مشاهدة النسخة كاملة : مقالات رمضانية تهم كل مسلم


عمروعبده
19-08-2010, 04:46 AM
أقدم لحضراتكم مجموعة مقالات رمضانية تهم كل مسلم فى شهر الخير شهر القرآن .
وهذه المقالات منقولة للفائدة وكل عام وحضراتكم بخير

حتى لا يضيع رصيد رمضان
للصِّيام أثرُه الواضح على قلب المسلم وعقلِه وحواسِّه، يتجسَّد في الاستقامة الشعوريَّة والفكريَّة والسلوكيَّة التي تغذيها العباداتُ والجوُّ الإيماني، ولئن كانتْ مرضاة الله هي المبتغى في الآخرة، فهي المبتغى في الدنيا أيضًا، وهي غايةٌ يمكن استثمارُ رصيد شهر الصيام لبلوغها، ومن أكبر الغَبَن أن يتناقص هذا الرصيدُ ويتلاشى بعد انقضاء رمضان، إنَّما الوضع الطبيعي اعتبار هذا الشهر محطَّةَ وقودٍ تُجدِّد الطاقةَ لمواصلة السير الحثيث في الطريق إلى الله - تعالى - وشتَّان بين المحطة التي تُعطي الدعمَ القوي، وبين الفترةِ الزمنية التي تنتهي من غير أن تترك أثرًا، أو تُعطي دفعًا.

وينظر المؤمن إلى انقضاء رمضان، فيرى كيف تُطوى الأعمار، وهو لا يدري أيدرك صيامَ العام المقبل، أم يكون في عِداد الموتى تحت أطباق الثَّرى؟ ذلك هو درس الحياة الدنيا: مهما طال العمرُ، فهو قصير، ومهما بدتِ النهاية بعيدةً، فهي في منتهى القرب؛ قال - تعالى -:
{قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ * قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [المؤمنون: 112 - 114].
{كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ} [الأحقاف: 35].
{إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا} [المعارج: 6، 7].

من شأن هذه الفكرة أن تجعل المؤمنَ أكثرَ ذِكرًا للموت، وتعلُّقًا بالآخرة وهو في نشاطه الوظيفي أو السياسي أو التِّجاري، فيمسك عن الشهوات المحرَّمة التي تعجُّ بها الدنيا؛ ليفطر على الطيبات عند رب العالمين، فالجنَّة فيها "ما لا عينٌ رأتْ، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر"، والإمساكُ عن الشهوات له انعكاساته الإيجابيةُ على الفرد والمجتمع؛ لما يُتيحه من ضوابطَ تقلِّل من المعاصي والجرائم، وتوسع دائرةَ الصلاح، وهذا من التحكُّم في النفس الذي يغرسه الصيامُ في النفوس، فيصبح المؤمن ذا شخصيَّة قويَّة تتحلَّى بالصبر بمعناه القرآني الفعال الحي في مجالات العطاء والقبض، والتحرُّك والسكون، والإقبال على الله، والتواصل مع الناس في معترك الحياة، خاصة في زمان تبرج فيه الفجور بكل أشكاله، لا يكون فيه من الصالحين إلاَّ من زكَّى نفسه بألوان من التربية؛ حتى يلجمَ نزواتِها لتستقيم على منهج الله - تعالى.

والحسرة كل الحسرة لمن يتخلَّى عن النفحات الرمضانية، ويكبِّل نفسه بقيود الدنيا، ويَقتل وقتَه وساعاتِ حياته مع باطلٍ ومنكر ولغو يوحي به التوجيهُ العلماني للمجتمع، باقتحام أعماق البيوت من خلال المسلسلات، حيث العري والفضائح المتنوعة، والاستواء على ساحات النشاط السياسي والتجاري والأدبي والفني، من خلال مبدأٍ شيطاني قاتلٍ، يتمثَّل في فصل هذه الأنشطة عن الأخلاق، وتعريتِها من الفضائل؛ حتى لا يبقى فيها موطنُ قدمٍ لأصحاب القيم والاستقامة، وهذا معترك يزاحِم فيه المؤمنُ ويقاوم، بفضل رصيد رمضان الشعوري والفكري والسلوكي، فيصحِّح المفاهيم، ويقوِّم الاعوجاج، ويجسد النموذج الراقي وهو يقف في وجه طوفان الانحرافات العقدية والسلوكية، كيف لا، وقد تعلَّم - وذكَّرتْه تلاواتُ التراويح إن كان قد نسي- أنه محور الكون؟! لأن الله - تعالى - كلَّفه:
• بالخلافة: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30].
• والعبادة: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].
• والعمارة: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61].

فما له ولتضييع الوقت والذوبان في المشاغل التافهة؟! إنما يستصحب نفحاتِ رمضان؛ لإصلاح نفسه وغيره طول السنة، ويغتنم شبابَه قبل هرمه، وصحتَه قبل مرضه، وحياتَه قبل موته، وغناه قبل فقره، ويسدي الخيرَ للناس، فإذا حدَّثتْه نفسه بشيء من الشح، تساءل: إلى متى وهو يأخذ ولا يُعطي، ويفكِّر في نفسه لا في غيره، ويتعلَّق بالدنيا ويتغافل عن الآخرة؟!

إنها رحلة شاقة من غير شك، لكن العاقبة كلها خير؛ {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 40، 41]، ويُساعده في قطع المفاوز، وتجاوز العراقيلِ طولُ صحبةٍ لكتاب الله تلاوةً وتدبُّرًا وتطبيقًا، ومزيدٌ من نوافل الصلاة والصيام والصدقة، ورصيدٌ من الخشوع والدموع في محراب التعبُّد، ومزيدٌ من البذْل والعطاء في دنيا الناس محبةً وخدمة ودعوة، وتحكمًا في اللسان، وأدبًا في الكلام، وحسن معاشرة للأهل والجيران والزملاء والمتعاملين.

بمثل هذه المعاني يستثمر المسلمُ ثمراتِ رمضان الطيبةَ؛ ليستمرَّ في الطاعة، ويتجنَّب الانقطاع والرجوع إلى نقطة الصفر.


عبدالعزيز كحيل

عمروعبده
19-08-2010, 05:03 AM
هل اشتقت إلى رمضان ؟
سؤالاً ينبغي لكل مؤمن ومؤمنة أن يسأله نفسه, ونحن قاب قوسين أو أدنى من غرة الأيام, وشامة زماننا, وأفضل أيام دهرنا – شهر رمضان المبارك – الذي جعل الله فيه من الخيرات ما لم يجعله في غيره, وتفضل به على هذه الأمة المرحومة بعطايا لم يجعلها لأمة سابقة, وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم - وإنا لنرجو الله أن لا يحرمنا خير ما عنده بشر ما عندنا –.


والمؤمن يعلم أن أيام الله تتفاضل, وأزمنته تتباين, وأنه اختار من الأيام والأوقات مافضله على غيرها - ومن أجلها موسم رمضان –.

فلذا كانت النفوس الشريفة تشتاق لرمضان, وتسأل ربها بلوغه, ولكننا في هذه الأزمنة الغابرة التي تسلط فيها حب الدنيا على القلوب, والغفلة عن المواسم المباركة, صارت سمة بارزة عند الكثير, أحببت حث النفوس الغافلة لتستعد لهذا الموسم وتشتاق له.

اعلم رعاك الله أنه لابد لك


أن تشتاق لرمضان لأنك تعلم أنه:

شهر تفُتِّح فيه أبواب الجنة فتستقبل أعمال العاملين, وتفرح باجتهاد المجتهدين, وتسعد بلقاء المخلصين المتاجرين مع ربهم جل وعز, تشتاق لرمضان لأنك تفرح بهذه الجموع المؤمنة وهي تؤم المساجد, وتقصد بيوت الله, تشتاق لرمضان لأنك تفرح بحال المؤمنين وقد صار القرآن أنيسهم وجليسهم, تفرح بحال المؤمنين وقد تآلفت قلوبهم, واجتمعت نفوسهم بعد الشتات.


تشتاق لرمضان لأنك تعلم أنه:

شهر تغُلِّق فيه أبواب النار, فتنال الفرصة للبعد عن الذنوب والمعاصي, والحذر من ناره, فتجد من نفسك النفور من المعصية, والبطئ عنها, وترى من نفسك أن عينك قد كفت عن الحرام, وأذنك قد حُفظت عن الآثام, وكلما دعاك داعي المعصية قلت له: إني أخاف الله.


تشتاق لرمضان لأنك تعلم أنه:

شهر تصُفِّد فيه الشياطين, فلا يخلصون إلى ماكانوا يخلصون إليه قبل, فيقل تسلطهم على العباد, ويُحبس شرهم عن الخلق, وهذا تفسير ما نراه من اندفاع الناس إلى الطاعة ونشاطهم فيها, وقلة وقوعهم في المعاصي, ولكن كم هو الألم يعتصر في الفؤاد لأنه لايزال في الناس من لم يتخلص من تسلط الشيطان عليه, وتسييره له – فهو لايزال مصراً على ترك الصلاة في جماعة, ومصراً على كثير من المعاصي والمحرمات فبصره يسرح ويمرح في النساء, وأذنه لم يكفها بعد عما حرم, والقلب بمتعلق بالملاذ, فليت شعري متى يعود مثل هذا؟

جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا جاء رمضان فُتِّحت أبواب الجنة وغُلِّقت أبواب النار وصُفِّدت الشياطين» متفق عليه.

كيف لا تشتاق لرمضان وهو شهر مغفرة الذنوب وإقالة العثرات, أريدك تتأمل في فضل الله على العباد, ورحمته بهم, وانظر كيف يهيئ لهم مثل هذه المواسم المباركة, والأيام الفاضلة, ليغفر ذنوبهم, ويمحوا سيئاتهم, فما أعظمه من رب رحيم, وما أجله من إله كريم.

جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر»

وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أيضا رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من صام رمضان ايماناَ واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه»

أرأيت هذا الفضل؟!!
وهل تدبرت في هذا العطاء؟!!
ذنوب عمر مضى،،
وعثرات سنين رحلت،،
يغفرها الله بفضل هذه الطاعات..
أبعد هذا لا تشتاق لرمضان؟!!
آلا ترجوا نيل هذه المغفرة, وتطمع بالفوز بهذا العطاء؟!
إذاً حرك قلبك بالشوق إلى رمضان..
كيف لا تشتاق إلى رمضان وقد جعل الله - عبادة الصوم - عبادة خالصة له من بين سائر العبادات, وماذاك أخي إلا لِما ينتظر الصائمين المخلصين من الثواب الذي لا يخطر لهم على بال, ولا تسل عن مقدار هذا الفضل, لأن الله قد قال فيه «إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» [رواه الإمام البخاري في صحيحه]. وهنا تقف عبارة كل كاتب حسيرة أمام هذا الفضل.



يا مقبلاَ على شهر رمضان – وأنت تجهد في الجوع والعطش, وأنت تحرم نفسك شهوتها - تذكر أن الله قد أعد للصائمين من العطايا ما يفوق الوصف والخيال, ولئن فرحت في دنياك بإتمام صيام يوم واحد, فإن الفرحة الحقيقة أمام في جنات النعيم..

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب من ريح المسك، للصائم فرحتان: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه» رواه البخاري


آما اشتقت لرمضان وبين يديك فرصة ثواب حجة مع نبيك - عليه الصلاة والسلام – كاملة موفورةَ إذا أديتها مخلصاً فيها لربك متبعاً فيهاَ لنبيك عليه الصلاة والسلام, فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال «عمرة في رمضان كحجة معي» صحيح الجامع

آما تشتاق أيها المؤمن لرمضان لأن لك في كل يوم وأنت صائم دعوة مستجابة يقول عليه الصلاة والسلام «ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، و دعوة المظلوم، و دعوة المسافر» صحيح الجامع.

ومن الفضل المزيد في هذا الباب من رب العرش الكريم أن لك عند فطرك دعوة مستجابة, فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة». وكان عبد الله بن عمرو إذا أفطر دعا أهله، وولده ودعا. [عمدة التفسير أشار الشيخ أحمد شاكر في المقدمة إلى صحته]


فكيف لا تشتاق حينئذٍ لرمضان؟!!

جاءني أحد الإخوة بعد صلاة التراويح وقال لي: أبشرك أن زوجتي حامل بعد سنوات من الانتظار, ثم أردف قائلاً وذاك فيما أظن من دعائي مع المسلمين في قنوت هذه الليالي المباركة فقلت له: ذلك من فضل الله وهو أكرم الأكرمين.

آما تشتاق لرمضان وفيه الليالي العشر المباركات -خير ليالي العام – التي كان رسولك عليه الصلاة والسلام يعظمها, وكان عليه الصلاة والسلام يتعامل معها على غير ما يتعامل مع سائر ليالي العام, تقول عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يجتهد في العشر الأواخر, ما لايجتهد في غيرها» صحيح الترمذي
آما تشتاق لرمضان وفيه تلك الليلة العظيمة – ليلة القدر – التي كان نبيك عليه الصلاة والسلام يحتفي بها أعظم الاحتفاء, آما تشتاق وأنت تقرأ هذه السطور في هذه اللحظات أن تعيش تلك الليلة, وتتنفس تلك الأجواء؟!! (اللهم بلغنا إياها يارب)..
آما بلغك أخي أن «من يقم ليلة القدر، إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه البخاري
والعبادة فيها تعدل عبادة أكثر من ثلاث وثمانين سنة قال تعالى «ليلة القدر خير من ألف شهر»
آما تتحرى هذه الليلة وتتمنى إدراكها؟؟! إن أهل الإيمان من أمثالك هم من أحرص الناس عليها.

وبعد هذا وذاك, ألم تشتاق لرمضان بعد؟؟
وماذا يعني أن تبلغ رمضان؟
يعني أنك قد فزت بعطاء حُرم منه الكثير ممن خطفتهم يد المنون, فأصبحوا تحت أطباق الثرى, محبوسون عن العمل.

وفزت بعطاء حُرم منه الكثير
ممن حبسهم المرض عن الصيام والقيام, دخلت مرة على شاب صالح فأخذ يبكي حسرة على الصيام, وقال لي: «منذ عشر سنوات وأنا لا أصوم لأنني لا أستطيع الصبر عن الماء لحظات» فهل تذكرت نعمة الصحة والعافية؟

لقد فزت بعطاء حُرم منه الكثير

ممن لا يعرفون شرع من أهل الكفر, أو ممن يتكاسلون عن فرض الصيام, فهل عرفت فضل الله عليك؟

وبعد فلا أخالك وقد انتهيت من قراءة هذه السطور إلا وقد اشتقت لرمضان, وتسأل ربك أن يبلغك إياه وأنت في صحة وعافية, وقوة على فعل الطاعات, ولكن اعلم أن كثيراً ممن يبلغونه يُحرمون خيراته بسبب إصرارهم على الذنوب والمعاصي والمحرمات فيدخل عليهم رمضان ويخرج وهم في بعد عن ربهم, ولا ينالون من فضائل هذا الشهر إلا الخسارة والبوار, فطائفة من الناس دعا عليهم النبي عليه الصلاة والسلام بالبعد والطرد؛ لأنهم لم يغتنموا هذه الفرصة يقول عليه الصلاة والسلام: «ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له» أخرجه الترمذي

لا تكن منهم وكن في شوق عظيم لبلوغه, حتى إذا ما أدركته كنت من أكثر الناس اجتهاداً فيه.


اللهم بلغنا رمضان, وأنت راض عنا يا رحمن, اللهم وفقنا لصيامه وقيامه واجعلنا فيه من عتقائك من النار آمين..

عمروعبده
19-08-2010, 05:07 AM
هل اشتقت إلى رمضان ؟
سؤالاً ينبغي لكل مؤمن ومؤمنة أن يسأله نفسه, ونحن قاب قوسين أو أدنى من غرة الأيام, وشامة زماننا, وأفضل أيام دهرنا – شهر رمضان المبارك – الذي جعل الله فيه من الخيرات ما لم يجعله في غيره, وتفضل به على هذه الأمة المرحومة بعطايا لم يجعلها لأمة سابقة, وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم - وإنا لنرجو الله أن لا يحرمنا خير ما عنده بشر ما عندنا –.


والمؤمن يعلم أن أيام الله تتفاضل, وأزمنته تتباين, وأنه اختار من الأيام والأوقات مافضله على غيرها - ومن أجلها موسم رمضان –.

فلذا كانت النفوس الشريفة تشتاق لرمضان, وتسأل ربها بلوغه, ولكننا في هذه الأزمنة الغابرة التي تسلط فيها حب الدنيا على القلوب, والغفلة عن المواسم المباركة, صارت سمة بارزة عند الكثير, أحببت حث النفوس الغافلة لتستعد لهذا الموسم وتشتاق له.

اعلم رعاك الله أنه لابد لك


أن تشتاق لرمضان لأنك تعلم أنه:

شهر تفُتِّح فيه أبواب الجنة فتستقبل أعمال العاملين, وتفرح باجتهاد المجتهدين, وتسعد بلقاء المخلصين المتاجرين مع ربهم جل وعز, تشتاق لرمضان لأنك تفرح بهذه الجموع المؤمنة وهي تؤم المساجد, وتقصد بيوت الله, تشتاق لرمضان لأنك تفرح بحال المؤمنين وقد صار القرآن أنيسهم وجليسهم, تفرح بحال المؤمنين وقد تآلفت قلوبهم, واجتمعت نفوسهم بعد الشتات.


تشتاق لرمضان لأنك تعلم أنه:

شهر تغُلِّق فيه أبواب النار, فتنال الفرصة للبعد عن الذنوب والمعاصي, والحذر من ناره, فتجد من نفسك النفور من المعصية, والبطئ عنها, وترى من نفسك أن عينك قد كفت عن الحرام, وأذنك قد حُفظت عن الآثام, وكلما دعاك داعي المعصية قلت له: إني أخاف الله.
الموضوع الأصلى من هنا: منتديات مملكة المعلم http://www.mo3alem.com/vb/showthread.php?t=35732 (http://www.mo3alem.com/vb/t35732.html)


تشتاق لرمضان لأنك تعلم أنه:

شهر تصُفِّد فيه الشياطين, فلا يخلصون إلى ماكانوا يخلصون إليه قبل, فيقل تسلطهم على العباد, ويُحبس شرهم عن الخلق, وهذا تفسير ما نراه من اندفاع الناس إلى الطاعة ونشاطهم فيها, وقلة وقوعهم في المعاصي, ولكن كم هو الألم يعتصر في الفؤاد لأنه لايزال في الناس من لم يتخلص من تسلط الشيطان عليه, وتسييره له – فهو لايزال مصراً على ترك الصلاة في جماعة, ومصراً على كثير من المعاصي والمحرمات فبصره يسرح ويمرح في النساء, وأذنه لم يكفها بعد عما حرم, والقلب بمتعلق بالملاذ, فليت شعري متى يعود مثل هذا؟

جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا جاء رمضان فُتِّحت أبواب الجنة وغُلِّقت أبواب النار وصُفِّدت الشياطين» متفق عليه.

كيف لا تشتاق لرمضان وهو شهر مغفرة الذنوب وإقالة العثرات, أريدك تتأمل في فضل الله على العباد, ورحمته بهم, وانظر كيف يهيئ لهم مثل هذه المواسم المباركة, والأيام الفاضلة, ليغفر ذنوبهم, ويمحوا سيئاتهم, فما أعظمه من رب رحيم, وما أجله من إله كريم.

جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر»

وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أيضا رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من صام رمضان ايماناَ واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه»

أرأيت هذا الفضل؟!!
وهل تدبرت في هذا العطاء؟!!
ذنوب عمر مضى،،
وعثرات سنين رحلت،،
يغفرها الله بفضل هذه الطاعات..
أبعد هذا لا تشتاق لرمضان؟!!
آلا ترجوا نيل هذه المغفرة, وتطمع بالفوز بهذا العطاء؟!
إذاً حرك قلبك بالشوق إلى رمضان..
كيف لا تشتاق إلى رمضان وقد جعل الله - عبادة الصوم - عبادة خالصة له من بين سائر العبادات, وماذاك أخي إلا لِما ينتظر الصائمين المخلصين من الثواب الذي لا يخطر لهم على بال, ولا تسل عن مقدار هذا الفضل, لأن الله قد قال فيه «إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» [رواه الإمام البخاري في صحيحه]. وهنا تقف عبارة كل كاتب حسيرة أمام هذا الفضل.



يا مقبلاَ على شهر رمضان – وأنت تجهد في الجوع والعطش, وأنت تحرم نفسك شهوتها - تذكر أن الله قد أعد للصائمين من العطايا ما يفوق الوصف والخيال, ولئن فرحت في دنياك بإتمام صيام يوم واحد, فإن الفرحة الحقيقة أمام في جنات النعيم..

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب من ريح المسك، للصائم فرحتان: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه» رواه البخاري


آما اشتقت لرمضان وبين يديك فرصة ثواب حجة مع نبيك - عليه الصلاة والسلام – كاملة موفورةَ إذا أديتها مخلصاً فيها لربك متبعاً فيهاَ لنبيك عليه الصلاة والسلام, فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال «عمرة في رمضان كحجة معي» صحيح الجامع

آما تشتاق أيها المؤمن لرمضان لأن لك في كل يوم وأنت صائم دعوة مستجابة يقول عليه الصلاة والسلام «ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، و دعوة المظلوم، و دعوة المسافر» صحيح الجامع.

ومن الفضل المزيد في هذا الباب من رب العرش الكريم أن لك عند فطرك دعوة مستجابة, فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة». وكان عبد الله بن عمرو إذا أفطر دعا أهله، وولده ودعا. [عمدة التفسير أشار الشيخ أحمد شاكر في المقدمة إلى صحته]


فكيف لا تشتاق حينئذٍ لرمضان؟!!

جاءني أحد الإخوة بعد صلاة التراويح وقال لي: أبشرك أن زوجتي حامل بعد سنوات من الانتظار, ثم أردف قائلاً وذاك فيما أظن من دعائي مع المسلمين في قنوت هذه الليالي المباركة فقلت له: ذلك من فضل الله وهو أكرم الأكرمين.

آما تشتاق لرمضان وفيه الليالي العشر المباركات -خير ليالي العام – التي كان رسولك عليه الصلاة والسلام يعظمها, وكان عليه الصلاة والسلام يتعامل معها على غير ما يتعامل مع سائر ليالي العام, تقول عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يجتهد في العشر الأواخر, ما لايجتهد في غيرها» صحيح الترمذي
آما تشتاق لرمضان وفيه تلك الليلة العظيمة – ليلة القدر – التي كان نبيك عليه الصلاة والسلام يحتفي بها أعظم الاحتفاء, آما تشتاق وأنت تقرأ هذه السطور في هذه اللحظات أن تعيش تلك الليلة, وتتنفس تلك الأجواء؟!! (اللهم بلغنا إياها يارب)..
الموضوع الأصلى من هنا: منتديات مملكة المعلم http://www.mo3alem.com/vb/showthread.php?t=35732 (http://www.mo3alem.com/vb/t35732.html)
آما بلغك أخي أن «من يقم ليلة القدر، إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه البخاري
والعبادة فيها تعدل عبادة أكثر من ثلاث وثمانين سنة قال تعالى «ليلة القدر خير من ألف شهر»
آما تتحرى هذه الليلة وتتمنى إدراكها؟؟! إن أهل الإيمان من أمثالك هم من أحرص الناس عليها.

وبعد هذا وذاك, ألم تشتاق لرمضان بعد؟؟
وماذا يعني أن تبلغ رمضان؟
يعني أنك قد فزت بعطاء حُرم منه الكثير ممن خطفتهم يد المنون, فأصبحوا تحت أطباق الثرى, محبوسون عن العمل.

وفزت بعطاء حُرم منه الكثير
ممن حبسهم المرض عن الصيام والقيام, دخلت مرة على شاب صالح فأخذ يبكي حسرة على الصيام, وقال لي: «منذ عشر سنوات وأنا لا أصوم لأنني لا أستطيع الصبر عن الماء لحظات» فهل تذكرت نعمة الصحة والعافية؟

لقد فزت بعطاء حُرم منه الكثير

ممن لا يعرفون شرع من أهل الكفر, أو ممن يتكاسلون عن فرض الصيام, فهل عرفت فضل الله عليك؟

وبعد فلا أخالك وقد انتهيت من قراءة هذه السطور إلا وقد اشتقت لرمضان, وتسأل ربك أن يبلغك إياه وأنت في صحة وعافية, وقوة على فعل الطاعات, ولكن اعلم أن كثيراً ممن يبلغونه يُحرمون خيراته بسبب إصرارهم على الذنوب والمعاصي والمحرمات فيدخل عليهم رمضان ويخرج وهم في بعد عن ربهم, ولا ينالون من فضائل هذا الشهر إلا الخسارة والبوار, فطائفة من الناس دعا عليهم النبي عليه الصلاة والسلام بالبعد والطرد؛ لأنهم لم يغتنموا هذه الفرصة يقول عليه الصلاة والسلام: «ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له» أخرجه الترمذي

لا تكن منهم وكن في شوق عظيم لبلوغه, حتى إذا ما أدركته كنت من أكثر الناس اجتهاداً فيه.


اللهم بلغنا رمضان, وأنت راض عنا يا رحمن, اللهم وفقنا لصيامه وقيامه واجعلنا فيه من عتقائك من النار آمين..




http://www.mo3alem.com/vb/blue-css/statusicon/user_online.gif http://www.mo3alem.com/vb/blue-css/buttons/reputation.gif (http://www.mo3alem.com/vb/reputation.php?p=281403) http://www.mo3alem.com/vb/blue-css/buttons/report.gif (http://www.mo3alem.com/vb/report.php?p=281403) http://www.mo3alem.com/vb/blue-css/misc/progress.gif http://www.mo3alem.com/vb/blue-css/buttons/edit.gif (http://www.mo3alem.com/vb/editpost.php?do=editpost&p=281403)

عمروعبده
19-08-2010, 05:12 AM
رمضان هالسنة غير
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.. وبعد:

يأتي رمضان كل عام، وينتظره المسلمون بكل لَهْفة، وشوق عارم، وبهجة.. ولكن؟!

هل فكرت - أخي الكريم .. أختي الكريمة - أن نجعل رمضان هذه السنة شيئا مختلفًا؟!

رمضان هو شهر انتصار الإنسان، بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى.. رمضان فرصة لتغيير شخصياتنا إلى الأفضل.. لذلك حرصنـا ان نضع لكـم برنامج يومي للصائم.. فاليوم الواحـد من رمضــان يعـد فرصـة سانحـة ومجالاً واسعًا للتقرب إلى الله بأنواع من الطاعات وتنوع العبادات فيكون الأجر أعظم والثواب أكبر.

• المقصود من البرنامج:

الكيفية المثالية لاغتنام المسلم يومًا من رمضان حقًا كما ينبغي مستغلاً كل ساعة فيه بأداء طاعة وعبادة أو نفع متعدٍ للآخرين، يتقرب به إلى الله تعالى راجيًا بذلك الأجر والثواب، والبرنامج التالي يمكن فيه ختم القرآن الكريم مرة أو مرتين أو ثلاث بإذن الله خلال شهر رمضان، وإن كنتم تستطيعون الزيادة في عدد الختمات خلال الشهر فقد أصبتم خيرا أكثر بإذن الله، ويجب التأكيد على أن هذا البرنامج لا يقيد المسلم بأوقات معينة لقراءة القرآن أو الذكر؛ فالذكر وقراءة القرآن عبادات مباحة في جميع الأوقات والأماكن.

بعد طلوع الفجر:

• إجابة المؤذن لصلاة الفجر:
«اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته» [رواه البخاري].

• أداء سنة صلاة الفجر في المنزل ركعتين:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها» [رواه مسلم]، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر: قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد» [رواه مسلم.

• أداء صلاة الفجر في المسجد جماعة للرجال مع الحرص على التبكير إلى الصلاة:
قال صلى الله عليه وسلم: «ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا» [متفق عليه]، وقال صلى الله عليه وسلم: «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة» [رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني].

• الانشغال بالدعاء أو الذكر حتى إقامة الصلاة:
قال صلى الله عليه وسلم: «الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة» [رواه أحمد والترمذي وأبو داود وصححه الألباني].

• الجلوس في المسجد للرجال / المصلى للنساء:

1- للذكر و قراءة أذكار الصباح: كان النبي صلى الله عليه وسلم: «كان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس حسنا» [رواه مسلم].

2- تلاوة القرآن: قال تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًاِ}، الالتزام قدر الإمكان بقراءة نصف حزب من القرآن لإكمال ختمة واحدة، أو قراءة حزب واحد من القرآن لإكمال ختمتين، أو قراءة جزء واحد من القرآن لإكمال ثلاث ختمات خلال شهر رمضان، ومن استطاع الزيادة في مقدار التلاوة فقد حصد خيرا كثيرا إن شاء الله.

3- بعد طلوع الشمس بربع ساعة تقريبًا الصلاة ركعتين مستشعرًا ثواب وأجر عمرة وحجة تامة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة» [رواه الترمذي وصححه الألباني].

بعد الخروج من المسجد:

• النوم مع الاحتساب فيه:
قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: "إني لأحتسب في نومتي كما أحتسب في قومتي".

• أداء صلاة الضحى ولو ركعتين:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميده صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى» [رواه مسلم].

• الذهاب إلى العمل أو الدراسة مع الاحتساب فيه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أكل أحد طعاما قط، خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده» [رواه البخاري].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهل الله له به طريقا إلى الجنة» [رواه مسلم].

• الانشغال بذكر الله تعالى طوال اليوم:
قال تعالى: {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُِ} [الرعد: 28].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الأعمال إلى الله أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله» [رواه ابن حبان وحسنه الألباني].

وقت الظهيرة:

• إجابة المؤذن لصلاة الظهر:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعت النداء فأجب داعي الله» [رواه الطبراني وصححه الألباني]، ومن ثم أداء الصلاة في المسجد جماعة.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» [رواه البخاري].

• أداء السنة الراتبة لصلاة الظهر:
وهي أربع ركعات قبل فرض الظهر و ركعتين بعدها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى اثـنتـي عشـرة ركـعـة فـي يـوم ولـيـلـة بُـنـي لــه بهـن بيت في الجنة» [رواه مسلم].

وقت العصر:

• إجابة المؤذن لصلاة العصر:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعت النداء فأجب داعي الله» [رواه الطبراني وصححه الألباني]، ومن ثم أداء الصلاة في المسجد جماعة.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يجبه فلا صلاة له إلا من عذر» [رواه أبوداود وصححه الألباني].

• قراءة أذكار المساء.

• تلاوة القرآن:
الالتزام قدر الإمكان بقراءة نصف حزب من القرآن لإكمال ختمة واحدة، أو قراءة حزب واحد من القرآن لإكمال ختمتين، أو قراءة جزء واحد من القرآن لإكمال ثلاث ختمات، ومن استطاع الزيادة في مقدار التلاوة فقد حصد خيرا كثيرا إن شاء الله.

• سماع موعظة المسجد:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلمه كان له كأجر حاج تاما حجته» [رواه الطبراني وصححه الحاكم ووافقه الذهبي].

• أخذ قسط من الراحة مع احتساب النية الصالحة فيه:
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: «وإن لبدنك عليك حقا» [متفق عليه].

قبيل المغرب:

• القيام بإحدى الأنشطة التالية:
الاهتمام بشئون المنزل والعائلة، سماع الخطب أوالمواعظ والرقائق أو الدعوة عبر النت، حفظ القرآن المذاكرة، تقديم المساعدات والعون في تفطير الصائمين في المساجد.

• الاشتغال بالدعاء:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة» [رواه أحمد والأربعة وصححه الألباني].

بعد غروب الشمس:

• إجابة المؤذن لصلاة المغرب :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن» [متفق عليه].

• تناول الإفطار على رطبات أو تمر وترا أو ماء مع احتساب أجر اتباع السنة مع ذكر دعاء الإفطار:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: «ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله» [رواه أبو داود وصححه الألباني].

• أداء صلاة المغرب جماعة في المسجد للرجال.

• أداء السنة الراتبة لصلاة المغرب ركعتين.

• الاجتماع مع الأهل حول مائدة الإفطار مع شكر الله على نعمة إتمام صيام هذا اليوم.

• الاستعداد لصلاة العشاء والتراويح
الاستعداد لصلاة العشاء والتراويح بالوضوء والتطيب (ويكون التطيب للرجال فقط) واستشعار خطوات المشي إلى المسجد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة استعطرت ‏ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية» [رواه أبو داود والترمذي والنسائي ‏وصححه الألباني].

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد‏معنا العشاء الآخرة» [رواه مسلم]، أي صلاة العشاء.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات أي غير متطيبات» [رواه وأبو داود و صححه الألباني]، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة» [رواه مسلم].

وقت العشاء:

• الانشغال بالدعاء أو الذكر حتى إقامة الصلاة:
قال صلى الله عليه وسلم: «الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة» [رواه أحمد والترمذي وأبو داود و صححه الألباني].

• إجابة المؤذن لصلاة العشاء وأداء صلاة العشاء جماعة في المسجد.

• أداء السنة الراتبة لصلاة العشاء ركعتين.

• أداء صلاة التراويح جماعة كاملة في المسجد:
قال رسول الله قال صلى الله عليه وسلم: «إنه من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» [رواه الترمذي وصححه الألباني].

• تلاوة القرآن:
الالتزام قدر الإمكان بقراءة نصف حزب من القرآن لإكمال ختمة واحدة، أو قراءة حزب واحد من القرآن لإكمال ختمتين، أو قراءة جزء واحد من القرآن لإكمال ثلاث ختمات، ومن استطاع الزيادة في مقدار التلاوة فقد حصد خيرا كثيرا إن شاء الله.

• القيام بإحدى الأنشطة التالية:
- جلسة عائلية / صلة الرحم.

- برنامج ثقافي رمضاني هادف.

- سماع الخطب أو المواعظ والرقائق في المساجد.

- الدعوة عبر النت أو غيره.

- المذاكرة وحفظ القرآن.

في الثلث الأخير من الليل:

• أداء صلاة التهجد:
مع إطالة السجود والركوع فيها وتصلى جماعة في المسجد في العشر الأواخر من رمضان .

• أداء صلاة الوتر إن لم تصلى مع الإمام:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله زادكم صلاة فحافظوا عليها و هي الوتر» [رواه أحمد وصححه الألباني].

• تلاوة القرآن:
الالتزام قدر الإمكان بقراءة نصف حزب من القرآن لإكمال ختمة واحدة، أو قراءة حزب واحد من القرآن لإكمال ختمتين، أو قراءة جزء واحد من القرآن لإكمال ثلاث ختمات، ومن استطاع الزيادة في مقدار التلاوة فقد حصد خيرا كثيرا إن شاء الله.

• السحور مع استشعار نية التعبد لله تعالى وتأدية السنة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة» [متفق عليه].

• الجلوس للدعاء والاستغفار حتى أذان الفجر:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له» [رواه البخاري ومسلم].

وفي الختام..

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يصومون ويقومون رمضان إيمانًا واحتسابًا.. وجعلنا من عتقاء هذا الشهر الكريم..

وفق الله الجميع لاغتنام رمضان بالطاعات والقربات إنه سميع مجيب،
وصلى الله وسلم بارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. اللهم آمين.. آخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.


سلسلة العلامتين

عمروعبده
19-08-2010, 05:18 AM
رمضان.. بنكهة فلسطينية!
وهلَّ هلال رمضان.. وانتشَت القلوب المتعطِّشة لرحمات زائرٍ يأتي في كل عام مرة.. فيوقِظ الغافلين ويحيي اليائسين ويُبهِج المؤمنين وينشر عطره فيعبق الكون.. ويا سعدى من عانق فأحسن العِناق.. وطوبى لمن استغل نفحاته والتزم طريق الحق وأناب..

وفي رمضان.. موائد عامرة بما لذّ وطاب.. طعامٌ طيِّبٌ وشراب.. وإن هجم الحرّ فمكيِّفاتٌ ومصايف.. وبيوتٌ تقي وتستر وتُريح.. ولعلّ أروع ما في رمضان اجتماع العائلة على طاولة الإفطار قلباً واحداً يلهجون بالدعاء أن يا ربنا تقبل.. وأكرِم وتفضَّل!


أما في فلسطين فلكل شيءٍ طعمٌ مختلف.. ونكهةٌ خاصة.. هنا يُفطِر الصائمون على المدافع الصهيونية والدبابات المنتشرة وأصوات القيود الصَدئة.. ويعيشون شتّى أنواع التهديد والوعيد من تشريدٍ واغتيال وتدميرٍ واعتقال ونفيٍ وحصار.. وأكثر!

هنا تتزيّن الجدران والساحات بصور الشهداء لا بفوانيس رمضان وزينة الأعياد..

هنا تتداخل الأصوات بعضها ببعض فلا يُعرف صوت مدفع الإفطار من صوت مدفعٍ صهيوني يدكّ بيوت الآمنين.. ولا يُميَّز صوت التكبير كشعيرة من شعائر الله تعالى يوم العيد من صوت التكبير إثر اعتقالٍ أو تشريدٍ أو شهادة..

وهنا.. دمارٌ وأنينٌ وحصار.. وشهداءٌ ومرضى وأَسرى.. ومَن لا يزَل ينعم ببيتٍ يأويه فأنينه يدوِّي عند كل غروب من ذكرى غائب طواه الموت أو جدران السجون!

وهنا.. ينتظر الناس إعاشات ومعونات توزّعها الجمعيات الخيرية من الداخل والخارج بعد أن كانوا يتمتعون بكفاف عيش.. ولكن الصهاينة اغتالوا الأرض والنَفس.. وهيهات أن يغتالوا العزيمة والحُلُم!


هل تخيّلت يوماً أن تستيقظ لتجد صاروخاً قد التهم بيتك ونصف عائلتك؟ هل تصوَّرتَ كيف يكون حالك وقد بتّ بلا مأوى واستحال منزلك الذي بنيته بعرق السنين كومة أحجار متراكمة ملطّخة بدماء الأحباب؟! أو ربما أتوك يوماً بصكوك ملكيّة مزوّرة لبيتك تنسف عقود التمليك التي توارثتموها عن أجدادكم جيلاً بعد جيل وألقَوا بك في الشارع دون أن يرفّ لهم جفن؟! هل خِلتَ يوماً أن ينتشل الجنود ابنك من سريره فتظلّ تتحسَّس مكانه عقداً من زمنٍ دون أثرٍ إلا في القلب والخيال؟! هل أتى عليك حينٌ من الدّهر –طويل- لم تجد في محفظتك ما تسدّ به رمق أطفالك؟ أو ماء.. أو كهرباء.. أو وقود.. أو دواء!.. أو!!!

كثيرةٌ هي المشاهد المؤلمة في فلسطين.. كثيرةٌ والعالم قد كفَّن ضميره بالصمت.. وغاب في غياهب الأموات!!


ويأتي رمضان في فلسطين لترتبط القلوب الموحِّدة بربها أكثر.. وتحمده جلّ وعلا على ما ابتلاها من فتنٍ تترى وتجدِّد العهد له سبحانه أن مهما ضيَّقت الأزماتُ الخِناقَ فإنّا صابرون.. وفي أرضنا مزروعون كشجر الزيتون المبارك.. ولن يقتلعنا منها خوفٌ أو تهديدٌ أو حصار.. قابعون هنا على صدورهم مهما جعنا أو عُرِّينا أو اعتُقِلنا.. سنبقى صامدون برغم الجراح..

كم من آهٍ تصدر من قلبِ محرومٍ أو معنَّى!

يمرّ يتيمٌ أمام بائع الحلوى.. يشتهي منها قطعة يأكلها بعد إفطاره.. يغصّ لرؤية القطايف والخرّوب ولكن ممّن يطلبها وقد غاب المعيل؟!


يجرّ بائعٌ عربته تحت وطأة الحرّ وتبقى بضاعته كاسدة فالبيع قليل حتى يكاد ينعدم من الفقر الذي اجتاح فلم يذر من الفلسطينيين أحدا..

تفتّش أمّ العيال عن ما تُطعِمهم فلا تجد إلا بضع تمراتٍ.. وكسرات خبز وشربة ماء!


يختنق الصائم منتظراً عند المعابر والحواجز التي ضربها الصهاينة عند أعتاب مدينته فيمرّ الوقت ويؤذّن المغرب معلناً دخول الوقت فيُفطِر من دون أهله، مقصد الأعداء في محاولة حثيثة لإذلال شعبنا..

يضيق الوالد ذرعاً بالبطالة التي أقعدته في البيت دون مالٍ أو إنتاج.. فيختنق ولا يجد ملجأً إلا الله ليشكو إليه بثّه وحزنه..

تُلملِم بقايا روحها المتناثرة على أعتاب مقبرةٍ ضمّت زوجها الشهيد وحول جدران سجنٍ غيَّب ابنها الأسير.. تنظر بحسرةٍ على أطفالها وقد غاب الأكّال والرفيق.. وتتدافعها مشاعر شتّى ما بين ألمٍ وأسىً وتوكّلٍ ورضا! وتعلم أن الفرج لا بد آت.. وأنّها ستزاحم الحبيب عليه الصلاة والسلام على باب الجنان! فترتسم ابتسامة حنين على وجهها الحزين..


وتشكو أزقّة القدس ونابلس وحيفا وغزّة والضفّة من فقدان الازدحام وقلّة الإقدام للتبضّع استقبالاً لرمضان.. ارتفاعٌ في الأسعار وانعدامٌ في الموارد وشحٌ في الرواتب.. معاناةٌ حقيقيةٌ تتفجّر عند أبواب شهرٍ فضيل تستصرخ فيه نخوة المسلمين في كل مكان..


يقولون أنّ رمضان شهر التكافل والتآخي والتعاضد.. ففي هذا الشهر يصوم المسلمون جميعهم ويشعر الغني بجوع الفقير.. وإن كان الغني يفطر على ألوانٍ من الطعام شتّى فإن الفقير قد لا يجد في رمضان ما يُفطِر عليه! فهو صابرٌ في رمضان وراضٍ قبله وبعده!

إسرافٌ وتبذيرٌ هناك.. وتقشّف وضيق ذات اليد هنا.. وصبرٌ ومصابرةٌ واصطبار.. بغية رضا الرحمن.. وشتّان بين هذا وذاك!


ولكن تبقى ومضات الأمل في عمق القلوب.. ففلسطين عصيّة على الأعداء.. وقدرها أن تحطّم مخطاطاتهم على صخرة صمودها وعنفوانها.. وكما تعوّدناها في المحن، فستعضّ على جراحها وتتعدّى الصِعاب.. ولن تسمح لأحدٍ أن يسرق بهجة رمضان وفرحة العيد منها.. فرحة طاعة أبنائها وصبرهم وثباتهم.. فرحة استغلال رمضان لتسري بهمّتهم وروحانياتهم إلى العلياء.. بالرغم من كل المآسي والخطوب.. فهي مؤمنة بالقضاء راضية بالقدر!

ولا بد أن تلتئم الجراح في شهر الطاعة والمغفرة والرحمات.. وقد استقى المرابطون هناك من شهر بدرٍ وفتح مكة نفحات العزّة والانتصار.. ومع الصبر والتحدي والصمود لا بد من نصرٍ وتحرير! ويقولون متى هو.. قل عسى أن يكون قريبا!

وهمسة لي ولك.. هل سيكون لفلسطين نصيب من دعائك وعونك ونصرتك؟!

كيف النصرة؟! فكِّر قليلاً.. ولن تعدم الوسيلة.. وكلٌّ يجاهد في موقعه.. فانظر فيما أقامك.. وأعِن إخوة لك في الدِّين والإيمان..

وتقبل الله سلفاً!


سحر المصري

عمروعبده
19-08-2010, 05:25 AM
رمضان الأخير
كثيرًا ما تضيع منا الأيام الأولى في رمضان لأننا لم نحسن الاستعداد لها، فلا نشعر بقيمة الصيام، ولا بحلاوة القرآن، ولا بخشوع القيام..

وهذه لحظات غالية والدعاة والعلماء والمتحدثون أن يضعوا برامج في شعبان لشحذ الهمم وتنشيط الكسالى، مثل الإكثار من الصيام وقراءة القرآن والقيام لدخول رمضان وقد تعودنا على هذه الأمور فلا تضيع منا دون انتباه.. وهذا ولا شك شيء طيب.. بل رائع.. فاللاعب الذي لا يقوم بعملية الإحماء والتدريب قبل المباراة لا يمكن أن يستمر فيها بلياقة جيدة.. وهكذا أيضًا المسلم والمسلمة الذي "يفاجئ" برمضان فإنه لا يحسن استخدام كل أوقاته، واستغلال كل لحظاته..

لكني أرى أن الأهم من ذلك، والذي قد نغفله كثيرًا، هو الاستعداد "ذهنيًا" لهذا الشهر الكريم.. بمعنى أن تكون مترقبًا له، منتظرًا إياه، مشتاقًا لأيامه ولياليه.. تعد الساعات التي تفصل بينك وبينه.. وتخشى كثيرًا ألا تبلغه...

هذه الحالة الشعورية صعبة.. ولكن الذي يصل إليها قبل رمضان يستمتع حقيقةً بهذا الشهر الكريم.. بل ويستفيد مع المتعة.. بكل لحظة من لحظاته..

وقد وجدت أنه من أسهل الطرق للوصول إلى هذه الحالة الشعورية الفريدة أن تتخيل بقوة أن رمضان القادم هو رمضانك الأخير في هذه الدنيا!!

إن رسولنا الأكرم -صلى الله عليه وسلم- أوصانا أن نكثر من ذكر الموت، فقال: «أكثروا من ذكر هادم اللذات» [صححه الألباني].. ولم يحدد لنا وردًا معينًا لتذكره، فلم يقل مثلاً تذكروه في كل يوم مرة، أو في كل أسبوع مرة، أو أكثر من ذلك أو أقل، ولكنه ترك الأمر لنا نتفاوت فيه حسب درجة إيماننا، فبينما لا يتذكر بعضنا الموت إلا عند رؤية الموتى، أو عيادة المرضى، أو عند المواعظ والدروس، تجد أن عبد الله بن عمر كان يقول: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح"..

وقد قال هذه الكلمات الواعية تعليقًا على حديث الحبيب -صلى الله عليه وسلم-: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل» [رواه البخاري]..

وفي إشارة من الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- إلى تذكر الموتى كل يومين قال: «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده» [رواه البخاري ومسلم]..

إذًا افتراض أن رمضان القادم هو رمضان الأخير افتراض واقعي جدًا، ومحاولة الوصول إلى هذا الإحساس هو مطلب نبوي، والمشاهدات العملية تؤكد هذا وترسخه، فكم من أصحاب ومعارف كانوا معنا في رمضان السابق وهم الآن من أصحاب القبور، والموت يأتي بغتة، ولا يعود أحدٌ من الموت إلى الدنيا أبدًا.. قال تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴿٩٩﴾ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [سورة المؤمنون: 99-100]..

فالعودة من الموت مستحيلة، وكل الذين يموتون يتمنون العودة، إن كان مسيئًا ليتوب، وإن كان محسنًا ليستزيد.. فماذا لو مِتنا في آخر رمضان المقبل؟!، إننا على كل الأحوال سنتمنى العودة لصيام رمضان بشكل جديد يكون أكثر نفعًا في قبورنا وآخرتنا.. فلنتخيل إننا عدنا إلى الحياة، وأخذنا فرصة أخيرة لتجميل حياتنا في هذا الشهر الأخير، ولتعويض ما فاتنا خلال العمر الطويل، ولتثقيل ميزان الحسنات، ولحسن الاستعداد للقاء الملك الجبار..

هذا هو الشعور الذي معه ينجح إعدادنا وعملنا بإذن الله في هذا الشهر الكريم.. وليس هذا تشاؤمًا كما يظن البعض، بل إن هذه نظرة دافعة للعمل، ودافعة في نفس الوقت للبذل والتضحية والعطاء والإبداع.. ولقد حقق المسلمون فتوحات عسكرية كثيرة، ودانت لهم الأرض بكاملها بسبب هذه النظرة المرتقبة للموت، الجاهزة دومًا للقاء الله عز وجل..

وما أروع الكلمات التي قالها سيف الله المسلول خالد بن الوليد -رضي الله عنه- لزعيم الفرس هرمز عندما وصف الجيش الإسلامي المتجه إلى بلاد فارس فقال: "جئتك برجال يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة"!

ولقد حقق هؤلاء الرجال الذين يحبون الموت كل مجد، وحازوا كل شرف.. ومات بعضهم شهيدًا، وعاش أكثرهم ممكنًا في الأرض مالكًا للدنيا، ولكن لم تكن الدنيا أبدًا في قلوبهم.. كيف وهم يوقنون أن الموت سيكون غدًا أو بعد غد؟!

والآن ماذا أفعل لو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير؟!

لو أني أعلم ذلك ما أضعت فريضة فرضها الله عليّ أبدًا، بل ولاجتهدت في تجميلها وتحسينها، فلا أصلي صلواتي إلا في المسجد، ولا ينطلق ذهني هنا وهناك أثناء الصلاة، بل أخشع فيها تمام الخشوع، ولا أنقرها نقر الغراب، بل أطول فيها، بل استمتع بها.. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «وجعلت قرة عيني في الصلاة» [رواه النسائي وصححه الألباني]..

ولو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير لحرصت على الحفاظ على صيامي من أن يُنقصه شيء.. فرب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش.. بل أحتسب كل لحظة من لحظاته في سبيل الله، فأنا أجاهد نفسي والشيطان والدنيا بهذا الصيام.. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري ومسلم]..

ولو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير.. لحرصت على صلاة القيام في مسجد يمتعني فيه القارئ بآيات الله عز وجل، فيتجول بين صفحات المصحف من أوله إلى آخره.. وأنا أتدبر معه وأتفهم.. بل إنني أعود بعد صلاة القيام الطويلة إلى بيتي مشتاقًا إلى كلام ربي، فأفتح المصحف وأستزيد، وأصلي التهجد وأستزيد، وبين الفجر والشروق أستزيد.. إنه كلام ربي!.. وكان عكرمة بن أبي جهل -رضي الله عنه- يفتح المصحف ويضعه فوق عينيه ويبكي، ويقول: "كلام ربي.. كلام ربي..".

ولو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير ما تجرأت على معصية، ولا فتحت الجرائد والمجلات أبحث ملهوفًا عن مواعيد التمثيليات والأفلام والبرامج الساقطة.. إن لحظات العمر صارت معدودة.. وليس معقولاً أن أدمر ما أبني، وأن أحطم ما أشيد.. هذه صرحي الضخم الذي بنيته في رمضان من صيام وقيام وقرآن وصدقة.. كيف أهدمه بنظرة حرام، أو بكلمة فاسدة، أو بضحكة ماجنة..

إنني في رمضان الأخير لا أقبل بوقت ضائع، ولا بنوم طويل، فكيف أقبل بلحظات معاصي وذنوب، وخطايا وآثام.. إن هذا ليس من العقل في شيء..

ولو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير ما كنزت المال لنفسي أو لورثتي.. بل نظرت إلى ما ينفعني عند ربي.. ولبحثت بكل طاقتي عن فقير محتاج، أو طالب علم مسكين، أو شاب يطلب العفاف ولا يستطيعه، أو مسلم في ضائقة.. أو غير ذلك من أصناف المحتاجين والملهوفين..

ولوقفت إلى جوار هؤلاء بمالي ولو كان قليلاً.. فهذا هو الذي يبقى لي، أما الذي أحتفظ به فهو الذي يفنى!

ولو أني أعلم أن هذا رمضاني الأخير ما نسيت أمتي.. فجراحها كثيرة، وأزماتها عديدة، وكيف أقابل ربي ولست مهمومًا بأمتي.. فلسطين محاصرة.. والعراق محتلة.. وأفغانستان كذلك.. واضطهاد في الشيشان، وبطش في كشمير، وتفتيت في السودان، وتدمير في الصومال.. ووحوش في الأرض تنهش.. والمسلمون في غفلة..

ماذا سأقول لربي وأنا أقابله غدًا؟!

هل ينفع عندها أنني كنت مشغولاً بمتابعة مباراة رياضية، أو مهمومًا بأخبار فنية، أو حتى مشغولاًَ بنفسي وأسرتي..

أين شعور الأمة الواحدة؟!

هل أتداعى بالحمى والسهر لما يحدث من جراح للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؟!

وحتى والله لو كنت مشغولاً بصلاتي وقيامي.. هل يقبل ربي عذري أنني نسيت رجالاً تُقتَّل، ونساءً تُغتَصب، وأطفالاً تُشرَّد، وديارًا تُدمَّر، وأراضٍ تُجرَّف.. وحرمات تُنتَهك؟!

لقد أفطر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمر المسلمين بالفطر وهم يتجهون إلى مكة ليفتحوها بعد خيانة قريش وبني بكر..

إن الصيام يُؤخَّر.. والجهاد لا يُؤخَّر..

ليس هذا فقهي أو فقهك.. إنما هو فقه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-..

