بدر منصور
01-07-2010, 11:59 PM
http://www.islamonline.net/arabic/science/2002/01/images/pic9a.jpg
أ.د.أيمن الغايش*
منذ أربع سنوات اكتشفت الولايات المتحدة أن نظام التعليم في اليابان وكوريا الجنوبية يتفوق على نظام التعليم عندها؛ فأقامت الوزارة مؤتمراً دُعي إليه كبار رجال الدولة والمؤثرون في المجتمع تحت عنوان "أمة في خطر"؛ وذلك لأنه إذا كان خريجو الجامعات من هذين البلدين سيتفوقون على خريجي الجامعات في أمريكا؛ فإنها ستكون في خطر بعد عشر سنوات أو عشرين سنة.
في نفس التوقيت أقامت إحدى الدول النامية مؤتمرًا عن التعلم في بلادها، وعلى الرغم من المشاكل الهائلة في هذه الدولة التي تتعلق بالمناهج والمدارس والطالب والجو العام للعملية التعليمية ونظام التمويل وعدم الاعتناء بالنابغين وغير ذلك من العوامل المتداخلة- فإن عنوان المؤتمر كان "أمة لها مستقبل".
إن الفارق الأساسي بين البلدين هو الفارق بين النظرتين على هذا المستوى؛ الفارق بين من يخاف من مشكلة قد تحدث بعد عدة سنوات؛ فيعد لها العدة ومن يغفل عن مشكلة تحيط به من جميع جوانبه.. الفارق بين من يعلن عنوانًا معبرًا عن القضية التعليمية، ولا يهتم برأي رئيسه المباشر أو غير المباشر؛ خوفاً أن يقول له: وإذا كانت الأمة في خطر فماذا كنت تفعل طوال هذه السنوات في منصبك؟ وبين من يكذب على رئيسه المباشر أو غير المباشر من أجل البقاء في منصبه أطول فترة ممكنة.. الفارق بين من يضع الصورة كاملة أمام الناس ومن يظهر بعضها ويخفي أكثرها.
العناصر الثلاثة الهامة
تبلور إدراكي على أن هناك ثلاثة عناصر هامة في العملية التعليمية خاصة في البلاد النامية وهي:
1- التعليم للأعداد الكبيرة
2- التعليم المستمر
3- التعليم عن بُعد
وعلى الرغم من أن الكثير من البلاد المتقدمة قد أخذت بحظّ أوفر في هذه العناصر الثلاثة فإن دورنا فيها ينبغي أن يكون أكبر وأعظم؛ لأن حاجتنا لأداء العملية التعليمية من خلال هذه العناصر أشد بكثير من الدول المتقدمة. إن ضعف الإمكانات هو الذي يدفع المتخصصين لإخراج برامج تكنولوجية لتقليل الهدر في الإنفاق على الوسائل التعليمية. ومن خلال تصوري الشخصي فإن هذه الوسائل قادرة على استيعاب الطلاب علمياً، وهو ما لم يحققه حتى الآن نظام الساعات المعتمدة داخل الجامعات، التي ينبغي أن تدعم بمثل هذه الوسائل لتؤدي إلى تطور حقيقي في العملية التعليمية.
نقطة البداية.. خطوات عملية
لقد كانت هذه الفكرة على رغم من أنها يمكن أن تكون فكرة عابرة بالنسبة لأي أحد من المشتغلين بالتعليم فإنها كانت بالنسبة لي شخصيًّا محور تغير كبير في اهتمامي بالعملية التعليمية.
وبالفعل بدأت في تطوير المادة التعليمية لمقرر السنة الثالثة بكلية الطب البيطري، وهو نفس المقرر الذي يدرس في عشرة جامعات مصرية، وكذلك يدرس جزء كبير منه في كليات العلوم والطب.
