مصراوى22
24-12-2010, 07:20 AM
الفصل الأول
بالجرائم المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج
تعريف : يراد بالجرائم المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج – تلك الجرائم تنطوي على الأضرار أو الاعتداء أو المساس باستقلال الدولة أو سيادتها أو مصالحها القومية .
وسوف تقتصر دراستنا على أهم الجرائم أو أكثرها شيوعاً مما ارتكب منها – وهى جرائم السعي أو التخابر لدى دولة أجنبية .
جرائم السعى أو التخابر لدى دولة أجنبية .
مدلول السعى والتخابر
يقصد بالسعى أو التخابر لدى دولة أجنبية كل صور الاتصال المباشر وغير المباشر بهذه الدولة .
ويراد بالسعى كل عمل أو نشاط يصدر من الجاني يتجه به إلى الدولة الأجنبية لأداء خدمة معينة لها مما يقع تحت طائله التجريم .
أما التخابر فيراد به التفاهم غير المشروع بمختلف صوره بين الجاني نفسه وبين الدولة الأجنبية سواء كان صريحاً أو ضمنياً وسواء تم عن طريق سعى الجاني نفسه إلى الدولة الأجنبية أو عن طريق سعى هذه الدولة إليه .
وقد عاقب المشرع على ثلاث صور للاتصال غير المشروع بدولة أجنبية وهى :
1- السعى لدى دولة أجنبية أو التخابر معها أو مع أحد ممن يعملون لمصلحتها للقيام بأعمال عدائية ضد مصر (م 77/ ب عقوبات )
2- السعى لدى دولة أجنبية معادية أو التخابر معها أو مع أحد مما يعملون لمصلحتها لمعاونتها فى عملياتها الحربية – أو للإضرار بالعمليات الحربية للدولة المصرية ( م 77- ج - عقوبات )
3- السعى لدى دولة أجنبية أو أحد مما يعملون لمصلحتها أو تخابر معها أو معه وكان من شأن ذلك الإضرار بمركز مصر الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي .
ويتضح مما سبق أن هذه الجرائم جميعها تشترك في نشاط مادي معين هو السعى أو التخابر مع الدولة الأجنبية أو احد ممن يعملون لمصلحتها مما يتعين معه شرح كل من أركان هذه الجرائم .
أولاً :السعى أو التخابر للقيام بأعمال عدائية ضد مصر .
نصت المادة 77/ ب عقوبات على انه " يعاقب بالإعدام كل من سعى لدى دولة أجنبية أو تخابر معها أو مع احد ممن يعملون لمصلحتها للقيام بأعمال عدائية ضد مصر .
وتقوم هذه الجريمة توافر ركنين :
· ركن مادي : يتمثل في السعى أو التخابر لدى دولة أجنبية أو احد ممن يعملون لمصلحتها .
· ركن معنوي : هو قصد القيام بأعمال عدائية ضد جمهورية مصر العربية .
وقد بينا فيما سبق المقصود بالسعى أو التخابر باعتباره نشاطاً إجرامياً مشتركاً في جميع جرائم السعى أو التخابر – إلا أنه يجب ملاحظة أن القانون لم يتطلب فى الدولة الأجنبية أن تكون معادية بخلاف ما نصت عليه المادة (77/ ج عقوبات ) .
ونعرض فيما يلي الركن المعنوي لهذه الجريمة لكونه يضفى عليها ذاتية خاصة تميزها عن سائر جرائم السعى أو التخابر .
قصد القيام بأعمال عدائية ضد مصر
لا شبهة فى ضرورة توافر القصد الجنائي العام في هذه الجريمة فيجب أولاً أن تتجه إرادة الجانى إلى السعى أو التخابر مع دولة أجنبية أو احد ممن يعمل لمصلحتها مع علمه بذلك فإذا ثبت أن المتهم مثلاً لم يكن عالما بان من تخابر معه أو سعى لديه ممثلا لدولة أجنبية أو انه يعمل لمصلحتها فان قصده الجنائي العام لا يتوافر .
وفضلاً عن توافر القصد العام يجب أن يتوافر قصد جنائي خاص هو القيام بأعمال عدائية ضد الجمهورية .
ولا يشترط لوقوع هذه الجريمة نجاح الجاني في مقصده إذا يكفى مجرد توافر هذا القصد ولو لم يتحقق تنفيذه بالفعل.
العقوبة
يعاقب على وقوع هذه الجناية بالإعدام ولم يفرق القانون بين حالة وقوعها فى زمن حرب أو ارتكابها فى زمن سلم .
ثانياً : السعى أو التخابر لمعاونة دولة أجنبية معادية في عملياتها الحربية أو للإضرار بالعمليات الحربية للجمهورية .
ونصت المادة 77/ ج عقوبات على انه " يعاقب بالإعدام كل من سعى لدى دولة أجنبية معادية أو تخابر معها أو مع احد مما يعملون لمصلحتها لمعاونتها في عملياتها الحربية أو للإضرار بالعمليات الحربية للدولة المصرية .
عله التجريم
يهدف هذا النص إلى حماية مصلحة الدولة وقت مباشرتها للعمليات الحربية وهو ما يتعلق بأمنها وسيادتها واستقلالها .
وتقتضى هذه الجريمة توافر الركن المادى وهو السعى أو التخابر لدى دولة أجنبية معادية أو احد مما يعمل لمصلحتها كما سبق بالإضافة الى أن القانون تطلب فى هذه الجريمة أن تكون الدولة الاجنبية معادية كما اشترط توافر قصد جنائي خاص فى هذه الجريمة .
أ- الدولة المعادية :
لا يكفى مجرد السعى أو التخابر مع دولة أجنبية أو احد ممن يعملون لمصلحتها أيا كانت هذه الدولة بل يجب أن تكون دولة معادية .
وأية ذلك أن الجريمة لا تقع إلا إذا قصد الجانى معاونة هذه الدولة فى عملياتها الحربية الى الإضرار بالعمليات الحربية .
إذ أن اشتراط وجود عمليات حربية قائمة بين البلاد وبين الدولة الأجنبية يفيد حتما أن هذه الجريمة تتعلق بالحرب أو تقع فى زمن الحرب .
ويلاحظ أن حالة الحرب أو ما فى حكمها تعتبر شرطاً مفترضاً فى هذه الجريمة إذ هى لازمة لإسباغ صفة العداء على الدولة التى حصل السعى أو التخابر معها فهى ليست ظرف مشدد كما فى المادة 77 / د عقوبات .
والمقصود بالدولة فى هذا النص يتسع للحكومة وجيشها وكافة المنظمات والجمعيات والأفراد فى هذه الدولة والذين يساهمون بنشاط معين فى العمليات العسكرية .
ب- القصد الجنائى :
يتخذ الركن المعنوى فى هذه الجريمة صورة القصد الجنائى العام بأن يعلم الجانى بأنه يسعى ويتخابر مع دولة معادية أو احد يعمل لمصلحتها .
وفضلا عن توافر القصد الجنائى العام يستلزم القانون توافر قصد جنائي خاص هو اتجاه نية الجانى الى ما يلي :
1. معاونة الدولة المعادية فى عملياتها .
2. الإضرار بالعمليات الحربية لجمهورية مصر العربية .
العقوبة :
قرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة الإعدام ولو لم يتحقق قصد الجانى من ارتكابها
ثالثا : السعى أو التخابر الذى من شأنه الإضرار بمركز الدولة الحربى أو السياسى أو الدبلوماسى أو الاقتصادى
نصت المادة 77/د من قانون العقوبات على انه " يعاقب بالسجن إذا ارتكب الجريمة فى زمن السلم وبالأشغال الشاقة المؤقتة إذا ارتكبت فى زمن حرب "
1- كل من سعى لدى دولة أجنبية أو احد ممن يعملون لمصلحتها أو تخابر معها أو معه وكان من شان ذلك الإضرار بمركز مصر الحربى أو السياسي أو الدبلوماسى أو الاقتصادى
2- كل من اتلف عمدا أو أخفى أو اختلس أو زور أورقا أو وثائق وهو يعلم أنها تتعلق بأمن الدولة أو بأية مصلحة قومية أخرى فإذا وقعت الجريمة بقصد الإضرار بمركز البلاد الحربى أو السياسى أو الدبلوماسى أو الاقتصادى أو بقصد الإضرار بمصلحة قومية لها كانت العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة فى زمن السلم والأشغال الشاقة المؤبدة فى زمن الحرب
وتتطلب هذه الجريمة ركن ماديا قوامه عنصرين :
أ – النشاط الإجرامى وهو السعى أو التخابر وقد سبق تعريفة
ب- أن يكون من شأن هذا النشاط الإضرار بمركز مصر الحربى أو السياسى أو الدبلوماسى أو الاقتصادى ... هذا بالإضافة الى توافر القصد الجنائى
صور الإضرار التى من شأن السعى أو التخابر أن يؤدى إليها :
1- الإضرار بالمركز الحربى : يتحقق ذلك بكل فعل من شأنه أن يؤثر فى نشاط القوة العسكرية للبلاد سواء كان ذلك فى دور الاستعداد أو الطوارئ أو العمل . وسواء كانت الدولة فى حاله دفاع أو هجوم
2- الإضرار بالمركز السياسى : ويقصد به كل ما من شأنه أن يمس استقلال الدولة أو سياستها الخارجية . مثال ذلك تمكين دولة أجنبية من اكتساب نفوذ سياسى على الدولة . أو عرقله مفاوضات سياسية أو تفويت الأغراض السياسية التى تهدف الى تحقيقها من وراء عمل معين
3- الإضرار بالمركز الدبلوماسى : وهو ما يؤدى الى الإضرار بالتمثيل الدبلوماسى بين الدول . مثال السعى أو التخابر لقطع العلاقات السياسية بين جمهورية مصر العربية ودولة أخرى
4- الإضرار بالمركز الاقتصادى : ويراد به كل ما من شأنه أن يلحق الضرر بالنظام العام الاقتصادى للدولة وهو الذى تحدده سياستها الاقتصادية كنظام الرقابة على النقد – وكل ما يتصل بالإنتاج الزراعى أو الصناعى والتجارة الخارجية
القصد الجنائى
تتطلب هذه الجريمة قصدا جنائيا عاما فلا تقع الجريمة ما لم يعلم الجانى بأنه سعى أو تخابر مع دوله أجنبية أو شخص يعمل لمصلحتها .. وما لم يعلم بان سعيه أو تخابره من شأنه إلحاق الضرر بمركز البلاد الحربى أو السياسى أو الدبلوماسى أو الاقتصادى .
ومتى تتحقق هذا القصد فلاعبره بالباعث على ارتكاب الجريمة – كما إذا قصد الجانى مجرد الحصول على منفعة خاصة .
ولا يتطلب القانون قصدا جنائيا خاصا لقيام هذه الجريمة – وإنما يتطلب هذا القصد كمجرد ظرف مشدد لعقوبتها .
العقوبة :
إذا وقعت هذه الجريمة فى حالة الحرب كانت العقوبة السجن المشدد وإذا توافر قصد الإضرار شددت العقوبة الى السجن المؤبد .
أما إذا وقعت هذه الجريمة فى حالة سلم كانت العقوبة هى السجن فإذا توافر قصد الإضرار سالف الذكر شددت العقوبة الى السجن المشدد .
المطلب الثانى
جرائم الاعتداء على امن الدولة من جهة الداخل
تعريف : يراد بالجرائم المضرة بأمن الدولة من جهة الداخل – تلك الجرائم التى تنطوى على الاعتداء على النظام الداخلى للدولة والمساس بالأمن والاستقرار الذى يتمتع به الناس – أى حماية نظام الدولة الداخلى سواء كان اجتماعيا أو سياسيا أو اقتصاديا أو كان يتعلق بنظام الحكم والى حماية امن الناس واستقرارها .
وسوف تقتصر دراستنا على دراسة بعض هذه الجرائم وهى :
1- محاولة قلب نظام الحكم
2- تأليف وإدارة المنظمات المناهضة والترويج لأفكارها
3- التحريض والاتفاق والتشجيع والعودة الى ارتكاب بعض جرائم الاعتداء على أمن الدولة الداخلى
المبحث الأول
محاولة قلب نظام الحكم
نصت المادة 87 من قانون العقوبات على أنه " يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد كل من حاول بالقوة قلب أو تغيير دستور الدولة أو نظامها الجمهورى أو شكل الحكومة – فإذا وقعت الجريمة من عصابة مسلحة يعاقب بالإعدام من ألف العصابة وكذلك من تولى زعامتها أو تولى فيها قيادة ما .
والحماية المكفولة بهذا التجريم وفقا لنص المادة السابقة تقف ضد محاولة الانقلاب الذى يرمى الى تغيير الحكومة وإحلال حكومة جديدة محلها وما يقتضى ذلك من إسقاط الدستور أو تغييره فى الحدود التى تتنافى مع أهداف الانقلاب .
وبذلك تهدف هذه المادة الى حماية نظام الحكم من خطر الانقلاب كما تهدف الى حماية الدستور من خطر الاعتداء عليه بالقوة .
الركن المادى :
يتمثل الركن المادى فى هذه الجريمة فى المحاولة بالقوة لقلب نظام الحكم أو تغيير الدستور أو النظام الجمهورى أو شكل الحكومة ويتكون الركن المادى من عنصرين هما المحاولة – واستعمال القوة .
أولا : المحاولة :
يثير تحديد معنى المحاولة كثيرا من الدقة نظرا الى أن مراحل ارتكاب الجريمة تبدأ من الأعمال التحضيرية لها – ثم البدء فى التنفيذ – حتى أتمام الجريمة - فإذا وقفت عند حد البدء فى التنفيذ اعتبرت شروعا فى الجريمة .
وقد قضت محكمة النقض بأن المحاولة هى دون الشروع من الأعمال التى يقصد بها الوصول الى الجريمة أن لم تصل الى البدء فى التنفيذ .
ثانيا : استعمال القوة :
قرن نص المادة 87 عقوبات المحاولة بالقوة – مما يقتضى معه أن يصدر من الجانى فعل من أفعال القوة . فمجرد القول أو الكتابة أو الإثارة لا يكفى وحده لقيام عنصر القوة - دون الإخلال بالعقاب على ما ينطوى عليه من جرم أخر .
ويعنى بالقوة وفقا لنص المادة السابقة – بالقوة المادية التى تتمثل فى أحد الأعمال المادية التى قارفها الجانى – والتى تتمثل فى جميع أفعال الإكراه أو العنف أو القسر .
فالقوة هى مجرد وسيلة لتغيير إرادة الغير وحملها نحو الانصياع لمطلب صاحب القوة
وقد تكون القوة عسكرية كاستعمال السلاح – وقد تتمثل فى بعض المظاهر العنف المادى – مثل تنظيم المظاهرات الشعبية وتسيرها بغرض الضغط على الحكومة .
الركن المعنوى
فضلا عن توافر القصد العام يشترط لوقوع هذه الجريمة توافر قصد خاص هو اتجاه نية الجانى الى الانقلاب . وعلة ذلك أن الركن المادى لهذه الجريمة يتم بفعل ينطبق عليه وصف المحاولة ولا يشترط فيه وقوع الانقلاب فعلا .
العقوبة
قرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة السجن المشدد او السجن المؤبد ... وقد عرف القانون ظرفا مشددا لهذه الجريمة يتمثل فى صفة الجانى .
فإذا وقعت الجريمة من عصابة مسلحة – توافر الظرف المشدد بالنسبة الى مؤلف العصابة .ومن تولى زعامتها أو تولى فيها قيادة ما .
فإذا توافر هذا الظرف عند احد الأشخاص كانت العقوبة الإعدام .
المبحث الثانى
جرائم تأليف
التنظيمات المناهضة للدولة أو الاشتراك فيها أو الترويج لأفكارها
تمهيد :
عاقبت المادتان 98/ أ ، 987 / أ مكرر من قانون العقوبات على إنشاء التنظيمات المناهضة أو المشاركة فيها أو الترويج لأرائها ...
فنصت المادة 98 / أ من قانون العقوبات على أن " يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تزيد على عشر سنين وبغرامة لا تقل عن مائة جنية ولا تجاوز ألف جنية كل من انشأ أو أسس أو أدار جمعيات أو هيئات أو منظمات ترمى إلى سيطرة طبقة اجتماعية – أو إلى قلب نظم الدولة الأساسية الاجتماعية – أو إلى القضاء على النظم الاقتصادية أو إلى هدم أي نظام من النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية – أو إلى تحبيذ شئ مما تقدم أو الترويج له متى كان استعمال القوة أو الإرهاب أو أي وسيلة أخرى غير مشروعه ملحوظاً في ذلك.
ويعاقب بنفس العقوبات كل اجنبى يقيم فى مصر وكل مصرى ولو كان مقيما بالخارج إذا انشأ أو أسس أو نظم أو أدار فرعا فى الخارج بإحدى الجمعيات أو الهيئات المذكورة .
وكذلك كل من إنشاء أو أسس أو نظم أو أدار فى مصر فرعاً لمثل إحدى هذه الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات ولو كان مقرها فى الخارج .
ويعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تزيد عن مائتى جنية . كل من انضم الى إحدى الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الفروع المذكورة فى الفقرتين السابقتين أو اشترك فيه باى صورة .
ويعاقب السجن مدة لا تزيد على خمس سنين كل من اتصل بالذات أو بالواسطة بالجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الفروع المتقدم ذكرها لأغراض غير مشروعة أو شجع غيره على ذلك أو سهله له .
ونصت المادة 98 أ مكرر من قانون العقوبات على انه " يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة جنية ولا تجاوز ألف جنية كل من انشأ أو نظم أو أدار جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة يكون الغرض منها الدعوة باى وسيلة الى مناهضة المبادئ الأساسية التى يقوم عليها نظام الحكم الاشتراكي فى الدولة . أو الحض على كراهيتها أو الازدراء أو الدعوة ضد تحالف قوى الشعب العاملة أو التحريض على مقاومة السلطات العامة أو ترويج أو تحبيذ شئ من ذلك .
وتكون العقوبة السجن المشدد وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنية ولا تجاوز ألفى جنية إذا كان استعمال القوة أو العنف أو الإرهاب ملحوظاً فى ذلك .
ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تجاوز خمسمائة جنيه كل من انضم الى إحدى هذه الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الجماعات مع علمه بالغرض الذى تدعو إليه أو اشترك فيها باى صورة .
عله التجريم :
استهدف المشرع من وراء هذه الجرائم الى حماية السيادة الداخلية للدولة ضد خطر التنظيم الهدام الذى يرمى الى المساس بالمبادئ الأساسية التى تقوم عليها – وكذلك حماية المصالح الأساسية التى تقوم عليها السيادة الداخلية للدولة ضد نوع معين من الاعتداء هو التنظيم الهدام أو الترويج له .
صورة الركن المادى لهذه الجريمة :
1- تأليف وإدارة التنظيمات المناهضة لنظام الدولة .
2- الاشتراك فى التنظيمات المناهضة لنظام الدولة .
3- الترويج للأفكار المناهضة .
4- حيازة وسائل التعبير عن الأفكار المناهضة .
الركن المعنوى :
هذه الجرائم عمديه ، فلا تقع الجريمة قانونا إلا إذا توافر القصد الجنائى عند الجانى – ولا شك فى وجوب توافر القصد الجنائى العام – وهو اتجاه إرادة الجانى الى مباشرة النشاط الاجرامى مع علمه بسائر العناصر القانونية التى تتكون منها الجريمة .
كذلك يتعين توافر إرادة الجانى الى تأليف التنظيم المناهض أو إدارتها مع علمه بها وبأغراضها وبان استعمال القوة أو الإرهاب أو اى وسيلة أخرى غير مشروعة ملحوظاً فى ذلك .
هذا بالإضافة الى توافر القصد الخاص لدى الجانى عند اشتراكه فى هذه الجرائم .
العقوبات :
1- تأليف وإدارة التنظيمات المناهضة :
يعاقب على هذه الجريمة بالسجن المشدد مدة لا تزيد على عشر سنين وبغرامة لا تقل عن مائة جنية ولا تجاوز ألف جنية .
وتشدد العقوبة إذا كان استعمال القوة أو العنف أو الإرهاب ملحوظا فى هذه الجريمة – فتكون العقوبة السجن المشدد وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنية ولا تجاوز ألفى جنية .
2- الاشتراك فى التنظيمات المناهضة .
يعاقب على هذه الجريمة إذا وقعت مخالفة للمادة 98 / أ بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تزيد على مائتى جنية ... وإذا اقتصر الاشتراك على مجرد الاتصال بالتنظيم المناهض أو تشجيع الغير على ذلك أو تسهيله فتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على خمس سنين .
فإذا وقعت هذه الجريمة مخالفة للمادة 98 / أ مكرر كانت العقوبة مدة لا تزيد عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تجاوز خمسمائة جنية .
3- الترويج للأفكار المناهضة :
يعاقب على هذه الجريمة بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تجاوز خمسمائة جنية " م 98 / أ عقوبات "
المبحث الثالث
التحريض والاتفاق والتشجيع والدعوة الى ارتكاب
بعض جرائم الاعتداء على امن الدولة الداخلى
نصت المواد من 95 الى 97 من قانون العقوبات على العقاب على التحريض والاتفاق والتشجيع والدعوة الى ارتكاب بعض جرائم الاعتداء على امن الدولة الداخلى .
وقد وردت هذه الجرائم على سبيل الحصر وهى :
1. محاولة قلب نظام الحكم " م 87 / عقوبات "
2. تأليف عصابة لمهاجمة السكان أو مقاومة رجال السلطة العامة بالسلاح والاشتراك فى العصابات " م 89/عقوبات "
3. محاولة احتلال مبانى الحكومة بالقوة " م 90/ عقوبات "
4. تولى القيادة العسكرية لغرض اجرامى " م 91/ عقوبات "
5. طلب تعطيل أوامر الحكومة لغرض اجرامى " م 92/ عقوبات "
6. قيادة عصابة مسلحة بقصد ****** أموال الحكومة أو جماعة من الناس أو إدارة هذه العصابة أو تنظيمها " م 93 ، 94 / عقوبات "
وهذه الجرائم تعتبر من جرائم الخطر العام لان نتيجتها القانونية لا تتمثل فى الإضرار بأمن الدولة الداخلى وإنما تقف عند مجرد تعريض هذا الأمن للخطر لمجرد التحريض أو الاتفاق أو التشجيع أو الدعوة.
وقد افترض القانون توافر هذا الخطر بمجرد وقوع فعل من هذه الأفعال إذا اتجه به الجانى نحو ارتكاب جريمة من جرائم الاعتداء على امن الدولة الداخلى .
الركن المادى :
يتمثل الركن المادى لهذه الجرائم فى أربع صور وهى :
أ- التحريض : ويتحقق التحريض على الجريمة بخلق التصميم على الجريمة لدى الفاعل الأصلى لدفعه نحو ارتكابها .
ب- الاتفاق :يتوافر الاتفاق بانعقاد العزم بين شخصين أو أكثر على ارتكاب إحدي جرائم الاعتداء على امن الدولة الداخلى .
ج- التشجيع : جرمت المادة 96/ 2 عقوبات التشجيع على ارتكاب إحدى جرائم امن الدولة الداخلى سالفة الذكر بواسطة المعونة المادية أو المالية – كتقديم المال أو غير ذلك من المعونات المادية لتشجيع الجانى على ارتكاب جنايته
د- الدعوة الى الاتفاق الجنائى غير المقبول : جرمت المادة 97 / عقوبات مجرد الدعوة الى الاتفاق الجنائى الذى يكون الغرض منه ارتكاب إحدى جرائم الاعتداء على امن الدولة الداخلى سالفة البيان إذا لم تقبل دعوته .
الركن المعنوى :
هذه الجرائم عمديه – يكفى لانعقادها مجرد توافر القصد العام فلا يشترط أن تتجه إرادة الجانى من وراء التحريض أو الاتفاق أو التشجيع أو الدعوة الى تحقيق غرض أخر . ولا عبرة بالبواعث فان الجريمة تقع قانونا مهما كان هذا الباعث
العقوبات :
1- التحريض : عاقب عليه القانون بالسجن المشدد أو بالسجن إذ لم يترتب على هذا التحريض اثر
2- الاتفاق الجنائى : عاقب عليه القانون بذات العقوبة السابقة – وشدد العقوبة على من حرض على هذا الاتفاق أو من له شأن فى إدارة حركته فجعل العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة
3- التشجيع : عاقب عليه القانون بالسجن المشدد أو بالسجن " م 96 / فقرة 2 "
4- الدعوة الى الاتفاق الجنائى غير المقبول : عاقب عليه القانون بالحبس إذ لم تقبل دعوته" م 97 / عقوبات "
الفصل الثاني
جرائم الأموال العامة
تقديم وتقسيم :
تفرض الوظيفة العامة مجموعة من الواجبات يلتزم الموظف العام بمراعاتها داخل نطاق العمل الوظيفي وخارجة نظير ما يتمتع به من حقوق وظيفية ومزايا مادية وأدبية تترتب على شغل الوظيفة ، ومن ابرز هذه الواجبات الالتزام بالنزاهة والإخلاص فى إداء أعمال الوظيفة وعليه أن يؤدى عمله بحيده وموضوعية واستقامة مطلقة ابتغاء المصلحة العامة .. دون تأثر بغرض أو هوى أو استغلال الوظيفة فى تحقيق مآرب خاصة .