هكذا كان يجب أن يكون رمضاني الأخير..

بل هكذا يجب أن يكون عمري كله..

وماذا لو عشت بعد رمضان؟!، هل أقبل أن يراني الله عز وجل في شوال أو رجب لاهيًا ضائعًا تافهًا؟!

وما أروع الوصية التي أوصى بها أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- أبا عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه- وهو يودعه في رحلته الجهادية إلى الشام..

قال أبو بكر: "يا أبا عبيدة.. اعمل صالحًا.. وعش مجاهدًا.. وتوفَّ شهيدًا"..

يا الله.. ما أعظمها من وصية، وما أعمقه من فهم!!

فلا يكفي العمل الصالح بل احرص على ذروة سنام الإسلام.. الجهاد في سبيل الله.. في كل ميادين الحياة.. جهاد في المعركة مع أعداء المسلمين.. وجهاد باللسان مع سلطان جائر.. وجهاد بالقرآن مع أصحاب الشبهات.. وجهاد بالدعوة مع الغافلين عن دين الله.. وجهاد للنفس والهوى والشيطان.. وجهاد على الطاعة والعبادة.. وجهاد عن المعصية والشهوة..

إنها حياة المجاهد..

وشتان بين من جاهد لحظة ولحظتين.. وبين من عاش حياته مجاهدًا..

ثم إنه لا يكفي الجهاد!!

بل علينا بالموت شهداء...

وكيف نموت شهداء ونحن لا نختار موعد موتتنا، ولا مكانها، ولا طريقتها؟!

إننا لا نحتاج إلى كثير كلام لشرح هذا المعنى الدقيق.. بل يكفي أن نشير إلى حديث رسول الله -رضي الله عنه- ليتضح المقصود.. قال -صلى الله عليه وسلم-: «من سأل الشهادة بصدق بلَّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه» [رواه مسلم]..

ولتلحظ أخي المسلم.. وأختي المسلمة كلمة "بصدق" التي ذكرها الرسول العظيم -صلى الله عليهوسلم- .. فالله عز وجل مطَّلعٌ على قلوبنا.. مدرك لنياتنا.. عليم بأحوالنا..

أمتي الحبيبة..

ليست النائحة كالثكلى...

إننا في رمضاننا الأخير لا نتكلف الطاعة.. بل نعلم أن طاعة الرحمن هي سبيلنا إلى الجنة.. وأن الله عز وجل لا تنفعه طاعة، ولا تضره معصية، وأننا نحن المستفيدون من عملنا وجهادنا وشهادتنا..

فيا أمتي.. العمل العمل.. والجهاد الجهاد.. والصدق الصدق..

فما بقى من عمر الدنيا أقل مما ذهب منها..

والكيِّس ما دان نفسه وعمل لما بعد الموت..

وأسأل الله عز وجل أن يعز الإسلام والمسلمين..


بقلم د. راغب السرجاني

عمروعبده
19-08-2010, 05:31 AM
دعوة للاعتكاف
• تعريف الاعتكاف هو لزوم المسجد بنية التقرب إلى الله تعالى وطاعته .

• ومعناه باللغة الإقامة والملازمة والاحتباس...

• وهو مشروع مستحب باتفاق أهل العلم


• كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كلِّ رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً .رواه البخاري

• قال الزهري رحمه الله تعالى ( عجباً للمسلمين ! كيف تركوا الاعتكاف ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل )


• ومن فوائده الانقطاع والتخلص من شواغل الدنيا وخطراتها على القلب وتفرغ القلب بالكليَّة لله تعالى وحده والبعد عن فضول الكلام والمنام والطعام والشراب والمخالطة..

• لم يرد حديث يبين أقل مدة للاعتكاف والأظهر أن ما يطلق عليه لبث في المسجد واحتباس وإقامة يمكن أن يعتكف فيه. وكان فعل الرسول صلى الله عليه وسلم يعتكف عشرة أيام . وسأل عمر ابن الخطاب عن ليلة واحدة في الرواية المتفق عليها : سأل عمرُ النبي صلى الله عليه وسلم قال : كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال ( أوف بنذرك ) متفق عليه.


• وعلى المعتكف أن يتنبه إلى:
1. الإكثار من الطاعات من صلاة وتلاوة وذكر ودعاء وعبادة وتعلم وغير ذلك.
2. الإعراض عن اللغو والبعد عن الفحش والغيبة وما يقدح في اعتكافه .
3. أن لا يخرج من المسجد إلا ما كان لضرورة من أكل أو شرب أو قضاء حاجة.
4. البعد عن الجلوس للآخرين والسمر معهم فيما لا يخدم انقطاعه وتبتله.

فندعوك أخي إلى اعتكاف العشر الأواخر من رمضان أو بعض لياليها أو ما تستطيع من الوقت وإن قلَّ .. سائلين المولى عز وجل أن يعيننا وإياكم على الطاعات..


أبو أحمد

عمروعبده
19-08-2010, 05:38 AM
أنت تتدرب مجانا في رمضان لقد بات واضحا لدى أغلبية المتخصصين في علم النفس و خبراء السلوك أن الذكاء العاطفي أهم بكثير من الذكاء الأكاديمي، أي أن الأشخاص المتمكنين من إدارة انفعالاتهم و كبت اندفاعاتهم بشكل جيد يتميزون في كل ميادين الحياة و تكون لديهم فرصا أكبر للنجاح، أما الذين لا يتحكمون في حياتهم الانفعالية فيواجهون معارك داخلية تدمر قدرتهم على التفكير السليم و التركيز في العمل ،و لهذا تتكاثر الدورات التدريبية في أنحاء العالم التي تسعى لتقديم استراتيجيات متنوعة في كيفية تطوير الذكاء العاطفي، و قد نكون محظوظين كمسلمين في جميع أنحاء العالم الإسلامي بأننا نمارس تدريبا إلزاميا سنويا بالمجان يؤهلنا لشحذ ذكائنا العاطفي بأقوى الأساليب، إذ أن التدريب على ممارسة تأجيل الإشباع الحيوي لأقوى دافع بيولوجي في التركيبة البشرية ( الجوع و العطش) يعد أثرى مساهمة في تنمية الذكاء العاطفي، و تكمن أهمية هذا التدريب في استعداد الشخصية لتأجيل أقوى شهواتها و هذا وحده كاف بأن ينسحب على سائر ممارساتها التي تطلب تأجيلا متواصلا مادام الإحباط هو السمة التي تطبع معظم أحداث الحياة، حيث تجري الرياح كثيرا بما لا تشتهي السفن بحيث لا يمكننا أن نتصور إمكانية أن تحقق الشخصية أيا كانت كل ما تتطلع إليه، و هو أمر يضطرها إلى أن تتقبل الإحباط الذي قد يتم أحيانا على حساب الصحة النفسية، و لهذا فإن التدريب على مواجهة الإحباط هو الذي يدع الشخصية متوازنة و محتفظة بتماسكها، بحيث يجيء الصوم على نحو الإلزام و الندب أحيانا كعنصر مساهم في تكييف الشخصية على التعامل برحابة و مرونة مع ضغوط و إحباطات الحياة، أما التدريب الآخر للصوم فهو في اكتساب سمة التعاطف مع الآخر و تنمية المشاركة الوجدانية و التي تعد واحدا من أهم المعايير التي تفرز الشخصية السوية عن الشخصية الشاذة، فالإحساس بالجوع و العطش يدع الشخصية متحسسة بشدائد الآخرين و من ثم يدفعها إلى مد يد المساعدة إليهم، و هذا الإحساس كاف لأن يدرب الشخصية على تحجيم الأنا و التوجه بالتفكير نحو الغير مما يقوي بلا شك صحتها النفسية و ينمي لديها أدوات الذكاء العاطفي، و لا يفوتنا ملاحظة أمور أخرى من التأجيل تتم ممارستها من خلال الصوم كتنظيم الدافع الجنسي و ترشيد الانفعالات الغاضبة بأن يستجيب الصائم لذلك بقول: اللهم إني صائم، و لعله لا توجد مهارة نفسية أهم من مقاومة الاندفاع فهو أصل التحكم الانفعالي و إن تكليف الذات بتأجيل الإشباع و رفض الإندفاع من أجل تحقيق هدف ما هو جوهر التنظيم الذاتي للانفعال، و من أجل كل ماسبق فهل يوجد من يمكنه منافسة المدرسة الرمضانية في التدريب على الذكاء العاطفي؟.


لمى الغلاييني

صيد الفوائد

عمروعبده
19-08-2010, 05:44 AM
كيف نستقبل رمضان ؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فرمضان ضيف عزيز، يحل بنا كل عام أيامًا معدودات، وهو بين الشهور كيوسف بين إخوته، فلنقدر له قدره، ولنستعد له بما هو أهله، قال الله -تعالى-: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} [التوبة:46]، وهذه ومضات على طريق الاستعداد له.


1ـ واشوقاه إلى رمضان:

استحضر في قلبك أحبَّ الناس إليك، وقد غاب عنك أحدَ عشرَ شهرًا، وإنك بُشِّرت بقدومه بعد أيام قلائل، كيف يكون شوقك إلى لقائه؟!


2ـ الفرح بقدومه:

قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس:58].

فالفرح بالطاعات ومواسم الخيرات فرع عن محبة الله -تعالى-، فهم يفرحون بفضل الله عليهم أن مد أعمارهم، وبلغهم صيام رمضان وقيام ليله.


3ـ الدعاء:

فقد كان السلف يستقبلونه بالدعاء: "اللهم بلغنا رمضان"، "اللهم سلمنا لرمضان، وسلم رمضان لنا، وتسلمه منا متقبلاً".


4ـ القلوب بين خوف الانقطاع ورجاء البلاغ:

فالقوم على سفر، فمنهم من تنقطع به الطريق، ومنهم من يصل، فهل نبلغ رمضان، أم تقصر بنا الأعمار كما قصرت بإخواننا الذين صاموا معنا العام الماضي، وانقطع حبل عمرهم فلن يصوموا معنا هذا العام؟


5ـ صدق العزم:

فرمضان فرصة، والفرص إذا فاتت قد لا تتاح مرة أخرى، فاعقد العزم على أن تصوم صيامًا لم تصمه من قبل، وحدث نفسك: "لئن أشهدني الله رمضان لأصومنّ صيام مودع".

وقل لها: "لقد أشهدني الله رمضان أعوامًا عديدة ففاتني من الخير الكثير، فلئن أشهدني الله الشهر ليرين ما أصنع".

قل لنفسك: "لسوف أعرضك هذا العام على ربي أخذك أم تركك".

فالصدق الصدق في العزم؛ قال الله -تعالى-: {مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب:23].


6ـ التوبة:

كيف تزرع في أرض كلها آفات، فطهر تربة قلبك قبل موسم الزراعة، واغسله بماء التوبة وثلج الإنابة، وبرد الاستغفار: "اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد"، فالقلوب موضع نظر الرب من العبد، فهل تحب أن ينظر الله إلى قلبك فيجد فيه رجس الشرك، ودنس المعاصي، وقذر الحقد، والحسد، والغل، وغيرها من المهلكات؟!

قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم:8].


7ـ العلم قبل العمل:

كم حسنات فاتت! وكم من أعمال أحبطت بسبب الجهل! فلنجلس لنتعلم شيئًا من فضائل الصيام، و أحكامه وآدابه قبل أن نصوم، قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).


8ـ رفع درجة الاستعداد:

من سيدخل معركة يرجو النصر فيها، ومن سيدخل امتحانـًا يأمل النجاح فيه استعدّ استعدادًا يليق بما يؤمله من النصر والنجاح، ونحن نستقبل شهرًا تـُرفع فيه الدرجات، وتضاعف فيه الحسنات، وتحط فيه السيئات، وتعتق فيه الرقاب من النيران.

فعلينا أن نرفع درجه الاستعداد بالمحافظة على الصلوات في جماعة، وإتباع الفرائض بالنوافل، وقيام الليل، وذكر الله -تعالى- وغيرها من الطاعات.


9- الإكثار من الصيام في شعبان:

صوم شعبان كالسُّنة القبلية قبل رمضان، وفي صيامه تدريب للنفس، وهو دليل على محبة الصيام والشوق له، حتى إذا جاء رمضان؛ صامت النفس صيام المتلذذ، لا صيام المتألم، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر من الصيام في شعبان، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم أكثر شعبان كما جاء في حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنه- حين سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ. قَالَ: ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» (رواه النسائي، وحسنه الألباني).


10- ترويض الحواس:

- لسانك سبع إذا أرسلته أكلك، فروِّضه على الذكر، والاستغفار، وقراءة القرآن، وكفه عن اللغو، والغيبة، والنميمة، والسخرية، والمزاح غير المباح.

- وعينك إن لم تحرسها خانت، فغض بصرك واحذر النظر المحرم على الشاشات والشبكات، وفي الطرقات، والمجلات.

ـ وبطنك صوِّمها عن الحرام، وتحرَّ الحلال في أكلك ومشربك.

ـ ورجلاك روضهما على مشية المتواضعين، ولا تمش في الأرض مرحًا، واحذر أن تمشي إلى أماكن المعاصي، وأكثر الخطى إلى المساجد، ودروس العلم، واحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، واذكر الموت والبلى.


11- قطع الشواغل:

للمرء في رمضان حاجات لا يستغني عنها؛ كشراء حاجات البيت من طعام وشراب، وكسوة، وهي تشغل حيزًا كبيرًا من اهتماماتنا في رمضان، وتضيع وقتا ثمينـًا لا يُعوَّض، فلو وفـَّر كل منا حاجات بيته -إن استطاع قبل رمضان-؛ لفرَّغنا قلوبنا من الشواغل التي تقطع الطريق علينا، فهذا يصلي وهو مشغول بالأرز والزيت!

وذاك يترك صلاه التراويح من أجل شراء ملابس الأولاد!

وذاك يقف في الطوابير ساعات! وهكذا تهدر جواهر الأوقات فيا لها من بيعة غبن!


12- حدد أهدافك واكتب خطتك:

- ما أهدافك في شهر رمضان؟

"مغفرة ذنوبي ـ عتق رقبتي من النار ـ دخول الجنة من باب الريان... ".

- ما وسائلك للوصول إليها؟

كل هدف نبيل لابد له من وسائل تعين على تحقيقه، فما وسائلك لتحقيق أهدافك؟

- هل كتبت هذه الأهداف، وهذه الوسائل؟

- هل وضعت خطة لشهر رمضان؟


إن الذين يحددون أهدافهم، ويكتبونها ويضعونها أمام أعينهم يحققون منها الكثير، والذين لا يحددون أهدافهم ولا يكتبونها لا يحققون منها إلا القليل، فلا تكن عشوائيًا، وضع قلمك على ورقتك واكتب وخطط.


13- تعجل القضاء فقد ضاق الوقت:

هل عليك قضاء أيام من العام الماضي؟ إن كان، تعجل فقد ضاق الوقت؛ لأن من أخر القضاء حتى يأتي رمضان، ألزم بالقضاء والفدية إن لم يكن له عذر.


14- ادّخر لرمضان:

من الناس من يدخر لرمضان من أجل شراء الطعام الثمين الوفير، حتى صيَّروا شهر رمضان شهر أكل وشهوات! وجعلوه شهر تبذير وإسراف!!

فلا تكن كهؤلاء، ولكن ادخر لتتصدق في رمضان: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ» (متفق عليه).

- ادخر لتفطـّر صائمًا فتكون قد صمت رمضان مرتين، أو تفطر صائمين فتكون قد صمت رمضان ثلاث مرات وهكذا.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا» (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

- ادخر لتؤدى عمرة في رمضان؛ فقد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: «عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً مَعِي» (متفق عليه).


15- أنت على سفر فأين حقيبتك؟

جهز من الآن حقيبة صائم، ضع فيها:

1- مصحفـًا: فإن شهر رمضان شهر القرآن، فلك ورد حفظ، وورد قراءة، وورد تدبر، وهو معك في مسجدك، وبيتك، وعملك، ومواصلاتك.

2- سواكًا: فهو مطهرة للفم، مرضاة للرب، فستحتاجه قبل وضوئك، وعند صلاتك، وعند قراءة القرآن، وعند الانتباه من النوم، وعند الاجتماع بالإخوان، ولا حرج من السواك في نهاية رمضان قبل الزوال وبعده.

3- عطرًا: فإنه ينشط النفس، ويطيب اللقيا، ويسعد الإخوان، وقد حُبب إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- من دنيانا الطيب والنساء.

4- تمرًا: فإن الفطر على رطب أو تمرات وترًا، فإن لم يجد فعلى ماء؛ فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: «كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَليَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتَمَرَاتٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمَرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ» (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

اللهم بلّغنا رمضان.


المعطي عبد الغني

عمروعبده
19-08-2010, 05:51 AM
فضائياتنا فى رمضان .
أقبل شهر رمضان، شهر الخيرات، شهر يتزيّن الكون لاستقباله وتنبض القلوب فرحاً وشوقاً للقائه، فُتِّحت أبواب الجنة، وغلِّقت أبواب النار، وصفدت الشياطين ومردة الجان، ينادي المنادي: يا باغي الخير أقبل, ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة.

ومع هذه البركات ابتُلِيَ العبد المسلم بما يعكر عليه نهار رمضان وليله، فلم يعد شهر رمضان شهر العبادة وإنما أصبح رمضان يرتبط في الأذهان بأشياء أخرى في مقدمتها الفوازير والمسلسلات وخيام اللهو واللعب.

في زمن كثرت فيه وسائل الإعلام، أغفل القائمون عليها الدور الحقيقي لها وهو تثقيف وتوعية المجتمع، وقاموا بدور آخر يتنافى تمامًا مع القيم والمبادئ الإسلامية، وأصبح همها وشغلها الشاغل عرض الأفلام والمسلسلات والفوازير والأغاني الهابطة وذلك لجذب المشاهدين أطول فترة ممكنة ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد استغلوا شهر رمضان المبارك لعرض هذه المواد التي تسيء إلى كل مسلم، وتؤدي إلى فساد المجتمع وتضيع الأجور، قاموا بتحويل هذا الشهر الكريم من شهر للتوبة والاستغفار والرجوع إلى الله عز وجل إلى شهر تعرض فيه الفوازير الخليعة والمسلسلات وغيرها من البرامج الفاشلة التي تساهم في إفساد الشباب وإشغالهم عن عبادة الله عز وجل وصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة وقراءة القرآن وغير ذلك من العبادات.

وأقول للمسئولين والقائمين عن برامج الفضائيات: اتقوا الله فيما يُقدم من برامج لجمهور المشاهدين، حتى لا تحملوا إثم أنفسكم، وإثم المشاهدين معكم وتذكروا قول الله تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [سورة النحل: 25].

والحقيقة، أن التلفاز سلاح ذو حدين له جانبين: جانب مضيء وآخر مظلم، فقد من الله تبارك وتعالى علينا بالقنوات الدينية النافعة التي تقدم أنواعًا من الإعلام الراقي حيث وصلت إلى أكثر البيوت، وخاطبت أكبر الشرائح، فهي تحمل رسالة تفقيه الناس بأمور دينهم، والرقي بهم نحو الأفضل في عباداتهم وعلاقاتهم وثقافتهم وجميع شؤون حياتهم.

فعلى المسلم أن يحتاط لدينه، حتى لا يبطل صومه، ولا يذهب أجره، ويُحرم من الثواب العظيم في هذا الشهر الكريم.



عبد الرحمن جمال المراكبي

صيد الفوائد

عمروعبده
19-08-2010, 05:59 AM
رمضان بوابة التحسين والتغيير
مِنْ فضلِ اللهِ على عبادهِ أنْ جعلَ لهم مواسمَ يحيونَ فيها بطريقةٍ مختلفةٍ عمَّا اعتادوه؛ ففي تغييرِ النِّظامِ الحياتي فوائدُ كثيرةٌ على الفردِ والمجتمع، وما شهرُ رمضانَ الأجلِّ إلاَّ مثالٌ صريحٌ على هذهِ الهباتِ الرَّبانية؛ حيثُ تعتدلُ طبائعُ النَّاسِ وعاداتُهم ويرتقي السلوكُ البشريُ وتزولُ الضغائنُ ويتقاربُ البعداءُ وتزيدُ حركةُ الإحسانِ وينشطُ أهلُ الخيرِ في أعمالِ البرِ على كلِّ صعيد.

ومَعْ ما لهذا الشهرِ الكريمِ مِنْ آثارٍ حميدةٍ إلاَّ أنَّ النُّفوسَ البشريةَ بدأتْ تضعفُ في الاستجابةِ لنداءِ الإصلاحِ والتعرضِ لنفحاتِ البركةِ الرمضانية؛ وهذا أمرٌ غيرُ مستغربٍ لجريانِه ضمنَ الضعفِ العامِّ للواحدِ والجماعةِ إضافةً إلى سطوةِ الإعلامِ المرئي وأثرهِ على خلخلةِ القيمِ وإعادةِ ترتيبِ الأولوياتِ حسبما يراها الفسّاقُ مِنْ مُلاكِها والقائمينَ عليها.

لقدْ كانَ الإعلامُ الرمضانيُ قبلَ عشرينَ عاماً محافظاً- معْ ما فيهِ من مخازي- إذا قسناهُ إلى أيامنا هذه؛ ولا ندري كيفَ سيكونُ وجهُ الإعلامِ الرمضاني في السنواتِ القادمةِ إنْ لمْ يتداركنا اللهُ برحمتِه مِنْ خلالِ إستراتيجياتٍ محكمةٍ نرسمُها لمواجهةِ هذا البلاءِ والظفرِ بالنَّصيبِ الأكبرِ مِنْ سوقِ الإعلامِ الرمضاني. وإنَّ توجهَ بعضِ قنواتِ الإعلامِ النَّقي للترفيهِ في رمضانَ ومجاراةِ القنواتِ الأخرى قدْ يزيدُ مِنْ المشكلةِ ولا يساعدُ في حلِّها، حيثُ يرسخُ لدى النَّاشئةِ أنَّ رمضانَ شهرٌ للموادِ الإعلاميةِ الترفيهيةِ هابطةً كانتْ أمْ غيرَ هادفة، كما أنَّ الاعتمادَ على الحكوماتِ كالخطِّ على الماءِ لا ينفعُ إلاَّ لإبراءِ الذِّمة؛ ولذا فلا بدَّ مِنْ منافسةٍ إعلاميةٍ مهنيةٍ هادفةٍ في شهرِ رمضانَ على وجهِ الخصوصِ لإقبالِ القلوبِ واستعدادها؛ إذ أنَّ الارتقاءَ بالوعي ونشرِ أدواتهِ في المجتمعِ أولُّ طرقِ التغييرِ المنهجي.

إنَّ رمضانَ شهرُ عطاءٍ وإقبالٍ وبذلٍ وأوبةٍ؛ إنَّه شهرُ القرآنِ والصدقاتِ والصفاءِ والصدق، وقمينٌ بنا تعزيزُ هذهِ المظاهرِ الرمضانيةِ الإيجابيةِ في المجتمعِ مِنْ خلالِ المسجدِ والحلْقةِ والمنزلِ واجتماعاتِ العائلةِ والجيرانِ وزملاءِ العمل، وحريٌ بحَمَلةِ الهمِّ توسيعُ نطاقِ الدَّعوةِ والتوجيهِ لتشملَ كافةَ مؤسساتِ المجتمعِ بواسطةِ وسائلِ الإعلامِ ومواقعِ الانترنت حتى يعمَّ نفعُها فئامٌ كثيرٌ مِنْ الأمَّةِ المحمَّديةِ التي يتوقُ شُبَّانُها وشابَّاتُها لنُصرَةِ دينِهم وكتابِ ربِّهم وسنَّةِ نبيهم- عليه الصلاةُ والسلام- عِلمَاً وعملاً ودعوة؛ فما أجملَ أنْ يكونَ شهرُ رمضانَ موسمُ استقطابٍ وتحسينٍ وتغييرٍ للأفضلِ وبثٍّ للروحِ الإيجابيةِ في ناشئةِ العربِ والمسلمينَ ورجالِهم ونسائِهم؛ حتى يعلمَ كلُّ واحدٍ منهم أنَّهُ على ثغرٍ في عمله القلبي والظاهرِ وفي سلوكهِ ولباسِه وحديثِه وفي واجبهِ تجاهَ مجتمعهِ الصغيرِ والكبير، وحينها سترتفعُ عن أمتنا الذلةُ وتؤولُ المسكنةُ إلى أهلِها ونكونُ خيرَ أمَّةٍ أُخرجتْ للنَّاس.

وفي هذا السياقِ المباركِ يسعى مركزُ حلول للاستشاراتِ والتدريبِ لإنتاجِ برنامجٍ مرئيٍ بعنوان "رمضان غيرني"؛ ويشرفُ على هذا العملِ الإبداعي فضيلةُ الشيخِ الدكتور عبدُ العزيزِ بنُ عبدِ الله الأحمد، وسوفَ يُبثُ عبرَ بعضِ القنواتِ الفضائيةِ النَّقيةِ إضافةً إلى موقعِ المركزِ على الشبكةِ العنكبوتية، وهوَ برنامجٌ جديدٌ في فكرتهِ جادٌ في طرحهِ؛ ونسألُ اللهَ لهُ النجاحَ والتأثيرَ الميمونَ وللقائمينَ عليهِ والمشاركينَ فيهِ التوفيقَ والأجر.


أحمد بن عبد المحسن العساف

موقع صيد الفوائد

أبو إسراء A
19-08-2010, 06:00 AM
جزاك الله خيرا ، وبارك فيك .

عمروعبده
19-08-2010, 06:09 AM
مرحبا بك شهر رمضان.
ها هو السحاب ينقشع، والغيم ينجاب ويتكشف، والسماء تبسم عن غرة الهلال، كأنما هو قوس النصر، أو رمز النور المبين، إنه هلال رمضان "الله أكبر، الله أكبر، ربي وربك الله، هلال خير ورشد إن شاء الله".

إنه هلال رمضان، شهر الأمة، وشهر الصوم، وشهر القرآن، وشهر المعاني السامية التي تفيض على قلوب من عرفوا حقيقة رمضان، واتصلوا بالملأ الأعلى فيه، وسمت أرواحهم إلى مرتبة الفهم عن الله. وما لنا لا نتحدث إلى إخواننا الكرام من أبناء الإسلام عن شهر رمضان، ونطالعهم بخطرات النفس، وخلجات الفكر، وهو شهر الفكرة الصافية العميقة.

ربي وربك الله:
إي والله؛ لأنه واحد، ورب واحد يتصرف في ملكوت السموات والأرض، ويسيطر على عوالم الغيب والشهادة، ويتحكم في الكون من أقصاه إلى أقصاه، والجميع بعد ذلك في حق الوجود سواء: {إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدًا}.

إن الله هو الحاكم وحده، يحكم الأفلاك، ويحكم الناس، ويهب لكلٍّ وجوده وهداه، فإن كان لأحد أن يتحكم في الأولى فيغير مداراتها، ويقيد حركاتها فإن له أن يتحكم في الثانية، فيغل أيدي الناس، ويتحكم في آجالهم وأرزاقهم، وليس ذلك إلا لله، فارْق بروحك أيها الأخ المسلم، واسمُ بنفسك عن أن تكون عبدًا لغير ربك، واعلم أن هذا المعنى مما يلفتك إليه النبي صلى الله عليه وسلم حين يجعل من سنته في تحية الهلال أن يقول: «ربي وربك الله».

إنه هلال رمضان، فأما كثير من الناس فلا يفهمون من معناه إلا تجهيز المآكل والمشارب، وتحضير المطاعم والمناعم، وإعداد لوازم السحور والإفطار، وما يقوي شهية الطعام، ويوفر راحة المنام؛ لأن رمضان كريم وهذا شأن الكرام.

أما قوم آخرون؛ فشهر رمضان عندهم الراحة من عناء الأعمال، واللهو والتسلية في لياليه الطوال، وتقسيم الأوقات على الزيارات والسهرات فهم في ليلهم بين لهو وسمر، وقتل للوقت على مقاعد المقاهي والبارات، وتنقل بين دُور الملاهي والصالات، وفي نهارهم يَغُطُّون في نومهم، ويتكاسلون عن عملهم.

هذان صنفان خسروا شهر رمضان وخسرهم، وهجروه وهجرهم، وهو حجة عليهم بين يدي ربهم، وشهيد على تقصيرهم وسوء تقديرهم.

وقوم آخرون صلَّوا وصاموا وتعبوا وقاموا، وهم لا يعلمون من ذلك إلا أنهم أُمروا فامتثلوا، وتعودوا فعملوا، يرجون رحمة الله، ويخافون عذابه، وأولئك لهم ثواب صيامهم، وأجر قيامهم، وجزاء أعمالهم إن شاء الله تعالى، والحسنة بعشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء.

وبقي بعد كل أولئك جماعة آخرون أدوا ما أمرهم الله به من صلاة وصيام، وتلاوة وقيام، ومسارعة إلى الخيرات، وإحسان وصدقات، ولكنهم لم يقفوا عند ظواهر الأعمال، بل فهموا عن الله فيها، وعرفوا ما يراد بهم منها، وتغذت بصائرهم إلى لباب أسرارها، فعرفوا لرمضان معنى لم يعرفه غيرهم، وفازوا بربح لم يفز به سواهم، واكتسبوا منه تزكية النفوس، وتصفية الأرواح، وأولئك ذؤابة المؤمنين، وصفوة العارفين.

فهموا من فريضة الصوم وآداب القيام:
أنهم سيتركون الطعام والشراب، ويقللون المنام، ويحرمون الجسوم هذه الثلاثة؛ وهي مادة حياتها، وقوام نشاطها، وإذن فليختف شبح المادة، ولينهزم جيش الشهوات، ولتتغلب الإنسانية بمعانيها السامية على هذا الجسم الذي احتلها من قديم، فعطل حواسها، وكتم أنفاسها، وأطفأ نورها، وكبلها بما زين لها من زخرف الشهوات، وزائف اللذات.

استغنِ عن الطعام، فإذا استغنيت عنه:
فقد خلعت عن نفسك نِير العبودية، وصرت حرًّا من مطالبه، خالصًا من قيوده.

واستغن عن الشراب، فإذا استغنيت عنه:
فقد خلعت عن نفسك نير عبوديته، وصرت حرًّا من مطالبه، خالصًا من قيوده.

واستغن عن المنام وعن الشهوة، فإذا استغنيت:
فقد تحررت، وقديمًا قيل: "استغن عمن شئت تكن نظيره، واحتج إلى من شئت تكن أسيره".

إنك إذا استغنيت عن كل ذلك صرت حرًّا طليقًا، وإذن فرمضان شهر الحرية، وإذا استغنيت عن ذلك تقلص ظل المادة، وأشرق نور الروح. وإذن فرمضان شهر الروحانية، وإذا استغنيت عن ذلك صفا فكرك، وتجلى سلطان نفسك، فكنت إنسانًا بكل معنى الكلمة. وإذن فرمضان شهر الإنسانية، وإذا استغنيت عن ذلك لم يجد الشيطان سبيلاً إليك، ولم تلق نوازع الشر مطمعًا فيك. وإذا فرمضان شهر الخير الواضح المستنير.

مرحبًا بك يا شهر الخير. مرحبًا بك يا شهر الإنسانية الكاملة. مرحبًا بك يا شهر الروحانية الفاضلة. مرحبًا بك يا شهر الحرية الصحيحة. مرحبًا بك يا شهر رمضان.

أقبل أقبل، وأقم طويلاً في هذه الأمة الطيبة المسكينة، وألق عليها درسًا من هذه الدروس البليغة، ولا تفارقها حتى تزكي أرواحها، وتصفي نفوسها، وتصلح أخلاقها، وتجدد حياتها، وتقيم موازين التقدير فيها، فتعلم أن المطامع أساس الاستعباد، وأن الشهوات قيود الأسْر، وأن أساس الحرية الاستغناء، وأن الاستغناء يستتبع المشقة، ولكنها مشقة عذبة لذيذة؛ لأنها ستنتج الحرية، والحرية أحلى من الحياة.

عمروعبده
19-08-2010, 06:16 AM
بعد رمضان .. لا تنس الست من شوال

يقول المولى عز وجل: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185]

فمن نِعم الله على العبد أن يوفقه لعمل طاعة يشكره عليها بعد توفيقه لفعل الطاعات..فصيام الستة أيام من شوال بعد صيام الفريضة توفيق من الله للعبد وزيادة له في الخير ورغبة من الله له في الوصول إلى الصلاح.. فإن الله تعالى إذا تقبل عمل عبد، وفقه لعمل صالح بعده، قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "فأما مقابلة نعمة التوفيق لصيام شهر رمضان بارتكاب المعاصي بعده، فهو من فعل من بدل نعمة الله كفراً".

ولقد وكان "وهيب بن الورد" يُسأل عن ثواب شيء من الأعمال كالطواف ونحوه، فيقول:" لا تسألوا عن ثوابه، ولكن سلوا ( ما الذي أقوم بعمله للتوفيق والإعانة عليه. )" (أو كما قيل)


وقد صرّح الفقهاء من الحنابلة والشافعية: بأن صوم ستة أيام من شوال بعد رمضان يعدل صيام سنة فرضاً، و إلا فإنّ مضاعفة الأجر عموماً ثابت حتى في صيام النافلة لأن الحسنة بعشرة أمثالها.

فصيام ست من شوال سنة ثابتة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ويجوز صيامها متتابعة ومتفرقة؛ لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – أطلق صيامها ولم يذكر تتابعاً ولا تفريقاً، حيث قال – صلى الله عليه وسلم -: «من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر» [أخرجه الإمام مسلم في صحيحه]. وهذه الأيام ليست معينة من الشهر بل يختارها المؤمن من جميع الشهر، فإذا شاء صامها في أوله، أو في أثنائه، أو في آخره، وإن شاء فرقها، وإن شاء تابعها، فالأمر واسع بحمد الله.



ولهذه الست فضائل كثيرة منها:

- أن صيام الستّ من شوال تعويض النّقص الذي حصل في صيام الفريضة في رمضان إذ لا يخلو الصائم من حصول تقصير أو ذنب مؤثّر سلباً في صيامه ويوم القيامة يُؤخذ من النوافل لجبران نقص الفرائض كما قال صلى الله عليه وسلم : «إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال يقول ربنا جل وعز لملائكته وهو أعلم انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها فإن كانت تامة كتبت تامة وإن انتقص منها شيئاً قال انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع قال أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم» [رواه أبو داود].

- إن معاودة الصيام بعد صيام رمضان علامة على قبول صوم رمضان، فإن الله تعالى إذا تقبل عمل عبد، وفقه لعمل صالح بعده، كما قال بعضهم: ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فمن عمل حسنة ثم أتبعها بحسنة بعدها، كان هذا دليلاً على قبول العمل..

- إن الأعمال التي كان العبد يتقرب بها إلى ربه في شهر رمضان لا تنقطع بانقضاء رمضان بل هي باقية بعد انقضائه ما دام العبد حياً...


- إن صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب، وأن الصائمين لرمضان يوفون أجورهم في يوم الفطر، وهو يوم الجوائز فيكون معاودة الصيام بعد الفطر شكراً لهذه النعمة، التي لا ينال فعلها إلا من أراده الله تعالى أن يقوم بها..

- ولا شك أن أفضل المسلمون جميعاً مطالبون بفعل الطاعات والمداومة عليها... وخير ما يترقب به العبد إلى ربه هو الصوم فالحق تبارك وتعالى هو الذي يُجزى به فهل هناك خير من ذلك الجزاء...


هداية

عمروعبده
19-08-2010, 12:03 PM
وماذا بعد رمضان ؟
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:

أخي الحبيب.. أختي المسلمة

نقف وقفات مع وداع رمضان، نسأل الله أن ينفعنا بها.

الوقفة الأولى: ماذا استفدنا من رمضان؟

ها نحن نودع رمضان المبارك، بنهاره الجميل ولياليله العطرة. ها نحن نودع شهر القرآن والتقوى والصبر والجهاد والرحمة والمغفرة والعتق من النار... وهنا يجدر أن ننبه أن هذه الأمور ليست خاصة برمضان.. فكل الأيام وكل الأوقات تحصل فيها على رحمة الله ومغفرته.. وكلها أوقات يجب أن تحقق فيها التقوى، وتتخلق بأخلاق القرآن فيها. ولكن هذا الشهر تتضاعف فيه الأجور، وتزداد الحسنات، وتكثر الطاعات، قال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ} [القصص:67].

هل حققنا التقوى، وتخرجنا في مدرسة رمضان بشهادة المتقين؟!

هل ربينا فيه أنفسنا على الجهاد بأنواعه؟! وهل جاهدنا أنفسنا وشهواتنا وانتصرنا عليها أم غلبتنا العادات والتقاليد السيئة؟ هل سعينا إلى العمل بأسباب الرحمة والمغفرة والعتق من النار؟

هل.. هل.. وهل؟!

أسئلة كثيرة وخواطر عديدة، تتداعى على قلب كل مسلم صادق، يسأل نفسه ويجيبها بصدق وصراحة:

ماذا استفدت من رمضان؟!

إنه مدرسة إيمانية، إنه محطة روحية للتزود منه لبقية العام، ولشحذ الهمم بقية العمر.

فمتى يتعظ ويعتبر ويستفيد ويتغير ويغير من حياته، من لم يفعل ذلك في رمضان؟!

إنه بحق مدرسة للتغيير، نغير فيه من أعمالنا وسلوكنا وعاداتنا وأخلاقنا المخالفة لشرع الله جل وعلا: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11].

الوقفة الثانية: ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها

أخي الحبيب.. أختي المسلمة

إن كنت ممن استفاد من رمضان.. وحققت فيه صفات المتقين، فصمته حقاً، وقمته صدقاً، واجتهدت في مجاهدة نفسك فيه، فاحمد الله واشكره واسأله الثبات على ذلك حتى الممات.

وإياك ثم إياك من نقض الغزل بعد غزله، أرأيت لو أن إمرأةً غزلت غزلاً، فصنعت بذلك الغزل قميصاً أو ثوباً، فلما نظرت إليه وأعجبها، جعلت تقطع الخيوط وتنقضها خيطاً خيطاً بدون سبب.

فماذا يقول الناس عنها؟!!

ذلك هو حال من يرجع إلى المعاصي والفسق والمجون، ويترك الطاعات والأعمال الصالحة بعد رمضان.. فبعد أن تنعم بنعيم الطاعة ولذة المناجاة ترجع إلى جحيم المعاصي والفجور!! فبئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان.

أحبتي: ولنقض العهد مظاهر كثيرة عند الناس، فمنها على سبيل المثال لا الحصر:

1 - ما نراه من تضييع الناس للصلوات مع الجماعة في أول يوم للعيد، فبعد امتلاء المساجد بالمصلين في صلاة التراويح التي هي سنة، نراها قد قلّ روادها في الصلوات الخمس التي هي فرض، ويكفر تاركها مطلقاً!!

2 - بالأغاني والأفلام.. والتبرج والسفور.. والإختلاط في الحدائق والذهاب إلى الملاهي رجالاً ونساءً، والمعاكسات... والتفحيط.. إلخ.

3 - ومن ذلك السفر للخارج للمعصية.. فنرى الناس على أبواب وكالات السفر زرافات ووحداناً، يتسابقون لشراء تذاكر السفر إلى بلاد الكفر والإنحلال والفساد وغير ذلك، وما هكذا تشكر النعم.. وما هكذا نختم الشهر ونشكر الله على بلوغ الصيام والقيام.. وما هذه علامة القبول؛ بل هذا جحود للنعمة وعدم شكر لها.

وهذا من علامات عدم قبول العمل والعياذ بالله، لأن الصائم حقيقة يفرح يوم العيد بفطره، ويحمد ويشكر ربه على إتمام الصيام، ومع ذلك يبكي خوفاً ألا يتقبل الله منه صيامه كما كان السلف يبكون ستة أشهر بعد رمضان، يسألون الله القبول.

فمن علامات قبول العمل أن ترى العبد في حال أحسن من حاله السابق، وأن ترى فيه إقبالاً على الطاعة {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم:7] أي: زيادة في الخير الحسي والمعنوي، فيشمل الزيادة في الإيمان والعمل الصالح.. فلو شكر العبد ربه حق الشكر لرأيته يزيد من الخير والطاعة، ويبعد عن المعصية. والشكر ترك المعاصي كما قال السلف.


الوقفة الثالثة: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}

هكذا يجب أن يكون العبد، مستمر على طاعة الله، ثابت على شرعه، مستقيم على دينه، لا يروغ روغان الثعالب، يعبد الله في شهر دون شهر، أو في مكان دون آخر، أو مع قوم دون آخرين.. لا.. وألف لا!! بل يعلم أن رب رمضان هو رب بقية الشهور والأيام، وأنه رب الأزمنة والأماكن كلها.. فيستقيم على شرع الله حتى يلقى ربه وهو عنه راض، قال تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ} [هود:112]، وقال: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ} [فصلت:6]. وقال صلى الله عليه وسلم: «قل آمنت بالله ثم استقم» [رواه مسلم].

فلئن انتهى صيام رمضان فهناك صيام النوافل: كالست من شوال، والاثنين والخميس، والأيام البيض، وعاشوراء، وعرفة وغيرها.

ولئن انتهى قيام رمضان فقيام الليل مشروع في كل ليلة {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات:17].

ولئن انتهت صدقة وزكاة الفطر فهناك الزكاة المفروضة، وهناك أبواب للصدقة والتطوع والجهاد كثيرة.

وقراءة القرآن وتدبره ليست خاصة برمضان، بل هي في كل وقت.

وهكذا... فالأعمال الصالحة في كل وقت وكل زمان، فاجتهد أخي في الطاعات.. وإياك والكسل والفتور، فإن أبيت العمل بالنوافل فلا يجوز لك أبداً أن تترك الواجبات وتضيعها، كالصلوات الخمس في أوقاتها ومع الجماعة وغيرها.

ولا أن تقع في المحرمات من قول الحرام أو أكله أو شربه أو النظر إليه واستماعه.

فالله الله بالاستقامة والثبات على الدين في كل حين، فلا تدري متى يلقاك ملك الموت. فاحذر أن يأتيك وأنت على معصية (( اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك )) .

الوقفة الرابعة: مع العيد

فيشرع لك في يوم العيد عدة أمور منها:

1 - زكاة الفطر قبل الصلاة، وهي صاع من شعير أو تمر أو قط أو زبيب أو أرز أو نحوه من الطعام، عن الصغير والكبير، والذكر والأنثى. والحر والعبد من المسلمين.

2 - أكل تمرات وتراً قبل الذهاب إلى مصلى العيد.

3 - الصلاة مع المسلمين وحضور الخطبة. والنساء يشهدن العيد مع المسلمين.

4 - أن تذهب إلى المصلى ماشياً إن تيسر، فتكبر الله إلى أن تصلي، فيجهر الرجال (( الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد )).

5 - الاغتسال والتطيب للرجال، ولبس أحسن الثياب بدون إسراف ولا إسبال، ولا تزين بحلق اللحية فهذا حرام. أما المرأة فلا تتبرج ولا تتطيب في ذهابها إلى المصلى، فلا يصح أن تذهب لطاعة الله والصلاة ثم تعصي الله بالتبرج والسفور والتطيب أمام الرجال.

6 - صلة الرحم وزيارة الأقارب وتصفية القلوب وتطهيرها من التباغض والتحاسد والكراهية.. وغيره.

7 - العطف على المساكين والفقراء والأيتام ومساعدتهم وإدخال السرور عليهم في جميع بلاد المسلمين.

8 - ولا بأس بالتهنئة بالعيد كقولك: " تقبل الله منا ومنك " كما ورد عن السلف، والله أعلم.

9 - وإذا انتهى يوم العيد فبادر إلى القضاء إن كان عليك أيّام، وإلاّ فبادر إلى صيام الست من شوال، فصيامها مع رمضان كصيام الدهر كما في صحيح مسلم.


وختاماً

ينبغي أن تحرص على أعمال البر والخير، وأن تكون يوم العيد بين الخوف والرجاء.. تخاف عدم القبول، وترجو من الله القبول. ونتذكر يوم عيدنا يوم الوقوف بين يدي الله عز وجل فمنا السعيد ومنا غير ذلك.

مر وهيب بن الرود على أقوام يلهون ويلعبون في يوم العيد فقال لهم: " عجبا لكم.. إن كان الله قد تقبل صيامكم فما هذا فعل الشاكرين، وإن كان الله لم يتقبل فما هذا فعل الخائفين ".

فكيف لو رأى ما يفعله أهل زماننا من اللّهو والإعراض، بل مبارزة الله بالمعاصي يوم العيد؟!

أسأل الله أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام وسائر الأعمال.. وأن يجعل عيدنا سعيدًا.. وأن يعيد علينا رمضان أعوامًا عديدة.. ونحن في حال أحسن من حالنا وقد صلحت أحوالنا، وعزّت أمتنا، وعادت إلى ربها عودة صادقة.. اللهم آمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمروعبده
19-08-2010, 12:11 PM
10 وسائل للمداومة على العمل الصالح بعد رمضان

وماذا بعد رمضان ؟ كنت في رمضان في إقبال على الله ..أُكثر من النوافل ..أشعر بلذة العبادة .. وأكثر من قراءة القرآن الكريم .. لا أُفرط في صلاة الجماعة .. منُقطعا عن مشاهدة ما حرم الله ..
ولكن بعد رمضان فقدت لذة العبادة التي أجدها في رمضان ولا أجد في ذلك الحرص على العبادة ..
فكثيرا ما تفوتني صلاة الفجر مع الجماعة ... وانقطعت عن كثير من النوافل وقراءة القرآن .. وووووووو ....

فهل لهذه المشكلة من حل أو علاج ؟!

إليك أخي "10" وسائل للمداومة على العمل الصالح بعد رمضان

1- أولاً وقبل كل شي طلب العون من الله – عز وجل - على الهداية والثبات وقد أثنى الله على دعاء الراسخين في العلم { رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ }

2- الإكثار من مُجالسة الصالحين والحرص على مجالس الذكر العامة كالمحاضرات والخاصة كالزيارات .

3- التعرف على سير الصالحين من خلال القراءة للكتب أو استماع الأشرطة وخاصة الاهتمام بسير الصحابة فإنها تبعث في النفس الهمة والعزيمة .

4- الإكثار من سماع الأشرطة الإسلامية المؤثرة كالخطب والمواعظ وزيارة التسجيلات الإسلامية بين وقت وآخر .

5- الحرص على الفرائض كالصلوات الخمس وقضاء رمضان فان في الفرائض خير عظيم .

6- الحرص على النوافل ولو القليل المُحبب للنفس فان أحب الأعمال إلى الله « أدومه وإن قل » كما قال صلى الله عليه وسلم .

7- البدء بحفظ كتاب الله والمداومة على تلاوته وأن تقرأ ما تحفظ في الصلوات والنوافل .

8- الإكثار من ذكر الله والاستغفار فإنه عمل يسير ونفعه كبير يزيد الإيمان ويُقوي القلب .

9- البعد كل البعد عن مفسدات القلب من أصحاب السوء و أجهزة التلفاز والدش والاستماع للغناء والطرب والنظر في المجلات الخليعة .

10- وأخيرا أوصيك أخي الحبيب بالتوبة العاجلة .. التوبة النصوح التي ليس فيها رجوع بإذن الله فإن الله يفرح بعبده إذا تاب أشد الفرح .

أخي المبارك لا تكن من أولئك القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان لقد قال فيهم السلف " بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان " وداعاً أيها الحبيب إلى رمضان آخر وأنت في صحة وعافية واستقامة على دين الله إن شاء الله .


عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين

عمروعبده
19-08-2010, 12:24 PM
وقفة للمراجعة بعد رمضان
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، قائد الغر المحجلين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :

فنسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال ، وأن يعيد علينا رمضان أعواماً عدة ، وأزمنة متعاقبة ، ونحن وإياك نرفل في ثوب الإيمان والصحة في حياة سعيدة ونفوس مطمئنة .

أخي المسلم : هذه ثمان وقفات نقفها نحن وإياك في العيد مع نفوسنا ، لعلنا أن نستلهم منها روحاً تبقى ريانة بالإيمان بعد رمضان .

المراجعة الأولى : وقفة محاسبة :

أخي الكريم : جدير بكل مسلم يخاف الله تعالى أن يقف مع نفسه بعد هذا الشهر الكريم ليحاسبها ، فمحاسبة النفس من أنجع الأدوية بإذن الله لإصلاح القلوب وحثها على الخير ، وها نحن قد ودعنا رمضان المبارك بأيامه الجميلة ولياليه العطرة الفواحة بالروحانية ، ودعناه ومضى ، ولا ندري هل سندركه في عام قادم أم ستنتهي آجالنا دونه ؟

ودعناه ومضى وصرنا مرتهنين بما أودعناه من خير أو شر .

- فهل تخرجنا من هذا الشهر العظيم بوسام التقوى ؟

- هل عودنا أنفسنا على الصبر والمصابرة ، ومجاهدة النفس على فعل الطاعة وترك المعصية ابتغاء رضوان الله فانتصرنا عليها ، وكبحنا جماحها فصارت نفوساً مستسلمة لله رب العالمين ؟

- هل رحمنا الفقير فواسيناه بعدما ذقنا شيئاً مما يذوقه من الجوع والعطش ؟

- هل ربينا فيه أنفسنا علىالجهاد بأنواعه وهل جاهدنا أنفسنا وشهواتنا وانتصرنا عليها ؟ أم غلبتنا العادات والتقاليد السيئة ؟ هل سعينا إلى العمل بأسباب الرحمة والمغفرة والعتق من النار ؟

- هل نقينا قلوبنا من الغل والحسد والبغضاء والشحناء لإخواننا المسلمين وفتحنا معهم صفحات بيضاء ملؤها المحبة والتواصل والرأفة والمواساة ؟

- هل وهل وهل ... أسئلة كثيرة تحتاج منا إلى جواب ( عملي ) .

المراجعة الثانية : واعبد ربك حتى يأتيك اليقين :

يجب أن يكون العبد مستمراً على طاعة الله ، ثابتاً على شرعه ، مستقيماً على دينه لا يروغ روغان الثعالب يعبد الله في شهر دون شهر .. أو في مكان دون آخر .. أو مع قوم دون آخرين .. لا .. وألف لا !!

بل يعلم أن رب رمضان هو رب بقية الشهور والأيام ، وأنه رب الأزمنة والأماكن كلها ، فيستقيم على شرع الله حتى يلقى ربه وهو عنه راض .

قال تعالى { فاستقم كما أمرت ومن تاب معك } [هود:112]

وقال عز وجل { فاستقيموا إليه واستغفروه } [فصلت:6]

وقال صلى الله عليه وسلم « قل آمنت بالله ثم استقم » رواه مسلم

- فلئن انتهى صيام رمضان فهناك صيام النوافل كالست من شوال والإثنين والخميس والأيام البيض وعاشوراء وعرفة وغيرها .

- ولئن انتهى قيام رمضان فقيام الليل مشروع في كل ليلة { كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون } [الذاريات:17]

- ولئن انتهت صدقة وزكاة الفطر ، فهناك الزكاة المفروضة ، وهناك أبواب للصدقة والتطوع والجهاد كثيرة ومفتوحة .

- وقراءة القرآن وتدبره ليست خاصة برمضان بل هي في كل وقت .

- وهكذا فالأعمال الصالحة في كل وقت وكل زمان فاجتهد أخي في الطاعات .. وإياك والكسل والفتور ، فإن لم تستطع العمل بالنوافل فلا يجوز لك أبداً أن تترك الواجبات وتضيعها كالصلوات الخمس في أوقاتها ومع الجماعة وغيرها .

ولا أن تقع في المحرمات من قول الحرام ، أو أكله ، أو شربه ، أو النظر إليه واستماعه .

فالله الله بالإستقامة والثبات على الدين في كل حين فلا تدري متى يلقاك ملك الموت فاحذر أن يأتيك وأنت على معصية

فاللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك .

المراجعة الثالثة : إياك إياك :

- إياك أخي أن تنقض غزلك وتنكث توبتك وتخلف عهدك مع الله تعالى ،

وتهدم بناء التقوى الذي بنيته بلبنات الطاعة في هذا الشهر الكريم بمعول المعصية والذنب .

- إياك أن تستبدك تلاوة القرآن الكريم وسماعه بسماع صوت الشيطان ( الغناء ) ومشاهدة الأفلام والمسلسلات الساقطة .

- إياك وهجر القرآن بعد أن جعلته صاحباً لك في هذا الشهر العظيم وأنعم به من صاحب .

- إياك ونسيان ربك بعد أن فتح لك أبواب رحمته في هذا الشهر الكريم .