وكانت أولى خطواتي في هذا التطوير هي إتقان استخدام الكمبيوتر، وكانت تجارب بدائية وبسيطة، وكنت في هذا الوقت كلما عنت لي فكرة أضيفها مستعيناً بالمتخصصين في مجال البرمجة من أجل تطبيق هذه الأفكار؛ فطلاب الكليات العملية -وخاصة كليات العلوم والطب- يتلقون كمًّا هائلاً من المعلومات والعينات الموضحة والأمثلة العملية التي تقترب من خمسمائة عينة في بعض المقررات؛ وهو ما يصعب على الطالب استرجاع صورها قبل الامتحان؛ فما بالك فيما بعد التخرج؟
وبالفعل سعينا لشراء كاميرا خاصة (كاميرا متعددة الكفاءات) لها إمكانيات محددة؛ فهي يمكن أن تقوم بتصوير العينات المجهرية، وكذلك العينات التي تُرى بالعين المجردة وتخزينها على الكمبيوتر أو شريط فيديو، ثم قمت بتسجيل بعض التعليقات على هذه العينات، وتم عرض هذه العينات بالفعل على الطلاب في الدروس العملية من خلال شاشات تلفاز وشريط الفيديو المسجل؛ وهو ما كان له أثر إيجابي كبير في سهولة تلقي المعلومة ومراجعة الطلاب.
سلبيات في التطبيق وكيفية التغلب عليها
وكان لهذه التجربة -على الرغم من كفاءتها- سلبيات؛ فلا يمكن المقارنة بسهولة بين الحالات المرضية المختلفة، وهذه أقصى إمكانات الفيديو؛ لذلك تم تحويل كل هذه المعلومات إلى برنامج على الكومبيوتر ليسهل استدعاء أي معلومة أو استرجاعها في وقت قصير أثناء الشرح للطلاب، ثم تم استخدام بعض شاشات الكمبيوتر (عدد 7 شاشات)، التي لم يكن لها استخدام محدد داخل الجامعة، وتم توصيلها للكومبيوتر المتواجد في معمل الطلاب عن طريق مشترك Monitor splitter.
كما تم توصيل شبكة داخلية بين أجهزة الكمبيوتر المتواجدة بالقسم؛ وهو ما سهل عرض أي مادة علمية على الطلاب من خلال أي كمبيوتر بالقسم. ولأهمية النظرة المستقبلية لهذا العمل فإن هذا النظام قد أُعد ليشمل ثلاثة أقسام أخرى داخل الكلية.
وعندما وصلنا إلى هذه النقاط العملية في العملية التعليمية فكرنا أن تكون هذه الوسائل متاحة للطلاب سواء للاستعارة داخل الجامعة أو شراء هذه المادة على شكل قرص ليزر يحوي المادة العلمية، وبالفعل تم تصوير أكثر من ألف عينة والتعليق عليها باللغتين: العربية والإنجليزية، وما يقرب من 15 لقطة فيديو لكيفية التعرف على هذه الأمراض، وهي أيضًا باللغتين: العربية والإنجليزية، بالإضافة إلى عدد من الألعاب والكلمات المتقاطعة والدومينو، التي ساهم في عملها الطلاب من خلال المقرر الدراسي لهم، كما تم تسجيل الامتحانات السابقة النظرية والعملية على نفس القرص.
وهذا البرنامج -مع أنه تم إعداده بهذه الإمكانات المتواضعة- يُعتبر رائداً بفضل الله في هذا التخصص؛ حيث إنه لم يتم حتى الآن في مجال البرمجيات إخراج برنامج بهذه الكفاءة في هذا التخصص على مستوى العالم، وهذا ليس كلامي كمنتج لهذا البرنامج، ولكنه رأي المتخصصين في هذا المجال في الدول المتقدمة.
وما زلنا في مرحلة التفكير قي تطوير هذه الوسيلة عن طريق إجراء الامتحانات عن طريق شبكة الإنترنت وإمكانية الاتصال المباشر بين الطلاب والأساتذة من خلالها.