والموظف العام الذى ينحدر خلقه فيتاجر بأعمال وظيفته أو يستغلها لتحقيق مغانم خاصة يعد خائناً لأمانه الوظيفة التى عهدت بها الدولة إليه .
لذلك نظم المشرع أحكام جرائم الموظفين ضد الإدارة العامة فى الكتاب الثاني من قانون العقوبات وذلك تحت عنوان " الجنايات والجنح المضرة بالمصلحة العامة وبيان عقوبتها .
ومن ثم تقتضى الإحاطة بدراسة أهم صور المساس بنزاهة الوظيفة العامة أن نتعرض للجرائم التالية :
أولاً : جريمة الرشوة والجرائم الملحقة بها :
ثانياً : جريمة الاختلاس والاستيلاء على المال العام والعدوان عليه والغدر .. والتربح
المبحث الأول
الرشوة
تعريف الرشوة :
الرشوة هى اتجار الموظف العام فى أعمال وظيفته عن طريق طلبه أو قبوله أو أخذه وعدا أو عطية مقابل قيامه بعمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه وذلك هو المعنى العام لها .
أما الرشوة بالمعنى الدقيق فهى اتجار الموظف أو استغلاله لوظيفته التى يشغلها فهو يتقاضى أجرا وثمنا غير مشروع مقابل ما يؤديه من أعمال جاعلا بذلك من وظيفته سلعة للاتجار فيها فيقوم بطلب أو قبول أو اخذ الثمن مقابل العمل المكلف به والذى يتقاضى عنه أجره من الدولة وليس من شك فى أن ذلك يعد إخلالا بنشاط الإدارة ويخالف مقتضيات الواجبات الوظيفية وما تفرضه من الأمانة والنزاهة والجدية ومن شأن ذلك يؤدى الى زعزعة الثقة تجاه الدولة وموظفيها والانتقاص من هيبة الوظيفة العامة .
وعرفت المادة 103 من قانون العقوبات الرشوة فنصت على أن " كل موظف عمومى طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو اخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشياً "
ويكمل هذا التعريف التشريعى ما نصت عليه المادة 103 مكرر من قانون العقوبات على أن " يعتبر مرتشيا ويعاقب بنفس العقوبة المنصوص عليها فى المادة السابقة كل موظف عمومى طلب لنفسه أو لغيره أو اخذ وعدا أو عطية لأداء عمل يعتقد خطأ أو يزعم انه من أعمال وظيفته أو للامتناع عنه .
وجريمة الرشوة تقضى وجود طرفين :
1- المرتشى : وهو الموظف العام ومن فى حكمة آخذ الرشوة .
2- الراشى : وهو صاحب المصلحة الذى يعرض الرشوة ويقدمها ، أو من يعد الموظف بدفع الرشوة له فى المستقبل وهو ما يسمى الوعد بالعطية .
وقد يدخل فى الرشوة ما يسمى بالوسيط أو "الرائش " ممثلا لأحد طرفى الرشوة أو كليهما من اجل تحقيق مصلحتهما وهو ليس فى الحقيقة إلا شريكا فى جريمة الرشوة .
أركان
جريمة الرشوة
تتطلب جريمة الرشوة لقيامها توافر أركان ثلاثة هى :
1- صفة الجانـــــي : " المرتشي " وتتمثل فى كونه موظفا عاما أو ممن يعدون فى حكمه .
2- الركن المــادي : يتمثل فى نشاط إجرامي يتخذ صورة طلب أو قبول أو اخذ عطية أو وعد بها لنفسه أو لغيره مقابل الإخلال بواجبات الوظيفة أو أداء عمل أو الامتناع عن عمل يدخل فى اختصاصه فعلا أو زعماً أو توهماً .
3- الركن المعنوي : وهو القصد الجنائي ويتوافر بعلم الموظف أن ما حصل عليه أو ما طلبه هو مقابل القيام بعمل أو الامتناع .
المطلب الأول
صفة الجانـــــــــــــــــي
الرشوة بحسب الأصل جريمة من جرائم الموظف العام ضد الإدارة العامة " الدولة " جوهرها الاتجار بالوظيفة العامة أو استغلالها لذا فهي لا تقع إلا ممن يملك سلطاتها اى من الموظف العام أو من فى حكمه .
وقد أوجب المشرع فى المواد 103 الى 105 مكرر من قانون من قانون العقوبات ضرورة توافر صفة الموظف العام فى الجانى حتى يمكن قيام جريمة الرشوة .
إلا أن المشرع قد توسع فى تحديد مدلول الموظف العام فيما يتعلق بجريمة الرشوة ولم يقف عند الإطار والتحديد السابق وإنما نص فى المادة 111 على امتداد نطاق هذا المدلول الى طوائف أخرى اعتبرها فى حكم الموظفين العموميين .
وذلك على عكس الراشى أو الوسيط أو المستفيد من الرشوة حيث لم يتطلب القانون أن تتوافر فيهم أية صفه خاصة .
ونتناول فيما يلى الفئات التى نصت عليها المادة 111 عقوبات واعتبرت أفرادها فى حكم الموظفين العموميين فيما يتعلق بتطبيق أحكام جريمة الرشوة .
1- المستخدمون فى المصالح التابعة للحكومة أو الموضوعة تحت رقابتها .
يقصد بالمستخدمين بالمصالح الحكومية الموظفون الذين يشكلون أدنى درجات السلم الوظيفي اى صغار الموظفين فى الدولة الذين يشاركون بنصيب ضئيل فى إدارة أعمال الحكومة كالسعاة وعمال النظافة .
بينما جرى المشرع فى الماضى على احتجاز تعبير الموظف لكبار العاملين فى الدولة .
وبصدور قانون العاملين المدنيين بالدولة تخلى المشرع عن التفرقة الاصطلاحية بين المستخدم والموظف وأطلق على كل من يزاول عملا فى خدمة الدولة أو احد المرافق العامة مصطلح العامل – وبذلك زالت التفرقة وصار الجميع عاملين مدنيين بالدولة – ويستوى فى خضوع المستخدم لأحكام الرشوة أن يكون مستخدماً فى مصلحة تابعة للحكومة أو فى مصلحة موضوعة تحت رقابتها وان لم تكن تابعة لها والمقصود بالمصالح التابعة للحكومة تلك التى تخضع للحكومة المركزية أما المصالح الموضوعة تحت رقابتها فيقصد بها الهيئات العامة ذات الشخصية المعنوية المستقلة التى تخضع للوصاية أو الرقابة الإدارية للدولة مثال الوحدات الإقليمية كالمحافظات والمدن والمؤسسات العامة التى تتمتع بشخصية معنوية وميزانية مستقلتين .
2- أعضاء المجالس النيابية العامة والمحلية .
وتشمل هذا الطائفة أعضاء مجلسى الشعب والشورى والمجالس المحلية للمحافظات والمدن والقرى سواء كانوا معينين أو منتخبين وعلة اعتبار أعضاء هذه المجالس فى حكم الموظفين أنهم يمارسون الاختصاص التشريعى للدولة وجانبا من اختصاصها التنفيذى .
3- المحكمون والخبراء ونحوهم :
اعتبر المشرع فئات المحكمين والخبراء فى حكم الموظفين العموميين وذلك لأنهم يقومون بأعمال مساعدة للعمل القضائى تساهم فى تحقيق العدالة مما اقتضى إلزامهم بواجب الأمانة والنزاهة أثناء تأدية هذه الأعمال
ونصت المادة 111/3 عقوبات على انه " يعتبر فى حكم الموظفين العموميين المحكومون والخبراء ووكلاء النيابة والمصفون والحراس القضائيون . فهولاء يعتبرون مكلفين بمهمة تدخل فى نطاق الخدمة العامة ونظراً لخطورة الأعمال التى يؤديها هؤلاء فقد نبه المشرع صراحة الى خضوعهم لأحكام رشوة الموظفين .
4- المكلفون بخدمة عامة :
المكلف بخدمة عامة هو كل شخص يقوم بخدمة عامة لصالح المجتمع ولو لم يكن من طائفة الموظفين أو المستخدمين العموميين ما دام أن هذا الشخص قد كلف بالعمل ممن يملكه .
ويقصد بهم كل من تكلفه الدولة بالقيام لحسابها بعمل عارض من الأعمال العامة كالمترجم الذى تعهد إليه المحكمة بالترجمة فى دعوى مطروحة أمامها .
فإذا توافر التكليف بالخدمة العامة ممن يملكه فانه يستوى بعد ذلك أن تكون الخدمة مأجورة أو مجانية ، أو يكون التكليف إجباريا كالتجنيد أو اختياريا متوقفا على موافقة المكلف أو متوقفا على اتخاذه إجراءات معينه وان يكون المكلف موظفاً كلف بأداء خدمة عامة خارج نطاق وظيفته أو أن يكون غير موظف .
5- العاملون في القطاع العام
نص المشرع أخيرا على أن يعد فى حكم الموظفين . أعضاء مجالس إدارة ومديرو ومستخدموا المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشات إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم فى ما لها بنصيب ما بأية صفه كانت .
استثناء خاص فى القانون المصرى :
القاعدة العامة فى جريمة الرشوة أنها لا تقع إلا من موظف عام أو من فى حكمه ولكن المشرع خرج على هذه القاعدة وقرر توقيع عقوبة الرشوة فى حالتين لم يتطلب فيها صفة الموظف العام فى الجانى:
أ- رشوة الأطباء :
نصت المادة 222 عقوبات على أن " كل طبيب أو جراح أو قابله أعطى بطريق المجاملة شهادة أو بيانا مزوراً بشان حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة مع علمه بتزوير ذلك يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنية مصرى ,
فإذا طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو اخذ وعدا أو عطية للقيام بشئ من ذلك أو وقع منه فعل نتيجة لرجاء أو توصيه أو وساطة يعاقب بالعقوبات المقررة للمرتشى أيضا .
ويتبين من نص المادة 222 أن المشرع يتطلب شرطين لتطبيق نصوص الرشوة على الطبيب أو الجراح أو القابلة .
الشرط الأول : أن يكون الغرض من المقابل الذى يطلبه أو يقبل الوعد به أو يأخذه هو إعطاء شهادة أو بيان مزور .
الشرط الثانى : أن تكون الشهادة أو البيان المزور بشان حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة
ب- رشوة شهود الزور :
تنص المادة 298 من قانون العقوبات فى فقرتها الأولى على انه " إذا قبل من شهد زورا فى دعوى جنائية أو مدنية عطية أو وعدا بشئ ما يحكم عليه هو والمعطى أو من وعد بالعقوبات المقررة للرشوة أو للشهادة الزور أن كانت هذه اشد من عقوبة الرشوة .
ولكى تطبق عقوبة الرشوة على شاهد الزور أن يكون قد أدى الشهادة وان يكون ذلك أمام القضاء وان تكون الشهادة مغايره للحقيقة وان يتوافر لديه القصد .
وتضيف المادة 298 فى فقرتها الثانية انه " إذا كان الشاهد طبيبا أو جراحا أو قابله وطلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو اخذ وعداً أو عطية لأداء الشهادة زورا بشان حمل أو توصيه أو وساطة يعاقب بالعقوبات المقررة فى باب الرشوة أو باب شهادة الزور أيهما اشد ويعاقب الراشى والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشى ايضاً .
المطلب الثانى
الركن المادى فى جريمة الرشوة
يتحقق الركن المادى فى جريمة الرشوة بسلوك إجرامي يرتكبه المرتشى يتخذ إحدى صور ثلاثة هى الطلب أو القبول أو الأخذ وينصب هذا السلوك على موضوع معين هو الوعد أو العطية ويستهدف غرضاً معيناً يتمثل فى أداء عمل من أعمال الوظيفة أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجب من واجبات الوظيفة .
وتقتضى دراسة الركن المادى البحث فى العناصر التالية :
1. السلوك الإجرامى فى الرشوة " الطلب أو القبول أو الأخذ "
2. سبب الرشوة .
أولا :- السلوك الاجرامى فى الرشوة " الطلب أو القبول أو الأخذ "
1- الطلب : لقد جعل المشرع المصرى مجرد طلب الموظف العام فائدة للقيام بعمل من أعمال الوظيفة أو الامتناع عنه جريمة تامة فلا يشترط أن يلقى هذا الطلب قبولا من صاحب المصلحة فتقع الجريمة ولو رفض صاحب المصلحة الاستجابة الى هذا الطلب .. وذلك لان مجرد الطلب ينطوى على الاتجار بالوظيفة واستغلالها ويستوى أن يطلب الموظف الرشوة لنفسه أو لغيره أو أن يطلب الموظف العطية أو مجرد الوعد بها أى أن يصدر منه إيجاب بالرشوة ولو لم يعقبه قبول لها .
2- القبول : يقصد بالقبول فى مجال الرشوة " رضاء الموظف العام أو من فى حكمه تلقى مقابل ما نظير ما يقوم به أو يمتنع عنه من عمل فى المستقبل .
فالقبول هو تعبير عن إرادة متجهة الى تلقى المقابل فى المستقبل نظير القيام بالعمل الوظيفي .. ويعير عنه بالرشوة المؤجلة
ولا يشترط فى القبول شكلاً معيناً فقد يكون صريحا بالقول أو بالكتابة أو بالإيحاء وقد يكون ضمنيا ويجب أن يكون القبول جديا ولذلك لا تقع الجريمة إذا تظاهر الموظف بالقبول ليسهل على رجال الشرطة القبض على الراشى .
3- الأخذ : هو استلام المرتشى العطية إذا كانت شيئا ماديا أو الحصول على الفائدة إذا كانت العطية مجرد منفعة ويعتبر الأخذ اخطر صور النشاط الإجرامي فى الرشوة إذ فيها يكون الموظف قد قبض فعلا ثمن الاتجار بوظيفته أو استغلالها ولذلك يطلق عليها تعبير " الرشوة المعجلة " وقد يكون التسليم حقيقى أو رمزى وتستوى الصورة التى تكون عليها العطية فقد تكون مبلغا من المال أو شيئا له قيمة مادية .
الشروع فى الرشوة :
لا يتصور الشروع فى الرشوة فى حالة الأخذ والقبول على أساس أن فيهما يتحقق مبدأ التنفيذ ونهايته أما فى حالة الطلب فالشروع متصور فيه باعتبار أن الطلب لا يعد متحققا فى مدلوله القانونى إلا بوصوله الى علم صاحب الحاجة .
والفقه الغالب ذهب بحق الى القول بإمكانية الشروع فى الرشوة فى حالة طلبها وذلك إذا أوفد الموظف وسيطا الى الراشى لطلب الرشوة منه فلم يجده أو قام الوسيط بإبلاغ السلطات فالجريمة هنا وقفت عند مرحلة الشروع لان الطلب لم يصل الى علم الراشى .
موضوع الرشوة " مقابل الرشوة "
يجب أن يرد الطلب أو القبول أو الأخذ على وعدا أو عطية وقد تكون لمقابل الرشوة طبيعة مادية أو معنوية ومن ثم يستوى أن تكون العطية مادية كالنقود أو رمزية يحصل عليها الموظف له أو لغيره كحصول الموظف على تعيين لأحد أقاربه أو ترقيته أو نقله الى مكان أفضل وقد تكون العطية مستترة كاستئجار الموظف لمسكن دون القيام بدفع الاجرة .. ويستوى أن تكون العطية مشروعة أو غير مشروعة ولا يشترط التناسب بين مقدار المال أو لمنفعة غير مشروعة ولا يشترط التناسب بين مقدار المال أو المنفعة التى يحصل عليها المرتشى وبين العمل أو الامتناع الذى قام به المرتشى .
ثانياً : سبب الرشوة
لا يكفى لتحقق جريمة الرشوة اتخاذ سلوك الموظف إحدى الصور الثلاث التى تقدم ذكرها وهى الأخذ والقبول والطلب وإنما يجب أن يتوافر غرض الرشوة : أى العمل الذى يراد من الموظف تحقيقه كمقابل للرشوة وهو الأمر الذى يناط بالموظف أداؤه كمقابل للفائدة التى يقدمها الراشى .
ويتحقق بهذا التقابل بين العمل المطلوب من الموظف والفائدة المقدمة من الراشى معنى الاتجار بالوظيفة أو استغلالها .
ويتمثل الغرض أو السبب فى جريمة الرشوة فى اتجاه إرادة الموظف الى أداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه سواء كان هذا العمل يدخل فى اختصاصه أو أن يعتقد خطا أو يزعم انه من اختصاصه أو الإخلال بواجبات وظيفته .
فإذا توافر النشاط الإجرامى متمثلا فى الطلب أو القبول أو الأخذ بهدف تحقيق غرض الرشوة على النحو المتقدم وقعت الجريمة تامة إذا توافرت باقى أركانها .
خلاصة القول أن جريمة الرشوة لا تتحقق إلا إذا أراد المرتشى " الموظف أو من فى حكمه " تحقيق احد الأغراض الآتية والتى تمثل سبب الرشوة وهى :
1- أداء عمل من أعمال وظيفته :
تقوم جريمة الرشوة إذا كان الموظف قد حصل على الفائدة للقيام بعمل يوجب عليه القانون القيام به – فلا يشترط أن يكون العمل المطلوب القيام به مخالفا لمقتضيات الوظيفة أو يتعارض مع حقيقة الواقع
وقد سوى المشرع فى هذا الشأن بين الاختصاص الحقيقى بالعمل أو الاعتقاد الخاص بان العمل المطلوب الذى يتلقى الموظف المقابل عنه يدخل فى اختصاصه أو الزعم والادعاء الكاذب بأنه كذلك .
2- الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة
الامتناع عن العمل سلوك سلبى ... ويتحقق هذا السلوك بإحجام وتقاعس الموظف عن أداء عمل يوجب القانون عليه أداءه أو إذا كان امتناعه عن العمل قد تم بالمخالفة للقانون .
ولا يلزم لتحقق هذا السلوك الإحجام التام والقاطع عن أداء العمل . بل يكفى مجرد التأخير فى القيام به خلال الوقت المحدد له .
ويشترط أن يكون الامتناع أو التأخير داخلا فى أعمال الوظيفة ويستوى بعد ذلك أن يكون العمل محل الامتناع أو التأخير عملا قانونيا بالمعنى الدقيق أم عملا تنفيذيا داخلا فى نطاق السلطة التقديرية للموظف أو مخالفا للقانون .. كما يستوى لدى القانون أن يكون العمل محل الامتناع متمثلا فى صورة كتابية أو قول شفوى أو فعل تنفيذى .
وقد قضى تطبيقا لذلك بأنه إذا كان الغرض الذى من اجله قدم المال إلى الموظف " مفتش بوزارة التموين " هو عدم تحرير محضر لمن قدمه . وكان تحرير المحضر يدخل فى اختصاص هذا الموظف ... فأن جريمة الرشوة تكون متحققة ولو لم يكن هناك موجب لتحرير المحضر الذى دفع المال للامتناع عنه .
3- الإخلال بواجبات الوظيفة :
أن تعبير الإخلال بواجبات الوظيفة الذى أورده الشارع فى المادة 104 عقوبات كغرض من أغراض الرشوة قد جاء فى النص مطلقاً من التقييد ويتسع مدلوله كما تقول محكمة النقض لاستيعاب كل عبث يمس الأعمال التى يقوم بها الموظف وكل تصرف أو سلوك ينتسب الى هذه الأعمال ويعد من واجبات أدائها على الوجه السوى.
وعلى ذلك فان كل انحراف عن واجب من هذه الواجبات أو امتناع عن القيام به يطلق عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة ويدخل فى هذه النطاق أداء الموظف لعمل مخالف للقانون أو امتناعه عن عمل يوجبه القانون وإساءة واستعمال الموظف لسلطته التقديرية أو إخلاله بأمانة الوظيفة .
فمخالفة واجبات الوظيفة ذات مدلول أوسع من أعمال الوظيفة بحيث تشمل أمانة الوظيفة ذاتها .
الرشوة اللاحقة :
الحق المشرع فى المادة 105 من قانون العقوبات جريمة الرشوة اللاحقة أو المكافأة اللاحقة بجريمة الرشوة وذلك لوحدة الهدف من التجريم فى الحالتين وهو حماية نزاهة الوظيفة العامة .
فنصت المادة 105 على أن " كل موظف عمومى قبل من شخص أدى له عملا من أعمال وظيفته أو امتنع عن أداء عمل من أعمالها أو اخل بواجباتها هديه أو عطية بعد إتمام ذلك العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات وظيفته بقصد المكافأة على ذلك وبغير اتفاق سابق يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة جنية ولا تزيد عن خمسمائة جنية .
ويتضح من ذلك أن القانون يتطلب لتحقق هذه الجريمة أن يكون قبول الهدية أو العطية لاحقا على أداء الموظف للعمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة .. وان يكون ذلك قد تم بغير اتفاق سابق بينهما فإذا ما تحق ذلك وقعت الجريمة بمجرد قبول الموظف الهدية أو العطية ولو لم يستلمها بالفعل.
المطلب الثالث
الركن المعنوى
في جريمة الرشوة "القصد الجنائي"
جريمة الرشوة جريمة عمديه يتخذ الركن المعنوي فيها صورة القصد الجنائي لدى المرتشي حتى يمكن القول بقيام هذه الجريمة..
والقصد الجنائي يتطلب توافر عنصرين "العلم والإرادة":
(1) العلم: يجب أن يعلم الجاني بتوافر أركان الجريمة.. فيجب أن يكون عالماً بأنه موظف عام أو من في حكمه. وأن العمل المطلوب منه يدخل في نطاق اختصاصه حقيقة أو زعماً أو اعتقاداً مخالفاً للحقيقة. وأن يكون عالماً بأن الوعد أو العطية التي تقدم إليه هي مقابل العمل المطلوب بما يتضمن ذلك من إتجار واستغلال للوظيفة.
(2) الإرادة: يجب أن تتجه إرادة الجاني إلى إرتكاب الفعل المكون للركن المادي للجريمة... متمثلاً في طلب الرشوة أو قبولها أو أخذها.
وينبغي كذلك أن يعلم الموظف أن العطية التي انصرفت إرادته إلى الحصول عليها لم تكن إلا ثمنا للعمل أو الامتناع المطلوب منه.
- وبناء على ما تقدم يتضح ما يلي:
أولا: وجوب توافر العلم لدى الموظف المرتشي بأن الرشوة التي طلبها أو قبلها أو أخذها ليست إلا مقابل الإتجار بوظيفته أو استغلالها... فلا يتوافر القصد الجنائي إذا تسلم الموظف مبلغاً من المال سداداً لدين على الراشي. وغير عالم بنية الأخير في إرشائه.. أو إذا أعطي الراشي العطية لزوجة الموظف بنية إرشائه دون أن يعمل الموظف بذلك.
ثانياً: وجوب اتجاه إرادة الموظف إلى اقتراف النشاط الإجرامي المتمثل في الطلب أو القبول أو الأخذ... فإذا تظاهر الموظف بقبول الرشوة لتمكين السلطات من القبض على الراشي متلبساً بالجريمة. لا يتوافر القصد الجنائي لانتفاء الإرادة.
المطلب الرابع
المساهمة في جريمة الرشوة
تنص المادة 41 من قانون العقوبات على أن "من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها".
- ولما كانت جريمة الرشوة تفترض وجود طرفين:
الأول: هو الموظف المرتشي الذي يتاجر بوظيفته أو يستغلها.
الثاني: هو الراشي صاحب المصلحة الذي يعرض الرشوة في صورة وعد أو عطية.
وقد يساهم في الجريمة شخص آخر يسمى "الوسيط" وهو الذي يتدخل بين صاحب الحاجة – والموظف ممثلاً إحداهما لدى الآخر لإتمام الرشوة.
- وتنص المادة 107 مكرر من قانون العقوبات تأكيداً للقاعدة السابقة على أن "يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي".
وفيما يلي نتناول جريمة كل من الراشي والوسيط.
(1) جريمة الراشي
يجب لقيام هذه الجريمة توافر ركنين الأول ركن مادي والثاني ركن معنوي.
أولاً: الركن المادي:
يتحقق الإرشاء بمجرد اتفاق الراشي مع الموظف العام أو من في حكمه على تقديم الرشوة إلى الأخير مقابل إدائه عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عن هذا العمل أو الإخلال بواجبات وظيفته.
ومتى تم الاتفاق بين الأثنين تعين مساءلة الراشي جنائياً عن جريمته وذلك بالعقوبة المقررة في المادة 107 مكرر عقوبات ويستوى بعد ذلك أن يكون الراشي هو الذي بادر بعرض الرشوة أو أن يكون الموظف هو الذي بادره بالطلب.
ثانياً: الركن المعنوي:
- يتحقق القصد الجنائي لدى الشريك في جريمة الرشوة – سواء كان راشيا أو وسيطا. إذا توافر لديه العلم بصفة الموظف العام.
والاعتقاد باختصاصه بالعمل المطلوب منه – واتجهت إرادته إلى حمل الموظف العام على القيام بما طلب منه كثمن للعطية أو الوعد.
- لذا يجب أن يتوافر العلم لدى الراشي بصفة المرتشي وأن الرشوة التي عرضها أو قدمها إليه هي مقابل إتجار الموظف بوظيفته أو استغلاله لها.
