مشاهدة النسخة كاملة : علماء الأزهر يعارضون فتوى إرضاع الكبير


ahmed el nawam
16-01-2012, 11:11 PM
قبل ثلاث سنوات أفتى الدكتور عزت عطية، رئيس قسم الحديث في جامعة الأزهر، بجواز إرضاع الكبير. وقتها عارضه علماء الأزهر وهاجموه حتى وصل الأمر إلى عزله من منصبه. وأخيراً عادت تلك الفتوى المثيرة من جديد، لكن هذه المرة على لسان الشيخ عبد المحسن العبيكان، المستشار في وزارة العدل السعودية الذي أفتى بجواز إرضاع الكبير، واضعاً بعض الضوابط للإرضاع، لتعود بذلك حالة الجدل المثير حول هذه الفتوى. فماذا يقول علماء الأزهر الشريف عن فتوى إرضاع الكبير؟ وهل يمكن وضع ضوابط لها يمكن أن تجعلها مقبولة؟ أم أنها فتوى لا يمكن تقبلها ولا تتناسب مع صحيح الدين؟

انفجرت القضية أثناء مقابلة لشيخ العبيكان تلفزيونية السعودي مؤخراً، رد فيها على سؤال حول إرضاع الكبير فأفتى بقوله: «إذا احتاج أهل بيت ما إلى رجل أجنبي يدخل عليهم بشكل متكرر، وهو أيضاً ليس له سوى أهل ذلك البيت ودخوله فيه صعوبة عليهم ويسبب لهم إحراجاً وبالأخص إذا كان في ذلك البيت نساء أو زوجة، فإن للزوجة حق إرضاعه».

واستشهد الشيخ العبيكان بحديث سالم مولى حذيفة وأقوال أخرى استشهد بها عن أم المؤمنين عائشة، وكذلك ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية، مؤكداً ان الرضاعة في الكبر موجودة في المؤلفات الخاصة بابن تيمية، ومشيراً إلى أن فتوى إرضاع الكبير حالة لا تختص بزمن معين، وإنما هي للعامة في جميع الأزمان.

وعندما شعر العبيكان بموجة الغضب والسخط الذي وصل إلى حد السخرية، أصدر بياناً موسعاً وضع فيه ضوابط للقضية وتقييد جواز الفتوى، موضحاً أن هذه الحالة تنطبق على من أخذه أهل البيت من ملجأ ولا يعرف له أب ولا أم فأرادوا تربيته وأن يكون عندهم مثل الولد، أو أن يكون شاباً ليس له أقارب سوى أخيه، ويضطر للسكن معه ومع أسرته ويحصل الحرج بكثرة دخوله وخروجه وما شابه ذلك.

وحذر العبيكان من خطورة التشكيك أو الطعن في السنن الصحيحة، وكذلك في آراء الأئمة والعلماء لأن ما جاء في الفتوى التي نقلها عن السيدة عائشة رضي الله عنها وعن جمع من الأئمة والمحققين يجيز إرضاع الكبير عند الحاجة الملحة. ولكن البعض يسيء الفهم ظناً أن الرضاع يحصل مباشرة من ثدي المرأة، ولكن الفتوى تعني أن تحلب المرأة له اللبن في إناء ويشربه بعد ذلك، كما نص عليه أهل العلم.

واستدل الشيخ بآراء مثل رأي الإمام ابن عبد البر في كتاب «التمهيد»، حيث قال: «هكذا إرضاع الكبير كما ذكر يحلب له اللبن ويشربه، وأما أن تلقمه المرأة ثديها كما تصنع بالطفل فلا، لأن ذلك لا يحل عند جماعة العلماء».

ولفت العبيكان إلى أن هناك من فهم أن هذه الفتوى تشمل السائقين والخدم وغيرهم، وهذا غير صحيح فلا تشملهم أبداً، وإنما هي في حالات نادرة. والأصل في الرضاعة أن تكون في الحولين أي ألا يتجاوز عمر الرضيع سنتين. وبالتالي فإن إجازة العلماء إرضاع الكبير جاءت في حالة خاصة هي «إذا احتاج أهل البيت إلى كثرة دخول الكبير عليهم والسكنى بينهم، وبالطبع دون أن يرضع مباشرة من ثدي المرأة، وإنما تحلب له من ثديها في إناء ويشربه خمس رضعات مشبعات للصغير».

ووصف في نهاية بيانه بعض منتقديه بالجهل، مؤكداً أنه بهذا النقل من الأدلة وكلام الأئمة يتبين كثرة الجهل في هذا الزمن حتى عند من يدعي العلم، حيث يزعمون جهلاً أن ما قاله هؤلاء الأئمة غير صحيح لأنهم لم يفهموا النصوص ولم يطّلعوا على كتب أهل العلم.