اعتراضات مردودة
يقول بعض المشتغلين بالعملية التعليمية -خاصة الذين لم يُعنوا منهم بتكنولوجيا التعليم-: "إن استخدام التكنولوجيا في العملية التعليمية لا يناسب بيئتنا العربية"؛ وذلك بحجة ضعف الإمكانات أو قلة الخبرات أو عدم تعود الطلاب على هذه الطريقة في التعليم. وفي الحقيقة إن استخدام التكنولوجيا يسهل على الطلاب الحصول على المعلومة، كما أنه يسهل على المعلم؛ حيث إنه يوفر عليه إعادة تحضير الدروس العملية والمواد اللازمة له في كل مرة. كما أن استخدام الشبكات التكنولوجية وشاشات الكومبيوتر يجعل من السهل على الطالب أن يتابع عن قرب ما يقول المعلم. ومن الناحية التطبيقية فإن استخدام التكنولوجيا أنسب ما يكون للدول الفقيرة وللكليات ذات الأعداد الكبيرة.
إذا كان استخدام التكنولوجيات في العملية التعليمية سيسهل على الطلاب الحصول على المعلومة؛ فإن بعض الأساتذة يعترض على هذه الطريقة؛ حيث إنها ربما تشعر الطالب العربي –خصوصاً- أن المواد السهلة لا قيمة لها، وربما تؤدي إلى استهتار الطلاب بها واهتمامهم بالمواد الأخرى. ولا شك أن مثل هذه العقول هي إحدى عقبات استخدام التكنولوجيا في العملية التعليمية.
آثار إيجابية
وعلى الرغم من أن تجربتنا لم تبلغ بعد عامين فإن إنجازها كان له أثر إيجابي على الطلاب الذين درسوا بهذه الطريقة، كما أن العديد من الأقسام الأخرى التي اطلعت على هذه التجربة بدأت تعد نفسها لاستخدام نفس الطريقة لعرض المادة التعليمية على الطلاب. وقد شكل الطلاب أكبر وسيلة دعائية لهذا النظام التعليمي بين الأقسام حتى تشكل رأي عام يلزم الأقسام الأخرى بتطوير وسائلها التعليمية ومسايرتها للعصر.
وقد لاحظنا عندما تم استخدام هذه الطريقة في تعليم الطلاب ارتفاع معدلات النجاح بنسبة 12% تقريباً، كما أن الدرجات التي يحصل عليها الطلاب في امتحانات العملي قد زادت بنسبة ملاحظة، كما أن لهذه التجربة آثارًا غير مباشرة؛ منها أنها تؤدي إلى تقلص استغلال النفوذ، والقضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية التي تثقل أعباء الأسرة في الدول النامية.
ولقد كان للتعاون بين أعضاء هيئة التدريس بالقسم وإدارة الكلية والطلاب أكبر الأثر في إظهار هذا العمل.
وماذا بعد؟
إذا كانت هذه تجربة قد حققت نجاحاً نسبياً في مكان صغير داخل الجامعات المصرية، وشهدت بذلك إدارة الكلية والطلاب؛ فإنه ينبغي أن ترشَّد هذه التجربة، ويوجه إليها جزء غير قليل من ميزانية الجامعات أو اهتمام المسئولين بها. كما أنني أدعو المتبرعين ورجال الأعمال إلى أن يقوموا بتبني مثل هذه التجارب، التي ستعود بالنفع على أبنائهم وأبناء الوطن جميعاً. ولعل الإنفاق أيضاً في مثل هذا المجال يكون من باب علم ينتفع به أو من باب الصدقات الجارية التي تنتفع بها الأجيال المتتالية.
هذه التجربة أظهرت لي شخصياً ولكثير من زملائي أن التصميم من أجل تحقيق الهدف لا يحول دونه إمكاناتنا المادية، وأن الثقة حينما توضع في محلها في العملية التعليمية تثمر أضعاف ما يمكن أن يتصوره الإنسان، وأن ما تم إنفاقه في هذه التجربة على الرغم من آثارها الإيجابية المباشرة وغير المباشرة أقل بكثير مما يتم إنفاقه على أعمال أخرى لا تؤدي إلى معشار أثر هذا العمل.
وفي تصوري الشخصي أننا يمكننا أن نصدر للعالم المتقدم وسائل تعليمية في مجالات محددة، خاصة فيما يتعلق بالعلوم الأساسية مثل: الأحياء، الكيمياء، الفيزياء، الرياضة.
ويمكننا أن نضفي عليها حينها شخصيتنا الخاصة. وليس أمامنا إلا أن نثق بأنفسنا أو نبقى متلقين من غيرنا دون أن نضيف شيئاً جديداً.
