ذم الوَهن في واحة الشِّعر
قال الملتمس:
مَن كان ذا عَضُدٍ يدرك ظلامتَه --- إنَّ الذَّليلَ الذي ليست له عَضُدُ
تنبو يداه إذا ما قلَّ ناصرُه --- ويمنعُ الضَّيمَ إن أثرى له عددُ
ولا يقيمُ على ضيمٍ يُسَامُ به --- إلَّا الأذلَّان: عِيرُ الحيِّ والوتدُ
هذا على الخسفِ مربوطٌ برمَّتِه --- وذا يُشَجُّ فلا يرثي له أحدُ
إنَّ الهوانَ حمارُ الأهلِ يعرفُه --- والحرُّ ينكرُه والجَسْرَةُ الأجُد
وقال الشَّريف المرتضى:
يا طالبَ الدُّنيا على ذلٍّ بها --- اعززْ عليَّ بأن أراك ذليلًا
ما لي أراك حَلُمتَ في طلبِ الغنى --- ولربَّما صغرتْ يداك ثقيلًا
لو كنتَ تعقلُ أو تشاورُ عاقلًا --- كان الكثيرُ وقد ذللت قليلًا
ذَلَّ امرؤٌ جعل المذلَّةَ دهرَه --- طلبَ المغانمِ منزلًا مأهولًا
عدَّ المطامعَ كيف شئتَ وخذْ بها --- ملءَ اليدين مِن العفافِ بديلًا
وإِذا فجعْتَ بماءِ وجهِكَ لم يُفدْ --- إن نلتَ مِن أيدي الرِّجالِ جزيلًا
وقال -أيضًا-:
إذا شئتَ أن تلقَى الهوانَ فلُذْ بمن --- يُرْجَى لنفعٍ أو لدفعِ مضرَّةِ
فهامُ الرِّجالِ الآنفين عزيزةٌ --- إن حُمِّلتَ منًّا لذي المنِّ ذلَّتِ
وعدِّ عن الأطماعِ فهي مذلَّةٌ --- ولو خالطتْ شُمَّ الجبالِ لخَرَّتِ
فويلٌ لنفسٍ حُلِّئَت عن مرامِها --- وويلٌ لنَفسٍ أُعطيت ما تمنَّتِ
وليس بخافٍ قبحُ حرصٍ على غنى --- ولكنْ عقولٌ بالضَّراعةِ جُنَّتِ .
وقال آخر:
إنَّ الأذلَّةَ واللِّئامَ معاشرٌ --- مولاهم متهضَّمٌ مظلومُ
فإذا أهنتَ أخاك أو أفردتَه --- عمدًا فأنت الواهِنُ المذمومُ .