المستحيل الذى قهرناه
قبل حرب أكتوبر 1973اجمع كل الخبراء العسكريين في العالم
على استحالة نجاح مصرفي عبور قناة السويس واستحالة
انتصارها على إسرائيل في أي صراع عسكري ينشأوكان على
رأس هؤلاء الجنرال اندريه يوفر مدير مركز الدراسات الإستراتيجية
الفرنسي والذي قام بعمل مشروع تدريبي بذلك المركز في يناير
1973 وكانت
النتيجة التي تصول إليها هو ورجاله تؤكد استحالة نجاح مصر في
عبور قناة السويس واستحالة انتصارها في أي صراع عسكري مع
إسرائيل وكان موقف القادة المصريين بقيادة الفريق محمد صادق
وزير الدفاع ورفضهم القتال لتفوق إسرائيل الساحق وعدم
وجودأي أمل في النصر في ظل ذلك التفوق الإسرائيلي وكانت
كل حساباتهم صحيحة فهم أعلى مستوى علمي واكبر خبرات
عسكرية في العالم كله وحساباتهم كلها مبنية على أسس علمية
سليمةفقد كانت هناك مشاكل تواجه المخطط المصري تجعل
نجاح مصر في عبور قناة السويس ومواجهة إسرائيل في معركة
عسكرية تنتصر فيها مصر من المستحيلات الغير ممكنة
ولنتذكرها سويا كان على رأس هذه المستحيلات نوعيةالمقاتل
الإسرائيلي الذي أطلقوا عليه انه سوبر مان لا يقهر واسمحوا لي
أن اقترب منه لنرى حقيقته كما واجهناه فى أكتوبر 1973لا
تندهشوا فالمقاتل الإسرائيلي يمتلك عقيدة قوية جدا يدافع عنها
فهو يؤمن إيمانا راسخا انه أحد أفراد شعب الله المختار
و ان الأرض من النيل للفرات هي هبة إلهيه لبنى إسرائيل ليس
من حقهم رفضها أو التفريط فيها كما يؤمن أن كل البشر من غير
اليهود مجرد حيوانات خلقت على الهيئة البشريةحتى يتمكن
اليهود من تسخيرها والاستفادة منها ومن هنا تأتى شراسته في
القتال وهذا المقاتل يتمتع بلياقة بدنية وصحية عالية جدا نتيجة
التغذية السليمة التي تتوافر له والإعداد البدني الجيد الذي يتوافر
له والرعاية الصحية الفائقة التي ينالها وهو أيضا يتمتع بأرقي
مستوى علمي يمكن أن يتوافر لمقاتل وهو أيضا يتمتع بأرقي
مستوى تدريبي يمكن أن يتوافر لمقاتل نتيجة توافر الذخيرة
والمعدات بوفرةكما تتوافر له خبرات القتال الكثيرة فإسرائيل منذ
إنشائها عام 1948 وهى في قتال مستمرإذا فقد كان مقاتلا يقاتل
عن عقيدة قوية ولياقته البدنية والصحيةعاليه وله خبرات قتال
كثيرة ويتمتع بأرقي مستوى تدريبي وأيضا يمتلك أحدثا لأسلحة
في العالم وأقواها ويحتمي في أقوى خط دفاعي عرفه
التاريخ دعوني أعلن بكل صراحةمقاتل هذه صفاته فهو فعلا مقاتل
سوبرمان لا يمكن قهره ثم تأتى قناة السويس كمانع مائي فريد
في صفاته من تغير اتجاه التيار أكثر من مرة في اليوم والفارق
الكبير بين أقصى مد وادني جزر ووجود حافة صلبة للقناة ترتفع
فوق سطح الماء بحوالي 2 متر مما يمنع إقامة الكباري أو نجاح
أي معدات في عبور القناة ثم كان وجود الساتر الترابي بارتفاع 22
متر على حافة القناة مباشرة بزاوية ميل 45 درجةوزرعه بحقول
الألغام والسلك الشائك مما يجعل استحالة عبور أي قوات منه وقد
أجمعت كل الآراء على احتياج مصر لقنبلة ذرية لفتح ثغرة فيه
حتى أن كبير الخبراء السوفيت بالجيش المصري عام 1971 صرح
للواء محمد عبد الغنى الجمسى بان مصر تحتاج إلى إمكانيات
سلاح المهندسين السوفيتي والأمريكي معا لتتمكن من عبور