وهاجم بعض الذين يقولون إنه لا حاجة الى هذه الفتوى في هذا الزمن قائلاً: «لأنهم لا يمانعون من دخول غير المحارم الرجال على نسائهم وبناتهم، وهن متبرجات سافرات، وأما الذين يلتزمون بالحشمة والعفاف والغيرة فإنهم يحتاجون إلى هذه الفتوى في هذا الزمن مثلما احتاجها السابقون».
View Pictures

اجتهاد خاطئ

وأكدت الدكتورة سعاد صالح، أستاذة الفقه والعميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية، أن القول بإرضاع الكبير بشكل مباشر أو حتى غير مباشر «خروج على إجماع علماء الأمة ولا يجوز القياس على هذه الحالة الخاصة لأنها تساهم في نشر الرذيلة بين المسلمين. ومن ثم فإن إباحة إرضاع الكبير اجتهاد خاطئ، وليس مقبولاً أن نتحدث عن هذه القضية في مجتمعنا الحديث. ولابد لمن يفتي ويجتهدأن يفهم ظروف العصر لأن لكلٍ مقام مقالاً. وأوضح القرآن الكريم وحدد وقت الرضاعة بما لا يتجاوز العامين لقوله تعالى: «والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة» (آية 233 سورة البقرة ). لأن الرضاع مدته عامان ولا رضاع بعد ذلك، ومن شروطه أن ينبت اللحم ويقوي العظم، ورضاع الكبير لا يؤدي إلى ذلك بل يثير الشهوات لأن كشف المرأة ثديها لغير زوجها يعتبر كشفاً لعورة. بالإضافة إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام».
View Pictures

تحدٍ

ويتحدى عميد كلية دراسات بني سويف في جامعة الأزهر الدكتور عبد الحي عزب من يستدلون بقصة «سالم» أن تتكرر القصة بالملابسات نفسها كاملة، «لأنها قصة نادرة لن تتكرر مرة أخرى. وبالتالي فإن انتفاء الحال يجعل الحكم منتفياً. ولنا في الحديث النبوي بتحريم دخول غير المحارم حتى ولو كان أخ الزوج، حيث سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن «الحمو» هو أخ الزوج وفي حاجة لأن يدخل بيته- فرد الرسول «الحمو الموت»، وهو تحذير شديد اللهجة. ولم يقل الرسول لمنع خلوة الحمو بزوجة أخيه في البيت إن عليها أن ترضعه. ولهذا فإن الفهم الظاهري وعدم إعمال العقل في تطبيق ما جاء في قصة «سالم» مولى أبو حذيفة مفسدة عظيمة. وأدعو العلماء والعامة الى قراءة الكتاب القيم للشيخ محمد الغزالي «السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث»، وسيعرف القارىء أنه ليس كل ما في كتب التراث مسلم ويجب الأخذ به، بل إن بعضها يتناقض مع أحكام صريحة في القرآن والسنة النبوية الصحيحة».
View Pictures

أزمة فكرية

ورفضت العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر في بور سعيد الدكتورة عبلة الكحلاوي، هذه الفتوى جملة وتفصيلاً ووصفتها بأنها «لا تتناسب مع الحياء الذي أمر به الإسلام، وأن كثرة الجدل حولها تأكيد لأن الأمة تعيش في أزمة فكرية ولا تعي القضايا الحيوية التي يجب أن يلتف حولها العلماء، بدلاً من هذه السفسطة التي لا تسمن من جوع، وإنما هي تعبير عن إفلاس فكري وعقلي». وتضيف: «لا أفهم ما هي قيمة البحث في كتب التراث واستخراج فتاوى قديمة مثيرة للجدل، وترك نصوص شرعية صريحة تحرم الخلوة غير الشرعية بين الرجال والنساء. فكيف إذن يتم إرضاع الكبار بأي طريقة كانت؟ وأقول يجب أن يعايش العلماء ظروف عصرهم بدلاً من العيش في زمان غير الزمان».
View Pictures
الرابط:http://www.lahamag.com/10666_%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%8 4%D8%A3%D8%B2%D9%87%D8%B1%20%D9%8A%D8%B9%D8%A7%D8% B1%D8%B6%D9%88%D9%86%20%D9%81%D8%AA%D9%88%D9%89%20 %D8%A5%D8%B1%D8%B6%D8%A7%D8%B9%20%D8%A7%D9%84%D9%8 3%D8%A8%D9%8A%D8%B1