مشاهدة النسخة كاملة : الدنيا ظل زائل


سمير عبد اللطيف
27-02-2012, 09:17 PM
الحمد لله رب العالمين ، له الحمد الحسن والثناء الجميل ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، يقول الحق وهو يهدي السبيل


وبعد:


قال النبي صلى الله عليه وسلم :«إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ أمَّتِي كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَجَعَلَتِ الدَّوَابُّ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهِ، فَأنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ وَأنْتُـمْ تَقَحَّـمُونَ فِيهِ»


متفق عليه


وكل أحد في هذه الدنيا ضيف، وماله أمانة، فالضيف مرتحل، والأمانة مؤداة.


والدنيا كمثل رجل هيأ داراً وزينها، ووضع فيها من جميع الملذات، ودعا الناس إليها، فكلما دخل ضيف أجلسه على فراش وثير، ووضع بين يديه أواني فاخرة، فيها من كل ما يحتاج إليه من الطعام والشراب.


فعرف العاقل أن ذلك كله متاع صاحب الدار وملكه ، فاستمتع بتلك الضيافة مدة مقامه في هذه الدار، ولم يعلق قلبه بها،


ولم يحدث نفسه بتملكها، بل قنع بما قدمه له صاحب الدار من أنواع الضيافة.


يجلس حيث أجلسه، ويأكل ما قدم له، ولا يسأل عما وراء ذلك، فدخل كريماً، وتمتع كريماً، وفارقها كريماً، ورب الدار راض عنه.



وضيف آخرحدث نفسه بسكنى الدار، والتصرف فيها بحسب شهوته وإرادته، فتخير المجلس لنفسه، وجعل يبدل وينقل في محتوياتها ويأخذ منها ما شاء.


وصاحب الدار يشاهد تصرفاته ، وكرمه يمنعه من إخراجه من داره، حتى إذا ظن أنه قد استبد بتلك المقتنيات، ومَلَك الدار، وتصرف فيها تصرف المالك الحقيقي، واستوطنها واتخذها داراً له، أرسل إليه مالكها عبيده.. فأخرجوه منها إخراجاً عنيفاً، وسلبوه كل ما هو فيه، ولم يصحبه من تلك المقتنيات شيء.


______


بتصرف من كتاب فقه القلوب للتويجري