قناة السويس وتخطى ذلك الساتر وجاء إنشاء إسرائيل لمنظومة
خط بارليف الدفاعية والذي اعتبره الخبراء أقوى خط دفاعي في
التاريخ وقدرتها على تدمير أي قوات مصرية تحاول العبوركتحدي لا
يمكن تخطيه فهي منطقة محصنة على امتداد قناة السويس
وبعمق حوالي 30 _ 35 كيلومتر حتى منطقة المضايق بسيناء
وتحتوى هذه المنطقة على نظام كامل من الحصينات الهندسية
والسواتر الصناعية والموانع القوية وحقول الألغام فإذا أضفنا
إليه ضيق عرض قناة السويس مما يعنى أن أي تحضيرات للعبور
ستتم تحت سمع وبصر الجيش الإسرائيلي مما يعطيه الفرصة
لإجهاضها وتدميرها وقد قامت إسرائيل بإنشاء مستودعين للنابالم
في حصن هيزايون في مواجهة منطقة الفردان وحصن متسميد
في مواجهةمنطقة الدفرسوار وتم تجهيز كل منهما بخزان سعته
200 طن نابا لم تمتد مواسيرها تحت الماء وبما أن النابالم أخف من
الماء فانه عند ضخة يطفو على سطح الماء ثم يتم إشعاله
وقامت إسرائيل بعمل تجربة إشعال مياه قناة السويس من حصن
متسميد في مواجهةالدفرسوار يوم 28 فبراير 1971 مما نتج عنه
اثر خطير على تفكير القيادة المصرية لأنه أتضح أن درجة حرارة
سطح الماء تصل إلى 700 درجة مئوية ومع استمرار ضخ
النابالم تتحول القناة إلى جحيم حقيقي لا يمكن عبوره أو
تخطيه وطبعا لا يمكن إغفال قوة المخابرات الإسرائيلية وقدرتها
على اكتشاف أي نوايا مصرية للهجوم وتحذير إسرائيل قبلها بوقت
يسمح لها بإجهاض عملية العبور والتعاون التام بين
المخابرات الإسرائيلية والأمريكية بقدراتها الرهيبة وأقمارها
الصناعية الكثيرة والقادرة على اكتشاف أي نوايا للهجوم مما
استلزم عمل خطة لخداع الجميع بما فيهم أمريكا بكل
قوتها وإمكانياتها ثم يقف الطيران الإسرائيلي كعقبة صماء
بإمكانياته الجبارة بعد تزويده بأحدث ما في الترسانة الغربية من
طائرات على رأسها الفانتوم والسكاى هووك الأمريكية والميراج
الفرنسية وهو ما كان يعطيه القدرة على تدمير أي قوات مصرية
وأي تحضيرات مصرية للهجوم ثم يأتي التفوق الكبير للمدرعات
الإسرائيلية بعدتزويدها بأحدث الدبابات الأمريكية القادرة على
القتال الليلي وأثناء الحركة وهو ماكانت تفتقده المدرعات
المصريةوقد كانت الدبابات الإسرائيلية كلها مسلحة بالمدفع 105
مم بينما كانت أسلحة الدبابات المصرية اقل من ذلك مما يعنى
قدرة الدبابات الإسرائيلية على تدمير الدبابات المصرية وهى في
مأمن من نيرانها وقدرةإسرائيل على تعويض خسائرها من أمريكا
وعدم وجود أي طريقة لتعويض الخسائر المصريةوخصوصا فى
ظل توتر العلاقات مع الاتحاد السوفيتي بعد طرد الخبراء الروس
من مصر وعدم توافر قوات دفاع جوى متحركة مع المصريين
وعدم قدرة الطيران المصري على مواجهة الطيران الإسرائيلي
وعلى حماية القوات البرية المصريةعدم توافرعربات مدرعة ذات
جنزير مع القوات المصرية مما يجبرهم على التزام تحرك العربات
على الطرق الإسفلت مما يحد من حركة القوات المصرية وقدرتها
على المناورة كانت هذه الحقائق المؤكدة تحت بصر الخبراء عندما
اجمعوا على استحالة نجاح مصر في عبورقناة السويس
واستحالة انتصارها على إسرائيل في أي صراع عسكري
ولكن إيزيس كان لها رأى آخر