منقول للامانه
أ.د.أيمن الغايش*
منذ أربع سنوات اكتشفت الولايات المتحدة أن نظام التعليم في اليابان وكوريا الجنوبية يتفوق على نظام التعليم عندها؛ فأقامت الوزارة مؤتمراً دُعي إليه كبار رجال الدولة والمؤثرون في المجتمع تحت عنوان "أمة في خطر"؛ وذلك لأنه إذا كان خريجو الجامعات من هذين البلدين سيتفوقون على خريجي الجامعات في أمريكا؛ فإنها ستكون في خطر بعد عشر سنوات أو عشرين سنة.
في نفس التوقيت أقامت إحدى الدول النامية مؤتمرًا عن التعلم في بلادها، وعلى الرغم من المشاكل الهائلة في هذه الدولة التي تتعلق بالمناهج والمدارس والطالب والجو العام للعملية التعليمية ونظام التمويل وعدم الاعتناء بالنابغين وغير ذلك من العوامل المتداخلة- فإن عنوان المؤتمر كان "أمة لها مستقبل".
إن الفارق الأساسي بين البلدين هو الفارق بين النظرتين على هذا المستوى؛ الفارق بين من يخاف من مشكلة قد تحدث بعد عدة سنوات؛ فيعد لها العدة ومن يغفل عن مشكلة تحيط به من جميع جوانبه.. الفارق بين من يعلن عنوانًا معبرًا عن القضية التعليمية، ولا يهتم برأي رئيسه المباشر أو غير المباشر؛ خوفاً أن يقول له: وإذا كانت الأمة في خطر فماذا كنت تفعل طوال هذه السنوات في منصبك؟ وبين من يكذب على رئيسه المباشر أو غير المباشر من أجل البقاء في منصبه أطول فترة ممكنة.. الفارق بين من يضع الصورة كاملة أمام الناس ومن يظهر بعضها ويخفي أكثرها.
العناصر الثلاثة الهامة
تبلور إدراكي على أن هناك ثلاثة عناصر هامة في العملية التعليمية خاصة في البلاد النامية وهي:
1- التعليم للأعداد الكبيرة
2- التعليم المستمر
3- التعليم عن بُعد
وعلى الرغم من أن الكثير من البلاد المتقدمة قد أخذت بحظّ أوفر في هذه العناصر الثلاثة فإن دورنا فيها ينبغي أن يكون أكبر وأعظم؛ لأن حاجتنا لأداء العملية التعليمية من خلال هذه العناصر أشد بكثير من الدول المتقدمة. إن ضعف الإمكانات هو الذي يدفع المتخصصين لإخراج برامج تكنولوجية لتقليل الهدر في الإنفاق على الوسائل التعليمية. ومن خلال تصوري الشخصي فإن هذه الوسائل قادرة على استيعاب الطلاب علمياً، وهو ما لم يحققه حتى الآن نظام الساعات المعتمدة داخل الجامعات، التي ينبغي أن تدعم بمثل هذه الوسائل لتؤدي إلى تطور حقيقي في العملية التعليمية.
نقطة البداية.. خطوات عملية
لقد كانت هذه الفكرة على رغم من أنها يمكن أن تكون فكرة عابرة بالنسبة لأي أحد من المشتغلين بالتعليم فإنها كانت بالنسبة لي شخصيًّا محور تغير كبير في اهتمامي بالعملية التعليمية.
وبالفعل بدأت في تطوير المادة التعليمية لمقرر السنة الثالثة بكلية الطب البيطري، وهو نفس المقرر الذي يدرس في عشرة جامعات مصرية، وكذلك يدرس جزء كبير منه في كليات العلوم والطب.