المراجعة الرابعة : علامة القبول :

- اعلم يرعاك الله أن من علامة قبول الطاعة : الطاعة بعدها ومن علامة ردها : المعصية والإعراض بعدما

فسل نفسك ! وانظر في حالك { وما يلقاها إلا ذو حظ ٍ عظيم }

المراجعة الخامسة : أنت لديك القدرة :

شهر رمضان قد بين لك أن لديك القدرة على الإلتزام والإستقامة وترك المنكرات والمحافظة على الصلوات كلها مع الجماعة ، وعلى أنك تستطيع ترك التدخين إن كنت من المدخنين .. فهل ستستفيد من رمضان ؟

المراجعة السادسة : منكرات منتشرة وبخاصة في العيد :

- اختلاط النساء بالرجال الأجانب في الأسواق والمنازل والحدائق والإستراحات والشواطئ .

- مصافحة النساء رجالاً من غير المحارم ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يبايع النساء ولايصافحهن ، وقال عليه الصلاة والسلام « لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له » صححه الألباني – صحيح الجامع 5045
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم « إني لست أصافح النساء »

- التفريط في أداء الصلوات في أوقاتها أو مع جماعة المسلمين في المساجد وخاصة صلاتي الفجر والعصر .

- قضاء كثير من الأوقات باللهو المحرم والغفلة عن ذكر الله تبارك وتعالى

- السفر إلى بعض بلاد الكفر أو بلاد ينتشر فيها الفساد ويذبح فيها الحياء وتقتل فيها الفضيلة بمدية الرذيلة .

- انتشار صور من الإسراف كالإسراف في الولائم والملبوسات والهدايا وإضاعة الأموال بالألعاب النارية للأطفال .

- إهمال كثير من الناس لنسائهم وأطفالهم ، وتركهم يخرجون إلى أي مكان شاؤوا مع السائقين بلا رقابة ولا متابعة مما يكون له أبلغ الأثر في انتشار الفساد والوقوع في مالا تحمد عاقبته .

وما هكذا تشكر النعم .. وما هكذا نختم الشهر ونشكر الله على بلوغ الصيام والقيام .. وما هذه علامة القبول بل هذا جحود للنعمة وعدم شكر لها .

وهذا من علامات عدم قبول العمل والعياذ بالله لأن الصائم حقيقة .. يفرح يوم العيد بفطره ، ويحمد ويشكر ربه على إتمام الصيام ، ومع ذلك يبكي خوفاً أن لايتقبل الله منه صيامه كما كان السلف يبكون ستة أشهر بعد رمضان يسألون الله القبول .

فمن علامات قبول العمل أن ترى العبد في حال أحسن من حاله السابق

وأن ترى فيه إقبالاً على الطاعة { وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم } [إبراهيم:7]

أي زيادة في الخير الحسي والمعنوي ،، فيشمل الزيادة في الإيمان والعمل الصالح ،، فلو شكر العبد ربه حق الشكر لرأيته يزيد في الخير والطاعة ، ويبعد عن المعصية والشكر ترك المعاصي كما قال السلف .

المراجعة السابعة : المسلمون والعيد :

تذكر أخي الكريم وأنت بين أهلك وأولادك في رغد من العيش وأمن وعافية ، تذكر إخوة لك مسلمين في أصقاع شتى من العالم ، حيث يعود عليهم هذا العيد ليجدد لهم الهموم وليزيد جراحاً لم تندمل ، فهم في بأساء وضراء لا يعلم مداها إلا الله تعالى بعضهم قد نسي شيئاً اسمه الأمان ، والبعض الآخر يسقط صريع الجوع والمرض ، وآخر يعيش ولكن كسقط المتاع لا تراعى له كرامة و لا يحفظ له عهد ولا يرى له حق ،،،،،

فأين أنت منهم ؟ وهل من شكر لنعمة الله عليك ؟؟



المراجعة الثامنة : من الذي يفرح بالعيد ؟

نرى الجميع يفرح بالعيد ويبتهج بقدومه ، ولكن من الذي يفرح حقيقة بالعيد ؟

إن العيد أيها المبارك ليس لمن لبس الجديد ، ولا لمن جمع من الأموال المزيد ولكن العيد إنما هو لمن أطاع ربه فأم يوم الوعيد ، ولمن فاز برضا الولي الحميد فنال لذة النظر لوجهه الكريم يوم المزيد ..



نسأل الله تعالى أن يجعله عيداً سعيداً محفوفاً بالقبول منه سبحانه وبالرياض والعتق من النار .. آمين .

وختاماً :

ينبغي أن تحرص على أعمال البر والخير ، وأن تكون يوم العيد بين الخوف والرجاء ،، تخاف عدم القبول ، وترجو من الله القبول ونتذكر يوم عيدنا يوم الوقوف بين يدي الله عز وجل فمنا السعيد ومنا غير ذلك .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

عمروعبده
19-08-2010, 12:30 PM
ومضى رمضان وكيف حالنا ؟
الحمد لله على ما وفق من الطاعات وذاد من المعصية، ونسأله لمنته تماما وبحبله اعتصاما نحمده على ما كان ونستعينه من أمرنا على ما يكون، ونسأله المعافاة في الدين والبدن والصلاة والسلام على من بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :

فإن شعور المسلم بالاستبشار والغبطة حينما يرى إقبال الناس على الله في رمضان وما يقلبه من بصره هنا وهناك تجاه أوجه البر والإحسان لدى الكثير من أهل الإسلام ليأخذ العجب بلبه كل مأخذ، ولربما غلب السرور مآقي المترقب، فهتن دمع الفرح والإعجاب لما يرى ويشاهد إلا أن العيد وما يعقبه ليصدق ذلك الظن أو يكذبه ومن ثم ينكص المعجب وتشخص أحداقه لما يرى من مظاهر التراجع والكسل والفتور ومن ثم يوقن أنه إنما كان مستسمنا ذا ورم.

وإن من يقارن أحوال الناس في رمضان وبعد رمضان ليأخذ العجب من لبه كل مأخذ، حينما يرى مظاهر الكسل والفتور والتراجع عن الطاعة في صورة واضحة للعيان، و كأن لسان حالهم يحكي أن العبادة والتوبة وسائر الطاعات لا تكون إلا في رمضان، وما علموا أن الله سبحانه هو رب الشهور كلها وما شهر رمضان بالنسبة لغيره من الشهور إلا محط تزود وترويض على الطاعة والمصابرة عليها إلى حين بلوغ رمضان الآخر.

نعم رمضان ميزة وخصوصية في العبادة ليست في غيره من الشهور بيد أنه ليس هو محل الطاعة فحسب، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم جوادا في كل حياته غير أنه يزداد جوده إذا حل رمضان ناهيكم عن أن الرجوع والنكوص عن العمل الصالح هو مما استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله فيما صح عنه : «وأعوذ بك من الحور بعد الكور» والله عز وجل يقول : {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا}[النحل:92] إذ لم يقصر الخير على شهر رمضان فحسب بل إن هذا كله إنما استجابة لأمر ربه جل وعلا بقوله : {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99]فلا منتهى للعبادة والتقرب إلى الله إلا بالموت.

وما يشاهده المرء في الأعياد في أقطار شتى من الفرح المشروع واللامشروع وتجاوز حدود الاعتدال فيه على هيئة وصورة تنفيان كونهم من الخائفين على رد الأعمال الصالحة أو من الشاكرين لبلوغ هذا العيد الذي أكرمهم الله به، ومن ثم فإن الحال على ما ذكر كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا لأن النفس البشرية لو كان عندها شغل بالخالق لما أحبت المزاحمة بما يسخطه : {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُم} [محمد:25]، ولو أنهم أحبوا الطاعة لما تخلوا عنها طرفة عين وقديما قيل : من عشق طريق اليمن لم يلتفت إلى الشام.

ألا فاعلموا – يا رعاكم الله – أن من قارب الفتور والكسل بعد عنه النصب والاجتهاد، ومن ادعى التراويح أو التسلية وكل إلى نفسه وإن من أحق الأشياء بالضبط والقهر والأطر على العبادة والاستقامة أطرا هي نفسك التي بين جنبيك.

فإياك إياك – أيها المسلم – أن تغتر على ترك الهوى في رمضان مقاربة الفتنة بعده فإن الهوى مكايد فكم من صنديد في غبار الحرب اغتيل فأتاه ما لم يحتسب ممن يأنف النظر إليه واذكر – حفظك الله – حمزة مع وحشي رضي الله عنهما.

من تعود الفتور والكسل أو مال إلأى الدعة والراحة فقد فقد الراحة وقد قيل في الحكمة : إن أردت ألا تتعب فاتعب لئلا تتعب ولا أدل على ذلك من وصية الباري جل وعلا لنبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم : {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ} [الشرح:7]، لأن الكسل لم يؤد حقا ومن ضجر لم يصبر على الحق والكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.

وليس في سياط التأديب للنفس أجود من سوط عزم، وإلا ونت وأبت، لأن فساد الأمر في التردد والنفس – عباد الله – من أعجب الأشياء مجاهدة لأن أقواما أطلقوها فيما تحب فأوقعتهم فيما كرهوا. وآخرين بالغوا في خلافها حتى منعوها حقها وإنما الحازم من تعلم منه نفسه الجد وحفظ الأصول، فإذا ما أفسح لها في مباح لم تتجاسر أن تتعداه لأن تفقد النفس حياة وإغفالها لون من ألأوان القتل صبرا


والنفس كالطفل إن تهمله شب علىحـب الرضـاع وإن تفطمـه ينفـطـم


إن الحياة الدنيا لا تخلو من عقوبة، ومن عاش لم يخل من المصيبة وقل ما ينفك عن عجيبة، وإن من أعظم العقوبات عباد الله عدم إحساس المعاقب بها، بل وأدهى من ذلك وأمر السرور بما هو عقوبة كالفرح بالتقصير بعد التمام، أو التمكن من الذنوب بعد الإقلاع عنها، ومن هذه حاله لا يفوز بطاعة ولو غشى نفسه بعبادات موسمية ذات خداج لوجد خفي العقوبة الرئيس وهو سلب حلاوة المناجاة أو لذة التعبد إلا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات من عباد رب الشهور كلها بواطنهم كظواهرهم، شوالهم كرمضانهم. الناس في غفلاتهم وهم في قطع فلاتهم فأخلق بمدمن القرع منهم الأبواب أن يلج، لأنهم تغلبوا على طباعهم ذات الجواذب الكثيرة، ولذا فليس العجب أن يغلب الطبع وإنما العجب أن يغلب.

لقد خلق الإنسان في كبد، والمرء كادح إلى ربه كدحا فملاقيه، وإن من أعظم ما يعين النفس المسلمة على دوام الطاعة ألا تحمل من الأمر ما لا يطيق بل لابد لها من التلطف فإن قاطع مرحلتين في مرحلة خليق بأن يقف والطريق الشاق ينبغي أن يقطع بألطف ممكن ولا شك أن الرواحل إذا تعبت نهض الحادي ينشدها ولذا فإن أخذ الراحة للجد جد وغوص البحار في طلب الدر صعود، ومن أراد أن يرى التلطف بالنفس فليداوم النظر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وليستمع إلى قوله : «إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى» .
وعند البخاري في صحيحه : أن النبي صلى الله عليه وسلم : «إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه».

كثيرون هم أولئك الذين يشفقون من المتاعب وينفرون من الجهد والتكاليف وهم كذلك يتساقطون إعياء خلف صفوف الجادين ضعافا مسترخين يخذلون أنفسهم في ساعات الشدة : {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى:16-17].
نعم إن هناك ضعفا في البشر ولا يملك الناس أن يتخلصوا منه وليس مطلوبا أن يتجاوزوا حدود بشريتهم، ولكن المطلوب أن يتمسكوا بالعروة الوثقى التي تشدهم إلى الله في كل حين وتجعل من التدين في جميع جوانب الحياة عندهم ثقافة وأسرة وإعلاما من الثوابت التي لا تتغير ولا تخدع بها النفس في موسم ما دون غيره، كما أنهم تمنعهم في الوقت نفسه بأذن الله من التساقط وتحرسهم من الفترة بعد الشرة مهما قلت ما دامت على الدوام فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «يا أيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لايمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله مادام وإن قل»

ولاجرم أن نشير هاهنا إلى التحرر من الغلو والتشدد لا يعني الترك والإهمال بل يعني التوسط والاعتدال مع محافظة المرء على ما اعتاده من عمل أو التزام في السلوك العام قال عبدالله بن عمرو بن العاص رضي اله عنهما : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لي :«يا عبدالله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل».

إن الانهماك المستمر في العبادة والإغلاق على حقوق النفس والأهلين يعد إفراطا مذموما، ليس من هدي سيد المرسلين و أعبد الناس لرب العالمين بل كونه سببا في التراجع والنكوص، كما أن الأمر في الوقت نفسه إن كان تقاصرا عن العبادة أو انشغالا عنها أو تركا للحبل على الغارب مجانبة للتصحيح أو الارتقاء بالحال على ما يريده الله ورسوله يعد تفريطا ممقوتا وكلا طرفي قصد الأمور ذميم ويمثل ذلك تضييع المجتمعات المسلمة بين إفراط وتفريط ناشئين عن جهل وضلال كما قال علي رضي الله عنه : " لا يرى الجاهل إلا مفرطا " ولفظ الإفراط والتفريط – عباد الله – لم يأت في القرآن على سبيل المدح إلا في نفيه عن كل صالح أو مصلح يقول سبحانه عن الملائكة : {حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ} [الأنعام:61]. وقال عن موسى وهارون : {قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى} [طه:45]]ويقول سبحانه عن أهل النار : {قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا} [الأنعام:31] وقال جل شأنه : {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف:28].

والمراد هنا عباد الله : أن يتماسك المرء المسلم و المجتمعات المسلمة، فيكون لهم من صلابة عودهم الإسلامي وحسه ما يحول بينهم وبين الفور والضعف والتراجع عن الدين أو التخاذل عنه، وإذا ما بدت هفوة أو غفلة سارعوا بالتيقظ ومعاودة التمسك والاستجابة لكل ناصح مشفق، وهذا هو التوسط المحمود الذي اختصت به هذه الأمة من بين سائر الأمم.


فلا هو فـي الدنيـا مضيـع نصيبـهولا عرض الدنيا عن الدين شاغله


{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [هود:112]. والطغيان هنا هو ما تجاوز الحد في الأخذ أو الترك.

أيها المسلمون : كثيرا ما يناجي المرء نفسه ماذا وكم عملت وقليلا ما يسائل نفسه ويبلوها كيف كان عملي ؟ وما مدى قربه أو بعده من الله ؟ وما درجة المداومة عليه وعدم الفتور عنه أو الإعياء بحمله ؟ وما ذاك عباد الله إلا من جهل المرء بنفسه وتقصيره في معرفة حقيقة العبادة التي يريد الله منه في قوله : {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99]. إن البقاء على الطاعة في كل حين أو التهاون عنها كرات ومرات ليعودان في المرد بإذن الله إلى القلب وهو أكثر الجوارح تقلبا في الأحوال حتى قال فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم : «إنما سمي القلب من تقلبه إنما مثل القلب كمثل ريشة في أصل شجرة يقلبها الريح ظهرا على بطن».

و لأجل ذا كان من دعائه صلى الله عليه وسلم : «يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» وسئل عن ذلك فقال : «إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الله فمن شاء أقام ومن شاء أزاغ».

إن استدامة الطاعة والمداومة على الأ‘مال الصالحة لهي في الحقيقة من عوامل الثبات على دين الله وشرعه {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الأحقاف:13]، ألا وإن ترك المحرمات والعمل بما يوعظ به المرء من قبل خالقه ومولاه لأمر يحتاج إلى ترويض ومجاهدة من أجل الحصول على العاقبة الحميدة وحسن المغبة : {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذاً لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْراً عَظِيمًا} [النساء:66-67] والتثبيت عباد الله يكون في الحياة الدنيا على الخير والعمل الصالح وفي الآخرة يكون تثبيتا في البرزخ وعند السؤال {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء} [ابراهيم:27].

فيا أهل التوبة : استيقظوا ولا ترجعوا بعد رمضان إلى ارتضاع ثدي الهوى من بعد الفطام فالرضاع إنما يصلح الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء لا للرجال، وعليكم بالصبر على مرارة الفطام لتعتاضوا عن لذة الهوى بحلاوة الإيمان في قلوبكم ومن ترك شيئا لله عوضه الله بخير منه {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الأنفال:70].

ذنب واحد بعد التوبة أقبح من كذا ذنب قبلها النكسة أصعب من المرض وربما أهلكت، فسلوا الله الثبات على الطاعات إلى الممات، وتعوذوا بالله من تقلب القلوب ومن الحور بعد الكور، فما أوحش ذل المعصية بعد عز الطاعة وأفحش فقر الطمع بعد غنى القناعة.

ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم قوم يجتهدون في العبادة اجتهادا شديدا فقال : «تلك ضرورة الإسلام وشرته ولكل عمل شرة فمن كانت فترته إلى اقتصاد فنعما هو من كانت فترته إلى المعاصي فأولئك هم الهالكون».

ومعنى الحديث – عباد الله - : أن لكل عمل قوة وشدة يتبعها فتور وكسل، ولكن الناس يختلفون في هذا الفتور، فمنهم من يبقى على السنة والمحافظة عليها ولو كانت قليلة ومنهم من يدعها ويتجاوزها إلى ما يغضب الله، وبنحو هذا يقول ابن القيم رحمه الله : " تخلل الفترات للعباد أمر لابد منه فمن كانت فترته إلى مقاربة وتسديد ولم تخرجه من فرض ولم تدخله في محرم رجي له أن يعود خيرا مما كان ". {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) [فاطر:32].

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


سعود بن إبراهيم الشريم

عمروعبده
19-08-2010, 01:02 PM
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فلقد دار الدهر دورته..، ومضت الأيام تلو الأيام..، وإذا بشهرنا تفيض أنواره.. وتبلى أستاره.. ويأفل نجمه بعد أن سطع..، ويظلم ليله بعد أن لمع..، ويخيم السكون على الكون.. بعدما كان الوجود كل الوجود يستعد، ويتأهب للقاء هذا الضيف الكريم..

أنا لا أدري وأنا أرقم هذه الجمل.. أأهنيكم بحلول عيد الفطر المبارك..، أم أعزيكم بفراق شهر العتق والغفران..

إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع.. وإنا على فراقك يا رمضان لمحزونون..

لحن الخلود

إن قلبي ليُملي على بناني عبارات الأسى واللوعة، فتكتب البنان بمداد المدامع لحن الخلود، وتأبى الكلمات أن تستلقي على صفحات دفاتري.. إلا حينما أعظها بواحدة.. حينما أعظها بأن الله قد جعل من سننه في هذه الحياة.. أن للشمل التمامٌ وافتراق...


ستر السنا وتحجبت شمـس الضحـىوتغـيـبـت بـعــد الــشــروق بــــدورُ
ومضى الذي أهوى وجرعني الأسىوعـــدت بقـلـبـي جــــدوةٌ وسـعـيــرُ
يــا ليـتـه لـمـا نـــوى عـهــد الـنــوىوافــى العـيـون مــن الـظـلام نـذيــرُ
ناهـيـك مــا فعـلـت بـمـاء حشاشـتـينـــارٌ لـهــا بـيــن الـضـلـوع زفـيــرُ


انقضى رمضان.. ويا وَلهِي عليه.. انقضت أيامه ولياليه.. ذهب.. ليعود على من بقي..، وليودع من كان أجله قد حان.. نعم.. ذهبت يا رمضان.. فجرت المدامع..


يا راحلاً وجميل الصبـر يتبعـهُهل من سبيل إلـى لقيـاك يتفـق
ما أنصفتك دموعي وهي داميةٌولا وفّى لك قلبي وهو يحترقُ


نعم.. انقضى رمضان.. ولكن.. ماذا بعده؟!

إن عمل المؤمن لا ينقضي أبداً

انقضى رمضان..، وقد اعتاد كثير من أبنائه الصلاة مع جماعة المسلمين..

فيا من أَلِفَ الحق.. تمسك به هُديت..، واستمر عليه.. نعم.. اجعل رمضان كقاعدة تنطلق منها للمحافظة على الصلاة في باقي الشهور.. نعم اجعل رمضان منطلقاً لترك الذنوب والمعاصي.. علّ الله جل وعز أن يغفر لك بما قدمت..، وإياك ثم إياك أن تكون من عُباد رمضان..

إن من علامات قبول العمل الماوصلة فيه، والاستمرار عليه.. فاحكم أنت على صيامك.. هل هو مقبولٌ أم مردود.. نعم احكم أنت..

خواطر صائم في لحظات الوداع

أخي الصائم.. أختي الصائمة:

إن لحظات الوداع لحظاتٌ لا تُنسى..، ولوعتها لوعة لا تبلى.. حُرقة الوداع تُلهب الأحشاء..، ودموعُه تحرق الوجنات بحرارة العبرات..


لـم يُبكنـي إلا حـديـث فراقـكـملـمـا أســرّ بــه إلــيّ مـودّعـي
هـو ذلـك الـدرُّ الــذي أودعـتـمُفي مسمعي أجريتهُ من مدمعي


فيا من صام لسانه في رمضان عن الغيبة والنميمة والكذب واصل مسيرتك..، وجدّ في الطلب.. ويا من صامت عينه في رمضان عن النظر المحرم.. غضّ طرفك ما بقيت.. يورث الله قلبك حلاوة الإيمان ما حييت..

ويا من صامت أذنه في رمضان عن سماع ما يحرم من القول، وما يُستقذر.. من سماع غيبة..، أو نميمة..، أو غناء..، أو لهو.. اتق الله..، ولا تعد..، اتق الله، ولا تعد..

ويا من صام بطنه في رمضان عن الطعام..، وعن أكل الحرام.. اتق الله في صيامك..، ولا تذهب أجرك بذنبك..، وإياك ثم إياك من أكل الربا.. فإن آكله محارب لله ولرسوله .. فهل تطيق ذلك؟!

ويا من صام بطنه.. تذكر إخواناً لك في رمضان، وغيره يبيتون على الجوع والعُريّ.. ولا يجد أحدهم ما يسدّ به جوعته، ولا فاقة عياله.. تذكر أنهم ينتظرون منك أنت ومن أمثالك من يمدّ لهم يد العون، والمساعدة..

حان الوداع

وأخيراً أخي الصائم.. أختي الصائمة..

إن العيد على الأبواب..، وإن رمضان آذن بوداع..، وكم هي شاقة هذه الكلمة ( وداع )..، ولكنني أسأل الله الكريم رب العرش العظيم.. أن يعيده علينا وعلى سائر المسلمين أياماً عديدة.. وأزمنة مديدة.. وقد تحقق للأمة الإسلامية ما تصبوا إليه من عز وتمكين، وسؤدد في العالمين.. إن الله وليّ ذلك، والقادر عليه..


يــا لائـمـي فــي البـكـا زدنــي بــه كلـفـاًواسـمــع غـريــب أحــاديــث وأشــعــار
مـــا كـــان أحسـنـنـا والـشـمـل مجـتـمـعمـنـا المصـلـي ومـنــا الـقـانـت الـقــاري
وفـــي الـتـراويــح لـلـواحــات جـامـعــةفيـهـا المصابـيـح تـزهــو مـثــل أزهـــار
شـهــرٌ بـــه يُـعـتـق الله الـعـصــاة وقــــدأشفـوا علـى جُــرف مــن حـصـة الـنـار
فابكوا على ما مضى في الشهر واغتنموامـا قـد بقـي، فـهـو حــقٌ عنـدكـم جــاري


فرحة العيد

إلى كل صائم وصائمة.. أوجه هذه العبارات.. علّ الله عز وجل أن يكتبها في ميزان الحسنات.. أقول:

أخي.. أخي: حينما تشرق شمس صباح العيد..، فيجتمع الشمل..، ويُلبس الجديد..، ويؤكل ما لذّ وطاب..

تذكروا ذلكم الطفل اليتيم.. الذي ما وجد والداً يبارك له بالعيد.. ولا يُقبّله، ولا يمسح على رأسه.. قتل أبوه في جرح من جراح هذه الأمة..

وتذكروا تلكم الطفلة الصغيرة.. حينما ترى بنات جيرانها يرتدين الجديد.. وهي يتيمة الأب...

إنها تخاطب فيكم مشاعركم..، وأحاسيسكم.. إنها تقول لكم:

أنا طفلة صغيرة..، ومن حقي أن أفرح بهذا العيد.. نعم.. من حقي أن أرتدي ثوباً حسناً لائقاً بيوم العيد.. من حقي.. أن أجد الحنان والعطف.. أريد قُبلة من والدي..، ومسحة حانية على رأسي.. أريد حلوى..، ولكن السؤال المرّ.. الذي لم أجد له جواباً حتى الآن هو.. أين والدي؟ أين والدي؟ أين والدي؟!!

فيا أخي.. ويا أختي.. قدموا لأنفسكم، واجعلوا فرحة هذا العيد المبارك.. تعم أرجاء عالمنا الإسلامي..

فها هي المبرات..، ودور الصدقات، ولجان الإغاثة، والمساعدات.. مشرّعة أبوابها..، فهلموا إليها.. وما تقدموا لأنفسكم تجدوه عند الله.

والله يرعاكم ويتولانا وإياكم جعل الله صيامنا، وصيامكم مقبولاً، خالصاً لوجهه الكريم..


محمد بن سرار اليامي

عمروعبده
19-08-2010, 01:18 PM
توديع رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوز بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى يهديهم إلى يوم الدين .

أمّا بعد :

فبالأمس كنا ننتظر رمضان, وها نحن الآن نودعه, فهذه آخر جمعة من رمضان, وهكذا تمضي الأعمال, وإنّما العبد جملة من أيّام كلما ذهب يوم ذهب بعضه. هذا رمضان يمضي, كما كان بالأمس يأتي, فسبحان من قلب الليل والنهار, وأجرى الدهور والأعوام, وفي ذلك معتبر للمعتبرين, وموعظة للمتقين .

هذا رمضان تلك السنة يشيع, تطوى صحائفه بأعمال العباد, ولا تنشر إلّا يوم القيامة للحساب, ولا ندرى أندرك رمضان القابل أم لا, فالله المستعان ؟ فحق لرمضان أن يبكي له ويبكي عليه, كيف لا يبكي المؤمن رمضان وفيه تفتح أبواب الجنان؟ وكيف لا يبكي المذنب ذهابه, وفيه تغلق أبواب النيران ؟ كيف لا يبكى على الوقت تسلسل فيه الشياطين. فبالوعة الخاشعين على فقدانه, ويا حرقة المتقين على ذهابه.

حال الصالحين في رمضان ؟

كان منهم القائم القانت في محرابه {يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [ الزمر: 9] ويخشى عذابه .

ومنهم من قد حبس نفسه على طاعة الله تعالى وذكره, وتجرد من الدنيا, وقطع عن نفسه كل العلائق, وعكف بقلبه وقالبه على ربّه وما يقرب منه, فما بقي في قلبه غير الله تعالى, وليس له هم إلّا مرضاته, يتمثل قول داوود الطائي رحمه الله حينما كان يناجي ربّه في ليله فيقول : " همك عطل علي الهموم, وخالف بيني وبين السهاد, وشوقي إليك أوبق مني اللذات, وحال بيني وبين الشهوات ". ( لطائف المعارف 348 ).
.
هذا حال الصائمين القائمين, عرفتهم المساجد والخلوات, يطيلون القيام, ويتلون القرآن ويلحون في الدعاء, ويعلنون الإنابة, ويناجون الرحمن, بينما كان غيرهم في مجالس الزور مجتمعين على عرض الشيطان, وبرامج الفساق .

لماذا يعملون ؟

ماذا دها الصالحين ؟ وما الذي دعاهم إلى طول التهجد, ومكابدة السهر والنصب ؟

إنّهم يلتمسون ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. فلو نطقت المساجد لقالت : " يا ليلة القدر للعابدين اشهدي , يا أقدام القانتين اركعي لربك واسجدي , يا ألسنة السائلين جدي في المسألة واجتهدي ". ( اللطائف 349 ).

ها هو ذا رمضان يمضي, وقد شهدت لياليه أنين المذنبين, وقصص التائبين, وعبرات الخاشعين وأخبار المنقطعين. وشهدت أسحاره استغفار المستغفرين, وشهد نهاره صوم الصائمين وتلاوة القارئين, وكرم المنفقين .

إنّهم يرجون عفو الله, علموا أنّه عفو كريم يحب العفو فسألوه أن يعفو عنهم .

لما عرف العارفون جلاله خضعوا, ولمّا سمع المذنبون بعفوه طعموا, ما ثم إلّا عفو الله أو النّار .

لولا طمع المذنبين في العفو لاحترقت قلوبهم باليأس من الرحمة, ولكن إذا ذكرت عفو الله استروحت إلى برد عفو . كان أحد الصالحين يدعو قائلاً :
" جرمي عظيم, وعفوك كبير, فاجمع بين جرمي وعفوك يا كريم ". ( اللطائف 370 ).

هذا دعاء الصالحين, وهكذا قضوا رمضان, فلهم الحق أن يبكوا في ختامه, لما له من لذة في قلوبهم, ومع ذلك فهم وجلون من ربهم, خائفون من الرد وعدم القبول, يعلمون أنّ المعول عليه القبول لا الإجتهاد, وأن الإعتبار بصلاح القلوب لا بعمل الأبدان .

كم من قائم محروم " ومن نائم مرحوم " هذا نام وقلبه ذاكر, وذاك قام وقلبه فاجر, لكن العبد مأمور بالسعي في اكتساب الخيرات, والإجتهاد في الصالحات, مع سؤال الله القبول, والإشتغال بما يصلح القلوب, وهذا دأب الصالحين.

قال يحيى بن أبي كثير: " كان من دعائهم : (( اللهم سلمني إلى رمضان, وسلم لي رمضان, وتسلمه منّي متقبلاً )) ". (حلية الأولياء 3 / 69 ).

وقال ابن دينار: " الخوف على العمل أن لا يتقبل أشد من العمل ". ( الحلية 2 / 387 ).

وقال عبد العزيز بن أبي رواد : " أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح فإذا فعلوه, وقع عليهم الهم أيقبل منهم أم لا ". ( اللطائف 375 ).

علامة القبول ؟

أبين علامة على القبول استمرار العبد على الخير والعمل الصالح بعد رمضان. قال بعضهم : " ثواب الحسنة بعدها, فمن عمل حسنة ثم أتبعها بحسنة بعدها كان ذلك علامة على قبول الحسنة الأولى, كما أن من عمل حسنة ثم أتبعها بسيئة كان ذلك علامة رد الحسنة وعدم قبولها ".

إنّ مقابلة نعمة إدراك رمضان, والتوفيق لصيامه وقيامه بارتكاب المعاصي بعده لمن فعل من بدل نعمة الله كفراً فإن كان قد عزم في صيامه على المعاودة المعاصي بعد انقضاء الصيام فصيامه عليه مردود, وباب الرحمة في وجهه مسدود, إلّا أن يعجل بتوبة نصوح ما أحسن الحسنة بعد السيئة تمحوها, وأحسن منها بعد الحسنة تعقبها, وما أقبح السيئة بعد الحسنة تمحقها وتعفوها "ذنب واحد بعد التوبة أقبح من سبعين ذنباً قبلها, ما أقبح النكسة بعد التوبة " ما أوحش ذل المعصية بعد عز الطاعة.

يا معشر التائبين : لا ترجعوا إلى المعصية بعد رمضان واصبروا على لذة الهوى بحلاوة الإيمان, اصبروا لله تعالى يعوضكم خيراً { إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [ الأنفال:70 ] .

يا معشر الطائعين : إنّ الأعمال التي كان العبد يقترب بها في رمضان لا تنقطع بانقضائه, بل هي باقية بعد انقضائه ما دام العبد حياً, قد لا يطيقها كلها فيخففها لمنه لا يقطعها. قيل لبشر الحافي : إنّ قوماً يتعبدون ويجتهدون في رمضان فقال : بئس القوم قوم لا يعرفون الله حقاً إلّا في شهر رمضان, إنّ الصالح الذي يتعبد السنة كلها . ( اللطائف 369 ). وتلك قاعدة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول :
«أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل» [ رواه البخاري 43/ ومسلم / 782 ] قالت عائشة رضي الله عنها : " وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه " [رواه البخاري / 43] .

فرب رمضان هو رب الشهور كلّها تعالى وتقدس, وعمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله, قال الحسن رحمه الله تعالى: " إنّ الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت ثم قرأ {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99 ] ". (اللطائف 398 ).

أما يستحيي قوم من ربّهم إذا انقضى رمضان عطلوا المساجد والقرآن, وعادوا إلى الحرام, نعوذ بالله أن نكون منهم. هذا هو الحديث لمن قضوا رمضان في طاعة الله تعالى, ولمن كان رمضان مناسبة لتوبتهم, وميلاداً جديداً لهم.

لكن ماذا يقال لمن فاتتهم الفرصة, فأضاعوا رمضان في اللّهو والباطل؟

لا أحسن من أن يقال لهم : توبوا إلى ربكم فما يزال ربكم يبسط يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار, ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل, ما زال باب التوبة مفتوحاً, فإلى ربّكم أنيبوا. فإن كانت الرحمة للمحسنين فالمسيء لا ييأس منها, وإن تكن المغفرة مكتوبة للمتقين فالظلم لنفسه غير محجوب عنها, وقد قال سبحانه { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53] .

يا من ضاع منه رمضان لا يضيع منك عمرك, اختمه بتوبة عسى أن يختم أجلك بالحسنى.

يا أيها العاصي – وكنا ذلك - : لا تقنط من رحمة الله لسوء عملك يعتق من النّار في ختام الشهر من أمثالك. أصدق مع الله يصدقك, وأحسن الظّن بربّك, وتب إليه, فإنّه لا يهلك على الله إلّا هالك. ( اللطائف ).

عسى وقفة للوداع أن تطفئ من نار الشوق ما أحرق, عسى ساعة توبة وإقلاع أن ترفو من الصيام ما تخرق, عسى منقطع عن ركب المقبولين أن يلحق, عسى أسير الأوزار أن يطلق, عسى من استجوب النّار أن يعتق, عسى رحمة المولى لها العاصي يوفق. ( اللطائف 387 ).

بماذا نختم شهرنا ؟

كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى إلى الأمصار يأمرهم بختم شهر رمضان بالإستغفار والصدقة – صدقة الفطر – فإنّ صدقة الفطر طهرة للصائم من اللّغو والرفث, والإستغفار يرقع ما تخرق من الصيام باللّغو والرفث, ولهذا قال بعض المتقدمين: " إن صدقة الفطر للصائم كسجدتي السهو للصلاة ".

وقال عمر بن عبد العزيز في كتابه : " قولوا كما قال أبوكم آدم {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الأعراف:23].

وقولوا كما قال نوح عليه السلام {وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ} [هود :47], وقولوا كما قال إبراهيم عليه السلام { وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء:82], وقولو كما قال موسى عليه السلام {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} [القصص: 16], وقولوا كما قال ذو النون عليه السلام
{لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء : 87] ". ( اللطائف 387 ).

أعمال ليله العيد ؟

لما كانت المغفرة والعتق من النّار كل منهما مرتباً على صيام رمضان وقيامه, أمر الله سبحانه وتعالى عند إكمال العدة بتكبيره وشكره فقال سبحانه: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185] فشكر من أنعم على عباده بتوفيقهم للصيام, وإعانتهم عليه, ومغفرته لهم به, وعتقهم من النّار : أم يذكروه ويشكروه ويتقوه حق تقاته . وقد فسر ابن مسعود رضي الله عنه تقواه حق تقاته : " بأن يطاع فلا يعصي, ويذكر فلا ينسى, ويشكر فلا يكفر " ( تفسير ابن أبي حاتم 2 / 446 وهو صحيح موقوف ) .

والتكبير مشروع من غروب شمس يوم العيد إلى صلاة العيد, يجهر به الرجال في المساجد والأسواق والبيوت كما كان السلف يفعلون.

ومن السنة : أن يأكل قبل الخروج إلى الصلاة في عيد الفطر تمرات وتراً, ثلاثاً, أو خمساً, أو أكثر من ذلك. يقطعها على وتر, لقول أنس ابن مالك رضي الله عنه : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وتراً» [ أخرجه البخاري / 953 ] .

ويخرج النّساء لصلاة العيد غير متبرجات بزينة ولا متعطرات, يحضرن الصلاة والذكر.

ومما يلزم التنبيه عليه أن بعض النّاس يهمل أهله وبناته في لباسهن, فيكون فيه مخالفات شرعية, يخرجن يوم العيد يفتن النّاس, وسيسأل عن إهماله هذا يوم القيامة, فيجب على من استرعاه الله نساءً أن يطلع على لباسهن للعيد, فإن كان موفقاً للشرع وإلّا منعهن من لبسه, حماية لهنّ من الوقوع في الإثم, وأداءً للأمانة التي حمله الله إيّاها . ثم إنّ كثيراً من النّاس بمجرد إعلان العيد يخرجون للأسواق, فتضيع ليلة العيد في التجوال في الأسواق مع ما تعج به من المنكرات, فلا يسلم روادها من الوقوع في الإثم والمنكر. وما هكذا يشكر الله تعالى في ليلة العيد التي ينبغي أن يكثر فيها من الإستغفار والذكر حتى يختم الشهر بخاتمة حسنة .

أسأل الله العلي القدير أن يتقبلنا بقول حسن وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا, وأن يعيد رمضان علينا باليمن والخير والبركات, إنّه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


دار بن خزيمة

عمروعبده
19-08-2010, 01:22 PM
فتاوى العشر الأواخر
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فمن المعلوم أن للعشر الأواخر من رمضان فضيلة وميزة عن غيرها من أيام الشهر، ففيها أنزل القرآن كما قال تعالى: {إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } [القدر: 1]

وليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان وهي ليلة عظيمة قال الله فيها: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } [القدر: 2-3]
أي: أن العبادة فيها خير من عبادة آلف شهر.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتفرغ للعبادة في هذه العشر، فيحيي ليله، ويوقظ أهله ويشد مئزره كما قالت عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره». رواه مسلم.

وقالت: «كان إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله». متفق عليه.

وهذا الاجتهاد كما ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله شامل لجميع أنواع العبادة من صلاة وقرآن وذكر وصدقة وغيرها، حتى أنه صلى الله عليه وسلم كان يعتزل نساؤه، اشتغالاً بالعبادة، بل إنه عليه الصلاة والسلام كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، لئلا يصرفه عن عبادة الله وذكره وشكره صارف.

وقد أجاب العلماء على كثير من الأسئلة المتعلقة بهذه العشر، وبينوا ما يخصها من أحكام وسنن وآداب وهذه بعض فتاوي أهل العلم في ذلك.

أيهما أفضل

سئل شيخ الإسلام ابن تيميمة: أيهما أفضل العشر الأواخر من رمضان أم عشر ذي الحجة؟

فأجاب رحمه الله:
أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة.

قال ابن القيم: "وإذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب وجده شافياً كافياً، فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحجة، وفيها يوم عرفة، ويوم النحر، ويوم التروية".

وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء، التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحييها كلها، وفيها ليلة خير من ألف شهر، فمن أجاب بغير هذا التفضيل لم يمكنه أن يدلي بحجة صحيحة.

من أحكام الاعتكاف

سؤال: ما هو الاعتكاف؟ وماذا يفعل المعتكف؟ وعن ماذا عليه أن يمتنع؟ وهل يجوز للمرأة الاعتكاف في المسجد الحرام؟ وكيف ذلك؟

أجاب سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله فقال:
الاعتكاف عبادة وسنة، وأفضل ما يكون في رمضان، في أي مسجد تقام فيه صلاة الجماعة، كما قال تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]

فلا مانع من الاعتكاف في المسجد الحرام، والمسجد النبوي الشريف، من الرجل والمرأة إذا كان لا يضر بالمصلين، ولا يؤذي أحداً فلا بأس بذلك.

والذي على المعتكف أن يلزم معتكفه، ويشتغل بذكر الله والعبادة، ولا يخرج إلا لحاجة الإنسان كالبول والغائط ونحو ذلك، أو لحاجة الطعام إذا كان لم يتيسر له من يحضر له الطعام، فيخرج لحاجته فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج لحاجته.

ولا يجوز للمرأة أن يأتيها زوجها وهي في الاعتكاف، وكذلك المعتكف، ليس له أن يأتي زوجته وهو معتكف، لأن الله تعالى قال: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]

والأفضل له ألا يتحدث مع الناس كثيراً، بل يشتغل بالعبادة والطاعة، لكن لو زاره بعض إخوانه أو زار المرأة بعض محارمها أو بعض أخواتها في الله وتحدثت معهم أو معهن فلا بأس، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يزوره نساؤه في معتكفه، ويتحدث معهن، ثم ينصرفن، فدل ذلك على أنه لا حرج في ذلك.

والاعتكاف هو المكث في المسجد لطاعة الله تعالى سواء كانت المدة كثيرة أو قليلة، لأنه لم يرد في ذلك فيما أعلم ما يدل على التحديد لا بيوم ولا بيومين ولا بما هو أكثر من ذلك.

وهو عبادة مشروعة إلا إذا نذره صار واجباً بالنذر، وهو في حق الرجل والمرأة سواء، ولا يشترط أن يكون معه صوم على الصحيح، فلو اعتكف الرجل أو المرأة وهما مفطران فلا بأس في غير رمضان.

شروط الاعتكاف

سؤال: ما هي شروط الاعتكاف؟ وهل الصيام منها؟ وهل يجوز للمعتكف أن يزور مريضاً، أو يجيب دعوة، أو يقضي حوائج أهله، أو يتبع جنازة، أو يذهب إلى عمل؟

أجابت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
يشرع الاعتكاف في مسجد تقام فيه صلاة الجماعة، وإن كان المعتكف ممن تجب عليهم الجمعة، ويتخلل مدة اعتكافه جمعة، فالاعتكاف في مسجد تقام فيه جمعة أفضل، ولا يلزم له الصوم، والسنة ألا يزور المعتكف مريضاً أثناء اعتكافه، ولا يجيب دعوة، ولا يقضي حوائج أهله، ولا يشهد جنازة ولا يذهب إلى عمله خارج المسجد، لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: "السنة على المعتكف ألا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لابد فيه". فتاوي اللجنة الدائمة.

بداية اعتكاف العشر ونهايته

سؤال: إذا أراد شخص أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فمتى يبدأ اعتكافه ومتى ينتهي؟

أجابت اللجنة الدائمة:
روى البخاري ومسلم رحمها الله عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه». وينتهي مدة اعتكاف عشر رمضان بغروب شمس آخر يوم منه.

أقسام خروج المعتكف من معتكفه

سؤال: ما هي أقسام خروج المعتكف من معتكفه؟

أجاب سماحة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
خروج المعتكف من معتكفه ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن يكون خروجاً لما ينافي الاعتكاف، كما لو خرج ليجامع أهله، أو خرج ليببيع ويشتري، وما أشبه ذلك مما هو مضاد للاعتكاف ومناف له، فهذا الخروج لا يجوز وهو مبطل للاعتكاف، سواء شرطه أم لم يشترطه.

ومعنى قولنا: (لا يجوز) أنه إذا وقع في الاعتكاف أبطله، وعلى هذا فإن كان الاعتكاف تطوعاً وليس بواجب بنذر، فإنه إذا خرج لا يأثم، لأن قطع النفل ليس فيه إثم، ولكنه يبطل اعتكافه، فلا يبنى على ما سبق.

القسم الثاني: أن يخرج لأمر لابد له منه، وهو أمر مستمر، كالخروج لقضاء الحاجة إذا لم يكن في المسجد ما يقضي به حاجته، وما أشبه ذلك من الأمور التي لابد منها، وهي أمور مطردة مستمرة فهذا خروج له أن يفعله، سواء اشترط ذلك أم لا يشترطه، لأنه وإن لم يشترط في اللفظ فهو مشترط في العادة، فإن كل أحدٍ يعرف أن سيخرج لهذه الأمور.

القسم الثالث: ما لا ينافي الاعتكاف، ولكنه له منه بد، مثل الخروج لتشييع جنازة، أو لعيادة مريض، أو لزيارة قريب وما أشبه ذلك مما هو طاعة، ولكنه له منه بد، فهذا يقول أهل العلم: إن اشتراطه في ابتداء اعتكافه، فإنه يفعله، وإن لم يشترطه فإنه لا يفعله.

النية تكفي

سؤال: إذا نذر الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة فهل يكره الوفاء بنذره؟

أجاب سماحة الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله بقوله:
إن كان يحتاج إلى شد رحل فلا يجوز، كما صح في الحديث: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد».
فكل موضع مسجد أو غيره- عينه لعبادة- اعتكاف أو غيره- وهو يحتاج إلى شد رحل فإنه لا يجوز، وإن كان بعض الأصحاب كالموفق وغيره أجاز ذلك.

فالذي عليه المحققون هو ما دل عليه الحديث في المنع، وإن كان لا يحتاج إلى شد رحل، فإن كان الذي عينه تقام فيه الجمعة، وهو يتخلل اعتكافه جمعة، لم يعتكف في مسجد لا تقام فيه الجمعة، لأنه يأتي بأقل مما وجب عليه، وإن كان المسجدان سواء في إقامة الجمعة أو عدمها، فهو مخير، إن شاء وفى بما نذره، وإن شاء في الآخر، كما ذكر هذا الأصحاب رحمهم الله تعالى.

الاتصال بالهاتف

سؤال: هل يجوز للمعتكف الاتصال بالهاتف لقضاء حوائج المسلمين؟

أجاب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
نعم يجوز للمعتكف أن يتصل بالهاتف، لقضاء بعض حوائج المسلمين، إذا كان الهاتف في المسجد الذي هو معتكف فيه، لأنه لم يخرج من المسجد، أما إذا كان خارج المسجد، فلا يخرج لذلك.

منع الحيض في العشر الأواخر

سؤال: إذا كان المرأة يأتيها الحيض في العشر الأواخر من رمضان، فهل يجوز لها أن تستعمل حبوب منع الحيض لتتمكن من أداء العبادة في هذه الأيام الفاضلة؟

أجاب سماحة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:
لا نرى أنها تستعمل هذه الحبوب لتعينها على طاعة الله، لأن الحيض الذي يخرج شيء كتبه الله على بنات آدم.

وقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة، وهي معه في حجة الوداع وقد أحرمت بالعمرة فأتاها الحيض قبل أن تصل إلى مكة، فدخل عليها وهي تبكي
فقال «ما يبكيك؟»
فأخبرته أنها حاضت
فقال لها: «إن هذا شيء قد كتبه الله على بنات آدم».

فالحيض ليس منها، فإذا جاءها في العشر الأواخر فلتقنع بما قدر الله لها، ولا تستعمل هذه الحبوب، وقد بلغني ممن أثق به من الأطباء أن هذه الحبوب ضارة في الرحم، وفي الدم وربما تكون سبباً لتشويه الجنين إذا حصل لها جنين، فلذلك نرى تجنبها، وإذا حصل لها الحيض وتركت الصلاة والصيام فهذا ليس بيدها بل بقدر الله.

إحياء ليلة القدر

سؤال: كيف يكون إحياء ليلة القدر؟ أبالصلاة أم بقراءة القرآن والسيرة النبوية والوعظ والإرشاط والاحتفال لذلك في المسجد؟

أجبات اللجنة الدائمة للإفتاء:
أولاً: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها بالصلاة والقراءة والدعاء.

ثاثياً: حث النبي صلى الله عليه وسلم على قيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه». رواه الجماعة إلا ابن ماجة.

وهذا الحديث يدل على مشروعية إحيائها بالقيام.

ثالثاً: من أفضل الأدعية التي تقال في ليلة القدر ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها فروى الترمذي وصححه عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟
قال: «قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عني».

رابعاً: أما تخصيص ليلة من رمضان بأنها ليلة القدر فهذا يحتاج إلى دليل يعينها دون غيرها، ولكن أوتار العشر الأواخر أحرى من غيرها، والليلة السابعة والعشرون هي أحرى الليالي بليلة القدر، لما جاء في ذلك من الأحاديث الدالة على ما ذكرنا.

خامساً: وأما البدع فغير جائزة، لا في رمضان ولا في غيره فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ليس منه فهو رد».متفق عليه

فما يفعل في بعض ليالي رمضان من الاحتفالات لا نعلم له أصلاً، وخير الهدى هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وبالله التوفيق

تحديد ليلة القدر

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن ليلة القدر؟

فأجاب رحمه الله:
ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «هي في العشر الأواخر من رمضان». وتكون في الوتر منها.
لكن الوتر يكون باعتبار الماضي، فتطلب ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وليلة خمس وعشرين وليلة سبع وعشرين وليلة تسع وعشرين.

ويكون باعتبار ما بقي، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:« لتاسعة تبقى، لسابعة تبقى، لخامسة تبقى، لثالثة تبقى».

فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليالي الأشفاع، وتكون الاثنين وعشرين تاسعة تبقى وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى، وهكذا فسره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح.

وإن كان الشهر تسعاً وعشرين، كان التاريخ بالباقي كالتاريخ الماضي.
وإذا كان الأمر هكذا فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه.

عمروعبده
19-08-2010, 01:28 PM
فضائل العشر الاخيرة
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله الذي أراد بنا اليسر، وجعل رمضان شهر الصبر، واختار منه ليالي العشر، وفضلها بليلة القدر، وجعلها خيراً من ألف شهر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له بيده الأمر، ضاعف الأجر وغفر الوزر.

وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الإمام البدر، رفيع القدر، ومحفوظ العمر صلى الله عليه وسلم كلما اغتنمت الفضائل وحوربت الرزائل.

أما بعد:
فيا ايها المسلمون اتقوا الله الذي أمركم بالسبق إلى الخيرات، والمداومة على الطاعات، والتوبة من السيئات والسعي لرفع الدرجات وكرمكم على المخلوقات، قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } [آل عمران: 133]

وقال: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99]
وقال: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31]

فاغتنموا الحياة قبل الموت، والعمل قبل الفوت، واربحوا الدنيا قبل الآخرة، والشباب قبل الهرم، والصحة قبل السقم واعلموا أن الربح في الإيمان وفي العمل الصالح، وفي التواصي بالحق والتواصي بالصبر، يقول الله تعالى: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1-3]

والرابحون هم الذين فازوا بالمطلوب، ونجوا من المرهوب، وهم الذين طهروا القلوب، وستروا العيوب، وابتعدوا عن الذنوب، وهم الذين حفظوا أعمارهم، وحفظوا أعمالهم، وحفظوا جوارحهم وأحبوا لقاء الله فأحب الله لقاءهم.

وهم الذين عرفوا الأوقات الشريفة فاغتنموها، وإن من الأوقات الشريفة التي ينبغي ربحها، وحفظ أوقاتها وعمارة زمنها أيام العشر الأخيرة من رمضان، فهي خيار من خيار، وهي ميدان لتسابق الأخيار، وفيها يتميز الأبرار من الأشرار، والمتقون من الفجار، وهي عشر لها في الإسلام مكانة، وفي حياة الرسول صلى الله عليه وسلم مزيَّة، فمن مزاياها أنها عشر المساجد إذ تلازم فيها المساجد، وتعمر بالطاعة ويتحقق منها الرباط المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات»، قالوا: "بلى يا رسول الله"، قال: «إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط» [رواه مسلم].

وبالتعلق بها يظل الإنسان في ظل الله يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله»، وذكر منهم: «ورجل قلبه معلق بالمساجد» [رواه البخاري ومسلم].

والمساجد بيوت الله، وأكرم بها من بيوت، يقول صلى الله عليه وسلم: «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده» [رواه مسلم].

وأحب البقاع إلى الله المساجد، لأن فيها أحب العمل، وأحب القول، وأحب الزمن وأحب الخلق.

يقول صلى الله عليه وسلم: «أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها» [رواه مسلم]، وأهل المساجد هم أهل الإيمان يقول الله[/color]: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [التوبة: 81]، وهم أهل العمل الصالح، يقول تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 36-37]

وهم أهل النور التام يوم القيامة، لأن الله تعالى ذكرها بعد آية النور في سورة النور، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة» [صححه الألباني].

والمساجد هي أماكن الذكر والقرآن والاستغفار والصلاة والدعوة والتعليم، فهي محاضن الخير والأخيار، يقول صلى الله عليه وسلم: «إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من القذر والبول والخلاء إنما هي لقراءة القرآن وذكر الله والصلاة» [الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2268- خلاصة الدرجة: صحيح].


وقد يخسر بعض الناس هذه العشر:
فمن الناس من يجعلها عشر الأسواق طلباً في الدنيا، ونسي أن الدنيا متاع الغرور، وأنها ملعونة ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالماً ومتعلماً، وأنها لا تزن عند الله جناح بعوضة، فيكون همه المال وكسبه وليس همه الثواب والأجر.

ومن الناس من يجعلها عشر الضياع أو يضيعها في السفريات والتنزهات، فيكون همه بدنه وليس همه روحه.

ومن الناس من يجعلها عشر المعاصي بالعاكسات، وتتبع النساء في الطرقات والمشاهدات على الشاشات فيكون همه شهوته وانحرافه، وليس همه طاعته واستقامته.