- وبناء على ذلك ينتفي القصد الجنائي لدى الشريك إذا كان يجهل صفة الموظف. كما ينتفي هذا القصد أيضاً إذا كان قد قدم العطية على سبيل الهدية البريئة أو سداد الدين عليه للموظف دون أن يكون ذلك لحمله على القيام بالعمل المطلوب.. وذلك دون الإخلال بمساءلة الموظف وفقاً للقصد الذي توافر لديه.
(2) جريمة الوسيط:
يراد بالوسيط في جريمة الرشوة – كل شخص يتدخل بين صاحب الحاجة "الراشي" وبين الموظف "المرتشي" ممثلاً إحداهما لدى الآخر لإتمام الرشوة.
- وتتطلب هذه الجريمة لقيامها توافر ركنين:
1 – ركن مادي. 2 – ركن معنوى.
أولاً: الركن المادي:
الوسيط إما يكون نائباً عن المرتشي. أو يكون نائباً عن الراشي. فإذا كان الوسيط نائباً عن المرتشي فإن الركن المادي يتحقق بمجرد تقدمه للراشي طالبا الرشوة أو قابلا لها أو أخذا إياها:
- أما إذا كان نائباً عن الراشي فإن الركن المادي لا يتحقق إلا إذا صادف العرض قبولا من المرتشي... فإذا لم يتوافر هذا القبول فلا تقوم جريمة الرشوة وبالتالي لا تقوم جريمة الوسيط تبعاً لذلك.
- أما إذا اقتصر دور الوسيط على مجرد عرض أو قبول الوساطة في رشوة ولم يتعد عمله العرض أو القبول – اعتبر العرض والقبول في ذاته جريمة مستقلة يعاقب عليها بعقوبة أخف من عقوبة الرشوة وفقا لما نصت عليه المادة 109 / مكرر – ثانيا من قانون العقوبات.
ثانياً: الركن المعنوي:
يتوافر هذا الركن بعلم الوسيط بأركان الجريمة التي يريد المساهمة فيها.. وذلك بأن يعلم بصفة الموظف وأن الجعل الذي سيتقاضاه هذا الأخير هو ثمن أداء العمل المطلوب.
§ ووفقا للقواعد العامة يعتبر كل من الراشي والوسيط شريكا في جريمة الرشوة إذا تمت.
§ وفيما يتعلق بالوسيط. فإنه إذا وقعت الجريمة بناء على وساطتة يعتبر شريكاً في الجريمة حيث يكون نشاطه سابقاً أو معاصراً لارتكاب جريمة الرشوة.
المطلب الخامس
عقوبة الرشــــــــــــــــوة
إذا توافرت أركان جريمة الرشوة وثبت مسئولية الموظف المرتشي عنها حقت عليه عقوبتها 0
وقد قرر المشرع لجريمة الرشوة عقوبة أصلية وعقوبتين تكميليتين فضلا عن العقوبات التبعية التى توقع على المحكوم عليه وفقا للقواعد العامة 0
أولا : العقوبة الأصلية :
قرر المشرع لجريمة الرشوة عقوبة أصلية هى السجن المؤبد " المادة 103 عقوبات " 0
وتستحق هذه العقوبة على الموظف المرتشي سواء أكان الغرض من الرشوة أداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجباته الوظيفية 0
وإذا تعدد الفاعلون فى جريمة الرشوة بأن كان هناك أكثر من موظف مختص بالعمل المطلوب وقدمت لهم العطية أو الوعد000 ففي هذه الحالة توقع على كل منهم العقوبة المذكورة 0000 فتعدد الفاعلين لا يعتبر ظرفا مشددا لجريمة الرشوة 0
ويجوز للمحكمة أن تنزل بالعقوبة إلى السجن المشدد أو السجن إذا اقترنت الجريمة بأحد الظروف المحففة طبقا للمادة 17 من قانون العقوبات 0
ثانيا : العقوبات التكميلية :
أضاف المشرع إلى العقوبة الأصلية عقوبتين تكميليتين هما الغرامة والمصادرة 0
1- الغرامــة : فرض المشرع الغرامة فى جناية الرشوة المرتكبة من الموظف العام كعقوبة تكميلية وجوبية 000 يتعين الحكم بها بالإضافة إلى العقوبة الأصلية السالبة للحرية 0
· ونصت المادة 103 من قانون العقوبات على أن " يعاقب المرتشي بالإشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن ألف جنية ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به " 0
· ويرجع السبب الذي وقع المشرع إلى الأخذ بفكرة الغرامة النسبية ليرد على مرتكبها مقصده في الإثراء غير المشروع الذي يدفع عادة إلى ارتكابها 00000
· والغرامة فى هذه الجنائية عقوبة تكميلية لا توقع بمفردها وإنما مع العقوبة الأصلية 0
· كما أنها وجوبيــة فلا يكون للقاضي ســلطة فى تقدير ملائمة الحكـم بها أو الإعفاء منها .
· ويلاحظ بالنسبـة لعقوبة الغرامة أنها من الغرامـات النسبية فتخضع لكافة الأحكام الخاصة بهذا النوع من الغرامات 0 وأهمها عدم تعدد الغرامة بتعدد المسئولية عن الجريمـة 0 وإنمــا يحكــم عليهم جميعا بغرامة واحدة على سبيل التضامن فيما بينهم 0
· ونسبية الغرامة قاصرة على حدها الأقصى دون الحد الأدنى 0 إذ أن الحد الأدنى مقيد بما لا يقل عن ألف جنية 00 وبهذا يهدف المشرع من وراء تحديد الحد الأدنى إلى تحقيق الردع حتى لا يفلت المتهم من العقوبة إذا كانت الفائدة قليلة القيمة أو كانت مما يصعب تقييمها ماليا 0
2- المصــــادرة : وهى العقوبـــة التكميلية الثانية التى قررها المشرع فى جريمة الرشوة 00 بالإضافة أيضا إلى العقوبة الأصلية 0
· وقد قررها المشرع فى المادة 110 من قانون العقوبات والتى نصت على أن [ يحكم فى جميع الأحوال بمصادرة ما يدفعه الراشي أو الوسيط على سبيل الرشوة 0 طبقا للمواد السابقة ] 0
· وعقوبة المصادرة وجوبية وتخضع للقواعد العامة للمصادرة 0 ومن أهم ما تتقيد به أنها لا ترد إلا على مال مضبوط0 ويستلزم ذلك أن يكون هناك ثمــة مال ســلمه الراشي أو الوسيط للمرتشي 0 ولكن لا يكفى التسليم للمصادرة 0 وانما يتعين أن يعقبه ضبط المال محل التسليم
· أما إذا توقف السلوك الإجرامي عند حالة قبول الوعد أو الطلب فلا محل للمصادرة لعدم تصور التسليم فيهما 0 ولا يجوز للقاضي أن يحدد قيمة الوعد أو الطلب ويقرر مصادرة عقوبة عينية 0 ولا محل للمصادرة كذلك إذا كان المال قد تم استهلاكه أو كان موضوع الرشوة لا قيمة له أو كانت الفائدة غير مالية 0
ثالثا : العقوبات التبعيــــــة:
- طبقــا للمـــادة 25 من قانون العقوبات 0 يترتب على الحكم بعقوبة الرشوة باعتبارها جناية 0 حرمان المحكوم عليه من الحقوق والمزايا المحددة فى هذه المادة 00 فيعزل من وظيفته وتسقط عنه العضوية النيابية العامة أو المحلية ولا تقبل شهادته أمام القضاء إلا على سبيل الاستدلال 00 إلى أخر ما ورد بهذه المادة 0
رابعـــا : تشديـــد عقوبة الرشـــوة :
§ أتجه المشــــرع المصري نحو تشديد عقوبة الرشـــوة فى حالتين هما :
الأولى : هى ما نصت عليه المادة 104 من قانون العقوبات 0 من مضاعفة مقدار الغرامة لتصبح ألفى جنية كحد أدنى 000 وضعف قيمة ما أعطى أو وعد به كحد أقصى 000 وذلك إذا كان الغرض من الرشوة الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو الإخلال بواجباتها 000 ويقتصر نطاق التشـــديد فى هذه الحالـــة على عقوبـــة الغرامـة ولا ينصرف إلى غيرها من العقوبات الأصلية أو التكميلية أو التبعية 000
الثانية : إذا كان الغرض من الرشوة إرتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد من العقوبة المقررة للرشوة 0 فيعاقب الراشي والمرتشى والوسيط بالعقوبة المقررة لذلك الفعل مع الغرامات المقررة للرشوة " م 108 عقوبات " 0
§ والمجال المتصور لهذه العقوبة المشددة لجريمة الرشوة – هو أن يكون الغرض من الرشوة
عمل الموظف العام على إرتكاب جريمة من جرائم الاعتداء على امن الدولة من جهة الخارج المعاقب عليها بالأعلام 0
خامسا : موانع العقــــاب :
- تنص المــادة 107 من قانــون العقوبات على حالتين يعفى منهما الراشي أو الوسيط من العقوبة 000 وذلك نظرا لما يؤديه الجاني فى هاتين الحالتين من خدمة تساعد فى كشف الجريمة والتعرف على مرتكبها أو إثباتها ضده 0 ويرجع ذلك إلى خطورة الجريمة من ناحية – وإلى صعوبة كشفها وإثباتها من ناحية أخرى 0
§ والحالتان التى يمتنع فيهما العقاب وفقا لنص المادة 107 مكرر عقوبات هما 0
[1] إخبار السلطات بالجريمة :ـ
ويقصد به الإبلاغ عن الجريمة 0 ويشترط وقوع الجريمة وان يكون خبرها لازال مجهولا لـــدى السلطات المختصة 0 فيكون بهذا الإخباراً والإبلاغ فضـــل فى تمكين السلطات من كشف الجريمــة 0 ومن ثم ينبغي أن يكون الأخبار سـابقا على اكتشاف السلطات للجريمة أو علمها به 0
§ كما يجب أن يكون الأخبار عن الجريمة مفصلا ومتضمنا جميع عناصر الجريمة وظروفها والأدلة عليها 0
[2] الاعتراف بالجريمة :ـ
- ويقصــد به إقرار المتهم على نفسه بارتكاب الوقائع المكونة للاشتراك فى جريمة الرشوة 0
ـ وقد اعتبر المشرع المصري أن الاعتراف بالجريمة مانعا للعقاب لكل من الراشي والوسيط 000 وعلة ذلك هو توفير الدليل على ثبوت الجريمة ونسبتها إلى الموظف المرتشي 000 حتى يتسنى حماية جهة الإدارة من موظفيها الذين يتاجرون بالوظيفة العامة 0
- ويتعين أن يكون الاعتراف صادقاً ومفصلا وشاملاً لكل وقائع الجريمة وظروفها بحيث يكون صادراً بنية مساعدة السلطات حتى يكون صاحبه جديراً بالإعفاء من العقاب 0
المطلب السادس
جريمة عرض الرشوة دون قبولها :
تمهيد :
نصت المادة 109 مكرر من قانون العقوبات على انه [ من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنية ولا تزيد على ألف جنية وذلك إذا كان العرض حاصلا لموظف عام0 فإذا كان العرض حاصلا لغير موظف عام تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن سنتين أو غرامة لا تجاوز مائتي جنيه ] 0
- فقد رأى المشرع وجوب تجريم السعى نحو إرشاء الموظف وإفساد ذمته وذلك بعرض الرشوة عليه 0000 ولم تكن القواعد العامة بدون نص المادة 109 مكرر لتؤدى إلى هذه النتيجة 0 طالما أن الجريمة التى أراد الراشي الاشتراك فيها لم تقع قانونا 0000
ـ لذلك اتجه المشرع إلى تجريم عرض الرشوة دون قبولها إذ يعد ذلك بمثابة تحريض للموظف العام على العبث بأعمال وظيفته 000 ولهذا جعلها المشرع جريمة قائمة بذاتها 0
ويتضح من النص السابق أن جريمه عرض الرشوة دون قبولها تتطلب لقيامها توافر ركنيين الأول مادى – والثاني – معنوى 0
أولا : الــركن المـــادى :
يتمثل الركن المادي لهذه الجريمة فى سلوك إجرامي يصدر عن الراشي أو الوسيط – ينطوي على عرض فائدة معينة على الموظف بقصد أدائه عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عن أدائه أو الإخلال بواجبات وظيفته فلا يقبلها منه الموظف 0000 وبذلك فان تحقق هذا الركن مرهون بتوافر عنصرين هما :1 - عرض الرشوة 2- عدم قبولها 0
1 - عرض الرشوة :
ý يتحقق عرض الرشوة بسلوك إيجابي من جانب صاحب الحاجة أو من يمثله 0 ينطوي على محاولة أفساد ذمة الموظف بتقديم عطية إليه أو وعده بها مقابل إخلاله بواجبات وظيفية كما رأينا 0
ý ويتم العرض بأية وسيلة تفصح عنه 0 فقد يكون شفاهة أو كتابه ، صريحا أو ضمنيا 000
ý ويشترط فى العرض أن يكون جديا تتوافر فيه مقومات إحداث النتيجة المقصودة وهى إفساد ذمة الموظف بإغرائه على أخذ العطية أو قبولها 0
2 - عدم قبول الرشوة :
ý يتطلب القانون لقيام هذه الجريمة توافر عدم القبول من جانب الطرف الأخر وهو ما يميز هذه الجريمة عن جريمة الرشوة .
ý ويتحقق عدم القبول أما بان يرفض الموظف العرض مباشرة أو قد يتظاهر بالقبول غير الجدى من اجل مساعدة السلطات العامة على ضبط الجريمة .
ثانياً : الركن المعنوى :
تعد هذه الجريمة عمدية يتعين لوقوعها توافر القصد الجنائى لدى الجانى . وذلك باتجاة إرادته الى عرض الرشوة على الموظف لحمله على قبولها من اجل تحقيق أحد الأغراض المنصوص عليها فى مواد الرشوة مع علمه بذلك ولا يعتد بالباعث الذى حمل الجانى على عرض الرشوة سواء كان مشروعاً أو غير مشروع .
العقوبة :
فرق القانون بين حالتين فى تحديد العقوبة :
الحالة الأولــــى : إذا كان عرض الرشوة على موظف عام أو من فى حكمه ففى هذه الحالة تكون العقوبة السجن وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنية ولا تزيد على ألف جنية .
الحالة الثانية : إذا كان العرض حاصلاً لغير الموظف العام .. تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن سنتين أو غرامة لا تجاوز مائة جنية .
المبحث الثاني
اختلاس المال العام
تمهيد :
نصت المادة 112من قانون العقوبات على انه " كل موظف عام اختلس اموالا أو أوراقا أو غيرها وجدت فى حيازته بسبب وظيفته يعاقب بالسجن المشدد ... "
وتكون العقوبة السجن المؤبد فى الأحوال الآتية :
أ- إذا كان الجانى من مأمورى التحصيل أو المنتدبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة .
ب- إذا ارتبطت جريمة الاختلاس بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة .
ج- إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادى أو بمصلحة قومية لها .
علة التجريم : تنطوى هذه الجريمة على اعتداء على المال العام . وكذلك الاعتداء على الوظيفة إذ أن المال فى حيازة الموظف بسبب هذه الوظيفة كما أن الفعل ينطوي على خيانة الثقة التى أولتها الدولة للموظف العام حين عهدت إليه حيازة هذا المال بسبب وظيفته .
وقد أراد المشرع بذلك حماية واجب الأمانه والثقة والنزاهة فى الموظف العام حتى يتسنى لجهة الإدارة القيام بالوظيفة المنوطة بها .
وقد سوى المشرع فى هذا الشأن بين الأموال العامة والأموال الخاصة التى توجد فى حيازة الموظف بسبب وظيفته بالنسبة لفعل الاختلاس إذ أن هذه الجريمة تمثل نوعا من خيانة الأمانة يقع من موظف عام على مال وجد فى حيازته ومؤتمن عليه بحكم وظيفته وليس من شك فى إن اقتراف الموظف لهذه الجريمة يمثل إخلالا بواجب الثقة والأمانة ويؤثر على حسن سير العمل بالوظيفة العامة .
ويتضح مما سبق أن جريمة الاختلاس طبقا لنص المادة 112 عقوبات تقوم على أركان أربعة هى .
1. صفة الجانى .
2. محل الجريمة .
3. الركن المادى " فعل الاختلاس "
4. الركن المعنوى " القصد الجنائى .
وسوف نتناول فيما يلى دراسة أركان هذه الجريمة .
1. صفة الجانى : يتطلب المشرع أن يكون الجانى فى جريمة الاختلاس موظفا عاما أو من فى حكمة طبقاً لنص المادة 119 مكرر من قانون العقوبات .... وقد توسع المشرع فى هذه المادة فى تحديده للمقصود بالموظف العام وذلك استكمالا لخطته فى توسيع نطاق التجريم فيما يتعلق باختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر ولذلك نص على أن المقصود بالموظف العام فى تطبيق أحكام هذا الباب .
أ- القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون فى الدولة ووحدات الإدارة المحلية .
ب- رؤساء وأعضاء المجالس ووحدات التنظيمات الشعبية وغيرهم ممن لهم صفة نيابية عامة سواء كانوا منتخبين أو معينين .
ج- أفراد القوات المسلحة .
د- كل من فوضتة إحدى السلطات العامة فى القيام بعمل معين وذلك فى حدود العمل المفوض فيه .
ه- رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين فى الجهات التى اعتبرت أموالها أموالا عامة طبقاً للمادة 119 عقوبات .
و- كل من يقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة بناء على تكليف صادر إليه بمقتضى القوانين أو النظم المقررة وذلك بالنسبة للعمل الذى يتم التكليف فيه .
ويستوى أن تكون الوظيفة أو الخدمة دائمة أو مؤقتة باجر أو بغير اجر طواعية أو جبراً .
ويجب أن تتوافر صفة العمومية للوظيفة وقت أرتكان الجريمة فإذا ما توافرت صفة الموظف العام فى الجانى طبقاً للتحديد المتقدم وقت ارتكاب الفعل تحققت الجريمة ولو انتهت خدمته أو زالت صفته بعد ذلك .
وقد نصت المادة 112 عقوبات على تشديد العقاب الى السجن المؤبد إذا كان الجانى ينتمي الى الطوائف المحددة فى النص – أو إذا ارتبطت الجريمة بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور – أو إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها نتائج معينة .... وفيما يلى نتناول بإيجاز الحالات السابقة .
أ- إذا كان الجانى من مأمورى التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة .
1. مأمور التحصيل : هو كل موظف مكلف طبقا للقوانين أو اللوائح بتحصيل أموال لحساب الدولة .
2. مندوب التحصيل : كل موظف يقوم بتحصيل الأموال نيابة عن مأمور التحصيل . مثال ذلك مساعد الصراف أو كانت الجلسة بالنسبة لتحصيل الغرامات.
3. الأمين على الودائع : هو كل موظف يختص بحفظ وصيانة الأموال المملوكة للدولة أو للأفراد ... اى الموظف المؤتمن بحكم وظيفته على مال معين .... مثال ذلك وكيل مكتب البريد وأمين المكتبة الحكومية .... وأمناء المخازن بالجهات التابعة للدولة .
4. الصراف : هو كل موظف مكلف باستلام أموال وحفظها وصرفها فى الأوجة التى حددها القانون .. مثال الموظف المختص بصرف المرتبات أو المعاشات فى المصالح الحكومية .
ب- إذا ارتبطت جريمة الاختلاس بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطا لا يقبل التجزئة .
ج- إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادى .
د- محل الجريمة : يتعين أن يكون موضوع الجريمة أموالا أو أوراقا أو غيرها وجدت فى حيازة الموظف بسبب وظيفته .
أولا : طبيعة الأموال التى تكون محلا لجريمة الاختلاس .
§ يجب أن يكون محل الجريمة أموالا أو أوراقا أو غيرها وجدت فى حيازة الموظف بسبب وظيفته .
§ ويقصد بالأموال أو الأوراق أو غيرها كل "مال " اى كل شئ يصلح محلا لحق من الحقوق .
§ ويتبين من عبارة النص أن المال المقصود هو المال المنقول ويتسع معنى المنقول ليشمل فضلا عن المنقول وفقا لتحديد القانون المدني " العقار بالتخصيص ، والعقار بالاتصال "
§ ونصت المادة 119 عقوبات على أن المقصود بالأموال العامة فى تطبيق أحكام الباب الرابع المتعلق باختلاس المال العام والعدوان علية والغدر – هو ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات التى حدتها المادة أو خاضعا لإشرافها أو لإدارتها وهذه الجهات هى :
أ- الدولة ووحدات الإدارة المحلية .
ب- الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام .
ج- الاتحاد الاشتراكى والوحدات التابعة له " وهى فقره انتقى مبررها بعد إلغاء الاتحاد الاشتراكى .
د- النقابات والاتحادات .
ه- المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام .
و- الجمعيات التعاونية .
ز- الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشات التى تساهم فيها إحدى الجهات المشار إليها في الفقرة السابقة .
ح- أية جهة أخرى ينص على اعتبار أموالها من الأموال العامة ,
ثانياً : وجود المال في حيازة الموظف بسبب وظيفته .
يفترض هذا العنصر توافر شرطين .
الشرط الأول : أن يكون المال في حيازة الموظف الناقصة .
الشرط الثانى : أن يكون ذلك بسبب وظيفته .
2. الركن المادى " فعل الاختلاس "
يقوم الركن المادى لهذه الجريمة بفعل الاختلاس ويتحقق ذلك بكل سلوك يعبر عن تغير نية الموظف واتجاه إرادته الى تملك ما يحوزه من مال بسبب وظيفته .
ويتوافر الاختلاس قانونا بان يضيف الجانى مال الغير إلى ملكه ويتحقق ذلك عملا عندما يباشر المختلس على المال سلطات لا تدخل إلا في نطاق سلطات المالك .
كما أن جوهر الاختلاس هو تغيير نية المتهم من الحيازة الناقصة إلى الحيازة الكاملة .
ويتضح من ذلك أن هناك ارتباطا بين فعل الاختلاس ونية التملك وقد عبرت محكمة النقض عن هذا المعنى في تعريفها للاختلاس بأنه " تصرف الجانى في المال الذى بعهدته على اعتبار انه مملوك له "
فالاختلاس ليس فعلا ماديا محضا وليس نية داخلية بحته وإنما هو عمل مركب من فعل مادى يتمثل في الظهور على الشئ بمظهر المالك . تدعمه نية داخلية هى نية التملك .
ومثال ذلك أن يسحب الموظف المال العام من الخزانة ويودعه باسمة في احد المصارف أو يدعى انه لم يتسلم المال . أو يرهن المال أو يعرضه للبيع .
أما إذا كان سلوك الجانى غير معبر بصورة قاطعة عن تغير نيته من حيازة الشئ حيازة ناقصة أو مؤقتة إلى حيازته بنية تملكه فانه لا قيام لجريمة الاختلاس ومثال ذلك ظهور العجز في حسابات الموظف إذ يجوز أن يكون ذلك ناشئا عن خطا في العمليات الحسابية أو راجعاً لإهماله أو لسبب خارج عن إرادته .
3. الركن المعنوى " القصد الجنائى .
تعتبر جريمة اختلاس المال العام من الجرائم العمدية التى يتعين لقيامها توافر القصد الجنائى .. وهو يتكون من عنصرى العلم والإرادة .
فيجب أن يعلم الجانى بصفة المال وكونه في حيازته بسبب الوظيفة وان هذا المال مملوك للغير ... وان تتجه إرادته إلى تملك هذا المال وحرمان مالكة منه . اى بانصراف نيته إلى التصرف في هذا المال محل الاختلاس تصرف المالك . إما بإضافته إلى ملكه والظهور عليه بمظهر المالك أو عرضه للبيع أو رهنه .... الخ .
فإذا جهل المتهم أن المال في حيازته الناقصة كما لو اعتقد أن هذا المال جزء من مرتبة الذى وضعه مع النقود والمؤتمن عليها في خزانه واحدة . أو اعتقد ان المال في حيازته الناقصة لسبب لا يتعلق بوظيفته كما لو ظن أن صاحب المال قد أعطاه له كوديعة خاصة فلا يتوافر القصد الجنائى في كل هذه الحالات .
ولا يكفى لتوافر الركن المعنوى في جريمة الاختلاس " القصد العام " بل يلزم القانون توافر القصد الخاص أيضا هو نية تملك المال المختلس .. اى نية المتهم إنكار حق الدولة على المال ونيته أن يمارس عليه جميع سلطات المالك .
ومتى وجد القصد الجنائى العام والخاص تحققت الجريمة بصرف النظر عن الباعث في الاختلاس ... وان كان يدخل في تقدير العقوبة .
4. عقوبة جريمة اختلاس المال العام
1. العقوبة الأصلية : وهى عقوبة السجن المشدد طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة 112 عقوبات .
وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا انطبقت على الجانى إحدى الحالات الثلاث التى تشدد فيها العقوبة طبقا للفقرة الثانية ... وقد سبق ذكر هذه الحالات .
2. العقوبة التكميلية : وقد نصت عليها المادة 118 عقوبات وهذه العقوبات التكميلية وجوبية اى يجب على القاضى الحكم بها وهى :
أ- عزل الجانى من وظيفته أو زوال صفته إن كانت له صفة خاصة .