وكانت أولى خطواتي في هذا التطوير هي إتقان استخدام الكمبيوتر، وكانت تجارب بدائية وبسيطة، وكنت في هذا الوقت كلما عنت لي فكرة أضيفها مستعيناً بالمتخصصين في مجال البرمجة من أجل تطبيق هذه الأفكار؛ فطلاب الكليات العملية -وخاصة كليات العلوم والطب- يتلقون كمًّا هائلاً من المعلومات والعينات الموضحة والأمثلة العملية التي تقترب من خمسمائة عينة في بعض المقررات؛ وهو ما يصعب على الطالب استرجاع صورها قبل الامتحان؛ فما بالك فيما بعد التخرج؟
وبالفعل سعينا لشراء كاميرا خاصة (كاميرا متعددة الكفاءات) لها إمكانيات محددة؛ فهي يمكن أن تقوم بتصوير العينات المجهرية، وكذلك العينات التي تُرى بالعين المجردة وتخزينها على الكمبيوتر أو شريط فيديو، ثم قمت بتسجيل بعض التعليقات على هذه العينات، وتم عرض هذه العينات بالفعل على الطلاب في الدروس العملية من خلال شاشات تلفاز وشريط الفيديو المسجل؛ وهو ما كان له أثر إيجابي كبير في سهولة تلقي المعلومة ومراجعة الطلاب.
سلبيات في التطبيق وكيفية التغلب عليها
وكان لهذه التجربة -على الرغم من كفاءتها- سلبيات؛ فلا يمكن المقارنة بسهولة بين الحالات المرضية المختلفة، وهذه أقصى إمكانات الفيديو؛ لذلك تم تحويل كل هذه المعلومات إلى برنامج على الكومبيوتر ليسهل استدعاء أي معلومة أو استرجاعها في وقت قصير أثناء الشرح للطلاب، ثم تم استخدام بعض شاشات الكمبيوتر (عدد 7 شاشات)، التي لم يكن لها استخدام محدد داخل الجامعة، وتم توصيلها للكومبيوتر المتواجد في معمل الطلاب عن طريق مشترك Monitor splitter.
كما تم توصيل شبكة داخلية بين أجهزة الكمبيوتر المتواجدة بالقسم؛ وهو ما سهل عرض أي مادة علمية على الطلاب من خلال أي كمبيوتر بالقسم. ولأهمية النظرة المستقبلية لهذا العمل فإن هذا النظام قد أُعد ليشمل ثلاثة أقسام أخرى داخل الكلية.
وعندما وصلنا إلى هذه النقاط العملية في العملية التعليمية فكرنا أن تكون هذه الوسائل متاحة للطلاب سواء للاستعارة داخل الجامعة أو شراء هذه المادة على شكل قرص ليزر يحوي المادة العلمية، وبالفعل تم تصوير أكثر من ألف عينة والتعليق عليها باللغتين: العربية والإنجليزية، وما يقرب من 15 لقطة فيديو لكيفية التعرف على هذه الأمراض، وهي أيضًا باللغتين: العربية والإنجليزية، بالإضافة إلى عدد من الألعاب والكلمات المتقاطعة والدومينو، التي ساهم في عملها الطلاب من خلال المقرر الدراسي لهم، كما تم تسجيل الامتحانات السابقة النظرية والعملية على نفس القرص.
وهذا البرنامج -مع أنه تم إعداده بهذه الإمكانات المتواضعة- يُعتبر رائداً بفضل الله في هذا التخصص؛ حيث إنه لم يتم حتى الآن في مجال البرمجيات إخراج برنامج بهذه الكفاءة في هذا التخصص على مستوى العالم، وهذا ليس كلامي كمنتج لهذا البرنامج، ولكنه رأي المتخصصين في هذا المجال في الدول المتقدمة.
وما زلنا في مرحلة التفكير قي تطوير هذه الوسيلة عن طريق إجراء الامتحانات عن طريق شبكة الإنترنت وإمكانية الاتصال المباشر بين الطلاب والأساتذة من خلالها.
اعتراضات مردودة
يقول بعض المشتغلين بالعملية التعليمية -خاصة الذين لم يُعنوا منهم بتكنولوجيا التعليم-: "إن استخدام التكنولوجيا في العملية التعليمية لا يناسب بيئتنا العربية"؛ وذلك بحجة ضعف الإمكانات أو قلة الخبرات أو عدم تعود الطلاب على هذه الطريقة في التعليم. وفي الحقيقة إن استخدام التكنولوجيا يسهل على الطلاب الحصول على المعلومة، كما أنه يسهل على المعلم؛ حيث إنه يوفر عليه إعادة تحضير الدروس العملية والمواد اللازمة له في كل مرة. كما أن استخدام الشبكات التكنولوجية وشاشات الكومبيوتر يجعل من السهل على الطالب أن يتابع عن قرب ما يقول المعلم. ومن الناحية التطبيقية فإن استخدام التكنولوجيا أنسب ما يكون للدول الفقيرة وللكليات ذات الأعداد الكبيرة.
