ بدعوى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. إننى لم أفهم لماذا استجابت القيادات الأمنية لضغوطهم ولماذا لم تحاسبهم بمقتضى القانون؟.

إنه من السذاجة أن يفتعل السلفيون أزمة وأن يستنفروا أنصارهم للاحتجاج على عدم ذكر أحكام الشريعة والنص على مرجعية المبادئ وحدها فى الدستور. وهى سذاجة تعبر عن طفولة سياسية تصور أصحابها أن تسجيل المصطلح ضامن بحد ذاته لتطبيق الشريعة. فى حين أن الجميع يرون دولا زايدت على غيرها فى التمسك بحرفية ونصوص الشريعة حتى طبقت الحدود، لكنها غيبت وأهدرت أهم مبادئها المتمثلة فى العدل والحرية والمساواة والحفاظ على كرامة الخلق وغير ذلك من المقاصد. وليس خافيا على أحد أن إثارة معركة حول المصطلح وحشد مليونية لأجل تغيير الكلمة دون أن يتم التوافق الوطنى عليها، يعطل المسيرة ويشتت المجتمع ويفتعل خلافا وشقاقا لا لزوم له.

إننى أخشى أن يكون منطق اختزال التدين فى اللحية والجلباب القصير والمسواك والنقاب، هو نفسه الذى يكمن وراء اختزال تطبيق الشريعة فى كلمة أو عبارة توضع فى الدستور. ذلك أن الذى يختزل التدين فى مظهر لا يستغرب من أن يختزل تطبيق الشريعة فى نص مكتوب.

إننى أحذر من هوس أغلب السلفيين بالصراع ضد الشيعة. وأذكر بأن القضية ليست مثارة فى مصر من الأساس، رغم ما يقال عن انتساب بضع عشرات إلى المذهب الجعفرى. وأذكر بأن أعداء الأمة يستهدفون الجميع ولا يفرقون بين السنة والشيعة، وأن معركة الأمة الحقيقية هى ضد الاحتلال الإسرائيلى والهيمنة الأمريكية وليست ضد الشيعة أو إيران، أيا كانت خلافاتنا معهما.

إن لدينا وطنا نريد أن نداوى جراحه لكى يتعافى ويحقق حلمه فى التطلع إلى مستقبل أفضل، ولدينا أمة مزقت بما فيه الكفاية، وعلى العقلاء أن يبحثوا كيف يلملموا أشتاتها لا أن يعمقوا جراحها ويجهضوا أحلامها. ومهام من ذلك القبيل تحتاج إلى عقول واعية وقلوب كبيرة، وأرجو أن يظهر من بين السلفيين من يكون قادرا على حمل الأمانة مع غيرهم من الوطنيين المخلصين، بحيث يغدو جهدهم إضافة إلى رصيد الوطن والأمة وليس خصما منه.

المصري33
01-11-2012, 11:11 AM
موت بغيظك يا كاتب المقال
يا من تصف المتمسكين بالدين بالحمقي
و الله لولا خسارة الوقت و التعب في الكتابة لفندت مقالتك العرجاء
الناس درجات يا هويدي
و الجنة درجات يا هويدي\
اللي بيفرط درجته هتقل يا هويدي
يا هويدي

Abdel-rhman Ali
01-11-2012, 11:20 AM
اقسم بالله الاستاذ كاتب المقال ده راجل زى الفل وكلامة زى العسل

aymaan noor
01-11-2012, 11:31 AM
موت بغيظك يا كاتب المقال
يا من تصف المتمسكين بالدين بالحمقي
و الله لولا خسارة الوقت و التعب في الكتابة لفندت مقالتك العرجاء
الناس درجات يا هويدي
و الجنة درجات يا هويدي\
اللي بيفرط درجته هتقل يا هويدي
يا هويدي

اقسم بالله الاستاذ كاتب المقال ده راجل زى الفل وكلامة زى العسل

جزاكم الله خيرا و بارك الله فيكم

darch_99
01-11-2012, 11:53 AM
هنا يظهر الوجة الحقيقي لفهمي هويدي وسيظهر هنا من يقول انظرو حتي فهمي هويدي لم بيسلم منهم بئس التعساء

عرفنا أنه مدير الأكاديمية السلفية بمدينة المنصورة) ألقى خطابا ضافيا فى التنديد بالشيعة والطعن فى أفكارهم وكتاباتهم التى تهين الصحابة وتشين أهل مصر وتحرم الطبخ فى الأوانى الفخارية!


نفس لهجة السخرية المتبعة حين ينتهي به المنطق الي لا منطق

إننى لم أفهم لماذا استجابت القيادات الأمنية لضغوطهم ولماذا لم تحاسبهم بمقتضى القانون؟.

انا هفمك يا كاتب المقال لماذا استجابت القيادات الامنية ببساطة لانه لو تم القبض عليهم وتمت التحقيقات ستظهر الحقيقة ان من يفعل ذلك هو تابع لبعض الاجهزة الامنية من الفلول وكان لابد من اخراج الفليم هكذا حتي يكتسب زخما اعلاميا ولكنه عمي النظر والقلب معا

إنه من السذاجة أن يفتعل السلفيون أزمة وأن يستنفروا أنصارهم للاحتجاج على عدم ذكر أحكام الشريعة والنص على مرجعية المبادئ وحدها فى الدستور. وهى سذاجة تعبر عن طفولة سياسية تصور أصحابها أن تسجيل المصطلح ضامن بحد ذاته لتطبيق الشريعة. فى حين أن الجميع يرون دولا زايدت على غيرها فى التمسك بحرفية ونصوص الشريعة حتى طبقت الحدود، لكنها غيبت وأهدرت أهم مبادئها المتمثلة فى العدل والحرية والمساواة

للهول قلبت الحق باطلا والباطل حقا

يفتعل من الذي افتعلها انحن كنا سكوتا وفجئة صرخنا احكام الشريعة الييس فيك عقل يارجل كلمة افتعل يعني اوجد فعلا من لاشيء يا اخي اتقي الله فينا , وبعدين سذاجة طفولية يا للمصطلحات التي تعبر بها عن حنق شديد ولماذا لم تذكر لنا يا فضيلة الامام ما هي الدولة التي طبقت الحدود واهدرت اهم مبادئها ان كنت صادقا حتي نستطيع الاستفادة منك او الرد عليك ام هي لفته للمرور عليها والسلام

وليس خافيا على أحد أن إثارة معركة حول المصطلح وحشد مليونية لأجل تغيير الكلمة دون أن يتم التوافق الوطنى عليها، يعطل المسيرة ويشتت المجتمع ويفتعل خلافا وشقاقا لا لزوم له.

ولماذا يا فضيلة الامام لم تهتز لك شعر ولا اتمعر وجهك ولا نطق لسانك عندما قامو ا بتوع مصر مش فسبة (مش عزبه) بملونية لم تتهمهم بتعطيل المسيرة و تشتيت المجتمع وافتعال الشقاق الذي لا لزوم له لكن هي جت عند السلفيين ووقفت متنفعش يا الحول في الموضوعية والازدواجية في المعايير .

ننى أخشى أن يكون منطق اختزال التدين فى اللحية والجلباب القصير والمسواك والنقاب، هو نفسه الذى يكمن وراء اختزال تطبيق الشريعة فى كلمة أو عبارة توضع فى الدستور. ذلك أن الذى يختزل التدين فى مظهر لا يستغرب من أن يختزل تطبيق الشريعة فى نص مكتوب.

يا اخي لا افهم سر العداء لهذه الازياء وما الضرر الواقع عليك منها اليست هي من هدي النبي وازياءه ومظاهره اليس لك اسوه وقدوة في رسول الله كما قال الله , وبعدين اطمئن فلدينا عباقرة في الفكر والعلم والهندسة والتكنولوجيا يفوق ما تتصور انت انه اختزال والحق يقال لقد افتريت لان النص المكتوب هو اول الغيث قطرة لبداية التطبيق وان المعركة هي النص المكتوب لانه لا قدر الله لو لم تغير النص المكتوب لن تطبق الشريعة , الف حجة جاهزة هي ان المبادي لا تشمل الاحكام وان وان وان ..... الخ

إننى أحذر من هوس أغلب السلفيين بالصراع ضد الشيعة. وأذكر بأن القضية ليست مثارة فى مصر من الأساس، رغم ما يقال عن انتساب بضع عشرات إلى المذهب الجعفرى. وأذكر بأن أعداء الأمة يستهدفون الجميع ولا يفرقون بين السنة والشيعة، وأن معركة الأمة الحقيقية هى ضد الاحتلال الإسرائيلى والهيمنة الأمريكية وليست ضد الشيعة أو إيران، أيا كانت خلافاتنا معهما.

والله نخشي علي الامة فيمن هو علي مثلك في الضلال والاضلال

نعم وأن معركة الأمة الحقيقية هى ضد الاحتلال الإسرائيلى والهيمنة الأمريكية
ولكن ايضا معركتنا مع ايران ببساطة لان ايران هي الضلع الثالث في الحرب علينا وهم والاحتلال الاسرائيلي والهيمنه الامريكية فهم متحدون علينا وهم ثلاثة وجوه لعملة واحدة والشيعة احد ابرز سلاح الصهيونية في تفتيت الوحدة الاسلامية وزرع الطائفية كما حدث في العراق ولبنان واليمن وهم يحاولون الان النفاذ الي مصر بجهل من مثل سيادتك

إن لدينا وطنا نريد أن نداوى جراحه لكى يتعافى ويحقق حلمه فى التطلع إلى مستقبل أفضل، ولدينا أمة مزقت بما فيه الكفاية، وعلى العقلاء أن يبحثوا كيف يلملموا أشتاتها لا أن يعمقوا جراحها ويجهضوا أحلامها. ومهام من ذلك القبيل تحتاج إلى عقول واعية وقلوب كبيرة، وأرجو أن يظهر من بين السلفيين من يكون قادرا على حمل الأمانة مع غيرهم من الوطنيين المخلصين، بحيث يغدو جهدهم إضافة إلى رصيد الوطن والأمة وليس خصما منه.





في هذة انا معك لكن للاسف من هو قادر علي حمل الامانه ليس هو في مراكز القيادة ولذلك يحدث هذا التشتيت

والشكر والتقدير لناقل المقال

safia mahmoud
01-11-2012, 12:03 PM
شكرااااااااااااااااااااا موضوع رائع

aymaan noor
01-11-2012, 12:04 PM
الانتخابات الأمريكية والثــورات العربيــة (http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=01112012&id=1645d748-4258-4a05-aeae-62ccfdb87e52)
فوّاز طرابلسى
سياسى وكاتب وأستاذ جامعى لبنانى
الخميس 1 نوفمبر 2012 - 9:31 ص

كائنا من سيكون الرابح فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، فليس من المتوقع ان يطرأ تحوّل لافت على سياسة الادارة الأمريكية تجاه المنطقة العربية. قالها المرشح الجمهورى مِتّ رومنى بصريح العبارة «أنا أوافق الرئيس» فى السياسة الخارجية. يبقى الـ«ولكن». وهى استدراكات مرشح يمينى متطرف لا يريد تخويف ناخبى الوسط الذين سوف يرجحون الفوز فى سباق يصعب التنبؤ سلفا بنتائجه.

يريد رومنى كوكبا مسالما، بحسب تعبيره. لكنه مع زيادة الانفاق العسكرى. ويوافق على الانسحاب من افغانستان. لكنه يعتبر الاتحاد الروسى العدو الاول عسكريا والصين العدو الاول اقتصاديا وماليا لامريكا.

فى ما يخص المنطقة، يؤيد رومنى المعالجة الدبلوماسية للنزاع مع ايران حول النووى، على قاعدة العقوبات، لكنه يتذمّر من رخاوتها فى البداية ويريد محاكمة الرئيس احمدى نجاد بالابادة الجماعية (ليس مفهوما تماما بناء على اى تهمة). ويؤكد المرشح الجمهورى عدم استعداده للتدخل عسكريا فى سوريا، مع انه يوافق على المطالبة بتنحى الرئيس بشار الاسد التى يكررها الرئيس اوباما منذ سنة ونصف السنة على الاقل، لكنه يدعو الى مدّ «الثوار المسئولين» بالاسلحة الثقيلة. وهو ينافس خصمه فى المزايدة فى تأييد اسرائيل فى الوقت الذى يتحول فيه زميله نتنياهو إلى الملك غير المتوّج لاسرائيل بعد اندماج الليكود وحزب «اسرائيل بيتنا» وافتتاح حقبة من الزمن يحتكر فيها اليمين المتطرّف الحكم والسلطة فى الدولة الصهيونية لأمد ليس بالقصير، مع ما يمكن ان يتصوّره المرء من ارتدادات وتحولات غير مسبوقة فى كل ما يتعلّق بقضية فلسطين والصراع العربى الاسرائيلى..

بغض النظر عما اذا كان المرشحون للانتخابات الرئاسية الامريكية ينفذون ما يتعهدون به خلال حملاتهم ام لا، ومع الاخذ بالاعتبار الدور الثانوى الذى تلعبه السياسة الخارجية فى تقرير الخسارة او الفوز فى المباراة الرئاسية الجارية، فالفرصة مناسبة للتذكير بمفاصل السياسة الخارجية التى يوافق السيد رومنى رئيسا عليها فى ما يتعلّق بالمنطقة العربية وثوراتها خصوصا.

المبدأ العام هو الحفاظ على الامر الواقع، وتحقيق الامن والاستقرار، فى دائرة الامن الاسرائيلى، ودائرة النفط وأنظمته والانظمة الملكية غير النفطية الموالية تقليديا للغرب. وعند الضرورة، اى بعدما تنفجر الجماهير لاسقاط انظمة دعمتها اوروبا وامريكا لعقود من الزمن، تخدم صيغة تنحى الرئيس لنائبه فى التضحية بالحاكم الفرد من اجل انقاذ النظام بمرتكزاته الاساسية فى الاقتصاد والسياسة والاجتماع، على شرط عدم التفريط بغلبة السلطات التنفيذية على السلطات التشريعية المنتخبة، اى عدم السماح للتعددية السياسة والصحفية بالتحول الى ديمقراطية فعلية. واللافت، بعد المبادرة الخليجية المرعية امريكيا فى اليمن، ان سياسة التنحى هذه تقترن بإعفاء الحاكم من اى مسئولية عن اعماله خلال سنى حكمه. وهى تُرسى سابقة سوف تسمح بالارتداد على كل ما يتعلق بمساءلة الحكام ومحاسبتهم ومعاقبتهم، والاطاحة بكل الخطوات المتخذة، تحت الضغط الشعبى، لمحاكمة الحكام ومحاسبتهم على القتل والفساد والافساد والهدر والسرقة، بما فى ذلك العمل على استعادة الاموال المنهوبة الى خزائن البلدان المعنية.

بناء على مبدأى الامن والحفاظ على الامر الواقع، حرصت السياسات الامريكية منذ اندلاع الثورات، ولاتزال، على الحفاظ على الركيزة العسكرية للانظمة والسلطات العربية، حفاظا على الامن على حدود اسرائيل وأمن النفط والمصالح والقواعد العسكرية الاميركية فى الجزيرة والخليج.

وما من شك بأن الثقل الرئيسى للدور الامريكى فى مواجهة الثورات ينحو على نحو متزايد نحو استبدال النخب العسكرية بنخب مدنية جديدة قوامها بالدرجة الاولى ما يسمى الاسلام المعتدل، او الاسلام الوسطى، الذى تمثله جماعات الاخوان المسلمين فى مصر وتونس وليبيا والمغرب واليمن. وهذه قوى شعبوية تمثل مروحة اجتماعية متفاوتة من البرجوازيات المؤمنة والطبقات الوسطى الريعية المحافظة وجمهور شعبى مدينى وريفى متنوع، يجمع بينها بالدرجة الاولى انها متضررة من الطابع الدولتى لانظمة رأسمالية الدولة العسكرية التى سادت منذ الخمسينيات. وتتشارك هذه القوى مع العولمة الرأسمالة الامريكية بركيزتين رئيسيتين: النيوليبرالية من جهة والتعريف الثقافوى الدينى للحياة والمجتمع والسياسة من جهة اخرى. ولم تقصّر السياسة الامريكية فى غض النظر عن افتتاح تلك السلطات الانتقالية انقلابها على ما تبقى من دولة حديثة ومدنية، فى الدساتير وحكم القانون والمرجعيات المدنية للسلطات واعلان المساواة السياسية والقانونية بين المواطنين. ولم يعد يقتصر الامر على القاء السياسات الامريكية بكامل ثقلها لدعم الانظمة النفطية الاكثر استبدادا وتخلّفا وانغلاقا فى الحزيرة والخليج بتأييد وتنظيم التدخل العسكرى لقمع الانتفاضات الشعبية المطالبة بالحرية والمساواة فى الحقوق، كما فى حال البحرين. وقد دعمت السياسة الامريكية الانظمة الاستبدادية النفطية ــ السعودية وقطر تخصيصا ــ فى رعايتها الاسلام الوسطى الذى ارتقى الى الحكم فى المراحل الانتقالية ومدّه بالمال والمساعدات الاقتصادية. مثلما اعتمدت الادارات الامريكية، وتعتمد، النظامين النفطيين، لدعم وتمويل اجزاء واسعة من المعارضة السورية، المدنية والعسكرية، لتأمين انسجامها لاحقا مع هذا النهج وتلك السياسات بالذات.

الى هذا، يضاف ان هذا الاسلام المعتدل «وسطى» جدا فى موضوع فلسطين والنزاع العربى الاسرائيلى الى حد ان حركة النهضة التونسية مثلا تسعى الى حذف النص الذى يجرّم التطبيع مع اسرائيل من مشروع الدستور الجديد. والادهى ان تلقى فى ذلك التأييد العلنى من زميلتها فى الاسلام الوسطى، حركة «حماس» الفلسطينية!

وغنى عن التشديد ان تلك السياسات تبلغ اوجها فى العمل الدؤوب على اخراج الجماهير من المعادلات باسم الامن والاستقرار اياهما!

قالها كبير مثقفى العصر والقارئ اللامع للسياسات الامريكية ناعوم تشومسكى فى محاضرته الاخيرة فى القاهرة: الادارة الامريكية لا تريد الديمقراطية فى البلاد العربية لأن الديمقراطية تعنى اعطاء الكلمة لعامة الناس. عامة الناس هم العنصر غير المحسوب الذى اطلقته الانتفاضات. غير محسوب لأنه يرفض استبدال مناهضة اسرائيل بمناهضة ايران. وغير محسوب لأنه يرفض مهزلة منع ايران من التسلح النووى فى حين تملك اسرائيل 300 رأس نووى ووسائل توصيلها. وعامة الناس هم العنصر غير المحسوب لأنهم نزلوا الى الشوارع، وقدموا ويقدمون التضحيات ضد السياسات النيوليبرالية من اجل العمل والخبز والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية. فى حين ان الكل، او يكاد، يسعى لاستكمال فرض السياسات النيوليبرالية وصرف النظر عن اسباب نزول عامة الناس الى الشوارع. وعامة الناس، اولا واخيرا، هم قوة الحرية المتفجرة مهما وضع امامها من سدود.

حصد المقطع المذكور من محاضرة تشومسكى موجة لافتة من التصفيق. أحار فى تفسيرها. لكن المؤكد ان كثيرين من المصفقين فى القاعة وخارجها لم يخطر فى بالهم ان هذا الكلام يعنى ان النضال من اجل الديمقراطية يستلزم النضال ضد الهيمنة الامريكية. وان الديمقراطية تفترض النضال من اجل حضور آراء ومصالح وتطلعات عامة الناس مصدرا للانظمة والدساتير والقوانين. بعبارة اخرى، النضال الديمقراطى كان ولا يزال يعنى النصال من اجل استعادة السياسة لمعناها الأرقى الذى هو سيطرة الناس على أقدارهم وصياغة حياتهم، حاضرهم ومستقبلهم، بناء على إراداتهم الحرة.

aymaan noor
01-11-2012, 01:25 PM
هنا يظهر الوجة الحقيقي لفهمي هويدي وسيظهر هنا من يقول انظرو حتي فهمي هويدي لم بيسلم منهم بئس التعساء

عرفنا أنه مدير الأكاديمية السلفية بمدينة المنصورة) ألقى خطابا ضافيا فى التنديد بالشيعة والطعن فى أفكارهم وكتاباتهم التى تهين الصحابة وتشين أهل مصر وتحرم الطبخ فى الأوانى الفخارية!


نفس لهجة السخرية المتبعة حين ينتهي به المنطق الي لا منطق

إننى لم أفهم لماذا استجابت القيادات الأمنية لضغوطهم ولماذا لم تحاسبهم بمقتضى القانون؟.

انا هفمك يا كاتب المقال لماذا استجابت القيادات الامنية ببساطة لانه لو تم القبض عليهم وتمت التحقيقات ستظهر الحقيقة ان من يفعل ذلك هو تابع لبعض الاجهزة الامنية من الفلول وكان لابد من اخراج الفليم هكذا حتي يكتسب زخما اعلاميا ولكنه عمي النظر والقلب معا

إنه من السذاجة أن يفتعل السلفيون أزمة وأن يستنفروا أنصارهم للاحتجاج على عدم ذكر أحكام الشريعة والنص على مرجعية المبادئ وحدها فى الدستور. وهى سذاجة تعبر عن طفولة سياسية تصور أصحابها أن تسجيل المصطلح ضامن بحد ذاته لتطبيق الشريعة. فى حين أن الجميع يرون دولا زايدت على غيرها فى التمسك بحرفية ونصوص الشريعة حتى طبقت الحدود، لكنها غيبت وأهدرت أهم مبادئها المتمثلة فى العدل والحرية والمساواة

للهول قلبت الحق باطلا والباطل حقا

يفتعل من الذي افتعلها انحن كنا سكوتا وفجئة صرخنا احكام الشريعة الييس فيك عقل يارجل كلمة افتعل يعني اوجد فعلا من لاشيء يا اخي اتقي الله فينا , وبعدين سذاجة طفولية يا للمصطلحات التي تعبر بها عن حنق شديد ولماذا لم تذكر لنا يا فضيلة الامام ما هي الدولة التي طبقت الحدود واهدرت اهم مبادئها ان كنت صادقا حتي نستطيع الاستفادة منك او الرد عليك ام هي لفته للمرور عليها والسلام

وليس خافيا على أحد أن إثارة معركة حول المصطلح وحشد مليونية لأجل تغيير الكلمة دون أن يتم التوافق الوطنى عليها، يعطل المسيرة ويشتت المجتمع ويفتعل خلافا وشقاقا لا لزوم له.

ولماذا يا فضيلة الامام لم تهتز لك شعر ولا اتمعر وجهك ولا نطق لسانك عندما قامو ا بتوع مصر مش فسبة (مش عزبه) بملونية لم تتهمهم بتعطيل المسيرة و تشتيت المجتمع وافتعال الشقاق الذي لا لزوم له لكن هي جت عند السلفيين ووقفت متنفعش يا الحول في الموضوعية والازدواجية في المعايير .

ننى أخشى أن يكون منطق اختزال التدين فى اللحية والجلباب القصير والمسواك والنقاب، هو نفسه الذى يكمن وراء اختزال تطبيق الشريعة فى كلمة أو عبارة توضع فى الدستور. ذلك أن الذى يختزل التدين فى مظهر لا يستغرب من أن يختزل تطبيق الشريعة فى نص مكتوب.

يا اخي لا افهم سر العداء لهذه الازياء وما الضرر الواقع عليك منها اليست هي من هدي النبي وازياءه ومظاهره اليس لك اسوه وقدوة في رسول الله كما قال الله , وبعدين اطمئن فلدينا عباقرة في الفكر والعلم والهندسة والتكنولوجيا يفوق ما تتصور انت انه اختزال والحق يقال لقد افتريت لان النص المكتوب هو اول الغيث قطرة لبداية التطبيق وان المعركة هي النص المكتوب لانه لا قدر الله لو لم تغير النص المكتوب لن تطبق الشريعة , الف حجة جاهزة هي ان المبادي لا تشمل الاحكام وان وان وان ..... الخ

إننى أحذر من هوس أغلب السلفيين بالصراع ضد الشيعة. وأذكر بأن القضية ليست مثارة فى مصر من الأساس، رغم ما يقال عن انتساب بضع عشرات إلى المذهب الجعفرى. وأذكر بأن أعداء الأمة يستهدفون الجميع ولا يفرقون بين السنة والشيعة، وأن معركة الأمة الحقيقية هى ضد الاحتلال الإسرائيلى والهيمنة الأمريكية وليست ضد الشيعة أو إيران، أيا كانت خلافاتنا معهما.

والله نخشي علي الامة فيمن هو علي مثلك في الضلال والاضلال

نعم وأن معركة الأمة الحقيقية هى ضد الاحتلال الإسرائيلى والهيمنة الأمريكية
ولكن ايضا معركتنا مع ايران ببساطة لان ايران هي الضلع الثالث في الحرب علينا وهم والاحتلال الاسرائيلي والهيمنه الامريكية فهم متحدون علينا وهم ثلاثة وجوه لعملة واحدة والشيعة احد ابرز سلاح الصهيونية في تفتيت الوحدة الاسلامية وزرع الطائفية كما حدث في العراق ولبنان واليمن وهم يحاولون الان النفاذ الي مصر بجهل من مثل سيادتك

إن لدينا وطنا نريد أن نداوى جراحه لكى يتعافى ويحقق حلمه فى التطلع إلى مستقبل أفضل، ولدينا أمة مزقت بما فيه الكفاية، وعلى العقلاء أن يبحثوا كيف يلملموا أشتاتها لا أن يعمقوا جراحها ويجهضوا أحلامها. ومهام من ذلك القبيل تحتاج إلى عقول واعية وقلوب كبيرة، وأرجو أن يظهر من بين السلفيين من يكون قادرا على حمل الأمانة مع غيرهم من الوطنيين المخلصين، بحيث يغدو جهدهم إضافة إلى رصيد الوطن والأمة وليس خصما منه.





في هذة انا معك لكن للاسف من هو قادر علي حمل الامانه ليس هو في مراكز القيادة ولذلك يحدث هذا التشتيت

والشكر والتقدير لناقل المقال


جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

أبو إسراء A
01-11-2012, 02:07 PM
فهمى هويدى من عتاة العلمانية التى تتخفى خلف كتابات إسلامية ، وماذا ننتظر من كاتب يدافع عن الشيعة ، و حرية الرقص التى أسماها إبداعا ، وعن كلمة مبادىء التى عطلت تطبيق الشريعة عقودا من الزمن ، ولذلك فالسذاجة الحقيقية فى من لا يعرف أهمية ذكر احكام الشريعة بدلا من الإقتصار على كلمة مبادىء ، أوليس فهمى هويدى هو القائل : "إن العلمانية بطبقاتها المختلفه ينبغي أن يعترف بهم المشروع السياسي الإسلامي وينبغي أن نفرق بين علمانية متصالحة مع الدين وأخرى مخاصمة له"
فهل هناك علمانية متصالحة مع الدين يا فهمى هويدى ؟!

aymaan noor
02-11-2012, 11:24 AM
العبودية فى الدستور الجديد
د. وحيد عبدالمجيد
2/ 11/ 2012
كثيرة هى المقترحات التى أثارت جدلاً فى مناقشات الجمعية التأسيسية بسبب إصرار فريق منها على بعض هذه المقترحات رغم غرابته وعدم ملاءمته للدستور، ورفضهم بعضها الآخر رغم أهميته وجدارته بأن يوضع فى دستور يليق بمصر.