ب- غرامة مساوية لقيمة ما اختلسه الموظف بشرط ألا تقل عن خمسمائة جنية – وهذه الغرامة نسبية اى إذا تعدد المتهمون التزموا بها على سبيل التضامن .
ج- رد ما اختلسه الجانى – وهذا الرد ليس عقوبة وإنما جزاء مدنى يحكم به كتعويض للمجنى عليه .
3. التدابير التى يجوز الحكم بها : تنص المادة 118 مكرر / ع/ على انه مع عدم الإخلال بالعقوبات السابقة فانه يجوز للمحكمة فضلا عن العقوبات الأصلية والتكميلية سالفة الذكر أن تحكم بكل أو بعض التدابير الآتية :
أ- الحرمان من مزاولة المهنة مدة لا تزيد على ثلاث سنوات .
ب- حظر مزاولة النشاط الاقتصادى الذى وقعت الجريمة بمناسبته مدة لا تزيد على ستة أشهر .
ج- وقف الموظف عن عمله بغير مرتب أو براتب مخفف لمدة لا تزيد عن ستة أشهر .
د- العزل مدة لا تقل عن سنه ولا تزيد على ثلاث سنوات تبدأ من نهاية تنفيذ العقوبة أو انقضائها لاى سبب .
ه- نشر منطوق الحكم الصادر بالإدانة بالوسيلة المناسبة وعلى نفقة المحكوم عليه .
المبحث الثالث
الاستيلاء بغير حق على المال العام
تمهيد :
نصت على هذه الجريمة المادة 113 من قانون العقوبات فى قولها ( كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة فى المادة 119 عقوبات أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن .
وتكون العقوبة السجن المؤبد او السجن المشدد إذا ارتبطت الجريمة بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطا لا يقبل التجزئة ، أو إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادى أو بمصلحة قومية لها .
وتكون العقوبة والغرامة التى لا تزيد على خمسمائة جنية أو إحدى هاتين العقوبتين إذا وقع الفعل غير مصحوب بنية التملك .
ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها فى الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص او اوراقاً او غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها فى المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأيه طريقة كانت )
ويبدو واضحا من خلال نص المادة السابقة اتجاه نية المشرع نحو التوسع فى نطاق التجريم فشمل بالحماية الجنائية أيضا أموال القطاع العام وغيرها من الجهات المبينة فى المادة 119 عقوبات إلى جانب أموال الحكومة وذلك تحقيقا للسياسة العامة فى مجال التنمية الاقتصادية لذلك وضع الشارع نص الاستيلاء بغير حق لتوقيع العقاب على كل معتد على هذه الأموال .
ويتضح من نص المادة 113 عقوبات أن جريمة استيلاء الموظف بغير حق على المال العام تتطلب لقيامها أركان أربعة :
1. صفة الجاني .
2. محل الجريمة .
3. الركن المادي .
4. الركن المعنوي .
وسوف نتناول دراسة هذه الاركان ... ونشير بعد ذلك العقوبة واجبة التطبيق
1) صفة الجانى : تطلب المشرع صفة الموظف العام فى الجانى ... ويكفى توافر تلك الصفة فى الفاعل الأصلى ولو تعدد المساهمون .
وقد تقدم تحديد المقصود بالموظف العام أو من حكمة من الفئات التى أوردها المشرع فى المادة 119 مكرر من قانون العقوبات وذلك عند التحدث عن صفة الجانى فى جريمة الاختلاس . اذ أن الجريمتين تتفقان فيما يتعلق بتحديد مدلول الموظف العام .
2) محل الجريمة ( المال المستولى عليه الذى يكون محلا لجريمة الاستيلاء .
يتطلب القانون أن يكون موضوع هذه الجريمة مالا عاما فى المدلول الذى حددته المادة 119 من قانون العقوبات أو ان يكون مالا خاصا تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها فى المادة 119 .
وبذلك يأخذ المال محل الجريمة إحدى صورتين .
الأولى : أن يكون المال مملوكا لإحدى الجهات المبينة فى المادة 119 عقوبات وقد سبق بيان معنى المال الذى حددته هذه المادة عند دراسة محل الجريمة فى جريمة الاختلاس .
الثانية: أن يكون المال خاصا ولكنه موجود تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها فى المادة 119 عقوبات ايضاً .
ولم يتطلب المشرع فى جريمة الاستيلاء توافر رابطة معينة بين الموظف العام وبين المال موضوع الاستيلاء أو التسهيل فلا يشترط أن يكون المال قد سلم للموظف بحكم وظيفته كما لا يستلزم أن تكون مباشرة الوظيفة هى التى سهلت الاستيلاء على المال العام أو وقوع الجريمة .
ويعد هذا الشرط الفاصل بين هذه الجريمة ومجال جريمة اختلاس المال العام .
3) الركن المادى : يتخذ الركن المادى فى هذه الجريمة إحدى صورتين .
أولا : الاستيلاء بغير حق على المال العام .
ثانياً : تسهيل ذلك للغير .
الصورة الأولى : الاستيلاء بغير حق على المال العام .
ويقصد بالاستيلاء كل اعتداء على ملكية المال العام فى أى عنصر من عناصر هذا الحق وبأى وسيلة من شانها تحقيق هذا الاعتداء .
وتتحقق الجريمة بانتزاع الموظف للمال خلسة أو عنوه أو بطريق الحيلة .. وضمه إلى ملكه أو الحصول عليه لمجرد الانتفاع به ثم ردة عينا على وجه غير مشروع .
ويتحقق الاستيلاء سواء كان المال فى حيازة الموظف بسبب وظيفته أو كان المال فى حيازته بسبب أخر غير الوظيفة أو أن يكون فى حيازة أخرى .
إلا انه فى حالة ما إذا كان المال فى حيازة الموظف بسبب وظيفته فان جريمة الاستيلاء لا تقوم إلا إذا استولى الموظف على المال بنية الانتفاع به فحسب ... ذلك انه إذا استولى على المال بنية التملك فان فعله يدخل فى نطاق جريمة الاختلاس طبقاً لنص المادة 112 عقوبات .
ولم يحدد المشرع وسيله معينه يتم بها الاستيلاء – فقد يتم الاستيلاء عن طريق استخدام العنف والتهديد إزاء من يحوز المال وذلك لإكراه الأخير على تسليم المال للجانى .
وقد يلجا الجانى إلى اتخاذ الطرق الاحتيالية للحصول على المال المطلوب بدون وجه حق والذى يتواجد فى حيازة الغير مثال أن يقدم الجانى استمارة يزعم فيها قيامه بعمل لحساب الدولة وانه يستحق عليه مكافأة بينما فى حقيقة الحال لم يؤد اية أعمال يستحق عنها تلك المكافأة
الصورة الثانية : تسهيل الاستيلاء للغير .
فى هذه الصورة يستغل الموظف سلطات وظيفته من اجل مساعدة الغير فى الاستيلاء على المال العام .
ويتحقق ذلك بكل سلوك يصدر من الموظف بقصد تمكين الغير من الاستيلاء على المال ... مثال ذلك أن يتعمد حارس مخزن حكومى ، ترك باب المخزن مفتوحا لتمكين أحد الأفراد من سرقة بعض الأدوات أو المهمات المحفوظة به .
والغير الذى سهل له الموظف الاستيلاء إذا كان من الموظفين العموميين أو من فى حكمهم طبقا لنص المادة 119 مكرر من قانون العقوبات فانه يسال عن جريمة الاستيلاء باعتباره فاعلا أصليا فى الجريمة وإذا لم يكن كذلك فانه يسال كشريك فى الجريمة مع الموظف .
4. الركن المعنوى " القصد الجنائى "
يتخذ الركن المعنوى فى هذه الجريمة صورة القصد الجنائى بعنصرية ( العلم – والإرادة ) وهى جريمة عمديه لا يكفى لتحققها توافر الخطأ ولا يكفى توافر القصد العام لتحققها وإنما يجب أن يتوافر إلى جانبه القصد الخاص .
ويتمثل القصد العام فى جريمة الاستيلاء فى اتجاه إرادة الموظف إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة وانصراف علمه إلى جميع عناصرها فيجب أن يكون عالما بصفته كموظف عام وان يعلم بان المال محل الجريمة مال عام أو مال خاص موجود تحت يد إحدى الجهات الواردة بالمادة 119 عقوبات وان يعلم بأنه لاحق له فى الاستيلاء على هذا المال فإذا انتقى العلم أو الإرادة على النحو المتقدم أو انتفينا معا فلا تقوم الجريمة .
ويتطلب المشرع إلى جانب القصد العام قصداً خاصاً متمثلا فى نية التملك .
5. ويتخذ القصد الخاص فى الجريمة الاستيلاء إحدى صورتين هما :
أ- أن تتجه نية الجانى إلى تملك المال بحيث يباشر عليه سلطات المالك وفى هذه الحالة تكون الجريمة جناية .
ب- أن تتجه نية الجانى ليس إلى تملك المال وإنما مجرد الانتفاع به ثم رده .
وقد رتب المشرع على اختلاف النية فى الحالتين السابقتين اختلافا جوهرياً فى العقوبة كما يلى .
عقوبة جريمة الاستيلاء
ميز المشرع فى العقاب على الجريمة بين الاستيلاء المصحوب بنية التملك والاستيلاء غير المصحوب بنية التملك .
أ- توافر نية التملك :
1. العقوبة الأصلية :وهى عقوبة السجن المشدد أو السجن .
2. العقوبة التبعية والتكميلية والتدابير : نصت المادة 118 من قانون العقوبات على هذه العقوبات والتى يحكم بها عند الحكم بإدانة الموظف فى جناية الاستيلاء أو التسهيل وهذه العقوبات هى :
§ عزل الجانى من وظيفته أو زوال صفته .
§ رد الأموال والأشياء موضوع الاستيلاء أو التسهيل .
§ غرامة مساوية لقيمة ما استولى عليه أو سهل الاستيلاء عليه للغير على إلا تقل عن خمسمائة جنية .
ويجوز للمحكمة فضلا عن ذلك الحكم بكل أو بعض التدابير المنصوص عليها فى المادة 118/ مكرر عقوبات .... وقد سبق دراسة هذه التدابير عند التحدث عن عقوبة الاختلاس .
تشديد العقوبة :
نص المشرع على ظرفين لتشديد عقوبة الاستيلاء المصحوب بنية التملك وذلك فى الفقرة الثانية من المادة 113 من قانون العقوبات لتصبح السجن المشدد او المؤقت وهما .
1. إذا ارتبطت جريمة الاستيلاء بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطا لا يقبل التجزئة .
2. إذا ارتكبت الجريمة فى زمن الحرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادى أو بمصلحة قومية لها .
وذلك فضلا عن العقوبات الأخرى التكميلية والتدابير وفقا للقواعد التى اشرنا اليها فيما سبق .
موانع العقاب .
رغبة من المشرع فى الكشف عن جرائم الاختلاس والاستيلاء لاسيما وإنها لا تصل إلى علم السلطات إلا بعد وقت طويل من البحث عن مرتكبيها .
لذلك ذهب إلى تقرير أسباب للإعفاء من العقاب من شانها التشجيع على الإبلاغ عن الجريمة فنص فى المادة 118/ب/ مكرر / من قانون العقوبات على انه :
( يعفى من العقوبات المقررة للجرائم المنصوص عليها فى هذا الباب كل من بادر من الشركاء فى الجريمة من غير المحرضين على ارتكابها بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية بالجريمة بعد تمامها وقبل اكتشافها.
ويجوز الإعفاء من العقوبات المذكورة إذا حصل الإبلاغ بعد اكتشاف الجريمة وقبل صدور الحكم النهائى فيها .
ولا يجوز إعفاء المبلغ بالجريمة من العقوبة طبقاً للفقرتين السابقتين فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 112 ، 113 ، 113 مكرر إذا لم يؤد الإبلاغ إلى رد المال موضوع الجريمة ..
ويجوز أن يعفى من العقاب كل من أخفى مالا متحصلا من إحدى الجرائم المنصوص عليها فى هذا الباب إذا ابلغ عنها وأدى ذلك إلى اكتشافها ورد كل أو بعض المال المتحصل عنها .
وهذا الإعفاء قد يكون وجوبياً إذا كان الشريك غير المحرض قد بادر بإبلاغ السلطات بالجريمة بعد تمامها وقبل اكتشافها .
وقد يكون جوازيا إذا حصل الإبلاغ بعد اكتشاف الجريمة وقبل صدور الحكم النهائى فيها .
المبحث الرابع
الغدر
تمهيد :
استهدف المشرع حماية الأفراد والدولة من شر استغلال الموظف العام لوظيفته ...وتجلت حمايته للأفراد من هذا الاستغلال في جريمة الغدر التي نصت عليها المادة 114 من قانون العقوبات والتي تعاقب الموظف العام إذا استغل وظيفته فطلب أو اخذ ما ليس مستحقا من الأعباء المالية العامة الملقاة على عاتق الأفراد
· فنصت المادة 114 من قانون العقوبات على أن "كل موظف عام له شان في تحصيل الضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات أو نحوها... طلب ما ليس مستحقا أو ما يزيد عن المستحق مع علمه بذلك يعاقب بالسجن المشدد أو السجن "
· ويحمى المشرع بهذا النص حقوق الأفراد على أموالهم إزاء استبداد بعض العاملين باسم الدولة.. كما يحمى بهذا النص النظام الديمقراطي في واحد من أهم مبادئه . وهو مبدأ "لا ضريبة إلا بقانون " وهذا المبدأ نصت عليه المادة 119 من الدستور في قولها ( انشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون ولا يعفى أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون . ولا يجوز تكليف احد أداء غير ذلك من الضرائب والرسوم إلا في حدود القانون ) وقد وضعت المادة 114 من قانون العقوبات الحماية الجنائية لهذا المبدأ..
الفرق بين جريمة الغدر وجريمة الرشوة
على الرغم من وجود التشابه بين هاتين الجريمتين من حيث استغلال الجاني لوظيفته لكي يحصل من أفراد على مال غير مستحق فأنه يمكن التمييز بينهما من عدة وجوه .
· فمن حيث النطاق المادي نجده يقتصر في جريمة الغدر على صورتي الطلب والأخذ .. بينما يتسع في جريمة الرشوة ليشمل فضلا عن هاتين الصورتين صورة القبول
· ومن حيث المقابل نجد الرشوة تستهدف دائما تلقى مقابل للجعل يتمثل في قيام الموظف المرتشي بعمل من أعمال وظيفته أو بالامتناع عن عمل من أعمالها أو بإخلال بواجب من واجباتها ..... بينما الغالب الا يكون لحصول الموظف على ما لا يستحق في جريمة الغدر أى مقابل
· ووجه الخلاف بين الجريمتين يكمن في السند الذي يدعيه الموظف لتبرير الحصول على المال من الأفراد.. فإذا تذرع بالقانون مدعيا أنة يلزم به فالجريمة غدر ... أما أذا طلب المال مقابل قيامة بعمل أو امتناع أو إخلال بواجبات وظيفته.. اعتبرت الجريمة رشوة .
· وللتفرقة بين جريمتي الغدر والرشوة أهمية كبيرة . ففيما يتعلق بالموظف تكون عقوبته اذا كانت الجريمة غدرا اخف من عقوبته إذا أدين في رشوة .
· كما أن مقدم المال في الجريمتين مختلف.. فيعاقب في جريمة الرشوة باعتباره راشيا . في حين يعتبر مقدم المال في جريمة الغدر " مجني عليه " ومن ثم لا عقاب عليه.
· وتقوم جريمة الغدر على أركان ثلاثة " صفة الجاني والركن المادي .. ثم الركن المعنوي..
1. صفة الجاني :. لا تقع هذه الجريمة إلا من موظف عام أو من في حكمة.. ويتعين كذلك أن يكون له شأن في تحصيل الأعباء المالية العامة. والذي عبر عنها المشرع " بالضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات "
· ولا يشترط أن يكون التحصيل اختصاصه الوحيد ... بل لا يشترط أن يكون اختصاصه الرئيسي .. ولا يلزم أن تكون وظيفة الجاني هي التحصيل بنفسه.. بل يكفى أن يكون له شأن فيه كالإشراف عليه أو المساهمة فيه ويتحدد اختصاص الموظف بالتحصيل أو المساهمة فيه وفقا للقوانين واللوائح أو الأوامر الكتابية أو الشفوية للرؤساء
2. الركن المادى :. يتوافر الركن المادي بطلب أو اخذ ما ليس مستحقا أو ما يزيد على المستحق .. ولم ينص القانون على حاله القبول .
وتعتبر الأعباء المالية غير مستحقة في ثلاث صور هي :.
الصورة الأولـــــى :.إذا كان القانون لا يجيز تحصيلها بناء على السند الذي يستند إلية الموظف في التحصيل
الصورة الثانية :. إذا كانت مما يجيز القانون تحصيلها في وقت أخر خلافا للوقت الذي قام فيه الموظف بالطلب أو الأخذ .
الصورة الثالثـــة :. إذا كانت القانون يجيز تحصيلها بقدر يقل عما طالب به الموظف.. اى أنها تزيد على المستحق قانونا .
و لا يتطلب القانون حصول الموظف على مغنم لوقوع الجريمة . فإذا ورد إلى الخزنة العامة كل ما حصله على وجه غير مشروع فهو يرتكب هذه الجريمة.. ولا يحول كذلك دون وقوع هذه الجريمة رضاء المجني عليه بأداء ما يزيد على المستحق .
ويتعين أن يكون موضوع الطلب أو الأخذ منصبا على العبء المالي العام .. وقد ذكره الشارع على سبيل المثال . ويتمثل في الضريبة والرسم والعوائد والغرامة.
فإذا تجرد المال موضوع الطلب أو الأخذ من طابع العبء المالي العام فأن جبايته غير المشروعة لا تعد عذرا . وتطبيقا لذلك فأن الموظف الذي يحصل من الدولة على مبلغ يزيد على ما يستحقه من مرتب أو مكافأة لا يرتكب عذرا.
3. الركن المعنوي :. يتخذ الركن المعنوي في جريمة الغدر صورة القصد الجنأئى فيتعين أن تتجه إرادة الجاني إلى طلب أو اخذ ما ليس مستحقا . مع علمه بأنه غير مستحقه أو انه يزيد على ما يستحقه.. وقد تطلبه الشارع صراحة في قولة ... مع علمه بذلك
فإذا جهل الموظف أن المبلغ الذي طالب به ليس مستحقا أو ما يزيد على عما يستحقه. انتفى القصد الجنائي .. ويكفى لتوافر القصد الجنائي أن تتجه إرادة الجاني إلى طلب أو أخذ غير المستحق ولو لم تتجه نيته إلى الاستيلاء على غير المستحق...
ولا عبره بالبواعث .. فالقصد الجنائي يتوافر و لو كان الباعث على الجريمة هو زيادة إيرادات الدولة .. طالما كانت هذه الزيادة غير مشروعة وثمرة استغلال الموظف لوظيفته .
عقوبة جريمة الغدر
عقوبة الغدر هي السجن المشدد أو السجن ويوقع بالإضافة إلى ذلك العزل أو زوال الصفة والغرامة النسبية كما يلزم المتهم كذلك بالرد .
المبحث الخامس
التربح
تمهيد :
نصت على جريمة التربح المادة 115 من قانون العقوبات في قولها " كل موظف عام حصل أو حاول أن يحصل لنفسه أو حصل أو حاول أن يحصل لغيره ... بدون وجه حق على ربح أو منفعة من عمل من أعمال وظيفته يعاقب بالسجن المشدد .
علة التجريم :. ترجع علة التجريم في جريمة التربح إلى رغبة المشرع في حماية المصلحة العامة من الخطر الذي يتهددها إذا استغل الموظف وظيفته للحصول أو محاولة الحصول لنفسه أو لغيرة بدون وجه حق على ربح أو منفعة... وذلك تقديرا من المشرع على أن تحقيق أو محاوله تحقيق هذا الهدف الخاص عن طريق العمل الوظيفي سيكون على حساب التضحية بالمصلحة العامة أو تهديدها بالخطر .
ففي هذه الجريمة يتمثل استغلال الوظيفة العامة من خلال العمل على تحقيق مصلحة خاصة من ورائها .. فهناك تعارض لا شك فيه بين المصلحة الخاصة التي قد يستهدفها الموظف العام لنفسه أو لغيره ومن المصلحة العامة المكلف بالعمل من اجلها ورعايتها .
كما أن الموظف في هذه الجريمة يستغل وضعه الوظيفي الذي يجعله يدخل مع جمهور المقاولين والموردين في منافسة غير متكافئة إذ يستطيع بفضل ما لديه من معلومات وظيفية أن يتفوق عليهم دون سند مشروع .
أركان الجريمة :. يقتضى تحقق هذه الجريمة توافر أركان ثلاثة هي صفة الجاني والركن المادي ثم الركن المعنوي
أولا : صفه الجاني : يتعين أن يكون الجاني في هذه الجريمة موظفا عاما كما يتعين أن يكون مختصا بالعمل الذي حصل أو حاول أن يحصل منه على ربح أو منفعة .
ولا أهمية لنوع الأعمال المكلف بها بوصفه موظفا عاما كما لا يشترط أن يكون مكلفا بالقيام بجميع أعمال الوظيفة التي تربح منها بل يكفى أن يكون له نصيب منها مهما كان ضئيلا .
فيعتبر مرتكبا للجريمة المهندس الذي يشغل وظيفة عامة ويتربح من عملية أنشاء مبنى للدولة أو رصف طريق . إذا كان له اختصاص ما في هذه العملية وكذلك معاون المدرسة أو الموظف المختص بالمستشفى الذي يتربح من عملية توريد الأغذية اللازمة للمرفق الذي يعمل به أو توريد مستلزمات العمل بهذا المرفق
فإذا إنتفت هذه الصفة عن الجاني فلا يرتكب هذه الجريمة ولو حصل لنفسه أو لغيرة على ربح
ثانيا : الركن المادي : يقوم الركن المادى للجريمة بكل فعل حصل به الجاني أو حاول به الحصول لنفسه على ربح أو منفعة من عمل من أعمال وظيفية وبكل فعل حصل أو حاول أن يحصل لغيرة " دون حق"على ربح أو منفعة من عمل من أعمال وظيفية .
ويتضح بذلك أن الركن المادى في جريمة التربح يتمثل في صورتين :
· الصورة الاولى : حصول الجاني لنفسه على ربح أو منفعة أو محاولته ذلك "دون حق "
· الصورة الثانية : حصول الجاني لغيرة على ربح أو منفعة أو محاولته ذلك .
ففى الصورة الأولى : تقع الجريمة ولو كان ما حصل أو حاول أن يحصل عليه الموظف بحق ومن باب أولى تقع الجريمة لو كان ما حصل عليه بغير حق وعلى ذلك انه لا يجوز للموظف أن يحصل لنفسه على أي منفعة شخصية من أعمال وظيفته أو مجرد المحاولة في ذلك وذلك لأنه يتعين عليه أن يباشر وظيفته متجردا عن أي مصلحة خاصة .
وفى الصورة الثانية : لا تقع الجريمة إلا إذا كان ما حصل عليه الموظف أو حاول الحصول عليه لغيرة " بغير حق " ومعنى ذلك انه يشترط لقيام الجريمة في هذه الحالة أن يكون حصول الموظف على ربح أو منفعة لغيرة أو محاولته ذلك بغير حق ومثال ذلك الموظف الذي يرسى العطاء على شخص لم يكن عطاؤه أفضل العروض التي قدمت للإدارة .
ويستوي أن تكون الفائدة التي حصل عليها الجاني لنفسه أو لغيرة و حاول ذلك مادية أو معنوية ويتضح ذلك من استعمال المشرع لفظ منفعة وتطبيقا لذلك فانه يرتكب جريمة التربح الموظف الذي يعين شخصا في وظيفة أو يرقيه دون استحقاق لذلك
وليس من عناصر الركن المادى أن يصيب المصلحة عامة ضرر أو أن تتعرض لخطر بل أن الجريمة تقوم ولو عاد العمل على مصلحة الدولة بفائدة
ولا يشترط لوقوع الجريمة أن يكون المال موضوع الجريمة مال عاما بل تقع الجريمة ولو كان مالا خاصا طالما أن للدولة شأن به
ثالثا : الركن المعنوي : تعتبر جريمة التربح من الجرائم العمدية التي يقتضى لقيامها توافر القصد الجنائي العام والخاص
ويتطلب القصد العام علم الجاني بأنة موظف وانه مختص بالعمل الوظيفي وعلمه انه من شأنه فعلة تحقيق ربح أو منفعة وعلمه في حاله تحقيق ربح أو منفعة لغيرة أن ذلك بدون حق واتجاه ارادته إلى القيام بهذا الفعل
ويتطلب القصد الخاص اتجاه إرادة الموظف إلى الحصول على ربح أو منفعة سواء لنفسه أو لغيرة
عقوبة التربح
حدد الشارع عقوبة هذه الجريمة فجعلها السجن المشدد ويحكم بالإضافة إلى ذلك بالعزل أو زوال الصفة ويقضى كذلك بالغرامة النسبية والرد وإذا كان فعل المتهم مجرد محاولة الحصول على ربح حددت الغرامة النسبية بقيمة ما كان يحاول الحصول عليه أن أمكن تحديده وإلا قضى بحدها الأدنى ولا محل في هذا الفرص للحكم بالرد
بالجرائم المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج
تعريف : يراد بالجرائم المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج – تلك الجرائم تنطوي على الأضرار أو الاعتداء أو المساس باستقلال الدولة أو سيادتها أو مصالحها القومية .