وهذه العشر هي عشر نزول القرآن، يقول الله تعالى: {إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1]

ويقول صلى الله عليه وسلم: «أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست خلون من رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان» [الراوي: واثلة بن الأسقع المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 1/202- خلاصة الدرجة: فيه عمران بن داود القطان ضعفه يحيى ووثقه ابن حبان وقال أحمد‏‏ أرجو أن يكون صالح الحديث‏‏ وبقية رجاله ثقات].

ونزول القرآن فيها يدل على عظمتها، لأن القرآن عظيم، ويدل على بركتها، لأن القرآن مبارك، ويدل على أنه ينبغي إشغالها بالقرآن إذ هو أربح كلام، الحرف الواحد بعشر حسنات، قال صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفاً من القرآن فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول {ألم} حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف» [الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: أصل صفة الصلاة - الصفحة أو الرقم: 1/368- خلاصة الدرجة: على شرط مسلم].

وهو أحسن الحديث قال تعالى: {اللَّهُ نَـزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} [الزمر: 23]

وأهله هم أهل الله وخاصته، وخير الناس من تعلم القرآن وعلمه، وقد كان السلف يشغلون العشر بالقرآن، فمنهم من يختمه فيها عشرين مرة، ومنهم من يختمه فيها عشر مرات، ومنهم من يختمه فيها خمس مرات، والقليل من يختمه في أقل من ذلك.

وهذه العشر هي عشر ظهور الحق وزهوق الباطل إن الباطل كان زهوقاً، فيها دخل المسلمون مكة فاتحين، ومنها أظهر الله دين الإسلام على جميع الأديان ولو كره الكافرون.

ومنها أذل الله الكفر وأهله وفيها تطهرت الكعبة من الأصنام التي كانت في وسطها، ومن جميع جوانبها، فقد أخرج صنم هُبل من وسطها إلى غير رجعة، وأزيل ثلاثمائة صنم من حولها، وبقيت للتوحيد، ورفع الأذان من على ظهرها لتنتكس جميع الأوثان، ويعلو أهل الإيمان ويخسأ أهل العصيان.

وهذه العشر هي أفضل رمضان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد فيها ما لا يجتهد في بقية رمضان، وتخصيصها يدل على فضلها، وهي آخر الشهر والأعمال بالخواتيم، وهي ثلثه الأخير، وقد فضل الله الثلث الأخير في عدة أزمان، ففضل الثلث الأخير من النهار إذ فيه صلاة العصر وهي الصلاة الوسطى، ومن صلاها مع الفجر دخل الجنة، ومن تركها حبط عمله، وفيها تجتمع ملائكة العبد الذين يحفظون عمله ويحفظون بدنه، وأمرالله بالذكر بعدها فقال تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39]

وفضل الثلث الأخير من الليل إذ فيه ينزل الرب تعالى إلى السماء الدنيا نزولاً يليق بجلاله، فيقول: «هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ حتى يطلع الفجر» [الراوي: جبير بن مطعم المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 8167- خلاصة الدرجة: صحيح].

وفضل الثلث الأخير من الأسبوع إذ فيه الخميس الذي كان يصومه صلى الله عليه وسلم ويسافر فيه، وفيه تعرض أعمال العبد على الرب تعالى، وفيه الجمعة الذي هو سيد الأيام، وهو خيريوم طلعت عليه الشمس.

فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أهبط منها، وفيه تقوم الساعة، وهو يوم السبق إلى الخيرات ويوم القربان.

وفضل الثلث الأخير من العام إذ فيه رمضان الذي صيامه الركن الرابع من أركان الإسلام، وفيه أشهر الحج.

وهذه العشر هي عشر ليلة القدر، وليلة القدر هي أفضل الليالي على الإطلاق، وسماها الله الليلة المباركة فقال: {إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} [الدخان: 3]

وسماها ليلة القدر، لأن لها قدراً قال تعالى: {إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1]

وللعمل فيها قدرٌ، قال صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري].

وللعامل فيها قدرٌ إذ يغفر الله ما تقدم من ذنبه، وللثواب فيها قدرٌ إذ العمل فيها خير من العمل في ألف شهر قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3]

ومما يدل على فضلها أن الله سمى بها سورة في القرآن، وتردد ذكرها في سورتها ثلاث مرات، وعظمها بالاستفهام الذي يفيد التعظيم، قال تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ }.

وأذن للملائكة بالنزول فيها إلى الأرض وهم عباد مكرمون لا ينزلون إلا إلى طاعة، فهم ينزلون لمجالسن الذكر ولحفظ العمل وحفظ البدن وللصلاة وللجهاد ونحوها، وفيها ينزل جبريل الأمين عليه السلام، ونزوله يذكرنا بنزوله الأول في حراء وتردده بالقرآن في ثلاث وعشرين سنة، وصحبته للنبي صلى الله عليه وسلم.

وليلة القدر سلامٌ من العذاب، وسلامٌ من الآفات، وسلامٌ من الشيطان، وليلة القدر من رمضان وهي في العشر الأواخر يقول صلى الله عليه وسلم: «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان» [رواه البخاري].

وهي في أوتار العشر تأكيد للحديث السابق، والأولى التماسها في كافة العشر، لأنها قد تكون في الأشفاع، لقوله صلى الله عليه وسلم: «التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى» [رواه البخاري].

وهذه أشفاع لو كان الشهر ثلاثين يوماً، وأوتار لو كان تسعة وعشرين، والصحيح أن وقتها لا يعلم وأن الله أخفاها ليتنافس الناس في كافة العشر ويتسابقون ويجتهدون فيكثر أجرهم، ويغفر وزرهم.

وقد خرج صلى الله عليه وسلم يخبر الصحابة بليلة القدر فتخاصم وتنازع رجلان فرفعت والمطلوب لها العمل وليس المطلوب لها الرؤية، ولها علامات تعرف بها، منها أنها ليلة طلقة لا حارة ولا باردة، ومنها أنها ليلة بلجة، أي مضيئة، كأن القمر فيها ليلة البدر، ومنها أن الشمس تخرج من صبحتها ليس لها شعاع، ومنها أنه لا يرمى فيها بنجم.

وقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في هذه العشر الاجتهاد فيها بشتى أنواع الطاعات قالت عائشة: «كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها» [الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 4910- خلاصة الدرجة: صحيح].

وهذه مزيَّة لها ينبغي الاقتداء به عملاً بقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]

وقوله صلى الله عليه وسلم:«كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى».
قالوا: "يا رسول الله، ومن يأبى؟"
قال: «من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى» [الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 7280- خلاصة الدرجة: [صحيح]].

ومن اجتهاده في العشر أنه كان يحيي الليل كله بالتهجد والقرآن والذكر والدعاء والاستغفار وهذا يدل على أنه كان يتفرغ للعبادة ويشتغل بها، ويعمل للآخرة ويعرض عن الدنيا.

ومن اجتهاده أنه كان يعتزل النساء ويشد مئزره ويجد في الطاعة، ولذا ينبغي أن يحفظ الليل في العشر الأواخر بكثرة التهجد وطول القيام، والركوع والسجود والقراءة والدعاء، فإن هذا دأب الصالحين قبلنا، ومرضاة لربنا ومغفرة لذنوبنا، ومطردة لداء الجسد.

وقد مدح الله أهل القيام فقال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ} [الزمر: 9]

ويقول تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 16-17]

ومدح الله أهل الجنة بقيام الليل فقال سبحانه: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 15-18]

وقد واظب صلى الله عليه وسلم على قيام الليل وداوم عليه، فصلى قائماً وصلى قاعداً، وكان إذا فاته قيام الليل بالليل صلى شفعاً بالنهار.

وقالت عائشة رضي الله عنها لرجل: "لا تدع قيام الليل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعداً".

وقالت:"إن قوماً يقولون لا نؤدي إلا الفرائض وإن الله لا يسألهم إلا عما افترض عليهم، ولكنهم قوم يخطئون بالليل والنهار وما أنتم إلا من نبيكم، وما نبيكم إلا منكم، ووالله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل".

ومن هديه صلى الله عليه وسلم في هذه العشر إيقاظ أهله للصلاة عملاً بقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]

ومن المعلوم أن الرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، يقول صلى الله عليه وسلم: «والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته» [رواه البخاري].

وقد كان صلى الله عليه وسلم يوقظ نساءه، ويوقظ علياً وفاطمة، وكان عمر يوقظ أهله، وفي الحديث يقول: «رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء» [الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1450- خلاصة الدرجة: حسن صحيح].

تقول عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا ليله وأيقظ أهله وجد وشد مئزره» [رواه مسلم].

ومن هديه صلى الله عليه وسلم في هذه العشر الاعتكاف وهو لزوم المسجد لطاعة الله وترك الأموال والأولاد والدنيا والتفرغ للطاعة.

وقد اعتكف صلى الله عليه وسلم العشر الأول ثم العشر الوسطى ثم العشر الأخيرة، وواظب على الاعتكاف ابتغاء رضوان الله تعالى، والاقتداء بالسنة، ومجاهدة النفس، والصبر على الطاعة، ومحبة المساجد، وتربية النفس على الحسنات، والبعد عن السيئات وسلامة القلب من سمومه، إذ يقل الكلام والنظر والسمع والصحبة والأكل والنوم، وأفضل الاعتكاف في المسجد الحرام، ثم المسجد النبوي، ثم الأقصى، ثم الجوامع التي تقام فيها الخطبة، ثم المساجد الأخرى، ويقبل المعتكف على الآخرة ويعرض عن الدنيا ولا يخرج من المسجد إلا لحاجة ماسة.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


فضيلة الشيخ
سعد بن سعيد الحجري

عمروعبده
19-08-2010, 01:31 PM
العشر الأواخر من رمضان.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... أما بعد:

فهذه رسالة في بيان فضل العشر الأواخر من رمضان، وما يستحب فيها من الأعمال، وكيف كان حال النبي في هذه العشر؟ وفيها بيان لليله القدر وفضل العمل فيها مع بيان أسباب مغفرة الذنوب في رمضان.

وقد اخترناها من كتاب ( لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف ) للحافظ ابن رجب الحنبلي، وقد سميناها ( العشر الأواخر من رمضان ) نسأل الله تعالى أن ينفع بها المسلمين، وأن يهدينا جميعاً إلى الحق والدين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شدّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله» وفي رواية: «أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجد، وشد المئزر» [رواه البخاري ومسلم].

الأعمال الخاصة بالعشر الأواخر من رمضان

كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص العشر الأواخر من رمضان بأعمال لا يعلمها في بقية الشهر:

فمنها: إحياء الليل؛ فيحتمل أن المراد إحياء الليل كله، ففي حديث عائشة قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر - يعني الأخير - شمّر وشدّ المئزر» [رواه أحمد]. ويحتمل أن يريد بإحياء الليل إحياء غالبه، ويؤيده ما في صحيح مسلم عن عائشة، قالت: «ما أعلمه قام ليلة حتى الصباح» .

ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله للصلاة في ليالي العشر دون غيره من الليالي، قال سفيان الثوري: " أحب إليّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه، ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يطرق فاطمة وعلياً ليلاً فيقول لهما: «ألا تقومان فُتصليان» [رواه البخاري ومسلم].

وكان يوقظ عائشة بالليل إذا قضى تهجده وأراد أن يُوتر. وورد الترغيب في إيقاظ أحد الزوجين صاحبه للصلاة، ونضح الماء في وجهه. وفي الموطأ أن عمر بن الخطاب كان يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي، حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة، يقول لهم: " الصلاة الصلاة "، ويتلو هذه الآية: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه:132].

وكانت امرأة أبي محمد حبيب الفارسي تقول له بالليل: " قد ذهب الليل وبين أيدينا طريق بعيد، وزادنا قليل، وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا، ونحن قد بقينا ".

يا نائماً بالليل كم ترقد *** قم ياحبيبي قد دنا الموعد

وخُذ من الليل وأوقاته *** ورِداً إذا ما هجع الرّقد

من نام حتى ينقضي ليله *** ثم يبلغ المنزل أو يجهد

ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشدّ المئزر. واختلفوا في تفسيره ؛ فمنهم من قال: هو كناية عن شدة جدِّه واجتهاده في العبادة، وهذا فيه نظر، والصحيح أن المراد اعتزاله للنساء، وبذلك فسره السلف والأئمة المتقدمون منهم سفيان الثوري، وورد تفسيره بأنه لم يأوِِ إلى فراشه حتى ينسلخ رمضان. وفي حديث أنس رضي الله عنه: «وطوى فراشه، واعتزل النساء».

وقد قال طائفة من السلف في تفسير قوله تعالى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ} [البقرة:187]: " إنه طلب ليلة القدر. والمعنى في ذلك أن الله تعالى لما أباح مباشرة النساء في ليالي الصيام إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، أمر مع ذلك بطلب ليلة القدر؛ لئلا يشتغل المسلمون في طول ليالي الشهر بالاستماع المباح، فيفوتهم طلب ليلة القدر، فأمر مع ذلك بطلب ليلة القدر بالتهجد من الليل، خصوصاً في الليالي المرجو فيها ليلة القدر، فمن ها هنا كان النبي يصيب من أهله في العشرين من رمضان، ثم يعتزل نساءه ويتفرغ لطلب ليلة القدر في العشر الأواخر ".

ومنها: تأخيره للفطور إلى السحر: رُوي عنه من حديث عائشة وأنس رضي الله عنهما أنه كان في ليالي العشر يجعل عشاءه سحوراً. ولفظ حديث عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان رمضان قام ونام، فإذا دخل العشر شدّ المئزر، واجتنب النساء، واغتسل بين الأذانين، وجعل العشاء سحوراً» [رواه ابن أبي عاصم]. وعن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: «لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر»، قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله؟ قال: «إني لست كهيئتكم، إني أبيت لي مُطعم يُطعمني وساقٍ يسقيني» [رواه البخاري].

وظاهر هذا يدل على أنه كان يواصل الليل كله، وقد يكون إنما فعل ذلك لأنه رآه أنشط له على الاجتهاد في ليالي العشر، ولم يكن ذلك مضعفاً له عن العمل؛ فإن الله كان يطعمه ويسقيه.

ومنها: اغتساله بين العشاءين، وقد تقدم من حديث عائشة رضي الله عنها: «واغتسل بين الأذانين» والمراد: أذان المغرب والعشاء، قال ابن جرير: " كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر ". وكان النخعي يغتسل في العشر كل ليلة، ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر. وكان أيوب السختياني يغتسل ليلة ثلاث وعشرين وأربع وعشرين، ويلبس ثوبين جديدين، ويستجمر ويقول: " ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة أهل المدينة، والتي تليها ليلتنا، يعني البصريين ".

فتبين بهذا أنه يستحب في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر التنظف والتزين، والتطيب بالغسل والطيب واللباس الحسن، كما يشرع ذلك في الجُمع والأعياد. وكذلك يُشرع أخذ الزينة بالثياب في سائر الصلوات، ولا يكمل التزين الظاهر إلا بتزين الباطن بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى، وتطهيره من أدناس الذنوب؛ فإن زينة الظاهر مع خراب الباطن لا تغني شيئاً.

ولا يصلح لمناجاة الملوك في الخلوات إلا من زين ظاهره وباطنه وطهرهما، خصوصاً ملك الملوك الذي يعلم السر وأخفى، وهو لا ينظر إلى صوركم، وإنّما ينظر إلى قلوبكم وأعماكم، فمن وقف بين يديه فليزين له ظاهره باللباس، وباطنه بلباس التقوى.

إذا المرء لم يلبس ثياباً من التقوى *** تقلب عُرياناً وإن كان كاسياً

ومنها: الاعتكاف، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، «كان رسول الله يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين». وإنما كان يعتكف النبي صلى الله عليه وسلم في هذه العشر التي يُطلب فيها ليلة القدر، قطعاً لأشغاله، وتفريغاً لباله، وتخلياً لمناجاة ربه وذكره ودعائه.

فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه، فما بقى له هم سوى الله وما يُرضيه عنه. وكما قويت المعرفة والمحبة له والأنس به أورثت صاحبها الانقطاع إلى الله تعالى بالكلية على كل حال.

ليلة القدر

قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر:1-3]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في شهر رمضان: «فيه ليلة خير من ألف شهر، منَ حُرم خيرها فقد حُرم» [رواه أحمد والنسائي]. وقال مالك: " بلغني أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم أُرِي أعمار الناس قبله، أو ما شاء الله من ذلك، فكأنه تقاصر أعمار أمته ألا يبلغوا من العمل الذي بلغ غيرهم في طول العُمر، فأعطاه الله ليلة القدر خيراً من ألف شهر ".

وأما العمل في ليلة القدر فقد ثبت عن النبي صلةى الله عليه وسلم أنه قال: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه» وقيامها إنما هو إحياؤها بالتهجد فيها والصلاة، وقد أمر عائشة بالدعاء فيها أيضاً.

قال سفيان الثوري: " الدعاء في تلك الليلة أحب إليَّ من الصلاة ". ومراده أن كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لا يكثر فيها الدعاء، وإن قرأ ودعا كان حسناً. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد في ليالي رمضان، ويقرأ قراءة مرتلة، لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل، ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ، فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكير. وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها.

وقالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم : أرأيت إن وافقت ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال : «قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فأعفُ عني» والعفو من أسماء الله تعالى، وهو المتجاوز عن سيئات عباده، الماحي لآثارها عنهم، وهو يُحبُ العفو ؛ فيحب أن يعفو عن عباده، ويحب من عباده أن يعفو بعضهم عن بعض ؛ فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملهم بعفوه، وعفوه أحب إليه من عقوبته. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أعوذ برضاك من سخطك، وعفوك من عقوبتك» [رواه مسلم].

وإنما أمر بسؤال العفو في ليلة القدر بعد الاجتهاد في الأعمال فيها وفي ليالي العشر؛ لأن العارفين يجتهدون في الأعمال، ثم لا يرون لأنفسهم عملاً صالحاً ولا حالاً ولا مقالاً، فيرجعون إلى سؤال العفو الُمذنب المقصر.

أسباب المغفرة في رمضان

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى عليه وسلم قال: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه» وعنه قال: قال صلى الله عليه وسلم : «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه» [ رواهما البخاري ومسلم ].

دل حديث أبي هريرة رضي الله عنه على أن هذه الأسباب الثلاثة كل واحد منها مكفر لما سلف من الذنوب، وهي صيام رمضان، وقيامه، وقيام ليلة القدر، فقيام ليلة القدر بمجرده يكفر الذنوب لمن وقعت له، سواء كانت في أول العشر أو أوسطه أو آخره، وسواء شعر بها أو لم يشعر، ولا يتأخر تكفير الذنوب بها إلى انقضاء الشهر.

وأما صيام رمضان وقيامه فيتوقف التكفير بهما على تمام الشهر، فإذا تم الشهر فقد كمل للمؤمن صيام رمضان وقيامه، فيترتب له على ذلك مغفرة ما تقدم من ذنبه بتمام السببين، وهما صيام رمضان وقيامه.

فإذا كمل الصائمون صيام رمضان وقيامه فقد وفوا ما عليهم من العمل، وبقى ما لهم من الأجر وهو المغفرة؛ فإذا خرجوا يوم عيد الفطر إلى الصلاة قُسمت عليهم أجورهم، فرجعوا إلى منازلهم وقد استوفوا الأجر واستكملوه، ومن نقص من العمل الذي عليه نُقص من الأجر بحسب نَقصِه، فلا يَلُم إلا نفسه. قال سلمان: " الصلاة مكيال، فمن وفى وفي له، ومن طفف فقد علمتم ما قيل في المطففين ". فالصيام وسائر الأعمال على هذا المنوال؛ من وفاها فهو من خيار عباد الله الموفين، ومن طفف فيها فويل للمطففين. أما يستحي من يستوفي مكيال شهواته، ويطفف في مكيال صيامه وصلاته.

غداً تُوفّى النفوس ما كسبت *** ويحصد الزارعون ما زرعوا

إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم *** وإن أساءوا فبئس ما صنعوا

كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله، ويخافون من رده، وهؤلاء الذين {يُؤتُونَ مَاآتَوا وَقُلُوبُهُم وَجِلَةٌ} [المؤمنون:60]. رُوي عن علي رضي اللّه عنه، قال: " كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله عز وجل يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27] ".

وعن الحسن قال: " إن الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه، يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا ". فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون.

ومن أسباب المغفرة فيه أيضاً: تفطير الصوام، والتخفيف عن المملوك، ومنها الذكر، ومنها الاستغفار، والاستغفار طلب المغفرة، ودعاء الصائم يستجاب في صيامه وعند فطره، ومنها استغفار الملائكة للصائمين حتى يفطروا، فلما كثرت أسباب المغفرة في رمضان كان الذي تفوته المغفرة فيه محروماً غاية الحرمان.

فمتى يُغفر لمن لا يغفر له في هذا الشهر؟ متى يُقبل من رُد في ليلة القدر؟ متى يصلح من لا يصلح في رمضان؟ متى يصح من كان به فيه من داء الجهالة والغفلة مرضان؟ كلّ ما لا يثمر من الأشجار في أوان الثمار فإنه يُقطع ثم يوقد في النار، من فرط في الزرع في وقت البِذار لم يحصد يوم الحصاد غير الندم والخسار.

رمضان شهر العتق من النيران

وأما آخر الشهر فُيعتق فيه من النار من أوبقته الأوزار، واستوجب النار بالذنوب الكبار، فإذا كان يوم الفطر من رمضان أعتق الله فيه أهل الكبائر من الصائمين من النار، فيلتحق فيه المذنبون بالأبرار.

ولما كانت المغفرة والعتق من النار كل منهما مرتباً على صيام رمضان وقيامه، أمر الله سبحانه وتعالى عند إكمال العدة بتكبيره وشكره، فقال: {وَلتُكمِلُوا العِدةَ وَلِتُكَبِرُوا اللّه عَلَى مَا هَدَاكُم وَلَعَلَكُم تَشكُرُونَ} [البقرة:185]. فشُكرُ من أنعم على عباده بتوفيقهم للصيام وإعانتهم عليه، ومغفرته لهم به، وعتقهم من النار، أن يذكروه ويشكروه ويتقوه حق تقاته.

يا من أعتقه مولاه من النار! إياك أن تعود بعد أن صرت حراً إلى رق الأوزار، أيبعدك مولاك عن النار وأنت تتقرب منها؟ وينقذك منها وأنت توقع نفسك فيها ولا تحيد عنها؟ !

فينبغي لمن يرجو العتق في شهر رمضان من النار أن يأتي بأسباب توجب العتق من النار، وهي متيسرة في هذا الشهر؛ ففي صحيح ابن خزيمه: " فاستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتان تُرضون بهما ربكم، وخصلتين لا غناء بكم عنهما. فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله والإستغفار. وأما اللتان لا غناء لكم عنهما فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار ".

فهذه الخصال الأربع المذكورة في هذا الحديث كل منها سبب للعتق والمغفرة. فأما كلمة التوحيد فإنها تهدم الذنوب وتمحوها محواً، ولا تبقي ذنباً، ولا يسبقها عمل، وهي تعدل عتق الرقاب الذي يوجب العتق من النار. وأما كلمة الاستغفار فمن أعظم أسباب المغفرة، فإن الاستغفار دعاء بالمغفرة، ودعاء الصائم مستجاب في حال صيامه وعند فطره، وأنفع الاستغفار ما قارنته التوبة، فمن استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود، وعزمه أن يرجع إلى المعاصي بعد الشهر ويعود، فصومه عليه مردود، وباب القبول عنه مسدود. وأما سؤال الجنة والاستعاذة من النار فمن أهم الدعاء، وقد قال النبي صل الله عليه وسلم : «حولهما نُدَندنُ» [رواه أبو داود وابن ماجة].

وداعاً رمضان

عباد الله، إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل، ولم يبق منه إلا القليل، فمن منكم أحسن فيه فعليه التمام، ومن كان فرط فليختمه بالحسنى، فالعمل بالختام، فاستمتعوا منه فيما بقى من الليالي اليسيرة والأيام، واستودعوه عملاً صالحاً يشهد لكم به عند الملك العلام، وودِّعُوه عند فراقه بأزكى تحية وسلام.

يا شهر رمضان ترفّق، دموع المحبين تُدفَق، قلوبهم من ألم الفراق تَشَقّق، عسى وقفة للوداع تطفىء من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعة توبة وإقلاع ترفو من الصيام كل ما تخرّق، عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق، عسى أسير الأوزار يُطلَق، عسى من استوجب النار يُعتق، عسى رحمة المولى لها العاصي يُوفّق.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


ابن رجب الحنبلي
دار الوطن

عمروعبده
19-08-2010, 01:37 PM
بعض أحكام الاعتكاف المختصرة

شروط الاعتكاف:

الإسلام - العقل - ويصح اعتكاف الصبي المميز - النية - الصيام لقول السيدة عائشة "السُنة فيمن اعتكف أن يصوم".

موضع الاعتكاف:

المسجد، ويُشترط أن يوكن مسجداً جامعاً (أي تُصلّى فيه الجمعة) لكي لا يُضطر للخروج منه لصلاة الجمعة، فإن الخروج لها واجب عليه، لقول السيدة عائشة -رضي الله عنها- "ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع".

آداب الاعتكاف:

1- الإكثار من العبادات كالصلاة وقراءة القرآن والدعاء والذكر.

2- الابتعاد عن الغيبة والنميمة والجدل والمِراء والكلام بغير فائدة.

3- أن يلزم مكاناً من المسجد يعتكف فيه، لما ثبت في الصحيحين عن نافع قال: "وقد أراني عبد الله بن عمر المكان الذي كان يعتكف فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المسجد.

4- عدم الاختلاط بأحد ولو لتعليم علم أو قرآن إذ الاعتكاف هو الخُلوة الشرعية.

مباحات الاعتكاف

1- الأكل والشرب والنوم في المسجد مع المحافظة على نظافة المسجد.

2- الخروج لحاجة لابد منها، وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "السُنة على المُعتكِف ألا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا خروج لحاجة إلا لما لابد منه ولا اعتكاف إلا بصوم ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع".

3- خروجه من مُعتكَفه لتوديع الأهل والأحباب والإخوان، وقد خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- مع صفية وكان ذلك ليلاً.

4- زيارة المرأة زوجها في اعتكافه.

5- ترجيل شعره وتقليم أظفاره وتنظيف بدنه ولبس أحسن الثياب والتطيب.

6- الخروج لقضاء الحاجة كالبول والغائط.

مبطلات الاعتكاف

1- الجماع.

2- المباشرة بإنزال دون الجماع.

3- الخروج لغير ضرورة.

4- ذهاب العقل بجنون أو سُكر.

5- الحيض والنفاس للمرأة لفوات شرط الطهارة.

مكروهات الاعتكاف

1- الخروج للبيع والشراء.

2- الكلام بالباطل.

وقت دخول المُعتكِف المسجد والخروج منه

يدخل المُعتكِف المسجد بغروب ليلة العشرين من رمضان ويخرج بغروب ليلة العيد.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عمروعبده
19-08-2010, 01:41 PM
الاعتكاف وحلاوة الخلوة
الاعتكاف سنَّة مؤكدة، وهدي نبوي فاضل، التزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات، كما حدثتنا بذلك عائشة رضي الله عنها، واعتكف أزواجه من بعده، وأصل ذلك في صحيح مسلم وغيره.

كما اعتكف أصحابه معه وبعده، ودرج على ذلك العلماء والعبَّاد والزهَّاد وطلاب الآخرة.

والاعتكاف المسنون هو اعتكاف الروح والجسد إلى جوار الرب الكريم المنان في خلوة مشروعة تتخلص النفس من أوضار المتاع الفاني، واللذة العاجلة، وتبحر الروح في الملكوت الطاهر؛ طالبة القرب من الحبيب مالك الملك ملتمسة لنفحاته المباركات.

الاعتكاف المسنون هو الخلوة الصادقة مع الله تفكراً في آلائه ومننه وفضائله، واعترافاً بربوبيته وإلهيته وعظمته، وإقراراً بكل حقوقه، وثناء عليه بكل جميل ومحمود.

الاعتكاف المسنون قيام وذكر وقراءة قرآن، وإحياء لساعات الليل بكل طيب وصالح من قول وعمل.

لقد أصاب الاعتكاف من بركات الصحوة وأصاب الصحوة من بركات الاعتكاف.

فأحيا الأخيار سنة الاعتكاف بعد أن عطلت ونُسيت دهراً طويلاً.

بيد أن هذا الاعتكاف كاد أن يخرج عن إطاره المشروع، وهدفه السامي لدى البعض، ومن ثم قلَّت منافعه وانحسرت فوائده، فمن ذلك:

1) الرياء والسمعة:
وكلنا يعلم أن الرياء والسمعة مبطلان للعمل، وهو ضرب من الشرك الخفي الذي حذر منه نبينا عليه السلام.
فكثيراً من يجاهر بعضنا باعتكافه بلا مناسبة، وكان حق هذا العمل الصالح الاجتهاد في إخفائه عمن لا يعلم به على الأقل.

2) الإكثار من لغو الحديث:
فقد يجتمع في المعتكف أشخاص كثيرون، وربما بعضهم يعرف بعضاً، فيجلس بعضهم إلى بعض يتجاذبون أطراف الأحاديث والمناقشات وغيرها يقطعون بها الوقت، وفي ذلك حرمان لكل واحد منهم من الخلوة بالنفس والقرب من الرب والتفرُّغ للعبادة، وكلها مقاصد كبرى للاعتكاف.

3) الانشغال بالهاتف الجوال:
وأعجب من الفقرة السابقة، الاتصالات الهاتفية عبر الجوال، حيث يتَّصل المعتكف بكل معارفه وأصدقائه، ويسألهم ويسألونه عن الصغير والكبير والجليل والحقير من الأمور ويتبادلون المزاح، والطُرَف والمُلَح، فأين هؤلاء من قول عائشة -كما في صحيح مسلم- أنها كانت تدخل البيت للحاجة والمريض فيه فلا تسأل عنه إلا وهي مارة إذا كانت معتكفة.

أحبتي القراء! هلموا إلى الاعتكاف بهيئته المسنونة، لا بوضعه المبدل تكونوا من الفائزين، والله الموفق.


رياض بن محمد المسيميري

عمروعبده
19-08-2010, 01:47 PM
الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، يثيب بمنه وفضله على القليل كثيراً، والصلاة والسلام على من بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيراً، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

فإن موسم رمضان موسم عظيم لمن أراد النجاة وسعى إلى فكاك رقبته من النار، ففي هذا الشهر تتنوع العبادات، وتتضاعف الحسنات، وتتنزل الرحمات، ومن خصائص هذا الشهر العشر الأواخر منه التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد بالعمل فيها أكثر من غيرها، فعن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهدُ في غيره» [رواه مسلم]. وفي الصحيحين عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشرُ شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله». وفي مسند أحمد عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمَّر المئزر» .

ومن الأعمال التي يعملها في العشر الأواخر: الاعتكاف..

والاعتكاف: لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله عز وجل، وهو من السُنن الثابتة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة:187]، وعن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل، ثم اعتكف أزواجه من بعده» [متفق عليه].

والاعتكاف من السُنن المهجورة التي قلَّ العمل بها وغفل عنها كثير من الناس، قال الإمام الزهري رحمه الله: " عجباً للمسلمين ! تركوا الاعتكاف مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل ". فبادر أخي المسلم إلى إحياء هذه السنة العظيمة وحث الناس عليها والترغيب فيها. وأبدأ بنفسك فإن الدنيا مراحل قليلة وأيام يسيرة، فتخلص من عوائق الدنيا وزخرفها ولا يفوتك هذا الخير العظيم، واجعل لك أياماً يسيرة تتفرغ فيها من المشاغل والأعمال وتتجه بقلبك وجوارحك إلى الله عز وجل في ذل وخضوع وانكسار ودموع لتلحق بركب المقبولين الفائزين.

أخي المسلم: الاعتكاف يكون في كل مسجد تقام فيه الجماعة، ومن تخلل اعتكافه جمعة استحب له أن يعتكف في مسجد جُمعةٍ، فإن اعتكف في مسجد جماعة خرج إلى الجمعة ثم رجع إلى معتكفه. واحرص أخي المعتكف على أن يكون اعتكافك في مسجدٍ بعيدٍ عن كثرة الناس والإزعاج، واختر أحد المساجد التي لا تعرف فيها أحداً، و لا يعرفك فيها أحد، فإن هذا أحرى للإخلاص وَأَفْزَغُ لقلبك وذهنك من محادثة الناس وكثرة مجالستهم ومخالطتهم، وإن كنت ممن يعتكف في الحرمين الشريفين فتجنب التضييق على إخوانك المصلين وافسح لهم المجال لأداء الصلوات ولا تكن ممن يرغب أن يُظهر للمصلين اعتكافه حتى يسلموا عليه أو يفسحوا له ! وبعض المعتكفين لا يصلي أحياناً التراويح أو القيام مع المصلين ويشوش عليهم برفع الصوت في أحاديث لا طائل من ورائها.

والاعتكاف مسنون في أي وقت، فللمسلم أن يبتديء الاعتكاف متى شاء وينهيه متى شاء، إلا أن الأفضل أن يعتكف في رمضان خاصة العشر الأواخر منه، فإذا صلى فجر يوم الحادي والعشرين من رمضان دخل المعتكف ويمكث في المسجد حتى خروجه إلى صلاة العيد وهذا وقت انتهائه المستحب.

وهي فرصة عظيمة وساعات قليلة؛ ليستفيد المسلم من هذا الانقطاع والبعد عن الناس، ليتفرغ لطاعة الله في مسجد من مساجده؛ طلباً لفضله وثوابه، وإدراك ليلة القدر.. من قبل أن تطوى الصحف وتوضع الموازين..

أخي المعتكف: احرص على الذكر والقراءة والصلاة والعبادة، وتجنب ما لا يعينك من حديث الدنيا، ولا بأس أن تتحدث بحديث مباح مع أهلك أو غيرهم لمصلحة، لحديث صفية أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم معتكفاً فأتيتُه أزوره ليلاً فحدثته ثم قمت لأنقلب ( أي لأنصرف إلى بيتي ) فقام النبي معي... » [متفق عليه].

ويباح لك أن تخرج من المسجد لحاجاتك الضرورية كقضاء الحاجة من بولٍ أو غائط، أو للإتيان بطعام وشراب إن لم يكن هناك من يحضره لك، ومثله التداوي إن إصابك المرض وأنت معتكف، وكذلك إسعاف مريض من أهلك تجب عليك رعايته ولا تجد من يتولى أمره غيرك.

ومن محظورات الاعتكاف: الخروج لأمرٍ ينافي الاعتكاف، كالخروج للبيع والشراء، وجماع أهله، ومباشرتهم، ونحو ذلك.

أخي المعتكف: إن كان معك رفقه، فاختر الرفقة التي تعينك على الطاعة وتشد أزرك وتحرص على الخير واستغلال الأوقات وعمارتها بالعبادة، وتجنب الذين تضيع أوقاتهم في حديث وكلام. وبعض المعتكفين إذا كانوا جماعة يظهر عليهم الجد في أول الأيام، ثم يتراخون ويتكاسلون، وتراهم كثيراً ما تضيع أوقاتهم في أحاديث لا فائدة من ورائها، وقد ينجرُّ الحديث إلى أمور محرمة من غيبة أو غيرها.

أخي المسلم: الاعتكاف سنة، والمحافظة على بيتك وأبنائك من الواجبات، فاحذر أن تضيع الأهم وتفرط في أمر الرعاية، بل اجمع بين الأمرين، واحرص على ابتعادهم عن مواطن الفتن، ولا يكن اعتكافك فيه ضياع لحقوق واجبة. وإن تيسر أن يصحبك أبناؤك في الاعتكاف ؛ فإن في ذلك طريق تربية، وراحة نفسية لك، وأُلفة بينكم، وتعويد لهم على العبادة ؛ وإن صعب الأمر عليهم فلا أقل من ليلة يعتكفون فيها معك، وأجزل لهم العطية وشجعهم على ذلك.

أخي المسلم: مواسم الطاعات محطات يتزود فيها المسافر إلى جنة عرضها السماوات والأرض، فكن من العقلاء الفطناء الذين لا تفوتهم هذه الفرص وهذه المحطات إلا وقد نالوا من نفحات الرب وجزيل الأجر وعظيم المثوبة.

فاحرص على الاعتكاف بنية صادقة، وابتعد عن المباهاة والرياء، وحب المدح والثناء، وإياك والعجب بأعمالك، واحرص على أن تكون أعمالك خالصة لله عز وجل قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة:5]، وفي الحديث المشهور: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.. » [متفق عليه]. ومما يُعينك على ذلك اختيار المسجد الذي لا تعرف فيه أحداً ولا يعرفك أحد، ولا حاجة لك أن تعلن اعتكافك على الملأ في يوم العيد أو بعده!

أقر الله عينك بالعبادة وجعلك من الفائزين المقبولين، وغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عمروعبده
19-08-2010, 01:59 PM
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله أكرمنا ببلوغ شهر رمضان ومن علينا فيه بالتوفيق للصيام والقيام، أحمده تعالى وأشكره وأتوب إليه وأستغفره.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفق من شاء من عباده لطاعته فكان سعيهم مشكورا وحظهم موفورا.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل من صلى وصام، وأشرف من تهجد وقام، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أخي المسلم... أختي المسلمة.. وهكذا وبهذه السرعة الخاطفة أوشك شهر الصيام والقيام على الانصرام، فها هو يتهيأ للرحيل، وقد كنا بالأمس القريب نستقبله واليوم وبهذه السرعة الخاطفة نودعه، وهو شاهد لنا أو علينا، شاهد للمؤمن بطاعته وصالح عمله وعبادته، وشاهد على المقصر بتقصيره وتفريطه.

أخي المسلم.. أختي المسلمة.. ما أسرع مواسم الخير في الزوال؟
فقد ذهب نصف شهرنا المبارك وبقي نصفه الآخر، فالله لنا نسأل ولكم أن يتقبل ما مضى، وأن يعيننا على ما تبقى..

لقد نزلت علينا العشر الأواخر من رمضان وفيها الخيرات والأجور الكثيرة وفيها الفضائل المشهورة والخصائص العظيمة.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخص العشر الأواخر من رمضان بأعمال لا يعملها في بقية الشهر، وإليك أخي المسلم هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان.

أعمال النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان:

أولاً:

كما أخبرت به عائشة رضي الله عنها:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره» رواه مسلم.

فكان يحيي الليل فيها، من صلاة ودعاء واستغفار ونحوه، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر». متفق عليه.
ومعنى شد المئزر أي كان يعتزل النساء اشتغالاً بالعبادة.

وتقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة وصوم ونوم فإذا كان العشر شمر وشد المئزر».رواه أحمد

ثانياً:
وكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر: كان يوقظ أهله للصلاة والذكر والدعاء حرصاً منه على اغتنام تلك الليالي المباركة، كما أخبرت به عائشة رضي الله عنها:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا اليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر». متفق عليه.

وكان صلى الله عليه وسلم يطرق باب فاطمة وعلياً ليلاً فيقول لهما: «ألا تقومان فتصليان». متفق عليه

ثالثاً:
وكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر، كان يعتكف فيها كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً». رواه البخاري.

والاعتكاف هو لزوم المسجد للتضرع لطاعة الله عز وجل، وهو من السنن الثابتة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

كما قال تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف كل رمضان عشرة أيام وكان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً». رواه البخاري.

وشرع الله عز وجل الاعتكاف حتى ينقطع المسلم عن كل ما يكون سبب في انشغال القلب عن عبادة الله جل علاه.

ولذلك ينبغي للمعتكف أن ينشغل بالذكر والقراءة والصلاة والعبادة وأن يتجنب مالا يعينه من حديث الدنيا.

رابعاً:
ومن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر أنه كان يتحرى ليلة القدر التي تقع فيها، والله سبحانه سماها ليلة القدر لعظيم قدرها وشرفها وجلالة مكانتها عنده ولكثرة مغفرة الذنوب وشد العيوب فيها، ولأن المقادير تقدر وتكتب فيها.

وقد خص الله تعالى الليلة بخصائص كثيرة منها:

أولاً:
نزول القرآن الكريم فيها، الذي به هداية البشر وسعادتهم في الدنيا والآخرة والمعجزة الخالدة، قال تعالى: {إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ }

ثانياً:
وصفها بأنها خير من ألف شهر أي أكثر من ثمانين سنة قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ }

ثالثاً:
وصفها بأنها مباركة أي كثيرة البركات والخيرات كما قال تعالى: {إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ } [الدخان: 3]

رابعاً:
أنها تنزل فيها الملائكة والروح أي يكثر تنزل الملائكة في تلك الليلة لكثرة بركتها فينزلون إلى الأرض للخير والبركة والرحمة.

والروح هو جبريل عليه السلام بالذكر لشرفه ومكانته قال تعالى: {تَنَـزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا } [القدر: 4]

خامساً:
وصفها بأنها سلام أي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءاً أو يعمل أذى، أو سلام للمؤمنين من كل مخوف لكثرة من يعتق فيها من النار ويسلم من عذابها، كما قال تعالى: {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر:5]

سادساً:
كما قال تعالى عنها: { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } [الدخان: 4]
يعني يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة ما هو كائن من أمر الله تعالى في تلك السنة من الأرزاق والآجال والخير والشر وما يقدر به لعباد من أعمال وغير ذلك، وقوله تعالى: {كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} أي أوامر الله المحكمة المتقنة التي ليس فيها ضلل ولا نقص ولا سفه ولا باطل ذلك تقدير العزيز العليم.

سابعاً:
أن الله يغفر لمن قامها إيماناً واحتساباً ما تقدم من ذنبه كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه». متفق عليه.
إيماناً أي تصديقاً بوعد الله بالثواب عليه.
احتساباً: أي طلباً للأجر لا لقصد آخر من رياء ونحوه.

ثامناً:
أن الله أنزل في فضلها سورة كاملة تتلى إلى يوم القيامة تتلى بين الناس.

في أي ليلة تكون؟
ليلة القدر في شهر رمضان لأن الله أنزل القرآن الكريم فيها وقد أخبر سبحانه وتعالى أنه أنزل القرآن في شهر رمضان كما قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْـزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185]

وليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان». متفق عليه.

وهي في الأوتار أقرب من الأشفاع، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم: «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان». رواه البخاري.

وهي في السبع الأواخر أقرب، أي ليلة خمسة وعشرين وسبعة وعشرين، وتسعة وعشرين لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«التمسوها في العشر الأواخر فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي». رواه مسلم.

ولقوله صلى الله عليه وسلم: «أرى روياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ممن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر». متفق عليه.

وأقرب أوتار السبع الأواخر ليلة سبع وعشرين وهو ما عليه جماهير العلماء لحديث أبي بن كعب قال: "والله إني لأعلم أي ليلة هي الليلة التي أمرنا رسول الله بقيامها هي ليلة سبع وعشرين". روه مسلم

ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ليلة القدر ليلة سبع وعشرين». رواه أحمد وأبو داود.

وذهب ابن حجر والنووي وغيرهم من العلماء على أنها لا تختص ليلة القدر بليلة معينة في جميع الأعوام، بل تنتقل فتكون في عام ليلة سبع وعشرين مثلاً وفي عام آخر ليلة خمس وعشرين تبعاً لمشيئة الله وحكمته لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التمسوها في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى». رواه البخاري.

والحكمة في إخفاء تلك الليلة عن العباد رحمه بهم ليكثر في طلبها في تلك الليالي الفاضلة بالصلاة والذكر والدعاء فيزدادوا قربة من الله تبارك وتعالى.

علامات ليلة القدر

هناك علامات تعرف بها ليلة القدر ذكرها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم منها:

العلامة الأولى:
أنها ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة، كما قال صلى الله عليه وسلم: «ليلة القدر طلقة لا حارة ولا باردة تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة». رواه ابن خزيمة.

العلامة الثانية:
قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة وانشراح الصدر في تلك الليلة أكثر من غيرها والرياح تكون فيها ساكنة ولا يرمى فيها بنجم، أي لا ترسل فيها الشهب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليلة القدر لية بلجة لا حارة ولا باردة لا يرمى فيها بنجم». رواه أحمد.

العلامة الثالثة:
أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع صافية ليست كعادتها في بقية الأيام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صبيحة ليلة القدر تطلع الشمس لا شعاع لها كأنها حلت حتى ترتفع». رواه مسلم.

ماذا يفعل المسلم في يومها:

إحياؤها بالتهجد وكثرة الصلاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه»

كثرة الدعاء في تلك الليلة، خاصة دعاء عائشة رضي الله عنها حينما قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: «أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عني».

كثرة قراءة القرآن والذكر والاستغفار، فاجتهدوا رحمكم الله في طلبها فهذا أوان الطلب واحذروا من الغفلة ففي الغفلة العطب.

وكما قال الشاعر عن تلك الليلة المباركة:



تولي العمـر فـي سهـووفـي لهـو وفـي خسـر
فيـا ضيعـة مــا أنفـقـتفـي الأيـام مـن عمـري
ومالي في الذي ضيعتمـن عمـري مـن عــذر
فما أغفلنا عن واجبـاتالــحــمــد والــشــكــر
أمـــا قـــد خـصـنــا اللهبـشـهـر أيــمــا شــهــر
بشهـر أنــزل الرحـمـنفـيــه أشـــرف الـذكــر
وهـــل يشـبـهـه شـهــروفــيــه لـيـلــة الــقــدر
فـكـم مــن خـيـر صــحبـمـا فيـهـا مــن الخـيـر
رويـنــا عــــن ثــقــاتأنهـا تطلـب فـي الوتـر
فـطــوبــى لا مــــــرئيطلبها فـي هـذه العشـر
ففيـهـا تـنـزل الأمــلاكبـــالأنـــوار والـــبــــر
وقـد قــال ســلام هــيحـتـى مـطـلـع الـفـجـر
ألا فـادخـروهــا إنــهــامـــن أنـفــس الــذخــر
فـكـم مــن معـتـق فيـهـامـن النـاس ولا يــدري


وأخيراً اللهم اجعلنا ممن صام الشهر وأدرك ليلة القدر، وفاز بالثواب الجزيل والأجر، اللهم و فقنا لاغتنام الخيرات وضاعف لنا في الدرجات واجعلنا ممن غنم في هذا الشهر أوفر الحظ والنصيب إنك سميع مجيب يا أرحم الراحمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


إعداد بدر الفيلكاوي

عمروعبده
19-08-2010, 02:33 PM
ليلة القدر خير من ألف شهر
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده, وبعد..
فمن فضائل هذه الأمة أن الله تعالى جعل لها مواسم للطاعات والأعمال الصالحات, ليتفضل عليهم بالرحمة والمغفرة والعتق من النيران, ومن هذه المواسم شهر رمضان, ومن أعظم فضائل شهر رمضان اشتماله على ليلة القدر التي باركها الله وشرفها على غيرها من الليالي. قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [سورة القدر].

قال الشيخ ابن عثيمين: " وفي هذه السورة فضائل متعددة لليلة القدر:
الفضيلة الأولى: أن الله أنزل فيها القرآن الذي به هداية البشر وسعادتهم في الدنيا والآخرة.
الفضيلة الثانية: ما يدلُ عليه الاستفهام المن التفخيم والتعظيم في قوله {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} [سورة القدر: 2].
الفضيلة الثالثة: أنها خير من ألف شهر.

الفضيلة الرابعة: أن الملائكة تنزل فيه, وهم لا ينزلون إلا بالخير والبركة والرحمة.

الفضيلة الخامسة: أنها سلام, لكثرة السلامة فيها من العقاب والعذاب.

الفضيلة السادسة: أن الله أنزل في فضلها سورة كاملة تتلى إلى يوم القيامة.

* ومن فضائل ليلة القدر: ما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [متفق عليه] فقوله "إيماناً واحتساباً" يعني إيماناً بالله, وبما أعد الله من الثواب للقائمين فيها, واحتساباً للأجر وطلب الثواب.

*وليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان, لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان» [متفق عليه].

*وهي في الأوتار أقرب من الأشفاع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان» [رواه البخاري].

* وهي في السبع الأواخر أقرب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التمسوها في العشر الأواخر, فإن ضعف أحدكم أو عجز, فلا يُغلبن على السبع البواقي» [رواه مسلم].

ولا تختص ليلة القدر بليلة معينة في جميع الأعوام, بل تتنقل, فتكون في عام ليلة السبع والعشرين مثلاً, وفي عام آخر ليلة خمس وعشرين, تبعاً لمشيئة الله وحكمته, ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «التمسوها في تاسعة تبقى, وفي سابعة تبقى, وفي خامسة تبقى» [رواه البخاري].

وقد أخفى الله سبحانه وتعالى علمها على العباد رحمة بهم, ليكثر عملهم في طلبها في تلك الليالي الفاضلة بالصلاة والذكر والدعاء, فيزدادوا قربة من الله وثواباً, وأخفاها اختباراً لهم أيضاً, ليتبين بذلك من كان جاداً في طلبها حريصاً عليها من كان ممن كان كسلان متهاوناً )) [مجالس شهر رمضان].

فأين المشمرون لهذه الأجور والأرباح؟
أين الراغبون في الهدى والفلاح؟
أين الخاطبون للحور الملاح؟

عمروعبده
19-08-2010, 02:38 PM
المنع من القول بتحديد ليلة القدر على وجه القطع

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه ، وبعد : ـ
راج في بعض مواقع الانترنت وعبر البريد الإلكتروني لكثير من الطيبين نشْرة يزعم فيها كاتبها أنه توصل بعد بحث إلى تحديد ليلة القدر على وجه القطع واليقين .

ومهما يكن من حرص صاحب هذه الدعوى على الخير فإنه كم من مريد للخير لم يصيبه . ولا يعدوا أن يكون ممن اجتهد فأخطأ فله أجر ، والله يعفو عنا وعنه .

وقد سألني بعض إخواني من جماعة المسجد عن حقيقة هذه النشرة ، فجاءت هذه الوريقات أسهاما في نصح إخواني المسلمين ومحاولة لكشف هذه الدعواى التي تلقى وأمثالها رواجا دونما نظر أو تمحيص .
وهذا البحث اليسير هو جهد المقل وتطفل على مائدة العلماء فأقول مستعينا بالله تعالى :

إن القول بتحديد ليلة القدر على وجه القطع واليقين مردود من وجوه عدة ينتظمها جوابان :
أحدهما مجمل والآخر ومفصل .
فأما المجمل منهما فهو :
مما ينبغي أن يشاع بين المسلمين أن القول بتحديد ليلة القدر بليلة بعينها كليلة الثلاثاء هو من تقيد ما أطلقه الشارع ، وقد قرر العلماء رحمهم الله ، أن من قواعد البدع تقييد العبادة بزمان أو مكان معين أو نحوهما بحيث يوهم هذا التقييد أنه مقصود شرعا من غير ما دليل صحيح .
ونص على ذلك شيخ الإسلام في (مجموع الفتاوى جـ 20 / صـ 196، 197 )
وكذا الشاطبي في ( الإعتصام جـ 1 / 485 ، 486 )
وأقتصر هنا على نقل ما ذكره الشاطبي ـ رحمه الله ـ طلبا للاختصار .
يقول رحمه الله ( ومن البدع الإضافية التي تقرب من الحقيقية أن يكون أصل العبادة مشروعا إلا أنها تخرج عن أصل شرعيتها بغير دليل توهما أنها باقية على أصلها تحت مقتضى الدليل ، وذلك بأن يقيد إطلاقها بالرأي أو يطلق تقييدها . . . ومن ذلك تخصيص الأيام الفاضلة بأنواع من العبادات التي لم تشرع لها تخصيصا ، كتخصيص اليوم الفلاني بكذا وكذا من الركعات ... فإن ذلك التخصيص والعمل به إذا لم يكن بحكم الوفاق ( الموافقه ) أو بقصد يقصد مثله أهل العقل والفراغ والنشاط كان تشريعا ذائدا )
وقد فصل في ذلك من المعاصرين فضيلة شيخنا الدكتور محمد الجيزاني في كتابه القيم ( قواعد معرفة البدع صـ 117 )

والشاهد أن : تحديد ليلة القدر على وجه القطع واليقين في ليلة بعينها كليلة الثلاثاء أو غيرها هو من تخصيص ما أطلقه الشرع بدون دليل .

أما الجواب المفصل فهو من وجوه :

الوجه الأول : في تقرير خطأ التحديد لليلة القدر بليلة بعينها ، ومعارضة ذلك لدلالة القرآن والسنة القولية والعملية والتقريرية ، وبيان ذلك
الوجه الثاني : مخالفة الإجماع .
الوجه الثالث : مخالفة القياس .
الوجه الرابع : مخالفة المقاصد الشرعية .
الوجه الخامس : مخالفة اللغة .
الوجه السادس : مخالفة العرف .
الوجه السابع : مخالف العقل .