ومنها مقترح ينبغى أن نقف أمامه بشىء من التأمل، لأنه لم يكن متصوراً أن يرفضه أحد، وخصوصاً من ذاقوا مرارة الإقصاء والاستبعاد فى العهد السابق، وهو يتعلق بحظر جميع أشكال العبودية وكانت الذريعة الأساسية لرفض هذا المقترح هى عدم وجود عبودية فى مصر، وأن وضعه فى الدستور يعنى غير ذلك، ويستند هذا الموقف على تعريف تاريخى شديد الضيق للعبودية، وهو أن يملك شخص شخصاً آخر فيصير عبداً له. ويغفل هذا المفهوم الفقير طبيعة العبودية المعاصرة التى لايزال المصريون أسرى لكثير من أشكالها.

فقد قامت المنظومة السياسية فى مصر على حالة معروفة للعبودية المعاصرة، وهى ****** الحاكم حق الشعب فى السيادة واستعباده المواطنين وتحويلهم إلى رعايا، وعندئذ يصبح الشعب «عبيداً لإحساناته» كما قال الزعيم أحمد عرابى للخديو فى بداية صعود الحركة الوطنية الديمقراطية التى ناضلت طويلاً من أجل تحرير المصريين من الاستعباد السياسى والاجتماعى.

فكانت ثورة عرابى هى الحلقة الأولى فى مسلسل هذا النضال الذى لايزال مستمراً بعد ثلاث ثورات أخرى فى 1919 و1952 و2011. ويعرف دارسو التاريخ كيف اعتبر طلائع هذا النضال تقليص صلاحيات الملك فى دستور 1923 ضرورة لإعادة السيادة إلى الأمة التى طال استعبادها.

وعندما لم يتمكنوا من ذلك، أعلن «عبدالعزيز باشا فهمى» أن عليهم مواصلة النضال من أجل (دستور لا يكون منحة من ملك أصيل السيادة إلى أمة أصيلة العبودية)، ووجه خطابه النارى المشهور إلى الحكومة فى مارس 1923، مذكراً بأن تصريح 28 فبراير 1922 كان لاستقلال مصر وليس من أجل استعباد السلطان لشعبها قائلا إن (الإنجليز لم يعلنوا استقلال سلطان مصر ولا سيادته على شعبه، وإنما تصريحهم كان باستقلال مصر نفسها)، ولكن الدستور (حرر السلطان واستعبد له الشعب).

وليس تسلط الحاكم واستبداده إلا أحد أشكال العبودية المعاصرة، فثمة أشكال أخرى لها، اقتصادية واجتماعية، لأن الحاجة تحنى ظهر الإنسان وتذله وتمتهن كرامته، وهذا يفسر تحذير نائب الرئيس الأمريكى «جوزيف بايدن» من أن سياسات المرشح الجمهورى ميت رومنى الاقتصادية والاجتماعية (ستعيد الناس إلى أغلال العبودية).

ولذلك لا معنى لنص دستورى جديد يفيد بأن «الكرامة الإنسانية حق لكل مواطن»، إذا لم ندرك أن مواجهة العبودية وإنهاء الاستعباد هما الطريق إلى هذه الكرامة، ولا يقل أهمية عن ذلك السعى إلى وضع حد لثقافة العبودية التى تعتبر رصيداً استراتيجياً للاستبداد والظلم والاستغلال وغيرها من صور استعباد المصريين، ولدينا مخزون كبير من هذه الثقافة ومكوناتها التى تشمل الخنوع والخوف والشعور بالعجز. فهذه الثقافة هى التى تخلق القابلية للاستعباد وتشجع عليه.

ولذلك لايزال الطريق أمامنا طويلا لمواجهة العبودية، رغم أن ثورة 25 يناير أوحت فى أيامها الثمانية عشرة الرائعة بأننا قاب قوسين أو أدنى من إسدال الستار على تاريخ طويل من الاستعباد الذى تختلف أشكاله من مرحلة إلى أخرى دون أن يتغير جوهره.

وسيزداد هذا الطريق طولا بمقدار ما يظن بعضنا أنه لم يعد ثمة وجود للعبودية فى بلادنا، وأنه لا حاجة بالتالى إلى النص عليها فى دستور يوضع بعد ثورة كانت الكرامة الإنسانية فى صدارة أهدافها التى لم تتحقق.

فلايزال الإنسان فى مصر، كما فى كثير من بلادنا العربية والإسلامية، مستعبداً، بخلاف إرادة الله وبالمخالفة لها فالإنسان هو الكائن الوحيد الذى خلقه الله منتصب القامة ولكن «إنساننا» مفروض عليه أن يحنى ظهره ويقضى حياته كما لو أنه أحدب، ولكن بسبب الخوف لا الخلقة ولذلك فالمدهش أن يرفض النص على خطر العبودية فى الدستور من يعرفون أن الله خلق الناس أحراراً، وأن الإنسان لا يصح أن يحنى ظهره إلا لخالقه.

غير أن النضال ضد الاستعباد سيتواصل، سواء فى وجود نص دستورى يحظر العبودية أو فى غيابه، مادام فى بلادنا أحرار يؤمنون بحرية الإنسان وكرامته ويقفون فى مواجهة الطغيان والظلم والاستغلال دون خوف أو وجل.

aymaan noor
02-11-2012, 11:25 AM
فهمى هويدى من عتاة العلمانية التى تتخفى خلف كتابات إسلامية ، وماذا ننتظر من كاتب يدافع عن الشيعة ، و حرية الرقص التى أسماها إبداعا ، وعن كلمة مبادىء التى عطلت تطبيق الشريعة عقودا من الزمن ، ولذلك فالسذاجة الحقيقية فى من لا يعرف أهمية ذكر احكام الشريعة بدلا من الإقتصار على كلمة مبادىء ، أوليس فهمى هويدى هو القائل : "إن العلمانية بطبقاتها المختلفه ينبغي أن يعترف بهم المشروع السياسي الإسلامي وينبغي أن نفرق بين علمانية متصالحة مع الدين وأخرى مخاصمة له"
فهل هناك علمانية متصالحة مع الدين يا فهمى هويدى ؟!


جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

المصري33
02-11-2012, 11:32 AM
ههههههههههههه
ايه يا عم وحيد
هو انت عايز دستور بلاغي
كله كنايات
يعني ممنوع العبودية
و يكون معناها ليس المعني المعروف
بل المعني البلاغي
ههههههههههههههههههههه
طيب و القاضي هيحكم بيها ازاي مثلا
يقولك مثلا الزوج مستعبد مراته نفسيا
او الاب مستعبد ابنه ماليا


يا ريت بتوع الدستور يكتبوها
الحبر ببلاش
و بلاش نزعل الراجل الطيب عم وحيد

aymaan noor
02-11-2012, 01:06 PM
ههههههههههههه
ايه يا عم وحيد
هو انت عايز دستور بلاغي
كله كنايات
يعني ممنوع العبودية
و يكون معناها ليس المعني المعروف
بل المعني البلاغي
ههههههههههههههههههههه
طيب و القاضي هيحكم بيها ازاي مثلا
يقولك مثلا الزوج مستعبد مراته نفسيا
او الاب مستعبد ابنه ماليا


يا ريت بتوع الدستور يكتبوها
الحبر ببلاش
و بلاش نزعل الراجل الطيب عم وحيد

جزاك الله خيراو بارك الله فيك

راغب السيد رويه
02-11-2012, 11:57 PM
فلايزال الإنسان فى مصر، كما فى كثير من بلادنا العربية والإسلامية، مستعبداً، بخلاف إرادة الله وبالمخالفة لها فالإنسان هو الكائن الوحيد الذى خلقه الله منتصب القامة ولكن «إنساننا» مفروض عليه أن يحنى ظهره ويقضى حياته كما لو أنه أحدب، ولكن بسبب الخوف لا الخلقة ولذلك فالمدهش أن يرفض النص على خطر العبودية فى الدستور من يعرفون أن الله خلق الناس أحراراً، وأن الإنسان لا يصح أن يحنى ظهره إلا لخالقه.

غير أن النضال ضد الاستعباد سيتواصل، سواء فى وجود نص دستورى يحظر العبودية أو فى غيابه، مادام فى بلادنا أحرار يؤمنون بحرية الإنسان وكرامته ويقفون فى مواجهة الطغيان والظلم والاستغلال دون خوف أو وجل

جزاك الله خيرا وبارك فيك

aymaan noor
03-11-2012, 12:05 PM
الإضرابات العمالية تجتاح جنوب إفريقيا
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/c1a11e28afb03c9d81c096faa0a5ce8e_L.jpg
صلاح خليل
في أسوأ أحداث عنف تشهدها دولة جنوب إفريقيا منذ نهاية نظام الفصل العنصري، و وصول أول حكومة منتخبة ديمقراطياً إلى الحكم عام 1994 ، أدت مواجهات بين قوات الأمن و عمال المناجم المضربين عن العمل للمطالبة بتحسين ظروف العمل وزيادة الأجور، إلى مصرع عدد من العمال و إصابة آخرين. وضعت هذه الأحداث النظام الاقتصادي و السياسي في جنوب إفريقيا في مأزق: فاستخدام العنف لإنهاء الإضرابات المتلاحقة يهدد شرعية النظام القائم، بينما الاستجابة لمطالب العمال تهدد ربحية قطاع التعدين الذي يشكل ركنا هاما من أركان اقتصاد جنوب إفريقيا.

شهدت مدينةُ راستنبيرغ في جنوب إفريقيا خلال شهر أغسطس 2012 ، أسوأ مجزرة إنسانية منذ انتهاء سياسة الفصل العنصري في البلاد؛ حيث اندلعت الاحتجاجات بين عمال منجم «مريكانا »، المملوك لشركة لونمين، واشتبك العمال المضربون عن العمل مع قوات مكافحة الشغب، فكان الرد بوابل كثيف من الطلقات من قوات الشرطة، أدت إلى مقتل 34 عاملا، وإصابة 78 آخرين بجراح. كما تم إلقاء القبض على 259 عاملا بتهم متفاوتة تنوعت بين إتلاف الممتلكات العامة، والتجمهر غير المصرح به، وحيازة الأسلحة. كانت هذه الأحداثُ بدايةً لموجة عاتية من الإضرابات العمالية التي اجتاحت جنوب إفريقيا، مثيرةً المخاوف من سقوطها في حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي.

امتدت الإضرابات أول الأمر إلى مناجم أخرى فى شركة «لونمين ؛» حيث طالب العمال بزيادة الرواتب إلى 1500 دولار، ثم إلى مناجم البلاتين المملوكة لشركات أخرى. وسرعان ما امتدت الإضرابات إلى قطاع تعدين الذهب؛ حيث بدأ حوالي 35 ألف عامل من شركة Anglo Gold Ashanti، التي تعتبر ثالث أكبر منتج للذهب في العالم من حيث حجم المبيعات؛ إضرابا في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر، تلته إضرابات في مناجم أخرى عديدة.

ورغم أن عمال منجم مريكانا قد توصلوا ، بعد ستة أسابيع من الإضراب، إلى تسوية اعتبروها مرضية، رفعت الشركة بمقتضاها رواتبهم؛ إلا أن العديد من الشركات اتجهت للتلويح بفصل العمال المضربين، وسط تحذيرات من التأثير السلبي لهذا الوضع على الاقتصاد. فقد فقدت عملةُ «الراند » أكثرَ من 2% من قيمتها، حتى نصف سبتمبر 2012 ، بسبب هذه الأحداث. كما أن هناك مخاوف من تراجع نسبة نمو الاقتصاد ككل نتيجة للانكماش الناتج عن هذه الإضرابات في قطاع التعدين، والذي يشكل حوالي 10 % من نسبة إجمالي الناتج القومي، ويوفر حوالي نصف موارد الدولة من العملات الأجنبية، وحوالي 500 ألف فرصة عمل. هذا ومن الجدير بالذكر أن اقتصاد جنوب إفريقيا يعاني أصلا من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، وانخفاض الطلب من أوروبا والصين على صادراته، وخاصة البلاتين. وتشير التقديرات إلى أن 50 % من مناجم البلاتين تعاني من خسائر نتيجة انخفاض الطلب، ومن الممكن أن تؤدي الإضرابات إلى المزيد من المشاكل في هذا القطاع الحيوي. من ناحيةٍ أخرى، أعلنت مؤسسة موودي في أواخر شهر سبتمبر عن تخفيضها للتصنيف الائتماني لجنوب إفريقيا على خلفية هذه الأحداث.

سوء الإدارة السياسية للأزمة:

كشفت أزمةُ منجم مريكانا عن «فراغ » على مستوى القيادة السياسية. فبعد صمت رسمي استمر أكثر من 12 ساعة؛ أكد «ناثي مثيثوا » وزير الشرطة مقتل 34 شخصًا على الأقل في العملية الأمنية عند المنجم الواقع على بعد 100 كيلومتر شمال غرب جوهانسبرج؛ حيث دافع «مثيثوا » بشدة عن موقف قوات الشرطة قائلا: «إن الضباط تعرضوا لإطلاق النار »، فيما اتهم عمال المناجم ورابطة عمال المناجم واتحاد البناء بتحريض العمال من أجل إثارة الرأي العام. كما بررت السلطاتُ استخدام الشرطة للقوة المفرطة نتيجة قيام بعض المحتجين بإطلاق عيارات نارية على قوات مكافحة الشغب، وهو ما دفع الشرطة إلى استخدام قواتها للغاز المسيل للدموع، ومدافع المياه لتفريق عمال المناجم.

من ناحيتها؛ انتقدت العديدُ من القوى السياسية ووسائل الإعلام تعامل الرئيس جاكوب زوما مع الكارثة، واتهمته بعدم تحمل مسئولياته تجاه المجزرة التي أودت بحياة 34 شخصا، وسوء التقدير الذي أدى إلى استخدام القوة في فض الاعتصام. وقد أدان «التحالف الديمقراطي » المعارض تلك المجزرة، وطالب بإجراء تحقيق شامل ومستقل مع المسئول عن استخدام القوة والقسوة المفرطة غير المبررة. كما ناشد التحالفُ المعارض الأطرافَ العمالية والشرطة نبذ العنف، ووقف تصعيد الصراع، وتجنب إراقة المزيد من الدماء بين أبناء الوطن، وطالب الجهات المعنية بتطبيق القانون والعدالة الانتقالية، بتقديم كل من يثبت تورطه في تلك المجزرة إلى المحاكة العادلة.

وقد أدت هذه الأحداث إلى زيادة حالة الانقسامات بحزب المؤتمر الإفريقي African National Congressالذي يحكم جنوب إفريقيا منذ أول انتخابات ديمقراطية أجريت بعد انتهاء نظام حكم الفصل العنصري عام 1994 . وقد يقلص ذلك من فرص الرئيس زوما في الفوز بالانتخابات القادمة على رئاسة الحزب، والتي ستُجرى أثناء انعقاد مؤتمره العام في نهاية ديسمبر 2012 . ومن المنتظر أن يناقش المؤتمر القضايا التي تتعلق بالأوضاع السياسية الداخلية والخارجية في جنوب إفريقيا، وعجز حزب المؤتمر الوطني عن احتواء غضب الشارع الجنوب إفريقي من تلك المجزرة.

من ناحية أخرى؛ استغل الزعيم السابق لرابطة الشباب داخل الحزب الحاكم جوليوس ماليما هذه الأحداث ليطرح نفسه بقوة على الساحة السياسية. فقد كان أول زعيم سياسي يزور العمال المضربين في موقع الأحداث، بينما التزم الرئيس زوما الصمت لأكثر من 24 ساعة. وقد طاف ماليما على العمال المضربين في جميع أنحاء البلاد، مطالبًا إياهم بمواصلة مواجهتهم مع الشركات المالكة للمناجم. كما رفع ماليما شعار «التأميم » كحل جذري لمشكلات قطاع التعدين. وهو الاتجاهُ الذي تعارضه حكومة الحزب الحاكم بشدة. والجدير بالذكر أن ماليما يواجه في الوقت الحالي محاكمة على خلفية اتهامات «بغسيل الأموال »، يعتبرها أنصاره سياسية في الأساس، وتهدف إلى منعه من مهاجمة الرئيس زوما، ومنافسته على رئاسة الحزب، وربما رئاسة الدولة.

و في محاولة لتدعيم موقفه السياسي و إرسال إشارة قوية للرأي العام والمعارضة في البلاد، قرر الرئيس الجنوب افريقى جاكوب زوما تشكيل لجنة تقصي حقائق بقيادة القاضي المتقاعد إيان جوردون فارلام الذي يحظى بتقدير كبير في جنوب إفريقيا مع مجموعة مرموقة من الخبراء للتحقيق في أحداث منجم مريكانا. ويسعى المحققون للتأكد من أن شركة لونمين قد استخدمت كل المساعي الحميدة لاحتواء الأزمة بالطرق السلمية قبل تفاقمها. كما سيبحثون في إذا كانت شركة لونمين تلتزم بمعايير السلامة المطلوبة لكل من العمال والممتلكات وبتهيئة بيئة عمل مناسبة للعمال، وكلها عوامل كان من الممكن إن تؤدى إلى خفض حدة التوتر والعنف بين الشركة والعمال. وما هى الأسباب التي أخرت الشركة في صدور بيانات مؤكدة وصريحة للرأى العام يكشف طبيعة الأزمة والتي تأخرت عن أسبوع بعد اندلاع الأحداث.

ومن ناحية أخرى، تسعى لجنة تقصى الحقائق للكشف عن الأسباب التي أدت إلى استخدام الشرطة القوة المفرطة في التعامل مع المتظاهرين بدلا من استخدام الطرق السلمية، كما تسعى اللجنة لتقييم دور الحكومة في التعامل مع الأزمة خصوصا بعد الانتقادات الشديدة الموجهة لها في التباطؤ الغير مبرر وتضارب الأنباء والبيانات الحكومية عن الأزمة الصادرة في وسائل الإعلام الحكومية المختلفة. كما تسعى اللجنة لتقيم دور النقابات العمالية في التعامل مع الأزمة وأسباب غياب التنسيق بين تلك المنظمات والجهات الرسمية في البلاد.

aymaan noor
03-11-2012, 12:08 PM
الزمن الآن أم المستقبل؟‏!‏
د.عبد المنعم سعيد

من بيدهم أمور البلاد‏,‏ سواء من كانوا يديرون مؤسسات الدولة‏,‏ أو يضعون الدستور عليهم أن يسألوا أنفسهم السؤال التالي‏:‏
هل نعمل من أجل الزمن الجاري أم المستقبل؟ السؤال يخلق معادلة صعبة فالحاضر ملح وغاضب وفيه من انتظروا طويلا لحظات الخلاص; والمستقبل غامض ولكنه لا يعرف إلا أن العالم يتغير وبسرعة كبيرة نتيجة تطور تكنولوجي يسير بسرعة الضوء, ولأن تنظيم الدنيا بعد الخلاص من الشيوعية لم يعد أمامه إلا الخلاص ممن يريدون للزمن أن يتوقف أو يرجع إلي الوراء.

وفي الإقليم تبدو تركيا وإسرائيل وكأنهما ينتميان إلي العالم المتقدم, وبين العرب من يعرف الثروة أكثر من العالم الغني, ولكنه لم يعرف بعد كيف ينظم الأمور بحيث تدوم الأحوال الطيبة ولا تزول كما حدث لدي من سبقوا في ركب الزمن.
ولكن مصر أيضا تتغير عندما تزيد سكانيا بما مقداره مليونان كل عام; والدولة ذات المائة مليون أصبحت أقرب من حبل الوريد, ولكنها لا تعرف بعد كيف تدير علاقة صحية في ظل دستور عصري بين الحاكم والمحكوم.

ما نسمعه عما يدور في الجمعية التأسيسية للدستور, وما يرد من آراء علي لسان أعضاء فيها علي الشبكات الفضائية وفي مقالات وتعليقات الصحف, وما نشر من مسودات حول الدستور الجديد, كل ذلك لا يمثل خطوات إلي الأمام, وأحيانا أشعر كما لو كنا نعود إلي عشرينيات القرن الماضي عندما ثارت مناقشات بعد سقوط الخلافة العثمانية.

الأخطر من كل ذلك أن سياسة الحاضر والمستقبل في مصر باتت واقعة دائما تحت تهديد مستمر, فالشباب غاضب وبات مستمتعا بأن يسيطر علي ميدان التحرير كلما عن له أمر لا يعجبه.

والليبراليون يتحركون داخل الجمعية التأسيسية وخارجها ومعهم ورقة التهديد بالانسحاب من العملية السياسية لترك فراغ يحرج ويحبط في الداخل والخارج. والسلفيون أضافوا إلي التهديد بالانسحاب طالما أن الشريعة التي يريدونها لن تطبق تهديدا آخر بأن يتركوا الإخوان المسلمين وحدهم في ساحة الحكم لكي يواجهوا كل القضايا مجتمعة دون سند أو نصير.
النتيجة لكل ما سبق حاضر ممتلئ بالضجيج والتوتر المحفوف بالمخاطر, أما المستقبل فضاع في غمرة الحديث عن الماضي سواء القريب أو البعيد.

وما يبدو لدي الجميع أن هناك اعتقادا خاطئا أن لدي البلد كل الوقت الذي تحتاجه لكي تتفاعل وتفرز وتنتج ما سوف ينتصر ويفوز. وكان ذلك هو الخطأ القاتل لكثير من النظم العربية التي لم يأتها الربيع يختال ضاحكا, بل جاءها محملا بالأعاصير.

aymaan noor
03-11-2012, 10:56 PM
لماذا تصاعد العنف السياسي في العراق؟
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/49d07d2f2b048709fab28e0845347114_L.jpg
محمد عز العرب - أحمد زكريا
تحوَّل العراق مرةً أخرى إلى ساحة عنفٍ واسع النطاق؛ إذ شهدت مناطقُ مختلفةٌ سلسلة هجماتٍ متكررةٍ، نفَّذها أغلبَها تنظيمُ القاعدة في دولة العراق الإسلامية، باستخدام السيارات المفخخة والعبوات المتفجِّرة والأحزمة الناسفة؛ لاستهداف أهدافٍ متنوعةٍ؛ منها قياداتٌ أمنيةٌ، وشركاتٌ محليةٌ، وحسينياتٌ شيعيةٌ، ومساجدُ سنيةٌ، ومصالحُ أجنبيةٌ، وهو ما يعود -أي العنف السياسي- إلى ضعف الأجهزة الأمنية، وغياب المصالحة الوطنية

، وتصاعد الأزمة السياسية، وانتهاج المحاصصة الطائفية، على نحوٍ يجعل نظرية "النوافذ المكسورة" المتعلقة بالعنف الجنائي صالحةً لتفسير العنف السياسي في الحالة العراقية.
ومفادها أن القبول باختلالٍ للنظام الديمقراطي -مهما كان بسيطًا- يفتح الباب أمام الاعتداء على النظام تدريجيًّا، بما يقود إلى مستوى الفوضى؛ فغض النظر عن إصلاح نافذةٍ مكسورةٍ، يجعل كسْرَ النافذة المجاوِرة لها أمرًا طبيعيًّا؛ لأن البيئة القاعدية المتعلقة بالسياسة والأمن والمجتمع، تمهِّد لحدوث ذلك بكثافةٍ في العراق.

مؤشرات العنف السياسي

تصاعَد العنف السياسي في العراق بنسبةٍ لافتةٍ في الشهرَيْن الماضيَيْن، انطلاقًا من مؤشرات إجرائية؛ هي:

أ- تزايد معدلات حدوثه، التي بلغت أعلى نسبةٍ منذ ما يقرب من عامين؛ فحسب تقارير وزارات الداخلية والدفاع والصحة العراقية؛ بلغ عدد القتلى في شهر سبتمبر المنصرم 365 قتيلاً؛ من بينهم 241 مدنيًّا، و44 عسكريًّا، و40 شرطيًّا؛ وبذلك يكون الشهرَ الأكثرَ دمويةً بعد أغسطس 2010، الذي كان قد وقع فيه 426 قتيلاً، فوصل إجمالي القتلى منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية سبتمبر، إلى 1800 شخص، وفقًا للإحصاءات الحكومية.

ب- تنوُّع مناطق وقوعه، التي لم تقتصر على منطقةٍ جغرافيةٍ بعينها؛ فلم تعُد ظاهرة العنف في العراق مقتصرةً على منطقةٍ بعينها، بل أصبحت ظاهرةً شاملةً لكل أرجاء العراق. ولعل أكثر المناطق تعرضًا للعنف هي تكريت، وكربلاء، وكركوك، والكوت، والأنبار، والحلة التي تبعد 100 كيلومتر شمال بغداد، وتاجوراء. بالإضافة إلى كافة أرجاء العاصمة العراقية بغداد.

ج- تعدُّد أطراف ممارسته: لم يَأْتِ العنف من تنظيم القاعدة فقط، بل من جماعاتٍ إسلاميةٍ سُنيةٍ أخرى أيضًا تشعر بأنها قد هُمِّشت تهميشًا كبيرًا فيما يخص اتفاقيات تقاسُم السلطة، فضلاً عن مليشياتٍ مسلحةٍ. ويُتوقَّع أن ينضم إليهم "القادمون من سوريا".

د- انتعاش تجارة أدواته انتعاشًا مبالغًا في الفترة الأخيرة، لا سيما في محافظات وسط وجنوب العراق؛ حيث ضبطت قوات الأمن العراقية عدة عمليات تهريبٍ؛ أبرزُها تلك التي نفذتها شرطة الديوانية في الرابع من سبتمبر في جنوب المحافظة؛ حيث تضمَّنت المضبوطات 167 قنبلة هاون عيار 60 ملليمترًا، و12 قنبلة هاون عيار 82 ملليمترًا، وست قاذفات ضد الدروع عيار 120 ملليمترًا، و167 صاعق قنبلة هاون عيار 60 ملليمترًا، عدا ست رماناتٍ يدويةٍ دفاعيةٍ، و12 كبسولة ألغامٍ ضد الدبابات.

أسباب العنف السياسي

تتمثل أبرز أسباب تصاعد عمليات العنف السياسي في العراق؛ في ما يلي:

- ضعف الأجهزة الأمنية

ساهم الانسحاب الأمريكي من العراق بنسبةٍ كبيرةٍ في تدهور الحالة الأمنية في البلاد، لا سيما مع حالة الضعف والترهل التي تعانيها الأجهزة الأمنية العراقية؛إذ يعاني الجهاز الأمني عدة إشكالياتٍ؛ أولها ضعف القدرات الفنية؛ إذ تفتقد المنظومةُ الأمنيةُ العراقيةُ المعداتِ المتطورةَ الخاصةَ بالكشف عن المتفجرات، وكاميرات المراقبة، وأجهزة التتبع الدقيقة، وكذلك قلة الخبرات، ونقص التدريب، وعدم وجود عمليات استباقيةٍ مكثفةٍ لمطاردة العناصر الإجرامية، فضلاً عن إصرار رئيس الوزراء نوري المالكي على عدم تعيين وزيرَيْن للداخلية والدفاع، وفرض سيطرته على الوزارتين.

ثانيها: تسييس القوات الأمنية؛ إذ أصبحت مختلف القوى السياسية العراقية تسعى إلى تسييس قوات الأمن بالسيطرة عليها والتغلغل فيها؛ لمحاولة تأمين ذاتها والحفاظ على مصالحها الشخصية، وضمان ولاء من يعملون بالأجهزة الأمنية إليها؛ للحيلولة دون حدوث محاولاتٍ انقلابيةٍ تطيح بهم من على رأس السلطة، خاصةً مع وجود حالة التربُّص المستمر بين القوى السياسية المختلفة. ومؤخرًا، كشف رئيس شرطة البصرة عن أربعة آلاف شرطيٍّ بالمحافظة يعملون لصالح أحزابٍ وجهاتٍ سياسيةٍ.