وسوف تقتصر دراستنا على أهم الجرائم أو أكثرها شيوعاً مما ارتكب منها – وهى جرائم السعي أو التخابر لدى دولة أجنبية .
جرائم السعى أو التخابر لدى دولة أجنبية .
مدلول السعى والتخابر
يقصد بالسعى أو التخابر لدى دولة أجنبية كل صور الاتصال المباشر وغير المباشر بهذه الدولة .
ويراد بالسعى كل عمل أو نشاط يصدر من الجاني يتجه به إلى الدولة الأجنبية لأداء خدمة معينة لها مما يقع تحت طائله التجريم .
أما التخابر فيراد به التفاهم غير المشروع بمختلف صوره بين الجاني نفسه وبين الدولة الأجنبية سواء كان صريحاً أو ضمنياً وسواء تم عن طريق سعى الجاني نفسه إلى الدولة الأجنبية أو عن طريق سعى هذه الدولة إليه .
وقد عاقب المشرع على ثلاث صور للاتصال غير المشروع بدولة أجنبية وهى :
1- السعى لدى دولة أجنبية أو التخابر معها أو مع أحد ممن يعملون لمصلحتها للقيام بأعمال عدائية ضد مصر (م 77/ ب عقوبات )
2- السعى لدى دولة أجنبية معادية أو التخابر معها أو مع أحد مما يعملون لمصلحتها لمعاونتها فى عملياتها الحربية – أو للإضرار بالعمليات الحربية للدولة المصرية ( م 77- ج - عقوبات )
3- السعى لدى دولة أجنبية أو أحد مما يعملون لمصلحتها أو تخابر معها أو معه وكان من شأن ذلك الإضرار بمركز مصر الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي .
ويتضح مما سبق أن هذه الجرائم جميعها تشترك في نشاط مادي معين هو السعى أو التخابر مع الدولة الأجنبية أو احد ممن يعملون لمصلحتها مما يتعين معه شرح كل من أركان هذه الجرائم .
أولاً :السعى أو التخابر للقيام بأعمال عدائية ضد مصر .
نصت المادة 77/ ب عقوبات على انه " يعاقب بالإعدام كل من سعى لدى دولة أجنبية أو تخابر معها أو مع احد ممن يعملون لمصلحتها للقيام بأعمال عدائية ضد مصر .
وتقوم هذه الجريمة توافر ركنين :
· ركن مادي : يتمثل في السعى أو التخابر لدى دولة أجنبية أو احد ممن يعملون لمصلحتها .
· ركن معنوي : هو قصد القيام بأعمال عدائية ضد جمهورية مصر العربية .
وقد بينا فيما سبق المقصود بالسعى أو التخابر باعتباره نشاطاً إجرامياً مشتركاً في جميع جرائم السعى أو التخابر – إلا أنه يجب ملاحظة أن القانون لم يتطلب فى الدولة الأجنبية أن تكون معادية بخلاف ما نصت عليه المادة (77/ ج عقوبات ) .
ونعرض فيما يلي الركن المعنوي لهذه الجريمة لكونه يضفى عليها ذاتية خاصة تميزها عن سائر جرائم السعى أو التخابر .
قصد القيام بأعمال عدائية ضد مصر
لا شبهة فى ضرورة توافر القصد الجنائي العام في هذه الجريمة فيجب أولاً أن تتجه إرادة الجانى إلى السعى أو التخابر مع دولة أجنبية أو احد ممن يعمل لمصلحتها مع علمه بذلك فإذا ثبت أن المتهم مثلاً لم يكن عالما بان من تخابر معه أو سعى لديه ممثلا لدولة أجنبية أو انه يعمل لمصلحتها فان قصده الجنائي العام لا يتوافر .
وفضلاً عن توافر القصد العام يجب أن يتوافر قصد جنائي خاص هو القيام بأعمال عدائية ضد الجمهورية .
ولا يشترط لوقوع هذه الجريمة نجاح الجاني في مقصده إذا يكفى مجرد توافر هذا القصد ولو لم يتحقق تنفيذه بالفعل.
العقوبة
يعاقب على وقوع هذه الجناية بالإعدام ولم يفرق القانون بين حالة وقوعها فى زمن حرب أو ارتكابها فى زمن سلم .
ثانياً : السعى أو التخابر لمعاونة دولة أجنبية معادية في عملياتها الحربية أو للإضرار بالعمليات الحربية للجمهورية .
ونصت المادة 77/ ج عقوبات على انه " يعاقب بالإعدام كل من سعى لدى دولة أجنبية معادية أو تخابر معها أو مع احد مما يعملون لمصلحتها لمعاونتها في عملياتها الحربية أو للإضرار بالعمليات الحربية للدولة المصرية .
عله التجريم
يهدف هذا النص إلى حماية مصلحة الدولة وقت مباشرتها للعمليات الحربية وهو ما يتعلق بأمنها وسيادتها واستقلالها .
وتقتضى هذه الجريمة توافر الركن المادى وهو السعى أو التخابر لدى دولة أجنبية معادية أو احد مما يعمل لمصلحتها كما سبق بالإضافة الى أن القانون تطلب فى هذه الجريمة أن تكون الدولة الاجنبية معادية كما اشترط توافر قصد جنائي خاص فى هذه الجريمة .
أ- الدولة المعادية :
لا يكفى مجرد السعى أو التخابر مع دولة أجنبية أو احد ممن يعملون لمصلحتها أيا كانت هذه الدولة بل يجب أن تكون دولة معادية .
وأية ذلك أن الجريمة لا تقع إلا إذا قصد الجانى معاونة هذه الدولة فى عملياتها الحربية الى الإضرار بالعمليات الحربية .
إذ أن اشتراط وجود عمليات حربية قائمة بين البلاد وبين الدولة الأجنبية يفيد حتما أن هذه الجريمة تتعلق بالحرب أو تقع فى زمن الحرب .
ويلاحظ أن حالة الحرب أو ما فى حكمها تعتبر شرطاً مفترضاً فى هذه الجريمة إذ هى لازمة لإسباغ صفة العداء على الدولة التى حصل السعى أو التخابر معها فهى ليست ظرف مشدد كما فى المادة 77 / د عقوبات .
والمقصود بالدولة فى هذا النص يتسع للحكومة وجيشها وكافة المنظمات والجمعيات والأفراد فى هذه الدولة والذين يساهمون بنشاط معين فى العمليات العسكرية .
ب- القصد الجنائى :
يتخذ الركن المعنوى فى هذه الجريمة صورة القصد الجنائى العام بأن يعلم الجانى بأنه يسعى ويتخابر مع دولة معادية أو احد يعمل لمصلحتها .
وفضلا عن توافر القصد الجنائى العام يستلزم القانون توافر قصد جنائي خاص هو اتجاه نية الجانى الى ما يلي :
1. معاونة الدولة المعادية فى عملياتها .
2. الإضرار بالعمليات الحربية لجمهورية مصر العربية .
العقوبة :
قرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة الإعدام ولو لم يتحقق قصد الجانى من ارتكابها
ثالثا : السعى أو التخابر الذى من شأنه الإضرار بمركز الدولة الحربى أو السياسى أو الدبلوماسى أو الاقتصادى
نصت المادة 77/د من قانون العقوبات على انه " يعاقب بالسجن إذا ارتكب الجريمة فى زمن السلم وبالأشغال الشاقة المؤقتة إذا ارتكبت فى زمن حرب "
1- كل من سعى لدى دولة أجنبية أو احد ممن يعملون لمصلحتها أو تخابر معها أو معه وكان من شان ذلك الإضرار بمركز مصر الحربى أو السياسي أو الدبلوماسى أو الاقتصادى
2- كل من اتلف عمدا أو أخفى أو اختلس أو زور أورقا أو وثائق وهو يعلم أنها تتعلق بأمن الدولة أو بأية مصلحة قومية أخرى فإذا وقعت الجريمة بقصد الإضرار بمركز البلاد الحربى أو السياسى أو الدبلوماسى أو الاقتصادى أو بقصد الإضرار بمصلحة قومية لها كانت العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة فى زمن السلم والأشغال الشاقة المؤبدة فى زمن الحرب
وتتطلب هذه الجريمة ركن ماديا قوامه عنصرين :
أ – النشاط الإجرامى وهو السعى أو التخابر وقد سبق تعريفة
ب- أن يكون من شأن هذا النشاط الإضرار بمركز مصر الحربى أو السياسى أو الدبلوماسى أو الاقتصادى ... هذا بالإضافة الى توافر القصد الجنائى
صور الإضرار التى من شأن السعى أو التخابر أن يؤدى إليها :
1- الإضرار بالمركز الحربى : يتحقق ذلك بكل فعل من شأنه أن يؤثر فى نشاط القوة العسكرية للبلاد سواء كان ذلك فى دور الاستعداد أو الطوارئ أو العمل . وسواء كانت الدولة فى حاله دفاع أو هجوم
2- الإضرار بالمركز السياسى : ويقصد به كل ما من شأنه أن يمس استقلال الدولة أو سياستها الخارجية . مثال ذلك تمكين دولة أجنبية من اكتساب نفوذ سياسى على الدولة . أو عرقله مفاوضات سياسية أو تفويت الأغراض السياسية التى تهدف الى تحقيقها من وراء عمل معين
3- الإضرار بالمركز الدبلوماسى : وهو ما يؤدى الى الإضرار بالتمثيل الدبلوماسى بين الدول . مثال السعى أو التخابر لقطع العلاقات السياسية بين جمهورية مصر العربية ودولة أخرى
4- الإضرار بالمركز الاقتصادى : ويراد به كل ما من شأنه أن يلحق الضرر بالنظام العام الاقتصادى للدولة وهو الذى تحدده سياستها الاقتصادية كنظام الرقابة على النقد – وكل ما يتصل بالإنتاج الزراعى أو الصناعى والتجارة الخارجية
القصد الجنائى
تتطلب هذه الجريمة قصدا جنائيا عاما فلا تقع الجريمة ما لم يعلم الجانى بأنه سعى أو تخابر مع دوله أجنبية أو شخص يعمل لمصلحتها .. وما لم يعلم بان سعيه أو تخابره من شأنه إلحاق الضرر بمركز البلاد الحربى أو السياسى أو الدبلوماسى أو الاقتصادى .
ومتى تتحقق هذا القصد فلاعبره بالباعث على ارتكاب الجريمة – كما إذا قصد الجانى مجرد الحصول على منفعة خاصة .
ولا يتطلب القانون قصدا جنائيا خاصا لقيام هذه الجريمة – وإنما يتطلب هذا القصد كمجرد ظرف مشدد لعقوبتها .
العقوبة :
إذا وقعت هذه الجريمة فى حالة الحرب كانت العقوبة السجن المشدد وإذا توافر قصد الإضرار شددت العقوبة الى السجن المؤبد .
أما إذا وقعت هذه الجريمة فى حالة سلم كانت العقوبة هى السجن فإذا توافر قصد الإضرار سالف الذكر شددت العقوبة الى السجن المشدد .
المطلب الثانى
جرائم الاعتداء على امن الدولة من جهة الداخل
تعريف : يراد بالجرائم المضرة بأمن الدولة من جهة الداخل – تلك الجرائم التى تنطوى على الاعتداء على النظام الداخلى للدولة والمساس بالأمن والاستقرار الذى يتمتع به الناس – أى حماية نظام الدولة الداخلى سواء كان اجتماعيا أو سياسيا أو اقتصاديا أو كان يتعلق بنظام الحكم والى حماية امن الناس واستقرارها .
وسوف تقتصر دراستنا على دراسة بعض هذه الجرائم وهى :
1- محاولة قلب نظام الحكم
2- تأليف وإدارة المنظمات المناهضة والترويج لأفكارها
3- التحريض والاتفاق والتشجيع والعودة الى ارتكاب بعض جرائم الاعتداء على أمن الدولة الداخلى
المبحث الأول
محاولة قلب نظام الحكم
نصت المادة 87 من قانون العقوبات على أنه " يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد كل من حاول بالقوة قلب أو تغيير دستور الدولة أو نظامها الجمهورى أو شكل الحكومة – فإذا وقعت الجريمة من عصابة مسلحة يعاقب بالإعدام من ألف العصابة وكذلك من تولى زعامتها أو تولى فيها قيادة ما .
والحماية المكفولة بهذا التجريم وفقا لنص المادة السابقة تقف ضد محاولة الانقلاب الذى يرمى الى تغيير الحكومة وإحلال حكومة جديدة محلها وما يقتضى ذلك من إسقاط الدستور أو تغييره فى الحدود التى تتنافى مع أهداف الانقلاب .
وبذلك تهدف هذه المادة الى حماية نظام الحكم من خطر الانقلاب كما تهدف الى حماية الدستور من خطر الاعتداء عليه بالقوة .
الركن المادى :
يتمثل الركن المادى فى هذه الجريمة فى المحاولة بالقوة لقلب نظام الحكم أو تغيير الدستور أو النظام الجمهورى أو شكل الحكومة ويتكون الركن المادى من عنصرين هما المحاولة – واستعمال القوة .
أولا : المحاولة :
يثير تحديد معنى المحاولة كثيرا من الدقة نظرا الى أن مراحل ارتكاب الجريمة تبدأ من الأعمال التحضيرية لها – ثم البدء فى التنفيذ – حتى أتمام الجريمة - فإذا وقفت عند حد البدء فى التنفيذ اعتبرت شروعا فى الجريمة .
وقد قضت محكمة النقض بأن المحاولة هى دون الشروع من الأعمال التى يقصد بها الوصول الى الجريمة أن لم تصل الى البدء فى التنفيذ .
ثانيا : استعمال القوة :
قرن نص المادة 87 عقوبات المحاولة بالقوة – مما يقتضى معه أن يصدر من الجانى فعل من أفعال القوة . فمجرد القول أو الكتابة أو الإثارة لا يكفى وحده لقيام عنصر القوة - دون الإخلال بالعقاب على ما ينطوى عليه من جرم أخر .
ويعنى بالقوة وفقا لنص المادة السابقة – بالقوة المادية التى تتمثل فى أحد الأعمال المادية التى قارفها الجانى – والتى تتمثل فى جميع أفعال الإكراه أو العنف أو القسر .
فالقوة هى مجرد وسيلة لتغيير إرادة الغير وحملها نحو الانصياع لمطلب صاحب القوة
وقد تكون القوة عسكرية كاستعمال السلاح – وقد تتمثل فى بعض المظاهر العنف المادى – مثل تنظيم المظاهرات الشعبية وتسيرها بغرض الضغط على الحكومة .
الركن المعنوى
فضلا عن توافر القصد العام يشترط لوقوع هذه الجريمة توافر قصد خاص هو اتجاه نية الجانى الى الانقلاب . وعلة ذلك أن الركن المادى لهذه الجريمة يتم بفعل ينطبق عليه وصف المحاولة ولا يشترط فيه وقوع الانقلاب فعلا .
العقوبة
قرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة السجن المشدد او السجن المؤبد ... وقد عرف القانون ظرفا مشددا لهذه الجريمة يتمثل فى صفة الجانى .
فإذا وقعت الجريمة من عصابة مسلحة – توافر الظرف المشدد بالنسبة الى مؤلف العصابة .ومن تولى زعامتها أو تولى فيها قيادة ما .
فإذا توافر هذا الظرف عند احد الأشخاص كانت العقوبة الإعدام .
المبحث الثانى
جرائم تأليف
التنظيمات المناهضة للدولة أو الاشتراك فيها أو الترويج لأفكارها
تمهيد :
عاقبت المادتان 98/ أ ، 987 / أ مكرر من قانون العقوبات على إنشاء التنظيمات المناهضة أو المشاركة فيها أو الترويج لأرائها ...
فنصت المادة 98 / أ من قانون العقوبات على أن " يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تزيد على عشر سنين وبغرامة لا تقل عن مائة جنية ولا تجاوز ألف جنية كل من انشأ أو أسس أو أدار جمعيات أو هيئات أو منظمات ترمى إلى سيطرة طبقة اجتماعية – أو إلى قلب نظم الدولة الأساسية الاجتماعية – أو إلى القضاء على النظم الاقتصادية أو إلى هدم أي نظام من النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية – أو إلى تحبيذ شئ مما تقدم أو الترويج له متى كان استعمال القوة أو الإرهاب أو أي وسيلة أخرى غير مشروعه ملحوظاً في ذلك.
ويعاقب بنفس العقوبات كل اجنبى يقيم فى مصر وكل مصرى ولو كان مقيما بالخارج إذا انشأ أو أسس أو نظم أو أدار فرعا فى الخارج بإحدى الجمعيات أو الهيئات المذكورة .
وكذلك كل من إنشاء أو أسس أو نظم أو أدار فى مصر فرعاً لمثل إحدى هذه الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات ولو كان مقرها فى الخارج .
ويعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تزيد عن مائتى جنية . كل من انضم الى إحدى الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الفروع المذكورة فى الفقرتين السابقتين أو اشترك فيه باى صورة .
ويعاقب السجن مدة لا تزيد على خمس سنين كل من اتصل بالذات أو بالواسطة بالجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الفروع المتقدم ذكرها لأغراض غير مشروعة أو شجع غيره على ذلك أو سهله له .
ونصت المادة 98 أ مكرر من قانون العقوبات على انه " يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة جنية ولا تجاوز ألف جنية كل من انشأ أو نظم أو أدار جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة يكون الغرض منها الدعوة باى وسيلة الى مناهضة المبادئ الأساسية التى يقوم عليها نظام الحكم الاشتراكي فى الدولة . أو الحض على كراهيتها أو الازدراء أو الدعوة ضد تحالف قوى الشعب العاملة أو التحريض على مقاومة السلطات العامة أو ترويج أو تحبيذ شئ من ذلك .
وتكون العقوبة السجن المشدد وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنية ولا تجاوز ألفى جنية إذا كان استعمال القوة أو العنف أو الإرهاب ملحوظاً فى ذلك .
ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تجاوز خمسمائة جنيه كل من انضم الى إحدى هذه الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الجماعات مع علمه بالغرض الذى تدعو إليه أو اشترك فيها باى صورة .
عله التجريم :
استهدف المشرع من وراء هذه الجرائم الى حماية السيادة الداخلية للدولة ضد خطر التنظيم الهدام الذى يرمى الى المساس بالمبادئ الأساسية التى تقوم عليها – وكذلك حماية المصالح الأساسية التى تقوم عليها السيادة الداخلية للدولة ضد نوع معين من الاعتداء هو التنظيم الهدام أو الترويج له .
صورة الركن المادى لهذه الجريمة :
1- تأليف وإدارة التنظيمات المناهضة لنظام الدولة .
2- الاشتراك فى التنظيمات المناهضة لنظام الدولة .
3- الترويج للأفكار المناهضة .
4- حيازة وسائل التعبير عن الأفكار المناهضة .
الركن المعنوى :
هذه الجرائم عمديه ، فلا تقع الجريمة قانونا إلا إذا توافر القصد الجنائى عند الجانى – ولا شك فى وجوب توافر القصد الجنائى العام – وهو اتجاه إرادة الجانى الى مباشرة النشاط الاجرامى مع علمه بسائر العناصر القانونية التى تتكون منها الجريمة .
كذلك يتعين توافر إرادة الجانى الى تأليف التنظيم المناهض أو إدارتها مع علمه بها وبأغراضها وبان استعمال القوة أو الإرهاب أو اى وسيلة أخرى غير مشروعة ملحوظاً فى ذلك .
هذا بالإضافة الى توافر القصد الخاص لدى الجانى عند اشتراكه فى هذه الجرائم .
العقوبات :
1- تأليف وإدارة التنظيمات المناهضة :
يعاقب على هذه الجريمة بالسجن المشدد مدة لا تزيد على عشر سنين وبغرامة لا تقل عن مائة جنية ولا تجاوز ألف جنية .
وتشدد العقوبة إذا كان استعمال القوة أو العنف أو الإرهاب ملحوظا فى هذه الجريمة – فتكون العقوبة السجن المشدد وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنية ولا تجاوز ألفى جنية .
2- الاشتراك فى التنظيمات المناهضة .
يعاقب على هذه الجريمة إذا وقعت مخالفة للمادة 98 / أ بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تزيد على مائتى جنية ... وإذا اقتصر الاشتراك على مجرد الاتصال بالتنظيم المناهض أو تشجيع الغير على ذلك أو تسهيله فتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على خمس سنين .
فإذا وقعت هذه الجريمة مخالفة للمادة 98 / أ مكرر كانت العقوبة مدة لا تزيد عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تجاوز خمسمائة جنية .
3- الترويج للأفكار المناهضة :
يعاقب على هذه الجريمة بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تجاوز خمسمائة جنية " م 98 / أ عقوبات "
المبحث الثالث
التحريض والاتفاق والتشجيع والدعوة الى ارتكاب
بعض جرائم الاعتداء على امن الدولة الداخلى
نصت المواد من 95 الى 97 من قانون العقوبات على العقاب على التحريض والاتفاق والتشجيع والدعوة الى ارتكاب بعض جرائم الاعتداء على امن الدولة الداخلى .
وقد وردت هذه الجرائم على سبيل الحصر وهى :
1. محاولة قلب نظام الحكم " م 87 / عقوبات "
2. تأليف عصابة لمهاجمة السكان أو مقاومة رجال السلطة العامة بالسلاح والاشتراك فى العصابات " م 89/عقوبات "
3. محاولة احتلال مبانى الحكومة بالقوة " م 90/ عقوبات "
4. تولى القيادة العسكرية لغرض اجرامى " م 91/ عقوبات "
5. طلب تعطيل أوامر الحكومة لغرض اجرامى " م 92/ عقوبات "
6. قيادة عصابة مسلحة بقصد ****** أموال الحكومة أو جماعة من الناس أو إدارة هذه العصابة أو تنظيمها " م 93 ، 94 / عقوبات "
وهذه الجرائم تعتبر من جرائم الخطر العام لان نتيجتها القانونية لا تتمثل فى الإضرار بأمن الدولة الداخلى وإنما تقف عند مجرد تعريض هذا الأمن للخطر لمجرد التحريض أو الاتفاق أو التشجيع أو الدعوة.
وقد افترض القانون توافر هذا الخطر بمجرد وقوع فعل من هذه الأفعال إذا اتجه به الجانى نحو ارتكاب جريمة من جرائم الاعتداء على امن الدولة الداخلى .
الركن المادى :
يتمثل الركن المادى لهذه الجرائم فى أربع صور وهى :
أ- التحريض : ويتحقق التحريض على الجريمة بخلق التصميم على الجريمة لدى الفاعل الأصلى لدفعه نحو ارتكابها .
ب- الاتفاق :يتوافر الاتفاق بانعقاد العزم بين شخصين أو أكثر على ارتكاب إحدي جرائم الاعتداء على امن الدولة الداخلى .
ج- التشجيع : جرمت المادة 96/ 2 عقوبات التشجيع على ارتكاب إحدى جرائم امن الدولة الداخلى سالفة الذكر بواسطة المعونة المادية أو المالية – كتقديم المال أو غير ذلك من المعونات المادية لتشجيع الجانى على ارتكاب جنايته
د- الدعوة الى الاتفاق الجنائى غير المقبول : جرمت المادة 97 / عقوبات مجرد الدعوة الى الاتفاق الجنائى الذى يكون الغرض منه ارتكاب إحدى جرائم الاعتداء على امن الدولة الداخلى سالفة البيان إذا لم تقبل دعوته .
الركن المعنوى :
هذه الجرائم عمديه – يكفى لانعقادها مجرد توافر القصد العام فلا يشترط أن تتجه إرادة الجانى من وراء التحريض أو الاتفاق أو التشجيع أو الدعوة الى تحقيق غرض أخر . ولا عبرة بالبواعث فان الجريمة تقع قانونا مهما كان هذا الباعث
العقوبات :
1- التحريض : عاقب عليه القانون بالسجن المشدد أو بالسجن إذ لم يترتب على هذا التحريض اثر
2- الاتفاق الجنائى : عاقب عليه القانون بذات العقوبة السابقة – وشدد العقوبة على من حرض على هذا الاتفاق أو من له شأن فى إدارة حركته فجعل العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة
3- التشجيع : عاقب عليه القانون بالسجن المشدد أو بالسجن " م 96 / فقرة 2 "
4- الدعوة الى الاتفاق الجنائى غير المقبول : عاقب عليه القانون بالحبس إذ لم تقبل دعوته" م 97 / عقوبات "
الفصل الثاني
جرائم الأموال العامة
تقديم وتقسيم :
تفرض الوظيفة العامة مجموعة من الواجبات يلتزم الموظف العام بمراعاتها داخل نطاق العمل الوظيفي وخارجة نظير ما يتمتع به من حقوق وظيفية ومزايا مادية وأدبية تترتب على شغل الوظيفة ، ومن ابرز هذه الواجبات الالتزام بالنزاهة والإخلاص فى إداء أعمال الوظيفة وعليه أن يؤدى عمله بحيده وموضوعية واستقامة مطلقة ابتغاء المصلحة العامة .. دون تأثر بغرض أو هوى أو استغلال الوظيفة فى تحقيق مآرب خاصة .