وأخيرا تتمت البحث وفيه مسألتان تتم بهما الفائدة :
الأولى : هل العلم بليلة القدر من الغيب المطلق أو من الغيب النسبي .
الثانية : بعض الشبهات والجواب عنها .
وقد أمسكت عنها في المقام لضيق الوقت ولعل الله أن ييسر ذلك قريبا .

الوجه الأول : في تقرير خطأ التحديد لليلة القدر بليلة بعينها ، ومعارضة ذلك لدلالة القرآن والسنة القولية والعملية والتقريرية .

ففي القرآن العظيم لم تقيد ليلة القدر بليلة بعينها ، وإنما فقط ذكر أنها في شهر رمضان ، والتقيد يحتاج لدليل .
يقول تعالى : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة : 185 ]

قال القرطبي رحمه الله هذا نص على أن القرآن نزل في شهر رمضان ، وهو بيان لقوله تعالى في سورة الدخان { حم (1)وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ } .
يعني ليلة القدر . ولقوله تعالى: { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ }. وفي هذا دليل على أن ليلة القدر إنما تكون في رمضان لا في غيره . ( الجامع لأحكام القرآن جــ 2/ 239 )

وأما ما ورد في السنة النبوية فقد جاء على أربعة صور .

الأولى : أنها في رمضان لا في غيره .
الثانية : أنها في العشر ألأواخر لا في العشر الأولى ولا في العشر الوسطى .
الثالثة : أنها في الأوتار من العشر الآواخر .
الرابعة : أنها ليست في ليلة بعينها .

ومن جملة ما أورده البخاري ومسلم رحمهما الله في صحيحيهما ما أخرجاه من حديث بن عمر رضي الله عنهما عن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أرى رؤياكم قد تواطئت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرياها في السبع الآواخر ».

ولهما من حديث أبي سعيد قال اعتكفنا مع النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان ، خرج صبيحة عشرين فخطبنا قال: « إني أريت ليلة القدر ثم أنسيتها ــ أو نسيتها فلتمسوها في العشر الآواخر في الوتر ، وإني رأيت أني اسجد في ماء وطين ، فمن كان اعتكف معي فليرجع» ، فرجعنا وما نرى في السماء قذعه فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد وكان من جريد النخل . وأقيمت الصلاة فرأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـــ يسجد في الماء والطين حتى رأيت أثر الطين في جبهته ـ صلى الله عليه وسلم ــ

وللبخاري في حديث عائشة رضى الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : « تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الآواخر من رمضان » . وله عن بن عباس ـ رضى الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « التمسوها في العشر الآواخر من رمضان ليلةَ القدر في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى » .

وجاء عند مسلم من حديث ابي سعيد الخدري التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة ، قال قلت ما التاسعة وما السابعة وما الخامسة ، قال إذا مضت واحدة وعشرين فلتي تليها اثنتين وعشرين وهي التاسعة ، فإذا مضى ثلاث وعشرون فالتي تليها السابعة ، فإذا مضى خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة .

ووجه الدلالة من هذا الحديث ظاهر في كون ليلة القدر منحصرة في رمضان ، وفي العشر الآواخر وفي الآوتار منها فهذه الصور الثلاث ثابته بدلالة السنة عليها ، أما الصورة الرابعة وهي القطع بأنها في ليلة بعينها كما زعم صاحب النشرة من كونها ليلة الثلاثاء فالأحاديث لا تدل على ذلك .
وما تقرر هنا هو ما جزم به الحافظ بن حجر في الفتح جــ 4 / 330

وبشي من التحليل لهذه النصوص المتقدمة نجدها تضمنت قرآئن تفيد القطع فيما تقرر .

ـــ وأبرز هذه القرائن ( في ) الظرفية .
فمن المقرر عند علماء الأصول أن ( في ) تفيد الظرفية وهي هنا تفيد الظرفية الزمانية ، فدل على أن ليلة القدر في رمضان لا في غيره وفي العشر الآواخر منه قطعا .

ـــ القرينة الثانية وهي قرينة لفظية .
الأعداد ( السبع) و( العشر ) و (الوتر ) . فهذه قرآئن لفظيه تفيد النصية في الدلالة ، فالأعداد من باب النص لا من باب الظاهر ، كما هو معلوم في علم الأصول . ولهذا قال العلامة الصنعاني ، ( أحاديث : أنها في العشر أو السبع أحاديث واسعة ، ودلالة اسم العدد نص في معناه ) . ( العدة جـ 3 / 256)

ـــ القرينة الثالثة أن أحاديث تحري ليلة القدر في الأوتار مقيدة لمطلق أحاديث التحري في العشر أو السبع . والقاعدة عند الأصوليين أن المطلق يحمل على المقيد لاسيما إذا اتفقا في الحكم والسبب . وهما هنا متفقان .
ففي الحكم استحباب التماسها وتحريها ، والسبب فضلها . وهذا ما يظهر لي من سياق البخاري لحديث عائشة عقب حديث بن عمر وأبي سعيد .
ومثله صنع الحافظ عبد الغني المقدسي في عمدة الأحكام، وتبعه على ذلك شراح العمدة كابن دقيق العيد والصنعاني في حاشيته على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد .

ومما يشهد لبطلان تحديد ليلة القدر بليلة بعينها على وجه القطع واليقين ، ما أخرجه البخاري من حديث عبادة بن الصامت رضى الله تعالى عنه قال خرج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليخبرنا بليلة القدر فتلاحا رجلان من المسلمين فقال خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحا فلان وفلان فرفعت ، وعسى أن يكون خيرا لكم . فالتموسوها في التاسعة والسابعو والخامسة .
وقد بوب البخاري بهذا الحديث بقوله ، باب رفع معرفة ليلة القدر لتلاحي الناس .

والعلماء يقولون فقه البخاري في تراجمه0 وأنت تلاحظ في ترجمة البخاري أمران :

الأول : أنه ترجم للحديث بجملة اسمية مثبته ، وهذا يعني أنه يرى أن رفع المعرفة بليلة القدر على وجه القطع والدوام باق لم ينسخ ، وأنه لا مطمع لأحد بعد ذلك في القطع بها ،
الثاني : أن سياق البخاري للترجمة جاء معللا . يقول الحافظ بن حجر : قوله : ( باب رفع معرفة ليلة القدر لتحاحي الناس ) أي بسبب تلاحي الناس . ( الفتح جـ 4 / 340 ) .

أما السنة الفعلية ، فأبرز مظاهرها اعتكافة صلى الله عليه وسلم طوال العشر وديمومته على ذلك حتى انتقل إلى ربه ، يقول الحافظ بن رجب ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ـ كان يجتهد في رمضان على طلب ليلة القدر ، وأنه اعتكف مرة العشر الأول منه ، ثم طلبها فاعتكف بعدها العشر الأوسط ، وأن ذلك تكرر منه ـ صلى الله عليه وسلم ــ غير مره ، ثم استقر الأمر على اعتكاف العشر الآواخر في طلبها . ( لطائف المعارف صـ 353 ) .

أما دلالة السنة التقريرية ، فإقراره صلى الله عليه وسلم لعائشة وغيرها من الصحابة في تحري ليلة القدر ، فقد أخرج الترمذي وغيره من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ قولي : «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني » [ وقال حديث حسن صحيح ] . فأقرها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على عدم القطع بليلة القدر بليلة بعينها ، فالعرب تستعمل ( إن ) لما يمكن وقوعه وعدم وقوعه , فأما يقع لازما أو غالبا فيقولون فيه إذا .
ولو كان يعلم ليلتها ـ صلى الله عليه وسلم ــ على وجه اليقين لدل عليها أحب الخلق إليه . فهذا أفصح الخلق وأحسنهم بيانا ، وهذا تقريره ، فهل بعد هذا حجة لأحد كي يقطع بأن ليلة القدر في ليلة بعينها .

الوجه الثاني من أوجه إثبات بطلان تحديد ليلة القدر على وجه القطع وهو مخالفة إجماع الصحابة .

وقد حكى هذا الإجماع الحافظ بن حجر رحمه الله في الفتح فقال بعد أن ساق البخاري من أحاديث ( وفي هذه الأحاديث رد لقول أبي الحسن الحولي المغربي ، إنه اعتبر ليلة القدر فلم تفته طول عمره ، وأنها دائما تكون ليلة الأحد ، فإن كان أول الشهر ليلة الأحد ، كانت ليلة تسع وعشرين وهلم جرا ، ولزم من ذلك أن تكون في ليلتين من العشر الوسط لضرورة أن تكون أوتار العشر خمس . وعرضه من تأخر عنه ، فقال إنها تكون دائما ليلة الجمعة ، وذكر نحو قول أبي الحسن ، وكلاهما لا أصل له ، بل هو مخالف لإجماع الصحابة في عهد عمر ـ رضى الله عنه ــ ) ( الفتح 4 / 339 ) .

الوجه الثالث من أوجه إثبات بطلان تحديد ليلة القدر على وجه القطع وهو مخالفة دلالة القياس .

فقد حرم الله تعالى القول عليه بغير علم ونعى على المشركين تحريم ما أحل لهم أو تحليل ما حرم عليهم ، لأنهم في هذا يضاهئون ما شرعه إطلاقا وتقيدا وإباحة ومنعا . ومضاهاة الشارع في تخصيصاته أو تقيداته من غير دليل هو البدعة . وهذه العلة ــ وهي المضاهاة ــ متحققة في ما يدعيه صاحب النشرة من القطع بكون ليلة القدر في ليلة الثلاثاء . وإلى هذه العلة اشار الشاطبي في الاعتصام كما تقدم .
ومن المقرر عند علماء الأصول أن العلة قد تعم معلولها . كما يقول العلامة الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان .

الوجه الرابع من أوجه بطلان تحديد ليلة القدر على وجه القطع وهو مخالفة مقاصد الشريعة .
قرر علماء الإسلام رحمهم الله أن هذه الشريعة جاءت بجلب المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها ، وعلى هذه القاعدة تقوم رحي الإسلام .
والقول بتحديد ليلة القدر بليلة بعينها على وجه القطع يناقض مقصود الشارع من وجهين :
الأول أن الله تعالى أخبر بفضل هذه الليلة ، وهذا يقتضي أن الله تعالى يريد من عباده أن يطلبوها وأن يحرصوا عليها ولهذا جاءت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ــ نادبة إليها .
ففي حديث عبادة بن الصامت المتقدم عن البخاري ، أنه لم أخبر عليه الصلاة والسلام أنها رفعت قال : وعسى أن يكون خيرا لكم . ، قال الحافظ بن حجر فعسى أن يكون خيرا لكم ،فإن وجه الخيرية من جهة أن خفائها يستدعي قيام كل الشهر أو العشر بخلاف لو بقية معرفة عينها ) . ( الفتح ص 4 / 340 ).

نقل الحافظ بن حجر في الفتح عن ألسبكي الكبير قوله : أن الله قدر لنبيه أنه لم يخبر بها والخير كله فيما قدر له ، فيستحب إتباعه في ذلك .

وقال الحافظ بن كثير رحمه الله : ( وإنما اقتضت الحكمة إبهامها لتعم العباد جميع الشهر في ابتغائها ، ويكون الاجتهاد في العشر الأواخر أكثر ، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ، ثم اعتكف ازواجه من بعده ) ( منقول عن عمدة التفسير 3 / 712 )
الوجه الثاني : ما يترتب على القطع بتحديدها في ليلة بعينها من الحرج على الأمة . فكم راى الناس من تدافع وتزاحم عند الحرمين ، ولا سيما في ليلة السابع والعشرين ، وهي أرجى الليالي ، فكيف إذا قيل للناس أن ليلة القدر في الليلة الفلانية على وجه القطع ، فلا شك أنه سيترتب من المشقة والحرج ما يقطع الناظر أنه مرفوع عن هذه الشريعة بنص كتاب الله { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [ الحج آية78]
وقد تقرر في علم الأصول أن النكرة في سياق النفي تفيد العموم ، وهي هنا نص في العموم بقرينة ( من ) .

الوجه الخامس من أوجه إثبات بطلان تحديد ليلة القدر على وجه القطع وهو مخالفة اللغة .
فلا ريب أن فهم نصوص الوحيين ، وفق معهود العرب في الكلام والأساليب أصل قرره أهل العلم ، لأن هذه الشريعة المباركة عربية .
وبنظرٍ معجمي إلى المعنى الدلالي لصيغة ( التمسوا ) و ( تحروا ) و ( تحيينوا ) ولم استقصي كل ما ورد وإنما اردت أن أشير إلى استعمال العرب لهذه المفردات فالالتماس والتحري والتحين أطلقها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ــ وهو أفصح العرب وأنصحهم للأمة وأعلمهم بمراد الله من كلامه ، ولازم كلام الله ورسوله حق .
قال بن منظور في لسان العرب : ( ومن أحر به اشتق التحري في الأشياء ونحوها ، وهو طلب ما هو أحرى بالاستعمال في غالب الظن ، وذكر من معاني التحري الاجتهاد في الطلب ) ( اللسان 4/ 101 ، 102 ، مادة حري ) . فانظر كيف أن العرب تستعمل مادة التحري في طلب الأشياء التي لا يقطع بحصولها . ومن هنا ندرك سر اختيار الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ـــ لهذه اللفظة دون غيرها من العبارات كقوله اشهدوا أو غير ذلك .

ومثل ذلك نجد المعنى الدلالي للالتماس قال بن منظور : ( الالتماس الطلب والتمس التطلب مرة بعد مرة أخرى . . . وفي الحديث من سلك طريقا يلتمس فيه علما ، أي يطلبه فاستعار له اللمس ، وحديث عائشة فالتمست عقدي ... ) ( جـ 13 / 232مادة لمز ) .
فلاحظ أن التماس الطريق المعنوي .. طريق العلم ، والتماس العقد ليس التماس لمقطوع به ، بل طلب لشيء يظن حصولة من غير يقين بذلك . فدل على أن القطع بليلة القدر يخالف ما يفهم من كلام العرب .

الوجه السادس من أوجه إثبات بطلان تحديد ليلة القدر على وجه القطع هو مخالفة دلالة العرف في استعمال لفظ التحري والالتماس .

فقد جرى عرف الناس في هذه البلاد وغيرها في استعمال التحري كمصطلح فيما يغلب على الظن حصوله لا في ما يقطع بحصوله ، ولهذا كثيرا ما تأتي بيانات ، مجلس القضاء الأعلى في هذا البلاد بطلب تحري رؤية الهلال في رمضان وأشهر الحج .
ومثل ذلك مصطلح الالتماس ، فإنه يطلق على طلب إعادة النظر في الحكم النهائي كما هو شائع في قانون المرافعات وطلب الطعن ( الالتماس ) قد يقبل وقد لا يقبل , فهو استعمل لمصطلح الالتماس في طلب ما يظن حصوله . لا فيما يقطع أو يتيقن .

الوجه السابع من أوجه إثبات بطلان تحديد ليلة القدر على وجه القطع وهو مخالفة العقل .

فإن التحديد من غير دليل معتبر وإذا كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ــ أعلم الناس وأفصحهم وأنصحهم لأمته ، وكذا كان أصحابه من بعده أبر الأمة قلوبا وأعمقها علما بمراد الله ورسوله ، فلو كان الانشغال بمثل هذا التحديد والقطع به فيه خير لأوشك أن يدلوا الأمة عليه . فإن من المتقرر عقلا أن الدواعي إذا توفرت على طلب فعل وهو مباح فضلا أن يكون مستحبا استحبابا ، شديدا كليلة القدر ، فلا بد أن يوجد ، فلما لم ينقل عن واحد منهم الدلالة على مثل هذا التكلف من التحديد والحساب والتعين لليلة القدر علم أن هذا لا سبيل إليه .


سعد مقبل العنزي
ينبع الصناعية

عمروعبده
19-08-2010, 02:44 PM
أظلتكم عشر مباركة فيها ليلة القدر
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :

فمن فضل الله ومنته أن شرع لعباده مواسم عظيمة وساعات جليلة يتقربون فيها إليه عز وجل هاهم يتشوقون لمقدم شهر الخير والبركة وتطول عليهم الليالي والأيام رغبة في إدراك هذا الشهر العظيم ولذا كانوا يدعون الله عز وجل أن يبلغهم شهر رمضان.

وإذا دخل الشهر الكريم وبانت أنواره تدرجوا في العبادة وتعودوا على الأنس بالقيام والصبر على الصيام حتى تنقضي العشر الأول ثم هاهم يرون هلاله قد ارتفع في السماء إيذانا ببداية الانصرام فهم يتشوقون إلى عظيم النوال حتى إذا أظلتهم العشر المباركة فإذا النفوس قد تطلعت إلى مزيد من العبادة رجاء المغفرة والعتق من النار.
قال ابن رجب – رحمه الله - : " المحبون تطول عليهم الليالي فيعدونها عدا لانتظار ليالي العشر في كل عام ! فظفروا بها نالوا مطلوبهم وخدموا محبوبهم ".

وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم خير نبراس وهدى عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر )", وفي رواية مسلم : عن عائشة رضي الله عنها : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره ". قال ابن حجر – رحمه الله - : " وفي الحديث الحرص على مداومة القيام في العشر الأخير إشارة إلى الحث على تجويد الخاتمة ".

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : دخل رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم».

الأعمال الخاصة بالعشر الأواخر من رمضان :

الساعات الغالية النفيسة التي لا تعود إلا مرة في العام يسارع إليها الموفقون يغتنمون لحظاتها ودقائقها ويتعرضون فيها لنفحات الجواد الكريم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخص العشر الأواخر بأعمال لا يعملها بقية الشهر :

فمنها : إحياء الليل فيحتمل أن المراد إحياء الليل كله ففي حديث عائشة قالت : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم فإذا كان العشر – يعني الأخير – شمر وشد المئزر ", ويؤيده ما في صحيح مسلم عن عائشة قالت : " ما أعلمه صلى الله عليه وسلم ليلة حتى الصباح ".

ومنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله للصلاة في ليالي العشر دون غيره من الليالي وقد صح عن النبي صلى اله عليه وسلم أنه كان يطرق فاطمة وعليا ليلا فيقول لهما : «ألا تقومان فتصليان ».

وكان يوقظ عائشة بالليل إذا قضى تهجده وأراد أن يوتر وورد الترغيب في إيقاظ أحد الزوجين صاحبه للصلاة ونضح الماء في وجهه وفي الموطأ أن عمر بن الخطاب كان يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة يقول لهم : " الصلاة الصلاة ويتلو هذه الآية : {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ} [طه:132]".

قال سفيان الثوري – رحمه الله - : " أحب إلى إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل ويجتهد فيه وينهض أهله وولده إلى الصلاة إن طاقوا ذلك ".

ومنها : اغتساله صلى الله عليه وسلم بين العشاءين لحديث عائشة : " واغتسل بين الأذانين ", والمراد : أذان المغرب والعشاء قال ابن جرير : " كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر وكان النخعي يغتسل في العشر كل ليلة ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر وكان أيوب السختياني يغتسل ليلة ثلاث وعشرين وأربع وعشرين ويلبس ثوبين جديدين ويستجمر ويقول : ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة أهل المدينة والتي تليها ليلتنا يعني البصريين ".

أخي المسلم : لقد كان الصالحون إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان تهيأوا لها واستقبلوها بالطهارة ظاهرا و باطنا !

فتبين بهذا أنه يستحب في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر التنظف والتزين والغسل والتطيب بالطيب واللباس الحسن كما يشرع ذلك في الجمع والأعياد وكما يشرع أخذ الزينة بالثياب في سائر الصلوات ولا يكمل التزين الظاهر إلا بتزين الباطن بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى وتطهيره من أدناس الذنوب.

ومنها : الاعتكاف ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها : «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى» وفي صحيح بخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين» وإنما كان يعتكف النبي صلى اله عليه وسلم في العشر التي يطلب فيها ليلة القدر قطعا لأشغاله وتفريغا لباله وتخليا لمناجاة ربه وذكره ودعائه.

فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه فما بقى له سوى هم سوى الله وما يرضيه عنه وكلما قويت المعرفة بالله والمحبة والأنس به أورثت صاحبها الانقطاع إلى الله تعالى بالكلية على كل حال
قال الإمام الزهري – رحمه الله - : " عجبا للمسلمين تركوا الاعتكاف مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل ".

ليلة القدر

من أعظم ليال العام فيها يفيض الرب عز وجل على عباده وتنزل عليهم الرحمات في ليلة خير من ألف شهر.
قال تعالى : {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ(2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ(3)} [القدر:1-3], وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في شهر رمضان : «فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم» وقال مالك: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أعمار الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك فكأنه تقاصر أعمار أمته ألا يبلغوا من العمل الذي بلغ غيرهم في طول العكر فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر.

قال قتادة - رحمه الله - : " إنما هي بركة كلها خير إلى مطلع الفجر ".

وقال الضحاك - رحمه الله - : " لا يقدر الله في تلك الليلة إلا السلامة وفي سائر الليالي يقضي بالبلايا والسلامة ".

قال الحسن البصري - رحمه الله - : " إذا كان ليلة القدر لم تزل الملائكة تخفق بأجنحتها بالسلام من الله والرحمة من لدن صلاة المغرب إلى طلوع الفجر ".

أخي المسلم : إنها ليلة نزول الملائكة ,, ليلة الخيرات ,, ليلة النفحات ,, ليلة العتق من النار,, ليلة الرحمة.
ومن فاتته هذه الليلة فهو محروم حقا, قال صلى الله عليه وسلم : «من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم».

وليلة القدر أنزل فيها القرآن ووصفها الله عز وجل بأنها ليلة مباركة يكتب فيها الآجال والأرزاق خلال العام : {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}[الدخان:4] ولها فضل عن غيرها من الليالي فهي خير من ألف شهر في العبادة وتنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والربكة وهي ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير : {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر:5] وفيها غفران الذنوب لمن قامها إيمانا واحتسابا ,,,

وأما العمل في ليلة القدر فقد أثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» وقيامها إنما هو إحياؤها بالتهجد فيها والصلاة وقد أمر عائشة بالدعاء فيها أيضا.

قال سفيان الثوري : " الدعاء في تلك الليلة أحب إلي من الصلاة ". ومراده أن كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لا يكثر فيها الدعاء وأن قرأ ودعا كان حسنا وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد في ليالي رمضان ويقرأ قراءة مرتلة لا يمر بآية فيها الرحمة إلا سأل ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكر وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها.

وقد سئلت عائشة – رضي الله عنها – النبي صلى الله عليه وسلم : أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال : «قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فأعفو عني» ولعظمة هذه الليلة كان الصالحون يتهيأون لها ويستقبلونها كما الأعياد فقد كان لتميم الداري رضي الله عنه حلة اشتراها بألف درهم كان يلبسها في الليلة التي يرجى فيها ليلة القدر وكان ثابت البناني وحميد الطويل – رحمهما الله – يلبسان أحسن ثيابهما ويتطيبان ويطيبون المسجد بأنواع الطيب في الليلة التي يرجى فيها ليلة القدر.

أخي المسلم : عليك بالمبادرة إلى الخيرات والإسراع في عمل الصالحات ولا تفوت هذه الأيام والليال الغالية فإن الوقت كالسيف وتأمل في حال من صلى وصام العام الماضي واليوم رهبن القبر فأسرع إلى طاعة ربك وتذلل بين يديه واسأله العافية في الدنيا والآخرة.

قال ابن الجوزي : " كم يضيع الآدمي من ساعات يفوته فيها الثواب وهذه الأيام مثل المزرعة فكأنه قيل للإنسان : كلما بذرت حبة أخرجنا لك ألف كر ( مكيال ضخم ) فهل يجوز للعاقل أن يتوقف البذر ويتواني ؟! ".

أخي المسلم : نداء من الرب عز وجل يحتاج إلى حسن استجابة ومداومة على الخير {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:133].
قال سعيد بن جبير – رحمه الله - :" سارعوا بالأعمال الصالحة {إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} قال : لذنوبكم ".

كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله ويخافون من رده وهؤلاء هم الذين {يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}[المؤمنون:60]. روي عن علي رضي الله عنه قال : " كونوا لقبول العمل أشد اهتماما منكم بالعمل ألم تسمعوا الله عز وجل يقول : {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27]".

عن الحسن قال : " إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا و تخلف آخرون فخابوا فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون ".

جعلنا الله وإيّاكم من المقبولين في هذا الشهر الكريم وغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عمروعبده
19-08-2010, 02:48 PM
ليلة لبقدر وعلاماتها
الحمد لله رب العالمين ، مفضل الأماكن والأزمان على بعضها بعضا ،الذي أنزل القرآن في الليلة المباركة ، والصلاة والسلام على من شد المئزر في تلك الليالي العظيمة المباركة ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه الغر الميامين .. أما بعد
لقد اختص الله تبارك وتعالى هذه الأمة المحمدية على غيرها من الأمم بخصائص ، وفضلها على غيرها من الأمم بأن أرسل إليها الرسل وأنزل لها الكتاب المبين كتاب الله العظيم ، كلام رب العالمين في ليلة مباركة هي خير الليالي ، ليلة اختصها الله عز وجل من بين الليالي ، ليلة العبادة فيها هي خير من عبادة ألف شهر ، وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر .. ألا وهي ليلة القدر مبيناً لنا إياها في سورتين
قال تعالى في سورة القدر : { إنا أنزلناهُ في ليلةِ القدر *وما أدراكَ ما ليلةُ القدر * ليلةُ القدرِ خيرٌ من ألفِ شهر * تَنَزلُ الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كلِ أمر *سلامٌ هي حتى مطلع الفجر }

وقال تعالى في سورة الدخان : { إنا أنزلناهُ في ليلةٍ مباركةٍ إنا كنا مُنذٍرين * فيها يُفرَقُ كلُ أمرٍ حكيم }

سبب تسميتها بليلة القدر

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
أولا : سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما تقول فلان ذو قدر عظيم ، أي ذو شرف
ثانيا : أنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة ، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام ، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه .
ثالثا : وقيل لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه

علامات ليلة القدر

ذكر الشيخ بن عثيمين رحمه الله أن لليلة القدر علامات مقارنة وعلامات لاحقة

العلامات المقارنة

قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة ، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار
الطمأنينة ، أي طمأنينة القلب ، وانشراح الصدر من المؤمن ، فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر من مما يجده في بقية الليالي
أن الرياح تكون فيها ساكنة أي لا تأتي فيها عواصف أو قواصف ، بل بكون الجو مناسبا
أنه قد يُري الله الإنسان الليلة في المنام ، كما حصل ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم .
أن الانسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي

العلامات اللاحقة

أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع ، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام ، ويدل لذلك حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنها تطلع يومئذ ٍ لا شعاع لها ) -رواه مسلم

فضائل ليلة القدر

أنها ليلة أنزل الله فيها القرآن ، قال تعالى { إنا أنزلناه في ليلة القدر }
أنها ليلة مباركة ، قال تعالى { إنا أنزلناه في ليلة مباركة }
يكتب الله تعالى فيها الآجال والأرزاق خلال العام ، قال تعالى { فيها يفرق كل أمر حكيم }
فضل العبادة فيها عن غيرها من الليالي ، قال تعالى { ليلة القدر خير من ألف شهر}
تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة ، قال تعالى { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر }
ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر ، وتكثر فيها السلامة من العذاب ولا يخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها فهي سلام كلها ، قال تعالى { سلام هي حتى مطلع الفجر }
فيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) - متفق عليه

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


كتبه الشيخ / يحيى الزهراني

عمروعبده
19-08-2010, 02:53 PM
الحمد لله رب العالمين، مفضل الأماكن والأزمان على بعضها بعضاً، الذي أنزل القرآن في الليلة المباركة، والصلاة والسلام على من شد المئزر في تلك الليالي العظيمة المباركة، نبينا محمد وعلى آله وصحبه الغر الميامين.. أما بعد:

لقد اختصّ الله تبارك وتعالى هذه الأمة المحمدية على غيرها من الأمم بخصائص، وفضّلها على غيرها من الأمم بأن أرسل إليها الرسل والأنبياء وخاتمهم وآخرهم، وجعلها خير الأمم قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:110].

وقد أنزل لهذه الأمة الكتاب المبين، والصراط المستقيم، كتاب الله العظيم، كلام رب العالمين، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9]. وقال تعالى: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:42].

فقد أنزل الله عز وجل القرآن الكريم في ليلة مباركة هي خير الليالي، ليلة اختصها الله عز وجل من بين الليالي، ليلة العبادة فيها هي خير من عبادة ألف شهر، وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر.. ألا وهي ليلة القدر مبيناً لنا إياها في سورتين قال تعالى في سورة القدر: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ(5)} [القدر:1-5].

وقال تعالى في سورة الدخان: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)} [الدخان:3-4]، وسميت بليلة القدر لعظم قدرها وفضلها عند الله تبارك وتعالى، ولأنه يقدر فيها ما يكون في العام من الآجال والأرزاق وغير ذلك، كما قال تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان:4].

سبب تسميتها بليلة القدر

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع 6494 ما نصه: " أولاً: أنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان اتقان صنعه وخلقه..

ثانياً: سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما تقول فلان ذو قدر عظيم، أي ذو شرف لقوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)} [القدر:2-3] وليلة خير من ألف شهر قدرها عظيم ولا شك.

ثالثاً: وقيل لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [متفق عليه]. وهذا لا يحصل إلا لهذه الليلة فقط، فلو أن الإنسان قام ليلة النصف من شعبان، أو ليلة النصف من رجب، أو ليلة النصف من أي شهر، أو في أية ليلة لم يحصل له هذا الأجر ".

وقال الشيخ رحمه الله تعالى: " إن الإنسان ينال أجرها وإن لم يعلم بها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً» ولم يكن عالماً بها، ولو كان العلم شرطاً في حصول هذا الثواب لبيّنه الرسول ". أ هـ.

علامات ليلة القدر

ذكر الشيخ بن عثيمين رحمه الله أن لليلة القدر علامات مقارنة وعلامات متابعة:

العلامات المقارنة

1- قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار.

2- زيادة النور في تلك الليلة.

3- الطمأنينة، أي طمأنينة القلب، وانشراح الصدر من المؤمن، فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر من مما يجده في بقية الليالي.

4- أن الرياح تكون فيها ساكنة أي لا تأتي فيها عواصف أو قواصف، بل يكون الجو مناسباً.

5- أنه قد يُري الله الإنسان الليلة في المنام، كما حصل ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم.

6- أن الانسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي.

العلامات اللاحقة

أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام، ويدل لذلك حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنها تطلع يومئذ ٍ لا شعاع لها» [رواه مسلم].

وليلة رمضان ليلة مباركة، وهي في ليالي شهر رمضان، ويمكن التماسها في العشر الأواخر منه، وفي الأوتار خاصة، وأرجى ليلة يمكن أن تكون فيها هي ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، فكان أبي بن كعب رضي الله عنه يقول: " والله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها، وهي ليلة سبع وعشرين ". [مسلم].

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى ليلة القدر، ويأمر أصحابه بتحريها، وكان يوقظ أهله في ليالي العشر الأواخر من رمضان رجاء أن يدركوا ليلة القدر، وكان يشد المئزر وذلك كناية عن جده واجتهاده عليه الصلاة والسلام في العبادة في تلك الليالي، واعتزاله النساء فيها، وورد عن بعض السلف الاغتسال والتطيب في ليالي العشر تحرياً لليلة القدر التي شرفها الله ورفع قدرها.

ولهذا ينبغي أن يتحرها المؤمن في كل ليالي العشر عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: «التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان» [متفق عليه]، وقد أخفى الله عز وجل علمها حتى يجتهد الناس في العبادة في تلك الليالي، ويجدوا في طلبها بغية الحصول عليها، فيظنون أنها في كل ليلة، فترى الكثير من الناس في تلك الليالي المباركة بين ساجد وقائم وداع وباك، فاللهم وفقنا لقيام ليلة القدر، واجعلها لنا خيراً من ألف شهر، فالناس بقيامهم تلك الليالي يثابون بإذن الله تعالى على قيامهم كل ليلة، كيف لا وهم يرجون ليلة القدر أن تكون في كل ليلة، ولهذا كان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم الاعتكاف في ليالي العشر من رمضان.

وليلة القدر لا تختص بليلة معينة في جميع الأعوام بل هي تنتقل، أي قد تكون في عام ليلة خمس وعشرين، وفي عام آخر ليلة ثلاث وعشرين وهكذا فهي غير ثابتة بليلة معينة في كل عام.

فضائل ليلة القدر

1 - أنها ليلة أنزل الله فيها القرآن، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1].

2 - أنها ليلة مباركة، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ} [الدخان:3] .

3 - يكتب الله تعالى فيها الآجال والأرزاق خلال العام، قال تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان:4].

4 - فضل العبادة فيها عن غيرها من الليالي، قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر:3].

5 - تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة، قال تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} [القدر:4].

6 - ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر، وتكثر فيها السلامة من العذاب ولا يخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها فهي سلام كلها، قال تعالى: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر:5].

7 - فيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عز وجل، قال صلى الله عليه وسلم : «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [متفق عليه].

فليلة هذه فضائلها وخصائصها وهباتها، ينبغي علينا أن نجتهد فيها ونكثر من الدعاء والاستغفار والأعمال الصالحة، فإنها فرصة العمر، والفرص لا تدوم، فأي فضل أعظم من هذا الفضل لمن وفقه الله، فاحرصوا رحمكم الله على طلب هذه الليلة واجتهدوا بالأعمال الصالحة لتفوزوا بثوابها فإن المحروم من حُرم الثواب، ومن تمر عليه مواسم المغفرة ويبقى محملا بذنوبه بسبب غفلته وإعراضه وعدم مبالاته فإنه محروم، أيها العاصي تب الى الله واسأله المغفرة فقد فتح لك باب التوبة، ودعاك إليها وجعل لك مواسم للخير تضاعف فيها الحسنات وتمحى فيها السيئات فخذ لنفسك بأسباب النجاة.

اللهم اجعلنا ممن وفق لقيام ليلة القدر، فأجزلت له المثوبة والأجر، وغفرت له الزلل والوزر، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أعلنا وما أسررنا، وما أنت أعلم به منا، برحمتك يا عزيز يا غفار، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


يحيى بن موسى الزهراني

عمروعبده
20-08-2010, 12:54 PM
قيام ليلة القدر
احرص على قيام العشر الأواخر من رمضان , ولو أن تضطر إلى تأجيل الأعمال الدنيوية , فلعلك تحظى بقيام ليلة القدر , فإن قيامك فيها تجارة عظيمة لاتعوض .

فقيام لياة القدر -وهي إحدى ليالي الوتر من العشر الأخير من رمضان- أفضل عند الله من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر وذلك لقوله تبارك وتعالى { ليلة القدر خير من ألف شهر } أي ثواب قيامها أفضل من ثواب العبادة لمدة ثلاث وثمانين سنة وثلاثة أشهر تقريبا . ولو أصاب مسلم ليلة القدر فقامها لمدة عشرين سنة فإنه يكتب له بإذن الله ثواب يزيد على من عبد الله ألفا وستمائة وستة وستين سنة. أليس هذا عمرا إضافيا طويلا يسجل في صحيفتك لا تحلم أن يتحقق لك فتقوم به في الواقع؟
قال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره ( واعلم أن من أحياها فكأنما عبد الله تعالى نيفا وثمانين سنة , ومن أحياها كل سنة فكأنما رزق أعمارا كثيرة ).

إننا نرى كثيرا من الرجال والنساء قد حرموا أنفسهم من هذا الخير وتقاعسوا عن قيام ليالي رمضان خصوصا العشر الأخيرة منها. فتراهم يمضون ليلهم إما في الأسواق , أو في مجالس سمر , أو أمام الأفلام , أو منهمكين في حل فوازير رمضان , بينما كانت بيوت السلف رحمهم الله تعالى ومساجدهم تحيا في ليالي رمضان بالطاعة والذكر والصلاة . بل وجد من الناس اليوم من أحيوا أسواقهم بالتجول فيها من أول يوم من رمضان إلى نهايته , استعدادا ليوم العيد كما زعموا . فقصر عمرهم الإنتاجي , وقلت حسناتهم , ولاحول ولا قوة إلا بالله .

وتأتي أهمية قيام ليلة القدر أنها ليلة يحدد فيها مصير مستقبلك لعام قادم ففيها تنسخ الآجال , وفيها يفرق كل أمر حكيم. فاحرص أن تكون فيها ذاكرا لله ومسبحا له , أو قارئا للقرآن , أو قانتا لله , تسأله السعادة في الدنيا والآخرة , وإياك أن تكون فيها في مواطن الغفلة , كالأسواق ومدن الملاهي ومجالس اللغو فيفوتك خير كثير.


كتاب كيف تطيل عمرك الإنتاجى

عمروعبده
20-08-2010, 12:59 PM
ليلة القدر والعشر الاواخر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

حبيبي في الله..
ها قد بلغنا آخر المحطات، وآن أوان الجد والاجتهاد، إننا في مرحلة {وَسَارِعُواْ} [سورة آل عمران: 133] و{سَابِقُوا} [سورة الحديد: 21] فأخرج كل ما بوسعك من جهد فالغنيمة عظيمة، والثمرة تستحق بذل الغالي والنفيس للحصول عليها، الثمرة هذه المرة (ليلة القدر) {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [سورة القدر: 2-5].

اجتهد أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قبل موته اجتهادًا شديدًا، فقيل له: "لو أمسكت أو رفقت بنفسك بعض الرفق؟"، فقال: "إنَّ الخيل إذا أُرسلت فقاربت رأس مجراها أخرجت جميع ما عندها".

فجدَّ واجتهد، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله [متفق عليه]، وكانت أمنا عائشة تقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيره" [رواه مسلم]، فإياك أن تكون من المحرومين...

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الشهر قد حضركم، و فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، و لا يحرم خيرها إلا محروم» *[الراوي: سعيد المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2247- خلاصة الدرجة: حسن].

وكيف لا يُحرم الخير كله؟ وهي أعظم ليالي الدهر، ليلة مباركة العمل فيها يضاعف أكثر من العمل في ألف شهر، ليلة تضيق فيها الأرض من كثرة الملائكة، ليلة الشرف من تحرَّاها صارت له المنزلة عند الله، ليلة يباهي الله فيها الملائكة بعباده الصالحين، و فيها يقدر الله تعالى لملائكته جميع ما ينبغي أن يجري على أيديهم من تدبير بني آدم ومحياهم ومماتهم إلى ليلة القدر من السنة القابلة، وهي ليلة سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا ولا يحدث فيها أذى، وهي سبب للسلامة والنجاة من المهالك يوم القيامة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» [متفق عليه].

حبيبي في الله...
وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحريها في أوتار العشر الأواخر من رمضان، وكان سلفنا الصالح يحتاطون فيتلمسون ليلة القدر في جميع ليال العشر.

والصحيح في علامتها، أنْ تشرق الشمس يومها لا شعاع لها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «ليلة القدر ليلة سمحة، طلقة، لا حارة و لا باردة، تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء» [الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 5475- خلاصة الدرجة: صحيح].

وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان وفي العام الذي قبض فيه صلى الله عليه وسلم اعتكف عشرين يوماً طلبًا لهذه المنحة الربانية العظيمة، فالمقصود من الاعتكاف: تحري ليلة القدر، و الخلوة بالله عز وجل، والانقطاع عن الناس ما أمكن حتى يتم الأنس بالله عز وجل وذكره، وإصلاح القلب، فإذا كان بإمكانك الاعتكاف فلا تدعه فإنَّه سنة مؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن لم يكن بإمكانك فلا أقل من المكث طيلة الليل في المسجد للصلاة والذكر والدعاء، فعساك توفق لليلة القدر فتجدك الملائكة مقيمًا على طاعة في بيت من بيوت الله، وهذا –لا ريب – أدعى للرحمة.

نصائح العشر:

(1)لا نوم في ليالي العشر:
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحيي ليالي العشر وهذا بالتهجد فيها والصلاة.

(2)أعن الأهل على العمل الصالح:
ففي حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قام بهم ليلة ثلاث وعشرين، وخمس وعشرين ذكر أنه دعا أهله ونساءه ليلة سبع وعشرين خاصة، وهذا يدل على انه يتأكد إيقاظهم في أكد الأوتار التي ترجى فيها ليلة القدر.

قال سفيان الثوري: "أحب إلي إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل ويجتهد فيه، وينهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك".

(3)أكثر من الدعاء فيها:
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين عائشة بالدعاء فيها. قالت عائشة - رضي الله عنها - للنبي صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أدعو؟"، قال تقولين: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» [الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3119- خلاصة الدرجة: صحيح].

وكان سفيان الثوري يقول: الدعاء في تلك الليلة أحبُّ إليَّ من الصلاة، و إذا كان يقرأ، وهو يدعو، ويرغب إلى الله في الدعاء والمسألة لعله يوافق. فكثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لا يكثر فيها الدعاء، وإن قرأ ودعا كان حسناً".

(4)تطهير الظاهر والباطن:
فقد كان السلف يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر، ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر، فلا يصلح لمناجاة الملك في الخلوات إلا من زين ظاهره و باطنه.

(5)ليلها كنهارها لا تغفل عن ذلك:
فقد ذهب بعض السلف إلى اعتبار ليلة القدر كنهارها في لزوم الاجتهاد في العمل الصالح.

قال الإمام الشافعي: "استحب أن يكون اجتهاده في نهارها كاجتهاده في ليلها". وهذا يقتضي استحباب الاجتهاد في جميع زمان العشر الأواخر ليله ونهاره.

(6) من أشرف العبادات التي تتقرب إلى الله بها في هذا الوقت "التبتل" أي الانقطاع إلى الله:
قال تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً (8) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً} [المزمل: 8-9] ففرِّغ قلبك له، فلا جدال، لا مناقشات، لا اختلاط فاحش، أغلق الهاتف، وانس همومك، ودع مشاغلك، عليك بالانفراد بنفسك والتحلي بمناجاة ربك وذكره ودعائه.

(7) تحسس قلبك:
راقب نيتك، فنية المرء خير من عمله، فاحتسب وتقرب.

(8) تذكر أنه على قدر اجتهادك ستكون منزلتك:
فلا تدع بابًا للخير إلا طرقته، وتنوع الطاعات علاج لطبيعة الملل عند الإنسان.

(9) عليك بالمجاهدة والمعاناة مع الصبر والاصطبار:
قال بعضهم: "من أراد أن تواتيه نفسه على الخير عفواً فسينتظر طويلاً بل لابد من حمل النفس على الخير قهراً".

(10) قلل من كلامك:
فأحصِ عدد كلماتك في اليوم والليلة فعليك بهذه الأمور، فعليك بالصمت، فمن صمت نجا.

(11) تذكر هذا زمان السباق، فلا ترضَ بالخسارة والدون: قال أحدهم: لو أنَّ رجلاً سمع برجل هو أطوع لله منه فمات ذلك الرجل غمَّا ما كان ذلك بكثير، فهل ترضى بهذا الحرمان، يفوز الناس بالمغفرة والرحمة والعتق وتضاعف أعمالهم، ويبغون الجنة، وأنت في مكانك كبلتك الخطايا"، لا.. لا يمكن أن ترضى، لذلك ستجتهد حتمًا بإذن الله.

(12) أحسن الظن بالله:
فلو فاتك شيء قم واستدرك لعلك تعوضه، فإنَّه يمنع الجود سوء الظن بالمعبود، ولو أحسنت الظن بالله ستحسنُ العمل، لأنك ستحبه حبًا عميقًا. اللهم نسألك حبَّك، وحبَّ من يحبك، وحب كل عمل يقربنا إلى حبِّك.

(13) لتكن لك عبادات في السر، لا يطلع عليها إلا الله، فهذا أدعى للإخلاص.
قال صلى الله عليه وسلم: «صلاة الرجل تطوعا حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمسا وعشرين» [الراوي: صهيب المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 7/423- خلاصة الدرجة: [فيه] أبو صهيب وأبوه لم أعرفهم].

(14) اجمع بين الكم والكيف:
نريد أعمالًا ضخمة فذة كبيرة، لم تصنعها في عمرك، هذا العام ستقوم بها، نعم ستقوم بها، فهي علامة صدقك في طلب رضا الآخرة، وابتغائك ما عنده من الخير العميم، ولن ترضى عن نفسك حتى تصنع أقصى ما تستطيع، وبعدها ستقول: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك

عمروعبده
20-08-2010, 01:08 PM
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله
أعمال فذة مقترحة للمجتهدين:
ترددت كثيرًا في كتابة هذه الأعمال، لأنَّ كثيرًا من الناس يقول: إنه يستبعد وجودها في زماننا، وأنه كلام يصلح لعصر السلف، وأنه يُحبط عند سماع ذلك، لكن الذي دفعنني إليه، أنّه بفضل الله هناك إخوة وأخوات أشعلوا الحماس فينا جميعًا، استجابوا للبرنامج العملي الذي اقترحناه هذا العام، فهناك – والله الذي لا إله غيره - من ختم القرآن في ركعة الوتر، ومن صلى (300) ركعة، ومن استغفر (20) ألف مرة، هؤلاء لماذا يسبقوك؟ هؤلاء نحسبهم صدقوا الله وأخلصوا – والله حسيبهم ولا نزكي على الله أحدًا – فأنا أهدي هذه الأعمال الفذة لهم ولكل من يريد أن يلحق بهم، هؤلاء نفذوا الوصية ورفعوا الشعار (لأرين الله ما أصنع) – (لن يسبقني إلى الله أحد) (وعجلت إليك ربي لترضى) فهيا الحق بهم ولا تفتر، ولا تثبط، هؤلاء كلهم في أول الطريق، فانظر كيف بلغوا، وأنت أيضًا ستبلغ ذلك وأكثر بإذن الله.

(1) لماذا لا تختم القرآن كل ليلة؟
كما صنعها عثمان وتميم الداري - رضي الله عنهما - في ركعة الوتر، وقرأ منصور بن زاذان القرآن كله في صلاة الضحى، وكان الأسود النخعي وسعيد بن جبير يختم القرآن في كل ليلتين، وفي مصر بعض المشايخ يصنع ذلك رأيته بعيني رأسي، كان قتادة يختم في سبع، وفي رمضان في ثلاث، وفي العشر كل ليلة، وكان الحافظ ابن عساكر يختم كل جمعة، وفي رمضان كل يوم، وكان الإمام أبو حنيفة والإمام الشافعي يختمان القرآن في كل يوم مرتين، وبلغ بالعبد الصالح أبو العباس بن عطاء أن ختم القرآن في اليوم والليلة ثلاث مرات، وختم الإمام الضبي القرآن أربع مرات في يوم واحد.

(2) لماذا لا تسجد وتقترب؟
سجد سفيان الثوري سجدة بعد صلاة المغرب فما رفعها إلا على آذان العشاء، وكان أبو جعفر الباقر يصلي كل يوم (50) ركعة، وكان عبد الله بن غالب يصلي الضحى (100) ركعة ويقول لهذا خلقنا وبهذا أمرنا، وكان مُرة بن شراحيل الملقب ب (مرة الخير) يصلي كل يوم (200) ركعة، وكان الإمام أحمد يصلي كل يوم وليلة (300) ركعة، وكان الأسود بن يزيد يصلي كل يوم (700) ركعة، وكان عمير بن هانئ يصلي كل يوم (ألف) ركعة ويسبح 100 ألف تسبيحة، وكان بلال بن سعد من العبادة على شيء لم يسمع في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، كان يصلي كل يوم وليلة (ألف) ركعة.

(3) لماذا لا تكون من الذاكرين الله كثيرًا؟
كان أبو هريرة - رضي الله عنه - يسبح ويستغفر في اليوم (12 ألف مرة) - وهذه صنعها الإخوة كثيرًا هذا العام والعام السابق -، وكان خالد بن معدان يسبح (40 ألف تسبيحة) حتى مات وأصبعه على عقد التسبيح، وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يسبح (100ألف مرة).

(4) الصيام والإفطار على التمر والماء:
كما كان الحبيب صلى الله عليه وسلم شهرين لا يوقد في بيته النار ولا يطعم إلا التمر والماء، وهذا الإمام أحمد يقول ابنه صالح: "جعل أبي يواصل الصوم، ويفطر في كل ثلاث على تمر شهرين، فمكث بذلك خمسة عشر يومًا، يفطر في كل ثلاث، ثمَّ جعل بعد ذلك يُفطر ليلة وليلة، لا يفطر إلا على رغيف".

(5) صدقة عظيمة بشيء عزيز على نفسك:
فلن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون، رسول الله يتألف الرجل بغنم بين جبلين (ثروة بالملايين الآن)، وأبو بكر - رضي الله عنه - يتصدق بماله كله، وعمر - رضي الله عنه - بشطر ماله، وأتي بـ (22 ألف درهم) فما قام من مجلسه حتى فرقها وكان إذا أعجبه المال تصدق به، وعثمان يجهز الجيش بعشرة آلاف درهم ويشتري البئر ليشرب المسلمين بـ (40 ألف درهم) ويقول له النبي: ما ضرَّ عثمان ما فعل بعد اليوم، وباع عبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه – حديقة ب (400 ألف) وقسَّمها في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وطلحة بن عبيد الله يتصدق في يوم ب (700 ألف)، فمن منا سيسبق في هذا الميدان ويتصدق بشيء نفيس عليه؟

(6) من سيربح ثواب العمرة في رمضان؟
وهناك يعكف على الصلاة والذكر والقرآن والطواف، فيطوف ليلة كاملة، يظل الساعات يطوف حول بيت ربه، كان محمد بن طارق يطوف كل يوم سبعين مرة، كل مرة سبعة أشواط.

(7) من ينشر الخير ويدعو إلى الله؟
من سيستعمله الله ويجعله من خدام دينه؟ من سيفتح الله على يديه هداية قومه وأهل بيته وجيرانه بفضل إخلاصه وصدقه؟، وزِّع أكثر ما تستطيع من الكتيبات النافعة والمطويات والأشرطة التي تحث الناس على عمل الخير، واحتسب أعمالهم في ميزان حسناتك، فالدال على الخير كفاعله، فمن سيحقق الرقم القياسي في ذلك، فتكتب له أعمال آلاف البشر؟

وبعد هذه أعمال فذة تريد رجالا أصحاب همم عالية، أنت منهم إن شاء الله، لا تستثقل العمل، فقط استعن بالله، وانهض وقل: لأرين الله ما أصنع، ستصل بحوله وقوته، بفضله ورحمته، لا بإمكانياتك، لا بتصوراتك لقدراتك، ستكون سنة الخير علينا جميعًا، ونزرق بإذن الله ليلة القدر، فأخلصوا لله واصدقوا في طلب رضاه، وستبلغون مما يرضيه الآمال، فاللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنا.

هانى حلمى

عمروعبده
20-08-2010, 01:13 PM
دع البكـاء علـى الأطـلال والـدارواذكر لمن بات من خل ومن جار
وذر الدموع نحيباً وابك من أسفعـلـى فــراق لـيــال ذات أنـــوار
على ليال لشهر الصـوم ماجعلـتإلا لـتـمـحـيــص آثــــــام وأوزار
يالائمي في البكاء زدنـي بـه كلفـاًواسمـع غريـب أحاديـث وأخـبـار
مـا كـان أحسننـا والشمـل مجتمـعمنا المصلي ومنـا القانـت القـاري

وداعاً يا شهر يا رمضان ! وداعاً يا شهر الخيرات والإحسان ! وداعاً يا ضيفنا الراحل ! مضى كثيرك ولم يبق بين أيدينا منك إلا أيام قلائل ، عشر تجاورنا اليوم وهي إلى الرحيل أقرب من البقاء ، ولئن قال ابن رجب في لطائفه عند الفراق : ياشهر رمضان ترفّق ، دموع المحبين تدفّق ، قلوبهم من ألم الفراق تشقّق . عسى وقفة للوداع تطفيء من نار الشوق ما أحرق ، عسى ساعة توبة وإقلاع ترقع من الصيام ماتخرّق ، عسى منقطع من ركب المقبولين يلحق ، عسى أسير الأوزار يُطلق ، عسى من استوجب النار يُعتق . اهـ فما أحرانا بتدبّر قوله ، وفعل يطفيء حرارة الوداع .

أيها الشباب قبل أن تُشيعوا ضيفكم الميمون عودوا إلى أنفسكم حفظكم الله وتأملوا ماذا قدّمتم بين يديه ؟ وما هي الأسرار التي بينكم وبين ربكم في أيام شهركم وسيرحل بها رمضان ؟

هاتفني شاب في رمضان بعد سماع إحدى المواعظ وحدثني في الهاتف حديث طويل أذكر من قوله : أشعر من حديثكم أنكم تشعرون بفقد الشهر ، وتتحسّرون على فوات أيامه ؟ فلماذا أنا لا أشعر بذلك ؟

وبعد حديث طويل عن سر فقد الفرحة في قلب من يحاورني قال لي : عفواً أخي في شهر رمضان أسررت المعصية ، وتجاهلت الطاعة ، وكم هي المرات التي لا أشهد فيها صلاة التراويح ، وإن شهدتها فصورة بلا معنى ، وحركات بلا روح ، القرآن عهدي به من زمن بعيد ، وقد حاولت أن أمد يدي إليه مع جملة الذاكرين لكن نفسي حبستني عن الاستمرار وهاأنا لا زلت في بدايته إلى اليوم .