ثالثها:اختراق الأجهزة الأمنية؛ إذ اندست مجموعاتٌ تابعةٌ للميلشيات المسلحة داخل القوات الأمنية العراقية؛ لعل آخر من اكتُشف منها 340 عنصرًا في كربلاء، فجرى فصلهم. ولهذا سعت وزارة الداخلية إلى استئصال العناصر المندسَّة في صفوفها بتوظيفها أكثر من 115 ألف شرطيٍّ دُرِّبوا وجُهِّزوا بأحدث الأسلحة والمعدَّات بهدف تكوين قواتٍ وطنيةٍ حقيقيةٍ لا تدين بالولاء لطائفةٍ سياسيةٍ محددةٍ.

رابعها: تقويض السلطات الأمنية للمحافظات؛ إذ تفقد الأجهزةُ الأمنيةُ العراقيةُ في المحافظات، التنسيقَ مع وزارة الداخلية، كما تحُدُّ الوزارة من صلاحيات المحافظات في تطبيق الخطط الأمنية؛ ما يجعلها غير قادرةٍ على حفظ الأمن في نطاقها.

تصاعد الأزمة السياسية -

تواجه العراق أزمةً سياسيةً حادةً منذ الانسحاب الأمريكي من البلاد في عام 2011، بلغت ذروتها حينما طالبت قوًى سياسيةٌ بسحب الثقة من حكومة المالكي، لا سيما الكتلة العراقية بقيادة إياد علاوي، وقوى كردية بدعمٍ مباشرٍ من رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر؛ إذ يوجِّهون اتهامًا إلى المالكي بمحاولة إقصاء القوى الأخرى، والهيمنة على المشهد السياسي برمته، لكن الرئيس العراقي جلال طالباني اشترط -من أجل طرح سحب الثقة- الحصول على توقيعات 164 نائبًا؛ ذلك في الوقت الذي تعهَّد فيه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر بإتمام هذا العدد إذا تبنَّت الكتل السياسية الأخرى جمع 124 توقيعًا، لكن مع فشل المطالبين بسحب الثقة في جمع التوقيعات رفض طالباني طلب سحب الثقة.

وقد انعكست تلك الأزمة السياسية بنسبةٍ كبيرةٍ على أوساط المجتمع العراقي وطوائفه؛ ما زاد حالة الاحتقان؛ إذ إن الشعور بالإقصاء والتهميش لطوائفَ بعينها، قد أجَّج الخلافات وأشعلها؛ ما انعكس مباشرةً على زيادة معدلات العنف الطائفي والسياسي، لا سيما باستهداف الحكومة العراقية.

- تنامي التنظيمات الإرهابية

ساهم تنامي نفوذ وازدياد نشاط تنظيم القاعدة في دولة العراق الإسلامية، في زيادة معدلات العنف السياسي في العراق؛حيث طوَّر تنظيم القاعدة أداءه عبر ثلاث إستراتيجيات جديدة:

الأولى تتمثل في تكثيف التنظيمِ عملياتِه بنسبةٍ كبيرةٍ في الشهور الأخيرة؛ ففي الفترة بين منتصف يوليو من العام الجاري وحتى منتصف أغسطس، أعلن تنظيم القاعدة مسئوليته عن 131 عمليةً إرهابيةً استهدفت قوات الأمن، كما تبنى التنظيم 163 عمليةً في الشهر الذي سبقه؛ أي من منتصف يونيو حتى منتصف يوليو من العام الجاري.

الثانية تتعلق بتغيير التنظيمِ إستراتيجياتِه في تنفيذ العلميات الإرهابية؛ فقد طوَّر التنظيم أسلوبًا جديدًا؛ هو تنفيذ علمياتٍ نوعيةٍ خاطفةٍ دفعةً واحدةً في عدة مدنٍ بطريقةٍ شبه متزامنةٍ؛ حتى تصعب مهمة الأجهزة الأمنية في تعقُّب الفاعلين.

الثالثة ترتبط بتهريب التنظيم سجناءه؛ إذ بدأ تنظيم القاعدة في استعادة عناصره المقبوض عليهم والمحكوم عليه بالإعدام، بتهريبهم من السجون. ولعل أبرز تلك العمليات تهريب عناصر التنظيم 47 عنصرًا من نزلاء سجن ترحيلات تكريت منذ أيام.

ويبدو أن تنظيم القاعدة في العراق قد حوَّل وجهته تمامًا؛ فبعد أن كانت عملياته موجَّهةً بالأساس إلى القوات الأمريكية في العراق قبيل الانسحاب، أصبحت عملياته في الوقت الحالي تستهدف بنسبةٍ رئيسيةٍ الطائفة الشيعية وقوات الأمن المحلية، في محاولةٍ لإثارة الطائفية بهدف دفع البلاد إلى حربٍ أهليةٍ حقيقيةٍ، لا سيما أن البيئة العراقية مُمَهَّدةٌ لذلك بسبب الخلافات بين الكتل والطوائف السياسية المختلفة.

- تفاقم النزعة الطائفية

تعتبر الأزمة الطائفية التي كانت أحدث تجلياتها صدور حكم بإعدام النائب الأول للرئيس العراقي طارق هاشمي؛ أحد أبرز أسباب زيادة معدلات العنف؛ إذ أصدرت المحكمة الجنائية العراقية حكمًا غيابيًّا بالإعدام شنقًا على نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، ومدير مكتبه أحمد القحطان، إثر اتهام السلطات العراقية إياهما بالتخطيط لسلسلة جرائم إرهابية، خاصة التحريض على 150 جريمة اغتيالات سياسية؛ وذلك بموجب المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب.

وتعتبر قضية الهاشمي قضية سياسية في المقام الأول؛ إذ إنها تقع في قلب الصراع الطائفي والسياسي في العراق؛ إذ يُعتبَر الهاشمي أحد أقطاب المعارضة السنية ضمن القائمة العراقية بقيادة إياد علاوي، التي تتهم باستمرار رئيس الوزراء العراقي الشيعي نور المالكي وائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه؛ بالدكتاتورية ومحاولة الاستفراد بالسلطة عبر محاولة إحكام قبضته على مفاصل الدولة العراقية بإقصاء المعارضة السنية، وعلى رأسها الهاشمي.

وكان لتلك الأزمة تداعيات خطيرة على الساحة العراقية؛ إذ تفاقمت معدلات العنف على إثرها؛ فمجرد صدور الحكم، هزت سلسلة من الانفجارات العنيفة بعض المناطق الشيعية حول بغداد أسقطت أكثر من مائة قتيل، في يومٍ يُوصَف بأنه أكثر الأيام دمويةً في العراق في العام الحالي.

مسارات العنف السياسي

الخلاصة أن المسار الأكثر ترجيحًا للعنف السياسي في العراق مرشحٌ للتزايد في المرحلة المقبلة؛ لأنه يكمن بالأساس في عوامل بنيوية تتعلق بالهيكل الهش للدولة العراقية. ومن ثم فإن مواجهة أو الحد من تأثيرات العنف السياسي، مرهون بوضع تصور شامل لحل الأزمة السياسية والقضاء على النزعة الطائفية ومواجهة التنظيمات الإرهابية في العراق، وفي مقدمتها تنظيم القاعدة، غير أن ثمة ضرورة أولية -كما تقول نظرية النوافذ المكسورة- لمواجهة السلوكيات الإجرامية البسيطة في المجتمع العراقي، بل ومظاهر اختلال النظام العام غير المتعمدة، بحسم بالغ ودون تهاون؛ حتى لا تتفاقم إلى عمليات إرهابية، وهو ما يتوقف على اتساع أفق الحكومة الحالية في المرحلة القادمة.

راغب السيد رويه
03-11-2012, 11:21 PM
الخلاصة أن المسار الأكثر ترجيحًا للعنف السياسي في العراق مرشحٌ للتزايد في المرحلة المقبلة؛ لأنه يكمن بالأساس في عوامل بنيوية تتعلق بالهيكل الهش للدولة العراقية. ومن ثم فإن مواجهة أو الحد من تأثيرات العنف السياسي، مرهون بوضع تصور شامل لحل الأزمة السياسية والقضاء على النزعة الطائفية ومواجهة التنظيمات الإرهابية في العراق، وفي مقدمتها تنظيم القاعدة، غير أن ثمة ضرورة أولية -كما تقول نظرية النوافذ المكسورة- لمواجهة السلوكيات الإجرامية البسيطة في المجتمع العراقي، بل ومظاهر اختلال النظام العام غير المتعمدة، بحسم بالغ ودون تهاون؛ حتى لا تتفاقم إلى عمليات إرهابية، وهو ما يتوقف على اتساع أفق الحكومة الحالية في المرحلة القادمة.

جزاك الله خيرا وبارك فيك

aymaan noor
04-11-2012, 08:10 AM
فلايزال الإنسان فى مصر، كما فى كثير من بلادنا العربية والإسلامية، مستعبداً، بخلاف إرادة الله وبالمخالفة لها فالإنسان هو الكائن الوحيد الذى خلقه الله منتصب القامة ولكن «إنساننا» مفروض عليه أن يحنى ظهره ويقضى حياته كما لو أنه أحدب، ولكن بسبب الخوف لا الخلقة ولذلك فالمدهش أن يرفض النص على خطر العبودية فى الدستور من يعرفون أن الله خلق الناس أحراراً، وأن الإنسان لا يصح أن يحنى ظهره إلا لخالقه.

غير أن النضال ضد الاستعباد سيتواصل، سواء فى وجود نص دستورى يحظر العبودية أو فى غيابه، مادام فى بلادنا أحرار يؤمنون بحرية الإنسان وكرامته ويقفون فى مواجهة الطغيان والظلم والاستغلال دون خوف أو وجل

جزاك الله خيرا وبارك فيك


جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

aymaan noor
04-11-2012, 08:27 AM
خدعوك فقالوا: الإسلام قادم لمصر (http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=03112012&id=cef69110-a246-4ab0-87cf-b54a87527eb5)
وائل قنديل
السبت 3 نوفمبر 2012 - 8:10 ص
لا أفهم كيف لخطيب يقف على منبره بعد 15 قرنا من استقرار ورسوخ الإسلام فى مصر، ليبشر الناس بأن الإسلام قادم إلى مصر.

ولا أعلم كيف يرى هؤلاء مصر بلا إسلام والغالبية الكاسحة من شعبها مسلمون، يحجون ويعتمرون بالملايين كل عام، ويبنون آلاف المساجد والزوايا كل سنة، ولديها الأزهر الشريف، الجامع والجامعة التى تمد قارات الدنيا الست بالخريجين؟

كيف لهؤلاء أن يصوروا للناس أن مصر لاتزال تنتظر الإسلام، بينما هناك عدة أمتار مربعة فى حى العباسية اسمها «مدينة البعوث» أعدت لدول العالم الإسلامى كله من تولوا حكم بلادهم بعد تعلمهم وتخرجهم فى مصر الأزهر، ومنهم الرؤساء والوزراء؟

إن المشهد يبدو مثيرا للدهشة حين يقف خطيب الجمعة فى أسيوط أمام رئيس جمهورية منتمى للإخوان المسلمين، فى دولة سيطر على برلمانها الأخير الإسلاميون ليقول إن الإسلام قادم لا محالة، وكأنه لا يعترف بأن كل هذه المظاهر الإسلامية لا تمثل حضور الإسلام ورسوخه واستقراره.. أو كأنه يعتبر أن مصر لم تعرف الإسلام بعد.

على الناحية الأخرى، وكما نشر موقع اليوم السابع تجد الأنبا موسى أسقف الشباب بالكنيسة المصرية يعلن أن الإسلام حرر المسيحيين فى مصر من الاضطهاد، موضحا فى حديثه لبرنامج «مصر النهاردة» أن عمرو بن العاص حينما جاء إلى مصر أرجع البطريرك لكرسيه، وأعاد له كل كنائسه، بعد أن كان هناك بطريرك يونانى اضطهد المسيحيين رغم أنه مسيحى، قائلا: هذا هو الإسلام.

وهذه مفارقة مدهشة للغاية، حيث لايزال إمام المسجد ينتظر قدوم الإسلام لمصر، بينما رجل الدين المسيحى يقر برسوخه فى التربة المصرية منذ أيام عمرو بن العاص.

وهذا الاستغراق فى الحديث عن الهوية وعلاقة الدولة بالإسلام يشعرك وكأن مصر دولة وليدة، اكتشفت على الخارطة للتو، وفى حالة بحث عن ملامح حضارية وثقافية، فى انتظار فاتحين جدد يأتون إليها بالإسلام، وأحسب أن مثل هذا الحديث يهين الإسلام ويسىء إلى مصر فى الوقت ذاته، ذلك أنه يحمل اعترافا ضمنيا بأن مصر لم تهضم الإسلام بعد، رغم مرور 15 قرنا من الزمان على دخول أهلها فيه.. وهذا كلام يجافى الواقع والتاريخ والجغرافيا، وينفى عن مصر كونها منارة الإسلام الوسطى المعتدل، وقبلة الباحثين عن العلم والفقه الصحيح بأمور الدين من كل دول العالم.

وأحسب أن مطلقى هذه الصيحات الزاعقة يدركون جيدا أن هوية مصر ثابتة وضاربة بجذورها فى أعماق المجتمع، ولا تحتاج إلى إعادة اختراع مرة أخرى، لكنه ــ مجددا ــ الاستدعاء الفج لقضية الهوية للاستخدام فى صراع سياسى على وقع التجاذب حول الدستور والجمعية التأسيسية، بالطريقة ذاتها التى أديرت بها اللعبة السياسية إبان استفتاء مارس سيئ الذكر على تعديلات الدستور. وأزعم أن الجماهير استوعبت الدرس وخبرت اللعبة جيدا، ولن تساق مرة أخرى لألاعيب السياسة عن طريق العزف على وتر الدين والهوية.

aymaan noor
04-11-2012, 08:39 AM
الاقتصاد المصري‏..‏ التحديات ورؤية للأولويات (http://www.ahram.org.eg/Issues-Views/News/180993.aspx)
د.هالة حلمى السعيد
عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية_ جامعة القاهرة.
4 نوفمبر 2012
من المفترض أن تبث الثورات روحا جديدة من التفاؤل علي المنطقة التي تقوم فيها‏,‏ روحا تؤدي إلي البناء والنهضة الفكرية والثقافية والاقتصادية‏.‏ وقد بثت ثورات الربيع العربي روحا جديدة من التفاؤل في انحاء المنطقة‏.‏
من المفترض أن تؤدي التحولات التاريخية الجارية إذا احسنت إدارتها إلي مستقبل أكثر رخاء لكل شعوب المنطقة. الا إنه في نفس الوقت كان العام ونصف العام الماضيان فترة صعبة جدا علي جميع بلدان التحول العربي فهي تواجه ضغوطا اقتصادية في ظل سعيها لإدارة التغيير السياسي وتلبية المطالب الاجتماعية الملحة. فإن هذه المرحلة تستلزم التعامل مع خيارات صعبة, ولا يساعد علي ذلك مايشهده الاقتصاد العالمي من اضطرابات كبيرة في نفس الوقت. وبالنظر إلي الوضع الحالي في مصر, فإننا نجد أن الاقتصاد المصري رغم ارتكازه علي اساسيات سليمة وقوية يواجه عددا من التحديات الصعبة التي يتعين معالجتها من خلال برنامج اقتصادي يحافظ علي الاستقرار الاقتصادي الكلي ويهيئ الظروف لتحقيق تعاف قوي, وتتمثل هذه التحديات في:
انخفاض معدل النمو الاقتصادي, وذلك نتيجة انخفاض مساهمات قطاع السياحة, والصناعات التحويلية, وتجارة الجملة والتجزئة. وكذلك انخفاض معدل النمو إلي ما يقل عن معدل نمو السكان, مما يعني انخفاض متوسط نصيب الفرد من الدخل.
زيادة عجز الموازنة من7.8% من الناتج المحلي الإجمالي إلي11%, وارتفاع معدل الدين العام المحلي إلي894 مليار جنية بنسبة57% من الناتج المحلي الإجمالي. و تلجأ الحكومة إلي الاقتراض الداخلي لسد هذا العجز عن طريق إصدار أذون وسندات, الأمر الذي من شأنه تقليل الائتمان المتاح للمشروعات الإنتاجية ويؤثر سلبا علي كمية الانتاج وفرص العمل.
استحواذ الدعم علي25% من إجمالي النفقات العامة مما يسلب من الدولة قدرتها علي تحسين خدمات الصحة والتعليم والتطوير. وكذلك ارتفاع معدل البطالة للعام المالي2012/2011 ليصل إلي12% مما يمثل زيادة عما وصل إليه معدل البطالة في2010/2009 قبل الثورة, حيث بلغ معدل البطالة9.4% آنذاك.
حقق صافي الاستثمار الاجنبي المباشر انخفاضا ملحوظا بعد ثورة25 يناير, ويرجع ذلك بصفة أساسية لزيادة التدفقات الاستثمارية للخارج مع انخفاض إجمالي الاستثمارات للداخل. فقد بلغت صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة قيمة سالبة في الربع الثاني من العام المالي2011/.2012
كل هذه الظواهر إلي جانب المغالاه في المطالب الفئوية والتعبير عنها بالمظاهرات والاعتصامات التي كثيرا ما تؤدي إلي تعطيل حركة الانتاج والاعتداء علي المرافق العامة والخاصة, وذلك نتيجة عدم ارتفاع مستوي تفكير وممارسات الكثير من قوي الضغط والنقابات إلي مستوي اعلاء مصلحة الوطن علي مصالحها الذاتية.
الواقع أن حل هذه التحديات لن يتم الا من خلال: مصارحة المواطنين بحقيقة الوضع الاقتصادي الراهن والتحديات والموارد والامكانيات المتاحة, والتأكيد علي وجود ملفات لا يمكن تحقيقها علي المدي القصير ومن شأن ذلك أن يساعد في الحد من حالة عدم الثقة بين الحكومة والمواطنين, ويجعل المواطن شريكا في منظومة الاصلاح. ويجب أن ترتكز الاصلاحات الاقتصادية علي تحقيق معدل مرتفع ومستمر من النمو الاقتصادي واعطاء اولوية مطلقة للتوظيف وخلق فرص عمل, فهي الضمانة الحقيقية للديمقراطية والتنمية المستدامة. علاوة علي التزام الحكومة بعقودها واتفاقياتها والتزاماتها تجاه الغير, والتزامها بالعمل في منظومة الاقتصاد الحر والنظام المالي العالمي, وعدم خلط المفاهيم الدينية بالمفاهيم الاقتصادية المتعارف عليها عالميا.
فإذا نظرنا إلي بعض الحلول القصيرة والمتوسطة الأجل, فنجد أنها تتمثل في: اعادة النظر في المصروفات العامة, وتجنب النفقات غير الضرورية علي مستوي كل مؤسسة ووزارة. وترشيد الدعم, كدعم الطاقة والبنزين والكهرباء لشرائح الدخل المرتفعة علي الأقل, والغاء دعم الوقود للمصانع بدءا بتلك المستخدمة لها بكثافة مثل مصانع الأسمنت والحديد والسيراميك والأسمدة والتي تبيع منتجاتها بالأسعار العالمية, مع ضرورة مراقبة الحكومة لأسعار هذه المنتجات. إلي جانب زيادة الإيرادات عن طريق رفع كفاءة تحصيل الضرائب ومنع التهرب الجمركي والتهرب الضريبي قبل تغيير الهيكل الضريبي مع التفكير في فرض ضرائب تصاعدية علي الشرائح العليا, وتخفيض حد الاعفاء إلي20.000 جنيه سنويا.
أما علي المدي المتوسط فيجب النظر إلي أن تتجه سياسة الاستثمار الداخلي إلي مبدأ التوزيع الجغرافي في المحافظات, وبالتالي يتم اقامة الصناعات الجديدة وتوجه الاستثمارات إلي المناطق التي تزداد بها نسب البطالة ومعدلات الفقر, ويتم اقامة الصناعات وفقا للميزة التنافسية التي تتمتع بها كل منطقة أو محافظة. وجدير بالذكر أنه لن يتم ذلك الا من خلال خلق نوع من التنافسية بين المحافظات المختلفة لاكتشاف الإمكانات الكاملة والظاهرة في27 محافظة بحيث ترسم كل محافظة رؤيتها المستقبلية لجذب الاستثمار في اطار الخريطة المتكاملة للاستثمار.
الموازنة بين سياسة الاقتراض المحلي والاقتراض الخارجي. فلكل من السياستين سلبياته وايجابياته. فالاقتراض الداخلي يعد اعتمادا علي الذات الا إنه يتم عن طريق الجهاز المصرفي مما يقلل من الائتمان المتاح للمشروعات الإنتاجية, الأمر الذي يؤثر سلبا علي كمية الإنتاج وفرص العمالة, كما أن تكلفته متمثلة في سعر الفائدة المرتفعة إذا ما قورنت بتكلفة الاقتراض الخارجي. مما يزيد من أعباء الموازنة العامة.
أما الاقتراض الخارجي فإنه أقل تكلفة ويعد اضافة إلي الموارد المحلية المتاحة للائتمان, إلا أنه قد يرتبط بشروط, بالإضافة إلي احتمال زيادة أعبائه في حالة تعرض سعر صرف العملة المحلية إلي الانخفاض في مواجهة العملات التي يتم سداد القروض الأجنبية بها. ولكن الظروف التي يمر بها الاقتصاد المصري تجعل من الاقتراض الخارجي أحد الوسائل الهامة للتمويل. فلابد من التأكيد والمصارحة في أوجه استخدام هذا القرض, والذي يجب أن يوجه لأغراض إنتاجية لتشغيل طاقات إنتاجية عاطلة, وفي خلق طاقات إنتاجية جديدة مما يساعد علي تحريك عجلة الإنتاج, واتاحة المزيد من فرص العمل, مع تفادي استخدامها في أغراض استهلاكية غير إنتاجية.
وأخيرا أحب أن أضيف بعدا مهما, وهو الجانب الاجتماعي الأخلاقي, وهذا الجانب في نظري هو الأهم في منظومة الإصلاح; حيث يتعامل هذا الجانب مع القيم الإنسانية والسلوكيات المختلفة ويشمل النظرة العامة للعمل, والانضباط, والأنماط الاستهلاكية, وقيمة الجودة والدقة. وهي قيم يمكن تطويرها عن طريق التوعية والاعلام والتعليم, فهذه القيم هي اساسية في منظومة التنافسية. فهي تمثل المنظومة الأساسية التي بدونها لا يمكن لاقتصاد أن ينمو.

أبو إسراء A
04-11-2012, 09:12 AM
بعد أن صالت العلمانية و جالت فى ديار الإسلام و منها مصر ، فأفسدت الناهج و الإعلام و التعليم و القوانين و الأخلاق ، و كل شىء ، أصبح من المنطق بعد ظهور الصحوة المباركة أن نقول : أن الإسلام قادم لإصلاح ما أفسدته العلمانية .

منتدانا
04-11-2012, 09:39 AM
إن مصر تحتاج فتح إسلامى جديد يطهرها من الجهلانية ويحكمها بالشريعة الإسلامية

aymaan noor
04-11-2012, 11:58 AM
الخلافة الحقيقية والموهومة (http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=04112012&id=63e4a452-1b15-410a-aa60-51a4a9e3fbf8)
فهمي هويدي
الأحد 4 نوفمبر 2012 - 8:55 ص
قبل عدة سنوات عنَّ لأحد الدراويش الأتراك المقيمين فى ألمانيا أن يعلن نفسه خليفة للمسلمين، ووجد من بين معارفه من بايعه وسار وراءه مؤيدا. لم تكترث السلطات الألمانية بالإعلان، ولم تأخذه على محمل الجد، وتركت الرجل وجماعته وشأنهم. إلا أن الفكرة راقت لدرويش آخر من الأتراك الذين نزحوا إلى ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية وشاركوا فى إعادة إعمارها، فاكتسب الرجل ال***ية الألمانية، وبعد تقاعده أطلق لحيته ولزم المسجد وتحول إلى واعظ وداعية.

صاحبنا هذا أعلن نفسه خليفة للمسلمين بدوره، وقتذاك زاره أحد أنصار الخليفة الأول لكى يتأكد من صحة الخبر، وحين قابله نصحه بمبايعة الرجل الذى سبق بإعلان نفسه خليفة.

وذكّره بأن بين فقهاء المسلمين من أفتى بأنه إذا كان للمسلمين خليفة بايعه الناس. ثم ظهر آخر نازعه على منصبه فإنه يجوز قتل الأخير حتى لا يؤدى ذلك إلى إحداث فتنة بين المسلمين. قال الراوى إن الخليفة الثانى بعدما سمع هذا الكلام اختفى ولم يظهر له أثر.

الشق الذى يهمنا فى القصة التى سمعتها أثناء زيارة لمدينة فرانكفورت يتمثل فى موقف السلطات الألمانية التى لم تكترث بما ادعاه لنفسه الخليفة الأول أو الثانى، حيث اعتبرت أمثال تلك الدعاوى من قبيل الفرقعات أو التصرفات غير المألوفة التى تصدر عن المواطنين فى أى مجتمع مفتوح، لهم أن يعبروا عن أنفسهم كما يشاءون طالما أن ذلك فى حدود القانون. وللعلم فإن الموضوع نسى بمضى الوقت ولم يعد أحد يذكر أيا من الخليفتين.

هذه القصة مرت عليها عدة سنوات، لكننى أستعيدها كلما وقعت على الأصداء القلقة والمفرطة فى الخوف أحيانا التى تتناقلها وسائل الإعلام جراء الإشارات التى تصدر عن البعض إلى موضوع الخلافة الإسلامية، وهى التى ترددت بصورة أو أخرى فى أجواء الانتعاش الذى أحدثه الربيع العربى، فحين تحدث رئيس وزراء تونس عن أن الثورة تهيئ فرصة مواتية لتمثل الخلافة السادسة (خلافة عمر بن عبدالعزيز التى ساد فيها العدل والأمن) قامت الدنيا ولم تقعد بين بعض شرائح المثقفين فى تونس، واعتبروا ذلك تمهيدا لإعلان دولة دينية بديلا عن الدولة الديمقراطية. وحين قال أحد الدعاة فى مصر أن الثورة تعد بداية لإقامة دولة الخلافة التى ستكون عاصمتها القدس، صاح نفر من المثقفين محتجين وغاضبين، ووجدت أن بعض الباحثين اعتبروا هذا الكلام مرجعا استشهدوا به فى التعبير عن تشاؤمهم وعدم اطمئنانهم للمستقبل. حدث مثل ذلك أيضا حين ردد بعض أعضاء حزب التحرير كلاما مماثلا فى منشورات وزعت أثناء مظاهرات ميدان التحرير، وهو الكلام الذى يلوكه المنتسبون إلى الحزب منذ نحو ستين عاما ولم يأخذه أحد على محمل الجد حتى الآن. وقد استغربت حين وجدت بعض الأكاديميين يتكلمون بشكل جاد عن مخططات إقامة الخلافة، وتضاعف استغرابى حين ردد أحد وزراء الخارجية الخليجيين هذا الكلام، وكأن التحضير لإعلان الخلافة على وشك الصدور. وقد قرأت لأحد الكتاب تحليلا نشرته إحدى الصحف العربية اللندنية للأزمة الحاصلة بين إحدى دول الخليج والإخوان، وقد أرجعها إلى عدة أسباب كان بينها عزمهم على إعلان الخلافة، التى ستكون دول الخليج من بين «ولاياتها».