والموظف العام الذى ينحدر خلقه فيتاجر بأعمال وظيفته أو يستغلها لتحقيق مغانم خاصة يعد خائناً لأمانه الوظيفة التى عهدت بها الدولة إليه .
لذلك نظم المشرع أحكام جرائم الموظفين ضد الإدارة العامة فى الكتاب الثاني من قانون العقوبات وذلك تحت عنوان " الجنايات والجنح المضرة بالمصلحة العامة وبيان عقوبتها .
ومن ثم تقتضى الإحاطة بدراسة أهم صور المساس بنزاهة الوظيفة العامة أن نتعرض للجرائم التالية :
أولاً : جريمة الرشوة والجرائم الملحقة بها :
ثانياً : جريمة الاختلاس والاستيلاء على المال العام والعدوان عليه والغدر .. والتربح
المبحث الأول
الرشوة
تعريف الرشوة :
الرشوة هى اتجار الموظف العام فى أعمال وظيفته عن طريق طلبه أو قبوله أو أخذه وعدا أو عطية مقابل قيامه بعمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه وذلك هو المعنى العام لها .
أما الرشوة بالمعنى الدقيق فهى اتجار الموظف أو استغلاله لوظيفته التى يشغلها فهو يتقاضى أجرا وثمنا غير مشروع مقابل ما يؤديه من أعمال جاعلا بذلك من وظيفته سلعة للاتجار فيها فيقوم بطلب أو قبول أو اخذ الثمن مقابل العمل المكلف به والذى يتقاضى عنه أجره من الدولة وليس من شك فى أن ذلك يعد إخلالا بنشاط الإدارة ويخالف مقتضيات الواجبات الوظيفية وما تفرضه من الأمانة والنزاهة والجدية ومن شأن ذلك يؤدى الى زعزعة الثقة تجاه الدولة وموظفيها والانتقاص من هيبة الوظيفة العامة .
وعرفت المادة 103 من قانون العقوبات الرشوة فنصت على أن " كل موظف عمومى طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو اخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشياً "
ويكمل هذا التعريف التشريعى ما نصت عليه المادة 103 مكرر من قانون العقوبات على أن " يعتبر مرتشيا ويعاقب بنفس العقوبة المنصوص عليها فى المادة السابقة كل موظف عمومى طلب لنفسه أو لغيره أو اخذ وعدا أو عطية لأداء عمل يعتقد خطأ أو يزعم انه من أعمال وظيفته أو للامتناع عنه .
وجريمة الرشوة تقضى وجود طرفين :
1- المرتشى : وهو الموظف العام ومن فى حكمة آخذ الرشوة .
2- الراشى : وهو صاحب المصلحة الذى يعرض الرشوة ويقدمها ، أو من يعد الموظف بدفع الرشوة له فى المستقبل وهو ما يسمى الوعد بالعطية .
وقد يدخل فى الرشوة ما يسمى بالوسيط أو "الرائش " ممثلا لأحد طرفى الرشوة أو كليهما من اجل تحقيق مصلحتهما وهو ليس فى الحقيقة إلا شريكا فى جريمة الرشوة .
أركان
جريمة الرشوة
تتطلب جريمة الرشوة لقيامها توافر أركان ثلاثة هى :
1- صفة الجانـــــي : " المرتشي " وتتمثل فى كونه موظفا عاما أو ممن يعدون فى حكمه .
2- الركن المــادي : يتمثل فى نشاط إجرامي يتخذ صورة طلب أو قبول أو اخذ عطية أو وعد بها لنفسه أو لغيره مقابل الإخلال بواجبات الوظيفة أو أداء عمل أو الامتناع عن عمل يدخل فى اختصاصه فعلا أو زعماً أو توهماً .
3- الركن المعنوي : وهو القصد الجنائي ويتوافر بعلم الموظف أن ما حصل عليه أو ما طلبه هو مقابل القيام بعمل أو الامتناع .
المطلب الأول
صفة الجانـــــــــــــــــي
الرشوة بحسب الأصل جريمة من جرائم الموظف العام ضد الإدارة العامة " الدولة " جوهرها الاتجار بالوظيفة العامة أو استغلالها لذا فهي لا تقع إلا ممن يملك سلطاتها اى من الموظف العام أو من فى حكمه .
وقد أوجب المشرع فى المواد 103 الى 105 مكرر من قانون من قانون العقوبات ضرورة توافر صفة الموظف العام فى الجانى حتى يمكن قيام جريمة الرشوة .
إلا أن المشرع قد توسع فى تحديد مدلول الموظف العام فيما يتعلق بجريمة الرشوة ولم يقف عند الإطار والتحديد السابق وإنما نص فى المادة 111 على امتداد نطاق هذا المدلول الى طوائف أخرى اعتبرها فى حكم الموظفين العموميين .
وذلك على عكس الراشى أو الوسيط أو المستفيد من الرشوة حيث لم يتطلب القانون أن تتوافر فيهم أية صفه خاصة .
ونتناول فيما يلى الفئات التى نصت عليها المادة 111 عقوبات واعتبرت أفرادها فى حكم الموظفين العموميين فيما يتعلق بتطبيق أحكام جريمة الرشوة .
1- المستخدمون فى المصالح التابعة للحكومة أو الموضوعة تحت رقابتها .
يقصد بالمستخدمين بالمصالح الحكومية الموظفون الذين يشكلون أدنى درجات السلم الوظيفي اى صغار الموظفين فى الدولة الذين يشاركون بنصيب ضئيل فى إدارة أعمال الحكومة كالسعاة وعمال النظافة .
بينما جرى المشرع فى الماضى على احتجاز تعبير الموظف لكبار العاملين فى الدولة .
وبصدور قانون العاملين المدنيين بالدولة تخلى المشرع عن التفرقة الاصطلاحية بين المستخدم والموظف وأطلق على كل من يزاول عملا فى خدمة الدولة أو احد المرافق العامة مصطلح العامل – وبذلك زالت التفرقة وصار الجميع عاملين مدنيين بالدولة – ويستوى فى خضوع المستخدم لأحكام الرشوة أن يكون مستخدماً فى مصلحة تابعة للحكومة أو فى مصلحة موضوعة تحت رقابتها وان لم تكن تابعة لها والمقصود بالمصالح التابعة للحكومة تلك التى تخضع للحكومة المركزية أما المصالح الموضوعة تحت رقابتها فيقصد بها الهيئات العامة ذات الشخصية المعنوية المستقلة التى تخضع للوصاية أو الرقابة الإدارية للدولة مثال الوحدات الإقليمية كالمحافظات والمدن والمؤسسات العامة التى تتمتع بشخصية معنوية وميزانية مستقلتين .
2- أعضاء المجالس النيابية العامة والمحلية .
وتشمل هذا الطائفة أعضاء مجلسى الشعب والشورى والمجالس المحلية للمحافظات والمدن والقرى سواء كانوا معينين أو منتخبين وعلة اعتبار أعضاء هذه المجالس فى حكم الموظفين أنهم يمارسون الاختصاص التشريعى للدولة وجانبا من اختصاصها التنفيذى .
3- المحكمون والخبراء ونحوهم :
اعتبر المشرع فئات المحكمين والخبراء فى حكم الموظفين العموميين وذلك لأنهم يقومون بأعمال مساعدة للعمل القضائى تساهم فى تحقيق العدالة مما اقتضى إلزامهم بواجب الأمانة والنزاهة أثناء تأدية هذه الأعمال
ونصت المادة 111/3 عقوبات على انه " يعتبر فى حكم الموظفين العموميين المحكومون والخبراء ووكلاء النيابة والمصفون والحراس القضائيون . فهولاء يعتبرون مكلفين بمهمة تدخل فى نطاق الخدمة العامة ونظراً لخطورة الأعمال التى يؤديها هؤلاء فقد نبه المشرع صراحة الى خضوعهم لأحكام رشوة الموظفين .
4- المكلفون بخدمة عامة :
المكلف بخدمة عامة هو كل شخص يقوم بخدمة عامة لصالح المجتمع ولو لم يكن من طائفة الموظفين أو المستخدمين العموميين ما دام أن هذا الشخص قد كلف بالعمل ممن يملكه .
ويقصد بهم كل من تكلفه الدولة بالقيام لحسابها بعمل عارض من الأعمال العامة كالمترجم الذى تعهد إليه المحكمة بالترجمة فى دعوى مطروحة أمامها .
فإذا توافر التكليف بالخدمة العامة ممن يملكه فانه يستوى بعد ذلك أن تكون الخدمة مأجورة أو مجانية ، أو يكون التكليف إجباريا كالتجنيد أو اختياريا متوقفا على موافقة المكلف أو متوقفا على اتخاذه إجراءات معينه وان يكون المكلف موظفاً كلف بأداء خدمة عامة خارج نطاق وظيفته أو أن يكون غير موظف .
5- العاملون في القطاع العام
نص المشرع أخيرا على أن يعد فى حكم الموظفين . أعضاء مجالس إدارة ومديرو ومستخدموا المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشات إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم فى ما لها بنصيب ما بأية صفه كانت .
استثناء خاص فى القانون المصرى :
القاعدة العامة فى جريمة الرشوة أنها لا تقع إلا من موظف عام أو من فى حكمه ولكن المشرع خرج على هذه القاعدة وقرر توقيع عقوبة الرشوة فى حالتين لم يتطلب فيها صفة الموظف العام فى الجانى:
أ- رشوة الأطباء :
نصت المادة 222 عقوبات على أن " كل طبيب أو جراح أو قابله أعطى بطريق المجاملة شهادة أو بيانا مزوراً بشان حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة مع علمه بتزوير ذلك يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنية مصرى ,
فإذا طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو اخذ وعدا أو عطية للقيام بشئ من ذلك أو وقع منه فعل نتيجة لرجاء أو توصيه أو وساطة يعاقب بالعقوبات المقررة للمرتشى أيضا .
ويتبين من نص المادة 222 أن المشرع يتطلب شرطين لتطبيق نصوص الرشوة على الطبيب أو الجراح أو القابلة .
الشرط الأول : أن يكون الغرض من المقابل الذى يطلبه أو يقبل الوعد به أو يأخذه هو إعطاء شهادة أو بيان مزور .
الشرط الثانى : أن تكون الشهادة أو البيان المزور بشان حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة
ب- رشوة شهود الزور :
تنص المادة 298 من قانون العقوبات فى فقرتها الأولى على انه " إذا قبل من شهد زورا فى دعوى جنائية أو مدنية عطية أو وعدا بشئ ما يحكم عليه هو والمعطى أو من وعد بالعقوبات المقررة للرشوة أو للشهادة الزور أن كانت هذه اشد من عقوبة الرشوة .
ولكى تطبق عقوبة الرشوة على شاهد الزور أن يكون قد أدى الشهادة وان يكون ذلك أمام القضاء وان تكون الشهادة مغايره للحقيقة وان يتوافر لديه القصد .
وتضيف المادة 298 فى فقرتها الثانية انه " إذا كان الشاهد طبيبا أو جراحا أو قابله وطلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو اخذ وعداً أو عطية لأداء الشهادة زورا بشان حمل أو توصيه أو وساطة يعاقب بالعقوبات المقررة فى باب الرشوة أو باب شهادة الزور أيهما اشد ويعاقب الراشى والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشى ايضاً .
المطلب الثانى
الركن المادى فى جريمة الرشوة
يتحقق الركن المادى فى جريمة الرشوة بسلوك إجرامي يرتكبه المرتشى يتخذ إحدى صور ثلاثة هى الطلب أو القبول أو الأخذ وينصب هذا السلوك على موضوع معين هو الوعد أو العطية ويستهدف غرضاً معيناً يتمثل فى أداء عمل من أعمال الوظيفة أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجب من واجبات الوظيفة .
وتقتضى دراسة الركن المادى البحث فى العناصر التالية :
1. السلوك الإجرامى فى الرشوة " الطلب أو القبول أو الأخذ "
2. سبب الرشوة .
أولا :- السلوك الاجرامى فى الرشوة " الطلب أو القبول أو الأخذ "
1- الطلب : لقد جعل المشرع المصرى مجرد طلب الموظف العام فائدة للقيام بعمل من أعمال الوظيفة أو الامتناع عنه جريمة تامة فلا يشترط أن يلقى هذا الطلب قبولا من صاحب المصلحة فتقع الجريمة ولو رفض صاحب المصلحة الاستجابة الى هذا الطلب .. وذلك لان مجرد الطلب ينطوى على الاتجار بالوظيفة واستغلالها ويستوى أن يطلب الموظف الرشوة لنفسه أو لغيره أو أن يطلب الموظف العطية أو مجرد الوعد بها أى أن يصدر منه إيجاب بالرشوة ولو لم يعقبه قبول لها .
2- القبول : يقصد بالقبول فى مجال الرشوة " رضاء الموظف العام أو من فى حكمه تلقى مقابل ما نظير ما يقوم به أو يمتنع عنه من عمل فى المستقبل .
فالقبول هو تعبير عن إرادة متجهة الى تلقى المقابل فى المستقبل نظير القيام بالعمل الوظيفي .. ويعير عنه بالرشوة المؤجلة
ولا يشترط فى القبول شكلاً معيناً فقد يكون صريحا بالقول أو بالكتابة أو بالإيحاء وقد يكون ضمنيا ويجب أن يكون القبول جديا ولذلك لا تقع الجريمة إذا تظاهر الموظف بالقبول ليسهل على رجال الشرطة القبض على الراشى .
3- الأخذ : هو استلام المرتشى العطية إذا كانت شيئا ماديا أو الحصول على الفائدة إذا كانت العطية مجرد منفعة ويعتبر الأخذ اخطر صور النشاط الإجرامي فى الرشوة إذ فيها يكون الموظف قد قبض فعلا ثمن الاتجار بوظيفته أو استغلالها ولذلك يطلق عليها تعبير " الرشوة المعجلة " وقد يكون التسليم حقيقى أو رمزى وتستوى الصورة التى تكون عليها العطية فقد تكون مبلغا من المال أو شيئا له قيمة مادية .
الشروع فى الرشوة :
لا يتصور الشروع فى الرشوة فى حالة الأخذ والقبول على أساس أن فيهما يتحقق مبدأ التنفيذ ونهايته أما فى حالة الطلب فالشروع متصور فيه باعتبار أن الطلب لا يعد متحققا فى مدلوله القانونى إلا بوصوله الى علم صاحب الحاجة .
والفقه الغالب ذهب بحق الى القول بإمكانية الشروع فى الرشوة فى حالة طلبها وذلك إذا أوفد الموظف وسيطا الى الراشى لطلب الرشوة منه فلم يجده أو قام الوسيط بإبلاغ السلطات فالجريمة هنا وقفت عند مرحلة الشروع لان الطلب لم يصل الى علم الراشى .
موضوع الرشوة " مقابل الرشوة "
يجب أن يرد الطلب أو القبول أو الأخذ على وعدا أو عطية وقد تكون لمقابل الرشوة طبيعة مادية أو معنوية ومن ثم يستوى أن تكون العطية مادية كالنقود أو رمزية يحصل عليها الموظف له أو لغيره كحصول الموظف على تعيين لأحد أقاربه أو ترقيته أو نقله الى مكان أفضل وقد تكون العطية مستترة كاستئجار الموظف لمسكن دون القيام بدفع الاجرة .. ويستوى أن تكون العطية مشروعة أو غير مشروعة ولا يشترط التناسب بين مقدار المال أو لمنفعة غير مشروعة ولا يشترط التناسب بين مقدار المال أو المنفعة التى يحصل عليها المرتشى وبين العمل أو الامتناع الذى قام به المرتشى .
ثانياً : سبب الرشوة
لا يكفى لتحقق جريمة الرشوة اتخاذ سلوك الموظف إحدى الصور الثلاث التى تقدم ذكرها وهى الأخذ والقبول والطلب وإنما يجب أن يتوافر غرض الرشوة : أى العمل الذى يراد من الموظف تحقيقه كمقابل للرشوة وهو الأمر الذى يناط بالموظف أداؤه كمقابل للفائدة التى يقدمها الراشى .
ويتحقق بهذا التقابل بين العمل المطلوب من الموظف والفائدة المقدمة من الراشى معنى الاتجار بالوظيفة أو استغلالها .
ويتمثل الغرض أو السبب فى جريمة الرشوة فى اتجاه إرادة الموظف الى أداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه سواء كان هذا العمل يدخل فى اختصاصه أو أن يعتقد خطا أو يزعم انه من اختصاصه أو الإخلال بواجبات وظيفته .
فإذا توافر النشاط الإجرامى متمثلا فى الطلب أو القبول أو الأخذ بهدف تحقيق غرض الرشوة على النحو المتقدم وقعت الجريمة تامة إذا توافرت باقى أركانها .
خلاصة القول أن جريمة الرشوة لا تتحقق إلا إذا أراد المرتشى " الموظف أو من فى حكمه " تحقيق احد الأغراض الآتية والتى تمثل سبب الرشوة وهى :
1- أداء عمل من أعمال وظيفته :
تقوم جريمة الرشوة إذا كان الموظف قد حصل على الفائدة للقيام بعمل يوجب عليه القانون القيام به – فلا يشترط أن يكون العمل المطلوب القيام به مخالفا لمقتضيات الوظيفة أو يتعارض مع حقيقة الواقع
وقد سوى المشرع فى هذا الشأن بين الاختصاص الحقيقى بالعمل أو الاعتقاد الخاص بان العمل المطلوب الذى يتلقى الموظف المقابل عنه يدخل فى اختصاصه أو الزعم والادعاء الكاذب بأنه كذلك .
2- الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة
الامتناع عن العمل سلوك سلبى ... ويتحقق هذا السلوك بإحجام وتقاعس الموظف عن أداء عمل يوجب القانون عليه أداءه أو إذا كان امتناعه عن العمل قد تم بالمخالفة للقانون .
ولا يلزم لتحقق هذا السلوك الإحجام التام والقاطع عن أداء العمل . بل يكفى مجرد التأخير فى القيام به خلال الوقت المحدد له .
ويشترط أن يكون الامتناع أو التأخير داخلا فى أعمال الوظيفة ويستوى بعد ذلك أن يكون العمل محل الامتناع أو التأخير عملا قانونيا بالمعنى الدقيق أم عملا تنفيذيا داخلا فى نطاق السلطة التقديرية للموظف أو مخالفا للقانون .. كما يستوى لدى القانون أن يكون العمل محل الامتناع متمثلا فى صورة كتابية أو قول شفوى أو فعل تنفيذى .
وقد قضى تطبيقا لذلك بأنه إذا كان الغرض الذى من اجله قدم المال إلى الموظف " مفتش بوزارة التموين " هو عدم تحرير محضر لمن قدمه . وكان تحرير المحضر يدخل فى اختصاص هذا الموظف ... فأن جريمة الرشوة تكون متحققة ولو لم يكن هناك موجب لتحرير المحضر الذى دفع المال للامتناع عنه .
3- الإخلال بواجبات الوظيفة :
أن تعبير الإخلال بواجبات الوظيفة الذى أورده الشارع فى المادة 104 عقوبات كغرض من أغراض الرشوة قد جاء فى النص مطلقاً من التقييد ويتسع مدلوله كما تقول محكمة النقض لاستيعاب كل عبث يمس الأعمال التى يقوم بها الموظف وكل تصرف أو سلوك ينتسب الى هذه الأعمال ويعد من واجبات أدائها على الوجه السوى.
وعلى ذلك فان كل انحراف عن واجب من هذه الواجبات أو امتناع عن القيام به يطلق عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة ويدخل فى هذه النطاق أداء الموظف لعمل مخالف للقانون أو امتناعه عن عمل يوجبه القانون وإساءة واستعمال الموظف لسلطته التقديرية أو إخلاله بأمانة الوظيفة .
فمخالفة واجبات الوظيفة ذات مدلول أوسع من أعمال الوظيفة بحيث تشمل أمانة الوظيفة ذاتها .
الرشوة اللاحقة :
الحق المشرع فى المادة 105 من قانون العقوبات جريمة الرشوة اللاحقة أو المكافأة اللاحقة بجريمة الرشوة وذلك لوحدة الهدف من التجريم فى الحالتين وهو حماية نزاهة الوظيفة العامة .
فنصت المادة 105 على أن " كل موظف عمومى قبل من شخص أدى له عملا من أعمال وظيفته أو امتنع عن أداء عمل من أعمالها أو اخل بواجباتها هديه أو عطية بعد إتمام ذلك العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات وظيفته بقصد المكافأة على ذلك وبغير اتفاق سابق يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة جنية ولا تزيد عن خمسمائة جنية .
ويتضح من ذلك أن القانون يتطلب لتحقق هذه الجريمة أن يكون قبول الهدية أو العطية لاحقا على أداء الموظف للعمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة .. وان يكون ذلك قد تم بغير اتفاق سابق بينهما فإذا ما تحق ذلك وقعت الجريمة بمجرد قبول الموظف الهدية أو العطية ولو لم يستلمها بالفعل.
المطلب الثالث
الركن المعنوى
في جريمة الرشوة "القصد الجنائي"
جريمة الرشوة جريمة عمديه يتخذ الركن المعنوي فيها صورة القصد الجنائي لدى المرتشي حتى يمكن القول بقيام هذه الجريمة..
والقصد الجنائي يتطلب توافر عنصرين "العلم والإرادة":
(1) العلم: يجب أن يعلم الجاني بتوافر أركان الجريمة.. فيجب أن يكون عالماً بأنه موظف عام أو من في حكمه. وأن العمل المطلوب منه يدخل في نطاق اختصاصه حقيقة أو زعماً أو اعتقاداً مخالفاً للحقيقة. وأن يكون عالماً بأن الوعد أو العطية التي تقدم إليه هي مقابل العمل المطلوب بما يتضمن ذلك من إتجار واستغلال للوظيفة.
(2) الإرادة: يجب أن تتجه إرادة الجاني إلى إرتكاب الفعل المكون للركن المادي للجريمة... متمثلاً في طلب الرشوة أو قبولها أو أخذها.
وينبغي كذلك أن يعلم الموظف أن العطية التي انصرفت إرادته إلى الحصول عليها لم تكن إلا ثمنا للعمل أو الامتناع المطلوب منه.
- وبناء على ما تقدم يتضح ما يلي:
أولا: وجوب توافر العلم لدى الموظف المرتشي بأن الرشوة التي طلبها أو قبلها أو أخذها ليست إلا مقابل الإتجار بوظيفته أو استغلالها... فلا يتوافر القصد الجنائي إذا تسلم الموظف مبلغاً من المال سداداً لدين على الراشي. وغير عالم بنية الأخير في إرشائه.. أو إذا أعطي الراشي العطية لزوجة الموظف بنية إرشائه دون أن يعمل الموظف بذلك.
ثانياً: وجوب اتجاه إرادة الموظف إلى اقتراف النشاط الإجرامي المتمثل في الطلب أو القبول أو الأخذ... فإذا تظاهر الموظف بقبول الرشوة لتمكين السلطات من القبض على الراشي متلبساً بالجريمة. لا يتوافر القصد الجنائي لانتفاء الإرادة.
المطلب الرابع
المساهمة في جريمة الرشوة
تنص المادة 41 من قانون العقوبات على أن "من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها".
- ولما كانت جريمة الرشوة تفترض وجود طرفين:
الأول: هو الموظف المرتشي الذي يتاجر بوظيفته أو يستغلها.
الثاني: هو الراشي صاحب المصلحة الذي يعرض الرشوة في صورة وعد أو عطية.
وقد يساهم في الجريمة شخص آخر يسمى "الوسيط" وهو الذي يتدخل بين صاحب الحاجة – والموظف ممثلاً إحداهما لدى الآخر لإتمام الرشوة.
- وتنص المادة 107 مكرر من قانون العقوبات تأكيداً للقاعدة السابقة على أن "يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي".
وفيما يلي نتناول جريمة كل من الراشي والوسيط.
(1) جريمة الراشي
يجب لقيام هذه الجريمة توافر ركنين الأول ركن مادي والثاني ركن معنوي.
أولاً: الركن المادي:
يتحقق الإرشاء بمجرد اتفاق الراشي مع الموظف العام أو من في حكمه على تقديم الرشوة إلى الأخير مقابل إدائه عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عن هذا العمل أو الإخلال بواجبات وظيفته.
ومتى تم الاتفاق بين الأثنين تعين مساءلة الراشي جنائياً عن جريمته وذلك بالعقوبة المقررة في المادة 107 مكرر عقوبات ويستوى بعد ذلك أن يكون الراشي هو الذي بادر بعرض الرشوة أو أن يكون الموظف هو الذي بادره بالطلب.
ثانياً: الركن المعنوي:
- يتحقق القصد الجنائي لدى الشريك في جريمة الرشوة – سواء كان راشيا أو وسيطا. إذا توافر لديه العلم بصفة الموظف العام.
والاعتقاد باختصاصه بالعمل المطلوب منه – واتجهت إرادته إلى حمل الموظف العام على القيام بما طلب منه كثمن للعطية أو الوعد.
- لذا يجب أن يتوافر العلم لدى الراشي بصفة المرتشي وأن الرشوة التي عرضها أو قدمها إليه هي مقابل إتجار الموظف بوظيفته أو استغلاله لها.