أما المعصية فتدفعي لها نفسي دفعاً حتى أنني واقعت أنواعاً من المعاصي مراراً في شهر رمضان فعيني تخطّت ستار المعروف واجتالت في حرمات الله تعالى ، وأذني أبت إلا أن تتجاوز حدها الشرعي فانتهكت ماحرم الله ، ونفسي التي بين جنبيّ جاهدتها كثيراً فكابرت ومانعت واستعصت علىّ ، بل ما زالت بي حتى أوقعتني في الفاحشة .....

ومازال يحدّث حتى انهار باكياً ، واستعبر أمامي في البكاء ، وأخذ يردد أثناء حديثه أخشى أن لا أكون ممن غفر الله لهم ، أو تقبّل منهم ، أخشى أن يختم الله لي بخاتمة السوء ! فأصبح أسير أحزاني ! أنا لست وحيداً في طريق اليأس فكثير من الشباب أمثالي ، فما زلت به أخفف عنه هذه الآلام حتى عاد يسمع حديثي من جديد فقلت له أخي الشاب لازال في الأمل فسحة ، وفي الوقت بقية ، والعبرة بالخواتيم . وأنا وإياك نشهد هذه العشر المباركة فهل يمكن أن تضع يدي في يدك وتعاهدني على المسير فقال أي والله مسير يعيد لي الفرحة والبسمة في حياتي من جديد لم لا أقبل به ؟ ولما لا أعيشه وقد عشت كل معاني الحرمان في المعصية والدأب عليها ؟ فقلت له أقبل حفظك الله إلى حديث ، أرعني سمعك ، وجُد علىّ بشيء من وقتك فعندي سر السعادة التي تنتظرها ، عندي لك قول الله تعالى : { قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم }

دواء للمنكسرين من أمثالك لكن بشرطها الوحيد : التوبة الصادقة التي رأيت من آثارها أثر الدموع بين عينيك .

وعندي لك قول رسولك صلى الله عليه وسلم : « لله اشد فرحاً بتوبة عبده عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة ، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها ، فأتى شجرة قاضطجع في ظلها ، وقد أيس من راحلته ، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك ، أخطأ من شدة الفرح » متفق عليه من حديث أنس .

إذاً لم يبق عليك حفظك الله إلا الإقبال على ما بقي من شهرك إذ هذه الأيام هي الخاتمة ، وهي سر الشهر ، وأفضل أيامه على الإطلاق ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول عنه عائشة رضي الله عنها : « كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل ، وأيقظ أهله ، وجدّ ، وشد المئزر » ولك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة .

هذه الليلة العظيمة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ماتقدم من ذنبه » متفق عليه من حديث أبي هريرة .

وقد أخبر الله عن هذه الليلة أنها خير من ألف شهر في كتابه المبين فقال تعالى : { إنا أنزلناه في ليلة القدر . وما أدراك ماليلة القدر . ليلة القدر خير من ألف شهر }

وأخبر رسول الهدى صلى الله عليه وسلم أن هذه الليلة في ليالي العشر حين قال صلى الله عليه وسلم : « تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان »

أقبل على عشر رمضان حفظك الله بكل جهدك وقوتك واحرص على أن يكون ختام شهرك ختاماً حياً مباركاً ، تزوّّد فيها بالطاعات ، احرص على الفريضة مع الإمام والله الله أن يشهد الله عليك أو حتى أحد من خلقه تخلُفاً عن الجماعة بنوم أو كسل ، إلزم النافلة القبلية والبعدية ، واحرص على أداء صلاة التراويح والقيام مع جموع المسلمين ، ولا زم فيها دعاء : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني فهي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين . أكثر من قراءة القرآن ، ونوّّع في القراء مابين حدر وترتيل ، ولتكن عنايتك بالتدبّر لآيات القران الكريم فإن في ذلك خير كثير . قم برعايتك والديك وقبّل رأسهما كل مساء ، والزمهما بالطاعة والبر فإن ذلك من أعظم فرص استغلال شهر رمضان .

صل أرحامك ، وتعاهد جيرانك فإن ذلك من خلق المسلم .

وإنني إذ أدعوك إلى التمعّّّن في هذه الأحاديث إنما أدعوك للتحرر من الكسل واستقبال الآخرة ، والإقبال على عشر رمضان الأخيةر ففيها بإذن الله تعالى سر السعادة المرتقبة التي تبحث عنها ، وإنما حين أقرر لك أن هذا هو طريق السعادة آمل منك أن تجرّب هذا الطريق ولن تجد أجمل منه ولا أسعد على وجه هذه الحياة ، وهؤلاء الذين تراهم في مجتمعك تبرق أسارير وجوههم يالاستقامة هم كانوا مثل ما أنت فيه الآن من الحيرة والاضطراب ، والهم والغم ، وخاضوا هذه التجربة في بداية حياتهم وحينما وجدوا المفقود والسر الغائب في حياتهم قرروا التوبة ، وهم اليوم وكل يوم يرددون قول القائل : والله إنها لتمر بي ساعات يرقص فيها القلب فرحاً من ذكر الله .

ويلهجون بقول الله تعالى : { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون } وفقك الله وسدد خطاك وعلى طريق الخير بإذن الله تعالى نلقاك .


مشعل بن عبد العزيز الفلاحي

عمروعبده
20-08-2010, 01:40 PM
رمضان يُنادي: استعدوا يرحمكم الله!!
أسأل الله أنْ يشملنا وإياكم برحمته الواسعة، وأنْ يلطف بنا فيما جَرَتْ به المقادير.
معاشر الإخوة!
إذا كانت أول ليلة من رمضان؛ فإنَّ هناك مناد ينادي: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر! تخيَّلوا أيها الأحبة! إذا كان الخالق جلَّ وعلا يُعِدُّ العدة لنا بكونه وجنته لهذا الشهر المفضال الكريم، ويُهيِّئ الجو للطاعات؛ فتُفتح أبواب الجنة، وتُغلق أبواب النار، وتُسلسل الشياطين وتُقيَّد، والخير منتشرٌ بين ربوع الدنيا؛ فكان شهراً عظيماً: شهرٌ للغنى بعد الفقر!!
وللصحة بعد المرض!!
وللعزة والقوة بعد الذلة والضعف!!
شهرُ الخير والحب والودِّ والألفة بين الناس!!
شهرٌ للإنفاق والصدقة والعطاء!!
شهرٌ تمنَّى النبي صلى الله عليه وسلم لقاءه، ومقابلته قبل موعدِ قدومه وموعد ميلاده، قائلاً: (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان).
شهرٌ كله خيرات: بكاءٌ ودموعٌ، خضوعٌ وخشوعٌ، تبتلٌ وابتهالٌ، تذكُّرٌ وتدبُّرٌ..
شهرٌ كله نفحاتٌ، ومن أصابته نفحةٌ من نفحات ربه؛ فلا يشقى بعدها أبدا!!
هذا الشهر أيُّها الإخوة:
جعله النبي عليه الصلاة والسلام شهراً لميزان عبدٍ على عبدٍ، وأفضليةِ إنسانٍ على إنسانٍ، فقد روى ابن ماجة -رحمه الله- في سننه -وصحَّحه الشيخ الألباني رحمه الله- كما عن طلحة بن عبيد الله -رحمه الله- وهو يقصُّ علينا خبر رجلين من الصحب الكرام كان إسلامهما جميعاً، فكان أحدهما أشدَّ اجتهاداً من الآخر، فغزا المجتهد منهما فاستُشهِد، ثمَّ مكث الآخر بعدهُ سنةً ثم تُوفِّي.
قال طلحة رضي الله عنه: فرأيت في المنام بينا أنا عند باب الجنة، إذا أنا بهما، فخرج خارج من الجنة فأذن للذي تُوفِّي الآخِر منهما، ثُمَّ خرج فأذن للذي استُشهِد، ثم رجع إلي فقال: ارجع؛ فإنَّك لم يأنِ لك بعدُ، فأصبح طلحةُ يُحدِّث به الناس؛ فعجبوا لذلك، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثوه بالحديث، فقال: مِنْ أيِّ ذلك تعجبون؟!!
فقالوا: يا رسول الله! هذا كان أشدَّ الرجلين اجتهاداً ثم استُشهِد، ودخل هذا الآخِرُ الجنةَ قبله!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أليس قد مكث هذا بعده سنة؟ قالوا: بلى! قال: وأدرك رمضان فصام وصلى كذا وكذا من سجدة في السنة؟! قالوا: بلى!
قال رسول الله -وانظروا أيُّها الإخوة إلى فضل وقيمة من حضر خيراتِ رمضان-: »فما بينهما أبعدُ مما بين السماء والأرض« يا الله!!
الله أكبر..
تخيلوا إخواني!
إنَّ بلوغَ رمضانَ نعمةٌ عظيمةٌ، ومنَّةٌ جليلةٌ، وفضلٌ كبيرٌ من الله تعالى على عبده، حتى إنَّ العبد ببلوغ رمضان وصيامه وقيامه يسبق الشهداء في سبيل الله الذين لم يُدركوا رمضان.
هكذا نوقِن أنَّ بلوغ رمضان نعمةٌ من نعم الله علينا، { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا } [إبراهيم:34] { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ } [النحل:53].
انظروا! كم من قريبٍ كان بجوارنا فارقناه!!
وكم من عزيزٍ بأيدينا في التراب وضعناه ودفناه!!
وكم من مسلمٍ كان يُصلي بصلاتنا، وكان يصوم بصيامنا ويُفطر معنا، ويذكر ويُسبِّح، الآن: هو بين التراب آملاً في رحمة مولاه!! وسيأتي دور كلِّ واحدٍ منَّا -بلا شكٍّ- فلم الغفلة عن هذا الموعد؟!! نأكل ونشرب ونتمتَّع بالدنيا وكأننا فيها مخلَّدون!! ولا حول ولا قوة إلا بالله..
ومِنْ هُنا فإنَّه يلزم على كلِّ واحدٍ منَّا أنْ إذا حضره رمضان أو حضر هو في رمضان أنْ يحمد الله ويشكره، فالحمد لله والشكر لله، ونسأله كما بلَّغنا شعبان وخواتيمه أنْ يبلِّغنا رمضان وخيراته ورحماته.
أيُّها الأحبة:
هذا الضيف الغالي رمضان، يحبُّ منَّا أشياء ويكره أشياء!!
فتعالوا بنا نتعرَّف على ضيفنا مدرسة الصيام!! التي يجب أنْ نتوقَّف عن محطات الدنيا الممتعة اللذيذة الفانية؛ لنأخذ بأيدي أبنائنا وبناتنا وزوجاتنا للالتحاق بهذه المدرسة؛ لنتعلَّم كل خلقٍ قويمٍ فاضلٍ ربَّى عليه ربنا سبحانه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وربَّانا عليه من بعدهم؛ عسانا نفوز في النهاية بالتقديرِ الممتازِ المتميِّزِ!!
رمضان في قلبي هماهمُ نشوةٍ من قبلِ رؤيةِ وجهكَ الوضاءِ
وعلى فمي طعمٌ أُحسُّ بأنهُ من طعمِ تلك الجنةِ الخضراءِ
قالوا بأنََّكَ قادمٌ فتهلَّلتْ بالبشرِ أوجُهنا وبالخيلاءِ
تهفوا إليه وفي القلوب وفي النُهى شوقٌ لمقدمهِ وحسنُ رجاءِ

عمروعبده
20-08-2010, 01:50 PM
هذا الضيف رمضان:
تنادي فيه الحور العين، فتقول: يارب! اجعل لنا من رمضان أزواجاً
وتنادي الجنة فتقول: أي رب! اجعل لنا في رمضان سكاناً..
رمضان: تُفتح فيه أبواب الجنان فلا يُغلق منها بابٌ.
رمضان: تُغلق فيه أبواب النار فلا يُفتح منها بابٌ.
رمضان: تُصفَّد فيه مردة الجن والشياطين، وتُسلسل وتُقيَّد؛ تيسيراً لطاعة الرحمن.
رمضان: فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهرٍ (83 عاماً وأربعة أشهر تقريباً).
رمضان: من صامه إيماناً واحتساباً؛ غُفر له ما تقدَّم من ذنبه.
رمضان: من قام ليله إيماناً واحتساباً؛ غُفر له ما تقدَّم من ذنبه.
رمضان: ليلةُ القدر فيه مَنْ قامها ومن حضرها فقد حضر الخير كله، ومن حُرمها فقد حُرم الخير كله.
رمضان: هذا الشهر الكريم، أُعِدَّ فيه بابٌ للصائمين فقط (باب الريان) لا يدخله إلا الصائمون، فإذا دخلوا أُغلق دونهم.
رمضان: خلوفُ ورائحةُ فم الصائم فيه أطيب عند الله من ريح المسك العطر.
رمضان: شهرٌ تتزيَّنُ فيه الجنة، ويُنادي رب العزة عليها ويقول: تزيَّني واستعدِّي لأهل طاعتي وكرامتي؛ فعسى أنْ يستريحوا من دار الدنيا وأعبائها ويأتون إليك يا دار رحمتي!
رمضان: شهر الجود والكرم، الذي كان فيه حبيبنا أجود من الريح المرسلة بالخير، عليه الصلاة والسلام.
رمضان: لا يعلم ثواب الصائم فيه إلا الله؛ دليلاً على عظمة ثواب الصائمين: (كلُّ عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)، قال العلماء:
يعني: الله وحده هو الذي يعرف ثواب الصائم؛ فالصيام قرين الصبر وأخوه، وقد أكَّد الحقُّ في كتابه أنَّ الصابرين يُوفَّون أُجورهم بغير حسابٍ.
رمضان: يُغفر في آخر ليلةٍ منه للصائمين إيماناً واحتساباً.
رمضان: يُعتق في كلِّ ليلةٍ منه رقاب أُناسٍ من النار استوجبوا واستحقوا النار، فإذا كانت آخر ليلة -وانظروا وتأملوا- تُعتق رقابٌ من النار بقدر ما أعتق الله في رمضان من أوله إلى آخره.
رمضان: دعوةُ الصائم فيه مستجابةٌ عند فطره، ويفرح به.
رمضان: شهر التوبة للعُصاة والمذنبين، نسأل الله أن يتوب علينا جميعاً.
رمضان: شهرٌ وقف النبي صلى الله عليه وسلم ليهنئ في ربوع المدينة حيث كانت البشرى، ففي مدينة سيد الأنام عليه الصلاة والسلام كانت البشرى تُزَفُّ لأولئك الأطهار، من الصحابة الأخيار رضي الله عنهم، يزفُّها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (أتاكم رمضان، شهر مبارك، فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تُفتَّح فيه أبواب السماء، وتُغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغلُّ فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر! من حُرِم خيرها فقد حُرِم) »رواه النسائي والبيهقي، وصحَّحه الألباني في صحيح الترغيب«.
قال ابن رجب رحمه الله -كما في لطائف المعارف، وهو يتحدث عن لطائف شهر رمضان-، يقول ناقلاً عن بعض العلماء: »هذا الحديث أصلٌ في تهنئة الناس بعضُهم بعضاً بشهر رمضان.
كيف لا يُـبشَّر المؤمن والعاقل بفتح أبواب الجنان؟!
كيف لا يُـبشَّر المذنب بغلق أبواب النيران؟!
كيف لا يُبشَّر العاقل بوقتٍ تُغلُّ فيه الشيطان؟!
نعم! إنَّها البشارة التي عمل لها العاملون، وشمَّر لها المشمِّرون، وفرح بقدومها المؤمنون الصالحون، فأين فرحتك؟! وأين شوقك؟! وأنت ترى الأيام تدنو منك رويداً رويداً؛ لتضع بين يديك فرحةَ كلِّ مسلمٍ.
ومن الحديث السابق أخذ العلماء جواز واستحباب أنْ يُقابل المسلم أخاه قائلاً له: (كل عامٍ أنتم بخير)، أو (تقبَّل الله منَّا ومنكم)، هذه التهنئة بقدوم رمضان!!
وبعد أنْ تعرَّفنا على ضيفنا وعرفنا هداياه لعُشَّاقِ أيامه ولياليه، والسؤال الآن: ما هي الأشياء التي يكرهها رمضان؟ وكيف نستعدُّ له؟
نقول وبالله التوفيق:
إنَّ رمضان المبارك يكره منَّا الآتي:
أولاً: يكره التسويف -مشكلة المشاكل، ومصيبة المصائب في حياة المسلمين؛ فما أهلك الناس هذا الهلاك مثل ما فعل التسويف في الأمة، في الطاعات والأعمال والإنتاج- نسمع: (سوف أختم القرآن - سوف أتصدَّق - سوف أَصِلُ رحمي - سوف أذكر وأسبح - سوف أعمل وأجتهد.. سوف سوف سوف.. إلخ)، فرمضان يكره منَّا أنْ نسوِّف في الأعمال الصالحة.
نسمع في أول رمضان:
· سيكون رمضان هذا العام شيئاً آخر!
· سأختم القرآن ثلاث مراتٍ على الأقل!
· لن أُضيِّع ليلةً من غير تهجُّدٍ!
· سأحصل على أكبر قدرٍ من الحسنات!
· سأزور عدداً كبيراً من أهلي وأصدقائي!
· سأنفق نفقةً لم أنفقها من قبل!
أليست هذه عبارات نردِّدها بحماسٍ قبل رمضان، أو في بدايته، وتمرُّ الأيام وسرعان ما تمرُّ حتى نجد أنفسنا في آخر شهر رمضان؛ فيردِّد الكثير منَّا: (يا ويلتي! ضاع الشهر ولم أفعل شيئاً)، لا زلتُ في الجزء السابع عشر ولم أختم حتى المرة الأولى.. وعباراتٌ كثيرةٌ تُعبِّر عن الندم والحسرة على ما فات من رمضان ولم نغتنمه لماذا؟!!
سؤالٌ يحتاج إلى جوابٍ؛ لأنَّنا لم نضعْ حدًّا لتضييع رمضان!!
كما أنَّ ربنا يكره هذا التسويف المذموم، فالأصل: (وسارعوا – سابقوا - وفي ذلك فليتنافس المتنافسون - فاستبقوا الخيرات)، هذا هو الأصل: المسارعة والمسابقة والإنجاز والإيجابية والجدية والعمل لا الكسل!!
ثانياً: يكره رمضان أنْ نقلب الليل نهاراً والنهار ليلاً:
(الذين يقضون نهار رمضان نوماً -وكأنَّه يقول: أسلي صيامي- هؤلاء الذين يعكسون آية الله في أنْ يكون النهار جهادٌ وعملٌ، والليل نومٌ وراحةٌ للقدرة على مواصلة الأعمال نهاراً -إلا لضرورة ما- فليحذر هؤلاء من ذلك).
يقول علماؤنا: الصائم في رمضان له جهادان: جهاد النهار يكون بالصيام والصبر عليه، وجهاد الليل بالقيام والصبر عليه، فكيف يتسنَّى لمسلمٍ عاقلٍ أنْ يُضيِّع ثواب الجهادين، الصيام والقيام، فيعكس الآية الكونية.
فهذا مما يكرهه رمضان!
ثالثاً: الشحُّ والبخلُ خوفاً من الإنفاق:
رمضان شهر الجود يكره أنْ يكون الإنسان بخيلاً شحيحاً بالخير والإنفاق؛ بحجة: (اللي يعوزه البيت يحرم ع الجامع)، ولماذا تَحْرِمُ نفسك من خيرٍ عميمٍ للمتصدقين والمنفقين، يخلف الله على المتصدِّق خيراً، ويعطيه الجنة ثواباً على ما يبذله، ويجعله في ظلِّ صدقته، وهكذا الثواب كبيرٌ!
فلماذا البخل والشح؟ وقد كان رسول الله في رمضان حالته مع الصدقة أفضل من غير رمضان!!
رابعاً: السهر وإضاعة الوقت فيما لا يُفيد!
في أي شيء يكون ليلك؟ أقول: في أي شيء تستغلُّ ليلكَ في رمضان؟ أتجلس أمام التلفاز تُشاهد المسلسلات والأفلام والتهريج الدائر في الإعلام؛ مما يُضيِّع الصيام والقيم والأخلاق!
والعجيب أنَّهم ينسبون كل شيء مما يفعلونه إلى رمضان: (الخيمة الرمضانية - ألف خيبة وخيبة - المسلسل الرمضاني - الفزورة الرمضانية)، والأعجب أنَّك تسمع عن الشيشة الرمضانية!!! حتى الحرام صار يُنسب إلى رمضان، ولا حول ولا قوة إلا بالله!!
فلنحذر من السهر على الحرام!!
خامساً: يكره النوم عن الصلوات والمكتوبة، وعدم تأدية صلاة التراويح كاملة:
أيُّها الإخوة!
كما تعلمون بأنَّ هذا الشهر شهرٌ تُضاعف فيه الحسنات، حتى أنَّه ورد بأنَّ النافلة تعدل فريضةً، والفريضة تُساوي سبعين فريضة فيما سوى رمضان، فلماذا ننسى ذلك الخير؟!
وتجد من ينام عن الصلوات المكتوبة المفروضة، فإذا كانت في غير رمضان فرضٌ مفروضٌ بمواقيتها، فهي في رمضان أشدُّ إيجاباً وفرضاً وإلزاماً؛ لكثرة الحسنات فيه!!
قال تعالى: { إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً } [النساء:103]، وقال سبحانه: { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } [البقرة:238]، وحذَّر المولى من جزاء من يتكاسل عن الصلاة، فأوضح لنا في سورة المدثر جزاء هؤلاء الذين دخلوا سقر، فتساءلوا: { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ } [المدثر:42]؛ فكان الرد الأول: { لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ } [المدثر:43]، يعني: متساهيلن في آدائها، فالذي يصوم رمضان ويقول: أنا صائم، ثم يترك الصلوات؛ كأنه يقول: أنا مؤمن بالصيام أما الصلاة فأنا ..... لماذا؟! الذي يصوم رمضان ولا يصلي -أنا أعجب- كيف يُقبَلُ صيامه؟!!
فاحرص يا رعاك الله! على الصلوات المكتوبة على وقتها!! فلا تربط مواعيد نومك بصلاةٍ مفروضةٍ!!
ويمكنكَ أنْ تسعين في وسط النهار على سُنَّةِ القيلولة ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.
ثمَّ إنَّ رمضان ليكره أنْ نترك صلاة التراويح، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غُفر له ما تقدَّم من ذنبه)، وقال عمن صلى خلف إمامه حتى ينصرف: (كُتب له قيام ليلة)، فلماذا نترك كلَّ هذا الخير: مغفرةَ وثوابَ القيام؟!!!
فلماذا تُضيِّعُ ذلك؟
يا أخي الكريم!
هل لك أنْ تستريح بالطاعة لله؟
لا تُضيِّع فرصةَ رمضان!! التي بسببها لمَّا صعد رسول الله ثلاث درجاتٍ على منبره، فقال: آمين!!
فلمَّا سُئل عن ذلك أخبر أصحابه بأنَّ أمين وحي السماء جبريل قال له: خاب وخسر من أدرك رمضان فلم يُغفر له!! فقل: آمين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: فقلت آمين!!
ولكَ أنْ تتخيَّل أمين وحي السماء يدعو، وأمين وحي الله في الأرض يُؤَمِّنُ على الدعاء!!
فخيبةٌ وخسارةٌ لمن فرَّط في خير رمضان!!
خاب وخسر من دخل رمضان ولم يُغفر له!!
الذي يدخل رمضان ولا يُغفر له، فمتى يُغفر له؟!!
الذي يدخل إلى رمضان ولا يختم القرآن -على الأقل مرةً واحدةً- فمتى يختمه؟!!
الذي يدخل رمضان ولا يَصِلُ رحمه فمتى يصلها؟
الذي يدخل رمضان ولا يُصالح من خاصمهم ويعفو ويغفر، فمتى يكون منه ذلك؟!!
الذي يدخل رمضان ولا يتصدَّق، فمتى يُفضِّل حُبَّ الآخرة على الدنيا ويتصدَّق؟!!
رمضان فرصةٌ، أيقظوا قلبوكم وإيمانكم وعقولكم وأفهامكم في رمضان!!
رمضان إذا ضاع فقد ضاعت حياة الإنسان!! { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ } [الزمر:21].

عمروعبده
20-08-2010, 01:54 PM
سادساً: يكره الغيبة والنميمة:
تأتي في سيرة فلان أو علان، تقول: فلانٌ فعل وفلانةٌ صنعت!!
لماذا لا نُطَلِّقُ هذه العادات السيئة -على الأقل- في رمضان!!
لماذا لا نُعوِّد ألسنتنا الذكر بدلاً من هذه الأخلاق المرضيَّة المذمومة؟!!
لماذا لا نتركُ ما ذمَّه رسول الله في أحاديثه، وجعله إفلاساً للعبد يوم القيامة من الحسنات، ويأخذ هذا من حسناته، وذاك من حسناته حتى تفنى حسناته؟
كيف تُضيِّع صومك وطاعاتك وكأنَّك تعمل لغيرك وأنت أحوج إليها: { يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ } { إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }[الشعراء:88-89]؟!!

سابعاً: يكره رمضان إطلاق البصر إلى الحرام:
عينك عينك!!
كيف تقول: أنا صائمٌ عن الطعام والشراب، ولا تصم جوارحك؟
قال جابر بن عبد الله: «إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقارٌ وسكينةٌ يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء».
كيف تقول: أنا صائم وقد نَظَرَتْ عينك إلى الحرام؟ وسَمِعَتْ أذنك الحرام؟ ومَشَتْ رجلك إلى الحرام؟ وقد بَطَشَتْ يدك في الحرام؟
ولذا نقول:
إذا كان إطلاق البصر إلى الحرام في غير رمضان حراماً، كما سماع الحرام والمشي إليه؛ فإنَّ كلَّ ذلك في رمضان أشدُّ حرمةً وجُرماً!!

والعجيب أنَّ الناس يُلبون نداء وطلب الفاسقين العصاة، وهم يقولون: (مش هتقدر تغمض عنيك) لماذا لا تسطيع أنْ تغمض عينيك عن الحرام؟
لماذا لا يمكن لك أنْ تعلنها صريحةً ومدويةً تسمع بصوتك الدنيا: أنا أقدر - أنا أستطيع أن أغمض عيني عن الحرام؟!!

ثامناً: يكره رمضان الكسل والخمول وتعطيل الانتاج:
لما تجد الموظف في عمله يجلس على كرسيه ومكتبه ويأتي إليه أحدهم يُريد قضاء مصلحته وليست بدعة أنْ يقضي له مصلحته وهذه وظيفته وذلك عمله، اسمع! يقول له: يا أخي أنا صائم، أما تفهم؟!!
وكأنَّ الصيام صار رخصةً لعدم آداء المهام والأعمال، وصار رخصةً لتعطيل الإنتاج!!
ولو عُدنا بالذاكرة إلى عصر أهل الفهم في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، نُلاحظ معارك وغزوات وفتوحات.. ما هذه الهمة وهم صائمون!! وما العاشر من رمضان عنَّا ببعيد!!

تاسعاً: يكره رمضان التوسُّع الزائد في المباحات:
درسنا في أصول الفقه أنَّ الإسراف في المباح حرام، كمن يُسرف على نفسه في الأكل -وهو حلال-، ثم يجلس عن الطاعة بعد إسرافه في الطعام فلا يستطيع أنْ يقوم رمضان مع الإمام في المسجد؛ فقد أصابته التخمة، وذلك واقعي: فكيف يتحمَّل القيام وقد مُلأت المعدة بما يُقعدها ويُجلسها عن الطاعة للرحيم الرحمن؟!!

فالذين يُسرفون في الطعام والمشروبات، إنَّ الذين يصنعون ذلك لا يُحبُّهم الله، قال تعالى: { وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }[الأنعام:141].

عاشراً: يكره رمضان التعصُّب والتهور والاندفاع بحجة: أنا صائم:
هذا أمرٌ مذمومٌ؛ فالصيام يُعَوِّدُ الإنسان الرحمة والرأفة، ويُعوِّده اللطف في التعامل، لا الشدة والعنف، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (ما كان العنف في شيء إلا شانه)، فاحذر التعصب والتهور والاندفاع، وتعلَّم أخلاق الصائمين الحقيقية.

حادي عشر: وأخيراً -بالطبع- يكره رمضان من تَرَكَ الصيام لغير عذرٍ مطلقاً، وهذا إثمه أعظم عند الله تعالى.

وما سبق كلُّه قائمةٌ أعددتها لما يكرهه رمضان؛ عسانا أنْ نبتعد عنه، وأن نتحلى بما يحبه ويرضاه!! وهذا نداءٌ رمضاني من رمضان يُعرِّفنا على نفسه فيقول: قد هبَّت نسائم رمضان، وها هو رمضان يُنادي قائلاً:
أنا رمضان
أَسْكُب الأنوار فجراً في قلوب مظلمة
أملأ الأرواح طُهراً في نفوسٍ هائمة
أجعل التقوى دليلاً كي تعود إلى الطريق
أمةٌ عَزَّتْ وسادتْ يوم عاشت مسلمة

أنا رمضان
دمعةُ العاصي دليل خجله ممن عصاه
سجدة الملهوف للرحمن يستجدي رضاه
موجة الإيمان ألقت نحو شُطْآن النجاة
نفحةٌ من فضل ربي جلَّ ربي في علاه

أنا رمضان
قوة الإيمان في حربٍ لظاها دائرة
نجدة الأقصى الذي يشكو الجراح الغائرة
دمعة المسكين أمحوها بوعدٍ لن يغيب
نصركم آتٍ قريباً يا قلوباً طاهرة

فهل من يُلبي نداءه ويقول: أهلاً ومرحباً بك يا رمضان، ويجتهد في تحصيل فضائله وخيراته، ويحذر من تضييع أوقاته وهداياه الطيبة؟!!
هذا رمضان يُنادي علينا جميعاً: أنْ استعدُّوا يرحمكم الله!!
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وتوبوا إلى الله جميعاً أيُّها المؤمنون لعلكم تفلحون

عمروعبده
20-08-2010, 01:57 PM
سادساً: يكره الغيبة والنميمة:
تأتي في سيرة فلان أو علان، تقول: فلانٌ فعل وفلانةٌ صنعت!!
لماذا لا نُطَلِّقُ هذه العادات السيئة -على الأقل- في رمضان!!
لماذا لا نُعوِّد ألسنتنا الذكر بدلاً من هذه الأخلاق المرضيَّة المذمومة؟!!
لماذا لا نتركُ ما ذمَّه رسول الله في أحاديثه، وجعله إفلاساً للعبد يوم القيامة من الحسنات، ويأخذ هذا من حسناته، وذاك من حسناته حتى تفنى حسناته؟
كيف تُضيِّع صومك وطاعاتك وكأنَّك تعمل لغيرك وأنت أحوج إليها: { يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ } { إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }[الشعراء:88-89]؟!!

سابعاً: يكره رمضان إطلاق البصر إلى الحرام:
عينك عينك!!
كيف تقول: أنا صائمٌ عن الطعام والشراب، ولا تصم جوارحك؟
قال جابر بن عبد الله: «إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقارٌ وسكينةٌ يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء».
كيف تقول: أنا صائم وقد نَظَرَتْ عينك إلى الحرام؟ وسَمِعَتْ أذنك الحرام؟ ومَشَتْ رجلك إلى الحرام؟ وقد بَطَشَتْ يدك في الحرام؟
ولذا نقول:
إذا كان إطلاق البصر إلى الحرام في غير رمضان حراماً، كما سماع الحرام والمشي إليه؛ فإنَّ كلَّ ذلك في رمضان أشدُّ حرمةً وجُرماً!!

والعجيب أنَّ الناس يُلبون نداء وطلب الفاسقين العصاة، وهم يقولون: (مش هتقدر تغمض عنيك) لماذا لا تسطيع أنْ تغمض عينيك عن الحرام؟
لماذا لا يمكن لك أنْ تعلنها صريحةً ومدويةً تسمع بصوتك الدنيا: أنا أقدر - أنا أستطيع أن أغمض عيني عن الحرام؟!!

ثامناً: يكره رمضان الكسل والخمول وتعطيل الانتاج:
لما تجد الموظف في عمله يجلس على كرسيه ومكتبه ويأتي إليه أحدهم يُريد قضاء مصلحته وليست بدعة أنْ يقضي له مصلحته وهذه وظيفته وذلك عمله، اسمع! يقول له: يا أخي أنا صائم، أما تفهم؟!!
وكأنَّ الصيام صار رخصةً لعدم آداء المهام والأعمال، وصار رخصةً لتعطيل الإنتاج!!
ولو عُدنا بالذاكرة إلى عصر أهل الفهم في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، نُلاحظ معارك وغزوات وفتوحات.. ما هذه الهمة وهم صائمون!! وما العاشر من رمضان عنَّا ببعيد!!

تاسعاً: يكره رمضان التوسُّع الزائد في المباحات:
درسنا في أصول الفقه أنَّ الإسراف في المباح حرام، كمن يُسرف على نفسه في الأكل -وهو حلال-، ثم يجلس عن الطاعة بعد إسرافه في الطعام فلا يستطيع أنْ يقوم رمضان مع الإمام في المسجد؛ فقد أصابته التخمة، وذلك واقعي: فكيف يتحمَّل القيام وقد مُلأت المعدة بما يُقعدها ويُجلسها عن الطاعة للرحيم الرحمن؟!!

فالذين يُسرفون في الطعام والمشروبات، إنَّ الذين يصنعون ذلك لا يُحبُّهم الله، قال تعالى: { وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }[الأنعام:141].

عاشراً: يكره رمضان التعصُّب والتهور والاندفاع بحجة: أنا صائم:
هذا أمرٌ مذمومٌ؛ فالصيام يُعَوِّدُ الإنسان الرحمة والرأفة، ويُعوِّده اللطف في التعامل، لا الشدة والعنف، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (ما كان العنف في شيء إلا شانه)، فاحذر التعصب والتهور والاندفاع، وتعلَّم أخلاق الصائمين الحقيقية.

حادي عشر: وأخيراً -بالطبع- يكره رمضان من تَرَكَ الصيام لغير عذرٍ مطلقاً، وهذا إثمه أعظم عند الله تعالى.

وما سبق كلُّه قائمةٌ أعددتها لما يكرهه رمضان؛ عسانا أنْ نبتعد عنه، وأن نتحلى بما يحبه ويرضاه!! وهذا نداءٌ رمضاني من رمضان يُعرِّفنا على نفسه فيقول: قد هبَّت نسائم رمضان، وها هو رمضان يُنادي قائلاً:
أنارمضان
أَسْكُب الأنوار فجراً في قلوب مظلمة
أملأ الأرواح طُهراً في نفوسٍ هائمة
أجعل التقوى دليلاً كي تعود إلى الطريق
أمةٌ عَزَّتْ وسادتْ يوم عاشت مسلمة

أنارمضان
دمعةُ العاصي دليل خجله ممن عصاه
سجدة الملهوف للرحمن يستجدي رضاه
موجة الإيمان ألقت نحو شُطْآن النجاة
نفحةٌ من فضل ربي جلَّ ربي فيعلاه

أنارمضان
قوة الإيمان في حربٍ لظاها دائرة
نجدة الأقصى الذي يشكو الجراح الغائرة
دمعة المسكين أمحوها بوعدٍ لن يغيب
نصركم آتٍ قريباً يا قلوباًطاهرة

فهل من يُلبي نداءه ويقول: أهلاً ومرحباً بك يا رمضان، ويجتهد في تحصيل فضائله وخيراته، ويحذر من تضييع أوقاته وهداياه الطيبة؟!!
هذا رمضان يُنادي علينا جميعاً: أنْ استعدُّوا يرحمكم الله!!

عمروعبده
20-08-2010, 02:09 PM
إنْ شئت من بعدِ الضلالةِ تهتدي صلي على الهادي النبي محمدِ
يا قومنا صلوا عليه لتظفروا بالبشرِ والعيشِ الهنيِّ الأرغدِ
ويخصكم ربُ الأنامِ بفضلهِ والفوزِ بالجنَّاتِ يومَ الموعدِ
صلى عليه اللهُ جلَّ جلالهُ ما لاحَ في الآفاقِ نجمُ الفرقدِ

أيُّها المسلمون!
أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، وأحذِّركم وأحذِّر نفسي معصيةَ الله، وأسأل الله تعالى أنْ يرزقنا وإياكم خشيته وتقواه في السرِّ والعلن.. اللهم آمين.

أيُّها الإخوة!
باع قومٌ من السلف جاريةً، فلما قَرُبَ شهر رمضان رأتهم يتأهَّبون له ويستعدُّون بالأطعمة وغيرها؛ فسألتهم، فقالوا: نتهيَّأ لصيام رمضان، فقالت: وأنتم لا تصومون إلا رمضان!! لقد كنت عند قومٍ كلُّ زمانهم رمضان، ردوني عليهم!!! يعني: لا تعرفون الصيام ولا الطاعاتِ إلا في رمضان!!

أيُّها الإخوة!
كيف نستقبل رمضان؟
1. هل نستقبل رمضان بشراء الياميش والمكسَّرات التي يُنفق عليها أهل بلدٍ مسلمةٍ أكثر من 5 ملايين في العام الواحد؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله!! وهناك فقراء ويتامى ومساكين لا يجدون اللقمة الأصلية التي تُقيم صُلبهم!!
2. هل نستقبل رمضان بمعرفةِ مواعيد برامج ومسلسلاتِ وأفلامِ رمضان؟
3. هل نستقبله بالسفر والترحال الكثير، والمضَيِّعِ للحظاتِ الخير فيه؟!
كيف نستقبل رمضان؟
وهذا السؤال نسمعه كلَّ عامٍ في نفس هذا الوقت، وقليلٌ من يهتمُّ بالجواب!!
واستقبال رمضان والاستعداد له أمرٌ مطلوبٌ؛ مخافةَ أنْ يُفاجئنا الموت بغتةً ونحن لا ندري!!

وصدق القائلُ حين قال:
تزود من التقوى فإنَّكَ لا تدري
إذا جنَّ ليلٌ هل تعيش إلى الفجرِ
فكم من صحيحٍ مات من غير علةٍ
وكم من سقيمٍ عاش حيناً من الدهرِ
وكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكاً
وقد نُسجتْ أكفانه وهو لا يدري
وكم من عروسٍ زيَّنوها لزوجها
وقد نُسجتْ أكفانها وهي لا تدري
الموت يأتي بغتة والناس في غفلة!!
وتعالوا أيُّها الإخوة! لنتعرَّف طُرُقَ الاستعداد المثلى لرمضان!!
أولاً: بالدعاء:
ما أجمل أنْ يلهج لسانك بالدعاء واللجوء إلى الله، لقد كان رسولنا يدعو ربه: (اللهمَّ بلِّغنا رمضان)، فهذه سنةٌ أنْ ندعوا بمثل هذا الدعاء بُغية بلوغ رمضان، وما فيه من نعمٍ وخيراتٍ!!
وما أحسن قول أحدِ السلف الصالح حين كان يدعو قائلاً: (اللهمَّ سلِّم لنا رمضان، وسلِّمنا إلى رمضان، وتسلَّمه منَّا مُتقبَّلاً مبروراً).
ومن الدعاء: أنْ تدعو بدعاء رؤية هلال رمضان: (الله أكبر! اللهم أهلَّه علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ربي وربك الله، هلال خيرٍ ورشدٍ).

ثانياً: اصطحابُ نيَّاتٍ صالحةٍ لاستقباله:
بمعنى: أنْ تصطحب نيةً قلبيةً لا لسانيةً لأعمال الخير والفلاح والصلاح؛ فإنَّ هناك كثيرون يدخلون إلى رمضان ويخرجون منه ولا ينوون النية الصالحة، (التي يمكن أنْ يكسب بها ثواباً كبيراً).
(اصطحب نيَّةَ ختم القرآن.
اصطحب نيَّةَ قيام الليل في رمضان.
نيَّةَ التصدُّق بصدقة لم أتصدَّق بها من قبل.
نيَّةَ التوبة الصادقة.
كسب أكبر قدرٍ من الحسنات.
تصحيح السلوكيات).

ثالثاً: سلامة الصدر مع المسلمين:
كنْ في رمضان سليمَ الصدر مُعافى من الغلِّ والحقدِ والحسدِ للمسلمين، قال تعالى عن الصالحين الكرام: (( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )) [الحشر:10].
نَقِّ قلبكَ.
طَهِّرْ فؤادكَ
اتقوا الله أيُّها الأحبة في قلوبكم وأفئدتكم التي يكون النظر إليها من قبل الله، كما قال حبيبنا: (إنَّ الله لا ينظر إلى أجسامكم وصوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم التي في الصدور).

رابعاً: إظهار البهجة والسرور والفرح والتهنئة:
هَنِّئ إخوانك بقدوم رمضان.. وكنْ إيجابيًّا في إسعاد الناس.. قابلْ أخيك المسلم بتهنئةٍ لطيفةٍ.. أرسل رسائل على المحمول، أو بريداً على الإنترنت هنئهم فيها بقدوم رمضان: تقبل الله منَّا ومنكم.
فحريٌّ بنا أيُّها الإخوة أنْ نُظهِر البهجة بقدوم رمضان، فنحن لسنا أقلَّ من غيرنا، نُعلِّق زينة رمضان، فوانيس لإرشاد الناس إلى أخلاقٍ كريمةٍ، وما أكثرها وهي موجودةٌ بفضل الله وجاهزةٌ فقط للشراء والتوزيع؛ وذلك كلَّه حتى لا يكون شهراً عاديًّا كبقية الشهور، فإذا كان الله فضَّله وزيَّن جنته فيه، وأكرمه بفرح الكون؛ فعلينا أن نُكرمه كما كرَّمه ربُّه.
وتلك أبسط حقوق الضيوف إذا أتوا لزيارتِك!!

خامساً: الإنفاق والبذل والتصدُّق في رمضان:
خلقٌ كريمٌ نبويٌ في رمضان وغير رمضان، ولكنْ يُفضَّل ويُعلى قدر صاحبه في رمضان أكثر وأكثر.
لِمَ نتكاسل عن إعداد شنْطةٍ لرمضان نُدخل السعادة على قلوب بعض المسلمين، وقد جُعلت من العبادات الكريمة: أنْ تُدخل السعادة على قلب مسلم، عبادةٌ بسببها يبقى لك مَلَكٌ وأنت في القبر، وتسأله من أنت؟ فيقول: أنا السرور الذي أدخلته على مسلمٍ يوماً من الأيام!

سادساً: التخطيط والتجهيز لوقت رمضان، وإعداد برنامجٍ يومي واقعي لرمضانَ:
وسنتكلم عنه بعد خطبة الجمعة، وسنرفقه للسادة الكرام على الإنترنت.

سابعاً: قراءة وتعلُّّم أحكام فقه الصيام:
تتعرَّف على ضيفك من خلال كتابِ فقهٍ مُيَسَّرٍ أو ما شابه ذلك، وسنتحدَّث عن بعض أحكام الصيام بعد الجمعة؛ لتعمَّ الفائدة، وسنرفقه أيضاً للإخوة المتصفِّحين لموقع رسالة الإسلام على الإنترنت.

كلُّ ما سبق إنَّما هو من باب تعظيم شعائر الله، والله يقول: (( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ )) [الحج:32].

عمروعبده
20-08-2010, 02:15 PM
برنامج يومي للصائم في رمضان
قبل الفجر:
1. التهجد: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ}
2. السحور: «تسحروا؛ فإنَّ في السحور بركة».
3. الاستغفار إلى آذان الفجر: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.
4. أداء سنة الفجر: «ركعتا الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها».
بعد طلوع الفجر:
1. التبكير لصلاة الصبح: «ولو يعلمون ما في العتمة والصبح؛ لأتوهما ولو حبواً».
2. الاشتغال بالذكر والدعاء حتى إقامة الصلاة: «الدعاء لا يُردُّ بين الأذان والإقامة».
3. الوِرْد القرآني -جزء على الأقل-.
4. الجلوس في المسجد للذكر وقراءة القرآن إلى طلوع الشمس: (أذكار الصباح)، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر تربَّع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسناء.
5. صلاة ركعتين: «من صلَّى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلَّى ركعتين؛ كانت له كأجر حجةٍ وعمرةٍ تامةٍ تامةٍ تامةٍ».
6. الدعاء بأنْ يُبارك الله في يومك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أسألك خير ما في هذا اليوم: فتحه ونصره ونوره وبركته وهداه، وأعوذ بك من شرِّ ما فيه وشرِّ ما بعده».
7. النوم مع الاحتساب فيه: قال معاذ رضي الله عنه: "إني لأحتسب في نومتي كما أحتسب في قومتي".
8. الذهاب إلى العمل أو الوظيفة: «ما أكل أحدٌ طعاماً خيراً من أنْ يأكل من عمل يده، وإنَّ نبي الله داود كان يأكل من عمل يده».
9. الانشغال بذكر الله طوال اليوم: «ليس يتحسَّر أهل الجنة إلا على ساعةٍ مرَّتْ بهم ولم يذكروا الله تعالى فيها».
10. صدقة اليوم، مُستشعراً دعاء الملك: «اللهم أعطِ مُنفقاً خلفاً».
عند الظهر:
1. صلاة الظهر في وقتها جماعة مع التبكير إليها، قال ابن مسعود رضي الله عنه: ((إنَّ رسول الله علَّمنا سُنن الهدى، وإنَّ من سُنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يُؤذَّنُ فيه)).
2. السنة المؤكدة (6 ركعات، 2 قبل الظهر و 4 بعده، أو العكس؛ ليصل في النهاية العدد 6 ركعات).
3. أخذ قسطٍ من الراحة (القيلولة) مع نِيَّةٍ صالحةٍ: ((وإنَّ لبدنك عليك حقًّا)).
عند العصر:
1. صلاة العصر + صلاة أربع ركعاتٍ قبلها: «رحم الله امرءاً صلَّى قبل العصر أربعاً».
2. سماع موعظةِ المسجد: «من غدا إلى المسجد لا يُريد إلا أنْ يتعلَّم خيراً أو يُعلِّمه؛ كان له كأجر حاجٍّ تامةٍ».
3. الجلوس في المسجد: «من توضأ في بيته فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد؛ فهو زائر الله، وحقٌّ على المَزُوْرِ أنْ يُكرم الزائر»، يضاف إلى ذلك إتمام وردكَ القرآني.
4. تحضير طعامِ الإفطار مع الأهل؛ (استناناً برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان في مهنةِ أهله).
5. أذكار المساء.
عند المغرب:
1. الانشغال بالدعاء قبل الغروب: «ثلاثة لا تُردُّ دعوتهم.. ذكر منهم: الصائم حتى يُفطر».
2. تناول وجبة الإفطار -الخفيفة- مع الدعاء: "ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إنْ شاء الله تعالى".
3. أداء صلاة المغرب في جماعة المسجد مع التبكير إليها.
4. الاستعداد لصلاة العشاء والتراويح.
عند العشاء وبعدها:
1. صلاة العشاء جماعة في المسجد مع التبكير إليها.
2. صلاة التراويح كاملة –احتساباً- مع الإمام: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غُفر له ما تقدَّم من ذنبه».
3. تأخير صلاة الوتر إلى آخر الليل: «اجعلوا آخر صلاتكم وِتْراً».
4. ممارسة أيِّ نشاطٍ اجتماعي أو دعوي.
5. زيارة أو صلة رحمٍ مضبوطةً ومختصرةً.
6. جلسة إيمانية وذكر (مع الأهل)، (مع ورد محاسبة).
7. لا تنم قبل أنْ تُتمَّ وردك القرآني اليومي.
8. النوم على طهارةٍ.
تقبَّل الله منَّا ومنكم، وكلُّ عامٍ أنتم بخيرٍ
كلُّ عامٍ وأنتم إلى الله أقرب، وعلى طاعته أدوم، وعن معصيته وناره أبعد وأبعد.

عمروعبده
20-08-2010, 02:20 PM
أعمال لا تفسد الصيام
إعداد وجمع:
عادل هندي أبو حبيبة
م
عملٌ لا يُفسد الصيام
1
الاحتلام في نهار رمضان، ولكن يستحب الإسراع بالاغتسال منه
2
الحقنة الشرجية لحاجةٍ مرضيةٍ لا تُفسِد الصوم
3
إبرُ الوريد والعضل على أرجح آراء العلماء؛ لأنَّهما لا يُغذِّيان
4
تنظيف الأسنان عند طبيب الأسنان أو حشوها، والأَولى تأجيل ذلك لما بعد الإفطار
5
استخدام معجون الأسنان مع التحفُّظ عن ابتلاع شيء من ذلك
6
البخاخة، والتي تُستخدم عن طريق الفم
7
القيء غير المتعمَّد
8
بلع الريق، أمَّا النخامة والبلغم فيُخشى منهما
9
البخور والطيب والروائح
10
الغيبة والنميمة لا يُفسدان الصيام، ولكنها معاصي على حالٍ يجب الحذر منها؛ لأنَّها تجرح الصوم
11
الأكل أو الشرب ناسياً
12
استخدام السواك عند الوضوء أو في أيِّ وقتٍ من نهار رمضان
13
التبرُّد بالماء من الحرِّ الشديد والاستحمام
14
تذوُّق الطعام لحاجةٍ ضروريَّةٍ
15
قُبلة الرجل لزوجته، ويُنصح لصغير السنِّ (الشاب) أنْ يبتعد عنها؛ خشية الوقوع في الخطأ
16
نزيف الدم أو الرعاف مع الاحتراز منه
17
لمس الرجل للمرأة أو العكس لمساً في مواصلة أو غير ذلك من غير قصدٍ ولا ريبةٍ، إلا إذا قَصَدَ ذلك فهو آثم، ولكنَّه لا يُفسد الصيام على كلِّ حالٍ
18
دخول شيءٍ إلى جوف الصائم رغماً عنه كترابٍ أو ذبابةٍ
19
التريُّض واللعب، حتى لو وصل لحدِّ التعب، ولا يُعرِّض نفسه للتهلكة
20
النوم الكثير في نهار رمضان، لكنَّه يُذْهِب لذَّة رمضان والفائدة الحقيقية من أيامه ولياليه

عمروعبده
20-08-2010, 02:25 PM
مُفْطِرَات الصِّيَام
م
مفطراتٌ مُجْمَعٌ عَليهَا
1
دخول أيِّ شيء إلى الجوف عمداً (أكلاً كان أو شرباً)، وهذا بعكس من سها أو أكل وشرب ناسياً
2
إخراج المني وإنزاله بأي طريقة كانت، سواءٌ كان باليد (العادة السرية = الاستمناء)، أو كان عن طريق الجماع حلالً أو حراماً
3
القيء العمد يُفَطِّرُ ويُبطل الصيام
4
دم الحيض والنفاس

عمروعبده
20-08-2010, 02:29 PM
ضرورياتٌ فقهيةٌ للصائمين:
م
الضرورة الفقهية
1
السفر المُبيح للفطر هو ما يُعَدُّ سفراً عُرفاً
2
السحور بركةٌ شرعيةٌ وبدنيةٌ ووقتيةٌ
3
مَنْ مرض مرضاً لا ينتظر منه الشفاء يُفطِر؛ ويُطعم عن كلِّ يومٍ مسكيناً من عُرْفِ مكانه
4
الفتاة تصوم فرضاً من وقت بلوغها بأماراتِ البلوغ، ولا تُؤخِّر الصيام إلى وقتٍ آخر
5
لو طَهُرت النُفساء قبل أربعين يوماً؛ وجب عليها الغسل والصلاة والصوم
6
ليس لقيام رمضان عددٌ معيَّنٌ واجبٌ على سيبل الإلزام، ولكنْ أفضل صلاةٍ ما كان يقوم به النبي من عددٍ (11) ركعة، أو (13) ركعة كما قالت السيدة عائشة
7
لا تأخذ المرأة حبوباً لتأخير أو منع الدورة الشهرية بحجَّة الصيام؛ وذلك لأنه مخالفة لإرادة الله، إلا إذا أقرَّها الطبيب المسلم الحاذق على ذلك، ولا ضرر ولا ضرار
8
الصغار يُعوَّدون الصيام بالتدريج، حتى يبلغ الصبي سنَّ البلوغ؛ فيجب أنْ يصوم.