المدهش فى الأمر أن ذلك يحدث ويصدق البعض أن هناك ترتيبا لتوحيد الأمة تحت راية الخلافة العظمى فى حين أن هؤلاء يرون أننا بالكاد نحافظ على وحدة كل قطر، على حدة، وقلقنا شديد على انفجار وتقسيم أكثر من قطر عربى. كما اننا عجزنا حتى عن التنسيق بين الأقاليم العربية. وهو واقع يتم تجاهله تماما. ليس ذلك فحسب، وانما فضلا عن تجاهل هؤلاء خرائط الواقع السياسى والاجتماعى، فإنهم يتجاهلون أيضا موازين القوة فى العالم ومصالح القوى الكبرى التى تتصادم مع أحلام المتحدثين عن دولة الخلافة.

إن أى باحث مبتدئ يعرف أن الإسلام لم يقرر شكلا لنظام الدولة، ولكنه فقط نص على قيمة الشورى التى ينبغى أن يقدم عليها النظام، والعدل الذى ينبغى أن يستهدفه. وكل ما عدا ذلك يعد من قبيل الاجتهادات والخبرات التى لا تلزم، والعدل الذى ينبغى أن يستهدفه. وكل ما عدا ذلك يعد من قبيل الاجتهادات والخبرات التى لا تلزم، ولكن يؤخذ منها ويرد. بالتالى فإن الباحث المبتدئ يعرف أن الخلافة الراشدة تجربة غنية وعظيمة فى الخبرة الإسلامية، لكنها تحولت إلى ملك عضود بعد ذلك لا يقيم العدل ولا يصح للاحتذاء.

لقد تمنيت أن نتعامل مع موضوع الخلافة كما تعاملت معها السلطات الألمانية، ولكن خطاب التخويف يصر على استخدامها كفزاعة لتصفية حسابات علاقاتها بالكيد أوثق من علاقاتها بالمعرفة أو بالحقيقة.

هذا الكلام قلته لصحفية أمريكية سألتنى فى الموضوع. واستغربت حين ذكرت لها أننا نعيش الآن فى ظل خلافة عظمى أخرى يقودها الرئيس الأمريكى الذى يبسط نفوذه على العالم الإسلامى، فيعين الولاة ويؤدب العصاة ويستقبل الخراج كل عام. ويوزع الرضى والسخط على أقاليمه. وقلت إن تلك هى الخلافة الحقيقية المقامة على الأرض الآن. وكل ما عداها أضغاث أحلام وفرقعات فى الهواء ومزايدات لبعض المراهقين فى عالم السياسة.

alien2
04-11-2012, 12:53 PM
لا فض فوك
هؤلاء هم من يفهمون السياسة
و ليس الرعاع ممن يدعون انهم هم حماة الاسلام
و انهم يسعون لاقامة الخلافة الاسلامية
التى لن تقوم طالما ان هناك عقول مثل عقول الاخوان و السلفيين
الخلافة تحتاج فهم حقيقى لمبادىء الدين الحنيف و روح التسامح
وقبول الاخر و الشورى و العفو و التسامح
وكلها صفات لن تجدها عند هؤلاء

أبو إسراء A
04-11-2012, 01:41 PM
(تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء إن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون ملكا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، ثم سكت )
الراوي: النعمان بن بشير - خلاصة الدرجة: مخرج في "السلسلة الصحيحة" - المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 5

إن ثورات الربيع العربى تقوم بإنهاء الملك الجبرى ، الملك المفروض بقوة السلاح و العسكر ، و المرحلة القادمة هى بحق عودة الخلافة ، ندين لله بذلك ، و نعمل من أجل عودة الخلافة ، و لو كره العلمانيون .

aymaan noor
04-11-2012, 09:38 PM
موقف الأمريكيين من قضايا الشرق الأوسط
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/0847d5211daa2cfcfde28d825aa07d5d_L.jpg
هتم المؤسسات البحثية والأكاديمية الأمريكية باستطلاعات الرأي للوقوف على رؤية الأمريكيين للقضايا الداخلية والخارجية التي تؤثر على الأمن والمصلحة الأمريكية. ويتزايد اهتمام المؤسسات الأمريكية الرسمية وغير الرسمية باستطلاعات الرأي مع قرب موعد الانتخابات الأمريكية (انتخابات الكونجرس والرئاسية) بهدف تشكيل أجندة المرشحين، وصانع القرار، وإبراز القضايا الأكثر أهمية لدى الناخب الأمريكي التي على أساسها سيصوت في الانتخابات.

وفي محاولة لمعرفة رأي الأمريكيين لقضايا الشرق الأوسط التي فرضت نفسها على المناظرات بين المتنافسين الديمقراطي "باراك أوباما" والجمهوري "ميت رومني" أصدرت مؤسسة بروكينجز استطلاعها للرأي العام الأمريكي تجاه قضايا المنطقة والعالم الإسلامي بالتعاون مع كرسي أنور السادات للسلام والتنمية The Anwar Sadat Chair for Peace and Developmentبجامعة ميريلاند وبرنامج "التوجه السياسي الدوليThe Program on International Policy Attitudes" والصادر في الثامن من أكتوبر الحالي.

يهدف الاستطلاع إلى قياس انطباعات الرأي العام الأمريكي تجاه الهجمات التي تعرضت لها البعثات الدبلوماسية الأمريكية في ليبيا ومصر، والتدخل العسكري في سوريا، وقضية توجيه إسرائيل ضربة لإيران، وما إذا كانت جهود الدبلوماسية الأمريكية في المنطقة في حاجة إلى تغيير، وهل ثمة رضا في الشارع الأمريكي بشأن ردود أفعال الحكومتين المصرية والليبية تجاه الاعتداءات على السفارات. وقد أُجري الاستطلاع على عينة من 737 أمريكيًّا في فترة من 27 سبتمبر من العام الجاري إلى 2 أكتوبر الجاري.

الهجوم على السفارات الأمريكية

يرى معظم الأمريكيين أن الهجمات التي تعرضت لها البعثات الدبلوماسية الأمريكية في الحادي عشر من سبتمبر في مصر وليبيا من فعل "أقليات متطرفة"، حيث يرى 63% من الأمريكيين المستطلعة آراؤهم أن تلك الهجمات لم تشنها سوى "الأقليات المتطرفة في مصر"، فيما قال 61% منهم إن الاعتداءات شنتها "بعض الجماعات المتطرفة" في ليبيا.

كما ترى الأغلبية أن الحكومتين المصرية والليبية تقاعستا عن حماية البعثات الأمريكية؛ فأغلب الأمريكيين يعتقدون أن الحكومتين لم تحاولا إلقاء القبض على الجناة؛ حيث قال 31% فقط من الأمريكيين إن مصر "حاولت العثور على الجناة"، فيما رأى 75% منهم عكس ذلك. ورأى 34% فقط من الأمريكيين أن ليبيا بذلت جهودًا للقبض على الجناة، فيما رأى 55% منهم أن البلد لم تتحرك في سبيل ذلك.

المساعدات الأمريكية الممنوحة لمصر وليبيا

أظهرت نتائجُ الاستطلاع أن الغالبية العظمى من الأمريكيين تفضل خفض المساعدات الأمريكية لمصر، وأن الأمريكيين باتوا أقل ميلا نحو قبول الحجج المستخدمة سابقًا لدعم المساعدات الأمريكية لمصر. فقد أعرب 61% من الأمريكيين عن عدم اقتناعهم بضرورة أن تقدم الولايات المتحدة مساعدات إلى مصر لدعم ديمقراطيتها الناشئة خلال المرحلة الانتقالية، فيما أعرب 35% فقط عن اقتناعهم بذلك. ويرى 74% من الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع أنه ليس من الحكمة أن تمنح الولايات المتحدة أموالا طائلة لمصر في صورة مساعدات اقتصادية في الوقت الذي يمر فيه الاقتصاد الأمريكي بأوقات عصيبة لم تتجاوزها الولايات المتحدة، في حين رأى 22% منهم عكس ذلك.

وعن سؤالهم عما إذا كان من المفترض زيادة المساعدات الخارجية الأمريكية لمصر أو تخفيضها أو إبقاؤها كما هي؛ دعا 42% من الأمريكيين إلى ضرورة خفض المساعدات، فيما رأى 29% أن من المفترض قطعها تمامًا. وفضّل 25% من الأمريكيين إبقاء المساعدات كما هي، في حين فضّل 1% منهم زيادتها.

وعند مقارنة هذه النتيجة بسؤالين مشابهين طُرِحَا في يونيو 2012 من قِبل مجلس شيكاغو للشئون العالمية، وجد أن الغالبية التي تفضّل خفض المعونات المقدَّمة لمصر قد نمت بشكل ملحوظ. ففي يونيو أراد 29% من الأمريكيين خفض المساعدات الاقتصادية لمصر، فيما فضّل 23% منهم قطعها. في حين فضّل 40% من الأمريكيين إبقاء المساعدات كما هي، وفضّل 5% منهم زيادتها. وفيما يخص المساعدات العسكرية، أراد 28% من الأمريكيين وقف هذا النوع من المساعدات.

ويُشير الاستطلاع إلى أن الأمريكيين الذين يرون أن الحكومة المصرية تقاعست عن حماية البعثات الدبلوماسية وإلقاء القبض على الجناة هم الأكثر رغبة في خفض أو وقف المساعدات الأمريكية لمصر؛ حيث أراد 39% منهم خفض المساعدات؛ فيما أراد 46% وقفها تمامًا. أما الذين يرون أن الحكومة المصرية بذلت جهودًا لتأمين البعثات ففضّل 45% منهم خفض المساعدات، فيما فضل 10% فقط وقفها تمامًا.

ومن بين أولئك الذين يرون أن الحكومة المصرية لم تنتقد الهجمات، فضّل 37% منهم خفض المعونات، فيما فضّل 47% وقفها تمامًا. أما أولئك الذين يرون عكس ذلك، فقد فضّل 46% منهم خفض المعونات، فيما فضّل 18% وقفها.

ومن بين أولئك الذين يرون أن الحكومة لم تسع لملاحقة الجناة، فضّل 37% منهم خفض المساعدات، فيما فضّل 43% وقفها. أما أولئك الذين يرون عكس ذلك، فضّل 50% منهم خفض المعونات، فيما فضّل 9% وقفها.

وتوضح نتائج الاستطلاع أن 44% من الجمهوريين يرغبون في خفض المساعدات لمصر، فيما يرغب 41% منهم في وقفها. وبالنسبة للديمقراطيين يرغب 49% منهم في خفض المساعدات، فيما يرغب 15% منهم في وقفها، و36% منهم في إبقائها كما هي، و3% منهم في زيادتها. ومن بين المستقلين، يفضّل 27% منهم في خفض المساعدات، فيما يفضل 36% منهم وقفها، و2% منهم زيادتها، و27% منهم يفضلون إبقاءها كما هي. وعن المساعدات الممنوحة لليبيا، تبلغ نسبة المؤيدين لها 19%، فيما تبلغ نسبة المعارضين لها 75%.

دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط

في ضوء التطورات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، يرى 46% من الأمريكيين أنه ينبغي على الولايات المتحدة الحفاظ على مستوى الدبلوماسية الحالية في المنطقة، فيما يرى 34% منهم أن من الضروري خفض الولايات المتحدة دبلوماسيتها في المنطقة، ويفضّل 14% منهم تعزيز بلدهم لتلك الدبلوماسية.

وتُشير النتائج إلى أن نسبة المؤيدين الأمريكيين لفكرة تعزيز الديمقراطية انخفضت قليلا منذ الربيع العربي؛ حيث انخفضت نسبتهم من 57% التي سُجّلت في أبريل 2011 إلى 50% في العام الجاري.

الصراع بين الإسلام والغرب

تظهر نتائج الاستطلاع رفض أغلبية الأمريكيين الفكرة القائلة إن الثقافة الإسلامية تتعارض مع الثقافة الغربية، وإنه لا مفر من الصراع بينهما؛ بل أعربوا عن تفاؤلهم بشأن إمكانية إيجاد أرضية مشتركة بين الثقافتين.

فقد اتفق 42% فقط من الأمريكيين مع الرأي القائل بأن "الصراع العنيف بين الثقافتين سيظل قائمًا"، فيما اتفق 53% منهم مع الرأي القائل بأنه "على الرغم من وجود بعض المتعصبين في العالم الإسلامي، إلا أنه ليس من المستبعد إيجاد أرضية مشتركة بين الثقافتين". ولكن المشرفين على الاستطلاع ينوهون إلى أن نسبة الموافقة على إمكانية إيجاد أرضية مشتركة جاءت دون الـ59% التي سُجّلت في العام الماضي.

ويتفق 68% من الديمقراطيين، و51% من المستقلين، مع الرأي القائل بأن من الممكن إيجاد أرضية مشتركة بين الثقافتين الإسلامية والغربية. فيما يرى 60% من الجمهوريين أنه لا مفر من الصراع العنيف بينهما.

ويُظهر الاستطلاع أن 51% من الأمريكيين يرون أن التوترات بين الإسلام والغرب لا تتعلق باختلافات الدين والثقافة بقدر تعلقها بصراعات حول السلطة والمصالح، فيما رأى 43% عكس ذلك.

توجيه إسرائيل ضربة محتملة لإيران

وفقًا لاستطلاع الرأي؛ ترى الأغلبية أن ضرب إسرائيل لإيران لن يثني الأخيرة عن صنع أسلحة نووية بقدر ما سيدفعها إلى تسريع وتيرة تطوير البرنامج النووي انتقامًا من الغرب. كما يرجح 86% من الأمريكيين أن تفضي تلك الضربة الإسرائيلية المحتملة إلى ارتفاع أسعار النفط ارتفاعًا حادًّا، وإلى وقوع هجوم إيراني على القواعد الأمريكية.

وكشف الاستطلاع أن 55% من الأمريكيين يرجحون أن تؤثر الضربة على "موقف الولايات المتحدة العسكري في الشرق الأوسط"، فيما يرى 32% منهم أن الموقف الأمريكي سيظل كما هو.

وعن الصراع في سوريا يكشف الاستطلاع رفض الأمريكيين إرسال الولايات المتحدة أسلحة وإمدادات إلى الجماعات المناهضة للحكومة السورية؛ إذ عارض 67% منهم تلك الفكرة، فيما فضل 22% منهم ذلك، فيما يؤيد 59% منهم فرض منطقة حظر جوي فوق سوريا. وعن قصف الدفاعات الجوية السورية، عارض 68% من الأمريكيين تلك الفكرة، فيما أيّدها 21% منهم فقط.

aymaan noor
04-11-2012, 09:42 PM
جزاكم الله خيرا و بارك الله فيكم

aymaan noor
04-11-2012, 09:46 PM
إنفجار غزة و حصار بيروت معاً
http://arabic.jadaliyya.com/content_images/3/emirgaza.jpg
عبدالله البياري
حدثان هامان شهدهما عالمنا العربي – من ضمن الكثير والمتتابع مما يشهده وأسرع من إدراكنا– امتد تأثيرهما أفقياً لما يفوق حدودهما الجغرافية –كالعادة- ، كان الأول تفجير الأشرفية في بيروت، والذي راح "ضمن" ضحاياه اللواء وسام الحسن رئيس مركز المعلومات في الأمن الداخلي اللبناني، و الحدث الثاني هو زيارة أمير قطر وحرمه ووفدهما المرافق إلى قطاع غزة المحتل/المحاصر.
لايمكن تجاهل أهمية الحدثين، وإن كانت بيروت قد شهدت إنفجارات وإغتيالات سابقة، وكذا القطاع الغزي الذي كُسر حصاره سابقاً، ولكن...

غزة :

لزيارة أمير قطر ووفده وحرمه لقطاع غزة وما أثارته الزيارة من إستقطاب بين مهلل ومشيطن لها، أهمية خاصة. فالزيارة قوبلت برفض شديد من تيارات فتح و اليسار الفلسطيني وصلت حدود القول "إذا كان الزائر سليم النوايا كان الأجدر به أن يبدأ بالقدس (!!!) ورام الله وثم غزة"، وهذا الرفض الحاد يجعل مجرد التساؤل عن مبدأه تساؤلاً مشروعاً إن لم يكن واجباً، فالأمير القطري يمثل أولاً أعلى المستويات الديبلوماسية لكسر الحصار على القطاع، وبالتالي فلذلك تأثيره على العملية السياسية، كما أن تلك الزيارة صاحبها إفتتاح مشاريع إعمار غزة المنكوبة بتعبير أكثر المقاييس الحضارية والمدنية والإعمارية والإنسانية، بلغت قيمة تلك المشاريع حوالي الـ 400 مليون دولار، ألم يكن الأجدر بمن يرفض تلك الزيارة أن يسأل نفسه قبلاً ماذا قدم هو للقطاع غير الإتجار به؟ وهل أتت عليه سياسات "أكبر صحن مسخّن" و "أكبر صحن كنافة نابلسية" ومقاومة "الإيه تي إم" بيد عرّابها رجل البنك الدولي في فلسطين، الذي خرجت عليه مظاهرات أخيرة ترفض سياساته "الإعمارية"، بما هو أكثر من مستشفيات "الأمير حمد" ومساكن "الأمير حمد" وغيرها؟

أما عن اليسار الفلسطيني، فلايمكن الحديث عن موقفهم الرافض وهو أول من قبل بأوسلو وسياساتها وسياسيوها في إنقلاب واضح على أولى مبادئ اليسار. بما يضمن تشريعاً يسارياً للعيش "تحت البسطار الإسرائيلي" وقانونه –بحسب مصطلحات السلطة- ، التشريع الأقرب لتبرير "اللي منه أحسن منه" فأعطتهم تل أبيب "مظاهر" دولة دون وطن من مكتب وسيارات أمن وسجون وتوكيل عام. وتلك في حد ذاتها جريمة في حق فلسطين، وبالذات بعد تصريح إسرائيل أن عدد المطلوبين لها في الضفة الغربية يساوي صفراً...(تلك شهادة عار واضحة وصريحة تُخرس من يحملها).

ذاك تساؤل مشروع ، ولكن ماذا بعد؟

فالأمر لا يجب أن يتوقف عند هذا الحد، ولعل أهم ما في الأمر والزيارة ، هو ما يتعلق بالإدراك الفلسطيني (والعربي) للوضع الغزّي، وبالتالي للوضع الفلسطيني والعربي عموماً، فمجرد التساؤل السابق لا يجعل منا قابلين ولا مصادقين على ماحدث في القطاع، من مراسم بيع و "زفاف" على البترودولار الخليجي، فمن يرى خطاب رئيس الوزراء الغزّي و تهليله لـ"عروبة الأمير وحسّه المقاوم" لايمكن أن يمنع نفسه عن تساؤل مشروع آخر -بل وواجب عروبي ومقاوم أيضاً..لمَّ هو فقط؟!!- : كيف تستوي المقاومة والعروبة وعلاقات تطبيع على أعلى مستوى عربي، تصل حدود "التنفس الصناعي" الإقتصادي لرؤوس الأموال الإسرائيلية التي تتضرر من حركات المقاطعة الشعبية لمنتجاتها وخدماتها؟ كيف تستوي تلك العروبة والمقاومة ومشاريع البترودولار القطري في الداخل المحتل والتي ليس أقلها بناء المستوطنات؟ إن مجرد التعامي عن تلك الإزدواجية في الخطاب الحمساوي (المقاوم) في غزة يقفز فوق مجموعة من الحقائق:

1. الدور القطري في الحراك الثوري العربي (والمعيّة لاتعني الثورية)، والذي يمثل دعم القطاع الغزّي المقاوم (غزة التي أثبتت للتاريخ المعاصر وسطرت له أعظم نماذج المقاومة على تاريخها، والتي تعد حرب 2008-2009 نموذجاً لإنتصارها في وجه إحتلال ودول عالمية وعربية وقفت معه ضدها) ورقة لعب ثانية، في ظل تكشف عوار ورقة اللعب الأولى وهي تيارات الإسلام السياسي عموماً والإخواني خصوصاً المدعوم قطرياً في الدول التي مرت بثورات و إنتفاضات، إذ يمثل الدعم القطري حينها مساً بأكثر محركات العاطفة لدى الشعب العربي وتوظيف ذلك لصالح تيار الإسلام السياسي، وهذا يفسر في نظرنا توقيت الزيارة، و"الموافقة" التي أصدرها (الرئيس) مرسي بإدخال المواد اللازمة لإعمار غزة بعد الزيارة القطرية بأيام (مع العلم أن سياسة هدم الأنفاق لاتزال قائمة، وسياسة غلق المعبر قبل الزيارة المباركة كانت قائمة). أكان لزاماً على الأمير وحاشيته أن يزوروا غزة ليعي "مرسي" أنها محاصرة؟ أم أن غزة الآن غير!
والدور القطري في الحراك الثوري هو دور يختلف بإختلاف الإقليم الثوري (المنتفض)، فهي لاعب أساس في الحراك في مصر و تونس، ولكنها لاعب مشارك في سوريا، ولاعب إحتياط في اليمن والبحرين.

2. عطفاً على النقطة السابقة ، وامتداداً لها يمكن تفسير الكثير من لامنطقية خطاب رئيس الوزراء الحمساوي إسماعيل هنية، إذ يرى أن ذلك الفتح الأميري لم يكن ليتحقق لولا الثورة المصرية. وهو كلام حق يراد به باطل، إذ يتناسى هنية أن رئيس "مصر مابعد الثورة" – إن صحت التسمية، ولا أظن- اختلف عمن سبقه من كنز إستراتيجي بأن سمى نفسه صديقاً وفياً لبيريز، وأرسل سفيراً لمصر في الكيان الصهيوني تم تعميده في القدس، ولا يمكن فصل ذلك "الوفاء" عن إستغلال تيارات الإسلام السياسي –وليس الإخوان فقط، و إن كانوا أبرزها- كل الفرص المتاحة لإرسال رسائل "الوفاء" و"التغزل" للكيان الإسرائيلي وأمريكا في أهم منابر ودبابات التفكير الصهيوأمريكية ، ليس التمسك بـ"كامب ديفيد" حدود "عدم المساس" إلا أول الغيث الإسلامي.

ألم يكن فيتوريو أريغوني ونعوم تشومسكي وأهل غزة قبلاً، أولى بتلك الدكتوراه الفخرية، من أمير قطر؟ ألم تكن علاقتهما واضحة مع الإحتلال و بالتالي المقاومة، وليست بإزدواجية البترودولار أو بالأصح خطبه الإعلامية؟

إذا أبقينا تلك النقاط الميدانية في خلفية المشهد الغّزي نجد أن المقاومة تقع في محظور الإتجار بها، حيث إن كان فصيل الضفة يحول منجزاته لنوع من أنواع المقاومة ، فضل تسميتها عبثياً باسم "المقاومة السلمية" وتلك وسيلة لغاية، فما فعله الفصيل الغزّي أنه يجعلها "مقاومة تجارية" وفرصة لتبديل "راعي رسمي" بالمنطق التجاري، تنتهي بتطابق شديد لمنتج فتح من "اللي منه أحسن منه" وهو دولة دون وطن.
كل ذلك على حساب الإتجار بمقاومة القطاع الغزي ، و صموده المشرف.

بيروت :

ليس إنفجار بيروت الأخير هو الأول، فقد شهدت بيروت العديد من عمليات الإغتيال السياسي بين فرقاء العملية السياسية (بحسب تسمية الإعلامية اللبنانية)، وبعيدا عن منطق الإغتيال السياسي وقبوله أو رفضه، ولكن يجدر بنا التوقف أمام مشهدين إثنين: تشييع السيد وسام الحسن، وتشييع السيدة جورجيت ساركسيان، الذين قتلا بنفس العبوة الناسفة، في بيروت نفسها، ويبد واحدة، وزارهما ملاك الموت نفسه وصعدا نفس السلم لذات السماء، ولكن يظل بازار الإتجار بالموت في بلادنا مختلفاً، وهذا ما يفضحه التصدير الإعلامي لمشهدي التشييع.

فالسيد وسام الحسن صار بطلاً ووصلت بطولته لمن لا يعرفه حدود الإتجار بدم عربي آخر، وهو الدم السوري بعد اللبناني، إذ تمت تسمية إحدى كتائب "الجيش (!) السوري(!) الحر(!)" بإسمه إمعاناً في تأكيد "الوطن" الذي يسعى إليه هؤلاء على خطى الوسام، و أصبح الناس على الشبكات الإجتماعية –وهي مرآة جزئية للخطاب الدائر في المجتمع- تقدم الفقيد على أنه فقيد الحرية و الوطن معاً. ولكن أي حرية ووطن فذلك لا يعد مهماً، طالما أن الإعلام صادق على التسمية. أوليست السيدة جورجيت التي كانت تعمل في أحد البنوك في منطقة الأشرفية حيث حدث التفجير، أولى بمفهوم الوطن، تلك الأم التي تعيل ثلاثة ابناء؟ أوليست الأم في نهاية هي الوطن، وتلك شهيدة وطن، جار عليها وقتلها بإسم الوطن أيضاً لصالح الوطن؟ وطن يقتل أمه لا يعول عليه ... ذلك السائرون إليه.

قراءة بسيطة لتاريخ وسام الحسن، تجعلنا نتساءل كيف يستوي الوطن ووسام الحسن شهيدين (وشاهدين) معاً، وليس الوطن وجورجيت شهيدين (وشاهدين) معاً؟ كيف يستوي إعمار غزة الوطن، بالإتجار بها معاً، لتصطف في النهاية بجانب منجزات الأمير حمد كتفاً بكتف؟ كيف يستوي وسام الحسن وجورجيت شهداء نفس الوطن معاً؟

إعمار غزة واجب على كل منا، أما الإتجار بها –وبمقاومتها- فلا، سواءاً عن اليمين أو اليسار، فغزة التي قاومت ورفضت "البسطار" وسياسييه، يجب أن ترفض العباءة ومهللوها، ولأن غزة تشرّف من يأتيها يجب أن نعلم ألا ثمن لذلك الشرف إلا المقاومة، لذا فهو ليس للبيع.

إن تلك المشاهد على الساحة العربية تستدعي منا عقلاً تفكيكياً لدى تناولها بعيداً عن الكلية و"المعيّة" التي تقيد إنتاجية الفعل السياسي والمقاربة. فكما أنه ليس من الممانعة في شيء أن تقتل شعبك ، فأيضاً ليس من المقاومة في شيء أن تبيعه، وإن كان ليس من الثورة في شيء "الوفاء للإسرائيلي" فليس منها أيضاً التعامي عن ذلك. ما أحوجنا لأن نسمي الأمور بمسمياتها بعيداً عن التذرع باليمين و اليسار، وبالذات أن الوطن والمقاومة وفلسطين والحرية والإحتلال، فتلك قيمٌ لا تخضع ولا تعَّرف إلا بذاتها فقط، ويظل "اليمين" و اليسار" قيداً علينا لا عليهم معاً.