- وبناء على ذلك ينتفي القصد الجنائي لدى الشريك إذا كان يجهل صفة الموظف. كما ينتفي هذا القصد أيضاً إذا كان قد قدم العطية على سبيل الهدية البريئة أو سداد الدين عليه للموظف دون أن يكون ذلك لحمله على القيام بالعمل المطلوب.. وذلك دون الإخلال بمساءلة الموظف وفقاً للقصد الذي توافر لديه.
(2) جريمة الوسيط:
يراد بالوسيط في جريمة الرشوة – كل شخص يتدخل بين صاحب الحاجة "الراشي" وبين الموظف "المرتشي" ممثلاً إحداهما لدى الآخر لإتمام الرشوة.
- وتتطلب هذه الجريمة لقيامها توافر ركنين:
1 – ركن مادي. 2 – ركن معنوى.
أولاً: الركن المادي:
الوسيط إما يكون نائباً عن المرتشي. أو يكون نائباً عن الراشي. فإذا كان الوسيط نائباً عن المرتشي فإن الركن المادي يتحقق بمجرد تقدمه للراشي طالبا الرشوة أو قابلا لها أو أخذا إياها:
- أما إذا كان نائباً عن الراشي فإن الركن المادي لا يتحقق إلا إذا صادف العرض قبولا من المرتشي... فإذا لم يتوافر هذا القبول فلا تقوم جريمة الرشوة وبالتالي لا تقوم جريمة الوسيط تبعاً لذلك.
- أما إذا اقتصر دور الوسيط على مجرد عرض أو قبول الوساطة في رشوة ولم يتعد عمله العرض أو القبول – اعتبر العرض والقبول في ذاته جريمة مستقلة يعاقب عليها بعقوبة أخف من عقوبة الرشوة وفقا لما نصت عليه المادة 109 / مكرر – ثانيا من قانون العقوبات.
ثانياً: الركن المعنوي:
يتوافر هذا الركن بعلم الوسيط بأركان الجريمة التي يريد المساهمة فيها.. وذلك بأن يعلم بصفة الموظف وأن الجعل الذي سيتقاضاه هذا الأخير هو ثمن أداء العمل المطلوب.
§ ووفقا للقواعد العامة يعتبر كل من الراشي والوسيط شريكا في جريمة الرشوة إذا تمت.
§ وفيما يتعلق بالوسيط. فإنه إذا وقعت الجريمة بناء على وساطتة يعتبر شريكاً في الجريمة حيث يكون نشاطه سابقاً أو معاصراً لارتكاب جريمة الرشوة.
المطلب الخامس
عقوبة الرشــــــــــــــــوة
إذا توافرت أركان جريمة الرشوة وثبت مسئولية الموظف المرتشي عنها حقت عليه عقوبتها 0
وقد قرر المشرع لجريمة الرشوة عقوبة أصلية وعقوبتين تكميليتين فضلا عن العقوبات التبعية التى توقع على المحكوم عليه وفقا للقواعد العامة 0
أولا : العقوبة الأصلية :
قرر المشرع لجريمة الرشوة عقوبة أصلية هى السجن المؤبد " المادة 103 عقوبات " 0
وتستحق هذه العقوبة على الموظف المرتشي سواء أكان الغرض من الرشوة أداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجباته الوظيفية 0
وإذا تعدد الفاعلون فى جريمة الرشوة بأن كان هناك أكثر من موظف مختص بالعمل المطلوب وقدمت لهم العطية أو الوعد000 ففي هذه الحالة توقع على كل منهم العقوبة المذكورة 0000 فتعدد الفاعلين لا يعتبر ظرفا مشددا لجريمة الرشوة 0
ويجوز للمحكمة أن تنزل بالعقوبة إلى السجن المشدد أو السجن إذا اقترنت الجريمة بأحد الظروف المحففة طبقا للمادة 17 من قانون العقوبات 0
ثانيا : العقوبات التكميلية :
أضاف المشرع إلى العقوبة الأصلية عقوبتين تكميليتين هما الغرامة والمصادرة 0
1- الغرامــة : فرض المشرع الغرامة فى جناية الرشوة المرتكبة من الموظف العام كعقوبة تكميلية وجوبية 000 يتعين الحكم بها بالإضافة إلى العقوبة الأصلية السالبة للحرية 0
· ونصت المادة 103 من قانون العقوبات على أن " يعاقب المرتشي بالإشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن ألف جنية ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به " 0
· ويرجع السبب الذي وقع المشرع إلى الأخذ بفكرة الغرامة النسبية ليرد على مرتكبها مقصده في الإثراء غير المشروع الذي يدفع عادة إلى ارتكابها 00000
· والغرامة فى هذه الجنائية عقوبة تكميلية لا توقع بمفردها وإنما مع العقوبة الأصلية 0
· كما أنها وجوبيــة فلا يكون للقاضي ســلطة فى تقدير ملائمة الحكـم بها أو الإعفاء منها .
· ويلاحظ بالنسبـة لعقوبة الغرامة أنها من الغرامـات النسبية فتخضع لكافة الأحكام الخاصة بهذا النوع من الغرامات 0 وأهمها عدم تعدد الغرامة بتعدد المسئولية عن الجريمـة 0 وإنمــا يحكــم عليهم جميعا بغرامة واحدة على سبيل التضامن فيما بينهم 0
· ونسبية الغرامة قاصرة على حدها الأقصى دون الحد الأدنى 0 إذ أن الحد الأدنى مقيد بما لا يقل عن ألف جنية 00 وبهذا يهدف المشرع من وراء تحديد الحد الأدنى إلى تحقيق الردع حتى لا يفلت المتهم من العقوبة إذا كانت الفائدة قليلة القيمة أو كانت مما يصعب تقييمها ماليا 0
2- المصــــادرة : وهى العقوبـــة التكميلية الثانية التى قررها المشرع فى جريمة الرشوة 00 بالإضافة أيضا إلى العقوبة الأصلية 0
· وقد قررها المشرع فى المادة 110 من قانون العقوبات والتى نصت على أن [ يحكم فى جميع الأحوال بمصادرة ما يدفعه الراشي أو الوسيط على سبيل الرشوة 0 طبقا للمواد السابقة ] 0
· وعقوبة المصادرة وجوبية وتخضع للقواعد العامة للمصادرة 0 ومن أهم ما تتقيد به أنها لا ترد إلا على مال مضبوط0 ويستلزم ذلك أن يكون هناك ثمــة مال ســلمه الراشي أو الوسيط للمرتشي 0 ولكن لا يكفى التسليم للمصادرة 0 وانما يتعين أن يعقبه ضبط المال محل التسليم
· أما إذا توقف السلوك الإجرامي عند حالة قبول الوعد أو الطلب فلا محل للمصادرة لعدم تصور التسليم فيهما 0 ولا يجوز للقاضي أن يحدد قيمة الوعد أو الطلب ويقرر مصادرة عقوبة عينية 0 ولا محل للمصادرة كذلك إذا كان المال قد تم استهلاكه أو كان موضوع الرشوة لا قيمة له أو كانت الفائدة غير مالية 0
ثالثا : العقوبات التبعيــــــة:
- طبقــا للمـــادة 25 من قانون العقوبات 0 يترتب على الحكم بعقوبة الرشوة باعتبارها جناية 0 حرمان المحكوم عليه من الحقوق والمزايا المحددة فى هذه المادة 00 فيعزل من وظيفته وتسقط عنه العضوية النيابية العامة أو المحلية ولا تقبل شهادته أمام القضاء إلا على سبيل الاستدلال 00 إلى أخر ما ورد بهذه المادة 0
رابعـــا : تشديـــد عقوبة الرشـــوة :
§ أتجه المشــــرع المصري نحو تشديد عقوبة الرشـــوة فى حالتين هما :
الأولى : هى ما نصت عليه المادة 104 من قانون العقوبات 0 من مضاعفة مقدار الغرامة لتصبح ألفى جنية كحد أدنى 000 وضعف قيمة ما أعطى أو وعد به كحد أقصى 000 وذلك إذا كان الغرض من الرشوة الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو الإخلال بواجباتها 000 ويقتصر نطاق التشـــديد فى هذه الحالـــة على عقوبـــة الغرامـة ولا ينصرف إلى غيرها من العقوبات الأصلية أو التكميلية أو التبعية 000
الثانية : إذا كان الغرض من الرشوة إرتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد من العقوبة المقررة للرشوة 0 فيعاقب الراشي والمرتشى والوسيط بالعقوبة المقررة لذلك الفعل مع الغرامات المقررة للرشوة " م 108 عقوبات " 0
§ والمجال المتصور لهذه العقوبة المشددة لجريمة الرشوة – هو أن يكون الغرض من الرشوة
عمل الموظف العام على إرتكاب جريمة من جرائم الاعتداء على امن الدولة من جهة الخارج المعاقب عليها بالأعلام 0
خامسا : موانع العقــــاب :
- تنص المــادة 107 من قانــون العقوبات على حالتين يعفى منهما الراشي أو الوسيط من العقوبة 000 وذلك نظرا لما يؤديه الجاني فى هاتين الحالتين من خدمة تساعد فى كشف الجريمة والتعرف على مرتكبها أو إثباتها ضده 0 ويرجع ذلك إلى خطورة الجريمة من ناحية – وإلى صعوبة كشفها وإثباتها من ناحية أخرى 0
§ والحالتان التى يمتنع فيهما العقاب وفقا لنص المادة 107 مكرر عقوبات هما 0
[1] إخبار السلطات بالجريمة :ـ
ويقصد به الإبلاغ عن الجريمة 0 ويشترط وقوع الجريمة وان يكون خبرها لازال مجهولا لـــدى السلطات المختصة 0 فيكون بهذا الإخباراً والإبلاغ فضـــل فى تمكين السلطات من كشف الجريمــة 0 ومن ثم ينبغي أن يكون الأخبار سـابقا على اكتشاف السلطات للجريمة أو علمها به 0
§ كما يجب أن يكون الأخبار عن الجريمة مفصلا ومتضمنا جميع عناصر الجريمة وظروفها والأدلة عليها 0
[2] الاعتراف بالجريمة :ـ
- ويقصــد به إقرار المتهم على نفسه بارتكاب الوقائع المكونة للاشتراك فى جريمة الرشوة 0
ـ وقد اعتبر المشرع المصري أن الاعتراف بالجريمة مانعا للعقاب لكل من الراشي والوسيط 000 وعلة ذلك هو توفير الدليل على ثبوت الجريمة ونسبتها إلى الموظف المرتشي 000 حتى يتسنى حماية جهة الإدارة من موظفيها الذين يتاجرون بالوظيفة العامة 0
- ويتعين أن يكون الاعتراف صادقاً ومفصلا وشاملاً لكل وقائع الجريمة وظروفها بحيث يكون صادراً بنية مساعدة السلطات حتى يكون صاحبه جديراً بالإعفاء من العقاب 0
المطلب السادس
جريمة عرض الرشوة دون قبولها :
تمهيد :
نصت المادة 109 مكرر من قانون العقوبات على انه [ من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنية ولا تزيد على ألف جنية وذلك إذا كان العرض حاصلا لموظف عام0 فإذا كان العرض حاصلا لغير موظف عام تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن سنتين أو غرامة لا تجاوز مائتي جنيه ] 0
- فقد رأى المشرع وجوب تجريم السعى نحو إرشاء الموظف وإفساد ذمته وذلك بعرض الرشوة عليه 0000 ولم تكن القواعد العامة بدون نص المادة 109 مكرر لتؤدى إلى هذه النتيجة 0 طالما أن الجريمة التى أراد الراشي الاشتراك فيها لم تقع قانونا 0000
ـ لذلك اتجه المشرع إلى تجريم عرض الرشوة دون قبولها إذ يعد ذلك بمثابة تحريض للموظف العام على العبث بأعمال وظيفته 000 ولهذا جعلها المشرع جريمة قائمة بذاتها 0
ويتضح من النص السابق أن جريمه عرض الرشوة دون قبولها تتطلب لقيامها توافر ركنيين الأول مادى – والثاني – معنوى 0
أولا : الــركن المـــادى :
يتمثل الركن المادي لهذه الجريمة فى سلوك إجرامي يصدر عن الراشي أو الوسيط – ينطوي على عرض فائدة معينة على الموظف بقصد أدائه عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عن أدائه أو الإخلال بواجبات وظيفته فلا يقبلها منه الموظف 0000 وبذلك فان تحقق هذا الركن مرهون بتوافر عنصرين هما :1 - عرض الرشوة 2- عدم قبولها 0
1 - عرض الرشوة :
ý يتحقق عرض الرشوة بسلوك إيجابي من جانب صاحب الحاجة أو من يمثله 0 ينطوي على محاولة أفساد ذمة الموظف بتقديم عطية إليه أو وعده بها مقابل إخلاله بواجبات وظيفية كما رأينا 0
ý ويتم العرض بأية وسيلة تفصح عنه 0 فقد يكون شفاهة أو كتابه ، صريحا أو ضمنيا 000
ý ويشترط فى العرض أن يكون جديا تتوافر فيه مقومات إحداث النتيجة المقصودة وهى إفساد ذمة الموظف بإغرائه على أخذ العطية أو قبولها 0
2 - عدم قبول الرشوة :
ý يتطلب القانون لقيام هذه الجريمة توافر عدم القبول من جانب الطرف الأخر وهو ما يميز هذه الجريمة عن جريمة الرشوة .
ý ويتحقق عدم القبول أما بان يرفض الموظف العرض مباشرة أو قد يتظاهر بالقبول غير الجدى من اجل مساعدة السلطات العامة على ضبط الجريمة .
ثانياً : الركن المعنوى :
تعد هذه الجريمة عمدية يتعين لوقوعها توافر القصد الجنائى لدى الجانى . وذلك باتجاة إرادته الى عرض الرشوة على الموظف لحمله على قبولها من اجل تحقيق أحد الأغراض المنصوص عليها فى مواد الرشوة مع علمه بذلك ولا يعتد بالباعث الذى حمل الجانى على عرض الرشوة سواء كان مشروعاً أو غير مشروع .
العقوبة :
فرق القانون بين حالتين فى تحديد العقوبة :
الحالة الأولــــى : إذا كان عرض الرشوة على موظف عام أو من فى حكمه ففى هذه الحالة تكون العقوبة السجن وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنية ولا تزيد على ألف جنية .
الحالة الثانية : إذا كان العرض حاصلاً لغير الموظف العام .. تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن سنتين أو غرامة لا تجاوز مائة جنية .
المبحث الثاني
اختلاس المال العام
تمهيد :
نصت المادة 112من قانون العقوبات على انه " كل موظف عام اختلس اموالا أو أوراقا أو غيرها وجدت فى حيازته بسبب وظيفته يعاقب بالسجن المشدد ... "
وتكون العقوبة السجن المؤبد فى الأحوال الآتية :
أ- إذا كان الجانى من مأمورى التحصيل أو المنتدبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة .
ب- إذا ارتبطت جريمة الاختلاس بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة .
ج- إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادى أو بمصلحة قومية لها .
علة التجريم : تنطوى هذه الجريمة على اعتداء على المال العام . وكذلك الاعتداء على الوظيفة إذ أن المال فى حيازة الموظف بسبب هذه الوظيفة كما أن الفعل ينطوي على خيانة الثقة التى أولتها الدولة للموظف العام حين عهدت إليه حيازة هذا المال بسبب وظيفته .
وقد أراد المشرع بذلك حماية واجب الأمانه والثقة والنزاهة فى الموظف العام حتى يتسنى لجهة الإدارة القيام بالوظيفة المنوطة بها .
وقد سوى المشرع فى هذا الشأن بين الأموال العامة والأموال الخاصة التى توجد فى حيازة الموظف بسبب وظيفته بالنسبة لفعل الاختلاس إذ أن هذه الجريمة تمثل نوعا من خيانة الأمانة يقع من موظف عام على مال وجد فى حيازته ومؤتمن عليه بحكم وظيفته وليس من شك فى إن اقتراف الموظف لهذه الجريمة يمثل إخلالا بواجب الثقة والأمانة ويؤثر على حسن سير العمل بالوظيفة العامة .
ويتضح مما سبق أن جريمة الاختلاس طبقا لنص المادة 112 عقوبات تقوم على أركان أربعة هى .
1. صفة الجانى .
2. محل الجريمة .
3. الركن المادى " فعل الاختلاس "
4. الركن المعنوى " القصد الجنائى .
وسوف نتناول فيما يلى دراسة أركان هذه الجريمة .
1. صفة الجانى : يتطلب المشرع أن يكون الجانى فى جريمة الاختلاس موظفا عاما أو من فى حكمة طبقاً لنص المادة 119 مكرر من قانون العقوبات .... وقد توسع المشرع فى هذه المادة فى تحديده للمقصود بالموظف العام وذلك استكمالا لخطته فى توسيع نطاق التجريم فيما يتعلق باختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر ولذلك نص على أن المقصود بالموظف العام فى تطبيق أحكام هذا الباب .
أ- القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون فى الدولة ووحدات الإدارة المحلية .
ب- رؤساء وأعضاء المجالس ووحدات التنظيمات الشعبية وغيرهم ممن لهم صفة نيابية عامة سواء كانوا منتخبين أو معينين .
ج- أفراد القوات المسلحة .
د- كل من فوضتة إحدى السلطات العامة فى القيام بعمل معين وذلك فى حدود العمل المفوض فيه .
ه- رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين فى الجهات التى اعتبرت أموالها أموالا عامة طبقاً للمادة 119 عقوبات .
و- كل من يقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة بناء على تكليف صادر إليه بمقتضى القوانين أو النظم المقررة وذلك بالنسبة للعمل الذى يتم التكليف فيه .
ويستوى أن تكون الوظيفة أو الخدمة دائمة أو مؤقتة باجر أو بغير اجر طواعية أو جبراً .
ويجب أن تتوافر صفة العمومية للوظيفة وقت أرتكان الجريمة فإذا ما توافرت صفة الموظف العام فى الجانى طبقاً للتحديد المتقدم وقت ارتكاب الفعل تحققت الجريمة ولو انتهت خدمته أو زالت صفته بعد ذلك .
وقد نصت المادة 112 عقوبات على تشديد العقاب الى السجن المؤبد إذا كان الجانى ينتمي الى الطوائف المحددة فى النص – أو إذا ارتبطت الجريمة بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور – أو إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها نتائج معينة .... وفيما يلى نتناول بإيجاز الحالات السابقة .
أ- إذا كان الجانى من مأمورى التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة .
1. مأمور التحصيل : هو كل موظف مكلف طبقا للقوانين أو اللوائح بتحصيل أموال لحساب الدولة .
2. مندوب التحصيل : كل موظف يقوم بتحصيل الأموال نيابة عن مأمور التحصيل . مثال ذلك مساعد الصراف أو كانت الجلسة بالنسبة لتحصيل الغرامات.
3. الأمين على الودائع : هو كل موظف يختص بحفظ وصيانة الأموال المملوكة للدولة أو للأفراد ... اى الموظف المؤتمن بحكم وظيفته على مال معين .... مثال ذلك وكيل مكتب البريد وأمين المكتبة الحكومية .... وأمناء المخازن بالجهات التابعة للدولة .
4. الصراف : هو كل موظف مكلف باستلام أموال وحفظها وصرفها فى الأوجة التى حددها القانون .. مثال الموظف المختص بصرف المرتبات أو المعاشات فى المصالح الحكومية .
ب- إذا ارتبطت جريمة الاختلاس بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطا لا يقبل التجزئة .
ج- إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادى .
د- محل الجريمة : يتعين أن يكون موضوع الجريمة أموالا أو أوراقا أو غيرها وجدت فى حيازة الموظف بسبب وظيفته .
أولا : طبيعة الأموال التى تكون محلا لجريمة الاختلاس .
§ يجب أن يكون محل الجريمة أموالا أو أوراقا أو غيرها وجدت فى حيازة الموظف بسبب وظيفته .
§ ويقصد بالأموال أو الأوراق أو غيرها كل "مال " اى كل شئ يصلح محلا لحق من الحقوق .
§ ويتبين من عبارة النص أن المال المقصود هو المال المنقول ويتسع معنى المنقول ليشمل فضلا عن المنقول وفقا لتحديد القانون المدني " العقار بالتخصيص ، والعقار بالاتصال "
§ ونصت المادة 119 عقوبات على أن المقصود بالأموال العامة فى تطبيق أحكام الباب الرابع المتعلق باختلاس المال العام والعدوان علية والغدر – هو ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات التى حدتها المادة أو خاضعا لإشرافها أو لإدارتها وهذه الجهات هى :
أ- الدولة ووحدات الإدارة المحلية .
ب- الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام .
ج- الاتحاد الاشتراكى والوحدات التابعة له " وهى فقره انتقى مبررها بعد إلغاء الاتحاد الاشتراكى .
د- النقابات والاتحادات .
ه- المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام .
و- الجمعيات التعاونية .
ز- الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشات التى تساهم فيها إحدى الجهات المشار إليها في الفقرة السابقة .
ح- أية جهة أخرى ينص على اعتبار أموالها من الأموال العامة ,
ثانياً : وجود المال في حيازة الموظف بسبب وظيفته .
يفترض هذا العنصر توافر شرطين .
الشرط الأول : أن يكون المال في حيازة الموظف الناقصة .
الشرط الثانى : أن يكون ذلك بسبب وظيفته .
2. الركن المادى " فعل الاختلاس "
يقوم الركن المادى لهذه الجريمة بفعل الاختلاس ويتحقق ذلك بكل سلوك يعبر عن تغير نية الموظف واتجاه إرادته الى تملك ما يحوزه من مال بسبب وظيفته .
ويتوافر الاختلاس قانونا بان يضيف الجانى مال الغير إلى ملكه ويتحقق ذلك عملا عندما يباشر المختلس على المال سلطات لا تدخل إلا في نطاق سلطات المالك .
كما أن جوهر الاختلاس هو تغيير نية المتهم من الحيازة الناقصة إلى الحيازة الكاملة .
ويتضح من ذلك أن هناك ارتباطا بين فعل الاختلاس ونية التملك وقد عبرت محكمة النقض عن هذا المعنى في تعريفها للاختلاس بأنه " تصرف الجانى في المال الذى بعهدته على اعتبار انه مملوك له "
فالاختلاس ليس فعلا ماديا محضا وليس نية داخلية بحته وإنما هو عمل مركب من فعل مادى يتمثل في الظهور على الشئ بمظهر المالك . تدعمه نية داخلية هى نية التملك .
ومثال ذلك أن يسحب الموظف المال العام من الخزانة ويودعه باسمة في احد المصارف أو يدعى انه لم يتسلم المال . أو يرهن المال أو يعرضه للبيع .
أما إذا كان سلوك الجانى غير معبر بصورة قاطعة عن تغير نيته من حيازة الشئ حيازة ناقصة أو مؤقتة إلى حيازته بنية تملكه فانه لا قيام لجريمة الاختلاس ومثال ذلك ظهور العجز في حسابات الموظف إذ يجوز أن يكون ذلك ناشئا عن خطا في العمليات الحسابية أو راجعاً لإهماله أو لسبب خارج عن إرادته .
3. الركن المعنوى " القصد الجنائى .
تعتبر جريمة اختلاس المال العام من الجرائم العمدية التى يتعين لقيامها توافر القصد الجنائى .. وهو يتكون من عنصرى العلم والإرادة .
فيجب أن يعلم الجانى بصفة المال وكونه في حيازته بسبب الوظيفة وان هذا المال مملوك للغير ... وان تتجه إرادته إلى تملك هذا المال وحرمان مالكة منه . اى بانصراف نيته إلى التصرف في هذا المال محل الاختلاس تصرف المالك . إما بإضافته إلى ملكه والظهور عليه بمظهر المالك أو عرضه للبيع أو رهنه .... الخ .
فإذا جهل المتهم أن المال في حيازته الناقصة كما لو اعتقد أن هذا المال جزء من مرتبة الذى وضعه مع النقود والمؤتمن عليها في خزانه واحدة . أو اعتقد ان المال في حيازته الناقصة لسبب لا يتعلق بوظيفته كما لو ظن أن صاحب المال قد أعطاه له كوديعة خاصة فلا يتوافر القصد الجنائى في كل هذه الحالات .
ولا يكفى لتوافر الركن المعنوى في جريمة الاختلاس " القصد العام " بل يلزم القانون توافر القصد الخاص أيضا هو نية تملك المال المختلس .. اى نية المتهم إنكار حق الدولة على المال ونيته أن يمارس عليه جميع سلطات المالك .
ومتى وجد القصد الجنائى العام والخاص تحققت الجريمة بصرف النظر عن الباعث في الاختلاس ... وان كان يدخل في تقدير العقوبة .
4. عقوبة جريمة اختلاس المال العام
1. العقوبة الأصلية : وهى عقوبة السجن المشدد طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة 112 عقوبات .
وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا انطبقت على الجانى إحدى الحالات الثلاث التى تشدد فيها العقوبة طبقا للفقرة الثانية ... وقد سبق ذكر هذه الحالات .
2. العقوبة التكميلية : وقد نصت عليها المادة 118 عقوبات وهذه العقوبات التكميلية وجوبية اى يجب على القاضى الحكم بها وهى :
أ- عزل الجانى من وظيفته أو زوال صفته إن كانت له صفة خاصة .
ب- غرامة مساوية لقيمة ما اختلسه الموظف بشرط ألا تقل عن خمسمائة جنية – وهذه الغرامة نسبية اى إذا تعدد المتهمون التزموا بها على سبيل التضامن .