عمروعبده
20-08-2010, 02:33 PM
ما يُستحبُّ للصائمين في رمضان
م
من المستحبِّ للصائم
1
تعجيل الفطور وهي سنةٌ مستحبةٌ: « قَالَ صلى الله عليه وسلم: لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ».
2
السحور: «تسحَّروا؛ فإنَّ في السحور بركةٌ».
والسنَّة تأخير السحور: لما رواه البخاري عن أنسٍ عن زيد بن ثابتٍ رضي الله عنهم قال: "تسحَّرنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ثمَّ قام إلى الصلاة، قلت: كم كان بين الأذان والسحور قال: قدر خمسين آية».
3
الدعاء عند الإفطار بمثل قوله: «ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجرُ إنْ شاء الله»، أو بقوله: «اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت».
4
التنزُّه عن اللغو والرفث والجهل والسبِّ؛ وذلك لقول الله تعالى عن صفات المفلحين والمؤمنين: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)، وإنْ سابَّه أحدٌ أو شاتمه؛ فليتعبد لله بقوله: «إني صائمٌ.. إني صائمٌ».
5
القيام بعمرةٍ في رمضان؛ لقول الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «عُمرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً».
6
تفطير صائمٍ تطوُّعاً ونافلةً لها أجرٌ عظيمٌ عند الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن فطَّر صائماً كان له مثل أجره غير أنَّه لا ينقص من أجر الصائم شيء».
7
الاجتهاد في الجود والعطاء ومُدَارسة القرآن مع الصالحين؛ ففي الحديث: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كلِّ ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن، فَلَرَسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة».
8
الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان، فلقد روى البخاري ومسلمٌ عن عائشة رضي الله عنها: «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشَدَّ المِئزَرَ».
9
ومن المؤكَّد أنَّك تعلم أخي الصائم أنَّ أعظم ما يُستحبُّ للعبد التنفُّل به في رمضان: هو قيام ليالي رمضان (التراويح)؛ ففي الحديث المتفق عليه: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غُفر له ما تقدَّم من ذنبه».
10
الدعاء الصالح طوال نهار وليالي رمضان، فكما تعلم أنَّ الصائم له دعوةٌ لا تُردُّ عند فطره، وكذا ورد أنَّ دعوته مستجابةٌ.

عمروعبده
20-08-2010, 02:40 PM
واشوقاه إلى رمضان
لقد فضل الله تبارك وتعالى شهر رمضان بفضائل كثيرة, هي أجل من أن تحصى وأكثر من أن تُعد, فهو شهر بركة وخير, حباه الله بخير وافر, وبركة في كل شيء زائدة وأثرها واضح للعيان, فهو شهر القرآن, وشهر الإحسان وشهر البر والمواساة وشهر التقوى والمغفرة, وشهر التوبة وتكفير الذنوب, شهر قيام الليل والتهجد, شهر تصفيد الشياطين, شهر تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران, شهر العتق من النار, شهر يُستجاب فيه الدعاء, شهر ليلة القدر, وما أدراك ما ليلة القدر؟! إنها ليلة هي خير من ألف شهر, ولو استطردنا في سرد فضائله وإيضاح محاسنه لطال بنا المقام ونفد منا المداد, قبل أن نأتي على شيء يسير من فضائله الجمة.
لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه رضوان الله عليهم بقدوم شهر رمضان.
أخرج الإمام أحمد في المسند والنسائي عن أبي قلابة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه – أي بحلول لرمضان -" قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك, افترض الله عليكم صيامه, يفتح فيه أبواب الجنة ويغلق فيه أبواب الجحيم, وتغل فيه الشياطين, فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرُم "([1] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn1)).
قال ابن رجب – رحمه الله – في التعليق على هذه الحديث: "هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان, كيف لا يُبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان, كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران, كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشيطان " أ. هـ.
أخي الحبيب: إن بلوغ شهر رمضان وصيامه نعمة عظيمة على من أقدره الله عليه.
قال معلى بن الفضل: كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان, ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم.
قال يحي بن أبي كثير: "كان من دعائهم اللهم سلمني إلى رمضان, وسلم رمضان لي, وتسلمه مني متقبلاً".
عن أبي سلمة عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : كان رجلان من بني قضاعة, أسلما مع النبي صلى الله عليه وسلم , واستشهد أحدهما وأُخِرَ الآخر سنة, قال طلحة بن عبيد الله: فأريت الجنة, فرأيت فيها المؤخر منهما, أُدخل قبل الشهيد, فعجبت لذلك , فأصبحت فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم, أو ذُكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أليس قد صام بعده رمضان, وصلى ستة آلاف ركعة أو كذا وكذا ركعة صلاة السنة ". ([2] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn2)).
أخي الكريم:
من حرم في رمضان فهو المرحوم, ومن حُرم خيره وبركته فهو المحروم, ومن لم يتزود فيه لمعاده فهو الملوم.
كم ممن أمَّل أن يصوم هذا الشهر فخانه أمله. فصار قبله إلى ظلمة القبر, كم من مستقبل يوماً لا يستكمله, ومؤمل غداً لا يدركه, إنك لو أبصرت الأجل ومصيره, لأبغضت الأمل وغروره.
يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب
حتى عصى ربه في شهر شعبان
فاحمل على جسد ترجو النجاة له
فسوف تضرم أجساد بنيران
كم كنت تعرف ممن صام في سلف
من بين أهل وجيران إخوان
أفناهم الموت واستبقاك بعدهم
حيا فما أقرب القاصي من الداني
ومعجب بثياب العيد يقطعها
فأصبحت في غد أثواب وأكفان
حتى متى يعمر الإنسان مسكنه
يصير مسكنه قبر لإنسان ([3] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn3))

فاعلم يا أخي الكريم أن الناصح لنفسه لا تخرج عنه مواسم الطاعات وأيام القربات عطلاً, لأن الأبرار ما نالوا البر إلا بالبر, والعاقل خصيم نفسه.
فيجب على العاقل أن يضع نصب عينيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " افعلوا الخير دهركم, وتعرضوا لنفحات رحمة الله, فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده " ([4] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn4)).
وقوله صلى الله عليه وسلم : " إن لربكم في أيام دهركم نفحات, فتعرضوا لها, لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً " ([5] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn5)).
فيتعرض العبد لإحسان مولاه, سبحانه من كريم أضحت رحالنا بباب كرمه مطروحة, ورمضان سيد الشهور وتاج على مفرق الأيام والدهور.
رمضان ربيع التُقى وقد فاح فواحه.. رمضان يوسف الزمان في عين يعقوب الإيمان, فمرحباً بشهر طيب كريم مبارك.
هبت اليوم على القلوب نفحة من نفحات نسيم القرب في رمضان, وسعى سمسار الوعظ للمهجورين في الصلح, ووصلت البشارة للمنقطعين بالوصل, وللمذنبين بالعفو, والمستوجبين النار بالعتق, لما سلسل الشيطان في شهر رمضان, وخمدت نيران الشهوات بالصيام انعزل سلطان الهوى, وصارت الدولة لحاكم العقل بالعدل, فلم يبقى للعاصي عذر.
فيا غيوم الغفلة عن القلوب تقشعي, يا شموس التقوى والإيمان اطلعي, يا صحائف أعمال الصائمين ارتفعي, يا قلوب الصائمين اخشعي يا أقدام المتهجدين اسجدي لربك واركعي, يا عيون المجتهدين لا تهجعي, يا ذنوب التائبين لا ترجعي, يا أرض الهوى ابلعي ماءك, ويا سماء النفوس أقلعي, يا بروق العشاق للعشاق إلمعي, يا خواطر العارفين ارتعي. يا همم المحبين لغير الله لا تقنعي, ويا همم المؤمنين أسرعي([6] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn6)).
أحبتي في الله لقد اشتاقت نفوس المؤمنين لهذا الشهر العظيم, والموسم الجليل, فهنيئاً لمن وفقه الله جل وعلا في اغتنام أوقاته بفعل الخيرات وترك المعاصي والمنكرات والمسارعة والإقبال على الله, فهيا أحبتي لنلبي نداء الداعي ( يا باغي الخير أقبل, ويا باغي الشر أقصر ).
أحبتي في الله علينا جميعاً أن نستغل كل لحظة من لحظات هذا الشهر الفضيل في فعل الخيرات والطاعات, والبعد كل البعد عن المعاصي والسيئات, فلعله أن يكون هذا آخر رمضان لنا.
اللهم يا حي يا قيوم وفقنا للطاعة وجنبنا السيئات والمعاصي فبئست البضاعة, وارزقنا صيام نهاره, وقيام ليله إيماناً واحتساباً لك يا رب, وأختم لنا فيه بخير واعتق رقابنا من النار إنك ولي ذلك والقادر عليه ومولاه.
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

عمروعبده
20-08-2010, 02:47 PM
أبواب الخير في رمضان
فهيا أحبتي في الله نلج هذه الأبواب عسى الله أن يفتح لنا باباً من أبواب الخير في رمضان يكون لنا باباً إلى الجنان لننعم النعيم الأبدي الذي لا شقاء بعد نسأل الله من فضله, ومن أبواب الخير في رمضان:
55 - فضل صدقة السر: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صنائعُ المعروف تقي مصارعَ السوء، وصدقةُ السرّ تطفئ غضبَ الرب، وصلةُ الرحم تزيد في العمر))([1] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn1)).
56 - إخراج زكاة الفطر: فرض - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر طهرةً للصائم من اللَّغو والرفث، وطعمةً للمساكين، مَن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومَن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. ([2] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn2)).
57 - إفشاء السلام وإطعام الطعام: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام))([3] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn3)).
58 - إماطة الأذى عن الطريق: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لقد رأيت رجلاً يتقلَّب في الجنَّة؛ في شجرة قطعها من ظهر الطريق، كانت تؤذِي الناس))([4] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn4)).
59 - بر الوالدين وطاعتهما: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((رَغِم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه)) قيل: مَن يا رسول الله؟! قال: ((مَن أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما، ثم لم يَدخل الجنة))([5] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn5)).
60 - طاعة المرأة لزوجها: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا صلَّت المرأة خَمسَها، وصامتْ شهرها، وحصَّنتْ فرْجَها، وأطاعت بعلها - أي: زوجها - دخلتْ من أي أبواب الجنة شاءت))([6] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn6)).
61 - النفقة على الزوجة والعيال، والتوسعة عليهم في هذا الشهر: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أنفق المسلم على أهله وهو يحتسبها، كانت له صدقة))([7] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn7)).
62 - النفقة على الأرملة والمساكين: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله))، وأحسبه قال: (وكالقائم لا يفتر، وكالصائم لا يفطر))([8] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn8)).
63 - كفالة اليتيم والنفقة عليه: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا))، وقال بإصبعيه: السبابة، والوسطى. ([9] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn9)).
64 - مسح رأس اليتيم والشفقة عليه: شكا رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسوةَ قلبه، فقال له صلى الله عليه وسلم -: ((امسح رأس اليتيم، وأطعم المسكين))([10] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn10)).
65 - قضاء حوائج الإخوان: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لأن يمشي أحدُكم مع أخيه في قضاء حاجته - وأشار بإصبعه - أفضل من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرين))([11] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn11)).
66 - زيارة الإخوان في الله: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((النبي في الجنة، والصديق في الجنة، والرجل يزور أخاه في ناحية المصر، لا يزوره إلا لله، في الجنة))([12] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn12)).
67 - زيارة المرضى: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن عاد مريضًا لم يزل في خُرْفَةِ الجنة))، قيل: يا رسول الله، ما خرفة الجنة؟ قال: ((جَنَاها))([13] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn13)).
68 - صلة الأرحام وإن قطعوا: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((الرحم معلقة بالعرش تقول: مَن وصلني وصله الله، ومَن قطعني قطعه الله))([14] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn14)).
69 - إدخال السرور على المسلم: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن لقي أخاه المسلم بما يحب ليسره بذلك، سرَّه الله - عز وجل - يوم القيامة))([15] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn15)).
70 - التخفيف على الخدم والعمال في رمضان: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن خفَّف على مملوكه فيه غفر الله له، وأعتقه من النار))([16] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn16)).
71 - التيسير على المعسر: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن يسَّر على معسرٍ يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة))([17] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn17)).
72 - الشفقة على الضّعفاء ورحْمتهم والرّفق بهم: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((الرَّاحِمون يرحَمُهم الرحْمن، ارْحَموا مَن في الأرض يرحَمُكم مَن في السماء))([18] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn18)).
73 - الإصلاح بين الناس: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا أُخْبِركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟))، قالوا: بلى يا رسول الله!! قال: ((إصلاح ذات البين))([19] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn19)).
74 - حسن الخلق: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يدخل الناسَ الجنةَ، قال: ((تقوى الله، وحسن الخلق))([20] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn20)).
75 - طيب الكلام: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((اتَّقوا النَّار ولو بشقّ تَمرة، فإن لم تَجِدْ فبكلمة طيبة))([21] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn21)).
76 - الصمت وحفظ اللسان إلا من خير: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن كان يُؤْمِن بالله واليوم الآخر فليقُلْ خيرًا أو ليصمت))([22] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn22)).
77 - حِفْظ اللسان من اللَّغو والرفث والسب: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس الصيام من الأكل والشرب، إنَّما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابَّك أحدٌ أو جهِل عليْكَ، فقل: إنّي صائم، إنّي صائم))([23] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn23)).
78 - حفظ اللسان عن قول الزور: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من لم يَدَع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه))([24] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn24)).
79 - حفظ اللسان من أذية المسلمين: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((المسلم مَن سَلِم المسلمون مِن لسَانه ويده))([25] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn25)).
80 - حفظ اللسان من الغيبة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أتدرون ما الغيبة؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((ذِكرُك أخاك بما يكره)) قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: ((إن كان فيه ما تقول فقد اغتبتَه، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهَّتَّه))([26] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn26)).
81 - حفظ اللسان من النميمة والوقيعة بين الناس: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يدخل الجنة قتَّات))([27] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn27)) ؛ أي: نمَّام.
82 - الحلم والصفح وكظم الغيظ: قال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134]، وقال - صلى الله عليه وسلم - للأشج: ((إن فيك خصلتين يحبهما الله تعالى: الحلم، والأناة))([28] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn28)).
83 - غض البصر عن محارم الله: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، مَن تركها من مخافتي أبدلته إيمانًا يجد حلاوته في قلبه))([29] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn29)).
84 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))([30] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn30)).
85 - كثرة الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صلَّى اللهُ عليه بها عشرًا))([31] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn31)).
86 - الجلوس مع الصالحين والأخيار: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يقعد قوم يَذكُرون الله - عزَّ وجلَّ - إلا حفَّتهم الملائكةُ، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذَكَرهم الله فيمن عنده))([32] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn32)).
87 - اصطناع المعروف والدلالة على الخير، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((كلُّ معروف صدقة، والدال على الخير كفاعله))([33] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn33)) ، وقال: ((ومَن دل على خير فله مثل أجر فاعله))([34] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn34)).
88 - الدعوة إلى الله: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن دعا إلى هدًى كان له مِن الأجر مثل أجور مَن تَبِعه، لا يَنقص ذلك من أجورهم شيئًا))([35] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn35)).
89 - كفارة المجلس: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن جلس جلسة فكثر لغطُه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، إلا غُفر له ما كان في مجلسه ذلك))([36] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn36)).
90 - الستر على المسلمين: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يستر عبدٌ عبدًا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة))([37] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn37)).
91 - إغاثة المسلمين: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن نفَّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة))([38] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn38)).
92 - المداومة على العمل الصالح وإن قلَّ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أحبّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ))([39] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn39)).
93 - الإحسان إلى الجار: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرمْ جارَه))([40] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn40)).
94 - الدعاء للوالدين: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله - عز وجل - ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا ربِّ، أنَّى هذا لي؟ فيقول: باستغفار ولدِك لك))([41] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn41)).
95 - رد المظالم والتحلل من أصحاب الحقوق: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها؛ فإنه ليس ثَم دينار ولا درهم، مِن قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أُخذ من سيئات أخيه فطُرحتْ عليه))([42] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn42)).
96 - اتباع السيئة الحسنة: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((اتَّقِ الله حيثما كنتَ، وأتبعِ السيّئةَ الحسنةَ تَمحُها، وخالِقِ الناسَ بخُلق حَسن))([43] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn43)).
97 - أداء الأمانة والوفاء بالعهد: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا إيمانَ لمَن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له))([44] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn44)).
98 - التراحم والتعاطف مع المسلمين: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَثَل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم؛ كمثل الجسد الواحد: إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))([45] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn45)).
99 - الذب عن أعراض المسلمين: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن ردَّ عن عرض أخيه ردَّ الله عن وجهه النارَ يوم القيامة))([46] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn46)).
100 - سلامة الصدر وترك الشحناء: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((تُفتحُ أبوابُ الجنَّة يومَ الاثنين ويوم الخميس، فيُغفرُ لكُلِّ عبدٍ لا يُشركُ بالله شيئًا، إلاَّ رجُلاً كانتْ بينه وبين أخيه شحناءُ، فيُقالُ: أَنْظِرُوا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتَّى يصطلِحا))([47] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn47)).
101 - التعاون مع المسلمين فيما فيه خير: قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]، وفي الحديث: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا)) ثم شبك بين أصابعه.([48] (http://www.thanwya.com/vb/#_ftn48)).
102 - توزيع الكتاب والشريط الإسلامي النافع على الأسرة أو الأصدقاء في العمل أو المدرسة أو النادي، ونحوه من التجمعات.
103 - التنسيق مع التجار وأصحاب المحلات لشراء ملابس وما يلزم من أمور العيد، وتوزيعها في آخر رمضان على الفقراء والمحتاجين؛ لتعم الجميعَ فرحةُ العيد.
104 - حثّ كلّ بيتٍ على المُساهَمة في إفطار الصَّائم، كلّ بِما يستطيع، وإرسال ما تيسَّر لهم من طعام إلى مسجد الحيّ، أو التنسيق مع المطاعم من أجل ذلك.
105 - الاستفادة من حملات المرَّة التي تقام في شهر رمضان المبارك، بتنظيم حملة من البرامج الدعوية والعلمية والثقافية للمشاركين، مع الحرص على أن يكون مع كل رحلة شيخٌ يستفاد من علمه، أو طالب علم جيد إن تعذَّر الأول.
106 - ترتيب كلِمات تلقى خلال شهر رمضان أثناء صلاة التراويح، وتعلن في لوحة المسجد على شكل جدول بيِّن وواضح.
107 - القيام بزيارة المرضى في المستشفيات، وتشجيعهم وحثهم على الصبر والاحتساب، مع إهدائهم مجموعة من الهدايا الدعوية الهادفة النافعة المفيدة.

عمروعبده
21-08-2010, 10:15 AM
همسات العشر تقول:
لحمد لله الكريم الوهاب ، خلق خلقه من تراب ، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ، ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، إمام الأنبياء وسيد الحنفاء، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، الذين آمنوا وهُدوا إلى الطيب من القول، وهدوا إلى صراط الحميد.

نحن في شهر كثيرٌ خيره ، عظيم بره، جزيلة ُ بركته ، تعددت مدائحه في كتاب الله تعالى وفي أحاديث رسوله الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم ، والشهر شهر القران والخير وشهر عودة الناس إلى ربهم في مظهر إيماني فريد ، لا نظير له ولا مثيل.

وقد خص هذا الشهر العظيم بمزية ليست لغيره من الشهور وها نحن ننتظر أيام عشرة مباركة هن العشر الأواخر التي يمن الله تعالى بها على عباده بالعتق من النار، وها نحن الآن في هذه الأيام ننتظر العشر المباركات وهمساتها تقول :-

ها أنا العشر الأواخر من رمضان قد أقبلت ، ها أنا خلاصة رمضان ، و زبدة رمضان ، و تاج رمضان.

وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحيي لياليَّ بالصلاة والذكر والقيام ويوقظ أهله شفقة و رحمة بهم حتى لا يفوتهم هذا الخير في لياليَّ ـ وكان يشدُّ مئزره من أجلي أي يعتزل نساءه في هذه الليالي لإشتغاله بالذكر والعبادة فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحيى ليله وأيقظ أهله وشد مئزره.

همسات العشر تقول ...

ضاعفوا الإجتهاد في هذه الليالي ، أكثروا من الذكر ... أكثروا من تلاوة القرآن ... أكثروا من الصلاة ، أكثروا من الصدقات ، أكثروا من تفطير الصائمين ... ففي صحيح مسلم أن رسول الله كان يجتهد في العشر ما لا يجتهد غي غيرها..

همسات العشر تقول ...

اطلبوا تلك الليلةِ الزاهية ، تلك الليلة البهية ، ليلة العتق والمباهاة ، ليلة القرب والمناجاة ... ليلة القدر ، ليلة نزول القرآن ، ليلة خير من ألف شهر ...

أطلّّي غُرّةَ الدهرِ .. أطلي ليلةَ القدرِ
أطلي درّةَ الأيام مثلَ الكوكب الدرّي
أطلّي في سماء العمر إشراقاً مع البدرِ
سلامٌ أنتِ في الليل وحتى مطلعِ الفجرِ
سلامٌ يغمرُ الدنيا يُغشّي الكونَ بالطهرِ
وينشرُ نفحةَ القرآنِ والإيمانِ والخيرِ
لأنكِ منتهى أمري فإني اليوم لا أدري
فأنتِ أنتِ أمنيتي.. لأنك ليلة القدرِ

فاجتهدوا لهذه الليلة التي من قامها إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه كما في البخاري من حديث أبي هريرة ...

فيا حسرة من فاتته هذه الليلة في سنواته الماضية ، ويا أسفى على من لم يجتهد فيها في الليالي القادمة ...

وحتي تضمنوا قيام ليلة القدر والفوز بها اجتهدوا وشمروا في كلِّ لياليّ ... فحبيبكم صلى الله عليه وسلم يقول : « تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان » رواه البخاري ... وقد خصَّها الرسول في الأوتار فقال : « تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر » رواه البخاري..

قال الله { ليلة القدر خير من ألف شهر }

همسات العشر تقول ...

يا أيها الراقـد كـم ترقـد *** قم يا حبيبا قد دنا الموعدُ
و خذ من الليل وساعاته *** حظا إذا هــجع الـرُّقَـــُد

لا تتركوني من دون القيام ...

اتركوا لذيذ النوم ، وجحيم الكسل ، وانصبوا أقدامكم في جنح لياليّ ، وارفعوا هممكم ، وادفِنوا فتوركم ونافسوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حتى يعلموا أنهم خلفوا ورآهم رجالا أصحاب تقىً وقيام ...

قال تعالى { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفـًا وطمعـًا }

فاغتنموني فإن ليلة القدر تستحق التضحية والإجتهاد ... .

همسات العشر تقول ...

ارفعوا عنكم التنازع والخصام فإنها سببٌ في منع الخير وخفائه ففي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا ليلة القدر فتلاحى " أي تخاصم وتنازع " رجلان من المسلمين، فقال: « خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرُفعت » رواه البخاري.

همسات العشر تقول ...

أحيوا فيَّ سنة الإعتكاف ، فإن هذه السُنَّة بلسمٌ للقلوب ، ودواءٌ لآفاته ، وقد قال ابن القيم رحمه الله ( الاعتكاف هو عكوف القلب على الله تعالى وجمعيته عليه والخلوة به والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته فيستولي عليه بدلها ويصير الهم كله به والخطرات كلها بذكره والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه فيصير أنسه بالله بدلاً من أنسه بالخلق فيعده بذلك بأنسه به يوم الوحشة في القبور حيث لا أنيس له ولا ما يفرح به سواه فهذا هو مقصود الاعتكاف الأعظم )

فيا من هجر الاعتكاف ...

أحيوا هذه السنة العظيمة في مساجدكم ...

فهذه السنة سبب في تعويد وتربية النفس على الإخلاص لأنك في معتكفك لايراك أحد إلا الله جل وعلا ، فالإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وأنت في معتكفك تصلي وتصوم وتذكر الله جل وعلا وتقرأ القرآن فبذلك تربي نفسك على الإخلاص ...

وهذه السنة تربي النفس على التخلص من فضول الكلام والطعام والنوم والخلطة وتعويد النفس على ذلك ...

وكذلك سبب في تربية النفس على قيام الليل وقراءة القرآن والاستغفار والذكر والمناجاة ... وتقوية الصلة بالله تعالى واللجوء إليه ومناجاته ... والتفكر والتعود على الاستخدام الأمثل لنعمة العقل وخاصة في زمن الفتن والمحن ... وكذلك سبب في مراجعة النفس ومحاسبتها في أمور الدين والدنيا في أمور العبادة وغيرها ...

كذلك سبباً في تربية النفس على الاستخدام الأمثل للوقت وعدم تضييع الثواني فضلاً عن الدقائق والساعات ... وكذلك سببا مباشر في تعويد النفس على الصبر ومجاهدة النفس وتأديبها على معالي الأمور ...

فالزموا هذه السنة العظيمة ، وتخلصوا من الآفات التي يتعرض لها بعض المعتكفين من فضول الكلام والأكل والشرب والنوم والخلطة ...

همسات العشر تقول ...

ما جئتكم لتجعلوني موسماً لملء بطونكم بأصناف الطعام والشراب .. ولا جئتكم لتجعلوا ليلي نهاراً، ونهاري ليلاً ، وتقطّعوا ساعاتي الثمينة باللهو واللعب، والنظر إلى ما حرم الله وتقطيع الوقت في المنتزهات وغيرها.. !
... فأدركوا الحكمة من مجيئي إليكم . .

همسات العشر تقول ...

أيها المسلمون : إني لم أكن في يوم من الأيام وقتاً للنوم والبطالة وملء البطون والنوم والكسل إلا في هذه الأزمنة المتأخرة ..
فهلا رجعتم إلى تأريخ أسلافكم العظام لتروا ما صنعوا في الأيام التي قبلي ... فلا تنسوا معركة بدر ، وفتح مكة ، واليرموك وحطين، إنها بطولات تحققت في رمضان .. ولم تكن هذه البطولات والانتصارات لتتحقق في أرض الواقع ، لو لا أنها تحققت أولاً في نفوس أولئك المؤمنين ، على أهوائهم وشهواتهم فمتى انتصرتم أيها المسلمون اليوم على أنفسكم وأهوائكم، نصركم الله على أعدائكم ، وعاد لكم عزكم ومجدكم المسلوب ..

همسات العشر تقول ...

لا تفسدوا صفو لياليَّ ببعضَ المعكرات التي تثيرُ الأشجان ... وتجلبُ الأحزان ... وتؤنبُ الضمائر ... وتقلقُ الخواطر ... فلقد اعتكف بعض الناس في لياليَّ في الأسواق التي قد ضاقت بها النساء وتهافتوا على المراكزِ التجارية ومسابقاتِها ...

فلماذا لم يجد الناس أوقاتاً غير أوقاتي الفاضلة ...

أم أن العادة فرضت نفسها على ضعفاء البشر ...

فيمكنك أن تشتري ملابس العيد وأغراضه في شهر شعبان ، حيث الأسعار مناسبة ، والأعداد قليلة !! فتقضي حوائجك دون أن تخسر كثيرا أو أن تضيع وقتا فاضلاً ...

همسات العشر تقول ...

أيقظوا قلوبكم من النوم عن صلاة الظهر وصلاة العصر ... ولاتجعلوا القيام مندوحة ً لكم في ذلك ... فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ...

همسات العشر تقول ...

من ذهب لبيت الله الحرام فليحفظ بصره من فتن النساء التي كثرت في المسجد الحرام والله المستعان ... وإن خشيت على نفسك فالبقاء في بيتك أولى وأفضل ...

وكذلك أهمس في أذن كلِّ أبٍ رءوم وأقول له اتق الله عز وجل عند ذهابك أنت وأسرتك إلى مكة ... ولا تفلت القيد لأهلك ... لأنه قد يذهب بعضهم لأغراض سيئة لا يحمد عقباها ...
فكم من أبٍ قد ابتلَّ خدُّه من الدموع ، وبعض أبناءه في لجج المعاصي في أسواق مكة وما جاورها ...

فالمصلحة المصلحة ابحثوا ... وكلُّ إناءٍ بما فيه ينضح

همسات العشر تقول ...

استغلوني ... فقد ذهب الكثير من رمضان ... ولا يعلم أحدٌ منكم هل سيصوم هذا الشهر في أعوامه القادمة أم سيكون في حفرة مظلمة من فوقه تراب ومن تحته تراب وعن يمينه تراب وعن شماله تراب ...

همسات العشر تقول ...

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ... وقد لا ألتقي بكم في أزمنة قادمة ...

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

وصلى الله وسلم على نبينا محمد ...

عمروعبده
21-08-2010, 10:18 AM
العشر الأواخر
هاهي العشر الأواخر من رمضان على الأبواب ، ها هي خلاصة رمضان ،و زبدة رمضان ، و تاج رمضان قد قدمت .
فيا ترى كيف نستقبلها ؟

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص هذه العشر الأواخر بعدة أعمال .
ففي الصحيحين من حديث عائشة : « كان رسول الله إذا دخلت العشر شد مئزره و أحيا ليله و أيقظ أهله » و لفظ لمسلم : « أحيا ليله و أيقظ أهله » و لها عند مسلم : « كان رسول الله يجتهد في العشر ما لا يجتهد غي غيرها »
و لها في الصحيحين : « أن النبي كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله » .
و في الصحيحين من حديث أبي هريرة نهى رسول الله عن الوصال في الصوم فقال له رجل من المسلمين : إنك تواصل يا رسول الله ؟
قال : « و أيكم مثلي ؟ إني أبيت عند ربي يطعمني و يسقيني » .

فمن هذه الأحاديث نرى أن النبي كان يجتهد بالأعمال التالية :
1- أيقاظ أهله : و ما ذاك إلا شفقة و رحمة بهم حتى لا يفوتهم هذا الخير في هذه الليالي العشر .
2- إحياء الليل : فإنه إذا كان رمضان كان يقوم و ينام ، حتى إذا ما دخلت العشر الأواخر أحيا الليل كله أو جله ، فقد أخرج أصحاب السنن بإسناد صحيح من حديث أبي ذر رضي الله عنه : « صمنا مع رسول الله في رمضان فلم يقم بنا شيئا منه حتى بقي سبع ليال ، فقام بنا السابعة حتى مضى نحو من ثلث الليل ، ثم كانت التي تليها ... حتى كانت الثالثة فجمع أهله و اجتمع الناس فقام حتى خشينا الفلاح . فقلت : و ما الفلاح ؟ قال : السحور . »
3- شد المئزر : و المراد به اعتزال النساء كما فسره سفيان الثوري و غيره .
4- الاعتكاف : و هو لزوم المسجد للعبادة و تفريغ القلب للتفكر و الاعتبار .
5- الوصال : وهو أنه صلى الله عليه و سلم كان لا يأكل شيئا أبدا لمدة أيام وهذا من خصائصه .ففي الصحيحين من حديث ابن عمر أن رسول الله واصل في رمضان فواصل الناس فنهاهم ، فقيل : إنك تواصل ، فقال : « إني لست مثلكم إني أُطعم و أُسقى » ، ولهما من حديث أبي هريرة « و أيكم مثلي ، إني أبيت يطعمني ربي و يسقيني » و عند مسلم من حديث أنس ( أن النبي نهاهم عن الوصال فأبوا أن ينتهوا ، واصل بهم يوما ثم يوما ثم رأوا الهلال فقال : « لو تأخر لزدتكم » كالمنكل لهم .وفي لفظ عند مسلم « لو مد الشهر لواصلنا وصالا يدع المتعمقون تعمقهم .. » فمن هذه الأحاديث نعلم أن الرسول كان يواصل الصيام في العشر الأواخر بدليل أنهم رأوا الهلال و هذا لا يكون إلا في آخر الشهر . وأيضا شدة حرص الصحابة على الإقتداء به . وأيضا أن المراد بالإطعام و السقاء ليس هو طعام وسقاء حقيقي ( بل المراد ما يغذيه الله لنبيه من معارف و ما يفيض على قلبه من لذة مناجاته و قرة عينه بقربه و تنعمه بحبه و الشوق إليه و توابع ذلك من الأحوال التي هي غذاء القلب و نعيم الروح و قرة العين و بهجة النفوس و الروح و القلب بما هو أعظم غذاء و أجوده و أنفعه حتى يغني عن غذاء الأجسام مدة من الزمن ، و كما قيل


لهـا أحاديـث مـن ذكـرك تشغلهـاعن الشراب و تلهيهـا عـن الـزاد
لهـا بوجهـك نـور تستضـيء بــهو من حديثك فـي أعقابهـا حـادي
إذا شكت من كلال السير أوعدهاروح القـدوم فتحـيـا عـنـد ميـعـاد


و من له أدنى تجربة و شوق يعلم استغناء الجسم بغذاء القلب و الروح عن كثير من الغذاء الحيواني ، و لا سيما المسرور الفرحان الظافر بمطلوبه الذي قرت عينه بمحبوبه ، و تنعم بقربه ، و الرضى عنه ، و ألطاف محبوبه و هداياه و تحفه تصل إليه كل وقت ، ومحبوبه حفي به ، معتنٍ بأمره ، مكرم له غاية الإكرام مع المحبة التامة له ، أفليس في هذا أعظم غذاء لهذا المحب ؟ فكيف بالحبيب الذي لا أجل منه و أعظم ، و لا أجمل و لا أكمل و لا أعظم إحسانا إذا امتلأ قلب المحب بحبه ، و ملك حبه جميع أجزاء قلبه و جوارحه و تمكن حبه منه أعظم تمكن ، وهذا حاله مع حبيبه ، أفليس هذا المحب عند حبيبه يطعمه و يسقيه ليلا و نهارا ؟ و لهذا قال « إني أظل عند ربي يطعمني و يسقيني » و لو كان ذلك طعاما و شرابا للفم ، لما كان صائما فضلا عن كونه مواصلا ) اهـ . كلام ابن القيم من الزاد

ترى أيه الأحبة : لماذا يفعل رسول الله كل هذا ؟
إنه يطلب تلك الليلة الزاهية ، تلك الليلة البهية ، ليلة القدر ، ليلة نزول القرآن ، ليلة خير من ألف شهر .
نعم إنها ليلة القدر : التي من قامها إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (كما في البخاري من حديث أبي هريرة ).
إنها ليلة القدر التي إن وفقت لقيامها كتب لك كأنك عبدت الله أكثر من ( 83 ) عاما .
إنها ليلة القدر : ليلة عتق و مباهاة ، وخدم و مناجاة ، و قربة و مصافاة .

وآه لنا إن فاتتنا هذه الليلة .
وا حسرتاه إن فاتتنا ليلة القدر .
و كيف لا يتحسر من قد فاتته المغفرة ،من فاته عبادة أكثر من ثلاث و ثمانين عاما ، إن من تفوته فهو المحروم ، وهو المطرود .
عند ابن ماجة ( قال في صحيح الترغيب و الترهيب : حسن ) ( إن هذا الشهر قد حضركم فيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرمها فقد حرم الخير كله ، ولا يحرم خيرها إلا محروم )

إنها ليلة القدر التي كان رسولنا يحث الصحابة على التماسها حثا شديدا .

أيه الأحبة :
إن إدراك ليلة القدر- و الله - لهو أمر سهل – على من سهل الله عليه – و ما ذاك ألا بأن نقوم العشر الأواخر كلها و بهذا نضمن إدراك ليلة القدر بإذن الله .

أيه الأحبة :
أن قيام الليل هو دأب الصالحين و شعار المتقين و تاج الزاهدين ، كم وردت فيه من آيات و أحاديث ، وكم ذكرت فيه من فضائل ، فكيف إذا كان في رمضان ، وفي العشر الأواخر منه حيث ليلة القدر .
ماذا فاته من فاته قيام الليل ، أما لكم همة تنافسون الحسن و الفضيل و سفيان .
أما لكم همة كهمة التابعي أبي إدريس الخولاني حيث كان يقوم حتى تتورم قدماها و يقول : و الله لننافسن أصحاب محمد على محمد صلى الله عليه وسلم و حتى يعلموا أنهم خلفوا ورآهم رجالا .

آه يا مسكين لو رأيت أقواما تركوا لذيذ النوم ففازوا بليلة القدر فهم في قبورهم منعمين ، وغدا بين الحور العين جذلين ، وفي الجنان مخلدين .
آه لو رأيت من ترك قيام الليل ، فهو في قبره ما بين حسرة و لوعة .
يا عبد الله اهجر فراشك ، فإن الفرش غدا أمامك

* (الأفاعي)

فيا عبد الله
إن أردت لحاق السادة ، فاترك مخاللة الوسادة .

يا ثقيل النوم : أما تنبهت ، الجنة فوقك تزخرف ، و النار تحتك توقد ، و القبر إلى جنبك يحفر ، و لربما يكون الكفن قد جهز .

يا عبد الله :
أمامك الجواهر و الدرر، أمامك ليلة القدر ، فعلاما تضيع الأعمار في الطين و المدر .

يا طويل النوم :
بادر قبل أن يفوتك { تتجافى جنوبهم } فتأتي يوم القيامة فلا تجد { فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين } .

فيا أخي : و الله أن العمر كله قصير ، فكيف بعشر ليال .
آلا تستحق ليلة القدر أن نضحي من أجلها بعشر ليال فقط .
غدا يا عبد الله عندما يوفى الناس أعمالهم تحمد قيامك و صيامك .
غدا يا عبد الله تفرح بتهجدك و صلاتك ، حين يتحسر أهل الغفلة .
اللهم إنا نسأل أن تجعلنا من من يوفق قيام لليلة القدر و أنت أكرم الأكرم .


محمد الجابري

عمروعبده
21-08-2010, 10:19 AM
ليلة القدر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن ليلةَ القدرِ ليلةٌ كثيرة ُالخيرِ، شريفةُ القدرِ، عميمةُ الفضلِ، متنوِّعةُ البركات.
فمن بركاتها أنها أفضل من ألف شهر، قال الله عز وجل : { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } [القدر:3].

أي أفضل من ثلاث وثمانين سنة، وأربعة أشهر.
ومن بركاتها أن القرآن العظيم أنزل فيها قال عز وجل: { إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } [الدخان:3].

ومن بركاتها أن من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدَّم من ذنبه، كما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. هذه بعضُ بركاتِ تلك الليلة، وهي غيض من فيض من البركات التي خصَّ الله بها هذه الأمة، فهي أمةٌ مباركةٌ، وكتابُها كتابٌ مباركٌ، ونبيها نبيٌّ مبارك.

والبركات التي أفاضها الله على هذه الأمة ببركة نبيها لا تعد ولا تحصى.

ومن ذلك أنه قد بورك لهذه الأمة في بكورها، وبورك لها في أعمالها، وعلومها؛ فهي خير الأمم، وأكرمها على الله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فكل من استقرأ أحوال العالم وجد المسلمين أحدَّ وأسدَّ عقلاً، وأنهم ينالون في المدة اليسيرة من حقائق العلوم والأعمال أضعافَ ما يناله غيرهم في قرون وأجيال".

وقال في موضع آخر: "فهدى الله الناس ببركة نبوَّة محمد صلى الله عليه وسلم، وبما جاء به من البيِّنات والهدى هدايةً جلَّت عن وصف الواصفين، وفاقت معرفة العارفين، حتى حصل لأمته - المؤمنين عموماً، ولأهل العلم منهم خصوصاً - من العلم النافع، والعمل الصالح، والأخلاق العظيمة، والسنن المستقيمة ما لو جُمِعَتْ حكمةُ سائرِ الأمم علماً وعملاً، الخالصةُ من كلِّ شوبٍ إلى الحكمة التي بعث بها لتَفَاوَتا تَفَاوُتاً يمنع معرفةَ قَدْرِ النسبة بينهما؛ فلله الحمد كما يحب ربنا ويرضى، ودلائل هذا وشواهده ليس هذا موضعها" انتهى كلامه.

والدرس المستفاد معاشر الصائمين من هذا المعنى أن نتعرَّض لتلك النفحات، وأن نلتمس تلك البركات، وذلك بالإيمان، والعمل الصالح، والإخلاص، واتباع السنَّة، واحتساب الأجر، والبعد عن المعاصي.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

عمروعبده
21-08-2010, 10:26 AM
منجم الكنوز الثمينة

د. علي بن عمر بادحدح





الحمد لله ما تَرطَّبتْ الألسن بذكره، وما عَملَتْ الجوارح بشكره، وما خَفقَتْ القلوب بحبه، وما سجدت الجباه لعظمته، وما رُفعَتْ الأيدي لمسألته، وما سارت الأقدام لطاعته، والصلاة والسلام على معلم البشرية، ومنقذ الإنسانية، منار الهدى، وعلم التُّقى، النبي المصطفى، والرسول المجتبى، وعلى آله وصحبه ومن بهم اقتدى، وبعد :
المنجم يرتبط في الأذهان باستخراج بعض خيرات الأرض وحصول النعمة والثراء، والغالب أن يكون المنجم مختصاً بنوع واحد من تلك الخيرات، فكيف إذا احتوى أكثر من نوع، وكلُّها غالية الثمن نفيسة القيمة عظيمة النفع؟! وكيف إذا كان استخراج تلك الكنوز سهلاً ميسوراً لكل أحدِ دون حاجة لتخصص دقيق، ولا جهد كبير !!

لا شك أن الجميع سيكونون حريصين على أن يكون لهم النصيب الأعظم من كنوز المنجم الثمينة .

المنجم أمام عينيك، وتحت قدميك، وبين يديك، وهو طوع أمرك، ورهن إشارتك، ألست تراه؟، ألا تبدو لك كنوزه المتنوعة؟، ألا تغريك ثروته الغالية؟، انتبه... ما لك؟! ألا تُبصر الجموع الغفيرة تُقبل عليه وتأخذ منه؟، ألم يتكرر هذا المشهد أمامك كثيراً؟!، إنه منجمُ...لا لن أسميه لك بل سأنتقل إلى عرض بعض كنوزه فذلك أولى وأجدى.

كنز الفضائل والخصائص :

* مغفرة : (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) [ متفق عليه ] .

* تكفير : ( فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدق ) [ متفق عليه ] .

* وقاية : ( الصيام جنة وحصن حصين من النار ) [ رواه أحمد ] .

* مثوبة : ( الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها ) [ رواه البخاري ] .

* خصوصية : ( إن في الجنة باباً يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم ) [ متفق عليه ] .

* شفاعة : ( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ) [ رواه أحمد ] .

* فرحة : ( للصائم فرحتان فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه ) [ رواه مسلم ] .

* تفرد : ( عليك بالصوم فإنه لا مثل له ) [ رواه النسائي ] .

كنز القرآن والتلاوة :

{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } [ البقرة:185] ،عن عبدالله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب إني منعته الطعام والشهوة، فشفعني فيه، ويقول القرآن: أي رب منعته النوم بالليل، فشفعني فيه، قال: فيشفعا ) [ رواه أحمد ] .

كنز الصلاة والقيام :

{ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً } [ الإسراء:79 ]، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) [ متفق عليه ] .

كنز الذكر والدعاء :

{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } [ البقرة:186] ، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم ) [ رواه الترمذي ] .

كنز الجود والإنفاق :

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة ) [ متفق عليه ] .

كنز الإرادة والصبر :

« من حكم الصيام وفوائده العظيمة تقوية الإرادة في النفوس تلك الركيزة العظيمة التي عمل رجال الاجتماع وأصحاب التنظيم العسكري على تقويتها في المجتمع هذا الزمان، وقد سبقهم الدين الإسلامي على ذلك منذ أربعة عشر قريناً تقريباً، وما أحوج المسلم إلى أن يكون قوي الإرادة صادق العزيمة » (1)

« الصوم تقوية للإرادة، وتربية على الصبر، فالصائم يجوع وأمامه شهي الغذاء، ويعطش وبين يديه بارد الماء، ويعفُّ وبجانبه زوجته، لا رقيب عليه في ذلك إلا ربه، ولا سلطان إلا ضميره، ولا يسنده إلا إرادته القوية الواعية، يتكرر ذلك نحو خمس عشرة ساعة أو أكثر في كل يوم، وتسعة وعشرين يوماً أو ثلاثين في كل عام، فأي مدرسة تقوم بتربية الإرادة الإنسانية وتعليم الصبر الجميل، كمدرسة الصيام التي يفتحها الإسلام إجبارياً للمسلمين في رمضان، وتطوعاً في غير رمضان ؟! » . (2)

كنز القوة والحرية :

« صوم رمضان من هذا الوجه إن هو إلا منهاج يتدرب به المرء على تحرير نفسه والانسحاب بها من أَسْر المادة وظلمة الشهوة، ليحيا ما شاء الله في ملكوت الحياة الحق ويكون له ما شاء الله من خصائص الخير والفضيلة، فالحرية الصحيحة لا يذوقها ولا يقدرها إلا من حيي هذه الحياة » (3)

« فرض الله الصيام ليتحرر الإنسان من سلطان غرائزه، وينطلق من سجن جسده، وتغلب على نزعات شهوته، ويتحكم في مظاهر حيوانيته، ويتشبه بالملائكة » (4)

كنز الرحمة والمساواة :

« رمضان الذي تتحقق فيه معاني الإنسانية، وتكون المساواة بين الناس، فلا يجوع واحد ويتخم الآخر، بل يشترك الناس كلهم في الجوع وفي الشبع، غنيهم وفقيرهم، فيحس الغني بألم الجوع ليذكره من بعد إذا جاءه من يقول له: أنا جوعان، ويعرف الفقير نعمة الله عليه، حين يعلم أن الغني يشتهي - على غناه - رغيفاً من الخبز أو كأساً من الماء » (5)

« فقرٌ إجباريٌ يراد به إشعار الإنسانية بطريقة عملية واضحة كلَّ الوضوح، أن الحياة الصحيحة وراء الحياة لا فيها، وأنها إنما تكون على أتمها حين يتساوى الناس في الشعور لا حين يختلفون، وحين يَتعاطَفُون بإحساس الألم الواحد، لا حين يتنازعون بإحساس الأهواء المتعددة » ، « ويجعل الناس فيه سواءً : ليس لجميعهم إلا شعور واحد وحس واحد وطبيعة واحدة ويُحكِم الأمر فيحول بين هذا البطن وبين المادة » (6)

كنز الخلق والسلوك :

« المقصود منه السمو بالنفس إلى المستوى الملائكي، وصون الحواس عن الشرور والآثام، فالكف عن الطعام والشراب ما هو إلا وسيلة إلى كف اللسان عن السب والشتم والصخب، وإلى كف اليد عن الأذى، وإلى كف البصر عن النظرة الخائنة، وإلى كف السمع عن الإصغاء للغيبة والنميمة والقول المنكر » (7)

« فألزمه سبحانه الصوم حتى إذا جاع وظمئ ذلّت نفسه، وانصدع كبره وفخره، وأحس أنه - مهما أوتي - فهو مسكين تُقعده اللقمة إذا فُقدت، وتُضعفه جرعة الماء إذا مُنعت، هنالك يُطامن من غروره، ويعترف بفضل الله عليه حتى في كسرة الخبز ورشفة البحر، ومتى عرف الله خافه، ومتى خافه استقام على الطريقة، وسار على الجادة، وترك ما كان فيه من بغي واستطالة وعلو في الأرض بغير الحق، وآثر رضوان الله على ترضية نفسه وصار رسول رحمة وسلام لكل من حوله من أبناء الإنسانية » (8)

وخذ أخيراً هذه الكلمات الجامعة: « للصوم فوائد: رفع الدرجات، وتكفير الخطيئات، وكسر الشهوات، وتكثير الصدقات، وتوفير الطاعات، وشكر عالم الخفيات، والانزجار عن خواطر المعاصي والمخالفات » (9)

ثم ماذا أيها الأخ الحبيب ؟ دونك الكنوز تتلألأ، والثروة تتهيأ، فماذا أنت فاعل؟!

إليك هذه الومضات :

* أخلص نيتك، واستحضر عزيمتك، وزكِّ نفسك، وطهر قلبك، وأجج أشواقك، وأعلن أفراحك .

* بادر بالتوبة، وأكثر من الاستغفار، وتحلَّ بالإنابة، واذرف دموع الندامة، واستعد لموسم النقاء بغسل الذنوب .

* احرص في الصلوات على التبكير وإدراك التكبير، والمواظبة على الرواتب، والاستكثار من الرغائب .

* خذ حظك من قيام الليل، ودعاء القنوت، وطول القيام والسجود، وارفع دعاء الأسحار، واملأ الثلث الأخير بالاستغفار .

* أدمن التلاوة، ورطب لسانك بالقرآن، وانهل من مائدة الرحمن، ونوِّر الليالي بالتجويد، وعطَّر الأيام بالترتيل .

* صل رحمك، وزر أقاربك، واعف عمن أخطأ، وتجاوز عمن هفا، واجمع أهل حي، وتقرب من جيرانك، وكرر اللقاء بإخوانك، وخص بمزيد من الود والحب والوصل أهلك وزوجك وأبناءك .

* اجعل لنفسك مع أهل بيتك برنامجاً إيمانياً لاغتنام الكنوز الثمينة، فجلسة للتلاوة، ولقاء للتاريخ، ورحلة للعمرة، ووقت للقيام، وحلقة للذكر، وفرصة للدرس، ولا تنس أن في الوقت بركة .

* احسب زكاتك، واجمع من زكاة أهلك وأقاربك، واستعن بإخوانك على وضعها في مصارفها، وتوصيلها لمستحقيها، واحرص على أن تُبادر وتُنافس في الإنفاق فهذا ميدان السباق .

* تذكر إخوانك المسلمين المضطهدين والمشردين والمظلومين في العراق وفلسطين وغيرهما، لا تنسهم من دعواتك وزكواتك، وعرِّف بأحوالهم وبين مكر وجرم أعدائهم، واكشف زيف الدعاوى المتعلقة بقضاياهم .

عمروعبده
21-08-2010, 10:28 AM
لأرباح والخسائر
د. علي بن عمر بادحدح





جل ما في هذه المقالة خارج عن رمضان، وبعيد عن فريضة الصيام، لكثرة ما يكتب عن فضائل رمضان وحِكَم الصيام، ولأنني رأيت أن هذا التركيز على الموضوعات ذات الصلة بهذا الموسم كأنما تختزل الزمان فيه، وتحصر العمل والبذل والأجر والفضل فيه، فأردت أن أبتعد عن رمضان إلى المدى الأوسع من الزمان، وأن أنأى عن الحديث عن الصيام إلى الآفاق الأرحب في معاني العبادة الواسعة، وأحسب أنك - أيها القارئ - ستوافقني على هذه الفكرة التي أعرضها .
نحن في رمضان نجتهد في الطاعات، ونحرص على اغتنام الأوقات، ونستحضر في أعمالنا ما ورد في شأنها من الأجور والحسنات، ومن ثم نشعر بأننا نجني الكثير من الأرباح، ونعظم رصيد الحسنات، فهناك أداء الفرائض من الصلوات، والسنن الرواتب من التطوعات، إضافة إلى قيام الليل وصلاة الوتر، فضلاً عن تلاوة القرآن والإكثار من الذكر، مع البذل والإنفاق، وحسن الصلة والارتفاق وغير ذلك من الأعمال، وذلك يشيع في نفوسنا فرحة غامرة وسعادة ظاهرة.

إن السؤال المطروح هنا هو :

هل هذه الأعمال وأجورها العظام مقصورة على رمضان ؟، وهل المسلم عموماً والدعاة والصالحون خصوصاً معنيون بتلك الأعمال في هذا الموسم فحسب ؟، ويدور في خاطري بقوة أين بقية العام؟، وأين أحد عشر شهراً من الزمان ؟

ومن هنا لفتت نظري واسترعت انتباهي وشغلت فكري كلمات ليحيى بن معاذ يقول فيها :" الدنيا حانوت المؤمنين، والليل والنهار رؤوس أموالهم، وصالح الأعمال بضائعهم، وجنة الخلد أرباحهم، ونار الأبد خسرانهم" (1) ، هذه الكلمات تلخص قصة الحياة كلها، وهي كلمات في غاية الوضوح والبساطة، رغم أن معانيها عميقة، ودلالاتها دقيقة، إنها كلمات تهزنا بقوة، وتوقظنا من الغفلة، لننظر إلى الآفاق الأوسع والأرحب، إلى الزمان كله لا شهر واحد منه، إلى الأعمال الصالحة كلها لا إلى الصوم وحده، حتى نعرف حقيقة الصفقة ورأس المال والبضاعة والأرباح والخسائر.

والآن أنتقل بك - أيها القارئ - إلى غيض من فيض من نصوص الأعمال الصالحة التي ليس لها خصوصية في رمضان سوى فضيلة الزمان ومزيد من مضاعفة الأجر، وهي عند المؤمنين الصادقين من برنامج حياتهم اليومي الذي يتوافر فيه الحرص والجد والاستمرار كما هو الشأن في رمضان، وإليك هذه الأمثلة :

- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (صلاة الرجل في جماعة تُضعّف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين درجة، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحُط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه مادام في مصلاه : اللهم صل عليه اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة ) متفق عليه، أليس هذا في سائر الأيام من العام ؟.

- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم ربهم – وهو أعلم بهم – كيف تركتم عبادي؟، فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون ) متفق عليه، فهل هذه الشهادة مقتصرة على أيام وليالي رمضان ؟ فأين الجموع الغفيرة من شهود صلاة الفجر في سائر أيام العام ؟ .