أ/رضا عطيه
04-11-2012, 10:34 PM
لن ينجو حتى هذا الوطن الجريح من ألاعيب العُرب

هل تتمزق فلسطين الممزقة بفعل الاحتلال وعناد القادة الفلسطينين وتخاذل الأشقاء ؟؟؟؟؟


شكرا على نقل المقال المعبر أستاذنا العزيز

وربنا يسترها من غد تعودنا ألا نرى فى مقدمته إلا الغرائب والعجائب

أ/رضا عطيه
05-11-2012, 03:08 AM
لديهم مايشغلهم

وهو العلم والعمل مع فرض الهيمنة على العالم كله

وأجمل مافيهم هو التخصص

الشعب للعمل

ورجال السياسة لفرض الهيمنة


شكرا أستاذنا

aymaan noor
05-11-2012, 10:10 AM
الحدود والرؤوس المومئة: مرحلة ما بعد الاستعمار والذكرى الخمسون لاستقلال الجزائر
http://www.jadaliyya.com/content_images/3/algeriaAP.jpg
Muriam Haleh Davis
قد يقول البعض إن الجزائر تعد بامتياز نموذجاً لمرحلة ما بعد الاستعمار. لقد أعطت حرب الاستقلال طويلة الأمد والتي أصبحت نموذجاً لصراع العالم الثالث، والحزب الوطني الذي كان فرانتز فانون متحدثه الرسمي، دفعة لكلمة algérianité (الوطنية الجزائرية)، والتي كانت كلمة طنانة في كل البحوث التي تناولت مرحلة ما بعد الاستعمار. إضافة لهذا، فإن جبهة التحرير الوطني، والتي أعلنت نفسها الحزب الوحيد حتى 1989، لم تفز بالحرب ضد الفرنسيين فقط (وضد خصوم جزائريين) أثناء الثورة وحسب، ولكنها بقيت في السلطة بعد انتخابات مايو 2012 التشريعية. إنه من المؤكد أن الجو السياسي الحالي لا يزال مرتبطاً بشكل كبير بحرب الاستقلال. في الاسبوع الذي سبق الانتخابات، وقف الرئيس بو تفليقة في سطيف (حيث قام الاستعمار بمذبحته الشهيرة في 8 مايو 1945) واستحضر تضحيات جيله في محاولة واضحة لكسب رصيد شعبي من حرب الاستقلال.

إن الشعور بالراحة في تلك الاستعارة البالية للمسار الوطني المضاد للاستعمار وربطه بالمسار الرسمي الحالي لا يقتصر على الجزائر وحدها، بل إن الأنظمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد استحضرت "التدخل الأجنبي" في أوقات مختلفة عندما واجهت انتفاضات شعبية وصفها المراقبون، على مضض، بـ"الربيع العربي". وهكذا، وبينما كنت أراقب المنصات التي تُنصب، والحافلات التي تُزين، والمؤتمرات التي تنظم في الجزائر في الأسبوع الماضي للاحتفال بالذكرى الخمسين للخامس من يوليو، لم أستطع مقاومة رغبتي في التساؤل: ما الذي تعنيه مرحلة ما بعد الاستعمار في 2012؟

قد يكون هذا سؤالا غريباً، باعتبار أن الجزائر تعتبر الآن "استثناء" للربيع العربي. وربما يكون من غير الانصاف أن نسأل هذه النوعية من الأسئلة حيث أن المنظرين ليسوا بالضرورة مجبرين على استعمال الاحداث المعاصرة كأدوات للتحليل. ولكن بغض النظر عن هذا، فعندما نرى مقارنات بين النظام الحالي ونظام الاستعمار الفرنسي فإنه لا بد علينا أن نتوقف وندرس بضعة أمور. ما سيأتي من طروحات مبني على خبرتي في التنظير، والتأريخ، والنقاش، والتوثيق، والعيش في الجزائر. ورغم هذا، فإنني آمل أن هذا سيساعدنا على التفكير في اللحظة الحالية كواقع يمكن تصوره وحدوثه في أماكن أخرى في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

ما هي السلطة؟ من الهيمنة الاستعمارية إلى غموض لي بوفوار Le Pouvoir

كان تحليل السلطة الاستعمارية حاضراً دوماً في جوهر كل نقد للاستعمار. إن مفهوم السلطة كما أعاد تصويره Antonio Gramsci، و***atri Spivak، وMichel Foucaul، وآخرين، لم يكن حول القمع أو الاحتكار فقط لوسائل العنف. وفيما لم يكن هناك رأي واحد، فإنه من المنصف أن نقول أن منظري ما بعد الاستعمار ركزوا على الجوانب البناءة للسلطة الاستعمارية. بناء عليه، فإن الهيمنة الاستعمارية أظهرت أن المستَعمَرين قبلوا الشروط التي بموجبها فرضت الهيمنة عليهم، كما أن المستَعمَرين، كما قيل، أعادوا إنتاج الطرق التي نشرها المستعمِرون والتي تعبر عن وجودهم في العالم وقاموا بتعريفها وتبنيها. وبالتلازم مع هذا الاستحضار للسلطة جاء مفهوم الثانوية، والذي بدأ كطريقة للهروب من الحدود الضيقة للتحليل الطبقي وانتهى إلى تجميع كل من همشتهم الدولة (غالبا ما يستعمل هذا المصطلح للإشارة إلى ال*** أو العرق على سبيل المثال). ورغم ما علمنا إياه فوكو من أن السلطة كانت لا مركزية ومتفشية بالكامل، فقد كان واضحاً أين يكمن مصدر السلطة في أجهزة الدولة مثل المدارس، والسجون، والمستشفيات على سبيل المثال. وحيث أن هدف السلطة لا يقتصر على السيطرة على المصادر المادية وسلطة اتخاذ القرار، فإن مصدر السلطة أصبح مفهوماً بشكل عام في ضمن هذا السياق.

على الرغم من ذلك، فإننا لا نستطيع الحديث عن هيمنة النخبة السياسية في الجزائر، ولكننا نستطيع الحديث عن الرؤية الضبابية لبوفوار. فالطبقة الحاكمة مشهورة بالغموض، والبلد يعاني من انقسامات واضحة بين الادعاءات الرئاسية وأجهزة الأمن والمخابرات المتنفذة بقوة (DRS, Département du Renseignement et de la Sécurité). إضافة إلى هذا، تمتلك الجزائر تاريخاً من الاغتيالات والفساد، وانتشار الاعتقاد بنظرية المؤامرة مما جعل من المستحيل تقريباً أن نعرف من يسيطر على ماذا. فلنأخذ توفيق مدين على سبيل المثال، والذي يقال عنه في بعض الأحيان إنه أقوى رجل في البلاد باعتباره رئيساً لجهاز الأمن والمخابرات. ورغم ذلك، فإنه من المدهش أن هناك صورة واحدة فقط متداولة له. في الخامس من يوليو، وبينما أنا جالس مع زملاء لي بعد أن حضرنا مؤتمرات مطولة في ذكرى الثورة، كان هناك توقعات حول مكان إقامة مدين، وبعد الاستماع لبضعة نظريات متداولة، بدأنا بالمزاح قائلين أنه موجود في كل مكان وفي لا مكان، لقد كان "سريع الزوال" كا وصفه أحد الأصدقاء. مدين هو روح النظام ولكن بدون تواجد مادي حقيقي. هناك تساؤل دائم في الجزائر عما إذا كان السياسيون أحياء أو أموات، بالمعنى الحقيقي للكلمة. هناك حالة من الارتياب في السلطة المحتكرة للعنف (necropolitics) في استعارة لهذا المفهوم من أخيل امبيبي Achille Mbembe، وأصبحت بالفعل رمزاً نموذجياً لوضع السلطة في مرحلة ما بعد الاستعمار.

ولهذا، وعوضاً عن الاحتجاج ضد الاستعمار أو (المتعاونين) من النخبة، فقد أصبح الجزائريون مشاغبين بامتياز ( وأنا هنا أنصح بقراءة مدونة ألان بيرثوAlain Bertho، والتي تحتوي على قائمة شاملة لأعمال الشغب ليس فقط في الجزائر ولكن أيضاً في أنحاء أخرى من العالم). في عام 2012، يمكن أن نطلق لقب "المهمش" على العاطل عن العمل، وقاطني الضواحي المحرومة، أو طلبة الجامعات الفاسدة. إن استعمال مفهوم " الضرورة الاستراتيجية" ل ***arti Spivak، وهو طريقة للتأكيد على الهوية متعددة الجوانب لإعطاء مكانة للمهمش، تبدو أقل وضوحاً في هذه الحالة. وبتعبير آخر، فإن الطبيعة المتغيرة للمهمش تستدعي استراتيجيات جديدة للتنازع خصوصاً وأن أشكال الهيمنة لم تعد متسقة أو واضحة.

ربما لا يوجد مثال على هذا التغير أفضل من الاحتفال الرسمي بالذكرى الخمسين في ملعب كرة القدم الضخم (والذي يسمى بدوره ملعب "الخامس من يوليو"). لم يكن الملعب أقل إمتلاء عنه أثناء مباراة فريقي حرّاش وإم سي إي فقط، ولكن الجو العام كان أقل تحفزاً بشكل واضح، فلم يكن هناك مسؤولون حكوميون ظاهرين للعيان، لا على المنصة ولا في الملعب، مما دعا أحد زملائي للمزاح قائلاً إن نظاماً استبدادياً حقيقياً كان سيعمل على امتلاء الملعب. بوتفليقة كان ملء الأعين في نهائي كأس الجزائر ولكنه كان بعيداً عن الأنظار في الاحتفال بالذكرى الخمسين.

من هو المستعمر؟ تنقية الهجين

يلوح شخص المستعمر كثيراً في عقلية ما بعد الاستعمار. وكما يخلق النظام الاستعماري "نسخة مصرح بها من الآخر"، وبكلمات أخرى يخلق نسخة من Homi Bhaba، فإن ديناميكيات المحاكاة تنبثق من محاولة التقليد الأعمى للتقاليد الاجتماعية للمهيمن، والذي أصبحت صفاته العرقية علامة للقوة والرقي الاجتماعي. وكما أوضح Fanny Colonna، ومع ذلك، فإن صفات المستعمرين لا يمكن أن يكتسبها المستعمَرون. وفي حين تم تصميم النظام الفرنسي لضمان "الحد الأقصى من استيعاب القيم التعليمية"، فإنه ايضا وضع الحدود بين الأوروبي والعربي، والتي بدونها كان النظام الاستعماري سينزلق للفوضى.[1]

هناك تماثلات مهمة يمكن استخلاصها بين محاكاة النظام الاستعماري والنظام الحاكم في الجزائر في 2012. فحتى لو يكن النظام من الناحية الشكلية فرنسياً، فإنه بكل تأكيد غريب ثقافياً. فلنأخذ على سبيل المثال سياسة التعريب، والتي لم تكن سوى فشل ذريع في الجزائر. فقد تم إبعاد الناس عن لهجتهم المحلية، وطُلب منهم أن يتحدثوا بلغة عربية معاصرة تقصر أدوات التعليم الحالية عن توفيرها. وبالطبع، فقد تم أداء مراسم الاحتفال بالذكرى الخمسين بالفصحى. يشعر أبناء النخبة أنفسهم بالراحة في استعمال الفرنسية، وهم مستمرون في إرسال أبنائهم إلى فرنسا للدراسة، وفي بعض الأحيان يرسلون أبناءهم للخارج في الصيف لتعلم العربية. أحد الأمثلة المضحكة حدث في مؤتمر صحفي حين هاجم الصحفيون رئيس الوزراء، أحمد أويحيى، لأنه أجاب على سؤال بلغة الكابلي.

تركزت أحدث الهجمات على النخبة الحاكمة الحالية على مقارنتهم بالمستعمر الفرنسي. فهم لا يظهرون إهمالاً مماثلاً لما كان يظهره الفرنسيون لحياة الناس العادية في الجزائر فقط، ولكنهم أيضاً يبدون، وبشكل واضح، غرباء في تقاليدهم اللغوية والثقافية. ورغم هذا الميل للنظر إلى النخبة الجزائرية على أنها "الآخر"، فإن الفرد الفرنسي الذي قاتل مع جبهة التحرير الوطني، مثل Maurice Audin أو Pierre Chaulet (الذي نشر مؤخراً مذكراته مع زوجته Claudine Chaulet)، قد تم محوهم من الذاكرة الجمعية.

في مقال نشر بملحق لجريدة "الوطن" في الخامس من يوليو، نقل عن طاهر بلبيس، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق العاطلين عن العمل، قوله "تتعرض الجزائر هذه الأيام لاحتلال داخلي". لم يقصد طاهر أن دمج البلد في الدولة هو عملية تشبه الاستعمار، في تعريف للهيمنة على الموارد الوطنية على سبيل المثال. ولكن تصريحه يستعمل الاستعمار بشكل معبأ سياسياً ليقول إن الجزائر قد تم إحتلالها بالفعل حين يقول :" نحن كما لو كنا تحت نير الظلم، والفساد، ومحاباة الأقارب، والاضطهاد"، ويختم طاهر كلامه باستعمال جملة تردد صداها كثيراً في أحداث الربيع العربي : "نحن نقاتل من أجل كرامتنا".
تتطلب عملية إعادة التفكير في مرحلة ما بعد الاستعمار أن نعيد تعريف كيف يتم استدعاء الاستعمار وتذكره من قبل الأطراف المتعددة. هذا يعني تذكر أن سياسة الهوية كانت وسيلة بيد الاستعمار تم التقاطها واستعمالها من قبل أنظمة ما بعد الاستعمار. يعد المستعمر اليوم شخصية ذات تأثير مستمر، رغم أن هذه الشخصية لا تتماشى مع " التمييز العرقي" التي كنا نتوقعها.

حزمة الأفكار الاستعمارية؟ زيارة جديدة للاستشراق ومضاد الاستشراق

أنا شخصياً مذنب بهذا، فغالباً حين تتم مناقشة تغطية "الربيع العربي"، يستل المعلقون نسخة من كتاب الاستشراق لإدوارد سعيد (والذي عادة ما يكون موضوعاً بجانب كتابهم الأخضر- قاموس هانز فير الانجليزي- العربي- على الطاولة قرب السرير). إن موضوع إنتاج المعرفة يكمن في قلب عملية نقد مرحلة ما بعد الاستعمار. منذ احتلال نابليون لمصر، بدأ انتاج المعرفة عن الشرق الأوسط من قبل فصيل أساسي من أشخاص مهتمين سياسياً ممن وصموا المنطقة بكونها متعصبة، وجامدة، ومتخلفة. ووفقاً لحامد دباشي، على سبيل المثال، فإن " زعزعة النظام (نظام المعرفة) هو الحقيقة الأولى والأهم في هذه الانتفاضات". بالنسبة لدباشي، فإذا كان الغرب قد أنتج معرفة عن "الشرق" فإن الربيع العربي قد عمل على "تفكيك هذا النظام المعرفي".[2]

قد يكون هذا ممكناً، ولكن هل يساعدنا في التحليل أن نقوم فقط بتأكيد ما كنا قد نفيناه سابقاً ( وهو القول إن العرب ليسوا عنيفين بطبيعتهم ولكنهم يميلون نحو اللاعنف، على سبيل المثال)؟ هل يجب علينا أن نقبل إمكانية أن نقد إنتاج المعرفة الاستشراقية قد يقودنا إلى معرفة "لا إستشراقية" قصيرة النظر؟ حين لا يكون الانقسام الجغرافي في انتاج المعرفة بين المستعمِر والمستعمَر (يقول الفرنسيون إن الجزائريين متعصبون)، ولكنه بين الجزائر والتمانراست (يقول الحكام الجزائريون إن الناس في شمال البلاد أقل وطنية ليفسروا ضعف الاقبال على الانتخابات)، فما الذي يمكن أن نفعله هنا؟ حين يصبح الشباب – وليس المحمديون- هم الفئة الموصومة بالتدني الاجتماعي، هل يجدي هنا أن نؤكد فقط على المعرفة "المحلية"؟ حين تكون الصور النمطية عن الاحتجاجات السياسية الجزائرية مصنوعة من قبل النخبة الجزائرية، وبالتالي يتم ترديدها بشكل أعمى من قبل "المراقبين الدوليين"، فكيف يمكن لنا هنا أن نحسب حساب الشبكات الاجتماعية في إنتاج المعرفة؟

لا يكفي أن نقول إن إنتاج المعرفة الآن هو "استعمار جديد" أو أن نؤكد على أن "الشرق" يمر أخيراً بحالة "انتقالية" (كما يبدو أن دباشي يفعل حين يزعم أن الثورات هي "استعادة لحياة عالمية"[3]. عوضاً عن النظر إلى المساحات الجغرافية والثقافية، يجب علينا أن نتذكر، وكما قال Bourdieu في السابق إن "كل نظام مؤسس ينحو نحو إنتاج تطبيع لاستبداديته الذاتية".[4] ربما تكون مجموعة أفكار ما استعمارية بمنطق أن بعض المديرين روجوا لطريقة معينة في فهم المجتمع، والتاريخ، والثقافة. أو قد تكون استعمارية حين تصل إلى مدى يمكنها من تصوير طريقة لتأكيد الحقائق التي ظهرت خلال فترة من التاريخ كان المجتمع فيها تحت الاحتلال، أو قد لا تكون استعمارية على الإطلاق.

الخلاصة: الأجساد والحدود

لقد كان الاحتفال بالذكرى الخمسين في الملعب الكبير مطابقاً تماماً لما توقعه أغلب الناس، فقد كان هناك إعادة إحياء للمناسبات المقدسة في الميثولوجيا الوطنية، مثل وصول الفرنسيين إلى سيدي فرج في 1830، والنصر الذي أحرزه الأمير عبد القادر ضد الجنرال بيجو، وحرب الاستقلال. وبعد هذا، كان هناك نوع من العرض الاستعماري الذي قامت فيه عدة مناطق من البلاد تمثل التركيبة السكانية للجزائر، وبشكل غريب، بارتداء الملابس التقليدية وعزف الموسيقى المحلية لكل منهم. أما الجانب الثالث من العرض فيمكن أن نصفه فقط ب n’importe quoi (أي شيء مقبول) لمن توقعوا عرضا لمرحلة الحكم الوطني ما بعد الاستعمار. مئات من الشباب الجزائريين قاموا بعرض "الهب هوب" (وهو القفز بشكل متقلب)، كما كانت هناك استعراضات لشباب من طلبة المدارس يدورون حول أنفسهم وهم يحملون شمسيات ملونة (هل قابلت ماري بوبنز كوريا الشمالية؟). ورغم هذا، فإنه بالنسبة لجمهور نادراً ما يغادرون بيوتهم في النهار (حالة عدم الاحساس بالأمان في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية لا تزال تخيم على الجميع، خصوصاً في الجزائر العاصمة)، فإنه يمكننا قراءة حالة "أي شيء مقبول" كطريقة للتمدد خارج حدود الاحياء التاريخي. وهذا صحيح على وجه الخصوص إذا تذكرنا المرارة المتفشية في النفوس بسبب حقيقة أن النظام، وبعد خمسين عاماً من الاستقلال، لم ينجز إلا القليل لتطوير حياة الشعب. قد لا تكون طريقة "أي شيء مقبول" محوراً تحليلياً في نظرية ما بعد الاستعمار، ولكنها بالتأكيد تحتل مكانة خاصة في حياة أنظمة ما بعد الاستعمار.

هنا تأتي الخاتمة: المئات من الأجساد سارت في مسيرة إيقاعية على شكل الجزائر الوطن، وحاولت فيما بعد أن تنشر العلم الجزائري على مساحة الملعب. وإذا كانAnderson Benedict قد علمنا أن الأمم هي عبارة عن "صناعة ثقافية"، فقد نسي أن يقول لنا أنها، أحياناً، تحتاج إلى أجساد مادية لتبدو ظاهرة للعيان. حين كان العلم ينتشر على مساحة الملعب، كان ينتشر بشكل غير متساو وغير مرتب. في لحظة ما تساءلنا ما إذا كان المشهد بأكمله سينهار في الدقائق الأخيرة ولكن، وبشكل غير معقول، نجح العرض. فقد ملأ العلم المساحة، وإن كان من المستحيل ألا نلاحظ أن الهلال كان حاد الشكل بعض الشيء. بالاضافة لهذا، كان يمكننا أن نرى الأجساد تقفز إلى أعلى وتعود للأسفل بشكل عنيف مما أفسد الهدوء المحيط بالمكان. في الوقت الذي تبقى فيه الأجيال الجزائرية منقسمة بين الشعور باللامبالة تجاه السياسات الرسمية لمرحلة ما بعد الاستعمار، وعدم الاكتراث بتاريخها الثوري، يبدو من المناسب القول أن أعظم تجسيد للعقيدة الوطنية قد تم إحباطها، إيماءة رأس واحدة في كل مرة تكفي.

النص الانجليزى للمقال (http://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=478635)

المصري33
05-11-2012, 11:45 AM
جزاك الله خيرا و بارك الله فيك
__________________
http://gallery.7elm3aber.com/userup/1274273759.gif

aymaan noor
06-11-2012, 10:04 AM
رؤية أمريكية
أبعاد الفجوة الجيلية بجماعة الإخوان المسلمين في مصر
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/23f6a067599ae98276b159b7685c0abf_L.jpg
جيفري مارتيني، وداليا كاي، وإيرين يورك
عرض شيماء أحمد محمود، مترجمة متخصصة في الشئون السياسية والاقتصادية
في إطار اهتمام مؤسسات الفكر والرأي الغربية بالصعود الإسلامي في منطقة الشرق الأوسط عقب موجة الربيع العربي، لا سيما جماعة الإخوان المسلمين؛ نشرت مؤسسة "راند" البحثية الأمريكية، في شهر أكتوبر 2012، دراسة تحت عنوان "الإخوان المسلمون.. شبابها وتبعات التواصل مع الولايات المتحدة" لثلاثة باحثين؛ هم: جيفري مارتيني، وداليا كاي، وإيرين يورك.

تسلِّط الدراسة الضوء على تركيبة شباب الجماعة وما يشكلونه من تحدٍّ لها، موصيةً صناع القرار الأمريكيين بالتواصل مع الأجيال الإخوانية الجديدة؛ من أجل تغيير آرائهم تجاه الولايات المتحدة وسياساتها في المنطقة.

ويقدم الباحثون الجماعةَ باعتبارها كيانًا "غير متماسك"؛ حيث تمثل الفجوات الجيلية بها تحديًا كبيرًا لنسيجها، لا سيما بعد تهميش جيل الشباب في التسلسل الهرمي للمناصب القيادية رغم وجودهم في مقدمة صفوف ثورة الـخامس والعشرين من يناير.

مَن هم شباب الإخوان المسلمين؟

يستهل خبراء "راند" دراستهم بالتعريف بشباب الإخوان المسلمين، ناقلين عن المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع قوله، في خطابٍ موجَّهٍ إلى جيل الشباب الإخواني: "اعلموا يا أبنائي أنكم أنتم أمل الأمم وسَنَدُها ومستقبلها، وأنكم أهم عامل لنهضتها وتقدُّمها وارتقائها.. هذا هو قدركم".

وجدير بالذكر أن نجم شباب الجماعة بزغ في وقت متأخر من عام 2000؛ عندما جذب عدد منهم الأنظار بنقدهم مواقف القيادة الإخوانية وممارساتها التنظيمية. وفي الفترة الأخيرة، لعب رموز من شبابها أدوارًا قيادية في ثورة 25 يناير؛ بمن في ذلك إسلام لطفي، ومحمد القصاص اللذين اختيرا ممثلَيْن لائتلاف شباب الثورة؛ ذلك الائتلاف الذي شُكِّل لتنسيق التفاعل بين الشباب والسلطات الانتقالية في أيام ما بعد تنحي الرئيس السابق "حسني مبارك".

ويُذكر أنه رغم تحفُّظات قيادتهم العليا بشأن مسألة المشاركة في التظاهرات، مارس شباب الإخوان ضغوطًا للحصول على إذن للانضمام إلى المسيرات الاحتجاجية، وحصلوا عليه بالفعل في نهاية المطاف لكن بشرط المشاركة بوصفهم أفرادًا لا أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين.

وإبان التظاهرات التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك، لعب هؤلاء الشباب دورًا حاسمًا في هزيمة البلطجية، وردع الثورات المضادة، وحماية المتظاهرين في ميدان التحرير، وفي إعاقة جهود النظام السابق الرامية إلى تخويف المتظاهرين، حسبما تشير الدراسة.

وفي فترة الإعداد للانتخابات البرلمانية، بذل شباب الإخوان جهودًا مضنية لتوعية المواطنين بأهمية الإدلاء بصوتهم، وعملوا على لصق الدعاية الانتخابية على جدران كل شارع.

بيد أن جيل الشباب الإخواني برز أيضًا باعتباره "لوبي" ضاغطًا داخل الجماعة و"تهديدًا" للكيان الإخواني، على حد وصف الدراسة التي ترى أن هؤلاء الشباب أكثر "ثورية" من القيادة الإخوانية العليا التي تفضِّل الهدوء والحذر. ومن شأن تلك الديناميكية -على حد اعتقاد الخبراء- أن تسفر عن انشقاقات داخل الجماعة.

وتنوّه الدراسة إلى أن جماعة الإخوان المسلمين خسرت بعض ألمع شبابها بسبب عدم مرونتها، والتزامها الصارم بالتسلسل الهرمي للمناصب القيادية، ولعدم إتاحتها فرصة تولية هذا الجيل الجديد المناصب القيادية. وكان لطفي والقصاص من ضمن هؤلاء الشباب الذين هجروا الجماعة.

جدل حول عدد أعضاء "الإخوان"

تباينت تقديرات المحللين لحجم الجماعة الفعلي؛ فثمة تقديرات تشير إلى أن الجماعة بها 600 ألف عضو، فيما تقول قيادة الجماعة إن الرقم يتعدّى 700 ألف. أما مؤسسة "راند" البحثية فترى أن الجماعة لا تزال حذرة في تقديم أرقامها الحقيقية، وأن ثمة التباسًا بسبب الدرجات المختلفة للعضوية من الطفولة إلى الشباب، مرورًا بِفِرق الكشافة الإخوانية المعروفة باسم "الأشبال والزهرات".

وقد عقَّد ظهورُ حزب الحرية والعدالة مسألةَ تقدير عدد أعضاء الجماعة؛ إذ تشير الدراسة إلى أن عدد أعضاء الحزب ربما يفوق حاليًّا عدد أعضاء الجماعة نفسها بنسبة 25% فوصل عددهم الإجمالي إلى مليون عضو، حسب تقديرات "الحرية والعدالة". ويمثل الشباب ما تتراوح نسبته بين 35% و50% من عضوية الجماعة التي تُصنَّف مَن أعمارُهم دون 35 عامًا ضمن فئة الشباب. وإجمالا، يُقدِّر الخبراء عدد شباب الإخوان بمئات الآلاف.

وتوضح الدارسة أن شباب جماعة الإخوان الحاليين والمنشقين يتوزعون بين ستة أحزاب سياسية؛ من بينها الحرية والعدالة، وأن متوسط سن العضوية لمكتب الإرشاد هو 61 عامًا.

الفجوة الجيلية في الجماعة

ترى الدراسة أن حرمان الشباب من لعب دور في صناعة القرار بجماعة الإخوان المسلمين يعتبر من أهم التحديات التي قد تواجهها القيادة الإخوانية في المستقبل، لافتةً إلى نزوح عدد من أفضل العقول عن الجماعة؛ من بينهم شباب ينتمي إلى الشريحة الأرستقراطية التاريخية لقيادات الجماعة، وممثلون للإخوان في ائتلافات الثورة، ونشطاء مقربون من الحركات السياسية غير الإسلامية.

وتوضح المؤسسة البحثية أن انشقاقات الأجيال داخل جماعة الإخوان المسلمين ترتبط بأربع قضايا تهدد التماسك التنظيمي؛ هي:

(1) عملية التوفيق بين المهمات المختلفة للجماعة.

(2) موقف الجيل الإخواني القديم من القضايا الاجتماعية، مثل المساواة، وحقوق الأقليات، التي يستوعبها الجيل الحالي أكثر من الأجيال القديمة.

(3) تضارب ثورية الشباب مع المسارات الهادئة التي يفضِّلها شيوخ الجماعة.

(4) التقيُّد الصارم بالهرم التنظيمي للمناصب القيادية المتسبب بتهميش شباب الجماعة.