ج- رد ما اختلسه الجانى – وهذا الرد ليس عقوبة وإنما جزاء مدنى يحكم به كتعويض للمجنى عليه .
3. التدابير التى يجوز الحكم بها : تنص المادة 118 مكرر / ع/ على انه مع عدم الإخلال بالعقوبات السابقة فانه يجوز للمحكمة فضلا عن العقوبات الأصلية والتكميلية سالفة الذكر أن تحكم بكل أو بعض التدابير الآتية :
أ- الحرمان من مزاولة المهنة مدة لا تزيد على ثلاث سنوات .
ب- حظر مزاولة النشاط الاقتصادى الذى وقعت الجريمة بمناسبته مدة لا تزيد على ستة أشهر .
ج- وقف الموظف عن عمله بغير مرتب أو براتب مخفف لمدة لا تزيد عن ستة أشهر .
د- العزل مدة لا تقل عن سنه ولا تزيد على ثلاث سنوات تبدأ من نهاية تنفيذ العقوبة أو انقضائها لاى سبب .
ه- نشر منطوق الحكم الصادر بالإدانة بالوسيلة المناسبة وعلى نفقة المحكوم عليه .
المبحث الثالث
الاستيلاء بغير حق على المال العام
تمهيد :
نصت على هذه الجريمة المادة 113 من قانون العقوبات فى قولها ( كل موظف عام استولى بغير حق على مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة فى المادة 119 عقوبات أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن .
وتكون العقوبة السجن المؤبد او السجن المشدد إذا ارتبطت الجريمة بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطا لا يقبل التجزئة ، أو إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادى أو بمصلحة قومية لها .
وتكون العقوبة والغرامة التى لا تزيد على خمسمائة جنية أو إحدى هاتين العقوبتين إذا وقع الفعل غير مصحوب بنية التملك .
ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها فى الفقرات السابقة حسب الأحوال كل موظف عام استولى بغير حق على مال خاص او اوراقاً او غيرها تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها فى المادة 119 أو سهل ذلك لغيره بأيه طريقة كانت )
ويبدو واضحا من خلال نص المادة السابقة اتجاه نية المشرع نحو التوسع فى نطاق التجريم فشمل بالحماية الجنائية أيضا أموال القطاع العام وغيرها من الجهات المبينة فى المادة 119 عقوبات إلى جانب أموال الحكومة وذلك تحقيقا للسياسة العامة فى مجال التنمية الاقتصادية لذلك وضع الشارع نص الاستيلاء بغير حق لتوقيع العقاب على كل معتد على هذه الأموال .
ويتضح من نص المادة 113 عقوبات أن جريمة استيلاء الموظف بغير حق على المال العام تتطلب لقيامها أركان أربعة :
1. صفة الجاني .
2. محل الجريمة .
3. الركن المادي .
4. الركن المعنوي .
وسوف نتناول دراسة هذه الاركان ... ونشير بعد ذلك العقوبة واجبة التطبيق
1) صفة الجانى : تطلب المشرع صفة الموظف العام فى الجانى ... ويكفى توافر تلك الصفة فى الفاعل الأصلى ولو تعدد المساهمون .
وقد تقدم تحديد المقصود بالموظف العام أو من حكمة من الفئات التى أوردها المشرع فى المادة 119 مكرر من قانون العقوبات وذلك عند التحدث عن صفة الجانى فى جريمة الاختلاس . اذ أن الجريمتين تتفقان فيما يتعلق بتحديد مدلول الموظف العام .
2) محل الجريمة ( المال المستولى عليه الذى يكون محلا لجريمة الاستيلاء .
يتطلب القانون أن يكون موضوع هذه الجريمة مالا عاما فى المدلول الذى حددته المادة 119 من قانون العقوبات أو ان يكون مالا خاصا تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها فى المادة 119 .
وبذلك يأخذ المال محل الجريمة إحدى صورتين .
الأولى : أن يكون المال مملوكا لإحدى الجهات المبينة فى المادة 119 عقوبات وقد سبق بيان معنى المال الذى حددته هذه المادة عند دراسة محل الجريمة فى جريمة الاختلاس .
الثانية: أن يكون المال خاصا ولكنه موجود تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها فى المادة 119 عقوبات ايضاً .
ولم يتطلب المشرع فى جريمة الاستيلاء توافر رابطة معينة بين الموظف العام وبين المال موضوع الاستيلاء أو التسهيل فلا يشترط أن يكون المال قد سلم للموظف بحكم وظيفته كما لا يستلزم أن تكون مباشرة الوظيفة هى التى سهلت الاستيلاء على المال العام أو وقوع الجريمة .
ويعد هذا الشرط الفاصل بين هذه الجريمة ومجال جريمة اختلاس المال العام .
3) الركن المادى : يتخذ الركن المادى فى هذه الجريمة إحدى صورتين .
أولا : الاستيلاء بغير حق على المال العام .
ثانياً : تسهيل ذلك للغير .
الصورة الأولى : الاستيلاء بغير حق على المال العام .
ويقصد بالاستيلاء كل اعتداء على ملكية المال العام فى أى عنصر من عناصر هذا الحق وبأى وسيلة من شانها تحقيق هذا الاعتداء .
وتتحقق الجريمة بانتزاع الموظف للمال خلسة أو عنوه أو بطريق الحيلة .. وضمه إلى ملكه أو الحصول عليه لمجرد الانتفاع به ثم ردة عينا على وجه غير مشروع .
ويتحقق الاستيلاء سواء كان المال فى حيازة الموظف بسبب وظيفته أو كان المال فى حيازته بسبب أخر غير الوظيفة أو أن يكون فى حيازة أخرى .
إلا انه فى حالة ما إذا كان المال فى حيازة الموظف بسبب وظيفته فان جريمة الاستيلاء لا تقوم إلا إذا استولى الموظف على المال بنية الانتفاع به فحسب ... ذلك انه إذا استولى على المال بنية التملك فان فعله يدخل فى نطاق جريمة الاختلاس طبقاً لنص المادة 112 عقوبات .
ولم يحدد المشرع وسيله معينه يتم بها الاستيلاء – فقد يتم الاستيلاء عن طريق استخدام العنف والتهديد إزاء من يحوز المال وذلك لإكراه الأخير على تسليم المال للجانى .
وقد يلجا الجانى إلى اتخاذ الطرق الاحتيالية للحصول على المال المطلوب بدون وجه حق والذى يتواجد فى حيازة الغير مثال أن يقدم الجانى استمارة يزعم فيها قيامه بعمل لحساب الدولة وانه يستحق عليه مكافأة بينما فى حقيقة الحال لم يؤد اية أعمال يستحق عنها تلك المكافأة
الصورة الثانية : تسهيل الاستيلاء للغير .
فى هذه الصورة يستغل الموظف سلطات وظيفته من اجل مساعدة الغير فى الاستيلاء على المال العام .
ويتحقق ذلك بكل سلوك يصدر من الموظف بقصد تمكين الغير من الاستيلاء على المال ... مثال ذلك أن يتعمد حارس مخزن حكومى ، ترك باب المخزن مفتوحا لتمكين أحد الأفراد من سرقة بعض الأدوات أو المهمات المحفوظة به .
والغير الذى سهل له الموظف الاستيلاء إذا كان من الموظفين العموميين أو من فى حكمهم طبقا لنص المادة 119 مكرر من قانون العقوبات فانه يسال عن جريمة الاستيلاء باعتباره فاعلا أصليا فى الجريمة وإذا لم يكن كذلك فانه يسال كشريك فى الجريمة مع الموظف .
4. الركن المعنوى " القصد الجنائى "
يتخذ الركن المعنوى فى هذه الجريمة صورة القصد الجنائى بعنصرية ( العلم – والإرادة ) وهى جريمة عمديه لا يكفى لتحققها توافر الخطأ ولا يكفى توافر القصد العام لتحققها وإنما يجب أن يتوافر إلى جانبه القصد الخاص .
ويتمثل القصد العام فى جريمة الاستيلاء فى اتجاه إرادة الموظف إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة وانصراف علمه إلى جميع عناصرها فيجب أن يكون عالما بصفته كموظف عام وان يعلم بان المال محل الجريمة مال عام أو مال خاص موجود تحت يد إحدى الجهات الواردة بالمادة 119 عقوبات وان يعلم بأنه لاحق له فى الاستيلاء على هذا المال فإذا انتقى العلم أو الإرادة على النحو المتقدم أو انتفينا معا فلا تقوم الجريمة .
ويتطلب المشرع إلى جانب القصد العام قصداً خاصاً متمثلا فى نية التملك .
5. ويتخذ القصد الخاص فى الجريمة الاستيلاء إحدى صورتين هما :
أ- أن تتجه نية الجانى إلى تملك المال بحيث يباشر عليه سلطات المالك وفى هذه الحالة تكون الجريمة جناية .
ب- أن تتجه نية الجانى ليس إلى تملك المال وإنما مجرد الانتفاع به ثم رده .
وقد رتب المشرع على اختلاف النية فى الحالتين السابقتين اختلافا جوهرياً فى العقوبة كما يلى .
عقوبة جريمة الاستيلاء
ميز المشرع فى العقاب على الجريمة بين الاستيلاء المصحوب بنية التملك والاستيلاء غير المصحوب بنية التملك .
أ- توافر نية التملك :
1. العقوبة الأصلية :وهى عقوبة السجن المشدد أو السجن .
2. العقوبة التبعية والتكميلية والتدابير : نصت المادة 118 من قانون العقوبات على هذه العقوبات والتى يحكم بها عند الحكم بإدانة الموظف فى جناية الاستيلاء أو التسهيل وهذه العقوبات هى :
§ عزل الجانى من وظيفته أو زوال صفته .
§ رد الأموال والأشياء موضوع الاستيلاء أو التسهيل .
§ غرامة مساوية لقيمة ما استولى عليه أو سهل الاستيلاء عليه للغير على إلا تقل عن خمسمائة جنية .
ويجوز للمحكمة فضلا عن ذلك الحكم بكل أو بعض التدابير المنصوص عليها فى المادة 118/ مكرر عقوبات .... وقد سبق دراسة هذه التدابير عند التحدث عن عقوبة الاختلاس .
تشديد العقوبة :
نص المشرع على ظرفين لتشديد عقوبة الاستيلاء المصحوب بنية التملك وذلك فى الفقرة الثانية من المادة 113 من قانون العقوبات لتصبح السجن المشدد او المؤقت وهما .
1. إذا ارتبطت جريمة الاستيلاء بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطا لا يقبل التجزئة .
2. إذا ارتكبت الجريمة فى زمن الحرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادى أو بمصلحة قومية لها .
وذلك فضلا عن العقوبات الأخرى التكميلية والتدابير وفقا للقواعد التى اشرنا اليها فيما سبق .
موانع العقاب .
رغبة من المشرع فى الكشف عن جرائم الاختلاس والاستيلاء لاسيما وإنها لا تصل إلى علم السلطات إلا بعد وقت طويل من البحث عن مرتكبيها .
لذلك ذهب إلى تقرير أسباب للإعفاء من العقاب من شانها التشجيع على الإبلاغ عن الجريمة فنص فى المادة 118/ب/ مكرر / من قانون العقوبات على انه :
( يعفى من العقوبات المقررة للجرائم المنصوص عليها فى هذا الباب كل من بادر من الشركاء فى الجريمة من غير المحرضين على ارتكابها بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية بالجريمة بعد تمامها وقبل اكتشافها.
ويجوز الإعفاء من العقوبات المذكورة إذا حصل الإبلاغ بعد اكتشاف الجريمة وقبل صدور الحكم النهائى فيها .
ولا يجوز إعفاء المبلغ بالجريمة من العقوبة طبقاً للفقرتين السابقتين فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 112 ، 113 ، 113 مكرر إذا لم يؤد الإبلاغ إلى رد المال موضوع الجريمة ..
ويجوز أن يعفى من العقاب كل من أخفى مالا متحصلا من إحدى الجرائم المنصوص عليها فى هذا الباب إذا ابلغ عنها وأدى ذلك إلى اكتشافها ورد كل أو بعض المال المتحصل عنها .
وهذا الإعفاء قد يكون وجوبياً إذا كان الشريك غير المحرض قد بادر بإبلاغ السلطات بالجريمة بعد تمامها وقبل اكتشافها .
وقد يكون جوازيا إذا حصل الإبلاغ بعد اكتشاف الجريمة وقبل صدور الحكم النهائى فيها .
المبحث الرابع
الغدر
تمهيد :
استهدف المشرع حماية الأفراد والدولة من شر استغلال الموظف العام لوظيفته ...وتجلت حمايته للأفراد من هذا الاستغلال في جريمة الغدر التي نصت عليها المادة 114 من قانون العقوبات والتي تعاقب الموظف العام إذا استغل وظيفته فطلب أو اخذ ما ليس مستحقا من الأعباء المالية العامة الملقاة على عاتق الأفراد
· فنصت المادة 114 من قانون العقوبات على أن "كل موظف عام له شان في تحصيل الضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات أو نحوها... طلب ما ليس مستحقا أو ما يزيد عن المستحق مع علمه بذلك يعاقب بالسجن المشدد أو السجن "
· ويحمى المشرع بهذا النص حقوق الأفراد على أموالهم إزاء استبداد بعض العاملين باسم الدولة.. كما يحمى بهذا النص النظام الديمقراطي في واحد من أهم مبادئه . وهو مبدأ "لا ضريبة إلا بقانون " وهذا المبدأ نصت عليه المادة 119 من الدستور في قولها ( انشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون ولا يعفى أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون . ولا يجوز تكليف احد أداء غير ذلك من الضرائب والرسوم إلا في حدود القانون ) وقد وضعت المادة 114 من قانون العقوبات الحماية الجنائية لهذا المبدأ..
الفرق بين جريمة الغدر وجريمة الرشوة
على الرغم من وجود التشابه بين هاتين الجريمتين من حيث استغلال الجاني لوظيفته لكي يحصل من أفراد على مال غير مستحق فأنه يمكن التمييز بينهما من عدة وجوه .
· فمن حيث النطاق المادي نجده يقتصر في جريمة الغدر على صورتي الطلب والأخذ .. بينما يتسع في جريمة الرشوة ليشمل فضلا عن هاتين الصورتين صورة القبول
· ومن حيث المقابل نجد الرشوة تستهدف دائما تلقى مقابل للجعل يتمثل في قيام الموظف المرتشي بعمل من أعمال وظيفته أو بالامتناع عن عمل من أعمالها أو بإخلال بواجب من واجباتها ..... بينما الغالب الا يكون لحصول الموظف على ما لا يستحق في جريمة الغدر أى مقابل
· ووجه الخلاف بين الجريمتين يكمن في السند الذي يدعيه الموظف لتبرير الحصول على المال من الأفراد.. فإذا تذرع بالقانون مدعيا أنة يلزم به فالجريمة غدر ... أما أذا طلب المال مقابل قيامة بعمل أو امتناع أو إخلال بواجبات وظيفته.. اعتبرت الجريمة رشوة .
· وللتفرقة بين جريمتي الغدر والرشوة أهمية كبيرة . ففيما يتعلق بالموظف تكون عقوبته اذا كانت الجريمة غدرا اخف من عقوبته إذا أدين في رشوة .
· كما أن مقدم المال في الجريمتين مختلف.. فيعاقب في جريمة الرشوة باعتباره راشيا . في حين يعتبر مقدم المال في جريمة الغدر " مجني عليه " ومن ثم لا عقاب عليه.
· وتقوم جريمة الغدر على أركان ثلاثة " صفة الجاني والركن المادي .. ثم الركن المعنوي..
1. صفة الجاني :. لا تقع هذه الجريمة إلا من موظف عام أو من في حكمة.. ويتعين كذلك أن يكون له شأن في تحصيل الأعباء المالية العامة. والذي عبر عنها المشرع " بالضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات "
· ولا يشترط أن يكون التحصيل اختصاصه الوحيد ... بل لا يشترط أن يكون اختصاصه الرئيسي .. ولا يلزم أن تكون وظيفة الجاني هي التحصيل بنفسه.. بل يكفى أن يكون له شأن فيه كالإشراف عليه أو المساهمة فيه ويتحدد اختصاص الموظف بالتحصيل أو المساهمة فيه وفقا للقوانين واللوائح أو الأوامر الكتابية أو الشفوية للرؤساء
2. الركن المادى :. يتوافر الركن المادي بطلب أو اخذ ما ليس مستحقا أو ما يزيد على المستحق .. ولم ينص القانون على حاله القبول .
وتعتبر الأعباء المالية غير مستحقة في ثلاث صور هي :.
الصورة الأولـــــى :.إذا كان القانون لا يجيز تحصيلها بناء على السند الذي يستند إلية الموظف في التحصيل
الصورة الثانية :. إذا كانت مما يجيز القانون تحصيلها في وقت أخر خلافا للوقت الذي قام فيه الموظف بالطلب أو الأخذ .
الصورة الثالثـــة :. إذا كانت القانون يجيز تحصيلها بقدر يقل عما طالب به الموظف.. اى أنها تزيد على المستحق قانونا .
و لا يتطلب القانون حصول الموظف على مغنم لوقوع الجريمة . فإذا ورد إلى الخزنة العامة كل ما حصله على وجه غير مشروع فهو يرتكب هذه الجريمة.. ولا يحول كذلك دون وقوع هذه الجريمة رضاء المجني عليه بأداء ما يزيد على المستحق .
ويتعين أن يكون موضوع الطلب أو الأخذ منصبا على العبء المالي العام .. وقد ذكره الشارع على سبيل المثال . ويتمثل في الضريبة والرسم والعوائد والغرامة.
فإذا تجرد المال موضوع الطلب أو الأخذ من طابع العبء المالي العام فأن جبايته غير المشروعة لا تعد عذرا . وتطبيقا لذلك فأن الموظف الذي يحصل من الدولة على مبلغ يزيد على ما يستحقه من مرتب أو مكافأة لا يرتكب عذرا.
3. الركن المعنوي :. يتخذ الركن المعنوي في جريمة الغدر صورة القصد الجنأئى فيتعين أن تتجه إرادة الجاني إلى طلب أو اخذ ما ليس مستحقا . مع علمه بأنه غير مستحقه أو انه يزيد على ما يستحقه.. وقد تطلبه الشارع صراحة في قولة ... مع علمه بذلك
فإذا جهل الموظف أن المبلغ الذي طالب به ليس مستحقا أو ما يزيد على عما يستحقه. انتفى القصد الجنائي .. ويكفى لتوافر القصد الجنائي أن تتجه إرادة الجاني إلى طلب أو أخذ غير المستحق ولو لم تتجه نيته إلى الاستيلاء على غير المستحق...
ولا عبره بالبواعث .. فالقصد الجنائي يتوافر و لو كان الباعث على الجريمة هو زيادة إيرادات الدولة .. طالما كانت هذه الزيادة غير مشروعة وثمرة استغلال الموظف لوظيفته .
عقوبة جريمة الغدر
عقوبة الغدر هي السجن المشدد أو السجن ويوقع بالإضافة إلى ذلك العزل أو زوال الصفة والغرامة النسبية كما يلزم المتهم كذلك بالرد .
المبحث الخامس
التربح
تمهيد :
نصت على جريمة التربح المادة 115 من قانون العقوبات في قولها " كل موظف عام حصل أو حاول أن يحصل لنفسه أو حصل أو حاول أن يحصل لغيره ... بدون وجه حق على ربح أو منفعة من عمل من أعمال وظيفته يعاقب بالسجن المشدد .
علة التجريم :. ترجع علة التجريم في جريمة التربح إلى رغبة المشرع في حماية المصلحة العامة من الخطر الذي يتهددها إذا استغل الموظف وظيفته للحصول أو محاولة الحصول لنفسه أو لغيرة بدون وجه حق على ربح أو منفعة... وذلك تقديرا من المشرع على أن تحقيق أو محاوله تحقيق هذا الهدف الخاص عن طريق العمل الوظيفي سيكون على حساب التضحية بالمصلحة العامة أو تهديدها بالخطر .
ففي هذه الجريمة يتمثل استغلال الوظيفة العامة من خلال العمل على تحقيق مصلحة خاصة من ورائها .. فهناك تعارض لا شك فيه بين المصلحة الخاصة التي قد يستهدفها الموظف العام لنفسه أو لغيره ومن المصلحة العامة المكلف بالعمل من اجلها ورعايتها .
كما أن الموظف في هذه الجريمة يستغل وضعه الوظيفي الذي يجعله يدخل مع جمهور المقاولين والموردين في منافسة غير متكافئة إذ يستطيع بفضل ما لديه من معلومات وظيفية أن يتفوق عليهم دون سند مشروع .
أركان الجريمة :. يقتضى تحقق هذه الجريمة توافر أركان ثلاثة هي صفة الجاني والركن المادي ثم الركن المعنوي
أولا : صفه الجاني : يتعين أن يكون الجاني في هذه الجريمة موظفا عاما كما يتعين أن يكون مختصا بالعمل الذي حصل أو حاول أن يحصل منه على ربح أو منفعة .
ولا أهمية لنوع الأعمال المكلف بها بوصفه موظفا عاما كما لا يشترط أن يكون مكلفا بالقيام بجميع أعمال الوظيفة التي تربح منها بل يكفى أن يكون له نصيب منها مهما كان ضئيلا .
فيعتبر مرتكبا للجريمة المهندس الذي يشغل وظيفة عامة ويتربح من عملية أنشاء مبنى للدولة أو رصف طريق . إذا كان له اختصاص ما في هذه العملية وكذلك معاون المدرسة أو الموظف المختص بالمستشفى الذي يتربح من عملية توريد الأغذية اللازمة للمرفق الذي يعمل به أو توريد مستلزمات العمل بهذا المرفق
فإذا إنتفت هذه الصفة عن الجاني فلا يرتكب هذه الجريمة ولو حصل لنفسه أو لغيرة على ربح
ثانيا : الركن المادي : يقوم الركن المادى للجريمة بكل فعل حصل به الجاني أو حاول به الحصول لنفسه على ربح أو منفعة من عمل من أعمال وظيفية وبكل فعل حصل أو حاول أن يحصل لغيرة " دون حق"على ربح أو منفعة من عمل من أعمال وظيفية .
ويتضح بذلك أن الركن المادى في جريمة التربح يتمثل في صورتين :
· الصورة الاولى : حصول الجاني لنفسه على ربح أو منفعة أو محاولته ذلك "دون حق "
· الصورة الثانية : حصول الجاني لغيرة على ربح أو منفعة أو محاولته ذلك .
ففى الصورة الأولى : تقع الجريمة ولو كان ما حصل أو حاول أن يحصل عليه الموظف بحق ومن باب أولى تقع الجريمة لو كان ما حصل عليه بغير حق وعلى ذلك انه لا يجوز للموظف أن يحصل لنفسه على أي منفعة شخصية من أعمال وظيفته أو مجرد المحاولة في ذلك وذلك لأنه يتعين عليه أن يباشر وظيفته متجردا عن أي مصلحة خاصة .
وفى الصورة الثانية : لا تقع الجريمة إلا إذا كان ما حصل عليه الموظف أو حاول الحصول عليه لغيرة " بغير حق " ومعنى ذلك انه يشترط لقيام الجريمة في هذه الحالة أن يكون حصول الموظف على ربح أو منفعة لغيرة أو محاولته ذلك بغير حق ومثال ذلك الموظف الذي يرسى العطاء على شخص لم يكن عطاؤه أفضل العروض التي قدمت للإدارة .
ويستوي أن تكون الفائدة التي حصل عليها الجاني لنفسه أو لغيرة و حاول ذلك مادية أو معنوية ويتضح ذلك من استعمال المشرع لفظ منفعة وتطبيقا لذلك فانه يرتكب جريمة التربح الموظف الذي يعين شخصا في وظيفة أو يرقيه دون استحقاق لذلك
وليس من عناصر الركن المادى أن يصيب المصلحة عامة ضرر أو أن تتعرض لخطر بل أن الجريمة تقوم ولو عاد العمل على مصلحة الدولة بفائدة
ولا يشترط لوقوع الجريمة أن يكون المال موضوع الجريمة مال عاما بل تقع الجريمة ولو كان مالا خاصا طالما أن للدولة شأن به
ثالثا : الركن المعنوي : تعتبر جريمة التربح من الجرائم العمدية التي يقتضى لقيامها توافر القصد الجنائي العام والخاص
ويتطلب القصد العام علم الجاني بأنة موظف وانه مختص بالعمل الوظيفي وعلمه انه من شأنه فعلة تحقيق ربح أو منفعة وعلمه في حاله تحقيق ربح أو منفعة لغيرة أن ذلك بدون حق واتجاه ارادته إلى القيام بهذا الفعل
ويتطلب القصد الخاص اتجاه إرادة الموظف إلى الحصول على ربح أو منفعة سواء لنفسه أو لغيرة
عقوبة التربح
حدد الشارع عقوبة هذه الجريمة فجعلها السجن المشدد ويحكم بالإضافة إلى ذلك بالعزل أو زوال الصفة ويقضى كذلك بالغرامة النسبية والرد وإذا كان فعل المتهم مجرد محاولة الحصول على ربح حددت الغرامة النسبية بقيمة ما كان يحاول الحصول عليه أن أمكن تحديده وإلا قضى بحدها الأدنى ولا محل في هذا الفرص للحكم بالرد