- عن أنس رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة ) رواه الترمذي، فهل هذه الغنيمة العظيمة مقصورة على هذه الأيام الفاضلة ؟.

ومثل ذلك يقال في ما وردت به النصوص من فضائل الذكر وتلاوة القرآن وإنفاق المال وصلة الرحم وإطعام الطعام وكل عمل من الأعمال التي نحرص عليها في رمضان، فبقدر ما نفكر في عظمة الأرباح في رمضان - وهو شهر من العام – بقدر ما يجب أن نفكر في فداحة الخسارة وضياع الغنائم التي نفرط فيها على مدى بقية أيام العام، وهنا يخطر ببالي أسئلة شديدة لإيقاظنا من الغفلة، هل هناك مدرسة أو جامعة تكتفي بالتعليم شهراً كل عام ؟ وهل هناك أسواق وشركات لا تعمل إلا شهراً في العام ؟ وهل هناك مستشفيات لا تستقبل المرضى إلا شهراً في العام ؟ وما هي حال أي مجتمع يمكن أن نتصور فيه مثل ذلك ؟ إن العمل مستمر لا ينقطع وهناك حدود دنيا أساسية لا تتوقف، والمواسم ليست – في الجملة - لاستحداث أعمال لا وجود لها، بل جلها زيادة ومضاعفة في الأعمال المعروفة ومزيد من اغتنام الأوقات للحصول على أرباح أكثر، وهنا حديثي عن الفرائض وعن أساسيات من التطوعات خاصة بالنسبة للدعاة، أين هي في غير رمضان ؟ وكم هو الخسران في تركها وهجرانها ؟ وهل خسائر أحد عشر شهراً يكفي دائماً أن تعوضها أرباح شهر واحد ؟ أليست المساجد تشكو – في غير رمضان – قلة المصلين ؟ أليست المصاحف تشكو قلة التالين ؟ أليست الأرحام تشكو قلة الواصلين ؟ أليس ذوو الحاجات يشكون قلة المنفقين ؟ كم هي الخسائر فادحة وعظيمة ؟ ألسنا نلحظ هذه الصورة تتكرر في كل الأعوام ؟ وتقع من جماهير غفيرة من أهل الإسلام ؟ وهنا يثور سؤال حزين يمكن التحفظ عليه وهو:

ما فائدة رمضان وما جدواه إن لم يبق أثره ولم يدم نفعه، بل إن جاء بعده عكسه، وخلفه وراءه ما ينقضه ؟! .

دعوني من حالنا المزرية هذه واسمحوا لي أن أنقلكم إلى أجواء كلمة يحيى بن معاذ، فهذا أبو محمد الجريري يقول: قصدت الجنيد فوجدته يصلي فأطال جداً فلما فرغ قلت : قد كبرت ووهن عظمك ورق جلدك وضعفت قوتك ولو اقتصرت على بعض صلاتك، فقال: اسكت ، طريق عرفنا به ربنا، لا ينبغي لنا أن نقتصر منه على بعضه، والنفس ما حملتها تتحمل، والصلاة صلة والسجود قربة ولهذا قال تعالى:}وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ{، ومن ترك طريق القرب يوشك أن يُسلَك به طريق البعد، ثم أنشد :

صبرت عن اللذات حتى تولت *** وألزمت نفسي هجرها فاستمرتِ

وكانت على الأيام نفسي عزيزة *** فلما رأت صبري على الذل ذلتِ

وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى ***فإن تُوِّقَتْ تاقت وإلا تسلتِ (1)

فهل لكم – معاشر الدعاة – من هذا الموقف وتلك الكلمات من تذكرة لنعمر الحياة كلها بالطاعة ونغمرها بحسن الصلة بالله ؟.

إن السر في تلك الصلة المستمرة هو حسن الفقه والفهم من جهة، ولذة الطاعة وحلاوتها من جهة أخرى، وإليك في كل جهة إيضاح :

ففي الفهم نقف مع قوله تعالى:{ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }، حيث قال بعض المفسرين: الحياة الطيبة هو ما يفتح عليه من لذة العبادة وطيب المناجاة وبرد الرضا بقضاء الله... وهذا باب من فتح له فيه يجب عليه أن يلزمه وأن يتعلق بالأسباب المثبتة له ويستعين بالله عز وجل ويسأله التأييد فيه ، ويصبر ويصابر فعسى ولعل وما ذاك على الله بعزيز وإنه عليه ليسير (3).

وفي اللذة إليك ما أجاب به (حممة العابد) عندما سأل ما أفضل عملك ؟ فقال:" ما أتتني صلاة قط إلا وأنا مستعد لها ومشتاق إليها، وما انصرفت من صلاة قط إلا كنت إذا انصرفت منها أشوق إليها مني حيث كنت فيها، ولولا أن الفرائض تقطع لأحببت أن أكون ليلي ونهاري قائماً راكعاً ساجداً " (4).

فهل ندرك - بعد كل ما ذكرت – دلالة العبارة التي نكررها: أن رب رمضان هو رب سائر أيام العام، فهل تدركون أيها الدعاة بل أيها المسلمون كم هي الخسائر العظيمة على مدى هذه الأيام التي تنقطع فيها الأعمال؟ .

وأخيراً هل ندرك أن دوام الأعمال وعظمة الأرباح مقرون بروح العبادة وخشوعها ولذتها وحلاوتها ؟، فمن لم يجد ذلك ويجتهد في تحصيله فإنه يفقد سبباً من أعظم أسباب الاستمرار والدوام، واستحضروا معي دائماً كلمة يحي بن معاذ .

عمروعبده
21-08-2010, 10:31 AM
مرحباً رمضان

د.علي بن عمر بادحدح


غرة رمضان في يوم الأربعاء الأغر، وختامه جمعة غراء، وفيه خمس جُمع، نور على نور، والله يضاعف لمن يشاء، فالفرحة برمضان والفاتحة بالجمعة أزهى، والخاتمة بالجمعة أبهى.

حق علينا لك يا رمضان، أن نرحب بك ضيفاً كريماً، وموسماً عظيماً، وخيرات تتوالى، وبركات تتعاظم، وحسنات تتضاعف، وسيئات تتناثر، وحري بنا أن نفرح بحلولك والقلوب فيك - بذكر الله - تطمئن، والنفوس تسعد وتأنس، والأرواح ترق وتسمو، والعزائم تقوى وتعلو، والأرحام تُوصل، والزكوات تُخرج، والآيات تُتلى، والعبرات تُسكب.

نهارك - بالصوم والعبادة - سكينة وطمأنينة، وليلك - بالدعاء والقيام - ضياء وأنوار، من كل وجه وفي كل ناحية خير وعطايا تستحق الشكر والتعظيم، وتستوجب الترحيب والتكريم ..

مرحباً بك رمضان مقرباً للجنان، ومباعداً من النيران ...

مرحباً بك رمضان منقذاً من الغفلة والنسيان، وموجهاً للذكر والقرآن ...

مرحباً بك رمضان صارفاً عن الشهوات، وسائقاً إلى الطاعات ...

مرحباً بك رمضان معالجاً للشح والبخل، ومحفزاً للجود والكرم ...

رمضان إن الأنفس الجرداء تز *** كو حين تُوفِي كالربيع وتورِقُ

أهلاً بيومك صائمين عن الأطا *** يب راغبين إلى الرضا نتشوقُ

أهلاً بليـلك قائـمين لـربنا *** وقلوبنا بالحب نشوى تخـفقُ

حسب الموفق فرحتان أجلُّ من *** هذي الحياة وإن كساها رونقُ

مرحباً ألف بل مرحباً مليون يا رمضان، مرحباً بك من كل ذرة في كياننا، ومن كل خلية في أبداننا، ومن كل خفقة من جناننا..

أقبل وأحي نفوسنا بهداية *** تُمسي لأدواء النفوس دواءَ

آسي الخيار المصْطَفين فإنهم ***يَحيَون في أوطانهم غرباءَ

قطعوا إلى الله السبيل لعلهم *** يَرِدون في رضوانه النعماءَ

أقبلت بالنور السماوي الذي *** بهر الوجود وعطّر الأجواءَ

أسهرت ليل الصائمين تعبداً *** وتهجداً وتلاوة ودعاءَ

فهجرتُ نومي في هواك توسلاً *** لله كي أزداد فيك صفاءَ

مرحباً بترك الطعام والشراب، مرحباً بسهر الليل في القيام، مرحباً بإتلاف المال بالإنفاق في سبيل الله، مرحباً بك يا رمضان بكل ما فيك من مشقة مرغوبة، وتعب لذيذ، وجهد مريح، نعم فنحن المؤمنون الصائمون لا نرى فيك ثقلاً ولا في صومك عبئاً، بل العكس هو الصحيح ...

يا أيها الشهر الذي يُلقى به ***عن كاهل الأرواح نيرٌ مرهقُ

لمرارة الحرمان فيك حلاوة *** ولـزهمة الأفواه عطرٌ يـعبقُ

قد ذاقها مستروحاً نفحاتها *** من أدركوا حكم الشريعة واتقوا

ليت الذين استثقلوك فأعرضوا *** وَرَدوا ينابـيع الـتقى وتذوقوا

ما سَرَّهم إذ ذاك أن ممالك الدنـ *** يا لـهم من دون ذلك مِرْفقُ

وصايا البدايات :

وبعد الترحيب ونحن في يوم الجمعة الأغر، غرة هذا الشهر،لابد من الحديث عن البداية، والسؤال الوارد هو : كيف نبدأ ؟

1- البدء بقوة :

إن طبيعة البدايات القوة والعزيمة، والتهيؤ والاستعداد، فكل أمر في أوله وبدايته يكون أكثر قوة، وأحسن انتظاماً، فبدء العام الدراسي ينتظم الطلاب ولا يغيبون، وكل منهم يعزم على الجد ويبدأ به، والموظف الجديد عندما يبدأ يباشر عمله يكون منضبطاً نشطاً ومؤدياً للواجب وحريصاً على عدم التفريط، وفي البداية تكون الهمة عظيمة، والعزيمة كبيرة، ثم مع مرور الأيام وتتابع الأعمال يتسلل الضعف ويحصل النقص، ولذا فلابد من الحرص على قوة البداية إلى منتهى الغاية، لتكون الانطلاقة القوية موصلة إلى أبعد مدى، حتى إذا عرض بعض الفتور أو التقصير فإن تأثيره يكون قليلاً، وأما إن كانت البداية ضعيفة ؛فإن أي نقص يطرأ عليها يعيدها إلى نقطة الصفر أو قريباً منها .

2- الاستعداد للعوارض :

إن كل بداية لابد أن تكون مصحوبة بتوقع العقبات ومعرفة الصعوبات حتى تكون بداية صحيحة لا تفاجؤها ظروف غير متوقعة تحول دون استمرارها، ونحن في رمضان نعرف مسبقاً كثيراً من العوارض التي تنقض البدايات أو تضعفها، فهناك في المجتمع السهر العابث، والنوم المفرط، والطعام الكثير، والإعلام الهابط، والتسوق الشره وغير ذلك مما لا تبقى معه قوة الهمة في الطاعات، فيقل ورد التلاوة، ويضعف الحرص على إتمام التراويح، ويغيب الجد في الاستثمار الوقت، ولذا نرى الناس يعزمون على أمور من أول الشهر ثم لا يلبثون أن يخفقوا في تحقيقها ويلتمسون لأنفسهم أعذاراً واهية من تلك العوارض .

3- معركة العادات :

كثير من الناس أسرى عاداتهم ومألوفاتهم، وغالباً ما يضعفون عن تغيير القبيح منها تحت الاستسلام لسلطان العادة، ومع بداية كل رمضان يعقد كثيرون العزم على التغيير لكن كثيراً منهم يخفقون في النجاح ويهزمون في معركة العادات، ولعل من أبرز الأمثلة في ذلك حال المدخنين، كما أن هناك من يحتاج ويتمنى أن يكتسب عادات حميدة في الطاعات والعبادات ويبدأ ثم يضعف، ومن الأمثلة الجلية في ذلك الرغبة في الانشغال بالذكر والتلاوة إلى الإشراق وترك النوم في هذا الوقت الثمين، ومن هنا يحسن أن تكون البداية مشتملة على عزم أكيد وحزم فريد يوفر أعظم الأسباب للانتصار بدلاً من الهزائم المتتابعة في كل رمضان.

وخلاصة ذلك يتركز من تلك الجوانب السالفة الذكر، ونخرج منها بالتوجيهات العملية التالية :

1- ضع الأعلى من البرامج واجعله البداية حتى إذا وقع النقص كان محدود التأثير، فإن أردت ختم القرآن فلا تقرر جزءاً لكل يوم، لأنك إن قصرت - والتقصير حاصل ولابد - فستنخرم الختمة، ولكن قرر جزأين في كل يوم، وحينئذ ستختم مرتين، ولو قصرت وضعفت فإنك ستضمن الختمة بإذن الله .

2- قاطع بحزم عوارض الطاعات، فلا مشاهدة للقنوات، ولا قبول لكثرة الطعام والوجبات، ولا تساهل مطلقاً لكثرة النوم، ولا استسلام لطبيعة العادات، وليكن ذلك بلا هوادة ولا تنازل .

3- استعن بالله وأكثر من الدعاء، وتعاون مع إخوانك في التزام بعض البرامج والتعاهد عليها والتذكير بها والمراجعة لها، ليكون ذلك جبراً لأي نقص وتداركاً لأي ضعف، فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه .

عسى الله أن يقوي في الطاعات عزائمنا، ويعيننا في هذا الشهر على الاستزادة من الخير، والبراءة من النقص والضعف.

عمروعبده
21-08-2010, 10:33 AM
رمضان والتوحيد

التوحيد هو أساس هذا الدين ، وركنه الركين وشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله هي جوهر الإسلام، وهي خلاصة إخلاص العبودية لله رب العالمين، وثمرة صدق الاتباع لخاتم الأنبياء والمرسلين .

ومن المعلوم أن أخفي أنواع الشرك هو الرياء الذي وصف النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - خفاؤه فقال : ( إنه أخفى من دبيب النمل )، وخاف - عليه الصلاة والسلام - على أمته منه فقال:( إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، قالوا : ومالشرك الأصغر يا رسول الله ؟ قال : الرياء ) .

ونحن نعلم أن أخص خصائص الصوم التدريب على الإخلاص والتعويد على المراقبة ، وأنه يبعد العبد عن الرياء ، ويجنّبه عدم الحياء ، ففريضة الصيام من أعظم العبادات التي يتحقق فيها العبد بخلوص التوحيد بالإخلاص ، وحياة التوحيد بالمراقبة ، فهو في صيامه لا يبتغي إلا وجه الله ، وخير دليل على ذلك الحديث القدسي المشهور الذي يرويه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - عن رب العزة والجلال أنه قال: ( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ) .

فالصوم"ينمي في نفوس رعاية الأمانة والإخلاص في العمل،وأن لا يراعي فيه غير وجه الله،وهذه فضيلة عظمى تقضي على رذائل المداهنة والرياء والنفاق ".

وتعليل اختصاص الصوم وجزائه بما ذكر في الحديث القدسي فيه كلام نفيس للعلماء، ومن ذلك :

1-أن الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره .

2-أن الصوم لا يظهر من ابن آدم بفعله إنما هو شئ في القلب، وذلك أن الأعمال لا تكون إلا بالحركات إلا الصوم ؛ فإنه بالنية التي تخفى عن الناس .

3-جميع العبادات تظهر بفعلها وقل أن يسلم ما يظهر من شائبة بخلاف الصوم .

4-أعمال بني آدم لما كان يمكن دخول الرياء فيها أضيفت إليهم، بخلاف الصوم فإن الممسك شبعاً مثل حال الممسك تقرباً أي في الصورة الظاهرة لذا أضافه الله إليه .

5-دخول الرياء في الصوم لا من جهة الإخبار بأن يقول للناس: إني صائم، بخلاف بقية الأعمال فإن الرياء قد يدخلها بمجرد فعلها .

6- لأن الصوم لا يدخله الرياء لخفائه ولأن الجوع والعطش لا يتقرب بهما إلى أحد من ملوك الأرض ولا يتقرب بهما إلى الأصنام .

فالصوم "سر بين العبد والله تعالى يفعله خالصاً ويعامله به طالباً لرضاه " ، فهو " لرب العالمين من بين سائر الأعمال فإن الصائم لا يفعل شيئاً وإنما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو ترك محبوبات النفس وتلذذاتها إيثاراً لمحبة الله ومرضاته " .

فهذا الصوم الذي تتحقق فيه – أخي المسلم – بالإخلاص لله بعيداً عن الرياء ، فيتعمق في قلبك اليقين ويزيد رصيدك من الإيمان ، وتتجلى في نفسك معاني التوحيد ، فإذا أضيفت إلى ذلك ما يثمره الصوم من استشعار مراقبة الله، واستحضار عظمته تبين لك كم هي عظيمة آثار الصوم في مجال التوحيد، وما أعظم الإشارة القرآنية البليغة التي أوجز فيها المولى سبحانه وتعالى خلاصة آثار الصوم ومنتهى غايته وحكمته في قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون }، وأجلُّ معاني التقوى مراقبة الله التي تملأ النفس والقلب، وتنتصب شاهداً على عظمة الإيمان وصدق التوحيد .

والصوم "يعد نفس الصائم لتقوى الله بترك شهواته الطبيعية الميسورة التناول عليه والعزيزة إليه بحيث لو لا تقوى الله وحسن مراقبته لما تركها، ولو كان تركها بأنفس الأثمان ولكن تقوى الله جعلته يعي أمانة الله في حال خفائه عن الناس واختلائه بنفسه " ، فما أجلّها من فائدة في تحقيق جوهر الإيمان، وحصول حقيقة التوحيد ! وما أكبر الأثر المترتب على ذلك من الخوف والرجاء إذ أن الصائم يعلم أن له رباً يطلع عليه في خلوته ، وقد حرم عليه أن يتناول شهواته المجبول على الميل إليها في الخلوة، فأطاع ربه، وامتثل أمره، واجتنب نهيه، خوفاً من عقابه ورغبة في ثوابه .

وإن "من علامات الإيمان أن يكره المؤمن ما يلائمه من شهواته إذا علم أن الله يكرهه فتصير لذاته فيما يرضي مولاه وإن كان موافقاً لهواه "، وهذا من شأنه " أن يورث خشية الله، وينمي ملكة المراقبة، ويوقظ الضمير " ، وقد جعل الله لهذه المحامد وتلك المآثر التي يتحقق بها الصائمون في معاني تجريد الإخلاص وتعميق المراقبة جهل لها ثواباً متميزاً إذ جعل للصائمين باباً خاصاً من أبواب الجنة يدخلون منه لا يشاركهم فيه سواهم ، كما في حديث سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد ) ، فتأمل هذه الخصوصية وهذا الإعلان الذي يظهر فبه الصائمون ويُعرفون على رؤوس الأشهاد، إنه جزاء من جنس العمل، ألم يكن خالصاً لله ؛ فإن "الصيام لما كان سراً بين العبد وربه في الدنيا أظهره الله في الآخرة علانية للخلق ليشتهر بذلك أهل الصيام ويُعرفوا بصيامهم بين الناس جزاءً لإخفائهم الصيام في الدنيا .

والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين

د. علي بن عمر بادحدح

عمروعبده
21-08-2010, 10:35 AM
الطريق إلى الفتح


عندما يذكر الفتح تتبادر إلى الذهن أجواء المعارك بما فيها من قصف عنيف، وقتال شديد، وتبدو في المخيلة صورة جيش منتصر ، و آخر مندحر، وأسرى أذلاء ، وفاتحون أشداء ، والكل يرى شلالات الدماء ، ومنظر الجثث والأشلاء ، ويقال حينئذ : تحقق النصر وتمّ الفتح ..

وكثير من الناس لا يعرفون من الفتح إلا هذا المعنى ، مع أنه لا يعدو أن يكون إحدى صور الفتح ، وتبقى هناك صور للفتح أعمق تأثيراً ، فهناك فتح القلوب بالترغيب والاستمالة، وهناك فتح العقول بالحجة والبرهان ، وهناك فتح في مجال المبادئ والأفكار، وآخر في مجال السلوك والأخلاق ، ولقد أثبت التاريخ أن الفتح العسكري وحده لا يحقق تحولاً عقائدياً ، ولا تغيراً سلوكياً، ولا تفوقاً حضارياً ، وفي ضوء هذه الحقيقة ندرك طبيعة المعركة بين الإسلام وأعدائه، كما ندرك المفهوم الشامل للجهاد بمعناه الواسع الذي يعبر عن الصراع العقائدي ، و المواجهة الحضارية، والذي يستلزم أن يكون لجهاد الدعوة وجهاد التربية دوره المعروف ، وأهميته المطلوبة ، والزمن اللازم لتحقيقه.

وعندما نتأمل في سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ندرك تماماً أن الصحابة الذين انتصروا في ساحات المعارك وتفوقوا في ميادين القتال، كانوا قبل ذلك قد خاضوا معارك كثيرة وانتصروا فيها ، وربما كانت تكاليف وجهود تلك الانتصارات أكبر، فجيل الصحابة الذي تخرّج من مدرسة النبوة ، على منهج الإسلام انتصر في معركة الإيمان ، فأخلص التوحيد ، ووطد اليقين ، وجعل العقيدة تهيمن على كل شئ في حياة الفرد والأمة ، ثم انتصر على النعرات الجاهلية ، والنزاعات النفسية ، والنظرة الأنانية ، فانصهر الجميع في بوتقة واحدة ، ووحدة جامعة تستعصي على معاول الفرقة ، وتسد أبواب الفتنة ، وانتصروا كذلك على النفس وأهوائها ، والدنيا وملذاتها ، فكان الانتصار العسكري بعد ذلك متوقعاً ، بل بدهياً بعد ما سبقه من الانتصارات التي استغرقت زمناً طويلاً ، وتربية متأنية ، وصياغة جديدة جذرية لمجتمع كامل .

ونحن في أفياء ذكرى فتح مكة أودّ أن أشير إلى الحقائق السابقة من خلال الوقائع الناطقة، وأول ما يلفت النظر أن قريشاً بسمعتها العظيمة ، وقوتها الضاربة ، لم تبدِ مقاومة تذكر في فتح مكة، مع أننا نعلم حميتها واستعلاءها في بدر، ونرى فورتها ونقمتها في عودها للقتال في أحد، ونعرف حلفها وتحزبها يوم الخندق ، فما بالها وهي تُغزى في عقر دارها من أعظم أعدائها لا تبدي مقاومة تذكر؟ إنها بكل وضوح قد هزمت قبل المعركة ، واندحرت قبل المواجهة ، وفتحت قبل الفتح ، ولذا كان لابد لنا أن ننظر إلى الطريق إلى هذا الفتح ، ذلك الطريق الذي امتد ثمانية عشر عاماً كانت خلالها الدعوة والتربية ، ثم التميز والمفاصلة ثم الهجرة والتجمع ، ثم الدولة والمجتمع ، ثم المواجهة والجهاد، وكل ذلك كان له دوره في فتح مكة ، ولكنني سأشير إلى بعض ملامح الطريق من خلال صلح الحديبية الذي نرى فيه ما يأتي:

1-فتح وتأمين طريق الدعوة

وذلك من خلال الهدنة المؤقتة " فإن الناس أمن بعضهم بعضاً واختلط المسلمون بالكفار وبادؤهم بالدعوة وأسمعوهم وناظروهم على الإسلام " [زاد المعاد لابن القيم ] وبهذا تكسرت الحواجز النفسية الناشئة من العداء والمواجهة، ففكرت العقول بتدبر، وأقبلت النفوس برغبة ودخل الناس في الإسلام بقناعة، وكان العدد في الحديبية ( 1400) وصار في الفتح(10.000).

2-تقديم نموذج باهر للمجتمع المسلم

رآها المفاوضون الذين ترددوا على الرسول حتى قال عروة بن مسعود: " لقد رأيت كسرى في ملكه وقيصر في ملكه ، والنجاشي في ملكه ، وإني والله ما رأيت ملكاً في قومه قط مثل محمد في أصحابه ، ولقد رأيت قوماً لا يسلمونه لشيء أبداً ".

وهكذا نظرت قريش إلى المسلمين بإعجاب وانبهار وتعظيم وتقدير ، ودفعهم ذلك للمقارنة بمجتمعهم الذي صاروا يزهدون فيه ويحتقرون مبادئه وقيمه .

3-قوة التربية المنهجية

وظهر ذلك في موافقة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بأن يردّ من جاءه من قريش مسلماً ، وألا تردّ قريش من جاءها مسلماً ، وذلك لقناعة المصطفى بصدق المنهج ، ووضوح الرؤية ، وعمق اليقين في صفوف المسلمين ، فلم يكن يخشى على أصحابه أن يتأثروا فيرتدوا ، وكان يدرك أن من أسلم من قريش سيثبت وإن اضطهد وعذب،وهذا إعلان لقوة المنهج وقوة الأفراد.

4-الالتزام الأخلاقي العملي حتى مع العدو

فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ردّ من جاءه من المسلمين إلى قريش ولم يجف مداد العهد بعد ، فظهرت صورة مشرفة لتعامل الدولة المسلمة { ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا } .

5-خصائص المجتمع المسلم

الذي كان فيه الشورى والحوار واختلاف وجهات النظر الذي لا يفسد للودّ قضية ، ولا يغيّر القلوب ، ولا يفرّق الصفوف ، كما أن فيه انضباط الفرد بالجماعة وموقفها ، كما ظهر ذلك من مراجعة عمر - رضي الله عنه – للرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وكانت هناك أيضاً القوة والحمية في حماية الدين ونصرته عندما بايع المسلمون بيعة الرضوان ، وكانوا على قلب رجل واحد حتى الموت .

نعم تلك خطوات على طريق الفتح الذي تمّ بلا مواجهة ، فقريش فيما بين الحديبية والفتح هزمت عقائدياً وفكرياً وسلوكياً ، قبل أن تنهزم عسكرياً ، فهل يعي المسلمون وخاصة المتحمسون أن للنصر متطلبات وأن للفتح خطوات ، وأن هناك حاجة للزمن ، وافتقاراً للحكمة، وضرورة للتربية والدعوة ؟.

د.علي بن عمر بادحدح

عمروعبده
21-08-2010, 10:36 AM
لفحة رمضانية


إن الفرائض الإسلامية كلها عظيمة النفع، جليلة الأثر، تعود بالفوائد على الفرد تطهيراً لقلبه، وتهذيباً لنفسه من جهة ، وتقويماً لسلوكه، وتحسيناً لأخلاقه من جهة أخرى، فهي إصلاح للفرد باطناً وظاهراً كما أنها تنعكس على المجتمع تقوية للروابط، وزيادة للتآلف ، وبعثاً على التراحم ، وحثاً على التعاون ،ومن ثم فهي تحقق المصالح للأفراد والمجتمعات، إضافة إلى كونها تحقق الهدف الأعظم وهو عبودية الله، ودوام وحسن صلة العبد بمولاه.

وعندما يؤدي المسلمون الفرائض كاملة كما أمرهم الله، وكما علمهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فإنهم يجنون ثمارها ومنافعها كما كان أسلافنا عليهم رحمة الله، وعندما يتركونها أو يؤدونها أداءً قاصراً لا تستكمل فيه الشروط والأركان، ولا تستحضر فيه القلوب والذهان ؛ فإن كثيراً من الخير يفوتهم، وتضيع عليهم تلك المنافع العظيمة بقدر ما يفرطون .

وأما المسلمون اليوم فإن بعضهم غيروا فغيّر الله عليهم وفق سنته الجارية:{إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم} .

فأنت ترى – وللأسف – قلوباً عن الحق لاهية، وأسنة الباطل لاغية، وآذاناً للمحرمات مصغية، وأعيناً للعورات ناظرة، وصوراً من الشحناء ظاهرة، ولك أن تسأل أين أثر الصوم ؟ وأين ثمار رمضان ؟ وأقول لك : إن الصوم إذا " لم يؤت ثمرته النافعة فليس النقص منه، إنما النقص من سوء تصرف الصائم وعدم صحة قلبه، وطهارة ضميره، وعدم حسن تفكيره".

ولك أن تسأل عن سر إعراض البعض عن الطاعات، وتلبسهم بالمنكرات ومقارفتهم للمحرمات رغم اختصاص رمضان بتصفيد الشياطين، ولعلك تقول :" كيف نرى الشرور والمعاصي في رمضان واقعة في رمضان كثيراً فلو صفدت الشياطين لم يقع ذلك ؟ والجواب :أنها إنما تقل عن الصائمين الذي حوفظ على شروطه وروعيت آدابه، والمصفد بعض الشياطين لا كلهم، أو المقصود تقليل الشرور فيه وهذا أمر محسوس ؛ فإن وقوع ذلك فيه أقل من غيره،إذ لا يلزم من تصفيد جميعهم أن لا يقع شر ولا معصية لأن لذلك أسباباً غير الشياطين كالنفوس الخبيثة، والعادات القبيحة، والشياطين الإنسية" .

ولا تنس أن بعض الناس جعلوا العبادات عادات، ومن كان هذا حاله كان" صيامه كتقليد موروث لا ينتفع به ولا يتأثر في أي ناحية من نواحي سلوكه، فيكون قد خرق الحكمة الناشئة من الصوم الصحيح ".

وقد أحدث بعض الناس من محدثات ومخالفات، وما تعارفوا عليها من رسوم وعادات تُضعف الصوم وتقلل فائدته ،وتهب على نفحاته الندية بلفحات تبددها، فينقلب الأمر رأساً على عقب ، وهذا الأمر- وللأسف - واقع من عدد غير قليل من الناس يخبرك حالهم أنهم لم ينتفعوا برمضان، ولم يستفيدوا بما فيه من صيام ولا قيام، جعل الله الصوم للقلب والروح وجعلوه للبطن والمعدة،وجعله الله للحلم والصبر، فجعلوه للغضب والطيش، جعله الله للسكينة والوقار، فجعلوه شهر السباب والشجار، جعله الله ليغيروا فيه من صفات أنفسهم، فما غيروا إلا مواعيد أكلهم، جعله الله تهذيباً للغني الطاعم ومواساة للبائس المحروم،فجعلوه عرضاً لفنون الأطعمة والأشربة، تزداد فيه تخمة الغني قدر ما تزداد فيه حسرة الفقير .

اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وسائر أعمالنا ،واجعلنا في كل الأزمان لك عابدين ،وفي كل الأحوال بك موصولين، وفي كل مكان عليك متوكلين ، والحمد لله رب العالمين .

د. علي بن عمر بادحدح

عمروعبده
21-08-2010, 10:38 AM
رمضان ودقة الاستجابة


دعا الله عباده المؤمنين إلى الطاعة الدائمة والاستجابة الفورية فقال جل وعلا : { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم } والمطلوب من المسلم المبادرة إلى الخيرات والمسارعة لأداء الواجبات تحققاً بقوله تعالى : { فاستبقوا الخيرات } ، كما أنه مطالب بالبعد عن المحرمات ومجانبة المنكرات ولابد أن يتطابق سلوكه العملي في الحياة اليومية مع القرآن الكريم كما وصفت عائشةرضي الله عنها خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه " كان خلقه القرآن " .

وهكذا ينبغي أن يكون المسلم وقافاً عند حدود الله مستجيباً لأمر الله {وما آتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا } ، ولكن في هذا العصر أصيب كثير من المسلمين بضعف الاستجابة وعدم المبادرة للطاعة .

ويأتي رمضان فتهب نفحات الطاعة وترفع أعلام الاستجابة ؛ لأن لرمضان مزية واختصاصاً ويتجسد ذلك في :

1- ترك المباح

الصائم يترك الطعام والشراب والمعاشرة الزوجية وهذه تربية في ترك المباح وينتج عنها المزيد من الطاعة والاستجابة في ترك المحرم والمكروه .



2- الحرص على صحة الصوم

فأكثر الناس نجد عنده حرصاً شديداً ، ومراعاة دقيقاً لأوقات الإمساك والإفطار كل ذلك يأتي بالأمر على وجهه ، ويؤدي العبادة بكمالها ، ومن ثم يكتسب الدقة في الاستجابة ، والحساسية المرهفة فيما يتعلق بأوامر الله ، فلا تساهل ولا ترخص ولا غفلة ولا تفريط .



3- الحذر من المخالفة

تشاهد كثرة أسئلة الصائمين عن أمور يخشون أن تكون مما يجرح الصيام ، هذه الأسئلة إن دل على شيء فإنما يدل على الشفافية المرهفة " على أن هذه العبادات أوامر ونواه أمر بها الإله الذي له أن يأمر بما شاء وينهى عما شاء ، ولا يسأل عما يفعل " .

ونحن ندرك أن المخالفة في الأمر اليسير لا تختلف عن المخالفة في الأمر الكبير من حيث حصول التجاوز لأمر الله ، وعدم الاستجابة لما أمر به أو نهى عنه .

4- ضعف نوازع الشر

" الإنسان إذا جاع بطنه اندفع جوع كثير من حواسه فإذا شبع جاع عينه ولسانه ويده وفرجه فكان تشبيع النفس تجويعاً لهذه المذكورات ، وفي تجويع النفس تشبيعها فكان هذا التجويع أولى " .

تسكن النفس ويصفو القلب وتتحقق أهلية الاستجابة ، وكما أن الصيام " يضيق مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم فتسكن بالصيام وساوس الشيطان وتنكسر سورة الشهوة والغضب ".

" وتحبس قوى الأعضاء عن استرسالها لحكم الطبيعة فيما يضرها في معاشها ومعادها ، ويسكن كل عضو منها ، وكل قوة عن جماحه ، وتلجم بلجامه فهو لجام المتقين، وجنة المتحاربين ، ورياضة الأبرار المقربين " .

ومن خصائص رمضان " تصفيد الشياطين " ومعناه " أن الشياطين لا يخلصون من افتنان المسلمين مثل ما يخلصون إليه في غيره لاشتغالهم بالصيام الذي قمع الشهوات " .

وبالتالي يقل إغوائهم فيصيرون كالمصفدين ".

وأهم من ذلك " صوم القلوب ، وتطهيرها عن كل مالا يناسب الإيمان ، ويلائم الإخلاص " ، فهذه العوامل كلها تجعل صوم رمضان دورة تدريبية على امتثال الأوامر واجتناب النواهي وشدة الحرص على القيام بالواجبات والاستكثار من الطاعات وشدة الحذر من الوقوع في المنكرات والاقتراب من المحرمات .

د. علي بن عمر بادحدح

عمروعبده
21-08-2010, 10:39 AM
تأملات رمضانية


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:

فهذه تأملات إيمانية ، وخواطر تربوية ، وأحوال اجتماعية ، تتعلق بشهر رمضان المبارك وفريضة الصوم العظيمة :{ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان } .

وهو نفحة من الزمان طويلة المدى لاستمرارها شهراً كاملاً ، وما عداه من الأزمان الفاضلة إما مفرد كيوم عرفة ، أو لا يتجاوز عشرة أيام كعشر ذي الحجة.

وفي شهر رمضان نفحات عظيمة وأعطيات جزيلة يحسن بالمسلم أن يتعرض لها وينتفع بها ، وقد أخرج ابن أبي الدنيا والطبراني وغيرهما من حديث أبي هريرة مرفوعاً : ( اطلبوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة ربكم ، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده ، وسلوا الله أن يستر عوراتكم ، ويأمن روعاتكم ).

وفي رواية الطبراني من حديث محمد ابن سلمة مرفوعاً : ( إن لله في أيام الدهر نفحات فلعل أحدكم أن تصيبه نفحة فلا يشقى أبداً ).

ومن ثم ؛ فإن المسلم تقوى في نفسه البواعث لاغتنام الأجر واقتناص الخير ، ما يوضح لنا ما يكون عليه غالب المسلمين من استجابة وإنابة وإقبال على الطاعة ، وحرص على أداء الصلوات في الجماعة ونحو ذلك ، مع ما يحرصون عليه من ترك المكروهات ، واجتناب المحرمات ، والترفع عن التفاهات " والسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات فعسى أن تصيبه من تلك نفحات ".

إن الله - جل وعلا - شرع الصوم " إيقاظاً للروح ، وتصحيحاً للجسد ، وتقوية للإرادة ، وتربية لمشاعر الرحمة ، وتدريباً على كمال التسليم لله رب العالمين ".

ولقد ساق الله في رمضان خيراً كثيراً فهو للمسلمين " ربيع القلوب ، ونعيم الأنفس ، وصيام الجوارح عن الأذى وفطام المشاعر عن الهوى ، بعد أحد عشر شهراً قضوها في صراع المادة ، وجهاد في العيش تكدر فيها القلب وتبلد الحس ، وتلوث الضمير ، فيجلوا صدورهم بالذكر ، ويطهر نفوسهم بالعبادة ، ويزود قلوبهم من مذخور الخير ما يقويها على احتمال الفتن والمحن في دنيا الآمال والآلام بقية العام كله ".

وبعض الناس يخبرك حالهم أنهم لم ينتفعوا برمضان ، ولم يستفيدوا بما فيه من صيام ولا قيام " جعله لله للقلب والروح فجعلوه للبطن والمعدة ، جعله الله للحلم والصبر ، فجعلوه للغضب والطيش ، جعله الله للسكينة والوقار ، وجعلوه شهر السباب والشجار ، جعله الله ليغيروا فيه صفات أنفسهم ، فما غيروا إلا مواعيد أكلهم ، جعله الله تهذيباً للغني الطاعم ومواساة للبائس المحروم ، فجعلوه عرضاً لفنون الأطعمة والأشربة ، تزداد فيه تخمة الغني قدر ما تزداد فيه حسرة الفقير ".

ولعلنا في هذه التأملات نوجه الخيرات ونحث على اغتنامها ، ونكشف الأخطاء ونحذر من ارتكابها.

د. علي بن عمر بادحدح

عمروعبده
21-08-2010, 10:42 AM
رمضان والتغيير


عدد غير قليل من الناس مقيدون بسلاسل المعصية ، وكثيرون – أيضاً – أسرى لعادات سيئة يعلمون ضررها ويدركون خطرها ولكنهم يظلون في أسْرِها وقد استولت عليهم العوائد ، وأحاطت بهم العوائق ، ووهت عزائمهم ، وضعفت إرادتهم لأنه كما هو معلوم أن " للعادات سلطاناً على النفوس ، وهيمنة على القلوب ، وهي تتركز في الإنسان فتصبح كأنها طبيعة من طبائعه ، لا يستطيع التخلص منها ولا يقدر على مفارقتها " وصدق الرصافي حين قال :

إن العوائد كالأغلال تجمعنا **** على قلوب لنا منهن أشتات

مقيدين بها نمشي على حذر **** من العيون فنأتي بالمداجـاة

والتخلص من العادات السيئة أساسه قوة الإرادة و"شهر رمضان مدرسة تربية رحمانية يتدرب بها السلم المؤمن على تقوية الإرادة في الوقوف عند حدود ربه في كل شيء، والتسليم لحكمه في شيء، وتنفيذ أوامره وشريعته في كل شيء "، " والصوم هو مجال تقرير الإرادة العازمة الجازمة، ومجال اتصال الإنسان بربه اتصال طاعة وانقياد، كما أنه مجال الاستعلاء على ضرورات الجسد كلها، واحتمال ضغطها وثقلها، إيثاراً لما عند الله من الرضى والمتاع ".

فالصوم إذن فرصة ذهبية للتخلص من العادات الرديئة وإليك إيضاح العوامل التي تعين على ذلك :

1- قوة الإرادة والعزيمة

كما أسلفت لك، "وبقدر ما تقوى الإرادة يضعف سلطان العادة " .

2- طول مدة التغيير

فالصائم يلزم بحكم الشرع وبحرصه على الطاعة بترك عوائده وذلك لمدة ثلاثين يوماً، وهي مدة كافية، إذا صدقت نية التغيير.

3-شمول نواحي التغيير

فإن الصائم يغير في رمضان مواعيد نومه واستيقاظه وأوقات طعامه وشرابه، وطرائق شغل أوقاته، وترتيب أولوياته واهتماماته، بل حتى مشاعره وانفعالاته وبالتالي فإن القدرة على التغيير تكون أكبر وأقوى.

4- عموم أفراد التغيير

إن الصوم في شهر رمضان يوجد نمطاً تغييراً عاماً يشمل جميع أفراد المجتمع المسلم، فكل مسلم ينطبع بهذا التغيير الباطني والظاهري، وهذا عامل من أعظم العوامل المساعدة على التغيير، فالذي يعزم على التغيير لا يكون وحده، بل يجد التغيير في كل الناس من حوله.

وإذا لم تنجح في التغيير مع وجود الجم الغفير، والزمن الطويل أظنك لن تقدر على التغيير، بل أظنك لا تريد التغيير، وإذا لم تغير قبائح العوائد في رمضان فأنت من المحرومين، ومن ضمن الذين خالفوا حكمة رب العالمين، لأنه جعل الصوم للعباد " ليغيروا فيه من صفات أنفسهم فما غيروا إلا مواعيد أكلهم" ، فلا ترض أن تكون من هؤلاء، وكن من العقلاء الأتقياء الذين يدورون مع مراد الله، ويحققون مقاصد شرع الله، إذ "المقصود من الصيام حبس النفس عن الشهوات، وفطامها عن المألوفات" واعلم بأن " الوصول إلى المطلوب موقوف على هجر العوائد وقطع العلائق".والعادات عبودية:

والحر من خرق العادات منتهجاً**** نهج الصواب ولو ضد الجماعات

د. علي بن عمر بادحدح

عمروعبده
21-08-2010, 10:43 AM
رمضان والروحانية


الحمد لله وكفى والصلاة على عباده الذين اصطفى وعلى من سار على طريقهم واقتفى ، وبعد:
لا شك أنك تشعر بفرق ظاهر بين أدائك للعبادات والطاعات في رمضان وأدائك لها في غير رمضان ، إنك تتساءل عن سر خشوعك في الصلاة، وعن تأثر مشاعرك بالتلاوة ، وعن دموع عينك عند التضرع والدعاء وعن الطاقة الروحانية الجديدة التي تجعلك تُصلى وتتلو وتدعو أضعاف ما تفعل في غير رمضان ، ومع ذلك لاتشعر بالملل والتعب.

إنني أحسب أنك وكثيرين معك تستغربون هذه الروحانية الإيمانية، وتقولون :

أين نحن من هذا قبل رمضان ؟ وأين تمضي هذه المشاعر بعد رمضان ؟

إنك تشعر بطعم آخر للعبادة، إنك تذوق لذة المناجاة ، وتحوز حلاوة الطاعة فتتمثل قول المصطفى عليه الصلاة والسلام : ( وجعلت قرة عيني في الصلاة ) ، وهو إطلاق بليغ ، يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - يجد فيها طمأنينة القلب، وانشراح الصدر، وكمال اللذة ،وتمام السعادة ، فلا شئ عنده أحب منها ،ومن ثم يقبل عليها مشتاقاً،ويخف إليها راغباً ، ويدخل فيها خاشعاً ،فلا يستطيل في أدائها وقتاً، ولا يستشعر تعباً، وهذا هو الشأن في كل ما كان محبوباً إلى النفس .

وسبب كل ذلك مرده إلى صفاء القلب وخلوصه من الأكدار، وحياته وسلامته مما يمرضه أو يميته، وبراءته مما يطفئ أنواره ويذهب إشراقه .

ومن المعلوم أن كثرة الطعام والكلام والمنام وكثرة مخالطة الأنام لها آثار سلبية فكثرة الكلام تدخل في اللغو والهذر، والقول الباطل، والانشغال عن ذكر الله .

ومما كانت الحكماء تقوله: لسان المرء من تبع الفؤاد وكثرة الطعام تصيب بالبطنة التي تُذهب الفطنة ، وتفضي إلى الكسل الذي يقعد عن العمل وكثرة المنام مظنة الغفلة والتفريط ، ومن أسباب الضياع والتخليط . وكثرة مخالطة الأنام بغير حاجة ولا فائدة يحصل بها كثرة في الكلام والطعام إضافة إلى بعض الآثام ، وكل ذلك له أثره على روحانية المؤمن ، وشفافية نفسه ، وطهارة قلبه . وكل هذه الأكدار تزول أو تقل في رمضان لأن في رمضان تأكيداً للنهي عن لغو القول ، وباطل الكلام ، فهذا حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - القائل : ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه )، وهناك منع من الاسترسال مع موجب الغضب من غلطة القول وسوء المنطق كما في قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ( فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم ).

كما " اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب و يستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المعوقة له عن سيره إلى الله تعالى ".

وبالصوم يحصل " تخلي القلب للفكر والذكر فإن تناول هذه الشهوات قد تقسي القلب وتعميه وتحول بين العبد وبين الذكر والفكر وتستدعي الغفلة ، وخلو الباطن من الطعام والشراب ينور القلب ، ويوجب رقته ويزيل قسوته ، ويخليه للذكر والفكر ".

وأما بالنسبة لفضول المنام وكثرته ؛ فإنه جل وعلا من فضله على المسلمين " شرع لهم من قيام الليل ما هو أفضل السهر وأحمده عاقبة ، وهو السهر المتوسط الذي ينفع القلب والبدن ، ولا يعوق عن مصلحة العبد " وفضول مخالصة الأنام جاء علاجها في رمضان بما شرعه الله فيه من " الاعتكاف الذي مقصودة وروحه عكوف القلب على الله تعالى ، وجمعيته عليه ، والخلوة به ، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق ، والاشتغال به وحده سبحانه ، بحيث يصير ذكره وحبه ، والتفكير في تحصيل مراضية ،فيصير أنسه بالله بدلاً عن أنسه بالخلق " .

ففي رمضان يقل لغو الكلام ، وتزول آثار كثرة الطعام ، ويكون القيام موضع المنام ، ويخيم بالاعتكاف،إضافة إلى ما ورد من تصفيد الشياطين وما ورد أيضاً من تضييق مجاري الشيطان بالصوم ، فحينئذٍ يكون القلب في أكمل صورة للتأثر بكلام الله والخشوع في العبادة لله ، فيالها من نفحة يعيش فيها المسلم حلاوة المناجاة ، ولذة عبوديته لمولاه ، وتلهفه على تتبع رضاه . والحمد لله رب العالمين .
د. علي بن عمر بادحدح

عمروعبده
21-08-2010, 10:45 AM
القادم المنتظر

د. علي بن عمر بادحدح


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً وبعد ..

مرت الليالي وتوالت الأيام، وتعاقبت الأشهر وتصرّم العام، ودار الزمان دورته وها نحن في انتظار شهر الصيام، شهر الذكر والقرآن، شهر البر والإحسان، شهر الإرادة والصبر، شهر الإفادة والأجر، شهر الطاعة والتعبد، شهر القيام والتهجد، شهر صحة الأبدان، شهر زيادة الإيمان .. ننتظر رمضان والنفوس إليه متشوقة، والقلوب إليه متلهفة، تمر بالذاكرة صور كثيرة، مساجد ممتلئة بالمصلين، وذاكرين ومرتلين، ومنفقين ومتصدقين، ونكاد نسمع ترتيل القرآن في المحاريب، وبكاء المبتهلين في الدعاء، فيزداد لذلك الشوق ويعظم العزم، وتتهيأ النفس .

" ويستقبل المسلمون في رمضان ثلاثين عيداً من أعياد القلب والروح، تفيض أيامها بالسرور، وتشرق لياليها بالنور" (1) ، "وتقبل علينا أيام لها في القلوب مكان، ولها في النفوس منازل، أيام خلدها القرآن، وباركها الله سبحانه وتعالى، أيام يزاد فيها العطاء ، ويرفع فيها الدعاء، وتغفر فيها الذنوب، أيام تكثر فيها الصلاة، وتفرض فيها الزكاة" (2) ، وكأنني في رمضان وهو ينادي الزمان ويخاطب الدهر قائلاً :" قف – يادهر – بأبناء البشرية رويدا، فقد أرهقتهم بمفاتنك، وخدعتهم ببهارجك، واستعبدتهم بغرورك، وشغلتهم حتى عن علاج أنفسهم، وتغذية أرواحهم ، وسلخت من عامهم أحد عشر شهراً كاملاً تشابهت أيمامها ولياليها، وطفحت أحداثها بمآسيها، كفى كفى يادهر ، فقد أجعتهم من كثرة ما أكلوا، وأظمأتهم من طغيان ما شربوا، وأرقتهم من طول ما ناموا، وأضعفتهم أضعاف أضعاف ما استراحوا ، قف - يادهر - بأمر من خلقني وخلقك، فإن الناس أكرم على الله من أن يتركهم فريسة لختلك وخداعك، وهو سبحانه أرحم بهم من أن يغرقهم بشهواتك وأحداثك" (3) ، وآن الأوان أن تسطع شمس الإيمان، وأن تحيا القلوب بالقرآن، وأن تصح الأرواح والأبدان، وأن تقوى الإرادة من بعد ضعف، وأن تعلوا الهمة من بعد انتكاس، وأن يشتد العزم من بعد فتور.

أخي المسلم رمضان مختص بأمور كثيرة وعظيمة، تجعل له خصوصية عظيمة، فهو :

1- صومه فريضة من فرائض الإسلام { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }.

2- شهر نزول القرآن { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ }.

3- اختصاصه بمزايا في الصلة بدخول الجنان والنجاة من النيران :

(أ) قال صلى الله عليه وسلم: ( إن في الجنة باباً يقال له الريان، يدخل منه الصائمون فإذا دخلوا أغلق فلا يدخل فيها غيرهم ).

(ب) قال صلى الله عليه وسلم : ( الصيام والقرآن يشفعان لصاحبهما يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوة، فشفعني فيه، ويقول القيام : أي رب منعته النوم في الليل فشفعني فيه، فيشفعان فيه ).

(ج) يقول صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن ، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلن يغلق منها باب، وينادي مناد ياباغي الخير أقبل، وياباغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة ).

(د) يقول صلى الله عليه وسلم : ( إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد ) .

(هـ) قال صلى الله عليه وسلم : ( من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً ) ويقول: ( الصيام جنة يستجن بها العبد من النار ) .

وفي شهر رمضان عبادات كثيرة :

(أ) الصوم وهو فريضة الوقت .

(ب) الصلاة محافظة على الفرائض، واستكثاراً من النوافل الرواتب، ومواظبة على قيام الليل في التراويح والتهجد.

(ج) أداء الزكاة، وإخراج الصدقات، ومواساة القرابات، وتفطير الصائمين.

(د) أداء العمرة بثواب الحج،كما قال صلى الله عليه وسلم : ( عمرة في رمضان تعدل حجة معي ).

(هـ) الإخلاص لله وتجريد العمل ابتغاء وجهه، ( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم وأنا أجزي به ).

(و) الدعاء بتحري وقت السحر وعند الفطر، وفي قنوت الصلوات .

(ز) تلاوة القرآن لاختصاص رمضان بنزول القرآن .

ولذا فإليك هذه الوصايا بين يدي انتظار القادم العزيز :

أولاً: أهمية التخطيط والإعداد

لكل موسم خطة ومتطلبات وإعداد، فعندما بدأت الدراسة كان الجميع منشغلاً قبلها بالاستعداد لها، وكل استعداد وإعداد يتناسب مع طبيعته، وتخطيط رمضان للعبادة والاستفادة.

ثانياً : أهمية العزم والمعاهدة

في طبيعة النفس فتور وضعف، ولها بمشاغل الحياة ارتباط وتعلق، وفي الشهوات والملذات هواها ومبتغاها، والصوم فطامها وحسن قياد زمامها، فاجعل بداية ذلك عزم ومعاهدة تقطع طريق التسويف، وتبطل حجج التأجيل، وتمنع أسباب الضعف .

ثالثاً : أهمية التجديد والابتكار

والمقصود التجديد في طرق اغتنام الأوقات، والابتكار في المبادرات والمشروعات، والغرض مزيداً من العمل الصالح والأجر العظيم، ودفعاً للرتابة المضعفة للعزم والمقعدة عن العمل.

وإليك هذه الشعارات التي أنصح برفعها وكتابتها واستحضارها وتذكرها :

1- رمضان على هدي المصطفى العدنان .

2- وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .

3- مقاطعة المنكرات والترفع عن الشبهات والاستكثار من الطاعات .

وأخيراً :

احرص في الصلوات في التبكير وإدراك التكبير، وفي السنن على الرواتب والتكثير، وفي التلاوة على الختم والزيادة، وفي القيام على الخشوع والدوام، وفي الخير على كثرة الإنفاق وصلة الأرحام، وفي الوقت على دوام الذكر والاغتنام، وفي القلب على التطهير والتحرير، وفي النفس على التزكية والتعلية، وفي العقل على الإدِّكار والاعتبار، وليكن لك زاد - من بدر - في الانتصار، ومن - الفتح - في التوسع والانتشار، وأسأل الله أن يبلغنا جميعاً وأن يعيننا على الصيام والقيام .

Mr. Hatem Ahmed
20-10-2014, 09:07 AM
جزاك الله خيراً وبارك فيك