وتشير الدراسة إلى أن جيل الشباب الإخواني الجديد لا يقصِر انضمامه إلى الجماعة على الدعوة الإسلامية فحسب، بل يتطلع إلى المشاركة في الحياة السياسية أيضًا، واعتلاء المناصب القيادية، والتعبير عن رأيه بحرية، ولعب دور في النهوض بمجتمعه. وهي مسائل يقيِّدها شيوخ الجماعة.

يفضِّل الجيل الإخواني القديم أن ينأى بنفسه عن كل ما يجلب له المشكلات، ويرى في نفسه عنوانًا للحكمة والفطنة. ومن ثم بات يشكل الشباب ضغطًا على العصب الإصلاحي في جماعة الإخوان المسلمين.

وقد فشلت الجهود التي بذلتها القيادة الإخوانية لاحتواء الشباب والتحاور معهم؛ فتمسُّك الجماعة بمبدأ "السمع والطاعة" يخنق التفكير المستقل، وفقًا للدراسة التي ترى أن ذلك من شأنه إعاقة جهود الجماعة الرامية إلى الحفاظ على تماسكها ووحدتها وانسجامها.

علاقات الجماعة بالولايات المتحدة

يُذكر أنه في وقت مبكر من الثورة المصرية، أدلى مسئولون أمريكيون بتصريحات يعربون فيها عن استعدادهم للتعامل مع أي مجموعة يختارها الشعب للحكم، ما دامت تلك المجموعة المختارة ستلتزم بالقانون وستكون جزءًا من العملية الديمقراطية.

ورغم أن تلك التصريحات فتحت باب التواصل رسميًّا مع جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الجماعات الإسلامية؛ أحجمت جماعة الإخوان المسلمين عن مقابلة مسئولين أمريكيين رفيعي المستوى؛ لعدة أسباب؛ منها دعم الولايات المتحدة النظام السابق، وعدم مساندتها الثورة المصرية كما ينبغي.

بيد أنه بعد فوز الدكتور محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية المصرية، توجَّه نائب وزير الخارجية الأمريكي وليام بيرنز إلى مصر للقاء الرئيس المصري، ثم اجتمعت وزيرة الخارجية الأمريكية مع مرسي بعد ذلك بوقت قصير. وأدلى الجانبان المصري والأمريكي بتصريحات إيجابية بشأن مستقبل التواصل المستمر.

وبعد وقت قصير من الانتخابات، رحَّب مرسي بمزيد من الحوار مع المسئولين الأمريكيين؛ لاقتناعه بأهمية توطيد العلاقات الأمريكية المصرية، على حد قول خبراء "راند".

وتنقل الدراسة عن وزيرة الخارجية الأمريكية، وصفها الحرية الدينية بأنها "أولوية من الأولويات التي تقوم عليها السياسة الأمريكية الخارجية"، وتأكيدها أن التعامل مع الإخوان المسلمين مشروط بـ"التزامهم بحقوق الإنسان وبالمبادئ الديمقراطية العالمية".

ويوصي خبراء مؤسسة "راند" البحثية الأمريكية صُنَّاع القرار الأمريكيين بالتواصل مع جماعة الإخوان المسلمين عمومًا، ومع شبابها خصوصًا، لا سيما أن جيل الشباب يلعب أدوارًا مهمة على مستوى القاعدة الشعبية. وينوّهون بأن شباب الجماعة لا يمثِّلون تحديًا لتماسُك التنظيم فحسب، بل يُعتبرون أيضًا قناة محتملة لتوسيع تعاون الولايات المتحدة مع الجماعة.

كما يوصي الخبراء بفهم الانقسامات الموجودة داخل جماعة الإخوان المسلمين بدون استخدامها في اللعبة السياسية، والمشاركة في لقاءات دورية بين أعضاء الكونجرس والبرلمانيين من "الحرية والعدالة"، واستهداف قادة الشباب والناشطين واتحادات الطلاب خارج المدن الرئيسية، وزيادة مشاركة شباب الجماعة في برامج التبادل بين البلدين.

aymaan noor
08-11-2012, 01:56 PM
سيناريوهات العلاقة بين الأقباط والدولة بعد اختيار البابا
http://www.rcssmideast.org/media/k2/items/cache/68497d6cb194485d2759fde9466457b7_L.jpg
محمد عبدالله يونس
مدرس مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة
أنهى اختيار الأنبا تواضروس أسقف محافظة البحيرة ليشغل منصب بطريرك الكنيسة الأرثوذوكسية؛ فترة ثمانية أشهر ممتدة من الترتيبات المصحوبة بجدل متصاعد منذ رحيل البابا شنودة الثالث؛ فالانتخابات أتت في سياقات معقدة، في خضم مرحلة انتقالية شهدت تحولاً هيكليًّا في معادلات السلطة وخريطة القوى السياسية في مصر، وصياغة دستور جديد يمثل مخاضًا عصيبًا لضبط العلاقة بين الدولة والمجتمع، عدا احتدام التوترات الطائفية؛ ما يضفي مزيدًا من التعقيد على التحديات والاستحقاقات التي يواجهها البطريرك الجديد.
سياقات معقدة
لا ينفصل اختيار البطريرك الجديد عن السياق المشحون بالاحتقان المُخيِّم على علاقة المسيحيين بالدولة والمجتمع منذ سقوط النظام السابق،باعتبارها امتدادًا لمعضلة التهميش والاستبعاد التي طالما مثلت صدعًا اجتماعيًّا في الدولة المصرية.

1- تحوُّلات الخريطة السياسية:يمثل صعود أحزاب التيار الإسلامي برافدَيْها الإخواني والسلفي، أحد مكامن التأثير في سياق انتخابات الكنيسة،الذي بدت معالمه في الاستحواذ على أغلبية ثلثَيْ مقاعد البرلمان،ثم انتخاب الرئيس محمد مرسي؛ما أثار جدلاً متصاعدًا حول تحوُّلات العلاقة بين الدولة والكنيسة.

2- تواتر الصدامات الطائفية: يكشف تتبُّع مسار التوتُّرات الطائفية، منذ إسقاط النظام السابق، عن تصاعدٍ حادٍّ في وتيرة الصدامات، بدايةً من أحداث كنيسة صول في أطفيح، وصدامات المقطم في مارس 2011 التي تبعها تجدُّد المواجهات أمام كنيسة مارمينا بإمبابة، عقب احتجاجات سلفيين على احتجاز مسيحيةٍ تحوَّلت إلى الإسلام، في مايو 2011. وفي هذا السياق، تعرَّضت العلاقة بين المسيحيين والدولة لضربةٍ قاسمةٍ عقب مواجهات ماسبيرو الدامية بينهم وبين القوات المسلحة في أكتوبر 2011، ثم تأجَّجت احتجاجاتٌ مسيحيةٌ على إجراءات محاكمة المتورِّطين في تلك الأحداث. ولم تنفصل الانتخابات الكنسية عن سياق التوترات الطائفية من تفجُّر صدامٍ مكتومٍ مع التيار السلفي في مطروح حول اختفاء فتاة مسيحية،والتوتُّرات الطائفية في قرية عزبة ماركو ببني سويف حول نطاقات نشاط الكنيسة،واستهداف مسيحيين في محافظة المنيا،ومن أحداث التهجير الطائفي في رفح في أكتوبر الماضي.

3- التهجير الطائفي: باتت أحداث التهجير الطائفي نمطًا متواترًا في معالجة الصدامات المجتمعية، في ظل انسحاب الدولة وضعف سيطرتها الأمنية؛ ففي فبراير 2012 هُجِّرَت أسرٌ مسيحيةٌ من مدينة العامرية بالإسكندرية، عقب مصادماتٍ بين المسلمين والمسيحيين. وقبيل نهاية يوليو 2012، شهدت كنيسة مارجرجس بدهشور ومنازل المسيحيين المجاورة لها، أعمال اقتحام وتخريب. وأثارت نصيحة القيادات الأمنية الأسرَ المسيحية، خلال الأزمة، بمغادرة القرية مؤقتًا حتى تهدأ الأوضاع؛ احتجاجات مختلف الائتلافات المسيحية والأحزاب المدنية على عجز الحكومة في عهد الرئيس المنتخب عن حماية المواطنين، ثم أتت أحداث رفح، في أكتوبر الماضي، لتدفع بمزيد من الانتقادات لاستمرار الانفلات الأمني.

توجهات البطريرك الجديد

يكشف اختيار الأنبا تواضروس بطريركًا للكنيسة الأرثوذوكسية، عن بدايات تحوُّل هيكلي في دور الكنيسة في المجتمع المصري، ربما يمكن استشفافه من تشديده -في أول تصريح له بعد اختياره- على "عودة الكنيسة إلى الخط الروحي باعتباره عملها الأساسي"؛ ما قد يعكس انسحابًا كنسيًّا من دور الممثل السياسي لعموم المسيحيين في مواجهة الدولة، الذي كرَّسه سلفُه على مدار عقود. ويمكن في هذا الصدد الإشارة إلى عدة دلالات رئيسية:

- تشغل قضية "مأسسة" الكنيسة ودورها الديني، الحيِّز الأكبر من اهتمام البطريرك الجديد، وهو ما كشفته تصريحاته خلال الانتخابات بالاهتمام بفصول التربية الكنسية وفصول إعداد خُدَّام الكنيسة، وبإدارة التفاعلات بين المجمع المقدس والمجلس المِلِّي والهيئة المسيحية للأوقاف؛ ما يعني التركيز على الدور الروحاني للكنيسة أكثر من الانخراط في السياسة.

- ينتمي الأنبا تواضروس إلى مدرسة الأنبا باخوميوس القائم بأعمال البطريركية الذي تتلمذ على يديه، التي ينصبُّ تركيزُها على الإصلاح الإداري باستعادة كفاءة هياكل الكنيسة،والتركيز علىشئونها.وهو يميل إلى الاتجاه التوافقي وتجميع الأطراف المتنافرة؛ما يجعله مهتمًّا بتهدئة ما بدا أنه صراعٌمكتومٌبين أقطاب كنسية مؤثرة ذات علاقات سياسية نافذة استُبعَدت في جولة الطعون.

- تكشف تصريحات البطريرك الجديد عن تركيزه على استعادة الترابط بين المسيحيين،بالحوار مع الشباب وتعزيز أواصر الصلة الكنسية مع "أقباط المهجر"،وعن دمج المسيحيين في المجتمع عبر التعليم والإعلام باعتبارهم جزءًا أصيلاً من نسيج المجتمع المصري.

- يميل الأنبا تواضروس إلى تأسيس تفاعلات توافقية مع الدولة؛إذ يُعتبَر دور البطريرك "صمام أمان للعلاقة بين الكنيسة والدولة"،ويرى أن التركيز على القيم المشتركة بين المسلمين والمسيحيين،ونبذ التطرف،و"الحكمة والمودة"؛ أدوات ملائمة في تسوية التوترات الطائفية واستعادة الوحدة الوطنية.

تحديات متصاعدة

يواجه الأنبا تواضروس تحدياتٍ معقدةً قد ترتبط باحتمالات تخلِّي الكنيسة عن دور الممثل السياسي للمسيحيين في مواجهة الدولة لصالح رموز التيار العلماني والمنظمات الحقوقية؛ما يمثل قطيعةً لما اعتادت عليه مؤسسات الدولة من التعامل مع مركز واحد للقوة للتأثير سياسيًّا في المسيحيين،فتُفضِي الترتيبات الجديدة إلى التفاعل مع مراكز قوى متعددة قد لا تتمكن الدولة من احتواء مطالبها أو وضع حدودٍعلى لجوئها إلى التصعيد.ومن هذا المنطلق يواجه البطريرك الجديد تحديات تتلخَّص في أربعة محاور رئيسية:

1-رأب الصدع داخل الكنيسة: إذ إن استبعاد الأقطاب الكنسية المؤثرة من الانتخابات،لم يحسم الخلافات بينهم،في ظل ما يتردد عن استقطابٍبين مؤيدي الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس، ومعارضيه من أنصار الأنبا يؤانس الأسقف العام وسكرتير البابا شنودة السابق،خاصةً أساقفة الصعيد وبعض "أقباط المهجر"؛هذاعدا أثارته مواقف أقطاب الكنيسة من توتراتٍ مع الطوائف الأخرى؛ما يضع ترتيب الكنيسة من الداخل على رأس أولياته،علاوةً على حسم الجدل حول تعديل اللائحة 57 التي تنظم انتخاب البطريرك،والمطالبات بتوسيع دائرة الناخبين وإلغاء القرعة الهيكلية.

2- تسوية قضايا علاقة المسيحيين بالكنيسة: يواجه الأنبا تواضروس تصاعدًا في قوة التيار العلماني الذي يصر علىانسحاب الكنيسة من الشئونالسياسية،وفي قوة ائتلافات الشباب المسيحي-مثل ائتلاف شباب ماسبيرو،وائتلاف "أقباط 38"-التي تدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية على الأقباط، لاسيما في قضايا الأحوال الشخصية.وهذا يرتبط بالجدل المحتدم حول قضايا ذات طابع عقيدي،خاصةً قضايا الطلاق والزواج الثاني،والمطالبات بإعادة النظر في إجراءات المجلس الإكليركي المسئول عن الأحوال الشخصية للمسيحيين.

3- حسم معضلة التهميش والاستبعاد: ويرتبط هذا البُعد بإعادة هيكلة علاقة المسيحيين بالدولة،في ظل صياغة الدستور الجديد،بتأكيد حقوق المواطنة والمساواة في تولِّي المناصب العامة،وتمريرقانون دُور العبادة الموحد،ومحاكمة المتهمين في أحداث ماسبيرو،وغيرها من مسبِّبات التوتر الطائفي.

4-تسوية التوترات الطائفية: ويستدعي هذا البُعد الجدل المستحكم حول علاقة المسيحيين بالمجتمع،وما يعتريها من اغترابٍ نتيجة الأزمات الطائفية المتصاعدة،مثل موجات التهجير الطائفي المتكررة،وقضايا تغيير الديانة،واختفاء الفتيات القاصرات، عداالخلافات المحتدمة مع التيار السلفي حيال تلك القضايا.

وإجمالاً؛ قد يضطر البطريرك الجديد إلى الانخراط في التفاعلات السياسية إزاء تلك التحديات المعقدة،ربما عبْر آلياتٍ أقلَّ كثافةً من سابقها للأنبا شنودة الثالث، فتظل الكنيسة مركزًا للقوة السياسية المستمدة من نفوذها الروحي، حتى وإن آثرت قياداتُها الانسحابَ نسبيًّا من ممارسة دورها السياسي المعهود.

ومن المُرجَّح أن تحكم أربعة سيناريوهات العلاقة َالمعقدة بين الكنيسة والدولة؛ أولها يتمثل في انسحاب الكنيسة من المجال السياسي فتحل محلَّها مؤسساتٌ حقوقيةٌ أو قوى سياسية مُعبِّرة عن مطالب المسيحيين.وثانيها يتمثل في تأسيس شراكة جديدة بين الدولة والكنيسة، مع استمرار الأخيرة في أداء دورها السياسي.وثالثها يتلخَّص في اندماج المسيحيين في إطار الأحزاب الليبرالية الصاعدة.أما السيناريو الرابع فيتمثل في صدامٍ بين الطرفين حول القضايا الخلافية، وربما يتخذ طابعًا دوليًّا بتدخُّل أطراف خارجية في مرحلة لاحقة.وهو سيناريو مُستبعَد في ضوء الأوضاع الراهنة.

aymaan noor
09-11-2012, 03:20 PM
الأسباب التسعة:

لماذا فاز أوباما بفترة رئاسية ثانية؟
http://rcssmideast.org/media/k2/items/cache/218fa54275e0e31c37b4e5091d9112ba_L.jpg
شيماء ميدان
شهدت الولايات المتحدة الأمريكية معركة انتخابية شرسة بين المرشح الجمهوري "ميت رومني" والمرشح الديمقراطي الرئيس "باراك أوباما" انتهت بفوز الأخير في انتخابات السادس من نوفمبر فوزًا تاريخيًّا أهَّلَه لتولي فترة ثانية؛ إذ حصل أوباما على 303 أصوات من مجمل الأصوات الانتخابية بالمجمع الانتخابي مقابل 203 أصوات لمنافسه رومني

، وهو الأمر الذي يثير تساؤلا رئيسيًّا يشغل بال الكثيرين داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها مفاده: كيف انتصر أوباما على خصمه؟

ومن الجدير بالذكر أن أوباما كان أول رئيس أمريكي أسود من أصل إفريقي يصل إلى البيت الأبيض قبل أربع سنوات بناء على شعار "الأمل والتغيير"، ويعتبر ثاني رئيس ديمقراطي يفوز بولاية رئاسية ثانية منذ الحرب العالمية الثانية بعد الرئيس بيل كلينتون.

أسباب الفوز

كان فوز أوباما بفترة ثانية نِتاجًا طبيعيًّا للكثير من العوامل والمحددات، أهمها ما يلي:

أولا: تصويت اللاتينيين "الهيسبانيك"

تشير إحصاءات التصويت المبكر إلى أن الدعم القوي من اللاتينيين أعطى أوباما فارق تقدم كبير في ولايتي نيفادا وفلوريدا؛ إذ تبيّن أن 70% من الأمريكيين اللاتينيين يؤيدون مرشح الحزب الديمقراطى باراك أوباما، وتلك هي النسبة المطلوبة على وجه الدقة من أصواتهم لضمان فوز أي مرشح رئاسي ديمقراطي في الولايتين، مما يعني أن تغيير النتيجة لصالح الحزب الجمهوري كان يتطلب تقليص تلك النسبة على الأقل ما بين 45 في المائة إلى 50 في المائة من أصوات الأمريكيين اللاتينيين. وهو الأمر الذي لم يحدث مع الحزب الجمهوري لا في هذه الانتخابات ولا في انتخابات 2008 التي فاز فيها الرئيس أوباما بأصوات 67% من الأمريكيين اللاتينيين.

وبحسب التعداد السكاني؛ اتضح أن الأمريكيين اللاتينيين هم أسرع الأقليات نموًّا، وفاق تعدادهم السكاني أقلية الأمريكيين الأفارقة، وباتوا هم الأقلية الأولى في الولايات المتحدة، بل ويشكلون في الوقت الراهن نسبة 10% من الناخبين المسجلين.

ثانيًا: تصويت الشباب

أظهرت النتائج أن نسبة الشباب في الفئة العمرية ما بين 18-29 سنة الذين فضلوا أوباما على المرشح الجمهوري ميت رومني، بلغت 60% لأوباما مقابل 37% لرومني، في حين أن نسبة الأصوات التي ذهبت لأوباما في الفئة العمرية 30-44 تجاوزت 52%، مقابل 45% لرومني.

وفي المقابل، فاز رومني بأصوات الفئتين العمريتين 45-64 و65 فما فوق، بواقع 51% للأولى و56% للثانية. وعليه يكن القول إن أوباما البالغ من العمر 51 عاما يعتبر "شيخ شباب"، في حين أن رومني، البالغ من العمر 65 عاما، يعتبر "شيخ شيوخ".

ثالثًا: تصويت المرأة

من النتائج المثيرة أيضًا أن المرأة كانت أحد عوامل الحسم في فوز أوباما؛ إذ حصل على أصوات 54% من النساء، بينما لم يحصل رومني إلا على أصوات 44% منهن.

ومن الجدير بالذكر أن إقبال النساء على التصويت في الانتخابات الرئاسية الثلاثة المنصرمة فاق إقبال الرجال بسبعة ملايين صوت، ونال الحزب الديمقراطي أغلبها. وفي ولاية أوهايو على وجه الأخص، شكّل دعم النساء للرئيس باراك أوباما عنصرًا مهمًّا في تقدمه في استطلاعات الرأي على منافسه رومني.

وأظهرت بيانات استطلاعات الرأي أن عدد النساء اللاتي يعتبرن قضايا مثل حقوق الإجهاض وزواج المثليين من القضايا الرئيسية التي تحدد الموقف من الانتخابات بلغ ضعف عدد الرجال الذين يفكرون بالطريقة ذاتها.

رابعًا: تصويت سكان المدن

أظهرت الانتخابات أن سكان المدن مالوا وبقوة إلى تأييد أوباما بخلاف سكان المناطق الريفية، فقد صوت 62% من سكان المدن لصالح أوباما، بينما لم تتجاوز نسبة المصوتين لصالحه في الريف نسبة 21%.

خامسًا: الاهتمام بالفقراء

أظهرت استطلاعات الرأي أن أكثر من نصف الناخبين يعتقدون أن رومني لن يهتم إلا بطبقة الأغنياء، فيما رأى 43% من الناخبين أن سياسات أوباما ستهتم بالطبقة المتوسطة، ورأى 31% منهم أن سياساته ستهتم بالطبقة الفقيرة. وقد حصل أوباما على أصوات مَن دخلهم دون 50 ألف دولار، فيما حصل رومني على أصوات من دخلهم 50 ألف دولار فأكثر.

سادسًا: دعم الاقتصاد

اتخذ الرئيس الديمقراطي خطوات كبيرة لدعم الاقتصاد؛ إذ أطلق في عام 2009 إصلاحات مالية، وخطة إنقاذ صناعة السيارات. وعمل أيضًا على توفير الوظائف، وإصلاح الرعاية الصحية، وخفْض عجز الميزانية.

ويُذكر أن حملة أوباما الانتخابية اعتمدت في أوهايو بشدة على إنقاذ صناعة السيارات؛ حيث يعتمد واحد من كل ثمانية من سكان الولاية على هذه الصناعة.

وقد استفاد أوباما من حقيقة أن الناخبين يلومون سلفه الجمهوري جورج بوش على الركود الاقتصادي، وجعل ذلك جزءًا محوريًّا من رسالة حملته، حيث قال إن رومني (الذي عمل في السابق في مجال الاستثمار المباشر كصائد للشركات) سيعيد السياسات التي عجلت بالانهيار، وإنه لا يعبأ كثيرًا بأحوال عامة الناس.

وعلى الرغم من أن معدل البطالة لا يزال مرتفعًا (ما بين 7% إلى 8%) والانتعاش الاقتصادي لا يزال بطيئًـا؛ فقد زاد عدد الأمريكيين الذين أعربوا عن تفاؤلهم بشأن مستقبل الاقتصاد الأمريكي. وأفضى هذا التفاؤل إلى ارتفاع حاسم في تأييد أوباما؛ حيث إنه فاز بأغلبية بين الناخبين الذين يقولون إن الاقتصاد سيكون أفضل العام القادم. فبالرغم من أن الاقتصاد لا يتقدم بخطى قوية إلا أنه تحسن بشكل مطرد على مدار العام.

سابعًا: الولايات المتأرجحة

أشارت شبكات تليفزيونية إلى أن أوباما تفوق على رومني في بعض الولايات المتأرجحة، وهي ولايات تمنح المرشح الرئاسي أكثر من الأصوات الانتخابية التي يحتاج إليها للفوز في المجمع الانتخابي، وهي 270 صوتًا. وتشمل تلك الولايات ولاية فلوريدا، وأوهايو، وفيرجينيا، ونورث كارولينا، وآيوا، ونيوهامشير.

ثامنًا: قضايا الأمن القومي

كان قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن (العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر 2001 حسب كثير من التقارير الاستخباراتية الأمريكية) من الإنجازات المهمة التي حققها أوباما إبان فترة ولايته الأولى، والتي جعلته يبقى في سدة الرئاسة بالبيت الأبيض لفترة جديدة مدتها أربعة أعوام. كما كان لإنهاء الحرب في العراق، وتقليص حجم القوات الأمريكية في أفغانستان، دور في كسب أوباما العديد من أصوات الناخبين.

تاسعًا: إعصار ساندي

كان إعصار ساندي الذي ضرب الولايات المتحدة بمثابة كارثة بالنسبة للمواطنين الأمريكيين والاقتصاد الأمريكي؛ إلا أنه كان له الفضل في فوز أوباما بفترة رئاسة ثانية. فقد أفادت استطلاعات الرأي على الناخبين الأمريكيين أن 26% ممن صوتوا لأوباما أوضحوا أن رد فعل أوباما على ذلك الإعصار كان جيدًا للغاية، وأنه سبب مهم جعلهم يختارون أوباما رئيسًا.

فقد تعهد الرئيس الأمريكي بأن تقدم السلطات الفيدرالية والمحلية المساعدات المالية العاجلة للمتضررين من آثار الإعصار كي يتمكنوا من تأجير المنازل وشراء المواد الغذائية.

تعهدات ما بعد الفوز

في أعقاب فوزه في الانتخابات الرئاسية، تعهد الرئيس أوباما بأن يعود إلى البيت الأبيض رئيسًا "أكثر إصرارًا وإقدامًا وإيمانًا" للعمل من أجل مستقبل مشرق للأمريكيين. وأكّد تطلعه إلى العمل مع قادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي من أجل خفض الميزانية الحكومية، وإصلاح قانون الضرائب، ونظام الهجرة.

وفي كلمة موجهة لأنصاره بمدينة إلينوي بولاية شيكاجو، قال أوباما: "الأمة الأمريكية تتقدم بسببكم، فأنتم من أشعلتم فتيل الروح التي رفعت هذه الأمة من قمة اليأس إلى الأمل".

رد فعل رومني

أقر المرشح الجمهوري ميت رومني بهزيمته في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ووجه التهنئة للرئيس باراك أوباما على فوزه بولاية ثانية. وقال في كلمة مقتضبة عقب إعلان النتائج الأولية: إنه اتصل بأوباما، وهنأه على الفوز. وأوضح رومني "أنه يصلي من أجل أن يوفق الرئيس أوباما في مهمته".

وأكد رومني -الذي بدت عليه آثار الصدمة من الهزيمة الساحقة وغير المتوقعة- أن هذا وقت التحديات الكبيرة بالنسبة للولايات المتحدة. وقال لأنصاره في بوسطن إنه يثق في الولايات المتحدة وشعبها، مؤكدًا أن "الانتخابات انتهت لكن مبادئنا قائمة".

aymaan noor
10-11-2012, 03:26 PM
ملاحظات حول مسودة الدستور
شروط الترشح لعضوية غرفتى البرلمان تخل بمبدأ المساواة بين المواطنين
طارق البشرى
الجمعة 9 نوفمبر 2012 - 10:15 ص

(1)

نحن فى أيام الاعداد للدستور الجديد فى مصر، الذى ننشد ان يكون تتويجا لجهود ثورة 25 يناير، ونحن ننشد ان تكون هذه الثورة ثورة نهوض كامل للجماعة الوطنية فى مصر، من حيث السعى لبناء سياسات وطنية مستقلة تصدر عن الصالح العام للجماعة الوطنية، بالنهوض بالاقتصاد نحو الاكتفاء بقدر الامكان من الاحتياجات الضرورية، اكتفاء يصون القرار السياسى المصرى ويحفظه فى اطار الصالح العام للجماعة ويجعله عصيا على الضغوط الخارجية، وكذلك بالتوزيع العادل للدخل بقدر الإمكان، بما يحفظ التوازن الاجتماعى بين فئات الشعب المصرى وطبقاته.

ويظل أهم ما أفصحت عنه الثورة بحق هو ان نظام الحكم وتنظيم المجتمع هما الحلقة الأساسية لانفتاح الطريق أمام كل السياسات الرشيدة المطلوبة والتى تحتاج إليها مصر. لأن الاستبداد كان هو ما أوقعنا فى جميع ما تعانى منه مصر من انهيارات سياسية واقتصادية. فالديمقراطية هى الحلقة الأساسية للخروج من نظم الاستبداد وهو الحصانة المستقبلة ضد عودته، والدستور بعد نجاح الثورة فى إزاحة النظام القديم والانتهاء الديمقراطى للمرحلة الانتقالية، الدستور بعد ذلك وفى ظل هذا المناخ السياسى سيعتبر إن شاء الله الوثيقة الأساسية لنظام يصون مصر من السلطة الفردية ويكفل توزيع السلطة بواسطة هيئات وتنظيمات سياسية رسمية وشعبية وحزبية ونقابية.