إذا كان استخدام التكنولوجيات في العملية التعليمية سيسهل على الطلاب الحصول على المعلومة؛ فإن بعض الأساتذة يعترض على هذه الطريقة؛ حيث إنها ربما تشعر الطالب العربي –خصوصاً- أن المواد السهلة لا قيمة لها، وربما تؤدي إلى استهتار الطلاب بها واهتمامهم بالمواد الأخرى. ولا شك أن مثل هذه العقول هي إحدى عقبات استخدام التكنولوجيا في العملية التعليمية.
آثار إيجابية
وعلى الرغم من أن تجربتنا لم تبلغ بعد عامين فإن إنجازها كان له أثر إيجابي على الطلاب الذين درسوا بهذه الطريقة، كما أن العديد من الأقسام الأخرى التي اطلعت على هذه التجربة بدأت تعد نفسها لاستخدام نفس الطريقة لعرض المادة التعليمية على الطلاب. وقد شكل الطلاب أكبر وسيلة دعائية لهذا النظام التعليمي بين الأقسام حتى تشكل رأي عام يلزم الأقسام الأخرى بتطوير وسائلها التعليمية ومسايرتها للعصر.
وقد لاحظنا عندما تم استخدام هذه الطريقة في تعليم الطلاب ارتفاع معدلات النجاح بنسبة 12% تقريباً، كما أن الدرجات التي يحصل عليها الطلاب في امتحانات العملي قد زادت بنسبة ملاحظة، كما أن لهذه التجربة آثارًا غير مباشرة؛ منها أنها تؤدي إلى تقلص استغلال النفوذ، والقضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية التي تثقل أعباء الأسرة في الدول النامية.
ولقد كان للتعاون بين أعضاء هيئة التدريس بالقسم وإدارة الكلية والطلاب أكبر الأثر في إظهار هذا العمل.
وماذا بعد؟
إذا كانت هذه تجربة قد حققت نجاحاً نسبياً في مكان صغير داخل الجامعات المصرية، وشهدت بذلك إدارة الكلية والطلاب؛ فإنه ينبغي أن ترشَّد هذه التجربة، ويوجه إليها جزء غير قليل من ميزانية الجامعات أو اهتمام المسئولين بها. كما أنني أدعو المتبرعين ورجال الأعمال إلى أن يقوموا بتبني مثل هذه التجارب، التي ستعود بالنفع على أبنائهم وأبناء الوطن جميعاً. ولعل الإنفاق أيضاً في مثل هذا المجال يكون من باب علم ينتفع به أو من باب الصدقات الجارية التي تنتفع بها الأجيال المتتالية.
هذه التجربة أظهرت لي شخصياً ولكثير من زملائي أن التصميم من أجل تحقيق الهدف لا يحول دونه إمكاناتنا المادية، وأن الثقة حينما توضع في محلها في العملية التعليمية تثمر أضعاف ما يمكن أن يتصوره الإنسان، وأن ما تم إنفاقه في هذه التجربة على الرغم من آثارها الإيجابية المباشرة وغير المباشرة أقل بكثير مما يتم إنفاقه على أعمال أخرى لا تؤدي إلى معشار أثر هذا العمل.
وفي تصوري الشخصي أننا يمكننا أن نصدر للعالم المتقدم وسائل تعليمية في مجالات محددة، خاصة فيما يتعلق بالعلوم الأساسية مثل: الأحياء، الكيمياء، الفيزياء، الرياضة.
ويمكننا أن نضفي عليها حينها شخصيتنا الخاصة. وليس أمامنا إلا أن نثق بأنفسنا أو نبقى متلقين من غيرنا دون أن نضيف شيئاً جديداً.
منقول للامانه