وفى سياق الحديث عن الديمقراطية والدستور ونتائج ثورة 25 يناير إلى الآن، فإن من أهم ما أفصح عنه مسار الأحداث الجارية خلال الأشهر العشرين الماضية، ان التيار الإسلامى، لا أقول انه سيطر على الوضع فهذا غير صحيح، ولكن أقول انه قد صار أحد أهم القوى الأساسية فى الحراك الديمقراطى الشعبى المصرى الحالى، بما يستحيل معه غض النظر عنه فى حساب القوى المؤثرة التى تتشارك فى السلطة وجودا وتداولا، قد يكون تنقصه الخبرة السياسية فيرتكب من الأخطاء ما نراه ونتابعه ونعترض عليه ونحاول تصحيحه بالجهود الجمعية الشعبية، ولكن نقص الخبرة السياسية بسبب الغياب السياسى طويل الأمد للتيارات كلها قد صار آفة عمت كل تلك التيارات، ولعلها لدى بعض التيار الأساسى من نخب العلمانيين أكثر حدة. كما لوحظ هذا النقص فى الخبرة السياسية لدى قادة الجيش المشاركين فى ثورة 25 يوليو إبان المرحلة الانتقالية كلها.

وبنظرة تاريخية يظهر انه على مدى العقود الماضية التى يتصل بها الواقع السياسى المرحلى المعيش، فإن التيار الإسلامى والتنظيمات ذات المرجعية الإسلامية، قد صارت من أهم قوى المقاومة الوطنية فى عالمنا العربى، ان لم تكن أوسعها انتشارا الآن وأكثرها فاعلية. وان ما اضافته ثورة 25 يناير سنة 2011 هو ان هذه القوى والتيارات بسبب قدرتها التنظيمية واتصالاتها الشعبية العميقة والواسعة قد صارت هى المرشحة لأن تحمل شعار الديمقراطية وتمضى به لولا نقص الخبرة، لأنها لا تخشى الشعب ولأنها أكثر من يرتبط به ويتخلله، وهى ليست من «الخائفين من الديمقراطية»، وليست من هذه النخب المنعزلة عن الجماهير، والمثقفة التى تنظر إلى «الشعب» كمفهوم فكرى سياسى تتحدث عنه نظريا دون ان تتصل به ماديا وعضويا، وهى نخب تعمل عملا دائبا على ألا تجرى استفتاءات ولا انتخابات ولا تحريك جماهيرى منظم ومؤسس، وهى تتجاهل حقيقتين «علمانيتين» ليستا من العقائد، وهما أن الشعب حقيقة ملموسة وليس مجرد مفهوم ذهنى نظرى، وان الثقافة السائدة لديه هى الثقافة الإسلامية وهى بالضرورة ما يشكل مرجعيته العامة فى النظر إلى الصواب والخطأ والشرعية.

أردت بهذه المقدمة السريعة ان أوضح السياق العام الذى يتعين ان ننظر من خلاله لأوضاع الدستور الجديد ومناقشة أحكامه والمسودات التى تطرح عنه. وأردت أن أوضح فى هذا السياق، ان النقد الذى قد يوجه إلى بعض أحكامه ونصوصه وخطط انشاء مؤسساته، لا يخل بحقيقة ان الجهد الذى يبذل فى وضعه من الجمعية التأسيسية الحالية هو جهد جد حميد وهو جهد يستوجب التقدير والاحترام فى توجيهاته الديمقراطية والمعارف التى يستند إليها والطموحات التى يرنو إليها، وأن الجمعية التأسيسية التى تقوم بهذا الأمر وتسهر عليه، هى جمعية ذات شرعية سياسية ومؤسسية كاملة حسبما أرى وطبقا للوثائق الدستورية التى كان معمولا بها فى المرحلة الانتقالية والتى تستند إلى ثورة شعبية وإلى استفتاء شعبى صحيح ونزيه وإلى مؤسسات انتخبت واختبرت شعبيا بنزاهة وتوازن وتعبير شعبى صادق فيما أراده. وان النقد لبعض الاحكام لا يخل بصواب ما هو متضمن فى غيرها من نصوص، ولا يخل بجدارة اتخاذه مشروعا جادا طيبا صالحا تماما للنقاش ولاتخاذه أساسا للتنظيم السياسى لمصر مستقبلا واستفتاء الشعب عليه بعد إصلاح ما اعترى بعض أحكامه من عوار.

ونبدئ فى إثبات ما نرى من ملاحظات:

(2)

أول ما أعرض له من ملاحظات هو، يتعلق ببناء السلطة التشريعية فى «مسودة الدستور» المطروحة، وهى تشكل أحكام الفصل الأول من باب السلطات العامة فى الدستور. وقد اشتمل هذا الفصل على ثلاثة فروع، أولها يتعلق بالأحكام العامة المشتركة، وثانيها يتعلق بمجلس النواب وثالثها يتعلق بمجلس الشيوخ.

ان التصور العام الذى رسم به مشروع الدستور السلطة التشريعية، انما يصدر عن ان هذه السلطة تتمثل فى «البرلمان»، وان «البرلمان» يتكون من غرفتين هما مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وان البرلمان بهذا التكوين هو من «يمارس السلطة التشريعية على الوجه المبين فى الدستور (المادة 80)، أى أنه يمارس هذه السلطة بغرفتيه، وجاءت المواد من 80 من 112 بالأحكام العامة المشتركة المتعلقة بالمجلسين بحسبانهما معا من تتشكل منهما السلطة التشريعية وتمارس اختصاص التشريع القانونى للدولة وللمجتمع.

وقد بلغ التوحد فى الأحكام بين المجلسين ان المادة 95 تقرر «يدعو رئيس الجمهورية البرلمان للانعقاد لدور الانعقاد العادى السنوى...»، أى ان المجلسين يجتمعان بدعوة واحدة من فرط التشابه والتوحد بينهما فى الاختصاص التشريعى، وهما لا يجتمعان اجتماعا مشتركا بهذه الدعوة فلكل منهما كيانه الذاتى المؤسسى، ولكن العبارة توحى بأنه رغم استقلال كل منهما التنظيمى (المواد 96، 98، 101)، فهما صنوان من الأداء التشريعى الوظيفى لهما، وهما يتبعان ذات الإجراءات التنظيمية التى تحكم عملهما ونشاطهما وتشكلاتهما الداخلية حسبما يظهر من مجمل المواد المنظمة لهذه الأمور.

ويؤكد هذا التوحد فى الإدارة للوظيفة التشريعية ان المادة 102 تنص «يبلغ البرلمان رئيس الجمهورية بكل مشروع أقره، فإذا رده الرئيس وأقره كل مجلس بأغلبية أعضائه وجب صدوره».

ويبقى السؤال عما يكون عليه الحال إذا اختلف المجلسان حول تشريع معين، لقد تعرضت لذلك المادة 108 فقضت بأنه إذا قام خلاف تشريعى بين مجلسى البرلمان تشكل لجنة من عشرين عضوا «يختار نصفهم كل مجلس...» وذلك لاقتراح ما يزيل الخلاف ثم تعرض هذه الاقتراحات على كل من المجلسين، فإذا لم يوافق احدهما عليها، يجتمع المجلسان برئاسة رئيس الشيوخ «وبحضور الأغلبية المطلقة لمجموع أعضاء المجلسين» ويصدر القرار بأغلبية الحضور، ويكون التصويت بغير مناقشة. وان صحة الاجتماع المشترك «بأغلبية المجموع» يعنى انه يمكن ان تكون الغلبة العددية لأعضاء مجلس الشيوخ ومع ذلك يصح الاجتماع ويصدر القانون. والعكس صحيح. ووجه الملاحظة أن مجلس الشيوخ لا يتكون من المصريين عامة، بل من فئة محدودة منهم، كما يستجىء البيان بعد ذلك.

هناك طبعا خلافات بين المجلسين بالنسبة للمسئولية الوزارية التى خص بها مشروع الدستور مجلس النواب، وبالنسبة لاقتراحات الضرائب وزيادتها التى استبعدت من الاختصاص التشريعى لمجلس الشيوخ، وغير ذلك. ولكن المهم أن سلطة التشريع بعامة شائعة بين المجلسين على سبيل التساوى، وفى حالة الخلاف فإنه يمكن تصور أغلبية لأعضاء الشيوخ إذا كانوا هم الأكثرية بين من يحضرون الاجتماع المشترك. فلم يشترط المشروع الحضور بنسبة العدد الكلى لكل من المجلسين.

والحاصل ان المجلسين غير متساويين فى العدد، فإن أقل عدد لمجلس النواب حسبما جاء بالمشروع هو350 عضوا (م 113)، وأقل عدد مجلس الشيوخ هو 150 عضوا (مادة 130). ويمكن طبعا وهذا حاصل من قبل فى مجلس الشعب، ان نقسم الدوائر إلى أكثر من هذا العدد المنصوص عليه، ولكن المقارنة بين العددين لكل من المجلسين تعطى مؤشرا على الحجم النسبى لكل منهما، بما يشير إلى ان النسبة العددية تكون دائرة بين اثنين ونصف لمجلس النواب وواحد فقط بالنسبة لمجلس الشيوخ. بمعنى أنه عند تساوى الوظيفة التشريعية بينهما بالنسبة لما يصدر من قوانين، يكون صوت عضو مجلس الشيوخ مساويا لصوت اثنين ونصف من مجلس النواب. وقد نصت المادة 105 من مشروع الدستور على ان طرح موضوع للنقاش عن سياسة الحكومة يحتاج إلى اقتراح مقدم من عشرين عضوا من مجلس النواب أو إلى اقتراح من عشرة أعضاء فقط من مجلس الشيوخ، وهذا يكشف عن الأوزان النسبية لأصوات كل من أعضاء المجلسين.

ويثور السؤال، من أين جاءت هذه النظرة التى تفرق بين مواطن ومواطن فى ذات الأداء الوظيفى لكل منهما وفى هيئات المفروض انها تمثل المواطنين جميعا، وفى قلب الهيئة الأساسية الممثلة للشعب والمعبرة عن أصل الأداء الديمقراطى والتى تصدر التشريعات له، والتى يعتبر ركنها الركين هو المبدأ الديمقراطى الشعبى العتيد «الصوت الواحد للفرد الواحد» من المواطنين، بما يفيد وجوب المساواة المطلقة بين المواطنين فى هذا الأداء.

من أين جاءت هذه النظرة؟

(3)

يرد الخلل فى شروط الترشح لعضوية كل من المجلسين حسبما وردت فى هذا المشروع. فإن المادة 113 تضع من شروط الترشيح لعضوية مجلس النواب فضلا عن المصرية والتمتع بالحقوق المدنية والسياسية، ان يكون «حاصلا على شهادة اتمام التعليم الأساسى على الأقل». وهذا الحكم لم يكن واردا فى دستور 1971 ولم نجده فى دستور 1964 ولا فى دستور 1956 ولا فى دستور 1923. لم يضع أى من هذه الدساتير التى عرفتها مصر شرطا يحرم مصريا من حق الترشيح لعضوية المجلس النيابى، وما كان يرد فى القوانين الاستبدادية سرعان ما كان يزول. ان من لم يحصل على التعليم الأساسى هى فئة من المصريين نحن مسئولون عما أصابها من ظلم ومن هضم للحقوق، لأننا كمجتمع لم نوفر لها امكانات الحد الأدنى من المعيشة الذى يمكن من إرسال الصبى إلى التعليم الأساسى. وقد نصت المادة 50 من ذات مشروع الدستور على ان التعليم الأساسى هو تعليم الزامى، والالزام يقع على عاتق الدولة وتوفير امكانات التأهل للالزام يقع على عاتق المجتمع، ومن جهة أخرى فما هو التعليم الأساسى، انه مستوى تحدده وزارة التربية والتعليم بقرار منها وتغير به ما يعتبر متصفا بهذا الوصف أو غير متصف به، أى ان وزارة التعليم هى من يحدد درجته ومستواه وما يعتبر حصولا له. فهو مركز قانونى تستبد وزارة التعليم بتقريره بما لا يملك غيرها تحديده. فهو ليس تعريفا يرد فى الدستور، وليس واقعة مادية يستطيع أى فرد أو هيئة أو محكمة أن تستبنها بما تملك من وسائل للمعرفة. وهذا وضع يخل بمبدأ المساواة بين المواطنين. ويكفى فى هذا الشأن شروط معرفة القراءة والكتابة مما يمكن لأى شخص ان يتبين مدى توافره ولا يستبد بتحديده هيئة حكومية معينة.

كان هذا عن مجلس النواب، أما مجلس الشيوخ فقد قضت المادة 131 من مشروع الدستور ان يكون «حاصلا على إحدى شهادات التعليم العالى على الأقل». وهؤلاء نسبة جد محدودة من الشعب المصرى، قدر مشروع الدستور لا ان تستبد بأحد المجلسين التشريعيين فقط، ولكن ان تكون شريكا مساويا لكل الشعب المصرى الممثل فى مجلس النواب من حيث سلطة التشريع، ويكون لها ما يشبه حق الفيتو على أى تشريع يضعه مجلس النواب لوجوب موافقة مجلس الشيوخ عليه، وهو صنو لمجلس النواب، فلا يكتمل أى عمل تشريعى إلا بموافقة حملة الشهادات العليا عليه من خلال ممثليهم فى هذا المجلس. وبهذا تصير نخبة ثقافية جد محدودة هى المسيطرة على الوضع التشريعى فى مصر بما لم يسبق له مثيل فى كل ما عرفنا من دساتير عرفت بأنها صدرت فى عهود توصف بالاستبداد السياسى. والسؤال الاستهجانى الذى يثور، أهذا هو نتاج ثورة 25 يناير «الديمقراطى»؟.

ان جماعة من المثقفين العلمانيين كانوا اجتمعوا فى الشهور الأولى من الثورة ووضعوا برنامجا لنظام الحكم وكان من احكامه ان تحسب الأصوات الانتخابية للناخبين بقدر مستواهم التعليمى، وكان ذلك منهم حرصا على ضمان سيطرة النخبة الثقافية على مقاليد السياسات المصرية من دون السواد الأعظم من الشعب المصرى الذى يتحدثون عنه دون ان يعرفوه ويتكلمون باسمه مع شدة الحرص على استبعاده، وهى نظرة لم يجهر بها اتجاه سياسى مصرى فيما خلا ما كان من حزب الأمة القديم الذى ظهر فى العشر الأولى من القرن العشرين لسنوات معدودة معبرا عن مثقفى أبناء الطبقة الاقطاعية المصرى من كبار ملاك الأراضى الزراعة وقتها، وورثه على استحياء غير جهير حزب الأحرار الدستوريين بعد ثورة 1919.

ويزيد فى هذا الالتباس، ان مجلس الشيوخ بمشروع الدستور المطروح أكثر استقرارا من مجلس النواب، فمدته ست سنوات بينما مدة مجلس النواب خمس وهو يتجدد تجددا نصفيا كل ثلاث سنوات، وهو غير قابل للحل (المواد 114 عن مجلس النواب، 132 عن مجلس الشيوخ). وأكثر من ذلك فإن ربع أعضائه يعينهم رئيس الجمهورية من بين من تولوا مناصب كبار رجال الدولة المحددة بالمادة 130 من مشروع الدستور وهم السابقون من رؤساء الوزارة والوزراء ورؤساء المجالس التشريعية وأعضائها وأساتذة بجامعات ووالمستشارين والسفراء واللواءات ومديرى العموم والرؤساء الدينيين وكبار العلماء.

ان تشكيل هذا المجلس ووظيفته هو تصور منقول عن دستور 1923 بالنسبة لمجلس الشيوخ، وكان ذكر الدكتور عبدالحميد بدوى بلجنة إعداده دستور 1923 انه مجلس وضع «ليلطف» من اتجاهات مجلس النواب، وان دستور 1923 وضعته لجنة تمثل مؤيدى الملك ومؤيدى حزب الأحرار الدستوريين ورجاله المنحدرين من حزب الأمة السابق الاشارة إليه، وهى قوى كانت معادية لثورة 1919 تريد ان تجردها من ثوريتها، وكانت هذه القوى هى من استبد بالحكم بعد ذلك فلم يتح للوفد ان يحكم إلا نحو سبع سنوات من ثلاثين سنة هى عمر هذا الدستور، وحكم الملك والأحرار ومن والاهم باقى المدد. فهل هذا الامر يتكرر امامنا الآن.

ووجه العجب، ان هندسة رسم مجلس الشيوخ فى دستور 1923 هى هندسة مفهومة فى ظروف لجنة ينشتها أعداء الثورة الشعبية فيحيطوها بمؤسسات «تلطف» من ثوريتها أو تجهض هذه الثورية، ولكن ان يجرى ذلك من هيئة تأسيسية اختيرت بالانتخابات من أعضاء مجلسين تشريعيين منتخبين فى انتخابات حرة ونزيهة ومعبرة عن الشعب المصرى وروحه الثورية فى 25 يناير سنة 2011 وذلك طبقا لمبادئ دستورية انتقالية استفتى عليها الشعب استفتاء حرا ونزيها، وكانت نسبة 77.2٪ منه مع هذه التصورات للخطوات الثورية الديمقراطية التى يوضع بها الدستور، الغريب انه بعد نجاح تخطيط سياسى يصدر عن إرادة 77.2٪ من الشعب المستفتى، ان يرسم مشروع الدستور مؤسساته وفقا لإرادة نسبة 22.8٪ ويعبر عن إرادة الأقلية ويضع لها هذا المركز السامى، مركز ان يكون لها ولما تمثله من نخب حق الفيتو على إرادة جموع الشعب المصرى وان يصدر ذلك من الجمعية التأسيسية التى تعتبر ابنة شرعية لأغلبية 77.2٪ من الشعب المصرى.

والغريب أيضا ان دستور 1971 الذى يقال عنه انه دستور استبدادى وما سبقه من دساتير ثورة 23 يوليو 1952، يصون للعمال والفلاحين من المصريين حقا دستوريا يكفل لهم الحرص على ان يكون لهم ما لا يقل عن 50٪ من الهيئات المنتخبة ذات الإرادة السياسية التى تصدر التشريعات. هذه الدساتير التى كانت تصون ولو نظريا هذا المركز لجماهير شعبية طال حرمانها من المشاركة فى التقرير للسياسات، يأتى مشروع دستور ثورة 25 يناير لا ليضمن لها فى الواقع تحقيق هذا المركز العادل لها، ولكنه يأتى ليمحقه محقا ويلغيه إلغاء ويستبدل به حقا للسيطرة والهيمنة لنخبة محدودة ومعزولة فيمنحها ما سبق ان استبد به كبار ملاك الأراضى الزراعية فى مصر منذ 1923 حتى 1952.

إننا إذا أردنا ان نستبقى مجلسا تشريعيا ثانيا يحل محل مجلس الشورى وتكون له وظيفة ايجابية تراعى التاريخ الدستورى المصرى الذى طمح سنين طويلة ان يضمن حقوق الجماهير الشعبية الواسعة والاقل تمتعا بمزايا المجتمع الاجتماعية والثقافية، وهم العمال والفلاحون بحسبانهم القاعدة الأساسية للشعب المصرى ومن يعود إلى سواعدهم فضل كل إنتاج حقيقى للاقتصاد المصرى فى الزراعة والصناعة فضلا عن المهنيين المصريين العاملين بخبراتهم المهنية، إذا أردنا استبقاء المجلس التشريعى الثانى بوظيفة ايجابية حقيقية، فعلينا ان نجعله لا ينحصر فى نخب ذوى التعليم العالى ولكن ان يكون ممثلا للاتحادات والنقابات الخاصة بالمهنيين والصناعيين والعمال والزراعيين وغيرهم، وذلك بالضبط هو ما أشير إليه فى المادة 209 من مشروع الدستور متعلقا «بالمجلسين الاقتصادى والاجتماعى»، فيكون هذا المجلس لا مجلسا استشاريا فحسب حسبما ورد بالمشروع، ولكنه يكون هو المجلس التشريعى الثانى باختصصات الواردة بذات المادة 209 المذكور، أى تعرض على مشروعات القوانين الخاصة «بصنع السياسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية».

نقطة أخيرة تتعلق بصياغة المادة 130 الخاصة بمجلس الشيوخ وهى نقطة شكلية، فإن النص أورد ان يشكل المجلس بعدد لا يقل عن 150 عضوا يكون ربعهم بالتعيين بقرار من رئيس الجمهورية من الفئات المحددة بالنص. وان حسن الصياغة كان يستوجب ان يكون الحد الأدنى المذكور رقما يقبل القسمة على أربعة ليكون ربعه عددا صحيحا لا يشمل «كسرا» مستحيلا.

(4)

ثانى ملاحظة أراها مهمة تتعلق بوضع رئيس الجمهورية، وهى تشمل عدة نقاط، أولا ما يلاحظ من ان المادة 134 تذكر ان رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية وانه «يراعى الحدود بين السلطات». ولهذا الحكم مثيل فى المادة 73 من دستور 1971، وهذه العبارة وضعت فى دستور 1971 لتمكنه من ألا يكون رئيسا للسلطة التنفيذية فقط ولكن ان يكون فوق السلطات بموجب انه يرعى الحدود بينها. وكان نص المادة 73 السابقة أكثر منطقية إذ لم يرد به ان رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التنفيذية، لأنه من التناقض ان يكون حكما بين سلطات وهو رئيس لإحداها، ولكن النص الحالى (134) الوارد بالمشروع الجديد، نص على رئاسته للسلطة التنفيذية وعلى كونه حكما بين السلطات بموجب رعايته الحدود بينها. وهذا تناقض ظاهر فى صياغة النص وفى الأداء الوظيفى للرئيس. كما ان هذه العبارة الخاصة برعايته الحدود بين السلطات هى أهم ما يصلح فى الصياغة لاسباغ السلطة المطلقة على الرئيس، لأنه بموجب رعاية الحدود يكون له ان ينشط من اجل التأثير على بعضها بدعوى رعاية الحدود. فهو حكم يبرر الطغيان لرئيس الجمهورية من بعد. وقد استفاد منه سابقا كل من أنور السادات وحسنى مبارك على التعاقب. ونحن الآن نكرر ذات الأمر ونعطيه ما يمكنه من سلوك طريق الاستبداد.

ويؤكد هذا المعنى ويكسبه خطورته الفعلية والتنظيمية، ان المادة 148 من المشروع تمكن رئيس الجمهورية من «ان يدعو الناخبين للاستفتاء فى المسائل المهمة التى تتصل بمصالح الدولة» ويقضى البند الثانى من ذات المادة «ونتيجة الاستفتاء ملزمة لجميع سلطات الدولة وللجميع فى كل الأحوال»، وهذا الحكم هو صنو للحكم الذى أورده دستور 1971 فى المادة 74 منه الذى يمنح رئيس الجمهورية ذات السلطة، وهى سلطة تتخطى المؤسسات الدستورية القائمة جميعا، وكانت المادة 73 تعطى المبرر المعنوى لرئيس الجمهورية ليتجاوز مؤسسات الدولة الأخرى ويلزمها برأيه بحجة انه يرعى الحدود بين السلطات، كما كانت المادة 74 تمكنه من الأداء الوظيفى والمؤسسى لهذه الفاعلية، والمادتان تمكنان رئيس الجمهورية من ان يعبر بالتعبير الدستورى «حكما بين السلطات»، وهى تمكنه من ان يصير بالتعبير السياسى مستبدا يستخدم السلطة الفردية له ويتجاوز بها كل مؤسسات الدولة. وذلك بموجب المادتين 134، 148 من المشروع الجديد.

aymaan noor
10-11-2012, 03:30 PM
ملاحظات حول مسودة الدستور
مسودة الدستور تعطى لمزدوجى ال***ية حق رئاسة الجمهورية وتحرمه على الوزراء
طارق البشرى
السبت 10 نوفمبر 2012 - 8:08 ص

لقد كنا فى لجنة تعديل دستور 1971 قد افترضنا تعديلا للمادة 73 بأن تكون رعاية الحدود بين السلطات «فى حدود الدستور والقانون»، حتى يصير الرئيس خاضعا لحكم المؤسسات الدستورية فيما يفعل ويصير خاضعا للقوانين التى تصدرها السلطة التشريعية فى ذلك أيضا. واقترحنا حذف المادة 74 برمتها من دستور 1971 ليفقد رئيس الجمهورية مكنه أن تكون له وسيلة «دستورية» تمكنه من اعتلاء مؤسسات الدولة والاستبداد بها.

وكان من خلفيات هذين الاقتراحين أن الرئيس أنور السادات استخدم هذين النصين لفرض استبداده الفردى الذى أدى به إلى إبرام معاهدة الصلح مع إسرائيل وإلى اعتقال من اعتقل فى خلال السنوات الثلاث الأخيرة من حكمه، كما كانت هذه النصوص تمكن حسنى مبارك من ذات القدرات لولا أنه لم يجد مبررا لاستخدامها، لأن تزوير الانتخابات وحالة الطوارئ كانتا كافيتين لكفالة الاستبداد الفردى له.

وأن اقتراحات لجنة تعديل الدستور فى هذا الصدد مع غيرها من اقتراحات تحديد سلطات رئيس الجمهورية لم يشملها الاستفتاء الذى جرى فى 19 مارس سنة 2011 اكتفاء بموافقة المجلس العسكرى على أن يطرح فى الاستفتاء خطة إعداد دستور جديد تماما، تشكله لجنة مختارة اختيارا حرا من هيئة منتخبة انتخابا حرا ونزيها فى ظل مجلس شعب ورئيس جمهورية منتخبان انتخابا حرا ونزيها. ولم يكن يجول بالذهن أن يقفز هذان النصان رقمى 73، 74 إلى مشروع الدستور المطروح برقمين مختلفين هما م134 و148. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

والنقطة الثانية فى سلطات رئيس الجمهورية تتعلق بالمادة 155 من مشروع الدستور التى نصت على أن «يتولى رئيس الجمهورية سلطاته بواسطة رئيس الوزراء ونوابه والوزراء فيما عدا تلك المنصوص عليها بالمواد...» (وهى المواد المتعلقة بالوضع المالى لرئيس الجمهورية وتسميته رئيس الوزراء وحله مجلس النواب وإصدار القوانين وتعيين العسكريين والدبلوماسيين وإعلان حالة الطوارئ). وهذا النص (فيما عدا الاستثناءات) مأخوذ من دستور 1923، إذ كانت المادة 48 منه تنص على أن «الملك يتولى سلطته بواسطة وزرائه». وكانت نصا يعكس حالة الصراع السياسى العنيف عند وضع الدستوريين من يريدون الملك أن يملك ولا يحكم فيكون رمزا فقط وهؤلاء ينشدون أن تكون السلطة كلها فى أيدى الوزراء المسئولين أمام مجلس النواب، كان الصراع يقوم بين هؤلاء وبين من ينشدون أن تبقى السلطات كلها وعلى الوزراء أنفسهم فى أيدى الملك، وكان احتدم الصراع بين الفريقين حتى لم يستطع أحدهما أن يتفوق على الآخر، فتضمن الدستور نصوصا تعطى الملك سلطات التعيين والسيطرة كما تضمن هذا النص السابق، وترك الفريقان للمستقبل والصراع المستقبل أن يحسم «التفسير القانونى» لكل هذه النصوص، هل ستبقى السلطة للملك أم ستنتقل إلى وزراء مجلس النواب. هذا النص وضع فى ظرف سياسى مغاير تماما للظرف الذى نحياه.

ولا ندرى كيف يمكن تطبيق هذا النص فى ظل سلطات معطاة فعلا للوزراء ورئيسهم أوردها الدستور وفى ظل رئيس جمهورية ينتخب كل أربع سنوات ولمدتين فقط. كما لا ندرى كيف يمكن أعمال هذا النص مع نص آخر ورد بالمشروع ذاته برقم 157 وقضى بأنه «يجوز لرئيس الجمهورية أن يفوض أيا من اختصاصاته إلى رئيس الوزراء أو نوابه أو الوزراء أو المحافظين، وذلك على الوجه الذى ينظمه القانون» وما دام أن القانون هو الأداة التى تنظم التفويض، فكيف يصدر قانون يجيز لرئيس الجمهورية أن يفوض ما ترك على سبيل الحصر والتخصيص له، سواء حل مجلس النواب أو تعيين العسكريين أو غير ذلك. وذلك ما دامت هذه الاختصاصات مستبعدة مما يتولاه رئيس الجمهورية بواسطة وزرائه، بمعنى أنه هل يجوز للقانون الذى تصدره السلطة التشريعية أن يجيز تقويض رئيس الجمهورية فى سلطاته المحتجزة دستوريا له، يجيز التفويض فيها للوزراء والمحافظين؟! وإن كان ذلك كذلك فلماذا استبعدت هذه الاختصاصات مما يتولاه رئيس الجمهورية بواسطة وزرائه طبقا لنص المادة 155. الأمر يدعو للحيرة.

النقطة الثالثة، أن المادة 136 من المشروع التى حددت شروط الترشيح لرئيس الجمهورية أن يكون مصريا من أبوين مصريين، وبذلك فهى تسمح للرئيس أن يكون مزدوج ال***ية يحمل مع ال***ية المصرية جنيسة دولة أخرى حلف لها يمين الولاء وأقسم بانتمائه لها، وهى تجيز له أن يكون من أبوين مزدوجى ال***ية، وأن يكون متزوجا من أجنبية. رغم أن الدبلوماسيين حتى من أصغر الرتب ممنوع عليهم التزوج من أجنبية، فما بالك برأس الدولة الذى يمثلها بين دول العالم أجمع. ورغم أن العسكريين حتى من أصغر الرتب ممنوع عليهم ذلك أيضا، فما بالك بالقائد الأعلى للقوات المسلحة. ورغم أن ثمة أحكاما من المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة بمنع مزدوج ال***ية من أن يتولى منصبا ذا ولاية عامة وحرمت عضوا بمجلس الشعب من عضويته لهذا السبب، وسندت حكمها بأن حلف يمين الولاء لدولة أخرى يجرده من إمكانية توليه هذه الولاية العامة، وكان هذا عن عضو مجلس الشعب فما مالك برئيس الجمهورية، وكانت التعديلات الدستورية التى جرى الاستفتاء عليها فى 19 مارس سنة 2011 تتضمن استبعاد مزدوجى ال***ية وأبنائهم والمتزوجين من أجنبيات من إمكان الترشح لرئاسة الجمهورية، وكان ذلك استنادا لهذه الأسباب وهى كلها مثارة من سنين عديدة قبل الثورة فلا يمكن القول بأن كان المقصود بها مرشح بعينه.

والغريب أن مشروع الدستور ذاته الذى أجاز لمزوج ال***ية أن يكون رئيسا للجمهورية قد حرم فى المادة 163 رئيس الوزراء والوزراء من أن يكون أى منهم مزدوج ال***ية وشرط فيهم جميعا «أن يكون مصريا غير حامل ل***ية دولة أخرى». وأن التناقض بين النص واضح للقارئ.

بقيت نقطة أخيرة فى هذا السياق، وهى مسألة تتعلق بالصياغة الفنية، إذ توجب المادة 143 «على رئيس الجمهورية وأفراد أسرته، تقديم إقرارات ذمة مالية، وكذلك نصت المادة 168 بالنسبة لأعضاء الحكومة. وأن حسن الصياغة يقتضى أن تحدد الأسرة وينص على من تشملهم من زوجة وأولاد قصر أو غير قصر حتى لا يترك التعريف للاختلافات. وكذلك فإن الالزام بتقديم الإقرار يكون على رئيس الجمهورية ذاته أو عضو الحكومة، فلا يمكن إجبار من ليست له صلة مباشرة بالسلطة أن يقدم الإقرار، وإذا لم يقدمه من الذى سيحاسب؟ رئيس الجمهورية أم فرد الأسرة، وكيف يحاسب رئيس الجمهورية على عدم وفاء غيره بالتزامه حتى إن كان ابنه. ان الصياغة يجب أن تكون ملزمة للرئيس أو عضو الحكومة تقديم الإقرار عن نفسه وعن أفراد أسرته بالتعريف الذى يحدده النص. ويكون هو المسئول عما يرد بالاقرارات التى يقدمها عن نفسه وعنهم.

●●●
وبالنسبة للسلطة القضائية فثمة ملاحظتان أحسبهما مهمتين عن مجلس الدولة والمحكمة الدستورية، فبالنسبة لمجلس الدولة (المادة 181) أتصور انه يحسن ان يضاف إلى مهامه «تولى مراجعة مشروعات القوانين التى تتقدم بها الحكومة إلى البرلمان». لأن مجلس الدولة هو الجهة القضائية المختصة تاريخيا فى التوزيع المؤسسى للاختصاصات، أن تراجع مشروعات القوانين ولديه قسم خاص بالتشريع لهذه المهمة منذ وجد.

وبالنسبة للمحكمة الدستورية فثمة خطأ جسيم ورد بالمادة 183 المتعلقة بتعيين أعضائها واستقلالهم، ذلك أن الفقرة الثانية من هذه المادة أوكلت أمر التعيين فى المحكمة الدستورية للجمعيات العمومية الخاصة بالمحكمة الدستورية ومحكمة النقض ومجلس الدولة ومحاكم الاستئناف. ووجه الغرابة هنا أننا لم نعرف من قبل أن تتولى جهات خارجية سلطة التعيين بجهة أخرى، أن الأصل أن من يملك التعيين لأية جهة مؤسسية هو هذه الجهة المؤسسية ذاتها إذا كانت جهة ذات استقلال عن غيرها، أو أن تكون جهة رئاسية لها إذا كانت مؤسسة من مؤسسات الإدارة التابعة للسلطة التنفيذية. أما ان كانت مستقلة خاصة أن كانت جهة قضائية، فإنه مما يتنافى مع استقلالها أن تكون جهات أخرى هى من يتولى التعيين بها فضلا عن مساس ذلك باستقلال هذه الجهة، فإنها هى الأقدر من حيث التخصص الفنى والمهنى والعلمى على أن تختار من ينضم إليها. وأن القانون رقم 48 لسنة 2011 الذى كان أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة كان أكثر مراعاة لاستقلال هذه المحكمة ممن وضعوا نص المشروع الحالى بالجمعية التأسيسية، وهذا وجه من وجوه التناقض الغريب.

(5)

انتقل إلى عدد من الملاحظات القصيرة ولكننى أحسبها مهمة، وذلك بالنسبة للنصوص والأحكام الواردة بالبابين الأول والثانى من مسودة الدستور، وهما الباب الخاص بالدولة والمجتمع والباب الخاص بالحقوق والحريات والواجبات العامة.

أولا: فالمادة 3 تنص على أن مبادئ شرائع المصريين المسيحيين واليهود هى المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية «وشئونهم الدينية» واختيار قياداتهم الروحية. وأحسب أن «الشئون الدينية» أكثر عموما مما يجوز، بمعنى أنه قد يظهر فى مستقبل غير منظور من يذكر أن الشئون الدينية تشمل معاملات الناس أو بعضها من أحوالهم المدنية التى تشملها فيما نظن عمومية التشريعات التى تصدق على المصريين جمعيا بجامع المواطنة. ومثل هذا الفهم قد يعود بنا إلى نظام الملة. وهذا أمر يتعين تفادى احتمالاته وإن كانت بعيدة، فنحن لا نعرف ما سيظهر فى المستقبل من أقوال وتفسيرات، والدستور هو صيغة نصوص تحكم الجميع لمراحل طويلة نسبيا. ونحن المواطنين أشد حرصا على روابط المواطنة ونعمل على تفادى أى احتمال ولو كان ضعيفا ولو كان بعيدا لعودة نظام الملة بين المواطنين. واقترح أن نستبدل بعبارة «شئونهم الدينية»، عبارة «شئونهم العبادية» أو التعبدية، وهى عبارة تتوافق مع العبارة الأخيرة الواردة بالنص وهى «اختيار قياداتهم الروحية» المتميزة عن القيادات المدنية والسياسية.

ثانيا: المادة 4 تتعلق بالأزهر الشريف، وقد أطلق النص جملة من العبارات بالغة العمومية وغير المحددة المعنى، مثل «يختص وحده بالقيام على جميع شئونه» ثم تليها عبارة «مجاله الأمة الإسلامية والعالم كله». فهل هذا يعنى أنه هيئة دولية، أو أنه خارج بوجه ما عن سيادة الدولة المصرية، وما مؤدى هذه العبارات بالغة العموم وغير محددة المعنى، وإذا كان بعيدا عن سيادة الدولة المصرية فكيف يلزم الدستور بأخذ رأيه فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية ومنها القوانين المطبقة فى مصر بطبيعة الحال. وعبارة «يختص وحده» يكفى عنها لفظ «يختص» لأن الاختصاص حسبما جرى الصياغات القانونية والتفسيرات اللغوية والاصطلاحية يفيد الاستبداد بالأمر فهى لا تحتاج إلى لفظ «وحده».

ثالثا: المادة 21 تتعلق بنصيب العاملين فى إدارة المشروعات وأرباحها وأنهم يمثلون بخمسين فى المائة فى عضوية مجالس إدارة وحدات القطاع العام، وبثمانين فى المائة فى مجالس الجمعيات التعاونية الزراعية والصناعية، ووجه الملاحظة بالنسبة للجمعيات التعاونية أن العاملين فيها هم الموظفون الإداريون وعمال الخدمات بالجمعية، وليسوا الزراع والصناع، والزراع والصناع هم أعضاء الجمعيات وليسوا عاملين بها وهم المقصودون بنسبة الثمانين فى المائة، لذلك يتعين تعديل النص بشأنهم ليكون كما يلى «كما يكون للمساهمين فى الجمعيات التعاونية الزراعية والصناعية نسبة ثمانين فى المائة على الأقل فى عضوية مجالس إدارتها».

رابعا: المادة 23 تتكلم عن أن الملكية الخاصة مصونة وتؤدى وظيفتها الاجتماعية فى خدمة الاقتصاد الوطنى. وهو نص حسن ولكن كان يتعين أن يقترن به بعده أو قبله نصان آخران أحدهما يشير إلى الملكية العامة وصونها فهى ملكية الشعب كل، وملكية مصر كلها يتعين أن تشملها عين الرعاية الدستورية، ونص آخر يشير إلى الملكية التعاونية، وقد كان الدستور السابق لسنة 1971 يفرد لهذين النظامين من نظم الملكية المواد 30، 31، 33.

خامسا: المادة 29 من باب الحقوق والحريات والواجبات العامة تتكلم عن ال***ية المصرية وحظر إسقاطها عن مصرى ثم تذكر «ولا يجوز الإذن بتغييرها ممن اكتسبها إلا فى حدود القانون» ولفظ الاكتساب قد يعنى عند البعض وفى بعض التفسيرات أن النص حكمه قاصر على من اكتسب ال***ية المصرية من الأجانب دون من اتصف بها بالميلاد وهم السواد الأعظم من المصريين، وتفاديا لهذا التفسير الضيق الخاطئ يحسن أن يستبدل بهذه العبارة العبارة الآتية «ولا يجوز لمن يحملها أن يتخلى عنها إلا فى حدود القانون».

سادسا: المادة 38 «تحظر الإساءة أو التعرض إلى الرسل والأنبياء كافة» والمقصود طبعا حظر التعرض بما لا يليق ولا يتفق مع ما يلزم لكل منهم من توفير واحترام، ولكن لفظ «التعرض» وحده أعم مما يجوز، لأنه لا يحدد نوع التعرض. لذلك استحسن أن يكون الخطر عن «الإساءة أو التعرض بما لا يليق بمقام الرسل والأنبياء كافة».

سابعا: المادة 41 تنص على أن «حرية الحصول على المعلومات.. أيا كان مصدرها ومكانها حق...» وأن الدولة تلتزم بتمكين المواطنين «من مباشرة هذا الحق...» بما لا يتعارض مع الأمن القومى أو ينتهك الحياة الخاصة. والعبارة الأولى من النص غير دقيقة «فالحرية» تتعلق بما يمارسه الإنسان بمبادرة منه، والحق هو ما يطلبه من الغير، والحصول على المعلومات ليس حرية تمارس وإنما هى حق يستأدى أى يطلب من الغير، والقول بأنه حرية تمارس يعنى ان يكون لأى شخص حق اقتحام المصالح العامة مثلا وفتح الملفات والإطلاع على ما فيها. وهذا غير مقصود طبعا، إنما المقصود أن يطلب المعلومات وأن يجاب إلى طلبه من المختصين فى الدولة.

ووجه الاعتراض الثانى على النص، أن ثمة من المعلومات ما لا يتعارض مع الأمن القومى ولا يمس حرمة الحياة الخاصة، ومع ذلك يظل فى نطاق عدم السماح بالنسبة للاطلاع عليه إلا بالأوضاع التى يحددها القانون. مثال ذلك العطاءات المقدمة فى المناقصات العامة والمزايدات العامة، لا يجوز للمتنافسين من أصحاب العطاءات الاطلاع على عطاءات غيرهم إلا فى جلسة فض المظارف وإلا فسد نظام المنافسة، وكذلك ما يعده القضاة ويتداولونه سرا بين بعضهم البعض قبل النطق بالحكم، والأمثلة أكثر من تحصى فى هذا الشأن. لذلك فإنه يتعين أن يكون حق الحصول على المعلومات مقرر بعامة ومحال تنظيمه إلى القانون أو القوانين التى تصدر بشأنه.

ثامنا: المادة 46 تكفل للمواطنين حق تكوين الجمعيات والأحزاب بمجرد الإخطار «وتكون لها الشخصية الاعتبارية». وأن تكون أى جماعة بالإخطار فقط ممكن، ولكن أن تكسب الجماعة «الشخصية الاعتبارية» بمجرد هذا الإخطار أمر فيه خطر، ولا أقصد بذلك التقييد لحق المواطنين فى تشكيل جمعياتهم ولكننى أقصد صون حق المواطنين الذين يتعاملون مع هذا الشخص الاعتبارى، لأن أصل شرعه الشخصى الاعتبارى أنه كيان قانونى ينظمه القانون لحماية الغير الذى يتعاملون معه وكذلك حماية للمساهمين فى هذا الشخص الاعتبارى فى علاقاتهم مع بعضهم البعض. فكيف تحل هذه المسائل وتوضح وتنظم بمجرد الإخطار الذى يقدمه من يشاء حسبما يشاء فى أى وقت يشاء، والسؤال هل يمكن أن ينشأ شخص اعتبارى يتعامل مع الناس ماليا ومعنويا بهذه الكيفية، بيعا أو إيجارا وممارسة للمهن وإصدار للتراخيص وغير ذلك. لابد أن تكون الشخصية الاعتبارية مما لا يكتسب إلا بالنظام الذى يضعه القانون، أما الحق الأصلى للنشاط الاجتماعى والسياسى من الجماعات فيكون متاحا بموجب الإخطار دون قيد جنائى عليه.

تاسعا: المادة 54 تقول فى أولها «الصحة حق مكفول لكل مواطن، وتوفر الدولة خدمات الرعاية والتأمين الصحى للمواطنين». والنص مقصود به أن توفر الدولة هذه الخدمات، أما العبارة التى تصدرت النص فهى ليست حكما تشريعيا، لأن «الصحة» فى ذاتها ليست حقا مكفولا لأى من البشير بموجب نص تشريعى، أنها فى ذاتها من قدر الله سبحانه، وأن بقاءها أو زوالها هما من أمور الغيب، ونحن ليست لنا حقوق تجاه الغيب، ولا يجدينا كبشر فى ذلك نصُ حتى لو كان دستوريا وأصدرته جمعية تأسيسية منتخبة من هيئات تمثل الشعب المصرى فى انتخابات نزيهة بعد ثورة شعبية طيبة. لذلك اقترح حذف العبارة الأولى من النص وهى «الصحة حق مكفول لكل مواطن» ويبقى النص بعد ذلك «توفر الدولة خدمات الرعاية....».

عاشرا: المادتان 7، 13 تحددان أن الأسس التى يقوم عليها الاقتصاد الوطنى. وأرجو أن تذيل كل مادة منهما عبارة «وترعى الدول تحقيق هذه الأسس الاجتماعية» وذلك فى آخر المادة 7، وعبارة «وترعى الدولة هذه الأهداف» فى آخر المادة 13. لانها أمور يتعين ان تلتزم الدولة بها، وقياسا على كل المبادئ التى جاءت فى المواد الأخرى المصاحبة، وحتى لا تكون مبادئ المادتين 7، 13 مبادئ يتيمة ليست من مؤسسات الدولة من يلتزم بواجب رعايتها.

حادى عشر: ان نص المادة 200 الخاصة بالقضاء العسكرى تحصر اختصاصه بحق فى اطار العسكريين وتنص فى آخر الفقرة الأولى منها «ولا يجوز بحال أن يحاكم امام القضاء العسكرى إلا العسكريون ومن فى حكمهم». والحكم بهذه الصياغة سليم ولكنه ناقص لأن المحاكم العسكرية فضلا عن اختصاصها بالقضاء على العسكريين، فهى يتعين أن تكون هى الجهة المختصة بمحاكمة أى شخص عما يرتكبه فى معسكرات القوات المسلحة، ونفوذ القضاء العسكرى يتعين أن يشمل العسكريين كما يشمل ما يرتكب من جرائم أو مخالفات فى المعسكرات الحربية وكذلك ما يتعلق بالتعرض للمعدات العسكرية، لأن ذلك كله يتعلق بشئون الجيش. لذلك استصوب أن يضاف إلى النص السابق الوارد بآخر الفقرة الأولى «ولا ما يرتكب من جرائم فى المعسكرات أو على المنشآت والمعدات والعسكرية».

ثانى عشر: المادة 146 تنص على ان يلقى رئيس الجمهورية بيانا حول السياسة العامة للدولة فى جلسة مشتركة بين مجلسى البرلمان عند افتتاح دور انقعادها. وكنت أظن أنه من الأصوب أن يرد بالنص أن يكون هذا البيان بعد الاتفاق مع الحكومة حتى تشمله المسئولية الوزارية أيضا، وهذا حكم يتفق مع النظرة العامة التى انتهجها مشروع الدستور من توزيع جوانب السلطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية المنتخب مباشرة من الشعب وبين الحكومة رئيسا ووزراء المؤيدة من مجلس النواب.

ثالث عشر: المادة 58 تشير إلى كفالة الدولة الحياة الآمنة لكل إنسان مقيم على أراضيها وتوفر الحماية القانونية اللازمة له «وتكفل حصول المستحقين على تعويض عادل فى حالات القتل أو العجز الناشئ عن الجريمة...»، وأرجو أن تضبط عبارات النص حتى لا يفهم منه أحد فيما بعد أنها ملزمة من مال الدولة بتعويض ما لم يقع منها أو من تابعيها من جرائم قتل وعجز. ونتوخى وضوح النص حتى لا يساء فهمه فى تطبيق مستقبل.

رابع عشر: المادة 68 تتكلم عن مساواة المرأة بالرجل «دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية» وقد لوحظ تمسك من الغيورين على الشريعة بإيراد هذه العبارة كما لو أن عدم إيرادها سيمكن من خرق أحكام الشريعة فى هذا الأمر، كما لوحظ تمسك العديد من الليبراليين بحذفها كما لو أن إيرادها سيضعف حقوق المرأة إزاء الرجل، والظن لدى أن النصوص كلها يفسر بعضها بعضا، وأن نص المادة الثانية ضامن إعماله مع كل نصوص الدستور الأخرى لأن احكام الدستور مرتبط بعضها ببعض دلالات النصوص متساندة وتكرار أى حكم لا يفيد تأكيدا زائدا له فى التطبيق وعدم التكرار لا يفيد نقصا فى التأكيد. لذلك أرى هذا الخلاف ليس بذى نتيجة عملية تطبيقية وهذا ما تعلمناه فى صياغة التشريعات وتفسيرها. وقد لاحظت أحيانا فى صياغة بعض النصوص استعمال عبارات مثل «لا يجوز بحال»، وهذا تأكيد لا محل له لأنه لا مراتب فى المنع، وينبغى للمشروع أن يعلو عنه لأن لفظ (لا يجوز) كاف.

Free Love
10-11-2012, 04:02 PM
شكرا لك وجزاك الله كل خير

aymaan noor
11-11-2012, 09:44 AM
كيف حسمت التغيرات الديموجرافية الأمريكية السباق لأوباما؟
http://rcssmideast.org/media/k2/items/cache/3b77d3f73b59742412f393cd0d264b14_L.jpg
كارن أبو الخير
بعد سباق انتخابي ساخن فشل المحللون في التنبؤ بنتيجته إلى لحظاته الأخيرة؛ فاز باراك أوباما على منافسه الجمهوري ميت رومنى فوزًا حاسمًا فيما يتعلق بأصوات المجمع الانتخابي، وإن كان الفارق بين المرشحين أقل حجمًا فيما يتعلق بعدد الناخبين الذين صوتوا لهما على مستوى البلاد ككل، بما يعرف بالتصويت الشعبي Popular vote.

يعود نجاح أوباما إلى قدرة حملته على القراءة الصحيحة للتغيرات الديموجرافية التي طرأت على المجتمع الأمريكي، وخاصة خلال العقد الأخير، فضلا عن القدرة العالية التي أبدتها حملته في التواصل مع الطوائف الصاعدة، وحشدها لدعم المرشح الديمقراطي.

ولذلك يرى العديد من المحللين أن فوز أوباما قد وضع الحزب الجمهوري أمام معضلة "وجودية"، فالحزب الذي يعتمد في المقام الأول على مساندة الناخبين البيض من الطبقة الوسطى في المدن والمناطق الريفية قد فشل في الحصول على أغلبية أصوات الناخبين على مستوى البلاد ككل في خمسة من السباقات الرئاسية الستة الأخيرة. ويعود ذلك إلى تغير واضح في التركيبة الديموجرافية للقاعدة الانتخابية الأمريكية؛ حيث تقلصت نسبة الناخبين "البيض" من 81% عام 2000 عندما فاز الرئيس السابق بوش الابن بالرئاسة، إلى 74% في عام 2008، ثم إلى 72% في انتخابات 2012، بحسب آخر التقديرات.

وقد حصل رومني في الواقع على عدد أكبر من أصوات الناخبين البيض التي حصل عليها جورج بوش عندما فاز في انتخابات عامي 2000 و2004، ولكن لأن الوزن النسبي لهذه الفئة أصبح أقل، لم يتح له ذلك الفوز.وكان من اللافت تركيز المرشح الجمهوري على إرضاء قاعدته الانتخابية الأساسية على حساب الناخبين من الخلفيات العرقية المختلفة، وخاصة بتبنيه مواقف متشددة من القضايا المتعلقة بأوضاع المهاجرين.

أوباما وسياسة مراعاة الأقليات

في المقابل، اهتمت حملة أوباما بالتواصل مع الأقليات بمختلف أطيافها، وحرص أوباما على تبني مواقف وسياسات تصب في مصلحتها، بدءًا من إعطاء أبناء المهاجرين غير الشرعيين المولودين في الولايات المتحدة الحق في تلقي خدمات تعليمية وصحية، وانتهاءً بمساندته لحق المثليين في الزواج.

وفاز أوباما بدعم كبير من الأقليات العرقية وخاصة السود وذوي الأصول الهسبانية؛ حيث حصل على 93% من أصوات السود، الذين شكلوا 13% من مجموع الناخبين هذا العام، بزيادة ثلاث درجات مئوية عن عام 2000. كما حصل أوباما على نسبة تقدر ما بين 71 و69% من أصوات الناخبين ذوي الأصول الهسبانية، مما أتاح له حسم الموقف لصالحه في فلوريدا وكلورادو ونيفادا، والتي كان التنافس عليها شديدًا. ويلاحظ أن الأقليات العرقية هي أكثر المجموعات السكانية نموًّا في الولايات المتحدة. فتشير التقديرات إلى أن الأقلية ذات الأصول الأسيوية زادت خلال العقد الأول من القرن الحادى والعشرين بنسبة 43.3%، والأقلية اللاتينية بنسبة 43%، والسود بنسبة 12.3%، أما الأمريكيون البيض فلم تزد نسبة نموهم في هذه الفترة عن 5.7%.

ويكمن التحدي في الاعتماد على أصوات الأقليات في أن نسبة تسجيلهم في الكشوف الانتخابية تقل لأسباب اقتصادية واجتماعية عن البيض. وعلى سبيل المثال، فإن 44 فقط من كل 100 شخص من أصول هسبانية من المقيمين في الولايات المتحدة يتمتعون بحق التصويت: أي أنهم تخطوا سن الثامنة عشرة ويحصلون على ال***ية، وذلك في مقابل تمتع 78 من كل 100 شخص أبيض مقيم في الولايات المتحدة بحق التصويت. فبالرغم من أن البيض يمثلون 63% من مجموع السكان، فهم يمثلون ما بين 71% إلى 72% من الذين لهم حق التصويت. ولذلك، حرصت حملة أوباما على تشجيع الأقليات على تسجيل أسمائهم في الكشوف الانتخابية، وعملت على توفير الدعم اللوجستي في مختلف الدوائر الانتخابية لإيصالهم إلى صناديق الإقتراع.

الشباب كمصدر دعم لأوباما

من ناحية أخرى؛ كان الدعم من فئة الشباب أقل من 30 عاما أحد أهم العوامل التي أدت إلى نجاح أوباما في انتخابات عام 2008. ورغم أن هذه الفئة بدت أقل حماسا لدعمه هذه المرة، حيث إنها الفئة الاجتماعية الأكثر تضررًا من المشاكل الاقتصادية ومن البطالة؛ إلا أنه نجح في الحصول على ستة أصوات من كل عشرة من الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما، ورغم انخفاض نسبة دعمهم للمرشح الديمقراطي هذه المرة، فإنها تزيد بنسبة 12% عن دعم هذه الفئة العمرية للمرشح الديمقراطي آل جور في عام 2000، وبنسبة 6% عن دعمهم للمرشح الديمقراطي جون كيري في 2004.

وتعتبر هذه الفئة أكثر انفتاحًا بالنسبة للقضايا الاجتماعية، مثل زواج المثليين، وأقل تمسكًا بالدين عن الفئات العمرية الأكبر سنا. وتُشير الاستطلاعات التي أجريت عام 2011 على سبيل المثال أن ثلث الأمريكان في أوائل العشرينيات لا ينتمون إلى أي دين، وذلك في مقابل ¼ هذه الفئة في عام 2006.

وإذا لم يغير الجمهوريون من استراتيجيتهم، فإن المستقبل يبدو أكثر ازدهارًا للمرشحين الرئاسيين من الحزب الديموقراطي؛ حيث يوسعون نسبة داعميهم بين فئات ديموجرافية آخذة في النمو، بينما يركز الحزب الجمهوري على فئات يتقلص وزنها النسبي بين الناخبين. ويبقى التحدي أمام الديمقراطيين في المحافظة على هذا التحالف الانتخابي في السنوات القادمة والذي تأسس تحت قيادة أوباما.